Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore العدد_التاسع

العدد_التاسع

Published by h_nooh, 2021-02-20 23:37:00

Description: العدد_التاسع

Search

Read the Text Version

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪51‬‬ ‫\"ممـا أذكـره مـن الحيـاة الجامعيـة أ ّن أحـد‬ ‫الأسـاتذة الذيـن تع ّلمـت منهـم أهميـة القـراءة‬ ‫كانت له عاد ٌة سنوية‪ ،‬إذ كان يصطحبنا في نهاية‬ ‫الفصـل الدراسـي إلـى المكتبـة في يومهـا الأخيـر‬ ‫وقبل أن تغلق أبوابها‪ ،‬ويجبر أمين المكتبة على‬ ‫أمـن‬ ‫أوفيقاضـبـللمـتذن ّمأـنر‬ ‫عشـرات الكتـب‪،‬‬ ‫إعارتنـا‬ ‫تغلـق‬ ‫بالقـول لـه‪ :‬هـذا‬ ‫المكتبـة‬ ‫المكتبة على الكتب‪ ،‬إ ّنا ُوجدت الكتب ل ُتقرأ‪\".‬‬ ‫‪ -‬علي الحمادي‪ ،‬الإمارات تقرأ‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪52‬‬ ‫الأمير الصغير‬ ‫واحـدة منهـا بحسـب الموقـف‪ .‬ولأننـي وجـدت‬ ‫نيـزك حسـام ‪@nzx1001‬‬ ‫أن عمــق الفيلــم مذهــل‪ ،‬قــررت أن اقــرأ‬ ‫الروايــة الأصليــة التــي أُقتبــس منهــا الفيلــم‪.‬‬ ‫لطالمــا ســخرت مــن قصــص وروايــات‬ ‫الأطفــال التــي كنــت أظنهــا بســيطة وســطحية‬ ‫الروايـة الأصليـة صـدرت عـام ‪1943‬م مـن‬ ‫جــ ًدا! اســتمرت بداخلــي هــذه النظــرة اتجــاه‬ ‫قبــل المؤلــف الفرنســي أنطــوان دي ســانت‪-‬‬ ‫أدب الأطفــال إلــى أن قــرر أخــي الصغيــر‬ ‫أكزوبيـري‪ ،‬وترجمـت إلـى مـا يزيـد عـن مائـة‬ ‫في يــو ٍم مــن الأيــام أن يشــاهد فيل ًمــا عنوانــه‬ ‫وســتين لغــة‪ .‬وأدرج معهــا رســومات جميلــة‬ ‫\"الأميــر الصغيــر\" (‪،)The Little Prince‬‬ ‫للمؤلــف تدعــم القصــة‪ .‬قــرأت النســخة‬ ‫ولأننـي في ذلـك الوقـت لـم أجـد أي شـي ٍء مهـم‬ ‫العربيـة التـي بلـغ عـدد صفحاتهـا ‪ 97‬صفحـة‬ ‫أقــوم بــه‪ ،‬قمــت بمشــاهدة الفيلــم معــه‪ .‬ذاك‬ ‫وترجمهــا محمــد العمــاري‪ ،‬وقــام بنشــرها‬ ‫الفيلـم الـذي بـدل نظرتـي حـول أدب الأطفـال‬ ‫المركــز الثقــافي العربــي‪ .‬تختلــف الأحــداث في‬ ‫وجعلنــي أدرك أن قصــص وروايــات الأطفــال‬ ‫الفيلـم عـن الروايـة إلا أن لـ ّب القصـة واحـد‪.‬‬ ‫ســتبقى تلامــس جــز ًءا منــا لا يمكــن أن تقتلــه‬ ‫الأمـر الـذي أذهلنـي جـ ًدا هـو أن الروايـة لـم‬ ‫تفقــد جمالهــا عندمــا ت ّم تجســيدها في فيلــم!‬ ‫الأيــام مهمــا كبرنــا!‬ ‫كنـت عـاد ًة عندمـا اقـرأ روايـة وأشـاهد الفيلـم‬ ‫المقتبـس منهـا أشـعر أن الأفـام تقتـل كل جمـال‬ ‫الأميـر الصغيـر فيلـم لا يمكـن أن نقـول عنـه‬ ‫الروايــة أو ‪-‬علــى الأقــ ّل‪ -‬بع ًضــا منــه‪ ،‬إلا أ ّن‬ ‫أنــه ســطحي أبــ ًدا‪ .‬إذ أ ّن تنــوع الشــخصيات‪،‬‬ ‫الأميــر الصغيــر ســوا ًء كنــت ســتختار قراءتهــا‬ ‫والحــوارات العميقــة‪ ،‬والتشــبيهات الرائعــة‬ ‫كروايــة أو مشــاهدتها كفيلــم أو الاثنــن م ًعــا‪،‬‬ ‫المرســومة بيــ ٍد طفوليــة زادت مــن روعــة كل‬ ‫سـتجد جمالهـا ‪-‬بـكل صورهـا‪ -‬كمـا هـو دون‬ ‫مشــهد مــن المشــاهد‪.‬‬ ‫نقصــان!‬ ‫\"نســيت كل شــيء عــن كــون المــرء طفــ ًا‬ ‫أتمنـى أن تسـتمتعوا‪..‬‬ ‫حتــى حــدث شــيء إعجــازي\" بهــذه العبــارة‬ ‫ابتــدأت القصــة الرئيســة في الفيلــم‪ .‬تحــدث‬ ‫الفيلـم عـن الناضجـن والزاويـة الضيقـة التـي‬ ‫ينظــرون مــن خلالهــا نحــو العالــم في بعــض‬ ‫الأحيــان‪ ،‬وعــن صعوبــة تعايــش الأطفــال‬ ‫مــع هــذه الحــدود الضيقــة التــي يرفضونهــا‬ ‫بفطرتهــم الســليمة وحبهــم للحيــاة والمغامــرة‪.‬‬ ‫ناقــش الفيلــم علاقــة المــرء مــع الشــخصيات‬ ‫المتنوعــة (المغــرورة‪ ،‬الماديــة‪ ،‬المبالغــة‪،‬‬ ‫المرهقــة‪ )...‬وكيــف يمكــن أن يتصــرف مــع كل‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪53‬‬ ‫زيارة إلى مكتبة قارئ‬ ‫بسام الهويمل ‪@bhoymal‬‬ ‫‪ .1‬كيف بدأت قصة تكوين مكتبتك الخاصة؟ المعنــى إلا إذا اســتثنينا ســيدي الوالــد ‪-‬رحمــه‬ ‫الله‪-‬؛ حيـث كانـت لـه عنايـة بكتـب الأدب صغيـرة‬ ‫الحجــم‪ ،‬ودواويــن الشــعر العامــي ‪-‬الشــعبي‪-‬‬ ‫حقيقـ ًة لا أختلـف عـن بقيـة ال ُقـراء في تكويـن‬ ‫وبعـض مختصـرات التفسـير‪ .‬ولـو جمعـت لـك مـا‬ ‫ذكـرت مـن هـذه الكتـب آن ًفـا لمـا زادت عـن عشـرة‬ ‫مكتبا ِتهـم الشـخصية؛ فالدواعـي اللازمـة للتكويـن‬ ‫كتـب‪ .‬أضـف إلـى كتـب الوالـد كتا ًبـا يتي ًمـا اشـترته‬ ‫قـد تكـون واحـدة لا تختلـف‪ ،‬وهـي‪ :‬علـ َّي أن أقـوم‬ ‫لـي سـيدتي الوالـدة مـن اختيارهـا‪ ،‬وهـو \"أسـاطير‬ ‫بتكـريم هـذه الورقـات التـي ارتقيـت بهـا‪ ،‬ووضعهـا‬ ‫في المـكان الـذي يليـ ُق بهـا بـدلاً مـن أن تكـون ُملقـاة‬ ‫شــعبية\" للأديــب المرحــوم عبدالكــريم الجهيمــان‪،‬‬ ‫في وسـط الغرفـة وزواياهـا‪ .‬هكـذا كانـت البدايـة‪،‬‬ ‫وهــذا الكتــاب تحديــ ًدا كان لــه وقــع جميــل في‬ ‫لأنـك لـو نظـرت إلـى أعمـال الأطفـال فسـترى أنهـا‬ ‫نفسـي عندمـا ُكنـا نذهـب إلـى المزرعـة في أوقـات‬ ‫دائ ًمـا مـا تكـون عفويـة ولا توجـد هنـاك أيـة خطـط‬ ‫ال ُعطـل الدراسـية؛ فقـد كان سـميري ومؤنـس ليلي‪،‬‬ ‫ولا بلـورة أفـكار‪.‬‬ ‫‪ .2‬هل قمت ببناء مكتبتك اعتما ًدا على مكتب ٍة بـل ُكنـا نتقاتـل عليـه أنـا وأبنـاء خالاتـي أيُّهـم يظفـ ُر‬ ‫بـه أولا! كان ذلـك قبـل أن تغزونـا التقنيـة بمعناهـا‬ ‫سابقة أم حرصت على نم ّوها ِسف ًرا ِسفرا؟!‬ ‫لا يوجـد في أسـرتي مـن لـه عنايـة بالكتـب بهـذا المَريـر الـذي نعايشـه الآن‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪54‬‬ ‫‪ .3‬هـل تسـتطيع إحصـاء عـدد الكتـب في مـن أظهـر المصـادر ‪-‬علـى مـا يعتريهـا مـن ضعـف‬ ‫في أحايــن‪.-‬‬ ‫مكتبتـك الخاصـة؟‬ ‫لـم يسـبق لـي أن قمـت بعمـل أُحصـي بـه مـا ‪ .7‬كيف تتم عميلة اختيار الكتب للمكتبة؟‬ ‫الأمــر يختلــف هنــا؛ فــإن كانــت المكتبــة‬ ‫في المكتبـة مـن كتـب‪ ،‬إلا أننـي أظـن أنهـا تتجـاوز‬ ‫شـخصية ففـي الغالـب أن البنـاء يكـون بـا رؤيـة‬ ‫الألـف عنـوان‪.‬‬ ‫‪ .4‬لـو سـألناك عـن رقـم تقريبـي للمبلـغ الـذي واضحـة‪ ،‬يأخـذ مـن كل فـن بطـرف حتى يسـتقيم‬ ‫لــه الأمــر‪ .‬ويعــرف المــرء مــا تميــل إليــه نفســه‬ ‫أنفقتـه علـى مكتبتـك‪ ،‬فكـم سـيكون؟‬ ‫فيبـدأ تركيـز فعـل الاختيـار علـى التخصـص أو‬ ‫أي ًضـا‪ ،‬لـم يسـبق لـي التفكيـر في حصـر هـذا‬ ‫مـا ترتـاح إليـه نفسـه وتسـتجم بـه‪ ،‬وهكـذا‪ .‬وفي‬ ‫الرقـم‪ .‬ويبـدو لـي أنـه سـيتجاوز المئـة ألـف ريـال‬ ‫أيامنـا هـذه ازدهـرت قوائـم التوصيـات بالكتـب‬ ‫‪-‬مـن كل فـن‪ -‬وفيهـا خيـر كثيـر واختصـار للوقـت‬ ‫مؤكـ ًدا‪.‬‬ ‫‪ .5‬هـل حرمـت نفسـ َك مـن أشـياء أو ض ّحيـت والجهـد؛ حيـث أذكـر أننـي ‪-‬فيما مضـى‪ -‬قطعت‬ ‫مسـافة ‪ 80‬كلـم مـن مدينـة الريـاض إلـى مدينـة‬ ‫بهـا مقابـل تكويـن المكتبـة؟‬ ‫الخـرج لأسـأل أحـد الخبـراء عـن أجـود طبعـة‬ ‫امتلاكـي للكتـاب الـذي أُريـد هـو الانعتـاق مـن‬ ‫لكتــاب المحــرر في الحديــث لابــن عبدالهــادي‬ ‫الحرمــان‪ ،‬والخــاص مــن التضحيــة‪ .‬حقيقــ ًة‪،‬‬ ‫المقدســي ‪-‬رحمــه الله‪!-‬‬ ‫بلــى‪ ،‬هنــاك أشــياء امتلكهــا أبنــاء جيلــي كنــت‬ ‫أتمناهـا وقـد كانـت قريبة جـ ًدا لكني اخترت هذا ‪ .8‬هـل هنـاك طريقـ ُة معينـة ت ّتبعهـا لترتيـب‬ ‫الطريـق وأنـا أعـرف إلـى مـاذا يُوصـل وكيـف هـي الكتـب والاعتنـاء بالمكتبـة؟‬ ‫النهايـات‪ ،‬لـذا لا عبـرةَ عنـدي بهـذه الصغائـر‪ .‬في‬ ‫الترتيـب يـكاد يكـون متف ًقـا عليـه أنـه بحسـب‬ ‫نظـري‪ ،‬مـا دمـت أرى طريقـي بوضـوح‪ ،‬قـد يكـون‬ ‫الفـن‪ .‬أمـا الاختـاف فيكـون مـن جهـة التقـديم‬ ‫هنـاك نـوع مـن الحرمـان لكنـه لا يسـتدعي خلـق‬ ‫والتأخيـر؛ فهنـاك مـن يقـوم بترتيب الفـن الواحد‬ ‫صــورة الشــاب الــذي يخــرج في الســينما بهيئــة‬ ‫بحسـب اسـم المؤلـف‪ ،‬وهنـاك مـن يقـوم بالترتيـب‬ ‫ابــن الطبقــة الفقيــرة الــذي أصبــح مــن معالــم‬ ‫بحسـب تواريـخ التأليـف‪ ،‬وهكـذا‪ .‬وبالنسـبة إلـ ّي‬ ‫بلدتـه‪ ،‬فالأمـر أيسـر مـن ذلـك بكثيـر!‬ ‫فإنـي لا أ ّتبـع طريقـ ًة بعينهـا‪.‬‬ ‫‪ُ .9‬يقـال بـأن المكتبـة في المنـزل تعـ ُّد جـز ًءا مـن‬ ‫والحـق أنـه كان حر ًّيـا بكـم توجيه هذا السـؤال‬ ‫تاريـخ الأسـرة‪ ،‬تبـدأ صغيـرة ثـم تكبـر بازديـاد عـدد‬ ‫إلـى زوجتـي ورفيقـة دربـي ‪-‬نهـى الزاحـم‪ -‬فهـي‬ ‫أفرادهـا‪ ،‬فأيـن موقـع مكتبتـك في المنـزل؟‬ ‫التــي ســتجدون عندهــا الجــواب عــن هــذا‬ ‫السـؤال؛ فالزوجـات لديهـن قائمـة اعتراضـات لا‬ ‫تنتهــي‪ ،‬وأخبارهــن في كتــب الأدب والســير مــع المكتبــة مــرت بعــدة أطــوار‪ :‬الطــور الأول في‬ ‫غرفـة النـوم‪ ،‬وهـذا الطـور ‪-‬تحديـ ًدا‪ -‬لا يمكـن‬ ‫(الكتــب) لا تنقضــي!‬ ‫تصــوره مــن جهــة الفوضــى! الطــور الثانــي في‬ ‫‪ .6‬ما مصادر ومزودات كتب المكتبة؟‬ ‫ملحــ ٍق خارجــ ّي؛ حيــث ُكنــا نجتمــع بالأصحــاب‬ ‫في الماضــي كان الأمــر أشــبه مــا يكــون للمدارســة والقــراءة‪ .‬ثــم انقضــت هــذه الأيــام‬ ‫بالاكتشـاف أو عـن طريـق الفهـارس‪ ،‬أمـا اليـوم وقمــت بوضــع المكتبــة في إحــدى ال ُغــرف في‬ ‫فالأمــر تغيــر كل ًّيــا؛ فالقوائــم التــي تصــدر عــن العل ّيـة‪ .‬أ ّمـا الطـور الثالـث فهـو مـا أنـا بصـدده‬ ‫كبـار القـراء أو المجـات والصحـف قـد تعـد الآن الآن بعـد بنـاء مكتبـة مسـتقلة ثابتـة بسـبب كثـرة‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪55‬‬ ‫الكتـب وصعوبـة نقلهـا مـن غرفـة إلـى أخـرى‪ .‬الفريــد لابــن عبدربــه الأندلســي‪.‬‬ ‫‪ .13‬وماذا عن آخر كتاب انضم إلى العائلة؟‬ ‫‪ .10‬ما أقرب كتب مكتبتك إلى نفسك؟‬ ‫دائ ًمـا مـا يطـرح علـي هـذا السـؤال‪ ،‬والـذي كتــاب \"الأدب في خطــر\" للناقــد البلغــاري‬ ‫أسـ ّميه السـؤال الفـخ! الـكل يُريـد أن يظفـر بهذا تزفيتــان تــودوروف‪.‬‬ ‫الجـواب فضـ ًا عـن كونـه في رأيـي سـؤالاً بـار ًدا!‬ ‫‪ .14‬هـل ُتعيـر كتبـك لمـن يحتـاج إليهـا؟ وكيـف‬ ‫لا يوجــد هنــاك شــيء اســمه أفضــل كتــاب أو‬ ‫تضمـن عودتهـا إلـى موطنهـا الأول (مكتبتـك‬ ‫أقــرب كتــاب‪ .‬تقــول لــي لمــاذا؟ وأنــا أُجيبــك‪:‬‬ ‫الخاصـة)؟‬ ‫لـكل مرحلـة ُعمريـة كتابهـا المناسـب مـن حيـث‬ ‫الطــرح والأســلوب؛ ففــي ال ِصغــر كنــت أتأثــر تجاربــي مــع الإعــارة قليلــة جــ ًدا‪ ،‬ومــرت‬ ‫بمجلـة ماجـد ومجلـة ميكـي مـاوس‪ .‬وفي المرحلة ‪-‬كلهـا‪ -‬بسـام وهـدوء‪ .‬ولا أذكـر أنـي تعرضـت‬ ‫الابتدائيـة كنـت أحـب كتـب القصـص الشـعبية لهــذا المــأزق إلا مــرة واحــدة حيــث أ ّن كتا ًبــا‬ ‫مثـل كتـاب أسـاطير شـعبية للأديـب الجهيمـان‪ ،‬ضمـن مجموعـة الشـيخ الشـنقيطي أعرته لأحد‬ ‫وفي المرحلـة المتوسـطة تعلّقـت بعـدة كتـب‪ ،‬منهـا المعـارف‪ ،‬فذهـب هـو والكتـاب‪ ،‬ولـم أرهمـا إلـى‬ ‫علــى ســبيل المثــال‪ :‬كتــب الســير آرثــر كونــان هـذه اللحظـة!‬ ‫‪ .15‬هـل تخشـى علـى مصيـر مكتبتـك؟ وهـل‬ ‫دويـل‪ ،‬كاتــب قصــص المحقــق شــارلوك هولمــز‪،‬‬ ‫هنـاك شـخص مـا يمكـن أن تعهـد إليـه بهـا بقلـ ٍب‬ ‫ومـن الكتـب في الوطـن العربـي روايـات إحسـان‬ ‫مطمئن؟‬ ‫عبدالقـدوس و يوسـف السـباعي وعلـي باكثيـر‪.‬‬ ‫وفي المرحلـة الثانويـة يممـت وجهـي ِق َبـ َل مصـر‬ ‫وتعلقـت بكتـب أنيـس منصـور‪ ،‬وغيـره‪ .‬ومـا بعـد التفكيـر في هـذا الأمـر يؤرقنـي دائ ًمـا؛ لأنـه‬ ‫الثانويــة‪ :‬تغيــر اتجــاه البوصلــة وانتقــل الهــوى يأتــي في هيئــ ٍة مؤلمــة ألا وهــي الفــراق‪ ،‬ومــن‬ ‫إلـى العلـوم الشـرعية‪ :‬فتعلقـت بكتـب الحديـث جهـة أخـرى إلـى مـن سـتؤول إليـه هـذه الكتـب‬ ‫وبكتـب شـيخ الإسـام محمـد بـن عبدالوهـاب ومــا ســيكون مصيرهــا؟!‬ ‫وعلمــاء أهــل الحديــث بشــكل عــام‪ .‬والآن وبالنظــر في حــال مكتبــات بعــض العلمــاء‬ ‫أجدنــي أميــل إلــى الكتــب التــي تتعلــق بالقيــم والمثقفـن ومـا آلـت إليـه‪ ،‬يـزداد الأمـر صعوبـة‪.‬‬ ‫الإنسـانية عامـة‪.‬‬ ‫الـكل يتمنـى أن يسـتفيد منهـا‪ ،‬الأولاد في المقـام‬ ‫‪ .11‬هـل تتضمـن مكتبتـك نسـخة نـادرة‪ ،‬ومـا الأول ثــم مــن يليهــم في القــرب‪ ،‬إلا أن هــذه‬ ‫الأمنيــة قــد تكــون عزيــزة ‪-‬والله المســتعان‪-‬‬ ‫هـي؟‬ ‫ولأجـل ذلـك تكلـم أهـل الاختصـاص عـن وجـوب‬ ‫لا يوجـد في مكتبتـي نُسـخة نـادرة مـن كتـاب‬ ‫غــرس حــب القــراءة في نفــوس الأبنــاء‪ ،‬ليــس‬ ‫لأجـل هـذه القضيـة فقـط‪ ،‬وإنمـا لكونهـا فر ًعـا‬ ‫مــا‪ .‬وقــد تســتغرب لــو قلــت لــك أنــي لا أهتــم‬ ‫مـن فـروع الغايـة‪ .‬ثـ َّم إ َّن الأمـل بـالله لا ينقضـي‬ ‫بأمـر النـوادر مطل ًقـا‪.‬‬ ‫‪ .12‬هـل تذكـر اسـم أول كتـاب بـدأت بـه مسـيرة أبــ ًدا في أن يُصلــح لنــا الذريــة في المقــام الأول‪،‬‬ ‫وأن يأتــي مــن أولادنــا ‪-‬أو مــن غيرهــم‪ -‬مــن‬ ‫مكتبتك؟‬ ‫يقـ ّدر قيمـة هـذه المكتبـة في حـال انتقالنـا إلـى‬ ‫إن لــم ت ُخ ّنــي الذاكــرة‪ ،‬فــإ ّن كتــاب حــادي‬ ‫الـدار الآخـرة‪ ..‬فهـل يُثمـر غـرس التمنـي؟!‬ ‫الأرواح إلـى بـاد الأفـراح لابـن القيـم ‪-‬رحمـه‬ ‫الله‪ -‬هــو أول مــا اقتنيــت‪ ،‬ثــم كتــاب العقــد‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪56‬‬ ‫قصة قصيرة‪:‬‬ ‫وداع قسري!‬ ‫حقيبتـي علـى سـريري وبـدأت بجمـع بعـض‬ ‫زهرة الصالح ‪@meeladfajr‬‬ ‫ملابســي الجديــدة التــي لــم ألبســها كثيــ ًرا‪،‬‬ ‫أعتقــد أننــي أرغــب في أن أتخفــف قليــ ًا‬ ‫‪ -‬لا نملـك الوقـت الـكافي‪ ،‬أمامك سـاعتان‬ ‫مــن تلــك القديمــة حتــى أتخلــص مــن وجــع‬ ‫لتأخـذ أهـم حاجياتك‪.‬‬ ‫الذكريـات‪ ،‬لكـن لا يمكننـي أن أنسـى معطفـي‬ ‫الصــوفي الــذي أهدتنــي إيــاه أمــي حــن‬ ‫هــذا آخــر مــا ســمعته مــن القائــد وهــو‬ ‫يخــرج مســر ًعا ليكمــل مهمتــه في تبليــغ‬ ‫تخرجــت مــن الجامعــة!‬ ‫الآخريـن؛ حسـ ًنا أمامـي الآن سـاعتان فقـط‬ ‫لأتمكــن مــن أخــذ أهــم حوائجــي وعلــ ّي أن‬ ‫تل ّفــت مــن حولــي لآخــذ نظــرة كاملــة‬ ‫أقتصــد حتــى أتمكــن مــن حمــل حقيبتــي‬ ‫علــى مــا ينبغــي علــ ّي أخــذه‪ ،‬هنــاك فــوق‬ ‫المنضــدة بجانــب الســرير يكمــن صنــدوق‬ ‫مســافات طويلــة دون تعــب!‬ ‫أوراقـي ورسـائلي التـي أجمعهـا منـذ أن كنـت‬ ‫صغيــ ًرا‪ ،‬لابــد أن آخــذه معــي فهــو يحمــل‬ ‫مؤلــم أ ّن تجميــع حاجياتــك أخــذ منــك‬ ‫نصــف ذاكرتــي وذكرياتــي تقري ًبــا وحتــى لا‬ ‫وق ًتـا طويـ ًا مـن عمـرك‪ ،‬والآن أنـت مضطـر‬ ‫أشــعر بالغربــة أكثــر‪.‬‬ ‫لجمــع أهمهــا في وقــت وجيــز!‬ ‫وهنــا في مكتبــي بعــض التــذكارات‬ ‫أول شـيء وقـع عليـه نظـري هـو مكتبتـي‬ ‫التــي جمعتهــا مــن ســفري وزياراتــي للــدول‬ ‫وكتبـي‪ ،‬تلـك التـي تسـاوي عمـري تقري ًبـا ‪...‬‬ ‫والمتاحــف‪ ،‬لكــن لا أظــن أننــي قــادر علــى‬ ‫لا أتخيـل أننـي مضطـر لتركهـا هنـا بـا رفيـق‬ ‫أخذهــا كلهــا فحقيبتــي ويــا للأســف قــد‬ ‫ولا مؤنــس‪ ،‬حاولــت أن أودع بعــض كتبــي‬ ‫شــارفت علــى الامتــاء وأصبحــت ثقيلــة‪.‬‬ ‫التـي أزعـم أنهـا مهمـة لـدى أصدقائـي لكـن‬ ‫جميعهــم أخبرونــي أنهــم لا يثقــون ببقائهــا‬ ‫بقــي أمامــي ســاعة بعــد أن انتهيــت مــن‬ ‫ســليمة لديهــم‪ ،‬أود لــو أنــه يمكننــي حملهــا‬ ‫أخـذ مـا أعتقـد أنـه الأهـم‪ ،‬أظـن أنـه يمكننـي‬ ‫كلهـا بـد ًل مـن ملابسـي وأشـيائي الأخـرى‪،‬‬ ‫توديــع مكتبتــي علــى الأقــل‪ ،‬لكــن دموعــي‬ ‫لكـ ّن قائدنـا أكـد علينـا أن حمـل الكتـب معنـا‬ ‫تحجـب رؤيتـي تما ًمـا ‪ ..‬مكتبتـي الموزعـة على‬ ‫سيسـبب لنـا المشـاكل أثنـاء عبورنـا مـن نقـاط‬ ‫جـدران الغرفـة الثلاثـة والمملـؤة بالكتـب التـي‬ ‫التفتيـش وقـد يفشـل هروبنـا الـذي خططنـا‬ ‫يحمــل فيهــا كل كتــاب ذكــرى مختلفــة‪ ،‬هنــا‬ ‫كتــاب ممنــوع بقيــت خمــس ســنوات أبحــث‬ ‫لهـا قرابـة الشـهرين!‬ ‫ســأحاول تجــاوز مكتبتــي الآن وأســتغل‬ ‫الوقــت لأكمــل جمــع مــا تبقــى‪ ،‬وضعــت‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪57‬‬ ‫‪-‬علــى العكــس أرى أننــا قادريــن علــى‬ ‫عنــه وحينمــا وجدتــه اســتغرق وصولــه إلــ ّي‬ ‫تجـاوز محنـة فـراق الكتـب مـن خـال توفرهـا‬ ‫سـتة أشـهر وقـد كتبـت علـى صفحـة الإهـداء‬ ‫حالمــا انتهيــت مــن قراءتــه‪\" :‬الكتــاب الــذي‬ ‫في الأماكــن مــن حولنــا‪.‬‬ ‫اســتغرق وق ًتــا لأحصــل عليــه‪ ،‬لكنــه احتــاج‬ ‫‪-‬لا يمكــن أن أتحمــل فكــرة إعــارة كتبــي‬ ‫منــي فقــط ســاعتين لإنهــاءه!\"‬ ‫كيــف بفراقهــا؟!‬ ‫وهنـا المجموعـة التـي أهدانـي إياها معلمي‬ ‫‪-‬لا أحــب فكــرة تعلقنــا بالكتــب هــذه‪،‬‬ ‫في المرحلـة المتوسـط وقـال لـي \"هـذه خيـر مـا‬ ‫أعتقـد ومـن وجهـة نظـري أن هـذا التعلـق هـو‬ ‫مـا يسـبب لنـا العقـد والتـأزم‪ ،‬لأننـي أرى أن‬ ‫تجمـل بهـا عقلـك قبـل مكتبتـك\"‪.‬‬ ‫الكتــب مجــرد أدوات لفائدتنــا ليــس إلا‪ ،‬إن‬ ‫أخذنـا منهـا الفائـدة فـا جـدوى مـن التعلـق‬ ‫وهـذه كتـب الأدب الروسـي التـي اعتقـدت‬ ‫أننـي سـأحبها كمـا قـال الآخـرون‪ ،‬لكنها كانت‬ ‫بهــا أو بقاءهــا لدينــا!‬ ‫تسـتهلكني بـا فائـدة‪ ،‬قـد أبـدو غري ًبـا لكـن‬ ‫ح ًقـا أنـا ممـن يكـره الأدب الروسـي وأمـل منـه‬ ‫‪-‬لا لا أنا أرفض وجهة نظرك هذه!!‬ ‫سـري ًعا وأجـد أن في مديحـه مبالغـة!‬ ‫‪-‬وأنــا أي ًضــا ‪ ...‬فالكتــب ليســت مجــرد‬ ‫أدوات‪ ،‬بـل هـي شـيء يفـوق الوصـف‪ ،‬يكفـي‬ ‫ولا أدري كيــف ســأفارق كتــب الرافعــي‬ ‫أن يكــون بهــا شــيءٌ مــن روح مؤلفهــا كــي‬ ‫والعقــاد اللذيــن أحبهمــا رغــم الفــوارق‬ ‫نتمســك بهــا!‬ ‫بينهمــا ! !‬ ‫‪-‬إذا لـم تستشـعر قيمـة الكتـب فهـذا خلـل‬ ‫وفي أقصــى المكتبــة وضعــت الكتــب التــي‬ ‫فيـك‪ ،‬لـم يمـر علـي قـارئ حقيقي ينكـر أهمية‬ ‫غيرتنــي وأثــرت ف َّي‪ ،‬تلــك التــي وجــدت بعــد‬ ‫قراءتهـا أن شـي ًئا مـا بداخلـي قـد تغ ّيـر وتبـدل‬ ‫التمسـك بالكتـب ويحـزن عندمـا يفارقها‪.‬‬ ‫إمـا للأفضـل أو للأسـوأ‪ ،‬لـم يكـن يهمنـي نـوع‬ ‫التغييـر بمقـدار أن محتواهـا فعـ ًا قـد أحـدث‬ ‫‪-‬أنتــم تبالغــون بــردة فعلكــم‪ ،‬مثلهــا مثــل‬ ‫أثـ ًرا‪ ،‬وهـذا التأثيـر هـو الـذي أحبـه في الكتـب‬ ‫وســادة قديمــة يســهل التخلــص منهــا ولا‬ ‫‪ ..‬قـد يكتـب كات ًبـا توصي ًفـا لحـدث مـا لكنـه‬ ‫تحتــاج رثــاء أو توجــع ومبالغــة بالفــراق كمــا‬ ‫يخترقنــي تما ًمــا وكأنــه يتحــدث عنــي‪ ،‬وقــد‬ ‫يسـجل موقفـاً ورأ ًيـا يخالفنـي لكـن أجـد أنـه‬ ‫تصفــون!‬ ‫اسـتثار عقلـي وغ ّيـر تفكيـري‪ ،‬لـذا أحببـت أن‬ ‫‪-‬ربمـا لـم تجـرب هـذا الشـعور لـذا تتحدث‬ ‫أميـز تلـك الكتـب في هـذه الزاويـة‪.‬‬ ‫بـا مبالاة!‬ ‫أنـا أمـل ذاكـرة حـادة وهـذا الأمـر يسـبب‬ ‫‪ -‬علـى العكـس ‪ ..‬أنـا أتخلص بشـكل دوري‬ ‫لـي المتاعـب دو ًمـا‪ ،‬فأنـا أتذكـر جيـ ًدا تفاصيـل‬ ‫مــن كتبــي‪ ،‬لقــد تعافيــت مــن مــرض التعلــق‬ ‫لقاءاتــي الدوريــة بأصدقائــي الذيــن يأتــون‬ ‫هــذا منــذ مــدة طويلــة ‪ ...‬واكتفيــت بالكتــب‬ ‫دو ًمـا إلـى مكتبتـي لتشـهد حواراتنا ونقاشـاتنا‬ ‫التــي أحتاجهــا‪ ،‬ولا يمكــن لكتــاب أن يبقــى‬ ‫العميقـة والتـي بـا فائـدة أي ًضـا‪ ،‬وممـا أتذكـر‬ ‫عنـدي فتـرة تزيـد عـن شـهرين!‬ ‫حوارنـا العميـق عـن مفارقـة الكتـب ‪:‬‬ ‫وأخيـ ًرا نطقـت أنـا بعـد متابعـة لنقاشـهم‬ ‫‪-‬لا أجـد مـن السـهل علـى المـرء أن يفـارق‬ ‫‪ -:‬أحسـدك ‪ ..‬وبـذات الوقـت لا أظـن أننـي‬ ‫كتبـه‪.‬‬ ‫سـأطيق تجربـة هـذا الشـعور!!‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪58‬‬ ‫وبشـعور حانـق أعتقـد أننـي لا أجيـد الرثـاء لا أعـرف كيـف أصـف حرقتـي لاضطـراري‬ ‫والبــكاء‪ ،‬لكنــي أنــا أتوجــع الآن وكأننــي في التخلــي عــن كتبــي‪ ،‬أظــن أن داخلــي تنهيــدة‬ ‫مواجهــة حتميــة أمــام المــوت الــذي أفقدنــي لـو أخرجتهـا سـأحتاج أكثـر مـن رئتـن لأرتـاح‬ ‫أحبابـي ‪ ...‬وكأنـه يخبرنـي إمـا أنـا أو كتبـي! قليــ ًا أو أنســى‪ ،‬ولا أظــن أننــي قــادر علــى‬ ‫مكتبتي هذه قد لا أعود لها أبداً وقد تدمرها ذلــك لأن مكتبتــي نُقشــت في دماغــي وتحتــل‬ ‫الحــرب بغيابــي؛ وربمــا ســأجمع بــدل ًا عنهــا ُكل ذاكرتــي !‬ ‫كتبــاً أكثــر في المســتقبل‪ ،‬لكــن كيــف سأنســى‬ ‫وأنــا أؤمــن بأنــي ســأعود لهــا يومــاً مــا ‪..‬‬ ‫كتبـي هـذه التـي تحمـل بصمـات أصابعـي وقـد‬ ‫لـذا كتبـت هـذه الرسـالة ووضعتهـا بـن كتبـي‬ ‫ختمـت كل كتـاب منهـا بختـم اسـمي وتوقيعـي؟‬ ‫لعلـ ّي حـن أعـود أتذكـر هـذه اللحظـة البائسـة‬ ‫وكل كتـاب منهـا يحمـل ذكـرى مختلفـة وقصـة‬ ‫مـن حياتـي!‬ ‫شـيقة؟‬ ‫‪ \"-‬لا شــيء يماثــل مفارقــة الكتــب‪ ،‬إنهــا‬ ‫حرف ًيـا أنـا أتذكـر كل كتـاب دخـل مكتبتـي‬ ‫تشـبه أن يمـوت داخلـك فـرح قـد ولـد للتـو ‪...‬‬ ‫وتاريــخ شــرائي لــه وكذلــك تاريــخ قراءتــه؛‬ ‫أو كأنـك تكمـل حياتـك بفـراغ قاتـل‪ ،‬لا أحـد‬ ‫التعليقــات التــي وضعتهــا علــى كل كتــاب‪،‬‬ ‫يسـتطيع أن يمـأه سـوى عودتـك إلـى كتبـك‬ ‫ورأيــي الــذي أخالــف بــه الكاتــب‪ ،‬والمشــاعر‬ ‫وذكرياتــك معهــا!‬ ‫التــي تركتهــا الكتــب ف َّي بعــد أن أنهيتهــا‪.‬‬ ‫ســأتركك في وداعــة الله ‪ ...‬وأنــا موقــن‬ ‫حتـى تلـك الكتـب التـي لـم أسـتطع إنهائهـا‬ ‫بأنــه عنــد الله لا تضيــع الودائــع\"‬ ‫وبقيـت تفاصيلهـا تتصـارع معـي وترفـض أن‬ ‫أتجاوزهــا! وأشــعر في كل مــرة أنهــي فيهــا‬ ‫انتهت‪.‬‬ ‫كتــاب أنهــا ترمقنــي بنظــرة حارقــة لكــي لا‬ ‫أنســاها وكأنهــا وشــم يرفــض أن يــزول مــن‬ ‫جســدي‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪59‬‬ ‫كتاب‪ :‬سيكولوجية الجماهير‬ ‫تلخيص‪ :‬ماجدة المزروعي ‪@m_almazroei‬‬ ‫والتوجهـات الفرديـة للملـوك والحـكام والمنافسـات‬ ‫المؤلف‪ :‬غوستاف لو بون‬ ‫الكائنـة بينهـم لا تؤثـر علـى مسـار الأحـداث إلا‬ ‫قليــ ًا‪ ،‬وقــد أصبــح صــوت الجماهيــر راجحــاً‬ ‫من هو غوستاف لو بون؟‬ ‫وغالبـاً‪ ،‬فهـو الـذي ُيلـي علـى الملـوك تصرفاتهـم‪،‬‬ ‫ولـم تعـد مقاديـر الأمم تحسـم في مجالس الحكام‪،‬‬ ‫إنـه أولاً وقبـل أي شـيء مؤسـس \"علـم نفسـية‬ ‫الجماهيــر\" ‪ ،‬ولــد في منطقــة النورمانــدي عــام‬ ‫وإنمـا في روح الجماهيـر‪.‬‬ ‫‪1841‬م‪ ،‬ومــات في باريــس عــام ‪1931‬م‪ ،‬وقــد‬ ‫كتــب في العديــد مــن المجــالات والفــروع العلميــة‬ ‫الخصائص العامة للجماهير‪:‬‬ ‫‪ .‬وباعتــراف معظــم الاختصاصيــن فــإن كتــاب‬ ‫\"ســيكولوجية الجماهيــر\" هــو أشــهر كتبــه علــى‬ ‫إن كلمــة جمهــور تعنــي في معناهــا العــادي‬ ‫الإطـاق‪ ،‬وهـو الـذي بـوأه مكانـة رفيعـة في عالـم‬ ‫تجم ًعـا لمجموعـة لا علـى التعيـن مـن الأفـراد‪ ،‬أ ًّيـا‬ ‫الفكـر والمعرفـة‪ ،‬وعلـى هـذا الكتـاب اعتمـد معظـم‬ ‫تكـن هويتهـم القوميـة أو مهنتهـم أو جنسـهم‪ ،‬وأ ًّيـا‬ ‫الباحثــن العالميــن فيمــا بعــد مــن أجــل دراســة‬ ‫تكــن المصادفــة التــي جمعتهــم ‪.‬‬ ‫ظاهــرة الجماهيــر‪.‬‬ ‫ولكــن ُمصطلــح الجمهــور يتخــذ معنــى آخــر‬ ‫منــذ قــرن فقــط‪ ،‬كانــت السياســة التقليديــة‬ ‫مختل ًفـا تما ًمـا مـن وجهـة النظـر النفسـية‪ .‬ففـي‬ ‫للـدول والمنافسـات الجاريـة بـن الحـكام هـي التـي‬ ‫بعـض الظـروف المعينـة‪ ،‬وفي هـذه الظـروف فقـط‬ ‫تُشــكل العوامــل الأساســية لتحريــك الأحــداث‪،‬‬ ‫يمكـن لتكتـل مـا مـن البشـر أن يمتلـك خصائـص‬ ‫ولـم يكـن لـرأي الجماهيـر في الغالـب الأعـم أي‬ ‫جديــدة مختلفــة جــ ًدا عــن خصائــص كل فــرد‬ ‫قيمـة‪ .‬وأمـا اليـوم فنلاحـظ أن التقاليد السياسـية‬ ‫يُشــكله‪ ،‬فعندئــذ تنطمــس الشــخصية الواعيــة‬ ‫للفــرد‪ ،‬وتُصبــح عواطــف وأفــكار الوحــدات‬ ‫المُصغــرة المُشــ ِكلة للجمهــور موجهــة في نفــس‬ ‫الاتجــاه‪ ،‬وعندئــذ تتشــكل روح جماعيــة عابــرة‬ ‫ومؤقتــة بــدون شــك‪ ،‬ولكنهــا تتمتــع بخصائــص‬ ‫محــددة ومتبلــورة تما ًمــا‪.‬‬ ‫هنـاك أسـباب عديـدة تتحكـم بظهـور الصفـات‬ ‫الخاصــة بالجماهيــر ؛ وأولهــا هــو أن الفــرد‬ ‫المنضــوي في الجمهــور يكتســب بواســطة العــدد‬ ‫المتجمـع فقـط شـعو ًرا عار ًمـا بالقـوة ‪ ،‬وهـذا مـا‬ ‫يُتيـح لـه الانصيـاع إلـى بعـض الغرائـز‪ ،‬ولـولا هـذا‬ ‫الشـعور لمـا انصـاع ‪ .‬وهـو ينصـاع لهـا عـن طـوع‬ ‫واختيــار لأن الجمهــور ُم ْغ َفــل بطبيعتــه وبالتالــي‬ ‫فغيــر مســؤول‪ ،‬وبمــا أن الحــس بالمســؤولية هــو‬ ‫الــذي يــردع الأفــراد فإنــه يختفــي في مثــل هــذه‬ ‫الحالــة ُكل ًّيــا‪.‬‬ ‫ولكــي نفهــم هــذه الظاهــرة ينبغــي أن تكــون‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪60‬‬ ‫لدينــا بعــض المعلومــات عــن آخــر الاكتشــافات ‪ .4‬تعصــب الجماهيــر واســتبداديتها ونزعتهــا‬ ‫الحديثــة لعلــم وظائــف الأعضــاء (الفيزيولوجيــا)‪ .‬ا لمحا فظــة ‪.‬‬ ‫(آراء الجماهير وعقائدها)‬ ‫فنحـن نعلـم اليـوم أنـه يمكـن وضـع الفـرد في حالـة‬ ‫معينــة يفقــد فيهــا شــخصيته الواعيــة‪ ،‬وبالتالــي‬ ‫فهــو يخضــع لــكل اقتراحــات الجــراح الــذي جعلــه إن العوامــل التــي ُتــدد آراء الجماهيــر‬ ‫يفقدهــا‪ ،‬وعندئــذ يقتــرف أكبــر الأعمــال مخالفــة وعقائدهــا ذات نوعــن‪ :‬عوامــل بعيــدة ‪ ،‬وعوامــل‬ ‫لطبعـه الحقيقـي وعاداتـه‪ ،‬وأفـراد الجمهـور الذيـن قريبــة \"أو مباشــرة\"‪.‬‬ ‫ومـن بـن العوامـل البعيـدة هنـاك عوامـل عامـة‬ ‫يمتلكـون شـخصية قويـة جـ ًدا تمكنهـم مـن مقاومـة‬ ‫نجدهــا في أعمــاق كل عقائــد الجماهيــر وآرائهــا‪:‬‬ ‫ال ُمّـرض هـم ذوو عـد ٍد ضئيـل وبالتالـي فـإن التيـار‬ ‫كالعــرق مثــ ًا‪ ،‬والتقاليــد الموروثــة‪ ،‬والزمــن‪،‬‬ ‫يجرفهــم معــه ‪.‬‬ ‫وإليكـم مجموعـة الخصائـص الأساسـية للفـرد والمؤسســات‪ ،‬والتربيــة والتعليــم‪.‬‬ ‫‪ .1‬التقاليــد الموروثــة‪ :‬إن التقاليــد ُتثــل الأفــكار‬ ‫المنخــرط في الجمهــور‪:‬‬ ‫والحاجيــات والعواطــف الخاصــة بالماضــي‪ ،‬وهــي‬ ‫‪ /1‬تلاشي الشخصية الواعية ‪.‬‬ ‫ُتثـل ُخلاصــة العــرق وتضغــط بــكل ثقلهــا علينــا‪.‬‬ ‫‪ /2‬هيمنة الشخصية اللا واعية ‪.‬‬ ‫‪ .2‬الزمـن‪ :‬إن الزمـن هـو الـذي يطبـخ آراء وعقائـد‬ ‫‪ /3‬توجـه الجميـع ضمـن نفـس الخـط بواسـطة‬ ‫الجماهيــر علــى نــاره البطيئــة‪ ،‬بمعنــى أنــه يهيــئ‬ ‫التحريـض والعـدوى للعواطـف والأفـكار ‪.‬‬ ‫الأرضيـة التـي ستنشـأ عليهـا وتبرعـم‪ .‬نسـتنتج مـن‬ ‫‪ /4‬الميـل لتحويـل الأفـكار ال ُمـ ّرض عليهـا إلـى ذلــك أن بعــض الأفــكار التــي يمكــن تحقيقهــا في‬ ‫فتـرة مـا تبـدو مسـتحيلة في فتـرة أخـرى‪ .‬فالزمـن‬ ‫فعـل وممارسـة مباشـرة‪.‬‬ ‫يراكــم البقايــا العديــدة جــ ًدا للعقائــد والأفــكار‪،‬‬ ‫وهكـذا لا يعـود الفـرد هـو نفسـه وإنمـا يُصبـح‬ ‫وعلـى أساسـها تولـد أفـكار عصـر مـا‪.‬‬ ‫عبــارة عــن إنســان آلــي مــا عــادت إرادتــه بقــادرة‬ ‫‪ .3‬التعليـم والتربيـة‪ :‬لكـي نفهـم الأفـكار والعقائـد‬ ‫علــى أن تقــوده‪.‬‬ ‫التـي تـزرع اليـوم وتفتـح غـ ًدا‪ ،‬فإنـه ينبغـي علينـا أن‬ ‫هـذا يعنـي أنـه بمجـرد أن ينضـوي الفـرد داخـل‬ ‫نفهـم كيـف تمـت عمليـة تحضيـر الأرض وتمهيدهـا‪.‬‬ ‫صفــوف الجمهــور فإنــه ينــزل درجــات عديــدة في‬ ‫فالتعليـم الـذي يُقـدم لشـبيبة بلـ ٍد مـا يُتيـح لنـا أن‬ ‫سـلم الحضـارة ‪ ،‬فهـو عندمـا يكـون فـر ًدا معـزول ًا‬ ‫ربمــا يكــون إنســا ًنا مثق ًفــا متعقــ ًا‪ ،‬ولكنــه مــا إن‬ ‫نستشـرف مصيـر هـذا البلـد ومسـتقبله‪.‬‬ ‫ينضـم إلـى الجمهـور حتـى يُصبـح مقـو ًدا بغريزتـه (العوامـل المباشـرة التـي تسـاهم في تشـكيل آراء‬ ‫الجماهيـر) ‪:‬‬ ‫وبالتالــي همج ًّيــا‪.‬‬ ‫‪ .1‬الصــور‪ ،‬والكلمــات‪ ،‬والعبــارات \"أو الشــعارات\"‪:‬‬ ‫الخصائص الأساسية للجماهير‪:‬‬ ‫ُمخ ّيلــة الجماهيــر تتأثــر بالصــور بشــكل خــاص ‪،‬‬ ‫‪ .1‬سرعة انفعال الجماهير وخفتها ونزقها‪.‬‬ ‫وإذا لــم نكــن نمتلــك الصــور فإنــه مــن الممكــن أن‬ ‫‪ .2‬ســرعة تأثــر الجماهيــر وســذاجتها وتصديقهــا نُثيرهـا في ُمخ ّيلـة الجماهيـر عـن طريـق الاسـتخدام‬ ‫الذكـي والصائـب للكلمـات والعبـارات المناسـبة ‪ ،‬إن‬ ‫لأي شــيء‪.‬‬ ‫قـوة الكلمـات مرتبطـة بالصـور التـي تُثيرهـا‪ ،‬وهـي‬ ‫‪ .3‬عواطــف الجماهيــر‪ :‬تضخيمهــا وتبســيطها‪ :‬إن‬ ‫العواطـف التـي تعبـر عنهـا الجماهيـر سـواء أكانـت‬ ‫ُمسـتقلة تما ًمـا عـن معانيهـا الحقيقيـة ‪ ،‬والكلمـات‬ ‫طيبـة أم شـريرة تتميـز بطابـع مـزدوج‪ :‬بمعنـى أنهـا‬ ‫التــي يصعــب تحديــد معانيهــا بشــكل دقيــق هــي‬ ‫تلـك التـي تمتلـك أحيا ًنـا أكبـر قـدرة علـى التأثيـر‬ ‫مضخمـة جـ ًدا ومبسـطة جـ ًدا‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪61‬‬ ‫والفعـل‪ .‬نضـرب علـى ذلـك مثـ ًا الكلمـات التاليـة‪ :‬الجماهيـر عـن طريـق دغدغـة الغرائـز الوضيعـة‪.‬‬ ‫ديمقراطيــة‪ ،‬اشــتراكية‪ ،‬مســاواة‪ ،‬حريــة‪... ،‬إلــخ ‪ .2‬وســائل العمــل التــي يســتخدمها المحركــون أو‬ ‫‪ .2‬التجربــة‪ :‬تُشــكل التجربــة تقري ًبــا المنهجيــة القــادة‪ :‬التأكيــد‪ ،‬التكــرار‪ ،‬العــدوى‪ :‬عندمــا يتعلــق‬ ‫الوحيـدة الفعالـة مـن أجـل زرع حقيقـة مـا في روح الأمـر بقيـادة جمهـور مـا للحظـة معينـة وحثـه علـى‬ ‫الجماهيــر بشــكل راســخ‪ ،‬وتدميــر الأوهــام التــي ارتـكاب عمـل مـا كأن ينهـب قصـ ًرا‪ ،‬أو يدافـع عـن‬ ‫أصبحــت خطــرة أكثــر ممــا ينبغــي‪ .‬ولكــن ينبغــي متـراس ويتعـرض للمجـزرة بسـببه‪ ،‬فإنـه ينبغـي أن‬ ‫تعميمهـا علـى أوسـع مسـتوى وبشـكل مكـرر ومعـاد نؤثـر عليـه بواسـطة محرضـات سـريعة‪.‬‬ ‫‪ .3‬الهيبــة الشــخصية‪ :‬إذا كانــت الآراء المنتشــرة‬ ‫مـن أجـل التوصـل إلـى أفضـل نتيجـة‪ .‬وعمو ًمـا فـإن‬ ‫عـن طريـق التأكيـد والتكـرار والعـدوى تمتلـك قـوة‬ ‫التجـارب التـي عاشـها جيـل مـا غيـر ذات جـدوى‬ ‫كبيــرة‪ ،‬فذلــك لأنهــا تمتلــك تلــك القــوة الســرية‬ ‫المدعــوة بالهيبــة أو الاحتــرام ‪ ،‬وكل مــا هيمــن في‬ ‫بالنســبة للجيــل اللاحــق ‪ ،‬ولهــذا الســبب فــإن‬ ‫العالـم مـن أفـكار أو بشـر‪ ،‬فـرض نفسـه أسا ًسـا عـن‬ ‫الأحـداث التاريخيـة التـي تضـرب عـادة كمثـل علـى‬ ‫العظــة والبرهنــة لا تُفيــد شــي ًئا‪.‬‬ ‫‪ .3‬العقـل‪ :‬يمكـن أن نعفـي أنفسـنا من ذكر العقل إذا طريـق القـوة التـي تعبـر عنهـا كلمـة هيبـة‪.‬‬ ‫إننـا نعثـر في المجالـس النيابيـة علـى الخصائـص‬ ‫مـا عددنـا العوامـل القـادرة علـى التأثيـر علـى روح‬ ‫العامـة للجماهيـر‪ :‬كالتبسـطية في الأفـكار‪ ،‬والنـزق‬ ‫الجماهيـر ‪ ،‬ولكننـا سـنتحدث عنـه كعامـل سـلبي لا‬ ‫وسـرعة الغضـب‪ ،‬والقابليـة للتحريـض‪ ،‬والمبالغـة في‬ ‫كعامـل إيجابـي في التأثيـر‪ .‬كنـا قـد برهنـا علـى أن‬ ‫العواطــف‪ ،‬والتأثيــر الكاســح للمحركــن والقــادة‪.‬‬ ‫الجماهيـر لا تتأثـر بالمحاجـات العقلانيـة ولا تفهـم‬ ‫ولكــن بســبب تركيبتهــا الخاصــة فــإن الجماهيــر‬ ‫إلا الروابـط الشـاذة أو الفظـة بـن الأفـكار ‪ ،‬ولهـذا‬ ‫البرلمانيــة تُبــدي بعــض الخصائــص المختلفــة عــن‬ ‫الســبب فــإن محركــي الجماهيــر مــن الخطبــاء لا‬ ‫بقيــة الجماهيــر ‪ ،‬كمــا أن المجالــس النيابيــة إذا‬ ‫يتوجهــون أبــ ًدا إلــى عقلهــا وإنمــا إلــى عاطفتهــا ‪،‬‬ ‫مـا وصلـت إلـى درجـة معينـة مـن الهيجـان تُصبـح‬ ‫فقوانــن المنطــق العقلانــي ليــس لهــا أي تأثيــر‬ ‫مشــابهة للجماهيــر العاديــة غيــر المتجانســة‪،‬‬ ‫عليهـا‪ .‬إن النـاس المنطقيـن المعتاديـن علـى سلسـلة‬ ‫وبالتالــي فــإن عواطفهــا تتميــز دائ ًمــا بالتطــرف‬ ‫المحاجـات العقلانيـة الصارمـة نسـب ًّيا لا يسـتطيعون‬ ‫‪ ،‬فنحــن نجدهــا أحيا ًنــا تُنجــز أفعــالاً بطوليــة‪،‬‬ ‫الامتنــاع عــن اســتخدام هــذا النمــط مــن الإقنــاع‬ ‫وأحيا ًنــا أُخــرى ترتكــب أبشــع الأعمــال ‪ ،‬فالفــرد‬ ‫عندمــا يتوجهــون إلــى الجماهيــر ‪ ،‬وهــم يُصابــون‬ ‫يبطـل عندئـذ أن يكـون ذاتـه ويصـوت علـى القرارات‬ ‫بالدهشـة والاسـتغراب دائ ًمـا لأن كلامهـم لا يلقـى‬ ‫الأكثــر تعار ًضــا مــع مصالحــه الشــخصية‪.‬‬ ‫أي صـدى لـدى الجماهيـر‪.‬‬ ‫وصلـت إلـى درجـة معينـة مـن الهيجـان تُصبـح‬ ‫التـي‬ ‫الإقنـاع‬ ‫ووسـائل‬ ‫(محركـو الجماهيـر‪،‬‬ ‫مشــابهة للجماهيــر العاديــة غيــر المتجانســة‪،‬‬ ‫يمتلكو نهـا )‬ ‫‪ .1‬محركــو الجماهيــر‪ :‬القائــد يلعــب دو ًرا ضخ ًمــا وبالتالــي فــإن عواطفهــا تتميــز دائ ًمــا بالتطــرف‬ ‫بالنســبة للجماهيــر‪ ،‬فإرادتــه تمثــل النــواة التــي ‪ ،‬فنحــن نجدهــا أحيا ًنــا تُنجــز أفعــالاً بطوليــة‪،‬‬ ‫تتحلـق حولهـا الآراء وتنصهـر فيها‪ .‬إن القادة ليسـوا وأحيا ًنــا أُخــرى ترتكــب أبشــع الأعمــال ‪ ،‬فالفــرد‬ ‫في الغالـب رجـال فكـر‪ ،‬ولا يمكنهـم أن يكونـوا‪ ،‬وإنمـا يبطـل عندئـذ أن يكـون ذاتـه ويصـوت علـى القرارات‬ ‫رجــال ممارســة وانخــراط‪ .‬وهــم قليلــو الفطنــة الأكثــر تعار ًضــا مــع مصالحــه الشــخصية‪.‬‬ ‫بعيـدو النظـر ‪ ،‬والشـعوب لـم ينقصهـا أبـ ًدا قـادة في‬ ‫التاريـخ ‪ ،‬ولكنهـم لا يمتلكـون جمي ًعـا تلـك القناعـات‬ ‫القويــة التــي تصنــع الرســل ‪ ،‬فهــؤلاء القــادة هــم‬ ‫غال ًبــا عبــارة عــن خطبــاء ماهريــن لا يفكــرون إلا‬ ‫بمصالحهــم الشــخصية‪ ،‬وهــم يحاولــون إقنــاع‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪62‬‬ ‫من أرشيف المجلات القديمة‪ :‬أعداء الكتاب‬ ‫الهمـوم‪ ،‬كلمـا عكفـوا على المطالعـة وانصرفوا إلى‬ ‫وداد السكاكيني‬ ‫البحـث والكتابـة‪ ،‬ومـا خـا تاريـخ التراجـم‪ ،‬حـن‬ ‫تب ّسـط كاتبـوه في أنبـاء الأدبـاء وأهـل الفكـر‪ ،‬مـن‬ ‫نشـر هـذا المقـال في مجلـة الأديـب‪ ،‬العـدد‬ ‫التنـدر بمـا يلقـاه الكتـاب مـن غيرة الزوجـات‪ ،‬وإن‬ ‫الرابـع‪ ،‬إبريـل عـام ‪1950‬م ‪.‬‬ ‫علمـاء الاجتمـاع يمهـدون لنـا طريـق الاسـتدلال‬ ‫والاســتقصاء قائلــن بمــرآة الحاضــر‪ ،‬ويعنــون‬ ‫منــذ كانــت الحــرب اصطلــح المحاربــون‬ ‫بذلــك أن للحاضــر مــرآة تعكــس الغابــر‪ ،‬فكثيــر‬ ‫علــى قواعــد ســموها فــن القتــال‪ ،‬وع ّبــر عنهــا‬ ‫ممــا نــراه في أيامنــا مــن طبائــع النســاء ومنــازع‬ ‫المعاصـرون بكلمـة \"تاكتيـك\" فمـن \"التاكتيـك\" أن‬ ‫الرجـال علـى وعيهـم ورقيهـم مـردود إلـى أمثالـه‬ ‫ُتتنـب الحـرب في جبهتـن‪ ،‬إن صـح هـذا التعبيـر‬ ‫مــن آثــار الأقدمــن‪ ،‬والمــرأة كمــا يقولــون هــي‬ ‫في لغتنـا اليوميـة‪ ،‬وقـد أخـذ بهـذا الـرأي دهاقـن‬ ‫المـرأة في كل زمـان ومـكان وفي النسـاء المتعلمـات‬ ‫السياســة والنضــال في زماننــا‪ ،‬فمــا مــن أمــة‬ ‫وأنصـاف المتعلمـات َمـ ْن تتميـز مـن الغيـظ كلمـا‬ ‫حاربـت في جهتـن إلا كابـدت الصعـاب وتصـدت‬ ‫أكـ َّب زوجهـا علـى كتـاب يقـرؤه‪ ،‬وكـم نظـر هـؤلاء‬ ‫لأفــدح البــاء‪ ،‬فمــا بــال إذن مــن يهاجــم مــن‬ ‫النســوة إلــى الكتــاب في أيــدي أزواجهــن وكأنــه‬ ‫ضـرة مـن الضرائـر‪ ،‬وقـد يكـون فيهـن مـن تحـرد‬ ‫جبهــات ثــاث ‪.‬‬ ‫وترتـد إلـى بيـت أهلهـا‪ ،‬لأن زوجهـا مشـغول عنهـا‬ ‫بالكتــاب‪ ،‬أو يــؤول هــذا النكــد والتنغيــص في‬ ‫ولا جرم أن المفترى عليه في زماننا‪ ،‬المبتلى‬ ‫بثلاثــة مــن الأعــداء هــو الكتــاب‪ ،‬لقــد امتحنــه‬ ‫الحيـاة الزوجيـة إلـى الشـقاق والفـراق ‪.‬‬ ‫الدهـر أول مـا امتحنـه بعـدو واحـد‪ ،‬فلمـا تفتـح‬ ‫وعـي الإنسـان واتسـعت معرفتـه أصيـب الكتـاب‬ ‫ففــي القــديم اتفــق لليــث بــن نصــر ‪-‬‬ ‫بعــد ٍو جديــد‪ ،‬وتقــدم الزمــن فتعــددت أســباب‬ ‫كاتـب البرامكـة وتلميـذ الخليـل بـن أحمـد ‪ -‬أن‬ ‫الحضـارة والثقافـة‪ ،‬وذاق الإنسـان حـاوة العلـم‬ ‫أحرقــت لــه زوجتــه كتــاب \"العــن\" الــذي ألفــه‬ ‫والاختـراع‪ ،‬وقـد أ ّدى هـذا التطـور العجيـب إلـى‬ ‫أسـتاذه الخليـل وهـو النسـخة الوحيـدة‪ ،‬وما فعلت‬ ‫ابتـاء الكتـاب بالعـدو الثالـث‪ ،‬فـازدادت نكباتـه‬ ‫ذلــك إلا كيــ ًدا وتشــف ًيا لانصــراف زوجهــا عنهــا‬ ‫وخطوبــه ‪ .‬وإذا شــئت القــول ال ُصــراح لــم أجــد‬ ‫إلـى جاريتـه‪ ،‬فـرأت أن تنغصـه بأعـز شـيء لديـه‬ ‫بُــ ًّدا مــن اتهــام المــرأة بأنهــا كانــت العــدو الأول‬ ‫وهـو الكتـاب الـذي كان يحـرص عليـه‪ ،‬فأحرقتـه‬ ‫للكتــاب‪ ،‬فالإنســان منــذ كتــب خواطــره وأودع‬ ‫وتركـت بنقمتهـا هـذه بلبلـة لغويـة لا يـزال العلمـاء‬ ‫أفـكاره الطـروس جمـع الـورق والصحـف سـف ًرا‪،‬‬ ‫وكانــت المــرأة عــدو الأســفار‪ ،‬ومــن يــدري فلعــل‬ ‫إلـى اليـوم يعانـون ظلالهـا‪.‬‬ ‫الفلاسـفة الأقدمـن كانـوا يُعانـون مـن زوجاتهـم‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪63‬‬ ‫\"لقـد سـيطر علـي شـعور غامـض بالأمـل في‬ ‫أن المعجـزة الشـعرية سـتغير كل شـيء‪ ،‬وأننـي‬ ‫سـأحيا في عالـم الخلـود‪ ،‬وهكـذا أكـون قـد‬ ‫غـزوت مصيـري كإنسـان بواسـطة الكلمـات‪\".‬‬ ‫‪ -‬مايكل لايريس‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪64‬‬ ‫عن اجتماع الثقافة والأنوثة‬ ‫د‪ .‬رضوى زكي ‪ -‬كاتبة وأكاديمية مصرية ‪@radwazaky‬‬ ‫يختلـف الباحثـون والمثقفـون في تعريـف مفهـوم الثقافـة‪ ،‬كمـا يتباينـون في تحديـد ماهيـة الأنوثـة‪ ،‬فـأن‬ ‫تصيـر مثق ًفـا يعنـي أن تكـون فط ًنـا‪ ،‬واسـع الأفـق‪ ،‬لا تكـ ّف عـن التعلـم وطلـب الحكمـة التـي هـي ضالـة‬ ‫المؤمـن‪ ،‬فالمعرفـة قـوة؛ وهـي مظهـر إضفـاء الرجاحـة علـى العقـل والـروح الإنسـانية‪ .‬والثقافـة أسـلوب‬ ‫للتفكيـر وطريقـة للعيـش في المجمـل يبـدأ مـن الفـرد ويتنقـل ليُشـكل انعكا ًسـا للمجتمـع بأسـره‪.‬‬ ‫وتُعـرف الأنوثـة في اللغـة العربيـة بأنهـا \"أ َّنـ َث الشـيء\" إذا لان ولـم يتشـدد‪ ،‬أي أنهـا تُعبـر عـن اللطـف‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪65‬‬ ‫والمرونـة‪ .‬وجوهـر الأنوثـة وأصلهـا أمـ ٌر معنـو ّي إلـى نحـو أفضـل‪ ،‬وتدفعـه إلـى التفكيـر البنـاء‬ ‫غيـر ملمـوس متعلـق بـروح المـرأة‪ ،‬وهـي تختلـف في مشـاكله‪ ،‬ومـا يجابـه مـن أمـور الدنيـا‪ ،‬فإنهـا‬ ‫مـن منظـور المـرأة عـن نفسـها إلـى نظـرة الرجـل تصبـح مظهـ ًرا وقشـرة خارجيـة‪ ،‬لـم ينتفـع بهـا‬ ‫ومفهومــه عنهــا؛ فشــعور المــرأة بأنوثتهــا أمــ ٌر صاحبهـا في حياتـه سـوى الفخـر بأنـه \"عميـق‬ ‫متبايـن ونسـب ّي للغايـة يختلـف مـن أنثـى لأنثـى‪ .‬الفكــر\"‪ ،‬فتتعلــق الثقافــة بأثرهــا علــى نفــس‬ ‫ويــكاد الرجــال يجمعــون أن الأنوثــة ضعــف الإنســان‪ ،‬وتتعلــق الأنوثــة بشــخصية المــرأة‬ ‫جميـل‪ ،‬ومشـاعر دافئـة‪ ،‬ومظهـ ٌر حسـ ّي‪ ،‬وهكـذا وحضورهــا‪ ،‬وكلاهمــا لــه أثــر العطــر الطيــب‬ ‫نجـد أن هنـاك زوايـا عديـدة يمكـن أن يُنظـر بهـا الــذي يفــوح مــن صاحبــه دون مجهــود مــن‬ ‫شــخصه‪.‬‬ ‫إلـى الثقافـة والأنوثـة‪.‬‬ ‫مـا الحـال إذن إذا اجتمعـت الثقافـة والأنوثـة‪ ،‬وهنـاك حـ ٌّد فاصـل أدق مـن \"شـعرة معاويـة\"‬ ‫القــوة والضعــف‪ ،‬علــى الرغــم أن الأنوثــة لا بــن الأنوثــة والميوعــة‪ ،‬وبــن المعرفــة وادعــاء‬ ‫تتنافـر بالأصــل مــع الشـخصية المســتقلة لــدى الثقافـة؛ فالثقافـة سـلوك وطريقة حياة وفلسـفة‬ ‫النسـاء‪ ،‬وهـي بالتبعيـة لا تتناقـض مـع الثقافـة‪ ،‬وأيديولوجيــة تظهــر في التصرفــات اليوميــة‬ ‫بــل إن الثقافــة هــي أفضــل زينــة تتجمــل بهــا ومعالجــة الأمــور الحياتيــة‪ ،‬وكذلــك الأنوثــة؛‬ ‫المـرأة‪ ،‬والحكمـة أزهـى ثـوب تـزدان بـه؛ بشـرط ليسـت تصن ًعـا شـكل ًّيا‪ ،‬ليسـت كع ًبـا عال ًيـا ورقـة‬ ‫أن تكــون ثقافــة حقيقيــة في شــتى جوانــب في الصــوت‪ ،‬لا يصحبــه دفء داخلــي وعاطفــة‬ ‫الحيــاة‪ ،‬لا تتعلــق بالقــراءة والاطــاع فحســب؛ حقيقيــة وجاذبيــة أخــاذة‪.‬‬ ‫إن المثقــف بحــق لا يتشــدق في كل مناســبة‬ ‫فكمــا يقولــون \"الثقافــة ُكتــب ونــاس\"‪.‬‬ ‫وللمعرفـة وجـوه متعـددة في حيـاة المرأة؛ كأن بأنـه \"ذو رؤيـة ووعـي\"‪ ،‬بـل تتسـرب إليـك نظرتـه‬ ‫تعــرف مــن هــي ومــاذا تريــد؟ كأن تكــون أنثــى للأمـور وحصافـة تفكيـره في طيـات حديثـه أو‬ ‫وأم حقيقيـة‪ ،‬كأن تتعلـم إدارة حياتهـا وحيـاة مـن بــن ثنايــا كلماتــه المكتوبــة‪ ،‬كذلــك تُستشــعر‬ ‫حولهـا بمـا منحهـا الله مـن صفـات ومزايـا‪ ،‬كأن أنوثــة المــرأة دون إشــارة منهــا في لمســة حانيــة‬ ‫تتحلــى بالــذكاء الاجتماعــي‪ ،‬وقائمــة المعــارف وكلمــة عابــرة‪.‬‬ ‫ويعبـر تجسـيد الأنوثـة في المـرأة أنهـا كيـان‬ ‫تطـول‪.‬‬ ‫إن النظــرة الشــيفونية للمــرأة باعتبارهــا متصالـح مـع ذاتـه‪ ،‬تزيـده المعرفـة أل ًقـا وجمـالاً‪،‬‬ ‫مخلــوق يليــق بــه الضعــف والاســتكانة تغيــرت تشـ ّع منهـا طاقـة تجـذب مـن يقـع في طريقهـا‪،‬‬ ‫منــذ عقــود طويلــة‪ ،‬لكنهــا تبدلــت للنقيــض؛ قبـل أن يـدرك أنهـا ليسـت سـطوة الجمـال؛ بـل‬ ‫فالسـعي لإثبـات كينونـة المـرأة قـد أتـى في بعـض اختــاط ســحر المعرفــة بفتنــة الأنوثــة‪ ،‬وقــد‬ ‫الأحــوال علــى حســاب كيانهــا الأنثــوي؛ فبــدت تج ّسـد هـذا المزيـج قدي ًمـا في شـخصية الملكـة‬ ‫كائ ًنـا ثال ًثـا لا هـي بالأنثـى الناعمـة التـي يُقبـل المصريــة \"كليوباتــرا\" حــن وقــع في أســرها‬ ‫عليهـا الرجـال‪ ،‬ولا هـي رضيـت بـأن تكـون امرأة الإمبراطــور الرومانــي قيصــر ثــم أنطونيــوس‬ ‫مســتقلة فحســب‪ ،‬تعتمــد علــى ذاتهــا وتديــر يـوم كانـت مصـر علـى أعتـاب الغـزو الرومانـي‪،‬‬ ‫وهـو سـاح السـلطانة \"شـجرة الـدر\"‪ ،‬تلـك المـرأة‬ ‫حياتهــا مــن الألــف إلــى اليــاء‪.‬‬ ‫القويـة التـي تزوجـت مـن رجلـن حكمـا مصـر‬ ‫وهنـا يأتـي تأثيـر المعرفـة والحكمـة ليزن تلك‬ ‫المعادلـة؛ فـإن لـم تطبـع الثقافـة علـى صاحبهـا‬ ‫في فتـرة حرجـة مـن ُعمـر الحضـارة الإسـامية‪،‬‬ ‫القـدرة علـى امتـاك زمـام حياتـه والمضـي بهـا‬ ‫ولعبـت دو ًرا محور ًيـا في حيـاة أزواجهـا وفي ُحكـم‬ ‫مصـر علـى حـ ٍّد سـواء‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪66‬‬ ‫ربمــا تبــدو تلــك الســطور ورديــة بعــض النســاء‪ ،‬ولكنــه كذلــك أمــر غيــر عســير‪ ،‬فيــ ُد‬ ‫الشـيء؛ والحقيقـة أن اجتمـاع الثقافـة والأنوثـة المـرأة التـي تمتـ ّد لتطالـع كتا ًبـا هـي ذات اليـد‬ ‫علــى مــا بــه مــن ســجايا ومزايــا؛ فهــو أمــر التــي تتجمــل بطــاء الأظافــر وتصنــع أطايــب‬ ‫غيــر محبــب‪ ،‬ليــس لــدى كثيــر مــن الرجــال الطعـام‪ .‬والسـعي نحـو الكتابـة بنشـر المقـالات‬ ‫فحسـب؛ بـل والنسـاء كذلـك! فـا يكـ ُّن العـداء في الصحـف‪ ،‬أو البحـوث في الدوريـات العلميـة‬ ‫للمـرأة سـوى امـرأةٌ مثلهـا؛ فبعـض بنـات حـواء لا يتعــارض مــع \"نشــر الملابــس\" علــى الحبــال‬ ‫يرفضـن إدراك أن هنـاك مـن هـن أفضـل منهـن لتجــف‪ ،‬ومتابعــة مســتجدات الشــأن الثقــافي‬ ‫مـن بنـات جنسـهن‪ ،‬وتأبـى إلا أن تخلـق منهـن يمكــن أن تســير في ســيا ٍق متــوا ٍز مــع متابعــة‬ ‫قوالـب تشـبهها‪ ،‬باسـتخدام السـخرية والنكايـة صيحـات الموضـة في الثيـاب وأدوات التجميـل!‬ ‫وتثبيـط الهمـم‪ ،‬لتتسـاوى الأخريـات في الهزيمـة فليـس بالضـرورة أن يتعـ ّدى غـذاء العقـل علـى‬ ‫مظهـر حيـاة الأنثـى؛ فالمـرأة خلقهـا الله لتكـون‬ ‫والمــرارة‪.‬‬ ‫متعــددة الاهتمامــات والقــدرات‪ ،‬إنمــا يتطلــب‬ ‫والحـق أنـه لا يأخـذ بيـد امـرأة سـوى صوتهـا‬ ‫الأمــر قــد ًرا وافــ ًرا مــن الــذكاء وإدارة الوقــت‪.‬‬ ‫الداخلــ ّي‪ ،‬ورغبتهــا في العيــش في تلــك الحيــاة‬ ‫بشــغف وفلســفة خاصــة‪ ،‬فــكأن الله خلــق لهــا فـأي شـيء في تلـك الحيـاة أفضل من رجاحة‬ ‫ومنهـا وقـو ًدا متجـد ًدا لتضـيء درب روحهـا أول ًا عقـل أنثـى ولمعـة عينـن بالطمـوح تفيـض‪ ،‬وأي‬ ‫قبـل أن ينعكـس مـا في الباطـن علـى الظاهـر‪ ،‬كيـان أبهـى مـن أن تضفـي عليـه المعرفـة حدي ًثـا‬ ‫وتمتـد طاقتهـا مـن ذاتهـا للآخريـن؛ أ ًبـا وأ ًخـا عذ ًبــا‪ ،‬قوامــه ُحســن اختيــار الكلمــات وســعة‬ ‫وزو ًجـا‪ ،‬صديقـ ًة وأ ًّمـا وزميلـة‪.‬‬ ‫الأفــق ورقــ ّي اللغــة؛ فاللغــة بنــت الثقافــة‪،‬‬ ‫والــكلام ِصنعــة المــرأة‪ ،‬وإن اجتمعــت الثقافــة‬ ‫مـع الأنوثـة في صـورة امـرأة فقـد حيـزت لـ َك‪/‬‬ ‫إ ّن اجتمـاع المعرفـة والحكمـة مـع أنوثـة المـرأة‬ ‫لهــو شــأن عظيــم ليــس في اســتطاعة كافــة‬ ‫لـ ِك الدنيـا‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪67‬‬ ‫المافيا الأدب‬ ‫آسـية المطـوع ‪@Asyeh_m‬‬ ‫أكــدت مصــادر موثوقــة ظهــور عصابــة مافيــا جديــدة في الســاحة الأدبيــة‪ ،‬ونشــرت مصــادر‬ ‫أخـرى كلام الشـهود بأنهـم رأوا أفـرا ًدا ملثمـن يقتحمـون أسـوار مواطنـن ويسـرقون مـن سـطوح‬ ‫المكاتــب والمخــازن أورا ًقــا هامــة‪ ،‬ويهربــون بهــا بعيــ ًدا دون أن يمســك بهــم أحــد‪ ،‬بــل دون أن‬ ‫يتعــرف علــى هوياتهــم أحــد!‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪68‬‬ ‫ك ّتــاب كثــر راحــوا ضحايــا ســرقة علنيــة الثقافــة العربيــة؛ فالكشــف عــن مواهــب‬ ‫علــى يــد رجــال هــذه العصابــة ال ُمذلقــة‪ ،‬مدفونـة بفعـل تناقـل \"تغريـدة\" أو أبيـات مـن‬ ‫منهــم مــن ُســرقت لــه نصــوص ذات المائــة قصيــدة باســم صاحبهــا لهــو خيــر دافــع لــه‬ ‫والأربعـن حر ًفـا‪ ،‬ومنهـم مـن كانـت مسـروقاته لإكمــال مشــواره الكتابــي‪ ،‬فمــن الــذي ســ ّن‬ ‫أكبــر مــن هــذا وذاك؛ إذ تعــدت إلــى ســرقة تذييـل النصـوص الرفيعـة بنجمـة؟ لقـد سـ ّن‬ ‫الكتـب ونشـرها فيمـا بـن النـاس ُمعـ ّراة مـن ســنة ســيئة ســحقت حقــوق الملكيــة الفكريــة‪،‬‬ ‫وأذابــت هيبــة حضــور النــص حامــ ًا اســم‬ ‫حقوقهــا الفكريــة!‬ ‫صاحبــه‪ ،‬وســمحت للجميــع بــأن يتلاعــب‬ ‫الملكيــة‬ ‫أحقيــة‬ ‫ســنعقل‬ ‫حتــى متــى‬ ‫ا لفكر يــة ؟‬ ‫بالنــص ويح ّرفــه بحــذف أو زيــادة فتوالــدت‬ ‫نصــوص لقيطــة مجهولــة الهويــة يتنــازع‬ ‫في القــديم حينمــا ظهــرت أول الســرقات عليهــا أفــراد ك ٌّل يدعــي أنهــا لــه!‬ ‫والأنكــى مــن ذاك أن يأتــي هــذا الســارق‬ ‫في العالــم الأدبــي كانــت تُنســب لأشــخاص‬ ‫معينــن اتُّهمــوا بســرقة النصــوص الأدبيــة‪،‬‬ ‫ليتهــم صاحــب النــص بأنــه َمــن ســرق نصــه‬ ‫يسـمعونها مـن غيرهـم فتـروق لهـم فينسـبونها‬ ‫‪-‬بــكل بجاحــة‪ !-‬أذكــر أنــي مــرة وأنــا أتابــع‬ ‫إليهــم عنــوة كإبراهيــم المازنــي والشــاعر‬ ‫أدونيـس وغيرهـم أدبـاء يُعـ ّدون علـى الأصابـع‬ ‫حسـا ًبا أدب ًيـا علـى \"تويتـر\" تفاجـأت بصاحـب‬ ‫لقلتهـم‪ .‬هـذا مـا كان مـن سـرقة بـن الأدبـاء‬ ‫الحسـاب ينـزل صـورة لمحادثـة حصلـت بينـه‬ ‫العــرب أنفســهم‪ ،‬أمــا الأدب الغربــي فقــد‬ ‫قيـل بـأن كتـاب (الكوميديـا الإلهيـة) للكاتـب‬ ‫وبــن شــخص مجهــول أتــى يتهمــه بســرقة‬ ‫دانتــي هــو ليــس ســوى نســخة أجنبيــة‬ ‫لـ(رسـالة الغفـران) لأبـي العـاء المعـري التـي‬ ‫تغريــدة لــه‪ ،‬الحاصــل أن صاحــب الحســاب‬ ‫كانــت مترجمــة إلــى لغتهــم حينهــا‪ ،‬فهــل‬ ‫سـ ّوغ لدانتـي بعـد أن قـرأ (رسـالة الغفـران)‬ ‫الأدبــي مــا كان منــه إلا أن قــام بإنــزال‬ ‫بنســختها المترجمــة وأُعجــب بهــا أن يســرق‬ ‫منهــا المحتــوى وينشــرها بكتــاب مســتقل‬ ‫صــورة لتغريدتــه بتاريــخ نشــرها‪ ،‬وصــورة‬ ‫باســمه؟‬ ‫لهــذا النــص المســروق في حســاب الســارق‬ ‫بتاريخهــا‪ ،‬فأعطــى دليــ ًا ب ّي ًنــا علــى كــذب‬ ‫الســارق وتبجحــه واتهامــه قامــة كاتبــة‬ ‫معروفــة في \"تويتــر\"‪ .‬و\"تويتــر\" يفيــض بمثــل‬ ‫هــذه الفئــة الناقمــة علــى الأدب والأدبــاء‪.‬‬ ‫والشــيء بالشــيء يُذكــر‪ :‬في \"تويتــر\"‬ ‫ونحــن لســنا بصــدد التعريــض بالك ّتــاب‬ ‫خاصــ ًة حســابات وهميــة تزعــم أنهــا لأدبــاء‬ ‫الأوائــل ومــا احتــوت كتبهــم مــن ســرقات إلا‬ ‫أن الموضــوع نفســه لــدى هــؤلاء المعاصريــن‬ ‫هائمـون بـالأدب والكتابـة‪ ،‬وهـي ليسـت سـوى‬ ‫الذيـن يسـرقون النصـوص خاصـة في مواقـع‬ ‫التواصــل الاجتماعــي التــي تمــوج بذلــك‬ ‫حســابات تفيــض بالغــث والســمين مــن تلــك‬ ‫النــوع مــن النصــوص المذيــل بنجمــة دون أن‬ ‫يحمــل اســم صاحبــه‪ ،‬وهــذا إجحــاف لحــق‬ ‫التغريــدات المنقولــة عــن غيرهــم‪ ،‬والمنســوبة‬ ‫الكاتــب حتــى وإن لــم يكــن مشــهو ًرا‪ ،‬والحــق‬ ‫يقــال بــأن هــذه النصــوص التــي تنتشــر‬ ‫إليهــم علــى أنهــا لهــم‪ ،‬فيتســترون بألقــاب‬ ‫الآن مذيلــة بنجمــة لــو كنــا نشــرناها مذيلــة‬ ‫تضفــي رون ًقــا أدب ًيــا علــى الحســاب‪ ،‬وتكــون‬ ‫قنا ًعــا مميــ ًزا يختفــي تحتــه جــرم الســرقة‪،‬‬ ‫والأدهــى مــن هــذا ازديــاد أعــداد المتابعــن‬ ‫لديهــم إلــى مئــات الآلاف!‬ ‫باســم صاحبهــا لك ّنــا اكتشــفنا الآن ك ّتــاب كل شـيء مـن هـذا يأتـي بكفـة‪ ،‬ومـا يقابلـه‬ ‫صاعديــن‪ ،‬ولــكان هــذا يصــب في مصلحــة في الكفــة الأخــرى تنــازل ك ّتــاب كثــر عــن‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪69‬‬ ‫أســمائهم الصريحــة ونشــر كتاباتهــم الرفيعــة عبــارة لطالمــا قرأناهــا علــى عجــل في‬ ‫بــا هويــة‪ .‬لا ألــوم الجميــع علــى هــذا‪ ،‬الصفحــات الأولــى مــن الكتــب‪ ،‬ولطالمــا‬ ‫فقــد يكــون لديهــم مــا يرونــه مــن الأســباب‪ .‬قرأناهــا أي ًضــا علــى الكتــب الإلكترونيــة دون‬ ‫أمــا أولئــك الك ّتــاب الذيــن يجــدون الســارق أن نأبــه لهــذا التنويــه‪ .‬أنــا شــخص ًيا أتحــرج‬ ‫بــن يديهــم يتنــاول التغريــدة بيــد وينشــرها مـن قـراءة أي كتـاب إلكترونـي أقـرأ في أولـه‬ ‫للآخريـن بكفـه الأخـرى التـي مسـحت الحقـوق هـذه العبـارة أو مـا شـابهها‪ ،‬فكـون الناشـر لا‬ ‫قبــل النشــر فــا يطالبــون بحقوقهــم الفكريــة يسـمح بهـذه الطريقـة مـن النشـر فمسـارعتنا‬ ‫بحذفهــا تو ّر ًعــا أولــى بنــا‪.‬‬ ‫ولا يعــون حجــم المســألة‪.‬‬ ‫أيهــا الكاتــب مهمــا كنــت تــرى المســألة والآن وبعــد هــذا العــرض‪ ،‬موقنــة بــأن‬ ‫بســيطة فأنــت ‪-‬في الواقــع‪ -‬تمهــد لهــؤلاء القــارئ العزيــز قــد غفــل عــن إحــدى صــور‬ ‫لســرقة مــا هــو أعظــم بــدون ذكــر الحقــوق الســرقة المنتشــرة في مجتمعنــا؛ وإلا فنبــل‬ ‫بصمتــك هــذا‪ ،‬فلــو أجمعنــا نحــن الك ّتــاب أخلاقــه تحــول بينــه وبينهــا‪.‬‬ ‫كل المنـى لمسـتقبل أدبـي عربـي نبيـل‪ ،‬يشـار‬ ‫علــى ألا يأخــذ أحــد منــا شــي ًئا إلا بحقــه‬ ‫إليـه بالبنـان‪.‬‬ ‫لالتــزم المجتمــع بهــذا‪ ،‬ولكنــا أمنــاء في نقــل‬ ‫النـص الأدبـي كمـا لـو كان ن ًصـا علم ًيـا‪ ،‬فليـس‬ ‫هــو بأدنــى منــه منزلــة‪.‬‬ ‫صمتنـا عـن هـذه المسـألة أنتـج لنـا جيـ ًا لا‬ ‫يعـي أمانـة النقـل‪ ،‬حتـى طـال بهـم الحـد إلـى‬ ‫سـرقة الكتـب‪ ،‬وهنـا لـن أذكـر سـرقة المحتـوى‬ ‫والفكــرة وتغييــر الصياغــة الشــكلية‪ ،‬وإنمــا‬ ‫إلـى سـرقة الكتـب كاملـة‪ ،‬وستتسـاءلون كيـف‬ ‫هـذا؟‬ ‫إن نقـل الكتـب مـن كونهـا ورقيـة إلـى صيـغ‬ ‫إلكترونيــة (‪ )PDF‬تتطلــب أخــذ إذن مــن‬ ‫الناشــر‪ ،‬أو مــن الناشــر والكاتــب م ًعــا! إلا أن‬ ‫أغلــب الكتــب ‪-‬بــا مبالغــة‪ -‬نُقلــت لصيغهــا‬ ‫الإلكترونيــة بــدون ســابق إذن مــن الناشــر‪،‬‬ ‫وهــذا إجحــاف واضــح للناشــر والكاتــب‬ ‫الل َّذيــن يقــوم نشــاطهما علــى مــا يجنــون‬ ‫مــن أربــاح البيــع‪ ،‬ونقــل الكتــب إلــى (‪)PDF‬‬ ‫المجانيــة يؤثــر علــى هــذا تأثيــ ًرا مباشــ ًرا‪.‬‬ ‫((يمنـع نسـخ أو اسـتعمال أي جـزء مـن هـذا‬ ‫الكتـاب بأيـة وسـيلة تصويريـة أو إلكترونيـة‪...‬‬ ‫مـن دون إذن خطـي مـن الناشـر))‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪70‬‬ ‫مراجعة كتاب‪:‬‬ ‫الرحيق المختوم‬ ‫أحلام الحربي‬ ‫كنت أعيش معه وكأنني أعيش حياته هو!‬ ‫بكيــت معــه‪ ،‬حزنــت معــه‪ ،‬ضحكــت معــه‪،‬‬ ‫شــعرت بالفخــر معــه‪ ،‬ناجيــت الله معــه‪ ،‬تف َكــرت‬ ‫معـه‪ .‬لقـد غيرنـي كثيـ ًرا‪ .‬كان يملـك إحسا ًسـا‪ ،‬نعـم‬ ‫تما ًمـا إحسـاس‪ .‬لـم يكـن شـي ًئا عابـ ًرا‪ ،‬لقـد حـرك‬ ‫بــي شــعو ًرا مــا‪ ،‬وجعلنــي أتفكــر‪ .‬بــ ّن لــي جهلــي‬ ‫وإسـرافي في أمـري‪ ،‬بـ ّن مـدى بُعـدي عـن خالقـي‬ ‫و ُشــ ّح أعمالــي‪.‬‬ ‫أجـاب عـن تسـاؤلات طالمـا كانـت تشـغل عقلـي‪،‬‬ ‫خصو ًصــا حينمــا اقــرأ كتــاب الله‪ ،‬بــ ّن ِحك ًمــا‬ ‫كثيــرة‪ ،‬و كان كري ًمــا في روايــة القصــص لــي‪.‬‬ ‫ِقصــص عجيبــة‪ ،‬قصــص عــن معجــزات ليســت‬ ‫لبشـر عـادي‪ ،‬كان ُمبهـ ًرا‪ ،‬مشـو ًقا‪ ،‬مميـ ًزا‪ ،‬ومختل ًفا‬ ‫عـن ُجـل مـا قرأتـه سـاب ًقا‪.‬‬ ‫إنـه كتـاب الرحيـق المختـوم‪ ،‬كتـاب لابـد أن يكـون‬ ‫علــى المنضــدة‪ ،‬أو عنــد الســرير‪ ،‬كتــاب لا يوضــع‬ ‫أبـ ًدا علـى الـرف ثـم يُنسـى!‬ ‫كتـاب يسـكن قلبـك ويشـغل عقلـك وكل حياتـك‪،‬‬ ‫تـراه في أمـور عـدة‪ ،‬ينيـر بصيرتـك‪ ،‬لتكتشـف كـم‬ ‫لــم أعهــد في حياتــي مثــل هــذا الشــوق‪ ،‬لــم كنـت تجهـل الكثيـر‪ ،‬كـم أنـك بحاجـة إلـى مئـات‬ ‫يُبكينـي قبلـه شـيء مـن قبيلـه‪ ،‬كان ُمختل ًفـا‪ ،‬كان في الســنين بــل ربمــا أكثــر كــي تتعلــم أنــه كتــاب مــن‬ ‫ُحلـة بهيـة تجعلنـي لا أكاد أنفـك عنـه! عشـت معـه الواجـب قراءتـه!‬ ‫أيا ًمـا رائعـة‪ ،‬لـم يُحـرك شـي ًئا داخلـي شـيءٌ مثلـه‬ ‫ليـس للترفيـه أبـ ًدا‪ ،‬إنـه أعظـم مـن ذلـك‪ ،‬كتـاب‬ ‫منـذ زمـن‪ .‬أكاد أجـزم أنـه الأفضـل علـى الإطـاق‬ ‫يجمــع بــن عبــادات عــدة‪ ،‬قــراءة ســيرة الكــريم‬ ‫حتـى الآن!‬ ‫ُمحمـد ‪-‬صلـى الله عليـه وسـلم‪ ،-‬والتأمـل في حاله‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪71‬‬ ‫‪-‬صلـى الله عليـه وسـلم‪ -‬وصحابتـه الكـرام في بعضنــا علــى توافــه الأمــور‪ ،‬والرســول ‪-‬عليــه‬ ‫ذاك الزمــان‪ ،‬والتفكــر في حالــك‪ ،‬والبــكاء مــن الصـاة والسـام‪ -‬الـذي قاسـى أنـواع العـذاب‬ ‫قـال لـكل مـن ع ّذبـه وهـو في قعـر داره يـوم فتـح‬ ‫خشـية الله‪ ،‬ومـن رحمتـه تعالـى!‬ ‫يعلّمــك الدعــاء للمســلمين‪ ،‬والصبــر علــى مكـة‪\" :‬اذهبـوا فأنتـم الطلقـاء\"!‬ ‫مـا يؤذيـك‪ ،‬والكثيـر الـذي ستستشـعره عندمـا ونحـن مسـلمون بـل وأخـوا ٌن أي ًضـا‪ ،‬وتفرقنـا‬ ‫توافــه الأمــور‪ ،‬ونغضــب مــن كلمــة أو روايــة‬ ‫تقــرؤه!‬ ‫سـمعناها مـن فـان‪ ،‬نصدقهـا حتـى وإن كانـت‬ ‫لقـد أدبنـي هـذا الكتـاب‪ ،‬وجعلنـي أحمـد الله‬ ‫خاطئــة! نشــاحن بعضنــا ســني ًنا ِطــوال لأجــل‬ ‫كثيــ ًرا علــى الأمــان الدينــي بغــض النظــر عــن‬ ‫مـال أو بنـن‪ ،‬أو كلمـة أُلقيـت سـه ًوا ودون قصد!‬ ‫الفــن‪ ،‬أقصــد إقامــة الصــاة دون عــذاب أو‬ ‫مشـقة أو ضـرورة التـواري عـن أنظـار النـاس! إن هــذا الكتــاب تهذيــب للنفــس‪ ،‬ضبــط‬ ‫للأفعــال والانفعــالات‪ ،‬ونــور وهــدى للقلــوب‬ ‫أحمــد الله علــى كل النعــم؛ بركــة الوقــت‪،‬‬ ‫وطمأنينــة للنفــس وتشــغيل للعقــول‪ ،‬أوصيكــم‬ ‫ونعـ ٍم كثيـرة إن كتبتهـا بمـاء البحـر لا أُحصيهـا!‬ ‫بـه كمنهـج حيـاة‪ ،‬وككتـاب لا ينفـك عـن أيديكـم‬ ‫جعلنـي أخشـى الله‪ ،‬وأخـاف غضبـه وأرجـو إلــى أمــ ٍد بعيــد‪.‬‬ ‫رحمتــه‪ ،‬جعلنــي أبكــي علــى حالنــا؛ نُشــاحن‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪72‬‬ ‫سوق ُعكاظ‪ :‬سوق شعر وتراث الأدب‬ ‫سـو ٌق يختـص أي ًضـا بالشـعر‪ ،‬و ُسـ ّمي سـوق عـكاظ‬ ‫طيـف الجعيـد ‪@aljeaidtafe‬‬ ‫بهـذا الاسـم نسـب ًة إلـى العـراك الـذي كان العـرب‬ ‫يتعاركـون بـه في الشـعر‪ ،‬وغـدت أهميتـه منـذ ذلـك‬ ‫للغـة العربيـة أوتـار حـروف ذات نغمـة بالـكلام‪،‬‬ ‫الحـن وحتـى يومنـا هـذا تحـت رعايـ ٍة مـن أميـرة‬ ‫تتفـرد تبـدع بالقـوافي المبنيـة علـى مديـ ٍح أو هجـاء‪،‬‬ ‫منطقــة مكــة المكرمــة‪ ،‬وإشــراف هيئــة التــراث‬ ‫أو تخــرج عــن مجملهــا فتراهــا تأخــذ مســا ًرا في‬ ‫تـراث العـرب الأصيـل‪ ،‬وهـذا مـا يسـمى بالشـعر‬ ‫والسـياحة لأول مـرة‪.‬‬ ‫العربـي‪.‬‬ ‫عقــدت الانطلاقــة الحاديــة عشــر العالميــة‬ ‫والمحليـة الأولـى مـن نوعهـا عـام ‪١٤٣٨‬ه مـا بـن‬ ‫فيمـا مضـى اسـتُخ ِدم مصطلـح (السـوق) كنايـ ًة‬ ‫فترتـن‪ ،‬ابتـدأت في ‪ ١٨‬شـوال وحتـى ‪ ٢٨‬شـوال‪.‬‬ ‫عـن مـكان قـد زود بمتطلبـات واحتياجات الإنسـان‬ ‫محفـل هـذا العـام ذو رؤيـة ليسـت مقتصـرة علـى‬ ‫مــن مــأك ٍل ومشــر ٍب‪ ،‬وغيرهــا مــن الاحتياجــات‪.‬‬ ‫المكانــة المحليــة التــي اكتســبها‪ ،‬ولكــن تطلــع إلــى‬ ‫ونقطـة يتاجـر فيها البائع والمشـتري بالمـال والمورد‪.‬‬ ‫اكتســاب مكانــ ٍة عالميــ ٍة تحمــل في جعــب أهدافــه‬ ‫دور المسـاهمة في تعزيز إرث الشـعر وتراث المملكة‬ ‫وإن نظرنــا عــن كثــب‪ ،‬نجــد أن ســوق عــكاظ‬ ‫العربيــة الســعودية بــن الوفــود والمواطنــن علــى‬ ‫قـد أخـذ نصيـب المسـمى مـن الحركـة التجاريـة‬ ‫للعـرب آنـذاك‪ ،‬ولكـن تميـز أكثـر علـى كونـه سـوق‬ ‫حـ ٍّد سـواء‪.‬‬ ‫الشـعر التاريخـي‪ .‬يرجـع هـذا الاسـم إلـى أشـهر‬ ‫الأسـواق عنـد العـرب في زمـن الجاهليـة‪ ،‬وسـوق‬ ‫وفي زيارتـي لَـ ُه خـال الفترتـن أطرقـت بـاب‬ ‫عـكاظ ليـس كالأسـواق التجاريـة فقـط‪ ،‬وإنمـا هـو‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪73‬‬ ‫الوصـف بـن أنامل الأسـطر معبـر ًة عن جماليات وهـو السـبب الأرجـح‪ .‬وتعتبـر المعلّقـات مـن أهـم‬ ‫مسـمع الشـعر الفصيح‪ ،‬وتأريخ الأعمال التراثية مـا كتبـه شـعراء العصـور القديمـة‪ ،‬وتجلّـت فيهـا‬ ‫علـى أيـدي احترافيـة شـغوفة بمـا تقـوم بـه‪ .‬خصائـص الشـعر الجاهلـي بوضـو ٍح كبيـر‪ .‬كمـا‬ ‫ويبلــغ عــدد المعلّقــات ســبع معلّقــات‪ .‬خــال‬ ‫لقــد تميــز ســوق عــكاظ بجماليــات الأركان‬ ‫انطــاق دورة كل عــام يحــرص ســوق عــكاظ‬ ‫الموجـودة فيـه‪ ،‬والتـي زادتـه رون ًقـا قـد جمـع بـن‬ ‫أصالــة الماضــي العريــق والحاضــر والمســتقبل‬ ‫علـى تقـديم عـروض مسـرحية يتـ ّم فيهـا سـرد‬ ‫محتــوى تلــك القصائــد بأســلوب ســمعي فريــد‬ ‫القريــب ‪-‬بــإذن الله‪.-‬‬ ‫مـع مراعـاة تماشـي العـرض المشـهدي مـع نـص‬ ‫ولنبدأ بأول جماليات مسمى الأركان التالية‪ :‬القصيــدة وتمثيــل الشــخصية التــي كتبــت تلــك‬ ‫المعلقـة‪ .‬وقـد اسـتحضر سـوق عـكاظ في دورتـه‬ ‫عـام ‪2012‬م حكيـم شـعراء الجاهليـة زهيـر بـن‬ ‫أبــي ســلمى المتــوفي عــام ‪ 602‬ميلاديــة عبــر‬ ‫مسـرحية لأشـهر حـروب القبائـل العربيـة قدي ًما‪،‬‬ ‫وهــي داحــس والغبــراء والتــي اســتمرت نحــو‬ ‫‪ 40‬عا ًمـا‪ ،‬ممـا يوحـي فعـ ًا إلـى مكانـة الشـعر‪،‬‬ ‫ومـدى عمـق الشـعراء فيـه حتـى سـما بمفهـوم‬ ‫المعلقـات‪ ،‬ومضي ًفـا إلـى ذلـك أ ّن الجـادة حاكـت‬ ‫أنشــطة الســوق القــديم مــن مســابقات تحــدي‬ ‫اللغـة العربيـة ومـزادات لمقتنيـات أثريـة‪.‬‬ ‫جادة عكاظ‬ ‫الأعمال الحرفية ‪ -‬النحت والرسم‬ ‫تعـرف الجـادة في اللغـة العربيـة أنهـا الطريـق‬ ‫الأعظــم الــذي يجمــع ال ُّطــرق‪ .‬لقــد اســتُوحي‬ ‫اسـم جـادة بسـبب العكاظيـن مـن أدبـاء القبائـل‬ ‫العربيـة التـي تمـر بمنتصـف طـرق القوافـل أو‬ ‫في الأسـفار فيلتقـي هـؤلاء الشـعراء ويتهافتـون‬ ‫إمـا بسـبب مديـح قبيلتهـم أو إثـر صنيـع معروف‪.‬‬ ‫وعلـى إثـر ذلـك نُ ّضمـت ‪ 13‬فعالية بجـادة عكاظ‪،‬‬ ‫نســتعرض فيمــا يلــي أهمهــا‪ ،‬والتــي تلامــس‬ ‫شـغف لغتنـا ويقتنـي أجمـل الأوصـاف تجل ًّيـا‪.‬‬ ‫هوية التراث‪:‬‬ ‫المعلقات و الأدب‪:‬‬ ‫إن إرث الماضـي العريـق والمتناقـل الشـغف بـه‬ ‫يمكـن تعريـف المعلّقـات بأنهـا تلـك القصائـد بـن الأجيـال قـد بـرز في سـوق عـكاظ بجميـع‬ ‫الطويلــة التــي كتبهــا شــعراء العصــر الجاهلــي‪ ،‬مسـمياته‪ ،‬مـا بـن أزيـاٍء شـعبي ٍة وأعمـا ٍل حرفيـة‬ ‫وقـد سـ ّميت بالمعلّقـات لعـ ّدة أسـباب‪ ،‬منهـا أ ّنهـا‬ ‫كرســ ٍم ونحــت ‪ ،‬أظهــرت أصالــة الماضــي في‬ ‫كانـت تعلّـق علـى سـتار الكعبـة‪ ،‬وذلـك لأهميتهـا‪،‬‬ ‫منطقـة مـن مناطـق المملكـة العربيـة السـعودية‬ ‫وهنــاك مــن قــال أ ّن ســبب التســمية هــو أ ّن بلباسـها الشـعبي واقتنـاءات الأدوات المعروضـة‬ ‫المعلّقـات كانـت تعلـق في نفـوس النـاس وعقولهـم‪ ،‬مـن حلـ ٍّي وأوانـي وأشـغال يدويـة مـن الجلـد‪ ،‬وقد‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪74‬‬ ‫أُدرج تعريـ ٌف لـكل مسـمياتها‪ .‬لقـد كان دور الأسـر يقدمـون خدمـة التخطيـط لاسـم الزائر لهـذا الركن‬ ‫المنتجـة بـار ًزا في إظهـار الهويـة الوطنيـة والشـعبية أو أيـة عبـارة أو اسـم يـو ّد الزائـر كتابتـه مسـتخد ًما‬ ‫التــي تمتلكهــا عراقــة التــراث‪ ،‬وذلــك عــن طريــق نمـط الخـط العربـي‪ ،‬وقـد عرضـت مجموعـة مـن‬ ‫صنعهـا ومـن ثـم بيعهـا لتصـل إلـى يـد الزائـر الكريم الأعمـال والمخطوطـات التـي اسـتخدم فيهـا الخـط‬ ‫حتـى تذكـره بمـدى قيمـة تأريـخ تلـك الأعمـال العربـي لأشـخاص مـن دول مختلفـة دون ِذكـر لاسـم‬ ‫الخطـاط أو معنـى المخطوطـة المعروضـة‪ ،‬وأمـا مـا‬ ‫شـ ّد انتباهـي حقيقـ ًة ِفلـم وثائقـ ّي يسـتعرض بدايـة‬ ‫الفعاليات الثقافية‪:‬‬ ‫الخـط العربـي ومراحـل تطـوره بـن الدولـة الأمويـة‬ ‫والعباســية والعثمانيــة‪ ،‬ويتحــ ّدث عــن دور تلــك‬ ‫الثقافــات وتأثيرهــا في رســم الخــط العربــي‪ ،‬ومــا‬ ‫سـعت إليـه لتعزيـز انتشـارها علـى مـر العصـور ‪.‬‬ ‫خيمة الرواي‪:‬‬ ‫جانب من ركن الخط العربي واحد اللوحات‬ ‫المشاركة بمعرضة‬ ‫ولتحقـق تطلّ ًعـا شـامل المحتـوى حـرص مخـرج‬ ‫شخصيات من العروض المسرحية‬ ‫الســوق علــى تقــديم فعاليــات ثقافيــة عبــارة عــن‬ ‫عشــر نــدوات ثقافيــة‪ ،‬وخمــس أمســيات شــعرية‬ ‫و عشـر ورش ثقافيـة خمـ ٌس منهـا دوليـة والأخـرى‬ ‫محليـة‪ .‬بـرز مـن بـن هـذه الفعاليـات فعاليـة ركـن تتشــكل البنيــة الســردية للخطــاب مــن تضافــر‬ ‫ومعــرض الخــط العربــي يعــود الاهتمــام بهــذه ثلاثــة مكونــات‪ ،‬ومــن أبرزهــا الــراوي؛ فالــراوي‬ ‫الفعاليـة لمـا تحملـه بـن طياتهـا مـن مسـيرة الثقافـة هـو الشـخص الـذي يـروي الحكايـة أو يُخبـر عنهـا‪،‬‬ ‫والحضــارة العربيــة علــى مــر عصورهــا ومنــذ سـوا ًء كانـت حقيقـة أم خيـالاً‪ .‬ولا يُشـترط فيـه أن‬ ‫نشــأتها بعصــر الجاهليــة‪ .‬إن رونــق وجمــال اللغــة يكـون اسـ ًما مع ّي ًنـا‪ ،‬فقـد يتق ّنـع بضميـ ٍر مـا‪ ،‬أو يُرمز‬ ‫العربيـة يبـدأ مـن الخـط العربـي؛ لـذا اهتـ ّم السـوق لــه بحـرف‪ ،‬وهـو أسـلوب صياغـة‪ ،‬أو أسـلوب تقديم‬ ‫بهـا‪ ،‬فتـرى في حائـط الركـن لمسـ ًة مـن الخـط قـد المـادة القصصيـة‪ ،‬وقنـاع مـن الأقنعـة العديـدة التـي‬ ‫تألقـت بـه مجموعـة الأبيـات الشـعرية‪ ،‬والتـي تحمل يتخ ّفــى الروائــي خلفهــا لتقــديم عملــه الســرد ّي‪.‬‬ ‫بــن طيــات ســردها رســال ًة أو مدي ًحــا أو وص ًفــا‪ ،‬وإن تم ّعنــا في الحديــث حــول هــذا الجانــب فإننــا‬ ‫أبطــال الإبــداع فيــه مجموعــة أشــخاص مــن دول لا نكتفـي بمجـرد الوصـف المختصـر‪ ،‬ولكـن وجـب‬ ‫عربيــة قــد تفــردت بهــم أيديهــم بشــغف الخــط الاستشــهاد ببعــض الروايــات المشــهورة وتطبيقهــا‬ ‫وسـحره فعملـوا علـى ترسـيخ أساسـياته عـن طريـق تطبي ًقـا عمل ًّيـا لنجـد جماليـات الخطابـة الفصيحة‪،‬‬ ‫ســرد أبيــات الشــعر‪ ،‬والجميــل في الموضــوع أنهــم ناهيـك عـن دقـة الوصـف‪ .‬ومـن هنـا جـاءت أهميـة‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪75‬‬ ‫ليتأ ّملهـا الزائـر‪ ،‬ويختتـم جولتـه في السـوق بصـورٍة‬ ‫تعزيــز مفهــوم الــراوي بإطــاق فعاليــة خيمــة‬ ‫لهــا حكايــ ٌة أصيلــة أو فيهــا وصــ ٌف عــن حــال أو‬ ‫الـراوي التـي تضمنـت حضـور خمسـة رواة ثلاثـة‬ ‫منهـم مـن دول مجلـس التعـاون و اثنـن مـن المملكة‪،‬‬ ‫مشـهد على مسـاحة ‪ 200‬متر تقري ًبا ‪ ،‬وبمشـاركة‬ ‫وتألقــت الأمســيات الشــعرية للمتنبــي وامــرؤ‬ ‫مــن ملتقــى \"ألــوان\" عرضــت مســيرة اللوحــات‬ ‫القيـس‪ ،‬ون ّضمـت منافسـات ومسـابقات في الشـعر‬ ‫وتحــ ّدي اللغــة وفصيــح الخطابــة تشــرف عليهــا‬ ‫والمعـرض التصويـري لأكثـر مـن وجهة سـياحية قام‬ ‫لجنـة تحكيـم متخصصـة‪.‬‬ ‫بالمشـاركة فيهـا ‪ 50‬مصـو ًرا مـن مختلـف مناطـق‬ ‫المملكـة ودول مجلـس التعـاون‪ ،‬ودول العالـم أجمـع‪.‬‬ ‫مكتبة عكاظ‪:‬‬ ‫أرادت مكتبـة عـكاظ ‪-‬في دورتهـا لهـذا العـام‪-‬‬ ‫ترسـيخ المفهـوم الثقـافي للكتـب بشـكل يجمـع بـن‬ ‫أصالـة الماضـي العربـي وتقنية الحاضر والمسـتقبل‬ ‫مـن خـال مـا عكسـه في مشـاركة أشـرفت عليهـا‬ ‫وزارة الثقافــة والإعــام بمكتبــة تاريــخ الجزيــرة‪،‬‬ ‫والـذي تض ّمـن احتضـان كتـ ٍب عـن جزيـرة العـرب‪،‬‬ ‫ومضا ًفـا إلـى ذلـك مكتبـة صوتيـة ومرئيـة لسـوق‬ ‫عــكاظ وإصداراتــه‪ ،‬واحتضنــت المكتبــة معر ًضــا‬ ‫متكامـ ًا للكتابـات والنقـوش الإسـامية والعربيـة‬ ‫القديمـة‪.‬‬ ‫من جيل الى جيل لتأريخ فصيح‪:‬‬ ‫أحد الكتب المقتنية‬ ‫مـن خـال زيارتـي لسـوق عـكاظ هـذا العـام‪،‬‬ ‫معرض ألوان عكاظ ‪:2017‬‬ ‫أظــ ّن أن الســوق في دورتــه الحاليــة‪ ،‬والتــي قــد‬ ‫لتلتقـط عدسـة العـن جماليـات و تأمـات قـا‬ ‫أ ّصلـت فعـ ًا إرث التـراث بمشـاركة ك ٍّل مـن الأسـر‬ ‫لتلتقـط عـن زائـر سـوق عـكاظ جماليـات التـراث‬ ‫المنتجــة وكادر الشــباب ذوي الأيــدي المحترفــة‪،‬‬ ‫العربـ ّي قامـت الكاميـرا بتوثيقهـا في صـو ٍر ضوئيـة‬ ‫هـي تطلُّـ ٌع واضـح بهـدف ترسـيخ مفهـوم الماضـي‬ ‫مؤطـرة‪ ،‬مرفقـة بتعريفـا ٍت تتحـ ّدث عـن كل صـورة‬ ‫مـن جيـل إلـى جيـل‪ ،‬وعكـس حيـاة العـرب سـاب ًقا‪.‬‬ ‫ليسـت الأثريـات والمقتنيـات هـي التـي زادت لفـت‬ ‫النظــر إلــى أجنحــة الســوق لكــن لوتــر الشــعر‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪76‬‬ ‫والأبيــات التــي رســمت بــن جــدران الأروقــة‬ ‫والأركان هـي المقتبـس الجميـل والـذي شـ َّد الـزوار‪.‬‬ ‫ولا أُخفــي إعجابــي بعــروض المســرح التــي تــروي‬ ‫معلّقـة مـن تلـك المعلقـات السـبع‪ ،‬أو تعـ ُر ُض تلـك‬ ‫الشـخصيات الراويـة بملحمـة معركـة‪ ،‬مو ّثقـ ًة عبـر‬ ‫صفحــات تاريــخ عصــر الإســام كل تلــك الجهــود‬ ‫لتأصيـل مكانـة تاريـخ شـبه الجزيـرة العربيـة‪ ،‬وأ َّنهـا‬ ‫تسـتحق فعـ ًا أن يٌحتفـى بهـا في المحافـل الثقافيـة‪،‬‬ ‫وعلـى رأسـها سـوق عـكاظ‪.‬‬ ‫تراثيات ومنسوجات الأسر المنتجة‬ ‫حانب من مسيرة الخيل والإبل‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع ‪77‬‬ ‫شروط النشر في مجلة قوارئ‬ ‫‪ -‬أن يخـدم موضـوع المشـاركة رؤيـة المجلـة ورسـالتها‬ ‫وأهدافه ـا‪.‬‬ ‫‪ -‬أن يكون ال ّنص المُرسل جي ًدا ج ًدا ولم يسبق نشره‪.‬‬ ‫‪ -‬ألا يزيد حجم النص عن ‪ ١٢٠٠‬كلمة بح ّد أقصى‪.‬‬ ‫‪ -‬تخضــع الأعمــال المعروضــة للنشــر لموافقــة هيئــة‬ ‫التحريــر‪.‬‬ ‫‪ -‬النصـوص التـي تُنشـر في المجلـة تع ّبـر عـن آراء ُكتابهـا‪،‬‬ ‫ولا تعبـر بالضـرورة عـن رأي المجلـة‪.‬‬ ‫‪ -‬مجلـة قـوارئ لا تمانـع في النقل أو الاقتباس شـريطة‬ ‫ذكـر المصدر‪.‬‬ ‫‪ -‬تُرسل المشاركات بصيغة ملف وورد فقط‪.‬‬ ‫نأمل إرفاق بيانات التواصل‪:‬‬ ‫| البريد الإلكتروني | رقم الجوال | حساب تويتر |‬ ‫‪Qawaree@rfriends.net‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ ‫‪78‬‬ ‫تقييمك للمجلة يه ّمنا‬ ‫يس ّرنا أن تساهموا معنا‬ ‫فـي نـشـر مـجلـة قـوارئ‬ ‫ودعوة أصدقائكم للكتابة والمشاركة فيها‬ ‫ينصــب تخصــص المجلــة في الكتابــة حــول القــراءة‬ ‫وفلســفتها وطرقهــا ومدارجهــا‪ .‬وفي ك ّل مــا يتعلــق‬ ‫بالشـأن الثقـافي عمو ًمـا‪ ،‬كالكتـب والكتابـة‪ ،‬والمكتبـات‬ ‫والتعلــم‪ ،‬والأدب والفنــون والعلــم‪.‬‬

79 ‫مجلة قوارئ | العدد التاسع‬ @Qawaree_ Magazine.RFriends.net