هاناك العديد من الصافات التاي تقوي العلاقات وتجعل غصاونها مثامرة بالزهور والأمل ،فالتاسامح من أجمل الصافات التي تازرع الماحبة من جاديد في قلاوب الناس وتاجعل الماودة تساري في عروقاهم. الحياة دونها مثل الجاسد بالا روح ،ولا يمكن التخلاي عنها في أي وقات ،لقد خلاق الله الإنساان لياخطئ ويتعالم من أخطائه؛ لذا لنتسامح ولنكن عند الله من المحسنين ،لنكون ممن يحبهم الرحمن؛ إذ قالَ \" :فاعفّ َعنهمّ َواص َفّحّ إ ّن الل َهّ يح ُّّب المحسني َّن\" [المائدة.]13 : ولكن توجد فئة من النااس تعاتبر هذه الصفة ضعف وإهاناة؛ لأنهام لا يعرفاون قيماتها ،ويشاعرون بالتعاساة والحازن في حياتاهم ،فالحقد والضغيناة تضخ في شراييان قلوبهام الرمادية ،بينما هاناك العاديد مان الاناس مان أصاحاب القلاوب الاوردية المالونة الاذين يتساماحون ويعاتبرون الاعاتذار إحادى أساسايات سمات الشخصية السوية ،ولا تاكمل الشجاعة والامروءة إلا باه ،إن هؤلاء ياعيشون أساعد لحاظات حاياتهم ،يعايشون حيااة مالونة وماليئة بالاغصون الماثمرة التاي زّرعاوها فاي حاياتهم .فالإنساان مهماا كاان قاسيّا لا بد من ومضة أمل وحب وعفو مختبئة بداخله ،هي كنز ثميان ،ويملكه الجميع ،فلنظهره ،والتفاخر به وبمرتبته العالية التي لا تعلوها صفاة أخرى ،وعلى الإنسان أن يكون على يقين تام بأنه مهما أعطى من كنزه ...يزياد ،ولا ينقاص .ولدنا على فطرة الإسلام ،والإسلام دين سلام ومحبة وعفو وصفح.
ها أنا الآن بحبر قلمي الذي سال تعبا على الأوراق أقص لكم حكايتي .في ذلك اليوم عندما غابت الشمس ظهرت عيناي الباكية راجية من أبي السماح لي بالذهاب مع ابنة خالتي ،كنت جاثية على ركبتي ،آسرة في قلبي غما ،أحاول أن أقنع أبي لدرجة الصراخ ،فجزيت بصفعة أحسست وكأن جناحي قد بتر متمزقا إربا إربا ،ركضت مسرعة إلي الغرفة ،وجلست أفكر حتى دخلت في سبات عميق ،فدخلت إلى عالم غريب ،في ذلك العالم رأيت أكوانا غريبة في السماء و نجوما ،دخلت في حوار مع كوكب كان لديه شبه ملامح قد رأيتها من قبل، نظرت إليه قائلة :هل لي بأمنية ذابت روحي من أجلها؟ ،أجابني الكوكب :أرى في عينيك أنهارا متلهفة ،فنعم ،ما هي أمنيتك ؟ أجبته :جمع من القلوب وتصفية الأرواح بعد خلاف دام لمدة اثني عشر عاما ،أما أنا وابنة خالتي كنا ضحية للظروف، لقد تعبنا لنبني هذين الجناحين ريشة بريشة ،فانتهى بنا الأمر إلى فقدانهما ،أجابني الكوكب :يا الله من فعل هذا بجناحيك فأنت كالملاك؟ أجبته بصوتي المهتز الراجف :لقد مزق جناحي بتلك الأيدي الشريفة ،وبذلك الوجه المشرق ،لقد كان أبي، الكوكب :اعتذر ،أنا :دعني أخبرك كيف صفعت بأيدي أبي الحانية.
في الماضي قبل السبات :الأب :إنني أعلم أن هذا الحال لن يدوم إلى الأبد لكن!، أجبته قائلة :لكن هذا يقتلني يا أبي من فضلك استمع إليّ ...وإذ باا(صفعة) ،لقد شدني أبي من شعري قائلا لي :عندما تفيض الأنهار وتتصافق الحروف لتذيب الكلمات ،فيعجز الإنسان عن التعبير ويصبح الوصف عقيما ،ففي هذه الحالة اصمتي؛ لأنني أعلم جيدا كيف يعاني المرء عندما يحارب قلبه ،أجبت أبي :عندما كنت صغيرة كنت أرفض كل شيء بشدة بينما كنت أنت قبولي الوحيد ،قاطعني الكوكب قائلا :هل أعيد كتابة النجوم لأغير حزنك المختلف؟ أجبته :أنت مألوف لكنك غريب لتكون حقيقي ،بينما كنت غارقة في دموعي صرخ الكوكب صرخة جعلتني أركض بعيدا ،وكأنني أخرج من هذا العالم ،استيقظت ودموعي تائهة على وسادتي الخرساء ،لفت انتباهي ضحكات خالتي وابنة خالتي ،ذهبت إلى الخارج فرأيت الأوراق النقدية المتشابكة عندما رأيت كل هذا كاد قلبي ينصهر فرحة وسعادّة حينها أحسست بحضن أبي من الخلف قائلا لي :حلقي بجناحيك من جديد فأنت من جمع الأفئدة.
تعد الحياة العصرية مغرية ،وفيها الكثير من المعاصي ،وإن أغلب تفكير مجتمعنا قصر كبير وواسع به حديقة تغني فيها أصوات الماء المتداخلة بتغريد الطيور، وحشد من الخدم لتلبية أوامرهم ،وأموال فائضة تصرف دون وعي ،ذلك هو منظور البعض من الناس حول السعادة ،يرون تاج السعادة في الأموال والماديات الفانية. عندما نتعمق في السعادة والأمان فلن نرى كل من ملك الأموال أصبح سعيدا، وليس السعيد من عاش في كنف الملوك والأثرياء ،يغترف ما يشاء من الذهب والفضة والجواري ،والخدم من حوله ينتظرون إشارة منه لتنفيذ ما يطلبه، فالسعادة كنز يزرع في قلب الإنسان فينبت وينمو حتى يثمر بسمةّ على وجهه ،أما سعادة الأموال والثراء فهي زائلة وغانية ،لها مدة زمنية قصيرة .أما السعيد الحقيقي فهو التقي النقي الذي يبتغي رضى ربه وأهله ،والذي لا يحمل كرهّا في قلبه ،بل يحمل مشاعر جميلة ونقية تحمل الراية البيضاء وتنشر الورد .ومن وجهة نظري إن السعادة تكمن في العيش البسيط الهادئ ،فعيشي في البيت الصغير بين أحضان أم حنونة وأب كريم يتحول لجنة من جنان الخلد ،وإن السعادة في العمل والكدح من أجل الحصول على ما أريد ،وليس في فرض أوامري على غيري ،وأيضاّ العمل يعود بالنفع لاقتصاد البلاد ورفعته .وهناك أمثلة كثيرة في عصرنا الحالي والماضي ،ولكن خير مثال على معنى السعادة الحقيقي هو نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم -وابنته الزهراء وزوجها -رضي الله عنهما ،-كانوا يعيشون في بيت بسيط جدا ،وكانوا يساعدون بعضهم البعض،
فأمير المؤمنين علي -رضي الله عنه -يساعد سيدتنا فاطمة -رضي الله عنها -في أعمالها ،وكانت المشاعر والأحاسيس مستقرة بالفرح ونشر الأمل ،ومن منا يستطيع أن ينكر السعادة التي كانا يعيشان بين أحضانها! وصح قول الأعرابية حين فضلت العيش البسيط وقالت \":لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إل ّي من قصر منيف ،ولبس عباءة وتقر عيني أحب إليّ من لبس الشفوف\". من يجري وراء مظاهر الحياة تبتعد عند مصادر السعادة والفرح ،فالحياة فانية، والسنون تمضي ،ويعود الإنسان لما كان عليه في السابق ،ألا وهو التراب .إذاّ الأموال والثراء الفاحش ليسا شرطاّ للسعادة ،فكم من بيوت من النخل والحصير أسعدت عشرات ساكنيها وكم من قصورّ من فضة أبكت من فيها.
لم تكن الشمس قد اختفت بعد وراء الأفق حين ارتجلت من سيارتي وسرت متجهة نحو بوابة الدار بابتسامة عريضة مرتسمة على ثغري ،أسير حاملة معي الورد ّوأكياس الهدايا كعادتي في بداية كل شهر ،وما إن دخلت الدار حتى استقبلني مديره مع موظفيه خير استقبال ،ثم توجهت مسرعة إلى القسم النسائي ،فالشوق يكاد أن يفطر قلبي ،ولكني توقفت لهنية مسترجعةّ ذاكرتي حول أحداث زيارتي الأّولى مع فريق التطوع حيث كنا ننتشر كانتشار النحل في بستان الزهور بينهن ،نبادلهن الحديث ونستمع لقصصهن الشيقة وما يكمن في َجع َبتهن من أحاسيس ومشاعر، كانت تلك الرحلة بداية زياراتي على مدى السنين الماضية ،فمن المستحيل أن أنسى تلك الفرحة التي غمرت بها حين رأيت ابتساماتهن العذبة ترتسم على محياهن بسببنا ،ثم عاودت السير مجددا حتى وجدت نفسي في مقدمة القاعة الرئيسية، ألقيت عليهن التحية بصو ّت محب ،فتعالت عبارات الترحيب والفرحة ،استقبلوني كما يستقبل العطشان الملهوف لجرعة ماء ،رأيت بهجة أرواحهن النقية تنعكس على سيماه وجوههن ،وأخذن يرددن نشيدهن المعهود في كل مرة يرونني. رحتّأشكلّمنّمقاعدهنّدائرةّحتىّأتوسطهاّ،وأخذناّنتبادلّأطرافّالحديثّ لنطمئنّعلىّأحوالّبعضناّ،ولكنّ ...شعرتّبرعشةّ،خفتّأنّلاّأرىّأمينةّبينهنّ... إنهاّالأقربّلقلبيّ،فهرعتّلأحدّموظفيّالدارّسائلةّعنهاّ،فردّقائلاّ\" :إنهاّفيّ الحديقةّالخلفيةّ،أخرجتهاّهناكّبعدّأنّطلبتّمنيّذلك\"ّ،فسكنّجأشيّواطمئنّ قلبي .وقفتّعنّكثبّلأرنوّإليهاّوقلبيّيحملّشوقاّلهاّ،
كانت تستلقي تلك المرأة الحنونة تحت أيكة وافرة الظل ،يتزين وجهها بالتجاعيد ،ويكتهل خط الشيب رأسها ،سرت نحوها بلهفةّ غريب ينشد الأوطان، وهتفت باسمها بصوت يرتجف كالأوتار الفضية طالبة منها أن تضمني إليها؛ فإن فؤادي متضرع شوقا لها .ضمنتي كما تضم الأم ابنها بكل حب وحنان ،ثم أخذت أمينة تحدثني عن أيامها بلهجة يسورها القنوط والحسرة ،لمعت دموعها مثلما تلمع قطرات الندى على أطراف أوراق الريحان حين حدثتني عن مدى حبها لي، ورفعت يديها نحو السماء حامد ّة خالقها لأنه سبحانه سخرني لها؛ لأشاركها مراّرة أيامها وأزيل الهمّ عنها ،وأعطتني سترة جميلة للغاية ،قد قامت بحياكتها لأّجلي ،ثم قالت\" :هيا بنا يا عزيزتي إلى الداخل ،فمن المؤكد أن الجميع بانتظارك ،إن الله أعلم بما تحمله قلوبنا لك\". وفي دائرتنا جلسنا نتحدث عن أمورّ شتى .ثم أجرينا بعض المسابقات المتعلقة بالشعراء والأدباء بينما كنا نتلذذ بألوان الطعام الشهية ،وتعالت أصوات ضحكاتنا في أرجاء المكان حتى ح ّل المساء ،وهنا يكمن حب التطوع ودوره في بلورة الإنسانية وإبهاج النفوس ،حيث يجب أن نكون من السباقين إلى التطوع كلما سمحت لنا ظروفنا ،لا أخفي عليكم سرا ...كم لهذه اللحظات من تأثير عظيم على روحي ونفسي ،كما أني فخورة من تمكني من تحويل طاقاتهن ومشاعرهن المكبوتة إلى طاقات منتجة ،ونزع شعور النبذ والوحدة من نفوسهن ،تفرحني كثيرا فرحتهن بوجودي حولهن ...الحمد لله.
أتذكّر أو َلّ ما تعلم َته في هذه الحياة؟ أول ما حرك َّت لسانك ناطقا به؟ قد يكون نداءّ لماما ،أو رجاءّ لبابا كي يلب َّي رغب َتك، أن َتّ لا تذكر هذه اللحظة بالتأكيد ،ولكن تخيل ...كيف كان استقبالهما لهذه الكلمة؟ وأ ُّّي أثرّ تر َكت فيهما رغم قصرها؟ هل تستطيعّ أن تدر َكّ قو َّة ولوجها إلى قلبيهما؟ منذ تل َكّ الكلمة التي نطقناها جميعا ،وكلماتنا بحار ،قد تكون عكرّة أحيانا فتزيد الظمآن ظمأ، وأحيانا أخرى يصبح ماؤها أنقى من ك ّل الأنهاّر والآبار! قد يصيبها الجزّر تارةّ...فتغدو أضعف من أن تحم َّل فوق سطحها سفنا ومراكب ،ولكن حينما يجيء الم ّد ...فحتى سع ّة الكون تتضاءل أما َمّ سعتها. في حادث َتي المدّ والجزر ...تعتمّد مياهّ البحار على جاذبيةّ القمر ،ولكنّ مدّ الكلما ّت وجز َرها ،يعتمدان على جاذبيتك أنت ،أن َّت الذي يقال عنك\" :إن شئ َتّ ح ّول َّت الخري َ ّف إلى ربيع\" .فكم من قلبّ صحراؤه قاحلة ،أرسل الله له كلم ّة على لسانّ أحد خلقه، فظللته وسقته كغيمة! وكم من قلبّ تلبسه الخوف ،وطمأنته كلمة! وكم سماءّ تصعد بنا الكلم ّة إن جاءت ترياقا لأرواحنا! وعلى العكس ،كم للكلم ّة من قو ّة حتى تدفننا أحياء! جاذبيت َّك! كلماتك! هي نقطةّ ارتكاّز كون َكّ الفسيح ،هي ما تحر ّك الأشخاص نحوك ،أو بعيدا عنك. فلتخترها بعنايةّ ورفق ،ولتحسن القول ،فمن ذا الذي يلقي بنفسه في جوفّ البئر وهولا يضمن قدوم سيارةّ تلتقطه وترفعه إلى السطح من جديد؟
بي َنّ أرجاءّ الحيا ّة المزدحمة ،قد يكو ّن من الصع ّب إيجاد وقتّ كافّ للعمل التطوعي ،ولكن من الناحيةّ الأخرى يمكن أن تكون فوائد التطوع مثيرّة وهائلة، إن العمل التطوعي يعد عملاّ مقدسّا لمساعدة المحتاجين ،وأيضّا إن نظرنا من اتجاهّ آخر فسنرى فوائ َدّ عدة يمكن أن تكون كبيرةّ بالنسبة لنا كمتطوعين ،وعلى سبيل المثال يمكننا من خلالّ العم ّل التطوعي الحصول على أصدقا ّء جدّد هذا ما يسهل عملي َةّ التواص ّل مع المجتمع ،وتعلم مهاراتّ جديدة ،كما أنهّ يساعدّ على التطويّر في حيات َّك المهني ّة والعملية. يمكنّ أنّ يساعد َّك العم ّل التطوعي في تكوي ّن صداقا ّت وتعل َّم مهاراتّ جديدةّ وتطويّر حيات َكّ المهنيةّ وحتى الشعورّ بالسعاد ّة والصحة. من أكثر فوائد العمل التطوعي شهرّة هو تأثيرّه على المجتمع والأفراد ّوالتواصل مع مجتمعك وجعلهّ أفضل ،إ َنّ المساعدة في أصغرّ المهامّ يمكن أ ّن تحد َثّ فرقا حقيقيا في حياةّ الأشخاصّ والحيواناتّ والمنظماتّ المحتاجة ،كما يساعد َكّ تخصي ّص وقت َّك كمتطو ّع على تكوينّ صداقا ّت جديدةّ وتوسي ّع شبكت َّك وتعزيزّ مهارات َّك الاجتماعية. إ َّن تكوين صداقاتّ جديد ّة والالتزا ّم بنشا ّط مشتركّ معا في العمل التطوعي هو وسيلة وفرصة رائعة للقاء أشخاصّ ذوي اهتماماتّ مشتركة.
بعض الناس منفتحو َنّ بشكلّ طبيعي ،ولك َّن البع َضّ الآخر خجول ويواج ّه صعوب ّة في مقابل ّة أشخا ّص جدد .يمنح َّك التطوعّ فرص ّة لممارس ّة مهارات َكّ الاجتماعي ّة وتطويرها ،لأن َّك تجتم ّع مع مجموعةّ من الأشخا ّص الغرباء الذين لديهم اهتماماتّ مشترك ّة معك .كما يساعدّ العم ّل التطوعي في مواجه ّة آثار التوتّر والغضب والقلق، ومحاربةّ الاكتئابّ وتحسينّ الحال ّة المزاجية عند التواصل الهادف بأشخاصّ محتاجين للمساعدة ،أو العمل في منظما ّت تطوعي ّة تخت ّص بالعناي ّة بالحيواناتّ أو البيئ ّة وغيرها. إ ّن العمل التطوعي يجعل َّك أكث َرّ سعادةّ ويزيدّ من ثقت َكّ بنفسك ،خصوصاّ عندما تصلّ إلى أهداف َكّ في ذل َكّ العمل ،ويكسب َكّ الخبر َّة اللازم َةّ في مجالات ،عديد ّة سواء كان ذلك في مجا ّل عملك أو في مجالاتّ أخرى .هو عملّ مجان ّي ولا يوجد له مردود مادي ،وقد ينتهي بك الأمر لإنفاق بعض المال وتعّد هذه الأسباب نتيجةّ لعزوف الكثيرين عن العمل التطوعي ،لك َنّ الأج َّر والثوا َّب المترتبين على العمل التطوعي كبيرّ جدّا حيث يقول الله تعالى\" :فمن تطو َّع خيراّ فهو خيرّ لهّ\" [البقرة.]184 : لذلك إذا كان لديك بالفعل جدو ّل زمنيّ منظ ّم لعملك وحياتك ،فابحث عن فر ّص التطوعّ التي لا تتطلبّ سوى بض ّع ساعا ّت من وقتك ،أيضاّ يجب أن تتأكد من أنه يمكنك تغطي ّة نفقات َكّ المعيشيةّ قبل التخطيطّ للعم ّل التطوعي ّواختيار ما يناسبك. المنظماتّ الخيرية تعتمّد على متطوعين من جمي ّع مناحي الحياة لإنجاّز الأعمال ،فسواءّ كن َّت متطوعا في منظمةّ صغيرّة أو جمعيةّ خيرية لا تّرهق نفس َكّ بالعم ّل ولا تنتقص من أهدافك كمتطوع ،ليس من أجلك فقط ولكن من أج ّل الأشخاصّ الذي َّن تحاولّ مساعدتهم أيضاّ.
ح ُّّب الوط ّن هو هويتنا وفخرنا وسبيلنا إلى النهضة ،ويرتبطّ بالروحّ والوجدان، فلا شيء يساويه في الدنيا أبدا ،فما أحب َّك إلى قلبي يا وطني! يتجلى ح ُّبّ الوطنّ في كونه فطرّة مجبولاّ عليها كلّ إنسان ،حي ّث تعدّ هذه الفطرةّ نب َ ّض قلبه ،ودمه الذي يجري؛ فالوطنّ هو مكا ّن النشأةّ والولادةّ .ح ُّّب الوط ّن هو شعوّر نابعّ عن إخلاصّ الأشخا ّص لبلادهم ،وهو شعوّر يرتب ّط ارتباطا وثيقا بالوطنية ،وح ُّّب الوط ّن يدفعّ أصحا َبه ومن يشعرون به إلى الّتغني به وبإنجازاته ،حيث يبني المواطنون أوطا َنهم بالسلوكّ والأفعا ّل السليم ّة والإيجابية، وبالأمرّ بالمعروف والنهي عن المنكّر .الوطنّ رو ّح تسكنّ فينا ونسك ّن فيها ،ح ُّبه فطرّة ألقاها اللهّ في قلوبنا ،وواجبنا اتجاهه يكون بالمحافظة على أرضّه ومائه وهوائه من التلوثّ وممتلكاته العامةّ ومؤسساته من التخريب ،وأن نق َفّ وقف َةّ عزّ وشمو ّخ لرايته العظيمة ،فهذه اللحظةّ لحظةّ فخرّ واعتزاّز ومسؤولي ّة اتجا َهّ ترابه الطاهرّ. زرعّ حبّ البحري ّن في نفوسّ الأبناء تعبيرّ عمل ٌّّي عن حبّ الوط ّن ،وتحفيزّ الأبنا ّء على العطاءّ وخدم ّة هذه المملكةّ تعبيّر عمل ٌّّي عن ح ّب الوطن ،يع ُّدّ ح ُّبّ الوطنّ من الأموّر التي يول ّد بها الإنسان؛ إذ إنه ح ٌّبّ ناب ّع من قلبّ الإنسانّ يعبّر عنه ك ّل يو ّم خلا َلّ أدائه لعمله ،كما يعبر عنه في المواقفّ الصعبةّ التي يواجهّها الوط ّن .ويتحق ّق ح ُّبّ الوط ّن عندما يكو ّن أفرادّ الوطنّ كالجسدّ الواحّد الذي إذا اشتكى منه عض ّو تداعى له سائّر الجس ّد بالسهّر والحمى،
فعندما يكونّ ح ُّبّ الوطنّ ح ًّبا واعيا ومسؤولاّ فذلك يعني محافظ ّة الناسّ على منجزاتّ الوطنّ ومكتسباته. إ ّن التآز َّر والتكات َفّ الاجتماعيّ بي َنّ أبنا ّء الوط ّن هو التجسيدّ الحقيقيّ للح ّب والوفا ّء والإخلاصّ والولاءّ لسمعةّ الوطنّ وأمجاده ومنجزاته التي تح ّققت .وما أجم َلّ الإنسا َنّ عندما يجع ّل من نفسه جنديا وفيا لوطنه ،بفكره ومواهبه وإبداعاته وطاقاته المتفتقة بنورّ العلم ،ويجعلّ من نهجه نهجا راسخا متأل ّقا في خدم ّة وتطويرّ الوطن؛ ليرتقي به إلى سماءّ المجدّ والعزةّ والكرامةّ. على الإنسان أن يقد َّم لوطنه كلّ ما يمكنّ تقديمه؛ ليساه َمّ في عمرانه وازدهاره وبنائه .فكما أنّ الإنسا َّن لا يستطيعّ بمفرده بنا َّء بيته إلاّ بع َدّ إعداّد تصاميمه الهندسيةّ بأسسّ متينة ،وخارط ّة مدروسة ،وتأجير أيّد عامل ّة متقنةّ ،كذلك هو الوطن؛ فهو البي ّت الكبيرّ الذي ينبغي على الجميع أن يتعاونوا في تنظيمه وازدهاره ورقيه ،والاعتناءّ به.
في فصل الربيع ،كانت هناك سيدة تدعى عبير ،تعيش في منزل فخم فيه حب ووئام ،وسط مدينة كبيرة ،مكتظة بالسكان .لديها ثلاثة أبناء ،وأكبرهم (نسيم). أثناء تناول وليمة العشاء ،تناقشت الأم مع ابنتها نسيم عن الالتحاق معها في المدرسة؛ لتتعلم اللغة الإنجليزية ،رفضت نسيم بشدة ،وظنت في بادئ الأمر أن أمها تمازحها ،ولكن في الصباح اتضح أن الأم جادة في حديثها ،فذهبتا إلى المدرسة سوية .عند دخولهما بدأ الاستغراب على الطالبات ،ثم قالت المعلمة :رحبن بالطالبة الجديدة .فابتسمت عبير ،ثم قالت إحدى الطالبات :يا للعجب! إنها أم نسيم! فاحمر وجه نسيم ،وبدأ الضحك والاستهزاء على وجوه الطالبات ،وبدأن يتهامسن .بدأ الدرس الأول ،رفعت عبير يدها للمشاركة ،ولكنها خفقت في الإجابات ،فبدأت القهقهات تتردد في الصف .عند رجوع نسيم ووالدتها إلى المنزل طلبت الأم أن تذاكر معها ،ولكن نسيم رفضت قائل ّة :عل ّي أن أذاكر جميع المواد ،وليس مادة واحدة. كانت عبير تتعلم اللغة الإنجليزية بجدية ،وتتعلم كل يوم خمس كلمات جديدة، فتحسنت وتطورت أكثر فأكثر .بدأت الطالبات تقتربن من عبير في أوقات الفراغ شيئاّ فشيئا ،أخذت تقرأ لهن قصصاّ هادفة تربوية ،بدأت الدائرة تكبر رويدّا رويدا، حتى بدأت الغيرة على وجه نسيم وخاصة بعد أن حصلت والدتها على درجات كاملة بالمادة ،كما أن أخلاء نسيم ومن ه ّن من أترابها يقتربن من أم نسيم ،ويتعلقن بها كثيرّا.
ذات يوم من الأيام غابت عبير عن المدرسة ،فبدأت الطالبات تسألن نسيم عن والدتها؛ لمعرفة سبب غيابها المفاجئ ،فأجابت نسيم :إن أمي مريضة جداّ ،ولا تقوى على الحراك ،ولن تتمكن من الحضور للمدرسة .فبدأ الحزن الشديد ،والاستياء باّد على وجوههن .وفي اليوم التالي حضرت الطالبات منزل نسيم؛ يتحمدن السلامة لوالدتها حاملات معهن الهدايا والورود ورسائل كثيرة تعبيرّا عن حبهن واشتياقهن لها .ومن هذه البرهة بدأت نسيم تعجب بأمها ،وتفتخر بها .بدأت نسيم الدراسة المنزلية مع أمها؛ كي تشرح لها الدروس الفائتة ،وكلها فخر واعتزاز بالأم المكافحة. وأدركت نسيم حينها أن العلم لا يتوقف على عمر معين ،ولتكن قوة العزيمة والإرادة طريقّا لتحقيق أحلامنا وأهدافنا؛ لنعتلي سلم النجاح ،ففي الغرفة يقول السقف بعلوه وارتفاعه\" :الطموح عالّ\" ،وتقول النافذة بينما يسطع نور الشمس ونور القمر من خلالها كل يوم وليلة\" :تأمل الغد\" ،وتقول الساعة بعقاربها التي لا تبرح تدق\" :الوقت ثمين\" ،ويقول الباب الشامخ :ادفع بقوة ،وتقول المرآة الّتي تعكس الدنيا وما فيها\" :ابدأ من نفسك\".
أستغرب من أمر البشر هذه الأيام؛ كم هم أناس سطحيون! دائمو التذمر من الحياة والعالم وأقرانهم البشر .إن أغلبهم يتمثلون في تلك الشخصية السلبية التي ترتدي رداء التوتر والقلق والهموم .يتناسون أن الخالق الذي أوجدهم لم يوجدهم عبثّا ولا كي يعذبهم! كنت في فترة من فترات حياتي أرتدي هذا الرداء ،وكان مناسبا جدا يليق بي ،كنت دائمة التذمر ،لماذا الدراسة صعبة؟ والملل يعم الأجواء؟ ولا يوجد من أحادثه؟ ولماذا الجميع مشغولون لا يتحدثون معي؟ والكثير من هذا التذمر الذي لا نهاية له دون حمدّ للرحمن .بعد قليلّ من التوجس إلى همسات الحياة خلعت ذلك الرداء بكل أريحية .أصبحت العكس تماما أصبحت الشخصية المتزنة الإيجابية. ياّبنيّالبشرّلماذاّتبذلونّعناءّالتذمرّفيّساعاتّطوالّيمكنكمّخلالهاّإنجازّكلّ ماّتذمرتمّمنه؟ّلماذاّلاّتتفكرونّفيّأنّالرحمنّلاّيكلفّنفساّإلاّوسعهاّ،وهوّالذيّ يبتليكم؛ّلأنهّيعلمّأنكمّقادرون! إنّاللهّحليمّورؤوفّلمّيخلقكمّكيّتتذمرواّ، ولكنّكيّتتعلموا .ولمّنو َجدّفيّهذهّالحياةّالدنياّكيّنبكيّونولولّفيّكلّدقيقة وعلىّأتفهّالأسباب .ابتسمواّوليب َقّالأملّفيّدروبّنجاحكم .كونواّتلكّالذاتّ الإيجابيةّالتيّلاّتمدّللسلبيةّبصلة .ولتكنّقناعتكمّالأولىّأنكمّقادرونّعلىّ تحقيقّالمستحيلّ،وّاللهّوليكمّالأولّوالأخير.
جميعنا نعرف ما هو الغضب ،وكلنا شعرنا به سابقا ،سوا ّء كان ذلك مجرد شعور عابر بالانزعاج ،أو موجة عارمة من الغيظ والحنق .الغضب في الحقيقة شعور إنساني طبيعي ،بل وصحي أيضا .لكن حينما يخرج عن السيطرة ويتحول إلى مشاعر مدمرة، فقد يقود إلى مشاكل عديدة ،سواءّ على الصعيد المهني أو على الصعيد الشخصي، وعليه فإنه قد يؤثر على جودة الحياة بشكل عام ،مما يجعلك تح ّس أنك تحت رحمة مشاعر قوية لا يمكن التنبؤ بها. كما أن الغضب هو حالة عاطفية يمر بها الإنسان من انزعاج والغيرة والحسد، وكذلك قد تكون بسبب الهرمونات التي ينتجها جسم الإنسان. قد تظهر مشاعر الغضب بفعل عوامل داخلية أو خارجية؛ فقد تشعر بالغضب تجاه شخص معين (زميل في العمل أو صديق مثلاّ) ،أو تجاه حدث ما (أزمة خانقة في الطريق أو إلغاء رحلة جوية) ،كما قد يأتي الغضب نتيجة لعوامل داخلية كالقلق المستمر حول المشاكل الشخصية أو الذكريات المؤلمة أو صدمات الماضي. كما يؤدي الغضب إلى قول وعمل أشياء غير إرادية ،مما يؤدي إلى الخصومة بين الناس والوقوع في المشاكل ،ولتجنب الوقوع فيه يجب على الشخص تهدئة نفسه مثل النظر إلى السقف أو العد من الواحد إلى العشرة وعمل اليوغا.
ليس بالضرورة أن أودع قلباّ ليكون الوداع مؤلما ،وليس بالضرورة أن أودع ذكريات ليكون الوداع سعيداّ بل أودع أشياء كثيرة قد تكون لا تعنيني في المجمل أو لم تكن ملكا لي منذ البداية ،لكني أودع حلماّ قد أخطأت في رسم ملامحه ،وأودع في هذه اللحظة طريقّا أصريت على عبوره ،ولكن في نهاية هذا الطريق لم أجد شيئاّ يذكر ،أو قد أودع عادة من لا أرغب في توديعه؛ لأنني لستّ مجبرة على تحمل أحد أو تحمل شعور فالذوق كالحرية ..لا يتعدى على الآخرين ولا يعتدي عليك .تعلمت أن كل انكسار يصنع منك شخصّا أفضل إن صبرت ،وكل ألم ينبت لك قلبّا أخرا إن فهمت ،وكل سعادة تقضم من وقتك بسرعة إن سهوت ،وكل تجربة تخبئ لك فضلّا إن وثقت قليلا، والكثير من الحب قد يعني الكثير من الانكسار ،كلاهما يعتمدان على الكثير من الحظ والكثير من العقل فلست وحدك من يتألم في هذه الحياة؛ فلا تستصغر آلام الناس ،ولا تظننّ ولو لوهلة على أنك قادر على تجاوزها ،فكلنا متجاوزون ،ووّحده الحب من يصنع المعجزات ،فلا تفقد الأمل ولو للحظه ،تعلم أن الإحساس والمشاعر تأتي من القلب ،ومعه يأتي الحب والاهتمام ،ورعاية وهذه الأشياء مهمة على الإنسان قبل أن يقرر بأن يحصل على شريك أو صديق؛ فليس من السهل أن تأخذ قلبا وتكسر آخر بسهولة ،فكسر القلب ألم لا يداويه إلا الصمت والكتمان ،فسلاّم على قلبي حين يحن ويشتاق ،فيصبح قلبي مؤلما حين يستمر في الاشتياق ،رغم انتهاء القصة فالاشتياق من القلب حكاية لا يمكن شرحها في سطور قليلة.
غالبية الناس في هذا العالم يعتقدون بأن قيمة المرء تزداد كلما كثر ما يملكه، ولكن قيمة المرء الحقيقية لا تقدر بما يملك أو يحسب بأنه يملك ،بل تزداد بما أنتجته قريحته أو صنعته يداه. إن المرء لا يقدر إلا إذا رأينا منه الأعمال الجيدة والتطور الملحوظ وتعبه الذّي بذله في سبيل تحقيق الشيء الذي يستحق التقدير بفضله .كذلك يكون في العمل فإن بعض الأشخاص يذهبون إلى العمل دون فائدة؛ لأنهم لا يعملون ما يطلب منهم وكأنهم أتوا فقط لجني المال كجني الثمار الفاسدة التي تأتي من غير تعب ومشقة، وفي الأخير نراهم يريدون من الناس أن يقدروهم ،ولكنهم لا يستحقون التقدير، بعكس الإنسان المخلص في عمله الذي يحصل على المال من عرق جبينه وكثرة إتقانه وإخلاصه في العمل ،فهو من يستحق التقدير والاحترام والثناء على ما يقدمه .وكذلك بين الفقير والغني ،فالغني يقوم الناس بتقديره فقط لأنه يملك المال ،مهما كانت أخلاقه ،فإنهم لا يبالون ،في منظورهم أن من يستحق تقدير قيمته هو فقط من يملك المال .بعكس الفقير رغم أخلاقه الحسنة وصفاته بين المجتمع وعمله المتواضع ،فإن الناس لا تقدر قيمته ولا تمنحه اهتمام؛ لأنه لا يملك مالاّ ليشتري تقدير لقيمته مثل الغني.
قال الله سبحانه وتعالىَ ﴿ :وق ّل ٱع َملواّ َف َس َي َرى ٱللهّ َع َملَكّم َو َرسولهۥّ َوٱلمؤمنو َنّ َو َست َر ُّدو َنّ إل ىىّ ىَعلمّ ٱل َغيبّ َوٱلش ىَه َد ّة َفينَبئّكم ب َما كنتم َتع َملو َنّ﴾. والاحترام والتقدير وجهان لعملة واحدة ،حيث أن احترام الآخرين ومنحهم قدرهم المناسب ،يساعد في بناء علاقات إنسانية سليمة وقوية. وفي الختام فإنه يجب على كل إنسان تقدير قيمة المرء الحقيقية مهما كانت صفاته وأخلاقه ،سواء كان فقيرا أو غنيا ،ولا يمكننا تقدير قيمة المرء الحقيقية بما يمل ّك الشخص أو يحسب أنه يملك ،بل بما أنت َجته َقريحته أو صن َعته يداه.
ال َت َعاو ّن من الص َفاتّ ال َجميلة ،التي ت َكونّ الأل َف َّة ّوال َم َو َد َةّ بين قلوبّ الناس وت َعززّ الشراك َّة َبينَهم ،وهي م َنّ الصفا ّت التي َت َحلى بها َنب َينَّا م َح َمدّ -صلى الله عليه وسلم- وكذلك َح َثنا الإسلا ّم عليها. إن التعاو َنّ هو من يكشفّ ل َكّ صد َّق العلاقةّ مع َصديقك ،ومدى حّبهّ وإخلاص ّه لك، وليس فقط الصديق ،بل َيكشفّ لك حقيق َّة الناس من حولك ،كما أ ّن له فوائدّ َعدي َدةّ تساه ّم في رقيّ المجتمع وتطوره ،غير أن لولا التعاو ّن لكانت حياتنا ينق َصها شيئا من النظامّ والترتيب ،وسيقتصرّ العم ّل على َشخ ّص م َّع َي ّن .ومن دونّ العملّ التعاوني لن تستطي َّع َتيسي َرّ أمورّ العمل ،فطالما النَحلَ ّة الواح َدةّ لا تجني ال َع َسل، فال َيدّ الواحدةّ لا ت َصفق. وكانتّهذهّالصفةّمنّأساساتّالدينّالإسلاميّوركائزهّالتيّتساهمّعلىّ َع َد ّم الت َفككّ َبي َنّالناسّ،و َغرسّمفاهيمّالتعاونّوالتكافلّ،وهذاّلاّ َيكو ّنّإلاّعنّطريقّ التراحمّوالتعاطفّبينّالمسلمينّ،وقدّجاءتّشواهدّكثيرةّم َنّالقرآنّالكريمّ والسنَةّالنبويةّت َبينّذلك، منهاّقولّاللهّتعالىَ { :و َت َعا َونواّ َعلَىّالبرّ َوالتق َو ىّى َو َلاّ َت َعا َّونواّ َعلَىّالإثمّ َوالعد َوانّ}ّّ، وقالّالنبيّصلىّاللهّعليهّوسلمَ \" :منّلاّ َير َحمّالنا َسّ،لاّ َير َحمهّاللهّ\"ّ،للتعاونّأثرّ كبيرّعلىّحياتناّوّمجتمعناّ،وبهّنسمواّوّنرتقيّ،
ولولا التعاو ّن لضاع المجتمع وضاع ديننا ،فاجتما ّع السواعدّ يبني الوطن ،واجتما ّع القلو ّب ي َخف ّف الم َحن .وقال شاعرنا أحمد شوقي\" :إن التعاو َّن قو ّة علوي ّة ،تبني الرجا َّل وتبدع الأشيا َءّ\" .وكذلك قال لنا المهاتما غاندي\" :عدم التعاون مع الشر واجب لا يقلل أهمية التعاون مع الخير). اشتهرت دلمون قديما بتعاون أهلها ،وما زال التعاون موجودا ،وأصل ّه التوحي ّد. فنصيح ّة مني كونوا متعاونين ،وحافظوا على سماتّ وأخلاقّ َنبيّك ّم وعقيد ّة دينكم، ولا َتنسوا أن التعاو َنّ يعني تحقيق المزيد م َّن النَجاحّ في وق ّت أسرع ،ول َيكنّ ش َعار َنا: \"يدا بيد نبني وطنا ،نحيي أمةَ ،نز َرعّ أ َملا ،نعلي همةّ\".
استمرت نظراتها بالانفلات بعيداّ على محل الأنظار ،تراقب حينها الهلال ونجوم السماء المتفرقة ،لوهلة أحست بحطام بذلك القرص الأبيض الذي كان يوماّ يتوسط غشاء العتمة مهيمنا ،تحط َّم فتناثرت لتمسي رقائق جليدية فقدت مج َمّعها لكن لم تفقد المعد َّن .رفعت كفها للحظة كما لو كانت تلتمس من تلك النقاط البيضاء الضحلة نزيلّا يهوى ليستقر على راحة يدها ،ابتسمت لبعض الثواني ،كانت تعلم أنه لن يدرك مطلبا. أدارت عينيها نحو الفتيات قربها واللاتي اتخذن شكل دائرةّ مجوفة لمجلسهن، كانت إحداهن تتحدث بينما يتبع كلامها بقهقهاتّ صاخبة من الأخريات ...صاخبة تقاطع تأمل ستائر العتمة وحملها الأقدم ،لكنها لم تسمعها ...لم تسمع الفتاة ولا الضحكات التي تتوافد بعد كلماتها ،كانت جزءّا من تلك الدائرة ،لكنها شعرت أنها كانت مستبعدةّ عنها ،سألت نفسها أكان أحدهم ليشعر لو أنها هجرت هذا القرص كما هجرت النجوم موطنها؟ لربما لم تكن بقايا كسير ،كانت فقط حالمة ،ركنت حدقتيها نحو الأرض بتعابير مبهمة قبل أن تعيد مرساها لأروقة الفضاء. مرت الغيوم الجائرة مداهم ّة صفاء السماء وتلك النقط البيضاء ،نظرت إليها طويلاّ كأنها تعاتب تلك السحب لعلها تملك حيا ّء فتعلن كما قدمت رحيلها ،مهما فعلت تلك النجوم ...كانت فقط ضوءا نحيلاّ مهزوما ،موطن قوتها لم يكن هنا ولن يكون.
عشت حياة طبيعية بين أمّ وأبّ حنونين ،كنت طفلة مدللة ،أحصل على ما أريد دون تعب أو عناء ،فلا يرفض لي طلب أبدا .عشت كما الأميرات ،حياة يتمناها الكثيرون ،فكنت محط أنظار الناس وموقع حسدهم .ولكن حادثة ما قلبت الموازين، وصقلت شخصيتي وأعطتني الكثير من الثقة بنفسي والإيمان بالله. فتحت الباب بعد أن سمعت أنه يدق بشدة وكأن شيء حدث ،ولكن لم أعر الموضوع أي اهتمام ،ولكني استغربت من الطارق فقد كان شخصت يرتدي لباسا طبيا ،ووراءه سيارة إسعاف .بدأ قلبي يدق بسرعة وناديت أمي لنصعق بخبر وفاة والدي إثر حريق حدث في المبنى الذي يعمل فيه .وقفت في صمت وعيناي تكادان أن تخرجا من مكانهما ،والدموع تنهمر مرهفة من عيني ،وأما أمي فغطت وجهها وأسرعت إلى الداخل تبكي وتنوح .ثم أغلقت الباب ودخلت ورجلاي لا تكادان تحملاني ،فيا ضيق صدري في تلك اللحظة ويا عجبي مما حدث بعد ذلك! بعد إقامة العزاء والانتهاء من مراسم الدفن فوجئت بخبر آخر يزيد الجرح عمقا، وهو دخول أمي المستشفى إثر ما رأت ،فهي ذات قلب رقيق مرهف بالمشاعر ولا يحتمل الحزن ،ولكن الحياة لا ترحم ،فانطلقت إلى المستشفى وفي داخلي ألف سؤال، وما قطع تفكيري إلا منظر أمي وهي ملقاة على سرير في غيبوبة ،ولا يعرف أحد إن كانت ستستيقظ أم لا. عدت إلى المنزل وحيدة وكأن الدنيا انغلقت في وجهي ،ولم يبقّ لي أحد .فأصبح المنزل باردا لا دفء فيه ولا مؤنس ولا رفيق .وأما الآن فهناك مشكلة أخرى وهي
كيف أني ابنة الخامسة عشر ربيعا سأتحمل مسؤولية منزل بجميع مسؤولياته! ومصاريف أمي التي نقلت إلى المنزل بعد أن رفض الأطباء بقاءها في المشفى ونصحوا بإزالة أجهزة التنفس عنها! ولكني رفضت وبشدة فلم يمر شهر عن وفاة والدي ولست مستعدة لأن أخسر أمي ،كما لن أقبل أن أكون السبب في موتها ،أولا يكفي أني رأيت من ضيم الدنيا ما لا يناسب عمري! وتجرعت من كأس المرارة ما لا يتحمله من هم في عمري! كما وجب أن أحصل على عمل أعيل به نفسي وأمي. بحثت ولم أجد من يقبل توظيفي؛ فأنا في الخامسة عشر من عمري ولا خبرة لدي ،فسألت أقاربي عن أي مكان يمكنني العمل به ،ولكنهم اكتفوا بقول إنهم سيرسلون المال لي متى طلبت ذلك ،شعرت بإحراج شديد؛ فغروري وكبريائي وعزة نفسي لم تسمح لي ،رفضت عرضهم ،وقررت بدء مشروعي الخاص في البرمجة؛ فلطالما كنت شغوفة بذلك ،ولربما يفتح لي أبواب رزق غير متوقعة ،فلا شيء أخسره ،فأموال والدي ستنفذ إن بقينا على هذا الحال. وبدأت في تقديم المساعدة إلى من يحتاجها ،فكنت أؤدي الوظائف البسيطة ككتابة الخوارزميات وتنظيم الجداول والمساعدة في بعض المهام الأخرى ،ولقد كان ذلك ممتعا ،ولكن كان علي كسب المزيد من المال إن كنت أريد المحافظة على مكانتنا الاجتماعية وأسلوب حياتي القديم ،لذا كان عل ّي تعلم المزيد من المهارات، بدأت التعلم وأصبحت محترفة في عملي ،وجنيت الكثير من المال .وأما أمي فاستيقظت وبدأت في تعلم المشي في مركز إعادة التأهيل. لم أظن يوما بأن حياتي ستصبح هكذا وأنني سأفتح لي عملي الخاص وأوظف من هم أكبر سنا مني ،ولم أتوقع بأن رحيل والدي سيكون له هذا التأثير الكبير في حياتنا ،ما زلنا لم نتخط هذه المرحلة ،ولكننا نعمل على ذلك ،فسبحان الله فعندما كنت في أسوء حالاتي أخذني إلى أماكن لم أتوقع أنني سأزورها يوما ،فالشكر للرحمن الرحيم على فضله ورحمته ورزقه الذي أتاني من حيث لم أحتسب.
أبدع الله فيما خلق ،حيث تتجلى مظاهر الجمال في أبسط الأشياء من حولنا ،لهذا أمر الإنسان أن يتفكر ويتأمل في كل شيء؛ ليجد الخالق فيما خلق ،ذهبت مرة في رحلة مع الأصدقاء ،رأيت فيها الكون الفتان كما لم أره يوما من قبل. تسدل الشمس عن أستارها؛ لتلون السماء بمنظر فتان ،ينعكس على مياه البحر الصافية لتتلون الأرض والسماء ،وتودع الشمس ،فترتدي السماء لباس الليل الذي يضفي الحزن لمن يراه ،لكنه يروق لي؛ ففيه جمال خاص لا يفهمه الكثيرون ،فهو لا يرى بالعين بل يحس بالقلب ،فيكمن فيه الصمت وحكايات الشوق التي تنسج من خيوطه الشفق الملونة ،وأما الليل فهو روضة الفكر وبحر عميق تسبح فيه الأفكار فيعانق القمر في عرس تحضره النجوم ويشهده الناس من بعد في منظر يخطف الأنظار ،فيطغى السكون علينا ويغطينا بعتمته الحنونة فتزورني أفكار وّخيالات. أما البحر فهو من يشكو الإنسان له جفاء الدهر وخصام الزمن ،ويقول له بأنه لم يعد يعرف في الحياة مكانا ،فيفرغ من به كرب كربه ويغسل القلوب بماء يغسل الهم والحقد والحسد ،ويرجع القلب نقيا طاهرا. ولا يكمل المنظر دون أصدقاء يتسامرون ويمرحون قرب الشاطئ فتسمع\" :أبدع الله فيما خلق\" ،كما أنه لا يكتمل دون أصدقاء تشارك معهم مشاعرك و أحاسيسك، فتح َّت ذلك اللون الأسود يحلو السمر ،ومع النجوم تبتسم الوجوه وتتأجج المشاعر. فيكتمل الكون بلباس تجلت به مظاهر الإبداع ،على الإنسان أن يتفكر في خلق الخالق المصور؛ ليرى الله فيما خلق.
اللغة العربية أكثر اللغات شرفا وفخرا ،وكيف لا وهي لغة تكفل الله بحفظها إلى يوم القيامة .ولكن الشباب اليوم أصبحوا يخفون جمالها ولا يعطونها حقها في الكلام ،وبرروا ذلك بقولهم إنها ليست لغة المثقفين ولا المتطورين .وأصبحوا يتحدثون الإنجليزية ولغات أخرى. \"إن الذي ملأ اللغات محاسنا جعل الجمال وسره في الضاد\" عبارة تبين مكانة لغة العرب بين اللغات وكيف أنها عروس اللغات وسيدتها؛ فهي شريان الحضارة النابض. بليغة وفصيحة ،كتب بها ميثاق الله وكتابه المحفوظ ،فتجلى فيها جمال لغة الضاد وبلغ من الحكمة والبلاغة ما لم يصل إليه أحد قط ،هي لغة المعجزات التي عجز الناس عن مضاهاتها ،فكيف للغاتهم أن تضاهي ّك جمالا! فيها مفردات لكل حال وكل شعور ،تستطيع التعبير عن نفسك بما شئت من كلماتها ،ووصف ما رأيت وشاهدت بمفرداتها ،فهي البهية الغنية التي لا تبخل عليك بكلماتها وقت ما عجز غيرها عن الوصول إلى مقامها .لغة حباها الله حرفا خالدا فتوضعت عبقا على الأّكوان وتلألأت بالضاد تشمخ عزة وتسيل شهدا في فم الأزمان. حضارات القوم التي انقضت وبقت لغتهم تاريخ وحضارة محفوظة ،فبعلمهم الذي ملأ الدنيا نورا ،فتح آفاقا لغيرهم من الشعوب ،فترجموا كتبها وعلومها و نسبوها إلى أنفسهم ،فأول المستكشفين والباحثين والعلماء والفلاسفة والشعراء والأطباء هم من أبناء العرب،
فكتبوا علومهم وسطروها بفخرهم وشرفهم ،لغتهم الباقية التي لن تفنى لما لها من أثر على باقي الحضارات والشعوب ،فهي و بأبنائها أصبحت السراج المنير في غياهب ليل الجهل ،حقيقة لا ب ّد من ذكرها ألا وهي أنّ الغرب تأدبوا على يد العرب والمسلمين ،وردوا الجميل بالسيف وسرقة الكتب وانتحالها. على العربي أن يفخر بأصله وبلغته ،وألا يفرط في لغة القرآن ،فهي التي تغزل الشعراء بها وتغنوا وحفوا بمفاخرها ،فليت الشباب يعلمون قوتها وأثرها ،فكل لغات العالم تتأثر وتبقى العربية لغة أصيلة وعريقة.
يتوسط تلك الأحياء الفقيرة منزل رسم عليه الزمان تحفة فنية من الشقوق ،يخال لمن يراه أنه مهجور إذا لم تسمع صوت تلك العجوز المبحوح التي اتخذت من ذلك الكوخ البسيط مسكنا لها ،غريب أمرها...فلا بعل لها ولا أولاد! تركها الجميع تواجه عاصفة الزمان .وها هي مذكراتها تحكي قصتها. تستيقظ قبل طلوع الشمس ،تتوضأ فتصلى ،وبحركاتها البطيئة تراها تتوجه نحو ذلك المنزل ،فتزينه بتلك الزهور المقطوفة من حديقتها ،ثم تقرأ من القرآن ما تيسر لها إلى شروق الشمس .بخطواتها الهادئة تتوجه نحو ذلك الكوخ لتفتح الستائر معلنة عن يوم جديد ،تصنع ما تيسر لها من الطعام وعادة ما يكون بيض أحد دجاجاتها الثلاث ،ثم تتوجه لمشتلها تعتني بالأزهار والخضروات التي قد لا تكفي لقوت يومها حتى ،فلا من معين يساعدها ،يراها الجميع هادئة وبسيطة، ولكن ما يجول بها من ألم لا يعلمه إلا الله ،فمع أنها تكتب على الورق أشجانها وأحزانها ولكن ما كان يجول بداخلها من ألم لا يوصف بالكلمات ،فابتسامتها تغطي ما بداخلها من أسى ،تبكي بين الدجى على ما آل إليه حالها ،وحيدة بين ثنايا الغرف تنتحب بحرقة على فقدها لأولادها و زوجها ،فمن كانوا يشاركونها وحدتها رحل ّوا، فبهتت الألوان وصارت تكتب بين السطور شعرا يؤلم الجماد قبل الأحياء حيث تقول\" :رحل أحبابي وما الدور بعدهم وإن شمخ البنيان إلا مقابر ،لم يب َّق لي في الدنيا مؤنس؛ فصرت أواسى نفسي بذكراهم ،فقد أخذت مني القبور أحبتي و أفردني من كنت فيهم أكاثر ،فصرت أهذي و أقول لنفسي أنا بين الضفائر ،هلا رأيت كيف الأنس والراحة إلا في الحفائر .تتمنى رؤياهم ،تنام بعد أن تتجرع من ألم حبهم ،ثم تصبح بابتسامة وتقابل أهل القرية بالأحضان ،وبالرغم من فقرها إلا وأنها كريمة.
انتشر القحط عندهم ..وفقد الجميع أملهم في أنّ ترتوي أرضهم ماعدا (سجى)، فبأملها تعيش وبالتفاؤل تروي روحها ،فحتى بعد فقدان الجميع أملهم في أنّ تزهر الأرض مرّة أخرى...هي مؤمنة إيمانا تاما بأن لحظات الانتظار ما هي إلا اختبار، والقادم ما هو إلا بها ّء سينسيهم كل ما عانوه. هي تعمل ليلاّ ونهارا بكل جهد واجتهاد ،حرثت الأرض وبذرتها وظلت متفائلة بأن المطر لا بد أن يهطل قريبا ،وأن يقينها لن يخيب ،وأن الأرض ستتحول إلى رياضّ. وفي يوم ..استيقظ أهل القرية على صوت الغيث الساحر ،كانت مفاجئة لهم ،سّقيت الأرض ،واخضرت الفيحاء ،وتزينت بأحلى الورود ،ونبتت الثمار والأزهار مرّة أخرى، وأصبح المكان كروضة فاتنة ،وأصبح للأرض روح وريحان. بصيرة سجى نابعة من إيمانها بالله سبحانه وتعالى ويقينها بأن على المرء أن يعمل ويخلص في عمله ويتكل على الخالق الذي لا يضيع عمل كل مخلص.
ارتدت الفيحاء حليتها الخضراء ،واستيقظت الحيوانات من السبات ،وتفتحت أزهار الرياض. حينها استيقظت (أمل) ببهجة وسرور ،فبعد انتهاء الشتاء الطويل حان الوقت لحلول التجدد والعطاء ،والقوة والنشاط ،حان الوقت لتظهر فيه الشمس أشعتها على الميدان. بسرور خرجت (أمل) من منزلها ،فأخيرا بعد طول انتظار جاء الربيعّ الونيس بعد شتاء عاب ّس طويل. وأخيرا عادت الطيور المهاجرة ،وتفتحت الورود في الحديقة ،ورفرفت الفراشات والنحل حول الأزهار. نزعت الجبال ثوبها الأبيض الباهت ،ليغطيها ثو ّب مزهّر متعدد الألوان ،الربيع ليس فصلّا عاديا لا(أمل) فهو بالنسبة لها سحّر...جما ّل...وبهاء. فكما تقول دائما :إن الربيع فصل اللحظات الجميلة والتأمل ،فدائما...في كل سنة بعد انتهاء فصل الشتاء وابتداء الربيع ،أتعمق في إبداع الخالق في أرضنا ،وأتعلم بأن مهما واجهتنا من صعوبات في حياتنا...ومهما اشتدت الصعاب ،دائما أثق بأن ما بعد الصبر إلا الفرج الجميل الذي ينسينا كل ما عانيناه.
كل الكتب في كفةّ وكتاب الله في كفةّ أخرى تثقل ،القرآن الكريم كان وما زال نورا لحياة كل إنسان ،فبهّ لا شيء ينقصنا ،ولا فرح ّة تسعنا ،ولا يأ َ ّس يسكننا ،ولا جبال تثقلنا. كتاب الفرقان...كتا ّب أمرنا الرحمن بقراءته وتدبره ،فهو الشافع والهادي لصاحبه في يوم لا ينفع فيه مالّ ولا بنون ،هذا الكتاب الشريف المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين ،والذي فيه نورّ وشفاعةّ لكل العالمين فمن تدبره وقرأه وتمعن في آياته سيشعر بعظمة هذه المسؤولية تجاه هذا الكتاب وتجاه الرسول -صلى الله عليه وسلم -الذي كرس حياته في نشره بين الناس. قرآننا هو دليلنا ومنهجنا ومفتاح الهداية ،أرسل نورا وهدى للبشر ،وأنزل في ليلة مباركة والتي هي ليلة القدر ،وكل الرجاء أن يكون نور القرآن في حياة المسلمين وأن يكون لهم هاديا يخرجهم من الظلمات إلى النور ،ويجلب البركة ،فتبقى عزتهم وقوتهم وكرامتهم دائما وأبدا.
ل َماضيها ال َتليد لَمسةّ لحاضرنا ..فمن نح ّن دون ترا ّث يميزنا؟ تراث البلد أه ّم ما يميزه ،فهو التاريخ والهوية التي تدل على انتمائنا إلى وطننا ،ونعني بالتراث...الإرث الفكري والحضاري الذي خلفه الأسلاف من عادا ّت وتقاليد ،هذا التراث يعكس صورة الأمة ،فعندما نقرأ عن تاري ّخ أو تراثّ أمة...نسافّر إلى ذاك الزمان الجميل ،فنستمع ونرى لما كان يجري ،ونستشعر عظمة السلف ،ونحاول أنّ نسير على خطاهم حتى َنصل إلى قمة الجبل. وقفتّ أقرأ كتابا عريقا ،فلفت ناظري جمال هذه الأمة ،لاحظ ّت طريقة التفكير الذي كانوا يتمتعون بها ،أعجبتّ بكيف كانوا يعيشون حياتهم ،وما هي العلوم التي كانوا يجيدونها ،تعرفتّ على شخصياتّ كثر أبهروني بعمق معرفتهم واكتشافاتهم، فهنا اكتشفتّ إنّ التراث هو العي ّن الكاشفة عن مزايا وخبايا الأمم. في تاريخّ عتيقّ لا نعر ّف عنه شيئا جاء التراث ليعرفنا على كل ما حصل ،وقد نقف على كتب التاريخ فنلاحظ أنها تقطر علما نافعا ،وتحوي داخلها حضار ّة من ذهب. التراث هو الذاكرة التي لا تموت ،هو الحضارة التي تعيش في ذاكرة الأحفاد ،هو التاريخ الذي حمل معه حياة أجدادنا ،والحفاظ عليه واجبّ حضاري ،فالأمة التي لا تحافظ على تراثها هي أم ّة يتيمة بلا هوية تذكر .إنه بمثابة مرآة عاكسة ،ونسمة روحّ ظلت لترشدنا ،ويدا حانية تربي أبناءنا وتعده لمستقبلنا.
منذّّال َسادسةّّمنّّعمريّّّّّّّ َح َملتّبّيديّسلاحاّوكتاب وّفيّّال َثامنةّّمنّّعمريّّّّّّّاع َتلىّ َرأسيّ َّمبدأّ َوّح َجا ّب كنتّّ َدائماّّ َعلىّّالتزاميّّّّّّّولَمّّ َأخ َضّعّّ َيوماّّللعقابّ كنتّولاّزلتّح ًّراّمس َتمراّّّّّّّّإلىّّّ ّحلميّ بالاقترابّ نصحيّلَ َكّ،سرّعلىّال َنهجّّّّّّ الصحيحّّ َّول َكّ َخي َرّال َثوا ّب ياّّ َصاحّّلَس َتّّح ًّراّّّأبداّّّّّّّّ َماّّلَمّّ َت ّكنّّ َعلىّّ َصوا ّب دين َناّّدينّّ َحقّولاّيو َجدّّّّّّّأص َدقّّمنّّ َّهذ َاّ الجوا ّب َن َحنّّأح َرارّّوّ َم َضىّّ َزمنّّّّّّ العبوديةّّوّ َعّتقّّّالّر َقا ّب
النفس البشرية منجم الآمال ،ومستودع الرغبات ،والخزينة اللبيبة للمسائل، يعانقها الرجاء لرفعة ،ويلهبها التمني ،ويعاركها الزمن لتحقيق غاية وذيوع صيت. والمرء عوان نفسه ،فتلج الطموح أسواره ما إن نجم عنها ،ويعتريه اليأس متى ما اعترضتها المهارات والمنح ،فيجثو على الدرب ويعارك المحال ،والآخر يقف برهة ،ثم يخيط الدرب بعزم ،ويحاول ترقيعه ببصيص أمل ،وهناك الفهيم من يدرس الدّرب قبل خوضه ،ومنهما اثنين ،هما الثاني والثالث أغلب شغفا من الأول. لربما النفس الشغوفة نفس يظهر عليها شرود البال ،لا تهدأ حتى تطمئن بحقيقة المرام ،لكن من يعرفها سيرى أنها بشرودها تلملم ما تشتت في الآفاق .ومع ذلك يرتاد للمرء ما ينهكه في ذاك الدرب ،يكاد يهن منها وهلة ،هل سيصيب رمحي الهدف؟ أحلمي ينتظرني؟ وسيبلغ يوما مرامه؟ ومع التقليب بين بلا وكلّا تجده يصل إلى سؤال نفسه :أأستسلم؟ أم لا؟ وإن كان لا ،فمتى سأتوقف؟ والمتمعن في هذه التساؤلات سيجد أن الرد عليها عند (عالم الغيب فلا يظهر على غيبيه أحد)،
فما ينهكه في درب الحلم موكل إلى رب الأحلام ،إذا لم الخوف من المجهول؟ وما بعد العسر إلاّ يسرا ،والمدونات الجميلة في قائمة الانتظار لابد وأن تأتي ولو طال انتظارها ،فطالما تحقق الإتيان بالأسباب ،والسعي إلى كل حلم مع استقصاء وقته المناسب. إن المتأمل في سياقات العلوم المختلفة سيجد أن الدهاء في الكيمياء غير الطلوع في الفيزياء ،والنجابة في الفلسفة غير النبوغ في الأدب ،وغير العلو في القانون والتاريخ والفن ،فتحديد المبتغى يرقق المسير بعد التوكل على العزيز الرحيم. وعلى غرار استقصاء الوقت المناسب لكل حلم تجد ساح ّة خصبة ،تخاض بالأناة، وتقطع بالصبر .تلك ميدان العلم والأدب ،فقلما تجد عالما أو أديبا قد بلغ قبل أن يخطو الشيب رأسه ،ادفع اليأس الذي فيه الراحة التي تقعدك عن مطلبك ،ومنها يحين دور الصبر ،يتلوه الصبر وثم الصبر ،وإياك ثم إياك أن تأمن شر أولئك المحبطين ،الذين يتربصون بك لفتك أحلامك خوفا من لمعان بريقك .احذّرهم وثابر وواصل.
في زمن لم تعد للحياة فيها رونقا ومكانا ،حاول بائسا أن يعيد للحياة ألوانها وبهجتها لكنه فشل .الناس حولك كأنهم دمى بلا مشاعر ،والوقت سجل بشري ّط يعاد يوميا حتى تحفظ تفاصيله عن ظهر قلب .كم كانت الأيام خانقة ،وكأن الوقت قد حط على صدري وسلب مني أنفاسي ،أيامّ تجري ويجري معها عمري. إلى أن جاء ذاك اليوم حيث خرجت من عملي متوجهة إلى منزلي سيرا على الأقدام كالعادة ولكن هذه المرة مختلف ،كان هناك صوت عذب أسمعه وكأن ّه النعيم الذي دعوت ربي مرارا لينعم به علي ،ويحييني. رحت اتبع ذلك الصوت وكأني أصبحت أسيره ،وكالمنو ّم بحثت عنه فلم تكن إلا بضع دقائق قضيتها وأنا أبحث وراء الصوت كالظمآن الذي وجد ينبوع ماء ،وجدت مصدر هذا الصوت ،كان نابعا من إحدى خزائن بيتنا القديمة وبداخلها فتاة خّيل إل ّي أنها ملاك لحسنها وبهائها ،تتمايل على أنغا ّم عذبة ،في داخل صندو ّق أسود. أغمضت عيني وشعرت بروحي قد سلبت مني ،لا أعلم المدة التي قضيتها بجسّد وروحّ محلقة راقصةّ َفرحة تلك الفرحة التي ظننت أنها قد سلبت مني عندما توفى والدي ،توقف ذلك الصوت وعادت الروح إلى البدن ،بدأت بالاستيقاظ قليلا من سكرتي ،وجدتّ بأن ملاكي ما هي سوى طي ّف خيل مرآه ليعلو بروحي لسمائه، يراقصها ثم يسقطها لواقعها البائس ،لملمت جناح خيبتي وأنا أحبو ناحية ذلك الصندوق الموسيقى ،حملتهّ معي ليرافقني بعدها أينما أذهب كظلي...إنه صندوق والدي.
تنزاح غيوم الدجى لتفصح عن أشعة الشمس التي تنير حياة إبتسام ،الفتاة التي لا تتجاوز سنونها الإحدى عشر ربيعا. تأتي الأم لتفتح الستار؛ لتوقظ الطفلة ،لتلحق بركب الأحلام المتشقق والمليء بالأحداث التي ترهق القلب ونبضه ،وترهق الروح المرحة لهذه الطفلة الشغوفة بأحلام تود تحقيقها. تجهز إبتسام حقيبتها وهي تردد\" :اللهم إني أسأل فهم النبيين وحفظ المرسلين، اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك ،وقلوبنا بخشيتك ،إنك على كل شيء قدير وحسبنا الله ونعم الوكيل\" .تردده مرارا وتكرارا وبداخلها أمل الوصول إلى تحقيق أحلاّمها. تودع والدتها بقبلة ملؤها الأمنيات وبرسالة وداع ،تخطو إبتسام خطوات متقطعة لتركب حافلة المدرسة التي تستقلها كل صبا ّح كعادتها ،ترسم على وجهها ابتسامة كلها إيجابية ولطف ،كأن من ينظر لوجهها البريء يشعر بالسعادة والطمأنينة. بعد وصولها إلى المدرسة وتحيتها لمعلماتها تتجه نحو صفها؛ لتجلس على مقعدها المعتاد وطاولتها التي تحمل أحلامها معها ،تخرج دفترها الذي ترمي به ثقل الأيام وتتناغم كلماتها بمزيج من المشاعر.
دقائق معدودة وإذ بصافرة الإنذار تصرخ ليدب الرعب داخل قلوب البراعم الصغيرة، تجري إبتسام هرعة حاملةّ دفترها معها ،الدفتر الذي وضعت آمالها وأحلامها بين صفحاته ،إن كل ما تريده في تلك اللحظة هو أن تنجو بحياتها وبالدفتر الصغير. ّولكن ... وفي لحظات ،تتساقط الصغيرات أمام إبتسام ،بسبب ما خلفه الرصاص ّوالقنابل الناسفة ،فتصاب هي الأخرى برصاصة لتحتل جسدها الصغير. ذبلت الزهورّ ،وارتفع الدخانّ ،والصمت في كل مكان ،لم يعد هناك سوى صدى صوت أ ّم تقول :إبتسام ،إبتسام ،واحّر قلباه.
Search