اﺳﻢ اﻟﻤﻌﻠﻤﻪ : اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻬﺎ ﻣﺮﺟﺲ ﺑﺮاﺑﻎ اﺳﻤﺎء اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت : رﻳﻤﺎ اﻟﻤﺤﻤﺪي داﻧﻪ اﻟﻤﺤﻤﺪي ﻻﻧﺎ اﻟﺒﻼدي رﻳﻢ اﻟﺨﺮﻣﺎﻧﻲ راﻧﺪا اﻟﻴﻮﺑﻲ ارﻳﺎم اﻟﺼﺎﻋﺪي
-اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ - ﻳُﻌ ﱡﺪ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮ ﱡي واﺣ ًﺪا ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻋﺼﻮر اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ازدﻫﺎ ًرا ﻓﻲ ﻧﺘﺎ ِﺟﻪ اﻟﺸﻌﺮ ّي؛ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ أوﺟ ُﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ، واﺣﺘﻀﻨﺘﻪ ﺑﻴﺌﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻏﻴﺮ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻣ ّﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻫﺬا اﻷدب ﻳﺘﻠ ّﻮن ﺑﺄﻟﻮان ﻫﺬه اﻟﺒﻴﺌﺎت وﻳﺘﺄ ّﺛﺮ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﻜ ﱟﻞ ﻣﻦ ﺑﻴﺌﺎت اﻟﺸﺎم وﺧﺮاﺳﺎن واﻟﻌﺮاق وﻣﺼﺮ واﻷﻧﺪﻟﺲ واﻟﻤﻐﺮب اﻷﺛ ُﺮ اﻟﻘﻮ ّي ﻓﻲ ﺗﻄ ّﻮر اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻷدﺑ ّﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،وﻟﻌ ّﻞ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻤﺆﺛﺮات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻇﻬﻮر ﻃﺒﻘﺔ اﻟﻤﻮاﻟﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻷدﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺸﻌﺮاء واﻟﺨﻄﺒﺎء ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﺒﻼط اﻷﻣﻮي ﺑﻬﻢ ،وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎل ﺳﻴﺘﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ أﻛﺜﺮ ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي
\" أَﻻ َﺣ ﱢﻲ داراً َﻗﺪ أَﺑﺎ َن ُﻣﺤﻴﻠُﻬﺎ َوﻫﺎ َج اﻟ َﻬﻮى ِﻣﻨﻬﺎ اﻟ َﻐﺪا َة ُﻃﻠﻮﻟُﻬﺎ\" ُذو اﻟ ُﺮ ﱠﻣﺔ ﻏﻴﻼن ﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ اﻟﻌﺪوي
اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي أﺟﻤﻊ اﻟ ُﻤﺆرﺧﻮن ﺑﺄن اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ﻛﺎن ﺻﻘ ًﻼ ﻟﻶداب اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ،ووﻻدة اﻷدب ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺣﻴﺚ ﺑﻘﻴﺖ اﻷﻏﺮاض اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ُوﺟﺪت ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ وﺻﺪر اﻹﺳﻼم ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ،إﻻ أن اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻇﻬﻮر ﻟﻮن ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﻻ ﻋﻬﺪ ﻟﻠﻌﺮب ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ أﻟﻮان اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻤﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻫﻮ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،وذﻟﻚ ﺑﻔﻌﻞ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ا ّﺗﺨﺬت ﻟﻬﺎ ﺷﻌﺮاء ﻧﺎﻃﻘﻴﻦ ﺑﻠﺴﺎﻧﻬﻢ، ﺣﺘﻰ ﻛﺎد اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﺟﺮاء ﻫﺬا اﻟﺼﺮاع ،وﻗﺪ ُﻋﻨﻲ اﻟﺸﻌﺮاء ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ﺑﺘﻨﻘﻴﺢ ﺷﻌﺮﻫﻢ وﺗﻬﺬﻳﺒﻪ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ أﻳ ًﻀﺎ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎء اﻟﻔﻨﻲ ﻟﻘﺼﺎﺋﺪﻫﻢ، ﻏﻴﺮ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺟُﻠّﻪ ﻳﺨﻠﻮ ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﺪق؛ ﻷن اﻟﺪاﻓﻊ إﱃ ﻗﻮﻟﻪ ﻛﺎن اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻄﺎء ،وﻗﺪ ﺷﻬﺪ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ازدﻫﺎر ﻓﻦ آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ وﻫﻮ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻐﺰﻟﻲ ،اﻟﺬي ﺑﺪأ وﺗﻔ ّﺘﺤﺖ ﺑﺮاﻋﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻓﺮت ﺟُﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب واﻟﺪواﻋﻲ ﻻزدﻫﺎر ﻫﺬا اﻟﻔﻦ اﻟﺸﻌﺮي ﺑﺄﻧﻮاﻋﻪ اﻟﺜﻼﺛﺔ؛ وﻫﻲ اﻟﺤﻀﺮي واﻟﺒﺪوي واﻟﻨﺴﻴﺐ ،وﻻ ﻋﺠﺐ ﻓﻲ اﻧﺼﺮاف ﺷﻌﺮاء اﻟﻐﺰل إﱃ اﻟﻠﻬﻮ وﺳﻤﺎع اﻟﻐﻨﺎء ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻟﺘﻌ ّﺮض ﻟﻠﻨﺴﺎء ،ﻓﺎﻓﺘﻨﻮا ﻓﻲ ﺷﻌﺮﻫﻢ اﻓﺘﺘﺎﻧًﺎ ارﺗﻘﻰ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻟﻐﺰﻟﻲ إﱃ ﻣﺮﺗﺒﺔ رﻓﻴﻌﺔ ﻟﻢ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ وﻳﺒﻠﻐﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،وﻛﺎن راﺋﺪ ﻫﺬا اﻟﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻘﺮﺷﻲ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﻴﻌﺔ، إﺿﺎﻓ ًﺔ إﱃ ﺷﻌﺮاء اﻟﻨﻘﺎﺋﺾ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟﺰﻫﺪ وﻏﻴﺮﻫﻢ
ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ﻟﻘﺪ اﻋﺘﻨﻰ اﻟﺸﻌﺮاء ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ﺑﺘﺠﻮﻳﺪ ﺷﻌﺮﻫﻢ وأﻛ ّﺒﻮا ﻋﲆ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎﺗﺨﺎذه ﺣﺮﻓ ًﺔ ﻳﺘﻜ ّﺴﺒﻮن ﺑﻬﺎ ،ﻓﺮاﺣﻮا ﻳﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ﻓﻲ ﺗﻨﻘﻴﺢ ﺷﻌﺮﻫﻢ ﺑﻐﻴﺔ إرﺿﺎء اﻟﻤﻤﺪوﺣﻴﻦ واﻟﻨ ّﻘﺎد ،وﻛﺎن ﻟﻬﻢ اﻟﻔﻀﻞ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻟﻔﻨﻲ اﻟﻤﻜﺘﻤﻞ ،ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺘﺎﻧﺔ أﺳﻠﻮﺑﻬﺎ ،وإﺗﻘﺎن ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ أم ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ اﻟﻔﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻗﺪ ﺣﺮص اﻟﺸﻌﺮاء ﻋﲆ اﺳﺘﻬﻼل ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﻢ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮف ﻋﲆ اﻷﻃﻼل ﺛ ّﻢ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻷﻃﻼل ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎل إﱃ اﻟ ّﻨﺴﻴﺐ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻄﻴﻠﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺎرة ،وﻳﻮﺟﺰون ﺗﺎرة أﺧﺮى ،ﻓﻴﺼﻔﻮن ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪوﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺛﻢ ﻳﻨﻬﻮن اﻟﻘﺼﻴﺪة ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﺢ ﻣﻦ ﺧﻼل ذﻛﺮ ﻣﻨﺎﻗﺐ اﻟﻤﻤﺪوح.
أﻏﺮاض اﻟﺸﻌﺮ اﻷﻣﻮي ﺗﻤﻴﺰ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ﺑﺎﺣﺘﻮاﺋﻪ ﻋﲆ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻏﺮاض اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﺳﺘﺤﺪاث أﻏﺮاض ﺟﺪﻳﺪة، وﻳﻼﺣﻆ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﺷﻴﻮع اﻟﺘﺮف واﻟﻐﻨﻰ ﺑﺴﺒﺐ اﺗﺴﺎع اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣ ّﻤﺎ أدى إﱃ إﱃ اﺳﺘﻘﺮار اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ُﻓﺘﺤﺖ ،ﻓﺄﺛﺮ ذﻟﻚ ﻋﲆ اﻟﺸﻌﺮ وﻋﲆ أﻏﺮاﺿﻪ اﻟﺘﻲ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ.
أﻫﻢ اﻷﻏﺮاض اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻮى ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي أﻛﺜﺮ اﻟﺸﻌﺮاء ﻣﻦ ﻧﻈﻢ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻤﺪح ﺑﻬﺪف ﺷﻌﺮ اﻟﻤﺪﻳﺢ ﻧﻴﻞ اﻟﻌﻄﺎﻳﺎ أو ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻔﻮ ،وﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ اﻟﻤﺪح ﻋﲆ اﻟﻮﻻة ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﺗﻌﺪاه إﱃ ﻧﻮاﺑﻬﻢ ﻣﺜﻞ أﺑﻨﺎء اﻟﻘﺎدة. ﺷﻌﺮ اﻟﻬﺠﺎء دﻫﺮ اﻟﻬﺠﺎء ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي؛ وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺛﻴﺮ اﻟﻌﺼﺒﻴﺎت اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﺷﺘﻌﻠﺖ ﻧﻴﺮاﻧﻬﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻛﺜﺮة اﻟﻔﺮق واﻷﺣﺰاب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻜﺎن اﻟﻬﺠﺎء ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺮذاﺋﻞ. ﺗﻤﻴﺰ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي ﺑﺎﻟﻐﺰل اﻟﻌﺬري ،وﻣﻦ ﺷﻌﺮ اﻟﻐﺰل أﺑﺮز ر ّواد ﺷﻌﺮ اﻟﻐﺰل ﻋﻤﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﻴﻌﺔ وﻗﻴﺲ ﺑﻦ اﻟﻤﻠﻮح. ﺷﻌﺮ اﻟﺰﻫﺪ وﻳﺴﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ إﱃ اﻟﺤ ّﺚ ﻋﲆ اﻟﺪﻋﻮة إﱃ اﻟﺘﻘﻮى واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ،وﻗﺪ اﻧﺘﺸﺮ ﻫﺬا اﻟﻐﺮض اﻟﺸﻌﺮي ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻻﻣﻮي. ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﻟﻢ ﻳﻬﻤﻞ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻌﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ورﺛﻮﻫﺎ ﻋﻢ أﺟﺪادﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ،واﻟﻮاﺣﺎت، واﻟﻨﺨﻴﻞ ،ﻓﻘﺎم اﻟﺸﻌﺮاء ﺑﻮﺻﻒ ﻣﺎ ﻳﺠﺪوﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻇﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔُ ،ﻣﺪﻧﻬﺎ وأﻧﻬﺎرﻫﺎ وﺟﻤﺎﻟﻬﺎ وﺛﻤﺎرﻫﺎ.
أﺑﺮز ﺷﻌﺮاء اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮي
َﺟﺮﻳﺮ ﻫﻮ َﺟﺮﻳﺮ ﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ ﺑﻦ ﺣﺬﻳﻔﺔ اﻟﺨﻄﻔﻲ ﺑﻦ ﺑﺪر اﻟﻜﻠﺒﻲ اﻟﻴﺮﺑﻮﻋﻲ ،وﻛﻨﻴﺘﻪ أﺑﻮ ﺣﺰرة ،ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﺗﻤﻴﻢ، وﻛﺎﻧﺖ وﻻدﺗﻪ ووﻓﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ،واﻣﺘﺎز ﺑﻌ ّﻔﺘﻪ وﺑﺄﻧﱠﻪ أﺷﻌﺮ ﺷﻌﺮاء زﻣﻨﻪ وأﻏﺰل اﻟﻨﺎس ﺷﻌﺮاً؛ ﺣﻴﺚ ﻋﺎش ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻨﺎﺿ ًﻼ ﻟﺸﻌﺮاء زﻣﺎﻧﻪ ،وﻛﺎن ﻳُﺴﺎﺟﻞ اﻟﺸﻌﺮاء ،وﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ أﻣﺎﻣﻪ ﺳﻮى اﻷﺧﻄﻞ واﻟﻔﺮزدق ،وﻳُﻌﺘﺒﺮ َﺟﺮﻳﺮ أﺣﺪ اﻟﺸﻌﺮاء اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﻋﺘ ّﺰت ﺑﻬﻢ اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﻮ ّﻳﺔ أﺷ ّﺪ اﻋﺘﺰاز ،وﻣﺪح ﺑﻨﻲ أﻣﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗ ﱠﺪﻣﻪ اﻟﺤﺠﺎج ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ إﱃ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﻟﻠﻤ ّﺮة اﻷوﱃ ،ﻓﻘﺎل ﻓﻴﻬﻢ : أَ َﻟﺴﺘﻢ َﺧﻴ َﺮ ﻣﻦ رﻛ َﺐ اﻟﻤﻄﺎﻳﺎ وأَﻧﺪى اﻟﻌﺎﻟﻤﻴ َﻦ ﺑُﻄﻮن را ِح
اﻷﺧﻄﻞ ﺣﻈﻲ اﻷﺧﻄﻞ ﺑﺎﻋﺘﺰاز اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ وإﻛﺮاﻣﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ أﻃﻠﻖ ﻋﺒﺪاﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻘﺐ ﺷﺎﻋﺮ ﺑﻨﻲ أﻣﻴﺔ ،وﺧﺎﺻ ًﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺪﺣﻪ ﻟﺒﻨﻲ أﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪة َﺧ ﱠﻒ اﻟ َﻘ ِﻄﻴ ُﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻟُ ّﻘﺐ ﺑﺸﺎﻋﺮ أﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،واﻷﺧﻄﻞ ﻫﻮ ﻏ ّﻴﺎث ﺑﻦ ﻏﻮث اﻟﺘﻐﻠﺒﻲ ،واﻟ ُﻤﻜ ّﻨﻰ ﺑﺄﺑﻲ ﻣﺎﻟﻚُ ،وﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺮة ،وﻛﺎن واﻟﺪه ﺗﻐﻠﺒ ّﻴﺎً ﻓﻘﻴﺮاً ،وﺑﺮع ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻨﺬ ﺻﺒﺎه ،وﺗﻌ ّﺪدت أﻏﺮاﺿﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺪح ،وﻓﺨﺮ ،ووﺻﻒ ،وﻫﺠﺎء، وﺷﻜّﻞ اﻷﺧﻄﻞ ﻣﻊ ﻛ ّﻞ ﻣﻦ َﺟﺮﻳﺮ واﻟﻔﺮزدق ﻣﺎ ﻳُﻌﺮف ﺑﺎﻟﻤﺜﻠﺚ اﻷﻣﻮ ّي؛ إذ إﻧّﻬﻢ اﺑﺘﻜﺮوا ﺷﻌﺮ اﻟﻨﻘﺎﺋﺾ ،وﻣﻦ أﺷﻌﺎره اﻟﺘﻲ ﻣﺪح ﺑﻬﺎ ﺑﻨﻲ أﻣﻴﺔ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺸﻌﺮ ّي اﻟﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻪ : \" ُﺷﻤ ُﺲ اﻟﻌﺪاوة ﺣﺘﻰ ﻳُﺴﺘﻘﺎ َد ﻟﻬ ْﻢ َوأﻋ َﻈ ُﻢ اﻟﻨﺎ ِس أَﺣﻼ ًﻣﺎ إذا ﻗﺪروا\"
اﻟﻔﺮزدق ﻳُﻤ ّﺜﻞ اﻟﻔﺮزدق أﺣﺪ ﻓﺤﻮل اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑ ّﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮ ّي، وﻫﻮ أﺑﻮ ﻓﺮاس ﻫﻤﺎم ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ ﺑﻦ ﺻﻌﺼﻌﺔ ﺑﻦ ﻧﺎﺟﻴﺔ اﻟﺘﻤﻴﻤ ّﻲ ،وﻳُﺬﻛﺮ أﻧﱠﻪ ُوﻟﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺒﺼﺮة ،وﺗﺮﻋﺮع ﻓﻲ ﺑﺎدﻳﺘﻬﺎ ﻣﻊ واﻟﺪه ،وﺑﺮع ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﻔﺎره ،وﻟﻘﺪ اﺗﺼﻞ ﺑﻮﻻة اﻟﻌﺮاق؛ ﻓﺄﺧﺬ ﻳﻤﺪﺣﻬﻢ وﻳﻬﺠﻮﻫﻢ ،ﺛ ﱠﻢ رﺣﻞ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ دﻣﺸﻖ ،وﻣﺪح اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻷﻣﻮﻳﻴﻦ وﻧﺎل ﻋﻄﺎﻳﺎﻫﻢ وﺟﻮاﺋﺰﻫﻢ ،وﻧﻈﻢ ﻓﻲ أﻏﺮاض اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻤﺘﻌ ّﺪدة ﻣﻦ ﻣﺪح، وﻫﺠﺎء ،وﻓﺨﺮ ،واﻣﺘﺎز ﺷﻌﺮه ﺑﺨﺸﻮﻧﺔ اﻷﻟﻔﺎظ ،وﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،واﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﻔﺨﺮ ،وﻳﺠﺪر ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ أ ﱠن ﻟﻪ اﻷﺛﺮ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻗﻴﻞ :ﻟﻮﻻ ﺷﻌﺮ اﻟﻔﺮزدق ﻟﺬﻫﺒﺖ ﺛﻠﺚ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺮب ،وﻧﺼﻒ أﺧﺒﺎر اﻟﻨﺎس ،وﻛﺎﻧﺖ وﻓﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺒﺼﺮة ﻋﺎم 728م ،وﻣﻦ أﺷﻌﺎره ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻬﺎ : َﻟ ْﻮ أ ْﻋ َﻠ ُﻢ اﻷ ّﻳﺎ َم َرا ِﺟ َﻌ ًﺔ َﻟ َﻨﺎ، ﺑﻜَﻴ ُﺖ أاﻟ ْﻫ َﻘ ِْﻮﻞ ِماﻟا ِﻟّﻘ َﺮﺬﻳى َﻦﻣ َﻫﻦ َﻮ ُﻣْتﺠﺎﺑ ِﻬِﺷْﻢِﻊ ﻋﲆ ﺑَﻜَﻴ ُﺖ ﻋﲆ اﻛﻟﺎ َﻌ َن ْﺠ َﻌﺎﺿ ُجﺨ َﻢ َﻫاّﻴﻟ َ ّﺞﺪ َﻋﺳ ْﺒﺎ َﺋِﺮ ًِةﻊ َد َﻋﺎﺋ ُﻢ َﻣ ْﺠ ٍﺪ إذا ﻣﺎ ﺑﻜﻰ ﻓﻟﺈ َﻌ ْ ْنﻴ َﻨأ ْﺑﻲ ِﻚ َﺣ َِﺰﻗﻳْﻮ ٍﻣﻦﻲ َ،ﺷ ﻳ ْﺠﺎ ُﻮﻧَ ُه َﻮا َﻏ ُرﻴُ ،ﺮﻓ َرﺈاﻧّﻨﺟ ِﻊﻲ َﺧأ َرﻼ َءىﻳ َِﻣﻦ ﺑَْﺴﻌ ِﺠَﺪ َﺪاﻳﻟ ِ ِﻬﺤ ْْﻠﻢ ِﻢ ِﻣ َوﻨاﻬﻟ ُ َﺠﻢﻬﻛﺎ ِﻞﻟ َﺒﻓﻼﻴ ِﻗﻬ ِﻊﻤﺎ َوﺑَ ْﻌ َﺪ ُﻋﺒﺎﺑ ﱢﻲ اﻟ ّﻨ َﺪى اﻟ ُﻤ َﺘﺪا ِﻓ ِﻊ
ﻋﻤﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﻴﻌﺔ ﻳُﻌ ﱡﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﻴﻌﺔ أر ّق ﺷﻌﺮاء اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮ ّي، وﻫﻮ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ أﺑﻲ رﺑﻴﻌﺔ اﻟﻤﺨﺰوﻣﻲ اﻟﻘﺮﺷﻲ، وﻛﻨﻴﺘﻪ أﺑﻮ اﻟﺨﻄﺎب ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮﻳﻦ َﺟﺮﻳﺮ واﻟﻔﺮزدق ،وﻳُﻘﺎل أﻧﱠﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺶ أﺣﺪاً أﺷﻌﺮ ﻣﻨﻪ، وﻳُﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﻌﻤﺮ أ ﱠن وﻻدﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﻲ ﺑﻬﺎ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﻪ ،وﻛﺎن ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﻓ ُﻴﻜﺮﻣﻪ وﻳُﻘ ّﺮﺑﻪ ﻣﻨﻪ، وﻗﻴﻞ أﻧﱠﻪ ﻛﺎن داﺋﻢ اﻟﺘﺸ ّﺒﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻧﻔﺎه ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﺰﻳﺰ إﱃ دﻫﻠﻚ ،واﺣﺘﺮﻗﺖ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺑﻪ وﺑﻤﻦ ﻛﺎن ﻣﻌﻪ، وﻣﺎت ﻏﺮﻗﺎً ﺑﺎﻟﺴﻔﻴﻨﺔ،وﻣﻦ اﻷﺷﻌﺎر اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ : أَ ِﺣ ﱡﻦ إذا َرأَ ْﻳ ُﺖ َﺟﻤﺎ َل ُﺳ ْﻌ َﺪى أَ ِﺣ ﱡﻦ إذا َرأَ ْﻳ ُﺖ َﺟﻤﺎ َل ُﺳ ْﻌ َﺪى وأﺑﻜﻲ إ ْن رأﻳ ُﺖ ﻟﻬﺎ ﻗﺮﻳﻨﺎ َو َﻗ ْﺪ أَ ِﻓ َﺪ اﻟ ﱠﺮ ِﺣﻴ ُﻞ َﻓ ُﻘ ْﻞ ﻟِ ُﺴ ْﻌ َﺪى ﻟﻌﻤﺮ ِك، ﺧﺒﺮي ﻣﺎ ﺗﺄﻣﺮﻳﻨﺎ اﻻ ﻳﺎﻟﻴﻞ، إن ﺷﻔﺎ َء ﻧﻔﺴﻲ ﻧﻮاﻟ ِﻚ، إ ْن ﺑﺨﻠ ِﺖ ،ﻓﺰودﻳﻨﺎ
-اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ - ﻗﺪ ﺑﻘﻲ اﻟﺸﻌﺮ ُﻣﺤﺎ ِﻓ ًﻈﺎ ﻋﲆ ﺗﺄﻟّﻘ ِﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻷﻣﻮ ّي ،وﻟﻌ ّﻞ ﻇﺮوف اﻟﺤﻴﺎة وإﻧﺠﺎزات اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﻮ ّﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أﻫ ّﻢ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻋﺪت ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮ ّﺳﻌﺖ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﻘﻮل واﻹﺛﺮاء ﻟﻠﱡﻐﺔ ،و ُوﺟﺪ ُﻣﻘﺎﺑ َﻞ ذﻟﻚ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻤﻌﺖ أﺳﻤﺎ ُؤﻫﻢ ﻓﻲ ﺳﻤﺎء اﻟ ّﺴﺎﺣﺔ اﻷدﺑ ّﻴﺔ.
Search
Read the Text Version
- 1 - 13
Pages: