في هذا اليوم الأش ّم تتجسد القيم والمعاني السامية ،الصبر والنصر والشهادة ،تبعث فينا الأمل ،وتزيدنا عزاً وفخاراً بشهدائنا الأبرار وأبطال الكرامة الأحرار الذين لبّوا نداء الحق والواجب ،فزرعوا في أرض الكرامة نصراً ،ورفعوا رايات المجد عالياً ،جباه سجدت لربها وجادت بأرواحها ،حملت لواء المجد والتضحية. إ ّن معركة الكرامة من المعارك الشاهدة على ما حققه نشامى القوات المسلحة -الجيش العربي فقد قدموا اروع التضحيات والبطولات دفاعاً عن أرض الأردن الطاهر وأذاقوا فيها كأس الذل والانكسار للعدو ،حدثت هذه المعركة في 21آذار 1968م وهو اليوم الذي يحتقل به الأردنيون من كل سنة ،إذ سطر الجيش العربي الأردني والمقاومون الفلسطينيون والعرب ملحمة تاريخية حيث كسر نشامى قواتنا بصمودهم مقولة الجيش الذي لا يقهر وألحقوا بالعدو افدح الخسائر واستطاعوا انتزاع النصر من العدو الإسرائيلي وأرجعو للأمة الكرامة والأمل فقد كانت معنويات الجيش آنذاك عالية تتوسطها صرخات من التكبير ُمعلنين الاستعداد الكامل لمواجهة العدو الغاشم ،فهي معركة النصر أو الشهادة . هدفت اسرائيل إلى محاولة احتلال أراض أردنية شرقي النهر والتشبث بها بقصد المساومة عليها، نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذه المرتفعات الأردنية ولزيادة العمق الاستراتيجي الإسرائيلي ،وضمان الأمن والهدوء على طول خط وقف إطلاق النار مع الأردن ،وتوجيه ضربات مؤثرة وقوية للقوات الأردنية التي كانت توفر الحماية والدعم والمساندة للمقاومين العرب ،وزعزعة المعنوية لدى الأردنيين القاطنين في منطقة الأغوار ودفعهم إلى النزوح من أراضيهم ومزارعهم ليشكلوا أعباء جديدة على الدولة ،وحرمان المقاومة العربية من وجود أي قواعد لها بين السكان. إسرائيل أيضاً أرادت المحافظة على الروح المعنوية لجيشها وشعبها بسبب عدم التجانس بين الغالبية العظمى منهم في التركيبة السكانية التي جاءت على شكل هجرات صهيونية إلى أرض فلسطين، والتخوف من إحاطة العرب بهم ،فأراد العدو أن يقوم بهذه العملية لإزالة حالة الرعب السائدة بين قطاعات الجيش والشعب اليهودي ،وطمعها بالمرتفعات الشرقية من الناحية العسكرية والاستراتيجية والاقتصادية ،فمناطق الأغوار غنية بالمصادر المائية والزراعية وتشكل مصدراً اقتصادياً استراتيجياً مهماً بالنسبة للأردن.
وصف مكان المعركة لموقع معركة الكرامة أهميةٌ من الناحية الدينية ،فهي تمثل أرض الرباط في سبيل الله ضمن منطقة بلاد اعلاى ال اح ّق اظاهري ان لعادُ ّوهم الرسول صلى الله عليه وسلم ( الا تا ازا ُل اطائفاةٌ من أُ َّمتي الشام ،امتثال ًا لقول اوهُم اكذال اك ،قاالُوا :ياا ار ُسو ال أام ُر َّلَّلا اوامأااكأاناا اصفابا اب ُهيمتمالن ام القأد اواساء) ،احتَّبالىإياأتض ايا ُهفمة امن اخالا اف ُهم إ َّلا قااهري ان الا يا ُض ُّرهُم العديد من المساجد وأضرحة لوجود ب ابيت ال امقدس َّلَّلا ،اوأاي ان هُم؟ قاا ال: الصحابة رضوان الله عليهم في منطقة الأغوار ،مثل أبي عبيدة عامر بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل. أما أهمية هذه المنطقة الجغرافية والاستراتيجية ،فإنها تشكل نقطة المركز في قلب الوطن العربي ،فهي أشبه ببوابة تعبر منها الجيوش الذاهبة إلى فلسطين ،سواء أكانت هذه الجيوش قادمة من الشرق أم من الغرب ،من الشمال أم الجنوب ،وقد كانت مسرحاً لمعارك فاصلة في التاريخ الإسلامي ،وبوابة للانتصارات التي حققت للأمة هيبتها وكرامتها ومكانتها ونشر رسالة الحق والعدل والإنسانية كمعركة اليرموك وحطين وعين جالوت. ومنطقة غور الأردن منطقة منخفضة تقع بين سلسلتين جبليتين متناسقتين ،هما سلسلة الجبال الغربية وسلسلة الجبال الشرقية ،وهي غنية بالمصادر الزراعية والمائية والأشجار ،فتنتج الخضراوات والفواكه وهي مناطق رعوية جيدة ،أما مصادرها المائية فتتمثل في نهر الأردن ،بحيرة طبريا ،البحر الميت ،وقناة الغور الشرقية ،إضافة إلى العديد من العيون المائية والبرك والآبار ،ويشكل الغور عصب الحياة الزراعية والاقتصادية بالنسبة للأردن ،ويقع في الغور طريق عرضاني يمتد من الحمة الأردنية وحتى العقبة ،أما الطرق الواصلة بين المرتفعات الشرقية والغربية فهي جسر الملك حسين ،والملك عبدالله ،والأمير محمد ،وتتميز المنطقة بشقيها الشرقي والغربي بصعوبة المواصلات ووعورة المسالك والارتفاعات الشاهقة ووجود الأشجار والمقاطع الصخرية المنحدرة ،وهي منطقة استراتيجية معيقة لحركة الآليات في حال أي تقدم من قوات العدو. نتائج المعركة مع انتهاء أحداث المعركة كان العدو قد فشل تماماً في عملياته العسكرية ،دون أن يحقق أ ّياً من الأهداف التي شرع بهذه العمليات من أجلها وعلى جميع المقتربات والمحاور ،وعاد يجر أذيال الخيبة والفشل، فتحطمت الأهداف المرجوة من وراء المعركة أمام صخرة الصمود الأردني ،ليثبت للعدو من جديد بأنه قادر على مواصلة المعركة تلو الأخرى ،وعلى تحطيم محاولات العدو المستمرة للنيل من الأردن وصموده ،وأثبت الجندي الأردني أن روح القتال لديه نابعة من التصميم على خوض معارك البطولة والشرف والإقدام والتضحية.
وفي كلمته التاريخية ،قال المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في اليوم التالي للمعركة“ :وإذا كان لي أن أشير إلى شيء من الدروس المستفادة من هذه المعركة يا إخوتي ،فإن الصلف والغرور يؤديان إلى الهزيمة ،وإن الإيمان بالله والتصميم على الثبات مهما كانت التضحية هما الطريق الأول إلى النصر ،وإن الاعتماد على النفس أول ًا وأخيراً ووضوح الغاية ونبل الهدف هي التي منحتنا الراحة حين تقرر أننا ثابتون صامدون حتى الموت ،مصممون على ذلك ،لا نتزحزح ولا نتراجع مهما كانت التحديات والصعاب”. وفشل العدو في احتلال المرتفعات الشرقية ودعوة الصحفيين لتناول طعام الغداء في عمان ،وجسدت هذه المعركة أهمية الإرادة لدى الجندي العربي ،والتي كانت متقنة وذات كفاءة عالية وأسهمت بشكل فعال في حسم معركة الكرامة ،كما أبرزت أهمية الإعداد المعنوي حيث كان هذا الإعداد على أكمل وجه ،فمعنويات الجيش العربي كانت مرتفعة حيث ترقبوا يوم الثأر والانتقام من عدوهم وانتظروا ساعة الصفر بفارغ الصبر للرد على الظلم والاستبداد .وأبرزت المعركة حسن التخطيط والتحضير والتنفيذ الجيد لدى الجيش العربي ،مثلما أبرزت أهمية الاستخبارات ،إذ لم ينجح العدو بتحقيق عنصر المفاجأة نظراً لقوة الاستخبارات العسكرية الأردنية التي كانت تراقب الموقف عن كثب وتبعث بالتقارير لذوي الاختصاص ،حيث تمحص وتحلل النتائج فتنبأت بخبر العدوان من قبل إسرائيل ما أعطى فرصة للتجهيز والوقوف في وجهها. خسائر الطرفين قواتنا الباسلة 86:شهيداً ،و 108جرحى ،تدمير 13دبابة و 39آلية مختلفة. القوات الإسرائيلية 250:قتيلاً ،و 450جريحاً ،تدمير 88آلية مختلفة شملت 47دبابة و 18ناقلة و24 سيارة مسلحة و 19سيارة شحن ،وإسقاط 7طائرات مقاتلة. أهم الدروس المستفادة من معركة الكرامة تكمن أهمية هذه المعركة في إعادة الثقة للنفس العربية المنكسرة وتحطيمها لأسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم وقد قال عنها رئيس أركان العدو :إن معركة الكرامة فريدة من نوعها إذ لم يتعود الشعب الإسرائيلي على هذا الكم من الخسائر حيث استولى الأردن على عدد من آلياتنا ناهيك أننا فقدنا في هذه المعركة من الأليات ثلاثة أضعاف ما فقدناه في حرب سنة 1967م لقد جعلت معركة .الكرامة الملك حسين بطل العالم العربي
Search
Read the Text Version
- 1 - 10
Pages: