Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore simi ar

simi ar

Published by a.ammous1997, 2023-08-28 07:35:40

Description: simi ar

Search

Read the Text Version

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪151‬‬ ‫هدف‪ .‬وهنا كيف يمكن للطرفين أن يكتشفا أ َّن طرف ًا ما لا يحمل هدف ًا من‬ ‫هذا التعارف؟‬ ‫ـ د‪ .‬عمر أبو زكريا‪« :‬عرفتم مراحل نظامنا (فيقة‪ ،‬ميقة‪ ،‬صيغة‪ ،‬مع الضرورة‪،‬‬ ‫ثم زواج دائم) فهذه عناوين واضحة لمفهوم التد ّرج وتوسيع هامش الخيارات‪،‬‬ ‫ودائم ًا نحن نفترض أ َّن الذين يدخلون في هذه المراحل (شبان ًا أو فتيات) هم‬ ‫على درجة من الوعي وي ّتصفون بال ُخ ُلق‪ ،‬والغالب عليهم الخصال الحميدة‬ ‫والع ّفة وال ُّن ُبل‪..‬‬ ‫هذا أ ّول ًا‪ ،‬وثاني ًا إذا ما ا ّتبع الشاب بد ّقة المراحل والتد ّرج في نظامنا فلن يكون‬ ‫مضط ّر ًا إلى التمثيل‪ ،‬والفتيات بالعشرات أمامه في العمل والجامعة والمجتمع‪،‬‬ ‫وسهولة التع ّرف متوافرة‪ ،‬فما الحاجة إلى التمثيل؟‬ ‫التمثيل يكون سيد الموقف إذا كان طر ٌف ما ليس مؤ ّهل ًا ولا يمتلك الكفاءة‬ ‫التي تجعله على قدم المساواة مع الآخر‪ ،‬أو على الأقل لا تتوافر فيه إمكان ّية أن‬ ‫يكون مناسب ًا لهذا الآخر‪ .‬ولذا‪ ،‬نحن مع إطالة أمد ك ّل مرحلة (الفيقة والميقة)‬ ‫بهدف أن يعرفا بعضهما‪ ،‬لأ ّنه ك ّلما طالت الم ّدة في المراحل الأولى‪ ،‬كان‬ ‫الاكتشاف أكثر وضوح ًا‪.‬‬ ‫نعود لنقول‪ :‬إ َّن نظامنا يكتشف التمثيل ولو بنسبة مع ّينة‪ ،‬فالفتاة عندما تعقد‬ ‫(فيقة) تكون قد دخلت في مرحلة التعارف الأولية وفي (الميقة) صارت تكتشف‬ ‫الشاب إذا لم تكن قد كشفت حقيقته بالكامل‪ ،‬فمع الزمن وتد ّرج المراحل رويد ًا‬ ‫رويد ًا‪ ،‬تدخل الفتاة ويدخل الشاب عالم بعضهما‪ ،‬ويستطيعان بوعيهما اكتشاف‬ ‫شخص ّيتهما‪ ،‬هل هي شخصية حقيقية‪ ،‬أم مل ّونة تغ ّير شكلها حسب الحاجة؟‬ ‫وبعد ذلك يكون القرار بأيديهما»‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪152‬‬ ‫الدافع الجنسي والدافع الأبو ّي‬ ‫طال ٌب من آخر القاعة يرفع يده ويخاطب المحاضرين‪:‬‬ ‫ * حسن ًا إذا أراد الشاب أن يتز ّوج ولكن تحت ضغط الأحوال الاقتصادية‬ ‫ُيحجم عن ذلك‪ ،‬فقد يذهب إلى العقد المؤ ّقت (الصيغة) انطلاق ًا من دافع‬ ‫جنس ّي بحت لا من دافع أبو ّي أو أسر ّي‪ ،‬ف ُيلغي مشروع الزواج الدائم‬ ‫وبذلك يع ّطل دافع ًا من دوافع الزواج الأساس ّية‪ ،‬وهو التناسل‪ ،‬ما ر ّدكم‬ ‫على ذلك؟‬ ‫ـ الس ّيد محمد‪« :‬في البداية وكما قلنا سابق ًا نحن نح ّدد ماهية اللباس‪ ،‬ولكن‬ ‫لا نف ّصل قياس ًا واحد ًا لجميع الأحجام‪ ..‬علم ًا بأ َّن هناك عنوان ًا رئيس ًا للنظام تتف ّرع‬ ‫عنه تفاصيل‪ ،‬وهذه التفاصيل مرتبطة وبشكل شرعي بالعنوان الرئيس‪ .‬يختار منها‬ ‫الإنسان ما يتلاءم مع وضعه وأحواله وواقعه‪.‬‬ ‫أ ّما في ما يخت ُّص بالسؤال وبأ ّن البعض يختار مرحلة (الصيغة) لدوا ٍع‬ ‫وأسباب مع ّينة تجعل الفترة الزمنية طويلة في هذه المرحلة‪ ،‬وهذا ما يص ّد عن‬ ‫الزواج الدائم‪ ،‬ويع ّطل ـ كما قال السائل الكريم ـ ُس ّنة الحياة واستمرار ّيتها في‬ ‫تكاثر النسل وما شاكل‪ ،‬نجيب‪ ،‬بأ َّن هذه الحالات حالا ٌت خاصة تناسب شريحة‬ ‫اجتماعية مع ّينة لها أوضاعها الخاصة بها‪.‬‬ ‫وما العيب أن يكون تلاقي الرجل والمرأة وتحت سقف الشرع في مرحلة‬ ‫(الصيغة) بداف ٍع جنسي بعيد عن الحرام؟ وعلى هذا‪ ،‬فالرجل عندما يعقد عقد ًا‬ ‫شرعي ًا فهو لا يعقده مع جماد‪ ،‬بل مع إنسانة تطابقت رغباتها مع رغباته‪ ،‬وما دام‬ ‫أ َّن الفراش ـ في العقد المؤقت ـ ليس من ح ِّقه ك ّلما طلبها إليه‪ ،‬ولكن إذا ل ّبت‬ ‫له هذه الرغبة‪ ،‬فهي تكون منسجمة مع نفسها‪ ،‬لأ َّن رغبتها كما قلنا تقاربت مع‬ ‫رغبته‪.‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪153‬‬ ‫ول ّما كانت هذه الغريزة موجود ًة في الإنسان تشابه غرائز أخرى غرسها الله‬ ‫في عمق كيانه‪ ،‬وهو إذا لم يل ِّب نداءها ضمن النظام الإلهي‪ ،‬فإ ّنه سيسقط أمام‬ ‫صرخاتها منهزم ًا لا يلوي على شيء‪ ،‬لأ ّنه كما يقول الدكتور صبري الق ّباني‪« :‬من‬ ‫العسير أن يشعر المرء بالهناءة والهدوء‪ ،‬وأن يحتفظ بعقل رصين‪ ،‬ونفس مطمئ ّنة‪،‬‬ ‫وهو في حالة كبت مستم ّرة‪ ،‬أو إخفاق في الاستجابة إلى نداء الجنس‪..‬‬ ‫إ َّن الاندفاع لإرواء الغريزة الجنسية ق ّوة لا تقهر‪ ،‬وإ َّن ك ّل شخص عاقل مدر ٍك‬ ‫مراهق ينطوي على واز ٍع جنس ّي حبيس وشهو ٍة قوية ف ّعالة»(((‪.‬‬ ‫فالجنس غريزة لها أثرها الجميل‪ ،‬إن ُل ّبيت بالصيغة أو بالزواج الدائم‪.‬‬ ‫تص ّوروا مدى احترام الشريعة لهذه الغريزة حيث الإنسان عندما يمارس الجنس‬ ‫بالطريقة الشرعية‪ ،‬فإ ّنه يجب عليه أن يغتسل غسل ًا واجب ًا ُيس ّمى في أبواب الفقه‬ ‫بغسل الجنابة‪ ،‬وهو إذا أدرك وقت الصلاة فله أن يقابل ر ّبه بعد الغسل من دون‬ ‫وضوء‪ ،‬وكأ ّن الله يدخله إلى رحاب رحمته من دون أن يطرق الباب‪.‬‬ ‫هذا في ما يخت ّص بموضوع الجنس‪ ،‬وأ ّما بالنسبة إلى مسألة التناسل‪ ،‬وبمعنى‬ ‫آخر مسألة الأب ّوة والأمومة‪ .‬فقد نجد من لا يرغب أن يكون أب ًا أو أن تكون أم ًا‪،‬‬ ‫وليس إنكار ًا لغريزة الأب ّوة والأمومة بل لأحوال خاصة بهما‪ ،‬اقتصادية أو نفسية‬ ‫أو اجتماعية‪ ،‬وقد يعيشان هذا الإحساس لم ّدة طويلة قد يزول مع زوال الأسباب‬ ‫وقد لا يزول‪.‬‬ ‫وأباحت الشريعة عدم التناسل حتى للمتز ّوج بعقد دائم‪ ،‬فقد ورد في‬ ‫الأحاديث‪« :‬ذاك إلى الرجل يصرفه حيث شاء»((( وهو ما ُعرف في أبواب الفقه‬ ‫(بالعزل) وفي التعبير الحديث الشائع بـ (تحديد النسل)‪ .‬وقد جاء في كتاب‬ ‫(المو ّطأ) للإمام مالك بن أنس ع ّدة روايات تبيح ذلك‪ ،‬ففي رواية‪« :‬هو حر ُثك‬ ‫(( ( حياتنا الجنسية‪ ،‬د‪ .‬صبري القباني‪ ،‬ص‪.22-21‬‬ ‫((( الوسائل‪ ،‬الباب ‪ ،75‬من مق ّدمات النكاح حديث ‪.1‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪154‬‬ ‫إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته» وفي رواية أخرى‪ُ « :‬سئل ابن عباس عن‬ ‫العزل‪ ،‬فدعا جاري ًة له‪ ،‬فقال‪ :‬أخبريهم فكأ ّنها استحيت‪ ،‬فقال‪ :‬هو ذلك‪ ،‬أما أنا؛‬ ‫فأفعله‪ ،‬يعني أ ّنه يعزل»(((‪.‬‬ ‫وأعود إلى السؤال بأ ّن الأحوال الاقتصادية تحول دون الزواج الدائم؛ فيلجأ‬ ‫الشاب إلى العقد المؤ ّقت (الصيغة)‪ .‬إذا رفضنا له ذلك‪ ،‬فماذا يفعل؟ لا يستطيع‬ ‫أن يفتح منزل ًا‪ ،‬ماذا يعمل؟ هل نخنق فيه غريزته؟ فالشاب عندما ُيقدم على خطوة‬ ‫كهذه وإن كانت غايته الجنس وحسب فلكي لا يقع في الحرام‪ ،‬والمرأة تشاركه‬ ‫الإحساس نفسه‪ ،‬بل وأكثر من ذلك فهي على ب ّينة من أمرها‪ ،‬هناك مهر وم ّدة‪،‬‬ ‫إضافة إلى تو ّفر الحاجات والظروف المشتركة نفسها التي جمعت بين الإثنين‪،‬‬ ‫وليس في ذلك عي ٌب أو خطأ‪.‬‬ ‫نحن نقول‪ :‬لك ِّل إنسان ح ُّق العيش‪ ،‬وخصوص ًا إذا كانت طريقة العيش مصان ًة‬ ‫بإطار شرع ّي‪ ،‬وعلى المجتمع أن يحترم إرادة الآخرين وح ّريتهم‪ .‬فإن ك ّنا نح ُّب‬ ‫نحن الأولاد فلننجب ما شئنا منهم إذا ك ّنا نمتلك المقدرة على تربيتهم وتنشئتهم‪،‬‬ ‫ولنترك الآخرين وح ّريتهم»‪.‬‬ ‫الطالب نفسه يقول‪:‬‬ ‫ * نفهم من ذلك أ ّنكم تدعون إلى تعطيل فكرة الأب ّوة والأمومة؟‬ ‫ـ الس ّيد مح ّمد‪« :‬نحن لا نع ّطل ذلك ولا نخرق قوانين وثوابت تناسب البعض‬ ‫في المجتمع‪ ..‬إ َّن سؤالك السابق دار على عدم قدرته على فتح منزل‪ ،‬فيلجأ‬ ‫إلى إشباع غريزته من خلال (الصيغة)‪ ..‬تف ّضل وق ّدم له منزل ًا ووظيف ًة أو لتقم‬ ‫الحكومات بمسؤول ّياتها والجمع ّيات الأهلية بدورها‪ ،‬ص ّدقني سيذهب مباشرة‬ ‫إلى الزواج الدائم وينجب ماشاء الله من الأولاد‪ .‬ويعيش مع زوجته فكرة الأب ّوة‬ ‫((( الوسائل‪ ،‬الباب‪ ،75‬من مق ّدمات النكاح‪ ،‬حديث ‪.1‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪155‬‬ ‫والأمومة وليس في ذلك مان ٌع على الإطلاق»‪.‬‬ ‫أحد الحضور من الكبار في الس ّن يقول‪:‬‬ ‫ * أليس من أساس ّيات الزواج إنجاب الأولاد؟‬ ‫ـ الس ّيد محمد‪« :‬لو افترضنا ص ّحة هذا الأمر‪ ،‬وبأ ّن التناسل ـ كما يقول بعض‬ ‫العلماء ـ هو أساس ٌّي في النكاح‪ ،‬فإ ّننا نبقى متم ّسكين بنظامنا الذي يرسم بشك ٍل‬ ‫جل ّي كيف ّية اختيار المرأة التي يرغب الرجل أن تنجب له أولاد ًا‪ ،‬وكيف ّية اختيار‬ ‫الرجل المؤ ّهل لإنجاب الأولاد‪ ،‬وعلى أ ِّي حال هذا طرح نظر ّي استحباب ّي‬ ‫وليس إلزامي ًا‪ ..‬ولنترك الحرية للمتز ّوجين لأ ّن غريزة الإنجاب ستفرض نفسها‬ ‫يوم ًا وإن عمل المتز ّوجون على إخماد جذوتها في بداية الزواج‪ ،‬لذا‪ ،‬ننصح‬ ‫بمراعاة أوضاع من يريد تأخير الإنجاب إلى حين تو ّفر الظروف التي تساعد‬ ‫الإنسان على أن يتخ ّطى أمور ًا مع ّينة كإكمال التعليم‪ ،‬وتحسين ظروف المعيشة‬ ‫وما إلى هنالك‪.‬‬ ‫حضرات السادة‪ ،‬الأعزاء الطلاب‪ ،‬نحن نرسم خيارات ونبحث ع ّمن يناسبنا‪،‬‬ ‫فإذا أحرزنا رضى الله وك ّنا سعداء‪ ،‬فمن له الح ّق في مصادرة ح ّريتنا؟ أرجو في‬ ‫موضوعنا هذا أن ننظر إلى الصورة من جميع جوانبها‪ ،‬لا أن ننظر إليها من جانب‬ ‫واحد‪ ،‬لأ ّن أحكامنا لن تكون دقيقة»‪.‬‬ ‫النظام وتقليل نسبة الطلاق‬ ‫ويعود ذاك الطالب الذي أعتقد أ َّن النظام يع ّطل فكرة الأب ّوة والأمومة ليتد ّخل‬ ‫في الحوار مو ّجه ًا سؤاله لناصر‪:‬‬ ‫* أستاذ ناصر هل تعتقدون أ َّن نظامكم يق ّلل من نسبة الطلاق؟‬ ‫ـ ناصر‪« :‬الحاصل اليوم أ َّن هناك تس ّرع ًا في عملية الدخول في الزواج الدائم‪،‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪156‬‬ ‫ولهذا‪ ،‬فإ ّننا نرى ال ِّنسب العالية للطلاق‪ ،‬أو على الأقل نشاهد حالات عدم الثبات‬ ‫والاستقرار والاحتكام إلى الانفعال والتو ّتر بين الأزواج‪ ..‬ولذا‪ ،‬فإ َّن نظامنا‬ ‫يساهم إلى ح ِّد كبير في تأخير الدخول في الزواج الدائم‪..‬‬ ‫الهدف الأساس من هذا التأخير يدفع بالشبان والفتيات إلى أن يأخذوا وقتهم‬ ‫الكافي بالتفكير في مستقبلهم والتخطيط لبناء حياتهم المشتركة‪ ،‬وإ َّن الم ّدة الزمن ّية‬ ‫الفاصلة بين مرحلة ومرحلة (بين الفيقة والميقة) تساهم في تنمية شخصية ك ِّل‬ ‫طرف‪ ،‬وتساعد على التركيز في ا ّتخاذ القرار من دون عجلة أو إيحاءات خارجية‪..‬‬ ‫ونحن نلاحظ أ َّن بعض الذي يدخلون تس ّرع ًا في الزواج الدائم إشباع ًا‬ ‫لغرائزهم الجنسية والعاطفية أو تحقيق ًا لرغباتهم النفسية في الأمومة والأب ّوة نجد‬ ‫أ َّن هذا التس ّرع يؤ ّدي إلى عدم التوافق بين الزوجين‪ ،‬بسبب اختلاف الأمزجة‬ ‫ويؤدي ذلك إلى الطلاق‪ .‬والطلاق كما نعلم تغيير كامل لمجرى حياة إنسان‪،‬‬ ‫فالمرأة قبل الزواج تبقى الخيارات الكثيرة متو ّفرة أمامها‪ ،‬ولك ّنها بعد الزواج‬ ‫تق ّل الخيارات كثير ًا‪ ،‬فإذا ما ُط ّلقت وكانت قد أنجبت ‪ 2‬أو ‪ 3‬أو ‪ 4‬أو ‪ 5‬أطفال‬ ‫وتق ّدمت في العمر نسبي ًا‪ ،‬وكانت لا تتو ّفر عندها الإمكانات العلم ّية ولا تمتلك‬ ‫خبرة في مجال العمل‪ ،‬فسيكون الطلاق بالنسبة إليها مشكلة كبرى‪.‬‬ ‫فوجود نظام الفيقة والميقة يؤ ّخر الانتقال إلى الزواج الدائم لم ّدة تؤ ّهل‬ ‫الزوجين لمسؤوليات الزواج‪ ،‬لأ ّن هذا التأخير المبني على دراسة‪ ،‬والمستند‬ ‫إلى معطيات جوهر ّية تجعل أطراف الزواج على ب ّينة من أمرهم في ما ُيقدمون‬ ‫عليه‪ ،‬خصوص ًا أ ّنهم باتوا يعرفون حقيقة بعضهم في النفسية والتو ّجه والعقلية‬ ‫والطموحات وما إلى ذلك»‪.‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪157‬‬ ‫التر ّوي باتخاذ القرار‬ ‫إحدى النسوة من الضيوف تسأل‪:‬‬ ‫* ألا ترون أ ّن هذا التأخير في الإقدام على الزواج الدائم ينتج عنه التق ّدم في‬ ‫العمر الذي قد لا يكون في صالح الطرفين؟‬ ‫ـ د‪ .‬عفاف تقول‪« :‬العجلة أم ٌر غير محمود النتائج‪ ،‬حيث يبقى التأ ّني القضية‬ ‫الأسلم في ما يخ ّطط له الإنسان من مشاريع وأوضاع خاصة به‪..‬‬ ‫ولذا‪ ،‬فنظام الفيقة والميقة إلى جانب أه ّميته في التعارف لاختيار الإنسان‬ ‫المناسب‪ ،‬يختزن أه ّمية أخرى تتل ّخص في أ ّن الطرفين يعيشان شبابهما أكثر‪،‬‬ ‫ويخ ّططان بهدوء أكثر ويأخذان من الحياة في حلالها وما أباحه الله تعالى لهما‬ ‫ما تشتهي نفساهما‪ ،‬لأ ّن الأيام القادمة وتحت ضغط المعيشة والواجبات تجاه‬ ‫العائلة ستحمل الكثير من المه ّمات الصعبة التي قد لا تترك للإنسان فسحة من‬ ‫راحة أو مساحة من هدوء واسعة‪ ،‬فالطرفان إذا غرقا مبكر ًا في بحر المسؤولية‬ ‫وأنجبا أولاد ًا فلن يجدا إل ّا نداءات الواجب ُتتلى عليهما صباح ًا ومساء‪.‬‬ ‫وما الضير أن نكبر ولم ندخل في عالم الزواج الدائم بعد‪ ،‬إذا كانت السنوات‬ ‫ستكون بالنسبة إلينا مرحلة التأهيل والنضوج لعمر ُنح ُّس فيه بالأمان‪ ،‬بدل أن‬ ‫يكون عمر ًا قلق ًا خائف ًا ومتو ّتر ًا‪..‬‬ ‫وأخير ًا نقول‪ :‬إ َّن ك ّل ما نطلبه هو مبدأ التأخير‪ ،‬ولا نقول عشر سنوات‪ ،‬مع‬ ‫العلم أ َّن لك ِّل حالة ظروفها وأسبابها‪ ،‬ولكن لو استطعنا تأخير الزواج سنتين أو‬ ‫ثلاث ًا أو حتى خمس سنوات للظروف والأسباب التي ُذكرت‪ ،‬فلن يؤ ّثر ذلك على‬ ‫تربية الأولاد‪ ،‬نعم لو أ ّخرنا الزواج إلى سنوات طويلة عندها يكون هذا الكلام‬ ‫صحيح ًا‪ ،‬وحينها تهرم المرأة ويشيخ الرجل»‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪158‬‬ ‫الأعمار المناسبة‬ ‫وهنا يتو ّجه أحد الحضور للدكتور أبو زكريا بالسؤال‪:‬‬ ‫ * إ ّنكم تح ّددون عمر ًا مع ّينا للدخول في الفيقة والميقة وهو ما يقارب الـ‬ ‫‪18‬سنة‪ ،‬ولكن هل تضمنون من هم دون الس ّن‪ ،‬أل ّا ُيق ِدموا على إجراء‬ ‫العقود المؤقتة؟‬ ‫ـ فيقول د‪ .‬أبو زكريا ر ّد ًا عن هذا التساؤل‪:‬‬ ‫«لك ِّل قاعدة استثناء‪ ،‬ونحن لا ننكر أ َّن بعض ًا من الفتيات أو الفتيان قد ُيقدمون‬ ‫على ذلك من دون إذن أولياء أمورهم ومن منطلق شرع ّي لأ ّنهم وإن كانوا صغار ًا‬ ‫في الس ّن فإ َّن المسألة الشرع ّية تعنيهم كثير ًا بحيث لا يرغبون بإقامة علاقات‬ ‫مح ّرمة‪ ..‬طبع ًا نحن لا نش ّجع وكما تعلمون الفتيان الذين تكون أعمارهم صغيرة‬ ‫نسبي ًا على إجراء عقود مؤقتة‪ ،‬لأ ّننا نخشى وبغياب رقابة الأهل من حدوث‬ ‫سلب ّيات مع ّينة قد لا تكون في مصلحتهم‪ ،‬وإن ك ّنا لا نجيز لأنفسنا أن نح ّرم هذه‬ ‫العلاقات المحكومة للإطار الشرعي‪..‬‬ ‫ونحن لو نظرنا إلى القانون الذي تضعه بعض الحكومات والذي لا تسمح‬ ‫فيه بقيادة السيارة إلا لمن بلغ الثامنة عشرة من العمر‪ ،‬فإ ّننا نرى ومع التش ّدد في‬ ‫تطبيق هذا القانون أ ّن ق ّلة َمن هم بسن الـ ‪ 16‬أو ‪ 17‬يقودون السيارات ويخرقون‬ ‫القانون‪ ،‬ولكن رقابة الأهل وعنصر التربية الذي ُيغرس في نفس الفتاة أو الفتى‪،‬‬ ‫والذي ُيوضح له مخاطر القيادة في هذه الس ّن أو عدم سماح القانون بذلك قبل‬ ‫بلوغ الـ ‪ 18‬مع تهيئته نفسي ًا وتربو ّي ًا واحترام رغباته وتط ّلعاته وأ َّن يوم ًا ما وبعد‬ ‫أن يبلغ هذه الس ّن سيقود السيارة ولن يعترض عليه أحد‪ ،‬فإ ّنه بهذه التوجيهات‬ ‫قد يتق ّبل الأمر‪ ،‬ولن يضط ّر أن يسرق مفاتيح السيارة‪ ،‬لأ ّنه سيح ّقق أمله ولو بعد‬ ‫حين»‪.‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪159‬‬ ‫ * وهل تحديدكم لعمر الـ ‪ 18‬خاض ٌع لقانون شرع ّي أم اجتماع ّي؟‬ ‫ـ ير ُّد الدكتور عمر أبو زكريا قائل ًا‪« :‬مسألة الـ ‪ 18‬سنة غير خاضعة للتحديد‬ ‫الشرعي‪ ،‬وإ ّنما لاعتبار اجتماع ّي بحت‪ ،‬وهذا ما تسالم عليه المجتمع حيث‬ ‫يعتبر أ ّن بدايات الرشد تبدأ في هذا الس ّن وإن ك ّنا نرى أحيان ًا أ ّن الفتاة تدخل في‬ ‫مرحلة الرشد في السادسة عشرة من عمرها‪ .‬فهذا الأمر يعود لوعي الفتاة وثقافتها‬ ‫وتربيتها‪ .‬بعيد ًا عن تحديد عمر مع ّين‪ .‬أ ّما لو فرضنا أ ّن فتا ًة عقدت على شاب‬ ‫قبل هذا الس ّن فلا إثم عليها‪ ،‬لأ َّن هناك آراء شرعية ترى جواز العقد عند البلوغ‬ ‫والنضج الجنسي‪.‬‬ ‫ولذا‪ ،‬نحن لا نذهب إلى عدم شرعية العلاقة قبل بلوغ هذه الس ّن وهذا ما‬ ‫أ ّكدنا عليه‪ ،‬وإ ّنما نرى ضرورة أخذ إذن الأهل في أعمار الـ ‪ 16‬والـ ‪ ،17‬وأ ّما‬ ‫بعد هذا الس ّن فلا ضرورة لإذن الأهل وموافقتهم ومباركتهم‪.‬‬ ‫علينا أن نضع في أذهاننا دائم ًا أ َّن نظامنا مرتب ٌط بالتربية الأخلاقية التي يقود‬ ‫شأنها الأهل‪ ،‬ومرتب ٌط قبل أ ِّي شأن آخر بالوازع الديني الذي يرى أ َّن عين الله لا‬ ‫تنام‪ ،‬فتراقب وتو ّجه وتصوغ الإنسان صياغة دينية‪ ،‬تف ّكر برضى الله قبل رضى‬ ‫النفس‪ ،‬وبغياب هذه الروحية وهذه التربية لن يط ّبق نظامنا وسيكون محكوم ًا‬ ‫بالفشل كما الزواج الدائم نفسه إذا لم يرا ِع حكم الله في ك ّل صغيرة وكبيرة»‪.‬‬ ‫توضيح مفهوم العقد‬ ‫أحد الطلاب المتح ّمسين يقوم فيطلب الإذن بالكلام ويكون له ذلك فيقول‪:‬‬ ‫* من خلال ك ِّل ما طرح في هذه الجلسات أدركنا أ َّن ك ّل التسميات التي‬ ‫وردت في سياق الحديث عن نظامكم من فيقة وميقة وصيغة تندرج في‬ ‫عنوان واحد هو «المتعة» أو العقد المؤ ّقت أو الزواج المؤقت‪ ،‬ألا ترون‬ ‫أ ّن هذا المفهوم لا ب ّد له من توضيح من وجهة نظر شرع ّية؟‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪160‬‬ ‫ـ الس ّيد مح ّمد‪« :‬شكر ًا للطالب السائل الذي أتاح لنا فرص َة تبيان هذا المفهوم‪،‬‬ ‫لأ ّننا ك ّنا ننتظر هذه الفرصة‪ ،‬وها هي قد حانت‪..‬‬ ‫بداي ًة ينبغي لي أن أذكر أ َّن تشريع المتعة مسأل ٌة خلاف ّية بين فقهاء المسلمين‪،‬‬ ‫فمنهم َمن يرى أ ّنها ُش ّرعت في عهد الرسول ثم ُح ِّرمت على اختلاف في عدد‬ ‫الم ّرات التي ُأبيحت فيها وح ّرمت‪ ،‬ومنهم من يذهب إلى بقاء تشريعها أ ّيام النبي‬ ‫والخليفة أبي بكر وصد ٍر من عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب‪.‬‬ ‫(وفي هذه اللحظة يفتح السيد محمد كتاب ًا كان موجود ًا أمامه‪ ،‬فيقرأ منه النص‬ ‫التالي)‪« :‬معنى نكاح المتعة أن يتز ّوج المرأة م ّدة مثل أن يقول ز ّوجتك ابنتي‬ ‫شهر ًا أو سنة أو إلى انقضاء الموسم أو قدوم الحاج وشبهه‪ ،‬سوا ًء كانت الم ّدة‬ ‫معلومة أو مجهولة‪ ،‬فهذا نكا ٌح باطل ن َّص عليه أحمد‪ ،‬فقال‪ :‬نكاح المتعة حرام‪.‬‬ ‫وقال ابو بكر ـ وهو من كبار علماء ال ُّسنة ـ فيها رواية أخرى أ ّنها مكروهة غير‬ ‫حرام» وك ُّل مكروه جائز ولمن أراد التث ّبت بأ ّنها جائزة حتى عند بعض علماء أهل‬ ‫ال ُّس ّنة‪ ،‬فليراجع النص الذي تلو ُته عليكم من كتاب (المغني)(((‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد يقول أحد علماء ال ُّسنة وهو الدكتور الشيخ مصطفى الرافعي‪:‬‬ ‫«ودليلهم ـ أي الشيعة ـ على إباحتها ـ الكتاب وال ُّسنة‪ ،‬فمن الكتاب قول الله تعالى‬ ‫في سورة النساء‪َ ﴿ :‬ف َما ا ْس َت ْم َت ْع ُتم بِ ِه ِم ْن ُه َّن َفآ ُتو ُه َّن ُأ ُجو َر ُه َّن َف ِري َض ًة﴾ [النساء‪:‬‬ ‫‪ ]24‬حيث فهموا من قوله (استمتعتم) إباحة زواج المتعة‪ ،‬وإلا لو كانت عبارة‬ ‫(استمتعتم) تعني الزواج الدائم لقال سبحانه‪( :‬تزوجتم أو نكحتم) مثل ًا‪ .‬كما‬ ‫دعموا اعتقادهم بتلك الإباحة بما ورد عقب ذلك في قوله سبحانه‪َ ﴿ :‬فآ ُتو ُه َّن‬ ‫ُأ ُجو َر ُه َّن﴾ والأجر في العادة لا يكون إلا لقاء منفعة مؤ ّقتة‪ ،‬فضل ًا عن أ ّن بعض‬ ‫الصحابة الأجلاء مثل‪ :‬عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وأب ّي بن كعب‬ ‫(( ( المغني‪ ،‬ابن ُقدامة‪ ،‬ج‪ ،6‬ص ‪ ،644‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬وراجع المستند رقم (‪ ،)١٥‬ص‬ ‫‪.٢١٨‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪161‬‬ ‫ثبت أ ّنهم أق ّروا هذه الآية‪َ ﴿ :‬ف َما ا ْس َت ْم َت ْع ُتم بِ ِه ِم ْن ُه َّن ـ إلى أجل مس ّمى ـ َفآ ُتو ُه َّن‬ ‫ُأ ُجو َر ُه َّن َف ِري َض ًة﴾ وقد ذكر هذا الطبري والرازي في تفسيريهما‪.‬‬ ‫كذلك روى الطـبري في تفسـيره عن شعبـة أ ّنه سـأل الحكم بن ُعتيبة عن آية‬ ‫﴿ َف َما ا ْس َت ْم َت ْع ُتم﴾ إلخ‪ ..‬أهي منسوخة؟ قال‪ :‬قال الحكم‪ :‬قال عل ّي‪« :‬لولا أ َّن عمر‬ ‫نهى عن المتعة ما زنى إل ّا شقي»‪.‬‬ ‫ويتابع الشيخ الرافعي‪« :‬أ ّما مشروعية زواج المتعة في السنة النبوية‪ ،‬فإ ّن الشيعة‬ ‫الإمامية ترى أ ّن الأحاديث التي رواها أئ ّمة الحديث في صحاحهم كالبخاري‬ ‫ومسلم والنسائي وأحمد بن حنبل وغيرهم‪ ،‬الدالة على أ ّن رسول الله أ ِذن بالمتعة‬ ‫وأ ّنها وقعت في عهده وعهد الشيخين (أبي بكر وعمر) وإ َّن إباحتها مطلقة‪ ،‬وإ ّنه‬ ‫لم ُين ّزل الله آية تنسخها‪ ،‬وإ َّن رسول الله لم ين َه عنها طيلة حياته‪ ،‬هذه الأحاديث‬ ‫مستفيض ٌة بل ومتواترة‪ .‬فمن الأحاديث الدالة على إذن النب ّي بها ما رواه البخاري‬ ‫في صحيحه بسنده عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا‪« :‬ك ّنا في جيش‬ ‫فأتانا رسول الله‪ ،‬فقال‪« :‬قد أذنت لكم أن تستمتعوا» يعني متعة النساء‪ .‬وفي‬ ‫صحيح مسلم عنهما أيض ًا أ ّنهما قالا‪« :‬إ ّن رسول الله أتانا فأذن لنا في المتعة»(((‪،‬‬ ‫أ ّما كون زواج المتعة حصل في عهد الرسول وفي عهد أبي بكر وصدر من إمرة‬ ‫عمر‪ ،‬فدليلهم عليه ما جاء في صحيح مسلم بسنده عن عطاء قال‪َ :‬ق ِدم جابر بن‬ ‫عبد الله (الأنصاري) معتمر ًا فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا‬ ‫المتعة فأجابهم جابر قائل ًا‪« :‬استمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر‪.‬‬ ‫ومن الأدلة على إباحة زواج المتعة عند الشيعة الإمامية وأ ّنه لم ُينسخ في عهد‬ ‫النب ّي ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث عمران بن حصين قال‪« :‬نزلت آية‬ ‫المتعة في كتاب الله‪ ،‬وعملنا بها مع رسول الله‪ ،‬فلم تنزل آية تنسخها ولم ين َه عنها‬ ‫((( صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬مج ‪ ،5‬ص‪ ،179‬دار الكتاب العربي‪ ،‬أنظر المستند رقم (‪ ،)١٦‬ص ‪٢١٨‬‬ ‫ـ ‪.٢١٩‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪162‬‬ ‫النب ّي حتى مات» هذا إلى جانب روايات أخرى متقاربة و ُيفهم منها أ ّن مشروعية‬ ‫زواج المتعة عند الشيعة الإمامية لم يثبت نسخها»(((‪.‬‬ ‫ثم يستعرض الدكتور الرافعي آراء أهل ال ُّسنة بخصوص نسخ آية المتعة‪،‬‬ ‫وعلى هذا فالذي يريد الا ّطلاع على ذلك ومعرفة آراء أهل ال ُّس ّنة والشيعة في‬ ‫هذا الموضوع‪ ،‬فباستطاعته أن يعود إلى مصادر الفريقين ويقف بالتفصيل على‬ ‫الاستدلالات والآراء الواردة في المجال»‪.‬‬ ‫الاختلافات الفقهية والنظام‬ ‫طال ٌب آخر يقول‪:‬‬ ‫ * إذا كان نظامكم لعموم المسلمين وت ّدعون أ ّنه يخدم أيض ًا المسيحيين‪،‬‬ ‫ولك ّن فقهاء يمنعون وفقهاء يجيزون‪ ،‬فكيف يمكن للجميع العمل بهذا‬ ‫النظام؟‬ ‫ـ ويبقى الحديث للسيد محمد الذي يقول‪« :‬المسألة برأينا ولجهة التع ّبد‬ ‫بأحكام الله تعالى وبعيد ًا عن التع ّصب لرأي فقهي يعارض رأي ًا فقهي ًا آخر‪ ،‬فإ ّن‬ ‫المسلم يستطيع أن يعود إلى الرأي الفقهي الذي يجد الاطمئنان فيه وعلى قاعدة‬ ‫أ َّن اختلاف الفقهاء في ما بينهم ناشيء من اختلاف تفسيرهم الن ّص‪ ،‬فبعض ال ُّسنة‬ ‫ومع رفضهم زوا َج المتعة الناشيء من إبطالهم التوقيت‪ ،‬فإ ّنهم يجيزون التوقيت‬ ‫عن طريق زوا ٍج آخر‪ ،‬وهو الزواج بن ّية الطلاق‪ ،‬وإن كان في الزواج الأول تكون‬ ‫ن ّية الزوج معلن ًة وواضحة‪ ،‬وفي الثاني مخف ّية ومب ّطنة»‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬وكما يقول الشيخ الرافعي‪« :‬إ ّنه لا ينبغي لأحد بحال التشنيع على‬ ‫الشيعة الإمامية بسبب قولهم بزواج المتعة استناد ًا إلى ما تق ّدم من الأد ّلة التي‬ ‫((( إسلامنا في التوفيق بين ال ُّس ّنة والشيعة‪ ،‬الدكتور الشيخ مصطفى الرافعي‪ ،‬ص‪ 147‬وما يليها‪.‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪163‬‬ ‫استندوا إليها خصوص ًا بعد أن ا ّتفق الجميع على أ َّن المتعة كانت موجودة زمن‬ ‫النبي‪ ،‬وبعد أن روى بعض كبار علماء ال ُّسنة أ ّن آية المتعة الواردة في القرآن‬ ‫الكريم غير منسوخة كالزمخشري الذي ذكر في (تفسيره) الكشاف نقل ًا عن ابن‬ ‫عباس أ َّن آية المتعة من المحكمات‪ .‬علاو ًة على أ ّن القائلين بنسخ آية المتعة هذه‬ ‫لم ي ّتفقوا على المصدر الذي صار به النسخ‪ :‬أهو الكتاب أم ال ُّسنة أم الإجماع؟‬ ‫كما لم ي ّتفقوا على الزمان الذي صار فيه النسخ أيض ًا‪ :‬أهو في غزوة «أوطاس»‬ ‫أو في غزوة «حنين» أم في غزوة «خيبر» أم في غزوة «تبوك» أم في فتح «مكة»‬ ‫أم في «حجة الوداع» أم في أ ِّي وقت آخر على سبيل القطع وبإجماع القائلين‬ ‫بالنسخ‪ ،‬علم ًا بأ ّنه لا ُيستساغ القول بأ َّن آية ﴿ َف َما ا ْس َت ْم َت ْع ُتم به منه ّن‪ ﴾...‬منسوخ ٌة‬ ‫بالحديث‪ ،‬لأ َّن الن َّص القرآني يقين ّي‪ ،‬ون ّص الحديث ظ ّني‪ ،‬واليقين لا يزول‬ ‫بالش ّك»(((‪.‬‬ ‫إذ ًا‪ ،‬إ ّن كلام هذا العالم السن ّي الجليل يوضح أ ّن للمسلمين الشيعة أد ّلتهم‬ ‫واستدلالاتهم القطع ّية بمشروع ّية العقد المؤ ّقت وهم معذورون عند الله بما‬ ‫رأوه صحيح ًا‪ ،‬ولا يجوز لمن يعارضهم الرأي أن ي ّتهمهم بأ ّنهم يأخذون فقههم‬ ‫من غير المصادر الشرع ّية وفي ق ّمتها القرآن الكريم(((‪.‬‬ ‫أستا ٌذ جال ٌس في الصف الأمامي يسأل‪:‬‬ ‫ * قلتم‪ :‬إ ّن للمسلم أن يأخذ بالرأي الفقه ّي الذي يحرز فيه الاطمئنان‪ ،‬فهل‬ ‫من علماء ال ُّسنة َمن يجيز الأخذ بالآراء الفقهية الشيع ّية؟‬ ‫ـ الدكتور أبو زكريا‪« :‬بالطبع هناك علماء كثيرون لا َي َر ْو َن َح َرج ًا في جواز‬ ‫التع ّبد بالمذهب الشيعي الإمام ّي‪ ،‬وعلى سبيل المثال سأقرأ عليكم نص فتوى‬ ‫تاريخ ّية صادرة عن شيخ الأزهر في زمانه وهو الإمام الأكبر الشيخ محمود‬ ‫((( ـ إسلامنا في التوفيق بين ال ُّسنة والشيعة‪ ،‬الدكتور الشيخ مصطفى صادق الرافعي‪ ،‬ص‪ ،153‬وما يليها‪.‬‬ ‫(( ( ـ انظر المستند رقم (‪ )١٧‬ص ‪.٢٢٠‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪164‬‬ ‫شلتوت حيث «قيل لفضيلته‪ :‬إ َّن بعض ال ّناس يرى أ ّنه يجب على المسلم لكي‬ ‫تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يق ّلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة‬ ‫وليس بينها مذهب الشيعة الإمامية ولا مذهب الشيعة الزيد ّية‪ ،‬فهل توافقون‬ ‫فضيلتكم على هذا الرأي‪ ،‬فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية‬ ‫مثل ًا؟‬ ‫فأجاب فضيلته‪:‬‬ ‫‪١‬ـ إ َّن الإسلام لا يوجب على أح ٍد من أتباعه‪ ،‬ا ّتباع مذهب مع ّين بل نقول‬ ‫إ َّن لك ِّل مسلم الح ّق في أن يق ّلد بادىء ذي بدء أ َّي مذه ٍب من المذاهب‬ ‫المنقوله نقل ًا صحيح ًا‪ ،‬والمد ّونة أحكامها في كتبها الخاصة‪ ،‬ولك ّل من‬ ‫ق ّلد مذهب ًا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره ـ أي مذهب كان ـ ولا‬ ‫َح َرج عليه في شي ٍء من ذلك‪.‬‬ ‫‪٢‬ـ إ َّن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمام ّية (الإثني عشرية)‬ ‫مذه ٌب يجوز التع ّبد به شرع ًا كسائر مذاهب أهل ال ُّسنة‪.‬‬ ‫فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك‪ ،‬وأن يتخ ّلصوا من العصب ّية بغير الح ّق‬ ‫لمذاهب مع ّينة‪ ،‬فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابع ٍة لمذهب أو مقصورة‬ ‫على مذهب‪ ،‬فالك ّل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى‪ ،‬يجوز لمن ليس أهل ًا‬ ‫للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يق ّررونه في فقههم‪ ،‬ولا فرق في ذلك بين‬ ‫العبادات والمعاملات»(((‪.‬‬ ‫ث ّم أردف الدكتور أبو زكريا قائل ًا‪« :‬عند ا ّطلاعي على آراء أهل ال ُّس ّنة فيما‬ ‫يخت ُّص بتشريع المتعة وجد ُت أن تشريع المتعة كان في عهد الرسول‪ ،‬ورأيت أ ّن‬ ‫((( الوحدة الإسلامية أو التقريب بين المذاهب السبعة‪ ،‬ص‪ ،22‬جمع وترتيب عبد الكريم الشيرازي‪،‬‬ ‫منشورات مؤ ّسسة الأعلمي للمطبوعات‪ ،‬انظر المستند رقم (‪ ،)١٨‬ص ‪.٢٢١‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪165‬‬ ‫تحريم تشريعها كان في زمن لاحق‪ ،‬وعندما رأيت في بعض كتب علماء ال ُّس ّنة‬ ‫أ ّنها جائزة‪ ،‬وقرأت عند بعضهم أ َّن الشيعة معذورون في القبول بح ّليتها‪ ،‬وأ َّن‬ ‫مذهبهم يجوز التع ّبد به‪ ،‬جعلني أقفز القفزة التي ذكرتها سابق ًا‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬فالس ّني‬ ‫إذا أراد الاقتناع بح ّلية زواج المتعة فهذه المصادر والآراء والكتب الس ّنية بين‬ ‫يديه‪ ،‬وباستطاعته أن يعود إليها‪ ،‬أ ّما إذا أص ّر على موقفه بعدم الاقتناع مع ك ّل‬ ‫ما أثبتناه وما أوردناه‪ ،‬فعليه أن ينتقل من تقليد فقيه إلى تقليد فقيه آخر من داخل‬ ‫مذهبه السني‪ ،‬وهذا الانتقال يق ّرب إليه المسافة في مسألة قبول الآليات المتبعة‬ ‫في تشريع المتعة‪ ،‬حيث إ َّن عقد المتعة ليس بحاجة إلى ول ّي أو شهود أو إشهار‪،‬‬ ‫وهذا ما نراه في مباحث الحديث عن الزواج الدائم‪ ،‬فنرى أ َّن بعض الفقهاء‬ ‫ُيجيزون عقد الزواج الدائم من غير إذن الول ّي كما ذهب إلى ذلك الأحناف‪ ،‬أو من‬ ‫دون ضرورة للشهود كما يرى ذلك فقهاء المالك ّية‪ ،‬وعلى هذا فله أن يرتبط بزواج‬ ‫دائم من دون هذه الآليات‪ .‬وتبقى مسألة‪ ،‬وهي أ ّنه كيف سيقبل السني بالتوقيت‪،‬‬ ‫وهذه هي المسألة الخلاف ّية بيننا وبين الشيعة‪ ،‬ولح ِّل هذه الإشكالية‪ ،‬فنحن نجيز‬ ‫الزواج بن ّية الطلاق‪ ،‬وهذه الن ّية مرتبطة بالتوقيت‪ ،‬فالزوج يح ّدد وقت ًا عندما يرتبط‬ ‫بزوجته‪ ،‬وعندما يق ّرر أ َّن الوقت قد حان ليط ّلقها فإ ّنه يفاجئها بالطلاق من دون‬ ‫مق ّدمات‪ ،‬وعلى ذلك فالخلاف بين ال ُّس ّنة والشيعة في مسألة التوقيت ينحصر في‬ ‫الإعلان عن الوقت وهذا ما يرى الشيعة جوازه‪ ،‬أو في عدم الإفصاح عنه وهذا ما‬ ‫يح ّرمه الس ّنة‪ ،‬وبهذا فإ َّن ال ُّس ّنة يجيزون التوقيت كما الشيعة‪ ،‬ولكن الخلاف يبقى‬ ‫في إظهار التوقيت أو إخفاء هذا التوقيت‪ .‬ومن هنا فإ َّن الس ّني إذا لم يقتنع بك ِّل‬ ‫ما قلناه‪ ،‬فله أن يقبل بمذهب الشيعة في التوقيت بنا ًء على ما أفتى به شيخ الأزهر‬ ‫الشيخ محمود شلتوت ـ رحمه الله ـ حيث يرى جواز التع ّبد بالمذهب الشيعي‪،‬‬ ‫وبذلك يو ّفر على نفسه الكثير من التعقيدات»‪.‬‬



‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪167‬‬ ‫بينهما وللنفقة عليها مع عدم نشوزها‪ ،‬حتى لو اش ُترط عدمهما‪ ،‬لأ ّن شرط ذلك‬ ‫باط ٌل لمخالفته مقتضى العقد الدائم المقتضي الإنفاق والتوارث ولأ ّنه مخال ٌف‬ ‫للكتاب وال ُّس ّنة‪.‬‬ ‫أ ّما الأولاد الحاصلون من نكاح المتعة فهم أولاد شرعيون‪ ،‬تتر ّتب عليهم‬ ‫جميع الأحكام الشرع ّية المتر ّتبة على الأولاد الحاصلين من النكاح الدائم‪ ،‬من‬ ‫التحريم بالنسب والرضاع والمصاهرة‪ ،‬ومن التوارث ومن النفقة من آبائهم‬ ‫عليهم ومنهم على آبائهم»‪.‬‬ ‫طال ٌب آخر بدا في أمارات وجهه أ ّنه يريد الاستزادة‪ ،‬فسأل‪:‬‬ ‫* ما هي الأحكام المشتركة بين المتعة والدائم؟‬ ‫ـ السيد محمد‪« :‬يشترك نكاح المتعة مع النكاح الدائم في جمل ٍة من الأحكام‪،‬‬ ‫أه ّمها‪:‬‬ ‫‪ . 1‬إ ّنهما لا يكونان إلا بعقد من إيجاب وقبول لفظ ّيين‪ ،‬فلا يكفي التراضي‪.‬‬ ‫‪ .2‬العقد فيهما لا يكون إلا بلفظ الزواج والنكاح أو المتعة‪ .‬كلفظ ز ّوجتك‬ ‫أو أنكحتك أو م ّتعتك‪.‬‬ ‫‪ .3‬كلاهما ينشر الحرمة بالنسب والمصاهرة والرضاع‪.‬‬ ‫‪ .4‬الولد من المتعة كالولد من الدائم تتر ّتب عليه جميع الحقوق والواجبات‬ ‫والآثار من الإرث ومن النفقة عليه ومن نفقة الولد على والديه وغير ذلك‪.‬‬ ‫‪ . 5‬وجوب الع ّدة على المتم ّتع بها بعد انتهاء م ّدتها كوجوبها على الدائم بعد‬ ‫طلاقها إن كان مدخول ًا بها‪.‬‬ ‫‪ .6‬لا ع ّدة على غير المدخول بها‪.‬‬ ‫‪ .7‬لا يجوز أن ُيدخل (الزوج) على الع ّمة أو الخالة المتم ّتع بها ابنة أخيها أو‬ ‫ابنة أختها إلا بإذنها ورضاها كالدائم‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪168‬‬ ‫‪ . 8‬لا يجوز مقاربة (الدخول بها) المتم ّتع بها في حال حيضها أو نفاسها‬ ‫كالدائم‪.‬‬ ‫‪ .9‬الزوجة المتم َّتع بها فراش (على قاعدة الولد للفراش) مع الدخول وهو‬ ‫موج ٌب لإلحاق الولد بالزوج‪.‬‬ ‫‪ .10‬يجوز في نكاح المتعة ونكاح الدائم اشتراط ك ِّل أمر سائغ غير مخال ٍف‬ ‫الكتاب أو ال ُّسنة ولم يكن ُم َح ِّرم ًا لحلال أو مح ِّلل ًا لحرام‪.‬‬ ‫‪ .11‬عقد المتعة بعد وقوعه بشروط لاز ٌم كالدائم‪.‬‬ ‫‪ .12‬إذا تب ّين فساد عقد المتعة لسبب من الأسباب ب ُطل‪ ،‬فإ ْن كان لم يدخل بها‬ ‫فلا مهر لها‪ ،‬وإن كان قد دخل مع عدم علمها سابق ًا بالفساد فلها المهر‪،‬‬ ‫وإن كانت حين العقد عالم ًة بالفساد وم ّكنت نفسها منه‪ ،‬فهي بغ ّي لا مهر‬ ‫لها كالدائم تمام ًا‪.‬‬ ‫‪ .13‬ويتساويان في وجوب ع ّدة المتو ّفى عنها زوجها في أ ّنها أربعة أشهر‬ ‫وعشرة أيام‪.‬‬ ‫‪ .14‬يشتركان في أ َّن الخلوة وإقفال الأبواب وإرخاء الستور لا أثر له في‬ ‫إثبات المهر والع ّدة‪.‬‬ ‫‪ .15‬عدم جواز الجمع بين الأختين»‪.‬‬ ‫الطالب‪:‬‬ ‫ * ح ّبذا لو ن ّطلع على الأحكام المختصة بالمتعة؟‬ ‫ـ الس ّيد محمد‪« :‬يخت ّص نكاح المتعة بجملة من الأحكام‪ ،‬أه ّمها‪:‬‬ ‫لا طلاق في المتعة حيث تنفصل المرأة عن الرجل المتم َّتع بها بمج ّرد انتهاء‬ ‫م ّدتها بخلاف الدائم‪ ،‬فإ ّنه لا ب ّد من الطلاق‪.‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪169‬‬ ‫لا نفقة للمتم َّتع بها إلا مع الشرط‪ ،‬أما الدائم فلها النفقة حتى لو اشترط عدمها‪،‬‬ ‫لأ ّنه ليس له أو لها إلغاء النفقة كمبدأ وتشريع‪ ،‬نعم لو تع ّلقت النفقة في ذمته لم ّدة‬ ‫شهور مع ّينة فلها أن تسامحه بذلك أو تق ّلل من مقدار النفقة وقيمتها‪.‬‬ ‫لا رجعة لها (أي لا تعود إليه إلا بعد عقد جديد) بخلاف الزوجة الدائمة‬ ‫المط ّلقة رجع ّي ًا‪.‬‬ ‫وجوب ذكر الم ّدة كما تق ّدم‪.‬‬ ‫وجوب ذكر المهر كما تق ّدم‪.‬‬ ‫لا يقع بعقد نكاح المتعة المح ِّلل للطلاق الثالث‪ ،‬بل هو مخت ّص بالنكاح‬ ‫الدائم مع الدخول بها إجماع ًا‪.‬‬ ‫إذا مات عنها زوجها قبل انقضاء الم ّدة ولم يدخل بها استح ّقت المهر كامل ًا‪.‬‬ ‫تستح ّق المتم ّتع بها المهر كامل ًا إذا انتهت الم ّدة ولم يدخل بها‪.‬‬ ‫يجوز في المتم ّتع بها أن يعقد عليها إلى م ّدة وبعد انتهاء م ّدتها يعود م ّرة ثانية‬ ‫وثالثة ورابعة وهكذا بعقد جديد في ك ّل مرة ولا يحتاج فيها المح ّلل»(((‪.‬‬ ‫أحد الحاضرين وكان م ّمن حرص على حضور جميع جلسات الحوار وقف‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ * ما نعرفه أ ّن المرأة تنفصل عن زوجها بالطلاق‪ ،‬والمعروف عن الزواج أ ّنه‬ ‫لا ب ّد من التوارث بين الزوجة والزوج‪ ،‬ولكنكم في أطروحتكم لا تعيرون‬ ‫اهتمام ًا للطلاق ولا للتوارث بين الزوجين‪ ،‬ما ر ّدكم على هذا القول؟‬ ‫ـ الس ّيد محمد‪« :‬تصحيح ًا لمعلومات السائل الكريم‪ ،‬فإ ّن هناك حالات‬ ‫تنفصل فيها الزوجة أو الزوج من دون طلاق‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫(( ( المتعة ومشروعيتها في الإسلام‪ ،‬ص‪ ،129‬وما يليها‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪170‬‬ ‫‪1.1‬ال َأ َمة المتز ّوجة إذا اشتراها زوجها فإ ّنها تنفصل منه بغير طلاق‪.‬‬ ‫‪2.2‬الزوجة الملاعنة تبين ـ تنفصل ـ بغير طلاق‪.‬‬ ‫‪3.3‬الزوجة المرت ّدة‪.‬‬ ‫‪4.4‬الزوج المرت ّد تبين منه زوجته‪.‬‬ ‫‪5.5‬الزوجة الصغيرة التي أرضعنها أم الزوج تبين من زوجها لأ ّنها بهذا‬ ‫الرضاع أصبحت أخت ًا له‪.‬‬ ‫‪6.6‬الزوجة الصغيرة التي أرضعتها الزوجة الكبيرة تبين من زوجها بغير طلاق‪.‬‬ ‫‪7.7‬زوجة المجنون إذا فسخت عقد زواجها منه تبين بغير طلاق‪.‬‬ ‫هذا عند الشيعة‪ ،‬وأ ّما ما عند ال ُّس ّنة‪ ،‬فإ َّن هنا حالات مشابهة أيض ًا و ُتفسخ‬ ‫العلاقة بين الرجل والمرأة من دون طلاق ومنها‪:‬‬ ‫‪1.1‬إذا ت ّم العقد وتب ّين أ ّن الزوجة التي عقد عليها أخته من الرضاع‪ُ ،‬فسخ‬ ‫العقد‪.‬‬ ‫‪2.2‬إذا ارت ّد أح ُد الزوجين عن الإسلام ولم يعد إليه‪ُ ،‬فسخ العقد(((‪.‬‬ ‫وهناك حالات من الزواج الدائم لا توارث فيه كالأمثلة الآتية‪:‬‬ ‫‪ .١‬الأ َمة إذا كانت زوجة‪.‬‬ ‫‪ . ٢‬الزوجة القاتلة‪.‬‬ ‫‪ . ٣‬الزوج القاتل‪.‬‬ ‫‪ . ٤‬الزوجة الذم ّية‪.‬‬ ‫‪ .٥‬الزوجة المعقود عليها في المرض الذي توفي فيه زوجها ولم يدخل بها‪.‬‬ ‫(( ( راجع فقه ال ُسنة‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ ،212‬وراجع كتاب الفقه على المذاهب الأربعة‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.375‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪171‬‬ ‫وهذا ما يذهب إليه أيض ًا علماء ال ُّسنة(((‪ .‬ولو أردنا أن نشرح فلسفة عدم ح ّق‬ ‫المرأة في الأرث في الزواج المؤقت في حالة عدم اشتراط المرأة على الرجل‬ ‫بذلك‪ ،‬فإ َّن الأمر واضح وجل ّي‪ ،‬لأ َّن نظام الفيقة والميقة قائ ٌم بهدف التعارف‬ ‫على أمل الزواج الدائم إذا حدث وأ َّن الطرفين وجدا أ ّنهما يصلحان لبعضهما‬ ‫كزوجين‪ ،‬وليس هذا النظام يهدف إلى قيام علاقة جنسية بالمعنى الخاص‬ ‫للعملية‪ ،‬فبأ ّي ح ّق ترث هذه المرأة وهي لم ُتعطه ح ّق الاستمتاع الجنسي الكامل‬ ‫ولم ُتنجب منه أطفال ًا‪ ،‬وليس لها أي حقوق عليه كما هي حقوق المرأة على‬ ‫زوجها في الزواج الدائم‪ ،‬فإذا حدث بينهما عقد شرع ّي مؤقت لم ّدة شهر أو‬ ‫شهرين أو لمدة سنة كاملة‪ ،‬وكان الهدف من الم ّدة دراسة إمكانية قدرتهما على‬ ‫الانسجام مع بعضهما من دون ـ كما قلنا ـ تر ّتب أ ّية واجبات أو حقو ٍق ُتفرض‬ ‫على الطرفين باستثناء ما ورد في العقد وخصوص ًا المهر الذي هو ح ّق وحيد‬ ‫في هذا العقد دون غيره‪ ،‬فبأ ّي منطق ترثه الفتاة في حال وفاته‪ ،‬وخصوص ًا أ ّن‬ ‫الاحتمال وارد بوفاته بعد يوم أو أسبوع أو شهر من العقد؟ فمن رحمة الله بعباده‬ ‫أل ّا يكون هذا الأمر قائم ًا‪ ،‬وبالمقابل بأي وجه ح ّق يرث الشاب الفتاة في حال‬ ‫وفاتها وهو لم يق ّدم لها شيئ ًا ولم ُيلزمها بأ ٍّي من الواجبات وهي في الأساس لم‬ ‫تقم بأ ِّي واجب نحوه؛ هي مرحلة تعارف‪ ،‬وليست مرحلة زواج دائم استم ّرت‬ ‫لعشرات السنين ق ّدم فيها الزوج أو الزوجة الكثير من التضحيات‪ ،‬وقاما بالكثير‬ ‫من الواجبات تجاه بعضهما وأولادهما وبيتهما الأسري‪ ،‬وهذا ينطبق أيض ًا على‬ ‫عدم النفقة‪ ،‬فعندما يكون العقد قائم ًا لفترة وجيزة ليتع ّرفا على بعضهما‪ ،‬فلماذا‬ ‫ُيلزم بالإنفاق عليها إذا مرضت واستوجب ذلك الدخول إلى المستشفى أو‬ ‫أصيبت سيارتها بحاد ٍث وتض ّررت وبلغت تكاليفها أموال ًا طائلة أو إذا اضطرت‬ ‫لدفع قسطها الجامعي أو المدرسي أو شراء ملابس جديدة وحاجيات أخرى‪..‬‬ ‫(( ( الميراث المقارن‪ ،‬بدران أبو العينين‪ ،‬ص‪ ،31‬وما يليها‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪172‬‬ ‫يجب أن نكون منطقيين ـ حضرات ال ّسادة الحضور ـ أعود وأؤكد أ َّن من رحمة‬ ‫الله أ ْن خلق لنا أنظمة متع ّددة لمسار حياتنا نأخذ منها ما لا يربكنا وما لا يض ّيع‬ ‫علينا فرص ًا كثيرة‪ ،‬فالشاب عندما لا يكون متأ ّكد ًا أ ّن هذه الفتاة تصلح له كزوجة‪،‬‬ ‫أو يصلح لها زوج ًا فما الموجب أن نفرض عليه النفقة على الفتاة التي ما زال‬ ‫في طور التع ّرف عليها؟ بعضنا للأسف يطلب أشياء ليست من ح ّقه وليست من‬ ‫صالح الطرف الآخر‪ ،‬هذه مسألة‪ ،‬ومسألة أخرى نعرف أ ّن الله وفي العقود وضع‬ ‫نظامين‪ ،‬ولك َّن بعضنا يريد نظام ًا واحد ًا وكأ ّننا نفرض على الله ما نريد لا ما يريده‬ ‫هو الذي أعلم بمصالحنا‪ ،‬ولكن مع ذلك نقول‪ ،‬إذا أردت الإرث والنفقة أ ّيها‬ ‫الإنسان فاذهب إلى الزواج الدائم‪ ،‬وإذا أردت أن يكون هدفك دراسة إمكانية‬ ‫الوصول مع الطرف الآخر إلى نتيجة نهائية فأنت ح ٌّر في أن تنفق أو لا ُتنفق أو أن‬ ‫تقبل بشرط الإرث أو لا تقبل‪ ،‬فأنت بالخيار»‪.‬‬ ‫العقد المؤقت والتحصين‬ ‫طالب يسأل‪:‬‬ ‫ * ولكن سماحة الس ّيد‪ ،‬يقول بعض العلماء إ َّن العقد المؤ ّقت لا يح ّصن‬ ‫الرجل كما في الزواج الدائم‪ ،‬فماذا تقولون؟‬ ‫ـ يجيب الس ّيد‪« :‬أول ًا لا ب ّد من توضيح مفهوم الإحصان باختصار‪ ،‬فهو عندما‬ ‫ُيستعمل في ُعرف الفقهاء فإ ّنهم يريدون منه ما يوجب معاقبة الرجل المتز ّوج‬ ‫أو المرأة المتز ّوجة إذا أقدما على فعل الزنا بالعقاب الشرعي‪ ،‬وب ّينوا أ ّن الذي‬ ‫يستح ُّق العقاب هو الذي يملك ف ْرج ًا يستطيع وطئه ك ّلما أراد ذلك‪ ،‬لأ ّنه يستطيع‬ ‫أن يعصم نفسه عن الوقوع في الزنا من خلال هذا الفرج‪ ،‬أ ّما الرجل الذي ارتبط‬ ‫بفتاة بعقد شرع ّي مؤ ّقت‪ ،‬فإ ّنه لا يملك ح ّق الفرج والفراش‪ ،‬فإذا كان واجب ًا على‬ ‫الزوجة الدائمة مساكنة الزوج وتلبية رغبته الجنسية متى شاء إل ّا في حالات‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪173‬‬ ‫خاصة كالحيض والنفاس‪ ،‬فإ ّنه في العقد المؤقت لا يجب عليها ذلك‪ ،‬فليس‬ ‫للرجل في هذا العقد الح ّق في أن يطلبها إلى الفراش وليس عليها أن تل ّبي‪ ،‬ومن‬ ‫هنا نقول‪ :‬صحيح أ َّن العقد المؤ ّقت لا يح ّصن الرجل‪ ،‬بل العقد الدائم هو الذي‬ ‫يح ّصن لأ ّن الرجل يملك فيه ح ّق الفراش‪ ،‬وهذه إيجاب ّيات نظامنا وليست سلب ّية‬ ‫ُتحسب عليه»‪.‬‬ ‫اجتناب المح ّرمات‬ ‫أحد الأساتذة يسأل‪:‬‬ ‫ * فهمنا من حديثكم عن المتعة أ ّنه ينبغي للإنسان أن يختار العفيفة‪ ،‬ولكن‬ ‫ما قولكم بالتم ّتع بالعاهرة‪ ،‬وكثير ًا ما نسمع عن البعض الذين يذهبون إلى‬ ‫البلاد الغربية يتم ّتعون ببائعات الهوى من دون أن يراعوا الشروط الشرعية‬ ‫لزواج المتعة‪ ،‬فهل هذا ُيبقي على حرمة المتعة كتشريع قرآني‪ ،‬وسؤالي‬ ‫هذا أو ّجهه للأستاذ ناصر؟‬ ‫ـ ناصر‪« :‬أشكر الأستاذ الكريم على طرحه هذا‪ ،‬لأ ّنه أفسح لنا المجال‬ ‫للحديث عن مفردة لطالما ك ّنا في جلساتنا نحن اللجنة بحثنا هذا الموضوع مع‬ ‫جملة من الموضوعات الأخرى لأ ّنها من اهتمامات نظامنا‪ .‬ولو س ّلمنا جدل ًا‬ ‫أ َّن البعض كما يقول السائل الكريم يو ّظف حل ّية زواج المتعة في غير الاتجاه‬ ‫الصحيح‪ ،‬فإ ّن هذا ُيظهر تناقض ًا عند هذا البعض في ما ُيس ّمى الاختلاف بين‬ ‫النظرية والتطبيق‪ ،‬فأحيان ًا تكون النظرية في أسمى المواقع‪ ،‬ولكن تأتي التطبيقات‬ ‫بشك ٍل مغاير لسم ّو هذه المواقع‪ ،‬وبمعنى آخر‪ ،‬قد ُتط ّبق شرائع الله تطبيق ًا خاطئ ًا‪،‬‬ ‫أو تستغ ّل بطريقة بعيدة عن روح هذه الشرائع‪ ،‬ولك َّن هذا التطبيق وهذا الاستغلال‬ ‫لا يلغيان أهم ّية هذا التشريع‪ ..‬وكما ينطبق هذا الأمر على الشريعة‪ ،‬فإ ّنه ينطبق‬ ‫حتى على التجارة بين الناس‪ ،‬حيث هناك َمن يتعاطى التجارة ولكن بأساليب فيها‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪174‬‬ ‫الكثير من الغش والكذب‪ ،‬وهذا ليس مب ّرر ًا أن نصدر حكم ًا بتحريم التجارة‪ ،‬لأ َّن‬ ‫هناك أفراد ًا أو مؤ ّسسات أو جماعات مع ّينة خالفت أخلاقية أو قوانين التجارة‪..‬‬ ‫وحتى في الزواج الدائم‪ ،‬كثير ًا ما نصادف أفراد ًا يستغ ّلون هذا الزواج لأغراض‬ ‫شخصية‪ ..‬ولكن لا نجرؤ على القول إ ّن الزواج الدائم تشريع خاطىء‪.‬‬ ‫ولذا‪ ،‬أرى ضرورة أن نتو ّقف عند هذا الإشكال إبدا ًء لوجهة نظرنا وفي‬ ‫محاولة للمعالجة‪ ..‬أ ّول ًا ينبغي لنا تحديد المصطلح والتفريق بين العاهرة‬ ‫والزانية‪ ،‬فليست ك ّل زانية عاهرة‪ ،‬أو بائعة هوى‪ ،‬لأ َّن العاهرة تبيع نفسها في أ ّي‬ ‫وقت‪ ،‬أ ّما الزانية فقد تكون وقعت في الإثم في لحظة ضعف نتيجة علاقة غرامية‬ ‫بشخص آخر أو ما إلى هنالك‪ ،‬ولم تقم بهذا الفعل من مبدأ التجارة بجسدها‪،‬‬ ‫ولذا لا نعطي أنفسنا الح ّق بأن نصف ك ّل واحدة أقامت علاقة جنسية كما وصفنا‬ ‫آنف ًا بأ ّنها بائعة هوى‪ ،‬لأ َّن بائعة الهوى عرضت جسدها في الشارع وهي لا تر ّد‬ ‫طالب ًا‪ ،‬وفي ك ِّل ساعة تكون مع شخص مع ّين‪ ..‬وإ ّنما نقول هذا حتى لا نطلق صفة‬ ‫بائعة الهوى جزاف ًا على أ ّية امرأة أقامت علاقة جنسية مح ّرمة قد تكون الأولى‬ ‫والأخيرة في حياتها‪.‬‬ ‫وفي ما ُيقدم عليه بعض المسلمين في الدول الغرب ّية نجيب عن هذه المسألة‬ ‫من ناحية أخلاقية ودين ّية‪ ،‬فمن الناحية الأخلاقية‪ ،‬هم يقيمون علاقة بامرأة تمتهن‬ ‫التجارة بالجسد‪ ،‬تقف على الطريق شبه عارية‪ ،‬أو تنتظر ا ّتصال ًا هاتفي ًا مل ّبية رغبة‬ ‫َمن يريد‪ ،‬فالعلاقة بهذا النوع من النساء علاقة غير مش ّرفة‪ ..‬ومن الناحية الشرعية‬ ‫ينبغي لنا أن نعي أمر ًا شرع ّي ًا‪ ،‬وهو أ ّنه لا يمكن أن يعقد الإنسان على امرأة وهي ما‬ ‫زالت في ع ّدتها‪ ،‬فأين هو الاطمئنان في ذلك؟ وكيف لرجل أن يطمئ ّن إلى امرأة‬ ‫من هذا النوع وإلى أ ّنها لم تنم مع غير شخص قبل ساعة أو يوم أو يومين وكيف‬ ‫سيطمئن بأ ّنها ستعتد؟ وع ّدة المؤ ّقتة كما هو الشرع تحتاج إلى حيضتين؟»‬ ‫ير ّد الأستاذ قائل ًا‪:‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪175‬‬ ‫* ولكن ماذا لو ا ّدعى البعض بأ َّن المرأة مص ّدقة على فرجها؟‬ ‫ـ ناصر‪« :‬نعم‪ ،‬هناك من يذهب إلى ذلك ويقول إ ّن المرأة مسؤولة عن‬ ‫فرجها‪،‬وليس من مسؤوليتنا أن ند ّقق فيما فعلته سابق ًا وما ستفعله لاحق ًا‪ ،‬فهي‬ ‫إن كانت في ع ّدتها أو لم تعت ّد‪ ،‬فهذا راج ٌع إليها وهي تتح ّمل المسؤولية الشرعية‬ ‫في ذلك‪ ..‬هذا الكلام فيه خدا ٌع للنفس ولا ُيطلقه إنسان وهبه الله عقل ًا سو ّي ًا‪،‬لأ ّن‬ ‫هذا الكلام لو ص ّح‪ ،‬فإ ّنه ينطبق على المرأة العفيفة‪ ،‬أ ّما المرأة التي ُيطلق عليها‬ ‫(بائعة هوى) فأين هي من الشرع وحدود الشرع؟»‬ ‫ * ولكن هناك بعض الفتاوى التي تجيز الزواج بالمشهورة بالزنا؟‬ ‫ـ يعود نـاصر ليقـول‪« :‬هذا الأمر صحيح‪ ،‬ولكن اشترط العلماء ضرورة‬ ‫نصحها وإرشادها إلى الطريق الصحيح في محاولة لانتشالها من بؤرة الفساد‬ ‫والانحراف إلى واقع نظيف‪ ،‬والذي يستطيع إخراج هذه الإنسانة من هذا‬ ‫المستنقع يكون ثوابه وأجره عند الله عظيم ًا‪ ..‬ولا ينحصر الأمر في أن يتز ّوجها‬ ‫الإنسان بعقد دائم إذا ما عقد الن ّية في ذلك‪ ،‬بل يتع ّدى ذلك حتى إلى زواج المتعة‪،‬‬ ‫ولكن ليس لم ّدة يوم أو يومين‪ ،‬لأ َّن هذا الوقت لا يسمح بإخراجها من وضعها‬ ‫ومأزقها النفسي والأخلاقي الس ّيء‪ ،‬بل يحتاج إلى م ّدة أطول‪ ،‬وعليه أن يض ّحي‬ ‫بالكثير من راحته ووقته وحتى من أمواله‪ ،‬لأ َّن بائعة الهوى هذه ومن جملة ما‬ ‫دفعها إلى أن تسير في هذا الطريق هو الحاجة المادية‪ ،‬أو القلق النفسي أو الضياع‬ ‫الاجتماعي‪ ،‬فكم يحتاج من وقت ومثابرة لإنقاذها من هذا الواقع؟‬ ‫ومن هنا‪ ،‬على الشباب أل ّا يقرأوا بعض الفتاوى على طريقة ولا تقربوا‬ ‫الصلاة‪ ..‬وعليهم عندما ُيقدمون على ارتباط دائم أو مؤ ّقت بالمرأة وكما قلنا‬ ‫في إجابات سابقة أن يضعوا الآية القرآنية نصب أعينهم ﴿نساؤكم حرث لكم﴾‬ ‫[البقرة‪ ]223 :‬فينبغي لهم التركيز على اختيار الأرض‪ ،‬هل هي صالحة للزراعة‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪176‬‬ ‫أم لا؟ وهل ثمارها ستكون ط ّيبة أم ُم ّرة؟ وإ ّنما هذه التساؤلات تحدث في الفكر‬ ‫قبل أن نتم ّلك الأرض ونضع أيدينا عليها‪..‬‬ ‫ومن هنا تظهر أه ّمية نظامنا‪ ،‬فلو أ َّن المجتمع ير ّسخ المعايير الشرع ّية في علاقة‬ ‫الرجل بالمرأة ويعمل على تطبيق الفيقة والميقة وحتى الصيغة في هذه العلاقة‪،‬‬ ‫أ ّي أ ّنه لو يتق ّبل فكرة الزواج المؤ ّقت‪ ،‬أعتقد أ ّننا لن نجد رجال ًا سيرتبطون ببائعات‬ ‫الهوى إشباع ًا لل ّذة عابرة وفيها من الإشكالات الشرعية ما فيها»‪.‬‬ ‫الزواج الثاني‬ ‫إحدى الطالبات تقول‪:‬‬ ‫* إلى أ ّي مد ًى ترون أ َّن نظام الفيقة والميقة يخ ّفف من نسبة الزواج الثاني‪،‬‬ ‫الذي مع حل ّيته وتشريعه الإلهي نجد أ ّنه سب ٌب رئيس في تفاقم المشاكل‪،‬‬ ‫أو ّجه سؤالي للدكتور عمر أبو زكريا وأرجو أن يجيبني عليه؟‬ ‫ـ الدكتور عمر‪« :‬إ ّننا نعتقد أ َّن تطبيق نظام الفيقة والميقة سيخ ّفف في السنوات‬ ‫القادمة إن شاء الله‪ ،‬ليس من الطلاق والزنا فحسب‪ ،‬بل من الزواج الثاني‪ ،‬لأ ّننا لن‬ ‫نرى الآثار الإيجابية سريع ًا في أمر تطبيق النظام‪ ،‬بل سيكون ذلك في المسقبل‪..‬‬ ‫فالش ّبان عندما يتأخرون في الزواج إلى أعمار الخامسة والعشرين أو السادسة‬ ‫والعشرين أو أكثر بقليل‪ ،‬مع وجود المتن ّفس العاطفي والجنس ّي المحكوم بعقد‬ ‫شرع ّي مؤ ّقت‪ ،‬فهذا يعطيهم وقت ًا كافي ًا كي لا يتس ّرعوا في الإقدام على الزواج‬ ‫الدائم بمن يرون (ذكور ًا وإناث ًا) أ َّن اختيارهم لم يكن على مستوى الطموح‪،‬‬ ‫فيكون اللجوء عندها إلى الطلاق أو إلى الزواج الثاني (وهذا خيار الرجال)‪..‬‬ ‫فالشاب أو الفتاة كما ذكرنا في م ّرات كثيرة في هذه الجلسات أ ّنهما من خلال‬ ‫نظامنا والتد ّرج سيجدان الصالح أو الصالحة لبناء حياة زوجية مشتركة‪ ،‬تكون‬ ‫فيها نسبة المشاكل غير عالية‪ ،‬فالرجل في ذلك ليس مضطر ًا إلى البحث عن‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪177‬‬ ‫زوجة أخرى‪ ،‬والزوجة تعيش في مأمن بعيد ًا عن سلاح الطلاق»‪.‬‬ ‫وهنا يتد ّخل أحد الأساتذة الجامع ّيين قائل ًا‪:‬‬ ‫* إذا كان الطلاق مع حل ّيته أمر ًا مبغوض ًا بنظر الشرع والمجتمع‪ ،‬أ ّما الزواج‬ ‫الثاني فأم ٌر ح ّث عليه الشرع مع وجود الحاجة ومن دون الحاجة‪ ،‬فكيف‬ ‫تستنكرون على الرجل الإقدام على الزواج الثاني؟‬ ‫فيتناول السيد محمد مه ّمة الإجابة‪:‬‬ ‫ـ «ليس لأ ّي إنسان أن يمنع الزواج الثاني‪ ،‬ما دام المش ّرع وهو الله سبحانه‬ ‫وتعالى أباح ذلك‪ ،‬ونحن كلجنة نعتقد أ ّن َمن ُيقدم على الزواج الثاني‪ُ ،‬يقدم نتيجة‬ ‫حالات خاصة وأحيان ًا ضاغطة‪ ،‬وإن كان البعض لا يراها أساسية ومه ّمة‪ ،‬ولك ّنها‬ ‫في نظر َمن يرغب بتع ّدد الزوجات هي ضرورية ورغب ٌة تندرج في خانة الحاجة‪.‬‬ ‫إذ ًا‪ ،‬ليس لنا أن نستنكر ذلك‪ ،‬وهذه مسألة محسومة بالنسبة إلينا‪ ،‬ولكن‬ ‫عندما نذهب إلى ما طرحه السؤال في أ َّن نظامنا يخ ّفف من نسبة الإقدام على‬ ‫الزواج الثاني‪ ،‬فلأ ّن هناك مشكلة جعلها العرف والناس والتقاليد أبدية بين‬ ‫الرجل والمرأة‪ ،‬وتتل ّخص في أ َّن المرأة لن تقبل بامرأة أخرى تشاركها العلاقة‬ ‫مع زوجها‪ ...‬ونحن في اللجنة رجا ٌل ومعنا أخ ٌت كريمة وفاضلة‪ ،‬وهي الدكتورة‬ ‫عفاف‪ ،‬ودار النقاش حول هذا الموضوع أكثر من مرة في لقاءاتنا الخاصة‪ ،‬وما‬ ‫زلنا مختلفين‪ ،‬فالأخت الدكتورة ترى أن ليس للرجل أن يتزوج ثانية‪ ،‬وطبع ًا ليس‬ ‫من باب الاعتراض على الحكم الشرعي‪ ،‬إلا لضرورة فوق العادة‪ ،‬فإن كان يريد‬ ‫الجنس‪ ،‬فزوجته بين يديه‪ ،‬وإن كان يحرص على العدل بين الزوجات‪ ،‬فهذا ليس‬ ‫بمقدوره‪ ،‬وعليه فلا ب ّد بنظر الدكتورة من وجود ظروف قاهرة وضاغطة تسمح‬ ‫للرجل بالزواج الثاني‪ ،‬ولك ّننا نحن الرجال في اللجنة لا نتب ّنى هذا الرأي»‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪178‬‬ ‫استحالة البغاء‬ ‫أحد الطلاب يقف ليسأل‪:‬‬ ‫* بعيد ًا عن مفهوم الفيقة والميقة الذي يهدف إلى الزواج الدائم‪ ،‬ولكن يرى‬ ‫البعض في امتهان بعض النسوة المتعة‪ ،‬أ ّنه يح ّول المتعة إلى مهنة تد ُّر‬ ‫المال عليه ّن‪ ،‬ما رأيكم بهذا القول سماحة الس ّيد؟‬ ‫ـ الس ّيد مح ّمد‪« :‬ك ّل كتب المذهب الجعفري وخاصة الفقهية منها تفتي‬ ‫بوجوب أن تعت ّد المرأة الع ّدة الشرعية بعد خروجها من زواج المتعة‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫ُيو ّجه الا ّتهام إلى القائلين بحل ّية المتعة أ ّن بناته ّن ينتقلن في ك ِّل يوم من حضن‬ ‫رجل إلى حضن رجل آخر‪ ،‬هذا ليس افتراء على زواج المتعة وحسب‪ ،‬بل هو‬ ‫كذ ٌب صريح لا ي ّتصل بالحقيقة ولو بخيط رفيع‪ ..‬فأ ّية علاقة جنسية شرع ّية في‬ ‫الزواج الدائم أو المؤ ّقت تقتضي وجود ع ّدة للمرأة‪ ،‬ففي الدائم مح ّددة بثلاث‬ ‫حيضات‪ ،‬وفي المؤ ّقت بحيضتين‪.‬‬ ‫ونعود إلى الإشكال‪ ،‬فلو أ َّن امرأة أقدمت على الزواج المؤ ّقت بشخ ٍص ما‬ ‫وكان هناك دخول‪ ،‬ولنفرض أ ّن الم ّدة كانت لساعة واحدة‪ ،‬وانتهت‪ ،‬فهي لا‬ ‫تستطيع وبأي وج ٍه من الوجوه أن تعقد عقد ًا ثاني ًا مع شخ ٍص آخر إلا بعد مرور‬ ‫حيضتين‪ ،‬ولنفرض أ ّن م ّدة الحيضتين تمت ّد إلى خمسة وأربعين يوم ًا أو شهرين‬ ‫كاملين‪ ،‬بعد ذلك تستطيع الدخول في علاقة أخرى مباشرة‪ ،‬ولكن من ناحية نفسية‬ ‫وعملية حتى تجد المرأة إنسان ًا يطمئن قلبها إليه فقد تمت ّد الفترة إلى س ّتة أشهر‪،‬‬ ‫فهذه المرأة في السنة الواحدة لن تعقد إلا على شخصين أو أكثر‪ ،‬وكم سيكون‬ ‫المهر عالي ًا حتى يد ّر عليها الزواج المؤ ّقت ثرو ًة كبيرة؟ ومع ذلك‪ ،‬فلنفرض‬ ‫أ َّن المرأة ليست لها مشاعر وأحاسيس صادقة‪ ،‬فهي تقبل بالزواج المؤقت بأ ّي‬ ‫شخص مهما كانت مواصفاته‪ ،‬فبعد أن تعقد على الأول لم ّدة ساعة‪ ،‬على سبيل‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪179‬‬ ‫الافتراض وتنتهي الم ّدة‪ ،‬تستطيع بعد خمسة وأربعين يوم ًا أن تعقد على الثاني‬ ‫ولم ّدة ساعة‪ ،‬وبعدها يجب أن تعت ّد خمسة وأربعين يوم ًا‪ ،‬فلو جرت هذه العملية‬ ‫غير المنطقية‪ ،‬نرى أ ّنها لا تستطيع أن تعقد أكثر من خمس م ّرات أو س ّت مرات‬ ‫في السنة‪.‬‬ ‫ولو أخذنا المسألة على مستوى المهر بمبالغة عالية‪ ،‬وفرضنا أ ّن المرأة‬ ‫ستطلب مهر ًا ولم ّدة ساعة واحدة ألف دولار ولنتص ّور هنا‪ ،‬كم من الرجال‬ ‫يعطون مهر ًا لم ّدة ساعة واحدة ألف دولار؟ وأ ّنها ستعقد وأيض ًا بمبالغة عالية‪،‬‬ ‫عقود ًا مؤ ّقتة لم ّدة خمس م ّرات في السنة‪ ،‬فيكون الحاصل الما ّدي لهذه العقود‬ ‫هي خمسة آلاف دولار وبعد أن ُنخرج مصروفها السنوي‪ ،‬فقد تحصل على‬ ‫وفر قدره أل ٌف أو ألف وخمسمائة دولار‪ ،‬وهنا أين الثروة الكبيرة التي َج َنتها من‬ ‫عقودها المؤ ّقتة؟‬ ‫أرجو أن نكون منطق ّيين في أ ِّي إشكال ُيطرح بشأن نظامنا‪ ،‬فالمرأة ـ أ ُّيها‬ ‫الحضور الكريم ـ لا تستطيع أن تمتهن المتعة إذا ط ّبقتها بحدودها الشرعية‪،‬‬ ‫لأ َّن الع ّدة التي فرضها الله على المرأة ليست فقط لنظافة الرحم وإثبات الحمل‪،‬‬ ‫فهناك فلسفة ها ّمة في هذا المجال‪ ،‬وهي أ َّن المرأة حتى تح ّب رجل ًا وتعاشره‬ ‫تحتاج إلى وقت‪ ،‬فكم هي أوقاتها فسيحة حتى تح ّب ك َّل فترة رجل ًا فتعقد عليه‬ ‫ثم تعت ّد‪ ،‬وتحصل على ثروة كبيرة؟»‬ ‫أستاذ آخر يسأل‪:‬‬ ‫* المعروف أ َّن ع ّدة المرأة في الزواج الدائم ثلاث حيضات‪ ،‬وفي المؤ ّقت‬ ‫حيضتان‪ ،‬فلماذا؟‬ ‫ـ يجيب الس ّيد مح ّمد‪« :‬تعرفون أ َّن الطلاق بين الزوجين يقع عاد ًة بعد حصول‬ ‫المشاكل والخلافات‪ ،‬وهناك احتمال كبير بوجود أولاد لهذين الزوجين‪ ،‬فالله‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪180‬‬ ‫سبحانه برحمته أعطى للزوجين من خلال التشريع فترة ثلاث حيضات وخصوص ًا‬ ‫في الطلاق الرجعي لمراجعة حساباتهما‪ ،‬فلع ّلهما يحل ّان مشاكلهما‪ ،‬فيحفظان‬ ‫الأولاد ويعود للبيت استقراره‪ ،‬وأ ّما لماذا تستوجب الع ّدة ثلاث حيضات‪ ،‬فليس‬ ‫لنظافة الرحم كما يرى البعض‪ ،‬لأ َّن حيضة واحدة كافية والثانية تؤكد ذلك‪،‬‬ ‫فالمسألة هي مسألة زمن واسع نسب ّي ًا ليف ّكر فيه الزوجان بهدوء وليدرسا احتمال‬ ‫عودتهما إلى منزلهما الأسري‪ ،‬وعندما نأتي إلى الع ّدة في المؤقت وتحديدها‬ ‫بحيضتين‪ ،‬علينا أن نلحظ أ ّن الانفصال ليس ناشئ ًا عن طلاق بسبب المشاكل‬ ‫ونحوها‪ ،‬بل عن انتهاء للم ّدة الم ّتفق عليها بين الرجل والمرأة بوئام ورض ًى من‬ ‫الطرفين‪ ،‬والع ّدة إن كانت في الدائم مح ّددة بثلاث حيضات للسبب الذي ذكرناه‬ ‫آنف ًا‪ ،‬فإ ّنها في المؤقت مق ّدرة بحيضتين‪ ،‬وهذا أيض ًا من رحمة الله بعباده‪ ،‬حتى لا‬ ‫تبقى المرأة مرهونة لفترة طويلة من دون الارتباط بعقد جديد‪ ،‬دائم ًا كان أو مؤ ّقت ًا‬ ‫مع رجل يناسبها وي ّتفق مع تط ّلعاتها وآمالها»‪.‬‬ ‫الحب والنظام‬ ‫وتأخذ إحدى الطالبات الحوار با ّتجاه آخر وتقول‪:‬‬ ‫ * من الباحثين من يرى أ َّن الح ّب هو الذي ُيوجد الانسجام بين الطرفين‬ ‫وينتقلان إلى الزواج الدائم بوئام ووفاق‪ ،‬وعلى هذا القول‪ ،‬فما الضرورة‬ ‫إلى نظام الفيقة والميقة فلتكن الصداقة بريئة والح ّب قد يكون هو الخيار؟‬ ‫ـ الدكتورة عفاف‪« :‬ما هو م ّتفق عليه أ ّن هناك الح ّب السطح ّي الناتج من‬ ‫ضغوطات المصالح الذاتية والشخص ّية المنطلق من النظرة السريعة المسحورة‬ ‫بجمال ومال الرجل وموقعه الاجتماعي‪ ،‬أو بجمال المرأة وأموالها ونسبها‬ ‫وموقعها الاجتماعي‪ ،‬وهذا ما يح ّقق للطرفين ـ على سبيل الاحتمال ـ وانطلاق ًا‬ ‫من ن ّية المصلحة المتن ّوعة أهداف ًا يكون الزواج وسيلة من وسائلها‪ ،‬وليس هو‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪181‬‬ ‫هدف ًا بح ّد ذاته‪ ..‬ولذا‪ ،‬فإ ّننا نستطيع أن نعطي هذا الح ّب صفة‪ ،‬وهي الح ّب‬ ‫السريع‪ ،‬الذي يأتي بسرعة ويتلاشى بسرعة نتيجة تغيير الأحوال والأسباب التي‬ ‫أوجدت هذا الح ّب على السطح دون العمق‪ ،‬فالجمال سيذبل يوم ًا‪ ،‬والمال قد‬ ‫ينفد‪ ،‬أو أ َّن أحد الطرفين لم يستفد من هذا المال كما كان متو ّقع ًا‪ ،‬وعلى هذا فلم‬ ‫تتح ّقق الأهداف‪ ،‬ونحن لسنا ض ّد هذا الح ّب‪ ،‬فالناس أحرا ٌر في ما يعتقدون في‬ ‫هذا المجال‪ ،‬ولكن نورد ذلك انطلاق ًا من حقيقة جوهرية‪ ،‬وهي أ َّن هذا الح ّب لم‬ ‫ير ّسخ الزواج على قواعد متينة وصلبة‪..‬‬ ‫ولذا‪ ،‬نحن مع الح ّب الذي يح ّقق الانسجام والتوافق ويجد المساحة الواسعة‬ ‫للسعادة‪ ،‬ولكن حتى يصبح ذلك واقع ًا‪ ،‬لا ب ّد من التعارف الشرعي الذي يضع‬ ‫الطرفين أمام واقع وحقيقة ك ّل منهما‪ ،‬وهذا ما يضمنه نظام الفيقة والميقة الخاضع‬ ‫لعامل الوقت‪ ،‬والكفيل بتبيان الواقع والحقيقة لك ّل منهما‪ ،‬فانسجامهما وتوافقهما‬ ‫يزيدان في درجة الح ّب بينهما وينتقلان إلى الحياة الزوجية وهما يحملان رصيد ًا‬ ‫من الطمأنينة والسعادة اللتين هما نتاج الحب المرتبط بعقد شرعي يقي الطرفين‬ ‫من الوقوع في ما نهى الله تعالى عنه‪..‬‬ ‫فك ّلما زادت مدة التعارف ومعرفة الشخص بالطرف الآخر زاد هذا الح ّب‪،‬‬ ‫وق ّلت نسبة الخلافات في الحياة الزوجية‪ ،‬ولكن ليس بالح ّب وحده‪ ،‬بل بالتفاهم‬ ‫والتوافق ومراعاة ك ّل طرف أحوال الطرف الآخر‪ ،‬وهذا ما قد يكون نوع ًا من‬ ‫الح ّب‪ .‬ويجب أن نشير هنا إلى أ ّن الح ّب يح ّقق الاستقرار‪ ،‬وأ ّن التفاهم يح ّقق‬ ‫السعادة‪ .‬وأ ّما فما الضرورة إلى نظام الفيقة والميقة إذا ما كانت الصداقة بريئة‪،‬‬ ‫وما هي حدوده وضوابطه؟ لا نحسب أ َّن أحد ًا وضع نظام ًا للصداقة بين الشاب‬ ‫والفتاة سوى بعض الأخلاق ّيات العامة والمواعظ والإرشادات من دون أن يكون‬ ‫هناك قواعد وأسس تعطي للصداقة صفة النظام‪ ،‬وإ َّن َر ْف َض نظامنا لشكل هذه‬ ‫الصداقة هو دعو ٌة لعدم تقليد الغرب‪ ،‬لأ ّن علاقات الصداقة هناك غير محكومة‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪182‬‬ ‫لنظام‪ ،‬وهنا أعود لأشير إلى فلسفة نظام (الآيزو) التي تعني فيما تعنيه‪ ،‬بأ َّن أ ّي نظام‬ ‫لكي يتش ّكل ويأخذ صفة النظام‪ ،‬ويكون نظام ًا بك ِّل ما للكلمة من معنى‪ ،‬لا ب ّد أن‬ ‫تتو ّفر فيه المواصفات الج ّيدة والضوابط والحدود وتكون الأهداف والمنطلقات‬ ‫واضحة تمام الوضوح‪ ،‬فلولا وجود هذه المواصفات لا يكون هذا النظام نظام ًا‪،‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬فإ َّن طريقة التعارف الموجودة في الغرب والقائمة على الصداقة ليس لها‬ ‫نظا ٌم وحدو ٌد مع ّينة‪ ،‬فنراها تختلف ضوابطها وحدودها من دولة إلى دولة ومن‬ ‫مجتمع إلى مجتمع‪ ،‬ومن زما ٍن إلى زمان‪ ،‬فالذي كان غير مسموح به في الصداقة‬ ‫والتعارف قبل ‪ 50‬سنة‪ ،‬صار مسموح ًا به الآن‪ ،‬وهذا إثبا ٌت على أ َّن الصداقة في‬ ‫الغرب ليست نظام ًا‪ ،‬لأ ّن النظام الج ّيد هو الذي يضع حدود ًا ثابت ًة تتلاءم مع ك ّل‬ ‫الأزمنة‪ ،‬ويضع حدود ًا متح ّركة من داخل النظام ولكن من دون الم ّس بالثوابت‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬فإ ّن الثابت في الإسلام ثابت لك ِّل زمان ومكان وهكذا المتح ّرك»‪.‬‬ ‫تقوم طالب ٌة أخرى وتسأل‪:‬‬ ‫* ولكن ألا ترين حضرة الدكتورة أ ّن الح ّب الذي أسميته بالح ّب السطح ّي‬ ‫أو المصلح ّي وبنظام الفيقة والميقة يمكن مع طول م ّدة التعارف أن يتب ّدل‬ ‫إلى ح ّب أعمق وأرسخ؟‬ ‫ـ د‪ .‬عفاف‪« :‬أشكر الطالبة العزيزة على سؤالها‪ ،‬لأ ّنني أدركت أ ّنها تقرأ‬ ‫أفكاري وهذا ما كنت أو ُّد التعليق عليه‪ .‬فنظامنا وحتى في الحب المصلحي قد‬ ‫يفيد على اعتبار أ ّن م ّدة التعارف قد تدفع الرجل أو المرأة اللذين أح ّبا بعضهما‬ ‫لغاية في نفسيهما إلى أن يب ّدلا في نظرتهما إلى بعضهما‪ ،‬حيث من خلال هذه‬ ‫الم ّدة يكتشفان خصال ًا وأخلاق ًا وطباع ًا لم تكن ملحوظة من قبل‪ ،‬لأ ّن الطمع‬ ‫بالمال أو الجمال أو النسب أو المركز الاجتماعي المرموق أعمى العين والعقل‬ ‫عن الطيبة والأخلاق والوعي في الآخر‪ ،‬ففي لحظة الوعي التي تش ّكلت لاحق ًا‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪183‬‬ ‫تح ّول هذا الح ّب العابر إلى ح ٍّب عميق‪..‬‬ ‫وفي المقابل أيض ًا قد يكتشف الشخص المخدوع أو الطامع بالمال والجمال‬ ‫خصال ًا س ّيئة في الشخص الآخر تجعله يف ّضل الهروب على العيش معه تحت‬ ‫سقف واحد‪ ،‬فالمال والجمال لا يساويان شيئ ًا مقارنة بجحيم حياة زوجية لا‬ ‫تطاق‪.‬‬ ‫وأخير ًا‪ ،‬أقول‪ :‬نحن مع الح ّب‪ ،‬ولك ّننا نعتقد أ َّن نظام الفيقة والميقة الذي‬ ‫يرسم الطريق إلى الح ّب الواعي‪ ،‬وعلى أساسه وبتجربة التعارف يتأكد هذا‬ ‫الحب ويقوى‪ ،‬أو إ َّن هذه التجربة توضح أ َّن ما تو ّهمناه حب ًا في الطرف الآخر لم‬ ‫يكن إل ّا وهم ًا وسراب ًا»‪.‬‬ ‫النظام والمتز ّوجون‬ ‫ويتو ّجه أحد الطلاب بسؤاله إلى ناصر‪:‬‬ ‫* عرفنا أ ّن نظامكم هو للتعارف الشرع ّي بين الش ّبان والفتيات ليدخلوا في‬ ‫الزواج الدائم على وضوح وب ّينة من أمرهم‪ ،‬ولإيجاد التفاهم والانسجام‬ ‫بينهم‪ ،‬برأيك أين المتز ّوجون من هذا النظام يا أستاذ ناصر؟‬ ‫ـ «ر ّد ًا عن السؤال‪ ،‬باختصار‪ ،‬أقول‪ :‬صحي ٌح أ ّن نظامنا هو للش ّبان والراغبين في‬ ‫الزواج‪ ،‬ولكن يمكن أن يستفيد منه المتز ّوجون أو َمن كانوا متز ّوجين وحكمت‬ ‫مسار حياتهم أحوال وأوضاع خاصة تعنيهم في الصميم‪ ،‬فمن المتز ّوجين َمن‬ ‫يريد الزواج ثانية بسبب من مسألة خاصة‪ ،‬كأن تكون امرأته مثل ًا عاقر ًا‪ ،‬أو أ ّنه غير‬ ‫مو ّفق في زواجه ولا يريد الانفصال عن زوجته وأولاده‪ ،‬أو َمن يريد منهم الدخول‬ ‫في مرحلة الصيغة لأ ّنه غير قادر على أن يؤ ّسس عائلة جديدة وبيت ًا جديد ًا‪ ،‬لأ ّن‬ ‫أوضاعه لا تسمح له بذلك‪ ،‬أو كان مط ّلق ًا ويريد الزواج من جديد‪ ..‬فإ ّننا ننصح ك َّل‬ ‫هؤلاء الدخول في مرحلة الفيقة والميقة للأسباب التي ذكرناها سابق ًا في جلساتنا‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪184‬‬ ‫فالنظام عام‪ ،‬فوائده لا تقتصر على فئة دون فئة‪ ،‬لأ َّنه في الأساس تشري ٌع إله ّي‬ ‫وضعه الله سبحانه لخدمة الجميع»‪.‬‬ ‫وهنا يطلب الكلام الأستاذ الجامعي نفسه الذي كانت له مداخلة قبل قليل‬ ‫فيأذن له مدير الندوة‪ .‬فيو ّجه سؤاله للس ّيد محمد‪.‬‬ ‫ * نعرف أ َّن ما يتر ّتب على الزواج الدائم يتر ّتب على الزواج المؤ ّقت في‬ ‫مسالة المحارم‪ ،‬فالشاب عندما يعقد على فتاة تحرم أ ّمها عليه‪ ،‬وهي‬ ‫تحرم على أبيه‪ ،‬وفي نظامكم تش ّجعون على التع ّدد في التعارف الإسلامي‬ ‫بهدف اختيار الشريك‪ ،‬وبهذا تكثر المحارم‪ ،‬فماذا لو عقد شا ٌب على فتاة‪،‬‬ ‫ثم بعد م ّدة عقد على أ ّمها‪ ،‬وحصل زواج دائم أثمر أطفال ًا وعائلة‪ ،‬ألا‬ ‫ترون أ ّن الأنساب ستختلط نتيجة ذلك؟‬ ‫ـ السيد محمد‪« :‬احتمال حدوث ذلك نادر‪ ،‬لأ َّن الشاب يعقد عاد ًة على فتاة‬ ‫تقاربه في العمر‪ ،‬وبالتالي فإ َّن أ ّمها سوف تكون كبيرة‪ ،‬وهذا ما يجعل احتمال أن‬ ‫يعقد الشاب الصغير في العمر‪ ،‬وبهدف الزواج الدائم‪ ،‬على الأم لاحق ًا احتمال ًا‬ ‫ضعيف ًا كونها كبيرة ولا تناسبه كزوجة دائمة‪ ،‬ولكن مع احتمال ص ّحة الفرض ّية‪،‬‬ ‫أقول‪ :‬إذا كانت العلاقات التعارف ّية الإسلام ّية تجري س ّري ًا ودون معرفة الأهل‬ ‫وعلمهم بذلك‪ ،‬يمكن لهذا التساؤل أن يحمل نسبة من الص ّحة‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬فإ َّن الخوف من خلط الأنساب‪ُ ،‬يزال بأهون الطرق‪ ،‬إذا ما تق ّبل‬ ‫المجتمع نظام الفيقة والميقة‪ ،‬وصارت العقود تجري أمام أعين المجتمع والناس‬ ‫بعيد ًا عن الخوف والس ّرية‪ ،‬وإ َّن قبول المجتمع بهذا النظام الإسلامي يو ّفر علينا‬ ‫الكثير من الإشكالات التي قد تحدث‪.‬‬ ‫إذ ًا‪ ،‬إذا تق ّبلنا المسألة واقتنعنا بشرع ّيتها‪ ،‬فك ُّل العلاقات التعارف ّية لن تكون‬ ‫س ّرية‪ ،‬وبالتالي ستسقط ك ُّل المخاوف والمحاذير‪»..‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪185‬‬ ‫ثم يعود ليقول من جديد‪:‬‬ ‫* ولكن إ َّن تع ّدد العلاقات الشرعية سيزيد في عدد المحارم؟‬ ‫ـ السيد مح ّمد‪« :‬ما الضير في ذلك؟ ولننظر دائم ًا كما ك ّنا نر ّدد في الإجابات‬ ‫السابقة إلى فلسفة نصف الكوب المليء بالماء‪ ..‬فالإيجاب ّية من زيادة عدد‬ ‫المحارم أ ّنها س ُتنتج علاقات اجتماعية حميم ّية‪ ،‬فما أجمل من أن يكون للشاب‬ ‫ع ّمات (زوجة عم) بعدد ما عقد عقد ًا شرع ّي ًا مؤ ّقت ًا على فتيات‪ ،‬وعليه أن يزوره ّن‬ ‫ويسأل عن أحواله ّن ويتف ّقده ّن‪ ،‬أو يكون للفتاة أعما ٌم بعدد ما ارتبطت مع شباب‬ ‫بعق ٍد شرع ّي‪ ،‬يكونون لها أعوان ًا في أمورها وأحوالها‪ ،‬فتح ّبهم ح ّب البنت‬ ‫لوالدها‪ ،‬ويح ّبونها ح ّب الوالد لابنته‪ ،‬حتى وإن لم يحدث زوا ٌج دائ ٌم بسبب أ َّن‬ ‫الشاب غير مؤ ّهل للزواج من هذه الفتاة بالذات‪ ،‬أو أ َّن هذه الفتاة ليست م ّمن‬ ‫ي ّتفق في الذهنية والعقلية والأفكار مع هذا الشاب‪.‬‬ ‫لننظردائم ًا إلى الإيجاب ّيةفيأ ِّيأمرمن الأمور‪،‬لننظر إلىنصف الكوب المليء‪،‬‬ ‫فتع ّدد المحارم مسألة صحية للمجتمع‪ ،‬تق ّوي الروابط وتم ّتن العلاقات‪ ،‬وتعطي‬ ‫ثقل ًا وج ّدية لنظام الفيقة والميقة‪ ،‬و ُتخرجه إلى العلن خصوص ًا إذا ما احترمنا الشرع‬ ‫وتركنا للناس أن يعيشوه بك ِّل رحابته خارج إطار التعقيدات أو الخضوع لبعض‬ ‫الأعراف التي أوجدتها ذهنية غ ّلبت رضى الناس على رضى الله»‪.‬‬ ‫يقوم أحد الطلاب ليطرح مسألة دقيقة كان لا ب ّد من أن ترد في سياق الندوة‪:‬‬ ‫* تقولون‪ :‬ينبغي الاتفاق على العناوين الأساسية بين الشاب والفتاة قبل‬ ‫الإقدام على الزواج‪.‬‬ ‫هل تتص ّورون أ َّن الشباب والفتيات جميعهم على مستوى واحد من الوعي‬ ‫ ‬ ‫للحياة الزوجية بحيث يضعون الاتفاقات قبل الزواج؟ هذا أ ّول ًا‪ ،‬وثاني ًا‪ ،‬ألا‬ ‫ترون أ َّن الزواج هو ا ّتفاق على تنازلات مشتركة‪ ،‬كما هو حقو ٌق وواجبات؟‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪186‬‬ ‫الس ّيد مح ّمد «نحن نريد من الحديث عن الاتفاقات المسبقة‪ ،‬التأكيد على‬ ‫مسألة أساس ّية ُمفادها‪ ،‬أ َّن الطرفين عندما يختلفان في الأمور الكبيرة‪ ،‬عليهما‬ ‫أن يعودا إلى ما ا ّتفقا عليه‪ ،‬حتى يخرجا من المشكلة دون أن يس ّجل فري ٌق على‬ ‫آخر نقطة انتصار تكون لصالحه‪ ،‬ونقطة هزيمة تكون للفريق الآخر بمثابة جرح‬ ‫عميق‪ ،‬يؤلمه ويؤ ّرق عليه عيشه وكرامته»‪.‬‬ ‫ثم يقوم طال ٌب آخر ليسأل‪:‬‬ ‫ * ما هي الأمور الكبيرة برأيكم؟‬ ‫وهنا يلاحظ مصطفى أ ّن الدكتور أبو زكريا يريد الإجابة‪ ،‬فيح ّول السؤال إليه‪.‬‬ ‫ـ د‪ .‬أبو زكريا‪« :‬هي المسائل التي سيكون الح ُّل فيها جاهز ًا عند الاختلاف‪،‬‬ ‫وهي تنحصر في الطلاق وما ينتج من مؤ ّخر ونفقة ورعاية أولاد‪ ،‬فحتى لا تنشب‬ ‫المنازعات‪ ،‬ينبغي تحديد آلية محكومة لاتفاقيات ولأخلاقيات إنسان ّية‪ ،‬فمثل ًا‪،‬‬ ‫وقبل الزواج عندما تشترط المرأة مؤ ّخر ًا عالي ًا‪ ،‬ورض َي الزوج بذلك‪ .‬هنا على‬ ‫الزوج أن يكون رضاه مستند ًا على عقلية واعية وذهنية تقبل الشروط ولكن مع‬ ‫دراسة القدرة على التنفيذ‪.‬‬ ‫ونأتي إلى الأولاد بعد الطلاق‪ ،‬وليس المطلوب الاتفاق على َمن يرضعهم‪،‬‬ ‫الأم هي التي ُترضع‪ ،‬ولكن لا ب ّد من الاتفاق على مقدار نفقة الطفل بعد الطلاق‪،‬‬ ‫فقبل الذهاب إلى المحاكم تكون هناك اتفاقات مسبقة تتع ّلق بمستقبل الطفل‬ ‫ومسؤولية تربيته‪ ،‬والمدرسة التي سيلتحق بها‪ ،‬زيارة الأب للولد إذا كان في‬ ‫حضانة الأم‪ ،‬أو بالعكس‪ ،‬والج ّو الذي سيتو ّفر له بعد الطلاق‪ ،‬والنفس ّية التي‬ ‫س ُتزرع في داخله عندما يبدأ بالتع ّرف على الحياة من حوله‪.‬‬ ‫إ ّن حرصنا على الاتفاقات ناب ٌع من أل ّا يستعمل الزوج مثل ًا أوراق ًا رابح ًة‪ ،‬لم‬ ‫يكن للزوجة القدرة على امتلاك أوراق رابحة مشابهة لها بسبب أوضاع مع ّينة‪،‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪187‬‬ ‫كأن يرمي بها وبأطفالها خارج البيت بعد الطلاق‪ ،‬حيث لا بيت يأويها‪ ،‬ولا أهل‬ ‫قادرون على تح ّمل مسؤول ّيتها ومسؤول ّية أطفالها‪ ..‬هذا الأمر ُيتفق عليه قبل‬ ‫الزواج‪ ،‬هل البيت للزوج أم للزوجة؟ هل على الزوج أن يؤ ّمن للزوجة مسكن ًا‬ ‫لائق ًا بعد الطلاق أو أن تشاركه المنزل‪ ،‬لأ ّن المنزل قد يكون مشترك ًا في الملكية‬ ‫بين الاثنين‪ .‬هذه المسائل ـ أ ّيها السادة الحضور ـ لا ُيوليها أح ٌد م ّنا أدنى اهتمام‪،‬‬ ‫في الوقت الذي يجب أن تكون على رأس اهتماماتنا»‪.‬‬ ‫وهنا تطلب الإذن للتعقيب على كلام الدكتور عمر الدكتورة عفاف‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫«من حيث انتهى الدكتور أبو زكريا أجيب عن بقية السؤال حول نسبة الوعي عند‬ ‫الش ّبان والفتيات لهذه الأمور‪ ،‬فأقول‪:‬‬ ‫نحن نعتقد أ ّن الش ّبان والفتيات ليسوا جميع ًا على مستوى واحد في وعي‬ ‫هذه المسائل‪ ،‬ومن هنا يبرز دور الأهل والمجتمع والمحاكم في توضيح القضايا‬ ‫الزوجية وما فيها من مشاكل وما يطرأ عليها‪ .‬وفي الوقت الذي يكون فيه الطرفان‬ ‫قد دخلا في مرحلة التعارف الشرعي‪ ،‬يكون أهل الخبرة بجانبهما ُيوضحون لهما‬ ‫ما خف َي عنهما‪ ،‬وما ينبغي أن يعرفاه‪ ،‬لأ ّنهم قد خبروا أتعاب الحياة أكثر‪ ،‬فيشيرون‬ ‫عليهما‪ ،‬وهما في الفيقة والميقة‪ ،‬أي في مرحلتي الفرح والتع ّرف عن قرب على‬ ‫بعضهما‪ ،‬بالتخطيط لمستقبلهما ووضع الاتفاقات التي تكون حل ًا واقعي ًا وعملي ًا‬ ‫لما قد يقعان فيه من مشاكل واختلاف‪.‬‬ ‫فالمسؤولية في ذلك‪ ،‬مسؤولية جماعية تح ّتم علينا أن نرعى أبناءنا الذين ما‬ ‫زال عودهم طر ّي ًا ولم يخبروا الحياة عميق ًا‪ ،‬لنضمن لهم عيش ًا نعتقد أ ّننا بإرشادهم‬ ‫إلى الطريق الأصوب نخ ّفف من مشاكلهم‪ .‬والقاضي نفسه وأثناء عقد الزواج‪،‬‬ ‫ينبغي أن يسألهم عن الاتفاق إذا ما حدث الخلاف‪.‬‬ ‫علينا وعلى الش ّبان والفتيات أنفسهم أن يعرفوا أ َّن ك ّل ثلاث حالات زواج أو‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪188‬‬ ‫أربع حالات أو أكثر أو أق ّل‪ ،‬هناك حالة طلاق ستقع‪ ،‬فما المانع أن تكون ابنتي أو‬ ‫ابنك أو أنا أو أنت‪ ،‬هو واحد ًا أو واحدة من المط ّلقين؟‬ ‫نحن نقوم بالتأمين على الحياة‪ ،‬فلماذا لا نقوم بالتأمين على الزواج؟ وهذا لا‬ ‫يكون إلا بالا ّتفاق»‪.‬‬ ‫ويرى ناصر الفرصة سانحة ليدلو بدلوه فيقول‪:‬‬ ‫إ َّن وضع الشروط ليس شرط ًا أساس ّي ًا لمنع الخلافات بين الزوجين‪ ،‬ولكن‬ ‫من المؤ ّكد أ ّنه يخ ّفف المشاكل التي غالب ًا ما تطرأ بعد انفصالهما‪ ،‬وإضافة إلى ما‬ ‫تف ّضل به الدكتور عمر والدكتورة عفاف‪ ،‬فإ َّن هناك ثلاث نقاط أساس ّية لا ب ّد من‬ ‫الإشارة إليها في موضوع الاتفاقات والشروط‪ ،‬النقطة الأولى‪ ،‬لا يخفى عليكم‬ ‫أ ّنه إذا ت ّم الاتفاق على الشروط قبل الزواج‪ ،‬فإ َّن تنفيذها غالب ًا ما يكون عادل ًا‬ ‫ومنطقي ًا للطرفين إذا ما رعيا تنفيذ هذه الاتفاقات‪ ،‬لأ ّن هناك شخصين يح ّبان‬ ‫بعضهما‪ ،‬أ ّما بعد الطلاق فإ ّن نفس ّيتهما تحكمها العدائية‪.‬‬ ‫فحتى لا يكون هناك غالب ومغلوب‪ ،‬فإ َّن وضع الشروط ناب ٌع من الخوف من‬ ‫أن يتع ّسف طر ٌف على الطرف الآخر بعد الطلاق‪ .‬والنقطة الثانية‪ ،‬هي أل ّا تكون‬ ‫بواعث الاندفاع نحو الطلاق ناشئة من أمور تافهة وسخيفة فتكون الاتفاقات‬ ‫حاجز ًا من وقوع الطلاق خصوص ًا إذا ما أدركنا ما سيتح ّمله أحد الأطراف بعد‬ ‫الطلاق‪ ،‬وأ ّما النقطة الثالثة‪ ،‬فإ ّنه إذا حدث الطلاق‪ ،‬وكانت الشروط والاتفاقات‬ ‫موجودة‪ ،‬وكان الدين والأخلاق والإنسانية صفات عملية ي ّتصف بها الطرفان‪،‬‬ ‫فإ ّنهما باستطاعتهما أن يحل ّا مشاكلهما وجه ًا لوجه ومن دون أ ّية تعقيدات أو‬ ‫مشاكل فوق العادة‪.‬‬ ‫تقوم إحدى الطالبات وتقول‪:‬‬ ‫ * يقول البعض إ ّن الزواج «قسمة ونصيب» فما دخل الاختيار فيه؟‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪189‬‬ ‫فيتد ّخل ناصر على عجل‪.‬‬ ‫ـ ناصر‪« :‬أنا شخصي ًا لا أؤمن بالنصيب‪ ،‬لأ ّن الزواج قضية حقائق وتخطيط‬ ‫وظروف مع ّينة‪ ،‬تجعلنا ُنقدم على الزواج أو لا ُنقدم‪ ،‬وأما أن يكون اختيارنا‬ ‫صحيح ًا أو خاطئ ًا‪ ،‬فنحن بإرادتنا نح ّقق ذلك‪.‬‬ ‫فقبل الزواج لا ينطلق أح ٌد على أساس هذه القاعدة‪ ،‬فمع هامش الاختيار‬ ‫ض ّيق ًا كان أو واسع ًا‪ ،‬نرى أ ّن البنت تح ّدد من تختاره‪ ،‬وهكذا الشاب‪ ،‬فليس من‬ ‫أحد يطرق باب أحد على أساس القسمة والنصيب‪.‬‬ ‫وتبقى مسألة القسمة والنصيب فرصة الإنسان الإيجاب ّية وهي ما نس ّميها‬ ‫بالح ّظ‪ ،‬وهي في الأساس اختيا ٌر بحت إذا ما أحسن الإنسان توظيف فرصة الح ّظ‬ ‫هذه في الاتجاه الإيجابي‪ ..‬ودعوني أقل‪ :‬إ َّن إنسان ًا إذا كان غن ّي ًا‪ ،‬فإ ّن غناه ليس‬ ‫مفصول ًا عن الأسباب التي و ّظفها لتغيير أوضاعه من الفقر إلى الغنى‪ ،‬ولذا‪ ،‬فإ ّنه‬ ‫إذا لم يستخدم الأسباب‪ ،‬ومنها الجهد والمثابرة والتعب والعمل والمشاق فإ ّنه‬ ‫يبقى فقير ًا ولا يعرف إلى الغنى طريق ًا‪..‬‬ ‫وسأذهب مع السائلة الكريمة إلى الآخر‪ ،‬حتى مع الإيمان بالقسمة والنصيب‪،‬‬ ‫تبقى للإنسان حرية الاختيار‪ ،‬فهو يج ّرب‪ ،‬فإذا وجد الطرف الآخر ليس مؤ ّهل ًا‬ ‫للزواج‪ ،‬ولنفرض أ َّن الطرف الأول هو المرأة‪ ،‬فباستطاعتها إذا ما اكتشتفت ذلك‬ ‫سريع ًا أن تؤ ّخر إنجاب الأولاد‪ ،‬وقد تضمن بذلك حر ّيتها والقدرة على الخروج‬ ‫من العلاقة الزوجية بالطلاق بأق ّل خسارة‪ .‬من الخطأ أن نعتبر أ ّن «القسمة‬ ‫والنصيب» هي قدرنا الذي لا نستطيع أن نخرج منه‪ ،‬فالله تعالى يقول‪﴿ :‬إِ َّن ال ّل َه‬ ‫ل َا ُي َغ ِّي ُر َما بِ َق ْو ٍم َح َّتى ُي َغ ِّي ُرو ْا َما بِ َأ ْن ُف ِس ِه ْم﴾ [الرعد‪ ]11 :‬معنى ذلك غ ّير نفسك أ ّيها‬ ‫الإنسان‪ ،‬فإ ّنك تغ ّير ك َّل واقعك»‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪190‬‬ ‫الح ّب والشك‬ ‫وتتد ّخل إحدى الطالبات مو ّجهة سؤالها للدكتورة عفاف كونه يتض ّمن ش ّق ًا‬ ‫نفسي ًا‪ ،‬وهي تلتمس أن تجد عندها الجواب‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫* إ ّنكم تح ّذرون الفتاة بأ ّن الشاب قد لا يكون صادق ًا في ح ّبه لها‪ ،‬وأ ّن اهتمامه‬ ‫بها أحيان ًا لا يعدو كونه ش ّك ًا وليس ح ّب ًا‪ ،‬فهو ُيظهر الغيرة عليها والمح ّبة‬ ‫لها‪ ،‬ولك ّنه ش ّكاك في نفسه‪ ،‬كيف للفتاة أن تكتشف ذلك؟‬ ‫ـ الدكتورة عفاف‪« :‬نحن عندما طرحنا هذه المسألة‪ ،‬فإ ّننا لا نقصد أ َّن ك ّل‬ ‫الشباب تح ّركهم ذهنية الش ّك‪ ،‬وأ ّما التمييز بين الحب وبين الش ّك‪ ،‬فهذا من شأن‬ ‫الفتاة نفسها‪ ،‬فهي وحدها القادرة على الحكم في ذلك‪ ،‬ويكفي أن نن ّبهها نحن‬ ‫إلى هذه المسألة‪ ،‬فهي بوعيها وقدراتها تعرف «حرص» الشاب عليها‪ ،‬هل هو‬ ‫ناب ٌع من شغف وح ّب أم من ش ٍّك؟‬ ‫ونحن كلجنة لا ن ّدعي ك َّل العلم في مثل هذه القضايا وتفصيلاتها الدقيقة‪،‬‬ ‫فالعلم موجو ٌد عندكم‪ ،‬أنتم وحدكم القادرون على التمييز بين الحب وبين الش ّك‪،‬‬ ‫وما تحذيرنا من هذه المسألة إلا لهدف‪ ،‬وهو أ ّن الش ّك إذا دخل في مرحلة الفيقة‪،‬‬ ‫فكيف ستكون حال العلاقة في مرحلة الميقة؟ حيث يأتيها الشاب ليق ّيد عليها‬ ‫ح ّريتها من خلال إظهار الشك في تص ّرفاتها‪ ،‬فكيف ستكون حالها في المستقبل‬ ‫عندما يكون الشاب شريك حياتها؟»‬ ‫التدرج والتع ّدد‬ ‫يقف أحد الضيوف‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫ * خلال أحاديثكم السابقة عن التد ّرج في علاقة الشاب بالفتاة (فيقة‪،‬‬ ‫ميقة)‪ ...‬نكتشف أ َّن هناك أيض ًا تع ّددية‪ ،‬فكيف تف ّسرون هذه التع ّددية؟‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪191‬‬ ‫ـ د‪ .‬عمر أبو زكريا‪« :‬هذا صحيح‪ ،‬فنحن مع إيماننا من خلال نظامنا بالتد ّرج‪،‬‬ ‫نؤمن أيض ًا بالتع ّدد‪ ..‬ففي التد ّرج قد يكتشف الشاب أو تكتشف الفتاة شيئ ًا من‬ ‫المواصفات في الطرف الآخر‪ ،‬وتعرف شيئ ًا عن السلب ّيات وشيئ ًا عن الإيجابيات‪،‬‬ ‫ولكن هناك بعض الصعوبة في تحديد الخيار‪ ،‬لأ َّن الاكتشاف قد لا يكون كامل ًا‪،‬‬ ‫وفيه بعض الثغرات‪ .‬لذلك نرى ضرورة التع ّدد مع التد ّرج‪ ،‬أن يع ّدد الشاب تعارفه‬ ‫على أكثر من فتاة‪ ،‬وأن تع ّدد هي بدورها تعارفها على أكثر من شاب‪ ،‬ويقترن ذلك‬ ‫مع الدراسة والتحليل والمقارنة بين شخص وآخر ليأتي الخيار يحمل الشيء‬ ‫الكثير من الواقعية والوضوح‪.‬‬ ‫ففي التد ّرج قد يتع ّرف طر ٌف على آخر ويجد مواصفات يح ُّبها فيه ولك ّنها قد‬ ‫تكون ثانو ّية وليست أساس ّية‪.‬‬ ‫وعلى هذا‪ ،‬فإ ّننا نميل إلى حرية الاختيار والتد ّرج‪ ،‬وح ّرية التع ّدد‪ ،‬ويبقى‬ ‫الأهم أ ّننا نؤمن بضرورة الدخول في المراحل بتد ّرج حتى وإن لم يكن هناك‬ ‫تع ّدد في العلاقات‪.‬‬ ‫وهناك مسألة لا ب ّد من توضيحها‪ ،‬وهي أ ّننا عندما نؤمن بتع ّددية العلاقة‪ ،‬فليس‬ ‫معناه تع ّدد العلاقة الجنسية‪ ،‬بل تع ّددية التعارف في الإطار الشرعي والأخلاقي‪،‬‬ ‫ولا يمكن بناء علاقة جديدة‪ ،‬إلا بعد الخروج من العلاقة الأولى‪ ،‬وهذه النقطة‬ ‫ينبغي أن ُتفهم‪ ،‬حتى لا يظ ّن البعض أ َّن الفتاة خصوص ًا يمكن لها أن تتع ّرف وفي‬ ‫الإطار الشرعي على أكثر من شاب وفي وقت واحد‪.‬‬ ‫نرجع ونقول‪ :‬هناك حاجات وأساس ّيات سنكتشفها بعد الزواج‪ ،‬فما يمنعنا أن‬ ‫نتع ّرف على هذه الحاجات قبل الإقدام على الزواج‪ ،‬وخصوص ًا إذا آمن المجتمع‬ ‫بأ ّن لنا الحرية في التعارف والتد ّرج والتن ّوع والتع ّدد‪ ،‬ولذلك ننصحكم بالتع ّدد‬ ‫إن كان في مرحلة الاختلاط الشرعي‪ ،‬أو في مرحلة الفيقة والميقة‪ ،‬وعندها‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪192‬‬ ‫ستكتشفون ميزات وخصال ًا قد غابت عن أنظاركم فيما لو حصرتم التعارف في‬ ‫شخص واحد دون غيره‪.‬‬ ‫وهناك ملاحظة ينبغي أن نشير إليها ولتكون موضع اهتمام بالغ‪ ،‬وهي أ َّن‬ ‫التع ّدد في العلاقات‪ ،‬والانتقال من علاقة إلى علاقة أخرى‪ ،‬لا يعني أبد ًا‪ ،‬إنهاء‬ ‫العلاقة الأولى أو الثانية والتي كانت بهدف الزواج‪ ،‬بل إ ّن الشاب يبقى أخ ًا‬ ‫للفتاة‪ ،‬وتبقى الفتاة أخت ًا له وإن لم يكونا مناسبين للزواج‪ ،‬وينبغي المحافظة على‬ ‫الروابط الإنسان ّية والأواصر الجامعة على المح ّبة والاحترام والتقدير»‪.‬‬ ‫طالب يسأل‪:‬‬ ‫* إ ّن التد ّرج والتع ّددية يسمحان للفتاة المرور بع ّدة تجارب بهدف الزواج‬ ‫قبل أن يستق ّر رأيها على شخص واحد‪ ،‬ولكن من الملاحظ أ َّن الش ّبان‬ ‫يرفضون الزواج من فتاة كانت لها تجارب سابقة مع ش ّبان آخرين؟‬ ‫ـ ناصر‪« :‬لا شـ ّك أ ّننا في مجتمع شرق ّي وأ َّن كثير ًا م ّما يرفضه أو يقبله لا‬ ‫يخضع لمعايير دينية ثابتة‪ ،‬وإ ّنما لجملة من التقاليد والأعراف أوجدتها الذهنية‬ ‫الشرق ّية‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬فإ َّن كثير ًا من الأعراف والتقاليد تحتاج إلى وقت حتى ت ّتضح‬ ‫للأجيال أ َّنها لا تم ّثل شيئ ًا على مستوى الدين‪ ،‬وإ َّن ص ّحة قولنا هذا ناشئة من أ َّن‬ ‫الأجيال وفي كثير من المراحل استطاعت بفضل دينها ووعيها أن ترفض ما ليس‬ ‫من الحقيقة أو من الثابت الديني القاطع‪ .‬ولذا‪ ،‬فنحن عندما نؤ ّكد على أفكارنا‪،‬‬ ‫فإ ّننا نراهن على جيل الشباب والمث ّقفين والواعين الذين سيستطيعون من خلال‬ ‫دينهم وثقافتهم أن يغ ّيروا الواقع إلى ما هو الأفضل والأحسن‪.‬‬ ‫ولو أردنا أن نجاري العقل ّية التي يطرحها السؤال‪ ،‬لقلنا أيض ًا إ ّن المرأة المط ّلقة‬ ‫ولو لم تنجب أطفال ًا فإ ّنها غير مرغوب بها من الرجال‪ ،‬فكيف بمن أنجبت أربعة‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪193‬‬ ‫أو خمسة من الأطفال؟ فهل المط ّلقة يلحقها عي ٌب شرع ٌّي بسبب الطلاق؟ بالطبع‬ ‫لا‪ ،‬وهل ُيق ُّر الإسلام أن نرفض الزواج من المرأة الأرملة في حين تز ّوج رسول‬ ‫الله ‪ P‬والصحابة والأئمة من الأرامل والمط ّلقات ولم يكن في ذلك عي ٌب على‬ ‫الإطلاق‪ ،‬ورسول الله فوق العيب وفوق النقص‪.‬‬ ‫وأعود إلى السؤال‪ ،‬ص ّدقني أ ّيها الطالب العزيز‪ ،‬إ َّن البنت التي م ّرت بتجارب‬ ‫شرع ّية ومارست عاطفة سابقة مع غيرك‪ ،‬ستعطيك أنت عاطفة أقوى وأوعى من‬ ‫البنت التي لم تمارس العاطفة‪ ..‬وخذها قاعدة‪ ،‬وهي أ َّن الذي يج ّرب الح ّب‬ ‫يعرف الح ّب‪ ،‬وبالتالي فإ َّن الذي يج ّرب الإكرام‪ ،‬يعرف ماهية وطبيعة الإكرام‪..‬‬ ‫وهناك طبيع ٌة راسخة عند النساء وهي أ ّن الواحدة منه ّن لا تعطي الح ّب إلا‬ ‫لزوجها‪ .‬ولذا‪ ،‬فإ َّن الشرقي أحيان ًا يتز ّوج الغرب ّية‪ ،‬التي م ّرت بتجارب ـ مع رفضنا‬ ‫المطلق لتجاربها غير الشرعية ـ لأ ّنها تعرف أن تعطي الح ّب وتعطي الجنس‪،‬‬ ‫وهما ما ُيرضيان رغبات الرجل‪.‬‬ ‫فما المانع إذ ًا‪ ،‬إذا بحثت الفتاة بنفسها عن شريك حياتها‪ ،‬متم ّسكة بدينها‬ ‫وبالتربية وبالأخلاق الكريمة؟ لتنظر نساؤنا إلى السيدة خديجة (عليها السلام)‬ ‫ولتأخ ْذنها مثال ًا‪ ،‬وهي التي بحثت عن أشرف مخلوق على وجه الأرض‪ ،‬وهو‬ ‫رسول الله؟‬ ‫دعونا أ ّيها الحضور الكريم نخرج من النفاق الاجتماعي‪ ،‬فلماذا يقبل الشاب‬ ‫لنفسه ذلك ويرفضه لأخته؟‬ ‫الجميع في ميزان الله واحد‪ ،‬فليس حساب المرأة غير حساب الرجل‪،‬‬ ‫وليست مسؤوليات المرأة أمام الله غير مسؤوليات الرجل‪ ،‬فإذا كان بعضنا ير ّدد‬ ‫بأ ّن المجتمع هو مجتمع الرجال‪ ،‬فهذه نظرية ساقطة‪ ،‬المجتمع هو بك ّل ناسه‪،‬‬ ‫رجال ًا ونسا ًء وإن اختلفت الوظائف وتع ّددت‪ ،‬وقام ك ُّل فرد (رجل أو امرأة)‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪194‬‬ ‫بوظيفته التي تتلاءم مع تكوينه في الحياة‪.‬‬ ‫ونحن في هذا المجال نراهن على شبابنا وفتياتنا وعلى الأجيال القادمة التي‬ ‫بدأت عقولها تستلهم الإسلام كنظام للحياة والإنسان‪ ..‬علينا أن نزرع البذرة‬ ‫الطيبة في الأرض‪ ،‬وستسمو يوم ًا متط ّلعة نحو السماء تستم ّد منها العون‪ ..‬انظروا‬ ‫إلى المرأة المسلمة فيما مضى من الأزمنة‪ ،‬وانظروا إليها الآن‪ ،‬إ ّنها اليوم تخرج‬ ‫إلى الحياة بك ِّل رحابتها لتستلم إلى جانب الرجل أه ّم المواقع العلمية والثقافية‬ ‫والاجتماعية»‪.‬‬ ‫النظام في مواجهة العادات والتقاليد‬ ‫أستاذة جامع ّية تسأل‪:‬‬ ‫ * إ ّن المرء وهو يتابع مفردات النظام الذي تطرحونه يدرك أ َّن هناك إلحاح ًا‬ ‫قو ّي ًا ورغبة جامحة في تغيير ما ارتكز في الذهنية من ثوابت على صعيد‬ ‫العلاقة بين الرجل والمرأة‪ ،‬ويقوم هذا الإلحاح وتلك الرغبة على قواعد‬ ‫شرع ّية واضحة‪ ،‬ولا يخفى عليكم أ َّن ما اعتادته المجتمعات من مفاهيم‬ ‫وعادات وتقاليد لا يستطيع أ ُّي فكر جديد أن يغ ّير وبسرعة ما هو ثابت‬ ‫وراس ٌخ في الأذهان‪ ،‬فكيف تواجهون هذه الإشكالية؟‬ ‫ـ يجيب ناصر‪:‬‬ ‫«ليست المسألة ما اعتادت عليه المجتمعات في ما تؤمن به من أفكار‬ ‫ومفاهيم أو لم تعتد عليه‪ ،‬لأ ّننا نحن نؤمن أ ّن الفكر الأصيل ومهما حاولنا أن‬ ‫نضعه في القمقم أو نح ّجر عليه‪ ،‬فإ ّنه يوم ًا ما سيبزغ فجره وينتشر ولن يستطيع‬ ‫أح ٌد أن يوقف مسيرته‪ ،‬ولك ّن المسألة هي مسألة التغيير عند الإنسان‪ ،‬فالإنسان‬ ‫بطبعه وإذا ما اعتاد على نم ٍط اجتماع ّي أو فكر ّي مع ّين‪ ،‬فإ ّن العادة تستولي عليه‬ ‫أو يته ّيب الخروج من عادته وكسر المنظومات الاجتماعية والتربوية التي صارت‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪195‬‬ ‫جزء ًا من كيانه وشخص ّيته‪ ،‬فك ُّل ما هو جديد ومغاي ٌر لما رسخ في عقل ّيته فإ ّنه‬ ‫يواجهه بالرفض مباشرة‪ .‬وهذا مصداق لما يقوله الإمام علي بن أبي طالب‬ ‫‪« :Q‬الإنسان عد ّو ما يجهل»‪ .‬فطبيعة الإنسان لا تح ّب التغيير‪ ،‬لأ ّن التغيير‬ ‫يعني له الخوف‪ ،‬والخوف ناب ٌع من جهل الإنسان بنتائج هذا التغيير‪ ،‬ولذا فإ ّن‬ ‫التغيير نحو الأفضل في الحياة‪ ،‬أم ٌر محمود ومشكور‪ ،‬وهذا ما ينطبق تمام ًا على‬ ‫موضوع الفيقة والميقة والصور الشرع ّية فيها والتي هي في مضمونها ليست‬ ‫جديدة على الإطلاق لأ ّنها نابع ٌة من الشرع نفسه‪ ،‬ولك َّن الجديد فيها هي طريقة‬ ‫المنهج في رسم العلاقة الشرع ّية بين الرجل والمرأة‪.‬‬ ‫وإ ّننا عندما نواجه هذا الك ّم الكبير من الأسئلة حول نظامنا‪ ،‬فنحن نتف ّهم‬ ‫الموقف الطبيعي عند السائلين‪.‬‬ ‫طبع ًا نحن لا ندعو لقبول أ ّي أم ٍر جديد من دون التع ّمق فيه دراسة وتحليل ًا‬ ‫ونقد ًا‪ ،‬أو نقبل به من غير تو ّقع نتائجه‪ ،‬بل بالعكس‪ ،‬فإ ّن دراسة الخطوات ووضع‬ ‫الاستراتيجيات‪ ،‬وتو ّقع الاحتمالات أم ٌر مطلوب بق ّوة‪ ،‬وهو يد ُّل على ذهنية‬ ‫واعية متف ّتحة تدرس خطواتها بد ّقة ولا ُتقدم على قبول فكرة ما بطريقة ضباب ّية‬ ‫غائمة لا تعرف فيها مصلحتها فيما يعود عليها بالنفع والفائدة‪ ..‬فالدخول في أ ِّي‬ ‫مضمار جديد دون تخطيط أم ٌر غير منطقي‪ ،‬وقد لا يقبل به الله سبحانه وتعالى‪..‬‬ ‫ولو اعترض معترض وقال بأ ّن المجتمع لا يتق ّبل فكرة النظام خوف ًا من التطبيق‬ ‫الخاطىء من قبل البعض‪ ،‬لقلنا‪ :‬بعد أن اكتشفنا أ ّن النظام ج ّيد‪ ،‬وهو يو ّفر فرصة‬ ‫كبيرة للشبان والفتيات في أن يدخلوا إلى الزواج الدائم على ب ّينة وبصير ٍة من‬ ‫أمرهم‪ ،‬ومع ذلك هناك بعض النفوس الس ّيئة والمنحرفة وبسبب ممارساتها‬ ‫الخاطئة وخداعها للفتاة تسيء إلى هذا النظام وتؤ ّخر قبول المجتمع به‪ ،‬فهنا لنا‬ ‫أن نع ّلق‪ ،‬هل وجود بعض الس ّيئين في المجتمع يدفعنا إلى رفض الأفكار الج ّيدة‬ ‫والن ِّيرة؟ وهل أ َّن الإساءات في تطبيق النظام تعني أن نلغي النظام؟ هذا ما لا‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪196‬‬ ‫يقبله العقل ولا يرضى به المنطق‪ .‬ولا أظ ُّن أ َّن أحد ًا منكم يوافق على ذلك‪،‬‬ ‫لأ َّن ال َأ ْولى أن ُنلغي دور الأشخاص المسيئين في المجتمع‪ ،‬و ُنبقي على الفكرة‬ ‫الج ّيدة والن ّيرة ونعمل على ترسيخها‪.‬‬ ‫أكثر من ذلك تعالوا لنستمع إلى ما يقوله المولى تبارك وتعالى‪َ ﴿ :‬و ُكن ُت ْم َع َل َى‬ ‫َش َفا ُح ْف َر ٍة ِّم َن ال َّنا ِر َف َأن َق َذ ُكم ِّم ْن َها﴾ [آل عمران‪ ]103 :‬بماذا أنقذهم؟ أنقذهم‬ ‫برسول الله وبرسالة الإسلام‪ ،‬هم س ّيئون‪ ،‬ضا ّلون منحرفون‪ ،‬فأرسل لهم الرسالة‬ ‫ليسيروا على جا ّدة الحق والصواب‪ ،‬فلم ينتظر المولى سبحانه حتى يصبحوا‬ ‫ج ّيدين ليرسل لهم رسالة الإسلام‪ ،‬لأ ّنه لو أ ّخر ذلك لم يبقوا على حافة النار‪،‬‬ ‫بل لوقعوا فيها‪.‬‬ ‫وعلى هذا‪ ،‬نحن نعتقد أ َّن خروج نظامنا إلى النور تأ ّخر كثير ًا‪ ،‬وإ ّن تأخير‬ ‫خروجه إلى الواقع أفسح المجال للنفوس الس ّيئة بأن تعيش الانحراف أكثر في‬ ‫الزنا والخطيئة‪ ،‬ولذا على المجتمع بأن يحارب السلبيات فيه ليتق ّبل هذه الفكرة‬ ‫وليعيش فوائدها وإيجاب ّياتها»‪.‬‬ ‫أحد الحضور يسأل‪:‬‬ ‫* إذ ًا أنتم تق ّرون أ َّن في نظامكم سلب ّيات؟‬ ‫ـ يجيب ناصر‪« :‬ليست السلبيات في أسس النظام‪ ،‬ولكن قد لا يعيش البعض‬ ‫معالم هذا النظام ولا يدرك أبعاده الشرع ّية وأصوله وأسسه ومنطلقاته‪ ،‬فيقع في‬ ‫سوء التطبيق‪ ،‬وليس ذنب النظام‪ ،‬بل ذنب من يط ّبق خط ًأ نصوص هذا النظام‪،‬‬ ‫وهو وحده يتح ّمل المسؤولية أمام الله والمجتمع‪..‬‬ ‫ونأمل من ك ِّل العلماء والباحثين والأهل عندما يط ّبق هذا النظام ويصادف أن‬ ‫تحدث بعض السلب ّيات ألا يو ّفروا جهدهم في طرح أفكارهم وآرائهم لمواجهة‬ ‫هذه السلبيات التي ستنحصر في النواحي المتح ّركة وليس في النواحي الثابتة‪،‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪197‬‬ ‫كالعقد وما هو حلال وما هو حرام‪ ،‬فالسلب ّيات ستكون على مستوى الأخلاق ّيات‬ ‫وهذا لن يؤ ّثر على ثوابت الفيقة والميقة»‪.‬‬ ‫* فلماذا َط ْر ُح هذا النظام من الأساس‪ ،‬لو نبحث عن نظام آخر؟‬ ‫ناصر‪« :‬ابحث ولكن يجب أن يكون البحث مستند ًا إلى الواقع الشرع ّي‪،‬‬ ‫ومست َم ّد ًا من القرآن الكريم وال ُّسنة النبوية الشريفة‪ ،‬وليس من خلال منطق‬ ‫علماني أو منطق يتعارض مع الإسلام ولا يقبله الواقع الإسلامي‪ .‬إ ّننا بحثنا كثير ًا‬ ‫في الأنظمة الاجتماعية‪ ،‬المادية والعلمانية‪ ،‬فلم نجد أفضل من نظام الإسلام‬ ‫وهذا ليس تح ّيز ًا للإسلام مع إ ّنه يش ّرفنا أن نكون مسلمين ولك ّنه الواقع»‪.‬‬ ‫فائدة غير المسلم من النظام‬ ‫يقوم طالب كان خلال المناقشات جميعها صامت ًا لا يع ّلق على أ ِّي شيء‪،‬‬ ‫ولك ّنه كان على الدوام مواظب ًا على الحضور‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫* أنا مسيح ّي أحترم ما طرحتموه في نظامكم الاجتماع ّي المستم ّد من خلال‬ ‫الشريعة الإسلامية‪ ،‬وكن ُت خلال النقاشات التي لم أغب عنها أصغي‬ ‫باهتمام لشروحاتكم وتعليقاتكم والذي لفت نظري قولكم خلال الجلسة‬ ‫الأولى إ ّن مشروعكم يستفيد منه غير المسلمين‪ ،‬والمسيحيون تحديد ًا‪،‬‬ ‫وكن ُت أنتظر بفارغ الصبر الحديث عن هذه الاستفادة‪ ،‬ولكن لح ِّد الآن‬ ‫لم أسمع شيئ ًا ع ّما وعدتم به‪ ،‬ولذا‪ ،‬أرجو أن أسمع منكم شيئ ًا حول هذا‬ ‫الموضوع؟‬ ‫وهنا يعطي مصطفى الإذن لناصر بالكلام الذي قال‪« :‬أ ّول ًا‪ ،‬أق ّدم اعتذاري‬ ‫نياب ًة عن اللجنة بتأخير الإجابة إلى هذا الوقت‪ ،‬وهذا الأمر وإن لم يسأل عنه‬ ‫الطالب الكريم‪ ،‬فإ ّنه لم يكن غائب ًا عن بالنا حيث ك ّنا ننتظر الفرصة المناسبة‬ ‫للحديث عنه‪ ،‬أما وقد حانت‪ ،‬فأقول‪ :‬لا ش ّك أ ّن معالم نظامنا مستم ّدة من‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪198‬‬ ‫الإسلام‪ ،‬ومن مفاهيم أخلاق ّية وتربو ّية وإنسان ّية عا ّمة لا تتعارض مع الإسلام‪،‬‬ ‫والمسلم باعتقاده الديني هو الذي يستفيد من هذا النظام‪ ،‬ولكن لا يمنع غيره‬ ‫من أتباع الديانات الأخرى أن يستفيد منه أيض ًا‪ ،‬فأنت تعرف أ ّيها الطالب‬ ‫العزيز كونك واظبت على الحضور أ َّن نظامنا ر ّكز على مفاهيم ته ّم المسلم‬ ‫والمسيحي مع ًا‪ ،‬وهي مفاهيم التعارف والتد ّرج والضوابط والحدود في‬ ‫العلاقات والأخلاق بين الناس والأهم هو توقيت مراحل هذه العلاقات حيث‬ ‫شرحنا سابق ًا فلسفة هذا الأمر‪ .‬وفائدة هذه المفاهيم تع ُّم المسلمين والمسيحيين‬ ‫وك ّل َمن يط ّبقها من الأديان الأخرى‪ .‬فالمسيحي حين يريد الإقدام على الزواج‬ ‫له الح ّرية بأن يستلهم معالم دينه في هذا المجال‪ ،‬ويتلاقى مع المسلم في‬ ‫التد ّرج في العلاقة العاطفية والاجتماعية وهو بذلك يح ّدد خياراته‪ .‬وهكذا‬ ‫في الشروط‪ ،‬فالمسيحي يضع من الشروط في العلاقة مع الآخر ما يتلاءم مع‬ ‫معتقده الديني‪ ،‬وكذلك في مسألة الضوابط والأخلاقيات فهي مبادىء عامة‬ ‫يعود فيها المسيحي إلى مسيح ّيته والمسلم إلى إسلامه‪ ،‬فالوفاء بالعهود‪ ،‬وعدم‬ ‫المس بكرامة الآخر‪ ،‬وأن يحب الإنسان لنفسه ما يح ّبه لأخيه الإنسان هي‬ ‫مبادىء تق ُّرها جميع الديانات‪.‬‬ ‫ونضيف أيض ًا أ ّنه كما في الشريعة الإسلامية عق ٌد وح ّق استمتاع جنسي وإرث‬ ‫ونفقة ومتو ّجبات زواجية‪ ،‬فإ ّنها كذلك مثبت ٌة عند المسيحية‪ ،‬ولكن يبقى أن يح ّدد‬ ‫أتباع المسيحية نظام ًا للتد ّرج في العلاقة قبل الإقدام على الزواج‪ ،‬واستعمال‬ ‫الصيغ الكلامية (الفيقة والميقة) ولكن حسب معتقداتهم في تحديد العلاقة‪،‬‬ ‫وهذا أفضل لهم من نظام التعارف الحالي غير المستند إلى ثوابت دينية»‪.‬‬

‫أسئلة حائرة وأجوبة واعدة ‪199‬‬ ‫المصطلحات البديلة‬ ‫طالبة تسأل‪:‬‬ ‫ * في نظامكم مصطلحـات (الفيقـة‪ ،‬الميقـة‪ ،‬الصيغـة) ما المصطلحات‬ ‫البديلة برأيكم للذين يقبلون هذا النظام من الملل والأديان الأخرى غير‬ ‫المسلمين؟‬ ‫ـ يجب ناصر من جديد‪:‬‬ ‫«ما نراه مناسب ًا لأ ِّي مجتمع يرى فائد ًة في النظام المطروح‪ ،‬ويو ُّد الأخذ‬ ‫بمنهجه أن يستعمل الألفاظ نفسها‪ ،‬لأ ّنها سهلة اللفظ على ك ِّل الألسن الموجودة‬ ‫في العالم‪ ،‬فالألماني أو غيره يستطيع كالعربي أن يتل ّفظ بكلمة فيقة أو ميقة أو‬ ‫صيغة‪ ،‬وعندما نؤ ّكد على ذلك‪ ،‬فإ ّن استعمال تعابير أخرى كالصداقة الشرعية‬ ‫مثل ًا أو التعارف الشرع ّي فإ ّنها تخ ُّص المسلم وحده»‪.‬‬ ‫صيغة العقد‬ ‫تسأل إحدى الطالبات‪ ،‬وتقول‪:‬‬ ‫ * ما هي ألفاظ العقد‪ ،‬أو بالأحرى ما هي صيغة العقد؟‬ ‫ـ يجيب الس ّيد محمد بالقول‪« :‬إ ّن عقد الزواج دائم ًا كان أو مؤ ّقت ًا يخضع‬ ‫لألفاظ مع ّينة من الطرفين‪ ،‬وبمج ّرد التل ّفظ بصيغة العقد تصبح العلاقة شرعية‬ ‫بينهما‪ ،‬وفي العقد الدائم تقول المرأة للرجل‪ :‬ز ّوجتك نفسي على مهر ومقداره‬ ‫كذا‪ ،‬لأقرب الأجلين‪ ،‬ويقول الرجل‪ :‬قبلت‪ .‬وفي العقد المؤ ّقت تقول المرأة‪:‬‬ ‫ز ّوجتك نفسي ولكن بشرط الفيقة أو الميقة على مهر ومقداره كذا‪ ،‬وعلى م ّدة‬ ‫مقدارها كذا‪ ،‬ويقول الرجل‪ :‬قبلت»‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫‪200‬‬ ‫العقد والمسؤوليات‬ ‫يقف أحد الطلاب وقد استغرب سهولة العقد الذي يت ّم بهذه الألفاظ البسيطة‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ * حسب شروحاتكم السابقة رأينا أ ّن العقد يستتبع مسؤوليات ج ّمة‪ ،‬فهل‬ ‫بهاتين الكلمتين في العقد المؤقت يصبح الأمر شرع ّي ًا ومقبول ًا من الله؟‬ ‫ـ يعود السيد للإجابة‪« :‬هاتان الكلمتان تجعلان الزواج الدائم أيض ًا شرعي ًا‬ ‫ومقبول ًا عند الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وكما أ ّن الدخول إلى الزواج الدائم يت ُّم بك ّل‬ ‫بساطة هذه الألفاظ‪ ،‬والتي تستتبع مسؤوليات كبيرة و ُتبتنى عليها حقو ٌق وواجبات‬ ‫كثيرة‪ ،‬فكذلك يكون الدخول إلى العقد المؤ ّقت سهل ًا‪ ،‬ولك ّن مسؤولياته كبيرة‬ ‫ج ّد ًا»‪.‬‬ ‫ينطلق صوت أحد الطلاب وبح ّدة يسأل‪:‬‬ ‫ * وهل تتح ّملون مسؤولية ذلك أمام الله عندما تبيحون للشباب القيام‬ ‫بذلك؟‬ ‫ـ ير ُّد الدكتور أبو زكريا قائل ًا‪« :‬أو ُّد أن أسأل الأخ السائل‪ :‬بعد أن يعقد القاضي‬ ‫في المحكمة للزوجين عقد زواجهما‪ ،‬هل يكون لاحق ًا مسؤول ًا عن ظلم الرجل‬ ‫لزوجته‪ ،‬أو خيانة المرأة لزوجها‪ ،‬أو يكون مسؤول ًا عن عدم تربيتهما لأولادهما‬ ‫أو قيامهما بواجباتهما الأسر ّية بشك ٍل عام؟‬ ‫سأو ّفر على الطالب العزيز وأجيب‪ :‬نعم نحن نتح ّمل المسؤولية كامل ًة أمام‬ ‫الله‪ ،‬لأ ّننا لا نأتي إلا بما جاء صريح ًا وواضح ًا في شرع الله‪ ،‬وأ ّما أن نكون‬ ‫مسؤولين عن عدم التزام الطرفين بحدود العقد والمحافظة على عهودهما‬ ‫ووعودهما‪ ،‬وما أح َّل الله وما ح َّرم‪ ،‬فهذا شيء يتح ّمل مسؤوليته الطرفان وليس‬ ‫أح ٌد آخر على الإطلاق‪.‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook