الضغوط النفسية
مقدمة عن الضغوط – قال الله تعالىَ( :لقَدْ َخ َلقْ َنا الْ ِإن َسا َن ِفي كَ َبدٍ) يمّر الانسان في حياته بالكثير من الضغوط والأزمات والشدائد والمشّقات التي من شأنها أن تؤثر سلباً في حياته نفسياً وفسيولوجياً إذا لم يتهيأ ويتعلم الطرق والأساليب لتقبلها والتعامل البّناء معها ،كما تظهر أهمية التسليم والقناعة بأنه ليس هناك مناص ومفرّ من مرور الإنسان في مثل هذه الأزمات ،وأنه من غير الممكن منعها جميعها من الحصول. نعيش في عالم يعج بالأحداث اليومّية والتغيّرات والتقلبات ذات الوتيرة السريعة ،والتي من شأنها أن تؤثّر بصورة مباشرة على الشخص وحالته النفسيّة – والفسيولوجّية واستقراره ،كونه جزء لا يتجّزأ من المحيط والعالم الذي يعيش ضمنه ،ويقف ذلك جنباً إلى جانب مع الضغوطات الشخصية التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية ،بما في ذلك الضغوط العمليّة ،أو المهنّية ،أو العائليّة ،أو الاجتماعيّة ،أو الثقافيّة ،والضغوطات الناتجة عن الالتزامات الحياتية المختلفة ،بما في ذلك الالتزامات المالية وغيرها ،وفيما يلي سنقوم باستعراض مفهوم ضغوط الحياة بأكثر من جانب ،فضلًا عن تسليط الضوء على أشكال هذه الضغوطات ،وأبزر السبل الكفيلة بالتخفيف منها ،والتي تضمن الحفاظ على الاستقرار النفسي.
تعريف عن الضغوط النفسية – تعريف العالم جيمس كويك وجوناثان كويك :الضغوط النفسيّة هي الاستجابات التي تشمل حالة اللاشعور التي يمّر بها الفرد ،حيث تتطلب منه استنزاف واستنفار كافة أشكال الطاقة الطبيعّية في جسم الإنسان لتهيئته لمواجهة الظروف الصعبة. – ومن الممكن تعريف الضغوط النفسية أيضًا على أنها مزيج من ثلاثة عوامل مهمة؛ وهي البيئة الخارجّية التي يعيش فيها الفرد ،والمشاعر والأحاسيس السلبّية التي تسيطر على الفرد ،بالإضافة إلى مجموعة الاستجابات الجسمّية الفسيولوجّية الصادرة عنه ،لتظهر بذلك الضغوط النفسيّة عند تفاعل هذه العوامل مع بعضها بطرق خاصة ،لُتنتج بدورها حالات القلق والاكتئاب والتوتر التي تسيطر على ذات الفرد ونفسّيته.
أنواع الضغط النفسي – يمكن تقسيم الضغط النفسي إلى أنواع عدة ،وذلك على النحو الآتي: -الضغط النفسي الحاد :وُيعتبر هذا النوع أكثر أنواع الضغط النفسيّ شيوعاً ،ويستمر لفترات قصيرة من الزمن ،ويرتبط حدوثه بالعديد من الحالات مع التفكير بالأحداث التي وقعت في الفترة الأخيرة أو بالأمور المرتبط حدوثها بالمستقبل القريب ،وقد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالإنسان إلّا أ ّن شدة الضرر تكون أخف من تلك التي يسببها الضغط النفسي المزمن ،وإذا استمر هذا الضغط لفترات طويلة من الزمن فإّنه قد يتحول من حاد إلى مزمن، ويصاحب حدوث الضغط النفسي الحاد الشعور بالتوتر ،والضيق ،والصداع ،إضافة إلى اضطرابات المعدة وذلك لفترات قصيرة. -الضغط النفسي الحاد النوبي :وفي هذه الحالة يُعاني الأشخاص من الإجهاد الحاد بشكلٍ متكرر ،ويرتبط هذا النوع من الضغوط بالأشخاص الذين يشعرون بالقلق أكثر من اللازم أو أولئك الذين يترتب عليهم القيام بالعديد من الالتزامات ولا يملكون القدرة الكافية على التنظيم ،وقد يؤثر هذا النوع من الضغوط في العلاقات ،كما أنّه قد يتسبب بحدوث مشاكل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. -الضغط النفسي المزمن :وُيعتبر هذا النوع هو الأكثر ضرراً بالأشخاص على المدى البعيد مقارنة بالأنواع الأخرى من الضغط النفسي ،وقد يرتبط حدوث هذا النوع بالمشاكل الأسرية الدائمة أو الفقر ،إذ إنّ الشخص قد يكون عاجزًا عن الهروب من الُمسّبب أو إيجاد حلول له ،وقد يعتاد العديد من الأشخاص على تلك الحالة بحيث لا ُيلاحظ الآخرين ذلك ،وقد تدفع تلك الحالة صاحبها إلى القيام بسلوكيات عنيفة ،أو الانتحار ،وُتعرّضه للإصابة بالسكتة الدماغية أو النوبة القلبية.
مصادر الضغوط النفسية هناك الكثير من التصنيفات لمصادر الضغوط النفسيّة ،فمن الممكن تقسيمها على أنها داخلّية ذاتيّة المنشأ أو بيئيّة خارجيّة المنشأ ،أما المصادر الداخليّة فهي عبارة عن الأفكار – والاستجابات التي تنبع من الأفكار والمعتقدات الخاطئة وغير الواقعيّة ،ومدى قدرة الفرد على تحّمل ومواجهة الظروف والضغوط المختلفة ،وأما المصادر الخارجيّة فهي من الممكن أن تكون العوامل الاجتماعيّة ،والصراع بين القيم والعادات والمعتقدات وبين الواقع ،بالإضافة إلى الأحداث والتغّيرات المأساويّة والعنيفة والمؤلمة التي من الممكن أن يتعّرض لها الفرد؛ كفقدان أحد الأقارب ،أو خسارة مبلغ كبير من المال وغيرها ،كما ق ّسم بعض العلماء الضغوط النفسيّة إلى أربعة أقسام وهي كالآتي: – العوامل البيئّية :كالتقّلبات المناخية ،وحالات التلوّث والتغيرات المفاجئة في حالة الطقس. – العوامل الفسيولوجّية الجسمية :وهي العوامل التي تخصّ البنية الجسمية للفرد مثل :المرور بالمراحل العمرّية والنمائّية المختلفة ،والأمراض والحوادث والإصابات المزمنة ،واضطراب النوم ،وحالات القلق ،وآلام المعدة التي تنتج عن تذبذب الاستقرار الاجتماعيّ والبيئيّ والخوف من حدوث التغيرات الطارئة. – العوامل الاجتماعية :كالمواعيد والمقابلات المصيرّية والمهنيّة ،والتعرض للمشكلات المالية ،والخوف والتوتر عند الإقدام على إلقاء محاضرة أو ندوة عامة أمام الجمهور ،وفقدان أحد الأقارب أو الأصدقاء المقّربين ،بالإضافة إلى محاولة تلبية المتطلبات الزمنية لإجراء وإنجاز المهام المختلفة. – العامل الداخلي :أي البنية النفسيّة للفرد وطرق تفاعلة واستجاباته للمثيرات المختلفة.
اعراض الضغوط النفسية – تظهر على الفرد الذي يقع تحت وطأة الضغوط النفسيّة الكثير من الأعراض ،وهي كالآتي: – الأعراض الجسمّية :وهي ردّات الفعل الفسيولوجّية التي يستجيب لها الجسم للمثيرات المختلفة التي من شأنها أن توّلد حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار ،ومنها ارتفاع عدد نبضات القلب وزيادة قوة خفقانه ،وتشّنج العضلات المختلفة ،بالإضافة إلى آلام المعدة والتعرّق الشديد والمستمر وسرعة النفس وضيقه. – الأعراض الذهنّية :الضعف العام في التركيز ومواجهة الصعوبات في أداء العمليّات العقلّية. – الأعراض العاطفّية والانفعالّية :كسرعة الاستثارة والغضب والانفعال والقلق والتوتر ،وقد تظهر بعض الانفعالات الباردة نسبّياً التي تظهر في الحزن والإحباط والاكتئاب والانسحاب. – الأعراض السلوكية :والتي تظهر عند تعرض الفرد للضغوط كردة فعل للطاقة السلبية الكامنة ومحاولة تفريغها بالحركات الجسمية النمطّية؛ كهزّ الركبة ،وقضم الأظاهر ،بالإضافة إلى التدخين وغيرها من العلامات ،وإلقاء الأخطاء الشخصّية على الآخرين.
