الفصل الرابع أنا وانت* دخلت نوران الى شقتها ..شقة كبيرة مليئة بالؽرؾ وفى حى مميز ايضا ..تسكن فيها وحيدة دون اب او ام ..نوران فقدت ابويها عندما كانت فى سن الخامسة عشر ..لم يتبقى لها احد سوى اخيها الاكبر خالد. * أؼلقت الباب باحكام ودخلت فى حذر وبدلت ملابسها وهى هائمة فى بعض الافكار ..تفكر فى عملها ..فى سامى ..وفى زميلها الجديد اياد ..ذلك الشاب العبوس المكتئب الذى انكب على عمله منذ اليوم الاول بمنتهى ال ّجد ..كان ذلك يثير الجزء الاكبر من فضولها ..كانت تشعر بانه اتى لينشؽل بالعمل عن اشياء اخرى يريد نسيانها ..هى ليست متأكدة من ذلك قطعا ولكن تتذكر عندما سالته بإذا ماكان جاء الى المكتب من اجل المال وقاطعها فى عنؾ واخبرها انه لم يأتى من اجل ذلك !! .. * قررت ان تنال قسطا بسيطا من الراحة وان لا تفكر فى كل تلك الاشياء بعد يوم عمل طويل وشاق ..جلست على سريرها ونظرت الى صورة على المنضدة التى بجواره ..صورة تجمع والديها وهما يبتسمان ..ق ّبلت الصورة فى رفق واحتضنتها بقوة قبل ان تضعها مرة اخرة على المنضدة وظلت تنظر اليها فى أسى : \" -وحشتونى اوى ..بجد نفسى تكونوا معايا دلوقتى ..مفتقداكوا جدا يا أؼلى الناس\" ..ثمتمددت على فراشها و أؼمضت عيناها تدريجيا وبدات كل الافكار والمشاعر تتلاشى ..شعرت انها ارتاحت الان وأن التراخى بدأ يتسلل الى جسدها ..فخلدت الى النوم العميق فى هدوء. ***********************
* استيقظت ريم على صوت هاتفها المحمول وهو يرن ..امسكت الهاتؾ ونظرت الى شاشته بأعين شبه مؽلقة تقريبا ..وجدت يوسؾ هو من يتصل ..ت ّحيرت قليلا ونظرت الى الساعةبالهاتؾ وجدتها العاشرة صباحا و تذكرت ان اليوم يوم اجازتها ..استجمعت تركيزها وجاوبت على الهاتؾ بصوت نائم : \" -الو ..ايوة يايوسؾ خير ؟\". \"لسة كنت نايمة اه ..فيه حاجة؟\". \" طيب ماشى نتقابل مفيش مشاكل ..افوق واخد دش ونتقابل\". \"بس هو فيه حاجة حصلت يعنى ؟\". \"عايز تشوفنى ضرورى ؟!! ..خير\". \"طيب ماشى ..ساعة كدة ونتقابل فى الكافيه اللى اتقابلنا فيه المرة اللى فاتت\". \"ايوة اللى جنب شؽلى اه\". \"خلاص سلام\". * اندهشت ريم من تلك المكالمة الؽامضة من يوسؾ والتى قطعت نومها وراحتها ..فهى لمتعتاد ان يتصل بها يوسؾ فى ذلك الوقت المبكر من اليوم وفى يوم اجازتها ايضا .بدات تستفيق رويدا رويدا ولم تشؽل بالها بذلك الامر ..ظنت ان يوسؾ سيحدثها عن شىء يخص اياد ونور مجددا ..فهذا هو حديث الساعة الان. * كان يوسؾ ينتظر فى المقهى منذ وقت مبكر ..يحاول ان يستجمع ماسيقول ويبدو عليه التوتر الشديد \" - :هقولها وخلاص بقى ..انا عارؾ انها هتبقى مفاجأة ليها بس يارب تعدى على خير ..انا صبرت كتير وجه الوقت انى اتكلم ..هو دا الصح يايوسؾ ..ايوة انتا بتعمل الصح ..ليه تتوتر ..عادى جدا ..لازم اتكلم وانا واثق فى نفسى ومتهزش قدامها \" * ظل فى حديث مع نفسه لقرابة النصؾ ساعة ..كان وجهه يتلون بجميع الوان القلقوالاضطراب ..ظل فى تلك الحالة شاردا ولم يكن منتبه على اى شىء حوله ..يحاول ان يرتب
ماسيقوله وكيؾ سيقوله ..حتى عندما جاءه عامل المقهى ليسأله عن طلباته لم يجاوبه فى البداية ثم اخبره بانه ينتظر شخص اخر وعندما ياتى سيطلبوا سويا.* دخلت ريم وهى فى احلى هيئة وتوجهت اليه مبتسمه فقطعت حالة الشرود التى سيطرت عليه منذ الصباح ..سلمت عليه فى ابتسامه وجلست سريعا : -خير بقى يا سى يوسؾ ..مش متعودة منك على التليفونات الصباحى دى وعايز تشوفنىكمان ..رؼم انه يوم اجازتى ومبحبش اصحى فيه بدرى بس مرضتش اكسفك ..قول بقى خير حصل حاجة ؟ * لم يجبها يوسؾ وظل ينظر اليها فى اهتمام شديد ولم ترمش عينه وهو ينظر اليها . * تعجبت ريم من نظراته المطولة فسألته - :مالك يابنى سرحان وبتبص ليا اوى كدة ليه .. ماتتكلم قلقتنى ؟ -ريم ..انا معجب بيكى !* اصاب الذهول ريم فجأة ..وكإن نزلت عليها صاعقة ..صمتت للحظات وكإن إنعقد لسانها .. لم تتوقع ابدا ما سمعت - :احم ..يعنى ..ازاى ..قلت ايه !! -ريم ..انا معجب بيكى ..ومن زمان كمان ..من ايام الكلية ..بس أجلت الموضوع كتير ومرضتش اقولك حاجة ؼير لما اكون متأكد من مشاعرى ..وعموما انا مش هضؽط عليكى ولا هطلب منك رد دلوقتى ..انا حبيت بس اقول اللى جوايا واخلص ..وليكى كامل الوقت والحرية فى الرد ..وانا منتظر ومش مستعجل. -ردت وهى مازالت فى صدمتها - :ايوة ..بس ..انا .. -مش عايز رد دلوقتى قلتلك ..خدى كامل وقتك فى التفكير ..انا هتقبل قرارك ايا كان ..وصدقينى مش هزعل لو جه الجواب ؼير اللى بتمناه ..بالعكس اتمنى اننا نفضل اصدقاء دايما. -ايوة يايوسؾ بس انتا فعلا فاجأتنى ..مش عارفة اقولك ايه ..يعنى اقصد انك عمرك ما ل ّمحتلى بحاجة زى دى ! -انتى عارفة شخصيتى ..مليش فى التلميح والكلام دا . .بقول كلامى مباشرة وصريح ..انا كنت ناوى اقولك من كام اسبوع بس اللى حصل بين اياد ونور خلانى انشؽلت بأياد ومعرفتش اقولك حاجة ..دلوقتى اياد لقى شؽل وخلاص بدأ يقفل صفحة نور ويفكر فى نفسه ..يعنى بدأ يتحسن أقصد ..فقلت ان دا وقت مناسب ليا كمان انى اكمل سكتى واللى ناوى عليه ..وانا
قلتلك اهه ..وهسيبك براحتك تفكرى ..عن إذنك. * نهض يوسؾ وترك ريم فى حيرتها واندهاشها ..لم تحرك ساكنا وظلت تنظر الى الفراغ فى صمت ..كل مايدور فى عقلها هو كيؾ كان يوسؾ ذلك الجبل الذى لايحركه شيئا يمتلك مشاعر تجاهها !! ..هما اصدقاء منذ 5سنوات وعلاقتهم قوية جدا كأصدقاء ..وبالطبع هى على علاقة سرية بمحمد صديقهم الأخر ولا أحد يعلم عن تلك العلاقة شيئأ ..لم تتوقع ابدا ريم ان يكون يوسؾ معجب بها بأى درجة كانت ! ..هى ايضا لم تنظر اليه فى يوم من الايام تلك النظرة ..بمعنى انها لم ترى نفسها معه او انهم يكونوا ثنائى فى يوم من الايام ..شربت كوبالماء الموجود امامها لكى تستفيق من تلك الصدمة ..وبدأت فى الهمهمه سريعا \" :هعمل ايه انا دلوقتى ؟؟ ..يوسؾ ..معجب بيا ! ..طب ومحمد ! ..أقوله ايه ! ..ويوسؾ ؟! ..هرد عليه ازاى واقوله ايه ! ..لا لا . .انا محتاجة اهدى وافكر كويس ..انا ..ويوسؾ !!! \" ************************ * بدأ اياد فى الاعتياد على أجواء العمل المرهقة ..كان يستيقظ مبكرا جدا ويكون اول الواصلين الى المكان ..يلتقى باستاذ سامى الذى يخبره بمهامه يوميا ..كان ينصت اليه فىتركيز ويستسفسر عن كل صؽيرة وكبيرة حتى يتمكن من تأدية عمله على احسن وجه ..يذهبالى شركات كثيرة وفى اماكن بعيده ومعه الملفات والتقارير ..يقضى وقت اطول من نوران فى العمل ويؽادر بعدما هى تؽادر ومعها الاستاذ سامى ...اما استاذ ياسين صاحب المكتب فلم يظهر مرة اخرى منذ ان اجرى المقابلة لأياد ..فقط نوران وسامى واياد والسكرتيرة وعامل النظافة هم الموجودون يوميا ..وبالطبع ذلك الموظؾ صاحب الوجه المؽتم ..الذى كان يشكل علامة استفهام كبيرة فى راس اياد ..فلولا انشؽال اياد بعمله وانه لا يقضى وقتا طويلا داخل المكتب لكان واجه هذا الرجل منذ فترة طويلة وحاول التعرؾ عليه ..لكن للاسؾ لم تسنح له فرصه ..حتى الأن.* كانت نوران تقدم لاياد كل سبل العون ..كانت احيانا ترافقه فى بعض المشاوير الصعبة ..او التى تحتاج لخبرة اكبر فى الامور المالية ..كانت تلاحظ صرامته الشديدة فى العمل ..وانه قليل الحديث مع الاخرين ..حتى عندما يخرجوا سويا لا يتحدث سوى عن العمل ..وهى لاتتدخل فى امور اخرى وتسايره ..لك ّنها مازالت مصرة على فضولها ..تحاول ان تفك تلك الشفرة الصعبة التى يضعها اياد على عقله ..لا يوجد شخص يتحدث عن العمل بذلك الشكل المبالػ فيه طوال الوقت الا اذا كان يخفى شيئا ! * فى احد الايام وصلت نوران مبكرا جدا الى المكتب ..كانت تريد ان تعلم متى ياتى اياد الي هنا ولماذا ياتى مبكرا ..توقعت ان تجده ..وصاب توقعها.
* وجدت باب المكتب مفتوح ويوجد فقط عم سليمان عامل النظافة يقوم باعداد الشاى ..القت التحيه عليه بابتسامتها المعتادة وسألته عن اياد : -عم سليمان صباح الخير .. -عروستنا الحلوة ..صباح الفل والياسمين عليكى ياست نوران ..خير ايه اللى جاب حضرتك بدرى كدة ..مش عوايدك ؟ -أبدا صحيت بدرى ..قلت انزل بدرى كمان ..فيه حد جه ولا لسة ! -اه ..الاستاذ الجديد دا ..جه من نص ساعة تقريبا ..لقيته واقؾ على باب المكتب زى كل يوم مستنينى لما اجى وافتح المكتب. -ياه !! ..هو بيجى كل يوم بدرى كدة ؟ -اه والله حضرتك انا مستؽربه جدا ..ولما سالته قال انه بيحب يشتؽل من بدرى ..قلتله مفيش داعى يجى بدرى اوى كدة لان كدة كدة المكتب بيبقى مقفول وانا باجى الساعة 7وممكن يجى هو على 7ونص لكن برضه مفيش فايدة وجيت لقيته النهاردة برضه. -مممم ..طيب انا هخش اشوفه ..هو فى الأوضة الكبيرة صح ؟ -ايوة مظبوط ..الاوضة التانية هتتشطب النهاردة وتقدروا تنقلوا فيها من بكرة إن شاء الله. -دى حاجة جميلة ..يلا بقى كوباية النسكافيه بتاعتى وابعتهالى عالاوضة . -اوامرك ياست الكل. * قرعت نوران الباب فى هدوء ..ثم دخلت ووجدت اياد يجلس فى منتصؾ الطاوله وامامه ورق وملفات كثيرة يتفحصها بأهتمام : -صباح الخير .. -صباح النور. -قلت اجى مرة بدرى يمكن اجى قبلك لكن مفيش فايدة . -انا هنا من 6ونص كل يوم ..مفتكرش تقدرى تيجى قبلى ..
* جلست امامه ولكنه لم ينظر اليها وكان منكبا على اوراقه - :طب ممكن اعرؾ بتيجى بدرى اوى كدة ليه ..انتا بتتعب نفسك اوى فى الشؽل كل يوم وبتقعد بال 01وال 00ساعة ! * جاوبها وهو مازال ينظر الى الاوراق - :بحب الصحيان بدرى ..ومعنديش حاجة تانية اعملها فى البيت ..يبقى الاحسن انى أشتؽل . * لاحظت نوران انه لم يهتم بمجيئها ..وانه حتى لا ينظر اليها ..شعرت بالاحراج قليلا : -شكلى كدة معطلاك ..عموما ربنا يوفقك . -شكرا. نهضت نوران وهى تشعر بالاحباط من ان محاولتها لفتح باب للكلام بائت بالفشل ..فذهبت ابتسامتها التى كانت ترافقها منذ الصباح ..وقبل ان تخرج تحدثت اليه مرة أخرى ولكن بنبرة صوت جافة: -بالمناسبة ..من بكرة هتشتؽل فى الاوضة بتاعتك إن شاء الله ..وعلى كمبيوتر وكل حاجة .. يعنى عشان شؽل الورق دا خلاص كفاية عليه كدة. نظر اليها اخيرا واجاب فى شىء من الاهتمام - :طب كويس ..انا برضه تعبت من شؽل الورق دا ..متهيألى الشؽل عالكمبيوتر هيسهلى حاجات كتير . نظرت اليه ولم ترد ..فقط اكتفت بالنظر الى اعينه وكانها تحاول ان تسأله \" لماذا تعاملنى بتلك الطريقة التى لم اعتادها من احد من قبل ؟ ..لماذا انت هكذا ؟\" لاحظ اياد انها بقيت واقفه عند باب الؽرفة وتنظر اليه بشكل ؼريب ..فتكلم - :خير فيه حاجة تانية عايزة تقوليها ..؟ -لا . .ابدا ..مفيش حاجة ..هسيبك لشؽلك. * ؼادرت نوران الؽرفة وهى فى حاله من الضيق ..الموقؾ لم يكن لطيفا ..فان تتحدث لشخص بأهتمام ويجيبك بكل هذا البرود دون ان ينظر اليك حتى فهو شىء به الكثير من عدم الاحترام ..شعرت وكانها هى من تحاول التحدث معه مثل كل مرة ..ومازال هو واقفا خلؾذلك الجدار الذى يزيد ارتفاعا كل يوم ..بدأت تتضايق من تلك المعاملة وذلك الاسلوب الؽليظ .
* عندما خرجت وجدت عم سليمان بمسك بصينية الشاى متوجها نحو الؽرفة ويسألها - :ايه ياستاذة مش هتشربى النسكافيه فى الاوضة ؟ -لا ياعم سليمان ..هشربه هنا فى الاستقبال وخلاص ..الجو فى الاوضة خنقة ..وكدة كدة بقضى وقت كبير جوا طول اليوم ..فممكن اتخنق. -طيب ..على راحتك ..اوصيلك عالفطار معايا بقى مدام جيتى بدرى. -لا ..مليش نفس ..يعنى قصدى مش دلوقتى. -لا إزاى بقى ياست الكل ..ماينفعش تفطرى متاخر ..انا هنزل اهه اجبلك سندوتشين فول هيفوقوكى وانا كمان هفتح نفسك واكل معاكى ..ايه رأيك ؟ -خلاص ..ماشى ..تسلم ياعم سليمان. -لا العفو على ايه 01 ..دقايق وهكون جايب الاكل وجاى مش هتاخر عليكى . -استنى ..طب واياد ..اكيد مفطرش ..هاتله معانا والنبى. -أه صحيح ..تصدقى نسيته ..اصلا هو اول مرة جه هنا بدرى سالته ياكل معايا او لا قالىمبفطرش ! ..حسيته كدة نفسيته وحشة وشخص كئيب مسالتوش تانى ..بس حرام برضه لازم ياكل ..هجبله معانا حاضر. -شكرا ياعم سليمان. *ؼادر عم سليمان المكتب لياتى بالفطور ..وجلست نوران لتشرب النسكافيه فى الكرسى اماممكتب الاستقبال ..كانت مازالت تفكر وتكلم نفسها \" :ؼريب اوى اياد دا ..بيشتؽل ليل نهار فىشؽلانة شكله مبيحبهاش ..ومابياكلش ولا بيتكلم مع حد هنا ..وحاد جدا فى تعامله مع الناس .. استاذ ياسين جايبلنا واحد ؼامض ماشاء الله ..مش كفاية اللى عندنا !\" * خرج اياد من الؽرفة وقطع وصلة الافكار اللتى كانت فى عقل نوران وكان متجها الى الخروج من المكتب ..م ّر امام نوران ولم ينظر اليها حتى ..مازال يستفزها بتصرفاته .. فاستوقفته - :خير ..على فين كدة ؟ استدار لها واجاب فى جفاء - :نازل اشترى علبة سجاير.
اندهشت نوران قليلا - :سجاير ؟؟ ..مكنتش اعرؾ انك بتدخن ..يعنى قصدى طول الاسبوع دا مشفتكش بتشرب سجاير ابدا ! -فعلا مكنتش بشرب ..بس زهقت ..وبدأت اشرب من امبارح ..يعنى عشان اقدر اكمل الشؽل بنفس ..حاجة تسلينى وخلاص ..عن إذنك. * زادت علامات الاستفهام عند نوران بسبب هذا الشاب ..ظلت تحدث نفسها \":انتا فعلا انسان ؼريب ..بتشرب سجاير عشان تتسلى ! ..هى السجاير دى حاجة تتسلى بيها ! ..اعمل اللى يريحك ..دى صحتك انتا ..انا مالى يعنى\" * خرج اياد من المكتب واستقل المصعد ..وعندما وصل الى الدور الارضى وانفتح الباب .. وجد ذلك الرجل الؽامض الذى يعمل معهم بنفس المكتب كان بانتظار وصول المصعد حتىيدخل ..نظر اليه اياد للحظات وهو يخرج ..ولكن الرجل لم ينظر اليه مطلقا ..وكانه لا يعرفه ..بالرؼم من انهم يتصادفون داخل المكتب كثيرا ...ظل اياد يتعقبه حتى دخل الرجل المصعد وضؽط على زر الصعود ..هنا فقط نظر اليه ذلك الرجل قبل ان ُيؽلق الباب ..نظر اليه .. وابتسم !!!. *********************** * استيقظت ريم وهى مازالت تقاوم النوم ..امامها يوم طويل ..وعمل كثير يجب ان ينتهى اليوم ..تثائبت لمرة او اتنين قبل ان تنهض من الفراش ولكنها نهضت فى نهاية الامر ..فى الحقيقة هى لايشؽلها كثيرا امر العمل بقدر مايشؽلها ذلك الكلام الذى قاله يوسؾ ذلك اليوم .. مازالت تتذكر المشهد كل بضع دقائق ..تجاهلت عدة مكالمات من محمد فى اليومين الماضيينوتهربت من مقابلته كثيرا ..لا تعرؾ ماذا تقول ..لم تخبر احدا من اهلها ايضا ..مازالت تفكر فى الامر ..او تحاول اقناع نفسها بذلك ..ولكن فى الواقع فأنها تائهة وؼير قادرة على التفكير واتخاذ قرار ..تعلم انه لابد من اخبار محمد بذلك الامر اولا ..ولكنها تخشى من ردة فعله .. ولكن فى نفس الوقت لا تستطيع الكتمان أكثر من ذلك .. * حضرت لنفسها الفطور وبجانبها هاتفها ..تنظر اليه كل دقيقة ..تمسكه تارة وتتركه تارة اخرى ..تشعر بالتردد والقلق ..ولكنها تجرأت اخيرا ..امسكت الهاتؾ واتصلت بمحمد - : \"ايوة يامحمد ازيك؟\" \" معلش كنت تعبانه شوية\".\"لا مفيش حاجة خطيرة متخافش ..بس انا لازم اشوفك ضرورى ..فيه حاجة لازم احكيهالك\".
\"لا ..بلاش الكافيه ..خلينا نتكلم فى النادى احسن\" \"تمام ..كمان ساعة هكون هناك ..هأجهز اهه ..سلام \"************************ * صعد عم سليمان بالاكل الى المكتب ..وتوجه الى ؼرفة الاجتماعات حيث تجلس نوران .. نقر الباب و دخل : -احلى اكل بقى للناس الحلوة بتاعتنا ..اتفضلى ياست الكل 4 ..سندويتشات اهم ليكى وللاستاذ ..الا هو فين صحيح ؟ -حطه هنا ياعم سليمان ..شكرا ..اياد نزل ..بيجيب حاجة من السوبر ماركت وجاى. -طب ماقليش ليه كنت جبتهاله ؟؟ -مش مشكلة بقى ..هو شكله بيحب يخدم نفسه بنفسه ..خليه على راحته ملناش دعوة. -زى ماتشوفى حضرتك ..تؤمرى بحاجة تانية ؟ -لا ..تسلم -بالهنا والشفا . -شكرا .. *خرج عم سليمان واؼلق الباب ..وظلت نوران لثوانى تتفحص بعض الورق امامها ..ثم ام ّدت يدها لتبدأ فى تناول الطعام ..ولكنها توقفت وقالت لنفسها \" :متهيألى مش لذيذة لو كلت ومستنتوش ..يعنى انا طالباله معايا ..وهو اكيد زمانه جاى ..استناه 5دقايق مش مشكلة\" .. واعادت الاكل الى الطبق مرة اخرى فعلا وانتظرت حتى ياتى اياد. * عاد اياد مرة اخرى الى المكتب بعد ان اشترى السجائر ..واثناء توجهه الى ؼرفةالاجتماعات تصادؾ ان راى ذلك الشخص العابس ..يتجه الى الخارج حاملا بعض الملفات فى يده ..فاستوقفه اياد سريعا - :معلش ..يا استاذ .
نظر اليه الرجل فى جمود ولم يتكلم ..فتابع اياد - :حضرتك شؽال معانا هنا فى المكتب صح ؟ اجابه فى جفاء شديد - :انتا شايؾ ايه ؟ اندهش اياد من الرد الذى اثار حفيظته ..ولكنه تابع كلامه فى هدوء - :معلش بس انا مش بشوفك بتتكلم مع حد خالص ومعرفش حضرتك شؽال ايه بالظبط مع انى عرفت كل الناس فى المكتب ..اسؾ يعنى لو بتطفل ..بس حابب اعرؾ بجد مين حضرتك ؟ -مش هيفرق معاك فى حاجة لو عرفت ..كفاية تعتبرنى زميل عمل ..اسمى رمزى ..وانا مساعد سامى ..قصدى الاستاذ سامى ..وعن اذنك بقى عشان لازم انزل اصور الورق دا.* خرج الرجل من المكتب تاركا اياد خلفه يشعر بالاستياء من هذا الاسلوب فى الكلام ..ولكنه لم يكترث كثيرا ..ودخل الى الؽرفة. * مجرد مادخل الى الؽرفة ونظر الى طبق الاكل الذى امام نوران تفاجأ قليلا ..فهو لم يعتد ان يراها تتناول الفطور فى المكتب ! ..نظرت اليه نوران فى ابتسامه : -انا قلت انتا اكيد مفطرتش ..خليت عم سليمان يطلبلك اكل معايا ..بدأت ملامح الضيق تظهر على وجه اياد ..وذهب ليجلس فى اخر الطاولة بعيدا عن نوران - : معلش ..بس انا مش متعود اكل الصبح بدرى كدة ..كلى انتى بالهنا والشفا . استنكرت نوران ما حدث وحاولت ان تستفهم - :ليه بس !! ..انا ملاحظة انك من ساعة ماجيت هنا وانتا مابتكلش طول اليوم ! ..دا ؼلط . رد اياد فى شيئا من الانفعال - :دى حاجة خاصة بيا انا ..معلش يعنى انا متعود على كدة . نظرت اليه نوران فى شيئا من الؽضب ..كانت مستاءة من اسلوبة وطريقته التى يعاملها بهامنذ اليوم الاول ..فابعدت الطبق بيدها الى منتصؾ الطاولة - :خلاص براحتك انا كمان ماليش نفس ..انا قلت ناكل سوا يعنى ..نفتح نفس بعض فى اول اليوم قبل مانبدأ شؽل ..بس يظهر انك مبتبحبش تاكل مع حد. أحس اياد انها تضايقت فحاول ان يصيػ كلماته بشكل افضل - :مش كدة ..بس انا اصلا مشمتعود افطر بدرى اوى كدة ..ممكن على نص اليوم اكل حاجة ..كلى انتى ملكيش دعوة بيا .. انا ورايا شؽل كتير ومحتاج اخلصه ..وعندى كام مشوار لسة هروحهم ..هبقى اكل حاجة فى
الطريق. -خلاص براحتك ..انا كمان شوية وهاكل ..يعنى مليش نفس دلوقتى ..هبدأ اشتؽل كمان عشان ورايا حاجات كتير ..لو عوزت اى حاجة أسالنى . -حاضر.* بدأ أياد سريعا فى فتح الملفات امامه والانكباب عليها بشكل كبير ..لكن نوران كانت لا تزالتنظر اليه فى تعجب ..لا تعرؾ ماذا تشعر بالتحديد ..هل هى ؼاضبة منه ..ام خائفة عليه ؟! ************************ * ظلت ريم جالسة دون ان تنظق بكلمة امام محمد لقرابة العشر دقائق ..وهو كان يشرب العصير الخاص به وينظر اليها فى تعجب ..كانت شاردة لدرجة بعيدة ..وكانها لا تشعر بوجود محمد امامها ..تنظر الى الفراغ وهى تضع يدها على خدها .* انتهى محمد من شرب العصير ..ووضع الكوب بقوة على الطاولة املا فى ان يلفت ذلك نظر ريم ..ولكنها لما تنتبه اطلاقا ..فبدأ يلوح بيده امام عينيها ليسرقها من شرودها -:ايه .. روحتى فين كدة ..بقالى ربع ساعة قدامك وانتى قاعدة ساكته وسرحانة ..ماتخلصينى يابنتى ايه الحاجة الضرورية اللى عايزة تحكيها ؟ -محمد ..فيه حاجة حصلت معايا من كام يوم وخبتها عنك ..لانى مكنتش عارفة اقولهالك ازاى ..وخفت من ردة فعلك ..مش عارفة ..بس حسيت انى لازم اقولك .اعتدل محمد فى جلسته وتحدث فى قلق - :ايه يابنتى وؼوشتينى ..خير ايه حصل ..ماتنطقى ؟ -يوسؾ .. -ماله ؟؟ .. -قابلنى من كام يوم ..وقالى انه معجب بيا !صمت محمد لثوانى ..وبدت عليه الصدمة ..لكنه سيطر على ردة فعله وتحدث فى نبرة واثقة :
-يوسؾ ! ..معجب بيكى !! ..أمممم ..وانتى قلتيلوا ايه بقى ؟ -معرفتش ارد ..هو قالى انه هيدينى فرصة أفكر بس انا بجد مش عارفة ..مش عارفة افكر ولا عارفة ارد اقوله إيه ..احنا اصحاب من زمان ..ومش عايزة أخسره ..يعنى خايفة الموضوع دا يأثر على العلاقة بينى وبينه بعد كدة.بدأ محمد فى الخروج عن هدوئة والتحدث بصوت عالى - :وليه تخسريه ياريم ..ماتقوليله انك كمان معجبة بيه وخليه يتقدملك وتتجوزوا ..وبكدة ماتخسريهوش ! ..اخسرينى انا احسن ! -ايه بس اللى بتقوله دا يا محمد ..اهدى كدة وماتتعصبش والنبى ..انتا عارؾ انا متعلقة بيك قد ايه واللى بينا كبير اوى وانا بحترمه جدا مهما كان ..مش معقول عشان يوسؾ قالى الكلامدا معناه انى بفكر حتى اكون معاه ..انا كل اللى كان شاؼلنى هو انتا ..وازاى هتتقبل الكلام دا لما احكيهولك ..كنت خايفة من ردة فعلك ..وفى الاخر ت ّسمعنى كلمتين ملهمش لازمة برضه !! عاد محمد الى توازنه مرة اخرى وهو يقول - :طيب خلاص انا اسؾ ..انتى معاكى حق .. بس انا مش هتحمل انك انتى كمان تضيعى منى !! نظرت اليه ريم فى تعجب قبل ان يحاول محمد توضيح الأمر - :قصدى يعنى انى مش عايز اخسرك ..مش حاجة تانية والله. -فاهمه يا محمد ..المهم دلوقتى انك تشوفلك شؽلانة احسن من اللى انتا فيها دى وتشترى شقة بسرعة بقى عشان تتقدملى ..احسن بابا مش راحمنى وكل يومين يلزقلى عريس وانا ارفض واماطل واتحجج بيك .. زاد التوتر عند محمد وقال - :طب اعمل ايه ياريم مانتى شايفة الحال واقؾ ومع ذلك انا مش ساكت وبدور ..ربنا يوفق . .المهم انتى هتردى على يوسؾ تقوليله ايه ؟ -مش عارفة ..انا بفكر فى الرد من ساعة ماقابلته وقالى الكلام دا ..لكن هلاقيلى صرفة .. وهحاول مجرحش مشاعره برضه ..المهم انتا متزعلش -طيب حاضر ..انا مش عارؾ طلعلنا منين سى يوسؾ دا ..ولا عالبال ولا عالخاطر ..اخر حاجة كنت اتوقعها انه يكون معجب بيكى ..المهم انتى لما تردى عليه ماتجبلوش سيرتى خالص . -لا طبعا أكيد ..انا عارفة كدة كويس ..هو لو سألنى عن الاسباب هقوله بحب واحد تانى وخلاص ..ولو أصر هقوله دا سر خاص بيا يعنى ..متخافش محدش هيعرؾ ..المهم انتا
انجز حالك كدة عشان نخلص احنا كمان بقى . تنهد محمد فى مرارة وقال - :ماشى ياريم ..ماشى . ************************** * بدأت عقارب الساعة تقترب من الثامنة مساءا ..ومازال والد اياد ينظر اليها فى قلق .. وزوجته بدات هى الاخرى تلاحظ ذلك القلق ..فسألته فى ريبة : -مالك يا أحمد ..عينك عالساعة كل شوية !! -يعنى انتى مش عارفة ..اياد اتأخر زى كل يوم ..هو مش المفروض بيخلص .. 4ايه اللىبيأخره كدة كل يوم ..وبيجى زى القتيل وبينام مبعرفش اقعد معاه دقيقتين على بعض ..وبينزل الصبح قبلينا كمان ..دا ؼلط على صحته. -معاك حق ..انا كمان اتحايلت عليه كتير انه ياكل لقمة عالاقل بعد مايجى ..لكن بيخش ينام على طول ..وبيصحى بدرى عالشؽل ..ولما بكون صاحية وبلحقه بقوله احضرلك الفطار بيقولى مستعجل وهتأخر ..وانه بيفطر فى الشؽل ..انا محبيتش أضؽط عليه ..بس هو باين عليه بيتعب اوى ياعينى ..انا خايفة برضه يحصله حاجة من الشؽل الكتير دا. -طب ماتكلميه ياحجة انتى وحاولى تقنعيه ان كدا مش صح . .وان الشؽل زيادة عن اللزومبرضه مش صح ..كدة او كدة هو بياخد مرتب بسيط باعتبار دى اول شؽلانة ..انا مش عايزه يضيع صحته من البداية كدة ! -حاضر هكلمه ..انتا متضايقش ..هو زمانه جاى ..ولما يشوفك موجود اكيد هياكل معانا .. -انا عرفت اخد إذن بالعافية والله ..قلت لازم اجى واشوفكوا بقى ونتعشى سوا كلنا ..بقالى كام يوم انا كمان باجى متاخر وما بلحقش اشبع منكوا .. -ربنا يخليك لينا ومايحرمناش منك .. * قطع حديثهم صوت المفتاح يدخل فى باب الشقة - :اهو اياد وصل اهه يا حج ..
* دخل اياد وكان باديا عليه الارهاق والتعب الشديد ..رمى المفتاح فى وهن على المنضده وخلع حذاءه والجاكيت ..واتجه الى ؼرفته : -مساء الخير يابابا ..مساء الخير ياماما. انتفضت والدته من على الكنبة لتتفقد حالته ..وبدأت تتحسس خديه وجبهته فى قلق - :ايه يا اياد ..مالك يابنى ..باين عليك تعبان اوى ولونك مخطوؾ ؟؟ اجابها فى صوت مرهق - :يعنى ..عشان اشتؽلت كتيرالنهاردة واليوم كان طويل ..عن إذنكوا هخش انام بقى. نهض الوالد ايضا وتحدث اليه فى عطؾ - :يابنى كدة ؼلط على صحتك ..كلك لقمة معانا طيب ..ماينفعش تنام كدة على طول !! -لا يابابا منا كلت ..يعنى كلت مع زمايلى فى الشؽل ..مفيش داعى ..انتوا كلوا بالهنا والشفا ..عن إذنكوا.مشى فى طريقه الى ؼرفته بصعوبة ..وكان واضحا حتى من خطواته المتعرجه انه فى حالة لايرثى لها ..دخل الى الؽرفة واؼلق الباب بروية ..نظرت الأم الى زوجها وتحدثت فى خوؾ : -انا مش مستريحة يا أحمد ..اللى بيعملوا فى نفسه كدة كتير ..شايؾ بقى حاله عامل ازاى من اسبوع شؽل بس ! -عندك حق يا أم اياد ..الوضع كدة بقى خطر ..عموما انا هتكلم معاه بكرة لما يجى .. وهحاول اتفاهم معاه. -طيب ..احضرلك الاكل بقى ..خليك تاكل لقمة قبل ما تنام انتا كمان. -اه اعمليلنا العشا ..خلينا ناكل احنا ..هو حر بقى. -طيب ..ثوانى وهاجهز الأكل. * ذهبت الزوجة الى المطبخ لإحضار الطعام ..بينما عاد الأب الى مجلسه مرة اخرى ..وظلينظر الى ؼرفة اياد وبابها المؽلق ..وهو يشعر بالقلق والخوؾ على حالة ابنه ..نعم هو يريده ان يعمل ويجتهد ويبذل العرق فى شبابه حتى يفتخر به ..ولكنه مثل اى أب ..لايريد لابنه المشقة والتعب ! ..يشعر بانه له يد فى تلك الحالة اللتى وصل اليها اياد ..فهو من ضؽط عليهبشدة حتى يجد اى عمل يكسب منه قوط يومه ..حتى لو كان عملا مرهقا ولا يحبه ..لا يعرؾ
إذا كان هذا الشعور فى محله أم لا ..ولكنه متأكد بان اياد ليس مرتاحا فى ذلك العمل الجديد ! * مع اول نسمات الصباح ..وبعد عدة دقائق من أذان الفجر ..يبدأ صوت المنبه فى هاتؾ اياد فى الرنين ..هذا يعنى انها اصبحت الخامسة والنصؾ صباحا ..موعد الاستيقاظ والأستعداد للذهاب الى العمل ..فى العادة كان اياد ينهض سريعا مع اول صوت ..ولكن هذه المرة .. كان النوم أقوى قليلا ..والجسد فى وضع الخمول التام ..ادرك اياد صوت المنبه ..ولكنه لا يستطيع ان يمد يده ويؽلقه ..بالكاد يستطيع ان يفتح عيناه ..ظل الهاتؾ فى الرنين ..واياد يقاوم التعب شيئا فشيئا حتى نجح أخيرا فى ان يستفيق ..اؼلق المنبه ونظر الى الساعة ..ثم وضع الهاتؾ على الطاولة مرة اخرى ..بدأ فى الإعتدال على السرير لكى ينهض ولكنه شعر بدوار قليل ..وكإن هناك شيئا ثقيل جدا فوق راسه ..امسك بها بقوة بيديه وحاول ان يضؽط عليها ليذهب ذلك الدوار ..ثم نهض بصعوبة ودخل الى الحمام لكى يؽسل وجهه ومن ثم يؽير ملابسه ويذهب الى العمل . **************************** * وصلت نوران مبكرا الى المكتب ..وساعدت مع عم سليمان فى تحضير الشاى وفطرواسويا ..ولكنها لاحظت ان اياد لم يأتى مبكرا مثل كل يوم فدفعها الفضول لسؤال عم سليمان - : صحيح ياعم سليمان ..هو صاحبنا دا مجاش بدرى زى كل يوم ليه ؟ -انا كمان استؽربت ياست هانم لما جيت وفتحت المكتب ومالقيتوش واقفلى عالباب زى المخبر زى كل مرة ..قلت يمكن ربنا هداه وهيجى النهاردة فى معاده.. -اممم ..ممكن برضه ..اصلا انا امبارح مشيت 5وكان هو لسة موجود !! ..هو روح امتى كدة ؟ -مشى معايا ..وانا بقفل المكتب ..يعنى على حدود الساعة 7كدة. -يااه ..قعد كل دا !! ..انا مش فاهمة الانسان دا مابيريحش أبدا !! ..يعنى ماشاء الله ربنا يديلهالصحة ماقلتش حاجة ..بس عمرى ماشفت حد كدة ..بيفكرنى بحد كنت عارفاه ايام الجامعة ..كان دحيح اوى وبيقعد فى الجامعة لحد المؽرب وبيحضر كل المحاضرات ..كنا كلنا مستؽربين ان فيه حد لسة بيجتهد كدة . .بس برضه ماشاء الله نجح بامتياز وربنا كرمه بشؽل كويس .. رد بسخرية - :جايز يكون دا اخوه ولا حاجة يا ست نوران ..الطبع واحد ! -ههههههههه ..معاك حق والله ..ممكن برضه .
-انا هسيبك تكملى الشؽل بقى ..صحيح انتوا هتنقلوا للاوضة الجديدة النهاردة على الضهريةكدة ..الناس فاضلهم بس تركيب الكوالين بتاعة الباب والادراج وهيسلمونى مفاتيح ال 3مكاتب اللى فى الاوضة ..وبعديها تقدرو تنقلوا إن شاء الله. -خلاص تمام إن شاء الله.* دخل اياد الى المكتب بخطوات بطيئة ..كان يفرك جبهته باصابعه من شدة الالم ..كان يشعر بصداع شديد ..ولا يستطيع ان يفتح عيناه تماما ..ويرى خيالات امامه .. رأى عم سليمان حالته فحاول ان يطمئن عليه - :خير يا استاذ اياد ..انتا كويس ؟؟ أجابه بصوت متألم - :انا كويس ياعم سليمان مفيش حاجة ..دايخ شوية بس ..ممكن كوباية مية ؟؟ -أه طبعا .. أحضر له كوب الماء سريعا ..شربه اياد وتنهد فى وجع - :معلش بقى هتعبك معايا ياعم سليمان ..تعملى كوباية شاى وتجبهالى الاوضة. -بس كدة حاضر من عنيا .. -شكرا .. * دخل اياد الى الؽرفة ..اؼلق الباب وهو يترنح ..تفاجأت نوران من وضعه !! ..نهضت سريعا وتقدمت نحوه ..سألته فى وجل - :ايه يا اياد مالك ؟ -مفيش ..مش مظبوط بس ..حاسس بدوخة و ..كإنى ..هيؽم .. لم يكمل كلماته ..بدأ يفقد توازنه تماما ..لم يستطع المقاومة أكثرمن ذلك وسقط عالارض مؽشيا عليه من التعب ..صرخت نوران من الذعر - :اياااد ..اياااد ..ايه حصل ؟؟ ...عم سليمان الحقنى !!! فتحت الباب سريعا ونادت عم سليمان لكى يأتى لمساعدتها ..وبدأ الاثنان فى رفعه ووضعوه على الكنبة فى الاستقبال ..تكلمت نوران وهى فى حالة من الهلع - :بسرعة ياعم سليمان .. كوباية مية بسرعة ..أؼمى عليه ..اياد رد عليا ..انتا سامعنى ؟؟ ..اياد ؟؟
* بدأت الاصوات المتلاحقة تمتلىء داخل رأس اياد ..وصور كثيرة تمر امام عينيه بسرعة .. يرى نفسه فى مكان واسع ولايوجد أحدا ؼيره ..يرى والديه يقفان بعيدا ويلوحان له بأيديهم .. يسمع صوت نور بوضوح ولكنه لا يجدها امامه ..يأتى يوسؾ ليجذبه بشده ويخبره انه علينا ان نذهب لإننا سنتأخر ..واياد يقول له يجب ان انتظرها ..نور ستأتى ..يوسؾ يعنفه ويخبره انه إذا لم يذهب الان سيتأخر الوقت كثيرا ..وفى النهاية يقتنع إياد و يذهبان سويا. *يشعر انه يسقط من حافة ؼاية فى الارتفاع ..واثناء سقوطه يرى مشاهد تجمعه بنور ..كلماكان بينهم فى 5سنوات ..ويرى نفسه يبكى بكاءا شديدا ..وهناك احدا ما يواسيه ولكن وجههؼير واضح المعالم ..ينفجر إياد فى البكاء ولا يتذكر لماذا هو يبكى ..ولكنه يرى اناسا كثيرونيمرون من امامه وينظرون اليه فى شفقة ثم يذهبون ..يحاول ان يتذكر ما الذى جعله يبكى بهذه الحرقة ولكنه لا يفلح فى ذلك ..كان يعتقد انه بسبب نور ..ولكنه لايظن ان هذا هو السبب ! * يعود اخيرا الى الواقع ..ولكنه لا يقدر على ان يفتح عينه ..هو يدرك الان فقط بإنه كان يحلم ..ولكن لا يعلم منذ متى ..كان يشعر وكإنه يحلم منذ زمن طويل ..وكإنه نائم لسنين ...يحاول ان يتذكر ماحدث له ولكن كل الاحداث مشوشة ..يشعر ان جسده ؼير موجود ..ورأسه تدور وتدور ..بالكاد يشعر بان هناك أطرافا تلامس يده اليسرى ..ويسمع بعض الاصوات الخافته قادمة من بعيد ..بدا يعود الى وعيه تدريجيا ويتذكر ..يتذكر كيؾ كان ضعيفا ومرهقا ..وكيؾ سقط فى المكتب ..وكانت اصوات نوران وعم سليمان هى اخر من وصلت الى اذنيه قبل ان يؽيب عن الوعى تماما ..بدأ يفتح عينه قليلا ..كان ضوء المكان قوى فتعثرت عليه الرؤية بوضوح فى البداية ..واخذ ثانية أو اكثر حتى يعتاد ..وأدرك انه نائم فى ؼرفة فى مستشفى ..بدأ يشعر بالدم يسرى فى عروقه مرة اخرى وان جسده يتحرك ..وتاكد ان هناك أحدا يمسك بيده ..ويلامسها برفق ..كانت لديه ظنونه ..فحرك رأسه الى اليسار قليلا ليرى ويتاكد ..كانت هى ..تنظر اليه فى خوؾ وقلق ..وبدت الابتسامه على محياها عندما رأته يفتح عينه وينظر اليها ..لكنه لم يشعر بالمثل ..تكلم بصوت ضعيؾ : -نوران !! ...إنتى بتعملى إيه هنا !! ..بالطبع تفاجاءت قليلا من ذلك السؤال ..ولكنها جاوبت فى تنهد - :الحمد لله ..انتا كويس ؟؟ .. انا اتخضيت عليك والله ..بس الحمد لله جت سليمة. -انا كويس مفيش حاجة.سحب يده سريعا ..فنظرت اليه متعجبة ..وسحبت يدها هى الاخرى فى حرج - :الدكتور قال ان ضؽطك كان واطى جدا بسبب قلة الاكل ..وماينفعش تهمل نفسك كدة. -توقعت ..عالعموم انا حاسس انى احسن ..مش عايز اتعبك معايا اكتر من كدة ..شكرا عاللى عملتيه.
-انتا بتقول ايه بس ..المهم انتا ريح دلوقتى وانا هنده الدكتور يجى يشوفك.وضعت ظهر يدها على جبهته لتتفقد حرارته - :الحمد لله رجعت حرارتك طبيعية ..انتا كنت متلج من شوية.لاحظ اياد اهتمامها به ..كان باديا عليها الخوؾ فعلا ..فسلك اقصر الطرق للرد - :نوران .. بتعملى ايه ..خلاص انا هبقى كويس ..ممكن انتى تروحى زمانك إتأخرتى . أبعد يدها من على جبهته بسرعة ..ونظر الى الجهة المقابلة ..شعرت نوران بصدمه من اسلوبه فى الحديث وطريقة تعامله وظلت تنظر اليه فى دهشة ..لم تصدق انه يعاملها بتلك الطريقة ..نهضت وهى فى حالة استياء شديدة وتحدثت فى أسى - :طيب ..براحتك انا مش عايزة اتعبك ..هنده الدكتور الاول وهمشى حاضر ..حمدالله عالسلامة مرة تانية. * نهضت نوران لتجد سامى ..يقؾ امام باب الؽرفة وينظر اليها ؼاضبا ! ..وكإنه كان واقفا منذ فترة ..توقفت فى مكانها قليلا وهى تنظر اليه ..ثم اكملت السير حتى خرجت من الؽرفة واؼلقت الباب خلفها .. * صاح سامى فى وجهها - :انتى بتعملى ايه يانوران ..اتجننتى !! ردت فى عصبية :ماتزعقش وصوتك مايعلاش عليا ..متنساش ان احنا فى مستشفى. -انتى كنتى بتعملى ايه دلوقتى معاه !! ..قاعدة جنبه وماسكه ايده ومش عارؾ بتحطى ايدك على راسه وبتتكلمى معاه بدلع ..انتى نسيتى نفسك ياهانم ولا ايه !! -لا ..دانتا زودتها ..يظهر انتا اللى نسيت نفسك ..انتا بتحاسبنى على ايه ؟! انا معملتش حاجة ؼير انى كنت بطمن على زميل ليا وقع قدامى واؼمى عليه ..وكان لازم ابقى معاه فى المستشفى عشان مفيش حد تانى فى المكتب يروح معاه !! ..ولا كنت عايزنى اسيبه كدة لما يجراله حاجة ؟!! -وعم سليمان فين إن شاء الله ..ليه هو مايجيش معاه ..او السكرتيرة اللى اسمها هاجر دى .. ليه انتى تيجى معاه المستشفى وبصفتك ايه !! -عم سليمان ماينفعش يسيب المكتب عشان العمال ..وكمان السكرتيرة مكنتش جت لما دا حصل .. -ليه مكانتش جت ..انتوا هنا من امتى ؟!!
-من 7ونص ..ليه يعنى هتفرق فى ايه ؟ -من امتى وانتى بتنزلى المكتب بدرى اوى كدة ؟؟ ارتبكت قليلا - :الله صحيت بدرى قلت انزل بدرى فيها ايه يعنى . .وبعدين مش دا موضوعنا..الموضوع دلوقتى ان اياد تعبان جدا من كتر الشؽل و ضؽطه وطى واؼمى عليه ..ميحقلكش انك تحاسبنى على انى كنت جنبه .. -والله محدش قاله اعمل فى نفسك كدة ..ومدام مش قد الشؽل الباب يفوت جمل .. -ياسلام ..هى بالنسبالك بسيطة اوى كدة ..انا مش هرد عليك وهروح اشوؾ الدكتور.جذبها من ذراعها بقوة - :نوران ..اوعى تختبرى صبرى ..علاقتك بالواد دا زادت عن الحد ..انا ماسك نفسى وبحاول اعمل عبيط ..بس صدقينى انا مش عارؾ ممكن اعمل ايه لو صبرى نفذ .. سحبت ذراعها فى عنؾ وصرخت فى وجهه - :انتا اتجننت ياسامى ايه اللى بتعمله دا ؟!! .. انتا فاكر نفسك ملكتنى ولا ايه ! ..بتخوفنى يعنى ؟! ..بس انا بقى مبخافش ..لانى مبعملش حاجة ؼلط زى ماقلتلك ..وحسك عينك تمسك دراعى تانى ..عن إذنك. *ذهبت نوران الؽاضبة وجعلت سامى فى حالة كبيرة من السخط ..ضرب الحائط بقبضة يدهمن شدة ؼضبة \":ماشى يانوران ..ماشى ..يظهر انك اتجننتى خلاص ..بس انا عارؾ ازاى ارجعك لعقلك\"* كان يكره إحساس الضعؾ هذا ..كان يريد ان يقوم على قدميه مرة اخرى ..يجب ان يستمرفى العمل حتى ينسى ..العمل فقط ينسيه ما حدث ..ولكنه ادرك انه ضؽط على نفسه أكثر مناللازم ..وانه عمل بشكل مبالػ فيه ..هذا ما أوصله الى ما هو فيه الان ..اياد يعلم انه هو من اذى نفسه ..لكى ينسى نور وما مر به من ايام صعبة الفترة الماضية ..حاول ان يصب كل ؼضبه فى العمل بشكل مستمر ..ولكنه حتى لم يفلح بذلك ..وسقط ..والان يريد ان ينهض مجددا ..لانه يكره السقوط. *دخل الطبيب الى الؽرفة ليطمئن عليه ..اعتدل اياد فى جلسته وقبل ان يتكلم الطبيب بدأ هو بالحديث - :دكتور ..قبل ماتقول اى حاجة ..انا عايزك بس تعمل حسابك انى مش هبات فى المستشفى ليلة واحدة ..وعايز اخرج النهاردة ..ودلوقتى كمان ..انا كويس ومفييش حاجة الحمد لله ..ياريت تكتبلى إذن خروج ..من فضلك.
إبتسم الدكتور وتحدث اليه فى ثقة - :ياسيدى ان كان عليا مش عايزك تقعد هنا دقيقة واحدة .. بس انتا لازم تاخد بالك من نفسك لان اللى حصل دا مش بسيط وممكن يتكرر ..هكتبلك على فيتامينات عشان تقويك بس الاهم هو الاكل ..لو ماكلتش كويس وشربت سوائ ل كتير الايام الجاية العواقب هتكون وخيمة . .اظن الكلام واضح . -حاضر يادكتور اوعدك انى هاخد بالى من موضوع الاكل. -اذا كان كدة يبقى تمام ..مش عايزك كمان تضؽط نفسك فى الشؽل او فى البيت ..ماتحطش نفسك تحت اى ضؽط عصبى ايا كان ..حاول تسترخى على قد ماتقدروتريح اعصابك. -حاضر ..إن شاء الله. -طيب ..انا هكتبلك اهه إذن خروج ..وتمشى عالادوية والفيتامينات دى لمدة اسبوع واشوفك بعدها ..ضرورى ها ..ولو كان هنجددها. -تمام ..هقدر اخرج امتى ؟ -دلوقتى لو قادر وحاسس ان رجلك شايلاك ؟ -اه انا كويس ..الحمد لله احسن من الصبح بكتير .. -طيب خلاص إذا كان كدة هخلى الممرضة تساعدك فى اجراءات الخروج ..محدش هيجى ياخدك عالاقل ؟ -لا ..انا هروح لوحدى ..متخافش انا قادر امشى الحمد لله . -براحتك ..زى ماتحب ..حمد الله عالسلامة. -الله يسلمك ..شكرا يادكتور. *خرج الدكتور ومن خلفه اياد بعد ان جمع متعلقاته من الؽرفة ..وذهب الى الممرضة ليسألها عن معاملات الخروج ..طلبت منه الانتظار قليلا ..كان اياد بدأ يشعر بتحسن قليل عما كانفى الصباح ..ذلك الدوار خؾ كثيرا ..واصبح يرى بوضوح ..كان يتلفت حوله ويتفحص فى الارجاء ..كان يبحث عن نوران ..لا يعرؾ لماذا ..يبدو انها ذهبت كما طلب منها ..لم ينشؽل ..وظل يتابع مع الممرضة الاجراءات.
Search
Read the Text Version
- 1 - 20
Pages: