Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الفصل الرابع

الفصل الرابع

Published by Maged Mohamed, 2016-03-06 17:11:16

Description: الفصل الرابع

Search

Read the Text Version

‫الفصل الرابع‬ ‫أنا وانت‬‫* دخلت نوران الى شقتها ‪ ..‬شقة كبيرة مليئة بالؽرؾ وفى حى مميز ايضا ‪ ..‬تسكن فيها وحيدة‬ ‫دون اب او ام ‪ ..‬نوران فقدت ابويها عندما كانت فى سن الخامسة عشر ‪ ..‬لم يتبقى لها احد‬ ‫سوى اخيها الاكبر خالد‪.‬‬ ‫* أؼلقت الباب باحكام ودخلت فى حذر وبدلت ملابسها وهى هائمة فى بعض الافكار ‪ ..‬تفكر‬ ‫فى عملها ‪ ..‬فى سامى ‪ ..‬وفى زميلها الجديد اياد ‪ ..‬ذلك الشاب العبوس المكتئب الذى انكب‬ ‫على عمله منذ اليوم الاول بمنتهى ال ّجد ‪ ..‬كان ذلك يثير الجزء الاكبر من فضولها ‪ ..‬كانت‬ ‫تشعر بانه اتى لينشؽل بالعمل عن اشياء اخرى يريد نسيانها ‪ ..‬هى ليست متأكدة من ذلك قطعا‬ ‫ولكن تتذكر عندما سالته بإذا ماكان جاء الى المكتب من اجل المال وقاطعها فى عنؾ واخبرها‬ ‫انه لم يأتى من اجل ذلك ‪!! ..‬‬ ‫* قررت ان تنال قسطا بسيطا من الراحة وان لا تفكر فى كل تلك الاشياء بعد يوم عمل طويل‬ ‫وشاق ‪ ..‬جلست على سريرها ونظرت الى صورة على المنضدة التى بجواره ‪ ..‬صورة تجمع‬ ‫والديها وهما يبتسمان ‪ ..‬ق ّبلت الصورة فى رفق واحتضنتها بقوة قبل ان تضعها مرة اخرة على‬ ‫المنضدة وظلت تنظر اليها فى أسى ‪:‬‬ ‫‪\" -‬وحشتونى اوى ‪ ..‬بجد نفسى تكونوا معايا دلوقتى ‪ ..‬مفتقداكوا جدا يا أؼلى الناس\" ‪ ..‬ثم‬‫تمددت على فراشها و أؼمضت عيناها تدريجيا وبدات كل الافكار والمشاعر تتلاشى ‪ ..‬شعرت‬ ‫انها ارتاحت الان وأن التراخى بدأ يتسلل الى جسدها ‪ ..‬فخلدت الى النوم العميق فى هدوء‪.‬‬ ‫***********************‬

‫* استيقظت ريم على صوت هاتفها المحمول وهو يرن ‪ ..‬امسكت الهاتؾ ونظرت الى شاشته‬ ‫بأعين شبه مؽلقة تقريبا ‪ ..‬وجدت يوسؾ هو من يتصل ‪ ..‬ت ّحيرت قليلا ونظرت الى الساعة‬‫بالهاتؾ وجدتها العاشرة صباحا و تذكرت ان اليوم يوم اجازتها ‪ ..‬استجمعت تركيزها وجاوبت‬ ‫على الهاتؾ بصوت نائم ‪:‬‬ ‫‪\" -‬الو ‪ ..‬ايوة يايوسؾ خير ؟\"‪.‬‬ ‫\"لسة كنت نايمة اه ‪ ..‬فيه حاجة؟\"‪.‬‬ ‫\" طيب ماشى نتقابل مفيش مشاكل ‪ ..‬افوق واخد دش ونتقابل\"‪.‬‬ ‫\"بس هو فيه حاجة حصلت يعنى ؟\"‪.‬‬ ‫\"عايز تشوفنى ضرورى ؟!! ‪ ..‬خير\"‪.‬‬ ‫\"طيب ماشى ‪ ..‬ساعة كدة ونتقابل فى الكافيه اللى اتقابلنا فيه المرة اللى فاتت\"‪.‬‬ ‫\"ايوة اللى جنب شؽلى اه\"‪.‬‬ ‫\"خلاص سلام\"‪.‬‬ ‫* اندهشت ريم من تلك المكالمة الؽامضة من يوسؾ والتى قطعت نومها وراحتها ‪ ..‬فهى لم‬‫تعتاد ان يتصل بها يوسؾ فى ذلك الوقت المبكر من اليوم وفى يوم اجازتها ايضا‪ .‬بدات تستفيق‬ ‫رويدا رويدا ولم تشؽل بالها بذلك الامر ‪ ..‬ظنت ان يوسؾ سيحدثها عن شىء يخص اياد ونور‬ ‫مجددا ‪ ..‬فهذا هو حديث الساعة الان‪.‬‬ ‫* كان يوسؾ ينتظر فى المقهى منذ وقت مبكر ‪ ..‬يحاول ان يستجمع ماسيقول ويبدو عليه‬ ‫التوتر الشديد ‪\" - :‬هقولها وخلاص بقى ‪ ..‬انا عارؾ انها هتبقى مفاجأة ليها بس يارب تعدى‬ ‫على خير ‪ ..‬انا صبرت كتير وجه الوقت انى اتكلم ‪ ..‬هو دا الصح يايوسؾ ‪ ..‬ايوة انتا بتعمل‬ ‫الصح ‪ ..‬ليه تتوتر ‪ ..‬عادى جدا ‪ ..‬لازم اتكلم وانا واثق فى نفسى ومتهزش قدامها \"‬ ‫* ظل فى حديث مع نفسه لقرابة النصؾ ساعة ‪ ..‬كان وجهه يتلون بجميع الوان القلق‬‫والاضطراب ‪ ..‬ظل فى تلك الحالة شاردا ولم يكن منتبه على اى شىء حوله ‪ ..‬يحاول ان يرتب‬

‫ماسيقوله وكيؾ سيقوله ‪ ..‬حتى عندما جاءه عامل المقهى ليسأله عن طلباته لم يجاوبه فى البداية‬ ‫ثم اخبره بانه ينتظر شخص اخر وعندما ياتى سيطلبوا سويا‪.‬‬‫* دخلت ريم وهى فى احلى هيئة وتوجهت اليه مبتسمه فقطعت حالة الشرود التى سيطرت عليه‬ ‫منذ الصباح ‪ ..‬سلمت عليه فى ابتسامه وجلست سريعا ‪:‬‬ ‫‪ -‬خير بقى يا سى يوسؾ ‪ ..‬مش متعودة منك على التليفونات الصباحى دى وعايز تشوفنى‬‫كمان ‪ ..‬رؼم انه يوم اجازتى ومبحبش اصحى فيه بدرى بس مرضتش اكسفك ‪ ..‬قول بقى خير‬ ‫حصل حاجة ؟‬ ‫* لم يجبها يوسؾ وظل ينظر اليها فى اهتمام شديد ولم ترمش عينه وهو ينظر اليها ‪.‬‬ ‫* تعجبت ريم من نظراته المطولة فسألته ‪ - :‬مالك يابنى سرحان وبتبص ليا اوى كدة ليه ‪..‬‬ ‫ماتتكلم قلقتنى ؟‬ ‫‪ -‬ريم ‪ ..‬انا معجب بيكى !‬‫* اصاب الذهول ريم فجأة ‪..‬وكإن نزلت عليها صاعقة ‪ ..‬صمتت للحظات وكإن إنعقد لسانها ‪..‬‬ ‫لم تتوقع ابدا ما سمعت ‪ - :‬احم ‪ ..‬يعنى ‪ ..‬ازاى ‪ ..‬قلت ايه !!‬ ‫‪ -‬ريم ‪ ..‬انا معجب بيكى ‪ ..‬ومن زمان كمان ‪ ..‬من ايام الكلية ‪ ..‬بس أجلت الموضوع كتير‬ ‫ومرضتش اقولك حاجة ؼير لما اكون متأكد من مشاعرى ‪ ..‬وعموما انا مش هضؽط عليكى‬ ‫ولا هطلب منك رد دلوقتى ‪ ..‬انا حبيت بس اقول اللى جوايا واخلص ‪ ..‬وليكى كامل الوقت‬ ‫والحرية فى الرد ‪ ..‬وانا منتظر ومش مستعجل‪.‬‬ ‫‪ -‬ردت وهى مازالت فى صدمتها ‪ - :‬ايوة ‪ ..‬بس ‪ ..‬انا ‪..‬‬ ‫‪ -‬مش عايز رد دلوقتى قلتلك ‪ ..‬خدى كامل وقتك فى التفكير ‪ ..‬انا هتقبل قرارك ايا كان ‪..‬‬‫وصدقينى مش هزعل لو جه الجواب ؼير اللى بتمناه ‪ ..‬بالعكس اتمنى اننا نفضل اصدقاء دايما‪.‬‬ ‫‪ -‬ايوة يايوسؾ بس انتا فعلا فاجأتنى ‪ ..‬مش عارفة اقولك ايه ‪ ..‬يعنى اقصد انك عمرك ما‬ ‫ل ّمحتلى بحاجة زى دى !‬ ‫‪ -‬انتى عارفة شخصيتى ‪ ..‬مليش فى التلميح والكلام دا ‪. .‬بقول كلامى مباشرة وصريح ‪ ..‬انا‬ ‫كنت ناوى اقولك من كام اسبوع بس اللى حصل بين اياد ونور خلانى انشؽلت بأياد ومعرفتش‬ ‫اقولك حاجة ‪ ..‬دلوقتى اياد لقى شؽل وخلاص بدأ يقفل صفحة نور ويفكر فى نفسه ‪ ..‬يعنى بدأ‬ ‫يتحسن أقصد ‪ ..‬فقلت ان دا وقت مناسب ليا كمان انى اكمل سكتى واللى ناوى عليه ‪ ..‬وانا‬

‫قلتلك اهه ‪ ..‬وهسيبك براحتك تفكرى ‪ ..‬عن إذنك‪.‬‬ ‫* نهض يوسؾ وترك ريم فى حيرتها واندهاشها ‪ ..‬لم تحرك ساكنا وظلت تنظر الى الفراغ فى‬ ‫صمت ‪ ..‬كل مايدور فى عقلها هو كيؾ كان يوسؾ ذلك الجبل الذى لايحركه شيئا يمتلك‬ ‫مشاعر تجاهها !! ‪ ..‬هما اصدقاء منذ ‪ 5‬سنوات وعلاقتهم قوية جدا كأصدقاء ‪ ..‬وبالطبع هى‬ ‫على علاقة سرية بمحمد صديقهم الأخر ولا أحد يعلم عن تلك العلاقة شيئأ ‪ ..‬لم تتوقع ابدا ريم‬ ‫ان يكون يوسؾ معجب بها بأى درجة كانت ! ‪ ..‬هى ايضا لم تنظر اليه فى يوم من الايام تلك‬ ‫النظرة ‪ ..‬بمعنى انها لم ترى نفسها معه او انهم يكونوا ثنائى فى يوم من الايام ‪ ..‬شربت كوب‬‫الماء الموجود امامها لكى تستفيق من تلك الصدمة ‪ ..‬وبدأت فى الهمهمه سريعا ‪\" :‬هعمل ايه انا‬ ‫دلوقتى ؟؟ ‪ ..‬يوسؾ ‪ ..‬معجب بيا ! ‪ ..‬طب ومحمد ! ‪ ..‬أقوله ايه ! ‪ ..‬ويوسؾ ؟! ‪ ..‬هرد عليه‬ ‫ازاى واقوله ايه ! ‪ ..‬لا لا ‪. .‬انا محتاجة اهدى وافكر كويس ‪ ..‬انا ‪ ..‬ويوسؾ !!! \"‬ ‫************************‬ ‫* بدأ اياد فى الاعتياد على أجواء العمل المرهقة ‪ ..‬كان يستيقظ مبكرا جدا ويكون اول‬ ‫الواصلين الى المكان ‪ ..‬يلتقى باستاذ سامى الذى يخبره بمهامه يوميا ‪ ..‬كان ينصت اليه فى‬‫تركيز ويستسفسر عن كل صؽيرة وكبيرة حتى يتمكن من تأدية عمله على احسن وجه ‪ ..‬يذهب‬‫الى شركات كثيرة وفى اماكن بعيده ومعه الملفات والتقارير ‪ ..‬يقضى وقت اطول من نوران فى‬ ‫العمل ويؽادر بعدما هى تؽادر ومعها الاستاذ سامى ‪ ...‬اما استاذ ياسين صاحب المكتب فلم‬ ‫يظهر مرة اخرى منذ ان اجرى المقابلة لأياد ‪ ..‬فقط نوران وسامى واياد والسكرتيرة وعامل‬ ‫النظافة هم الموجودون يوميا ‪ ..‬وبالطبع ذلك الموظؾ صاحب الوجه المؽتم ‪ ..‬الذى كان يشكل‬ ‫علامة استفهام كبيرة فى راس اياد ‪ ..‬فلولا انشؽال اياد بعمله وانه لا يقضى وقتا طويلا داخل‬ ‫المكتب لكان واجه هذا الرجل منذ فترة طويلة وحاول التعرؾ عليه ‪ ..‬لكن للاسؾ لم تسنح له‬ ‫فرصه ‪..‬حتى الأن‪.‬‬‫* كانت نوران تقدم لاياد كل سبل العون ‪ ..‬كانت احيانا ترافقه فى بعض المشاوير الصعبة ‪ ..‬او‬ ‫التى تحتاج لخبرة اكبر فى الامور المالية ‪ ..‬كانت تلاحظ صرامته الشديدة فى العمل ‪ ..‬وانه‬ ‫قليل الحديث مع الاخرين ‪ ..‬حتى عندما يخرجوا سويا لا يتحدث سوى عن العمل ‪ ..‬وهى‬ ‫لاتتدخل فى امور اخرى وتسايره ‪ ..‬لك ّنها مازالت مصرة على فضولها ‪ ..‬تحاول ان تفك تلك‬ ‫الشفرة الصعبة التى يضعها اياد على عقله ‪ ..‬لا يوجد شخص يتحدث عن العمل بذلك الشكل‬ ‫المبالػ فيه طوال الوقت الا اذا كان يخفى شيئا !‬ ‫* فى احد الايام وصلت نوران مبكرا جدا الى المكتب ‪ ..‬كانت تريد ان تعلم متى ياتى اياد الي‬ ‫هنا ولماذا ياتى مبكرا ‪ ..‬توقعت ان تجده ‪ ..‬وصاب توقعها‪.‬‬

‫* وجدت باب المكتب مفتوح ويوجد فقط عم سليمان عامل النظافة يقوم باعداد الشاى ‪ ..‬القت‬ ‫التحيه عليه بابتسامتها المعتادة وسألته عن اياد ‪:‬‬ ‫‪ -‬عم سليمان صباح الخير ‪..‬‬‫‪ -‬عروستنا الحلوة ‪ ..‬صباح الفل والياسمين عليكى ياست نوران ‪ ..‬خير ايه اللى جاب حضرتك‬ ‫بدرى كدة ‪ ..‬مش عوايدك ؟‬ ‫‪ -‬أبدا صحيت بدرى ‪ ..‬قلت انزل بدرى كمان ‪ ..‬فيه حد جه ولا لسة !‬ ‫‪ -‬اه ‪ ..‬الاستاذ الجديد دا ‪ ..‬جه من نص ساعة تقريبا ‪ ..‬لقيته واقؾ على باب المكتب زى كل‬ ‫يوم مستنينى لما اجى وافتح المكتب‪.‬‬ ‫‪ -‬ياه !! ‪ ..‬هو بيجى كل يوم بدرى كدة ؟‬‫‪ -‬اه والله حضرتك انا مستؽربه جدا ‪ ..‬ولما سالته قال انه بيحب يشتؽل من بدرى ‪ ..‬قلتله مفيش‬ ‫داعى يجى بدرى اوى كدة لان كدة كدة المكتب بيبقى مقفول وانا باجى الساعة ‪ 7‬وممكن يجى‬ ‫هو على ‪ 7‬ونص لكن برضه مفيش فايدة وجيت لقيته النهاردة برضه‪.‬‬ ‫‪ -‬مممم ‪ ..‬طيب انا هخش اشوفه ‪ ..‬هو فى الأوضة الكبيرة صح ؟‬ ‫‪ -‬ايوة مظبوط ‪ ..‬الاوضة التانية هتتشطب النهاردة وتقدروا تنقلوا فيها من بكرة إن شاء الله‪.‬‬ ‫‪ -‬دى حاجة جميلة ‪ ..‬يلا بقى كوباية النسكافيه بتاعتى وابعتهالى عالاوضة ‪.‬‬ ‫‪ -‬اوامرك ياست الكل‪.‬‬ ‫* قرعت نوران الباب فى هدوء ‪ ..‬ثم دخلت ووجدت اياد يجلس فى منتصؾ الطاوله وامامه‬ ‫ورق وملفات كثيرة يتفحصها بأهتمام ‪:‬‬ ‫‪ -‬صباح الخير ‪..‬‬ ‫‪ -‬صباح النور‪.‬‬ ‫‪ -‬قلت اجى مرة بدرى يمكن اجى قبلك لكن مفيش فايدة ‪.‬‬ ‫‪ -‬انا هنا من ‪ 6‬ونص كل يوم ‪ ..‬مفتكرش تقدرى تيجى قبلى ‪..‬‬

‫* جلست امامه ولكنه لم ينظر اليها وكان منكبا على اوراقه ‪ - :‬طب ممكن اعرؾ بتيجى بدرى‬ ‫اوى كدة ليه ‪ ..‬انتا بتتعب نفسك اوى فى الشؽل كل يوم وبتقعد بال ‪ 01‬وال ‪ 00‬ساعة !‬ ‫* جاوبها وهو مازال ينظر الى الاوراق ‪ - :‬بحب الصحيان بدرى ‪ ..‬ومعنديش حاجة تانية‬ ‫اعملها فى البيت ‪ ..‬يبقى الاحسن انى أشتؽل ‪.‬‬ ‫* لاحظت نوران انه لم يهتم بمجيئها ‪ ..‬وانه حتى لا ينظر اليها ‪ ..‬شعرت بالاحراج قليلا ‪:‬‬ ‫‪ -‬شكلى كدة معطلاك ‪ ..‬عموما ربنا يوفقك ‪.‬‬ ‫‪ -‬شكرا‪.‬‬ ‫نهضت نوران وهى تشعر بالاحباط من ان محاولتها لفتح باب للكلام بائت بالفشل ‪ ..‬فذهبت‬ ‫ابتسامتها التى كانت ترافقها منذ الصباح ‪ ..‬وقبل ان تخرج تحدثت اليه مرة أخرى ولكن بنبرة‬ ‫صوت جافة‪:‬‬‫‪ -‬بالمناسبة ‪ ..‬من بكرة هتشتؽل فى الاوضة بتاعتك إن شاء الله ‪ ..‬وعلى كمبيوتر وكل حاجة ‪..‬‬ ‫يعنى عشان شؽل الورق دا خلاص كفاية عليه كدة‪.‬‬ ‫نظر اليها اخيرا واجاب فى شىء من الاهتمام ‪ - :‬طب كويس ‪ ..‬انا برضه تعبت من شؽل‬ ‫الورق دا ‪ ..‬متهيألى الشؽل عالكمبيوتر هيسهلى حاجات كتير ‪.‬‬ ‫نظرت اليه ولم ترد ‪ ..‬فقط اكتفت بالنظر الى اعينه وكانها تحاول ان تسأله \" لماذا تعاملنى‬ ‫بتلك الطريقة التى لم اعتادها من احد من قبل ؟ ‪ ..‬لماذا انت هكذا ؟\"‬ ‫لاحظ اياد انها بقيت واقفه عند باب الؽرفة وتنظر اليه بشكل ؼريب ‪..‬فتكلم ‪ - :‬خير فيه حاجة‬ ‫تانية عايزة تقوليها ‪ ..‬؟‬ ‫‪ -‬لا ‪. .‬ابدا ‪ ..‬مفيش حاجة ‪ ..‬هسيبك لشؽلك‪.‬‬ ‫* ؼادرت نوران الؽرفة وهى فى حاله من الضيق ‪ ..‬الموقؾ لم يكن لطيفا ‪ ..‬فان تتحدث‬ ‫لشخص بأهتمام ويجيبك بكل هذا البرود دون ان ينظر اليك حتى فهو شىء به الكثير من عدم‬ ‫الاحترام ‪ ..‬شعرت وكانها هى من تحاول التحدث معه مثل كل مرة ‪ ..‬ومازال هو واقفا خلؾ‬‫ذلك الجدار الذى يزيد ارتفاعا كل يوم ‪ ..‬بدأت تتضايق من تلك المعاملة وذلك الاسلوب الؽليظ‬ ‫‪.‬‬

‫* عندما خرجت وجدت عم سليمان بمسك بصينية الشاى متوجها نحو الؽرفة ويسألها ‪ - :‬ايه‬ ‫ياستاذة مش هتشربى النسكافيه فى الاوضة ؟‬ ‫‪ -‬لا ياعم سليمان ‪ ..‬هشربه هنا فى الاستقبال وخلاص ‪ ..‬الجو فى الاوضة خنقة ‪ ..‬وكدة كدة‬ ‫بقضى وقت كبير جوا طول اليوم ‪ ..‬فممكن اتخنق‪.‬‬ ‫‪ -‬طيب ‪ ..‬على راحتك ‪ ..‬اوصيلك عالفطار معايا بقى مدام جيتى بدرى‪.‬‬ ‫‪ -‬لا ‪ ..‬مليش نفس ‪ ..‬يعنى قصدى مش دلوقتى‪.‬‬ ‫‪ -‬لا إزاى بقى ياست الكل ‪ ..‬ماينفعش تفطرى متاخر ‪ ..‬انا هنزل اهه اجبلك سندوتشين فول‬ ‫هيفوقوكى وانا كمان هفتح نفسك واكل معاكى ‪ ..‬ايه رأيك ؟‬ ‫‪ -‬خلاص ‪ ..‬ماشى ‪ ..‬تسلم ياعم سليمان‪.‬‬ ‫‪ -‬لا العفو على ايه ‪ 01 ..‬دقايق وهكون جايب الاكل وجاى مش هتاخر عليكى ‪.‬‬ ‫‪ -‬استنى ‪ ..‬طب واياد ‪ ..‬اكيد مفطرش ‪ ..‬هاتله معانا والنبى‪.‬‬ ‫‪ -‬أه صحيح ‪ ..‬تصدقى نسيته ‪ ..‬اصلا هو اول مرة جه هنا بدرى سالته ياكل معايا او لا قالى‬‫مبفطرش ! ‪ ..‬حسيته كدة نفسيته وحشة وشخص كئيب مسالتوش تانى ‪ ..‬بس حرام برضه لازم‬ ‫ياكل ‪ ..‬هجبله معانا حاضر‪.‬‬ ‫‪ -‬شكرا ياعم سليمان‪.‬‬ ‫*ؼادر عم سليمان المكتب لياتى بالفطور ‪ ..‬وجلست نوران لتشرب النسكافيه فى الكرسى امام‬‫مكتب الاستقبال ‪ ..‬كانت مازالت تفكر وتكلم نفسها ‪\" :‬ؼريب اوى اياد دا ‪ ..‬بيشتؽل ليل نهار فى‬‫شؽلانة شكله مبيحبهاش ‪ ..‬ومابياكلش ولا بيتكلم مع حد هنا ‪ ..‬وحاد جدا فى تعامله مع الناس ‪..‬‬ ‫استاذ ياسين جايبلنا واحد ؼامض ماشاء الله ‪ ..‬مش كفاية اللى عندنا !\"‬ ‫* خرج اياد من الؽرفة وقطع وصلة الافكار اللتى كانت فى عقل نوران وكان متجها الى‬ ‫الخروج من المكتب ‪ ..‬م ّر امام نوران ولم ينظر اليها حتى ‪ ..‬مازال يستفزها بتصرفاته ‪..‬‬ ‫فاستوقفته ‪ - :‬خير ‪ ..‬على فين كدة ؟‬ ‫استدار لها واجاب فى جفاء ‪ - :‬نازل اشترى علبة سجاير‪.‬‬

‫اندهشت نوران قليلا ‪ - :‬سجاير ؟؟ ‪ ..‬مكنتش اعرؾ انك بتدخن ‪ ..‬يعنى قصدى طول الاسبوع‬ ‫دا مشفتكش بتشرب سجاير ابدا !‬ ‫‪ -‬فعلا مكنتش بشرب ‪ ..‬بس زهقت ‪ ..‬وبدأت اشرب من امبارح ‪ ..‬يعنى عشان اقدر اكمل‬ ‫الشؽل بنفس ‪ ..‬حاجة تسلينى وخلاص ‪ ..‬عن إذنك‪.‬‬ ‫* زادت علامات الاستفهام عند نوران بسبب هذا الشاب ‪ ..‬ظلت تحدث نفسها ‪ \":‬انتا فعلا‬ ‫انسان ؼريب ‪ ..‬بتشرب سجاير عشان تتسلى ! ‪ ..‬هى السجاير دى حاجة تتسلى بيها ! ‪ ..‬اعمل‬ ‫اللى يريحك ‪ ..‬دى صحتك انتا ‪ ..‬انا مالى يعنى\"‬ ‫* خرج اياد من المكتب واستقل المصعد ‪ ..‬وعندما وصل الى الدور الارضى وانفتح الباب ‪..‬‬ ‫وجد ذلك الرجل الؽامض الذى يعمل معهم بنفس المكتب كان بانتظار وصول المصعد حتى‬‫يدخل ‪ ..‬نظر اليه اياد للحظات وهو يخرج ‪ ..‬ولكن الرجل لم ينظر اليه مطلقا ‪ ..‬وكانه لا يعرفه‬ ‫‪ ..‬بالرؼم من انهم يتصادفون داخل المكتب كثيرا ‪ ...‬ظل اياد يتعقبه حتى دخل الرجل المصعد‬ ‫وضؽط على زر الصعود ‪ ..‬هنا فقط نظر اليه ذلك الرجل قبل ان ُيؽلق الباب ‪ ..‬نظر اليه ‪..‬‬ ‫وابتسم !!!‪.‬‬ ‫***********************‬ ‫* استيقظت ريم وهى مازالت تقاوم النوم ‪ ..‬امامها يوم طويل ‪ ..‬وعمل كثير يجب ان ينتهى‬ ‫اليوم ‪ ..‬تثائبت لمرة او اتنين قبل ان تنهض من الفراش ولكنها نهضت فى نهاية الامر ‪ ..‬فى‬ ‫الحقيقة هى لايشؽلها كثيرا امر العمل بقدر مايشؽلها ذلك الكلام الذى قاله يوسؾ ذلك اليوم ‪..‬‬ ‫مازالت تتذكر المشهد كل بضع دقائق ‪ ..‬تجاهلت عدة مكالمات من محمد فى اليومين الماضيين‬‫وتهربت من مقابلته كثيرا ‪ ..‬لا تعرؾ ماذا تقول ‪ ..‬لم تخبر احدا من اهلها ايضا ‪ ..‬مازالت تفكر‬ ‫فى الامر ‪ ..‬او تحاول اقناع نفسها بذلك ‪ ..‬ولكن فى الواقع فأنها تائهة وؼير قادرة على التفكير‬ ‫واتخاذ قرار ‪ ..‬تعلم انه لابد من اخبار محمد بذلك الامر اولا ‪ ..‬ولكنها تخشى من ردة فعله ‪..‬‬ ‫ولكن فى نفس الوقت لا تستطيع الكتمان أكثر من ذلك ‪..‬‬ ‫* حضرت لنفسها الفطور وبجانبها هاتفها ‪ ..‬تنظر اليه كل دقيقة ‪ ..‬تمسكه تارة وتتركه تارة‬ ‫اخرى ‪ ..‬تشعر بالتردد والقلق ‪ ..‬ولكنها تجرأت اخيرا ‪ ..‬امسكت الهاتؾ واتصلت بمحمد ‪- :‬‬ ‫\"ايوة يامحمد ازيك؟\"‬ ‫\" معلش كنت تعبانه شوية‪\".‬‬‫\"لا مفيش حاجة خطيرة متخافش ‪ ..‬بس انا لازم اشوفك ضرورى ‪ ..‬فيه حاجة لازم احكيهالك‪\".‬‬

‫\"لا ‪ ..‬بلاش الكافيه ‪ ..‬خلينا نتكلم فى النادى احسن\"‬ ‫\"تمام ‪ ..‬كمان ساعة هكون هناك ‪ ..‬هأجهز اهه ‪ ..‬سلام \"‬‫************************‬ ‫* صعد عم سليمان بالاكل الى المكتب ‪ ..‬وتوجه الى ؼرفة الاجتماعات حيث تجلس نوران ‪..‬‬ ‫نقر الباب و دخل ‪:‬‬‫‪ -‬احلى اكل بقى للناس الحلوة بتاعتنا ‪ ..‬اتفضلى ياست الكل ‪ 4 ..‬سندويتشات اهم ليكى وللاستاذ‬ ‫‪ ..‬الا هو فين صحيح ؟‬ ‫‪ -‬حطه هنا ياعم سليمان ‪ ..‬شكرا ‪ ..‬اياد نزل ‪ ..‬بيجيب حاجة من السوبر ماركت وجاى‪.‬‬ ‫‪ -‬طب ماقليش ليه كنت جبتهاله ؟؟‬ ‫‪ -‬مش مشكلة بقى ‪ ..‬هو شكله بيحب يخدم نفسه بنفسه ‪ ..‬خليه على راحته ملناش دعوة‪.‬‬ ‫‪ -‬زى ماتشوفى حضرتك ‪ ..‬تؤمرى بحاجة تانية ؟‬ ‫‪ -‬لا ‪ ..‬تسلم‬ ‫‪ -‬بالهنا والشفا ‪.‬‬ ‫‪ -‬شكرا ‪..‬‬ ‫*خرج عم سليمان واؼلق الباب ‪ ..‬وظلت نوران لثوانى تتفحص بعض الورق امامها ‪ ..‬ثم‬ ‫ام ّدت يدها لتبدأ فى تناول الطعام ‪ ..‬ولكنها توقفت وقالت لنفسها ‪ \" :‬متهيألى مش لذيذة لو كلت‬ ‫ومستنتوش ‪ ..‬يعنى انا طالباله معايا ‪ ..‬وهو اكيد زمانه جاى ‪ ..‬استناه ‪ 5‬دقايق مش مشكلة\" ‪..‬‬ ‫واعادت الاكل الى الطبق مرة اخرى فعلا وانتظرت حتى ياتى اياد‪.‬‬ ‫* عاد اياد مرة اخرى الى المكتب بعد ان اشترى السجائر ‪ ..‬واثناء توجهه الى ؼرفة‬‫الاجتماعات تصادؾ ان راى ذلك الشخص العابس ‪ ..‬يتجه الى الخارج حاملا بعض الملفات فى‬ ‫يده ‪ ..‬فاستوقفه اياد سريعا ‪ - :‬معلش ‪ ..‬يا استاذ ‪.‬‬

‫نظر اليه الرجل فى جمود ولم يتكلم ‪ ..‬فتابع اياد ‪ - :‬حضرتك شؽال معانا هنا فى المكتب صح‬ ‫؟‬ ‫اجابه فى جفاء شديد ‪ - :‬انتا شايؾ ايه ؟‬ ‫اندهش اياد من الرد الذى اثار حفيظته ‪ ..‬ولكنه تابع كلامه فى هدوء ‪ - :‬معلش بس انا مش‬ ‫بشوفك بتتكلم مع حد خالص ومعرفش حضرتك شؽال ايه بالظبط مع انى عرفت كل الناس فى‬ ‫المكتب ‪ ..‬اسؾ يعنى لو بتطفل ‪ ..‬بس حابب اعرؾ بجد مين حضرتك ؟‬ ‫‪ -‬مش هيفرق معاك فى حاجة لو عرفت ‪ ..‬كفاية تعتبرنى زميل عمل ‪ ..‬اسمى رمزى ‪ ..‬وانا‬ ‫مساعد سامى ‪ ..‬قصدى الاستاذ سامى ‪ ..‬وعن اذنك بقى عشان لازم انزل اصور الورق دا‪.‬‬‫* خرج الرجل من المكتب تاركا اياد خلفه يشعر بالاستياء من هذا الاسلوب فى الكلام ‪ ..‬ولكنه‬ ‫لم يكترث كثيرا ‪ ..‬ودخل الى الؽرفة‪.‬‬ ‫* مجرد مادخل الى الؽرفة ونظر الى طبق الاكل الذى امام نوران تفاجأ قليلا ‪ ..‬فهو لم يعتد ان‬ ‫يراها تتناول الفطور فى المكتب !‪ ..‬نظرت اليه نوران فى ابتسامه ‪:‬‬ ‫‪ -‬انا قلت انتا اكيد مفطرتش ‪ ..‬خليت عم سليمان يطلبلك اكل معايا ‪..‬‬‫بدأت ملامح الضيق تظهر على وجه اياد ‪ ..‬وذهب ليجلس فى اخر الطاولة بعيدا عن نوران ‪- :‬‬ ‫معلش ‪ ..‬بس انا مش متعود اكل الصبح بدرى كدة ‪ ..‬كلى انتى بالهنا والشفا ‪.‬‬ ‫استنكرت نوران ما حدث وحاولت ان تستفهم ‪ - :‬ليه بس !! ‪ ..‬انا ملاحظة انك من ساعة‬ ‫ماجيت هنا وانتا مابتكلش طول اليوم ! ‪ ..‬دا ؼلط ‪.‬‬ ‫رد اياد فى شيئا من الانفعال ‪ - :‬دى حاجة خاصة بيا انا ‪ ..‬معلش يعنى انا متعود على كدة ‪.‬‬ ‫نظرت اليه نوران فى شيئا من الؽضب ‪ ..‬كانت مستاءة من اسلوبة وطريقته التى يعاملها بها‬‫منذ اليوم الاول ‪ ..‬فابعدت الطبق بيدها الى منتصؾ الطاولة ‪ - :‬خلاص براحتك انا كمان ماليش‬ ‫نفس ‪ ..‬انا قلت ناكل سوا يعنى ‪ ..‬نفتح نفس بعض فى اول اليوم قبل مانبدأ شؽل ‪ ..‬بس يظهر‬ ‫انك مبتبحبش تاكل مع حد‪.‬‬ ‫أحس اياد انها تضايقت فحاول ان يصيػ كلماته بشكل افضل ‪ - :‬مش كدة ‪ ..‬بس انا اصلا مش‬‫متعود افطر بدرى اوى كدة ‪ ..‬ممكن على نص اليوم اكل حاجة ‪ ..‬كلى انتى ملكيش دعوة بيا ‪..‬‬ ‫انا ورايا شؽل كتير ومحتاج اخلصه ‪ ..‬وعندى كام مشوار لسة هروحهم ‪ ..‬هبقى اكل حاجة فى‬

‫الطريق‪.‬‬ ‫‪ -‬خلاص براحتك ‪ ..‬انا كمان شوية وهاكل ‪ ..‬يعنى مليش نفس دلوقتى ‪ ..‬هبدأ اشتؽل كمان‬ ‫عشان ورايا حاجات كتير ‪ ..‬لو عوزت اى حاجة أسالنى ‪.‬‬ ‫‪ -‬حاضر‪.‬‬‫* بدأ أياد سريعا فى فتح الملفات امامه والانكباب عليها بشكل كبير ‪ ..‬لكن نوران كانت لا تزال‬‫تنظر اليه فى تعجب ‪ ..‬لا تعرؾ ماذا تشعر بالتحديد ‪ ..‬هل هى ؼاضبة منه ‪ ..‬ام خائفة عليه ؟!‬ ‫************************‬ ‫* ظلت ريم جالسة دون ان تنظق بكلمة امام محمد لقرابة العشر دقائق ‪ ..‬وهو كان يشرب‬ ‫العصير الخاص به وينظر اليها فى تعجب ‪ ..‬كانت شاردة لدرجة بعيدة ‪ ..‬وكانها لا تشعر‬ ‫بوجود محمد امامها ‪ ..‬تنظر الى الفراغ وهى تضع يدها على خدها ‪.‬‬‫* انتهى محمد من شرب العصير ‪ ..‬ووضع الكوب بقوة على الطاولة املا فى ان يلفت ذلك نظر‬ ‫ريم ‪ ..‬ولكنها لما تنتبه اطلاقا ‪ ..‬فبدأ يلوح بيده امام عينيها ليسرقها من شرودها ‪ -:‬ايه ‪..‬‬ ‫روحتى فين كدة ‪ ..‬بقالى ربع ساعة قدامك وانتى قاعدة ساكته وسرحانة ‪ ..‬ماتخلصينى يابنتى‬ ‫ايه الحاجة الضرورية اللى عايزة تحكيها ؟‬ ‫‪ -‬محمد ‪ ..‬فيه حاجة حصلت معايا من كام يوم وخبتها عنك ‪ ..‬لانى مكنتش عارفة اقولهالك‬ ‫ازاى ‪ ..‬وخفت من ردة فعلك ‪ ..‬مش عارفة ‪ ..‬بس حسيت انى لازم اقولك ‪.‬‬‫اعتدل محمد فى جلسته وتحدث فى قلق ‪ - :‬ايه يابنتى وؼوشتينى‪ ..‬خير ايه حصل ‪ ..‬ماتنطقى ؟‬ ‫‪ -‬يوسؾ ‪..‬‬ ‫‪ -‬ماله ؟؟ ‪..‬‬ ‫‪ -‬قابلنى من كام يوم ‪ ..‬وقالى انه معجب بيا !‬‫صمت محمد لثوانى ‪ ..‬وبدت عليه الصدمة ‪ ..‬لكنه سيطر على ردة فعله وتحدث فى نبرة واثقة‬ ‫‪:‬‬

‫‪ -‬يوسؾ ! ‪ ..‬معجب بيكى !! ‪ ..‬أمممم ‪ ..‬وانتى قلتيلوا ايه بقى ؟‬ ‫‪ -‬معرفتش ارد ‪ ..‬هو قالى انه هيدينى فرصة أفكر بس انا بجد مش عارفة ‪ ..‬مش عارفة افكر‬ ‫ولا عارفة ارد اقوله إيه ‪ ..‬احنا اصحاب من زمان ‪ ..‬ومش عايزة أخسره ‪ ..‬يعنى خايفة‬ ‫الموضوع دا يأثر على العلاقة بينى وبينه بعد كدة‪.‬‬‫بدأ محمد فى الخروج عن هدوئة والتحدث بصوت عالى ‪ - :‬وليه تخسريه ياريم ‪ ..‬ماتقوليله انك‬ ‫كمان معجبة بيه وخليه يتقدملك وتتجوزوا ‪ ..‬وبكدة ماتخسريهوش ! ‪ ..‬اخسرينى انا احسن !‬ ‫‪ -‬ايه بس اللى بتقوله دا يا محمد ‪ ..‬اهدى كدة وماتتعصبش والنبى ‪ ..‬انتا عارؾ انا متعلقة بيك‬ ‫قد ايه واللى بينا كبير اوى وانا بحترمه جدا مهما كان ‪ ..‬مش معقول عشان يوسؾ قالى الكلام‬‫دا معناه انى بفكر حتى اكون معاه ‪ ..‬انا كل اللى كان شاؼلنى هو انتا ‪ ..‬وازاى هتتقبل الكلام دا‬ ‫لما احكيهولك ‪ ..‬كنت خايفة من ردة فعلك ‪ ..‬وفى الاخر ت ّسمعنى كلمتين ملهمش لازمة برضه‬ ‫!!‬ ‫عاد محمد الى توازنه مرة اخرى وهو يقول ‪ - :‬طيب خلاص انا اسؾ ‪ ..‬انتى معاكى حق ‪..‬‬ ‫بس انا مش هتحمل انك انتى كمان تضيعى منى !!‬ ‫نظرت اليه ريم فى تعجب قبل ان يحاول محمد توضيح الأمر ‪ - :‬قصدى يعنى انى مش عايز‬ ‫اخسرك ‪ ..‬مش حاجة تانية والله‪.‬‬‫‪ -‬فاهمه يا محمد ‪ ..‬المهم دلوقتى انك تشوفلك شؽلانة احسن من اللى انتا فيها دى وتشترى شقة‬ ‫بسرعة بقى عشان تتقدملى ‪ ..‬احسن بابا مش راحمنى وكل يومين يلزقلى عريس وانا ارفض‬ ‫واماطل واتحجج بيك ‪..‬‬ ‫زاد التوتر عند محمد وقال ‪ - :‬طب اعمل ايه ياريم مانتى شايفة الحال واقؾ ومع ذلك انا مش‬ ‫ساكت وبدور ‪ ..‬ربنا يوفق ‪. .‬المهم انتى هتردى على يوسؾ تقوليله ايه ؟‬ ‫‪ -‬مش عارفة ‪ ..‬انا بفكر فى الرد من ساعة ماقابلته وقالى الكلام دا ‪ ..‬لكن هلاقيلى صرفة ‪..‬‬ ‫وهحاول مجرحش مشاعره برضه ‪ ..‬المهم انتا متزعلش‬‫‪ -‬طيب حاضر ‪ ..‬انا مش عارؾ طلعلنا منين سى يوسؾ دا ‪ ..‬ولا عالبال ولا عالخاطر ‪ ..‬اخر‬ ‫حاجة كنت اتوقعها انه يكون معجب بيكى ‪ ..‬المهم انتى لما تردى عليه ماتجبلوش سيرتى‬ ‫خالص ‪.‬‬ ‫‪ -‬لا طبعا أكيد ‪ ..‬انا عارفة كدة كويس ‪ ..‬هو لو سألنى عن الاسباب هقوله بحب واحد تانى‬ ‫وخلاص ‪ ..‬ولو أصر هقوله دا سر خاص بيا يعنى ‪ ..‬متخافش محدش هيعرؾ ‪ ..‬المهم انتا‬

‫انجز حالك كدة عشان نخلص احنا كمان بقى ‪.‬‬ ‫تنهد محمد فى مرارة وقال ‪ - :‬ماشى ياريم ‪ ..‬ماشى ‪.‬‬ ‫**************************‬ ‫* بدأت عقارب الساعة تقترب من الثامنة مساءا ‪ ..‬ومازال والد اياد ينظر اليها فى قلق ‪..‬‬ ‫وزوجته بدات هى الاخرى تلاحظ ذلك القلق ‪ ..‬فسألته فى ريبة ‪:‬‬ ‫‪ -‬مالك يا أحمد ‪ ..‬عينك عالساعة كل شوية !!‬ ‫‪ -‬يعنى انتى مش عارفة ‪ ..‬اياد اتأخر زى كل يوم ‪ ..‬هو مش المفروض بيخلص ‪ .. 4‬ايه اللى‬‫بيأخره كدة كل يوم ‪ ..‬وبيجى زى القتيل وبينام مبعرفش اقعد معاه دقيقتين على بعض ‪ ..‬وبينزل‬ ‫الصبح قبلينا كمان ‪ ..‬دا ؼلط على صحته‪.‬‬ ‫‪ -‬معاك حق ‪ ..‬انا كمان اتحايلت عليه كتير انه ياكل لقمة عالاقل بعد مايجى ‪ ..‬لكن بيخش ينام‬ ‫على طول ‪ ..‬وبيصحى بدرى عالشؽل ‪ ..‬ولما بكون صاحية وبلحقه بقوله احضرلك الفطار‬ ‫بيقولى مستعجل وهتأخر ‪ ..‬وانه بيفطر فى الشؽل ‪ ..‬انا محبيتش أضؽط عليه ‪ ..‬بس هو باين‬ ‫عليه بيتعب اوى ياعينى ‪ ..‬انا خايفة برضه يحصله حاجة من الشؽل الكتير دا‪.‬‬ ‫‪ -‬طب ماتكلميه ياحجة انتى وحاولى تقنعيه ان كدا مش صح ‪. .‬وان الشؽل زيادة عن اللزوم‬‫برضه مش صح ‪ ..‬كدة او كدة هو بياخد مرتب بسيط باعتبار دى اول شؽلانة ‪ ..‬انا مش عايزه‬ ‫يضيع صحته من البداية كدة !‬ ‫‪ -‬حاضر هكلمه ‪ ..‬انتا متضايقش ‪ ..‬هو زمانه جاى ‪ ..‬ولما يشوفك موجود اكيد هياكل معانا ‪..‬‬ ‫‪ -‬انا عرفت اخد إذن بالعافية والله ‪ ..‬قلت لازم اجى واشوفكوا بقى ونتعشى سوا كلنا ‪ ..‬بقالى‬ ‫كام يوم انا كمان باجى متاخر وما بلحقش اشبع منكوا ‪..‬‬ ‫‪ -‬ربنا يخليك لينا ومايحرمناش منك ‪..‬‬ ‫* قطع حديثهم صوت المفتاح يدخل فى باب الشقة ‪ - :‬اهو اياد وصل اهه يا حج ‪..‬‬

‫* دخل اياد وكان باديا عليه الارهاق والتعب الشديد ‪ ..‬رمى المفتاح فى وهن على المنضده‬ ‫وخلع حذاءه والجاكيت ‪ ..‬واتجه الى ؼرفته ‪:‬‬ ‫‪ -‬مساء الخير يابابا ‪ ..‬مساء الخير ياماما‪.‬‬ ‫انتفضت والدته من على الكنبة لتتفقد حالته ‪ ..‬وبدأت تتحسس خديه وجبهته فى قلق ‪ - :‬ايه يا‬ ‫اياد ‪ ..‬مالك يابنى ‪ ..‬باين عليك تعبان اوى ولونك مخطوؾ ؟؟‬ ‫اجابها فى صوت مرهق ‪ - :‬يعنى ‪ ..‬عشان اشتؽلت كتيرالنهاردة واليوم كان طويل ‪ ..‬عن‬ ‫إذنكوا هخش انام بقى‪.‬‬ ‫نهض الوالد ايضا وتحدث اليه فى عطؾ ‪ - :‬يابنى كدة ؼلط على صحتك ‪ ..‬كلك لقمة معانا‬ ‫طيب ‪ ..‬ماينفعش تنام كدة على طول !!‬ ‫‪ -‬لا يابابا منا كلت ‪ ..‬يعنى كلت مع زمايلى فى الشؽل ‪ ..‬مفيش داعى ‪ ..‬انتوا كلوا بالهنا والشفا‬ ‫‪ ..‬عن إذنكوا‪.‬‬‫مشى فى طريقه الى ؼرفته بصعوبة ‪ ..‬وكان واضحا حتى من خطواته المتعرجه انه فى حالة لا‬‫يرثى لها ‪ ..‬دخل الى الؽرفة واؼلق الباب بروية ‪ ..‬نظرت الأم الى زوجها وتحدثت فى خوؾ ‪:‬‬ ‫‪ -‬انا مش مستريحة يا أحمد ‪ ..‬اللى بيعملوا فى نفسه كدة كتير ‪ ..‬شايؾ بقى حاله عامل ازاى‬ ‫من اسبوع شؽل بس !‬ ‫‪ -‬عندك حق يا أم اياد ‪ ..‬الوضع كدة بقى خطر ‪ ..‬عموما انا هتكلم معاه بكرة لما يجى ‪..‬‬ ‫وهحاول اتفاهم معاه‪.‬‬ ‫‪ -‬طيب ‪ ..‬احضرلك الاكل بقى ‪ ..‬خليك تاكل لقمة قبل ما تنام انتا كمان‪.‬‬ ‫‪ -‬اه اعمليلنا العشا ‪ ..‬خلينا ناكل احنا ‪ ..‬هو حر بقى‪.‬‬ ‫‪ -‬طيب ‪ ..‬ثوانى وهاجهز الأكل‪.‬‬ ‫* ذهبت الزوجة الى المطبخ لإحضار الطعام ‪ ..‬بينما عاد الأب الى مجلسه مرة اخرى ‪ ..‬وظل‬‫ينظر الى ؼرفة اياد وبابها المؽلق ‪ ..‬وهو يشعر بالقلق والخوؾ على حالة ابنه ‪ ..‬نعم هو يريده‬ ‫ان يعمل ويجتهد ويبذل العرق فى شبابه حتى يفتخر به ‪ ..‬ولكنه مثل اى أب ‪ ..‬لايريد لابنه‬ ‫المشقة والتعب ! ‪ ..‬يشعر بانه له يد فى تلك الحالة اللتى وصل اليها اياد ‪ ..‬فهو من ضؽط عليه‬‫بشدة حتى يجد اى عمل يكسب منه قوط يومه ‪ ..‬حتى لو كان عملا مرهقا ولا يحبه ‪ ..‬لا يعرؾ‬

‫إذا كان هذا الشعور فى محله أم لا ‪ ..‬ولكنه متأكد بان اياد ليس مرتاحا فى ذلك العمل الجديد !‬ ‫* مع اول نسمات الصباح ‪ ..‬وبعد عدة دقائق من أذان الفجر ‪ ..‬يبدأ صوت المنبه فى هاتؾ اياد‬ ‫فى الرنين ‪ ..‬هذا يعنى انها اصبحت الخامسة والنصؾ صباحا ‪ ..‬موعد الاستيقاظ والأستعداد‬ ‫للذهاب الى العمل ‪ ..‬فى العادة كان اياد ينهض سريعا مع اول صوت ‪ ..‬ولكن هذه المرة ‪..‬‬ ‫كان النوم أقوى قليلا ‪ ..‬والجسد فى وضع الخمول التام ‪ ..‬ادرك اياد صوت المنبه ‪ ..‬ولكنه لا‬ ‫يستطيع ان يمد يده ويؽلقه ‪ ..‬بالكاد يستطيع ان يفتح عيناه ‪ ..‬ظل الهاتؾ فى الرنين ‪ ..‬واياد‬ ‫يقاوم التعب شيئا فشيئا حتى نجح أخيرا فى ان يستفيق ‪ ..‬اؼلق المنبه ونظر الى الساعة ‪ ..‬ثم‬ ‫وضع الهاتؾ على الطاولة مرة اخرى ‪ ..‬بدأ فى الإعتدال على السرير لكى ينهض ولكنه شعر‬ ‫بدوار قليل ‪ ..‬وكإن هناك شيئا ثقيل جدا فوق راسه ‪ ..‬امسك بها بقوة بيديه وحاول ان يضؽط‬ ‫عليها ليذهب ذلك الدوار ‪ ..‬ثم نهض بصعوبة ودخل الى الحمام لكى يؽسل وجهه ومن ثم يؽير‬ ‫ملابسه ويذهب الى العمل ‪.‬‬ ‫****************************‬ ‫* وصلت نوران مبكرا الى المكتب ‪ ..‬وساعدت مع عم سليمان فى تحضير الشاى وفطروا‬‫سويا ‪ ..‬ولكنها لاحظت ان اياد لم يأتى مبكرا مثل كل يوم فدفعها الفضول لسؤال عم سليمان ‪- :‬‬ ‫صحيح ياعم سليمان ‪ ..‬هو صاحبنا دا مجاش بدرى زى كل يوم ليه ؟‬‫‪ -‬انا كمان استؽربت ياست هانم لما جيت وفتحت المكتب ومالقيتوش واقفلى عالباب زى المخبر‬ ‫زى كل مرة ‪ ..‬قلت يمكن ربنا هداه وهيجى النهاردة فى معاده‪..‬‬‫‪ -‬اممم ‪ ..‬ممكن برضه ‪ ..‬اصلا انا امبارح مشيت ‪ 5‬وكان هو لسة موجود !! ‪ ..‬هو روح امتى‬ ‫كدة ؟‬ ‫‪ -‬مشى معايا ‪ ..‬وانا بقفل المكتب ‪ ..‬يعنى على حدود الساعة ‪ 7‬كدة‪.‬‬‫‪ -‬يااه ‪ ..‬قعد كل دا !! ‪ ..‬انا مش فاهمة الانسان دا مابيريحش أبدا !! ‪ ..‬يعنى ماشاء الله ربنا يديله‬‫الصحة ماقلتش حاجة ‪ ..‬بس عمرى ماشفت حد كدة ‪ ..‬بيفكرنى بحد كنت عارفاه ايام الجامعة ‪..‬‬‫كان دحيح اوى وبيقعد فى الجامعة لحد المؽرب وبيحضر كل المحاضرات ‪ ..‬كنا كلنا مستؽربين‬ ‫ان فيه حد لسة بيجتهد كدة ‪. .‬بس برضه ماشاء الله نجح بامتياز وربنا كرمه بشؽل كويس ‪..‬‬ ‫رد بسخرية ‪ - :‬جايز يكون دا اخوه ولا حاجة يا ست نوران ‪ ..‬الطبع واحد !‬ ‫‪ -‬ههههههههه ‪ ..‬معاك حق والله ‪ ..‬ممكن برضه ‪.‬‬

‫‪ -‬انا هسيبك تكملى الشؽل بقى ‪ ..‬صحيح انتوا هتنقلوا للاوضة الجديدة النهاردة على الضهرية‬‫كدة ‪ ..‬الناس فاضلهم بس تركيب الكوالين بتاعة الباب والادراج وهيسلمونى مفاتيح ال ‪ 3‬مكاتب‬ ‫اللى فى الاوضة ‪ ..‬وبعديها تقدرو تنقلوا إن شاء الله‪.‬‬ ‫‪ -‬خلاص تمام إن شاء الله‪.‬‬‫* دخل اياد الى المكتب بخطوات بطيئة ‪ ..‬كان يفرك جبهته باصابعه من شدة الالم ‪ ..‬كان يشعر‬ ‫بصداع شديد ‪ ..‬ولا يستطيع ان يفتح عيناه تماما ‪ ..‬ويرى خيالات امامه ‪..‬‬ ‫رأى عم سليمان حالته فحاول ان يطمئن عليه ‪ - :‬خير يا استاذ اياد ‪ ..‬انتا كويس ؟؟‬ ‫أجابه بصوت متألم ‪ - :‬انا كويس ياعم سليمان مفيش حاجة ‪ ..‬دايخ شوية بس ‪ ..‬ممكن كوباية‬ ‫مية ؟؟‬ ‫‪ -‬أه طبعا ‪..‬‬ ‫أحضر له كوب الماء سريعا ‪ ..‬شربه اياد وتنهد فى وجع ‪ - :‬معلش بقى هتعبك معايا ياعم‬ ‫سليمان ‪ ..‬تعملى كوباية شاى وتجبهالى الاوضة‪.‬‬ ‫‪ -‬بس كدة حاضر من عنيا ‪..‬‬ ‫‪ -‬شكرا ‪..‬‬ ‫* دخل اياد الى الؽرفة ‪ ..‬اؼلق الباب وهو يترنح ‪ ..‬تفاجأت نوران من وضعه !! ‪ ..‬نهضت‬ ‫سريعا وتقدمت نحوه ‪ ..‬سألته فى وجل ‪ - :‬ايه يا اياد مالك ؟‬ ‫‪ -‬مفيش ‪ ..‬مش مظبوط بس ‪ ..‬حاسس بدوخة و ‪ ..‬كإنى ‪ ..‬هيؽم ‪..‬‬ ‫لم يكمل كلماته ‪ ..‬بدأ يفقد توازنه تماما ‪ ..‬لم يستطع المقاومة أكثرمن ذلك وسقط عالارض‬ ‫مؽشيا عليه من التعب ‪ ..‬صرخت نوران من الذعر ‪ - :‬اياااد ‪ ..‬اياااد ‪ ..‬ايه حصل ؟؟ ‪ ...‬عم‬ ‫سليمان الحقنى !!!‬ ‫فتحت الباب سريعا ونادت عم سليمان لكى يأتى لمساعدتها ‪ ..‬وبدأ الاثنان فى رفعه ووضعوه‬ ‫على الكنبة فى الاستقبال ‪ ..‬تكلمت نوران وهى فى حالة من الهلع ‪ - :‬بسرعة ياعم سليمان ‪..‬‬ ‫كوباية مية بسرعة ‪ ..‬أؼمى عليه ‪ ..‬اياد رد عليا ‪ ..‬انتا سامعنى ؟؟ ‪ ..‬اياد ؟؟‬

‫* بدأت الاصوات المتلاحقة تمتلىء داخل رأس اياد ‪ ..‬وصور كثيرة تمر امام عينيه بسرعة ‪..‬‬ ‫يرى نفسه فى مكان واسع ولايوجد أحدا ؼيره ‪ ..‬يرى والديه يقفان بعيدا ويلوحان له بأيديهم ‪..‬‬ ‫يسمع صوت نور بوضوح ولكنه لا يجدها امامه ‪ ..‬يأتى يوسؾ ليجذبه بشده ويخبره انه علينا‬ ‫ان نذهب لإننا سنتأخر ‪ ..‬واياد يقول له يجب ان انتظرها ‪ ..‬نور ستأتى ‪ ..‬يوسؾ يعنفه ويخبره‬ ‫انه إذا لم يذهب الان سيتأخر الوقت كثيرا ‪ ..‬وفى النهاية يقتنع إياد و يذهبان سويا‪.‬‬ ‫*يشعر انه يسقط من حافة ؼاية فى الارتفاع ‪ ..‬واثناء سقوطه يرى مشاهد تجمعه بنور ‪ ..‬كل‬‫ماكان بينهم فى ‪ 5‬سنوات ‪ ..‬ويرى نفسه يبكى بكاءا شديدا ‪ ..‬وهناك احدا ما يواسيه ولكن وجهه‬‫ؼير واضح المعالم ‪ ..‬ينفجر إياد فى البكاء ولا يتذكر لماذا هو يبكى ‪ ..‬ولكنه يرى اناسا كثيرون‬‫يمرون من امامه وينظرون اليه فى شفقة ثم يذهبون ‪..‬يحاول ان يتذكر ما الذى جعله يبكى بهذه‬ ‫الحرقة ولكنه لا يفلح فى ذلك ‪ ..‬كان يعتقد انه بسبب نور ‪ ..‬ولكنه لايظن ان هذا هو السبب !‬ ‫* يعود اخيرا الى الواقع ‪ ..‬ولكنه لا يقدر على ان يفتح عينه ‪ ..‬هو يدرك الان فقط بإنه كان‬ ‫يحلم ‪ ..‬ولكن لا يعلم منذ متى ‪ ..‬كان يشعر وكإنه يحلم منذ زمن طويل ‪ ..‬وكإنه نائم لسنين ‪...‬‬‫يحاول ان يتذكر ماحدث له ولكن كل الاحداث مشوشة ‪ ..‬يشعر ان جسده ؼير موجود ‪ ..‬ورأسه‬ ‫تدور وتدور ‪ ..‬بالكاد يشعر بان هناك أطرافا تلامس يده اليسرى ‪ ..‬ويسمع بعض الاصوات‬ ‫الخافته قادمة من بعيد ‪ ..‬بدا يعود الى وعيه تدريجيا ويتذكر ‪ ..‬يتذكر كيؾ كان ضعيفا ومرهقا‬‫‪ ..‬وكيؾ سقط فى المكتب ‪ ..‬وكانت اصوات نوران وعم سليمان هى اخر من وصلت الى اذنيه‬ ‫قبل ان يؽيب عن الوعى تماما ‪ ..‬بدأ يفتح عينه قليلا ‪ ..‬كان ضوء المكان قوى فتعثرت عليه‬ ‫الرؤية بوضوح فى البداية ‪ ..‬واخذ ثانية أو اكثر حتى يعتاد ‪ ..‬وأدرك انه نائم فى ؼرفة فى‬ ‫مستشفى ‪ ..‬بدأ يشعر بالدم يسرى فى عروقه مرة اخرى وان جسده يتحرك ‪ ..‬وتاكد ان هناك‬ ‫أحدا يمسك بيده ‪ ..‬ويلامسها برفق ‪ ..‬كانت لديه ظنونه ‪ ..‬فحرك رأسه الى اليسار قليلا ليرى‬ ‫ويتاكد ‪ ..‬كانت هى ‪ ..‬تنظر اليه فى خوؾ وقلق ‪ ..‬وبدت الابتسامه على محياها عندما رأته‬ ‫يفتح عينه وينظر اليها ‪ ..‬لكنه لم يشعر بالمثل ‪ ..‬تكلم بصوت ضعيؾ ‪:‬‬ ‫‪ -‬نوران !! ‪ ...‬إنتى بتعملى إيه هنا !! ‪..‬‬‫بالطبع تفاجاءت قليلا من ذلك السؤال ‪ ..‬ولكنها جاوبت فى تنهد ‪ - :‬الحمد لله ‪ ..‬انتا كويس ؟؟ ‪..‬‬ ‫انا اتخضيت عليك والله ‪ ..‬بس الحمد لله جت سليمة‪.‬‬ ‫‪ -‬انا كويس مفيش حاجة‪.‬‬‫سحب يده سريعا ‪ ..‬فنظرت اليه متعجبة ‪ ..‬وسحبت يدها هى الاخرى فى حرج ‪ - :‬الدكتور قال‬ ‫ان ضؽطك كان واطى جدا بسبب قلة الاكل ‪ ..‬وماينفعش تهمل نفسك كدة‪.‬‬ ‫‪ -‬توقعت ‪ ..‬عالعموم انا حاسس انى احسن ‪ ..‬مش عايز اتعبك معايا اكتر من كدة ‪ ..‬شكرا‬ ‫عاللى عملتيه‪.‬‬

‫‪ -‬انتا بتقول ايه بس ‪ ..‬المهم انتا ريح دلوقتى وانا هنده الدكتور يجى يشوفك‪.‬‬‫وضعت ظهر يدها على جبهته لتتفقد حرارته ‪ - :‬الحمد لله رجعت حرارتك طبيعية ‪ ..‬انتا كنت‬ ‫متلج من شوية‪.‬‬‫لاحظ اياد اهتمامها به ‪ ..‬كان باديا عليها الخوؾ فعلا ‪ ..‬فسلك اقصر الطرق للرد ‪ - :‬نوران ‪..‬‬ ‫بتعملى ايه ‪ ..‬خلاص انا هبقى كويس ‪ ..‬ممكن انتى تروحى زمانك إتأخرتى ‪.‬‬ ‫أبعد يدها من على جبهته بسرعة ‪ ..‬ونظر الى الجهة المقابلة ‪ ..‬شعرت نوران بصدمه من‬ ‫اسلوبه فى الحديث وطريقة تعامله وظلت تنظر اليه فى دهشة ‪ ..‬لم تصدق انه يعاملها بتلك‬ ‫الطريقة ‪ ..‬نهضت وهى فى حالة استياء شديدة وتحدثت فى أسى ‪ - :‬طيب ‪ ..‬براحتك انا مش‬ ‫عايزة اتعبك ‪ ..‬هنده الدكتور الاول وهمشى حاضر ‪ ..‬حمدالله عالسلامة مرة تانية‪.‬‬ ‫* نهضت نوران لتجد سامى ‪ ..‬يقؾ امام باب الؽرفة وينظر اليها ؼاضبا ! ‪ ..‬وكإنه كان واقفا‬ ‫منذ فترة ‪ ..‬توقفت فى مكانها قليلا وهى تنظر اليه ‪ ..‬ثم اكملت السير حتى خرجت من الؽرفة‬ ‫واؼلقت الباب خلفها ‪..‬‬ ‫* صاح سامى فى وجهها ‪ - :‬انتى بتعملى ايه يانوران ‪ ..‬اتجننتى !!‬ ‫ردت فى عصبية ‪ :‬ماتزعقش وصوتك مايعلاش عليا ‪ ..‬متنساش ان احنا فى مستشفى‪.‬‬ ‫‪ -‬انتى كنتى بتعملى ايه دلوقتى معاه !! ‪ ..‬قاعدة جنبه وماسكه ايده ومش عارؾ بتحطى ايدك‬ ‫على راسه وبتتكلمى معاه بدلع ‪ ..‬انتى نسيتى نفسك ياهانم ولا ايه !!‬ ‫‪ -‬لا ‪ ..‬دانتا زودتها ‪ ..‬يظهر انتا اللى نسيت نفسك ‪ ..‬انتا بتحاسبنى على ايه ؟! انا معملتش‬ ‫حاجة ؼير انى كنت بطمن على زميل ليا وقع قدامى واؼمى عليه ‪ ..‬وكان لازم ابقى معاه فى‬ ‫المستشفى عشان مفيش حد تانى فى المكتب يروح معاه !! ‪ ..‬ولا كنت عايزنى اسيبه كدة لما‬ ‫يجراله حاجة ؟!!‬‫‪ -‬وعم سليمان فين إن شاء الله ‪ ..‬ليه هو مايجيش معاه ‪ ..‬او السكرتيرة اللى اسمها هاجر دى ‪..‬‬ ‫ليه انتى تيجى معاه المستشفى وبصفتك ايه !!‬ ‫‪ -‬عم سليمان ماينفعش يسيب المكتب عشان العمال ‪ ..‬وكمان السكرتيرة مكنتش جت لما دا‬ ‫حصل ‪..‬‬ ‫‪ -‬ليه مكانتش جت ‪ ..‬انتوا هنا من امتى ؟!!‬

‫‪ -‬من ‪ 7‬ونص ‪ ..‬ليه يعنى هتفرق فى ايه ؟‬ ‫‪ -‬من امتى وانتى بتنزلى المكتب بدرى اوى كدة ؟؟‬ ‫ارتبكت قليلا ‪ - :‬الله صحيت بدرى قلت انزل بدرى فيها ايه يعنى ‪. .‬وبعدين مش دا موضوعنا‬‫‪..‬الموضوع دلوقتى ان اياد تعبان جدا من كتر الشؽل و ضؽطه وطى واؼمى عليه ‪ ..‬ميحقلكش‬ ‫انك تحاسبنى على انى كنت جنبه ‪..‬‬ ‫‪ -‬والله محدش قاله اعمل فى نفسك كدة ‪ ..‬ومدام مش قد الشؽل الباب يفوت جمل ‪..‬‬ ‫‪ -‬ياسلام ‪ ..‬هى بالنسبالك بسيطة اوى كدة ‪ ..‬انا مش هرد عليك وهروح اشوؾ الدكتور‪.‬‬‫جذبها من ذراعها بقوة ‪ - :‬نوران ‪ ..‬اوعى تختبرى صبرى ‪ ..‬علاقتك بالواد دا زادت عن الحد‬ ‫‪ ..‬انا ماسك نفسى وبحاول اعمل عبيط ‪ ..‬بس صدقينى انا مش عارؾ ممكن اعمل ايه لو‬ ‫صبرى نفذ ‪..‬‬ ‫سحبت ذراعها فى عنؾ وصرخت فى وجهه ‪ - :‬انتا اتجننت ياسامى ايه اللى بتعمله دا ؟!! ‪..‬‬ ‫انتا فاكر نفسك ملكتنى ولا ايه ! ‪ ..‬بتخوفنى يعنى ؟! ‪ ..‬بس انا بقى مبخافش ‪ ..‬لانى مبعملش‬ ‫حاجة ؼلط زى ماقلتلك ‪..‬وحسك عينك تمسك دراعى تانى ‪ ..‬عن إذنك‪.‬‬ ‫*ذهبت نوران الؽاضبة وجعلت سامى فى حالة كبيرة من السخط ‪ ..‬ضرب الحائط بقبضة يده‬‫من شدة ؼضبة ‪ \":‬ماشى يانوران ‪ ..‬ماشى ‪ ..‬يظهر انك اتجننتى خلاص ‪ ..‬بس انا عارؾ ازاى‬ ‫ارجعك لعقلك\"‬‫* كان يكره إحساس الضعؾ هذا ‪ ..‬كان يريد ان يقوم على قدميه مرة اخرى ‪ ..‬يجب ان يستمر‬‫فى العمل حتى ينسى ‪ ..‬العمل فقط ينسيه ما حدث ‪ ..‬ولكنه ادرك انه ضؽط على نفسه أكثر من‬‫اللازم ‪ ..‬وانه عمل بشكل مبالػ فيه ‪ ..‬هذا ما أوصله الى ما هو فيه الان ‪ ..‬اياد يعلم انه هو من‬ ‫اذى نفسه ‪ ..‬لكى ينسى نور وما مر به من ايام صعبة الفترة الماضية ‪ ..‬حاول ان يصب كل‬ ‫ؼضبه فى العمل بشكل مستمر ‪ ..‬ولكنه حتى لم يفلح بذلك ‪ ..‬وسقط ‪ ..‬والان يريد ان ينهض‬ ‫مجددا ‪ ..‬لانه يكره السقوط‪.‬‬ ‫*دخل الطبيب الى الؽرفة ليطمئن عليه ‪ ..‬اعتدل اياد فى جلسته وقبل ان يتكلم الطبيب بدأ هو‬ ‫بالحديث ‪ - :‬دكتور ‪ ..‬قبل ماتقول اى حاجة ‪ ..‬انا عايزك بس تعمل حسابك انى مش هبات فى‬ ‫المستشفى ليلة واحدة ‪ ..‬وعايز اخرج النهاردة ‪ ..‬ودلوقتى كمان ‪..‬انا كويس ومفييش حاجة‬ ‫الحمد لله ‪ ..‬ياريت تكتبلى إذن خروج ‪ ..‬من فضلك‪.‬‬

‫إبتسم الدكتور وتحدث اليه فى ثقة ‪ - :‬ياسيدى ان كان عليا مش عايزك تقعد هنا دقيقة واحدة ‪..‬‬ ‫بس انتا لازم تاخد بالك من نفسك لان اللى حصل دا مش بسيط وممكن يتكرر ‪ ..‬هكتبلك على‬ ‫فيتامينات عشان تقويك بس الاهم هو الاكل ‪ ..‬لو ماكلتش كويس وشربت سوائ ل كتير الايام‬ ‫الجاية العواقب هتكون وخيمة ‪. .‬اظن الكلام واضح ‪.‬‬ ‫‪ -‬حاضر يادكتور اوعدك انى هاخد بالى من موضوع الاكل‪.‬‬‫‪ -‬اذا كان كدة يبقى تمام ‪ ..‬مش عايزك كمان تضؽط نفسك فى الشؽل او فى البيت ‪ ..‬ماتحطش‬ ‫نفسك تحت اى ضؽط عصبى ايا كان ‪ ..‬حاول تسترخى على قد ماتقدروتريح اعصابك‪.‬‬ ‫‪ -‬حاضر ‪ ..‬إن شاء الله‪.‬‬‫‪ -‬طيب ‪ ..‬انا هكتبلك اهه إذن خروج ‪ ..‬وتمشى عالادوية والفيتامينات دى لمدة اسبوع واشوفك‬ ‫بعدها ‪ ..‬ضرورى ها ‪ ..‬ولو كان هنجددها‪.‬‬ ‫‪ -‬تمام ‪ ..‬هقدر اخرج امتى ؟‬ ‫‪ -‬دلوقتى لو قادر وحاسس ان رجلك شايلاك ؟‬ ‫‪ -‬اه انا كويس ‪ ..‬الحمد لله احسن من الصبح بكتير ‪..‬‬ ‫‪ -‬طيب خلاص إذا كان كدة هخلى الممرضة تساعدك فى اجراءات الخروج ‪ ..‬محدش هيجى‬ ‫ياخدك عالاقل ؟‬ ‫‪ -‬لا ‪ ..‬انا هروح لوحدى ‪ ..‬متخافش انا قادر امشى الحمد لله ‪.‬‬ ‫‪ -‬براحتك ‪ ..‬زى ماتحب ‪ ..‬حمد الله عالسلامة‪.‬‬ ‫‪ -‬الله يسلمك ‪ ..‬شكرا يادكتور‪.‬‬ ‫*خرج الدكتور ومن خلفه اياد بعد ان جمع متعلقاته من الؽرفة ‪ ..‬وذهب الى الممرضة ليسألها‬ ‫عن معاملات الخروج ‪ ..‬طلبت منه الانتظار قليلا ‪ ..‬كان اياد بدأ يشعر بتحسن قليل عما كان‬‫فى الصباح ‪ ..‬ذلك الدوار خؾ كثيرا ‪ ..‬واصبح يرى بوضوح ‪ ..‬كان يتلفت حوله ويتفحص فى‬ ‫الارجاء ‪ ..‬كان يبحث عن نوران ‪ ..‬لا يعرؾ لماذا ‪ ..‬يبدو انها ذهبت كما طلب منها ‪ ..‬لم‬ ‫ينشؽل ‪ ..‬وظل يتابع مع الممرضة الاجراءات‪.‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook