Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore نجوم الهمم مصغر

نجوم الهمم مصغر

Published by eman.ali.alhousani, 2021-01-31 07:56:02

Description: نجوم الهمم مصغر

Search

Read the Text Version

‫ثلاث لغات‬ ‫استطاع الجسمي أن ينقل للعالم صورة واقع أصحاب الهمم‪،‬‬ ‫لكن المفاجأة كانت تتمثل في نقله الصورة بثلاث لغات هي «العربية‬ ‫والإنجليزية والأوردو»‪ ،‬التي تعلمها من خلال حديثه مع محيطه من‬ ‫الناس دون أن يحتاج إلى مناهج علمية أو مدرسية‪.‬‬ ‫ذهبية الصين‬ ‫بالتزامن مع كونه متحدث ًا باسم أصحاب الهمم‪ ،‬كان الجسمي يواصل‬ ‫رحلة تألقه الرياضية ليتمكن في العام ‪ 2007‬من الحصول على الميدالية‬ ‫الذهبية في أولمبياد الصين الخاص في مسافة ‪ 100‬متر‪ ،‬والتي قطعها‬ ‫في ‪ 10‬ثوا ٍن و‪ 45‬جزء ًا من الثانية‪ ...‬كانت لحظة استثنائية في حياة‬ ‫الجسمي‪.‬‬ ‫قرر الجسمي أن لا يكتفي بهذا الإنجاز بل المضي قدم ًا في حصد‬ ‫الميداليات‪ ،‬لكن الرياح جاءت عكس ما تشتهيه سفنه ُ‪ُ ،‬فُفي العام ‪2009‬‬ ‫تعرض إلى إصابٍة وتمز ٍق في عضلة ساقه كانت كفيلة أن توقف مسيرة‬ ‫حياته الرياضية في جري مسافة ‪ 100‬متر‪ ،‬ليخضع إلى جلسات‬ ‫العلاج الطبيعي التي جعلت العودة إلى المستوى الرياضي السابق‬ ‫صعب ًة للغاية‪.‬‬ ‫كرة اليد‬ ‫اقترح أحد مدربي كرة اليد على الجسمي أن يلتحق بمنتخب الإمارات‬ ‫لكرة اليد للأولمبياد الخاصة‪ ،...‬وهنا وجد الجسمي ضالته مرة أخرى‪،‬‬ ‫وقرر خوض التجربة ليكشف قدرته العالية في هذه اللعبة‪ ،‬وينسجم‬ ‫بشكل كبير مع باقي أعضاء الفريق‪ ،‬وحرص على أن يمارس اللعبة‬ ‫الجماعية‪ ،‬وأن يواظب اتباع إرشادات المدرب بحرفية‪.‬‬ ‫رب ضارة نافعة‬ ‫إصابة الجسمي فتحت الطريق أمامه مرة أخرى نحو العالمية ليتَّوج‬ ‫بصحبة فريق الإمارات لكرة اليد بالمركز الأول في الأولمبياد الخاص في‬ ‫اليونان العام ‪ .2010‬واستمر شغفه في اللعبة ليحقق إنجاز ًا جديد ًا‬ ‫في العام ‪ 2015‬بالحصول على الميدالية الذهبية في بطولة العالم لكرة‬ ‫اليد في الولايات المتحدة الأمريكية‪.‬‬ ‫‪51‬‬

‫معركة رفع الأثقال‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬قرر الجسمي خوض غمار معركة جديدة لتتجه أنظاره‬ ‫نحو لعبة رفع الأثقال وليمارسها بشغف كبير على مدار أربع سنوات‬ ‫دون انقطاع محقق ًا المثل القائل لكل مجتهد نصيب‪.‬‬ ‫خطف الجسمي أربع ميداليات العام ‪ 2019‬في أولمبياد أبوظبي‬ ‫بينها واحدة ذهبية في لعبة «سكوات»‪ ،‬حيث رفع وزن ‪145‬‬ ‫كيلوجرام ًا‪ ،‬وثلاث ميداليات فضية في رفع الأوزان على الصدر‬ ‫ورياضة الـ« ديد ليفت»‪.‬‬ ‫رحلة العمل‬ ‫يدخل الجسمي عامه الـ ‪ ،33‬ورغم ما مر به من ظروف صعبة‪،‬‬ ‫وإخراج من المدرسة إلا أنه كان ناجح ًا أيض ًا في مسيرة حياته العملية‬ ‫فقد عمل لمدة عشر سنوات في قسم الصحة والسلامة في مركز دبي‬ ‫التجاري المالي‪ ،‬ثم عمل ضمن شركة خاصة في مطار دبي الدولي‬ ‫في مجال التعامل مع الحرائق‪.‬‬ ‫غير أن البصمة التي يعتز بها الجسمي هي دخوله إلى القيادة‬ ‫العامة لشرطة دبي في العام ‪ 2014‬عندما تقدم بأوراقه ووجد أبواب‬ ‫شرطة دبي مفتوحة له‪ ،‬ليبدأ مهام عمله في الإدارة العامة لأمن‬ ‫المواصلات‪ ،‬وكان للتحفيز الكبير الذي حظي به دور مهم في حصوله‬ ‫على شهادات تقدير‪.‬‬ ‫الجسمي هو أب لأربعة أولاد يستمد منهم ومن زوجته‪ ،‬عزمه‬ ‫وإصراره في التميز في مجال عمله من جهة‪ ،‬وفي مواصلة مشاركته‬ ‫في ألعاب رفع الأثقال من جهة أخرى‪ ،‬ويضع نصب عينه أن يصل‬ ‫إلى العالمية مجدد ًا في رفع الثقال‪ ،‬مؤكد ًا أن حرمانه من الدراسة لا‬ ‫يعني حرمانه من تحقيق الإنجازات والأحلام‪.‬‬ ‫‪52‬‬

53

54

‫بعد ودلاتها بـعشرين يوم ًا أصيبت بحمى شديدة استدعت نقلها إلى المستشفى‪� ����� ��،‬‬ ‫لتدخل فور ًا إلى غرفة العناية المُرَّكزة‪ ،‬ويخرج الطبيب إلى والديها ويبلغهما أن‬ ‫طفلتهما ستموت في غضون يومين فقط‪ ،‬لكن الطفلة خالفت التوقعات‪ ،‬وفتحت عينيها‬ ‫من جديد للحياة‪ ،‬وأصابت الطبيب بحالة من الصدمة‪ ،‬ليطلق عليها في تقريره الطبي‬ ‫اسم «الطفلة المحاربة»‪.‬‬ ‫هذه الطفلة صارعت الموت‪ ،‬لكن الصراع لم يكن سهل ًا لتصاب بشلل أطفال‪،‬‬ ‫وتصبح حياتها مرتبطة بكرسي ُمتحرك‪ ،‬ورغم ذلك قررت أن تجعل من مقعدها‬ ‫المتحرك رسالة في الطاقة الإيجابية ونشر السعادة‪.‬‬ ‫«الطفلة المحاربة» هي اليوم إحدى موظفات القيادة العامة لشرطة دبي‪ ،‬وهي مدربة‬ ‫متخصصة في تطوير الذات‪ ،‬ومستشارة في التحفيز الإيجابي‪ ،‬ومدربة ُمعتمدة‬ ‫للسعادة والإيجابية‪ ،‬واسمها وضحة أنور حسن‪ ،‬إماراتية الجنسية‪ ،‬وتالي ًا قصتها‪:‬‬ ‫‪55‬‬

56

‫أصيبت الطفلة المحاربة بعد ولادتها بحمى لكَّن والديها لم يدركا‬ ‫آثار الحمى الخطيرة عليها فنقلاها متأخر ًا إلى المستشفى‪،‬‬ ‫ِل َت ْدخ َل إُلى العناية المركزة ولتدخل في غيبوبة لمدة ستة أشهر إلى‬ ‫أن خرج الطبيب معلن ًا لوالدها أنها ستموت في غضون يومين‪،‬‬ ‫على ابعد تقدير لكنها فتحت عينيها أمام الطبيب ثم خرجت من‬ ‫المستشفى لكن مصابة بشلل كلي‪.‬‬ ‫استفاقت الطفلة المحاربة على واقعها‪ ،‬لكنها لم تستسلم‪،‬‬ ‫فالتحقت بمدرسة خولة بنت الأزور ثم مدرسة قرطبة لتدرس‬ ‫المراحل الأساسية ثم صاحبت والديها إلى باكستان لتبدأ مراحل‬ ‫العلاج من الشلل الكلي عبر إجراء عملية جراحية لتثبيت القدم‬ ‫وإجراء علاج طبي طبيعي لها‪.‬‬ ‫استمرت « الطفلة المحاربة» في عملية العلاج لمدة عامين‬ ‫متتالين‪ ،‬لكنها في الوقت ذاته كانت تحارب على جبهة ال ِع ْلم‬ ‫فاستكملت دراستها‪ ،‬واستطاعت أن تحصل على شهادة الثانوية‬ ‫العامة‪ ،‬وتتمكن من إجادة اللغة الأوردية بطلاقة إلى جانب إجادة‬ ‫اللغة الإنجليزية‪.‬‬ ‫الولايات المتحدة‬ ‫واصلت « الطفلة المحاربة» علاجها لتتجه إلى الولايات المتحدة‬ ‫الأمريكية في رحلة علاج طبيعي أخرى استمرت خمس سنوات‪،‬‬ ‫ساعدتها على التقليل من نسبة الشلل من كلي إلى جزئي‪ ،‬وأيض ًا‬ ‫رفضت الاستسلام فالتحقت بجامعة «سنتومس» في ولاية‬ ‫تكساس‪ ،‬وحصلت على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية‪.‬‬ ‫عادت « الطفلة المحاربة» إلى الإمارات‪ ،‬وبدأت تتطوع في‬ ‫مختلف الميادين‪ ،‬وحرصت على أن تكون فاعلة في المجتمع بدل ًا‬ ‫من الاكتفاء بالجلوس على كرسي‪ ،‬والتحقت بالعديد من الدورات‬ ‫التدريبية في مجال السعادة والإيجابية‪ ،‬وتمكنت من الحصول‬ ‫على دبلوم « السعادة والإيجابية» من معهد دبي القضائي‬ ‫بدرجة «جيد جد ًا» وبدأت في إعطاء دورات في هذا المجال‪.‬‬ ‫‪57‬‬

58

‫قصة شرطة دبي‬ ‫في أحد الأيام كانت وضحة أنور حسن تقدم ورشة عمل عن‬ ‫السعادة إلى موظفي القيادة العامة لشرطة دبي بطريقة سلسلة‬ ‫أبهرت المشاركين الذين صوروا مقتطفات من الورشة وعر ُضت‬ ‫على معالي القائد العام لشرطة دبي‪ ،‬الفريق عبد الله خليفة المري‪،‬‬ ‫فنالت إعجابه‪ ،‬واستدعى وضحة والتقى بها ثم أمر بتعينها ضمن‬ ‫القوة‪ ،‬الأمر الذي أسعدها وجعلها تشعر بالفخر في أن تكون ضمن‬ ‫مؤسسة أمنية رائدة‪.‬‬ ‫انضمت وضحة إلى فريق عمل الإدارة العامة للتدريب‪ ،‬ووجدت‬ ‫ترحيب ًا حار ًا من قبل الموظفين‪ ،‬وباشرت مهامها في تقديم ورش‬ ‫العمل التدريبية في مجال السعادة والإيجابية وعلى مدار شهر‬ ‫أنجزت بتفا ٍن اثنتي واح ٍد وعشرين محاضرة‪.‬‬ ‫نشر التسامح‬ ‫لم تكت ِف وضحة أنور بتقديم ورش عمل في السعادة والإيجابية‪،‬‬ ‫ومع احتفاء الدولة بعام التسامح ‪ ،2019‬جاءتها فكرة نشر‬ ‫مبادئ وقيم التسامح بين الموقوفين‪ ،‬ووجدت ترحيب ًا من مسوؤلها‪،‬‬ ‫وبالفعل بدأت في تقديم محاضرات عن التسامح لإيمانها أن لهذه‬ ‫القيمة الإنسانية أهمية بالغة تغيير التصرفات‪ ،‬فبدل ًا من التعامل‬ ‫مع الخلافات ومشاكل الحياة باستخدام القوة فإن التسامح يعزز‬ ‫التعامل معها بأكبر قدر من الحكمة وبعد ُالأفق وهو ما ينعكس على‬ ‫تحقيق نتائج إيجابية‪.‬‬ ‫أفضل مدربة‬ ‫نالت وضحة حسن خلال مسيرة عملها جائزة أفضل مدربة من‬ ‫أصحاب الهمم من المعهد العلمي في الشارقة وتسعى إلى المزيد‬ ‫مستقبل ًا‪ ،‬تقول‪ :‬طموحي أن أنشر السعادة بمعانيها الصحيحة‬ ‫القائمة على مبدأ القبول والرضا بالواقع ومحاولة تغييره بإيجابية‬ ‫وبالابتعاد عن السلبية‪ ،‬فالإنسان يستطيع أن يرسم السعادة لنفسه‬ ‫من خلال طريقة اختياره لمعالجة التحديات‪.‬‬ ‫‪59‬‬

60

‫�� �����‬ ‫محمود عبد العزيز محمود الهرمودي شاب هادئ الطبع يعمل في الإدارة العامة‬ ‫للموارد البشرية‪ ،‬لكن هذا الهدوء يخف ُي خلفه موظف ًا يخوض معارك لا هوادة فيها‪،‬‬ ‫تحتاج إلى رجال متسلحين بالإيمان والعزم والإصرار‪ ،‬فخصمه عنيد جد ًا‪ ،‬غير‬ ‫ملموس‪ ،‬وغير ظاهر للعيان‪ ،‬يضرب بقوة‪ ،‬ويرفض الاستسلام‪. ...‬‬ ‫رغم أن سنين عمره ثلاثين عام ًا إلا أن الحياة أجبرته على الدخول في معاركها‬ ‫مبكرُ ًا‪ ،‬لذلك قرر أن يبقى رافع ًا سيفه‪ ،‬وأن لا يستسلم بسهولة أمام خصمه مهما كانت‬ ‫الظروف ورغم خسارة بعض الجولات وما صاحبها من انتكاسات صعبة ومفاجئة‪.‬‬ ‫‪61‬‬

62

‫حوله‪ ،‬فراجع أحد المستشفيات وأجرى كافة الفحوص لكن الأطباء‬ ‫ولد الهرمودي في العام ‪ 1989‬وعندما بلغ سن السابعة من عمره‬ ‫عجزوا عن تحديد السبب‪.‬‬ ‫توفي والده‪ ،‬فكانت أول مشكلة يوجهها في حياته خاصة وأنه يعتبر‬ ‫أدخل الأطباء الهرمودي لإجراء فحص الرنين المغناطيسي على الدماغ‬ ‫الابن البكر في العائلة‪.‬‬ ‫لمحاولة تحديد السبب المقنع وراء عدم وضوع النظر‪ ،...‬وكانت النتيجة‬ ‫الصادمة أنه مصاب بمرض التصلب اللويحي‪ ،‬وهو مرض يصيب‬ ‫دخل إلى المدرسة‪ ،‬واستطاع أن يكم ُل تعليمه‪ ،‬وأن يحصل على شهادة‬ ‫الثانوية العامة رغم أن غياب الأب دفعه إلى أن يطرق أبواب سوق‬ ‫الأعصاب ويؤثر على وظائف الجسم المختلفة‪.‬‬ ‫العمل أثناء الدراسة‪ ،‬فكان يدرس وفي الوقت ذاته يعمل في مؤسسة‬ ‫الشيخ أحمد بن راشد لتحفيظ القرآن الكريم في إمارة أم القيوين‬ ‫بدء المعركة‬ ‫مشرف ًا إداري ًا‪ ،‬ثم أصبح مسؤول ًا عن قطاع منطقة السلمة وذلك في‬ ‫بعد النتيجة‪ ،‬بدأ الهرمودي خوض معركته الخاصة مع المرض‬ ‫الذي يسمع عنه للمرة الأولى في حياته‪ ،‬وأجرى العديد من الفحوص‬ ‫العام ‪.2007‬‬ ‫والتحاليل وأرسل العينات إلى خارج الدولة للتحقق من حقيقة الأمر‪،‬‬ ‫وجاءت النتائج لتؤكد الإصابة بالمرض دون القدرة على تحديد السبب‬ ‫بعد إنهاء الثانوية العامة‪ ،‬التحق الهرمودي بالكلية التقنية العليا في‬ ‫الشارقة‪ ،‬واستطاع الحصول على شهادة الدبلوم في إدارة الأعمال‬ ‫وراء ذلك فيما إذا كان جراء حادث السير أم لا‪.‬‬ ‫بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف‪ ،‬ومن ثم أكمل دراسة الدبلوم العالي في‬ ‫أكد الأطباء للهرمودي أن المرض لا يمكن السيطرة عليه‪ ،‬وأنه يجب عليه‬ ‫إدارة الأعمال‪ ،‬وحصل على نتيجة جيد جد ًا‪.‬‬ ‫أن يتناول الأدوية ذات الصلة بعلاجه بشكل مستمر‪ ،‬فخضع للنصيحة‪،‬‬ ‫الطريق إلى شرطة دبي‬ ‫والتزم بتناول الأدوية‪ ،‬وباتت حالته تتحسن بشكل كبير‪.‬‬ ‫تقدم الهرمودي للعمل في شرطة دبي في العام ‪ ،2008‬وكان يحلم‬ ‫لفت التحسن في حالة الهرمودي نظر أصدقائه الذين باتوا يؤكدون أنه‬ ‫في أن يصبح ضابط ًا في القوة‪ ،‬لكن الوظيفة التي كانت متاحة له في‬ ‫ذاك الوقت « مدنية» وليست عسكرية‪ ،‬فوافق على العمل آمل ًا أن يتحول‬ ‫سليم‪ ،‬ويشجعونه دون إدراك منهم على ترك الأدوية‪. ....‬‬ ‫إلى عسكري في المستقبل‪ ،‬وبدأ أولى خطواته العملية مدخل ًا للبيانات‬ ‫أخذ الهرمودي بالنصيحة التي لم تكن في مكانها‪ ،‬فعادت حالته لتسوء‬ ‫في إدارة الرواتب في الإدارة العامة للموارد البشرية‪.‬‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬وراجع الأطباء وأعطوه أدوية خاصة بالأعصاب لتدخله في‬ ‫حالة من الاكتئاب بشكل تدريجي‪ ،‬ما اضطره لمحاولة الخروج من الحالة‬ ‫بعد التحاقه بالعمل في شرطة دبي‪ ،‬واصل الهرمودي دراسته بإصرار‬ ‫وعزيمة وتمكن من الحصول على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال‬ ‫باستخدام أدوية مضادة بنا ًء على طلب و توجيهات الأطباء‪.‬‬ ‫بتقدير جيد جد ًا‪ ،‬وحينها بدأ يشعر أن حلمه في أن يصبح ضابط ًا في‬ ‫انتكاسة غير متوقعة‬ ‫الشرطة يقترب أكثر فأكثر‪ ،‬لكن حادث ًا جاء ليقلب مسار حياته‪.‬‬ ‫رغـم عودتـه للمواظبـة علـى الـدواء تعـرض الهرمـودي إلـى انتكاسـة‬ ‫حادث سير‬ ‫«صحيــة» غيــر متوقعــة‪ ،...‬هــذه المــرة أدى المــرض العصبــي إلــى‬ ‫عـدم قدرتـه علـى الشـعور بالسـاقين مـا دفعـه للجلـوس علـى كرسـي‬ ‫في العام ‪ ،2014‬وأثناء حضور الهرمودي إلى العمل فقد السيطرة‬ ‫على سيارته في شارع الإمارات «العابر سابق ًا»‪ ،‬ليصطدم بحاجز‬ ‫متحــرك لمــدة ‪ 6‬أشــهر‪.‬‬ ‫حديدي وينقل ُ على إثره إلى المستشفى لتلقي العلاج من الرضوض‬ ‫بدأ جولة تعاركية جديدة مع المرض واظب خلالها على رحلة طويلة‬ ‫مع العلاج الطبيعي الصعب والمرهق إلى أن تمكن من التغلب ولو جزئي ًا‬ ‫التي أصابته‪.‬‬ ‫على الانتكاسة‪ ،‬واستطاع المشي مرة أخرى بالاستعانة بعكاز رغم عدم‬ ‫بعد أسبوع من خروج الهرمودي من المستشفى‪ ،‬بدأ يشعر بوجود‬ ‫مشاكل في الرؤية وعدم وضوح بنسبة ‪ %100‬في مشاهدة ما يدور‬ ‫قدرته على الشعور بساقيه‪.‬‬ ‫‪63‬‬

64

‫الحلم انتهى‬ ‫التطورات الصحية المتلاحقة وغير المتوقعة التي أصابت الساقين‪،‬‬ ‫جعلت الهرمودي يشعر أن حلمه في أن يصبح ضابط شرطة انتهى‬ ‫دون رجعة‪ ،‬لعدم تمتعه باللياقة البدنية المطلوبة بعد أن كان الحلم قاب‬ ‫قوسين أو أدنى على تحقيقه نتيجة حصوله على شهادة البكالوريوس‪.‬‬ ‫انتكاسة أخرى‬ ‫في شهر تموز ‪ ،2019‬أوصى الأطباء الهرمودي بالخضوع إلى‬ ‫عملية « قص معدة» لإنزال وزنه وذلك تمهيد ًا لإجراء عملية جراحية‬ ‫تهدف إلى إعادة الإحساس بالساقين‪ ،‬لكن الرياح جاءت معاكسه‬ ‫لرغباته‪ ،‬فبعد العملية أصيب بانتكاسة جديدة تمثلت في « التلعثم أثناء‬ ‫الكلام»‪ ،‬بررها بعض الأطباء بسبب «التخدير الكامل»‪.‬‬ ‫الإيمان والإيجابية‬ ‫أثر التطور الجديد بشكل كبير على نفسية الهرمودي‪ ،‬فأصبح يدرك‬ ‫أنه يخوض معارك لا منتهية أمام خصم عنيد‪ ،‬وأمامه طريقان‪ ،‬الأول أن‬ ‫يستسلم‪ ،‬والثاني أن يقف ند ًا للمرض‪ ،‬فقرر أن يسلك الثاني‪.‬‬ ‫حدد الهرمودي خطواته القادمة ووضع خطة لذلك‪ ،‬فقرر أن يعزز‬ ‫الجانب النفسي من خلال قراءة القرآن الكريم والإيمان بقضاء لله‬ ‫وقدره‪ ،‬والدعاء والاستغفار‪ ،‬ثم التخلص من الأصدقاء السلبيين‬ ‫والاكتفاء بالإيجابيين ممن تصدر عنهم العبارات التشجيعية والمتفائلة‬ ‫بالحياة‪ ،‬إلى جانب ذلك التزام بالأدوية التي وصفها الأطباء‪.‬‬ ‫كما يلتزم بنظام غذائي معد ُخصيص ًا له من أجل جولته التعاركية‬ ‫القادمة المتمثلة في إجراء العملية الجراحية الخاصة باستعادته‬ ‫الاحساس بساقيه‪ ،‬مؤكد ًا أنه سيخوض جولاته مع مرضه وسينتصر‬ ‫عليه عاجل ًا أم أجل ًا‪.‬‬ ‫يواظب الهرمودي على الحضور لمقر عمله كل يوم باستخدام سيارته‬ ‫الشخصية‪ ،‬رغم تحذير الأطباء له من القيادة لغياب الحس بساقيه‪،‬‬ ‫ويضع نصب عينيه تخطي المرض معتمد ًا على إرادته وإيمانه بالمولى‬ ‫عز وجل‪ ،‬ويحمل في الوقت ذاته طموح إكمال دراسته والحصول على‬ ‫شهادة عليا‪ ،‬و «أمله المفقود» في أن يصبح عسكري ًا‪ ،‬فيما ستكتب‬ ‫الأيام المقبلة ُ نتائج «معارك الهرمودي»‪.‬‬ ‫‪65‬‬

66

‫�� ����� �‬ ‫مهندس معماري ُمحترف‪ ،‬يجيد رسم المباني وتحويلها من مجرد صورة على‬ ‫ورق إلى مبنى قائم على أرض الواقع‪ ،‬فاز بأربع جوائز في أجمل تصميم‬ ‫لحديقة‪ ،‬وبنى منزل ًا على قطعة أرض صعبة التخطيط تحَّول إلى تحفة معمارية‬ ‫لمزاوجته بين العمارة الأندلسية والحديثة‪ ،‬ساهم في جعل مكان عمله بيئة مثالية‬ ‫تز ّينها ديكورات رائعة‪ ،‬لكن هذا المهندس في واقع الأمر لا يحمل أي شهادة هندسية‪،‬‬ ‫ولم تطأ قدمه كلية الهندسة في حياته‪.‬‬ ‫نتحدث هنا عن موظف من أصحاب الهمم في الإدارة العامة للدعم اللوجستي في‬ ‫شرطة دبي هو حسن أحمد يوسف الرئيسي الذي امتلك موهبة استثنائية في الرسم‬ ‫العمراني‪ ،‬وحرص على أن ُيغذي موهبته باطلاعه الدائم على مستجدات علم الهندسة‬ ‫ليرسم تصاميم ومخططات معمارية فريدة من نوعها منذ أن كان على مقاعد الدراسه‬ ‫‪ ،‬فيما يصفه زملاؤه بـ( مهندس بالفطرة) ‪.‬‬ ‫‪67‬‬

68

‫في العام ‪ 1975‬ولد حسن أحمد يوسف الرئيسي‪ ،‬لكن‬ ‫بعد عامين أصيب بالحمى الشوكية التي نقل ُعلى إثرها إلى‬ ‫المستشفى‪ ،‬لكن التعامل الخاطئ معها في ذاك الزمان أدى إلى‬ ‫نتائج عكسية‪ ،‬ليصاب بحالة شلل طالت كامل جسده‪.‬‬ ‫بدأت عائلة الرئيسي في محاولة التعامل مع الواقع الجديد‪،‬‬ ‫وشرعت في رحلة علاج طبيعي استمرت لمدة ثلاثة عشر عام ًا‪،‬‬ ‫تخللها الكثير من التعب والمعاناة‪ ،‬إلى أن وصل إلى سن الخامسة‬ ‫عشرة لينجح العلاج في تخفيض حالة الشلل بنسبة ‪70‬بالمائه‬ ‫بفضل الإرادة والعزيمة اللتين تمتع بهما الرئيسي لكنه لا زال‬ ‫يعاني من ساقه اليمنى والتي يستعين عليها بجهاز حديدي‪.‬‬ ‫لاعب كرة‬ ‫رغم صعوبة الحركة بسبب الجهاز الحديدي الذي كان يزن‬ ‫وقتها قرابة الثلاثة كيلوغرامات‪ ،‬رفض الرئيسي أن يعكر الجهاز‬ ‫صفو شبابه‪ ،‬وولعه بكرة القدم‪ ،‬فحمله معه إلى الساحات‬ ‫والملاعب‪ ،‬ولعب برفقة زملائه‪ ،‬وكان يتولى حراسة المرمى‪ ،‬وكان‬ ‫هذا أول تح ٍد حقيقي ينجح فيه‪ ،‬ويثبت قدرته على أن يكون كأي‬ ‫إنسان طبيعي‪.‬‬ ‫المكان المناسب‬ ‫في موازاة ذاك‪ ،‬كان الرئيسي يتدرج في الدراسة في مدرسة‬ ‫الجاحظ بالراشدية إلى أن تمكن من إنهاء الثانوية العامة‪ ،‬وهنا‬ ‫قرر خوض تجربة العمل‪ ،‬فَّقدم أوراقه إلى عدة دوائر حكومية‪،‬‬ ‫ولأن والده موظف ًا في شرطة دبي رجحت كفة الانضمام إلى القوة‪،‬‬ ‫وجاء التعين في المكان المناسب دون أن يدرك الرئيسي ذلك‪...‬‬ ‫عين الرئيسي سكرتير ًا في الإدارة العامة للدعم اللوجستي في‬ ‫العام ‪، 1998‬التي تتولى إدارة المشاريع الهندسية والمعمارية‬ ‫لشرطة دبي‪ ،‬وهذا المجال يواكب موهبة الرسم المعمارية التي‬ ‫يتمتع بها‪ ،‬وكانت الوظيفة فرصة رائعة للاطلاع على المخططات‬ ‫المعمارية عن كثب‪.‬‬ ‫‪69‬‬

70

‫ازداد شغف الرئيسي بالرسم المعماري‪ ،‬وكان فضوله يدفعه إلى‬ ‫دخول المباني قيد الإنشاء ليرى كيف ت َصَُّمم على أرض الواقع‪،‬‬ ‫ويعيد رسم مخططاتها ويضيف بصمته إليها‪ ،‬وخلال زيارته إلى‬ ‫مدن العالم المتعددة كان الانبهار بالمباني والمتاحف يدفعه إلى‬ ‫مشاهدة مخططاتها المعمارية من قرب‪.‬‬ ‫عقبة الدراسة‬ ‫ف َّكر الرئيسي بالدخول إلى الجامعة لدراسة الهندسة المعمارية‪،‬‬ ‫لكن عدم إتقانه اللغة الإنجليزية وقف عقبة كبيرة في طريقه‪ ،‬ليضطر‬ ‫إلى الالتحاق بكلية الدارسات الإسلامية والعربية في دبي‪ ،‬ويتمكن‬ ‫من الحصول على الليسانس في الدراسات الإسلامية والعربية‪.‬‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬لم يتوقف الشغف الكبير في الرسوم المعمارية‬ ‫ومخططاتها الذي استولى على عقل وتفكير الرئيسي‪ ،‬وكان لظهور‬ ‫الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية مصدر‬ ‫تغذية جديدة لمعلوماته وشغفه‪ ،‬حتى أن صفحاته على مواقع‬ ‫التواصل الاجتماعي تزاحمها الرسوم المعمارية‪.‬‬ ‫ثلاث شركات‬ ‫لم يكن يعلم الرئيسي أن شغفه الكبير وموهبته في الرسم‬ ‫المعماري سيقودانه إلى عالم الشركات والعقارات‪ ،‬ليؤسس ثلاث‬ ‫شركات تعمل في هذا المجال‪ ،‬أبدع في إدارتها واستغلها لتنمية‬ ‫موهبته‪ ،‬ونجح في تطبيق ما لديه من موهبة على أرض الواقع ليبدأ‬ ‫في رسم وتخطيط مشاريع عمرانية وحدائق‪.‬‬ ‫تعمق الرئيسي في عالم العقارات‪ ،‬وبدأت أفكاره الإبداعية‬ ‫تضرب موعد ًا مع عالم ومنصات التتويج‪ ،‬ليفوز بثلاث جوائز‬ ‫من بلدية عجمان عن تصميم أجمل ثلاث حدائق في الإمارة وعلى‬ ‫مدار ثلاث سنوات‪.‬‬ ‫كما فاز بجائزة أفضل تصميم لحديقة من بلدية الشارقة‪ ،‬وذلك‬ ‫لما أبرزته حدائقه من تصاميم زاوجت بين التصاميم المعمارية‬ ‫الممزوجة بأنظمة الري الإلكترونية الموفرة للطاقة‪ ،‬والتي تحتوي‬ ‫على أشجار نوعية قابلة للعيش في بيئة ومناخ الدولة‪.‬‬ ‫‪71‬‬

72

‫ُعقد تتحول لتحفة‬ ‫حصل الرئيسي على قطعة أرض مثلثة الشكل في إمارة عجمان‪ ،‬ونصحه‬ ‫المحيطون بعدم التفكير في البناء بسبب شكلها‪ ،‬لكنه قرر التحدي ووعد أن‬ ‫يحِّول قطعة الأرض إلى تحفة معمارية‪ ،‬وبعد تفكير عميق جاءت الفكرة‪...‬‬ ‫المنزل سيشابه الأرض وسيتضمن تعرجات و«كسرات» تحاكي شكلها‪.‬‬ ‫بدأ في عملية الرسم والتنفيذ على أرض الواقع بإشراف دقيق منه‪ ،‬والنتائج‬ ‫تظهر للعيان أول ًا بأول‪ ،‬وبعد عمل دؤوب ظهرت التحفة المعمارية‪ ، ...‬منزل‬ ‫جميل ومنقطع النظير في أرض مثلثة الشكل يزاوج تصميمه بين النموذج‬ ‫الأندلسي والحديث ما دفع طلاب الهندسة المعمارية لزيارته والاطلاع على‬ ‫كيفية توظيفه لقطعه الأرض في خدمة البناء المعماري‪.‬‬ ‫بيئة العمل‬ ‫بموازاة عمله الخاص‪ ،‬واصل الرئيسي عمله في شرطة دبي ورغم عدم‬ ‫عمله في الجانب الهندسي إلا أن الإدارة العامة للدعم اللوجستي كلفته‬ ‫بتغيير التصميم الداخلية لقسم الإسكان وقسم الخدمات‪ ،‬وبالفعل استطاع‬ ‫أن يحِّول البيئة الداخلية إلى بيئة عمل جاذبة وراقية‪.‬‬ ‫كَّلفتالإدارة العامة للدعم اللوجستي الرئيسي بإعادة توزيع مواقف الموظفين‬ ‫والزوار‪ ،‬فنجح في مهمته واستطاع توفير خمسة وعشرين موقف ًا بأفكار‬ ‫هندسية رائعة‪.‬‬ ‫برنامج ذكي‬ ‫ومن الإنجازات التي حققها الرئيسي في عمله‪ ،‬أول برنامج حضور‬ ‫وانصراف ذكي‪ ،‬وكان ذلك في العام ‪ ، 2002‬وكان وقتها يس ُجل الموظفون‬ ‫حضورهم وانصرافهم يدوي ًا وهي مهمة أوكلت للرئيسي‪ ،‬لكنه فكر في‬ ‫البرنامج الذكي واستطاع أن يطِّوره بصحبة فني كمبيوتر‪ ،‬ما ساهم في‬ ‫تسهيل عملية الحضور والانصراف للموظفين‪ ،‬واستمر البرنامج في العمل‬ ‫لمدة ثلاث سنوات متتالية إلى بدأ العمل بالبصمة الإلكترونية لتسجيل‬ ‫الحضور والانصراف‪.‬‬ ‫منذ واحد وعشرين عام ًا يعمل الرئيسي في القيادة العامة لشرطة دبي‬ ‫حصل خلالها على أكثر من ثلاثين شهادة تقدير‪ ،‬ونال ثناء إدارته‪ ،‬وكان‬ ‫مثال ًا لأصحاب الهمم ممن استطاعوا توظيف موهبتهم في رسم حياة أفضل‬ ‫لهم وللمحيطين بهم‪.‬‬ ‫‪73‬‬

74

‫�� ����� �‬ ‫تخيل أنك في السادسة عشرة من عمرك‪ ،‬تمشي في الشارع‪ ،‬تلعب وتلهو مع‬ ‫زملائك في المدرسة‪ ،‬وتنظر إلى الحياة بكل تفاؤل وإقبال‪ ،‬وتحمل في جعبتك‬ ‫أحلام ًا مستقبلية ترغب في تحقيقها‪ ،‬وفجأة يبلغ ُك الأطباء أنك فقدت البصر‪،‬‬ ‫ولا أمل أمامك في مشاهدة الدنيا مرة أخرى‪.‬‬ ‫من هنا بدأت قصة المواطن عبد الرحمن البستكي‪ ،‬الموظف التنفيذي في قسم‬ ‫رصد وتحليل البيانات في إدارة القيادة والسيطرة في الإدارة العامة للعمليات‬ ‫في شرطة دبي‪ ،‬الذي رفض الاستسلام لواقعه الجديد وقرر رؤية العالم بعين‬ ‫أخرى يملؤها الأمل‪ ،‬فقاوم على مدار سنوات خذلان بصره‪ ،‬ليحصل على‬ ‫جائزة تميز ثمينة‪ ،‬ويقلد بوسام من شرطة دبي‪ ،‬واستطاع أن يكون أب ًا لابنة و‬ ‫أربعة من الصبيان‪.‬‬ ‫‪75‬‬

76

‫تحليل البيانات‬ ‫التهاب يعترض طريقه‬ ‫بعد استقبال البريد بدأ البستكي عمله في مجال رصد وتحليل المعلومات‬ ‫بعد بلوغه سن السادسة عشرة من العمر أصيب البستكي بالتهاب في‬ ‫في إدارة القيادة والسيطرة‪ ،‬وإعداد التقارير الخاصة عن سرعة الرد‬ ‫عينيه ما أفقده البصر‪ ،‬فاصطحبته عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية‬ ‫على المكالمات‪ ،‬والقدرة على توصيل الرسالة الواضحة للمتعاملين‪،‬‬ ‫وإلى المملكة المتحدة بحث ًا عن باب أمل في علاجه‪ ،‬لكن الأطباء أقفلوا‬ ‫والعمل على إسعادهم‪ ،‬ما ساهم في تطوير منظومة العمل في شرطة‬ ‫الباب نهائي ًا مؤكدين أن الالتهاب أصاب القرنية بشكل مباشر‪.‬‬ ‫دبي على مدار السنوات الماضية‪.‬‬ ‫كانت فترة صعبة لم يستطع البستكي استيعاب أن ما كان يشاهده‬ ‫واصل البستكي جهوده في العمل وح ّول رحلة حياته من نجاح إلى‬ ‫بالأمس لن يستطيع مشاهدته بعد اليوم‪ ،‬ولن يستطيع العودة إلى‬ ‫نجاح‪ ،‬فنال درجات التميز في شرطة دبي على مدار سنوات ليرش ُح‬ ‫المدرسة لاستكمال دراسته‪ ،‬رفقة زملائه‪ ،‬وأحلامه‪ ،‬كلها توقفت فجأة‪،‬‬ ‫لجائزة برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز عن فئة الجندي المجهول‪ ،‬وفي‬ ‫العام ‪ 2012‬نال الجائزة بجدارة بعد خوضه مراحل تقيمها باقتدار‪.‬‬ ‫وأصبح الظلام دامس ًا حوله‪ ،‬وانقطع الأمل‪.‬‬ ‫لم يتوقف عند ذلك بل نال أيض ًا وسام ًا من شرطة دبي بعد عمله بتفا ٍن‬ ‫على مدار أربع سنوات لاحقة من الخبر المشؤوم‪ ،‬توقف البستكي عن‬ ‫لـعشر سنوات موظف ًا في القوة‪ ،‬ولم يكت ِف بنجاحه في الحياة العملية‬ ‫الدراسة ولم يعد قادر ًا على مواكبة مجريات حياته اليومية‪ ،‬وكان عليه‬ ‫بل وفي الحياة الشخصية حيث تزوج وهو الآن أب لبنت وأربعة صبيان‪،‬‬ ‫أن يعيد ُجدولة حياته من جديد بمساعدة الأهل وبعض الأصدقاء‪ ،‬ومن‬ ‫خلال التعرف إلى أشخاص مكفوفين آخرين ليتعلم منهم كيفية التعامل‬ ‫ويستطيع المزواجة بين حياته العملية والأسرية بكل اقتدار‪.‬‬ ‫مع مقتضيات حياته الجديدة‪.‬‬ ‫تحديات العمل‬ ‫أبرز تح ٍد يواجه البستكي في حياته هو العمل المستمر على مواكبة‬ ‫بارقة أمل‬ ‫كافة التطورات التكنولوجية في بيئة عمله‪ ،‬والتي يحرص على تسخيرها‬ ‫كانت سنوات صعبة جد ًا على شاب في مقتب ُل العمر‪ ،‬لكن باردة أمل دخلت‬ ‫لخدمة عمله على أحسن وجه‪ ،‬وينصح كافة المكفوفين بالعمل الدائم على‬ ‫حياته عندما فتحت شرطة دبي أبوابها له في عام ‪ 1999‬فالتحق بالعمل‬ ‫مواكبة كافة التطورات التقنية والتكنولوجيا‪ ،‬فهذه التطورات الحديثة‬ ‫في استقبال البريد وتحويل الشكاوى إلى الجهات المخت ُصة للرد عليها‪،‬‬ ‫تساهم اليوم بشكل كبير في خدمة أهداف هذه الفئة من وجهة نظره‪.‬‬ ‫ويصف البستكي ذاك التعيين(بأنه بارقة أمل للعودة إلى الحياة من جديد)‪.‬‬ ‫ُخلاصة ‪ 20‬عام ًا‬ ‫بيئة شرطة دبي‬ ‫بعد مضي عشرين عام ًا على التحاقه بشرطة دبي‪ ،‬منذ ‪ ،1999‬يقول‬ ‫نال البستكي التشجيع من زملائه في العمل ليعود إلى مقاعد الدراسة‪،‬‬ ‫البستكي عن سبب استمراره في القوة‪( :‬البيئة الداخلية في شرطة‬ ‫وينجح في الحصول على شهادة الثانوية العامة‪ ،‬لم يتوقف التشجيع عند‬ ‫دبي ممتازة جد ًا والدليل ‪ 20‬عام ًا لم أفكر في تركها‪ ،‬حيث إن جميع‬ ‫هذا الحد بل نال التحفيز أيض ًا ليدخل الجامعة في العام ‪ 2004‬بتفريغ‬ ‫الموظفين يعملون عائل ًة واحد ًة والزملاء متجاوبون جد ًا معي لأبعد‬ ‫كامل‪ ،‬وينال بعد أربع سنوات شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال‪.‬‬ ‫الحدود‪ ،‬وشرطة دبي احتضنتني وحولتني من إنسان فاقد للأمل إلى‬ ‫كانت رحلة نجاحه في الجامعة أسعد لحظات حياته بعد أن تحو ّل من‬ ‫شخص آخر يحدوه كل الأمل)‪.‬‬ ‫شخص فاقد للأمل إلى شخص يحمل شهادة جامعية عليا‪ ُ ،‬أصبحت‬ ‫مصدر أمل جديد له في هذه الدنيا‪.‬‬ ‫‪77‬‬

78

‫�� ����� ��� � ������� ��‬ ‫بعد بلوغه سن السادسة عشرة من العمر‪ ،‬أبلغه الأطباء بأنه لن يرى النور‬ ‫مجدد ًا مهما فعل‪ ،‬ولو زار مختلف المستشفيات في كافة دول العالم‪ ،‬لتنقلب‬ ‫حياته رأس ًا على عقب وتتغير آماله وطموحاته‪ ،‬وبات عليه أن يواجه تحدي ًا غير‬ ‫متوقع‪ ،‬وهو العيش في عالم ُمظلم في دنيا تشرق عليها الشمس كل صباح‬ ‫لتضيء للناس بنورها دروب حياتهم‪.‬‬ ‫رغم الظلمة‪ ،‬قرر سعيد محمد خليفة السويدي‪ ،‬الموظف في مركز شرطة‬ ‫القصيص في القيادة العامة لشرطة دبي رفع شعار «لا يأس مع السويدي»‬ ‫في المواجهة‪ ،‬وقرر الرضا بما قسمه لله له‪ ،‬وأصر على أن يكون مقبل ًا على‬ ‫الحياة لا مدبر ًا ليقلب الظلمة نور ًا‪ ،‬وينال جائزة الجندي المجهول في دبي‪،‬‬ ‫ويتمكن من إنهاء دراسته الجامعية‪ ،‬والأصعب من ذلك تمكنه من الحصول‬ ‫على ميداليتين في الأولمبياد‪.‬‬ ‫‪79‬‬

‫التتويج بجائزة الجندي المجهول في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز في‬ ‫ولد السويدي في أبوظبي العام ‪ ،1974‬وكان مبصر ًا يتذكر مجريات‬ ‫‪80‬‬ ‫العام ‪ 2006‬وذلك بعد منافسته آخرين من أصحاب الهمم في الجائزة التي‬ ‫حياته‪ ،‬لكنه كان يواجه مشكلة « بسيطة» عند المساء فلم يكن قادر ًا على‬ ‫مشاهدة ما يدور حوله بشكل واضح‪ ،‬واعتقدت عائلته أنه مصا ٌب بمرض‬ ‫تضمنت ملف ًا ومقابلات شخصية‪.‬‬ ‫العشى الليلي‪ ،‬هو مرض التهاب الشبكية الصبغي‪ ،‬والضعف الشديد في‬ ‫قوة الإبصار‪ ،‬والذي لا يمَّكن المصاب من رؤية الأشياء عندما يكون الضوء‬ ‫يتذكر السويدي وقع التصفيق الحار الذي لقيه في لحظة الإعلان عن اسمه‬ ‫في الجائزة‪ ،‬ولحظة صعوده درجات المنصة ليجد يدي سمو الشيخ حمدان بن‬ ‫خافت ًا أو في الليل‪.‬‬ ‫محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي‪ ،‬تمس ُك به وتقوده إلى قلب المنصة‪،‬‬ ‫لم يكن اعتقاد العائلة صائب ًا ومع مرور الوقت كان بصر السويدي يتراجع‬ ‫حيث يقف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة‬ ‫شيئ ًا فشيئ ًا‪ ،‬وهذه المرة في النهار‪ ،‬وفي العام ‪ 1990‬وعند بلوغه سن‬ ‫رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه لله‪ ،‬وهنا استمع إلى كلمات سموه‬ ‫السادسة عشرة من عمره لم يعد السويدي يرى شيئ ًا‪ ،‬فراجع برفقة عائلته‬ ‫العديد من الأطباء وكانت الإجابة وحيدة « انفصال في الشبكية‪ ،‬ولا أمل‬ ‫التشجيعية والتحفيزية‪ ،‬ما أدخل السرور إلى قلبه‪.‬‬ ‫في عودة الإبصار»‪.‬‬ ‫تحدي التعليم‬ ‫أما رحلة السويدي مع التعليم‪ ،‬فلها قصة أخرى بطلتها زوجته‪ ،‬فبعد‬ ‫فقدان الأمل‬ ‫ارتباطه بها حثته على استكمال تعليمه المدرسي‪ ،‬وإنهاء الثانوية العامة بنظام‬ ‫فور تلقيه الخبر الصادم‪ ،‬فقد السويدي الأمل‪ ،‬وانفصل عن حياته‬ ‫«طلبة المنازل»‪ ،‬وكانت تقرأ الكتب الدراسية له‪ ،‬وتسهر معه الليلي لحفظ‬ ‫الدراسية‪ ،‬وكان وقتها في الصف الثاني الإعدادي ثم جلس في منزل عائلته‬ ‫المناهج ومراجعة المسائل الرياضة والحسابية‪ ،‬ليتمكن من اجتياز الثانوية‬ ‫لمدة عام كامل مصاب ًا بالإحباط‪ ،‬لكَّن والديه رفضا أن يخضع للظروف‬ ‫وشرعا في إخراجه من الحالة النفسية الصعبة‪ ،‬ثم علماه درس ًا جديد ًا مهم ًا‬ ‫العامة في العام ‪. 2003‬‬ ‫مفاده «أن لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس» ليقرر السويدي الخروج‬ ‫لم يتوقف إصرار زوجة السويدي في تشجيعه لتدعمه مرة أخرى ليرفع‬ ‫سقف التحدي‪ ،‬فينطلق نحو جامعة الشارقة ويبدأ رحلة دراسية صعبة للغاية‪،‬‬ ‫ومواجهة العالم « المبصُر»‪.‬‬ ‫وتمكن بدعم زوجته التي كانت توصله بسيارتها للجامعة وتقرأ الكتب المقررة‬ ‫له‪ ،‬من الحصول على شهادة البكالوريوس في العلاقات العامة العام ‪. 2005‬‬ ‫الخطوة الأولى‬ ‫التحق السويدي في أولى خطواته بمركز دبي لتأهيل المعاقين‪ ،‬وبدأ في‬ ‫ميداليتان برونزيتان‬ ‫التأقلم شيئ ًا فشيئ ًا مع مرضه الجديد ودرس لغة «برايل» ثم تعلم آليات‬ ‫وفي شبابه‪ ،‬خاض السويدي تجربة رياضية فريدة من نوعها‪ ،‬وشارك في‬ ‫الرد على البدالة الهاتفية من أجل الدخول في الحياة العملية‪ ،‬وأن يكون‬ ‫الأولمبياد الخليجية لأصحاب الهمم العام ‪ ،1997‬ولم تكن مشاركته شرفية‬ ‫فقط بل تحتوي على تحد وإصرار‪ ،‬حيث خاض منافسة قوية في لعبتي رمي‬ ‫قادر ًا على توفير قوت يومه دون الحاجة للآخرين‪.‬‬ ‫«القرص» ورمي «الجلة»‪ ،‬وتمكن من الحصول على ميداليتين برونزيتين‪.‬‬ ‫في العام ‪ 1997‬طرق السويدي أبواب القيادة العامة لشرطة دبي باحث ًا‬ ‫كان السويدي يخوض التدريبات الرياضية بمساعدة مدربين وفي ذات‬ ‫عن وظيفة ليجد كافة الأبواب مرحب ًة به‪ ،‬وفي غضون ثلاثة أسابيع فقط‬ ‫الوقت استعد وبإصرار كبير‪ ،‬وتشجيع من قبل المدربين على إجراء التمرينات‬ ‫التحق بالعمل موظ َف بدالٍة في الإدارة العامة للعمليات‪ ،‬ثم انتقل للعمل في‬ ‫الإدارة العامة لأمن الهيئات والمنشآت والطوارئ‪ ،‬وبعد ذلك إلى مركز شرطة‬ ‫الصعبة التي تتضمن رفع أوزان ثقيلة ورفع مستوى اللياقة البدنية‪.‬‬ ‫القصيص ليعمل في خدمة إسعاد المتعاملين‪.‬‬ ‫طموح السويدي المستقبلي هو الحصول على شهادة الماجستير‪ ،‬ويؤكد أن‬ ‫التعليم لا يجب أن يتوقف‪ ،‬وأنه لن ييأس من مواصلة مواجهة التحديات؛ لأن‬ ‫وجد السويدي في شرطة دبي بيئة حاضنة لأصحاب الهمم‪ ،‬ولمس حرص ًا‬ ‫كبير ًا في تذليل الصعوبات أمامه‪ ،‬وبالفعل بدأ يخوض التحديات واحد ًا تلو‬ ‫شعاره « لا يأس مع السويدي»‪.‬‬ ‫الآخر إلا أن التحدي الكبير والذي نجح فيه تمثل في صعوده إلى منصة‬

81

82

‫موظفة في الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي تعاني من إعاقة سمعية‬ ‫ونطقية‪ ،‬ورغم حالة الصمت التي صاحبتها منذ ولادتها إلا أن صوتها كان حالة‬ ‫فريدة من نوعه‪ ،‬فأسمع منصات التميز والريادة‪ ،‬وسجل اسم صاحبته في أكبر‬ ‫جوائز التميز في إمارة دبي ليس مرة واحدة وإنما لاثنتين‪.‬‬ ‫الموظفة عائشة حسن الحوسني‪ ،‬حولت صمتها إلى طاقة إيجابية‪ ،‬واستطاعت‬ ‫أن تغير مجرى حياتها‪ ،‬وتغلبت بإرادتها وإصرارها على كافة التحديات‪.‬‬ ‫‪83‬‬

84

‫انطلقت في رحلتها الوظيفية نحو الإدارة العامة للمرور لتعمل في‬ ‫منذ ولادتها فرضت الإعاقة السمعية والنطقية على عائشة‬ ‫مجال الأنشطة والفعاليات المرورية‪.‬‬ ‫خوض المعارك والتحديات‪ ،‬وكانت البداية منذ دخولها إلى المدرسة‬ ‫حيث التحدي الأول فرضه نفسه عليها «لا تستطيع التواصل مع‬ ‫شعرت الحوسني أنها في المكان الصحيح‪ ،‬وبدأت في مزاولة‬ ‫المجتمع» لكن بإصرارها وبمساعدة ذويها والمدر ُسين في مدرسة‬ ‫مهام متعددة‪ ،‬منها إعداد الخطط والفعاليات والعروض التقديمية‬ ‫الشارقة للخدمات الإنسانية بدأت تتأقلم وتدرس لتنهيُ المرحلتين‬ ‫للإدارات الفرعية‪ ،‬وإعداد الرد على المراسلات الداخلية عن برامج‬ ‫الابتدائية والاعدادية بصعوبة تامة‪.‬‬ ‫القيادة‪ ،‬والعمل منسق ًة رياضي ًة‪ ،‬ومدربة في مجال لغة الإشارة‪.‬‬ ‫رغم الصعوبات‪ ،‬قررت الحوسني المضي قدم ًا في التعليم لكن‬ ‫هذه المرة من باب الدورات في مختلف المجالات‪ ،‬ومنها الدورات‬ ‫العمل لدى شرطة دبي فتح أفق ًا ُجديد ًا أمام الحوسني‪ ،‬فاستكملت‬ ‫الخاصة بالحاسب الآلي‪ ،‬ما ساهم في اندماجها في المجتمع‪،‬‬ ‫دوراتها التدريبية وكانت نشيطة جد ًا في عملها ما أدى إلى إعجاب‬ ‫مسؤوليها بها‪ ،‬ثم طَّورت من نفسها لتصبح محاضرة في برامج التوعية‬ ‫واطلاعها على عمل الجهات الحكومية والمهن المختلفة‪.‬‬ ‫لأصحاب الهمم‪ ،‬ثم عضو ًا في مجلس أصحاب الهمم بشرطة دبي‪.‬‬ ‫كان العمل الشرطي من ضمن المهن التي لفتت نظر الحوسني‪،‬‬ ‫اقتراحات و مبادرات‬ ‫وكانت منبهرة بالمهام التي يقوم بها رجل الشرطة‪ ،‬وكانت تـطال ُع‬ ‫نشاط الحوسني أثمر بشكل كبير في العمل لتقدم عدد ًا كبير ًا‬ ‫نشرات الأخبار والصحف التي تنشر صور رجال الشرطة‬ ‫من الاقتراحات والمبادرات‪ ،‬ونجحت في تنظيم فعاليات مجتمعية‬ ‫وأخبارهم فيها‪ ،‬فتسألت يوم ًا « لماذا لا أكون من العاملين في‬ ‫مهمة منها زيارة لدار المسنين بالممزر في العيد الوطني‪ ،‬وعقد‬ ‫الشرطة»‪ ،‬وجاء الرد من المحيطين بها‪ ،‬أن عليها أن تكون لائقة‬ ‫محاضرات تربوية‪ ،‬وتنظيم رحلات للعنصر النسائي‪ ،‬وعقد فعالية‬ ‫صحي ًا‪ ،‬لذلك لا تصلح‪.‬‬ ‫أسبوع الاصم العربي ‪.41‬‬ ‫لم تقتنع الحوسني بالإجابات‪ ،‬وكانت تفكر ليل ًا ونهار ًا عن الحل‬ ‫كما شاركت الحوسني في فيديو مروري لأصحاب الهمم‪ ،‬ونظمت‬ ‫لـ « كسر قانون اللياقة الصحية» ثم ألحت على عائلتها مساعدتها‬ ‫معرض ًا تحت مسمى مبادرة «عام زايد الخير لأصحاب الهمم»‪،‬‬ ‫ونظمت بطولات لأصحاب الهمم في الشطرنج‪ ،‬وعملت على تنفيذ‬ ‫في الأمر‪ ،‬وأكدت أن حلمها هو العمل لدى الشرطة‪.‬‬ ‫فعاليات متنوعة لإسعاد الموظفين كرحلة للعاملين وأبنائهم لقضاء يوم‬ ‫عائلي مفتوح في مخيم شرطة دبي تحت «شعار أمنكم سعادتنا»‪.‬‬ ‫الباب مفتوح‬ ‫اصطحبت العائلة الحوسني إلى مكتب معالي الفريق ضاحي‬ ‫ولم يتوقف نشاط الحوسني فطرحت العديد من الأفكار والمقترحات‬ ‫خلفان تميم في العام ‪ 1999‬وكان وقتها يشغل منصب القائد‬ ‫في عملها‪ ،‬منها لوحة الموظف المتميز والمبدع أو (لوحة النجوم)‪،‬‬ ‫العام لشرطة دبي وعرضوا عليه طموحها ورغبتها الشديدة في‬ ‫فكرة موظف سبعة نجوم‪ ،‬وفيديو مروري توعوي لأصحاب الهمم‪.‬‬ ‫العمل بالشرطة‪ ،...‬كانت الحوسني خائفة من الرفض لكن إجابة‬ ‫وشاركت في العديد من الفعاليات منها اسبوع الأصم ‪،42‬‬ ‫معالي الفريق كانت صادمة لها ومبشرة في الوقت ذاته « نعم ِل َم‬ ‫وبطولة ناس‪ ،‬وحملة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات « كن مع أبنائك‬ ‫‪ ..‬يكونوا بخير»‪ ،‬وفي فعالية عدة للدوائر الحكومية بالتنسيق مع‬ ‫لا تعمل في الشرطة»‪.‬‬ ‫مجلس أصحاب الهمم‪ ،‬وفي منصة المتطوع لمجلس أصحاب الهمم ‪.‬‬ ‫في غضون أيام‪ ،‬وِّظف ُت الحوسني‪ ،‬وبدأت رحلة عملها في إدارة‬ ‫الشؤون الإدارية في الإدارة العامة للنقل والإنقاذ لمدة ‪ 4‬سنوات ثم‬ ‫‪85‬‬

86

‫حصاد الجوائز‬ ‫كانت فعالية وقدرات الحوسني تتجاوز التوقعات في مكان عملها‪،‬‬ ‫وكانت تحصل على تقدير امتياز في كافة التقييمات التي تجريها شرطة‬ ‫دبي‪ ،‬لتر َّش ُح لجائزة برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز في العام‬ ‫‪ ،2005‬وبالفعل تخطت التوقعات وحصدت الجائزة ما أثلج صدرها‪.‬‬ ‫بعد عدة سنوات أخرى‪ ،‬قررت الحوسني أن تعود لتخوض منافسة‬ ‫جائزة الجندي المجهول في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز‪ ،‬وبدأت‬ ‫في إعداد ملفها‪ ،‬والتحضير الجيد‪ ،‬حيث كانت ترى أن المرة الثانية‬ ‫سيكون لها نكهة مختلفة ومذاق خاص‪ ،‬وكان رؤيتها في محلها لتفوز‬ ‫بها في العام ‪ 2013‬إلى جانب هذا الفوز تمكنت الحوسني من الفوز‬ ‫في عدد آخر من الجوائز المحلية‪.‬‬ ‫حصلت الحوسني في العام ‪ 2018‬على ترقية للدرجة الحادية عشرة‬ ‫في الإدارة العامة للمرور نتيجة جهودها وحرصها على التفاني في‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫وفي العام ‪ ،2019‬فازت الحوسني بجائزة برنامج الأفكار الثامن‬ ‫عشر الذي تنظمه القيادة العامة لشرطة دبي لتكريم منتسبيها أصحاب‬ ‫الاقتراحات المطبق ُة‪ ،‬وتسلمت تكريمها من معالي الفريق عبد لله خليفة‬ ‫المري القائد العام لشرطة دبي‪ ،‬خلال حفل نظمته شرطة دبي في‬ ‫كلية التقنية العليا للبنين‪ ،‬بحضور المخترع الياباني الدكتور يوشيرو‬ ‫ناكاماتسو‪.‬‬ ‫تحلم الحوسني في أن تصبح يوم ًا ما عضو ًا في المجلس الوطني‬ ‫الاتحادي‪ ،‬وأن تساهم في رفع أصوات أصحاب الهمم عالي ًا ‪ ...،‬أمنية‬ ‫صعبة عند الحوسني لكنها ليست مستحيلة‪.‬‬ ‫‪87‬‬

88

‫أن ترسم السعادة على شفاه المتعاملين أمر ليس بالسهل‪ ،‬وإرضاء الناس رغم‬ ‫أنه بات «غاية تدرك» في قاموس الكثيرين‪ ،‬إلا أنه يعتبر فن ًا تجيده الموظفة في‬ ‫إسعاد المتعاملين بشرطة دبي سميرة عبد ربه ثابت‪.‬‬ ‫امرأة بدأت حياتها بحادث أدى إلى إصابتها بشلل نصفي‪ ،‬وذاك تقف خلفه‬ ‫قصة نجاح وبطولة كبيرتين مفعمتين بالتحدي والإرادة‪.‬‬ ‫‪89‬‬

‫من شهادات الشكر والتكريم‪ ،‬وشهد لها زملاؤها بالاجتهاد في العمل‪،‬‬ ‫في العاشرة من عمرها تعرضت سميرة عبد ربه ثابت إلى حادث سير‬ ‫‪90‬‬ ‫وكان لها بصمتها الخاصة في قسم إسعاد المتعاملين‪.‬‬ ‫أدى إلى إصابتها بشلل نصفي‪ ،‬وكانت في ذاك الوقت طالبة في المرحلة‬ ‫‪ 90‬اقتراح ًا‬ ‫الإعدادية‪ ،‬لم تكن لتصدق ما يحدث معها‪ ،‬فبين ليلة وضحاها انقلبت حياتها‬ ‫رأس ًا على عقب ولم تكن قادرة على تحريك الجزء الأيسر من جسدها‪ ،‬تقول‪:‬‬ ‫قدمت ثابت خلال عملها في قسم إسعاد المتعاملين أكثر من‪ 90‬اقتراح ًا‬ ‫«لم أستطع تقُّبل الأمر في البداية وخلال الثلاثة أشهر الأولى التي تلت‬ ‫متنوع ًا لتطوير العمل في شرطة دبي‪ ،‬منها ما رسم البهجة على شفاه‬ ‫الحادث كنت في صراع نفسي كبير في محاولة استيعاب ما جرى وما آلت‬ ‫مراجعي شرطة دبي‪ ،‬وخاضت ‪ 24‬دورة في مختلف المجالات من أجل‬ ‫تنمية مواهبها ومهاراتها ورفع مستواها الفكري والأدبي والتعلم من‬ ‫إليه أوضاعي الصحية فلم أكن أتخيل يوم ًا أن أصبح على هذه الحالة»‪.‬‬ ‫صدمة التغيير في حياتها كانت قاسية جد ًا‪ ،‬رغم ذلك خلقت من الألم فجر ًا‬ ‫الآخرين‪.‬‬ ‫جديد ًا نحو الحياة‪ ،‬تقول‪« :‬لم أعد أفكر بما جرى‪ ،‬فقررت أن أكون صريحة‬ ‫مع نفسي وأكمل حياتي وأعتمد على ذاتي فلا يجب أن أقف مكتوفة اليدين‬ ‫خلال عملها في قسم إسعاد المتعاملين في مركز شرطة الموانئ‪ ،‬أصبحت‬ ‫ثابت أيقونة في مجال نشر السعادة بين زملائها والمراجعين‪ ،‬فكانت لها‬ ‫عاجزة أمام هذا الواقع الجديد»‪.‬‬ ‫‪ 13‬مبادرة متميزة منها «مفاتيح السعادة» التي كانت عبارة عن وضع‬ ‫عبارات جميلة تشجع على التفاؤل على مكاتب الموظفين مثل «صباح‬ ‫رحلة العلاج‬ ‫خاضت ثابت تحديها للحياة‪ ،‬فبدأت برحلة علاج طبيعية وجراحية إلى‬ ‫التفاؤل‪ ،‬صباح السعادة‪ ،‬كن متفائل ًا»‪.‬‬ ‫أن جاءت بارقة الأمل بعد إجراء عملية جراحية في قدمها اليسرى وأصبح‬ ‫بإمكانها المشي ولو بصعوبة‪ ،‬تقول «‪:‬ساعدتني رحلة العلاج والعمليات‬ ‫ومن مبادراتها في السعادة «عام السعادة» الذي نشر مقتطُفات بين‬ ‫على أن أبدأ بالمشي ولو بصعوبة وهذا رفع قليل ًا من معنوياتي وبدأ يعطيني‬ ‫الموظفين من كتاب السعادة والإيجابية لصاحب السمو الشيخ محمد بن‬ ‫جرعة من الأمل في التحسن‪ ،‬ولهذا خضعت إلى عملية جراحية أخرى في‬ ‫راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي‪ ،‬رعاه‬ ‫لله‪ ،‬إلى جانب وضع مجسم على هيئة «ريبورت» لقياس مؤشر السعادة‬ ‫يدي اليسرى‪ -‬والحمد لله‪ -‬أصبح بإمكاني تحريكها رغم صعوبة ذلك»‪.‬‬ ‫للمراجعين‪.‬‬ ‫بعد رحلة العلاج ورغم تأخرها لعام دراسي كامل‪ ،‬عادت ثابت إلى‬ ‫وقدمت ثابت مبادرات متنوعة في صالح العمل منها كرسي مزدوج‬ ‫مدرستها والتحقت بالدراسة من جديد‪ ،‬وكان حظها جيد ًا في تقبل المدرسة‬ ‫العملاء» بعد أن لاحظت أن هناك أزواج ًا يراجعون المركز‪ ،‬وقد يضطر‬ ‫والمدرسات والطالبات من زميلاتها لوضعها الجديدة ومساندتها على‬ ‫أحدهم للجلوس والآخر للوقوف‪ ،‬وطرحت فكرة مصعد ذكي لأصحاب‬ ‫المضي قدم ًا ُ نحو المستقبل‪ ،‬لتتمكن من اجتياز الثانوية العامة و الحصول‬ ‫الهمم‪ ،‬وفكرة تخصيص كرسي متحرك لأصحاب الهمم‪ ،‬وغيرها من‬ ‫على شهادة الدبلوم في الدراسات الاجتماعية‪.‬‬ ‫الأفكار الإبداعية‪.‬‬ ‫مؤخر ًا كرمها معالي الفريق عبد لله خليفة المري القائد العام لشرطة دبي‬ ‫هاتف لشرطة دبي‬ ‫بدرع في برنامج المقترحات عن ابتكارها «الخطوط الأرضية للمكفوفين»‪،‬‬ ‫بحثت ثابت عن عمل لها فوجدت في شرطة دبي حاضنة لها‪ ،‬تقول‪ :‬قمت‬ ‫والتي طبق ُت في جميع مراكز الشرطة‪ ،‬وتهدف إلى إرشاد أصحاب الهمم‬ ‫بالاتصال بمعالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن‬ ‫العام في العام ‪ 2012‬وعَّبرت عن رغبتي في العمل بشرطة دبي فوجدت‬ ‫إلى أماكن تنفيذ معاملاتهم‪.‬‬ ‫منه كل الدعم‪ ،‬حيث طلب مني إرسال سيرتي الذاتية‪، ،‬خلال أشهر أصبحت‬ ‫ثابت مثال للمرأة الإماراتية في مواجهة التحديات فمن تتغلب على‬ ‫مصاعب الشلل النصفي لتصبح موظفة مختصة في إسعاد المتعاملين هي‬ ‫إحدى موظفات شرطة دبي‪.‬‬ ‫بحق «نجمة سعادة» في عملها‪.‬‬ ‫التحقت ثابت بالعمل في مركز شرطة الموانئ‪ ،‬وتمكنت من الحصول على‬ ‫تقدير« فوفق المتوقع» على مدار ست سنوات متتالية نالت خلالها العديد‬

91

92

‫كنا في بداية هذه القصة ُمحتارين كيف سنكتب عن حياة فاطمة المنهالي‪،‬‬ ‫المرأة المكافحة‪ ،‬والأم المثالية‪ ،‬والرسامة الماهرة‪ ،‬ومصممة الأزياء المبدعة‪،‬‬ ‫والموظفة والجندية المجهولة في الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي التي‬ ‫وافتها المنية في العام ‪ 2016‬أثر حادث سير أثناء عودتها من إمارة أبو ظبي‬ ‫إلى دبي بعد مشاركتها في إحدى الفعاليات المجتمعية‪.‬‬ ‫تواصلنا مع زوجها العريف في شرطة دبي أسامة عمر بامختار‪ ،‬عله يسرد لنا‬ ‫تفاصيل حياتها لنختتم بها هذا الكتاب فهي تستحق أن تكون نجم ًا من نجومه‬ ‫لإنجازاتها‪ ،‬فحضر حامل ًا معه ملف ًا كبير ًا يحتوي كل شهادات ورسومات‬ ‫وانجازات‪ ،‬المنهالي وصورها التذكاريه‪.‬‬ ‫‪93‬‬

‫«نص رسالة فاطمة المنهالي»‬ ‫‪94‬‬

‫فالأم تحرص دائم ًا على مشاركة ابنتها لها في إعداد الطعام لتأهيلها‬ ‫قلنا لزوجها إننا نرغب في سرد قصة المنهالي من ألفها إلى يائها‬ ‫للحياة الزوجية مستقبل ًا مثل أي أم‪ ،‬كما اهتمت بدراستي حتى استطعت‬ ‫فاخرج لنا رسالة مطولة مطبوعة تتخللها كتابات بخط اليد‪ ،‬وأبلغنا أنه‬ ‫أن أحصل على شهادة الثانوية العامة‪ ،‬ومما ساعد على سرعة تأقلمي‬ ‫يمكننا التحدث مع المنهالي بشكل شخصي‪ ،‬فقد سردت في رسالتها‬ ‫أن منحني الله سبحانه وتعالى قوة إرادة للتغلب على هذا الابتلاء»‪.‬‬ ‫تفاصيل حياتها‪ ،‬ودَّونت مشاعرها‪ ،‬وتطَّرقت إلى كافة التحديات التي‬ ‫يوم المواجهة‬ ‫واجهتها‪ ،‬وكيف تمكنت من تحقيق الإنجاز تلو الآخر‪.‬‬ ‫تسرد المنهالي في رسالتها ذكرى أول يوم لخروجها من المنزل على‬ ‫كانت هذه الرسالة معدةُ من قبل المنهالي للمشاركة في إحدى الجوائز‬ ‫مقعد‪ ،‬وأطلقت على هذا اليوم اسم « المواجهة»‪ ،‬ووصفت كيف كانت‬ ‫وفي صفحاتها الاثنتي عشرة‪ ،‬ما ينبض بالحكمة والتجربة الحياتية‬ ‫نظرات زملائها الطلاب في المدرسة تلاحقها‪ ،‬وما المعاني التي كانت‬ ‫العميقة‪ ،‬وتتضمن عبارات التحدي الممزوجة بالأمل والتي تبين كم كانت‬ ‫تحملها تجاهها خاصة كونها طفلة مفع ُمة بالحيوية كثيرة الحركة في‬ ‫هذه المرأة عظيمة ومتحدية وقادرة على التميز رغم الظروف التي جعلتها‬ ‫المدرسة وفجأة أصبحت حبيسة المقعد‪ ،‬ورغم ذلك استطاعت أن تتأقلم‬ ‫وتنخرط في المدرسة وكانت ملتزمة بدراستها ولم يؤثر الوضع الجديد‬ ‫حبيسة كرسي‪.‬‬ ‫وفي قصتنا سنتحدث مع المنهالي عبر رسالتها الأخيرة‪ ،‬وسنقتبس‬ ‫عليها فاستطاعت تخطي كافة المراحل الدراسية بنجاح‪.‬‬ ‫منها ما يخدم مادتنا مع الحفاظ على بعض الخصوصية في الرسالة‬ ‫التي ائتمنتنا العائلة عليها‪ ،‬والتي تتضمن حديثها عن مراحل حياتها‬ ‫الزواج رغم المعارضة‬ ‫المختلفة من إصاباتها بالشلل إلى تربعها على منصات التتويج وإلى‬ ‫تزوجت المنهالي بأسامة بعد قصة حب وتح ٍد كبيرين للمعارضة‬ ‫العائلية من الطرفين بسبب وضعها الصحي‪ ،‬لكن زوجها شدد على أَّن‬ ‫حياتها الزوجية والعائلية والعملية وإلى مشاركاتها المجتمعية‪.‬‬ ‫اختياره لها بدافع الحب وليس بدافع الشفقة‪ ،‬وأصر على الارتباط بها‪،‬‬ ‫طفلة عادية‬ ‫وبذل كل الجهود الجبارة إلى أن تمكن الطرفان من إقناع ذويهما وتكلل‬ ‫ولدت المنهالي سليمة دون أي إعاقة‪ ،‬وكانت طبيعية مثلها مثل أي طفل‬ ‫الزواج بالنجاح لينجبا ثلاثة أبناء هم بشاير وعلي وسليمان‪.‬‬ ‫مولود حديث ًا تلعب بصحبة أقرانها وتمارس طفولتها في أروقة منزل‬ ‫عائلتها إلى أن بلغت عمر السبع سنوات لتكن على موعد مع قدر جديد‪.‬‬ ‫في رسالتها تؤكد المنهالي أَّن زواجها بأسامة منحها القوة والقدرة‬ ‫أصيُبت المنهالي بحمى نقلتُ على إثرها إلى المستشفى لكن «إبرة»‬ ‫والعزم على مواجهة الصعاب من حيث مشاعره الصادقة التي ساهمت في‬ ‫من الطبيب زادت الأمر سوء ًا وتدهورت حالتها الصحية بشكل سريع‬ ‫بناء أسرة ناجحة من جهة وساهمت في خوضها للتجارب العملية من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬مشيرة إلى أنها رغم مرضها مارست دورها زوج ًة دون أي نقص‪،‬‬ ‫لتصاب بالشلل التام في النصف الأسفل من جسمها‪.‬‬ ‫واستطاعت أن تقوم بكل متطلبات منزلها دون مساعدة أحد أو خادمة‪.‬‬ ‫تصف المنهالي تلك اللحظات في رسالتها‪ :‬لقد أصبحت أمام حقيقة‬ ‫مؤكدة لاشك فيها‪ ،‬وهي أنني سأظل مقعدُة طوال حياتي لا أمل في‬ ‫وفي هذا تقول‪ :‬اثنان وعشرون عام ًا مرت منذ زواجي أثمرت إنجاب‬ ‫شفائي‪ ،‬انقلبت حياتي رأس ًا على عقب وأصبح الكرسي المتحرك هو‬ ‫ثلاثة أطفال في مراحل مختلفة من التعليم‪ ،‬حاولت أن أكرس وقتي‬ ‫الرفيق الدائم‪ ،‬وكنت أشاهد الحسرة والألم واضحين على وجه أمي‪،‬‬ ‫وجهدي على قدر استطاعتي في متابعة دراستهم‪ ،‬إضافة إلى توفير‬ ‫ولكنني تأقلمت سريع ًا مع هذا الوضع بفضل من لله سبحانه وتعالى‬ ‫جميع متطلباتهم ومتطلبات أبيهم‪ ،‬لم أشعرهم يوم ًا بأن أمهم عاجزة‪،‬‬ ‫ثم مساندة أهلي وبخاصة أمي الحبيبة التي كانت تؤهلني للانخراط في‬ ‫فكيف أستسلم للعجز ولدي قوة كبيرة تدفعني دائم ًا للأمام لا أنظر إلى‬ ‫الحياة بشكل طبيعي‪ ،‬حيث كانت تدخلني معها المطبخ لأساعدها في‬ ‫الخلف‪ ،‬دائم ًا لدي تطلعات لتحقيق الأفضل‪ ،‬ومهما واجهت من عقبات‬ ‫إعداد الطعام تأكيد ًا على أنني يجب أن أحيا بشكل طبيعي مثل أي فتاة‪،‬‬ ‫أحاول أن أنتصر عليها‪.‬‬ ‫‪95‬‬

96

‫الأم المثالية‬ ‫جدار التاريخ‬ ‫بموازاة الرياضة‪ ،‬كانت المنهالي نشيطة جد ًا في العمل الاجتماعي‬ ‫تلخص المنهالي هدفها في الحياة في «رسم اسمها من نور‪ ،‬وتسجيل‬ ‫والثقافي‪ ،‬وكانت حريصة على الوجود والمشاركة في مختلف المناسبات‬ ‫بصمتها على جدار التاريخ »‪ ،‬تقول‪ :‬كنت أعلم أن بين أروقة وأزقة‬ ‫تحقيق ًا لطموحها في تسجيل اسمها في جدار التاريخ‪ ،‬وبفضل قدرتها‬ ‫الكرسي الذي أجلس عليه طاقة كامنة من الإبداع والتميز وقوة هائلة‬ ‫على أن تلعب دور الأم والزوجة من جهة والموظفة المثالية‪ ،‬والمرأة النشطة‬ ‫ستفجر موهبة تبهر بها العيون من حولي شيئ ًا فشيئ ًا ‪ ...‬ومن هنا‬ ‫اجتماعي ًا من جهة اخرى‪ ،‬نالت في العام ‪ 2006‬جائزة الأم المثالية‬ ‫بدأت رحلتي في التحدي وإثبات الذات‪ ،‬وحطمت الصعاب‪ ،‬وحررت‬ ‫من رواق عوشة بنت حسين الثقافي إلى جانب حصولها على العديد‬ ‫نفسي من قيد ذلك الكرسي لأحِّلق في سماء التميز‪ ،‬وأثبت للجميع أن‬ ‫من شهادات الشكر والتقدير على جهودها في دفع الحركة الثقافية‬ ‫الإنسان هو من يصنع المعجزات‪ ،‬فخطوت جاهدة ثابتة لتكوين حلمي‬ ‫وبلورة شخصيتي‪ ،‬وتعمقت في جذور حب التحدي‪ ،‬فشعرت بملكات‬ ‫والخيرية‪.‬‬ ‫جسدي التي لم أرغب أن أدفعها تحت حطام الكراسي‪ ،‬فأبدعت في‬ ‫الحياة العملية‬ ‫مجال الرياضة‪ ،‬وفجرت طاقتي فيها»‪.‬‬ ‫على الرغم من نجاحها في عالم الرياضة إلا أن المنهالي كانت في‬ ‫كانت فاطمة تتحدث عن خوضها لأول تح ٍد في حياتها تمثل في التحدي‬ ‫الوقت ذاته تبذل قصارى جهدها في العمل في الإدارة العامة للمرور في‬ ‫الرياضي‪ ،‬حيث دخلت ألعاب القوى لأصحاب الهمم بمساندة من نادي‬ ‫شرطة دبي وتسعى إلى أن تكون لها بصمة مهنية‪ ،‬تقول في رسالتها‪:‬‬ ‫دبي للرياضة الخاصة فمارست رمي الرمح والجلة والقرص‪ ،‬وشاركت‬ ‫على الرغم من وصولي إلى المحافل الدولية ومنصات التتويج الدولية‬ ‫في بطولات دولية في الرياضات الخاصة سالفة الذكر ثلاث مرات‬ ‫إلا أن طباع التواضع وطموح الكبرياء ما زال يسيطر علي‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫ظاهر ًا في معاملتي مع زملائي في العمل في الإدارة العامة للمرور في‬ ‫متتالية‪ ،‬وحصدت العديد من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية‪.‬‬ ‫شرطة دبي‪ ،‬أخذ عملي مساحة مهمة من حياتي ومن طموحاتي أيض ًا‪،‬‬ ‫وجدت المنهالي طموحها في عالم الرياضة‪ ،‬وحظيت بدعم كبيرة‬ ‫حيث كنت أرنو إلى أن أتفوق في مجالي المهني‪ ،‬وأبذل كل ما بوسعي‬ ‫على مستوى الدولة ما أهلها إلى أن تحجز مقعد ًا في بطولة الألعاب‬ ‫لتحقيق النجاح والرضا بذلك‪ ،‬وأردت أن أجعل مكان ًا لي في بيئتي‬ ‫الأولمبيادية لذوي الاحتياجات الخاصة في ألمانيا‪ ،‬فشاركت بكل عزيمة‬ ‫العملية من أجل الإمارات الحبيبة ور ّد الجميل بقلبي وعقلي وروحي‪،‬‬ ‫في معسكر للتمارين الشاقة في دولة التشييك قبل البطولة‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫تلك الدولة الشامخة الناصعة بإشراقتها ونجومها المتلألئة التي تسطع‬ ‫أتاح لها الفرصة للاختلاط بمجموعة كبير من الأبطال من أصحاب‬ ‫على من فيها بحب وخير ورخاء‪ ،‬الدولة التي هي محط الرحال‪ ،‬وقبلة‬ ‫الباحثين عن الأمن والأمان‪ ،‬لذا حرصت في عملي أن أشارك دون كلل‪،‬‬ ‫الهمم والاندماج معهم‪.‬‬ ‫وأن أكون متفانية في كل المهام المكلفة بها‪ ،‬وإنجازها في وقتها‪ ،‬بل‬ ‫كان إصرار وتحدي المنهالي كبيرين في بطولة العالم لألعاب القوى في‬ ‫وفي أدنى من ذلك‪ ،‬وأن أبذل قصارى جهدي في أي عمل أكَّلف به‪،‬‬ ‫وأحرص على تقديم خدمة للعملاء تتصف بالكفاءة العالية والجودة من‬ ‫المانيا‪ ،‬وبعد منافسة قوية حصلت على الميدالية البرونزية‪.‬‬ ‫غيرت الميدالية حياة المنهالي التي بدأت تنافس باسم الدولة في‬ ‫روح الحماس التي تدفعني أكثر وأكثر»‪.‬‬ ‫البطولات الرياضية المختلفة‪ ،‬واستطاعت أن تخطف الميداليتين الذهبية‬ ‫والفضية في بطولة الخليج لألعاب القوى التي نِّظم ُت لاحق ًا وعلى‬ ‫عملت المنهالي في استقبال المكالمات في الإدارة العامة للمرور وسجلت‬ ‫مستوى البطولات المحلية وهو ما جعل منها رياضية متألقة معروفة‬ ‫وفق ًا لرسالتها مدة لا تتجاوز العشر ثوا ٍن أو ما يعادل ثلاث رنات في‬ ‫الرد على المكالمات تحقيق ًا لتعهدات شرطة دبي في خدمة الجمهور‪،‬‬ ‫على مستوى الدولة ونالت العديد من شهادات التقدير والثناء‪.‬‬ ‫‪97‬‬

98

‫لله موهبة الرسم‪ ،‬ومن يطلع على رسوماتها يجد خطوط ًا دقيقة مترابطة‬ ‫وكانت في عملها محت ُرفة‪ ،‬حيث تصف بدقة كيف كانت تتعامل مع‬ ‫ترسم المشاعر وتحرك الأحاسيس‪ ،‬فلها لوحات للمغفور له الشيخ زايد‬ ‫المتصلين‪ :‬أحرص على الإصغاء الجيد وعرض الخدمة بحماس‪ ،‬وإشعار‬ ‫بن سلطان آل نهيان‪ ،‬رحمه لله‪ ،‬ولأصحاب السمو حكام الإمارات‪،‬‬ ‫المتصل بأنه هو الهدف ومحط الاهتمام‪ ،‬وأحرص على إعطاء المعلومات‬ ‫وللشيوخ‪ ،‬ولقادة شرطة دبي ولعدد من الشخصيات تظهر مدى دقتها‬ ‫الموثوق بها وبعدها أحيله ( المتصل) إلى الجهات المختصة‪.‬‬ ‫في الرسم‪.‬‬ ‫استطاعت المنهالي أن تبهر زملاءها في العمل بجهودها وحرصها‬ ‫على التفاني‪ ،‬فنالت دعم ًا كبير ًا من اللواء المهندس المستشار محمد‬ ‫وأيض ًا برعت المنهالي في عالم تصميم الأزياء‪ ،‬وحصلت على شهادة‬ ‫سيف الزفين مساعد القائد العام لشؤون العمليات‪ ،‬والعميد سيف م ّهير‬ ‫تفوق وامتياز من هيئة دبي للثقافة والفنون لمشاركتها في مشروع تنمية‬ ‫الموهوبين بتصميم الأزياء من أصحاب الهمم‪ ،‬واستطاعت أن تبدع في‬ ‫المزروعي مدير الإدارة العامة للمرور‪.‬‬ ‫تضيُف المنهالي‪ :‬ساعدني الاحتراف المهني في معرفة فن التعامل‬ ‫تصميم العديد من الأزياء‪.‬‬ ‫مع العميل‪ ،‬وتعزيز دوافعي للتغلب على المتطلبات والظروف الصعبة‬ ‫التي يمكن أن تكون عثرة لتفوقي‪ ،‬مع مرور الوقت استطعت أن أكون‬ ‫أجمل رسالة حب‬ ‫محل ثقة واهتمام الجميع‪ ،‬وقادرة على التكيف مع العملاء والرد على‬ ‫في جعبة المنهالي الفوز بالمركز الأول في مسابقة أجمل رسالة حب‬ ‫جميع الفئات المتصلة التي كانت ضرورة من ضرورات العمل‪ ،‬بجانب‬ ‫لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة‬ ‫إشعار العميل أنه موضع اهتمام وخدمته وتأمين طلبه كل ما أسعى‬ ‫رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وذلك في العام ‪ ،2010‬عن فئة النشر‪.‬‬ ‫إليه‪ ،‬حيث إن انقطاع الخط بيني وبين العميل يلزمني بمعاودة الاتصال‬ ‫به من البدالة لتأمين طلبه‪ ،‬وتأمين كل الجهات المعنية للاستفسار عن‬ ‫نصيحة ثمينة‬ ‫طلبه والتنسيق مع الجهات المحول إليها للحصول على الخدمة الكافية»‪.‬‬ ‫رغم فوزها بالعديد من الجوائز سواء الرياضية أو المهنية وصعودها‬ ‫لمنصات التتويج‪ ،‬تقول المنهالي في رسالتها‪ :‬ليس المهم هو الوصول‬ ‫حصد الثمار‬ ‫إلى القمم وسدة الرقي بقدر الاهتمام بما ننجزه بإبداع وابتكار خلاق‪،‬‬ ‫نظير جهودها في العمل حصلت المنهالي على المركز الثالث ضمن فئة‬ ‫والبحث عن كل ما هو جديد لتعطي تلك الفكرة الإبداعية تلك النكهة‬ ‫خدمة العملاء في جائزة ملتقى التميز الشرطي لشرطة دبي في العام‬ ‫العجيبة في أي عمل نقوم به سعي ًا وراء كسر الرتابة وتوليد الأفكار‬ ‫‪ ،2009‬وبعد عام واحد (في ‪ ) 2010‬كانت المنهالي على موعد مع‬ ‫الإبداعية‪ ،‬مشاركتي في العمل وإبداء رأيي ومحاولة البحث عن الجديد‬ ‫اعتلاء أغلى منصة تتويج لتستلم من صاحب السمو الشيخ محمد بن‬ ‫طَّور من مجال عملي وأكسبني وأكسب غيري العديد من الخبرات‪ ،‬ونلت‬ ‫راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه‬ ‫بذلك ثناء اللواء المهندس المستشار محمد سيف الزفين‪ ،‬ونلت شهادات‬ ‫لله‪ ،‬جائزة الجندي المجهول التي يمنحها برنامج دبي للأداء الحكومي‬ ‫التقدير لكل الجهود المخلصة التي أبذلها في واجباتي الوظيفية‪ ،‬ولم‬ ‫المتميز نظير تميزها وإخلاصها وتفانيها في العمل في شرطة دبي‪.‬‬ ‫تقف حدود الإبداع في مجال عملي فوصلت إلى الرياضة التي أصبحت‬ ‫وفي سجل المنهالي العملي العديد من المشاركة في الفعاليات والعديد من‬ ‫المعارض إلى جانب حصولها على عدد كبير من شهادات الشكر والتقدير‪.‬‬ ‫َع َلم ًا من أعلامها حتى في خارج الدولة‪. ....‬‬ ‫الرسالة الأخيرة‬ ‫الرسم وتصميم الأزياء‬ ‫بموازاة إنجازاتها‪ ،‬تمتعت المنهالي بموهبة فريدة من نوعها‪ ،‬فأعطاها‬ ‫بهذه العبارات تختم المنهالي رسالتها بكلمات معبرُة‪ :‬الحياة ما هي‬ ‫إلا محطات من الفرح‪ ،‬والرحيل‪ ،‬والدموع‪ ،‬والتفاؤل‪ ،‬والحب‪ ،‬كنت أقف‬ ‫عند كل محطة ألملم شتاتي وبقايا ما يخالجني من شعور‪ ،‬وأحاول أن‬ ‫أجمع ما اكتسبته‪ ،‬وما حصدته‪ ،‬وأن أطرحها لأجد العبرة‪ ،‬فالعمر‬ ‫‪99‬‬

100


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook