ترددت كثيرا قبل قرار الكتابة في الفساد الذي صار الجميع يريد مقاومته. علة ترددي هو اعتقادي بأن الاجماع على المقاومة لا يمكن أن يدل على الصدق. فأنا شبه متأكد من أن الفساد بلغ إلى مخ العظام وأنه ينجر الى الكيان وأنه بلغ المرحلة التي سماها ابن خلدون فساد معاني الإنسانية فلم يعد قابلا للعلاج. وكل علاج لن يتجاوز التغطية على البنيوي منه بالتصدي للعرضي الذي لا يمكن أن يخلو منه عمران لأنه من علامات ضعف الإنسان في كل مكان وزمان. وإذن فما سأقدمه لا يتعلق بالعلاج بل بالتشخيص الذي يبين ما أقصده بمرحلة فساد معاني الإنسانية الذي يحول دون العلاج اللطيف من دون المنطق الثوري. ولما كانت تونس لا تتحمل المنطق الثوري فينبغي التسليم بأن مرحلة الانتشار السرطاني التي بلغها الفساد يجعل علاجه تغطية على فساد البنية الجوهري.
Like this book? You can publish your book online for free in a few
minutes!