أثر الضغط النفسي على الجسم أثبتت الدّراسات الحديثة أ ّن الضغط النفسي والغضب من العوامل الُمدّمرة لصحة الإنسان ،وإذا تفاقم الوضع قد يؤ ّدي إلى الإصابة بأمراضٍ خطيرةٍ ،وُرغم – المحاولات العديدة للمُحافظة على الص ّحة مثل اتباع الحمية ،أو ممارسة الألعاب الرياضية ،وغيرها من وسائل وقائية وعلاجية ،إلا أنّ الدراسات أثبتت أ ّن – الَعوامل الاجتماعية ،والرضا ،والسعادة النفسية ،ووضع هد ٍف في الحياة له أكبر الأثر في المُحافظة على الصحّةِ الجسدية ،ولذلك كان رسول الله -عليه الصلاة والسلامُ -يوصي أصحابه بعدم الغضب ،وأ ّن عليهم الرضا والقناعة فهي سَبب للسعادة والصحة. من الأمراض التي يُسببها الإجهاد والضغط النفسي: زيادة احتماليّة الإصابة بأحد أنواع الأورام السرطانية؛ ويعود السبب في ذلك إلى َضعف جهاز المناعة لدى الفرد في حالة الانفعال النفسي. – التأثير على القلب؛ فالضغط النفسيي يُؤثّر عليه سلبًا ،وله ارتباط بإصابة الإنسان بالنوبات القلبية. – – الإصابة بضيق الشرايين؛ وذلك من خلال دِراس ٍة أجريت على أشخاص قيست لهم مستويات هرمون الكورتيزول الذي يُنتجه الجسم (هرمون الإجهاد)عندما يتعرّض الإنسان إلى ضغوطاتٍ نفسية ،ويؤدّي إطلاقه إلى تضييق الشرايين. – الإصابة بفقر الدم الناتج عن فقدان الشهية؛ بسبب الضّغط النفسي والتوتر .الإصابة بأمرا ٍض عديدة أخرى ،مثل :أوجاع الظهر ،والرقبة ،والكتفين ،والمعدة، والرأس ،والصداع النصفي ،وارتفاع الضغط ،وتغيير لون الجلد بحيث ُيصبح شاحبًا.
علاج الضّغط النفس ّي – هناك نصائح ُيمكن اّتباعها للتخّلص من ال ّضغط النفسيّ والتخفيف من ح ّدته ،ومنها: معرفة أكثر ما يسبّب ال ّضغط النفس ّي ومحاولة تغييره ،أو تغيير من يَتعامل معه الشخص أو تقبّله؛ فإن كان العمل هو ما يسبّب ال ّضغط النفس ّي ،وكان الشخص غير قادرٍ على تغيير هذه الوظيفة ،فُيمكن عندها تغيير الأفكار – السلبيّة عن هذا العمل ،أو تغيير ردود الأفعال تجاه ما يُسبّب التوتّر في العمل ،ومن الممكن إضافة بعض الأمور التي قد تجعل العمل مكاناً مف ّضلًا؛ بحيث يصبح من الممكن تقّبل العمل ،واكتساب الأفكار الإيجابيّة عنه. أخذ نف ٍس عميقٍ عند الشعور بال ّضغط؛ فالّنفس العميق وتمارين الاسترخاء لهما القدرة على خفض التوّتر ،وتنظيم ضَربات القلب ،وتدفّق ال ّدم. – – التح ّدث إلى شخصٍ موثوق عن الأمور والمشاكل ،أو التّفريغ عنها بالكتابة ،ف تفريغ المشاعر السلبيّة له دور كبير في تخفيف أعراض ال ّضغط النفسيّ ،أّما كبت المشاعر والمخاوف فإنّه يؤدي إلى ُمفاقمة الأعراض المتعلّقة بال ّضغط النفس ّي ،وقد يؤدّي إلى مشاكل صحيّ ٍة أكبر. – – ممارسة الّتمارين الرياضيّة؛ فتحريكُ العضلات ،والتعرّق ،وممارسة الرّياضة له أثر كبير في التخفيف من التوتّر والقلق وال ّضغط النفس ّي ،فمجرّد المشي م ّدة نصف ساع ٍة يؤدّي إلى تحسين المزاج والنفسيّة. مراجعة الطبيب وإجراء الفحوصات الدوريّة؛ للتأكّد من الخلّو من الأمراض ،ومعرفة إن كانت الأعراض التي يشعر بها الشّخص هي أعراض ناتج ٌة عن ضغوطات الحياة اليوميّة ،وهذا بح ّد ذاته يمكن أن يكون سببًا للتّخفيف من – – القلق. – تجّنب التدخين وتعاطي الكحول ،والحرص على تقليل الكافيين. – ال ّضحك؛ حيث يساعد الضّحك على إفراز هرمون التستوستيرون وهو هرمون السعادة ،ويساعد على الاسترخاء ،ويحسّن تدفّق الدم في الأوعية الدمويّة ،ويحسّن المزاج. الحرص على تناول غذاٍء صحيٍّ متنوّعٍ ومتوازن. الحرص على زيادة الوقت المخ َصّص للّراحة والّترفيه ،والّتفكير بالعطلات ،وعمل تغيير؛ فالأشخاص الذين ُيعانون من ال ّضغوطات النفسّية يحتاجون إلى قس ٍط أكبر من الّراحة والّترفيه عن النفس أكثر من غيرهم ،لذلك يجب إيجاد جّوٍ من الاسترخاء ،وإسعاد الّنفس بعي ًدا عن جّو ال ّضغوطات النفسيّة.
عمل الطالبات : لينا الغامدي ,ليان ال رشيف ,م ريال البق يم ,جود الثما يل ,غلا الشهري , بدور القر ين
Search
Read the Text Version
- 1 - 9
Pages: