است ارتيجيات تعميم التغير السلوكي مما لا ش ّك فيو أ َّن أساليب تحميل السموك التطبيق ّي قد أثبتت نجاعتَيا وجد ارتيا في الاىتمام بالسموك الأف ارد ّي ،من حيث الم ارقبة ،والتدعيم ،والتغيير ،والتطوير ،غير أ َّن المشكمة تكمن في أ ّن الب ارمج التي انطمقت لد ارسة السموك لم تشمل التحقق من أ َّن أثر التد ّخل استمّر لفترة طويمة بعد التوقف عن تنفيذىا ،مما جعل الباحثين يتابعون جدوى ىذه السموكات من حيث استم اررّيتيا بعد توقف الب ارمج .ومثال ذلك :أّننا لو ارقبنا سموًكا معّيًنا ،وطرحنا برنام ًجا يقتضي التغيير في ىذا السموك ،أو تعديمو ،ثم انتيت مدة البرنامج بتحقيق النتائج المرجّوة ،فيل ىذا يعني أ ّن السموك المعّدل سيستمّر؟ وىل ىذا يعني أ َّن ىذا السموك المعّدل لن يتغير عبر الوقت بتغّير المواقف الحياتية؟ إ َّن الإجابة عن ىذا السؤال ،يقتضي أ ْن نو ّضح في ىذه الورقة أىمية التخطيط لتعميم السموك ووضمان استم اررّيتو بالحدوث. لا ري َب أ َّن تحميل السموك لا يفضي إلى نتائج ف ّعالة إلا إذا تحّقق شر ُط التعميم فيو ،ومن ىذا المنطمق فتحميل السموك يحقق شرط العمومية في الحالات التالية :إذا تبيّن أن تغّير السموك لم يكن قصير المدى أي (الاستم ارر في الحدوث) ،واذا بدأ يحدث في عدد كا ٍف من الأوضاع، أي (التعميم من وضع لآخر) ،واذا امتّد تأثيره لعدد كا ٍف من الاستجابات ( /التعميم من سموك لسموكات أخرى) .وىذا يعني وجود أنواع متعددة من التعميم ،وىذا التنّوع يفضي إلى طرق مختمفة لقياسو ،ولزيادة احتمالات حدوثو. أ ّما أنواع التعميم ،فيي: -1تعميم المثير :وىو انتقال أثر التدريب إلى أوضاع لم ُيَنَّفض البرنامج التدريبي فييا. -2الحفاظ عمى استم اررية السموك :وىو استم ارر السموك بالحدوث رغم التوقف عن تنفيذ البرنامج. -3تعميم الاستجابة :وىو تغير سموك معّين ي ارفقو تغير في سموكيات مشابية ،رغم عدم استيداف ىذه السموكيات مباشرة في البرنامج التدريب ّي.
أولا :تعميم المثير ويقصد بو أ َّن تعُّمَم السموك في الوضع التدريب ّي يجعمو يحدث في أوضاع أخرى مشابة لو ،لكن دون أن ُيـَنـَّفــَذ التدريب فييا .ومثال ذلك :أن يتعمم طفل ما ميارة الترحيب بالآخرين في برنامج معين ،وبعد ذلك صار يرّحب بأىمو ،وأصدقائو ،وك ّل من ي اره ،فيذا ُيسمى بتعميم المثير، والمقصود من ذلك انتقال أثر ال ُمثير إلى مثي ارت أخرى مشابية لو. ثانًيا :تعميم الاستجابة ويقصد بو أن ينتج عن تغيير سموك معيّن تغيير في سموكات أخرى مشابية لو ،ومثال ذلك :أن يتعمم الطفل ميارة الترحيب ،والمقصود بذلك الترحيب بمسانو من خلال النطق بعبارة: السلام عميكم ورحمة الله وبركاتو ،ثم بعد ذلك يتطور ىذا الأثر عنده إلى الترحيب باليد، والمصافحة وغير ذلك ،وىذا ىو تعميم الاستجابة. ثالًثا :استم اررّية الاستجابة ويقصد بذلك عدم توقف السموك عن الحدوث بعد انتياء تنفيذ برنامج تحميل السموك التطبيق ّي .فيذا البرنامج يطمح أ ْن تستمّر ميارة الترحيب عند الطفل حتى بعد انتياء البرنامج ،أو –عمى سبيل المثال -عندما نعّمم طفلًا الق ارءة فإننا نمتمس أ ْن يطّبق ما تعّممو خارج أسوار المدرسة ،وطيمة حياتو ،لا أن يتوقف عن الميارة بعد انتياء البرنامج. وقد تحدث أسباب متعددة تمنع ميارة معينة أن تستمّر لدى المتعّمم ،ومن أى ّميا غياب التحفيز ،لأ ّن غياب التعزيز يمحو الاستجابة ،وبالتالي صار ل ازًما عمى البرنامج أو غيره أ ْن يقوم باجت ارج خطوات وآلّيات معيّنة لضمان استم اررّية الاستجابات المكتسبة حتى بعد انتياء البرنامج. * است ارتيجيات التعميم وىي التخطيط لتعميم التغيّر السموك ّي ،والحفاظ عمى استم اررّيتو ،وىذه الاست ارتيجيات ىي:
-1التدريب وتمّني حدوث التعميم: وتستند ىذه الاست ارتيجية إلى افت ارض مفاُده أ ّن التعميم يحدث تمقائِّيا دون تخطيط مسبق، وأ َّن التمييز فقط يتطّمب برمجة خاصة .والأسموب المتّبع ليذه الاست ارتيجية ليس ف ّعاًلا ،لأّنو ييتّم بتقييم التعميم أكثر من تطبيقو ،ولأنو لا يتضمن سوى جمع معمومات عن السموك في مرحمة المتابعة ،لمعرفة ما إذا كان السموك قد تع ّمم أم لا. وليذا فيجب عمى ُمنّفذي ب ارمج تحميل السموك التطبيق ّي متابعة السموك بعد انتياء البرنامج ،واجت ارح إج ارءات مناسبة تضمن تحقيق التعميم. -2التعديل المتتابع: تسمح ىذه الاست ارتيجية بتحقيق تعميم المثير (انتقال أثر التدريب) ،ويعني ذلك تدريب الأشخاص المي ّمين في حياة الفرد المتعّمم عمى طرق التعامل معو بعد انتياء البرنامج ،وُيطمب منيم القيام بتنفيذ نفس الأساليب التي استخدمت في المواقف التدريبية .ومثال ذلك :أن يتعمم طفل مصاب بالتوحد أساسيات التواصل مع الأخرين ،ثم يقوم البرنامج بتعمم أبويو طرق التعامل مع طفميما المتو ّحد ،وبيذا نضمن استم اررية التعميم بالرغم من أ ّن طرق تعامل الأبوين مع طفميما قد تختمف عن الطرق المتّبعة في البرنامج التدريب ّي. -3التهيئة للظروف الطبيعية: ويقصد بيا أن يقدم البرنامج لممتعمم ميا ارت يستفيد منيا في واقع حياتو ،وفي بيئتو الطبيعية الخاصة بو ،إذ لا فائدة من تعميمو ميا ارت لا يحتاج إلييا في حياتو اليومية ،حيث إن تعّمم الطفل لسموك مستخدم في حياتو اليومية يؤدي إلى تعميم ىذا السموك ،ويطمق عمى ىذه الاست ارتيجية بالصيد السموكي أو السموك الوظيف ّي .ومن نتائج ىذه الاست ارتيجية أ ّن ىناك ميا ارت تتحقق بسبب توفير التعزيز من البيئة الطبيعية ،ومنيا :الميا ارت الاجتماعية ،وميا ارت التواصل مع الأخرين ،والعناية بالذات .ومن الإج ارءات الواجب م ارعاتيا عند استخدام ىذه الاست ارتيجية لتعميم السموك ما يمي :ملاحظة بيئة المتعالج ود ارستيا بيدف معرفة الاستجابات التي يقوم بيا الأشخاص المي ّمون في تمك البيئة بتعزيزىا فعلًا /واختيار الاستجابات القابمة لمصيد السموك ّي/ وتطوير ميارة المتعالج في التعرف عمى أشكال التعزيز المتوفرة في بيئتو الطبيعية.
-4استخدام أمثلة كافية في التدريب: إ ّن تدريب الفرد في موقف واحد من المواقف الحياتية غير كاف لحدوث تعميم المثير، بل يجب تدريبو في عدد كاف من المواقف التي يؤّمل أن ينتقل إلييا أثر التدريب .وىذه الاست ارتيجية تَُنَّفُذ في أوضاع مختمفة ،وأوقات مختمفة ،وبمشاركة عّدة مدّربين. فعندما نعّمم الطفل الق ارءة فإننا نتوقع منو أن يستطيع تطبيق ىذه الميارة في ق ارءة مواّد لم يسبق أن ق أرىا ،وتحقيق ىذا يتّم بدروس عديدة جدا ،واست ارتيجية التعميم بأمثمة كافية تأخذ شكمين أساسيين ،ىما :برمجة الحالة العا ّمة ،والتدريب في أوضاع متعددة. -5برمجة الحالة العا ّمة: تتبنى ىذه الطريقة فكرة تعميم السموك المكتسب من خلال تدريب أمثمة كافية تو ّضح أوجو الشبو وأوجو الاختلاف بين المثي ارت ،ويعني ذلك تعميم الأف ارد الخصائص المتشابية والمختمفة لممثي ارت ،ويتم بذلك اختيار المثي ارت التدريبية بعناية فائقة حتى يتحقق التعميم ،ومثال ذلك :أن تعمم الفرد الون الأزرق ،ثم يتعمم التمييز بين كافة درجات ىذا المون .كالأزرق الفاتح، والغامق ،والسماوّي وغيره. -6التدريب في أوضاع متعددة: وتعني ىذه الطريقة أن يكون التدريب عمى أيدي مدّربين مختمفين ومتعددين ،بيدف زيادة احتمالات تعميم الاستجابات المكتسبة. -7التدريب بمرونة: يتطمب التعميم الانتقال التدريجي من الطرق المن ّظمة والخطوات الثابتة إلى التدريب المرن ،بعد أن يكون الفرد قد تعّمم الاستجابات المرغوبة ،ومن أجل ىذا ُيقتَرُح تنفيذ بعض الإج ارءات التدريبية لتحقيق التعميم من خلال است ارتيجية التدريب المرن ،ومن ىذه الإج ارءات: التدريب عمى أيدي عّدة مدربين لا عمى يد مدرب واحد /والتدريب في أوضاع مختمفة لا في وضع واحد /وتنويع الكممات والمعّز ازت والمحتوى التدريب ّي المستخدمة في التدريب /والتدريب في أوقات مختمفة /والت اروح بين التدريب في المواقف الفردية والمواقف الجماعية.
-8برمجة المثي ارت المشتركة: قد لا نضمن حدوث التعميم ما لم يتّم التأكد من وجود مثي ارت رئيسة مشتركة بين الموقف التدريب ّي ،وبين المواقف التي ُيَؤَّم ُل أن يع ّمم السموك فييا ،وفي ىذه الحالة يفضل استخدام مثي ارت تمييزية في الوضع التدريب ّي مشابية لممثي ارت الموجودة في الأوضاع التي يؤّمل أن ينتقل أثر التدريب إلييا ،وىذا يزيد من احتمالات التعميم. -9استخدام ظروف يصعب تمييزها: وىذه الاست ارتيجية تتمثل في جعل ظروف التعزيز في الوضع التدريب ّي مشابية لظروف التعزيز المتوفرة في البيئة الطبيعية ،فالتعزيز الفورّي أفضل من التعزيز المؤ ّجل كمرحمة أولى، ولكن في الم ارحل المتقدمة من تحميل السموكات فإ َّن التعزيز المؤجل لو فاعمية كبيرة ،فتقديم المعزز مباشرة دون تأجيل بعد حدوث السموك المرغوب فيو من أىّم العوامل التي تزيد من فاعمية التعزيز ،وىذا صحيح في بداية التدريب ،أما في الم ارحل اللاحقة فالأصل أن يتّم تأجيل التعزيز تدريجِّيا ،وليس فجأة ،وبيذا يكون التعميم أكثر قابمية لمتحقيق ،وسبب ذلك أن التعزيز المؤجل غالًبا ما يكون نمط التعزيز الشائع في الحياة اليومية .وكذلك التعزيز المتواصل والتعزيز المتقطع ،فالتعزيز المتواصل ضروري عند تشكيل السموك ،ولكن المتقطع ضروري في المرحمة الأخيرة من م ارحل عممية تعديل السموك؛ لأ ّن السموك الذي يخضع لجدول تعزيز متقطع أكثر مقاومة لممحو من السموك الذي يخضع لجدول تعزيز متواصل. -11تدريب التعميم: ويعني ذلك التعامل مع التعميم باعتباره سموًكا بحّد ذاتو ،وبذلك يمكن تطويره باستخدام أساليب تحميل السموك التطبيق ّي المعروفة ،وتتطمب ىذه الاست ارتيجية تعزيز الاستجابات المع ّممة، إذ إ َّن تعزيز الفرد لإظياره السموك المرغوب في مواقف مناسبة لم يتّم تدريبو فييا ،يعّد تدريًبا عمى التعميم .وذلك يفترض إخبار المتعالج بأّنو سيحصل عمى التعزيز إذا قام بتأدية السموك في مواقف جديدة غير تمك التي تّم تعزيزه وتدريبو فييا.
-11تنظيم الذات: تُعد ميارة أو است ارتيجية تنظيم الذات من أكثر الأساليب فاعمية في تعميم السموك والمحافظة عمى استم ارريتو ،ويشمل تنظيم الذات مساعدة الأف ارد عمى تعمم متابعة الذات ،وتقييم السموك ذاتِّيا ،وتنظيم نتائج سموكيم بتقديم التعزيز أو بإلغائو ،وذلك اعتماًدا عمى السموك، وتصّنف ب ارمج تطوير ميا ارت التنظيم الذات ّي إلى نوعين رئيسين :الأول :يتم تعميم المتدرب كيف يعزز سموكو ذاتيا باستخدام نفس أساليب تحميل السموك التطبيق ّي المستخدمة لتغيير سموك الغير، والثاني :يتم التركيز عمى الدور الوسيط لمعوامل المعرفية ،ولمتحدث مع الذات إضافة إلى أساليب تنظيم الذات الأخرى مثل المتابعة الذاتية والتعزيز الذات ّي. * خاتمة: كان اليدف الأسمى من و ارء عرض ومناقشة ىذه الاست ارتيجيات السابقة استيضاح مدى نجاعة ىذه الاست ارتيجيات ،واثبات جدارتيا في ضمان تعميم السموك المكتسب والمحافظة عمى استم ارريتو بعد توقف تنفيذ الب ارمج العلاجية .وقد أثبتت حِّقا ىذه الاست ارتيجيات –كما بّينا- قدرتيا عمى المحافظة عمى استم اررية تعميم السموك من خلال تنّوع ىذه الاست ارتيجيات ،واختلاف منطمقاتيا ما بين الحفاظ عمى التعميم ،واستم ارريتو ،ومن خلال استظيار أنواع التدريب وامكانّياتو في التأثير في المتعالج ،ومن خلال تييئة مختمف الظروف لدى المتعمم ،واستخدام أمثمة ونماذج متعددة لدى تطبيق الب ارمج عميو.
Search
Read the Text Version
- 1 - 6
Pages: