ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲﺍﳊﻜﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻠﻔﺘﺎﻭﻯ ﺍﻟﺸﺎﺫﺓ 49
50
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻠﻔﺘﺎوى اﻟﺸﺎذة:إذا ﺗﻔﺸﺖ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﺸﺎذة ،وﺻﺎرت ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻤﺒﺘﺪؤون ﻣﻦ ﻃﻠﺒﺔاﻟﻌﻠﻢ ،ﻓﺈن ﻫﺬا ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻓﺴﺎ ٍد ﻓﻜﺮ ٍي ،وﺗﻌﺼﺐ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻔﺘﺎوى واﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﻬﺎ،ﺑﻐﻴﺮ ﻫﺪ ًى ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻧﻮاﺟﻪ ﻫﺬﻩ اﻵﻓﺔ اﻟﺨﻄﻴﺮ اﻟﺘﻲ اﺟﺘﻬﺪ ﻛﺜﻴٌﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﺪﻋﺎة ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻬﺎ؟ واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻋﺪة ﺧﻄﻮات: ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺳﺒﺎب اﻟﺸﺬوذ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﻮى وﻫﻲ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ: -وﺟﻮد رﻣﻮز ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻣﺆﺛﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﻴﻮم ،ﺗُـﻨَﻈﱠﺮ ﻟﻠﺴﻠﻮك اﻟﻤﻨﺤﺮف وﺗﺪﻋﻮا إﻟﻴﻪ. -اﻟﻨﺰوع إﻟﻰ اﻷﻗﻮال اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ واﻟﻮاﻫﻴﺔ ،وأﺧﺬ اﻟﻔﺘﺎوى واﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎت ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﻮﺛﻖ ﺑﻌﻠﻤﻪ أو دﻳﻨﻪ ،واﻟﺘﻌﺼﺐ ﻟﻬﺎ. -اﺗﺒﺎع ُرﺧﺺ وزﻻت أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ . -اﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﻔﺘﺎوى ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،وﻋﺪم اﻟﺘﺮوي واﻟﺘﺜﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﻋﻨﻬﻢ . 51
-ﻋﺪم ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻔﺘﺎوى واﻵراء ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺒﺎﺷﺮة ،وﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻳﻜﻮن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻹذاﻋﺎت ،أو ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻷﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺴﺠﻠﺔ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﻞ ،وﻗﺪ ﻳﻨﺴﺐ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻠﻪ . -اﻟﺠﻨﻮح إﻟﻰ اﺗﺒﺎع اﻟﻬﻮى ،اﻟﻤﻔﻀﻲ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺑﺎﻟﺮأي . -اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﻷﻋﻤﻰ ﻵﺣﺎد اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻮل ،ﺳﻮى اﻟﺮﺳﻮل -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ.- -اﻟﺘﻌﺼﺐ ﻟﻠﺮأي اﻟﻮاﺣﺪ ،اﻟﻤﺆدي إﻟﻰ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﻠﻨﻔﺲ ،واﻻﺑﺘﺪاع ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ. -اﻟﺠﻬﻞ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺠﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﺘﻄﺮف واﻟﺸﺬوذ ،ﻗﺎل اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻘﺮﺿﺎوي\" :ﻟﻘﺪ اﻋﺘﺒﺮ ﻋﻠﻤﺎؤﻧﺎ اﻟﻌﻠﻢ ﺣﻴﺎة ،واﻟﺠﻬﻞ ﻣﻮﺗﺎً وﻫﻼﻛﺎً ،واﻋﺘﺒﺮوا ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺠﻬﻞ ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺟﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﻛﺎﻟﻘﻮت اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﻪ اﻟﺠﻮع ،واﻟﺜﻮب اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﻪ اﻟﻌﺮي واﻷذى). (١ -1ﯾﻮﺳﻒ اﻟﻘﺮﺿﺎوي ،ﻓﻘﮫ اﻟﺰﻛﺎة ،ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺑﯿﺮوت ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ٢٠٠١م ،ج١ص. ١٨٧ 52
اﻟﻌﻼج واﻟﻤﺴﺎر اﻟﺼﺤﻴﺢ: -اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ\" :-ﻣﺎ أﻧﺎ ﻋﻠﻴﻪ وأﺻﺤﺎﺑﻲ\") ،(١ﻧﻌﻢ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻤﺢ ،اﻟﺬي دﺧﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺎس أﻓﻮا ًﺟﺎ ،اﻹﺳﻼم اﻟﺬي ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻷول ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ،اﻹﺳﻼم اﻟﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻪ رﺑﻨﺎ ﺟﻞ وﻋﻼ: )َوَﻣﺎ َﺟَﻌ َﻞ َﻋﻠَْﻴ ُﻜ ْﻢ ﻓِﻲ اﻟ ﱢﺪﻳ ِﻦ ِﻣ ْﻦ َﺣَﺮ ٍج().(٢ ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﻤﻔﺘﻲ اﻟﻤﻌﺘﺒﺮ\" :اﻟﻤﻔﺘﻲ اﻟﺒﺎﻟﻎ ذروة اﻟﺪرﺟﺔ، ﻫﻮ :اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻬﻮد اﻟﻮﺳﻂ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺠﻤﻬﻮر؛ ﻓﻼ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻬﻢ ﻣﺬﻫﺐ اﻟﺸﺪة ،وﻻ ﻳﻤﻴﻞ ﺑﻬﻢ إﻟﻰ ﻃﺮف اﻻﻧﺤﻼل ....ﺛﻢ ﻗﺎل\" :إن ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺸﺎرع ﻣﻦ اﻟﻤﻜﻠﻒ اﻟﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺳﻂ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ إﻓﺮاط وﻻ ﺗﻔﺮﻳﻂ ،ﻓﺈذا ﺧﺮج -1ﺳﻨﻦ اﻟﺘﺮﻣﺬي ،ﺑﺎب ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻓﺘﺮاق ھﺬه اﻷﻣﺔ ،ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ،٢٥٦٥/وﻧﺼﮫ :ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﻗﺎل :ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ:-ﻟﯿﺄﺗﯿﻦ ﻋﻠﻰ أﻣﺘﻲ ﻣﺎ أﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ،ﺣﺬو اﻟﻨﻌﻞ ﺑﺎﻟﻨﻌﻞ ،ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎنﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ أﺗﻰ أﻣﮫ ﻋﻼﻧﯿﺔ ،ﻟﻜﺎن ﻓﻲ أﻣﺘﻲ ﻣﻦ ﯾﺼﻨﻊ ذﻟﻚ ،وإن ﺑﻨﻲ إﺳﺮاﺋﯿﻞﺗﻔﺮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺘﯿﻦ وﺳﺒﻌﯿﻦ ﻣﻠﺔ ،وﺗﻔﺘﺮق أﻣﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﻼث وﺳﺒﻌﯿﻦ ﻣﻠﺔ ،ﻛﻠﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﺎر إﻻ ﻣﻠﺔ واﺣﺪة ،ﻗﺎﻟﻮا وﻣﻦ ھﻲ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ ﻗﺎل ﻣﺎ أﻧﺎ ﻋﻠﯿﮫ وأﺻﺤﺎﺑﻲ . -2ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ اﻵﯾﺔ . ٧٨ 53
ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻔﺘﻴﻦ؛ ﺧﺮج ﻋﻦ ﻗﺼﺪ اﻟﺸﺎرع ،وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﺎ ﺧﺮج ﻋﻦ اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﻮﺳﻂ ﻣﺬﻣﻮﻣﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺮاﺳﺨﻴﻦ\"). (١ وﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺸﻌﺮاوي -رﺣﻤﻪ اﷲ ،-ﻋﻨﺪ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ) :وَﻛ َﺬﻟِ َﻚ َﺟَﻌْﻠﻨَﺎ ُﻛ ْﻢ أُﱠﻣﺔً َو َﺳﻄﺎً() \" : (٢اﻷﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﻨﻬﺞ اﻹﺳﻼم -وﻫﻮ ﻣﻨﻬﺞ اﻻﻋﺘﺪال- ﻫﻲ اﻷﻣﺔ اﻟﻤﻬﺘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺼﺤﻴﺢ وﺗﻌﻤﻞ ﺑﻪ وﺗﻄﺒﻘﻪ؛ ﻷﻧﻪ اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﺬي ﻳﻨﺴﺦ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻪ وﻳﺼﺤﺤﻪ). (٣ -إﻳﺠﺎد اﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺣﺾ اﻟﺤﺠﺔ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ ،وﺗﺒﻴﻦ اﻟﺤﻖ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﻤﻮﻋﻈﺔ اﻟﺤﺴﻨﺔ ،وﺗﻜﻮن ﻣﻦ ﺻﻔﻮة اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻴﻦ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪون ﺑﻌﻠﻤﻬﻢ وﺟﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﻟﺪار اﻵﺧﺮة ،ﻓﺈن ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ اﻟﻔﺘﺎوى ﻗﺪ وﺟﺪت روا ًﺟﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻴﻮم ،ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺗﺒﻴﻴﻨﻬﺎ واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﻔﻜﺮي ،واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﺄﻟﻒ ﻛﻞ ﻣﺄﻟﻮف ،وﺗﻨﻔﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺎذ -1إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻠﺨﻤﻲ اﻟﻐﺮﻧﺎﻃﻲ اﻟﺸﮭﯿﺮ ﺑﺎﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ،اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت،ﺗﺤﻘﯿﻖ -أﺑﻮ ﻋﺒﯿﺪة ﻣﺸﮭﻮر ﺑﻦ ﺣﺴﻦ آل ﺳﻠﻤﺎن ،دار اﺑﻦ ﻋﻔﺎن ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ، ١٩٩٧م ،ج٥ص. ٢٧٦ -2ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة اﻵﯾﺔ . ١٤٣ -3أﻗﻮال ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺘﻮﻟﻲ اﻟﺸﻌﺮاوي ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه ﻟﻠﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ،اﻧﻈﺮ -ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺸﻌﺮاوي ،اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻗﻔﯿﺔ ،اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ٢٠٠٢ ،م، ج٢ص. ٢١٥ 54
ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوف ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻮﺻﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻫﺬﻩ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻬﺪاﻣﺔ ،وإﺻﻼح ﻣﺎ أﻓﺴﺪﻩ ﻫﺆﻻء اﻟﻤﺘﻨﻄﻌﻮن ،ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻲ: ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺳﻼﻣﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎد واﻟﺘﺼﻮر واﻷﻓﻜﺎر واﻟﻤﻨﻬﺞ. اﻟﺒﺮوز واﻟﺮﺳﻮخ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ. اﻟﻘﺪوة اﻟﺤﺴﻨﺔ ،واﻋﺘﺪال اﻟﺨﻠﻖ واﻟﺴﻤﺖ ،واﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺤﺴﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺤﻴﺎء ،وﻛﻈﻢ اﻟﻐﻴﻆ ،واﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ اﻟﻨﺎس ،واﻟﺠﻮد واﻟﺴﺨﺎء. اﻟﺼﺪق واﻹﺧﻼص واﻟﺘﺠﺮد ،ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،واﻟﺰﻫﺪ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻋﺪم اﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺰﺧﺎرﻓﻬﺎ. اﻟﺜﺒﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﺎدئ ،وﻋﺪم اﻟﺘﺬﺑﺬب واﻟﺘﻘﻠﺐ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺼﺪق ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺪ. اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﺸﺒﻪ وﻣﺎ ﻳﺴﻘﻂ اﻟﻤﺮوءة ،وﻳﻔﻘﺪ اﻟﻤﺼﺪاﻗﻴﺔ. اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻬﺎ ،وأن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺣﻀﻮر اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺑﻌﻨﻰ أن ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻨﻐﻠًﻘﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. اﻟﺴﻌﻲ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻨﺎس وإرﺷﺎدﻫﻢ ،ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺻﻼح دﻳﻨﻬﻢ ودﻧﻴﺎﻫﻢ. اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺳﻔﺎﺳﻒ اﻷﻣﻮر ،واﻟﺘﺮﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﺨﻼﻓﺎت ،واﻟﻨﺄي ﻋﻦ اﻟﺠﺪال اﻟﻌﻘﻴﻢ. 55
إذا ﺗﻮﻓﺮت ﻛﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﺸﺮوط أوﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ،أﺿﻒ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻤﻮاﻫﺐ اﻟﺨﺎﺻﺔ،واﻟﺼﻔﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﺎح ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎتواﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺸﺠﻴﻊ وﺗﺴﻬﻴﻼت ﻟﺪﻋﺎة اﻟﻮﺳﻄﻴﺔ واﻻﻋﺘﺪال ،ﺣﺘﻰﻳﻜﻮن أﻣﺮ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﺮف واﻟﺘﺸﺪد ﻣﻴﺴﻮًرا ،وﻣﺪﻋﻮمٌ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻳًﺎ ،ﻛﻞ ﻫﺬﻩاﻷﻣﻮر ﺗﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ ﺗﺼﺤﻴﺢ اﻟﻤﺴﺎر ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﺗﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ اﻹﺻﻼح ،وﺗﻀﻴﻴﻖ اﻟﺒﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻮاذ واﻟﻤﺘﻄﺮﻓﻴﻦ . -إﻃﻼق اﻟﻌﻨﺎن ﻟﻠﺪﻋﺎة اﻟﻤﺘﻘﻨﻴﻦ ،اﻟﻤﺴﻠﺤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ اﻟﺼﺤﻴﺢ،واﻟﻤﺼﻠﺤﻴﻦ واﻟﻤﺮﺑﻴﻦ ،واﻟﺪﻓﻊ ﺑﻬﻢ واﻟﺸﺪ ﻋﻠﻰ أﻳﺪﻳﻬﻢ إﻋﻼﻣﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞواﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻟﻴﺘﺴﻨﻰ ﻟﻬﻢ ﻣﺤﺎﺻﺮة ﻫﺬﻩ اﻷﻗﻮال اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ،واﻟﻔﺘﺎوى اﻟﺸﺎذة ،وﺗﻨﻔﻴﺮ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،واﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻮﺳﻄﻲ اﻟﻤﻌﺘﺪل ،اﻟﺬي ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺆﻻء اﻟﺪﻋﺎة ،ﻓﺎﻟﺸﺬوذ ﻓﻜﺮ ،ﻻ ﻳﺤﺎرب إﻻ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ . -ﻋﺪم اﻟﺴﻤﺎح ﻷرﺑﺎب اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﺸﺎذة ﺑﺎﻟﻈﻬﻮر ﻓﻲ اﻹﻋﻼم ،واﻋﺘﻼءاﻟﻤﻨﺎﺑﺮ ،وﺣﺼﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق ﺿﻴﻖ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ،إذ أن اﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲإﻃﻼق ﻳﺪ ﻫﺆﻻء ﻟﻼﻟﺘﻘﺎء ﺑﺎﻟﻌﻮام ،وﺗﺮﺳﻴﺦ ﻫﺬﻩ اﻷﻓﻜﺎر ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ،ﻳﺸﻜﻞ ﻟﻬﻢﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻈﻬﻮر ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮح اﻷﺣﺪاث ،وﻛﺄﻧﻬﻢ أﺻﺤﺎب ﺗﻴﺎر ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻛﺎﻣﻞ ،ﻳﻤﻠﻚاﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ ،وﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻮﻃﺊ ﻗﺪم ﻣﺮﻳﺢ وﻫﺎدئ، ﻟﻴﺒﺚ أﻓﻜﺎرﻩ ،وﻳﺸﻴﻊ آراءﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺴﻄﺎء واﻟﻌﺎﻣﺔ ،واﻟﻤﺒﺘﺪﺋﻴﻦ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ . 56
اﻟﺨﻼف وأدﺑﻴﺎﺗﻪ:اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺎوى واﻵراء ﻓﻲ ﻓﺮوع اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات واﻟﻤﻌﺎﻣﻼت أﺻﻞٌﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺬي ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻤﻌﻘﻮل اﻟﻨﺺ،وﻣﻘﺎﺻﺪ اﻷﺣﻜﺎم ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎس ،واﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ واﻻﺳﺘﺤﺴﺎنواﻻﺳﺘﺼﺤﺎب وﺳﺪ اﻟﺬراﺋﻊ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ اﻻﺧﺘﻼف إﻟﻰ اﻷﻋﺮاف اﻟﻤﻌﺘﺒﺮة ،وﺗﻐﻴﺮ اﻷﺣﻜﺎم ﺑﺘﻐﻴﺮ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن واﻟﻤﻮازﻧﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ واﻟﻤﻔﺎﺳﺪ.ﻟﻜﻦ اﺧﺘﻼف اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﻌﺘﺒﺮﻳﻦ ﻫﻮ اﻟﻤﻌﻮل ﻋﻠﻴﻪ ،ﻻ اﺧﺘﻼف وﺧﻼفاﻟﻤﺒﺘﺪﺋﻴﻦ ﻣﻦ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ ،ﺟﺪال اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻐﻮﻏﺎء ،وﻷن أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺤﻖ ،ﻳﺨﺘﻠﻔﻮنﺑﺄدب ،وﻳﻌﺬر ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ اﻵﺧﺮ ﻓﻴﻤﺎ رأى ،وﻛﻠﻬﻢ ﻣﺠﺘﻬﺪ أراد اﻟﺤﻖ وﻃﻠﺒﻪ ﺑﻤﺎﻗﺎدﻩ إﻟﻴﻪ اﺟﺘﻬﺎدﻩ ،وﻛﻞ ﻣﺠﺘﻬﺪ ﻣﺼﻴﺐ ﻛﻤﺎ ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﻮل أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻷﺷﻌﺮي وﻏﻴﺮﻩ .وﻟﻬﺬا ﻓﺈن ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﻤﺬاﻫﺐ ﻳﻌﺮف ﻟﻶﺧﺮ ﻗﺪرﻩ وﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ،ﻧﻘﻞاﻟﻘﺎﺿﻲ ِﻋﻴَﺎض اﻟﺮواﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﻴﺚ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ :أﻧﻪ ﻟﻘﻲ َﻣﺎﻟِﻜﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﻤﺴﺢاﻟﻌﺮق ﻣﻦ ﺟﺒﻴﻨﻪ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ\" :إﻧﻲ أراك ﺗﻤﺴﺢ اﻟﻌﺮق ﻋﻦ ﺟﺒﻴﻨﻚ ،ﻗﺎل :ﻋﺮﻗﺖ ﻣﻊأﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ،إﻧﻪ ﻟﻔﻘﻴﻪٌ ﻳﺎ ﻣﺼﺮي ،ﻗﺎل ﺛﻢ ﻟﻘﻴﺖ أﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ وﻗﻠﺖ ﻟﻪ :ﻣﺎ أﺣﺴﻦ ﻗﻮل 57
ذﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴﻚ ،ﻓﻘﺎل أﺑﻮﺣﻨﻴﻔﺔ :واﷲ ﻣﺎ رأﻳﺖ أﺳﺮع ﻣﻨﻪ ﺑﺠﻮا ٍب ﺻﺎدق ،وﻧﻘ ٍﺪ ﺗﺎٍم ﻳﻌﻨﻲ َﻣﺎﻟِ ًﻜﺎ\").(١ وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈن أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻨﺎ ﻳﺮون أن اﻻﺧﺘﻼف ﺛﺮوة ،ذﻟﻚ أن اﺧﺘﻼف اﻵراء اﻻﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻳﺜﺮي اﻟﻔﻘﻪ ﻷن ﻛﻞ رأي ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ أدﻟﺔ واﻋﺘﺒﺎرات ﺷﺮﻋﻴﺔ، وﺑﻬﺬا اﻟﺘﻌﺪد واﻟﺘﻨﻮع ﺗﻮﺳﻊ اﻟﺜﺮوة اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ،وإن ﺗﻌﺪد اﻟﻤﺬاﻫﺐ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ وﻛﺜﺮة اﻷﻗﻮال ﻛﻨﻮز ﻻ ﻳﻘﺪر ﻗﺪرﻫﺎ ،وﺛﺮوة ﻻ ﻳﻌﺮف ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ إﻻ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺒﺤﺚ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن ﺑﻌﻀﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻼءﻣﺔ ﻟﺰﻣﺎن وﻣﻜﺎن ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ).(٢ اﻟﺮﺟﻮع ﻋﻦ اﻟﻔﺘﻮى اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ ﻣﻦ أﺧﻼق اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻴﻦ: ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺼﻮاب ،واﻹذﻋﺎن ﻟﻠﺤﻖ ،ﺻﻔﺔ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﺼﺎدق ،وﺧﻠﻖ اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﺤﻠﻴﻢ ،ودﻟﻴﻞ ﻧﺎﺻﻊ ﻋﻠﻰ إﺧﻼص اﻟﻤﺮء وإرادﺗﻪ ﺑﻌﻤﻠﻪ وﺟﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻄﺎﻟﻊ ﻓﻲ ﺳﻴﺮة ﺳﻴﺪﻧﺎ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ،ﻟﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻦ ﻣﺴﻄﺢ ﺑﻦ - 1ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﻤﺪارك ،ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ِﻋَﯿﺎض ،ج١ص.١٥٢ -2اﻟﺪﻛﺘﻮر ﯾﻮﺳﻒ اﻟﻘﺮﺿﺎوي ،ﻟﺼﺤﻮة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﻤﺸﺮوعواﻟﺘﻔﺮق اﻟﻤﺬﻣﻮم ،ﻟﻠﻘﺮﺿﺎوي ،اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻗﻔﯿﺔ ،اﻟﻠﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة٢٠٠٧ ،م،ص ،٥٢واﻧﻈﺮ-آداب اﻟﺤﻮار وﻗﻮاﻋﺪ اﻻﺧﺘﻼف ،ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻛﺎﻣﻞ، ﻣﺼﺪر اﻟﻜﺘﺎب :ﻣﻮﻗﻊ اﻹﺳﻼمhttp://www.al-islam.com ، 58
أﺛﺎﺛﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد ﺑﻦ اﻟﻤﻄﻠﺐ) ،(١ﻣﺎ ﺣﺪث وﺧﻮﺿﻪ ﻓﻲ اﻹﻓﻚ ،أﻗﺴﻢ ﺳﻴﺪﻧﺎ أﺑﻮﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ -رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -أن ﻳﻘﻄﻊ اﻟﻨﻔﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﻟﻤﺴﻄﺢ ﻟﻘﺮاﺑﺘﻪ ﻣﻨﻪ، واﷲ ﻻ أﻧﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻄﺢ ﺷﻴﺌﺎ أﺑﺪا ﺑﻌﺪ اﻟﺬي ﻗﺎل ﻟﻌﺎﺋﺸﺔ ﻓﺄﻧﺰل اﷲَ) :وَﻻ ﻳَﺄْﺗَِﻞ أُْوﻟُﻮا اﻟَْﻔ ْﻀ ِﻞ ِﻣﻨ ُﻜ ْﻢ َواﻟ ﱠﺴَﻌِﺔ أَن ﻳـُْﺆﺗُﻮا أُْوﻟِﻲ اﻟُْﻘْﺮﺑَﻰ()....(٢اﻵﻳﺔ ،ﻗﺎل أﺑﻮ ﺑﻜﺮ :ﺑﻠﻰ واﷲ إﻧﻲ ﻷﺣﺐ أن ﻳﻐﻔﺮ اﷲ ﻟﻲ ،ﻓﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﺴﻄﺢ اﻟﻨﻔﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻨﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ، وﻗﺎل واﷲ ﻻ أﻧﺰﻋﻬﺎ ﻋﻨﻪ أﺑﺪا() ،(٣ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻻﻣﺘﺜﺎل اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺳﻴﺪﻧﺎ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ،اﻣﺘﺜﺎل ﻷﻣﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻃﻠﺒًﺎ ﻟﻤﺮﺿﺎﺗﻪ. -1ﻣﺴﻄﺢ ﺑﻦ أﺛﺎﺛﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺎد ﺑﻦ اﻟﻤﻄﻠﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎف ﺑﻦ ﻗﺼﻲ اﻟﻘﺮﺷﻲاﻟﻤﻄﻠﺒﻲ ،ﯾﻜﻨﻰ أﺑﺎ ﻋﺒﺎد ،وﻗﯿﻞ :أﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ وأﻣﮫ ﺳﻠﻤﻰ ﺑﻨﺖ ﺻﺨﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ اﺑﻦﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺗﯿﻢ ﺑﻦ ﻣﺮة ،وھﻲ اﺑﻨﺔ ﺧﺎﻟﺔ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ وﻗﯿﻞ :أم ﻣﺴﻄﺢﺑﻨﺖ أﺑﻲ رھﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﻄﻠﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻨﺎف وأﻣﮭﺎ راﺋﻄﺔ ﺑﻨﺖ ﺻﺨﺮ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺧﺎﻟﺔأﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ ﺷﮭﺪ ﺑﺪرًا ﺛﻢ ﺧﺎض ﻓﻲ اﻹﻓﻚ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮭﺎ،ﻓﺠﻠﺪه رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻓﯿﻤﻦ ﺟﻠﺪ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﻛﺎن أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﯾﻨﻔﻖﻋﻠﯿﮫ ﻓﺄﻗﺴﻢ أﻻ ﯾﻨﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻨﺰﻟﺖ \" :وﻻ ﯾﺄﺗﻞ أوﻟﻮا اﻟﻔﻀﻞ ﻣﻨﻜﻢ واﻟﺴﻌﺔ \" اﻟﻨﻮر .٢٢اﻵﯾﺔ وﯾﻘﺎل :ﻣﺴﻄﺢ ﻟﻘﺐ ،واﺳﻤﮫ ﻋﻮف ﺑﻦ أﺛﺎﺛﺔ ،ﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ ٣٤ھـ ،وھﻮاﺑﻦ ﺳﺖ وﺧﻤﺴﯿﻦ ﺳﻨﺔ وﻗﺪ ﻗﯿﻞ :ﺷﮭﺪ ﻣﺴﻄﺢ ﺻﻔﯿﻦ وﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ ٣٧ھـ ،اﻧﻈﺮ-اﻻﺳﺘﯿﻌﺎب ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﺻﺤﺎب ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ ،دار اﻟﻔﻜﺮ ،دﻣﺸﻖ٢٠٠١ ،م، ج١ص. ٤١٢ -2ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر اﻻﯾﺔ . ٢٢ - 3ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري ،ﺑﺎب اﻟﯿﻤﯿﻦ ﻓﯿﻤﺎ ﻻ ﯾﻤﻠﻚ ،ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ.٦١٨٥ / 59
وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻋﻠﻰ ﻛﺜﺮة ﻋﻠﻤﻬﻢ ،ووﻓﻮر ﻋﻘﻠﻬﻢ وذﻛﺎﺋﻬﻢ ،وﻣﻊ رﺳﻮﺧﻬﻢ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﻟﻨﺼﻮص ،ﻳﺮون اﻟﺮأي ،ﺛﻢ ﻳﺮون ﻧﻘﻴﻈﻪ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ،ﻓﻜﺜﻴًﺮا ﻣﺎ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ ﻗﻮﻻن ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،أو رواﻳﺘﺎن ﻋﻦ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ،وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﺑﻮﻗﻮع ﻃﻼق اﻟﺴﻜﺮان ﻓﻲ أول اﻷﻣﺮ ،ﺛﻢ ﻏﻴﺮ رأﻳﻪ وﻗﺎل ﺑﻌﺪم وﻗﻮﻋﻪ ،وﻟﻤﺎ روﺟﻊ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﺎل :ﺗﺒﻴﻨﺘﻪ ﻓﻮﺟﺪت أﻧﻲ إذا أوﻗﻌﺘﻪ أﺗﻴﺖ ﺧﺼﻠﺘﻴﻦ ،ﺣﺮﻣﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ زوﺟﻬﺎ ،وأﺣﻠﻠﺘﻬﺎ ﻵﺧﺮ ،وإذا ﻟﻢ أوﻗﻌﻪ أﺗﻴﺖ ﺧﺼﻠﺔ واﺣﺪة ،أﻧﻲ أﺣﻠﻠﺘﻬﺎ ﻟﺰوﺟﻬﺎ).(١ -1ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﺜﯿﻤﯿﻦ ،اﻟﺸﺮح اﻟﻤﻤﺘﻊ ﻋﻠﻰ زاد اﻟﻤﺴﺘﻘﻨﻊ ،دار اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٤٢٨ ،ھـ ،ج١٣ص. ١٩ 60
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﳌﻔﱵ 61
62
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ :إﻋﺪاد اﻟﻤﻔﺘﻲ: ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺬي ﻛﺜﺮت ﻓﻴﻪ اﻟﻔﺘﻦ ،واﺣﺘﺎج اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻪ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﻔﺘﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻖ ،وﻳﻮﺿﺢ ﻟﻬﻢ ﺣﻜﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﺠﺪ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺋﻞ ،وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﻔﺘﻲ ﻫﻮ اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻋﱠﺮﻓﻪ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻓﻬﺬا ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ أن ﻧﻌﺪ اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻋﺪا ًدا ﺟﻴ ًﺪا ،وﻧﻬﻴﺌﻬﻢ ﻟﺘﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻹﻓﺘﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﻬﺪ اﻷول ﻣﻮﻛﻼ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء اﻷﻋﻼم ﻓﻘﻂ ،واﺳﺘﻤﺮ ذﻟﻚ -ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ اﺑﻦ ﺑﺪران -إﻟﻰ أن دﺧﻞ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺳﻠﻴﻢ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ دﻣﺸﻖ ،ﺳﻨﺔ ٩٢٢ﻫـ ،واﻣﺘﻠﻜﻬﺎ ﻓﺮأى ﻛﺜﺮة اﻟﻤﺸﺎﻏﺒﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺪﻋﻴﻦ ﻟﻠﻌﻠﻢ ،ﻓﺨﺼﺺ إﻓﺘﺎء ﻛﻞ ﻣﺬﻫﺐ ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﻪ اﻷﻓﺎﺿﻞ ،ﻗﻄﻌﺎ ﻟﻠﻤﺸﺎﻏﺒﺎت ،ﺛﻢ ﻃﺎل اﻟﺰﻣﻦ ﻓﺘﻮﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﺼﺐ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﺪري ﻣﺎ ﻫﻲ اﻷﺻﻮل ،وﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻔﺮوع! ﻓﻮﺳﺪ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻏﻴﺮ أﻫﻠﻪ وأﻋﻄﻰ اﻟﻘﻮس ﻏﻴﺮ ﺑﺎرﻳﻬﺎ).(١ وﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ ،وﻣﺴﺄﻟﺔ اﻹﻓﺘﺎء ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺪ وﺟﺰر، واﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺘﻄﻮر ﺳﺮﻳًﻌﺎ ،وﺑﺘﻄﻮرة ﺗﺴﺘﺠﺪ أﺣﺪاث وﻣﺴﺎﺋﻞ وﻗﻀﺎﻳﺎ ،ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ ،وﻣﺮاﺟﻌﺔ اﻟﻔﺘﺎوى ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ روح اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ-1ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺪران ،اﻟﻤﺪﺧﻞإﻟﻰ ﻣﺬھﺐ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ،ﺗﺤﻘﯿﻖ -ﻣﺤﻤﺪ أﻣﯿﻦ ﺿﻨﺎوي ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٩٦م ،ص. ٢٠٦ 63
وﻗﻴﻤﻪ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﻔﻄﻦ إﻟﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،ﻟﻤﺎ رأو أن ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺘﺎوى وإن ﺟﺮى ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﺒﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ زﻣﺎن اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﺛﺒﺖ ﻣﻊ ﺗﻄﻮر اﻟﺰﻣﺎن أن اﻟﺤﺎﺟﺔ ﺑﺎﺗﺖ ﻣﻠﺤﺔ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ،ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﻼءم وواﻗﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻴﻮم ،دون اﻹﺧﻼل ﺑﺠﻮﻫﺮ اﻟﺪﻳﻦ ،وروح اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ،وﻗﺪ ﻋﻠﻞ ﺑﻌﺾ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ \"ﻟﻜﻲ ﻳﺪوم ﻫﺬا اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﻟﻬﻲ ،ﺻﺎﻟ ًﺤﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن ،ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻨﺐ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻄﺮف واﻟﻐﻠﻮ واﻟﺸﻄﻂ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻧﺮاﻩ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﺮاﺋﻊ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ وﺗﺘﻌﺎرض ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن ،واﻟﻈﺮوف واﻷﻫﻮاء\").(١ ﻣﻤﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﻳﻮًﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﻧﺠﺎح اﻟﻤﺬﻫﺐ اﻟﻮﺳﻄﻲ ،وأن اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺪال، واﻟﻔﻼح واﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ ﺗﻘﻮى اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﻩ وﺧﻠﻘﻪ ،واﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ واﺟﺘﻤﺎع اﻟﻜﻠﻤﺔ ،أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﺮأي ﻣﻌﻴﻦ ،وأن اﻟﺸﺬوذ واﻹﻏﺮاب ﻓﻲ اﻟﻔﺘﻮى ،أﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﺠﺸﻤﻪ إﻻ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﻮ ًى ﻣﻔﺎرق ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ،وأن اﻟﻔﻼح واﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ﻓﻲ اﻹﺧﻼص ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ اﻹﻓﺘﺎء ،واﻟﺤﺬر ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﻋﻠﻰ اﷲ ﺑﻐﻴﺮ ﻋﻠﻢ ،وأﺧﺬ ﻋﺒﺎد اﷲ ﺑﺎﻟﺮﻓﻖ واﻟﻠﻴﻦ ،وأﻧﻨﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻼﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﻛﻼم اﻷوﻟﻴﻦ ،وأن اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺑﺎﻟﺮأي ﻃﺎﻣﺔ ﻛﺒﺮى ،وﻟﻬﺬا -1ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﺘﺮﻛﻲ ،وزارة اﻟﺸﺌﻮن اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻷوﻗﺎف واﻟﺪﻋﻮة واﻹرﺷﺎد ،اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ١٤١٨ ،ھـ ،ص. ٤٧ 64
ﻓﺈن اﻟﻤﺴﺘﺒﺪ ﺑﺮأﻳﻪ واﻟﻤﺴﺘﻬﺠﻦ ﻟﻜﻼم اﻟﻨﺎس اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻟﻪ وﻟﻘﻮﻟﻪ ﻳﻔﻀﻲ إﻟﻰ ﻗﻠﺔ اﻹﺻﻐﺎء إﻟﻰ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ إﻋﺮاﺿﺎً ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺎﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﺑﺎﻟﺮأي واﻟﻌﻘﻞ واﺳﺘﺤﻘﺎراً ﻟﻬﻢ وإﻫﺎﻧﺔ ،وأن ﻋﻼﺟﻪ أن ﻳﺸﻜﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ رزق ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ-ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ اﻹﻣﺎم اﻟﻐﺰاﻟﻲ -وﻳﺘﻔﻜﺮ أﻧﻪ ﺑﺄدﻧﻰ ﻣﺮض ﻳﺼﻴﺐ دﻣﺎﻏﻪ ﻛﻴﻒ ﻳﻮﺳﻮس وﻳﺠﻦ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻀﺤﻚ ﻣﻨﻪ! ﻓﻼ ﻳﺄﻣﻦ أن ﻳﺴﻠﺐ ﻋﻘﻠﻪ إن أﻋﺠﺐ ﺑﻪ وﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﺸﻜﺮﻩ ،وﻟﻴﺴﺘﻘﺼﺮ ﻋﻘﻠﻪ وﻋﻠﻤﻪ ،وﻟﻴﻌﻠﻢ أﻧﻪ ﻣﺎ أوﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ إﻻ ﻗﻠﻴﻼً وإن اﺗﺴﻊ ﻋﻠﻤﻪ ،وأن ﻣﺎ ﺟﻬﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﻋﺮﻓﻪ اﻟﻨﺎس أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻋﺮﻓﻪ). (١ وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺠﺪر ﺑﻨﺎ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ أﻣﺮﻳﻦ ﻣﻬﻤﻴﻦ ،وﻫﻤﺎ: ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ: اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ،وﺗﻄﻮﻳﺮﻩ ،وإﻋﺪاد اﻟﻔﻘﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻐﺮ ،ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻠﻒ اﻷول ،ﻛﻤﺎﻟﻚ ،واﻷوزاﻋﻲ ،واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻤﺪ ،وﻏﻴﺮﻩ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻈﺎﻓﺮت اﻟﺮواﻳﺎت أﻧﻬﻢ اﺣﺘﺮﻓﻮا اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻔﺘﻮى ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ،وﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﺸﺒﺎب ،وﻻ ﺷﻚ أﻧﻬﻢ ﻗﺪ اﻣﺘﻠﻜﻮا آﻟﻴﺎت اﻟﻔﻘﻴﻪ ،وﺗﺮﺳﺨﻮا ﻓﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻤﺆﻫﻠﺔ ﻟﻠﻨﺒﻮغ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮة . -1اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ ،إﺣﯿﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﯾﻦ ،ﺗﻘﺪﯾﻢ وﺗﻌﻠﯿﻖ -ﻃﮫ ﻋﺒﺪ اﻟﺮءوف ﺳﻌﺪ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺼﻔﺎ ،ﻃﺒﻌﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻣﻨﻘﺤﺔ )ﺑﺪون ﺗﺎرﯾﺦ( ،ج٢ص. ٦٠ 65
ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻌﺼﺮ ﻣﻦ ﻣﻤﻴﺰات ،ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﻄﻐﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻤﺎدﻳﺎت ،وﻟﻢ ﺗﺘﺸﻮﻩ ﺻﻮرة اﻹﺳﻼم ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل اﻟﻴﻮم ،ﺣﻴﺚ ﺻﺎر اﻹﺳﻼم ﻣﺮﺗًﻌﺎ ﻟﻸﻋﺪاء ،وﻃﻼب اﻟﺸﻬﺮة ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ وأﻋﻮاﻧﻬﻢ ،ﻓﻴﻜﻔﻲ أن ﻳﺮﺳﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺴﻲء ﺑﻪ إﻟﻰ اﻹﺳﻼم ودﻳﻦ اﻹﺳﻼم وﻧﺒﻲ اﻹﺳﻼم ،ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن أﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﻧﺎر ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ،أو ﻳﻬﺪد ﺑﺤﺮق اﻟﻤﺼﺤﻒ ،أو ﺗﻤﺰﻳﻘﻪ أو إﻫﺎﻧﺘﻪ..اﻟﺦ ،ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن رﻣًﺰا ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻮز ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻗﺎدﺗﻬﻢ ،وﺗﻨﻬﺎل ﻋﻠﻴﻪ ﺟﻮاﺋﺰﻫﻢ ،وﻳﺤﻴﻄﻮﻧﻪ ﺑﻌﻨﺎﻳﺘﻬﻢ وﺣﺮاﺳﺘﻬﻢ ،ﻓﻼ ﻳﻘﺎرن واﻗﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻴﻮم ،ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺒﺎرﻛﻮن اﻷواﺋﻞ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ،وﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻄﻮر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﻴﻮم ،وﻧﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﻮﻋﺎظ واﻟﻤﺼﻠﺤﻴﻦ ،إذا ﺗﺘﺒﻌﻨﺎ اﻟﺨﻄﻮات اﻵﺗﻴﺔ: ﺗﻮﻋﻴﺔ اﻷﺳﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ وﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﺸﺌﺔ ﺟﻴﻞ ﻣﺆﻣﻦ،ﻣﺘﻬﻴﺊ ﻟﺤﻤﻞ أﻋﺒﺎء اﻟﺪﻋﻮة ،وﻣﻬﻤﺔ ﺗﺒﻠﻴﻎ دﻳﻦ اﷲ ﻟﻌﻤﻮم اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﻤﻮﻋﻈﺔ اﻟﺤﺴﻨﺔ .وأﻋﺘﻘﺪ أن أﻫﻢ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻓﻲ إﻋﺪاد اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﻮاﻋﻲ) :اﻷﺳﺮة( ،واﻷب واﻷمﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺆﺛًﺮا ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻗﺪﻳ ًﻤﺎ وﺣﺪﻳﺜًﺎ ،وﻗﺼﺔ اﻹﻣﺎمﻣﺎﻟﻚ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻣﻊ أﻣﻪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺻﻴﻪ وﺗﻘﻮل ﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﺮدد ﻋﻠﻰ رﺑﻴﻌﺔ 66
ﺑﻦ ﻓﺮوخ ﺷﻴﺨﻪ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻠﻘﺐ ﺑﺮﺑﻴﻌﺔ اﻟﺮأي ،ﻗﺎل رﺣﻤﻪ اﷲ :ﻛﺎﻧﺖ أﻣﻲ ﺗﻌﻤﻤﻨﻲ وﺗﻘﻮل ﻟﻲ اذﻫﺐ إﻟﻰ رﺑﻴﻌﺔ ﻓﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ أدﺑﻪ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻤﻪ ).(١ وﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻀﺮﻧﻲ ﻋﻦ ﻓﻘﻬﺎء ﺑﻼدﻧﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،واﻟﺪرس اﻟﺬي ﺗﻠﻘﺎﻩ ﻣﻦ أﻣﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﺎﺣﺎت اﻷزﻫﺮ ،وﻓﻲ ﻗﺎﻋﺎت اﻟﺪرس ،ﻗﺼﺔ ﺷﻴﺨﻨﺎ اﻟﺸﻴﺦ :ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ اﻟﻔﺎﺧﺮي) ، (٢ﺣﻴﺚ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ :أﻧﻪ وﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم وﻫﻮ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ وﺑﻌﺪ أن ﻓﻘﺪ ﺑﺼﺮﻩ ﻛﺎن ﻣﺮًة ﻋﻨﺪ أﺣﺪ -1اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﯿﺎض ،ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﻤﺪارك ،ج١ص ،٣١واﻧﻈﺮ -اﺑﻦ ﻓﺮﺣﻮن ،اﻟﺪﯾﺒﺎج اﻟﻤﺬھﺐ ،ص. ٨ -2اﻟﺸﯿﺦ ﻋﯿﺴﻰ ﺑﻦ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ اﻟﻔﺎﺧﺮي اﻟ َﻤﺎِﻟﻜﻲ اﻷزھﺮي ،وﻟﺪ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﯿﺴﻰ ﺳﻨﺔ١٩٠٤م ،وﻛ ﱠﻒ ﺑﺼﺮه وھﻮ اﺑﻦ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﯿﻦ ،ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﻐﺮ،ﺛﻢ أرﺳﻠﮫ واﻟﺪه إﻟﻰ اﻷزھﺮ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺑﻤﺼﺮ ﻟﯿﺘﻠﻘﻰ اﻟﻌﻠﻢ واﻟـﻔﻘﮫ ﻓﯿﮭﺎ وھﻮ اﺑﻦﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﺔ ،ﻣﻜﺚ ﻓﯿﮭﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﻨﺔً ،ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﮭﺎدة اﻟﻌﺎﻟﯿﺔﻣﻦ ﻛﻠﯿﺔ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ ﺑﺎﻷزھﺮ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺳﻨﺔ١٩٤٠م ،ﻛﺎن أﺳﺘﺎذاً ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔاﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺑﺎﻟﺒﯿﻀﺎء ،د ﱠرس ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺸﺎﻃﺒﯿﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻘﺮاءات ،وﺷﺮح ﺑﻦ ﻋﻘﯿﻞﻋﻠﻰ أﻟﻔﯿﺔ اﺑﻦ َﻣﺎِﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﯿﺴﻰ اﻟﻔﺎﺧﺮي أﺣﺪ ﻋﻠﻤﺎءاﻟﻔﻘﮫ اﻟﻤَﺎِﻟﻜﻲ ﻓﻲ ﻟﯿﺒﯿﺎ إﻟﻲ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﻋﻠﻢ اﻟﻘﺮاءات واﻷﻧﺴﺎب،وﻗﺪﺟﻠﺲ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﯿﺴﻰ اﻟﻔﺎﺧﺮي ﻟﻠﻌﻠﻢ واﻟﻔﺘﻮى واﻟﻔﺾ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﺨﺎﺻﻤﯿﻦ ،ﻓﻲإﺟﺪاﺑﯿﺎ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٠ﻋﺎﻣًﺎ ،ﺗﻮﻓﻰ ١٩٩٩م إﺛﺮ ﻣﺮض أﻟﻢ ﺑﮫ ،ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﻧﺎھﺰ٩٥ﻋﺎﻣﺎً ،وﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺘﮫ ﻣﻨﺎرةٌ ﺑﺎﺳﻤﮫ ﯾﺤﻔﻆ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻘﺔاﻟﻜﺘﱠﺎب اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ،رﺣﻢ اﷲ اﻟﺸﯿﺦ رﺣﻤ ًﺔ واﺳﻌ ًﺔ ،وأﺳﻜﻨﮫ ﻓﺴﯿﺢ ﺟﻨﺎﻧﮫ) ،أﻧﻈﺮﻧﻤﺎذج ﻓﻲ اﻟﻈﻞ ،ﻋﻠﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻤﺼﺮاﺗﻲ ،ﻋﻠﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻤﺼﺮاﺗﻲ ،ﻧﻤﺎذجﻓﻲ اﻟﻈﻞ ،وزارة اﻹﻋﻼم ،ﻃﺮاﺑﻠﺲ ،ﻟﯿﺒﯿﺎ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ١٩٧٨ ،م ،ص. ١٩٥ 67
اﻟﺠﻴﺮان ،ﻓﺴﻤﻌﻬﻢ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺷﺆوﻧﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﺑﺒﺮاءة اﻷﻃﻔﺎل ﻧﻘﻞ ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ ﻷﻣﻪ ،ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻤﺾ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﺣﺘﻰ زارﺗﻬﻢ ﺳﻴﺪة ﺗﻠﻚ اﻟﺪار ،ﻓﻠﻢ ﺗﺠﻠﺲ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻊ أم اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺸﻴﺦ وأﻧﺎ ﺟﺎﻟﺲ أﺳﺘﻤﻊ، وﺑﺎﻟﻠﻬﺠﺔ اﻟﻌﺎﻣﻴﺔ) :ﻫﺎﻟﻮﻟﻴﺪ اﻷَﻋﻴﻤﻲ) (١ردوا ﺑﺎﻟﻜﻢ) (٢ﻋﺎد اﺗﻘﻮﻟﻮا ﻗﺪاﻣﻪ ﻛﻼم ﻣﺮة أﺧﺮى راﻫﻮ ﻧﺸﻮال)(٣اﻟﻠﻲ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ اﻳﻘﻮﻟﻬﺎ( وﻗﺪ ذﻛﺮ أﻧﻬﺎ ﺗﻘﺼﺪ إﻋﻄﺎﺋﻲ درﺳﺎً ﺑﻌﺪم اﻟﺨﻮض ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻨﻲ ،ﻓﺄﺧﺬت ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺒﺮة ،وﻟﻢ أﻋﺪ أﺗﻜﻠﻢ ﺑﺄي ﺣﺪﻳﺚ أﺳﻤﻌﻪ ) ،(٤ﻓﺎﻷﺳﺮة واﻷب واﻷم ﻟﻬﻤﺎ دور ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻻﺑﻦ ،واﻷم ﻟﻬﺎ اﻟﺪور اﻷﻛﺒﺮ . إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ،واﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻣﻨﺬ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷﺳﺎﺳﻲ ،ﻟﻴﺘﺮﺑﻲ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﻔﺎرﻩ ﻋﻠﻰ ﺣﻔﻆ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،وﻣﺪارﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺘﻔﺴﻴﺮ واﻟﻔﻘﻪ ،ﻻ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻣﻘﺼﻮًرا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ، -1اﻷﻋﯿﻤﻲ ،ﺗﺼﻐﯿﺮ ﻟﻜﻠﻤﺔ أﻋﻤﻰ . -2ﺗﺤﺬﯾﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﯿﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻧﺘﺒﮫ .-3ﻛﻨﺎﯾﺔ ﻋﻦ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ،وھﻲ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﯿﺔ ،وﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ)ﻧﺸﻞ( اﻟﺸﻲء :أﺳﺮعاﻟﻨﺰع ،أﻧﻈﺮ -اﻟﻄﺎھﺮ اﻟﺰاوي ،ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤﯿﻂ ،ﻟﻠﻔﯿﺮوزأﺑﺎدي ،اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب ،ﻟﯿﺒﯿﺎ١٩٨٠ ،م ،.ج ٤ص. ٣٧٦ -4رواﯾﺔ ﺷﻔﻮﯾﺔ ،اﻟﺸﺮﯾﻒ اﻟﺸﺎرف ٢٠٠٨ /٤ /١م ،اﻧﻈﺮ -اﻟﺸﯿﺦ ﻋﯿﺴﻰاﻟﻔﺎﺧﺮي ﺣﯿﺎﺗﮫ وﻣﻨﮭﺠﮫ ،ﺳﺎﻟﻢ رﺣﯿﻞ ،دار اﻟﻔﻀﯿﻞ ،ﺑﻨﻐﺎزي ،٢٠١٠ ،ص.١١٠ 68
ﻓﺄﻧﺘﺠﺖ ﻓﻘﻬﺎء ﺑﺎﻻﺳﻢ ﻻ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻣﻤﺎ اﺿﻄﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﻻﺳﺘﻴﺮاد ﻓﻘﻬﺎء وﻋﻠﻤﺎء ﻣﻦ ﺑﻠﺪان إﺳﻼﻣﻴﺔ أﺧﺮى ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻔﺮاغ ،وﻗﺪ ﻳﺒﺤﺚ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻔﺘﻴﻬﻢ ﻓﻼ ﻳﺠﺪون ﺿﺎﻟﺘﻬﻢ إﻻ ﻋﺒﺮ اﻷﺛﻴﺮ ،أو اﻷﺷﺮﻃﺔ اﻟﻤﺴﺠﻠﺔ ،ﻓﻈﻬﺮت ﻓﺘﺎوى ﺷﺎذة ،واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ \"ﻓﺘﺎوى ﻣﺴﺘﻮردة\" وﺗﺠﺮأ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﻨﺸﺄ ﺟﻴﻞ ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺪﻳﻦ واﻟﺘﺪﻳﻦ ،ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺮ ﱠب ﻓﻲ أﺣﻀﺎن اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﻌﻠﻤﺎء ،وﻟﻢ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻢ ،وﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﻦ أدﺑﻬﻢ وأﺧﻼﻗﻬﻢ\" ،وﻧﺼﻒ اﻟﻌﻠﻢ؛ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻘﻬﺎء\" ،وﻗﺪ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ أم اﻟﺪرداء ،ﻗﻮﻟﻬﺎ :ﻟﻘﺪ ﻃﻠﺒﺖ اﻟﻌﺒﺎدة ﻓﻰ ﻛﻞ ﺷﻰء ،ﻓﻤﺎ أﺻﺒﺖ ﻟﻨﻔﺴﻰ ﺷﻴﺌًﺎ أﺷﻔﻰ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء ). (١ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ورﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﺮﺑﻰ اﻟﻨﱢﺸﺆ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ،أو ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺑﻌﺾ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﻔﻘﻪ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﺼﺮﻳٍﺔ ،ﻧﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻬﺎ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺔ ،ﻓﻠﻮ ﻓﺴﺮ أﺣﺪ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﻟﺘﻼﻣﺬﺗﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ) :وأَﻧْـَﺰَل ﻟَ ُﻜ ْﻢ ِﻣ َﻦ اﻟ ﱠﺴ َﻤﺎِء َﻣﺎءً ﻓَﺄَﻧْـﺒَْﺘـﻨَﺎ ﺑِِﻪ َﺣ َﺪاﺋِ َﻖ ذَا َت ﺑَـ ْﻬ َﺠٍﺔ َﻣﺎ َﻛﺎ َن ﻟَ ُﻜ ْﻢ أَ ْن ﺗُـْﻨﺒِﺘُﻮا َﺷ َﺠَﺮَﻫﺎ() ،(٢ﻓﻤﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ،ﻣﺜﻼٌ :أن ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻃﻠﺒﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻞ ،وﻳﺪﺧﻞ ﺑﻬﻢ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ واﻟﺒﺴﺘﺎن ،وﻳﻜﻠﻤﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﺒﺴﺘﺎن ،ﻓﻼ ﻳﻜﻔﻲ أن ﻳﺸﻴﺮ ﺑﺎﻟﻄﺒﺎﺷﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺒﻮرة ،وﻫﺬﻩ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ،ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ -1أﺑﻮ زﻛﺮﯾﺎ ﻣﺤﯿﻰ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﻦ ﺷﺮف اﻟﻨﻮوى ،ﺗﮭﺬﯾﺐ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﻠﻐﺎت ﺗﺤﻘﯿﻖ- ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﻋﻄﺎ ،دار اﻟﻜﺘﺐ ،ﺑﯿﺮوت٢٠٠٤ ،م ،ج٢ص. ٢٥٨ -2ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ اﻵﯾﺔ . ٦٠ 69
اﻟﻤﺒﺘﺪﺋﻴﻦ ،إذا ﺧﺮج ﺑﻬﻢ ،وﺣﺪﺛﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﺰﻫﻮر ،واﻟﻄﻞ واﻟﻨﺪى ،واﻟﻤﺎء واﻟﺸﺠﺮ واﻟﺤﺠﺮ وﻣﺎ أﺷﺒﻪ ذﻟﻚ ،ﻣﺪﻟﻼً ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻴﻢ ﻗﺪرﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ . ﻧﺸﺮ ﻟﻐﺔ اﻟﺤﻮار وﺗﻘﺒﻞ اﻵﺧﺮ ،وﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ اﻟﻤﺘﺴﺎﻣﺢ ،وذﻟﻚ ﺑﺘﺨﺼﻴﺺ ﻓﺼﻞ ﻣﻦ ﻓﺼﻮل ﻣﺎدة اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ واﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ،ﻟﻜﻞ ﺳﻨﺔ ﻟﻀﺮب اﻷﻣﺜﺎل ،وﺷﺮح أدﺑﻴﺎت اﻟﺨﻼف، وأن اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻵراء ووﺟﻬﺎت اﻟﻨﻈﺮ أﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ،ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺑﻪ ﺳﻨﺔ اﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ اﻷﻓﻬﺎم واﻹدراﻛﺎت ،وأن اﻟﻔﺎﻫﻢ ﺑﺤﻖ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت، ﺛﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﻛﻞ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ أﻓﻘﻪ ﻣﻨﻪ ﻋﻠ ًﻤﺎ وﻓﻬ ًﻤﺎ ،ﺛﻢ ﻧﺮﺑﻴﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﺬ اﻟﺸﺬوذ واﻟﺘﻄﺮف ،وأن ﻣﻦ ﺷﺬ ﺷﺬ ﻓﻲ اﻟﻨﺎر) ،(١ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وأن ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺷﺮاﺋﻌﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺒﺪل ﻓﻴﻪ أو ﻧﻐﻴﺮ ،إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ أﺻﻞ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب وﺳﻨﺔ ،اﻟﻤﻬﻢ؛ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻈﻬﺮ ﺟﻴﻼً واﻋﻴًﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺨﺮج ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻤﺎء وﻓﻘﻬﺎء ،ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻹدراك واﻟﻔﻬﻢ . ﺗﺼ ﱡﺪر اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻘﻬﺎء اﻷﻋﻼم ،ﻓﻲ ﻛﻞ ِﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻹﺳﻼم ،ﻟﻠﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺒﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﺜﻴﺮﻫﺎ أﻋﺪاء اﻹﺳﻼم ،ودﺣﻀﻬﺎ وﺑﻴﺎن زﻳﻔﻬﺎ واﻧﺤﺮاﻓﻬﺎ ،أو ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮل ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﻗﻄﺮ ﻣﺴﻠﻢ ،ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدي ﺗﺄوﻳﻞ ﻫﺬﻩ -1ﺳﻨﻦ اﻟﺘﺮﻣﺬي ،ﺑﺎب ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻟﺰوم اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ،٢٠٩٣/ وﻣﺴﺘﺪرك اﻟﺤﻜﻢ ،ﺑﺎب وﻣﻨﮭﻢ ﯾﺤﯿﻰ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻣﻄﺎع اﻟﻘﺮﺷﻲ ،ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ.٣٥٨/ 70
اﻟﻔﺘﺎوى إﻟﻰ ﻓﺴﺎد ﻋﻈﻴﻢ،ﻛﻘﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﺑﻌﺪم اﻟﻌﺬر ﺑﺎﻟﺠﻬﻞ ،أوﺑﻬﺠﺮ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ،ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ اﺳﺘﻐﻼل ﻫﺬﻩ اﻟﻔﺘﻮى ﻣﻦﺑﻌﺾ اﻟﺸﺒﺎب ﺣﺪﺛﺎء اﻷﺳﻨﺎن ،ﺿﻌﻴﻔﻲ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻨﻈﺮ ،ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻤﻦ ﻓﻌﻞﺑﻌﺾ اﻟﻤﺤﺬورات ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺟﻬﻼً ،ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ واﻟﺸﺮك،وﻳﺼﺪرون ﻫﺬﻩ اﻷﺣﻜﺎم ﺑﺎﻟﺘﻌﻤﻴﻢ واﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ،ﻓﺈذا ﺻﺪرت ﻓﺘﻮى ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﻓﻲﻗﻄﺮ ﻣﺎ ﻣﻦ أﻗﻄﺎر اﻹﺳﻼم ،ﻓﻴﺠﺐ ﻏﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎء أن ﻻ ﻳﻤﺮوﻫﺎ ﻣﺮور اﻟﻜﺮام ،ﺑﻞاﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪﻫﺎ واﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺆﺻﻞ وﻋﻠﻤﻲ ،وﻻ ﻳﻜﺘﻔﻰ ﺑﺘﺨﻄﺌﺘﻬﺎواﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻨﻬﺎ دون ﺗﻔﺼﻴﻞ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺻﺎر ﻗﺮﻳﺔ واﺣﺪة ،وﺣﺠﺐ ﻣﺜﻞﻫﺬﻩ اﻟﻔﺘﺎوى وﺣﺠﺮﻫﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺎس أﻣٌﺮ ﻣﺤﺎل ،ﻓﻼﺑﺪ إ ًذا ﻣﻦ ﺗﺒﻴﻴﻨﻬﺎ وﺗﻮﺿﻴﺤﻬﺎ،وﺑﻴﺎن ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺼﻮر ،وﻻﺑﺪ ﻣﻦ إﻧﺸﺎء ﻫﻴﺌﺔ أو ﻟﺠﻨﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻣﺆﻫﻠﺔ ﻟﻼﻋﺘﻨﺎءﺑﻬﺬا اﻟﺸﺄن واﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺎﻟﺮدود ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻔﺘﺎوى ،وإرﺳﺎل ﻫﺬﻩ اﻟﺮدود ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،واﻟﻤﻌﺎﻫﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،وﻧﺸﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻹﻋﻼﻧﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ . اﻷﺧﻼق واﻟﺴﻠﻮك:ﻣﻦ أوﺟﺐ اﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺼﺪرﻳﻦ ﻟﻺﻓﺘﺎء اﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺎﻷﺧﻼق واﻟﺴﻠﻮكاﻟﺤﺴﻦ ،ﻓﺎﻟﻔﻘﻴﻪ واﻟﻤﻔﺘﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺻﻔﺔ ﻫﻴﻨﺔ ،ﻓﻤﻦ اﺗﺼﻒ ﺑﻬﺎ وﺗﺴﻤﻰ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﺬا ،ﻓﻬﻮ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻔﻘﻬﺎء ﻛﺒﺎر وأﺋﻤﺔ أﻋﻼم ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﺻﻒ ،ﻓﻼﺑﺪ ﻟﻪ 71
ﻣﻦ اﻹﺧﻼص اﻟﺬي ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺎﻟﺤﻠﻢ واﻟﺼﺪق ،ﻗﺎﻟﺖ اﻣﺮأة ﻟﻤﺎﻟﻚ ﺑﻦدﻳﻨﺎر رﺣﻤﻪ اﷲ :ﻳﺎ ﻣﺮاﺋﻲ ،ﻓﻘﺎل :ﻳﺎ ﻫﺬﻩ وﺟﺪت اﺳﻤﻲ اﻟﺬي أﺿﻠﻪ أﻫﻞ اﻟﺒﺼﺮة!!!).(١ﻓﻠﻮ ﻗﻴﻠﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻲ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﻟﻮاﺣ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﻴﻦ واﻟﻮاﻋﻈﻴﻦ ،ﻣﺎذا ﺗﺮاﻩ ﻳﻘﻮل؟؟!!إن ﺛﻤﺮة اﻷﺧﻼق واﻟﺴﻠﻮك ﻫﻲ اﻟﺘﻲ رﻓﻌﺖ أوﻟﺌﻚ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،وﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻬﻢﻧﺠﻮًﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ،ﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﻘﻮل ﻗﺎل ﻓﻼن ﻛــ)ﻣﺎﻟﻚ واﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،واﻟﺜﻮري واﺑﻦﺳﻴﺮﻳﻦ واﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي ،واﻟﻔﻀﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻴﺎض ،واﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎرك وﻏﻴﺮﻫﻢ (......ﺣﺘﻰﻳُﺴﺘَﻤﻊ إﻟﻴﻚ ،وﻳُﺼﻐﻲ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﻮل ،وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﻬﻢ ﻳﺘﻬﻤﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ،وﻳﻌﺮﺿﻮن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺮآة اﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ،ﻧﻘﻞ أﺑﻮﻧﻌﻴﻢ ﻓﻲ \"اﻟﺤﻠﻴﺔ\" اﻟﺮواﻳﺔ ﻋﻦاﻟﻔﻀﻴﻞ اﺑﻦ ﻋﻴﺎض أﻧﻪﻛﺎن ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻘﻮل \" :ﻟﻮ ﻗﻴﻞ ﻟﻚ ﻳﺎ ﻣﺮاﺋﻲ ﻟﻐﻀﺒﺖوﺷﻖ ﻋﻠﻴﻚ وﺗﺸﻜﻮ ،ﻗﺎل ﻟﻲ ﻳﺎ ﻣﺮاﺋﻲ!! ،وﻋﺴﻰ ﻗﺎل ﺣﻘﺎً! ﻣﻦ ﺣﺒﻚ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ،ﺗﺰﻳﻨﺖ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ وﺗﺼﻨﻌﺖ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ،ﺛﻢ ﻗﺎل :اﺗﻖ ﻻ ﺗﻜﻦ ﻣﺮاﺋﻴﺎ وأﻧﺖ ﻻ ﺗﺸﻌﺮ،ﺗﺼﻨﻌﺖ وﺗﻬﻴﺄت ﺣﺘﻰ ﻋﺮﻓﻚ اﻟﻨﺎس ﻓﻘﺎﻟﻮا :ﻫﻮ رﺟﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻓﺄﻛﺮﻣﻮك وﻗﻀﻮا ﻟﻚ -1إﺣﯿﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﯾﻦ ،ﻟﻺﻣﺎم اﻟﻐﺰاﻟﻲ ،ج٢ص. ٢٧١ 72
اﻟﺤﻮاﺋﺞ ووﺳﻌﻮا ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻠﺲ ،وإﻧﻤﺎ ﻋﺮﻓﻮك ﺑﺎﷲ ،ﻟﻮﻻ ذﻟﻚ ﻟﻬﻨﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻫﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻔﺎﺳﻖ ﻟﻢ ﻳﻜﺮﻣﻮﻩ ،وﻟﻢ ﻳﻘﻀﻮﻩ وﻟﻢ ﻳﻮﺳﻌﻮا ﻟﻪ اﻟﻤﺠﻠﺲ).(١ وﻫﻢ ﻣﻊ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮى وﺻﻼح وإﻧﺎﺑﺔ وﺗﻘ ًﻰ ،وﻃﻮل ﻣﻘﺎم ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ، وﺧﻮف ﻣﻨﻪ وﻣﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ أﺛﺮ ﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎن اﻟﺜﻮري أﻧﻪ ﻛﺎن ﻻ ﻳﻨﺎم إﻻ أول اﻟﻠﻴﻞ ،ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻔﺾ ﻓﺰﻋﺎ ﻣﺮﻋﻮﺑﺎ ،ﻳﻨﺎدي اﻟﻨﺎر اﻟﻨﺎر!! ،ﺷﻐﻠﻨﻲ ذﻛﺮ اﻟﻨﺎر ﻋﻦ اﻟﻨﻮم واﻟﺸﻬﻮات ،ﺛﻢ ﻳﺘﻮﺿﺄ وﻳﻘﻮل ﻋﻠﻰ أﺛﺮ وﺿﻮﺋﻪ :اﻟﻠﻬﻢ إﻧﻚ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺤﺎﺟﺘﻲ، ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻠﻢ ،وﻣﺎ أﻃﻠﺐ إﻻ ﻓﻜﺎك رﻗﺒﺘﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ،إﻟﻬﻲ :إن اﻟﺠﺰع ﻗﺪ أرﻗﻨﻲ، وذﻟﻚ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺘﻚ اﻟﺴﺎﺑﻐﺔ ﻋﻠﻲ ،إﻟﻬﻲ :ﻟﻮ ﻛﺎن ﻟﻲ ﻋﺬر ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻣﺎ أﻗﻤﺖ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﻃﺮﻓﺔ ﻋﻴﻦ ،ﺛﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﻪ ،وﻛﺎن اﻟﺒﻜﺎء ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة ،ﺣﺘﻰ ﻗﻴﻞ إﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺴﻤﻊ ﻗﺮاءﺗﻪ ﻣﻦ ﻛﺜﺮة ﺑﻜﺎﺋﻪ).(٢ -1أﺑﻮ ﻧﻌﯿﻢ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻷﺻﻔﮭﺎﻧﻲ ،ﺣﻠﯿﺔ اﻷوﻟﯿﺎء وﻃﺒﻘﺎت اﻷﺻﻔﯿﺎء ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ،ﺑﯿﺮوت ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٨٨ ،م ،ج٣ص. ٣٦٤ -2اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ج٣ص ،١٧٥واﻧﻈﺮ -ﺻﻔﺔ اﻟﺼﻔﻮة ،ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺠﻮزي، ج١ص. ٣٣٦ 73
74
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ﰲ ﺃﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ 75
76
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺮاﺑﻊ :ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﻔﺘﺎوى ﻓﻲ أﻗﻄﺎر اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ: إن أﻗﻄﺎر اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻗﺪ ﺗﺒﺎﻋﺪت ،وﺗﺨﺘﻠﻔﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻣﻦ ﻗﻄﺮ إﻟﻰ ﻗﻄﺮ ،ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻣﺘﻔﻘﻮن ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ ،وﻋﺎﻣﺔ اﻟﻔﺮاﺋﺾ واﻟﺴﻨﻦ ،ﻳﺒﻘﻰ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻠ ًﺪا ﻋﻦ ﺑﻠﺪ، واﺧﺘﻼف اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت واﻵراء ،وﻫﺬﻩ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﺰداد أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ إذا ﻧﻈﺮﻧﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ \"ﻧﺘﺎﺟﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺎ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﺒﺮ اﻟﺰﻣﻦ ﺗﺼﻮرات وآراء ،وأﻳﻀﺎ ﻃﺮاﺋﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻗﺪ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ\")،(١ وﻫﺬﻩ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻹﻓﺘﺎء ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻗﻄﺎر اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ أﻣًﺮا ﻣﺴﺘﺤﻴﻼً ،أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻜﻔﺮ ،أو اﻟﺬﻳﻦ دﺧﻠﻮا ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷوروﺑﻴﺔ أو اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ،وﻓﻲ ﻛﻨﺪا وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻓﻬﺆﻻء ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ ﻓﻘﻪ ﺧﺎص ﺑﻬﻢ ،ﻓﻘﺪ ﻳﺠﻮز ﻓﻲ ﺣﻘﻬﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ،وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺣﻮاﻟﻬﻢ وﻇﺮوف ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،أﻣﺮ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻤﻔﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ . -1ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻧﺎﯾﻒ اﻟﺸﺤﻮد ،اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺑﯿﻦ أﺻﺎﻟﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ وآﻣﺎل اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،وزارة اﻷوﻗﺎف ،ﻗﻄﺮ٢٠٠٨ ،م ،ص. ٧٠ 77
ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻜﻔﺮ: ﻫﻨﺎك ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻳﺘﻤﺒﺰ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻜﻔﺮ ،وﻫﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺻﻌﻮﺑﺎت ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺠﺎﻟﻴﺎت اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد ،وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﻳﺤﺘﺮم ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد ،ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻔﺮﻳﻂ ﻓﻲ دﻳﻨﻪ ،وأن ﻳﺘﻖ اﷲ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎع ،ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﻻ ﺗﻜﻮن إﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻜﻔﺮ ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ ﺗﻀﻴﻴﻊ اﻟﺪﻳﻦ ،وﻓﺴﺎد اﻟﻌﻘﻴﺪة ،أﻣﺎ ﻣﺴﺎﻳﺮة أﻫﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻳﺎر ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﺑﻪ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،وﻓﻲ ﻫﺬا ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ \":ﻟﻮ أن اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﺪار ﺣﺮب أو دار ﻛﻔﺮ ﻏﻴﺮ ﺣﺮب ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺄﻣﻮراً ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻬﺪي اﻟﻈﺎﻫﺮ؛ ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻀﺮر ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﺤﺐ ﻟﻠﺮﺟﻞ أو ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺸﺎرﻛﻬﻢ أﺣﻴﺎﻧﺎً ﻓﻲ ﻫﺪﻳﻬﻢ اﻟﻈﺎﻫﺮ ،إذا ﻛﺎن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺼﻠﺤﺔ دﻳﻨﻴﺔ ،ﻣﻦ دﻋﻮﺗﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺪﻳﻦ ،واﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻦ أﻣﺮﻫﻢ ﻹﺧﺒﺎر اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺬﻟﻚ ،أو دﻓﻊ ﺿﺮرﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ\").(١ وﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻠﺨﺺ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺠﺎﻟﻴﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻜﻔﺮ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﻲ: -1أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻠﯿﻢ ﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ اﻟﺤﺮاﻧﻲ أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس ،اﻗﺘﻀﺎء اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢﻣﺨﺎﻟﻔﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﺠﺤﯿﻢ ،ﺗﺤﻘﯿﻖ -ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻔﻘﻲ ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ، اﻟﻘﺎھﺮة ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ١٣٦٩ ،م ،ص.١٧٧ 78
-ﻗﻠﺔ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ واﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺪﻋﻮﻳﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻀﻄﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺠﺎﻟﻴﺎتاﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻔﺮ ﻣﺴﺎﻓﺎت ﺑﻌﻴﺪة ،ﻗﺪ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻋﺸﺮات أو ﻣﺂت اﻟﻜﻴﻠﻮا ﻣﺘﺮات ،ﻟﺤﻀﻮر ﺧﻄﺒﺔ اﻟﺠﻤﻌﺔ ،أو ﻣﺤﺎﺿﺮة أو درس دﻳﻨﻲ . -ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻋﻠﻰ اﻷﻛﻞ اﻟﺤﻼل ،ﻟﻌﺪماﻫﺘﻤﺎم أﻫﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد ﺑﻄﻬﺎرة اﻷﻃﻌﻤﺔ ،ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﻋﺪم ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺘﺬﻛﻴﺔ اﻟﺬﺑﺎﺋﺢ ،واﺣﺘﻮاءﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﻃﻌﻤﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻮم اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ وﺷﺤﻮﻣﻪ. -ﻣﺸﺎﻋﺔ اﻻﺧﺘﻼط ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻨﺴﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﺒﺢاﺧﺘﻼﻃﻬﻤﺎ أﻣﺮ ﻣﺘﺤﺘﻢ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ ﻣﻨﻌﻪ ،وﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼط ﻣﻦ دون ﺿﻮاﺑﻂ ،وﻗﺪﻋﺎﻧﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا وﺑﺎﻷﺧﺺ ﻟﻠﻔﺘﻴﺎن ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﻤﺮاﻫﻘﺔ،وﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﻤﺎ دﻋﻰ أﺑﻨﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺪارسﺧﺎﺻﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺤﺪ ﻛﺜﻴًﺮا ﻣﻦ ﺗﺄﺛﺮ أﺑﻨﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺘﻠﻚ اﻷﻋﺮاف واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺪول اﻟﻜﺎﻓﺮة . -وﺟﻮد ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت اﻟﻤﺤﺮﻣﺔ ،وأﻟﻮان ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺐ اﻟﻤﺤﺮم ،ﻗﺪ ﻻﻳﺠﺪ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد ﻛﺎﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎ ،واﻟﻤﺘﺎﺟﺮة ﺑﺎﻟﺨﻤﻮر ،وﻟﺤﻮم اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ ،واﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﺎرات واﻟﻤﺮاﻗﺺ واﻟﻤﻼﻫﻲ . -اﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮم ﻛﺜﻴًﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت اﻟﺘﻲ ﻻ ﻏﻨﻰﻋﻨﻬﺎ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ،وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﺼﺮ ،ﺗﺠﺮﻳﻢ ﺿﺮب اﻟﻮاﻟﺪ ﻻﺑﻨﻪ ،ﺳﻮاء 79
أﻛﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ أو اﻟﺘﺄدﻳﺐ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ ﻋﺎدات اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﻢ ،ﻓﻲ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ\" ،واﺿﺮﺑﻮﻫﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻌﺸﺮ ..اﻟﺤﺪﻳﺚ\"). (١ -اﺗﻬﺎم اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺟﻤﺒًﻌﺎ ووﺻﻔﻬﻢ ﺑﺎﻹرﻫﺎب ،دون اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻦ اﻹﺳﻼم ﺑﺴﻤﺎﺣﺘﻪ ورﺣﻤﺘﻪ ،وﺑﻴﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﺘﻄﺮف اﻟﻤﺘﺸﺪد ،ﻣﻤﺎ رﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻼد أﻋﺒﺎءً ﻛﺜﻴﺮة ،ﻹﻇﻬﺎر اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻺﺳﻼم ،وإﺑﺮاز ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﺣﺔ وأﺧﻼق . ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻹﻓﺘﺎء اﻟﻌﺎم . ﻫﻨﺎك ﻗﻀﺎﻳﺎ وﻣﺴﺎﺋﻞ ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺐ ودب أن ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ، وﻻﺳﻴﻤﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ﺗﺘﻨﺎول اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻓﻬﺬﻩ ﻳﻨﺒﻐﻰ أن ﻻ ﻓﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ إﻻ اﻟﻌﻠﻤﺎء -1ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داوود ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺷﻌﯿﺐ ﻋﻦ أﺑﯿﮫ ﻋﻦ ﺟﺪه ،ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ﻣﺮوا أوﻻدﻛﻢ ﺑﺎﻟﺼﻼة وھﻢ أﺑﻨﺎء ﺳﺒﻊ ﺳﻨﯿﻦ واﺿﺮﺑﻮھﻢﻋﻠﯿﮭﺎ وھﻢ أﺑﻨﺎء ﻋﺸﺮ وﻓﺮﻗﻮا ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻀﺎﺟﻊ ،ﺑﺎب ﻣﺘﻰ ﯾﺆﻣﺮ اﻟﻐﻼمﺑﺎﻟﺼﻼة ،ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ ،٤١٨/واﻧﻈﺮ -ﺟﺎﻣﻊ اﻷﺻﻮل ﻓﻲ أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺮﺳﻮل ،ﻻﻣﺠﺪاﻟﺪﯾﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻌﺎدات اﻟﻤﺒﺎرك ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺠﺰري اﺑﻦ اﻷﺛﯿﺮ )اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ٦٠٦ :ھـ(،ﺗﺤﻘﯿﻖ -ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻷرﻧﺆو ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺤﻠﻮاﻧﻲ -ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﻤﻼح -ﻣﻜﺘﺒﺔ دار اﻟﺒﯿﺎن ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،اﻟﻔﺮع اﻷول ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮب واﻟﻜﻤﯿﺔ ،ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ. ٣٢٤٣/ 80
اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻮن ،ﺣﺘﻰ ﺗﺄﺗﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ واﻷﺣﻜﺎم ﻣﻔﻴﺪة ﺗﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻣﺔ ،وﺳﻴﺎﺳﺎتاﻟﺪوﻟﺔ ،وﺗﻌﻮد ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ﻋﻠﻰ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻓﻰ اﻟﺪول اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻳﺘﻢ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬااﻟﻤﺒﺪأ ﻗﺒﻞ إﺟﺮاء أى ﺣﻮار أو ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ،ﻓﻴﺘﻢ إﻋﺪاد اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻰ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺄن اﻟﺬي ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﺠﻤﻴﻎ ،وﻣﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﻔﻊ ﻟﻜﺎﻓﺔ أﻓﺮاد اﻟﻮﻃﻦ،ﻓﻬﺬا ﻳﺸﺎرك ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﺟﻤﻴﻌﺎً رﺟﺎﻻً وﻧﺴﺎءً ،ﺣﺘﻰ اﻟﺼﺒﻴﺎن ،ﻳﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲاﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻳﻘﻮل اﺑﻦ ﺳﺤﻨﻮن\" :إذا أﺟﺪب اﻟﻨﺎس ،واﺳﺘﺴﻘﻰ اﻹﻣﺎم ،ﻓﺄﺣﺐ ﻟﻠﻤﻌﻠﻢ أن ﻳﺨﺮج ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻌﺮف اﻟﺼﻼة ﻣﻨﻬﻢ،وﻟﻴﺒﺘﻬﻠﻮا إﻟﻰ اﷲ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء وﻳﺮﻏﺒﻮا إﻟﻴﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺑﻠﻐﻨﻲ أن ﻗﻮم ﻳﻮﻧﺲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻰﻧﺒﻴﻨﺎ وﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم -ﻟﻤﺎ ﻋﺎﻳﻨﻮا اﻟﻌﺬاب ﺧﺮﺟﻮا ﺑﺼﺒﻴﺎﻧﻬﻢ ،ﻓﺘﻀﺮﻋﻮا إﻟﻰ اﷲ ﺑﻬﻢ\"). (١ﻟﻜﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻹﻓﺘﺎء ،اﻟﻌﺎم ،ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ إﻻ اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﻤﺘﺒﺤﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ،اﻟﺬيﻳﺴﺘﺤﻖ ﻟﻘﺐ \"ﻋﺎﻟﻢ\" ،ﻷن ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻔﺘﺎوى ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺎ ﻋﺼﻤﺔ دﻣﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، وأﻋﺮاﺿﻬﻢ ،وأﻣﻮاﻟﻬﻢ . -1اﺑﻦ ﺳﺤﻨﻮن ،آداب اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻵﺛﺎر ،اﻟﻘﺎھﺮة١٩٨١ ،م ،ص.١١١ 81
وﻣﺎ ﻫﻮ ﺷﺄن ﻋﺎم ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ إﻻ ﻣﻦ أوﺗﻲ أﺳﺒﺎب اﻟﻌﻠﻢ ،وأﺧﺬ ﺑﺂﻟﻴﺎت اﻻﺟﺘﻬﺎد ،وﻛﺎن ﻟﻪ اﻃﻼع واﺳﻊ ﻋﻠﻰ أﺣﻮال اﻟﻨﺎس .ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻛﻬﺬﻩ ﻻ ﻳﺤﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻠﺪﻋﺎة واﻟﻮاﻋﻈﻴﻦ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻳَُﺬّﻛُﺮون اﻟﻨﺎس ﺑﺄﻣﻮراﻵﺧﺮة ،واﻟﻤﻮت واﻟﺤﺴﺎب واﻟﺠﺰاء ،واﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨﺎر ،ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻬﻢ اﻟﺘﺠﺮؤ ﻋﻠﻰاﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ،وﻣﻦ اﻟﻌﺠﺐ أن ﺗﺮى ﻣﻦ ﻳﺘﺠﺮؤ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻔﻴﺮاﻟﻨﺎس ﺣﻜﺎﻣﺎ وﻣﺤﻜﻮﻣﻴﻦ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ!!! ،وﻣﻦ ﻳﻘﻮل ﺑﻘﺘﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺼﺎة واﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ،ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ وأﻣﺎﻛﻦ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻐﻮﻏﺎء ،ﻣﻤﺎ ﻳﻔﺼﺢ ﻋﻦ وﺟﻮد ﻣﺆاﻣﺮةﺗﺴﺘﻬﺪف اﻷﻣﺔ واﻟﻨﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ ،وزرع اﻟﻀﻐﻴﻨﺔ ،وﺑﺚ روح اﻟﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻦ أﻓﺮادﻫﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻻﺳﻼم ،وﻧﺼﺮة اﻹﺳﻼم ،ﻓﻬﻞ ﺗﻔﻄﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻟﺬﻟﻚ؟؟؟ . اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺨﺎﺻﺔ .ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ أﺣﺎد اﻟﻨﺎس،وﺗﻜﻮن إﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدات أو اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت ،وﻫﺬﻩ أﻣﺮﻫﺎ أﺧﻒ وﻃﺌًﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚاﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ وﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺘﻮى ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺧﺎﺻﺔ،ﻛﺄﺣﻜﺎم اﻟﺼﻼة ،واﻟﺰﻛﺎة ،واﻟﺼﻮم واﻟﺤﺞ ،واﻟﻤﻌﺎﻣﻼت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ،واﻟﺤﺎل ﻫﺬﻩ ﻳﻘﺴﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﻗﺴﻤﻴﻦ) :ﻣﺠﺘﻬﺪ وﻣﻘﻠﺪ( . -اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻓﺮﺿﻪ ﻣﺎ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻇﻨﻪ ،وﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻪ أن ﻳﻘﻠﺪ ﻏﻴﺮﻩ . 82
-واﻟﻤﻘﻠﺪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﺗﺒﺎع أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ). (١ ﻓﻬﺬﻩ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺣﻜﺎم اﻟﻄﻬﺎرة وﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺣﻜﺎم وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻘﻞ ،ﻣﻦ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ،ﺷﺮﻳﻄﺔ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻨﻘﻞ ﻟﻜﻼم اﻟﻔﻘﻬﺎء ،ﺛﺎﺑﺘًﺎ وﻣﻮﺛًﻘﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ،أﻣﺎ ﻧﻘﻞ اﻟﻌﻮام اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻤﻴﺰون ﻓﻲ اﻷﺣﻜﺎم ،وﻻ ﻳﺤﺴﻨﻮن اﻟﺴﺆال وﻻ ﺿﺒﻂ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ،وﻻ ﻳﻔﺮﻗﻮن ﺑﻴﻦ اﻟﻜﺮاﻫﺔ واﻟﺤﺮﻣﺔ ،واﻟﻮﺟﻮب واﻟﻨﺪب ﻓﻼ ﻳﻘﺒﻞ ﻧﻘﻠﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺨﺎﺻﺔ ،وﻻ ﻳﻌﻮل ﻋﻠﻴﻪ . -1ﻋﻠﻲ اﻟﺼﻌﯿﺪي اﻟﻌﺪوي اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ،ﺣﺎﺷﯿﺔ اﻟﻌﺪوي ﻋﻠﻰ ﺷﺮح ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﻄﺎﻟﺐاﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ،ﺣﻘﯿﻖ ﯾﻮﺳﻒ اﻟﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ،دار اﻟﻔﻜﺮٍ ،ﺑﯿﺮوت١٤١٢ ،ھـ، ج١ص. ٣٦٤ 83
84
اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ . ﻓﻲ ﺧﺘﺎم ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺨﻠﺺ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎط اﻵﺗﻴﺔ: ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻷواﺋﻞ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ،ﻳﺘﻮرﻋﻮن ﻋﻦ اﻹﻓﺘﺎء،وﻳﺮون أﻧﻪ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ،وﻳﻜﺜﺮون ﻣﻦ ﻗﻮل ﻻ أدري ،ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻤﻮا ﻣﻦ ﻋﻈﻢ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺎﻧﺔ. ﺛﺒﺖ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻊ أن اﻟﻨﺠﺎح ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ اﻟﻮﺳﻄﻲ ،وأن اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲاﻻﻋﺘﺪال ،واﻟﻔﻼح واﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ ﺗﻘﻮى اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﻩ وﺧﻠﻘﻪ ،واﻟﺤﺮصﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ واﺟﺘﻤﺎع اﻟﻜﻠﻤﺔ ،أوﻟﻰ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﺮأي ﻣﻌﻴﻦ ،وأن اﻟﺸﺬوذ واﻹﻏﺮاب ﻓﻲ اﻟﻔﺘﻮى ،أﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﺠﺸﻤﻪ إﻻ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﻮ ًى ﻣﻔﺎرق ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ . إن اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﻤﺨﻠﺺ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻌﻠﻢ أن اﻟﻔﺘﻮى إﺧﺒﺎر ﻋﻦ اﷲ وﻋﻦ دﻳﻦاﷲ ،وﻫﺬا ﻳﺪﻓﻌﻪ إﻟﻰ دوام ﻣﺮاﻗﺒﺘﻪ ﻓﻲ أﻗﻮاﻟﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ ،ﻓﺈذا ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ أن ﻗﻮﻟﻪ ﻣﺨﺎﻟﻒﻟﻠﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،أو ﻟﻤﺎ ﺗﻘﺮر ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻓﺈن ﻋﻮدﺗﻪ ﻟﻠﺤﻖ أﻣﺮ ﻫﻴﻦ ،ﻷﻧﻪ إﻧﻤﺎ ﻗﺎل ﻣﺎ ﻗﺎل اﺑﺘﻐﺎء ﻟﻤﺮﺿﺎت اﷲ ،وﻟﻴﺲ ﻃﻠﺒﺎً ﻟﺸﻬﺮة وﻻ اﻧﺘﺼﺎراً ﻟﻨﻔﺴﻪ . اﻟﺸﺬوذ واﻹﻏﺮاب ﻓﻲ اﻹﻓﺘﺎء ﻣﻨﺸﺆﻩ أﻧﺼﺎف اﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻦ ،واﻟﻌﺎﻣﺔواﻟﻐﻮﻏﺎء ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،أﻣﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻮن ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺣﺮﻳﺼﻮن ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ وﺗﻤﺎﺳﻜﻬﺎ . 85
ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻔﺘﻮى ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ وﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷوﻗﺎت ﺳﻮاء ،ﻓﻤﺎ ﻳﻘﺎلﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﺎن ﻗﺪ ﻻ ﻳﻘﺎل ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ،وﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﻓﻲ ﻗﻄﺮ إﺳﻼﻣﻲ ،ﻗﺪ ﻻ ﻳﻘﺎل ﻓﻲﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻷﻗﻄﺎر ،ﻋﻼوة ﻋﻦ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻬﺎ اﻟﺠﺎﻟﻴﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻜﻔﺮ . اﺳﺘﺠﺪت ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﺟﺘﻬﺎد ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺔ،ووﺿﻊ اﻟﻔﺘﺎوى اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺎ ،وﻗﻄﻊ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺨﺒﻄﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﻮا ﻋﺎﻣﺔاﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺣﻴﺮة ،واﻟﺘﺒﺴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻨﻘﻞ اﻟﻤﺸﻮﻩ وﺗﺼﺪر ﻫﺆﻻء اﻟﻤﺘﺴﺮﻋﻴﻦ ﻟﻺﻓﺘﺎء . 86
اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﺗﻘﻲ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻣﻦﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷﺳﺎﺳﻲ واﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺛﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ اﻟﻤﺘﺨﺼﺺ ،ﻷن ﻏﺎﻟﺐ اﻟﺬﻳﻦﻳﻄﻴﺸﻮن ﺑﺎﻹﻓﺘﺎء ﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ اﻟﺸﺎﺑﺔ ،ﻓﺈذا أﻣﻜﻦ إﻋﺪاد ﻫﺆﻻء إﻋﺪا ًدا دﻳﻨﻴﺎ ﻣﺆﺻﻼً ﻣﺒﻨﻴًﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ ﺛﺎﺑﺘٍﺔ ،ﻓﺴﻴﺼﻠﺢ ﺣﺎﻟﻬﻢ . اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻛﻦ اﻵﺧﺮ وﻫﻮ اﻟﻤﺴﺘﻔﺘﻲ ،إذا أﻋﻴﺎﻧﺎ ﻋﻨﺎد اﻟﻤﻔﺘﻲ اﻟﺬيﻳﻔﺘﻲ ﺑﻐﻴﺮ ﺑﺼﻴﺮة ،وﻳﺘﺒﻊ ﻫﻮاﻩ ﺑﻐﻴﺮ ﻫﺪى ﻣﻦ اﷲ ،ﻓﻠﻨﺘﺠﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻔﺘﻲ وﻧﺠﺘﻬﺪﻓﻲ ﺗﺜﻘﻴﻔﻪ وﺗﻮﻋﻴﺘﻪ ﺑﺄن اﻟﻔﺘﻮى ﻻ ﺗﺆﺧﺬ إﻻ ﻣﻦ أﻫﻠﻬﺎ ،ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻞ ﺑﺄوﺻﺎف اﻟﻤﻔﺘﻲ ،وﻟﻢ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻴﻪ اﻷﻫﻠﻴﺔ ﻟﻠﻔﺘﻮى ،ﻓﻬﻮ ﻗﺪ ﻳﻀﻞ وﻳﻀﻞ . إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻨﺪوات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮب را ٍق وﻣﺘﻄﻮر ،ﻋﻠﻰ أﻳﺪي ﻋﻠﻤﺎء ﻛﺒﺎرﻟﻬﻢ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷوﺳﺎط اﻟﺸﺎﺑﺔ ،ﻟﻴﺒﻴﻨﻮا ﻟﻬﻢ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻓﻲ اﻟﺪﻋﻮة واﻹﺻﻼح . إﻧﺸﺎء ﻣﺮاﻛﺰ دﻳﻨﻴﺔ وﻣﻨﺘﺪﻳﺎت ﻓﻜﺮﻳﺔ ،ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺆﻻءاﻟﺸﺒﺎب ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ إﺣﺘﻮاؤﻫﻢ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﻠﻘﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻳﺪرس ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺤﺪﻳﺚواﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ،واﻟﻌﻠﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ اﻟﺼﺤﻴﺢ ،وﻓﻖ اﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ ﻗﺮرﻫﺎ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ . 87
اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ دور اﻟﻤﺴﺠﺪ ،واﻟﺨﻄﻴﺐ واﻟﻮاﻋﻆ ،وﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻮﻋﺎظواﻟﺨﻄﺒﺎء ﻟﻌﺪم ﻣﻌﺎدات ﻫﺬﻩ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺸﺎﺑﺔ ،ﺑﻞ ﻳﺤﺴﻦ أن ﻳﺘﻘﺮﺑﻮا إﻟﻴﻬﻢوﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻮا ﻫﻤﻮﻣﻬﻢ وﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ ،ﻷن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻳﻜﻮن ﻋﺒﺮ اﻟﻤﺤﺒﺔ واﻻﻗﺘﻨﺎع ،ﻓﺈذا ﻣﺎأﻗﻴﻤﺖ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺨﻄﻴﺐ واﻟﻮاﻋﻆ واﻹﻣﺎم ،ﻓﺴﻴﺼﺒﺤﻮن ﻋﺎﻣﻞ إﺻﻼح وﺟﺬب ﻟﻬﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﻳﻦ وﻗﻌﻮا ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻷﻗﻮال اﻟﺸﺎذة . اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﻨﻘﺎش ﻋﺒﺮ اﻹذاﻋﺎت اﻟﻤﺮﺋﻴﺔ واﻟﻤﺴﻤﻮﻋﺔ ،واﻧﺘﻘﺎءاﻟﺸﻴﻮخ واﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺆﺛﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﺳﻂ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺘﻬﻮﻳﻬﻢ اﻟﻜﻼم اﻟﺬي ﻳﺮﺳﻞ ﻋﺒﺮ ﻗﻨﻮات أﺧﺮى . وﺧﺘﺎﻣﺎ أرﺟﻮ ﻣﻦ ﻛﻞ أخ ﻓﺎﺿﻞ ﻳﻘﺮؤ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﻴﺐ أن ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻲﻓﻲ ﻇﻬﺮ اﻟﻐﻴﺐ ،وأدﻋﻮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﻳﻔﻴﺪﻧﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺠﻬﺪاﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ اﻟﺒﺴﻴﻂ ،وأن ﺗﺘﻀﺎﻓﺮ ﺟﻬﻮدﻧﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻹﻋﻼء ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺤﻖ،وﻻ ﻳﺨﻠﻮا ﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﻗﺼﻮر ﻓﺈن أﻛﻦ أﺻﺒﺖ ﻓﻤﻦ اﷲ وﺣﺪه ،وإن أﻛﻦ أﺧﻄﺄت ﻓﻤﻦ ﻧﻔﺴﻲ وﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن وأﺳﺄل اﷲ اﻟﺴﻼﻣﺔ . 88
89
90
اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ أوﻻً :اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ . ﺛﺎﻧﻴﺎً :اﻟﻜﺘﺐ: .١أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺧﻠﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﺑﻄﺎل اﻟﺒﻜﺮياﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺷﺮح ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎرى ﻻﺑﻦ ﺑﻄﺎل ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -أﺑﻮ ﺗﻤﻴﻢﻳﺎﺳﺮ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺮﺷﺪ ،اﻟﺮﻳﺎض ،،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ٢٠٠٣م. .٢أﺑﻮ ﺑﻜﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻬﺪي ،اﻟﻤﻌﺮوفﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺐ اﻟﺒﻐﺪادي ،اﻟﻔﻘﻴﻪ واﻟﻤﺘﻔﻘﻪ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -ﻋﺎدل ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﻌﺰازي ،دار اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ﺑﺎﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ،ﺳﻨﺔ ١٤١٧ﻫـ. .٣أﺑﻮ ﺑﻜﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻴﻦ اﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ،اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻜﺒﺮى ،ﻣﻄﺒﻌﺔ داﺋﺮة اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﻬﻨﺪ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٣٥٦ﻫـ . .٤أﺑﻮ زﻛﺮﻳﺎ ﻣﺤﻴﻰ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺷﺮف اﻟﻨﻮوى ،ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻷﺳﻤﺎءواﻟﻠﻐﺎت ﺗﺤﻘﻴﻖ -ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﻋﻄﺎ ،دار اﻟﻜﺘﺐ ،ﺑﻴﺮوت، ٢٠٠٤م.91
.٥أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ ،إﺣﻴﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﻳﻦ ،ﺗﻘﺪﻳﻢ وﺗﻌﻠﻴﻖ -ﻃﻪ ﻋﺒﺪاﻟﺮءوف ﺳﻌﺪ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺼﻔﺎ ،ﻃﺒﻌﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻨﻘﺤﺔ )ﺑﺪون ﺗﺎرﻳﺦ( . .٦أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻟﺒﺨﺎري ،ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري ،دار اﻟﺴﻼم ،ط.اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﺳﻨﺔ ١٤١٩ﻫـ . .٧أﺑﻮ ﻋﻤﺮ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ اﻟﻨﻤﺮي اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ،اﻻﻧﺘﻘﺎء ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت٢٠٠٠ ،م. .٨أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺪارﻣﻲ ،ﺳﻨﻦ اﻟﺪارﻣﻲ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻫﺎﺷﻢ ﻳﻤﺎﻧﻲ اﻟﻤﺪﻧﻲ ،اﻟﻨﺎﺷﺮ :ﺣﺪﻳﺚاﻛﺎدﻣﻰ ،ﺳﻨﺔ ١٤٠٤ﻫـ .ﺑﺎب ﻣﻦ ﻫﺎب اﻟﻔﺘﻴﺎ وﻛﺮﻩ اﻟﺘﻨﻄﻊ واﻟﺘﺒﺪع ،ﺣﺪﻳﺚ رﻗﻢ. ١٣٤/ .٩أﺑﻮ داود ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ اﻷﺷﻌﺚ اﻟﺴﺠﺴﺘﺎﻧﻲ ،ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داوود،اﻋﺘﻨﻰ ﺑﻪ :أﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪة ﻣﺸﻬﻮر ﺑﻦ ﺣﺴﻦ آل ﺳﻠﻤﺎن ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻌﺎرف ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ . .١٠أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ،اﻟﻤﺴﻨﺪ ،ﺷﺮﺣﻪ ووﺿﻊ ﻓﻬﺎرﺳﻪ: أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ ،دار اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ط.اﻷوﻟﻰ ،ﺳﻨﺔ ١٤١٦ﻫـ. 92
.١١أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻓﺮح اﻷﻧﺼﺎرياﻟﺨﺰرﺟﻲ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻷﺣﻜﺎم اﻟﻘﺮآن ،ﺗﺤﻘﻴﻖ-ﻫﺸﺎم ﺳﻤﻴﺮ اﻟﺒﺨﺎري ،دار ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺐ ،اﻟﺮﻳﺎض ،اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ٢٠٠٣ ،م .١أﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ ،ﺣﻠﻴﺔ اﻷوﻟﻴﺎء وﻃﺒﻘﺎتاﻷﺻﻔﻴﺎء ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٨٨ ،م. .٢اﺑﻦ ﺳﺤﻨﻮن ،آداب اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ،ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻵﺛﺎر ،اﻟﻘﺎﻫﺮة١٩٨١ ،م . .٣اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﺻﺤﺎب ،دار اﻟﻔﻜﺮ، دﻣﺸﻖ٢٠٠١ ،م. .٤اﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻲ ،ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ﺑﺸﺮح ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري ،دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﻴﺮوت.١٣٧٩ ، .٥اﺑﻦ ﻗﻴﻢ اﻟﺠﻮزﻳﺔ ،أﻋﻼم اﻟﻤﻮﻗﻌﻴﻦ ﻋﻦ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ،دار اﻟﺠﻴﻞ، ﺗﺤﻘﻴﻖ -ﻃﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮءوف ﺳﻌﺪ ،ﺑﻴﺮوت١٩٧٣ ،م. .٦أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻠﻴﻢ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﻟﺤﺮاﻧﻲ أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس ،اﻗﺘﻀﺎءاﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﺠﺤﻴﻢ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -ﻣﺤﻤﺪﺣﺎﻣﺪ اﻟﻔﻘﻲ ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ،اﻟﻘﺎﻫﺮة ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ١٣٦٩م. 93
.٧أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻘﺮي اﻟﻔﻴﻮﻣﻲ ،اﻟﻤﺼﺒﺎح اﻟﻤﻨﻴﺮ ﻓﻲﻏﺮﻳﺐ اﻟﺸﺮح اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻠﺮاﻓﻌﻲ ،اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت، ١٩٨٩م. .٨اﻟﺨﻄﻴﺐ اﻟﺒﻐﺪادي ،اﻟﻔﻘﻴﻪ واﻟﻤﺘﻔﻘﻪ ،ﺻﺤﺤﻪ اﻟﺸﻴﺦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﻷﻧﺼﺎري دار اﻹﻓﺘﺎء اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٣٨٩ﻫ. .٩اﻟﺼﺎدق اﻟﻐﺮﻳﺎﻧﻲ ،ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻟﻤﻨﻬﺞ ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﺑﻨﻐﺎزي٢٠٠٢ ،م. .١٠اﻟﻄﺎﻫﺮ اﻟﺰاوي ،ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤﻴﻂ ،ﻟﻠﻔﻴﺮوزأﺑﺎدي ،اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب ،ﻟﻴﺒﻴﺎ١٩٨٠ ،م. .١١اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻴﺎض ،ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻤﺪارك وﺗﻘﺮﻳﺐ اﻟﻤﺴﺎﻟﻚ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ-ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻟﺼﺤﺮاوي ،وزارة اﻷوﻗﺎف ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ، ١٩٨٣م. .١٢اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺒﺪ رب اﻟﻨﺒﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ رب اﻟﺮﺳﻮل اﻷﺣﻤﺪ ﻧﻜﺮي،دﺳﺘﻮر اﻟﻌﻠﻤﺎء أو ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻌﻠﻮم ﻓﻲ اﺻﻄﻼﺣﺎت اﻟﻔﻨﻮن ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت ٢٠٠٠ ،م. 94
.١٣أﻣﺠﺪ اﻟﺪﻳﻦ أﺑﻮ اﻟﺴﻌﺎدات اﻟﻤﺒﺎرك ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺠﺰري اﺑﻦاﻷﺛﻴﺮ )اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ٦٠٦ :ﻫـ( ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر اﻷرﻧﺆو ،ﻣﻜﺘﺒﺔاﻟﺤﻠﻮاﻧﻲ -ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﻤﻼح -ﻣﻜﺘﺒﺔ دار اﻟﺒﻴﺎن ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ، اﻟﻔﺮع. .١٤ﺑﺪر اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻬﺎدر ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺰرﻛﺸﻲ ،اﻟﺒﺤﺮاﻟﻤﺤﻴﻂ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﻔﻘﻪ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -د .ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺗﺎﻣﺮ ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﺮوت ٢٠٠٠م. .١٥ﺗﺎج اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺎﻓﻲ اﻟﺴﺒﻜﻲ ،ﻃﺒﻘﺎت اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔاﻟﻜﺒﺮى ﺗﺤﻘﻴﻖ) -د .ﻣﺤﻤﻮد ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﻨﺎﺣﻲ ،د.ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎحﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻠﻮ( ،ﻫﺠﺮ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ - ١٤١٣ﻫـ. .١٦ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﺘﺮﻛﻲ ،وزارة اﻟﺸﺌﻮن اﻹﺳﻼﻣﻴﺔواﻷوﻗﺎف واﻟﺪﻋﻮة واﻹرﺷﺎد ،اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ، ١٤١٨ﻫـ. .١٧ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪﺑﺪران ،اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ- 95
ﻣﺤﻤﺪ أﻣﻴﻦ ﺿﻨﺎوي ،دار اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٩٩٦م. .١٨ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﺸﻬﺮزوي أﺑﻮ ﻋﻤﺮو ،أدباﻟﻤﻔﺘﻲ واﻟﻤﺴﺘﻔﺘﻲ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -د .ﻣﻮﻓﻖ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ،ﻣﻜﺘﺒﺔاﻟﻌﻠﻮم واﻟﺤﻜﻢ ،ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﺐ – ﺑﻴﺮوت ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٤٠٧ ، ﻫـ. .١٩ﻋﻼء اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﺴﺎم اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﺘﻘﻲ اﻟﻬﻨﺪي اﻟﺒﺮﻫﺎن ﻓﻮري)اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ٩٧٥ :ﻫـ( ،ﻛﻨﺰ اﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺳﻨﻦ اﻷﻗﻮال واﻷﻓﻌﺎل،اﻟﻤﺤﻘﻖ :ﺑﻜﺮي ﺣﻴﺎﻧﻲ -ﺻﻔﻮة اﻟﺴﻘﺎ ،ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ١٤٠١،ﻫـ١٩٨١/م .٢٠ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻧﺎﻳﻒ اﻟﺸﺤﻮد ،اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻴﻦ أﺻﺎﻟﺔ اﻟﻤﺎﺿﻲ وآﻣﺎل اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،وزارة اﻷوﻗﺎف ،ﻗﻄﺮ٢٠٠٨ ،م. .٢١ﻳﻠﻘﻖ اﻟﺼﻌﻴﺪي اﻟﻌﺪوي اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ،ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﻌﺪوي ﻋﻠﻰ ﺷﺮحﻛﻔﺎﻳﺔ اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ،ﺣﻘﻴﻖ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ،دار اﻟﻔﻜﺮٍ،ﺑﻴﺮوت١٤١٢ ،ﻫـ. .٢٢ﻋﻠﻲ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﻤﺼﺮاﺗﻲ ،ﻧﻤﺎذج ﻓﻲ اﻟﻈﻞ ،ﻧﻤﺎذج ﻓﻲ اﻟﻈﻞ، وزارة اﻹﻋﻼم ،ﻃﺮاﺑﻠﺲ ،ﻟﻴﺒﻴﺎ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ١٩٧٨ ،م . 96
.٢٣ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺒﺎن ﺑﻦ اﺣﻤﺪ اﺑﻰ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺘﻴﻤﻴﻤﻰ اﻟﺒﺴﺘﻰ،اﻟﻤﺠﺮوﺣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ واﻟﻀﻌﻔﺎء واﻟﻤﺘﺮوﻛﻴﻦ ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -ﻣﺤﻤﻮد اﺑﺮاﻫﻴﻢ زاﻳﺪ ،اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻗﻔﻴﺔ٢٠٠٢ ،م. .٢٤ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ،ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ،دار اﻟﻌﻠﻢ ،ﺑﻴﺮوت، ٢٠٠١م. .٢٥ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺮم ﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ اﻟﻤﺼﺮي ،ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب، دار ﺻﺎدر ﺑﻴﺮوت ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ) ،ﺑﺪون ﺗﺎرﻳﺦ ﻃﺒﺎﻋﺔ( . .٢٦ﻣﺤﻤﺪ زﻛﺮﻳﺎ اﻟﻜﺎﻧﺪﻫﻠﻮي ،أوﺟﺰ اﻟﻤﺴﺎﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﻮﻃﺄ َﻣﺎﻟِﻚ، ﺗﺤﻘﻴﻖ -أﻳﻤﻦ ﺻﺎﻟﺢ ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ١٩٩٩ ،م . .٢٧ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺮﻓﻪ اﻟﺪﺳﻮﻗﻲ ،ﺣﺎﺷﻴﺔ اﻟﺼﺎوي ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮح اﻟﺼﻐﻴﺮ، ﺗﺤﻘﻴﻖ -ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﺶ ،دار اﻟﻔﻜﺮ ،ﺑﻴﺮوت. .٢٨ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﺜﻴﻤﻴﻦ ،اﻷﺻﻮل ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻷﺻﻮل ،دار اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي١٤٢٦ ،ﻫـ . .٢٩ﺧﻴﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻓﺎرس ،اﻷﻋﻼم،اﻟﺰرﻛﻠﻲ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ ،دار اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻤﻼﻳﻴﻦ ،اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮ ٢٠٠٢م. .٣٠ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮب اﻟﻔﻴﺮوزآﺑﺎدي ،اﻟﻘﺎﻣﻮس اﻟﻤﺤﻴﻂ ﻟﻠﻔﻴﺮوزآﺑﺎدي ،دار اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﻴﺮوت١٩٨٨ ،م . 97
.٣١إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻠﺨﻤﻲ اﻟﻐﺮﻧﺎﻃﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮﺑﺎﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ،اﻟﻤﻮاﻓﻘﺎت ،ﺗﺤﻘﻴﻖ -أﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪة ﻣﺸﻬﻮر ﺑﻦ ﺣﺴﻦ آل ﺳﻠﻤﺎن ،دار اﺑﻦ ﻋﻔﺎن ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ١٩٩٧ ،م. .٣٢اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺘﻮﻟﻲ اﻟﺸﻌﺮاوي أﻗﻮال ﻣﺄﺛﻮرة ،ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩﻟﻠﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ،اﻧﻈﺮ -ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺸﻌﺮاوي ،اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻗﻔﻴﺔ، اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ٢٠٠٢ ،م. ، .٣٣اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻳﻮﺳﻒ اﻟﻘﺮﺿﺎوي .ﻓﺘﺎوى ﻣﻌﺎﺻﺮة ،دار اﻟﻮﻓﺎء، اﻟﻤﻨﺼﻮرة١٩٩٣ ،م. .٣٤ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﺜﻴﻤﻴﻦ ،اﻟﺸﺮح اﻟﻤﻤﺘﻊ ﻋﻠﻰ زاد اﻟﻤﺴﺘﻘﻨﻊ ،دار اﺑﻦ اﻟﺠﻮزي ،اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ١٤٢٨ ،ﻫـ. .٣٥ﻳﻮﺳﻒ اﻟﻘﺮﺿﺎوي ،ﻓﻘﻪ اﻟﺰﻛﺎة ،ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺑﻴﺮوت، اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ٢٠٠١ ،م. ﺛﺎﻟﺜًﺎ :اﻟﻤﻘﺎﻻت واﻟﻔﺘﺎوى: .٣٦ﻓﺘﺎوى اﻹﺳﻼم ﺳﺆال وﺟﻮاب ،اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻤﻨﺠﺪ اﻟﻤﺼﺪر :ﺑﺈﺷﺮافwww.islam-qa.com : .٣٧ﻓﺘﺎوى إﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻷﺻﺤﺎب اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﺳﻤﺎﺣﺔ اﻟﺸﻴﺦﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﺑﺎز ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ 98
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
