Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore ٦٧ مسألة في الأضحية

٦٧ مسألة في الأضحية

Published by Ismail Rao, 2020-07-20 11:32:29

Description: ٦٧ مسألة في الأضحية
كتاب لفضيلة الشيخ محمد صالح المنجد

Search

Read the Text Version

‫‪ ٦٧‬مسألة في الأضحية‬ ‫‪٦٧‬‬ ‫مسألة في الأضحية‬

‫حقوق الطبع والنشر لكل مسلم‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫الحمد لله‪ ،‬والصـلاة والسـلام على رسول الله‪.‬‬ ‫فـهذه ُخلاصات مـجموعة في‪ :‬الأضحية‬ ‫وأحكامها‪ ،‬نسأل الله أن ينفع بها‪ ،‬وأن يجزي‬ ‫خي ًرا ك َّل َمن شار َك وأعا َن في إعدا ِد هذه المادة‬ ‫و َن ْ ِشها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫الأُضح َّية‪ :‬هي ما ُيذبح من بهيمة الأنعام‬ ‫‪١‬‬ ‫(الإبــل‪ ،‬البقر‪ ،‬الغنــم) أيام الأضحى‪،‬‬ ‫تق ُّر ًبا إلى الله تعالى‪.‬‬ ‫وإِنما ُســ ِّميت بهذا لأ َّنــا في ذلك اليــوم ُتذبح‬ ‫َضحوة‪ ،‬أي وقت ارتفاع النهــار‪ ،‬ويقال أي ًضا‪:‬‬ ‫إِ ْض ِح َّية وضح َّية‪.‬‬ ‫ُشعــت الأُضح َّية في الســنة الثانية من‬ ‫‪٢‬‬ ‫الهجــرة‪ ،‬وهي من شــعائر الإســام‬ ‫المشروعــة بكتــاب الله تعالى‪ ،‬و ُســنَّة رســوله‬ ‫‪ ،‬وإجماع المسلمين‪.‬‬ ‫قال الله تعالى‪( :‬ﮊﮋﮌ) [الكوثر‪.]2 :‬‬ ‫وقــال تعــالى‪( :‬ﭾﭿﮀﮁ‬ ‫ﮂﮃ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉ‬ ‫ﮊ) [الحج‪.]34 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫وثبتت عن النب ِّي ‪ ‬مــن فعله وقوله‪،‬‬ ‫وجرى عليها عمل المسلمين‪.‬‬ ‫‪ ٣‬فضــل الأُضح َّية عظيــم‪ ،‬لكن لم يرد في‬ ‫تحديده أو مقدار ثوابه حديث صحيح‬ ‫قال ابن العربي المالكي‪ ...« :‬وقد روى الناس فيها‬ ‫‪-‬أي الأُضح َّية‪ -‬عجائ َب لم تصح»((( ‪.‬‬ ‫وعلى َمن يتبادلون الأحاديــث النبو َّية في مواقع‬ ‫التواصل وغيرها الانتباه لذلك‪.‬‬ ‫‪ ٤‬الأُضح َّية ُســ َنّة مؤكدة عند جمهور أهل‬ ‫العلم‪ ،‬وذهب آخرون إلى أ َّنا واجبة على‬ ‫القادر‪ ،‬وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن مالك‬ ‫((( عارضة الأحوذي (‪.)228/6‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫وأحمد‪ ،‬واختاره شــيخ الإســام ابن تيم َّية‪ ،‬فلا‬ ‫ينبغي لمؤمن موس ٍر قادر أن يف ِّرط فيها‪.‬‬ ‫قال أبو هريرة‪َ « :‬من كان له َســ َع ٌة ولم ُيض ِّح؛ فلا‬ ‫يقرب َّن ُم َص ّلنا»((( ‪.‬‬ ‫الأُضح َّية مشروعة في حق جميع الناس‪:‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫الذكر والأنثى‪ ،‬المقيم والمسافر‪ ،‬من أهل‬ ‫البوادي أو الحضر‪ ،‬في بلاد المسلمين أو غيرها‪.‬‬ ‫إلا الحاج ‪-‬عند الإمام مالك‪ -‬فإ َّنه لا ُيض ِّحي‪ ،‬وإ َّنما‬ ‫ُيدي هد ًيا‪ ،‬واختاره أي ًضا شيخ الإسلام ابن تيم َّية‪،‬‬ ‫وتلميذه ابن الق ِّيم‪ ،‬والشيخ ابن عثيمين ‪.‬‬ ‫َمن لا يملــك ثمن الأُضح َّية؛ فلا حرج‬ ‫‪٦‬‬ ‫أن يقــرض إذا كان يرجو وفا ًء‪ ،‬كما لو‬ ‫((( رواه ابن ماجــه (‪ )3123‬مرفو ًعا‪ ،‬ور َّجح البيهقي والحافظ ابن حجر‬ ‫أ َّنه موقوف على أبي هريرة‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫كان موظ ًفا واقترض حتى يأخذ راتبه آخر الشهر‪،‬‬ ‫أو اشتراها بالتقسيط‪ ،‬أما إذا كان لا يرجو الوفاء‬ ‫فالأولى له عدم الاقتراض؛ لئلا يشغل ذمته بشيء‬ ‫غير واجب عليه‪.‬‬ ‫قال شــيخ الإســام ابن تيمية‪« :‬إن كان له وفاء‬ ‫فاستدان ما ُي َض ِّحي به فحسن‪ ،‬ولا يجب عليه أن‬ ‫يفعل ذلك»((( ‪.‬‬ ‫من الصدقات التي ُيندب إليها‪ :‬إدخال‬ ‫‪٧‬‬ ‫السرور عــى العاجز عــن الأُضح َّية‪،‬‬ ‫بالتــ ُّرع له بقيمتها‪ ،‬أو إهدائه شــاة ُي َض ِّحي بها؛‬ ‫فعن عقبة بن عامر أ َّن النب َّي ‪َ ‬ق َســم‬ ‫ضحايا بين أصحابه((( ‪.‬‬ ‫((( مجموع الفتاوى (‪.)305/26‬‬ ‫((( رواه البخاري (‪ ،)5547‬ومسلم (‪.)1965‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫ومن كرائم المعروف‪ :‬أن يــو ِّكل من له أكثر من‬ ‫ُأضح َّيــة‪ ،‬فقــ ًرا ذا عيال من أقاربــه أو جيرانه‬ ‫ليذبحهــا في بيته؛ لإدخال الــرور عليه وعلى‬ ‫أسرته‪.‬‬ ‫من ِح َكم الأُضح َّية‪:‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫* التع ُّبد لله بإنفــاذ ما شرعه قال تعالى‪:‬‬ ‫(ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ﯭﯮ) [الحج‪.]37 :‬‬ ‫* إحيا ُء ُسنَّة إبراهيم الخليل‪.‬‬ ‫* ُشــكر الله ســبحانه وتعالى على نِ َعمه المتع ِّددة‪،‬‬ ‫ومنهــا نعمــة بهيمــة الأنعــام قــال الله تعالى‪:‬‬ ‫(ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬ ‫ﮜﮝﮞ ﮟﮠﮡﮢﮣ‬ ‫ﮤ) [الحج‪.]28 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫ﭐ* مشارك ُة أهـــل البـــلدان ُح ّجا َج بيت الله في‬ ‫بعض شعائر الحج‪.‬‬ ‫* التوسع ُة على النفس‪ ،‬وأهل البيت‪ ،‬وإكــــرام‬ ‫الــجيـران والأقــارب والأصدقاء‪ ،‬والتص ُّدق‬ ‫على الفقراء يوم الأضحى‪.‬‬ ‫ذبــح الأُضح َّيــة أفضل مــن التص ُّدق‬ ‫‪٩‬‬ ‫بثمنها؛ لأ َّنا شعيرة من شعائر الله‪ ،‬و ُسنَّة‬ ‫مؤكدة من ُسنَن النب ِّي ‪.‬‬ ‫وهومذهبالأئ َّمةالأربعة‪،‬قالسعيدبنال ُمس ّيب‪:‬‬ ‫«لأ ْن أ َض ِّحي بشاة أح ُّب إل َّي من أن أتص َّدق بمئة‬ ‫درهم»(((‪.‬‬ ‫ولأ َّن الذبح لله شــعيرة وعبادة مرادة مســتقلة‪،‬‬ ‫قال تعالى‪( :‬ﮊ ﮋ ﮌ) [الكوثر‪،]2 :‬‬ ‫((( مص َّنف عبد ال َّر ّزاق (‪.)388/4‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫فلو عدل الناس عنــه إلى الصدقة لتعطلت تلك‬ ‫الشعيرة‪.‬‬ ‫الأصل في الأُضح َّية أنها مشروعة في حق‬ ‫‪١٠‬‬ ‫الأحياء كما كان رسول الله ‪‬‬ ‫وأصحابه ُي َض ُّحون عن أنفسهم وأهليهم‪.‬‬ ‫وتشرع الأُضح َّية عن الأموات تنفي ًذا لوصاياهم‪،‬‬ ‫أو تب ًعا للأحياء‪ ،‬مثل أن ُي َض ِّحي الرجل عنه وعن‬ ‫أهل بيته وينوي بهم الأحياء والأموات‪.‬‬ ‫الأُضح َّية عن الأموات تب ُّر ًعا على سبيل‬ ‫‪١١‬‬ ‫الاســتقلال‪ :‬جائزة‪ ،‬وقد ن َّص الفقهاء‬ ‫على أ َّن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به قيا ًسا على‬ ‫الصدقة عنه‪.‬‬ ‫واختار شــيخ الإسلام ابن تيم َّية‪ :‬أ َّن الصدقة‬ ‫‪10‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫بثمنهــا عن الميــت أفضل مــن ذبحها عنه؛‬ ‫لأ َّن التضحية عن الميــت لم يكن معرو ًفا عند‬ ‫السلف‪.‬‬ ‫ُي ْشــ َرط لصحة الأُضح َّية أن تكون من‬ ‫‪١٢‬‬ ‫بهيمة الأنعام‪ ،‬وهي الإبل والبقر والغنم‬ ‫بجميــع أصنافهــا وأنواعهــا؛ لقولــه تعــالى‪:‬‬ ‫(ﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮄ‬ ‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ﮎ ﮏﮐﮑﮒ ﮓ) [الحج‪.]34 :‬‬ ‫الشــاة الواحدة تجزئ عــن أهل البيت‬ ‫‪ ١٣‬الواحد‪ ،‬فــإذا ض َّحى بها واحد من أهل‬ ‫البيت‪ ،‬أو ضحت المرأة عن زوجها وأهل بيتها؛‬ ‫حصلت الشعيرة ودخلوا جمي ًعا في أجرها‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫قال أبو أيــوب الأنصاري‪« :‬كا َن ال َّر ُج ُل ُي َض ِّحي‬ ‫بِال ّشا ِة َعنْ ُه َو َع ْن َأ ْه ِل َب ْيتِ ِه‪َ ،‬ف َي ْأ ُك ُلو َن َو ُي ْط ِع ُمو َن»(((‪.‬‬ ‫إن لم ينــ ِو ال ُم َض ِّحــي مــن يدخل معه في‬ ‫‪١٤‬‬ ‫الأُضح َّية؛ دخل فيهــا تلقائ ًّيا أهل بيته‪،‬‬ ‫وهم ك ُّل َمن يشمله هذا ال َّلفظ عر ًفا أو لغة‪ ،‬وهو‬ ‫في ال ُع ْرف‪ :‬من يعولهم‪ ،‬من زوجة وولد وقريب‪.‬‬ ‫إذا كان البيت الواحد َي ُض ُّم عد ًدا من‬ ‫‪١٥‬‬ ‫الإخوة بأبنائهم‪ ،‬وهم مشــركون في‬ ‫طعامهم وأكلهــم؛ فتجزئهم ُأضح َّية واحدة‪.‬‬ ‫أمــا إذا كان لك ِّل واح ٍد منهم بيت مســتق ّل؛‬ ‫فالمشروع أن ُي َض ِّحي أهــل ك ِّل بيت ب ُأضح َّية‬ ‫خاصة بهم‪.‬‬ ‫((( رواه الترمذي (‪ ،)1505‬وص َّححه الألباني‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫َمن كان لــه أكثر من زوجــة ف ُأضح َّية‬ ‫‪١٦‬‬ ‫واحدة تكفي عــن الجميع‪ ،‬كما أجزأت‬ ‫ُأضح َّية النب ِّي ‪ ‬عــن زوجاته جميعا‪،‬‬ ‫ولكنه لا يختص إحدى الزوجات بشيء منها دون‬ ‫الأخريات‪ ،‬بل يعدل بينه ّن‪.‬‬ ‫ال َب َدنة ُتزئ عن ســبعة‪ ،‬والبقرة تجزئ‬ ‫‪١٧‬‬ ‫عن ســبعة؛ لقــول جابِ ِر ْبــ ِن َع ْب ِد الله‪:‬‬ ‫« َن َح ْرنا َم َع َر ُســو ِل الله ‪ ‬عا َم الحُ َد ْيبِ َي ِة‬ ‫ال َب َد َن َة َع ْن َس ْب َع ٍة‪ ،‬وال َب َق َر َة َع ْن َس ْب َع ٍة»(((‪.‬‬ ‫ويجوز الاشتراك في البقرة أو البعير ولو‬ ‫‪ ١٨‬كان بعض المشتركين لا يريد الأُضح َّية‪،‬‬ ‫بل يريد نــذ ًرا أو لح ًم لضيــف أو صدقة أو غير‬ ‫ذلك‪ ،‬وك ُّل واحد بِن َّيته‪.‬‬ ‫((( رواه مسلم (‪  .)1318‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫ويجوز أن يشــرك أق ّل من سبعة في بقرة‬ ‫‪ ١٩‬أو بعير؛ لأ َّنه إذا جاز اشتراك سبعة فيها‪،‬‬ ‫فيجوز من بــاب أولى أن يشــرك فيها أقل من‬ ‫سبعة‪ ،‬ويكونون متطوعين بالزيادة‪.‬‬ ‫ولا َي ِص ُّح اشتراك أكثر من واحد في شاة؛‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫لعــدم ورود الدليل بذلك‪ ،‬كما لا يجزئ‬ ‫أن يشــرك ثمانية فأكثــر في بعير أو بقــرة؛ لأ َّن‬ ‫العبادات توقيف َّية‪ ،‬لا يجــوز فيها تع ِّدي المحدود‬ ‫كمية وكيفية‪.‬‬ ‫الأفضل من الأضاحي جن ًسا‪ :‬قال بعض‬ ‫‪٢١‬‬ ‫أهل العلم‪ :‬الأفضل فيها الكبش لأ َّنه فِ ْعل‬ ‫النب ِّي ‪ ،‬وقال الجمهور‪ :‬الأفضل الإبل‪،‬‬ ‫ثم البقر إن ض َّحى بها كاملة‪ ،‬ثم الضأن‪ ،‬ثم المعز‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫ودليلهم قولــه ‪َ « :‬م ْن ا ْغ َت َســ َل َي ْو َم‬ ‫ال ُج ُم َع ِة ُغ ْس َلال َجنا َب ِة ُث َّمرا َح َف َك َأ َّنما َق َّر َب َب َد َن ًة‪َ ،‬و َم ْن‬ ‫را َح ِف ال ّسا َع ِة ال ّثانِ َي ِة َف َك َأ َّنما َق َّر َب َب َق َر ًة‪َ ،‬و َم ْن را َح‬ ‫ِف ال ّسا َع ِة ال ّثالِ َث ِة َف َك َأ َّنما َق َّر َب َك ْب ًشا َأ ْق َر َن‪.(((»...‬‬ ‫ف َق َّد َم ال ِإبِل‪َ ،‬و َج َع َل ال َب َق َرة ِف ال َّد َر َجة ال ّثانِ َية‪ ،‬ثم الكبش‪.‬‬ ‫الأفضل من الأضاحي‪ :‬أسمنه‪ ،‬وأكثره‬ ‫‪ ٢٢‬لح ًم‪ ،‬وأكمله خلقة‪ ،‬وأحسنه منظ ًرا‪.‬‬ ‫قال أبو أمامة بن ســهل‪ُ « :‬كنّا ُن َســ ِّم ُن الأُ ْض ِح َّي َة‬ ‫بِال َم ِدينَ ِة َوكا َن ال ُم ْس ِل ُمو َن ُي َس ِّمنُو َن»(((‪.‬‬ ‫وعن أنس بن مالــك أ َّن النب َّي ‪ ‬كان‬ ‫ُي َض ِّحي ب َك ْب َش ْ ِي َأ ْم َل َح ْ ِي َأ ْق َر َن ْ ِي(((‪.‬‬ ‫(الكبش)‪ :‬العظيم من الضأن‪ .‬و(الأملح)‪ :‬الأبيض الذي خالطه سوا ٌد‪.‬‬ ‫((( رواه البخاري (‪ ،)881‬ومسلم (‪.)850‬‬ ‫((( ذكره البخاري في صحيحه مع َّل ًقا (‪.)100/7‬‬ ‫((( البخاري (‪ ،)5564‬ومسلم (‪)1966‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫لا ُب َّد أن تبلغ الأُضح َّية ال ِّس ّن المح َّدد لها‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫شر ًعا‪ ،‬لقوله ‪« :‬لا َت ْذ َب ُحوا‬ ‫إِ ّل ُم ِس ّنَ ًة إِ ّل َأ ْن َي ْع ُ َس َع َل ْي ُك ْم َف َت ْذ َب ُحوا َج َذ َع ًة ِم ْن‬ ‫ال َّض ْأ ِن»(((‪.‬‬ ‫وال ُم ِسنَّة‪ :‬الثنية فما فوقها‪ ،‬والجذعة ما دون ذلك‪.‬‬ ‫فالثن ّي من الإبل‪ :‬ما تم له خمس ســنين ودخل في‬ ‫السادسة‪.‬‬ ‫والثن ّي من البقر‪ :‬ما تم له سنتان ودخل في الثالثة‪.‬‬ ‫والثن ّي من المعز ما تم له سنة ودخل في الثانية‪.‬‬ ‫والجذع من الضأن‪ :‬ما له ستة أشهر ودخل في السابع‪.‬‬ ‫فالالتزام بال ِّســ ِّن المقرر شر ًعــا في الأُضح َّية أمر‬ ‫واجب‪ ،‬لا تجــوز مخالفته بالنقــص عنه‪ ،‬وتجوز‬ ‫الزيادة عليه‪.‬‬ ‫((( رواه مسلم (‪.)1963‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫لا ُب َّدأنتكونالأُضح َّية ِمل ًكالل ُم َض ِّحي‪،‬‬ ‫‪٢٤‬‬ ‫بالــراء أو الهبــة أو الإرث أو التوالد‬ ‫ونحو ذلك‪.‬‬ ‫وتص ُّح تضحية ول ّي اليتيــم عنه من ماله‪ ،‬إن كان‬ ‫موس ًرا‪ ،‬وكان يفرح بها‪ ،‬وينكسر قل ُبه بتركها‪.‬‬ ‫قال ابن قدامــة‪َ « :‬م َتى َض َّحى َعــ ْن ال َيتِي ِم‪َ ،‬لْ‬ ‫َي َت َص َّد ْق بِــ َ ْي ٍء ِمنْها‪َ ،‬و ُي َو ِّف ُرها لِنَ ْف ِســ ِه (أي‪:‬‬ ‫لليتيم)؛ ِلَ َّن ُه لا َ ُيــو ُز ال َّص َد َق ُة بِ َ ْش ِء ِم ْن ما ِل‬ ‫ال َيتِي ِم َت َط ُّو ًعا»(((‪.‬‬ ‫ُي ْش َتط ل ِص َّحة الأُضح َّية أن ُي َض ِّحي بها‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫في الوقت المحدد شر ًعا‪.‬‬ ‫ويدخل أول وقت ذبح الأُضح َّية من بعد صلاة‬ ‫العيد لحديث‪« :‬إِ َّن َأ َّو َل مــا َن ْب َد ُأ بِ ِه ِف َي ْو ِمنا َهذا‪:‬‬ ‫((( المغني (‪)448/9‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫ُن َص ِّل‪ُ ،‬ث َّم َن ْر ِجــ ُع َفنَ ْن َح ُر‪َ ،‬ف َم ْن َف َعــ َل َذلِ َك َف َق ْد‬ ‫َأصا َب ُس َّن َتنا»(((‪.‬‬ ‫َمن ذبح أضح َّيتــه قبل صلاة العيد؛ فلا‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫تجزئ عنــه ولا ُت َعــ ُّد ُأضح َّيــ ًة؛ لقوله‬ ‫‪َ « :‬و َم ْن َن َح َر َق ْب َل ال َّصل َا ِة َفإِ َّنما ُه َو َْل ٌم‬ ‫َق َّد َم ُه ِلَ ْهلِ ِه‪َ ،‬ل ْي َس ِم َن النُّ ْس ِك ِف َ ْش ٍء»(((‪.‬‬ ‫ينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم‬ ‫‪ ٢٧‬الثالث مــن أيام التشريــق‪ ،‬أي أن أيام‬ ‫النحر أربعة؛ يوم العيد وثلاثة أيام بعده‪.‬‬ ‫أفضل وقــت لذبح الأُضح َّية‪ :‬هو اليوم‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫الأول‪ ،‬وهــو يوم الأضحــى بعد فراغ‬ ‫((( رواه البخاري (‪ ،)968‬ومسلم (‪.)1961‬‬ ‫((( رواه البخاري (‪ ،)965‬ومسلم (‪.)1961‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫الناس من الصلاة‪ ،‬وكل يــوم أفضل مما يليه؛ لما‬ ‫فيه من المبادرة إلى فعل الخير‪ ،‬والأسلم ألا يؤخرها‬ ‫إلى اليوم الرابع؛ مراعاة لقول من جعل أيام النحر‬ ‫ثلاثة‪.‬‬ ‫يجوز ذبح الأُضح َّية نها ًرا ولي ًل‪ ،‬والذبح‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫في النهــار أولى؛ لأ َّنا شــعيرة ظاهرة‪،‬‬ ‫وليراها الفقراء‪.‬‬ ‫إذا فات وقــت الأُضح َّية ولم ُي َض ّح‪ ،‬فإن‬ ‫‪٣٠‬‬ ‫كانت تط ُّو ًعا فلا يلزمه شيء‪.‬‬ ‫وإن كانت منذورة‪ ،‬فيلزمها ذبحها قضا ًء‪ ،‬ويصنع‬ ‫بها كما يصنع بالأُضح َّية‪.‬‬ ‫من شروط الأُضح َّية‪ :‬أن تكون ســليمة‬ ‫‪٣١‬‬ ‫من العيــوب التي تمنــع إجزاءها؛ لأ َّن‬ ‫‪19‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫الأُضح َّية قربة يتقرب بها العبد إلى ربه‪ ،‬والله ج َّل‬ ‫جلاله ط ِّيــب لا يقبل إلا ط ِّي ًبا‪ ،‬فينبغي أن تكون‬ ‫الأُضح َّية ط ِّيبة‪ ،‬وخالية من العيوب‪.‬‬ ‫ور َد في ال ُّس َّنة تحديد أربعة عيوب تمنع من‬ ‫‪٣٢‬‬ ‫الإجزاء‪ :‬عن البراء بن عازب قال‪ :‬قا َم‬ ‫فِينا َر ُســو ُل الله ‪َ ‬فقا َل‪« :‬لا َ ُيو ُز ِم َن‬ ‫ال َّضحايا‪ :‬ال َع ْورا ُء ال َب ِّ ُي َع َو ُرها‪ ،‬وال َع ْرجا ُء ال َب ِّ ُي‬ ‫َع َر ُجها‪ ،‬وال َم ِري َض ُة ال َب ِّ ُي َم َر ُضها‪ ،‬وال َع ْجفا ُء ا َّلتِي‬ ‫لا ُت ْن ِقي»(((‪.‬‬ ‫المرض الب ِّي‪ :‬هو الــذي تظهر أعراضه‬ ‫‪٣٣‬‬ ‫على البهيمة كالحمــى التي تقعدها عن‬ ‫المرعى وتمنع شــهيتها‪ ،‬والجرب الظاهر المفســد‬ ‫((( رواه أبــو داود (‪ ،)2802‬والترمــذي (‪ ،)1497‬وغيرهما‪ ،‬وص َّححه‬ ‫الألباني‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫للحمها أو المؤثر في صحته‪ ،‬والجرح العميق المؤثر‬ ‫عليها في صحتها ونحوه‪.‬‬ ‫أما المرض الخفيف فلا يضر‪ ،‬وكذا العرج الخفيف‪،‬‬ ‫وما كان فيها ُهزال خفيف‪.‬‬ ‫ُي ْل َحق بهذه العيوب الأربعة ما كان مث َلها‬ ‫‪٣٤‬‬ ‫أو أش َّد‪ ،‬فلا تجوز التضحية بـ‪:‬‬ ‫* العمياء‪ ،‬لأ َّنا أش ُّد من العوراء البين عورها‪.‬‬ ‫* وما أوشــكت على الموت ولم تمت بع ُد‪ ،‬لأ َّن ما‬ ‫أصابها أش ّد من المرض الب ِّي ومن العرج الب ِّي‪.‬‬ ‫* ومقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين لأ َّنا أولى‬ ‫من العرجاء الب ِّي َع َر ُجها‪.‬‬ ‫الأُ ُذن وال َق ْرن وال َذ َنب والأَ ْل َية‪ :‬إن كانت‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫مفقــودة بأصل الخلقة فهــي مجزئة بلا‬ ‫‪21‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫كراهة‪ ،‬وإن كانــت مقطوعة فالتضحية بها مجزئة‬ ‫مع الكراهة‪ ،‬إلا الضأن التــي قطعت أليتها فلا‬ ‫تجزئ؛ لأ َّن هذا نقص َب ِّي في جزء مقصود منها‪.‬‬ ‫ُتكــ َره الأُضح َّية بالبهيمــة التي ُخ ِرقت‬ ‫‪٣٦‬‬ ‫أذنها أو ُش َّقت طولا أو عر ًضا‪ ،‬أو سقط‬ ‫بعض أسنانها‪ ،‬أو ُكسر قرنها‪.‬‬ ‫تجوز الأُضح َّية بالخصي‪ ،‬فقد ض َّحى‬ ‫‪٣٧‬‬ ‫النب ُّي ‪ ‬بكبشين موجوءين‪،‬‬ ‫ولأ َّن لحم الأُضح َّية يطيب بذلك‪ ،‬قال ابن قدامة‪:‬‬ ‫«لا َن ْع َل ُم في هذا خلا ًفا»(((‪.‬‬ ‫كما ض َّحى النب ُّي ‪ ‬أي ًضا بال َفحيل (غير‬ ‫الخصي)؛ فروى أهل الســنن َع ْن َأ ِب َس ِعي ٍد قا َل‪:‬‬ ‫((( المغني (‪.)476/3‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫كا َن َر ُسو ُل اللَِّ ‪ُ ‬ي َض ِّحي بِ َك ْب ٍش َأ ْق َر َن‬ ‫َف ِحي ٍل‪َ ،‬ينْ ُظ ُر ِف َســوا ٍد‪َ ،‬و َي ْأ ُك ُل ِف َسوا ٍد‪َ ،‬و َي ْم ِش‬ ‫ِف َسوا ٍد(((‪.‬‬ ‫تتع َّي الأُضح َّية بأمرين‪ :‬بالقول‪ ،‬كما لو‬ ‫‪٣٨‬‬ ‫قــال‪ :‬هــذه ُأضح َّيــة‪ ،‬أو بشرائها بنية‬ ‫الأُضح َّية‪.‬‬ ‫يتر َّتب عــى تعيين الأُضح َّيــة مجموعة‬ ‫‪٣٩‬‬ ‫أحكام؛ منها‪:‬‬ ‫* أ َّنه لا يجوز نقل ملكها‪ ،‬ببيع أو هبة أو غير ذلك‪،‬‬ ‫لأ َّنا صارت كالمنذورة‪ ،‬إلا أن يبدلها بخير منها‪،‬‬ ‫أو ببيعها ليشتري خي ًرا منها‪.‬‬ ‫((( رواه أبــو داود (‪ ،)2796‬والترمــذي (‪ ،)1496‬وغيرهما‪ ،‬وص َّححه‬ ‫الألبان ّي‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫* إذا أصابهــا عيب يمنع الإجــزاء‪ :‬وجب عليه‬ ‫إبدالها بســليمة مثلها‪ ،‬إلا إذا أصابها العيب دون‬ ‫تع ٍّد أو تفريط منه‪ ،‬فإنه يذبحها وتجزئه‪.‬‬ ‫* إذا ضاعــت أو ُ ِس َقت‪ :‬وجــب عليه ضمانها‬ ‫بمثلهــا‪ ،‬إلا إن كان ذلك دون تعد أو تفريط منه‬ ‫فلا يلزمه شيء‪.‬‬ ‫* إذا ولدت‪ :‬فحكم ولدها حكمها‪ ،‬فيذبح معها‪.‬‬ ‫من نوى أن ُي َض ِّحي‪ ،‬ثم فســخ نيته؛ فلا‬ ‫‪٤٠‬‬ ‫شيء عليه برجوعه‪ ،‬إلا إذا ع َّي أضح َّيته‪،‬‬ ‫فحينئ ٍذ يلزمه ذبحها‪ ،‬ولا يجوز له الرجوع فيها‪،‬‬ ‫لخروجها عن ملكه بالتعيين‪.‬‬ ‫ُي ْســ َت َح ُّب لل ُم َض ِّحــي أن يتــول ّى ذبح‬ ‫‪٤١‬‬ ‫أضح َّيته بنفســه إن كان ُيسن الذبح‪،‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫لأ َّن الذبح عبادة وقربة إلى الله تعالى‪ ،‬ف ُي ْســ َت َح ُّب‬ ‫مباشرة الإنسان لها بنفسه‪ ،‬ولأ َّن ذلك فِ ْعل النب ِّي‬ ‫‪ ،‬فلنا فيه ‪ُ ‬أســوة حسنة‬ ‫وقدوة طيبة‪.‬‬ ‫وإن لم يكن ال ُم َض ِّحي ممن ُيســن الذبح دفعها إلى‬ ‫من يذبحها له‪.‬‬ ‫تجوز الإنابة في ذبح الأُضح َّية‪ ،‬وقد نحر‬ ‫‪٤٢‬‬ ‫النبــ ُّي ‪ ‬ثلا ًثا وســتين بدنة‬ ‫بنفســه في حجة الوداع وو َّكل عل َّي بن أبي طالب‬ ‫لينحر ما بقي حتى أكمل المائة‪.‬‬ ‫الأولى أن يو ِّكل في ذبحها رجلا تقيا ممن‬ ‫‪ ٤٣‬له معرفة بالذبح وأحكامه‪.‬‬ ‫قال القرافي‪« :‬كان النــاس يتخ َّيون لضحاياهم‬ ‫‪25‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫أه َل الدين»(((‪ .‬والأح َوط للمســلم‪ :‬أن لا يتو َّل‬ ‫َذ ْبح أضح َّيته الكتاب ّي‪.‬‬ ‫من أراد أن ُي َض ِّحي؛ فلا يأخذ شــي ًئا من‬ ‫‪٤٤‬‬ ‫شــعره أو أظفاره أو جلده‪ ،‬من دخول‬ ‫أول ليالي ذي ال ِح َّجة‪ ،‬حتى يذبح أضح َّيته‪.‬‬ ‫لحديث ُأ ِّم َس َل َم َة َأ َّن النَّبِ َّي ‪ ‬قا َل‪« :‬إِذا‬ ‫َد َخ َل ْت ال َع ْ ُش َو َأرا َد َأ َح ُد ُك ْم َأ ْن ُي َض ِّح َي َفلا َي َم َّس‬ ‫ِم ْن َش َع ِر ِه َو َب َ ِش ِه َش ْي ًئا»‪.‬‬ ‫وفي لفظ‪َ « :‬فلا َي ْأ ُخ َذ َّن ِم ْن َشــ ْع ِر ِه َولا ِم ْن َأ ْظفا ِر ِه‬ ‫َش ْي ًئا َح َّتى ُي َض ِّح َي»(((‪.‬‬ ‫قال النووي‪« :‬وال ُمــراد بِالنَّ ْه ِي َعــ ْن َأ ْخذ ال ُّظ ْفر‬ ‫وال َّشــ ْعر‪ :‬النَّ ْهي َع ْن إِزا َلة ال ُّظ ْفر بِ َق ْل ٍم َأ ْو َك ْس َأ ْو‬ ‫((( الذخيرة (‪.)155/4‬‬ ‫((( رواه مسلم (‪.)1977‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫َغ ْيه‪ ،‬والمنع ِم ْن إِزا َلة ال َّشــ ْعر بِ َح ْل ٍق َأ ْو َت ْق ِصير َأ ْو‬ ‫َن ْتف َأ ْو إِ ْحراق َأ ْو َأ ْخذه بِنَ ْو َر ٍة َأ ْو َغ ْي َذلِ َك‪.‬‬ ‫َو َسواء َشــ ْعر ال ِإ ْبط وال ّشا ِرب والعا َنة وال َّر ْأس‪،‬‬ ‫َو َغ ْي َذلِ َك ِم ْن ُش ُعور َب َدنه»(((‪.‬‬ ‫فلا يأخذ شي ًئا منها قبل صلاة العيد‪ ،‬ولو بقصد‬ ‫التج ُّمل للصــاة‪ ،‬ولو أ َّخر الذبح عن يوم العيد‬ ‫استم َّر ممس ًكا عن الأخذ إلى أن يذبح‪.‬‬ ‫هذا الحكم خا ٌّص بمن ُي َض ِّحي‪ ،‬أما أهل‬ ‫‪٤٥‬‬ ‫بيته فــا يتع َّلق بهم النهــي؛ لأ َّن النب َّي‬ ‫‪ ‬كان ُي َض ِّحــي عن أهل بيته ولم ينقل‬ ‫عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك‪.‬‬ ‫وعلى هــذا‪ ،‬فيجوز لأهل ال ُم َض ِّحي أن يأخذوا في‬ ‫أيام العشر من الشعر والظفر والبشرة‪.‬‬ ‫((( شرح النووي على صحيح مسلم (‪.)138/13‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫النهي خا ٌّص ب َمــن أراد أن ُي َض ِّحي عن‬ ‫‪٤٦‬‬ ‫نفسه ‪-‬كما د َّل عليه الحديث‪ ،-‬وأما من‬ ‫ُي َض ِّحي عــن غيره بوصية أو وكالة فلا يشــمله‬ ‫النهي‪ ،‬وما تفعله بعض النِّساء من توكيل أخيها‬ ‫أو ابنها في الأُضح َّية لكي لا تمتنع عن الأخذ من‬ ‫شــعرها أثناء العشر غي ُر صحيــح؛ لأ َّن الحكم‬ ‫متع ِّلق بال ُم َض ِّحي‪ ،‬سواء و َّكل غيره أم لا‪.‬‬ ‫إذا أخذ َمن يريد الأُضح َّية شي ًئا من شعره‬ ‫‪٤٧‬‬ ‫أو ظفره أو بشرته؛ فلا كفارة عليه‪ ،‬ولا‬ ‫يمنعه ذلك عن الأُضح َّيــة‪ ،‬ولا تب ُطل أضح َّيته‬ ‫‪-‬كما يظ ُّن بعض الناس‪ ،-‬ويستغفر الله‪.‬‬ ‫إن احتا َج إلى أخــذ شيء من ذلك؛ فله‬ ‫‪٤٨‬‬ ‫أخــذه ولا شيء عليه‪ ،‬مثــل أن ينكسر‬ ‫‪28‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫ُظفره فيؤذيــه فيق ّصه‪ ،‬أو ينزل الشــعر في عينَيه‬ ‫فيزيله‪ ،‬أو يحتاج إلى ق ِّصه لمداواة جرح ونحوه‪.‬‬ ‫ولا حر َج في مشــط الشــعر‪ ،‬وإن تساق َط بع ُضه‬ ‫دون تع ُّمد‪.‬‬ ‫من آداب الذبح‪ :‬أن يســوق الأُضح َّية‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫ســو ًقا جميــ ًا لا عني ًفا‪ ،‬فعــن محمد بن‬ ‫سيرين قال‪ :‬رأى عم ُر بن الخطاب رج ًل يسحب‬ ‫شاة برجلها ليذبحها فقال له‪« :‬ويلك! ُق ْدها إلى‬ ‫الموت قو ًدا جمي ًل»((( ‪.‬‬ ‫ُيِ ّد ال ّســكين قبل الذبح؛ لأ َّن المطلوب‬ ‫‪٥٠‬‬ ‫إراحة الحيوان‪ ،‬وهذا من الإحسان الذي‬ ‫ذكرهالرسول‪«:‬إِ َّنالله َك َت َبال ِإ ْحسا َن‬ ‫((( مص َّنف عبد ال َّر ّزاق (‪.)8605‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫َع َل ُك ِّل َ ْش ٍء‪َ ،‬فإِذا َق َت ْل ُت ْم َف َأ ْح ِســ ُنوا ال ِق ْت َل َة‪َ ،‬وإِذا‬ ‫َذ َب ْح ُت ْم َف َأ ْح ِســنُوا ال َّذ ْب َح‪َ ،‬و ْل ُي ِح َّد َأ َح ُد ُك ْم َش ْف َر َت ُه‬ ‫َف ْل ُ ِي ْح َذبِي َح َت ُه»(((‪.‬‬ ‫ولا ُ ِي ّد الســكين أمام الحيوان الذي يريد ذبحه‪،‬‬ ‫ولا يذبــح البهيمــة والأخــرى تنظــر؛ لمنافاته‬ ‫للإحسان المأمور به‪.‬‬ ‫ُي ْس َت َح ُّب إضجاع الغنم والبقر في الذبح‪،‬‬ ‫‪٥١‬‬ ‫ولا ُتذ َبــح وهي قائمــة ولا باركة؛ بل‬ ‫ُم ْض َجعة؛ لأ َّنه أرفق بها‪.‬‬ ‫و ُتض َجععلىجانبهاالأيسر؛لأ َّنهأسهلفيالذبح‪،‬‬ ‫وأخذ السكين باليمين‪ ،‬وإمساك رأسها باليسار‪.‬‬ ‫و َمن كان أعسر‪ْ ُ ،‬ي ِسن استعمال اليسرى أكثر من‬ ‫اليمنى؛ فإنــه ُيضجع البهيمة على جانبها الأيمن‬ ‫((( رواه مسلم (‪.)1955‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫مســتقبلة ال ِقبلة‪ ،‬ويذبح بيده اليسرى؛ لأ َّنه أكثر‬ ‫إتقا ًنا وإحسا ًنا للذبح‪.‬‬ ‫وأما الإبل‪ ،‬فال ُّســنَّة أن ُتن َحــر قائم ًة على ثلاث‬ ‫قوائم‪ ،‬معقولة ال ُّركبة ال ُيسرى‪.‬‬ ‫استقبال الذابح لل ِقبلة وتوجيه الذبيحة‬ ‫‪ ٥٢‬إليها ُم ْســ َت َح ٌّب في ك ِّل ذبيحة‪ ،‬لكنه في‬ ‫الهدي والأُضح َّية أش ُّد اســتحبا ًبا‪ ،‬جاء عن ابن‬ ‫عباس أنه قال‪« :‬ليجعل أح ُدكم ذبيحته بينه وبين‬ ‫ال ِقبلة»‪.‬‬ ‫الأُضح َّية عبادة‪ ،‬والعبادة تح ِّددها النية؛‬ ‫‪٥٣‬‬ ‫لقول الرسول ‪« :‬إِ َّنما الأَ ْعما ُل‬ ‫بِالنِّ ّيا ِت‪َ ،‬وإِ َّنما لِ ُك ِّل ا ْم ِر ٍئ ما َن َوى»(((‪.‬‬ ‫((( رواه البخاري (‪ ،)1‬ومسلم (‪.)1907‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫والن َّية لا ُب َّد منها حتى نم ِّيز العمل الذي هو عبادة‬ ‫عن ما هو عادة‪ ،‬و ِمن ذلك الأُضح َّية‪.‬‬ ‫ومجــ َّرد شراء الأُضح َّية أو ذبحهــا في وقتها يع ُّد‬ ‫كاف ًيا؛ لأ َّن الن َّية بالقلب‪ ،‬والأعمال دالة عليها‪.‬‬ ‫ُيــ َرع عند الذبح التســمية‪ ،‬والتكبير‪،‬‬ ‫‪٥٤‬‬ ‫وال ُّدعاء‪ ،‬فيقول‪« :‬بسم الله‪ ،‬والله أكبر‪،‬‬ ‫الله َّم إ َّن هــذا منك ولك‪ ،‬اللهم تق َّبل مني»‪ ،‬أو‪:‬‬ ‫«تق َّبله عن فلان» إذا كانت ُأضح َّية عن الغير‪.‬‬ ‫والواجب من هذا هو التسمية‪ ،‬وما زاد على ذلك‬ ‫فهو ُم ْس َت َح ٌّب وليس بواجب‪.‬‬ ‫لا يجــوز بيع لحوم الأضاحي والَه ْدي‪ ،‬ولا‬ ‫‪ ٥٥‬بيع جلودها وأصوافها وأوبارها وشعرها؛‬ ‫لأ َّن ما خرج من العبد لله تعالى لا يجوز الرجوع فيه‬ ‫أبدا‪ ،‬وبيع بعض أجزائها نوع من الرجوع‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫قال الإمام أحمد‪« :‬ســبحان الله! كيف يبيعها وقد‬ ‫جعلها لله تبارك وتعالى؟!»‪.‬‬ ‫أما الانتفاع بجلدها‪ :‬فلا بأس به على أي‬ ‫‪ ٥٦‬وجه كان‪ ،‬أو إعطاؤه للجمعيات الخير َّية‬ ‫التي تتو َّل بيعه والتص ُّدق بثمنه‪.‬‬ ‫لا يجــوز أن ُيعطــي الجــ ّزار شــي ًئا من‬ ‫‪٥٧‬‬ ‫الأُضح َّية مقابل ذبحها و َس ْلخها‪.‬‬ ‫لحـديث َعِ ّل قا َل‪َ :‬أ َمـ َر ِن َر ُسو ُل الله ‪‬‬ ‫َأ ْن َأ ُقو َم َع َل ُب ْدنِ ِه‪َ ،‬و َأ ْن َأ َت َص َّد َق بِ َل ْح ِمها َو ُج ُلو ِدها‬ ‫َو َأ ِج َّلتِهــا َو َأ ْن لا ُأ ْعطِ َي الجَ ّزا َر ِمنْها‪ ،‬قا َل‪َ « :‬ن ْح ُن‬ ‫ُن ْعطِي ِه ِم ْن ِعنْ ِدنا»(((‪.‬‬ ‫ولأ َّن الأُضح َّية ُأخ ِر َجت لله تعالى‪ ،‬فاعتبار بعضها‬ ‫((( رواه البخاري (‪ ،)1716‬ومسلم (‪.)1317‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫من ُأجرة الج ّزار ُيشبه البيع‪ ،‬فهو نوع من ال ُّرجوع‬ ‫في بعضها‪ ،‬فلا يجوز‪.‬‬ ‫إن كان الج ّزار فقي ًرا أو صدي ًقا؛ فلا بأس‬ ‫‪٥٨‬‬ ‫أن يعط َيــه منها َص َدقة‪ ،‬أو على ســبيل‬ ‫الهد َّية دون اشــراط ســابق‪ ،‬فهو كغيره‪ ،‬بل قد‬ ‫يكون أولى؛ لأ َّنه باش َرها وتا َقت نف ُسه إليها‪.‬‬ ‫ُيش َرع لل ُم َض ِّحي أن يأكل من أضح َّيته‪،‬‬ ‫‪٥٩‬‬ ‫و ُيدي‪ ،‬ويتصدق؛ لقوله تعالى‪( :‬ﮦ‬ ‫ﮧﮨ ﮩﮪ) [الحج‪.]28 :‬‬ ‫وقوله تعالى‪( :‬ﯙﯚﯛﯜﯝﯞ‬ ‫ﯟ ﯠ ﯡﯢﯣ) [الحج‪.]36 :‬‬ ‫فالقانع‪ :‬السائل المتذ ِّلل‪ ،‬والمع َ ّت‪ :‬المتع ِّرض للعط َّية دون سؤال‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫و َع ْن َســ َل َم َة ْب ِن الأَ ْكــ َو ِع‪ ،‬أن النَّبِ َّي ‪‬‬ ‫قال‪ُ « :‬ك ُلوا َو َأ ْط ِع ُموا وا َّد ِخ ُروا»(((‪.‬‬ ‫اختلف العلماء ‪ ‬في مقدار ما يأكل‬ ‫‪ ٦٠‬و ُيدي ويتص َّدق‪ ،‬والأمر في ذلك واسع‪.‬‬ ‫والمختار‪ :‬أن يأكل ُث ُل ًثا‪ ،‬ويهــدي ُثل ًثا‪ ،‬ويتص َّدق‬ ‫ب ُث ُلث‪ ،‬وهو المرو ّي عن ابن مســعود وابن عمر‪،‬‬ ‫قال أبو جعفر ال ّنَ ّحاس‪َ « :‬و َأ ْك َثــ ُر ال ُع َلما ِء ‪ِ -‬منْ ُه ُم‬ ‫ا ْب ُن َم ْســ ُعو ٍد‪ ،‬وا ْب ُن ُع َم َر‪َ ،‬و َعطــا ٌء‪ ،‬وال َّث ْو ِر ُّي‪-‬‬ ‫َي ْســ َت ِح ُّبو َن َأ ْن َي َت َص َّد َق بِال ُّث ُل ِث‪َ ،‬و ُي ْط ِع ُم ال ُّث ُل َث‪،‬‬ ‫َو َي ْأ ُك ُل ُه َو َو َأ ْه ُل ُه ال ُّث ُل َث»(((‪.‬‬ ‫ولو أكل أكثر من ال ُّث ُلث؛ جا َز‪.‬‬ ‫((( رواه البخاري (‪.)5569‬‬ ‫((( الناسخ والمنسوخ (ص‪.)563‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫الوكيــل في الأُضح َّية‪ :‬إن أذن له المو ِّكل‬ ‫‪6١‬‬ ‫–لف ًظــا أو عر ًفــا‪ -‬في الأكل والإهداء‬ ‫والصدقة؛ فله ذلك‪ ،‬وإن لم يأذن س َّلمها للمو ِّكل‪.‬‬ ‫يجب التص ُّدق بــيء ‪-‬ق َّل أو ك ُثر‪ -‬من‬ ‫‪ ٦٢‬الأُضح َّية على الفقــراء والمحتاجين من‬ ‫المسلمين‪ ،‬ودليل الوجوب‪ :‬قوله تعالى‪( :‬ﮦ‬ ‫ﮧﮨ ﮩﮪ) [الحج‪.]28 :‬‬ ‫يجوز إطعام أهل ال ِّذ َّمة منها‪ ،‬وخاص ًة إن‬ ‫‪٦٣‬‬ ‫كانوا فقراء أو جيرا ًنا لل ُم َض ِّحي‪ ،‬أو من‬ ‫قرابته‪ ،‬أو تألي ًفا لقلوبهم؛ لعموم قوله تعالى‪( :‬ﭹ‬ ‫ﭺ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮃ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ﮎ) [الممتحنة‪.]8 :‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫ثب َت في الأحاديث الصحيحة‪ ،‬أ َّن النب َّي‬ ‫‪٦٤‬‬ ‫‪ ‬نهــى عــن ا ِّدخــار لحوم‬ ‫الأضاحــي‪ ،‬في إحدى الســنوات‪ ،‬ثــم أ ِذ َن في‬ ‫الادخــار بعد ذلك‪ ،‬أي أ َّن النهــ َّي عن الادخار‬ ‫منسوخ‪ ،‬وبهذا قال جماهير أهل العلم‪.‬‬ ‫ف َع ْن َس َل َم َة ْب ِنالأَ ْك َو ِعقا َل‪:‬قا َلالنَّبِ ُّي‪:‬‬ ‫« َم ْن َض َّحى ِمنْ ُك ْم َفل َا ُي ْصبِ َحــ َّن َب ْع َد ثالِ َث ٍة َو َب ِق َي‬ ‫ِف َب ْيتِــ ِه ِمنْ ُه َ ْش ٌء»‪َ ،‬ف َل ّم كا َن العــا ُم ال ُم ْقبِ ُل‪ ،‬قا ُلوا‪:‬‬ ‫يا َر ُســو َل الله‪َ ،‬ن ْف َع ُل َكما َف َع ْلنا عا َم الما ِض؟ قا َل‪:‬‬ ‫« ُك ُلوا َو َأ ْط ِع ُموا وا َّد ِخ ُروا‪َ ،‬فــإِ َّن َذلِ َك العا َم كا َن‬ ‫بِال ّنا ِس َج ْه ٌد‪َ ،‬ف َأ َر ْد ُت َأ ْن ُت ِعي ُنوا فِيها»(((‪.‬‬ ‫الأصل أن تكون الأُضح َّية في بلد ال ُم َض ِّحي‬ ‫‪٦٥‬‬ ‫الذي هو فيه‪ ،‬وأن ُت َو َّزع فيه‪ ،‬ويجوز ذبحها‬ ‫((( رواه البخاري (‪ ،)5569‬ومسلم (‪.)1974‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪67‬مسألة في الأضحية‬ ‫أو توزيعها خارج البلد لحاجة أو مصلحة معتبرة‪،‬‬ ‫كــا لو ك ُثرت الأضاحــي وق َّل الفقــراء‪ ،‬أو كان‬ ‫المسلمون في بلد آخر أكثر حاجة وفاقة‪.‬‬ ‫يجوز لل ُم َض ِّحي المغت ِرب عن أهله ووطنه‪،‬‬ ‫‪٦٦‬‬ ‫أن ُي َو ِّكل في شراء وذبح أضح َّيته في بلده‪،‬‬ ‫وتوزيعها على أقاربه وأهل بلده المحتاجين‪.‬‬ ‫لا تجزئ الأُضح َّية عــن العقيقة؛ لأ َّن ك َّل‬ ‫‪67‬‬ ‫واحدة منهما مقصودة لذاتها‪ ،‬ولها ســب ٌب‬ ‫مختلف عن الآخر‪ ،‬فلا تقوم إحداهما مقام الأخرى‪.‬‬ ‫والله أعلم‬ ‫ونسأل الله تعالى أن يتق َّبل م ّنا ومن المسلمين‬ ‫والحمد لله ر ِّب العالمين‪.‬‬ ‫‪38‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook