Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الكفالة في الإسلام

الكفالة في الإسلام

Published by amr.geek.95, 2021-09-19 18:34:22

Description: الكفالة في الإسلام

Search

Read the Text Version

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫هل يجوز للنساء‪ ‬كفالة؟‬ ‫الذكور من الأيتام‬ ‫كفالة‪ ‬الأيتــام عمــل نــدب الشــرع إليــه وحــض عليــه‬ ‫المســلمين ذكــو ًرا وإنا ًثــا مــا لــم يترتــب عليــه محظــور‬ ‫شــرعي‪ ،‬وجعلــه قربــة مــن القربــات إلــى الله تعالــى‪،‬‬ ‫الأيتــام‪،‬‬ ‫ووالعرليـجــاهلفايلذجــكـوزوأرنمنيهكـفــملم الطنل ًقســـاا‪ُ ،‬أء املـإانـأـان َيثكمـفــنل‬ ‫الذكـو ُر‬ ‫الإنــا َث أو النســاء الذكــو َر منهــم فجائــز كذلــك وذلــك‬ ‫كلــه مــا لــم يترتــب عليــه محظــور شــرعي‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬مجموعة الفتاوى الشرعية‬ ‫رقم الفتوى‪4175 :‬‬ ‫‪51‬‬

‫ما هي الضروريات‬ ‫التي يجب على‬ ‫الكافل توفيرها‬ ‫لليتيم الفقير؟‬ ‫‪52‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫كفالة‪ ‬اليتيم‪ ‬الأصــل فيهــا النــدب وليــس الوجــوب‪،‬‬ ‫وهـي عامـة فـي كل مـا يحتاجه‪ ‬اليتيم‪ ‬مـن الطعام‬ ‫والمسـكن والملبـس والتعليـم والتطبيـب والتربيـة‬ ‫وســائر الحاجــات الأخــرى‪ ،‬التــي يتطلبهــا اســتمرار‬ ‫الحيـاة وحسـن التنشـئة وجعلـه عضـ ًوا مثمـ ًرا ناف ًعـا‬ ‫فـي المجتمـع يقـدم فيهـا الأهـم فالأهـم‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬مجموعة الفتاوى الشرعية‬ ‫رقم الفتوى‪5714 :‬‬ ‫‪53‬‬

‫من هم‬ ‫الأولى‬ ‫لكفالة‬ ‫الفذيالكحوحاارل أةج تةم ا؟سلاإونايث‬ ‫‪54‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫الأولــى بالرعايــة مــن الأيتــام أشــدهم حاجــة‬ ‫للرعايـة‪ ،‬وعليـه فالأصغـر أولـى بهـا مـن الأكبـر‬ ‫منــه‪ ،‬والأفقــر أولــى بهــا مــن الأقــل فقــ ًرا‪...‬‬ ‫وهكـذا‪ ،‬ولا فـرق فـي ذلـك بيـن ذكـر وأنثـى في‬ ‫الأصـل‪ ،‬إلا أن الأنثـى فـي الغالـب مـا تكـون أشـد‬ ‫حاجــة للرعايــة مــن الذكــر لقــدرة الذكــر علــى‬ ‫العمــل دونهــا‪ ،‬ولهــذا أمكــن أن نعــد الأنثــى‬ ‫هــي الأولــى بالرعايــة مــن الذكــر عنــد تســاوي‬ ‫حاليهمــا‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬مجموعة الفتاوى الشرعية‬ ‫رقم الفتوى‪4175 :‬‬ ‫‪55‬‬

‫من هو‪ ‬اليتيم‪،‬‬ ‫ وما هو المستند‬ ‫الشرعي الذي يستند‬ ‫إليه بعض العلماء في أن‬ ‫صفة‪ ‬اليتيم‪ ‬تنتهي عند‬ ‫بلوغه ‪ 18‬سنة‬ ‫؟‬ ‫اليتيم‪ ‬من الناس في‬ ‫اللغة والشرع هو‪ :‬الصغير‬ ‫الذي مات أبوه ‪-‬ذك ًرا كان‬ ‫أو أنثى‪ -‬وهو دون البلوغ‪،‬‬ ‫فإذا بلغ انتهى يتمه‬ ‫حقيقة لقوله صلى الله‬ ‫عليه وسلم « َلا ُي ِت ُّم َب ْع َد‬ ‫الا ْح ِتلام» أخرجه أبو داود‬ ‫من حديث علي بن أبي‬ ‫طالب رضي الله عنه‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫قـال فـي اللسـان‪ :‬وإذا بلغـا زال عنهمـا اسـم اليتـم حقيقـة‪،‬‬ ‫والبلــوغ يكــون لــدى أكثــر الفقهــاء بإتمــام الغــام أو الفتــاة‬ ‫الخامســة عشــر مــن العمــر‪ ،‬إلا أن يحتلــم الغــام أو تحيــض‬ ‫الفتـاة قبـل ذلـك‪ ،‬فـإن احتلـم الغـام فـإن كان بعـد الثانيـة‬ ‫عشـر ُعـ َّد بال ًغـا بالاحتـام‪ ،‬وإن كان قبلهـا لـم ُي َعـ َّد بال ًغـا حتى‬ ‫يبلغهــا‪ ،‬أمــا الفتــاة فــإن حاضــت بعــد التاســعة ُعــ َّد ْت بالغــة‬ ‫بالحيـض‪ ،‬وإن كانـت قبلهـا لـم ُت َع َّد بالغـة حتى تبلغ التاسـعة‪.‬‬ ‫والإسـام كفـل الأيتـام الفقـراء كمـا كفـل جميـع مـن بهـم‬ ‫ا َولأَحلا َهشـجـاع َرلة ِبيإـاـللـه َّسىوـاَّبلانسَبــِفةل َقوـامْل‪:‬ةُ«وأَ َن ْكــسااـل ََوفط َقكـاىر‪ِ،‬اف َـوـء َُفولـا َّلار ْل ََيمقِتر َبي ْـيـ َنضـ ُِهمىمَـكقاـ»َاهاذ َتل ْيرـكــ ِرسنـه ِاوفلــلمانيـلالْلذهر َجيَّنصــلـفِة «‪،‬ىي‬ ‫الترغيـب والترهيـب وقـال رواه البخـاري وأبـو داود والترمـذي‪..‬‬ ‫وذلــك عــن طريــق فــرض النفقــة لهــم علــى أقربائهــم‬ ‫الموســرين الأقــرب منهــم فالأقــرب‪ ،‬فــإذا لــم يكــن‬ ‫لليتيــم الفقيــر قريــب‪ ،‬فــإن النفقــة تجــب فــي بيــت مــال‬ ‫المســلمين‪ ،‬كمــا نــدب الإســام الموســرين مــن المســلمين‬ ‫إلى‪ ‬كفالة‪ ‬الأيتــام والإنفــاق عليهــم حتــى يســتغنوا‪ ،‬فــإذا‬ ‫اســتغنى‪ ‬اليتيم‪ ‬عن الكفالة‪- ‬بــأي طريــق كان ـ‪ ،‬ســقط‬ ‫النـدب عـن الكفيـل سـواء بلغ‪ ‬اليتيم‪ ‬الحلـم أو لـم يبلـغ‪ ،‬فـإذا‬ ‫بلغ‪ ‬اليتيم‪ ‬ولـم يسـتغن‪ -‬كأن كان طالـب علـم أو كان عاجـ ًزا‬ ‫عـن الكسـب لمـرض أو غيـره‪ ،‬بقـي نـدب الكفالة‪ ‬قائ ًمـا حتـى‬ ‫يســتغني‪ ،‬وأصبحــت الكفالة‪ ‬كفالة‪ ‬محتــاج لا‪ ‬كفالة‪ ‬يتيــم‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬مجموعة الفتاوى الشرعية‬ ‫رقم الفتوى‪57 4175 :‬‬

‫ما هو التصرف الشرعي‬ ‫في حال طلب الكافل‬ ‫استمرار كفالة اليتيم‬ ‫بعد انتهاء‬ ‫سن الكفالة‬ ‫؟‬ ‫‪58‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫من كان كاف ًلا يتي ًما فله أجر كفالة اليتيم‬ ‫إلى أن يبلغ ثماني عشرة سنة أو يحتلم‪ ،‬أو‬ ‫تحيض الأنثى أو تتزوج‪ ،‬وما بعد ذلك تكون‬ ‫كفالته من جملة الصدقات وفعل الخير‪،‬‬ ‫ينبغي له أن يستمر بمعروفه معه حتى‬ ‫يكفل نفسه بعمل أو زواج الأنثى‪.‬‬ ‫ولا ســيما إن كان طالــب علــم‪ ،‬فــإن مــن تمــام‬ ‫معروفــه معــه أن يواصــل إحســانه إليــه حتــى‬ ‫يتخــرج‪ ،‬ولــه بذلــك أجــر إعانــة طالــب العلــم‪،‬‬ ‫ويكــون مدخــ ًرا لنفســه أجــر الصدقــة الجاريــة‬ ‫إن شـاء الله تعالـى‪ ،‬التـي منهـا‪ :‬علـم ينتفـع بـه‪،‬‬ ‫ومعي ًنـا علـى البـر والتقـوى‪ ...‬ولكـن عليكـم أنتم‬ ‫أن تبينـوا لـه حـد اليتـم شـر ًعا‪ ،‬ليكـون علـى بينـة‬ ‫مـن أمـره‪ ،‬ثـم ترغبونـه بمواصلـة فعـل الخيـر إن‬ ‫أح ـب‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬دائرة الشؤون الإسلامية‬ ‫والعمل الخيري بدبي‬ ‫رقم الفتوى‪1316 :‬‬ ‫‪59‬‬

‫هل يؤجر كافل‬ ‫مجهول النسب‬ ‫كما يؤجر‬ ‫كافل ؟‬ ‫اليتيم‬ ‫‪60‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫حــث الإســام علــى كفالــة اليتيــم والإحســان‬ ‫إليــه والقيــام بأمــره ومصالحــه‪ ،‬وجعــل‬ ‫الرســول ‪-‬صلــى الله عليــه وســلم‪ -‬كافــل‬ ‫اليتيــم مجــاورا لرســول الله فــي الجنــة‪ ،‬فقــال‬ ‫‪-‬صلــى الله عليــه وســلم فيمــا رواه مســلم‪:-‬‬ ‫«أنـا وكافـل اليتيـم ‪-‬لـه أو لغيـره‪ -‬فـي الجنـة‬ ‫كهاتيـن‪ ،‬وأشـار بأصبعيـه السـبابة والوسـطى»‪،‬‬ ‫والمــراد بقولــه «لــه» أن يكــون اليتيــم معــروف‬ ‫النســب للكافــل والمــراد بكلمــة «لغيــره» أن‬ ‫يكــون اليتيــم مجهــول النســب للكافــل‪.‬‬ ‫وبنـاء عليـه وفـي واقعـة السـؤال‪ :‬فـإن كفالـة‬ ‫مجهــول النســب يؤجــر عليهــا الكافــل كمــا‬ ‫يؤجــر علــى كفالــة اليتيــم معــروف النســب‬ ‫تمامــا وأمرهمــا ســواء‪ .‬وهــذا إذا كان الحــال‬ ‫كمــا ورد بالســؤال‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬دار الافتاء المصرية‪،‬‬ ‫المفتي علي جمعة‬ ‫رقم الفتوى‪ 1780 :‬لسنة ‪2004‬‬ ‫‪61‬‬

‫هل يدخل‬ ‫إضافة لقب‬ ‫الكافل إلى‬ ‫المكفول‬ ‫في‬ ‫حكم‬ ‫التبني‬ ‫المحرم‬ ‫؟‬ ‫إضافة لقب الكافل‬ ‫إلى اسم المكفول‬ ‫لا يدخل في نطاق‬ ‫التبني المحرم شر ًعا؛‬ ‫‪62‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫بــل يجــوز شــر ًعا لكافــل الطفل‪ ‬اليتيــم‪ ‬أو مجهــول‬ ‫النســب أن يضيــف لقــب عائلــة ذلــك الكافــل ‪-‬ســواء‬ ‫أكان رجــا أم امــرأة‪ -‬إلــى اســم الطفــل‪ ،‬أو أن يغيــر‬ ‫الاســم الأخيــر مــن اســم الطفــل إلــى اســم تلــك‬ ‫العائلــة‪ ،‬بحيــث يظهــر مطلــق الانتمــاء إليهــا دون‬ ‫الإخـال أو التدليـس بأنـه ابنـه أو ابنتـه مـن صلبـه‪ ،‬وتكون‬ ‫تلــك الإضافــة مثــل علقــة الــولاء التــي كانــت بيــن‬ ‫القبائــل العربيــة قديمــا‪ ،‬والــولاء جائــز شــر ًعا‪ ،‬ويحقــق‬ ‫مصلحـة الطفـل فـي مراحلـه العمريـة المختلفـة مـع‬ ‫الاحتفـاظ بالأحـكام الشـرعية مـن حرمـة التبنـي ومـا‬ ‫يترتــب عليــه مــن آثــار شــرعية‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬دار الإفتاء المصرية‪،‬‬ ‫المفتي‪ :‬على جمعة‪.‬‬ ‫رقم الفتوى‪ 1376 :‬لسنة ‪.2008‬‬ ‫‪63‬‬

‫المماجخنتحلكفسي؟منوالمعاكنفهااللوةطوعفضنلعدالهومبجالكونفدوأسببلناةفءل آلأيخرسيرةن؟‬ ‫يقـول الدكتـور محمـد بكر إسـماعيل‬ ‫‪64‬‬ ‫الأسـتاذ بجامعـة الأزهر‪:‬‬ ‫اعلـ ْم أن اليتيـم شـر ًعا هـو صغيـ ٌر مـا َت‬ ‫أبـوه‪ ،‬فـإذا بلـغ ال ُح ُلـم لـم َي ُعـ ْد َي ِتي ًمـا‪،‬‬ ‫ولكـن لا ُيسـ َّلم لـه ما ُلـه ـ إن كان له مال‬ ‫ـ إلا إ َذا بلـغ الرشـد‪ ،‬وذلـك ُيعـ َرف باختباره‬ ‫فـي التص ُّرفـات الماليـة وغيرهـا‪،‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫فإذا رأيناه ُيحسن التص ُّرف س َّلمناه ماله‪ ،‬لقوله‬ ‫آت َنوعْماسل ُتعن ْى‪:‬مى( ِم(واْان ْبْب َُتَت ُهلُل ْوواامااُرلليَيْتَتشاا ًدَمام َفىىا)‪ْ :‬داح ََّتْفخ َُتعىِب ُإورا َذوإال َبهي َل ْ ُهغموماف أال ْيِّمنا َلوكاأ َلاعَحهم َاْف ِإمل)ْن‬ ‫والتص ُّرفات المالية وغيرها حتى َتعلموا أنهم‬ ‫قادرون على إدارة أموالهم ب ِخبرة و ِح ْكمة‪.‬‬ ‫أما وضع اليتيم مع الأسرة‪ :‬فإنه أجنبي عنها‪ ،‬فإذا‬ ‫بلغ وجب معاملته كأجنبي‪ ،‬وقد أبطل الله التبني‬ ‫وحرمه‪ ،‬مع الترغيب في كفالته‪ ،‬فلا يحرم تزوجه‬ ‫من أولاد المتبني؛ مالم يوجد مانع آخر كالرضاعة‪،‬‬ ‫ويجب على زوجته وبناته التحجب أمامه منذ البلوغ‬ ‫أو انتباهه لأمور النساء‪ ،‬ويحرم عليهن الخلوة‬ ‫به وغير ذلك مما ينطبق على الأجنبي‪.‬‬ ‫كما يجب أن يفصل بينه وبين‬ ‫أولاد الكافل له المختلفين‬ ‫عن جنسه؛ في المضجع‬ ‫الذي ينامون فيه إذا قارب‬ ‫البلوغ‪ ،‬لأن الفصل بين‬ ‫الذكور والإناث واجب منذ‬ ‫بلوغهم العاشرة ولو‬ ‫كانوا إخوة‪ ،‬لقوله صلى‬ ‫الله عليه وسلم‪( :‬مروا‬ ‫أولادكم بالصلاة‬ ‫لسبع‪ ،‬واضربوهم‬ ‫عليها لعشر‪،‬‬ ‫وفرقوا بينهم في‬ ‫المضاجع) ‪65‬‬

‫فتاوى‬ ‫خاصة بحملة‬ ‫كفالة‬ ‫‪66‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫‪67‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما المقصود بالكفالة في حديث النبي ﷺ «وأنا وكاف ُل اليتيم في الج َّن ِة هكذا»؟‬ ‫جــ ‪ -‬الحمـد للـه‪ ،‬والصـاة والسـام عـى سـيدنا رسـول اللـه ﷺ‪ ،‬وبعـد‪ :‬فـإن كفالـة اليتيـم هـي اسـ ٌم جامـ ٌع‬ ‫لرعايـة اليتيـم رعايـ ًة ماديَّـ ًة ومعنويـة‪ ،‬حتـى ُي َنـ ِّز َل كافـ ُل اليتيـ ِم نف َسـ ُه منزلـ َة الوالـد مـن اليتيـم‪ ،‬يقـول‬ ‫ابـ ُن َح َجـ ٍر‪« :‬كافـل اليتيـم‪ :‬أي الق ِّيـ ُم بأمـره ومصالحـه» [فتـح البـاري لابـن حجـر‪ ،]436 /10 :‬وهـذه المصالـح‬ ‫تشـمل المصالـح الماد ّيَـ َة مـن الطعـام والكسـوة والنفقـة‪ ،‬والمصالـح المعنويـة مـن التعليـم والتربيـة والعطـف‬ ‫والحنـان‪ ،‬والمصالـح الأُخرو َّيـة مـن تعليمـه أمـور دينـه‪ ،‬قـال النـووي‪« :‬كافـل اليتيـم‪ :‬القائـم بأمـوره مـن‬ ‫نفقـة وكسـوة وتأديـب وتربيـة وغـر ذلـك» [شرح النـووي عـى مسـلم (‪ ،])113 /18‬وجـاء في الحديـث عـن‬ ‫رسـول اللـه ﷺ أنـه قـال‪« :‬وأنـا وكافـل اليتيـم في الج َّنـة هكـذا» وأشـار بالسـ َّبابة وال ُوسـطى‪ ،‬وفـ َّرج بينهـا‬ ‫شـي ًئا [صحيـح البخـاري رقـم (‪.])5304‬‬ ‫وفي هـذا التعبـر دلالـ ٌة عـى قـرب منزلـة كافـل اليتيـم مـن النبـي ﷺ في الجنـة‪ ،‬وأنـه لا واسـطة بـن كافـل‬ ‫اليتيـم وبـن النبـي ﷺ‪ ،‬كـا أنـه لا واسـطة بـن السـ َّبابة وال ُوسـطى [إكـال المعلـم بفوائـد مسـلم‪.]531 /8:‬‬ ‫والله –سبحانه‪ -‬أعلى وأعلم‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل المقصود بالكفالة التب ُّرعات ل ُدور الأيتام أو كفالة اليتيم في بيت كافله؟‬ ‫جــــ‪ :‬الكفالـة‪ :‬اسـ ٌم جامـ ٌع لرعايـة اليتيـم والاعتنـاء بـه نفسـ ًّيا وبدن ًّيـا وتربويًّـا‪ ،‬سـواء أكان اليتيـم قري ًبـا‬ ‫لكافلـه أم لا‪ ،‬وسـواء أكان في بيتـه أم لا‪ ،‬وسـواء أكانـت رعايـة اليتيـم مـن مـال الكافـل لـه‪ ،‬أم كان لليتيـم‬ ‫مـال والكافـل يحافـظ عـى هـذا المـال ويوجهـه الوجهـة الصحيحـة‪ ،‬وفي هـذا يقـول رسـول اللـه ﷺ‪« :‬كافـ ُل‬ ‫اليتيـم لـه أو لغـره أنـا وهـو كهاتـن في الجنـة»‪.‬‬ ‫قـال النـوو ُّي‪« :‬كافـ ُل اليتيـم القائـ ُم بأمـوره مـن نفقـة وكسـوة وتأديـب وتربيـة وغـر ذلـك وهـذه الفضيلـة‬ ‫تحصـل لمـن كفلـه مـن مـال نفسـه أو مـن مـال اليتيـم بولايـة شرعيـة‪ ،‬وأ َّمـا قولـه‪ :‬لـه أو لغـره‪ ،‬فالـذي لـه‬ ‫أن يكـون قري ًبـا لـه كجـ ِّده وأ ِّمـه وج َّد ِتـه وأخيـه وأختـه وع ِّمـه وخالـه وع َّمتـه وخالتـه وغيرهـم مـن أقاربـه‪،‬‬ ‫والـذي لغـره أن يكـون أجنب ًّيـا»[شرح النـووي عـى صحيـح مسـلم (‪.])113 /18‬‬ ‫والرعايـة والتربيـة كـا تكـون في بيـت الكافـل تكـون في ُدور الرعايـة‪ ،‬ولكـن كُلَّـا كانـت الرعايـة أكمـل‬ ‫وأشـمل كان الثـوا ُب أعظـ َم‪ ،‬ويدخـل في هـذا الحديـث ‪-‬أي ًضـا‪ -‬المـرأ ُة التـي يتـو َّف زوجهـا ويـرك لهـا أطفـا ًل‬ ‫صغـا ًرا فتحسـن تربيتهـم وكفالتهـم‪ .‬وكفالـة اليتيـم لا تعنـي تدليلَـه وإهما َلـه وتربيتـه عـى الميوعـة وال ّلِـن‪،‬‬ ‫وعـدم معاقبتـه إن أخطـأ كـا َيتصـور جهـ ًا بعـ ُض النـاس‪ ،‬وإنمـا كفالـة اليتيـم أن يصـر الكافـل أ ًبـا معنو ّيًـا‬ ‫لليتيـم يتعاهـده ويعلِّ ُمـه الصـواب مـن الخطـأ‪ ،‬ويعاقبـه عقابًـا خفي ًفـا مناسـ ًبا كـا يعاقـب الأ ُب اب َنـ ُه إن‬ ‫اقتـى الأمـر ذلـك‪ ،‬ف َعـ ْن َجا ِبـ ٍر َقـا َل‪ُ :‬قلْـ ُت ِل َر ُسـو ِل اللـ ِه ﷺ‪ِ « :‬مـ َّم َأ ْ ِض ُب ِم ْنـ ُه يَ ِتي ِمـي؟ َف َقـا َل‪ِ « :‬مـ َّا كُ ْنـ َت‬ ‫َضا ِربًـا َولَـ َد َك‪َ ،‬غـ ْرَ َوا ٍق َما َلـ َك ِبَالِـ ِه‪َ ،‬و َل ُم َتأَثِّـ ٍل ِمـ ْن َمالِـ ِه َمـا ًل» [السـنن الكـرى للبيهقـي رقـم (‪.])10993‬‬ ‫واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪69‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما فض ُل كفالة اليتيم؟ وكيف يكون ثوابُها ؟‬ ‫جــــ‪ :‬فضـل كفالـة اليتيـم‪ :‬كفالـة اليتيـم مـن أفضـل ُسـ ُب ِل الخـر التـي حـ َّث عليهـا القـرآن الكريـم‪ ،‬قـال اللـه‬ ‫‪-‬تعـالى‪{ :-‬يَ ْسـأَ ُلونَ َك َمـا َذا يُ ْن ِف ُقـو َن ُقـ ْل َمـا َأنْ َف ْق ُتـ ْم ِمـ ْن َخـ ْرٍ َفلِلْ َوا ِل َد ْيـ ِن َوا ْلَ ْق َر ِبـ َن َوالْ َي َتا َمـى َوالْ َم َسـا ِكي ِن َوابْـ ِن‬ ‫ال َّسـ ِبي ِل َو َمـا تَ ْف َع ُلـوا ِمـ ْن َخـ ْ ٍر َفـ ِإ َّن ال َّلـ َه ِبـ ِه َعلِي ٌم}[سـورة البقـرة الآيـة ‪.]215‬‬ ‫وقـال ‪-‬تعـالى‪َ { :-‬وا ْع ُبـ ُدوا اللَّـ َه َو َل تُ ْ ِش ُكـوا ِبـ ِه َشـ ْي ًئا َو ِبالْ َوالِ َديْـ ِن إِ ْح َسـانًا َو ِبـ ِذي الْ ُقـ ْر َب َوالْ َي َتا َمـى َوالْ َم َسـا ِكي ِن‬ ‫َوا ْل َجـا ِر ِذي ا ْل ُقـ ْر َب َوالْ َجـا ِر ا ْل ُج ُنـ ِب َوال َّصا ِحـ ِب ِبا ْل َج ْنـ ِب َوا ْبـ ِن ال َّسـ ِبي ِل َو َمـا َم َل َكـ ْت أَ ْيَانُكُـ ْم ِإ َّن ال َّلـ َه َل ُي ِحـ ُّب‬ ‫َمـ ْن َكا َن ُم ْخ َتـا ًل َف ُخـو ًرا} [سـورة النسـاء الآيـة ‪.]36‬‬ ‫ووردت أحاديـث كثـر ٌة في فضـل كفالـة اليتيـم والإحسـان إليـه منهـا‪ :‬عـن سـهل بـن سـعد ‪-‬رضي اللـه عنـه‪-‬‬ ‫قـال‪ :‬قـال رسـو ُل اللـه ﷺ‪« :‬مـن ضـ َّم يتيـ ًا بـن أبويـن مسـلمين إلى طعامـه وشرابـه حتـى يسـتغني عنـه‬ ‫وجبـت لـه الجنـة ألبتـة» [مسـند أحمـد رقـم‪.]19025‬‬ ‫عـن أبي هريـرة‪ :‬أ َّن رجـ ًا‪ ،‬شـكا إلى رسـول اللـه ﷺ قسـوة قلبـه‪ ،‬فقـال‪« :‬إن أردت أن يلـن قلبـك فأطعـم‬ ‫المسـكين‪ ،‬وامسـح بـرأس اليتيـم» [مـكارم الأخـاق للطـراني رقـم (‪ ،])107‬وغـر ذلـك مـن النصـوص كثـر‪.‬‬ ‫واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪70‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما الفرق بين كفالة اليتيم والتب ِّني‪ ،‬وما هي أكمل صورة للكفالة ؟‬ ‫جــــ‪ :‬الفـرق بـن كفالـة اليتيـم والتب ِّنـي‪ :‬أ َّن الكفالـة رعايـة لليتيـم مـع احتفـاظ اليتيـم بنسـبه الحقيقـي‪ ،‬أمـا‬ ‫التب ِّنـي فهـو أن ينتسـب الطفـل لغـر أبيـه‪.‬‬ ‫والكفالـة مسـتحبة ومنـدوب إليهـا‪ ،‬وهـي مـن أعـال الـرِّ كـا سـبق‪ ،‬أمـا التب ِّنـي فهـو محـ َّرم باتفـاق‪ ،‬قـال‬ ‫‪-‬تعـالى‪َ { :-‬و َمـا َج َعـ َل أَ ْد ِع َيا َءكُـ ْم َأ ْب َنا َء ُكـ ْم َذ ِلكُـ ْم َق ْو ُلكُـ ْم ِبأَ ْف َوا ِهكُـ ْم َوال ّلَـ ُه يَ ُقـو ُل الْ َحـ َّق َو ُهـ َو َي ْهـ ِدي ال َّسـ ِبي َل‬ ‫(‪ )4‬ا ْد ُعو ُهـ ْم ِلبَائِ ِهـ ْم ُهـ َو َأ ْق َسـ ُط ِع ْنـ َد اللَّـ ِه َفـإِ ْن لَـ ْم تَ ْعلَ ُمـوا آبَا َء ُهـ ْم َفإِ ْخ َوانُكُـ ْم ِف ال ِّديـ ِن َو َم َوا ِلي ُكـ ْم َولَ ْيـ َس‬ ‫َع َل ْي ُكـ ْم ُج َنـا ٌح ِفيـ َا أَ ْخ َطأْتُـ ْم ِبـ ِه َولَ ِكـ ْن َمـا تَ َع َّمـ َد ْت ُق ُلوبُ ُكـ ْم َو َكا َن ال َلّـ ُه َغ ُفـو ًرا َر ِحيـ ًا} [الأحـزاب‪ .]5 ،4 :‬وقـال‬ ‫رسـول اللـه ‪ -‬ﷺ ‪ِ « :-‬إ َّن ِمـ ْن َأ ْعظَـ ِم ا ْل ِفـ َرى أَ ْن يَ َّد ِعـ َي ال َّر ُجـ ُل ِإ َل َغـ ْرِ َأ ِبي ِه»[صحيـح البخـاري رقـم ‪.]3509‬‬ ‫ويترتَّب على التب ِّني آثار خطيرة تخالف أحكام الشريعة ومنها‪:‬‬ ‫• أخذ الطفل المتبنى لميراث ليس أه ًل له‪.‬‬ ‫• حجبه لوارث حقيقي في كثير من الأحيان‪.‬‬ ‫• يعامل كمحرم على خلاف الحقيقة مما يتس َّبب في مشاكل شرعية واجتماعية متعددة‪.‬‬ ‫ولهـذا فـ ّرق الـر ُع الشريـ ُف بـن منهجـن منحرفـن في التعامـل مـع اليتيـم منهـج الجفـاء والإهـال ومنهـج‬ ‫التبنـي فأشـاد بحسـن المعاملـة وإغـداق الكـرم عـى اليتيـم‪ ،‬وحـ َّرم التب ِّنـي لأنـه يجـ ُّر إلى مفاسـد شرعيـة‬ ‫واجتماعيـة لا نهايـة لهـا‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪71‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س ما حكم استخدام الأدوية التي تعمل على إدرار اللبن لإرضاع الطفل المكفول حتى‬ ‫يصير اب ًنا بالرضاعة للسيدة الكافلة‪ ،‬وهل يجوز للآنسة غير المتزوجة أن ترضع طفلها‬ ‫المكفول؟‬ ‫جــــ‪ :‬أمـا عـن الأدويـة التـي تعمـل عـى إدرار اللـن لإرضـاع الطفـل المكفـول حتـى يصـر اب ًنـا بالرضاعـة‬ ‫للسـيدة الكافلـة‪ :‬ففـي الشريعـة قواعـد عامـة تحكـم تنـاول هـذه الأنـواع مـن الأدويـة ومنهـا‪ :‬أن يترتـب‬ ‫عـى تناولهـا ضر ٌر لمـا تقـ َّرر شر ًعـا مـن أنـه لا ضرر ولا ضرار‪.‬‬ ‫أمـا عـن حكـم ثبـوت التحريـم بهـذا اللـن المسـتخرج بالوسـائل الطب َّيـة سـواء أكانـت المرضعـة زوجـة أم فتـاة‬ ‫لم تتـزوج‪ :‬فإنـه متـى ثبـت خـروج اللـن المعـروف مـن ثـدي المـرأة ثبـت بـه التحريـم ؛ سـواء أكان هـذا اللـن‬ ‫بسـبب ولادة أم لا‪ ،‬وسـواء أكان الـزوج عقيـ ًا أم لا‪ ،‬وسـواء أكانـت الزوجـة عاقـ ًرا أم لا‪.‬‬ ‫قـال ابـن نُ َجيـم الحنفـي‪« :‬لـو أرضعـت البكـر صب ًّيـا صـارت أ ًّمـا للصبـي وتثبـت جميـع أحـكام الرضـاع‬ ‫بينهــا» [البحــر الرائــق شرح كنــز الدقائــق ومنحــة الخالــق وتكملــة الطــوري‪.]245 /3:‬‬ ‫وذلك بالشروط التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يكـون الخـار ُج مـن ثـدي المـرأة يحمـل صفـات وخصائـص اللـن المعروفـة‪ ،‬فـإن لم يكـن كذلـك فـا‬ ‫يثبـت بـه تحريـم‪ ،‬قـال ابـن عابديـن‪َ »:‬لـ ْو نَـ َز َل ِللْ ِب ْكـ ِر َمـا ٌء أَ ْص َفـ ُر َل َي ْث ُبـ ُت ِمـ ْن إ ْر َضا ِعـ ِه تَ ْح ِريـ ٌم» [الـدر‬ ‫المختـار وحاشـية ابـن عابديـن (رد المحتـار ‪.])218 /3‬‬ ‫‪ -2‬أن يكـون الطفـ ُل في سـ ِّن الرضـاع وهـو دون الحولـن‪ ،‬لقولـه ‪ -‬تعـالى ‪َ { :-‬والْ َوالِـ َدا ُت يُ ْر ِض ْعـ َن َأ ْو َل َد ُهـ َّن‬ ‫َح ْو َلـ ْ ِن َكا ِملَـ ْ ِن لِ َمـ ْن أَ َرا َد َأ ْن ُي ِتـ َّم ال َّر َضا َعـ َة} [البقـرة‪ ]233 :‬فـد َّل عـى أن الغايـة التـي ينتهـي إليهـا سـ ُّن‬ ‫الرضاعـة حـولان‪ ،‬وتأكـد هـذا المعنـى بحديـث « َل َر َضـا َع إِ َّل َمـا َكا َن ِف ا ْل َح ْولَـ ْ ِن» [سـنن الدارقطنـي رقـم‬ ‫(‪.])4364‬‬ ‫‪ -3‬أن يكـون اعتـاد الطفـل في الغـذاء عـى الرضـاع حتـى ولـو تنـاول شـي ًئا معـه‪ ،‬لكـن اعتـاده الأسـاس‬ ‫عـى الرضـاع لحديـث‪« :‬لا يُحـ ِّرم مـن الرضـاع إلا مـا أنبـت اللحـم وأنشـز العظـم» [مسـند أحمـد رقـم‪.]4196‬‬ ‫‪ -4‬أن تكـون الرضعـا ُت خم ًسـا مشـبعا ٍت‪ ،‬لمـا ثبـت َعـ ْن َعائِ َشـ َة ‪ -‬رضي اللـه عنهـا ‪ -‬أَنَّ َهـا َقالَـ ْت‪« :‬كَا َن ِفيـ َا‬ ‫ُأنْـ ِز َل ِمـ َن ا ْل ُقـ ْرآ ِن‪َ :‬عـ ْ ُر َر َض َعـا ٍت َم ْعلُو َمـا ٍت يُ َح ِّر ْمـ َن‪ ،‬ثُـ َّم نُ ِسـ ْخ َن‪ِ ،‬ب َخ ْمـ ٍس َم ْعلُو َمـا ٍت»[ صحيـح مسـلم رقـم‬ ‫‪ .]1451‬وحـ ُّد ال ِّشـبع أن يتنـاول الطفـل ثـدي أمـه ثـم يتركـه باختيـاره بعـد أن يرتـوي‪.‬‬ ‫وفي هـذه الحالـة تنتـر الحرمـة بـن الطفـل الرضيـع وبـن الأم المرضعـة فتصـر ُأ ًّمـا لهـا مـن الرضـاع‪ ،‬ويصـر‬ ‫مح َّر ًمـا لهـا‪ ،‬فيحـرم عليـه التـزوج منهـا كـا يحـرم عليـه التـزوج مـن قرابتهـا الذيـن يحرمـون مـن النسـب‬ ‫لحديـث‪« :‬يحـرم مـن الرضـاع مـا يحـرم مـن النسـب» [صحيـح البخـاري رقـم ‪.]2645‬‬ ‫‪72‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫وجديـر بالذكـر أن الحرمـة هنـا تنتـر بـن الأم المرضعـة وبـن الطفـل الرضيـع كـا تنتـر الحرمـة مـن‬ ‫النسـب تما ًمـا بتـام‪ ،‬أمـا الـزوج فـا يصـر أبًـا مـن الرضـاع ؛ لأنـه لم يكـن سـب ًبا فيـه‪ ،‬جـاء في (الفتـاوى‬ ‫الهنديـة)‪« :‬رجـ ٌل تـز َّوج امـرأة ولم تلـد منـه قـ ُّط ثـم نـزل لهـا لـ ٌن فأرضعـت صب ًّيـا كان الرضـاع مـن المـرأة‬ ‫دون زوجهـا حتـى لا يحـرم عـى الصبـي أولاد هـذا الرجـل مـن غـر هـذه المـرأة» [الفتـاوى الهنديـة‪.]343 /1:‬‬ ‫ولكـن يحـرم عـى زوج المرضعـة أن يتـزوج ابنتـه زوجتـه مـن الرضـاع‪ ،‬لا لكونـه أ ًبـا مـن الرضـاع‪ ،‬ولكـن‬ ‫لكونـه زوج المرضعـة‪ ،‬فلـو كان لهـذا الـزوج أبنـاء مـن زوج سـابقة فـا مانـع مـن التـزوج بهـذه الطفلـة‪.‬‬ ‫والخلاصـ ُة‪ :‬أن اللـ َن المسـتخر َج مـن المـرأة الـذي يحمـل خصائـص لـن الأم وصفاتـه لـه نفـس أحـكام اللـن‬ ‫الخـارج بسـبب الـولادة في ضـوء الـروط والضوابـط السـابقة‪ ،‬وفي هـذا حـ ٌّل شرعـ ٌّي لمـن يرغـب في كفالـة‬ ‫طفلـة ويخـى مـن الخلـوة بهـا بعـد بلوغهـا‪ ،‬وكذلـك مـن ترغـب في كفالـة صبـي وتخـى مـن الخلـوة بينهـا‬ ‫وبينـه بعـد بلوغـه فتثبـت أحـكام الرضـاع كـا تـ َّم بيانـه‪.‬‬ ‫ولـو كان الرضيـع فتـاة فإنهـا تحـرم عـى زوج المرضعـة لكونهـا ربيبتـه مـن الرضـاع لا لكونهـا ابنتـه مـن‬ ‫الرضـاع‪ .‬هـذا واللـه ‪ -‬تعـالى ‪ -‬أعـى وأعلـم‪.‬‬ ‫‪73‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل إرضاع الطفل المكفول باستخدام ُم ِد ّرات اللبن تجعل الطفل المكفول اب ًنا‬ ‫بالرضاعة لزوج المرضعة؟ وهل إذا كانت الرضيعة أنثى تحرم على الزوج وأصوله وفروعه‪،‬‬ ‫وما هي الآثار المترتبة على هذا النوع من الرضاعة؟‬ ‫جــــ‪ :‬مـن الجديـر بالذكـر أن كفالـة الطفـل اليتيـم تُ َعـ ُّد مـن أعظـم ال ُق ُربـات‪ ،‬وأفضـل الأعـال التـي يتقـ َّرب‬ ‫بهـا العبـد إلى اللـه ‪ -‬عـ َّز وجـل ‪ ،-‬فقـد روي َعـ ْن َسـ ْه ِل بْـ ِن َسـ ْع ٍد َقـا َل‪َ :‬قـا َل َر ُسـو ُل ال ّلَـ ِه ‪ -‬ﷺ ‪َ « :-‬أنَـا َو َكا ِفـ ُل‬ ‫ال َي ِتيــ ِم ِف ال َج َّنــ ِة كَ َهاتَــ ْ ِن»‪َ ،‬وأَ َشــا َر ِبأُ ْص ُب َع ْيــ ِه َي ْع ِنــي‪ :‬ال َّســ َّبابَ َة َوال ُو ْســ َطى‪( .‬صحيــح البخــاري‪ ،‬حديــث رقــم‪:‬‬ ‫‪ ،6005‬سـنن الترمـذي‪ ،‬حديـث رقـم (‪.)1918‬‬ ‫والسـبابة هـي الأصبـع التـي تـي الإبهـام‪ ،‬وفي هـذا الحديـث إشـارة إلى أن بـن درجـة النبـي‪-‬ﷺ‪ -‬وكافـل‬ ‫اليتيـم قـدر تفـاوت مـا بـن السـ َّبابة والوسـطى‪ ،‬ويحتمـل أن يكـون المـراد قـرب المنزلـة حـال دخـول الج َّنـة‪،‬‬ ‫أي سرعـة الدخـول َع ِقبـه‪ ،‬ويحتمـل أن يكـون المـراد مجمـوع الأمريـن‪ ،‬سرعـة الدخـول‪ ،‬وعلـو المرتبـة‪ ،‬وعـى‬ ‫أ ِّي حـال‪ ،‬فقـد بـ َّن الحديـث الشريـف فضـل كفالـة اليتيـم‪ ،‬ومـدى كونهـا مـن أفضـل القربـات‪ ،‬لا سـ ّيما وأنهـا‬ ‫تتعلـق بمرافقـة النبـي‪-‬ﷺ‪ -‬في الجنـة‪ ،‬ويكفـي في إثبـات قـرب المنزلـة أنـه ليـس بـن الوسـطى والسـبابة‬ ‫إصبـع أخـرى‪( .‬بتـرف‪ :‬فتـح البـاري لابـن حجـر‪.)436/10‬‬ ‫قـال ابـن بطَّـال‪ :‬حـ ٌّق عـى مـن سـمع هـذا الحديـث أن يعمـل بـه ليكـون رفيـق النبـي‪ -‬ﷺ‪ -‬في الجنـة‪ ،‬ولا‬ ‫منزلـة في الآخـرة أفضـل مـن ذلـك‪( .‬عـون المعبـود‪.)42/14‬‬ ‫وكافل اليتيم كما هو معلوم هو القائم بأموره ومصالحه‪ ،‬من نفقة وكسوة وتأديب وتربية‪.‬‬ ‫والطفل المكفول الذي لم يبلغ الحلم لا يخلو حاله من أمرين‪:‬‬ ‫إما أن يكون دون ال َح ْولين عند كفالته‪ ،‬وإما أن يكون قد تجاوزهما‪.‬‬ ‫‪-1‬فـإن كان دون ال َح ْولـن وقامـت الأسرة بكفالتـه‪ ،‬ثـم أرضعتـه مـن تك َّفلـت بـه‪ ،‬وكانـت ذات زوج‪ ،‬وتوافـرت‬ ‫بقيـة الشرائـط التـي تُ ْثبـت التحريـم بالرضـاع‪ ،‬ثبتـت الحرمـة بينهـا‪ ،‬وانتـرت لحواشـيها وزوجهـا‪ ،‬فأصبحـت‬ ‫أ ًّمـا لـه مـن الرضـاع‪ ،‬وزوجهـا أبـاه كذلـك‪ ،‬وأولادهـا أخوتـه‪ ،‬وكذلـك ذات الآثـار الشرعيـة تترتـب لـو كانـت‬ ‫المكفولـة أنثـى‪.‬‬ ‫ومـن المعلـوم أن الرضـاع يثبـت سـواء أكان َبَـ ِّص الثـد ِي أم بغـره‪ ،‬كـا إذا ُحلـب منهـا ثـم ُصـ َّب في فـم‬ ‫الرضيـع‪ ،‬وقـد اشـرط الفقهـاء شروطًـا لانتشـار الحرمـة بـن الكافلـة والطفـل المكفـول‪ ،‬هـي نفسـها شروط‬ ‫الرضـاع التـي يصـر بهـا الطفـل مح َّر ًمـا عـى المرضعـة وزوجهـا وحواشـيها‪ ،‬وهـذه الـروط هـي‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يكـون الرضـاع في الحولـن‪ ،‬أي أن يكـون الرضيـع لم يتـ َّم سـنتين مـن عمـره عنـد الرضـاع‪ ،‬فـإن أرضعتـه‬ ‫بعـد أن تجـاوز السـنتين مـن العمـر‪ ،‬لم يؤثـر هـذا الرضـاع في التحريـم‪ ،‬ولم يفـد في القرابـة شـي ًئا‪ ،‬ودليـل ذلـك‬ ‫‪74‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫قـول اللـه ‪ -‬عـ ّز وجـ ّل ‪َ { :-‬والْ َوا ِلـ َدا ُت يُ ْر ِض ْعـ َن أَ ْول َا َد ُهـ َّن َح ْو َلـ ْ ِن َكا ِم َلـ ْ ِن لِ َمـ ْن أَ َرا َد َأن يُ ِتـ َّم ال َّر َضا َعـ َة} [البقـرة‪:‬‬ ‫‪ .]233‬وقـول اللـه عـ ّز وجـ ّل‪َ { :‬و ِف َصا ُلـ ُه ِف َعا َمـ ْ ِن} [لقـان‪.]14 :‬‬ ‫‪ -2‬أن يكون اللبن لبن آدمية ح َّية حياة مستقرة حال انفصال اللبن منها‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن تكون المرضعة بلغت س َّن المحيض ولو كانت بك ًرا خل َّي ًة من الزوج‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يصل اللبن إلى موضع الطعام والشراب من جوف المولود من أي المنافذ كان في زمان الرضاع‪.‬‬ ‫‪-4‬أن يكون اللبن مفر ًدا لا يختلط بما يغيب فيه‪ ،‬فيؤثر فيه‪ ،‬فيستهلك‪.‬‬ ‫‪-5‬أن ترضعه خمس رضعات متفرقات‪ -‬على المفتى به من أقوال العلماء‪.‬‬ ‫وعـى ذلـك‪ :‬إذا توافـرت الشرائـط السـابقة في إرضـاع الطفـل المكفـول أصبـح اب ًنـا للمرضعـة‪ ،‬تثبـت الحرمـة‬ ‫بينهـا‪ ،‬وانتـرت لحواشـيها وزوجهـا‪ ،‬حيـث أصبـح زوجهـا أبًـا للمكفـول‪ ،‬وأولادهـا أخـوة لـه؛ وكـذا الأمـر‬ ‫فيـا لـو كانـت أنثـى؛ وذلـك لأنـه يحـرم مـن الرضـاع مـا يحـرم مـن النسـب‪ ،‬ف َعـ ِن ابْـ ِن َع َّبـا ٍس ‪َ -‬ر ِ َض اللَّـ ُه‬ ‫َع ْن ُهـ َا ‪َ -‬قـا َل‪َ :‬قـا َل ال َّن ِبـ ُّي ‪ -‬ﷺ ‪ِ -‬ف ِب ْنـ ِت َح ْمـ َز َة‪« :‬ل َا تَ ِحـ ُّل ِل‪ ،‬يَ ْحـ ُر ُم ِمـ َن ال َّر َضـاعِ َمـا َي ْحـ ُر ُم ِمـ َن ال َّن َسـ ِب‪،‬‬ ‫ِهـ َي ِب ْنـ ُت أَ ِخـي ِمـ َن ال َّر َضا َعـ ِة»‪[ .‬صحيـح البخـاري‪ ،‬حديـث رقـم (‪.])2645‬‬ ‫ومـن ثَـ ّم فالآثـار المترتبـة عـى هـذا النـوع مـن الرضـاع بعـد ثبـوت الحرمـة بينهـا وانتشـارها إلى حواشـيها‬ ‫وزجهـا أنـه لا يجـوز لـه نكاحهـا‪ ،‬ويجـوز الخلـوة بهـا ؛ لأنهـا أمـه‪ ،‬ويحـرم عليـه الـزواج ببناتهـا‪ ،‬ويجـوز‬ ‫الخلـوة بهـن؛ لأنهـن أخوتـه‪ ،‬وكـذا لـو كان المكفـول أنثـى يحـرم عـى زوج المرضعـة الـزواج بهـا؛ لأنهـا بنتـه‬ ‫مـن الرضـاع‪ ،‬ويحـرم كذلـك عـى أولادهـا الذكـور نكاحهـا لأنهـم إخـوة لهـا مـن الرضـاع كذلـك‪.‬‬ ‫‪-2‬أمـا إذا كان الرضـاع بعـد تجـاوز المكفـول سـ َّن الرضـاع المحـ ِّرم وهـو عامـان‪ ،‬فـا يثبـت التحريـم حينئـ ٍذ‬ ‫إذا قامـت بإرضاعـه‪ ،‬وإن كانـت الكفالـة قائمـ ًة‪ ،‬مشروعـة في ذاتهـا‪ ،‬لكـن بعـد البلـوغ لابـد لهـا مـن ضوابـط‪،‬‬ ‫حيــث لا تحريــم يثبــت بــن الكافــل والمكفــول حينئــ ٍذ‪ ،‬ومــن ثَــ ّم لا تصــح الخلــوة بينهــا عنــد اختــاف‬ ‫الجنـس‪ ،‬ولا ينظـر أحدهـا الآخـر موضـع العـورة‪ ،‬والأحـرى أن يكـون المكفـول في مـكان منفصـل عـن الأسرة‬ ‫الكافلــة مــن بــاب الحفــاظ عــى الحرمــات‪ ،‬وســ ًّدا للذريعــة‪ ،‬حيــث إنــه أصــل معمــول بــه في الشريعــة‬ ‫الإسـامية‪ .‬ومـا سـبق يعلـم الجـواب‪ ،‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪75‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل كفالة الطفل غير معلوم النسب تندرج تحت كفالة اليتيم‪ ،‬وهل لها نفس ثواب‬ ‫كفالة اليتيم‪ ،‬وهل يجوز إطلاق لقب يتيم على الطفل غير معلوم النسب؟‬ ‫جـــ‪ :‬اليتيم هو من مات أبوه وهو صغير لم يبلغ الحلم‪ ،‬سواء أكان ذك ًرا أم أنثى‪.‬‬ ‫وقـد تواتـرت الأدلـة مـن الكتـاب والسـنة عـى حـ ِّث القيـام بأمـر اليتيـم‪ ،‬ورعايتـه‪ ،‬وتدبـر شـؤونه إلى أن‬ ‫يسـتطيع الاعتـاد عـى أمـره‪.‬‬ ‫فمن الكتاب آيات كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪-‬قوله ‪ -‬تعالى ‪َ { :-‬و َي ْسأَ ُلونَ َك َع ِن الْ َي َتا َمى ُق ْل ِإ ْص َل ٌح َل ُه ْم َخ ْيٌ}‪.‬‬ ‫والمعنـى‪ :‬ويسـألك النـاس عـن أمـر اليتامـى قـل إصـا ٌح لهـم خـر مـن تركهـم أو ظلمهـم‪ ،‬والإصـاح يتنـاول‬ ‫كل نفـع يعـود عليهـم مـن حسـن تربيتهـم‪ ،‬والقيـام عـى شـؤونهم‪( .‬بتـرف يسـر‪ :‬التفسـر الوسـيط للقـرآن‬ ‫الكريم‪.)357/1‬‬ ‫قـال القرطبـي معق ًبـا‪ :‬فـإذا كفـل الرجـل اليتيـم‪ ،‬وحـا َز ُه وكان في نظـره‪ ،‬جـاز عليـه فعلـه وإن لم يق ّدمـه وا ٍل‬ ‫عليـه؛ لأن الآيـة مطلقـة‪ ،‬والكفالـة ولايـة عامـة‪ ،‬لم يؤثـر عـن أحـد مـن الخلفـاء أنـه قـ َّدم أحـ ًدا عـى يتيـم‬ ‫مـع وجودهـم في أزمنتهـم‪( .‬تفسـر القرطبـي‪.)63/3‬‬ ‫ومـن السـنة‪ :‬مـا روي َعـ ْن َسـ ْه ِل بْـ ِن َسـ ْع ٍد َقـا َل‪َ :‬قـا َل َر ُسـو ُل ال َّلـ ِه ‪ -‬ﷺ ‪َ « :-‬أنَـا َو َكا ِفـ ُل ال َي ِتيـ ِم ِف ال َج َّنـ ِة‬ ‫كَ َهاتَـ ْ ِن»‪َ ،‬و َأ َشـا َر ِبأُ ْص ُب َع ْيـ ِه يَ ْع ِنـي‪ :‬ال َّسـ َّبابَ َة َوال ُو ْسـطَى‪( .‬صحيـح البخـاري‪ ،‬حديـث رقـم‪ ،6005 :‬سـنن الترمـذي‪،‬‬ ‫حديـث رقـم (‪.)1918‬‬ ‫وإذا كان ذلـك كذلـك فمجهـول النسـب يأخـذ حكـم اليتيـم بـل هـو أولى بالرعايـة؛ لأن الشريعـة الإسـامية‬ ‫إذا كانـت قـد ح َّثـت عـى كفالـة اليتيـم الـذي مـات أبـوه ولم يبلـغ الحلـم‪ ،‬فمـن بـاب أولى مـن لا يعلـم‬ ‫لـه نسـب أصـ ًا‪ ،‬فهـو وإن لم يكـن يتيـ ًا حقيقيـة‪ ،‬فهـو في حكـم اليتيـم‪ ،‬كـا أن اليتيـم معلـوم النسـب قـد‬ ‫تقـوم عـى رعايتـه أ ُّمـه أو خال ُتـه أو ع َّم ُتـه‪ ،‬أو غـر ذلـك مـن أقاربـه‪ ،‬بخـاف مجهـول النسـب فـا يقـوم‬ ‫عـى رعايتـه أحـد‪ ،‬ومـن ثَـ َّم فـا فـرق حينئـ ٍذ بـن هـذا وذاك في الحكـم‪ ،‬ومـا يدرينـا في مجهـول النسـب‪،‬‬ ‫فلعـ ّل أبـاه قـد مـات هـو الآخـر‪ ،‬ومـن ثَـ ّم فالطفـل غـر معلـوم النسـب يصـح أن يطلـق عليـه لقـب يتيـم‬ ‫مـا دام لم يبلـغ الحلـم‪ ،‬تجـوز كفالتـه‪ ،‬بـل هـو أولى بالرعايـة كـا سـبق بيانـه‪ ،‬ويكـون للكافـل ثـواب كفالتـه‬ ‫للمكفـول بغـض النظـر عـن معلوميـة نسـب الطفـل أو عـدم معلوميتـه‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪76‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل يجوز للطفل المكفول أن ُين َس َب لكافله ويأخذ اسمه بالكامل؟ وهل للطفل‬ ‫المكفول حق الإرث؟‬ ‫جــــ‪ :‬أو ًل‪ :‬نسبة المكفول لكافله بتسميته باسم كافله بحيث يشترك معه في كامل اسمه‪:‬‬ ‫هـذا الأمـ ُر محـ َّرم شر ًعـا باتفـاق الفقهـاء؛ ِلـا يحصـل بهـذا مـن صـورة التب ِّنـي المنهـي عنـه شر ًعـا‪ ،‬والـذي‬ ‫يترتَّـب عليـه إقامـة المكفـول مقـام ولـد الكافـل حقيقـة في المـراث والنسـب والنظـر إلى المحـارم والخلـوة‬ ‫بنسـاء الأسرة عـى أنهـ َّن محارمـه وغـر ذلـك مـن الآثـار الباطلـة المترتبـة عليـه لبطلانـه في الأصـل‪( .‬أحـكام‬ ‫القـرآن للجصـاص‪ ،97 /2 :‬منـح الجليـل منـح الجليـل شرح مختـر خليـل للشـيخ عليـش‪ ،130 /4 :‬نهايـة‬ ‫المحتـاج لشـهاب الديـن الرمـي‪ ،394 /8 :‬المغنـي لابـن قدامـة‪.)367 /6 :‬‬ ‫وهـذا مـا كان شـائ ًعا في الجاهليـة وصـدر الإسـام‪ ،‬ثـم ح َّرمـه الإسـا ُم تحريمًـا قاط ًعـا؛ قـال ‪ -‬تعـالى ‪َ {:-‬و َمـا‬ ‫َج َعـ َل َأ ْد ِع َيا َءكُـ ْم أَ ْب َنا َءكُـ ْم} [الأحـزاب‪ ،]4 :‬وال ّدعـ ّي‪ :‬مـن ُيد َعـى إلى غـر أبيـه‪ ،‬وبـ ّن سـبحانه أنـه ليـس مـن‬ ‫الحـ ّق في شيء‪َ { :‬ذلِكُـ ْم َق ْو ُلكُـ ْم ِبأَ ْف َوا ِهكُـ ْم َوال ّلَـ ُه َي ُقـو ُل ا ْل َحـ َّق َو ُهـ َو َي ْهـ ِدي ال َّسـ ِبي َل} [الأحـزاب‪ ،]4 :‬ثـم أوجـب‬ ‫نسـبة الابـن إلى أبيـه الحقيقـي فقـط بقولـه‪{ :‬ا ْد ُعو ُهـ ْم ِ َل َبا ِئ ِهـ ْم ُهـ َو أَ ْق َسـ ُط ِع ْنـ َد ال َّلـ ِه َفـإِ ْن َلـ ْم تَ ْعلَ ُمـوا آَبَا َء ُه ْم‬ ‫َفإِ ْخ َوانُ ُكـ ْم ِف ال ِّديـ ِن َو َم َوالِيكُـ ْم َولَ ْيـ َس َعلَ ْي ُكـ ْم ُج َنـا ٌح ِفيـ َا أَ ْخ َطأْتُـ ْم ِبـ ِه َو َل ِكـ ْن َمـا تَ َع َّمـ َد ْت ُق ُلو ُبكُـ ْم َوكَا َن‬ ‫ال َّلـ ُه َغ ُفـو ًرا َر ِحيـ ًا} [الأحـزاب‪ .]5 :‬فهاتـان الآيتـان نـ ٌّص صريـح في منـع التبنـي‪ ،‬وكل مـا يترتـب عليـه مـن‬ ‫الحقـوق النسـبية‪.‬‬ ‫وفي ال ّصحيحـن عـن سـع ِد بـ ِن أبي و ّقـا ٍص ‪-‬رضي اللـه عنـه‪ -‬أ ّن رسـو َل اللـ ِه ‪-‬ﷺ‪ -‬قـال‪َ « :‬مـ ِن ا َّد َعـى ِإ َل َغـ ْ ِر‬ ‫أَ ِبيـ ِه‪َ ،‬و ُهـ َو َي ْعلَـ ُم أَنَّـ ُه َغـ ْرُ َأ ِبيـ ِه‪َ ،‬فا ْل َج َّنـ ُة َع َل ْيـ ِه َحـ َرا ٌم» (متفـق عليـه)‪.‬‬ ‫وعليه؛ فلا يجوز شر ًعا نسبة المكفول لكافله بتسميته باسم كافله بحيث يشترك معه في كامل اسمه‪.‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬حق الطفل المكفول في الإرث من كافله‪:‬‬ ‫بنـا ًء عـى مـا سـبق‪ :‬فإنـه لا يترتـب عـى الكفالـة الجائـزة شر ًعـا مـا يترتـب عـى النسـب الحقيقـي مـن ثبـوت‬ ‫التـوارث؛ وذلـك لكونهـا ليسـت سـب ًبا شرع ًّيـا للتـوارث باتفـاق الفقهـاء‪( .‬بدايـة المجتهـد ونهايـة المقتصـد لابـن‬ ‫رشـد‪ ،124 /4 :‬مغنـي المحتـاج للخطيـب الشربينـي‪،8 /4 :‬كشـاف القنـاع للبهـوتي‪.)404 /4 :‬‬ ‫وعليه؛ فلا يحق إرث المكفول من كافله بسبب الكفالة‪ .‬والله أعلم‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم الآنسة والأرملة والمطلقة التي كفلت طفلة وأرضعتها باستخدام الأدوية‬ ‫المُ ِد ّرة للبن ثم تزوجت‪ ،‬هل تصبح الطفلة محرمة على زوجها وأولادها منه أو لا؟‬ ‫جــــ‪ :‬إذا كانـت الكافلـة بكـ ًرا‪ ،‬بالغـة‪ ،‬خليـة مـن الـزوج‪ ،‬أو كانـت مطلقـة‪ ،‬أو أرملـة لا زوج لهـا‪ ،‬وقامـت‬ ‫بأخـذ دواء لـ َد ّر اللـن‪ ،‬ثـم قامـت بإرضـاع طفلـة صغـرة‪ ،‬أو طفـل صغـر كذلـك‪ ،‬فـا يخلـو حـال المكفـول‬ ‫مـن أمريـن‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬أن يكون دون الحولين‪ .‬الثاني‪ :‬أن يكون إرضاعه بعد تجاوز الحولين‪.‬‬ ‫الأول‪ :‬إذا كان الإرضـاع قـد تـ َّم خـال الحولـن‪ ،‬لم يتجاوزهـا الصغـر‪ ،‬وتوافـرت بقيـة الشرائـط التـي ذكرهـا‬ ‫الفقهـاء للرضـاع‪ ،‬ثبتـت المحرميـة بينهـا‪ ،‬وأصبحـت أ ًّمـا للمكفـول أ ًّيـا كان جنسـه‪ ،‬ذكـ ًرا كان أم أنثـى‪ ،‬وهـذه‬ ‫الشرائـط التـي ذكرهـا الفقهـاء بيانهـا كالتـالي‪:‬‬ ‫‪ -‬أن يكـون الرضـاع في الحولـن‪ ،‬أي أن يكـون الرضيـع لم يتـم سـنتين مـن عمـره عنـد الرضـاع‪ ،‬فـإن أرضعتـه‬ ‫بعـد أن تجـاوز السـنتين مـن العمـر‪ ،‬لم يؤثـر هـذا الرضـاع في التحريـم‪ ،‬ولم يفـد في القرابـة شـي ًئا‪ ،‬ودليـل ذلـك‬ ‫قـول اللـه ‪ -‬عـ ّز وجـ ّل ‪َ { :-‬وا ْل َوا ِلـ َدا ُت يُ ْر ِض ْعـ َن أَ ْولاَ َد ُهـ َّن َح ْولَـ ْ ِن َكا ِم َلـ ْ ِن لِ َمـ ْن أَ َرا َد َأن ُي ِتـ َّم ال َّر َضا َعـ َة} [البقـرة‪:‬‬ ‫‪ .]233‬وقـول اللـه عـ ّز وجـ ّل‪َ { :‬و ِف َصالُـ ُه ِف َعا َمـ ْ ِن} [لقـان‪.]14 :‬‬ ‫‪ -2‬أن يكون اللبن لبن آدمية حية حياة مستقرة حال انفصال اللبن منها‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن تكون المرضعة بلغت سن المحيض ولو كانت بك ًرا خلية من الزوج‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يصل اللبن إلى موضع الطعام والشراب من جوف المولود من أي المنافذ كان في زمان الرضاع‪.‬‬ ‫‪-4‬أن يكون اللبن مفر ًدا لا يختلط بما يغيب فيه‪ ،‬فيؤثر فيه‪ ،‬فيستهلك‪.‬‬ ‫‪-5‬أن ترضعه خمس رضعات متفرقات‪ -‬على المفتى به من أقوال العلماء‪.‬‬ ‫وقـد نـ َّص الفقهـاء في كتبهـم عـى ثبـوت التحريـم بالرضـاع في شـأن البكـر البالغـة التـي لا زوج لهـا‪ ،‬أو الثيـب‬ ‫المطلقـة أو الأرملـة‪ ،‬فقـد جـاء في كتـب الحنفيـة مـا ن ُّصـه‪« :‬وإذا نـزل للبكـر لـن‪ ،‬فأرضعـت بـه صب ًّيـا‪ ،‬تع َّلـق‬ ‫بـه التحريـم؛ لإطـاق النـص وهـو قولـه ‪ -‬تعـالى ‪َ { :-‬وأُ َّم َهاتُكُـ ُم الـا ِت أَ ْر َض ْع َن ُكـ ْم} [النسـاء‪ ،]23 :‬ولـو أ َّن صبيـة‬ ‫لم تبلـغ تسـع سـنين نـزل لهـا لـن‪ ،‬فأرضعـت بـه صب ًّيـا‪ ،‬لم يتع َلّـق بـه تحريـم‪ ،‬وإنمـا يتعلَّـق التحريـم بـه إذا‬ ‫حصـل مـن بنـت تسـع سـنين فصاعـ ًدا»‪( .‬الجوهـرة النـرة عـى مختـر القـدوري‪.)29/2‬‬ ‫وقـال النـووي في المجمـوع‪« :‬فـإن ثـار للبكـر لـ ٌن أو لث ِّيـ ٍب لا زوج لهـا‪ ،‬فأرضعـت بـه طفـ ًا‪ ،‬ثبتـت بينهـا‬ ‫حرمـة الرضـاع؛ لأن لـن النسـاء غـذاء للأطفـال»‪( .‬المجمـوع للنـووي‪.)222/18‬‬ ‫ولكـن يبقـى السـؤال قائمًـا‪ :‬وهـو إذا ثبتـت المحرميـة بـن المرضعـة الكافلـة التـي هـو شـأنها وبـن الرضيـع‬ ‫‪78‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫المكفـول‪ ،‬فهـل تنتـر هـذه الحرمـة كذلـك بـن زوجهـا وأولادهـا مسـتقب ًل‪ ،‬ومـن ثـ َّم يصبـح زوجهـا أبًـا‬ ‫للرضيعـة تحـرم عليـه‪ ،‬ويصـر أولادهـا الذكـور أخـوة لهـا أو لا؟‪:‬‬ ‫الصحيـح مـن أقـوال الفقهـاء أن الحرمـة تنتـر بـن الجميـع‪ ،‬فتصـر بن ًتـا لهـا ولزوجهـا بعـد ذلـك‪ ،‬ويصـر‬ ‫أولادهـا الذكـور بعـد الإنجـاب أخـوة لهـا‪ ،‬والعكـس كذلـك فيـا لـو كان المكفـول ذكـ ًرا‪.‬‬ ‫قـال المـاوردي في الحـاوي‪ :‬لَـ َ ُن النسـاء مخلـو ٌق للاغتـذاء‪ ،‬وليـس جـاع الرجـل شرطًـا فيـه وإن كان سـب ًبا‬ ‫لنزولـه في الأغلـب فصـار كالبكـر إذا نـزل لهـا لـن‪ ،‬فأرضعـت بـه طفـ ًا انتـرت بـه حرمـة الرضـاع وإن كان‬ ‫مـن غـر جـاع»‪( .‬الحـاوي الكبـر للـاوردي‪.)413/11‬‬ ‫وقـال ابـن قدامـة في المغنـي‪ :‬وإن ثـاب لامـرأة لـن مـن غـر وطء‪ ،‬فأرضعـت بـه طفـ ًا‪ ،‬نـر الحرمـة في‬ ‫أظهـر الروايتـن وهـو مذهـب مالـك‪ ،‬والثـوري‪ ،‬والشـافعي‪ ،‬وأبي ثَـ ْور‪ ،‬وأصحـاب الـرأي‪ ،‬وكل مـن يحفـظ عنـه‬ ‫ابـن المنـذر؛ لقولـه تعـالى‪َ { :‬وأُ َّم َهاتُكُـ ُم الـا ِت أَ ْر َض ْع َنكُـ ْم} [النسـاء‪.]23 :‬‬ ‫ولأنـه لـن امـرأة فتع َّلـق بـه التحريـم‪ ،‬كـا لـو ثـاب بـوطء؛ ولأن ألبـان النسـاء ُخ ِلقـت لغـذاء الأطفـال‪.‬‬ ‫(المغنــي لابــن قدامـة‪.)180/8‬‬ ‫‪-‬أمـا إذا كان الرضـاع بعـد تجـاوز المكفـول سـن الرضـاع المحـ ِّرم وهـو عامـان فـا يثبـت التحريـم حينئـ ٍذ إذا‬ ‫قامـت بإرضاعـه‪ ،‬وإن كانـت الكفالـة قائمـة‪ ،‬مشروعـة في ذاتهـا‪ ،‬لكـن بعـد البلـوغ لا بُـ َّد لهـا مـن ضوابـط‪،‬‬ ‫حيـث لا تحريـم يثبـت بـن الكافـل والمكفـول حينئـ ٍذ‪ ،‬ومـن ثَـ ّم لا تصـ ُّح الخلـوة بينهـا عنـد اختـاف الجنس‪،‬‬ ‫ولا ينظـر أحدهـا الآخـر موضـع العـورة‪ ،‬والأحـرى أن يكـون المكفـول في مـكان منفصـل عـن الأسرة الكافلـة‬ ‫مـن بـاب الحفـاظ عـى الحرمـات‪ ،‬وسـ ًّدا للذريعـة‪ ،‬حيـث إنـه أصـل معمـول بـه في الشريعـة الإسـامية‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد وهو هادي السبيل‪ ،‬وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‬ ‫‪79‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم الاستمرار في كفالة الطفل اليتيم بعد بلوغه في بيت أسرته الكافلة ذك ًرا‬ ‫كان أو أنثى؟ خصو ًصا إذا لم يكن للطفل أهل غير أسرته الكافلة؟‬ ‫جــــ‪ :‬إذا بلـغ اليتيـم ( َمـن ف َقـد أبـاه) زال عنـه ال ُيتـم حقيقـ ًة وجـرى عليـه حكـم البالغـن (عـون المعبـود ‪/8‬‬ ‫‪)54‬؛ لقـول النبـي ‪ -‬ﷺ ‪َ « :-‬ل يُ ْتـ َم بَ ْعـ َد احتـا ٍم» (سـنن أبي داود‪ ،(2873 :‬وقولـه ‪ -‬ﷺ ‪« :-‬لا يُ ْتـ َم عـى‬ ‫جاريـة إذا هـي حاضـت» (المعجـم الكبـر للطـراني‪.)3502 :‬‬ ‫فقولـه ‪ -‬ﷺ ‪« :-‬لا ُي ْتـ َم بعـ َد احتـام» تعليـم شريعـة؛ يعنـي‪ :‬أنـه إذا احتلـم لم تجـ ِر عليـه أحـكام ال ِّصغـار‪.‬‬ ‫(الكشـاف عـن حقائـق غوامـض التنزيـل للزمخـري‪.)464 /1 :‬‬ ‫وهـذا يعنـي‪ :‬أن اليتيـم إذا بلـغ ال ُحلُـ َم جـ َر ْت عليـه أحـكام الرجـل البالـغ المكلَّـف؛ فتتوجـه إليـه التكاليـف‬ ‫الشرعيـة إلزا ًمـا والتزا ًمـا‪ ،‬ولا يكـون وصـف اليتـم حينئـ ٍذ حائـ ًا بينـه وبـن مـا قـد يترتـب عليـه مـن مسـؤولية‬ ‫ومؤاخـذة؛ فهـو بيـا ٌن للأحـكام الشرعيـة لا نفـ ٌي لاسـم اليتـم عنـه‪.‬‬ ‫وبنـاء عـى ذلـك‪ :‬فيعامـل المكفـول بعـد بلوغـه شر ًعـا معاملـة الأجنبـي؛ لعـدم وجـود محرميـة؛ حيـث إن‬ ‫كفالتـه ليسـت سـب ًبا شرع ًّيـا في حصـول المحرميـة بينـه وبـن مـن كفلـه‪ ،‬وعليـه‪:‬‬ ‫فـإن كان المكفـول ذكـ ًرا وفي أسرتـه الكافلـة لـه أنثــى‪ :‬لم يجـز لــه بحـال الخلـوة بهـا دون محـرم لهـا‪ ،‬أو‬ ‫ملامسـتها‪ ،‬كـا يجـب عليهـا الاحتجـاب منـه‪ ،‬فـا تبـدي شـي ًئا مـن زينتهـا بحضرتـه‪.‬‬ ‫وإن كان المكفـول أنثـى وفي أسرتهـا الكافلـة لهـا ذكـر‪ :‬وجـب عليهـا سـر عورتهـا بحضرتـه‪ ،‬وعـدم ملامسـته‪،‬‬ ‫وعـدم الخلـوة بينهـا‪.‬‬ ‫فـإذا ال ُتزمـت تلـك الضوابـط فـا حـرج شر ًعـا في اسـتمرار إقامـة هـذا المكفـول بمحـل الأسرة الكافلـة لـه خاصة‬ ‫إذا لم يكـن لـه غيرهـم‪ ،‬وإن كان الأولى توفـر محـل إقامـة مسـتقل لـه‪.‬‬ ‫ولا يعنـي هـذا‪ :‬الدعـوة لانقطـاع كفالتـه مـن قبـل كافليـه بمجـرد بلوغـه‪ ،‬بـل إن كفالتـه تسـتمر إلى حـن‬ ‫اسـتغنائه بنفسـه عـن كافلـه‪ ،‬وقدرتـه عـى القيـام بأمـر نفسـه‪.‬‬ ‫ففـي صحيـح مسـلم (حديـث‪َ « :)1812 /‬أ َّن نَ ْجـ َد َة كَ َتـ َب ِإ َل ابْـ ِن َع َّبـا ٍس َي ْسـأَلُ ُه َعـ ْن َخ ْمـ ِس ِخـ َا ٍل‪َ ،‬ف َقـا َل‬ ‫ا ْبـ ُن َع َّبـا ٍس‪َ :‬لـ ْو َل أَ ْن أَ ْك ُتـ َم ِع ْلـ ًا َمـا َك َت ْبـ ُت إِ َل ْيـ ِه» ومـن جملـة مـا كتـب ابـن عبـاس لـه‪َ « :‬وكَ َت ْبـ َت تَ ْسـأَ ُل ِني‪:‬‬ ‫َم َتـى يَ ْن َقـ ِي يُ ْتـ ُم الْ َي ِتيـ ِم؟ َفلَ َع ْمـ ِري‪ِ ،‬إ َّن ال َّر ُجـ َل َل َت ْن ُبـ ُت ِل ْح َي ُتـ ُه َوإِنَّـ ُه َل َض ِعيـ ُف ا ْلَ ْخـ ِذ لِ َن ْف ِسـ ِه‪َ ،‬ض ِعيـ ُف الْ َعطَـا ِء‬ ‫ِم ْن َهـا‪َ ،‬فـ ِإ َذا َأ َخـ َذ لِ َن ْف ِسـ ِه ِمـ ْن َصا ِلـحِ َمـا َيأْ ُخـ ُذ ال َّنـا ُس َف َقـ ْد َذ َهـ َب َع ْنـ ُه ا ْل ُي ْتـ ُم»‪.‬‬ ‫يقـول الإمـام النـووي في شرحـه لهـذا الحديـث‪َ « :‬م ْع َنـى َهـ َذا‪َ :‬م َتـى َي ْن َقـ ِي ُحكْـ ُم ا ْل ُي ْتـ ِم َو َي ْسـ َت ِق ُّل ِبال َّتـ َ ُّر ِف‬ ‫ِف َمالِـ ِه‪َ ،‬وأَ َّمـا نَ ْفـ ُس الْ ُي ْتـ ِم َف َي ْن َقـ ِي ِبا ْل ُبلُـو ِغ َو َقـ ْد ثَ َبـ َت َأ َّن ال َّن ِبـ َّي ‪-‬ﷺ‪َ -‬قـا َل‪َ « :‬ل يُ ْتـ َم بَ ْعـ َد ا ْل ُحلُـ ِم»‪َ ،‬و ِف‬ ‫‪80‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫َهـ َذا َدلِيـ ٌل ِلل َّشـا ِف ِع ِّي َو َمالِـ ٍك َو َج َم ِهـ ِر الْ ُعلَـ َا ِء أَ َّن ُحكْـ َم ا ْل ُي ْتـ ِم َل يَ ْن َق ِطـ ُع ِبُ َجـ َّر ِد الْ ُبلُـو ِغ َو َل ِب ُعلُـ ِّو ال ِّسـ ِّن بَـ ْل‬ ‫َل بُـ َّد أَ ْن يَ ْظ َهـ َر ِم ْنـ ُه ال ُّر ْشـ ُد ِف ِدي ِنـ ِه َو َمالِـ ِه‪َ ،‬و َقـا َل أَ ُبـو َح ِني َفـ َة ِإ َذا بَ َلـ َغ َخ ْم ًسـا َو ِع ْ ِشيـ َن َسـ َن ًة َزا َل َع ْنـ ُه ُح ْكـ ُم‬ ‫ال ِّص ْب َيـا ِن َو َصـا َر َر ِشـي ًدا يَ َتـ َ َّر ُف ِف َمالِـ ِه َو َي ِجـ ُب تَ ْسـلِي ُم ُه ِإلَ ْيـ ِه َوإِ ْن كَا َن َغـ ْرَ َضا ِبـ ٍط َلـ ُه»‪( .‬شرح النـووي عـى‬ ‫مسـلم‪.)191 /12 :‬‬ ‫وفي هـذا إشـارة إلى‪ :‬أن الكفالـة التـي تعنـى العنايـة والرعايـة والقيـام عـى شـأن اليتيـم المكفـول (وعـى رأس‬ ‫ذلـك دراسـته الجامعيـة) ترتبـط بالاحتيـاج وعدمـه؛ فـإذا بقـى المكفـول محتا ًجـا اسـتمرت كفالتـه حتـى مـع‬ ‫انتفـاء وصـف اليتـم عنـه حقيقـة ببلوغـه‪.‬‬ ‫وخلاصـة القـول في المسـألة‪ :‬أن الأولى للكافـل توفـر محـل إقامـة مسـتقل للمكفـول بعـد بلوغـه ولـو بنفـس‬ ‫البيــت أو الشــقة المقيــم بهــا‪ ،‬فــإن تعــذر ذلــك وجــب عــى الجميــع الالتــزام بكافــة الضوابــط الشرعيــة‬ ‫المنظمـة لعلاقـة الرجـل بالمـرأة الأجنبيـة والعكـس؛ حيـث لا محرميـة بـن المكفـول والكافـل لـه شر ًعـا‪.‬‬ ‫‪81‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل يجب على الأم الكافلة إرضاع الطفل الذي كفلته؟ وماذا إذا كان الطفل‬ ‫المكفول أكبر من عامين؟‬ ‫جـــــ‪ :‬الأصـل أن المكفـول أجنبـ ٌّي عـن كافلـه وأسرتـه بأكملهـا‪ ،‬ومـن ثَـ َّم فـإن أحـكام المحرميـة التـي بـن‬ ‫المحـارم لا تجـري بـن المكفـول وكافلـه إلا إذا وجـد سـبب لتلـك المحرميـة‪ ،‬كـا لـو أرضعـت الكافلـة أو زوجـة‬ ‫الكافـل أو أمهـا أو بنتهـا هـذا المكفـول رضا ًعـا مح ِّر ًمـا ( َخ ْمـس رضعـات مشـبعات ُم َت َف ِّر َقـات عـى المختـار‬ ‫للفتـوى) في سـن الرضـاع المعتـر (الحـولان الأولان عـى مـا عليـه جمهـور الفقهـاء)‪.‬‬ ‫وعليـه؛ فـإن أمكـن الكافلـة (كـا في واقعـة السـؤال) إرضـاع الطفـل الـذي كفلتـه (ذكـ ًرا كان أو أنثـى) فذلـك‬ ‫أَ ْو َل؛ لتثبـت المحرميـة بهـذا الرضـاع ويصبـح المكفـول مـن محـارم الأسرة الكافلـة؛ فـإن الرضاعـة تحـ ِّر ُم مـا‬ ‫تُح ِّر ُمـه الـولادة بنـ ِّص قولـه ‪ -‬تعـالى ‪َ { :-‬و ُأ َّم َهاتُكُـ ُم الـ َّا ِت َأ ْر َض ْع َنكُـ ْم} [النسـاء‪ ]23 :‬عط ًفـا عـى المحرمـات مـن‬ ‫النسـب في قولـه‪ُ { :‬ح ِّر َمـ ْت َع َل ْي ُكـ ْم أُ َّم َهاتُكُـ ْم َو َب َناتُ ُكـ ْم َو َأ َخ َواتُ ُكـ ْم َو َع َّمتُ ُكـ ْم َو َخا َلتُ ُكـ ْم َو َب َنـا ُت ا ْلَ ِخ َوبَ َنـا ُت‬ ‫ا ْلُ ْخـ ِت} [النسـاء‪ ،]23 :‬وذلـك بالـروط المقـررة شر ًعـا للرضاعـة المُ َح ِّرمـة والسـابق ذكرهـا مـن العـدد بخمـس‬ ‫رضعـات مشـبعات ُم َت َف ِّر َقـات في الحولـن الأولـن مـن عمـر الرضيـع؛ لقولـه ‪ -‬تعـالى ‪َ { :-‬والْ َوا ِلـ َدا ُت يُ ْر ِض ْعـ َن‬ ‫َأ ْولاَ َد ُهـ َّن َح ْو َلـ ْ ِن َكا ِملَـ ْ ِن ِل َمـ ْن َأ َرا َد أَ ْن يُ ِتـ َّم ال َّر َضا َعـ َة} [البقـرة‪ ،]233 :‬حيـث جعـل اللـه الحولـن الكاملـن تمـام‬ ‫الرضاعـة‪ ،‬وليـس وراء تمـام الرضاعـة شيء‪ .‬وقـال عـز مـن قائـل‪َ { :‬و ِف َصالُـ ُه ِف َعا َمـ ْ ِن} [لقـان‪ ،]14 :‬وقـال‪:‬‬ ‫{ َو َح ْم ُلـ ُه َو ِف َصا ُلـ ُه ثَلاثُـو َن َشـ ْه ًرا } [الأحقـاف‪ ]15 :‬وأقـل الحمـل سـتة أشـهر فتبقـى مـدة الفصـال حولـن‪.‬‬ ‫وبخصوص ما ورد في السؤال من تجاوز الطفل المكفول العامين من عمره‪:‬‬ ‫فقـد ر َّخـص المالكيـة في زيـادة شـهر أو شـهرين أو ثلاثـة عـى الحولـن وثبـوت المحرميـة بذلـك؛ لقـرب هـذه‬ ‫المـدة مـن الحولـن‪( .‬الفواكـه الـدواني للنفـراوي ‪ ،55 / 2‬حاشـية العـدوي عـى كفايـة الطالـب الربـاني ‪/2‬‬ ‫‪.)116‬‬ ‫وجعـل الإمـام أبـو حنيفـة التحريـم للرضـاع في عامـن ونصـف العـام (ثلاثـن شـه ًرا)؛ حيـث حمـل قولـه‬ ‫تعـالى‪َ { :‬و َح ْم ُلـ ُه َو ِف َصالُـ ُه ثَلاثُـو َن َشـ ْه ًرا } [الأحقـاف‪ ]15 :‬عـى كـون جميـع المذكـور مـد ًة لـك ٍّل منهـا عـى‬ ‫حـدة لا عـى مجمـوع ا ْل ُم َّدتـن‪.‬‬ ‫و َقـ َّد َره صاح ُبـه ُز َفـ ُر بثلاثـة أعـوام‪ ،‬فاعتـر بعـد الحولـن سـنة كاملـة معلـ ًا ذلـك بأنـه‪ :‬لمّـا ثبـت حكـم‬ ‫الرضـاع في ابتـداء السـنة الثالثـة ‪ -‬لمـا قالـه أبـو حنيفـة ‪-‬؛ فإنـه يثبـت في بقيتهـا كالسـنة الأولى والثانيـة‪.‬‬ ‫وقـد َدفـع مـن رأى الزيـادة عـى الحولـن التعـارض مـع آيـة تمـام الرضاعـة بالحولـن { َوالْ َوا ِلـ َدا ُت ُي ْر ِض ْعـ َن‬ ‫َأ ْول َا َد ُهـ َّن َح ْولَـ ْ ِن كَا ِملَـ ْ ِن ِل َمـ ْن أَ َرا َد َأ ْن يُ ِتـ َّم ال َّر َضا َعـ َة} [البقـرة‪ ]233 :‬بـأن ذكـر الـيء بالتـام لا يمنـع مـن‬ ‫‪82‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫احتـال الزيـادة عليـه؛ مسـتدلين بقولـه ‪ -‬ﷺ ‪« -‬مـن أدرك عرفـة فقـد تـم حجـه» (مسـند أحمـد‪)18300 :‬‬ ‫حيـث لا يمنـع هـذا زيـادة الفـرض عليـه؛ فـإن طـواف الزيـارة مـن فـروض الحـج‪( .‬بدائـع الصنائـع للكاسـاني‬ ‫‪ ،6 / 4‬حاشـية ابـن عابديـن ‪.)403 / 2‬‬ ‫ولا مانـع شر ًعـا مـن الأخـذ بأحـد هـذه الأقـوال عنـد الحاجـة إلى ذلـك‪ ،‬وهـي متحققـة في المسـألة محـل‬ ‫الس ـؤال‪.‬‬ ‫وبناء على ما سبق‪:‬‬ ‫فـإن تـ َّم الرضـاع بـن الكافلـة ومـن كفلتـه‪ :‬فـإن المحرميـة تنتـر بينهـا‪ ،‬فتصبـح أ ًّمـا لـه‪ ،‬ويصـر زوجهـا‬ ‫(صاحـب اللـن) أبًـا لـه‪ ،‬وأبناؤهـا إخـو ًة لـه‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪83‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم إضافة لقب الكافل لاسم الطفل المكفول من باب التيسير على الطفل؟‬ ‫وما حكم إضافة الاسم الأول للأب الكافل لاسم الطفل المكفول لنفس السبب؟‬ ‫جــــ‪ :‬منـح الطفـل المكفـول لقـب عائلـة كافلـه بحيـث يصـر منسـو ًبا إليهـا منتم ًيـا لهـا مـن بـاب التيسـر‬ ‫عليـه لا حـرج فيـه شر ًعـا (عـى المفتـى بـه)؛ قيا ًسـا عـى نظـام المـوالي ا ّلـذي كان معمـو ًل بـه في عهـد النبـ ّي‬ ‫‪-‬ﷺ‪ -‬وبعـ َده‪ ،‬والـذي كان يسـمح بانتسـاب الرجـل إلى قبيلـة ليـس هـو مـن أهلهـا‪ ،‬فـكان يقـال‪ :‬فـان مـولى‬ ‫بنـي فـان‪ ،‬ونحـو ذلـك‪.‬‬ ‫وليـس هـذا داخـ ًا في نطـاق التبنـي الْ ُم َحـ َّرم َ ْش ًعـا الـذي تترتّـب عليـه آثـار البنـ ّوة الحقيقيـة مـن المـراث‬ ‫وتحريـم الـ ّزواج وحـل الخلـوة وغـر ذلـك والحاصـل بـإشراك المكفـول مـع كافلـه في كامـل اسـمه بمـا يُفهـم‬ ‫منـه أنـه ولـده ال ُّصلبـي‪ ،‬وإنمـا هـو مثـل ُعلقـة الـولاء (المـوالاة) التـي كانـت بـن القبائـل العربيـة قديمًـا‪،‬‬ ‫وهـو أمـر جائـز شر ًعـا‪.‬‬ ‫وقـد تـ َّم النـ ُّص عـى جـواز المـوالاة شر ًعـا بقولـه ‪ -‬تعـالى ‪{ :-‬ا ْد ُعو ُهـ ْم ِلَبَائِ ِهـ ْم ُهـ َو أَ ْق َسـ ُط ِع ْنـ َد ال َّلـ ِه َفـإِ ْن َلـ ْم‬ ‫تَ ْعلَ ُمـوا آَبَا َء ُهـ ْم َف ِإ ْخ َوانُ ُكـ ْم ِف ال ِّديـ ِن َو َم َوا ِلي ُكـ ْم } [الأحـزاب‪.]5 :‬‬ ‫والمعنـى‪ :‬إ ْن لَـ ْم تعرفـوا آبا َءهـم فتنسـبوهم إليهـم فهـم إخوانكـم ِف ال ِّديـ ِن وأولياؤكـم فيـه‪ ،‬فادعوهـم‬ ‫بالأخـوة والمَ ْولَويـة بتأويلهـا بالأخـوة والولايـة في الديـن‪ ،‬وبهـذا المعنـى قيـل لسـالم بعـد نـزول الآيـة‪ :‬مـولى‬ ‫حذيفـة وكان قـد تبنـاه قبـل‪ ( .‬روح المعـاني للألـوسي‪.)146 /11 :‬‬ ‫وفي صحيـح البخـاري‪( :‬حديـث رقـم‪ :)4890 /‬أن حاطـ َب بـن أبي بلتعـة ‪-‬رضي اللـه عنـه‪ -‬قـال للنبـي ‪-‬ﷺ ‪:-‬‬ ‫« ِإ ِّن كُ ْنـ ُت ا ْمـ ًَرا ِمـ ْن ُق َر ْيـ ٍش‪َ ،‬و َلـ ْم َأكُـ ْن ِمـ ْن َأنْ ُف ِسـ ِه ْم»‪.‬‬ ‫يقـول ابـن حجـر في شرحـه‪ « :‬قولـه‪« :‬كُ ْنـ ُت ا ْمـ َرأً ِمـ ْن ُق َريْـ ٍش‪َ ،‬ولَـ ْم َأكُـ ْن ِمـ ْن أَنْ ُف ِسـ ِه ْم» ليـس هـذا تناق ًضـا‬ ‫بـل أراد أنـه منهـم بمعنـى أنـه حليفهـم وقـد ثبـت حديـث‪« :‬حليـف القـوم منهـم» وعـر بقولـه‪َ « :‬و َلـ ْم َأكُـ ْن‬ ‫ِمـ ْن َأنْ ُف ِسـ ِه ْم» لإثبـات المجـاز»‪( .‬فتـح البـاري‪.)634 /8 :‬‬ ‫ومـا لا شـ َّك فيـه‪ :‬أن تخريـج منـح الطفـل المكفـول لقـب عائلـة كافلـه عـى مثـل هـذه الصـور سـائغ عقـ ًا‬ ‫وشر ًعـا؛ لعـدم اسـتلزامه التب ِّنـي المحظـور شر ًعـا‪.‬‬ ‫كـا لا حـرج شر ًعـا (عـى المفتـى بـه) في إضافـة الاسـم الأول فقـط للكافـل (رب الأسرة الكافلـة) لاسـم الطفـل‬ ‫المكفـول مـن بـاب التيسـر عليـه شـأنه في ذلـك شـأن أي اسـم آخـر وهمـي تـم تسـمية الطفـل بـه‪ ،‬خاصـة في‬ ‫هـذه الأيـام التـي نحياهـا والتـي يتطلـب اعتـاد الأوراق الرسـمية فيهـا التفصيـل في النسـب وعـدم الاكتفـاء‬ ‫فيهـا باسـم الأب فقـط‪ ،‬بمـا يضمـن عـدم الانـزلاق في أي محظـور شرعـي يتعلـق بنسـبة المكفـول لغـر أبيـه‬ ‫‪84‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫الحقيقـي‪ ،‬وبمـا يحقـق مصلحـة هـذا الطفـل المكفـول في مراحلـه العمريـة المختلفـة أمـام أترابـه وزملائـه‪.‬‬ ‫وإذا كان القــول بالجــواز فإنــه يكــون في الحالتــن منفردتــن (إضافــة لقــب الكافــل وحــده دون اســمه‪ ،‬أو‬ ‫إضافـة اسـمه فقـط دون لقبـه)‪ ،‬وعليـه‪:‬‬ ‫فإنـه لا يجـوز بحـال ضـم الأمريـن (إضافـة الاسـم الأول‪ ،‬واللقـب) م ًعـا؛ لمـا يترتـب عليـه مـن الانتقـال إلى‬ ‫دائـرة التبنـي المحـرم شر ًعـا؛ حيـث إن المعتـاد بـن النـاس التخاطـب باسـم الإنسـان وأبيـه وعائلتـه؛ فإذا سـمح‬ ‫بتغيـر اسـم الكافـل ولقبـه م ًعـا كان ذلـك تدلي ًسـا بنسـبة الطفـل إليـه‪( .‬يراجـع في ذلـك فتـاوى دار الإفتـاء‬ ‫المصريـة الصـادرة بهـذا الشـأن)‪.‬‬ ‫وإذا كان الحكـم يـدور مـع علتـه وجـو ًدا وعد ًمـا؛ فإنـه حـال ترتـب وجـود التدليـس با ِّدعـاء ال ُب ُنـ َّوة ال ُّصلْ ِب َّيـة‬ ‫بـأي وسـيلة كانـت ولـو بإضافـة الاسـم الأول فقـط للكافـل فإنـه لا يجـوز إضافتـه لاسـم المكفـول‪ .‬واللـه‬ ‫أعلـم‪.‬‬ ‫‪85‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل يجوز للكافل أن يوصي بجزء من ماله للطفل المكفول؟ وما هو المقدار المحدد‬ ‫للوصية؟ وهل هناك ح ٌّد للهبة للطفل المكفول؟‬ ‫جـــــ‪ :‬عـى مـا تـم تقريـره شر ًعـا (فيـا سـبق) بشـأن القطـع بكـون المكفـول أجنب ًّيـا عـن كافلـه وأسرتـه‬ ‫بأكملهـا‪ ،‬وامتنـاع التـوارث فيـا بينهـا لانعـدام سـببه‪ ،‬فإنـه لا مانـع شر ًعـا مـن قيـام الكافـل بالإيصـاء لـه‬ ‫بجـزء مـن مالـه يحصـل عليـه بعـد وفاتـه‪ ،‬مقـ ّدر بثلـث تركتـه فأقـل‪ ،‬أو بمـا يزيـد عـن ذلـك إلا أن تلـك‬ ‫الزيـادة تصـر موقوفـة عـى إجـازة الورثـة‪.‬‬ ‫جـاء في مغنـي المحتـاج للخطيـب الشربينـي (‪ )78 ،77 /4‬مـا ن ّصـه‪َ « :‬ي ْن َب ِغـي َأ ْن َل ُيـو ِ َص ِبأَ ْكـ َرَ ِمـ ْن �ثُ ُلـ ِث‬ ‫َمالِـ ِه‪َ ،‬فـإِ ْن َزا َد َو َر َّد ا ْلـ َوا ِر ُث بَ َطلَـ ْت ِف ال َّزا ِئـ ِد َعـ َى ال ُّثلُـ ِث ِبا ْ ِل ْجـ َاعِ «‪.‬‬ ‫وجـاء في حاشـية الـروض المربـع لعبـد الرحمـن بـن قاسـم (‪ )45 /6‬مـا ن ّصـه‪ « :‬أجمعـوا عـى أن الوصيـة‬ ‫بالثلـث لغـر وارث جائـزة‪ ،‬وأنهـا لا تفتقـر إلى إجـازة الورثـة‪ ،‬وعـى أن مـا زاد عـى الثلـث إذا أوصى بـه مـن‬ ‫تـرك ابنـن أو عصبـة‪ ،‬أنـه لا ينفـذ إلا الثلـث‪ ،‬وأن الباقـي موقـوف عـى إجـازة الورثـة‪ ،‬فـإن أجـازوه نفـذ‪،‬‬ ‫وإن أبطلـوه لم ينفـذ»‪.‬‬ ‫وفي الإقنـاع في مسـائل الإجـاع لابـن القطـان (‪« :)76 /2‬واتفـق علـاء الأمصـار أن الوصيـة جائـزة في كل مـال‬ ‫قـ ّل أو كـر مـا لم يتجـاوز الثلـث «‪.‬‬ ‫ومسـتندهم في ذلـك‪ :‬مـا ورد عـن سـعد بـن أبي وقـاص ‪-‬رضي اللَّـه عنـه‪َ -‬قـا َل‪َ :‬عـا َد ِن َر ُسـو ُل اللـ ِه ‪-‬ﷺ‪ِ -‬ف‬ ‫َح َّجـ ِة الْـ َو َداعِ ِمـ ْن َو َجـعٍ أَ ْشـ َف ْي ُت ِم ْنـ ُه َعـ َى ا ْل َمـ ْو ِت‪َ ،‬ف ُقلْـ ُت‪َ :‬يـا َر ُسـو َل اللـ ِه‪ ،‬بَلَ َغ ِنـي َمـا تَـ َرى ِمـ َن ا ْل َو َجـ ِع‪َ ،‬و َأنَـا‬ ‫ُذو َمـا ٍل‪َ ،‬و َل يَ ِرثُ ِنـي إِ َّل ا ْب َنـ ٌة ِل َوا ِحـ َد ٌة‪ ،‬أَ َفأَتَ َصـ َّد ُق ِب ُث ُل َثـ ْي َمـا ِل؟ َقـا َل‪َ « :‬ل»‪َ ،‬قـا َل‪ُ :‬قلْـ ُت‪َ :‬أ َفأَتَ َصـ َّد ُق ِب َشـ ْط ِر ِه؟‬ ‫َقـا َل‪َ « :‬ل‪ ،‬ال ُّث ُلـ ُث‪َ ،‬وال ُّثلُـ ُث َك ِثـرٌ‪ِ ،‬إنَّـ َك أَ ْن تَـ َذ َر َو َرثَ َتـ َك َأ ْغ ِن َيـا َء‪َ ،‬خـ ْرٌ ِمـ ْن َأ ْن تَ َذ َر ُهـ ْم َعا َلـ ًة يَ َت َك َّف ُفـو َن ال َّنـا َس»‬ ‫(متفـق عليـه)‪.‬‬ ‫وبخصوص السؤال عن ح ِّد الهبة للطفل المكفول‪:‬‬ ‫فـإن الهبـة (التمليـك المنجـز حـال الحيـاة بـا عـوض) تختلـف عـن الوصيـة في هـذا الشـأن؛ حيـث إن المقـدار‬ ‫الـذي تجـوز الوصيـة بـه محـدد بالثلـث كحـد أعـى (كـا سـبقت الإشـارة إليـه)‪ ،‬بينـا في الهبـة فـإن للإنسـان‬ ‫أن يهـب غـره حـال حياتـه مـا يشـاء مـن مالـه‪ ،‬بـا قيـود‪ ،‬مـا دام كامـل الأهليـة (بال ًغـا‪ ،‬عاقـ ًا‪ ،‬مختـا ًرا‪ ،‬غـر‬ ‫محجـور عليـه‪ ،‬مالـ ًكا للموهـوب) في غـر مـرض المـوت؛ لأن لـه التـرف في ملكـه بشـتى أنـواع التص ُّرفـات‬ ‫المشروعـة كـا يشـاء حسـبما يـراه محق ًقـا للمصلحـة‪.‬‬ ‫جـاء في المبسـوط للسرخـي (‪ )93 /12‬مـا ن ّصـه‪َ « :‬فـإِ ْن َقـا َل‪َ :‬ج ِميـ ُع َمـا َأ ْم ِلـ ُك َص َد َقـ ٌة ِف ا ْل َم َسـا ِكي ِن‪َ ،‬ف َعلَ ْيـ ِه‬ ‫‪86‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫َأ ْن َي َت َصـ َّد َق ِب َج ِميـعِ َمـا َيْلِـ ُك»‪.‬‬ ‫وجـاء في بدايـة المجتهـد ونهايـة المقتصـد لابـن رشـد الحفيـد (‪ )113 /4‬مـا نصـه‪« :‬ا ْ ِل ْجـ َا َع ُم ْن َع ِقـ ٌد َعـ َى َأ َّن‬ ‫لِل َّر ُجـ ِل َأ ْن َي َهـ َب ِف ِص َّح ِتـ ِه َج ِميـ َع َما ِلـ ِه لِ ْلَ َجانِـ ِب» [يراجـع في ذلـك أي ًضـا‪( :‬حاشـية ابـن عابديـن‪،423 /8 :‬‬ ‫حاشـية الدسـوقي‪ ،490 /5 :‬مغنـي المحتـاج للخطيـب الشربينـي‪ ،397 /2 :‬كشـاف القنـاع‪.])252 /4 :‬‬ ‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن كان للكافل ورثة آخرون كره له هبة جميع ماله لغيرهم دونهم‪.‬‬ ‫قال القرافي في الذخيرة (‪َ « :)288 /6‬ك ِر َه َمالِ ٌك َوا ْلَ ِئَّ ُة ِه َب َة َماله ُكله لأجل َب ِني ِه»‪.‬‬ ‫وعليه؛ وفي واقعة السؤال‪:‬‬ ‫فيجـوز للكافـل أن يهـب المكفـول مـن مالـه مـا يشـاء دون تحديـد لمقـدار معـن منـه حسـبما يـراه محق ًقـا‬ ‫للمصلحـة مـا دام كامـل الأهليـة وفي غـر مـرض المـوت‪ ،‬مراع ًيـا ورثتـه في هـذا الشـأن كذلـك إن ُوجـدوا‪.‬‬ ‫هذا والله تعالى أعلم‪.‬‬ ‫‪87‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل للكافل ح ُّق الولاية في الزواج على البنت المكفولة ؟‬ ‫جــــ‪ :‬مـن المعلـوم أن الولايـة في الـزواج مـن أنـواع الولايـة عـى النفـس والتـي يقصـد بهـا‪ :‬سـلطة شرعيـة‬ ‫يسـوغ لصاحبهـا التـرف بمحـل الولايـة تصر ًفـا نافـ ًذا غـر موقـوف عـى إجـازة أحـد‪.‬‬ ‫جـاء في البحـر الرائـق لابـن نجيـم ( ‪ ) 117/3‬مـا نصـه‪َ « :‬والْ ِو َليَـ ُة ِف ا ْل ِف ْقـ ِه تَ ْن ِفيـ ُذ الْ َقـ ْو ِل َعـ َى ا ْل َغـ ْرِ َشـا َء‬ ‫أَ ْو َأ َب»‪ .‬وقـد شرعـت الولايـة عـى النفـس في الـزواج وغـره مـن أجـل المحافظـة عـى المـولى عليهـم‪ ،‬وحفـظ‬ ‫حقوقهــم مــن الضيــاع‪ ،‬وكرامتهــم مــن الابتــذال؛ لقــول النبــي – ﷺ‪َ « :‬ك َفــى ِبا ْل َمــ ْر ِء ِإ ْثًــا َأ ْن يُ َض ِّيــ َع َمــ ْن‬ ‫َي ُعــو ُل»‪ ( .‬أخرجــه الحاكــم في مســتدركه ‪ 545 /4‬رقــم ‪ 8526‬كتــاب الفــن والملاحــم – والحديــث‪ :‬ص َّححــه‬ ‫الذهبـي عـى شرط البخـاري ومسـلم)‪.‬‬ ‫وقـد ذهـب جمهـور الفقهـاء عـدا السـادة الحنفيـة إلى اشـراط الـولي في عقـد الـزواج ؛ لقولـه ‪ -‬ﷺ ‪ »:-‬أَ ُّيَـا‬ ‫ا ْمـ َرأَ ٍة نُ ِك َحـ ْت ِب َغـ ْ ِر ِإ ْذ ِن َو ِل ِّي َهـا‪َ ،‬ف ِنكَا ُح َهـا بَا ِطـ ٌل‪َ ،‬ف ِن َكا ُح َهـا بَا ِطـ ٌل‪َ ،‬ف ِنكَا ُح َهـا َبا ِطـ ٌل‪َ ،‬فـ ِإ ْن أَ َصا َب َهـا‪َ ،‬ف َل َهـا َم ْه ُر َهـا‬ ‫ِبَـا أَ َصا َب َهـا‪َ ،‬و ِإ ْن تَ َشـا َج ُروا َفال ُّسـلْ َطا ُن َو ِ ُّل َمـ ْن َل َو ِ َّل لَـ ُه «‪( .‬أخرجـه الحاكـم في مسـتدركه ‪ 182 /2‬رقـم ‪2706‬‬ ‫كتـاب النـكاح – وقـال‪َ « :‬هـ َذا َح ِديـ ٌث َص ِحيـ ٌح َعـ َى َ ْش ِط ال َّشـ ْي َخ ْ ِي‪َ ،‬ولَـ ْم ُي َخ ِّر َجـا ُه»)‪.‬‬ ‫وقـد اتفـق الفقهـاء عـى ثبـوت الولايـة لـأب فهـو أقـرب النـاس للمـولى عليـه وأشـفقهم عليـه وأكثرهـم‬ ‫درايـة بمصالحـه وشـؤونه‪ ،‬ولم يخالـف في ذلـك أحـد منهـم‪ ،‬وكذلـك ثبوتهـا ابتـدا ًء للعصبـات بأنفسـهم فعـى‬ ‫الرغـم مـن اختـاف الفقهـاء فيمـن تثبـت لـه هـذه الولايـة إلا أنهـم جمي ًعـا يـدورون حـول أمـر واحـد وهـو‬ ‫وضـع الولايـة في إطـار الأوليـاء مـن العصبـات وليـس غيرهـم‪ ،‬فـإذا انعـدم الأوليـاء مـن العصبـات فتكـون‬ ‫الولايـة‪ :‬للسـلطان ومـن ينيبـه عنـه‪ ،‬كالقـاضي‪.‬‬ ‫جـاء في الإقنـاع في مسـائل الإجـاع لابـن القطـان (‪ 6/2‬ومـا بعدهـا) مـا نصـه‪« :‬وأجمـع أهـل العلـم عـى أن‬ ‫عقـد الآبـاء يبيـح الفـرج المحظـور‪ ...‬والأمـة مجمعـة عـى أن الـولي إذا زوج البكـر البالـغ برضاهـا أن النـكاح‬ ‫جائـز‪ ...‬وأجمعـوا أن ولي المـرأة في النـكاح إذا غـاب غيبـة [متصلـة] كان الـذي هـو ولي لهـا بعـده لـو كان‬ ‫مي ًتـا أن يتـولاه لهـا‪ ...‬وأجمـع كل مـن يحفـظ عنـه مـن أهـل العلـم عـى أن السـلطان يـزوج المـرأة إذا أرادت‬ ‫النـكاح ودعـت إلي كـفء‪ ،‬وامتنـع الـولي أن يزوجهـا‪ ...‬واتفقـوا أن مـن لا ولي لهـا‪ ،‬فـإن السـلطان الـذي تجـب‬ ‫طاعتـه ولي لهـا‪ ،‬ينكحهـا ممـن أحبـت مـن يجـوز لهـا نكاحـه»‪.‬‬ ‫وزاد السـادة المالكيـة دون غيرهـم مـن جمهـور الفقهـاء قبـل ولايـة السـلطان ومـن ينيبـه‪ :‬الولايـة بالكفالـة‪،‬‬ ‫واعتبروهـا مـن أصنـاف الولايـة الخاصـة عندهـم والتـي تثبـت لأنـاس معينـن‪ ،‬وهـم سـتة أصنـاف‪ :‬الأب‪،‬‬ ‫ووصيـه‪ ،‬والقريـب العصبـة‪ ،‬والمـولى‪ ،‬والكافـل‪ ،‬والسـلطان‪ ،‬والولايـة بالكفالـة تعنـي‪ :‬أن مـن كفـل امـرأة‬ ‫‪88‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫فقـدت والدهـا وغـاب عنهـا أهلهـا فقـام بتربيتهـا مـدة كان لـه حـق الولايـة عليهـا في زواجهـا‪ ،‬فيزوجهـا وإن‬ ‫كان أبوهـا غائ ًبـا‪ ،‬بـرط أن تمكـث عنـده زم ًنـا يوجـب حنانـه وشـفقته عليهـا عـادة فتخالطـه مخالطـة الأبنـاء‬ ‫لآبائهـم‪ ،‬ولا يلـزم تقديـر هـذه المـدة بزمـن معـن كأربـع سـنين أو عـر عـى الأصـح‪.‬‬ ‫جـاء في شرح مختـر خليـل للخـرشي (‪ )181 /3‬مـا نصـه‪َ (« :‬ف َكا ِفـ ٌل) َو َهـ ْل إ ْن َك َفـ َل َعـ ْ ًرا َأ ْو َأ ْربَ ًعـا أَ ْو َمـا‬ ‫ُي ْشـ ِف ُق تَـ َر ُّد ٌد (ش) َي ْع ِنـي أَ َّن الْكَا ِفـ َل ال َّذ َكـ َر إ َذا كَ َفـ َل َص ِب َّيـ ًة َو َر َّبا َهـا إ َل َأ ْن َب َل َغـ ْت ِع ْنـ َد ُه َف َلـ ُه تَ ْز ِوي ُج َهـا ِب ِر َضا َهـا‪،‬‬ ‫َوا ْل ُمـ َرا ُد ِبا ْل َمكْ ُفو َلـ ِة ُه َنـا َمـ ْن َمـا َت َأ ُبو َهـا َأ ْو َغـا َب أَ ْهلُ َهـا‪َ ،‬وا ْخ َتلَـ َف ا ْلَ ْشـ َيا ُخ ِف َحـ ِّد َز َمـ ِن ا ْلكَ َفالَـ ِة الَّ ِتـي‬ ‫َي ُكـو ُن ِل ْلكَا ِفـ ِل ا ْل ِو َل َيـ ُة ِب َهـا َعـ َى ال َّص ِب َّيـ ِة َف َقـا َل َب ْعـ ُض ا ْل ُم َوثِّ ِقـ َن َعـ َ َر ُة َأ ْعـ َوا ٍم‪َ ،‬و َقـا َل َأ ُبـو ُم َح َّمـ ٍد َصالِـ ٌح‪َ :‬أ ْربَ َعـ ُة‬ ‫َأ ْعـ َوا ٍم‪َ ،‬و َذ ِلـ َك َأ َقـ ُّل الْ َك َفالَـ ِة‪َ ،‬و َقـا َل أَبُـو ا ْل َح َسـ ِن َل َحـ َّد لَ َهـا َوإِ َّنَـا ا ْل َم ْق ُصـو ُد ِم ْن َهـا إ ْظ َهـا ُر ال َّشـ َف َق ِة َوالْ َح َنـا ِن‬ ‫َعـ َى ال َّص ِب َّيـ ِة َوأَ َّن َذ ِلـ َك يُـو ِر ُث َلـ ُه َع ْقـ َد نِ َكا ِح َهـا‪َ ،‬ولَـ ْو َمـا َت َز ْو ُج ا ْل َم ْك ُفولَـ ِة َأ ْو َطلَّـ َق َف َهـ ْل تَ ُعـو ُد ِو َليَـ ُة الْكَا ِفـ ِل‬ ‫ثَالِ ُث َهـا إ ْن كَا َن َفا ِضـ ًا َو َرا ِب ُع َهـا إ ْن َعـا َد ْت لِكَ َفا َل ِتـ ِه َوالْ ُمـ َرا ُد ِبالْكَا ِفـ ِل الْ َقا ِئـ ُم ِبأُ ُمو ِر َهـا‪َ ،‬ولَـ ْو َأ ْج َن ِب ًّيـا‪.»...‬‬ ‫وعـى هـذا‪ ،‬وفي واقعـة السـؤال‪ :‬فيكـون للكافـل حـق الولايـة في الـزواج للبنـت المكفولـة عـى مـا ذهـب إليـه‬ ‫السـادة المالكيـة عنـد غيـاب أوليائهـا؛ شريطـة أن تمكـث عنـده زم ًنـا يوجـب حنانـه وشـفقته عليهـا عـادة‬ ‫فتخالطـه مخالطـة الأبنـاء لآبائهـم‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪89‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل كفالة البنت اليتيمة أولى من الولد اليتيم في حال تساوي حاليهما؟‬ ‫جــــ‪ :‬لم يفـرق الإسـام في كفالـة الأيتـام بـن الذكـر والأنثـى في الأصـل‪ ،‬فقـد جـاءت الأدلـة عامـة في ثـواب‬ ‫رعايتهـم‪ ،‬والقيـام عـى شـئونهم؛ لقولـه ‪ -‬ﷺ ‪َ « :-‬وأَنَـا َوكَا ِفـ ُل ال َي ِتيـ ِم ِف ال َج َّنـ ِة َه َكـ َذا» َوأَ َشـا َر ِبال َّسـ َّبابَ ِة‬ ‫َوال ُو ْســ َطى‪َ ،‬و َفــ َّر َج بَ ْي َن ُهــ َا َشــ ْي ًئا‪( .‬أخرجــه مســلم في صحيحــه ‪ 2287 /4‬رقــم ‪ - 2 2983‬بــاب الإحســان إلى‬ ‫الأرملـة والمسـكين واليتيـم)‪.‬‬ ‫فـالأولى بالرعايـة مـن الأيتـام أشـدهم حاجـة للرعايـة‪ ،‬فالأصغـر أولى بهـا مـن الأكـر منـه‪ ،‬والأفقـر أولى بهـا‬ ‫مـن الأقـل فقـ ًرا‪ ...‬وهكـذا‪..‬‬ ‫وعـى هـذا‪ ،‬وفي واقعـة السـؤال‪ :‬فكفالـة البنـت اليتيمـة أولى مـن الولـد اليتيـم في حـال تسـاوي حاليهـا؛ لأن‬ ‫الأنثـى في الغالـب مـا تكـون أشـد حاجـة للرعايـة مـن الذكـر؛ لقـدرة الذكـر عـى العمـل دونهـا‪ ،‬ولمـا ورد مـن‬ ‫حـ ِّث النبـي – ﷺ ‪ -‬إلى الإحسـان إلى البنـات ورعايتهـن عـى وجـه العمـوم حيـث قـال‪َ « :‬مـ ْن َعـا َل َجا ِريَ َتـ ْ ِن‬ ‫َح َّتـى تَ ْبلُ َغـا‪َ ،‬جـا َء يَـ ْو َم ا ْل ِق َيا َمـ ِة أَنَـا َو ُهـ َو» َو َضـ َّم أَ َصا ِب َعـ ُه»‪( .‬أخرجـه مسـلم في صحيحـه ‪ 2027/4‬رقـم ‪2631‬‬ ‫بـاب فضـل الإحسـان إلى البنـات)‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪90‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما الذي يجب على كافل اليتيم نحو الطفل المكفول؟‬ ‫جــــ‪ :‬مـن المقـرر شر ًعـا أن الكفالـة هـي‪ :‬القيـام بأمـوره‪ ،‬والسـعي في مصالحـه‪ ،‬مـن طعامـه‪ ،‬وكسـوته‪ ،‬وتنمية‬ ‫مالـه إن كان لـه مـال‪ ،‬وإن كان لا مـال لـه َأنفـق عليـه‪ ،‬وكسـاه اب ِتغـاء وجـه اللـه – تعـالى‪ -‬وتمتـد الكفالـة‬ ‫إلى حـن اسـتغنائه بنفسـه عـن كافلـه‪.‬‬ ‫لمــا روي عــن النبــي – ﷺ‪ -‬أنــه قــال‪َ « :‬مــ ْن َضــ َّم َي ِتيــ ًا بَــ ْ َن أَبَ َو ْيــ ِن ُم ْســ ِل َم ْ ِي ِإ َل َط َعا ِمــ ِه َو َ َشا ِبــ ِه َح َّتــى‬ ‫َي ْسـ َت ْغ ِن َي َع ْنـ ُه‪َ ،‬و َج َبـ ْت لَـ ُه الْ َج َّنـ ُة ا ْل َب َّتـ َة»‪( .‬أخرجـه أحمـد في مسـنده ‪ 370 /31‬رقـم ‪ 19025‬مسـند الكوفيـن‬ ‫– وصححـه الهيثمـي في مجمـع الزوائـد ‪.)161 /8‬‬ ‫جـاء في كشـاف القنـاع للبهـوتي ( ‪ ) 448 /3‬مـا نصـه‪َ « :‬و ُي ْسـ َت َح ُّب إ ْكـ َرا ُم الْ َي ِتيـ ِم‪َ ،‬و ِإ ْد َخـا ُل الـ ُّ ُرو ِر َعلَ ْيـ ِه‪َ ،‬و َد ْفـ ُع‬ ‫ال َّن ْقـ ِص َوا ْ ِل َهانَـ ِة َع ْنـ ُه) َأ ْي َعـ ْن ا ْل َي ِتيـ ِم ( َف َجـ ْرُ َق ْل ِبـ ِه ِمـ ْن أَ ْعظَـ ِم َم َصالِ ِحـ ِه‪َ ،‬قالَـ ُه ال َّشـ ْي ُخ) ِل َح ِديـ ِث أَ ِب الـ َّد ْر َدا ِء‬ ‫َم ْر ُفو ًعـا « َأتُ ِحـ ُّب أَ ْن َيلِـ َن َق ْل ُبـك َوتُـ ْد ِر َك َحا َج َتـك ا ْر َحـ ْم ا ْل َي ِتيـ َم‪َ ،‬وا ْم َسـ ْح َرأْ َسـ ُه‪َ ،‬و َأ ْط ِع ْمـ ُه ِمـ ْن طَ َعا ِمـك َي ِلـ ْن‬ ‫َق ْل ُبـك» َر َوا ُه ال َّطـ َرَا ِ ُّن ِف ا ْلكَ ِبـرِ»‪.‬‬ ‫وعـى هـذا‪ ،‬وفي واقعـة السـؤال‪ :‬فكالـة اليتيـم سـواء كانـت بض ِّمـه إلى أسرتـه إلى حـن اسـتغنائه عـن كافلـه‪،‬‬ ‫أو ببقائـه في دور الرعايـة المخصصـة لذلـك؛ تكـون بالإنفـاق عليـه‪ ،‬والقيـام عـى تربيتـه‪ ،‬وتعليمـه‪ ،‬وتأديبـه‪،‬‬ ‫وإصلاحــه حتــى يبلــغ‪ ،‬وهــذه أعــى درجــات كفالــة اليتيــم؛ فيعاملــه الكافــل معاملــة أولاده في الإنفــاق‬ ‫والإحسـان والتربيـة والتعليـم‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪91‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم الكفالة عند وجود أبناء آخرين مختلفين عن الطفل المكفول في الجنس‪،‬‬ ‫وما وضعه بالنسبة للأس رة؟ ‬ ‫جــــ‪ :‬لا تخلـو كفالـة طفـل مـن جنـس مختلـف عـن أبنـاء الكافـل في بيـت واحـد وتحـت مظلـة أسرة الكافـل‬ ‫مـن أن يكـون هـذا الطفـل قـد كفـل رضي ًعـا أم لا ؟‬ ‫فـإذا كان الطفـل المكفـول ‪ -‬ذكـ ًرا كان أم أنثـى‪ -‬رضي ًعـا ؛ فرضـع مـع أبنـاء الكافـل مـن زوجتـه؛ فيصبـح‬ ‫مـن محـارم الأسرة الكافلـة‪ ،‬ومـن ثـم فـا يكـون هنـاك َحـ َر ٌج عنـد البلـوغ أو بعـده‪ ،‬فيصبـح المكفـول ابنـا‬ ‫لكافلـه مـن الرضاعـة‪ ،‬وأ ًخـا لأبنائـه مـن نسـبه‪ ،‬فـإن الرضاعـة تحـرم مـا تحرمـه الـولادة؛ وذلـك بالـروط‬ ‫المقـررة شر ًعـا للرضاعـة المُ َح ِّرمـة وهـي‪ :‬أن تكـون الرضعـات خم ًسـا مشـبعات متفرقـات عـى المختـار للفتـوى‬ ‫والقانـون مـن مذهـب السـادة الشـافعية‪ ،‬وأن تكـون دون الحولـن‪ ،‬ور َّخـص السـادة المالكيـة في زيـادة شـهر‬ ‫أو شـهرين عـى الحولـن‪ ،‬وجعلـه الإمـام أبـو حنيفـة عامـن ونص ًفـا؛ حيـث حمـل قولـه تعـالى‪َ ( :‬و َح ْملُـ ُه‬ ‫َو ِف َصالُـ ُه ثَلاثُـو َن َشـ ْه ًرا) (سـورة الأحقـاف جـزء الآيـة‪ )15:‬عـى كـون جميـع المذكـور مـدة لـكل منهـا عـى‬ ‫حـدة لا عـى مجمـوع ا ْل ُم َّدتـن‪ ،‬وقـدره صاح ُبـه الإمـام زفـر بثلاثـة أعـوام‪ ،‬ولا مانـع مـن الأخـذ بهـذه الأقـوال‬ ‫عنـد الحاجـة إلى ذلـك‪( .‬بدائـع الصنائـع للكاسـاني ‪ ،6/4‬الفواكـه الـدواني للنفـراوي ‪ ،55 / 2‬تكملـة المجمـوع‬ ‫للمطيعـي ‪.)216/16‬‬ ‫وذلـك لمـا روي عـن ابْـ ِن َع َّبـا ٍس ‪َ -‬ر ِ َض اللَّـ ُه َع ْن ُهـ َا‪َ -‬قـا َل‪َ :‬قـا َل ال َّن ِبـ ُّي ‪-‬ﷺ ‪ِ -‬ف ِب ْنـ ِت َح ْمـ َز َة‪« :‬ل َا تَ ِحـ ُّل ِل‪،‬‬ ‫َي ْحـ ُر ُم ِمـ َن ال َّر َضـا ِع َمـا َي ْحـ ُر ُم ِمـ َن ال َّن َسـ ِب‪ِ ،‬هـ َي ِب ْنـ ُت أَ ِخـي ِمـ َن ال َّر َضا َعـ ِة»‪ ( .‬أخرجـه البخـاري في صحيحـه ‪/3‬‬ ‫‪ 170‬رقـم ‪ 2645‬بـاب الشـهادة عـى الأنسـاب‪ ،‬والرضـاع المسـتفيض‪ ،‬والمـوت القديـم )‪.‬‬ ‫وعـى هـذا‪ :‬فيعامـل هـذا الطفـل المكفـول والـذي صـار ابنـا لكافلـه بالرضاعـة كالمحـارم في شـأن العـورات‬ ‫والخلـوة والاختـاط‪ ،‬مـع التقيـد بالأحـكام الشرعيـة التـي نظَّـم الإسـام بهـا علاقـة المحـارم ومـن في حكمهـم؛‬ ‫مـن وجـوب سـر العـورات التـي أوجـب الـرع سـرها‪ ،‬والاسـتئذان عنـد الدخـول‪ ،‬ومـع مراعـاة الآداب‬ ‫المرعيـة؛ مـن التفريـق بينـه وبـن أولاده في المضاجـع‪ ،‬والتراتيـب الإجرائيـة التـي تكفـل لهـم الأمـن الأخلاقـي؛‬ ‫كخصوصيـة أماكـن الملبـس‪ ،‬ومراعـاة آثـار التغـرات الجسـدية والنفسـية لهـا قبيـل سـن البلـوغ‪ ،‬وغـر ذلـك‬ ‫مـن آداب التربيـة بـن الأطفـال والمميزيـن مـن الجنسـن المختلفـن‪.‬‬ ‫أمـا إذا كان الطفـل المكفـول ‪ -‬ذكـرا كان أم أنثـى‪ -‬ليـس رضي ًعـا؛ كأن كفـل وعمـره أكـر مـن سـنتين مثـ ًا ؛‬ ‫فيقـوم الكافـل عـى الإحسـان إليـه‪ ،‬وتربيتـه‪ ،‬وتعليمـه‪ ،‬وتأديبـه‪ ،‬وإصلاحـه حتـى يبلـغ‪ ،‬مـع وجـوب سـر‬ ‫العـورات التـي أوجـب الـرع سـرها‪ ،‬والاسـتئذان عنـد الدخـول‪ ،‬ومـع مراعـاة الآداب المرعيـة؛ مـن التفريـق‬ ‫‪92‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫بينـه وبـن أولاده في المضاجـع‪ ،‬والتراتيـب الإجرائيـة التـي تكفـل لهـم الأمـن الأخلاقـي؛ كخصوصيـة أماكـن‬ ‫الملبـس‪ ،‬ومراعـاة آثـار التغـرات الجسـدية والنفسـية لهـا قبيـل سـن البلـوغ‪ ،‬وغـر ذلـك مـن آداب التربيـة‬ ‫بـن الأطفـال والمميزيـن مـن الجنسـن المختلفـن‪ ،‬فـإن بلـغ هـذا الطفـل المكفـول؛ فيجـب أن تراعـى المحرميـة‬ ‫بينـه وبـن أسرة الكافـل لـه‪ ،‬مـن حيـث آداب الخلـوة‪ ،‬وسـر العـورة‪ ...‬لأنـه ليـس اب ًنـا للكافـل ولا تربطـه‬ ‫بـه علاقـة محرميـة تجيـز لـه الاختـاط ببناتـه وزوجنـه بـا محـرم ؛ لقولـه ‪ -‬ﷺ ‪« :-‬إِ َّياكُـ ْم َوال ُّد ُخـو َل َعـ َى‬ ‫ال ِّن َسـا ِء» َف َقـا َل َر ُجـ ٌل ِمـ َن الأَنْ َصـا ِر‪ :‬يَـا َر ُسـو َل اللَّـ ِه‪َ ،‬أ َف َر َأيْـ َت ال َح ْمـ َو؟ َقـا َل‪« :‬ال َح ْمـ ُو المَـ ْو ُت»‪( .‬أخرجـه البخـاري‬ ‫في صحيحـه ‪ 37 /7‬رقـم ‪ 5232‬بـاب لا يخلـون رجـل بامـرأة إلا ذو محـرم‪ ،‬والدخـول عـى المغيبـة ‪ -‬والمـراد‬ ‫بالحمـو أقـارب الـزوج غـر آبائـه وأبنائـه‪ ،‬كالأخ والعـم والخـال وأبنائهـم‪( .‬شرح النـووي عـى صحيـح مسـلم‬ ‫(‪ .)154 /14‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪93‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم دور الرعاية التي تمتنع عن إخراج الأطفال الأيتام للكفالة داخل أسر كافلة‪،‬‬ ‫وتكتفي فقط بالتبرعات المالية للطفل وهو داخل الدار؟‬ ‫جــــ‪ :‬اهتـم الإسـام اهتما ًمـا بال ًغـا باليتيـم مـن حيـث تربيتـه ورعايتـه وكفالتـه ومعاملتـه معاملـة حسـنه‪،‬‬ ‫وضـان سـبل العيـش الكريـم لـه كي ينشـأ عضـ ًوا ناف ًعـا في المجتمـع‪ ،‬قـال ‪ -‬تعـالى ‪َ { :-‬فأَ َّمـا الْ َي ِتيـ َم َفـ َا تَ ْق َهـ ْر}‬ ‫(سـورة الضحـى‪ ،‬الآيـة‪ ،)9:‬فـا تذلـه وتنهـره وتُ ِهنـه‪ ،‬ولكـن أحسـن إليـه‪ ،‬وتلطـف بـه‪ ،‬فكـن لليتيـم كالأب‬ ‫الرحيـم‪.‬‬ ‫و َعـ ْن َأ ِب ُه َر ْيـ َر َة‪َ ،‬قـا َل‪َ :‬قـا َل َر ُسـو ُل اللـ ِه ‪ -‬ﷺ ‪« :-‬كَا ِفـ ُل الْ َي ِتيـ ِم لَـ ُه َأ ْو ِل َغـ ْ ِر ِه أَنَـا َو ُهـ َو َك َهاتَـ ْ ِن ِف ا ْل َج َّنـ ِة»‬ ‫َو َأ َشـا َر َما ِلـ ٌك ِبال َّسـ َّبا َب ِة َوا ْل ُو ْسـطَى (أخرجـه مسـلم في صحيحـه (‪ .)2287/4‬فكافـل اليتيـم هـو الـذي يكفلـه‬ ‫ويقـوم بأمـره وينظـر لـه‪ ،‬ويقـوم بأمـوره مـن نفقـة وكسـوة وتأديـب وتربيـة وغـر ذلـك‪.‬‬ ‫وقـد تطابقـت الشرائـع والأديـان عـى الحـث عـى الإحسـان إلى اليتيـم وحـق عـى مـن سـمع هـذا الحديـث‬ ‫العمـل بـه ليكـون رفيـق المصطفـى ‪ -‬ﷺ ‪ -‬في الجنـة ولا منزلـة أفضـل مـن ذلـك‪ ،‬وفيـه إشـارة إلى أن بـن‬ ‫درجـة النبـي ‪ -‬ﷺ ‪ -‬وكافـل اليتيـم قـدر تفـاوت مـا بـن السـبابة والوسـطى‪.‬‬ ‫فحرصـت دور الرعايـة ومؤسسـات التكافـل الاجتماعـي الخاصـة بالأيتـام عـى توفـر البيئـة المناسـبة للطفـل‪،‬‬ ‫وذلـك بحقيـق حاجاتـه الاجتماعيـة والنفسـية‪ ،‬التـي دعـا إليهـا الإسـام‪ ،‬إلا أن رعايـة اليتيـم رعايـة كاملـة‬ ‫عــن طريــق تلــك المؤسســات لا ترقــى إلى مرتبــة الأسرة الطبيعيــة للطفــل‪ ،‬فأصبــح مــن الممكــن تعويــض‬ ‫الطفـل اليتيـم عـن أسرتـه الطبيعيـة التـي حـرم منهـا بـأسرة بديلـة يكتسـب منهـا مـا ينقصـه مـن الحاجـات‬ ‫الفرديـة والضروريـة في تكوينـه الاجتماعـي والنفـي‪ ،‬فـالأسر البديلـة تعتـر شـكل مـن أشـكال رعايـة وتربيـة‬ ‫الأطفـال الأيتـام وهـى تلـك الأسر التـي تقـوم بتربيـة الطفـل المحـروم مـن الأبويـن رغبـة منهـا في الأجـر‬ ‫والثـواب مـن اللـه تعـالى‪.‬‬ ‫فالأصـل أن عمـل الأسرة البديلـة في رعايـة الطفـل وكفالتـه‪ ،‬هـي الكفالـة الحقيقـة التـي دعـا إليهـا النبـي ‪-‬‬ ‫ﷺ ‪ ،-‬ف َعـ ْن أَ ِب ُه َريْـ َر َة‪َ ،‬عـ ِن ال َّن ِبـ ِّي ‪ -‬ﷺ ‪َ -‬قـا َل‪َ « :‬خـ ْرُ َب ْيـ ٍت ِف الْ ُم ْسـلِ ِمي َن َب ْيـ ٌت ِفيـ ِه يَ ِتيـ ٌم ُي ْح َسـ ُن إِ َل ْيـ ِه‪،‬‬ ‫َو َ ُّش َب ْيـ ٍت ِف ا ْل ُم ْسـ ِل ِمي َن بَ ْيـ ٌت ِفيـ ِه َي ِتيـ ٌم ُي َسـا ُء ِإ َل ْيـ ِه» (أخرجـه ابـن ماجـه في سـننه (‪)3679( )1213/2‬؛ لأن‬ ‫ذلـك البيـت حـوى الرحمـة والشـفقة والنيابـة عـن اللـه في الإيـواء والشـفقة ‪ -‬باليتيـم ‪ -‬وإكرامـه تعهـد أمـوره‬ ‫والرفـق بـه (فيـض القديـر‪ )484/3‬ف َعـ ْن َما ِلـ ِك بْـ ِن ا ْل َحـا ِر ِث‪َ ،‬ر ُجـ ٍل ِم ْن ُهـ ْم‪َ ،‬أنَّـ ُه َسـ ِم َع ال َّن ِبـ َّي ‪ -‬ﷺ ‪َ -‬ي ُقـو ُل‪:‬‬ ‫« َمـ ْن َضـ َّم يَ ِتيـ ًا َبـ ْ َن َأبَ َو ْيـ ِن ُم ْسـ ِل َم ْ ِي ِإ َل طَ َعا ِمـ ِه َو َ َشا ِبـ ِه َح َّتـى َي ْسـ َت ْغ ِن َي َع ْنـ ُه‪َ ،‬و َج َبـ ْت َلـ ُه الْ َج َّنـ ُة الْ َب َّتـ َة ‪»...‬‬ ‫(أخرجـه أحمـد في مسـنده (‪.)20331( )441/33‬‬ ‫‪94‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫وهـذه فضيلـة عظيمـة إلى كل مـن ضـم يتيـ ًا إلى مائدتـه وأنفـق عليـه مـن طولـه (الاسـتذكار‪ ،‬لابـن عبـد‬ ‫الـر (‪.)434/8‬‬ ‫و َعـ ْن أَ ِب أُ َما َمـ َة‪َ ،‬أ َّن َر ُسـو َل اللَّـ ِه ‪ -‬ﷺ ‪َ -‬قـا َل‪َ « :‬مـ ْن َم َسـ َح َرأْ َس يَ ِتيـ ٍم لَـ ْم َيْ َسـ ْح ُه ِإ َّل ِل َّلـ ِه كَا َن لَـ ُه ِبـكُ ِّل َشـ ْع َر ٍة‬ ‫َمـ َّر ْت َع َل ْي َهـا يَـ ُد ُه َح َسـ َنا ٌت‪َ ،‬و َمـ ْن أَ ْح َسـ َن ِإ َل َي ِتي َمـ ٍة أَ ْو َي ِتيـ ٍم ِع ْنـ َد ُه كُ ْنـ ُت َأنَـا َو ُهـ َو ِف ا ْل َج َّنـ ِة َك َهاتَـ ْ ِن‪َ ،‬و َقـ َر َن‬ ‫بَـ ْ َن ُأ ْص ُب َع ْيـ ِه ال َّسـ َّبابَ ِة َوالْ ُو ْسـطَى» وقولـه عنـده أعـم مـن أن يكـون اليتيـم لـه أو لغـره‪.‬‬ ‫ونظـ ًرا لاحتيـاج الطفـل اليتيـم إلى الاندمـاج في المجتمـع‪ ،‬ف ُت َعـ ُّد الأسرة البديلـة الحـ َّل الأمثـل لاحتـواء هـؤلاء‬ ‫الأيتـام بتربيتهـم في جـ ٍّو أسر ٍّي مترابـط تعوضهـم عـا فقـدوه بتوفـر الرعايـة الاجتماعيـة والنفسـية والصحيـة‬ ‫لهـم والذيـن حالـت ظروفهـم دون أن ينشـؤوا في أسرهـم الطبيعيـة‪ ،‬وعليـه فـا مانـع شر ًعـا مـن التحـاق‬ ‫الطفـل اليتيـم بتلـك الأسر البديلـة‪ ،‬مـع مراعـاة الضوابـط الشرعيـة في التعامـل‪ ،‬وليـس لـدور الرعايـة منعهـم‬ ‫مـن الالتحـاق بهـا‪ ،‬اللهـم إلا إذا كانـت تلـك الأسر غـر مؤهلـة لتلـك الكفالـة الكاملـة‪ ،‬وبمـا ينظمـه قانـون‬ ‫تلـك المؤسسـات والجمعيـات الخـاص بهـا‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪95‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم إخفاء حقيقة الكفالة عن الطفل المكفول‪ ،‬حتى يكبر الطفل ظانًا أنه ابن‬ ‫بالنسب لأسرته الكافلة؟‬ ‫جـــــ‪ :‬مـن المقـرر شر ًعـا أن المكفـول ذكـ ًرا كان أم أنثـى أجنبـ ٌّي عـن كافلـه وزوجـه وأصولهـا وفروعهـا‪ ،‬إلا‬ ‫إذا اكتسـب محرميتهـم بالرضـاع وذلـك بالـروط المقـررة شر ًعـا للرضاعـة المُ َح ِّرمـة فيكـون ابنـا لهـم؛ لأنـه‬ ‫يحـرم مـن الرضـاع مـا يحـرم مـن النسـب‪ ،‬كـا لا يجـوز بـأي حـال مـن الأحـوال أن ينسـب المكفـول لكافلـه؛‬ ‫لحرمـة ذلـك والنهـي عنـه‪( .‬أحـكام القـرآن للجصـاص ‪ ،97 /2‬منـح الجليـل لعليـش ‪ ،130 /4‬نهايـة المحتـاج‬ ‫للرمـي ‪ ،394 /8‬المغنـي لابـن قدامـة ‪.)367 /6‬‬ ‫وذلـك لقـول اللـه –تعـالى‪{ :-‬ا ْد ُعو ُهـ ْم ِل َبائِ ِهـ ْم ُهـ َو َأ ْق َسـ ُط ِعنـ َد اللَّـ ِه}‪( .‬سـورة الأحـزاب جـزء الآيـة ‪ ،)5‬وقولـه‬ ‫ﷺ‪َ « :‬مـ ِن ا َّد َعـى إِ َل َغـ ْرِ َأ ِبيـ ِه‪َ ،‬و ُهـ َو يَ ْعلَـ ُم َفا ْل َج َّنـ ُة َع َل ْيـ ِه َحـ َرا ٌم» (أخرجـه البخـاري في صحيحـه ‪ 156 /5‬رقـم‬ ‫‪ 4326‬بـاب غـزوة الطائف)‪.‬‬ ‫وعـى هـذا‪ ،‬وفي واقعـة السـؤال‪ :‬فـا يجـوز إخفـاء حقيقـة الكفالـة عـن المكفـول؛ حتـى لا يظـن أنـه ابـن‬ ‫لكافلـه وأخ لأبنائـه؛ فيسـتحل مـا حرمـه اللـه – تعـالى‪ -‬عليـه بهـذا الظـن الـكاذب‪ ،‬بـل ينبغـي عـى الكافـل‬ ‫وأسرتـه أن يعلمـوه أنـه في كنفهـم‪ ،‬وتحـت رعايتهـم الماديـة والتربويـة والتعليميـة‪ ،‬إلى أن يكـر ويسـتطع‬ ‫العمـل والإنفـاق عـى نفسـه‪.‬‬ ‫كـا يجـوز شر ًعـا لكافـل الطفـل اليتيـم أو مجهـول النسب‪-‬سـواء أكان رجـ ًا أم امـرأة‪ -‬أن يضيـف لقـب‬ ‫عائلتـه إلى اسـم هـذا الطفـل‪ ،‬أو تغيـر الاسـم الأخـر مـن اسـم الطفـل إلى اسـم تلـك العائلـة‪ ،‬بحيـث يظهـر‬ ‫مطلـق الانتـاء إليهـا دون الإخـال أو التدليـس بأنـه ابنـه أو ابنتـه مـن صلبـه؛ حتـى لا يدخـل في نطـاق‬ ‫التبنـي المحـرم شر ًعـا‪ ،‬بـل إن تلـك الإضافـة سـتكون مثـل علقـة الـولاء التـي كانـت بـن القبائـل العربيـة‬ ‫قديمـا‪ ،‬والـولاء جائـز شر ًعـا‪ ،‬ويحقـق مصلحـة الطفـل في مراحلـه العمريـة المختلفـة مـع الاحتفـاظ بالأحـكام‬ ‫الشرعيـة مـن حرمـة التبنـي ومـا يترتـب عليـه مـن آثـار شرعيـة‪.‬‬ ‫والله أعلم‪.‬‬ ‫‪96‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬آنسة تريد أن تكفل طف ًل يتي ًم في بيتها لكن أمها ترفض ذلك‪ ،‬هل يجب عليها‬ ‫طاعة أمها وعدم كفالة الطفل؟ وهل تأثم إذا لم تطع أمها؟‬ ‫جـــ‪ :‬الوالـدان جعلهـا اللـه ‪-‬تعـالى‪ -‬سـب ًبا لوجـود الإنسـان في هـذه الحيـاة‪ ،‬ومـا عنـى بـه الإسـام بـر‬ ‫الوالديـن وطاعتهـا‪ ،‬والإحسـان إليهـا‪ ،‬فـأوصى اللـه ‪ -‬تعـالى ‪ -‬بهـا خـ ًرا‪ ،‬فجـاءت نصـوص القـرآن الكريـم‬ ‫تؤكـد هـذا المعنـى وتعمقـه‪ ،‬قـال ‪ -‬تعـالى ‪َ { :-‬و َو َّص ْي َنـا ا ْ ِلنْ َسـا َن ِب َوالِ َديْـ ِه ِإ ْح َسـانًا} (سـورة الأحقـاف‪ ،‬الآيـة‪،)15:‬‬ ‫فنالـت الأم الفضـل الأكـر في حسـن الصحبـة التـي أمـر بهـا النبـي ‪ -‬ﷺ ‪ -‬ف َعـ ْن َأ ِب ُه َر ْيـ َر َة ‪َ -‬ر ِ َض اللَّـ ُه َع ْنـ ُه‬ ‫‪َ -‬قـا َل‪َ :‬جـا َء َر ُجـ ٌل ِإ َل َر ُسـو ِل ال ّلَـ ِه ‪ -‬ﷺ ‪َ -‬ف َقـا َل‪ :‬يَـا َر ُسـو َل ال َلّـ ِه‪َ ،‬مـ ْن َأ َحـ ُّق ال َّنـا ِس ِب ُح ْسـ ِن َص َحا َب ِتـي؟ َقـا َل‪:‬‬ ‫« ُأ ُّمـ َك» َقـا َل‪ :‬ثُـ َّم َمـ ْن؟ َقـا َل‪« :‬ثُـ َّم ُأ ُّمـ َك» َقـا َل‪ :‬ثُـ َّم َمـ ْن؟ َقـا َل‪« :‬ثُـ َّم أُ ُّمـ َك» َقـا َل‪ :‬ثُـ َّم َمـ ْن؟ َقـا َل‪« :‬ثُـ َّم أَ ُبـو َك»‬ ‫(أخرجـه البخـاري في صحيحـه (‪.)5971( )2/8‬‬ ‫فعـى الإنسـان طاعـة والديـه طاعـة للـه ‪ -‬تعـالى ‪ ،-‬فـا يٌقـدم عليهـا أحـ ًدا‪ ،‬ولا يعـي لهـا أمـ ًرا‪ ،‬في غـر‬ ‫معصيـة اللـه ‪ -‬تعـالى ‪ ،-‬ف َعـ ْن َعـ ِ ٍّي‪َ ،‬عـ ِن ال َّن ِبـ ِّي ‪ -‬ﷺ ‪َ ،-‬قـا َل‪َ « :‬ل طَا َعـ َة ِل َم ْخلُـو ٍق ِف َم ْع ِص َيـ ِة اللـ ِه َعـ َّز َو َجـ َّل»‬ ‫(أخرجـه أحمـد في مسـنده (‪.)1095( )333/2‬‬ ‫فعقـوق الوالديـن محـرم مـن الكبائـر‪ ،‬ف َعـ ْن َع ْبـ ِد ال َّر ْح َمـ ِن بْـ ِن أَ ِب َب ْكـ َر َة‪َ ،‬عـ ْن َأ ِبيـ ِه ‪َ -‬ر ِ َض اللَّـ ُه َع ْنـ ُه ‪َ -‬قـا َل‪:‬‬ ‫َقـا َل َر ُسـو ُل اللَّـ ِه ‪ -‬ﷺ ‪َ « :-‬أل َا أُنَ ِّب ُئكُـ ْم ِبأَ ْكـ َ ِر ال َك َبا ِئـ ِر» ُق ْل َنـا‪َ :‬بـ َى يَـا َر ُسـو َل اللَّـ ِه‪َ ،‬قـا َل‪« :‬ال ِإ ْ َشا ُك ِبال َلّـ ِه‪َ ،‬و ُع ُقـو ُق‬ ‫ال َوالِ َديْـ ِن‪َ ،‬و َكا َن ُم َّت ِك ًئـا َف َجلَـ َس َف َقـا َل‪َ :‬أل َا َو َقـ ْو ُل الـ ُّزو ِر‪َ ،‬و َشـ َها َد ُة الـ ُّزو ِر‪ ،‬أَل َا َو َقـ ْو ُل الـ ُّزو ِر‪َ ،‬و َشـ َها َد ُة الـ ُّزو ِر» َفـ َا‬ ‫َزا َل َي ُقو ُل َهـا‪َ ،‬ح َّتـى ُقلْـ ُت‪ :‬لاَ َي ْسـ ُك ُت» (أخرجـه البخـاري في صحيحـه (‪.)5977( )4/8‬‬ ‫قـال القرطبـي‪« :‬عقـوق الوالديـن مخالفتهـا في أغراضهـا الجائـزة لهـا‪ ،‬كـا أن ب َّرهـا موافقتهـا عـى‬ ‫أغراضهـا‪ .‬وعـى هـذا إذا أمـرا أو أحدهـا ولدهـا بأمـر وجبـت طاعتهـا فيـه‪ ،‬إذا لم يكـن ذلـك الأمـر‬ ‫معصيـة‪ ،‬وإن كان ذلـك المأمـور بـه مـن قبيـل المبـاح في أصلـه‪ ،‬وكذلـك إذا كان مـن قبيـل المنـدوب»‪ .‬تفسـر‬ ‫القرطبــي (‪.)238/10‬‬ ‫وفي واقعـة السـؤال عـى السـائلة طاعـة الأم‪ ،‬لا سـيما أن كان لهـا غـرض صحيـح فيـا تأمـر بـه‪ ،‬أو تنهـى عنـه‪،‬‬ ‫فـإذا أمرتـك والدتـك بأمـر ليـس فيـه معصيـة للـه‪ ،‬وكان لهـا فيـه مصلحـة‪ ،‬وليـس عليـك ضرر فيـه‪ ،‬فالواجب‬ ‫عليـك طاعتهـا‪ ،‬كـا أنـه إذا لم يتيـر لـك كفالـة الطفـل بالبيـت فهنـاك مـن وجـوه الـر الأخـرى الكثـر‪ ،‬وذلك‬ ‫كالإحسـان للأيتـام بتوفـر النفقـة والكسـوة لهـم‪ ،‬إلى غـر ذلـك مـن وجـوه الـر الإحسـان‪.‬‬ ‫والله أعلم‪.‬‬ ‫‪97‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم الأشخاص الذين يمنعون الأبوين الكافلين من ميراثهما بسبب كفالتها‬ ‫لطفل غير معلوم نسبه؟ وحجتهم في ذلك ألا تذهب أموال العائلة لشخص ليس من‬ ‫اجلــعـاـئ‪:‬لتـةو؟لى اللـه ‪ -‬تعـالى ‪ -‬قسـمة المـراث بنفسـه ‪ -‬سـبحانه وتعـالى ‪ ،-‬مبي ًنـا حـق كل وارث ونصيبـه في كتابـه‬ ‫الكريـم‪ ،‬محـذ ًرا مـن يعصيـه ‪ -‬تعـالى ‪ -‬فيـا أمـر بـه‪ ،‬بقولـه ‪ -‬تعـالى ‪{ :-‬تِ ْلـ َك ُحـ ُدو ُد ال ّلَـ ِه َو َمـ ْن يُ ِطـعِ ال ّلَـ َه‬ ‫َو َر ُسـو َل ُه يُ ْد ِخ ْلـ ُه َج َّنـا ٍت تَ ْجـ ِري ِمـ ْن تَ ْح ِت َهـا ا ْلَنْ َهـا ُر َخالِ ِديـ َن ِفي َهـا َو َذ ِلـ َك ا ْل َفـ ْو ُز ا ْل َع ِظيـ ُم (‪َ )13‬و َمـ ْن َي ْعـ ِص‬ ‫ال ّلَـ َه َو َر ُسـو َل ُه َو َي َت َعـ َّد ُحـ ُدو َد ُه ُي ْد ِخ ْلـ ُه نَـا ًرا َخالِـ ًدا ِفي َهـا َولَـ ُه َعـ َذا ٌب ُم ِهـ ٌن} (سـورة النسـاء‪ ،‬الآيتـان‪.)13،14:‬‬ ‫فهـذه الفرائـض والمقاديـر التـي جعلهـا اللـه للورثـة بحسـب قربهـم مـن الميـت واحتياجهـم إليـه وفقدهـم‬ ‫لـه عنـد عدمـه‪ ،‬هـي حـدود اللـه فـا تعتدوهـا ولا تجاوزوهـا؛ ولهـذا قـال‪َ { :‬و َمـ ْن يُ ِطـ ِع اللَّـ َه َو َر ُسـو َل ُه} أي‪:‬‬ ‫فيهـا‪ ،‬فلـم يـزد بعـض الورثـة ولم (‪ )6‬ينقـص بع ًضـا بحيلـة ووسـيلة‪ ،‬بـل تركهـم عـى حكـم اللـه وفريضتـه‬ ‫وقسـمته { ُي ْد ِخ ْلـ ُه َج َّنـا ٍت تَ ْجـ ِري ِمـ ْن تَ ْح ِت َهـا ا ْلَنْ َهـا ُر َخالِ ِديـ َن ِفي َهـا َو َذ ِلـ َك ا ْل َفـ ْو ُز الْ َع ِظيـ ُم (‪َ )13‬و َمـ ْن َي ْعـ ِص‬ ‫اللَّـ َه َو َر ُسـولَ ُه َو َي َت َعـ َّد ُحـ ُدو َد ُه ُي ْد ِخ ْلـ ُه نَـا ًرا َخا ِلـ ًدا ِفي َهـا َو َلـ ُه َعـ َذا ٌب ُم ِهـ ٌن} أي‪ ،‬لكونـه غـر مـا حكـم اللـه بـه‬ ‫وضـاد اللـه في حكمـه‪ .‬وهـذا إنمـا يصـدر عـن (‪ )7‬عـدم الرضـا بمـا قسـم اللـه وحكـم بـه‪ ،‬ولهـذا يجازيـه‬ ‫بالإهانـة في العـذاب الأليـم المقيـم‪( .‬تفسـر ابـن كثـر(‪.)232/2‬‬ ‫فمنـع الـوارث مـن حقـه في المـراث كبـرة مـن الكبائـر ف َعـ ْن َأنَـ ِس ْبـ ِن َما ِلـ ٍك َقـا َل‪َ :‬قـا َل َر ُسـو ُل اللَّـ ِه ‪ -‬ﷺ‬ ‫‪َ « :-‬مـ ْن َفـ َّر ِمـ ْن ِمـرَا ِث َوا ِرثِـ ِه‪َ ،‬ق َطـ َع ال َّلـ ُه ِميرَاثَـ ُه ِمـ َن ا ْل َج َّنـ ِة َيـ ْو َم الْ ِق َيا َمـ ِة» (أخرجـه ابـن ماجـه في سـننه‬ ‫(‪ ،)2703()902/2‬قـال المنـاوي‪« :‬أفـاد أن حرمـان الـوارث حـرام بـل قضيـة هـذا الوعيـد أنـه كبـرة» (فيـض‬ ‫القديـر(‪.)186/6‬‬ ‫وعـى هـذا فـا يجـوز شر ًعـا منـع وارث مـن إرثـه بحجـة أن مـال العائلـة سـينفق عـى الأيتـام الذيـن ليسـوا‬ ‫مـن العائلـة‪ ،‬فللإنسـان أن يفعـل مـن وجـوه الـر والخـر طاعـة للـه ‪ -‬تعـالى ‪ -‬مـا يرجـوا بـه رحمـة ربـه‪،‬‬ ‫ولا أدل عـى ذلـك مـن هـدى النبـي ‪ -‬ﷺ ‪ -‬في كفالتـه للأيتـام والحـث عليهـا أنـه لمـا تـوفى جعفـر ابـن أبي‬ ‫طالـب ‪ -‬رضي اللـه عنـه ‪ -‬احتضـن الرسـول ‪ -‬ﷺ ‪ -‬أولاده وأخذهـم معـه إلى بيتـه‪ ،‬فلـا ذكـرت أمهـم مـن‬ ‫يتمهـم وحاجتهـم قـال النبـي ‪ -‬ﷺ ‪« :-‬ا ْل َع ْيلَـ َة تَ َخا ِفـ َن َعلَ ْي ِهـ ْم َوأَنَـا َولِ ُّي ُهـ ْم ِف ال ُّدنْ َيـا َوا ْل ِخـ َر ِة» (أخرجـه‬ ‫أحمـد في مسـنده (‪.)1750( )278/3‬‬ ‫فكفالـة الأيتـام والتعـاون عليهـا لهـا مـن الأجـر العظيـم‪ ،‬والثـواب الجزيـل مـا يدعونـا إلى كفالتهـم والإحسـان‬ ‫إليهـم‪ ،‬للحفـاظ عـى النفـس البشريـة التـي يعتـر الحفـاظ عليهـا المقصـد الثـاني مـن مقاصـد الشريعـة‬ ‫الإسـامية‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪98‬‬

‫التعريف بالكفالة ‪2021‬‬ ‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم أن يطلق الأبوان الكافلان على طفلهم المكفول «ابني» أو «بنتي»؟ هل‬ ‫يدخل ذلك في نطاق التب ِّني المحرم؟‬ ‫جــــ‪ :‬الكفالـة في الإسـام تختلـف عـن التب ِّنـي الـذي كان في الجاهليـة وحرمـه اللـه تعـالى ونهـى عنـه؛ حيـث‬ ‫إ َّن الرجـل في الجاهليـة كان إذا أعجبـه ولـد الرجـل ض َّمـه إلى نفسـه وجعـل لـه ِمثـ َل نصيـب الذكـر مـن أولاده‬ ‫مـن ميراثـه‪ ،‬وكان ينسـب إليـه فيقـال‪ :‬فـان ابـن فـان‪ ،‬فحـ َّرم ذلـك ر ُّبنـا وقـال‪{ :‬ا ْد ُعو ُهـ ْم ِلبَا ِئ ِهـ ْم ُهـ َو‬ ‫أَ ْق َسـ ُط ِع ْنـ َد ال َّلـ ِه} (سـورة الأحـزاب‪ ،‬الآيـة‪ )5:‬فهـذا أمـر ناسـخ لمـا كان في ابتـداء الإسـام مـن جـواز ادعـاء‬ ‫الأبنـاء الأجانـب‪ ،‬وهـم الأدعيـاء‪ ،‬فأمـر اللـه تعـالى بـرد نسـبهم إلى آبائهـم في الحقيقـة‪ ،‬وأن هـذا هـو العـدل‬ ‫والقسـط‪ ،‬ذلـك أنهـم أبنـاء آبائهـم لا أبنـاء مـن تب َّناهـم‪ ،‬أي ادعـوا الأدعيـاء لآبائهـم‪ ،‬أي انسـبوهم لهـم يـا‬ ‫فـان بـن فـان‪ ،‬فـإن دعوتهـم إلى آبائهـم أقسـط وأعـدل في حكـم اللـه وشرعـه‪ .‬وبذلـك منـع النـاس مـن‬ ‫تغيـر الحقائـق‪ ،‬وذلـك لمـا أولتـه الشريعـة الإسـامية مـن حفـظ النسـب‪ ،‬بـل وجعلـت حفظـه مـن أهـم‬ ‫المقاصـد الشرعيـة‪ ،‬فوضعـت القواعـد والحـدود لحفظـه وصيانتـه عـن العبـث والباطـل‪.‬‬ ‫فيجـوز أن يطلـق الأبـوان الكافـان عـى طفلهـم المكفـول «ابنـي» أو «بنتـي» مـع مراعـا ِة عـد ِم الإيهـام بـأن‬ ‫المكفـو َل ابـ ٌن لكافلـه‪ ،‬فحقيقـ ُة التبنـي منتفيـ ٌة عـن هـذه الصـورة؛ حيـث إن ال َّت َب ِّنـي هـو إضافـ ُة ولـ ِد غـ ِره‬ ‫إليـه وإقام ُتـه ُمقـا َم ولـ ِده في النظـر إلى المحـارم والمـراث والنسـب والمِلـك والخلـوة بنسـاء الأسرة عـى أنهـ َّن‬ ‫محارمـه ونحـو ذلـك‪ ،‬فالكافـل لم يَـ َّدع أبوتَـه للمكفـول‪ ،‬ولم يُش ِركْـه معـه في كامـل اسـمه بمـا ُيفهـم منـه أنـه‬ ‫ولـده ال ُّصلبـي‪ .‬قـال ابـن كثـر‪ »:‬فأمـا دعـوة الغـر اب ًنـا عـى سـبيل التكريـم والتحبيـب‪ ،‬فليـس مـا نهـي‬ ‫عنـه في هـذه الآيـة‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪99‬‬

‫السيد مدير حملة (كفالة) بناء على خطابكم المرسل إلينا بشأن الإجابة على الأسئلة‬ ‫الشرعية الخاصة بحملة (كفالة)‪ ،‬نفيد سيادتكم بالإجابة على الفتوى التالية ‪:‬‬ ‫س‪ :‬ما حكم أن ينادي الطفل المكفول أبويه الكافلين بـ «أمي وأبي»؟ هل يدخل ذلك‬ ‫في نطاق التبني المحرم؟‬ ‫جـــــ‪ :‬مـن غـر الجائـر شر ًعـا تسـمية الطفـل المكفـول باسـم كافلـه بحيـث يشـرك معـه في كامـل اسـمه‪ ،‬أو‬ ‫فيـا يوهـم أنـه ابنـه مـن صلبـه‪ ،‬فحـ َّرم اللـه ‪ -‬تعـالى ‪ -‬التبنـي لأن فيـه تضيي ًعـا للأنسـاب‪ ،‬وتحريمًـا لمـا أحـ َّل‬ ‫اللـه وتحليـ ًا لمـا حـرم‪ ،‬وفي واقعـة السـؤال لا مانـع شر ًعـا مـن أن ينـادي الطفـل المكفـول أبويـه الكافلـن بــ‬ ‫«أمـي وأبي»‪ ،‬وذلـك لانتفـاء حقيقـة التب ِّنـي المنهـي عنـه شر ًعـا عـن هـذه الصـورة‪ .‬واللـه أعلـم‪.‬‬ ‫‪100‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook