تموت الأسد في الغابات جو ًعا ولحم الضأن تأكله الكــلاب وعبد قد ينام على حريـــر وذو نسب مفارشه التــراب ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب من راحة فدع الأوطان واغتـرب سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه وا ْن َص ْب فإن لذيذ العيش في النَّصب إني رأيت ركـود الـماء يفســده إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطبوالأسد لولا فراق الغاب ما افترست والسهم لولا فراق القوس لم يصب والشمس لو وقفت في الفلك دائمة لملَّها الناس من عجم ومن عـرب والتِّب ُر كالتُّـرب ُملقى في أماكنـه والعود في أرضه نوع من الحطب فإن تغ ّرب هـذا عـَ ّز مطلبـــه وإن تغرب ذاك عـ ّز كالذهــب سأضرب في طول البلاد وعرضها أنال مرادي أو أموت غريبـا فإن تلفت نفسي فلله درهــــا وإن سلمت كان الرجوع قريبا
اصبر على مـر الجفـا من معلم فإن رسوب العلم في نفراته ومن لم يذق مر التعلم ساعــة تجرع ذل الجهل طول حياته ومن فاته التعليم وقت شبابــه فكبر عليه أربعا لوفاتــهوذات الفتى والله بالعلم والتقى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته إذا نطق السـفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت فإن كلمته فـ ّرجت عنـه وإن خليته كـم ًدا يمـوتإن كنت تغدو في الذنـوب جليـ ًدا وتخاف في يوم المعاد وعيـدا فلقـد أتاك من المهيمـن عفـوه وأفاض من نعم عليك مزيـدالا تيأسن من لطف ربك في الحشا في بطن أمك مضغة ووليـدا لو شـاء أن تصلى جهنم خالـ ًدا ما كان أَ ْله َم قلبك التوحيــدا
فدعه ولا تكثر عليه التأسفا إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفًاففي الناس أبدال وفي الترك راحة وفي القلب صبر للحبيب وإن جفافما كل من تهواه يهواك قلبه ولا كل من صافيته لك قد صفافلا خير في ود يجيء تكلفا إذا لم يكن صفو الوداد طبيعةويلقاه من بعد المودة بالجفا ولا خير في خل يخون خليلهوينكر عيشا قد تقادم عهده ويظهر سرا كان بالأمس قد خفاسلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا توكلت في رزقي على الله خـالقي وأيقنـت أن الله لا شك رازقيوما يك من رزقي فليـس يفوتني ولو كان في قاع البحار العوامق سيأتي بـه الله العظـيم بفضلـه ولو لم يكن من اللسـان بناطقففي اي شيء تذهب النفس حسرة وقد قسم الرحـمن رزق الخلائقولا تعطين الرأي من لا يريده فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه
إذا المـرء أفشـى سـره بلسانـه ولام عليـه غيـره فهـو أحمـقإذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيـق لما عفوت ولم أحقد على أح ٍد أرحت نفسي من هم العداوات إني أحيي عدوي عند رؤيتـه أدفع الشر عنـي بالتحيـات وأظهر البشر للإنسان أبغضه كما أن قد حشى قلبي محبات الناس داء ودواء الناس قربهم وفي اعتزالهم قطع المـودات قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم إن الجـواب لبـاب الشـر مفتـاحوالصمت عن جاه ٍل أو أحم ٍق شرف وفيه أيضاً لصون العرض إصـلاحأما ترى الأسد تُخشى وهي صامتة؟ والكلب يخسى لعمري وهـو نبـاح يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة فأزيد حل ًما كعود زاده الإحراق طيبا
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء ولا تجـزع لحادثة الليالي فـما لحوادث الدنيا بقاء وكن رجلا على الأهوال َجل ًدا وشيمتك السماحة والوفاء وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرك أن يكون لها غطاء تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء ولا تُ ِر للأعادي قط ذلا فإن شماتة الأعدا بلاء ولا ترج السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماء ورزقك ليس ينقصه التأني وليس يزيد في الرزق العناء ولا حزن يدوم ولا سرور ولا بؤس عليك ولا رخاء إذا ما كنت ذا قلب قنوع فأنت ومالك الدنيا سواء ومن نزلت بساحته المنايا فلا أرض تقيه ولا سماء وأرض الله واسعة ولكن إذا نزل القضا ضاق الفضاء دع الأيام تغدر كل حين فما يغني عن الموت الدواءتعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديـعلو كان حبك صادقًا لأطعتـه إن المحب لمن يحب مطيـعفي كل يوم يبتديك بنعمــة منه وأنت لشكر ذاك مضيع
إن الملوك بـلاء حيثما حـلوا فلا يكن لك في أبوابهم ظــلماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا فاستغن بالله عن أبوأبهم كرمـًا إن الوقوف على أبوابهــم ذل ولرب نازلة يضيق لها الفتى ذر ًعا وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرجتعلم فليس المرء يولد عالـمــًا وليس أخو علم كمن هو جاهـلوإن كبير القوم لا علم عـنـده صغير إذا التفت عليه الجحافلوإن صغير القوم إن كان عال ًما كبير إذا ردت إليه المحـافـل علمي معي حيثما يممت ينفعني قلبي وعاء له لا بطـن صندوق إن كن ُت في البيت كان العلم فيه معي أو كنت في السوق كان العلم في السوق
ما حك جلدك مثل ظفرك فتـول أنت جميع أمرك وإذا قصدت لحـاجــة فاقصد لمعترف بفضلك نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بع ًضا عيانا إذا سبنـي نـذل تزايـدت رفعـة وما العيب إلا أن أكـون مساببـه ولو لم تكن نفسـي علـى عزيـزة مكنتها مـن كـل نـذل تحاربـه *** إ َذا ُر ْم َت أَ ْن تَحيَا سلي ًما ِم َن ال َّر َدى َو ِدينـُ َك َموفُو ٌر َو ِع ْر ُض َك صيّ ُن فَلا يَن ِطقَن ِم ْن َك اللسـان بِ َسوء ٍة فَكل َك َس ْو َءا ٌت وللنَّا ِس َأ ْل ُس ُن َو َع ْينَا َك إِ ْن أَ ْب َد ْت إِلَ ْي َك َم َعايبًا فَ َد ْع َهاَ ،وقُ ْل يَا َع ْي ُن للنَّا ِس أَ ْعيُ ُنَو َعا ِش ْر بِ َم ْع ُرو ٍف َو َسا ِم ْح َم ِن ا ْعتَ َدى َو َدافِ ْع َولَ ِك ْن بِالَّتِي ِه َي أ ْح َس ُن
ال َّد ْه ُر يَـو َما ِن َذا أ ْم ٍن و َذا َخ َط ٍر والعي ُش عيشا ِن ذا صفو وذا كد ُر أَ َما تَ َرى البح َر تَعلُو فوقه ِجيَ ٌف وتَ ْستَقِ ُّر بأ ْق َصى قـــا ِع ِه ال ُّد َر ُر ُُ وفِـي ال َّس َما ِء نجو ٌم لا عدا َد َل َها وليس يُك َس ُف إلا الشمس والقـمر أحب من الإخوان كل مـُ َواتـي وكل غضيض الطرف عن عثراتي يوافقني في كـل أمـر أريـده ويحفظني حيـًّ ُّا وبعد مماتـــي فمن لي بهذا؟ ليت أني أصبته لقاسمته مالـي من الحسـنــات تصفحت إخواني فكان أقلهم على كثرة الإخوان أه ُل ثـِقاتـــي إن الطبـيب بِطبه َو َدوائـِــه لا يستطيع د ِفـَاع مقــ ُدور ِ القـضى ما للطبيب يموت بالداء الذي قد كان يبرىء مثـله فيمـــا مضـىهلك ال ُم َدا ِوي وال ُم َدا َو َُى والذي َجلـَ َب ال ّدوا َء َوباعهُ َومن اشــتـَرى
ولما أتيت الناس أطلـب عندهـم أخـا ثقـ ٍة عنـد ابتـداء الشدائـد تقلبت في دهـري رخـاء وشـدة وناديت في الأحياء هل من مساعد؟ فلم أر فيما ساءني غيـر شامـ ٍت ولم أر فيما سرنـي غيـر جامـد !في مرضه الذي توفي فيه فقال له :كيف أصبحت يا أبا عبد الله ؟ دخل رجل على الإمام الشافعيفقال الشافعي :أصبحت من الدنيا راحلا ،و للإخوان مفارقًا ،و لسوء عملي ملاقيًا ،ولكأس المنيةشاربًا ،و على الله وار ًدا ،و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها ،أم إلى النار فأعزيها .ثم أنشد :يقول و لما قسا قلبي وضاقـت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفـوك سلـما تعاظمـني ذنبـي فلـمـا قرنتـه بعفوك ربي كان عفوك أعظـما فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود و تعفو منـة و تكـرمـا يُـري ُد ا ْل َم ْر ُء أَ ْن يُ ْعطَى ُمنَاهُ َويَـأْبَى ال َّلهُ إلاَّ َمـا أ َرا َدا يَقُو ُل ا ْل َم ْر ُء فَائِ َدتِي َو َمالي َوتَ ْق َوى ال َّلهِ أَ ْف َض ُل َما ا ْستَفَا َدا
تَ َغ َّر ْب َعن الأَ ْوطَا ِن في َطلَ ِب ا ْل ُعلا َو َسافِ ْر فَفِي الأَ ْسفَا ِر َخ ْم ُس فَ َوائِ ِد تَفَ ُّر ُج َه ٍّمَ ،وا ْكتِسا ُب َم ِعي َش ٍة َو ِعـ ْلـ ٌمَ ،وآ َدا ٌبَ ،و ُص ْحبَةُ َمـا ِجـدإ َذا لَ ْم أ ِج ْد ِخلاًّ تَقِيَّاً فَ ِو ْح َدتي ألَ ُّذ َوأ ْش َهى ِم ْن َغ ِو ٍّي أُ َعا ِش ُرهَوأَ ْجلِ ُس َو ْح ِدي لِ ْل ِعبَا َد ِة آ ِمناً أقَ ُّر لِ َعينِي ِم ْن َجلِي ٍس أُ َحا ِذ ُرهيَا َوا ِع َظ النَّا ِس َع َّما أ ْن َت فَا ِعلُهُ يَا َم ْن يُ َع ُّد َعلَ ْي ِه ال ُع ْم ُر بِالنَّفَ ِسا ْحفَ ْظ لِ َش ْيبِ َك ِم ْن َع ْيب يُ َدنِّ ُسهُ إ َّن البَيَا َض قَلِي ُل ا ْل َح ْم ِل لِل َّدنَ ِسَك َحا ِم ٍل لِثِيَا ِب النَّا ِس يَ ْغ ِسلُ َها َوثَ ْوبُهُ َغا ِر ٌق في ال ِّر ْج ِس َوالنَّ َجستَ ْبغي النَّ َجاةَ َولَ ْم تَ ْسلُ ْك َط ِريقَتَ َها إ َّن ال َّسفِينَةَ لاَ تَ ْج ِري َعلَى اليَبَ ِسُر ُكوبُ َك النَّ ْع َش يُ ْن ِسي َك ال ُّر ُكو َب َعلى َما ُك ْن َت تَ ْر َك ُب ِم ْن بَ ْغ ٍل َو ِم ْن فَ َر ِسَو َض َّمةُ القَ ْب ِر تُ ْنسي لَ ْيلَةَ ال ُعر ِس يَ ْو َم القِيَا َم ِة لاَ ما ٌل َولاَ َولَ ٌد
فَأ ْر َش َدنِي إلَى تَ ْر ِك الم َعاصي َش َك ْو ُت إلَى َو ِكي ٍع ُسو َء ِح ْف ِظي َونُو ُر ال َّلهِ لا يُ ْه َدى لِ َعا ِصي َوأ ْخــبَ َرنِي بـأَ َّن ال ِع ْل َم نُو ٌرلَ َعلِّي أ ْن أنَا َل به ْم َشفَا َع ْه أُح ُّب ال َّصالِ ِحي َن َول ْس ُت ِم ْن ُه ْمَولَ ْو ُكنَّا َسوا ًء في الب َضاع ْه َوأ ْك َرهُ َم ْن تِ َجا َرتُهُ ال َم َعا ِصيت َغ َّمدني بِنُ ْص ِح َك في ا ْنفِ َرا ِدي َو َجنِّ ْبنِي النَّ ِصي َحةَ في ا ْل َج َما َعهفَإِ َّن ال ّنُ ْص َح بَ ْي َن النَّا ِس نَ ْو ٌع ِم َن التَّ ْوبِي ِخ لا أ ْر َضى ا ْستِ َما َعه َوإ ْن َخالَ ْفتنِي َو َع َص ْي َت قَ ْولِي فَلاَ تَ ْج َز ْع إ َذا لَ ْم تُ ْع َط طَـا َعه
Search
Read the Text Version
- 1 - 12
Pages: