Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore مجلة الجزيرة بروفة

مجلة الجزيرة بروفة

Published by ajinji2002, 2017-03-01 08:28:00

Description: مجلة الجزيرة بروفة

Search

Read the Text Version

‫‪  ‬المقهى‪..‬‬ ‫محمد المختار‬‫وجه المجتمع‬ ‫مدير التحرير‬‫بعينهــا إلــى رصــد عاطفــة واتجاهــات‬ ‫المقاهــي ليســت لاحتســاء القهــوة أو‬ ‫المغاربــة على كل الأصعــدة‪ .‬‬ ‫ضـرب المواعيـد فقـط‪ ،‬إنها هـي المكان‬ ‫الـذي يحيـل تنوعـه وغنـاه وأفقـه على‬‫بعـض هـذه المقاهـي أقفـل أو لـم يعـد‬ ‫شســاعة معرفيــة واجتماعيــة‪ ،‬حتــى‬‫لــه وجــود‪ ،‬لكــن مدينتــه لا يمكنهــا‬ ‫يصبـح المقهـى فضـاء بمـا يحملـه ذلـك‬‫قلــب صفحتــه دون أن يكــون علامتهــا‬‫الفارقـة وكيـف تفعـل وتقاسـيمها على‬ ‫مـن معانـي الرحابـة والاختـاف‪.‬‬‫أبوابهـا وكراسـيها والشـجر الـذي ظّللهـا‪،‬‬ ‫وكلنـا يعـرف في بـاده مقهـى أو أكثـر‬‫وبعضهــا يســتمر بالعمــل إلــى اليــوم‪.‬‬ ‫تشـتهر بـه هـذه المدينـة أو تلـك‪ ،‬ويعد‬‫وعبرهــا يقــدر نمــو البــاد وعجزهــا‪،‬‬ ‫أحـد معالمهـا السـياحية التـي يقصدهـا‬‫وتجــرى مقارنــات كثيــرة بيــن الأمــس‬ ‫مـن يـزور هـذا البلـد‪ ،‬لأنـه المـكان الـذي‬‫والحاضــر‪ .‬وبعــض هــذه المقاهــي لــم‬ ‫ارتبــط في ذهنــه بالثقافــة والأدب أو‬‫يـزره أديـب ولا سياسـي ولا مشـهور‪ ،‬لكن‬ ‫بالفعـل السياسـي والنضالـي‪ ،‬سـواء مـن‬‫تصنــع تاريخهــا خصوصيتهــا الأشــبه‬ ‫خــال التغطيــات الصحفيــة أو الأعمــال‬‫ببيــت رؤوم‪ .‬وبيــن هــذه المقاهــي‬ ‫الدراميــة التــي تتنــاول التاريــخ القريــب‬‫جميعهــا ذات قصــة المعيش‪ ‬البســيط‬ ‫أو البعيـد لهـذا البلـد‪.‬‬ ‫والحميــم‪.‬‬ ‫وفي هــذا الملــف‪ ،‬لا نســتعرض فقــط‬‫هنــا نســطر أن المقاهــي ليســت‬ ‫مقاهــي مــن المغــرب‪ ،‬صنــع فيهــا‬‫عبــورا للوقــت بــل هــي تســريح لــه‬ ‫التاريــخ أو ارتبطــت بــه‪ ،‬وإنمــا ننقــل‬‫في الذاكــرة والوجــدان‪ ،‬وهــي والفكــر‬ ‫المغــرب للقــارئ عبــر انشــغالات‬‫لمعرفـة المغـرب‪ ،‬مـا كان وأصبـح عليـه‬ ‫مقاهيــه‪ ،‬وعبــر أشــخاص بصمــت تلــك‬‫ومــا قــد يكونــه‪ .‬إنهــا فســح المغاربــة‬ ‫المقاهــي تاريخهــم الشــخصي ثــم‬‫العامــة الخاصــة‪ ،‬ترمومتــر حياتهــم‬ ‫الجمعــي‪ .‬هــذه المقاهــي احتضنــت‬‫وسـط جماليـات مدنـه‪ .‬ومـدن المغـرب‪،‬‬ ‫واسـتوعبت التناقـض كمـا التكامـل في‬‫العتيقــة منهــا بالخصــوص‪ ،‬حكايــة‬ ‫الفكــر والسياســة والحميميــة والمــزاج‬‫متصلـة تسـتحق أن ُتـروى على انفـراد‪.‬‬ ‫والخواطــر والمشــاعر‪ ،‬وحولــت أمكنــة‬

‫الفهرس ملف العدد‬

‫الفهرس تقارير العدد‬ ‫مراسلو العدد‬ ‫إعداد وتحرير‬ ‫فاطمة سلام – المغرب‬ ‫علي صبري‬‫عاطف دغلس‪ -‬نابلس‪/‬الضفة الغربية‬ ‫وسيم الزهيري‪ -‬لبنان‬ ‫تصميم وإخراج‬ ‫أحمد بركات – باكستان‬ ‫عماد قطوش‬ ‫رميساء خلابي ‪ -‬النيجر‬

‫‪  ‬المقهى‪..‬‬ ‫فاطمة سلام‬‫وجه المجتمع‬ ‫مراكش‪ /‬المغرب‬‫مقاهــي المغــرب بحكاياتهــا‬‫العتيقـة‪ ،‬وتلـك التـي ترويهـا‬‫إلـى اليـوم‪ ،‬تعقبتهـا مراسـلة‬‫مجلــة الجزيــرة فاطمــة ســام‬‫في مــدن المغــرب العريقــة‪،‬‬‫وســجلتها في هــذا الملــف‪،‬‬‫لنطــل على الحيــاة المغربيــة‬ ‫مــن نوافــذ مقاهيهــا‪.‬‬

‫زريريق‪ ..‬مأوى بحارة‬‫الأطلسي في أصيلة‬‫المحيـط به‪ ،‬والـذي تعترشـه شـجيرات الليمون‬ ‫شــمال المغــرب وعلى بعــد ‪ 40‬كيلومتــرا‬‫واللبــاب والأزهــار‪ ،‬بينمــا يبــدو اللــون الأزرق‬ ‫مــن مدينــة طنجــة‪ ،‬تســتكين إلــى المحيــط‬‫الســماوي للجــدران القليلــة داخلهــا امتــداد‬ ‫الأطلســي مدينــة صغيــرة اســمها «أصيلــة»‪،‬‬ ‫ولوقوعهــا على المحيــط فكثيــر مــن أهلهــا‬ ‫الأطلســي إليهــا‪.‬‬ ‫بحــارة‪ ،‬وامتهــن كثيــر منهــم صيــد الســمك‪.‬‬‫أنشــأ بحــاري «زريريــق» ســنة ‪ 1940‬بعــد أن‬‫حصـل على موقعـه مـن المسـتعمر البرتغالـي‪،‬‬ ‫وكلمـا عـادت قـوارب بحارتهـا الزرقـاء الصغيـرة‬‫وو ّفـر كـؤوس الشـاي الدافئة للبحـارة ومرفأ لهم‬ ‫مـن عـرض البحـر بحثـوا عـن مـكان يسـندون‬‫على البّـر‪ ،‬لكنـه لم‬ ‫إليــه مــن تعــب‬‫يكــن يعلــم أنــه‬ ‫يومهــم‪ ،‬ويبثونــه‬‫يبنــي للمدينــة‬ ‫صـدى الملـح وآمـال‬‫علاقــات وطيــدة‬ ‫غدهــم‪ ،‬ومــن هنــا‬‫ســتظهر في‬ ‫جــاءت صاحبهــا‬‫كتــب ورســومات‬ ‫«أحمــد بحــاري»‬‫و محكيــا ت‬ ‫فكـرة بنـاء مقهـى‬‫شــعبية‪ ،‬عبــر‬ ‫صغيـر على أعتـاب‬‫المرفــأ الــذي‬ ‫مرفــأ المدينــة‪،‬‬‫كانــه زريريــق‬ ‫اســم‬ ‫حمــل‬‫لكتــاب ورســامين‬ ‫« زريريــق»‪.‬‬‫و فو تو غر ا فييــن‬‫وموســيقيين وعابــري ســبيل وغيرهــم‪.‬‬ ‫للوصــول إلــى‬‫«أحمــد بحــاري» كان مــن البســطاء الذيــن‬ ‫المقهـى‪ ،‬تعبـر أسـوار المدينـة العتيقـة التـي‬‫يعرفهــم القاصــي والدانــي في المدينــة‪.‬‬ ‫بناهــا البرتغاليــون عنــد احتلالهــم لـ«أرزيــا»‬‫ويحكــي الفنــان التشــكيلي عبــد العزيــز‬ ‫(التســمية البرتغاليــة لأصيلــة)‪ .‬تنحــدر مــن‬‫حصـري‪ ،‬الـذي يقطـن بأصيلـة ويعـرض لوحاتـه‬ ‫«بــاب البحــر» المقــوس لتجــد نفســك بعــد‬‫بمقربــة مــن المقهــى‪ ،‬أن «ســي أحمــد»‬ ‫خطــوات قليلــة أمــام مدخــل أشــهر وأقــدم‬ ‫مقاهيهــا‪ ،‬وســيجذبك القصــب المجــدول‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫الـذي كان مقـدم الحومـة (مختـار الحـي) لقـب بـ«أزريـرق» تصغيـرا لكلمـة أزرق كمـا ينطـق‬ ‫بلهجــة الزيلاشــيين (أبنــاء أصيلــة)‪.‬‬‫هــذا اللقــب جــاء ترجمــة ‪-‬وإن محرفــة‪ -‬للقــب «فيــردي» الــذي كان ينــادي بــه‬‫البرتغاليــون في أصيلــة ســي أحمــد‪ ،‬ومعنــاه في البرتغاليــة أخضــر‪ ،‬وذلــك للــون عينيــه‬‫إنــه وبســبب إقبــال كل رجــال المدينــة على‬ ‫الـذي اختلـف حـول حقيقتـه إذ رآه البرتغاليـون‬‫المقهــى‪ ،‬كان كل ولــد اســتفقد أبــاه يأتــي‬ ‫أخضــر فيمــا اعتبــره الزيلاشــيون أزرق‪ .‬وهكــذا‬‫إليهــا لأنــه يعــرف أنــه ســيجده عنــده حتمــا‪.‬‬ ‫حمــل المقهــى مكّنــى صاحبــه «زريــرق»‬‫والسـهر الرجالـي بالتحديـد في زريريـق بليالـي‬ ‫بعــد أن حمــل بدايــة اســم «أطلــس»‪.‬‬‫أصيلـة‪ ،‬يحيـل بطريقـة أو بأخـرى على تدخيـن‬ ‫في بدايـات إنشـاء المقهـى‪ ،‬بـذل سـي أحمـد‬‫الكيــف (نثــارة الحشــيش)‪ ،‬وهــؤلاء الــرواد هــم‬ ‫جهـدا كبيـرا لبنـاء مـا يسـمى «شـابولا» وهـو‬‫مـن يمكـن تسـميتهم بزبائـن مـن نـوع خـاص‪،‬‬ ‫كـوخ صغيـر كان نـواة المقهـى الأولـى‪ .‬جعـل‬‫يضافــون إلــى «المولعيــن» أي الشــغوفين‬ ‫سـقفه مـن الخشـب والقرميـد‪ ،‬ثـم حفـر بعـد‬‫جــدا بطــرب الآلــة الأندلســي الــذي تحيــي‬ ‫ذلـك بئـرا سـقى بمائهـا الأشـجار والأزهـار التـي‬‫سـهراته كل يـوم سـبت في زريريـق‪ .‬وللقـارئ‬ ‫غرســها على طــول ســور المدينــة المحــاذي‬‫أن يتخيــل كيــف يتحــول النغــم وســط هــذه‬ ‫لـه‪ ،‬حتـى تعلقـت بـه الدوالـي التـي مازالـت‬‫البســاطة والجمــال على مرمــى حجــر مــن‬ ‫تظلـل المقهـى إلـى اليـوم‪ ،‬وتعتـرش القصبات‬ ‫الأطلســي إلــى فضــاء أشــبه بالخــرافي‪.‬‬ ‫لتظلـل رواده الذيـن يغـص بهـم دائمـا‪.‬‬‫هــذه الخرافيــة هــي التــي قــادت إليــه زوار‬ ‫يقـول الفنـان التشـكيلي عبـد العزيـز حصـري‪،‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫موســم أصيلــة الثقــافي الدولــي الشــهير‪ ،‬الــذي ينظــم كل ســنة في المدينــة‪ ،‬ويحولهــا إلــى فضــاء‬ ‫حــ ّي ومتفاعــل مــع الأدب والفنــون والنقاشــات الفكريــة والإنســانية والسياســية‪.‬‬‫زار زريريـق الكّتـاب والشـعراء والرسـامون والقـادة والـوزراء والسـياح والباحثـون‪ ،‬والجميـع طلـب «أتـاي»‬‫(الشـاي) بالنعنـاع أو بـ«التخالـط» (أعشـاب طبيـة وعطريـة)‪ .‬ويحكـى أنـه كانـت لسـي أحمـد طريقـة‬ ‫خاصـة في إعـداد الشـاي‪ ،‬أورثهـا لابنـه وأورث حبهـا للعامليـن في المقهـى‪.‬‬‫يقـول عبـد العزيـز حصـري إنـه كان دائمـا إلـى جانـب سـي أحمـد برميـل مـاء ضخـم‪ ،‬صنبـوره مخصـص‬‫فقـط لتحضيـر الشـاي‪ .‬يعـده في إنـاء نحاسـي يسـمى «الزيـزوة» يضيـف إليـه حبـوب الشـاي والنعنـاع‬‫ونثـرات مـن الأعشـاب‪ ،‬ثـم يضعـه على الفحـم الـذي يبقـى متوهجـا ليـل نهـار في المقهـى وتمنـح‬ ‫أصالتـه وتريثـه «اللـذة السـحرية» لأتـاي‪.‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫الأوداية‪ ..‬في حضرة المرابطين‬ ‫والموحدين والأندلسيين‬‫أبوابهــا‪ ،‬والمزهــرة عتباتهــا‪ ،‬مــع خلفيــة مــن‬ ‫إن أردت أن تشــرب كأســا مــن الشــاي بالنعنــاع‬‫الزرقـة والبيـاض على جدرانهـا‪ ،‬في شـبه مـع‬ ‫أو فنجــان قهــوة بيــن يــدي المرابطيــن‬‫مدينــة الموريســكيين في المغــرب شفشــاون‬ ‫والموحديــن والموريســكيين معــا‪ ،‬فمقهــى‬ ‫«الأودايــة» بعاصمــة المغــرب الربــاط هــو‬ ‫الجوهــرة الزرقــاء‪.‬‬‫على شــرفة الأودايــة المطلــة على نهــر أبــي‬ ‫المــكان المقصــود‪.‬‬‫رقـراق‪ ،‬التـي كانـت امتـدادا لحدائـق زاهـرة‪ ،‬مـا‬ ‫«الأودايــة» ‪-‬أو «الودايــة» كمــا تنطــق في‬‫تحتفـظ بـه الودايـة اليـوم منهـا هو أثـر وذكرى‬ ‫الدارجــة المغربيــة‪ -‬هــي قصبة‪/‬قلعــة عتيــدة‬‫فقــط‪ ،‬يســتقر‬‫المقهــى‪ .‬تســتثمر‬ ‫شــّيدها المرابطــون‬‫ولايــة الربــاط‬ ‫لمحاربــة قبائــل‬‫فيــه مــن ناحيــة‬ ‫برغواطية‪،‬ووســعها‬‫الإرث الحضــاري‬ ‫الموحـدون بعدهـم‪،‬‬‫والثقـافي للقصبـة‬ ‫وجعلوهــا براطــا‬‫والمدينــة‪ ،‬وتمنــح‬ ‫لهــم على مصــب‬‫المدينـة مـن جهة‬ ‫وادي أبــي رقــراق‬‫أخــرى وجهــة‬ ‫لشــ ّن حمــات‬ ‫عســكرية ضــد‬ ‫ســياحية بــارزة‪.‬‬ ‫ا لإ ســبا ن ‪   ،‬و أ هملت‬‫بــاب المقهــى‬ ‫حتـى دخـل الربـاط‬‫ا لحد يــد ي‬ ‫ا لمو ر يســكيو ن‬‫المشـغول على الطـراز المغربـي‪ ،‬يفضـي بـك‬ ‫القادمـون مـن الأندلـس‪ ،‬وسـكنوا الأودايـة وأعادوا‬‫إلــى فضــاء في الهــواء الطلــق‪ ،‬تجــرك إليــه‬‫رائحــة البحــر المشــبعة بالملــح‪ ،‬وتدلــف إليــه‬ ‫إليهــا أمجادهــا‪.‬‬‫تبحـث عـن رطـب الظـل الـذي توفـره الكرمـات‬ ‫وجعـل الموريسـكيون منهـا حّيـا وبنـوا سـورا‬‫المغروســة في أرجائــه‪ ،‬والســقائف الأثريــة‬ ‫على بعــد ‪ 21‬متــرا تقريبــا جنــوب «بــاب‬‫بلـون التـراب التـي تعترشـها الداليـات والأزهـار‪.‬‬ ‫الأحــد» التاريخــي‪ ،‬ولهــذا تمــر بحكايــة مــن‬ ‫الألـوان في المـكان‪ ،‬ترسـمها البيـوت الخشـبية‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫المنظـر فسـحة مـن الألـوان أيضـا يغلـب عليهـا الأزرق‪ ،‬فتجـد الزليـج الأندلسـي المشـابه لـذاك‬‫الـذي ر ّص على جـدران فنـاء الريحـان الكبيـر في قصـر الحمـراء بغرناطـة‪ ،‬بألوانـه الخمسـة‪ :‬الأزرق‬‫الغامــق والأصفــر والأخضــر في تناغــم‪ ،‬والأســود والأبيــض في تبايــن متكامــل‪ .‬وعلى الكراســي‬‫الحجريـة فرشـت حصـر بسـيطة‪ ،‬بينمـا تتـوزع في المـكان الكراسـي الخشـبية الزرقـاء الصغيـرة‪،‬‬ ‫دون ظهـر وفي جلسـة غيـر متكّلفـة‪.‬‬‫تقـول فاطمـة (عشـرون عامـا) لمجلـة الجزيـرة‪،‬‬ ‫المنظــر العــام لشــرفات البيــوت في الأودايــة‬‫وهــي القادمــة إلــى مقهــى الأودايــة مــن‬ ‫وهــي يــكاد يتســاقط منهــا الزهــر‪ ،‬والإطلالــة‬‫مدينـة سـا‪ ،‬المتصلـة تقريبـا بالربـاط‪ ،‬والعدوة‬ ‫على نهــر أبــو رقــراق الــذي لا يخلــو مــن‬‫الأخـرى لنهـر أبـي رقـراق؛ «أحـس كمـا لـو أن‬ ‫الصياديـن الخشـبية الصغيـرة‪ ،‬وشـاطئه الـذي لا‬‫مغاربــة العدوتيــن الذيــن عمــروا حضــارة‬ ‫يخلـو أيضـا مـن مرتاديـه‪ ،‬وأسـوار القصبـة بلون‬‫هــذه البــاد يحرســون نهــر أبــي رقــراق‪،‬‬ ‫التـراب الخمـري الباهـت؛ تجعـل مـن المنعـش‬‫ويحرسـون عشـاق هـذا المقهـى المطـل‬ ‫التفكيــر في أنــك تجلــس في مــكان تســّرى‬ ‫فيـه قبلـك آخـرون مـن أزمنـة غابـرة‪ ،‬وأحبـوا‬ ‫علي ـه»‪.‬‬‫في الأودايــة لــن تنقصــك الرفقــة أبــدا؛‬ ‫أيضــا مــا تشــاهده على اختــاف تفاصيلــه‪.‬‬‫فيمكـن أن تأخـذ كأس شـاي بالنعنـاع وحلوى‬ ‫ومــن المســلي أيضــا التفكيــر في أنــك تشــرب‬‫محـاة بثمانيـة دراهـم‪ ،‬وتجلـس إلـى الملـح‬ ‫‪-‬في هـذه القصبـة المنيعـة التـي مـا كان يجرؤ‬‫المنفــرط مــن البهــاء أمامــك‪ .‬هســيس ميــاه‬ ‫أحـد على دخولهـا في عهـود دول قويـة‪ -‬كأس‬‫النهــر الرتيــب لذيــذ‪ ،‬والأزهــار التــي تشــق‬ ‫شـاي بعشـرة دراهـم‪ ،‬وتدعـو صحبتـك لسـماع‬‫الأســوار المحيطــة ترســم صــورة جميلــة‬ ‫الموسـيقى فيـه أو للتمتـع بالشـمس‪.‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬ ‫وعميقــة عــن الحيــاة التــي تنبــت حيــث لا تتوقــع‪.‬‬‫يحكـي الصحفـي المغربـي محمـد لشـيب عـن علاقـة خاصـة تجمعـه بالأودايـة تجعلـه «يحـ ّج» إليهـا‬‫كلمـا زار مدينتـه سـا «تنبـع هـذه العلاقـة مـن صفـاء المـكان ورحابتـه‪ ،‬حتـى ليصبـح الإنتـاج‬‫الفكــري هنــا رياضــة ذات جمــال كتقليــب العيــن بيــن التاريــخ والوجــوه وضحــكات وحتــى‬ ‫صمـت عشـاق الأودايـة»‪.‬‬‫هـذا المـكان لا يبصـم فقـط ذاكـرة زواره الكثـر‪ ،‬مغاربـة وسـّياحا‪ ،‬بـل يسـمح لمخيلـة الكتـاب والفنانيـن‬‫والموسـيقيين وكل المبدعيـن بـأن تتمطـى وتتحـرك وتتناغـم وتنتـج‪ ،‬فـا يمـر أحدهـم مـن الربـاط‬‫دون أن يـزور الأودايـة‪ ،‬ولا يسـكن أحـد في الربـاط دون أن تسـكنه‪ ،‬يمشـي فيـه مشـي الكاتبـة وعالمـة‬‫الاجتمـاع المغربيـة الراحلـة فاطمـة المرنيسـي‪ ،‬ويحّبهـا كمـا أحبتهـا حتـى ليـرى مـن هنـاك الّربـاط‬ ‫«مدينـة النـور» كمـا رأتهـا‪.‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫«بابا»‪ ..‬الهبيز ودبق الشاي‬ ‫بالنعناع والكيف‬‫حتــى صــارا قبلــة شــهيرة‪ ،‬وهــو مــا يصفــه‬ ‫داخـل الأسـوار التاريخيـة لقصبـة طنجـة التـي‬‫عبــد الغنــي بالقــول «زوارنــا مــن الهبيــز‬ ‫حكـم منهـا سـاطين المغـرب المدينـة‪ ،‬والتـي‬‫كانــوا أناســا مــن مختلــف الطبقــات‬ ‫كانــت مطمــح كل طامــع في الســيطرة على‬‫الاجتماعيـة‪ ،‬لـم يكونـوا فقـراء بالضـرورة‪،‬‬ ‫أقــرب نقطــة أفريقيــة إلــى القــارة الأوروبيــة‪،‬‬‫لكــن أفكارهــم تجّلــت وتماشــت مــع‬ ‫يســتقر مقهــى «بابــا» وديعــا في حــي‬‫بســاطة المــكان وظهــر ذلــك للعالــم»‪.‬‬ ‫الريسـول‪ ،‬واحـد مـن الأحيـاء العتيقـة الجميلـة‪.‬‬‫بنـي مقهـى «بابـا» سـنة ‪ ،1942‬وحمـل اسـما‬‫يتــداول بشــكل‬ ‫عــن هــؤلاء يقــول عبــد الغنــي العــوفي‪،‬‬‫شــعبي طيــب‬ ‫لخمســيني‬ ‫ا‬‫كـ»عمــي» في‬ ‫الطنجــي الــذي‬‫الثقافــة الشــامية‪،‬‬ ‫يســّير المقهــى‬‫لشــدة مــا كان‬ ‫منــذ عقــود‬‫يســتعمله صانــع‬ ‫لمجلــة الجزيــرة‬‫الشــاي بالمقهــى‬ ‫إنهــم ارتبطــوا‬‫في ســتينيات‬ ‫بـ»بابــا» وصنعــوا‬‫القــرن الماضــي‪.‬‬ ‫تاريخــه‪ ،‬ولأن‬‫وإن كنــت ســائلا‬ ‫كلمــة «الهبيــز»‬‫ســيتبرع الجميــع‬ ‫تحيــل إلــى‬‫في قصبـة طنجـة‬ ‫الشــباب المناهــض‬‫ليدلـك على «بابـا»‪ ،‬بينمـا تقـودك إليـه لافتـة‬ ‫للر أ ســما لية‬‫علقــت أعلى بابــه‪ ،‬كتبــت بخــط أنيــق غيــر‬ ‫والمتمــرد على الماديــة والنفعيــة وكل‬‫متكلــف‪ ،‬وطبعــت عليهــا إلــى جانــب الاســم‬ ‫مظاهرهمــا في السياســة والثقافــة وســائر‬‫صــورة ركــوة بلــون دافــئ‪ ،‬ومــن أعلى الجــدار‬ ‫شـؤون الحيـاة‪ ،‬فـ»بابـا» كانـت المـكان الموعود‬‫يتدلــى مصبــاح عتيــق يبــدو كمــا لــو كان‬ ‫بالنســبة لهــم بجمالهــا البســيط والهــادئ‪.‬‬‫قادمـا مـن زمـن سـحيق ليفتـح الطريـق إليهـا‬ ‫وبتقديـر عميـق للمقهـى والمدينـة حملهمـا‬ ‫بنــور ثابــت‪.‬‬ ‫الهبيـز معهـم في حكاياتهـم إلـى كل العالـم‪،‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫بالداخـل يقابـل البـاب رف مـن زليـج مغربـي عتيـق‪ ،‬مخصـص لإعـداد الشـاي والقهـوة‪ ،‬وإذ تلتـف‬‫يمينـا تجـد نفسـك في مـا يمكـن وصفـه بأنـه غرفـة كبيـرة مـن سـتين متـرا‪ ،‬شـ ّقت جـزءا منهـا‬‫أقـواس بنيـت على الطريقـة المغربيـة لكـن دون نقـش الجبـس‪ ،‬تفضـي إلـى شـرفة مسـقوفة‬‫ومفتوحـة النوافـذ المقوسـة أيضـا على القصبـة وبيوتهـا العتيقـة‪ ،‬بينهـا بيـت للثريـة الأميركيـة‬ ‫الشـهيرة باربـارا هوتـن‪.‬‬‫الثانــي‪ ،‬بينمــا زار المقهــى كــوفي عنــان‬ ‫على جــدار بالداخــل وعنــد أحــد الأقــواس‪،‬‬‫الأميــن العــام الأســبق للأمــم المتحــدة ســنة‬ ‫جــدار ازدحمــت الصــور الجميلــة على زرقتــه‬ ‫الســماوية‪ ،‬ويفخــر عبــد الغنــي بهــا‪ ،‬لأنهــا‬ ‫‪ ،2007‬وأمــراء وأســماء لــم توثــق زيارتهــم‪.‬‬ ‫تحفــظ ذكــرى عبــور مشــاهير وكبــار مــن‬ ‫مقهــاه‪ ،‬بينمــا لــم تســمح اللحظــة بتوثيــق‬‫ولأن الأدب والفــن يعيشــان تحــت الشــمس‪،‬‬‫وترفــع البســاطة والمعيــش اليومــي قيمتهمــا‬ ‫زيــارات آخريــن‪.‬‬‫الإنسـانية‪ ،‬رأى صنـاع فيلـم (‪The only lovers‬‬ ‫نجــد على الجــدار صــورة لصوفيــا ملكــة‬‫‪ )left alive‬أن يصــوروا عــددا مــن لقطاتــه في‬ ‫إسـبانيا وزوجـة الملـك خـوان كارلـوس‪ ،‬وأخـرى‬‫فضـاء «بابـا»‪ ،‬بينمـا كانـت محطـة إمـداد روحي‬ ‫لملكة السـويد سـيلفيا‪ ،‬زوجـة الملـك كارل الـ‪16‬‬‫وكتابــة لعــدد مــن الأســماء الثقافيــة مغربيــة‬ ‫غوســتاف‪ ،‬وصــورة لفرقــة الــروك البريطانيــة‬‫وعربيــة وعالميــة‪ ،‬أو عّرجــوا عليهــا لشــرب‬ ‫الأسـطورة الرولينـغ سـتونز‪ ،‬التـي زارت المقهى‬‫الشــاي قبــل اســتكمال جولتهــم في القصبــة‪.‬‬ ‫حسـب عبـد الغنـي سـنة ‪ ،1966‬وعزفـت فيـه‬ ‫مجموعــة مــن أشــهر أغانيهــا تماهيــا مــع‬‫وبالمناســبة‪ ،‬فالشــاي بالنعنــاع والأعشــاب‬ ‫المـكان‪ ،‬كمـا نجـد صـورة لأميـر موناكـو ألبيـر‬‫هــو ديــوان المغاربــة قاطبــة‪ ،‬وكؤوســه‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫جبــل‪ ،‬يمكنــك أن تخاطــب المعمــار‬ ‫الكبيــرة مــع قبضــات النعنــاع الخضــراء تطبــع‬‫القديـم‪ ،‬فتغـرورق عينـاك أمـام كل تلـك‬ ‫الذاكــرة البصريــة والحســية لــكل زوار المدينــة‬‫الاغتيـالات التـي يتعـرض لهـا التاريـخ»‪.‬‬ ‫المتهاديــة بيــن الأطلســي والمتوســط‪ .‬وفي‬‫ليـس بالضـرورة أن يحضر في المخيـال الجمعي‬ ‫«بابــا» يصــر عبــد الغنــي العــوفي على أن‬‫عــن البوهيمييــن والثورييــن والمتمرديــن‬ ‫يجهـز كـؤوس الشـاي بنفسـه لزبائنـه‪ ،‬يغلـي‬‫أنهــم مــن مدخنــي الحشــيش‪ ،‬ولكــن الهبيــز‬ ‫مــاءه في ركــوة ويحضــره في أخــرى حتــى‬‫الذيــن زاروا بابــا جالســوا «السبســي» أيضــا‬ ‫يجعـل دبقـا مـع السـكر‪ ،‬ليضيـف إليـه النعنـاع‬‫فيهـا‪ ،‬وهـو آلـة خشـبية رفيعـة تشـبه النـاي‬ ‫أو اليزيــر أو مــرددوش أو غيرهــا مــن الأعشــاب‬‫تســتعمل لتدخيــن نثــارة الحشــيش (الكيــف)‬ ‫الطبيـة والعطريـة التـي جففهـا ووضعهـا في‬‫كمـا تسـمى في المغـرب‪ ،‬وتحيـل على اللـذة‬‫والتناغـم‪ ،‬اللذيـن تعادلهمـا الكلمـة ذاتهـا في‬ ‫متنــاول الــذوق والطلــب‪.‬‬ ‫كيــف لمقهــى بهــذه البســاطة أن يجتــذب‬ ‫عاميــة بلــدان أخــرى «بالمــزاج»‪.‬‬ ‫إليـه كتابـا وموسـيقيين وأمـراء ودبلوماسـيين‬‫كيـف «للسبسـي» أن يجمـع حولـه كل تلـك‬‫الوجــوه التــي لــم تســتطع الانســحاب إلــى‬ ‫والجميــع؟‬‫بسـاطتها؟ يسـأل منتسـب كمـن يغـوص في‬ ‫يقــول الشــاعر والقــاص المغربــي ســعيد‬‫نــص أنضجــه المــكان‪ ،‬بينمــا ننســحب مــن‬ ‫منتســب لـ«مجلــة الجزيــرة» إن «روح هــذا‬‫«بابـا» وسـط لفافـات مـن الغمـام نفثـه شـباب‬ ‫المقهــى لا تشــبه غيرهــا‪ ،‬في بابــا‬‫ملـؤوا كل مقاعـد المقهـى في مسـاء شـتوي‪.‬‬ ‫تقـدح العواطـف‪ ،‬ومـن السـطيحة التـي‬ ‫تشـبه شـرفة علويـة مطلـة على سـفح‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫زينة‪ ..‬دفء الطعام المنزلي‬ ‫وأصالة «الأحباس»‬‫تعــود عائــدات أجرتهــا الرمزيــة للمســاجد‪.‬‬ ‫في القـرن الحـادي والعشـرين السـريع والمزدحم‬‫عندمــا تدخــل الحبــوس تشــعر كمــا لــو أنــك‬ ‫والمتحــارب‪ ،‬تســتطيع أن تجــد حيــا كامــا‬‫انفصلـت عن الـدار البيضاء‪ ،‬وأن ضجيـج ازدحامها‬ ‫يحافــظ على أصالــة وبســاطة وهــدوء الزمــن‬‫بقـي في الخـارج بينمـا تدخـل أنت عالمـا روحيا‬ ‫الـذي بنـي فيـه‪ ،‬وسـط أضخـم تكتـل سـكاني‬‫مــن العمــارة الإســامية بطابعهــا المغربــي‪،‬‬ ‫في المغــرب بعاصمــة البــاد الاقتصاديــة‪،‬‬‫حيــث تقــودك أبــواب الــدروب المقوســة‪،‬‬‫الواحــد بعــد الآخــر‪ ،‬لأبــواب خشــبية عتيــدة‬ ‫مدينــة الــدار البيضــاء‪.‬‬‫خلفهــا بيــوت‬‫واســعة التفصيــل‪،‬‬ ‫إنــه حــي الأحبــاس‪ ،‬وينطــق المغاربــة الاســم‬‫و شا ســعة‬ ‫اختصــارا “الحبوس”‪.‬‬‫ا لتفا صيــل‬ ‫بنـي سـنة ‪ 1917‬في‬‫كالنوافـذ الخشـبية‬ ‫عهــد الاســتعمار‬‫ا لمقّو ســة‬ ‫الفرنســي للمغــرب‪،‬‬‫والمحفـورة كّواتهـا‪،‬‬ ‫على مســاحة‬‫و ا لمشــغو لة‬ ‫أربعــة هكتــارات‬‫زخارفهــا‪ ،‬تشــبه‬ ‫مــن الأراضــي‬‫تلــك التــي في‬ ‫المحبوســة على‬‫غرناطـة بالأندلـس‪.‬‬ ‫وزارة الأوقــاف‬‫وبيــن الأقــواس‬ ‫المغربيـة‪ ،‬ومـن هنا‬‫ســتجد أيضــا محــات الأثريــات (الأنتيــكا)‬ ‫جــاءت تســميته‪.‬‬‫والمشـغولات النحاسـية‪ ،‬داخلهـا فـن وخارجهـا‬‫جمـال‪ ،‬تعكسـه الألـوان الحيـة للسـجاد المغربي‬ ‫هــدف‬ ‫كان‬‫المميـز‪ ،‬الـذي يتدلـى على الجـدران نزهـة للعين‬ ‫المســتعمر مــن بنــاء الحبــوس هــو فصــل‬‫وإغــراء للشــراء‪ ،‬بينمــا تحولــت جــدران أخــرى‬ ‫المســلمين عــن الفرنســيين‪ ،‬فقطنــت الحــي‬‫وأرضيــات إلــى معــرض للوحــات التشــكيلية‪،‬‬ ‫بدايــة البورجوازيــة المغربيــة خاصــة القادمــة‬ ‫مــن مدينــة فــاس العريقــة‪ ،‬لجــواره القصــر‬ ‫الملكــي في الــدار البيضــاء‪ ،‬ثــم ســكنه أفــراد‬ ‫الطبقــة المتوســطة والبســطاء‪ ،‬في بيــوت‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫البيـوت تجاورهـا الأسـواق الصغيـرة بـذات الأصالـة‪ ،‬فتسـتكين الدكاكيـن إلـى مصاطـب خشـبية‬‫يتربـع عليهـا في الأغلـب رجـال مسـنون لـم يتركـوا الحـ ّي منـذ ولـدوا فيـه أو سـكنوه‪ ،‬يبيعـون‬‫الألبســة التقليديــة المغربيــة‪ ،‬ويتفننــون في عــرض مشــغولات الحــرف اليدويــة التــي يفاخــر‬ ‫المغـرب بجودتهـا وتن ّوعهـا وغناهـا بالـدلالات الحضاريـة‪.‬‬‫والباحثيــن والطلبــة والقارئيــن النهميــن وكل‬ ‫تنبـض بـأرواح الرسـامين الذيـن عشـقوا المـكان‬ ‫مـن يأنـس بخيـر جليـس‪.‬‬ ‫وحــرارة التفاصيــل المغربيــة‪.‬‬‫وقريبـا مـن المكتبـات تتناثـر المقاهـي‪ ،‬تتظلـل‬ ‫تغمـر هـذه الأجـواء المسـاجد العتيقة‪ ،‬وأشـهرها‬‫كراســيها بالأشــجار العتيقــة أيضــا‪ ،‬وبالأقــواس‬ ‫«المسـجد المحمـدي»‪ ،‬وتجسـد الارتبـاط الديني‬‫التــي تعتــرش بعضهــا الزهــور المزروعــة في‬ ‫والأصالـة الروحيـة في الحيـاة اليوميـة للمغاربة‪،‬‬ ‫كمـا ترتبـط بهـا مكاتـب المأذونيـن الشـرعيين‪،‬‬ ‫أحــواض عتيقــة‪.‬‬ ‫يكتبـون عقـود الـزواج ويوثقـون الحيـاة الزوجية‬‫وبيــن هــذه المقاهــي تتربــع «زينــة» (بفتــح‬‫الــزاي وتســكين اليــاء) بالضبــط كمــا يوحــي‬ ‫الجديـدة للأفـراد‪.‬‬ ‫اســمها‪.‬‬ ‫ومــن الحبــوس أيضــا‪ ،‬تنبعــث ثقافــة القــراءة‬‫أنشــأت مقهــى ومطعــم زينــة واحــدة مــن‬ ‫كواحـدة مـن أهـم المدلـولات التـي يحيـل عليها‬‫أبنـاء الحبـوس‪ ،‬سـيدة اسـمها عليمـة عمومـي‪،‬‬ ‫الحــي‪ ،‬ففــي أزقــة بكاملهــا تتــوزع المكتبــات‬‫اختـارت مغـادرة مهنتهـا في التدريـس للتفـرغ‬ ‫العامـرة بالكتـب‪ ،‬تأتيهـا مـن كل حـدب وصـوب‪،‬‬ ‫حتــى صــار الحــي المقصــد الرئيســي للكتــاب‬ ‫لعشــقها للطبــخ‪.‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫وضعـت بعنايـة قـرب إنـاء نحاسـي واسـع مـن‬ ‫تقـول عمومـي لـ»مجلـة الجزيـرة» إنهـا ولـدت‬‫الــذي دأبــت العائــات المغربيــة على اقتنائــه‬ ‫في حـي الحبـوس‪ ،‬فلـم يكـن مـن الغريـب أن‬‫وحملهــا إلــى ضيوفهــا لغســل أيديهــم قبــل‬ ‫تكبــر وهــي تعشــق «الحــي الهــادئ والجميــل‬‫الأكل حفــاوة بهــم‪ ،‬أو علقــت قــرب نافــورة‬ ‫الـذي يقبـل السـياح مـن مختلـف أنحـاء العالـم‬‫الميــاه الفسيفســائية الصغيــرة التــي تضفــي‬ ‫على زيارتـه بشـغف» فـأرادت أن تعرفهـم أيضـا‬‫لمســة حيويــة أكثــر على المــكان‪ ،‬وتركــت‬‫الأبـواب المشـغول حديدهـا لتفتـح على أشـجار‬ ‫بالمطبـخ المغربـي‪.‬‬ ‫كانـت الفكـرة حسـب عمومـي أن تقدم للسـياح‬ ‫الحديقــة العامــة خــارج المقهــى‪.‬‬ ‫أكلا بيتيــا «معــ ّدا بعنايــة وأصالــة الأمهــات‬‫عندمـا تـزور زينـة وقـت الغـداء‪ ،‬تضطـر للانتظار‬ ‫والجــدات» قدوتهــا في ذلــك والدتهــا القادمــة‬‫لبعــض الوقــت إلــى أن تفــرغ مــن الســياح‬ ‫مــن فــاس‪ ،‬تحمــل معهــا «كل أســرار الصنعــة”‬‫وموظفــي الإدارات المجــاورة الذيــن يملــؤون‬ ‫وقـد تعلمتهـا عنهـا بدربـة العاشـقة المريـدة‪.‬‬‫طاولاتهــا غالبــا‪ ،‬لــذا يفضــل الخبيــر بالمــكان‬ ‫افتتحــت زينــة ســنة ‪ 1997‬متصلــة ببيــت‬‫العاشــق لــه أن يــزوره بعــد الظهــر‪ ،‬ومنهــم‬ ‫عائلـة عمومـي في الحبـوس‪ ،‬وسـعت عليمـة‬ ‫جهدهـا لأن يكـون متناغمـا مـع الفضـاء العـام‬ ‫الصحافيــة المغربيــة عائشــة شــعنان‪.‬‬ ‫للحـي‪ ،‬فجـاء بنـاؤه مـن طابـق أرضـي بسـيط‪،‬‬‫تحكـي عائشـة التـي تعـد مـن الـزوار الدائميـن‬ ‫نقشـت أسـقفه بالجبـس‪ ،‬العلامـة المميـزة في‬‫لزينـة أنهـا عرفـت المقهـى قبـل سـنة ونصـف‬ ‫المغـرب‪ ،‬وصبغـت جدرانـه بلـون أحمـر خمـري‬‫عــن طريــق صديقــة صحفيــة كان مكانهــا‬ ‫تماشــى مــع القعــدات التقليديــة بوســائدها‬‫المفضـل لراحـة الـروح‪ ،‬والقـراءة بعـد الحصـول‬ ‫الملونــة التــي اشــتهر المغاربــة الأمازيــغ‬‫على كتـب مـن المكتبـات المجـاورة لـه‪ ،‬وأيضـا‬ ‫بحياكتهــا يدويــا‪ ،‬مــع ســجادات صغيــرة مــن‬‫للحصـول على وجبـة بيتيـة جيـدة وسـط الكـم‬ ‫إبــداع أناملهــم أيضــا علقــت على الجــدران‪،‬‬ ‫ومتناغمــا مــع الكراســي الحديديــة والطــاولات‬ ‫المـؤذي صحيـا مـن الوجبـات السـريعة‪.‬‬ ‫الفسيفسـائية البديعـة‪ ،‬بينمـا تسـمح النوافـذ‬‫لا تسـتطيع الصحافيـة الشـابة أن تتحـدث عـن‬ ‫الملـون زجاجهـا بانعـكاس قزحـ ّي للضـوء على‬‫زينـة دون أن تربطـه بصاحبتـه عليمـة عمومي‪،‬‬ ‫الداخـل‪ ،‬وعلى الأوانـي الفخاريـة الرائعـة التـي‬‫وتقـول عـن ذلـك «طريقـة معاملتهـا لزبائنهـا‬‫وكأنهــم مــن أهــل البيــت وأصدقــاء شــ ّدتني‪،‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫وتصــف شــعنان ارتباطهــا بزينــة بالقــول «أنــا مغرمــة بــكل تفاصيــل المــكان‪ ،‬بــدءا مــن‬‫حميميتــه وجماليــة الرســوم والنقــوش على الجــدران‪ ،‬وكل البهــاء المغربــي المحفــور على‬‫أوانــي النحــاس القديمــة‪ ،‬والمشــغول على زجــاج النوافــذ الملونــة‪ ،‬وصــولا إلــى أمســيات‬‫موسـيقى (كنـاوة) بـه أيـام السـبت‪ ،‬لـذا في كل مـرة يحـل صديـق مـن المغـرب أو خارجـه‬ ‫بالــدار البيضــاء‪ ،‬تكــون وجهتنــا زينــة‪ .‬فيهــا أكــون متيقنــة مــن أنــه خيــار رائــع»‪.‬‬‫أروقتـه كالأمهـات‪ .‬تعدلـن مـزاج إبريـق الشـاي‪،‬‬ ‫هـي تظـل قريبـة منهـم وتعمـل شـخصيا على‬‫وتضبطــن مقــدار توابــل الطاجيــن‪ ،‬وتضفــن‬ ‫تحضيـر وجباتهـم بكثيـر مـن الحـب والاهتمـام”‪.‬‬‫هــذه النبتــة الطبيــة والعطريــة أو تلــك إلــى‬ ‫عــن هــذه العنايــة تقــول عمومــي «عشــقي‬‫الحســاء الــذي ينضــج‪ ،‬وتتــركك في عالــم مــن‬ ‫للطبــخ كبيــر‪ ،‬خاصــة أننــي ورثــت كل أســراره‬‫الروائـح تتبـع كل واحـدة منهـا إلـى لـذة وأصالـة‬ ‫عــن والدتــي‪ ،‬وهــو مــا دفعنــي لمغــادرة‬ ‫المطبــخ المغربــي‪.‬‬ ‫وظيفتــي في التدريــس والتفــرغ لزينــة»‪.‬‬ ‫مطبــخ عليمــة عمومــي بمقهــى ومطعــم‬‫ومـن هنـا تبنـي زينـة علاقـة الزبائـن الروحيـة‬ ‫زينــة يجعلــك تظــن نفســك في واحــد مــن‬‫مــع الأكل وصحيتــه وجودتــه‪ ،‬برائحــة المــكان‬ ‫المطابــخ العتيقــة التــي كانــت تحضــر فيهــا‬‫المشــبعة بالبهــارات والأعشــاب‪ ،‬وبأصالــة‬ ‫الجــدات وجبــات لعائــات كبيــرة‪ .‬الركــوات‬‫الحبــوس وصفــاء أجوائــه‪ ،‬وبموســيقى العــود‬ ‫النحاسـية لغلـي القهـوة معلقـة على الجـدران‪،‬‬‫التــي لا يقطــع انبعاثهــا في المقهــى إلا‬ ‫وأوانــي الطبــخ النحاســية المختلفــة يشــعرك‬‫لتتدفــق حــرارة موســيقى كنــاوة مــن ثنائــي‬ ‫لونهـا الدافـئ بأنـك في البيـت‪ ،‬بينمـا تتنقـل‬‫يحـّول أماسـي السـبت بالخصـوص إلـى حفـات‬ ‫عليمـة وسـيدتان تسـاعدانها في المطبـخ بيـن‬ ‫حّيــة‪ ،‬بمنتهــى الــدفء‪.‬‬

‫«ماطيش» مقهى الثقافات في‬ ‫ذاكرة خوان غويتصولو‬‫وكانـوا يتحدثـون في ماطيـش عـن كل شـيء‪،‬‬ ‫كتــب خــوان غويتصولــو الكاتــب الإســباني‬‫ولــم يكــن هنــاك موضــوع يثيــر اســتنكارهم»‪.‬‬ ‫الشــهير الحائــز على جائــزة ثرفانتيــس‪ ،‬التــي‬‫هــذا المقهــى كان يحتــل ‪-‬في تســعينيات‬ ‫تعـ ّد إحـدى أعـرق الجوائـز في الأدب الإسـباني‪،‬‬‫القــرن الماضــي‪ -‬زاويــة عنــد الســوق الجديــد‬ ‫ن ّصــا باســم «جامــع الفنــا» ضمــن كتابــه‬‫المطــل على ســاحة جامــع الفنــا في المدينــة‬ ‫«علامــات هويــة»‪ ،‬وقــال فيــه إن «الفقــدان‬‫الســياحية المغربيــة الشــهيرة‪ ،‬عندمــا نجــد‬ ‫الأفــدح هــو الإغــاق المفاجــئ لمقهــى‬‫نصـا بهـذا العمـق الإبداعـي‪ ،‬الـذي تتحـول فيـه‬ ‫ماطيــش‪ ،‬فرغــم أن مياهــا كثيــرة انهالــت‬‫طاولــة صغيــرة‬ ‫منذئــذ ‪-‬أمطــار وفيضانــات وســيول‪ -‬فــإن‬‫إلـى شـطرنج يـدّور‬‫الحيــاة‪ ،‬وتتحــول‬ ‫سـاحة جامـع الفنـا‬‫فيــه وجــوه‬ ‫لــم تســتفق‬‫العابريــن إلــى‬ ‫بعــد مــن هــول‬‫قصــص تعيشــها‪،‬‬‫وتتحــول كــؤوس‬ ‫الصدمــة»‪.‬‬‫الشـاي إلـى النديم‪،‬‬ ‫كتــب هــذا عــن‬‫تقــارع حولهــا‬ ‫مقهــى ماطيــش‬‫الأفــكار وتــدّور‬ ‫الصغيــر في‬‫النصــوص‪ ،‬وتجــن‬ ‫مدينــة مراكــش‬‫موســيقى كنــاوة‬ ‫(جنــوب المغــرب)‪،‬‬‫وتهــدأ وتدخــل الــذات إلــى المســاحة حيــث لا‬ ‫الــذي حمــل اســما‬‫تعـرف اللامتناهـي مـن اليقينـي في المشـاعر‬ ‫لُقــب بــه صاحبهــا‬ ‫المراكشـي‪ ،‬وكان كمـا يصف غويتصولـو «ملتقى‬ ‫والأمــور‪ ،‬وتســتدعي التف ّكــر‪.‬‬ ‫للعارفيــن الكناوييــن‪ ،‬والمعلميــن وأســاتذة‬‫عنـد ذلـك يسـتطيع زائـر سـاحة جامـع الفنـا أن‬ ‫المعاهـد‪ ،‬وأصحـاب البـازارات والفتيـان النشـطاء‪،‬‬‫يلـوم بحرقـة غويتصولو نفسـها مـن ألحق الأذى‬ ‫وصغــار المهربيــن‪ ،‬والشــطار ذوي القلــوب‬‫بمقهــى ماطيــش وبكثيــر مــن علامــات عــن‬ ‫الطيبـة‪ ،‬وباعـة السـجائر بالمفـرد‪ ،‬والصحفييـن‬ ‫والمصوريـن والأجانـب غيـر السـائحين‪ ،‬ومشـاهير‬ ‫الفقـراء‪ .‬كانـت بسـاطة العيـش تسـوي بينهـم‪،‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫الهوّيـة في مراكـش‪ ،‬تلـك التـي لـم يسـتطع غويتصولـو وكثيـرون غيـره أن يتخلصـوا مـن‬‫ســطوة جمــال وقــوة مــا تعنيــه في حياتهــم‪ .‬تحــ ّول مقهــى ماطيــش اليــوم إلــى دكان‬‫اتصــالات‪ ،‬وتحــ ّول محلهــا الصغيــر إلــى ذكريــات يحتفــظ بهــا فقــط معاصروهــا‪ ،‬أو مــن‬ ‫ســمعوا عنهــا وأحبوهــا أو مــن كتاباتهــم‪.‬‬‫تقـاوم هـذا الأخيـر عبـر مقاهيهـا «كــماطيش»‬ ‫ذلــك يقــول الكاتــب والصحفــي المغربــي‪ ،‬ابــن‬‫في جامـع الفنـا‪ ،‬و»النهضـة» في شـارع جليـز؛‬ ‫مدينـة مراكـش‪ ،‬عبـد الصمـد الكبـاص «اليـوم‬‫مقاهــي الهامــش الأدبــي أو الفائــض الروحــي‪.‬‬ ‫لا أثـر لماطيـش في سـاحة جامـع الفنـا‪ ،‬أتلفـت‬‫كانــت «الحضــارة» وهــي تتقــدم تســوق في‬ ‫معالمهــا نهائيــا‪ ،‬ليقطــع خــوان إلــى الضفــة‬‫طريقهـا أجـزاء مـن هويـة المدينـة‪ ،‬كمـا تبنـي‬ ‫الأخـرى مـن السـاحة‪ ،‬ويصـرف شـهوته اليوميـة‬‫أجـزاء أخـرى لأجيـال تتعاقـب وتمسـح ذاكرتهـا‬ ‫في الانتشــاء بكــؤوس النعنــاع إلــى مقهــى‬ ‫فرنســا‪ ،‬وهنــاك يجلــس عــدد مــن زواره الذيــن‬ ‫الآنيـة السـابقة‪ ،‬وهكـذا دواليـك‪.‬‬ ‫يتقاطــرون عليــه مــن مختلــف أنحــاء العالــم‬‫يقــول بلعيــد‪ ،‬الخمســيني الــذي عمــل في‬ ‫وبمختلــف الصفــات؛ كتــاب كبــار وصحفيــون‬‫شـبابه في عـدد مـن مقاهـي مراكـش‪ ،‬لمجلـة‬‫الجزيــرة إن «ثمــن كأس الشــاي لــم يكــن يبلــغ‬ ‫ودبلوماســيون وغيرهــم»‪.‬‬‫درهمــا واحــدا‪ ،‬بينمــا كان طبــق الشــوربة‬ ‫إن مراكـش لـم تكـن عاديـة يومـا‪ ،‬سـواء تعلـق‬‫المغربيــة أو الحريــرة يبــاع بدرهــم ونصــف‬ ‫الأمـر بأدوارهـا السياسـية أو التجاريـة أو طبيعـة‬‫الدرهــم‪ ،‬وكان عشــرات مــن عابــري الســبيل‬ ‫العيـش فيهـا‪ ،‬خاصـة دخـول محافظتها بشـكل‬‫كمـا أبنـاء مراكـش والعامليـن في سـاحة جامـع‬ ‫مبكـر في صـراع مـع التطـور «الحضـاري» كانـت‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫الفنـا يقضـون الوقـت حولهـا في ماطيـش‪ ،‬وكانـت مكانـا لـكل مـن يهـم بهـا‪ ،‬وكانـت بسـيطة ومنفتحـة‬ ‫نفتقــد روحهــا اليــوم»‪.‬‬‫لكـن لأن التاريـخ لا ينسـى‪ ،‬ولأن لـكل مـكان وشـخص وأمـر موضعـا فسـيحا ودقيقـا في أرشـيفه‪ ،‬نعـود‬‫لنتب ّصـر في إيمـان غويتصولـو كإنسـان وامتـداد للمراكشـيين حيـن يقـول «هنـاك فقـط مدينـة واحـدة‬‫مخصوصـة تعمـل اليـوم على حمايـة تـراث الإنسـانية الشـفوي الموشـك على الانقـراض‪ ،‬والـذي ينعـت‬‫مـن قبـل العديديـن باحتقـار كتـراث عالـم ثالـث‪ ،‬هـي مراكـش وسـاحة جامـع الفنـا‪ ،‬التـي يحلـو لـي‬‫جوارهـا‪ ،‬ومنـذ نحـو عشـرين سـنة أكتـب وأتسـكع وأعيـش»‪ .‬ولـم يعـد يتسـكع هنـاك أو يعيـش فيهـا‬‫جسـديا‪ ،‬لكنـه كتـب الأجمـل والأعمـق منهـا‪ ،‬والحيـاة أبعـد مـن العيـش عندمـا يتعلـق الأمـر بقيمـة مـا‬ ‫نتركـه خلفنـا‪.‬‬

‫باليما‪ ..‬حين كان‬ ‫فضاًء للثقافة‬‫المدينـة وقربـه مـن قصـر العدالـة أو مبنـى‬ ‫أثنــاء فتــرة الاســتعمار الفرنســي للمملكــة‬‫البرلمــان حاليــا‪ ،‬بــل أيضــا لأنــه جمــع في‬ ‫المغربيــة‪ ،‬بالتحديــد في أكتوبــر ســنة ‪1932‬‬‫حينـه الأصالـة المغربيـة واللمسـة الفرنسـية‬ ‫فتـح فنـدق ومقهـى «باليمـا» أبوابهمـا في‬‫في البنــاء والتأثيــث‪ ،‬فــكان باليمــا ملتقــى‬ ‫ربــاط الخيــر‪ ،‬الاســم الــذي تحملــه ثقافيــا‬‫الساسـة وكبـار زوار المغـرب ومجمـع الأدبـاء‬‫والمثقفيــن والصحافييــن والبســطاء‪ ،‬كان‬ ‫عاصمــة المغــرب‪.‬‬ ‫فعلــى دأب العائــات الفرنســية التــي‬ ‫مقهــى متنوعــا وللجميــع‪.‬‬ ‫اســتوطنت المغــرب في حينــه‪ ،‬قــررت‬ ‫مطلــع‬‫ا لســبعينيا ت‬ ‫ثــاث عائــات‪،‬‬‫كان الصحــافي‬ ‫هــي بــاردي‬‫المغربــي محمــد‬ ‫‪ bardi‬وليوريــل‬‫العلــوي الشــهبي‬ ‫‪ liorel‬وماتيــاس‬‫واحــدا مــن رواد‬ ‫‪ ،matiase‬افتتــاح‬‫مقهــى باليمــا‬ ‫فنــدق بهــا‪،‬‬‫ا لمخلصيــن ‪،‬‬ ‫وبجمــع الأحــرف‬‫ويقــول لـ»مجلــة‬ ‫الأولــى مــن‬‫الجزيــرة» إنــه‬ ‫أســمائها تكــون‬‫ارتــاد المــكان‬ ‫اســمه «باليمــا»‬‫لأول مــرة خــال‬ ‫الــذي مــا زال إلــى‬‫مرحلــة التحاقــه بكليــة الحقــوق ومركــز‬ ‫اليــوم مرفوعــا‬‫تدريــب الصحفييــن‪ ،‬لســكنه القريــب مــن‬ ‫أعلى مبنـى الفنـدق ومقهـاه بشـارع محمـد‬‫شـارع محمـد الخامـس‪ ،‬وبحكـم هـذا الجـوار‬ ‫الخامـس في الربـاط‪ ،‬كواحـدة مـن العلامـات‬‫توطـدت علاقاتـه مـع كل العامليـن بفضـاء‬ ‫الدالــة على المغــرب مــا قبــل وبعــد‬ ‫الاســتعمار الفرنســي‪.‬‬ ‫با ليمــا ‪.‬‬ ‫عندمــا فتــح مقهــى باليمــا أبوابــه كان‬‫هـذه العلاقـة التـي تشـمل كل رواد المقهى‪،‬‬ ‫مكانــا لافتــا‪ ،‬ليــس فقــط لتوســطه مركــز‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫هــذه العلاقــة التــي تشــمل كل رواد المقهــى‪ ،‬ويمكــن وصفهــا بالجوهــر الجامــع بيــن المقهــى‬‫ورواده‪ ،‬يتحــدث عنهــا قائــا إن «المقهــى كان جاذبــا بموقعــه الاســتراتيجي‪ .‬وغــداة تدشــينه‬‫صـار فضـاء ممتـازا ومختـارا لضـرب المواعيـد واللقـاءات السياسـية والمهنيـة والفنيـة والصحافيـة‪،‬‬‫وحتــى الغراميــة والجاسوســية للمعمريــن الفرنســيين والنازحيــن مــن مختلــف الجنســيات‪ ،‬وكــذا‬ ‫المغاربــة مــن فئــة معينــة لقــد كان فضاءنــا جميعــا»‪.‬‬‫ونســتعمل هنــا فعــل الماضــي‪ ،‬لأنــه فعليــا‬ ‫المقهــى الفضاء‬‫لا وجـود اليـوم لخدمـات مقهـى باليمـا‪ ،‬بعـد‬‫أن أغلــق فعليــا ســنة ‪ ،2016‬وتعــددت أســباب‬ ‫باليمـا كمـا تظهـر الأفـام التسـجيلية القديمـة‬‫الإغــاق‪ ،‬بينهــا أنــه منــذ افتتــاح الفنــدق‬ ‫مـن الربـاط‪ ،‬فنـدق مـن سـبعة طوابـق‪ ،‬صممـه‬‫والمقهــى لــم يخضعــا لإصلاحــات كثيــرة‬ ‫المهنـدس الفرنسـي ليناريـس ‪ ،Linares‬وهيئت‬‫تحافــظ على عراقتهمــا ورونقهمــا‪ ،‬كمــا لــم‬ ‫الفســحة خارجــه لتكــون امتــدادا لمقهــاه‪،‬‬‫يحفـظ التطـور العمرانـي والمعيشـي لجلسـته‬ ‫فتنتشــر الكراســي تحــت الأشــجار الظليلــة‪،‬‬‫نضارتهــا وأصالتهــا‪ ،‬فبــدا أن المقهــى يتجــه‬ ‫وتتصـل الجلسـات حتـى صالـون الفنـدق بآرائكه‬ ‫الخمريـة وجدرانـه التـي فـردت مسـاحة واسـعة‬ ‫رويــدا رويــدا إلــى الانحــدار ثــم الإغــاق‪.‬‬ ‫منهــا للنوافــذ ذات الطــراز المغربــي المقــوس‪،‬‬‫يضـاف إلـى ذلـك جانـب آخـر يحكيـه الصحافي‬ ‫بزجاجهــا العلــوي الملــون الــذي يعكــس الضــوء‬‫محمـد العلـوي الشـهبي بعـد تعـذر التواصـل‬ ‫مختــالا‪ ،‬بينمــا تحولــه المصابيــح النحاســية‬‫مـع مـدراء فنـدق باليمـا‪ ،‬فيقـول إن «محكمـة‬ ‫المشـغولة يدويـا والمعلقـة إلـى الجانبيـن إلـى‬‫الاسـتئناف بالمدينـة قضـت سـنة ‪ 2016‬بحكـم‬‫الإخــاء على أصحــاب المقهــى الحالــي‪،‬‬ ‫انثيــالات مــن الضــوء‪.‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫واستقبل الفندق ومقهاه زبائن من نوع خاص‪ ،‬ففي عام‬ ‫‪ 1959‬استقبل فندق باليما الرمز الثوري الكوبي‬ ‫أرنيستو تشي غيفارا‬‫الرئيــس الأميركــي الأســبق جــورج بــوش‬ ‫وقضـت أيضـا بعـودة ملكيتـه لعائلـة ماتيـاس‬ ‫وغيرهــم‪.‬‬ ‫الفرنســية‪ ،‬التــي عبــر وريثهــا وحفيدهــا عــن‬ ‫أملــه في إحيــاء وتجديــد هــذا الفضــاء ورفــع‬‫واســتقبل الفنــدق ومقهــاه زبائــن مــن نــوع‬‫خـاص‪ ،‬ففـي عـام ‪ 1959‬اسـتقبل فنـدق باليمـا‬ ‫تصنيفــه الفندقــي»‪.‬‬‫الرمــز الثــوري الكوبــي أرنيســتو تشــي غيفــارا‬‫‪ ،Ernesto Che Guevara‬أو لنقــل إنــه ظــل‬ ‫الدفتر الذهبي‬‫مســجونا في غرفتــه رقــم ‪ 550‬لمــدة يوميــن‬‫بأوامـر مـن القصـر الملكـي‪ ،‬قبـل أن يفـرج عنـه‬ ‫رغـم أن المـكان عنـد سـاحة الفنـدق لا يضـج‬‫وينقــل إلــى إحــدى فيــات حــي السويســي‬ ‫الآن بصــوت الــرواد والزبائــن‪ ،‬فــإن صداهــم‬ ‫يسـمع بيـن صفحـات الدفتـر الذهبـي لباليمـا‪،‬‬ ‫الراقــي في المدينــة‪.‬‬ ‫الــذي تــرك عليــه مشــاهير مــن كل العالــم‬‫كمــا اســتقبل قيــادات سياســية مغربيــة كان‬ ‫لمحــات مــن إعجابهــم وتقديرهــم للمــكان‪.‬‬‫لهــا وزنهــا إبــان الاســتعمار الفرنســي‪ ،‬أمثــال‬ ‫وقعهــا على ســبيل المثــال لا الحصــر رئيــس‬‫الباشـا التهامـي الـكلاوي‪ ،‬صاحـب مراكـش كمـا‬ ‫الحكومــة الفرنســية الأســبق بييــر مينديــس‬‫كان يســمى‪ ،‬والقائــد العيــادي قائــد قبيلــة‬ ‫فرانــس‪ ، Pierre Mendès France‬ونجلــه‬‫الرحامنــة غيــر بعيــد عــن المدينــة ومنافــس‬ ‫ميشــيل‪ ،‬والفنانــة الأميركيــة جوزفيــن بيكــر‪،‬‬‫الباشــا‪ ،‬وهنــا يقــول الشــهبي الــذي يرافقنــا‬ ‫‪ Joséphine Baker‬التــي كانــت تنــزل بــه‬‫في جولــة باليمــا إنــه «لا غــرو أن «الســاعات‬ ‫أثنـاء زياراتهـا المتعـددة للمغـرب بيـن سـنوات‬‫الحرجـة»‪ ،‬عنـوان كتـاب المهـدي بنونـة عـن‬ ‫‪ 1941‬و‪ ،1954‬والفنــان الفرنســي ‪Charles‬‬‫تاريـخ المغـرب المحتـل والمسـتقل‪ ،‬صنـع عـدد‬ ‫‪ Trenet‬شــارل ترينــي‪ ،‬أثنــاء حلولــه بالربــاط‬‫منهــا وعيــش في غــرف باليمــا ومقهــاه وكل‬ ‫سـنة ‪ ،1956‬والممثلـة الفرنسـية آنـي جيـراردو‬ ‫‪ Annie Girardot‬أثنــاء مرورهــا بالعاصمــة‬ ‫فضائــه»‪.‬‬ ‫ســنة ‪ ،1958‬والراقصــة والكوميديــة بونــي‬‫وعندمـا نقـول الفضـاء فإننـا ننطلـق بالضـرورة‬ ‫ســكوت ‪ ،Bonnie Scott‬والممثــل الفرنســي‬‫إلـى أبعـد مـن الفنـدق والمقهـى‪ ،‬إلـى الحالـة‬ ‫جـان مـاري ‪ ،Jean Marais‬وفيفيـان رومانـس‬ ‫‪ ،Viviane Romance‬وبييــر ليوطــي ‪Pierre‬‬ ‫الثقافيـة باليمـا في الربـاط‪.‬‬ ‫‪ ،Lyautey‬وجينــا بــوش ‪ Jenna Bush‬ابنــة‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫هنـا يقـول العلـوي الشـهبي «منـذ السـبعينيات‬ ‫المقهى الراديو‬‫والثمانينيـات تميـز هـذا الفضـاء بتشـكيل حلقات‬‫فكريــة وسياســية وفنيــة‪ ،‬وكان مــن حســن‬ ‫منــذ ثلاثينيــات القــرن العشــرين وحتــى‬‫حظـي أننـي انجذبـت إلـى مجموعـات متكاملـة‬ ‫ثمانينياتــه‪ ،‬ارتــاد مقهــى باليمــا رواد الحركــة‬‫فكريــة وسياســية وفنيــة‪ ،‬مــن أبــرز أعلامهــا‬ ‫الوطنيــة مــن سياســيين وزعمــاء أحــزاب‪،‬‬‫عبـد السـام الخطابـي نجـل الأميـر محمـد بـن‬ ‫كمــا ارتــاده الأدبــاء والمثقفــون والفنانــون‬‫عبـد الكريـم الخطابـي أسـد الريـف‪ ،‬والصحـافي‬ ‫والصحافيـون والنخـب الاجتماعيـة‪ .‬نذكـر هنـا‬‫الكاتـب محمـد أديـب السـاوي‪ ،‬ومحمـد العربـي‬ ‫على ســبيل المثــال الراحليــن الكبيريــن عمــر‬‫الخطابــي وزيــر الإعــام ومحافــظ الخزانــة‬ ‫بنجلــون والمهــدي المنجــرة‪ ،‬وهــي الزيــارات‬‫الملكيــة‪ ،‬وفي حلقــة الإعــام كنــت أجالــس‬ ‫التــي اســتمر تنــوع أســماء أصحابهــا حتــى‬‫عميـد الصحافييـن الأجانـب في المغـرب سـتيف‬ ‫التسـعينيات‪ ،‬فـزارت باليمـا لقربـه مـن مسـرح‬‫هوغــز ‪ Steve Hughs‬مديــر مكتــب وكالــة‬ ‫محمـد الخامـس ومقـر وزارة الثقافيـة المغربية‪،‬‬‫رويتـرز للأنبـاء‪ ،‬والإسـباني دومينغـو ديـل بينـو‬ ‫مفكــرون وفنانــون عــرب ومغاربــة‪ ،‬كماجــدة‬‫‪ Domingo del Pino‬مديـر مكتـب وكالـة الأنبـاء‬ ‫الرومــي وأحمــد فــؤاد نجــم‪ ،‬ودريــد لحــام‪،‬‬‫«‪ EFE‬وكان كل هــذا عبــارة عــن نشــرة أخبــار‬ ‫وأحمــد البيضــاوي‪ ،‬وعبــد النبــي الجيــراري‪،‬‬ ‫ومحمــد زفــزاف‪ ،‬والطيــب الصديقــي‪ ،‬وحســن‬ ‫وطاولــة نقــاش في الهــواء الطلــق»‪.‬‬ ‫الجنــدي‪ ،‬والعربــي باطمــا‪ ،‬وعبــد الهــادي‬ ‫سلطان باليما‬ ‫بلخيــاط‪ ،‬ومحمــد شــكري وغيرهــم‪.‬‬ ‫ولأنــه الفضــاء‪ ،‬أي الــذي يجمــع كل المشــارب‬‫لــم يكــن ســلطانا بمــا تعنيــه الكلمــة مــن‬ ‫وتصبــح شاســعة آفاقــه بشســاعة نقاشــاته‪،‬‬‫صفـة وسـلطة‪ ،‬وإنمـا كان شـخصا حـرص على‬ ‫فقــد كان وزراء وبرلمانيــون يحرصــون على‬‫أن يظهـر بهيئـة سـلطوية وأمنيـة تنطـق عـن‬ ‫احتســاء قهوتهــم في باليما‪/‬الراديو‪/‬الإذاعــة‪،‬‬‫الغنــى وتشــي بالنفــوذ‪ ،‬كانــت تلــك وســيلته‬ ‫بمعنـى أنـه في هـذا الفضـاء تـروج كل الأخبـار‬‫في اصطيــاد ضحايــاه‪ ،‬فقــد كان محتــالا لكــن‬ ‫وتسـتعرض الآراء‪ ،‬فـكان بإمكانهـم مـع البقيـة‬ ‫أن يسـتلهموا نبـض الشـارع ويتمـوا نقاشـاتهم‬ ‫أيضـا مـن نـوع خـاص‪.‬‬‫اسـمه عبـد السـام الديـب‪ ،‬وكان يوهـم زبائنه‬ ‫بشــأن همــوم الشــارع في المقهــى‪.‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫هذا لا يعني أن باليما كانت حكرا على النخب السياسية‬ ‫والثقافية والمجتمعية‪ ،‬بل إن ما يقصده الشهبي هو‬‫تحول نقاشات الجميع‪ ،‬نخبا وعامة وبسطاء‪ ،‬إلى ضفاف‬ ‫أخرى غيرت ملامح الوجه الفكري والثقافي لباليما‬‫تغــادر فضــاء المقهــى‪ ،‬وأضحــى مســرحا‬ ‫ومعظمهـم مـن البرلمانييـن بـأن لـه علاقـات‬‫مفضــا لموجــة المظاهــرات والاحتجاجــات‬ ‫مـع المؤسسـة الملكيـة‪ ،‬وأن بإمكانـه خدمتهم‬ ‫والتوسـط لأجلهـم لتوسـيع نفوذهـم أو تأديـة‬ ‫والمتســكعين أيضــا»‪.‬‬ ‫خدمـة لهـم‪ ،‬وكانـت باليمـا تسـتقبله كغيـره‬ ‫مــن الــزوار‪ ،‬فهــو لــم يتعــرض بالســوء يومــا‬‫هــذا لا يعنــي أن باليمــا كانــت حكــرا على‬ ‫لأحــد‪ ،‬بــل إن وجــوده حســب مــا يحكــى كان‬‫النخـب السياسـية والثقافيـة والمجتمعيـة‪ ،‬بـل‬ ‫مدعـاة للفرجـة والتلطـف والتنـدر أيضـا‪ ،‬ومـن‬‫إن مــا يقصــده الشــهبي هــو تحــول نقاشــات‬ ‫أشـهر مـا يـروى عنـه في هـذا البـاب القصـة‬‫الجميــع‪ ،‬نخبــا وعامــة وبســطاء‪ ،‬إلــى ضفــاف‬ ‫التـي تقـول إنـه أقنـع سـائحا فرنسـيا بشـراء‬‫أخـرى غيـرت ملامـح الوجـه الفكـري والثقـافي‬ ‫مدافــع قصبــة الودايــة التاريخيــة في الربــاط‪،‬‬‫لباليمــا‪ ،‬وعملــت على ســلبه أفــق وحيويــة‬‫مســمى الفضــاء‪ ،‬وعــادت بــه ليكــون واحــد‬ ‫وهــي ملــك للمدينــة وتراثهــا‪.‬‬‫مـن مقاهـي الأحيـاء التـي قـد تصـادف فيهـا‬ ‫لكل شيء إذا ما تم نقصان‬ ‫أي أحــد وتســمع فيهــا أي حديــث‪.‬‬ ‫يقــول محمــد العلــوي الشــهبي «مــع الأســف‬‫وبينمــا يســير الشــهبي اليــوم بيــن الأشــجار‬ ‫تغيــرت الأزمــان‪ ،‬وتغيــر معهــا المســتوى‬‫التـي مـا زالـت متسـمرة في إخـاص لتربتهـا‬ ‫الفكــري لــرواد فضــاء باليمــا‪ ،‬فبينمــا كانــت‬‫عنـد باليمـا‪ ،‬دون كراسـي تتـوزع بينهـا‪ ،‬يسـير‬ ‫النقاشــات ســابقا ذات مســتوى رفيــع‪ ،‬ولا‬‫معـه حنيـن الكثيـر مـن الـرواد نحـو اسـتعادة‬ ‫مجـال فيهـا لبـذيء أو كلمـة نابيـة‪ ،‬باتـت منـذ‬ ‫بدايـة التسـعينيات هـذه النقاشـات وأصحابهـا‬ ‫باليمــا الفضــاء الفكــري والثقــافي‪.‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬ ‫«دالية» قصبة طنجة‪ ..‬الجمال‬ ‫الذي رآه ماتيس ويفتقده الّرفاق‬‫أفــراد عائلــة مرموقــة في طنجــة‪ ،‬تحــول‬ ‫أليـس مـن الجميـل أن تمنـح داليـة عنـب وارفـة‬‫في ثلاثينيــات القــرن العشــرين إلــى مقهانــا‬ ‫اسـمها وهويتهـا لمـكان حميـم يجتمـع فيـه أهل‬ ‫الحــ ّي والّرفــاق؟ أوليــس مــن المحــزن أن يمحــى‬ ‫المقصــود «داليــة»‪.‬‬ ‫هـذا المـكان ويندثـر الاسـم «مقهـى داليـة»؟‬‫يقـول المـؤرخ المغربـي المتخصـص في تاريـخ‬ ‫في مدينــة طنجــة شــمال المغــرب‪ ،‬هنــاك‬‫مدينــة طنجــة رشــيد العفاقــي ‪-‬لمجلــة‬ ‫الق ْصبــة (بتســكين الصــاد)‪ ،‬منطقــة مذهلــة‬‫الجزيـرة‪ -‬إن «المقهـى تر ّسـم كمقهـى للحـي‬ ‫الجمـال وسـاحرة الخبايـا‪ ،‬تعنـي تاريخيـا النطاق‬‫ولــكل أبنــاء المدينــة في أواســط الأربعينيــات‬‫القــرن‬ ‫مــن‬ ‫المســّور الخــاص‬‫العشــرين‪ ،‬وحمــل‬ ‫بالحاكــم‪ ،‬واســم‬‫اسـم داليـة العنـب‬ ‫أحــد أبوابــه «بــاب‬‫التــي اعترشــت‬ ‫العصــا»‪ ،‬دلالــة‬‫جــدران مبنــاه‬ ‫على العقوبــات‬‫والنوافــذ‪ ،‬وظللــت‬ ‫التــي كانــت في‬‫كراسـيه وقعداتـه‪.‬‬ ‫حينئــذ تنفــ ّذ على‬‫وفي عــام ‪2012‬‬ ‫بعـض المحكوميـن‪،‬‬‫تحــ ّول المقهــى‬ ‫وفي هــذا بعــض‬‫إلــى مطعــم دار‬ ‫التراجيديــا‪ ،‬فموقــع‬‫ليــدام والمســتمّر‬ ‫هــذا البــاب مــن‬‫إلــى اليــوم»‪.‬‬ ‫أجمــل أماكــن‬ ‫المدينــة‪ ،‬تعتــرش لونــه الترابــي الجميــل‬‫ولموقــع «داليــة» ســحر خــاص‪ ،‬فهــي على‬ ‫الداليـات اليانعـة‪ ،‬وكان بالإمـكان منـه رؤيـة مرفأ‬‫القمة‪/‬المرتفــع الــذي تقــع المدينــة في‬ ‫المدينــة والجبــال القريبــة والبيــوت المســ ّجاة‬‫سـفحه‪ ،‬ويتيـح رؤيـة بانوراميـة لهـا وللخليـج‬ ‫بالأســفل‪ ،‬لكــن العقــاب كان لصيقــا بــه‪.‬‬‫البحــري‪ .‬ويفصــل العفاقــي عــن ذلــك بالقــول‬ ‫خــارج البــاب في حــي يســمى «جنــان‬‫إن «موضعهــا يقــع في نقطــة وســط بيــن‬ ‫القبطـان» يسـتقر بيـت انتهـت ملكيتـه لأحـد‬‫كتلتيــن تشــكلان المدينــة‪ ،‬وهمــا‪ :‬المدينــة‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫هــذه العلاقــة التــي تشــمل كل رواد المقهــى‪ ،‬ويمكــن وصفهــا بالجوهــر الجامــع بيــن المقهــى‬‫ورواده‪ ،‬يتحــدث عنهــا قائــا إن «المقهــى كان جاذبــا بموقعــه الاســتراتيجي‪ .‬وغــداة تدشــينه‬‫صـار فضـاء ممتـازا ومختـارا لضـرب المواعيـد واللقـاءات السياسـية والمهنيـة والفنيـة والصحافيـة‪،‬‬‫وحتــى الغراميــة والجاسوســية للمعمريــن الفرنســيين والنازحيــن مــن مختلــف الجنســيات‪ ،‬وكــذا‬ ‫المغاربــة مــن فئــة معينــة لقــد كان فضاءنــا جميعــا»‪.‬‬‫ومنهــا رســم صــورة لبــاب العصــا في الجــدار‬ ‫(بتســكين الميــم) حيــث مســاكن العامــة‪،‬‬‫الداخلــي للطابــق العلــوي مــن المقهــى‪ ،‬إمــا‬ ‫والقصبـة حيـث مقـر السـلطان أو حاكـم البلد»‪.‬‬‫انطلاقـا مـن صورة‪/‬خطاطـة أوليـة لـه‪ ،‬ثـم نقلها‬‫على الحائــط‪ ،‬أو مــن خــال صــورة فوتوغرافيــة‪،‬‬ ‫دالية ماتيس‬‫ونفتــرض أنــه كان ينتقــل إلــى البــاب للتحقــق‬‫مــن بعــض معالمــه التــي رســمت مــن جهتهــا‬ ‫ربمــا لــم يكــن ليســمع أحــد عــن مقهــى‬‫الداخليــة‪ ،‬وهــو مــا يدعمــه قــرب المقهــى مــن‬ ‫داليـة‪ ،‬لـولا أن الرسـام الفرنسـي هنـري ماتيـس‬‫البـاب» وهـذه اللوحـة ‪-‬بحسـب العفاقـي‪ -‬ظلـت‬ ‫‪-‬قطــب المدرســة الوحشــية التــي اعتمــدت‬‫معلقـة على أحـد جـدران داليـة إلـى أن نزعتهـا‬ ‫في لوحاتهــا على التبســيط في الفــن‪-‬‬ ‫وصــل طنجــة شــتاء ســنة ‪ ،1912‬وغادرهــا‬ ‫الإصلاحــات المتواليــة على المــكان‪.‬‬ ‫ليعـود السـنة المواليـة ويكشـف عـن طنجـة‬‫مــع لوحــات ماتيــس كانــت شــهرة مقهــى‬‫داليــة وشــهرة طنجــة تســيران جنبــا إلــى‬ ‫بتفاصيلهــا للعالــم‪.‬‬‫جنـب‪ ،‬بالأخـص عندمـا رسـم لوحتـه الشـهيرة‬ ‫في رحلتـه‪ ،‬أقـام ماتيـس ‪-‬بحسـب المؤرخ رشـيد‬ ‫العفاقـي‪ -‬بمبنـى مقهـى داليـة‪ ،‬وقـد كان في‬ ‫«نظــرة على خليــج طنجــة»‪.‬‬ ‫حينــه «دارا لأحــد أعيــان حــي جنــان قبطــان‪،‬‬

‫ملف العدد ‪ -‬مقاهي ‪ ...‬وجه المجتمع‬‫هـي ذاتهـا داليـة‪ ،‬لكـن الجمـال بـاق وينضـح‬ ‫رجــل رســم طنجــة مــن جوانــب مختلفــة‪،‬‬‫مــن طنجــة‪ ،‬مــن دروبهــا وأســواقها ومــن‬ ‫بتفاصيـل دقيقـة ومتدفقـة بالحيـاة‪ ،‬هـو رجل‬‫قصبتهـا وأبوابهـا‪ .‬بـاب العصـا حاليـا يعترشـه‬ ‫عشـقها‪ .‬وفي حديثـه ‪-‬لمجلـة الجزيـرة‪ -‬يقول‬‫الياسـمين الأبيـض يطهـره مـن قسـوة وسـلطة‬ ‫الفنـان التشـكيلي والناقـد المغربـي بنيونـس‬‫اسـمه‪ ،‬وبـاب البحـر غيـر بعيـد يشـرع المدينـة‬ ‫عميــروش‪ ،‬في قراءتــه للتبــادل الروحــي بيــن‬‫على الأطلســي والمتوســط‪ ،‬ويــرش على كل‬ ‫ماتيــس وطنجــة المتجّلــي في لوحاتــه‪ ،‬إن‬‫رصيـف وجـدار ريـح الملـح الموقـظ والمحيـي‪.‬‬ ‫«طنجــة منحــت ماتيــس يقظــة تعبيريــة‪،‬‬ ‫ومكنتــه مــن شــحذ أســلوب خــاص ومفــارق‪،‬‬‫يقـول المرشـد السـياحي عبـد العزيـز ‪-‬لمجلـة‬ ‫خاصـة أنـه زارهـا وهـو يشـرف على الخمسـين‬‫الجزيـرة‪ -‬إ ّن «الحيـاة في طنجـة حكايـة آسـرة‬ ‫مـن عمـره‪ ،‬أي في أوج النضـج التعبيـري‪ .‬وفيهـا‬‫لا تنتهـي لكثـرة مـا تتجـ ّدد‪ ،‬لكنهـا حكايـة لـم‬ ‫اكتشــف ضــوءا بشــفافية جديــدة ومختلفــة‪،‬‬‫تجــد حّراســا كمــا في القصــص‪ .‬بــي حســرة‬ ‫ممـا دفعـه لمعالجـة الألـوان طبقا لنـور طنجة‬‫وأسـى على مـآلات المدينـة والقصبـة ومآثرها»‪.‬‬ ‫الناعــم‪ ،‬وبخاصــة في أعمالــه المتعلقــة‬‫يتقاســم مشــاعر عبــد العزيــز هــذه‪ ،‬عبــد‬ ‫بالمشــاهد الطبيعيــة والمعماريــة»‪.‬‬‫الســام الســتيني الــذي حاورنــاه في دار‬ ‫الأزرق النيلــي والأبيــض الجيــري‪ ،‬لونــان حضــرا‬‫ليـدام ‪-‬داليـة سـابقا‪ -‬ويقـول إن «الخسـارة‬ ‫في لوحــات ماتيــس عــن طنجــة‪ ،‬يصفهمــا‬‫عميقــة‪ ،‬أفتقــد حميميــة مقهــى داليــة‪.‬‬ ‫عميــروش بالقــول «وكأنــه كان يعيــد بنــاء‬‫قصدهــا كل أبنــاء الحــي مراهقيــن ثــم‬ ‫المرئــي المعمــاري بالحــرص الــذي يجعلــه‬‫شــبابا‪ ،‬كّنــا رفاقــا وتقاســمنا فيهــا وقتنــا‬ ‫داخــل الصياغــة الكروماتيكيــة القائمــة على‬‫وتجاربنــا‪ ،‬وبصمــت ذاكرتنــا‪ .‬واليــوم أقصــد‬ ‫المعيــار الضوئــي‪ ،‬الضــوء الطنجــي‪ ،‬عاكســا‬ ‫دار ليــدام مســتذكرا داليــة»‪.‬‬ ‫نفســيته الرائقــة والمرحــة والمتطلعــة»‪.‬‬‫أولــم يقــل كيــن فنتــوري «يمكننــا أن ننفــق‬ ‫الأمس واليوم‬‫المـال لكـن لا يمكننـا أن ننفـق مـن الذكريـات»‪.‬‬ ‫عنــد بــاب العصــا توقفنــا مليــا لنــرى مــا رآه‬ ‫ماتيــس‪ ،‬النظــرة تغيــرت‪ ،‬ودار ليــدام ليســت‬



‫صحراء النيجر‪ ..‬ثروة‬‫تحتها وفقر فوقها‬‫نيجــري يصارعــون المــوت جوعــا‪ ،‬جــراء واحــد‬ ‫رميساء خلابي‪-‬نيامي‬‫مــن أشــد مواســم الجفــاف التــي ضربــت‬‫البـاد‪ ،‬ومـا فاقـم الوضـع هجـوم الجـراد على‬ ‫أمـام البـاب الكبيـر لغرانـد مارشـي‪ ،‬أكبـر سـوق‬‫المحاصيــل الزراعيــة وإتلافهــا‪ .‬وعــن تلــك‬ ‫في عاصمــة النيجــر نيامــي‪ ،‬يقــف يوســوفو‬‫الســنة‪ ،‬يســمع المــرء قصصــا مأســاوية‪ ،‬مــن‬ ‫أمــام طاولتــه المتنقلــة‪ ،‬يعــرض كومــة مــن‬‫قبيــل أن النــاس بلــغ بهــم الجــوع أن أكلــوا‬ ‫الجـراد للبيـع‪ ،‬وبقربـه يقـف ابنـه ذو ‪ 13‬ربيعـا‪،‬‬‫أوراق الأشــجار‪ ،‬وأنهــم نبشــوا بيــوت النمــل‬ ‫يبيــع البرتقــال بــدل أن يكــون في المدرســة‪.‬‬‫الأبيـض بحثـا عـن الحبـوب‪ ،‬وأنهـم في بعـض‬ ‫ليــس الجــراد طبقــا اعتياديــا هنــا‪ .‬ويقــول لــي‬‫المناطــق تعرضــوا لهجمــات القــردة الجائعــة‬ ‫يوسـوفو إنهـم كانـوا لا يعرفـون مـاذا سـيفعلون‬ ‫بأسـراب الجـراد الهاجمـة على المحاصيـل‪ .‬كانـوا‬ ‫أيضــا‪.‬‬ ‫يرونهـا لعنـة حلـت عليهـم فـوق لعنـة الجفـاف‪.‬‬‫في تلـك السـنة نشـطت المنظمـات الإنسـانية‬ ‫ثـم يضيـف «اليـوم نحـن نتسـابق عليـه‪ ،‬نبيعـه‬‫الدوليــة لجمــع ‪ 190‬مليــون دولار لصــد خطــر‬ ‫بثمــن بيعنــا للطماطــم‪ ،‬ونخــزن منــه كميــات‬‫المجاعـة‪ ،‬وتوافـدت مؤسسـات خيريـة عربيـة‬‫كثيــرة على البــاد‪ ،‬وأعلــن صنــدوق النقــد‬ ‫في بيوتنـا اسـتعدادا لأي جفـاف قـادم»‪.‬‬‫الدولــي إعفــاء النيجــر مــن ‪ %100‬مــن ديونــه‪.‬‬ ‫والتفــت أحمــدو ‪-‬الــذي كان منشــغلًا ببيــع‬‫لكــن البــاد التــي يعانــي اقتصادهــا مــن‬ ‫برتقالــه لأحــد الزبائــن‪ -‬إلــ ّي وقــال «أنظــري‪،‬‬‫معضــات شــتى وتفتقــد للبنيــة التحتيــة‬ ‫جمعـت مـا يكفـي مـن النقـود لشـراء حقيبـة‬‫الجيــدة‪ ،‬لــم تغيــر المســاعدات الكثيــر مــن‬‫واقعهــا‪ ،‬فبعــد خمــس ســنوات‪ ،‬تضاعفــت‬ ‫رز للعائلــة»‪.‬‬‫الديــون مــرة أخــرى‪ ،‬لتشــكل ‪ %85‬مــن الناتــج‬‫الإجمالــي‪ .‬ومــا زالــت البــاد تــراوح مكانهــا‪،‬‬ ‫المعونات ليست حلا‬‫حيــث إن ‪ %60‬مــن الســكان يعيشــون تحــت‬‫عتبــة الفقــر‪ ،‬ونصــف الموازنــة معونــات‬ ‫في عــام ‪ ،2005‬كان أكثــر مــن ثلاثــة ملاييــن‬ ‫أجنبيــة‪.‬‬‫وتعـد ‪ 80%‬مـن مسـاحة النيجـر أراضـي قفـارا‪،‬‬

‫النوويـة بتوسـيع التنقيـب‪ ،‬فوجـدت مخزونـات‬ ‫بســبب ظاهــرة التصحــر ونــدرة الميــاه‪ ،‬بينمــا‬‫هائلـة في مناطـق كثيـرة مثـل آزليـك‪ ،‬آرليـت‪،‬‬ ‫يناضــل نشــطاء مســتقلون لإيصــال رســالتهم‬‫أرييـج‪ ،‬تاسـا‪ ،‬إيمـورارن‪ ،‬آكوتـا‪ ،‬وغيرهـا‪ ..‬فكانـت‬ ‫بــأن في تلــك الأراضــي القاحلــة معــادن‬ ‫نفيســة‪ ،‬هــي الثــروة الحقيقيــة للنيجرييــن‪.‬‬ ‫النيجـر ضربـة حـظ غيـر متوقعـة لفرنسـا”‪.‬‬ ‫استغلال جائر‬ ‫في لقـاء مـع الناشـط الحقوقـي علـي إدريسـا‪،‬‬ ‫قــال لــي “عندمــا شــرع المكتــب الفرنســي‬‫عـام ‪ 1960‬اسـتقلت النيجـر‪ ،‬وفـق معاهـدة سـرية‬ ‫للأبحـاث الجيولوجيـة بالتنقيـب عـن النحـاس‬‫كمعظــم الــدول التــي غادرتهــا فرنســا طوعيــا‪،‬‬ ‫في خمســينيات القــرن الماضــي‪ ،‬لــم يجــد‬‫وعـن ذلـك يخبرني إدريسـا “كان اسـتقلالا شـكليا‪،‬‬ ‫أثـرا لـه‪ ،‬ولكـن وجـد معدنـا أثمـن منـه‪ ،‬وهـو‬‫حيــث ضمنــت فرنســا الأولويــة في اســتغلال‬ ‫اليورانيـوم‪ ،‬فقامـت الهيئـة الفرنسـية للطاقـة‬‫ثرواتنـا‪ ،‬وقـد تكشـف ذلـك بعيـد سـنوات قليلـة”‪.‬‬‫لكــن الرئيــس ديــوري حمانــي أراد التعاقــد‬ ‫وأسســت شــركة ســومير (مناجــم آييــر) ســنة‬‫مــع الشــركة الصينيــة الوطنيــة النوويــة‪،‬‬ ‫‪ 1968‬لاسـتخراج اليورانيـوم مـن أربعـة مناجـم‪،‬‬‫فقــد اكتشــف أن الصفقــة التــي عقــدت مــع‬ ‫‪ %63,6‬مــن الشــركة تملكهــا شــركة آريفــا‬ ‫الفرنســية‪ ،‬وبقيــة الأســهم تملكهــا النيجــر‪.‬‬ ‫الفرنســيين كانــت خاســرة»‪.‬‬ ‫وبعـد بضـع سـنوات أبـدت أريفـا رغبتهـا في‬‫حكـم حمانـي البـاد منـذ اسـتقلالها‪ ،‬ووفـرت‬ ‫وضــع يدهــا على منجــم آكوتــا أيضــا‪.‬‬‫لــه فرنســا الدعــم السياســي والعســكري‬‫لإقصــاء المعارضــة‪ ،‬فانتخــب مرتيــن دون أن‬ ‫وعــن تلــك المرحلــة‪ ،‬يقــول إدريســا “أراد‬‫ينافســه أحــد‪ ،‬لكــن في ولايتــه الثالثــة ‪1970‬‬ ‫الفرنســيون الهيمنــة على منــجم آكوتــا‪،‬‬

‫مســتقرة ودائمــة منــذ ســنة ‪ 1968‬إلــى ‪.2043‬‬ ‫طالـب فرنسـا بسـحب قواتهـا الموجـودة منـذ‬‫ويضيــف إدريســا «خلصــت دراســات أجرتهــا‬ ‫الاسـتقلال‪ ،‬ثـم رفـض منـح آريفـا مناجـم آكوتا‪.‬‬‫مجموعتنـا بالشـراكة مـع مؤسسـات أوروبيـة‪،‬‬ ‫وألقـى حمانـي خطابـا قـال فيـه “لـن أسـمح‬‫إلـى أن عائـدات النيجـر مـن اليورانيـوم خـال‬ ‫لفرنســا أن تحكــم قبضتهــا على يورانيــوم‬‫‪ 45‬سـنة الماضيـة‪ ،‬لـم تتجـاوز ‪ %13‬مـن مجموع‬ ‫بــادي”‪ ،‬فجــاءه الجــواب ســريعًا‪ ،‬حيــث أطيــح‬‫العائـدات‪ ،‬خلافـا لمـا هـو معلـن مـن أن النيجـر‬ ‫بــه في انقــاب عســكري ســنة ‪ .1974‬وفي‬‫يحصــل على ثلــث العائــدات‪ .‬كمــا درجــت‬ ‫نفـس السـنة أسسـت شـركة كومينـاك (تملـك‬‫الشــركة الفرنســية على شــراء اليورانيــوم مــن‬ ‫آريفـا معظمهـا) وشـرعت في اسـتغلال منجـم‬‫خــال شــركات تابعــة لهــا بســعر منخفــض‬ ‫آكوتــا ومنجميــن آخريــن همــا آكــولا وآفاســتو‪.‬‬‫جــدا‪ ،‬وإعــادة بيعــه في الســوق الدوليــة‬ ‫وهكـذا اسـتمرت شـركة آريفـا مسـتحوذة على‬ ‫كل مناجــم اليورانيــوم في النيجــر‪ ،‬إلا واحــدا‪،‬‬ ‫بأســعار مرتفعــة»‪.‬‬ ‫حصلـت عليـه شـركة سـومينا الصينيـة سـنة‬ ‫‪ ،2007‬وانطلــق الإنتــاج فيــه ســنة ‪ ،2010‬ثــم‬ ‫حراك شعبي‬ ‫توقــف ســنة ‪ 2014‬لضعــف الانتــاج‪ ،‬حيــث لــم‬ ‫ينتــج في الأربــع ســنوات ســوى ‪ 657‬طنــا‬‫في ســنة ‪ ،2010‬أسســت مجموعــة مــن‬ ‫مـن اليورانيـوم مقابـل ‪ 20108‬أطنـان أنتجتهـا‬‫الناشــطين النيجرييــن حركــة “أنشــروا مــا‬ ‫مناجـم آريفـا‪ ،‬أي ‪ %3‬فقـط مـن مجمـل إنتـاج‬‫تدفعـون”‪ ،‬وقـد نشـطت في توعية الـرأي العام‬‫بالحيــف الــذي تمارســه الشــركة الفرنســية‪،‬‬ ‫البــاد‪.‬‬‫وفي سـنة ‪ 2013‬وتحـت ضغـط الشـارع‪ ،‬صـرح‬ ‫لكــن الاســتغلال الظالــم للشــركة الفرنســية لا‬‫الرئيـس محمـدو إيسـوفو أن “اليورانيـوم ثـروة‬ ‫يتجلــى فقــط في حصولهــا على الصفقــات‬‫لا تـدر شـيئا على النيجـر‪ ،‬وآريفـا لا تدفـع لنـا‬ ‫بأسـلوب القـوة والابتـزاز‪ .‬يقـول إدريسـا “كانـت‬‫على أسـاس السـعر الحقيقـي‪ ،‬وبالـكاد تحصـل‬ ‫العقـود المبرمـة مـع الفرنسـيين سـرية‪ ،‬وقـد‬‫الحكومـة على مئـة مليـون دولار سـنويا‪ ،‬وهـذا‬ ‫درجــت الحكومــات الســابقة علــى الإعــان‬ ‫دوريــا عــن تجديدهــا‪ ،‬لكــن الحقيقــة أن تلــك‬ ‫غيــر مقبــول»‪.‬‬ ‫العقــود كانــت مدتهــا ‪ 75‬ســنة‪ ،‬تحــت بنــود‬‫وطالـب الرئيـس بإعـادة التفـاوض مـع الشـركة‬‫الفرنسـية على أسـعار جديـدة ونسـب جديـدة‪،‬‬

‫الإنتــاج‪ .‬وفي ســنة ‪ ،2014‬اتهمــت الحكومــة‬ ‫وألمــح إلــى إمكانيــة توقيــع عقــد اســتغلال‬‫النيجريــة شــركة آريفــا بتمويــل حركــة تمــرد‬ ‫منجــم ايمــورارن الضخــم (ثانــي أكبــر منجــم‬‫طوارقيـة‪ ،‬وطـردت مديرهـا والملحق العسـكري‬ ‫يورانيــوم في العالــم) مــع شــركة صينيــة‪،‬‬‫الفرنســي الســابق متهمــة إيــاه بالتواطــؤ‬ ‫بحكــم أن آريفــا لــم تشــرع في اســتغلاله‬‫مـع المتمرديـن‪ ،‬بينمـا اتهـم نشـطاء الشـركة‬ ‫رغــم مــرور ســنوات على حصولهــا عليــه‪.‬‬‫بمحاولـة لـي ذراع الدولـة لإجبارهـا على قبـول‬ ‫وفي نفــس الســنة‪ ،‬طبقــت الحكومــة قانــون‬‫الأمــر الواقــع أو مواجهــة المشــاكل الأمنيــة‪.‬‬ ‫المعـادن ‪ ،2006‬حيـث رفعـت ضريبـة مطبقـة‬‫وفي الشــارع تواصلــت المظاهــرات الغاضبــة‬ ‫على الشــركة الفرنســية مــن ‪ %5,5‬إلــى ‪.%15‬‬‫ضـد الشـركة‪ ،‬رافعـة شـعارات مـن مثـل «آريفا‪،‬‬‫احترمــي القانــون بــدل أن تصنعــي القانــون‪.‬‬ ‫وفي نهايــة ‪ ،2013‬تعــرض أحــد مناجــم آريفــا‬ ‫لهجــوم وصــف بالإرهابــي‪ ،‬فأوقفــت عمليــات‬ ‫‪ 2043‬ليســت غــدا»‪.‬‬‫ولضمـان الشـفافية فيمـا يخـص الأسـعار‪ ،‬تـم‬ ‫وبعــد ‪ 18‬شــهرا مــن المفاوضــات‪ ،‬وقــع عقــد‬‫تعييــن مديريــن نيجرييــن في مجالــس إدارة‬ ‫جديــد وصــف بالمتــوازن‪ ،‬وافقــت فيــه آريفــا‬‫سـوميروكوميناك‪ .‬أمـا منجـم إيمـورارن الضخـم‪،‬‬ ‫على تطبيــق قانــون الضريبــة الجديــد‪ ،‬مــا‬‫فقــد أنشــئت لأجــل تحديــد موعــد افتتاحــه‬ ‫ســيدر على الحكومــة قرابــة ‪ 55‬مليــون دولار‬‫هيئـة نيجرية فرنسـية لدراسـة أسـعار السـوق‪.‬‬ ‫إضافيـة سـنويا‪ ،‬كمـا التزمـت الشـركة بتمويـل‬ ‫مشـاريع بنيـة تحتيـة بقيمـة ‪ 150‬مليـون دولار‪،‬‬‫لكــن النشــطاء النيجرييــن غيــر راضيــن عــن‬ ‫ومشــاريع تنمويــة لســكان القــرى المجــاورة‬‫العقــود الجديــدة‪ ،‬ويؤمنــون بأنــه يجــب‬ ‫للمناجــم بقيمــة ســتة ملاييــن دولار ســنويا‪.‬‬‫إجبــار الشــركة على دفــع ‪ 200%‬ممــا دفعتــه‬

‫للحكومــة طــوال أربعــة عقــود‪ ،‬أمــا تعويــض ضحايــا التســربات الإشــعاعية في المناطــق المجــاورة‬ ‫للمناجــم‪ ،‬حيــث التــراب والمــاء والهــواء ملوثــة‪ ،‬فتلــك حكايــ ٌة أخــرى‪.‬‬‫يقـول المثـل النيجـري «توجـد ميـاه كثيـرة في نهـر النيجـر‪ ،‬تكفـي لتحليـة البحـر» أمـا نحـن فنقـول‪:‬‬ ‫توجـد في صحـراء النيجـر كنـوز تكفـي لتنقـل البـاد مـن الفقـر إلـى الثـراء‪.‬‬

‫بلال البحر‪ ..‬تألق «الثلث»‬ ‫في خليل الرحمن‬‫منـذ نعومـة أظفـاره ظهـرت موهبـة الفنـان‬ ‫عاطف دغلس‪-‬الخليل‬‫البحــر في خــط حــروف العربيــة ومحاولاتــه‬‫إبرازهــا بأشــكالها الجميلــة‪ ،‬ليصبــح خطاطــا‬ ‫حبــر وورق ودواة وقصــب‪ُ ،‬تشــك ُل مجتمعــة‬‫بعـد فتـرة وجيـزة رغـم أنـه لـم يتعلـم رسـم‬ ‫ســاح الفنــان الشــاب بــال بحــر النتشــة في‬‫الخـط في معاهـد ومراكـز خاصـة‪ ،‬بـل سـعى‬ ‫تجســيد موهبتــه وتجســيدها في لوحــات‬‫لتطويــر نفســه وتنميــة موهبتــه بشــكل‬ ‫فنيــة تأســر الناظــر إليهــا‪ ،‬وإن لــم يفهــم‬‫فــردي بدرجــة كبيــرة‪ ،‬وهــو لا ُينكــر في‬ ‫للوهلــة الأولــى مــا ُخــط و ُكتــب‪ ،‬فجمــال‬‫المقابــل فضــل إرشــادات بعــض مــن ســبقوه‬ ‫المشــهد ُيغنــي‪.‬‬ ‫في هــذا العلــم الواســع‪.‬‬ ‫تأســرك موهبتــه كلمــا اقتربــت منهــا أكثــر‪،‬‬ ‫تجليات الفن‬ ‫لتــرى كيــف ُيبــدع الفنــان الشــاب في خــط‬ ‫حــروف اللغــة العربيــة‪ ،‬ويرســمها كمــا لــو‬‫يقـول البحـر «للغـة العربيـة جمالهـا‪ ،‬ولحروفها‬ ‫كانــت لوحــة تشــكيلية‪ ،‬وتــدرك كــم صــار‬‫جمـال أكبـر‪ ،‬خصوصـا خـط الثلـث الذي يسـهل‬ ‫صعبــا أن نــرى جماليــات لغتنــا في شــتى‬‫تطويـع حروفـه‪ ،‬ممـا يجعلنـي أضيـف الجمـال‬ ‫أشــكال الإبــداع وألوانــه‪.‬‬ ‫عليهـا حرفـا حرفـا»‪.‬‬‫ويضيــف أن الســر يكمــن في «روح اللغــة‬ ‫في مدينـة خليـل الرحمـن حيـث مدفـن نبـي‬‫العربيـة وعفويتهـا»‪ ،‬وبالرغـم مـن أن الخـط‬ ‫الله إبراهيــم عليــه الصــاة والســام‪ ،‬يواصــل‬‫الثلــث هــو «الأصعــب» بيــن الخطــوط‪،‬‬ ‫بـال بحـر عملـه الفنـي داخـل منجرتـه التـي‬‫فإنــه يســتمتع بكتابتــه ليظهــر تجليــات‬ ‫يقســمها لاهتماماتــه الثلاثــة‪ :‬الخــط والقــراءة‬‫فنــه‪ ،‬حتــى بــات يخــط معظــم لوحاتــه‬ ‫وفــن الحفــر على الخشــب بأدواتــه اليدويــة‪،‬‬‫ورسـوماته بـه‪ ،‬وقـد أضفـى عليـه ابتـكاره‬ ‫والأخيــرة هــي مهنتــه التــي يكســب بهــا‬‫الجديـد الـذي جعلـه مميـزا عـن غيـره مـن‬ ‫عيشــا كريمــا لــه ولأســرته‪.‬‬ ‫الخطاطيــن‪.‬‬‫يضيـف البحـر –كمـا ُيحـب أن ينـادى‪ -‬أن الخط‬‫العربــي بأنواعــه الرقعــة والثلــث والديوانــي‬

‫ابتكاره في الثلث‬ ‫‪-‬بشـقية الجلـي والعـادي‪ -‬والفارسـي والثلث‬ ‫والكــوفي‪ ،‬يشــابه إلــى حــد كبيــر علــم‬‫ُيحســب للفنــان البحــر كذلــك إضافتــه على‬ ‫التجويـد في القـرآن الكريـم‪ ،‬حيـث يبـدع كل‬‫خــط الثلــث وابتــكار شــيئا جديــدا فيــه‪،‬‬‫فقــد أضــاف فكــرة «التنبيــت» للحــروف‪ ،‬أو‬ ‫قــارئ على طريقتــه الخاصــة‪.‬‬‫مـا يسـميه بـ»الثلـث المنبـت»‪ ،‬حيـث تبـدو‬‫الحــروف كمــا لــو أنهــا أغصــان متفرعــة‬ ‫وعــن إيحــاءات الحــروف في خــط الثلــث‪،‬‬‫تنبــت مــن بــذرة صغيــرة ثــم ِعــرق ثــم‬ ‫يقـول إنـه «يأخـذ أشـكال حروفـه مـن جسـم‬‫تتفـرع‪ ،‬ثـم ُتخلـق بـذورا أخـرى في الشـجرة‬ ‫الإنســان كالعيــون مثــل حــرف الــدال والــراء‬‫وهـي النقـاط الصغيـرة التـي بيـن الحـروف‬ ‫التــي تشــبه رجــا مســتريحا في جلســته‪،‬‬‫والتشـكيل‪ ،‬وهـذه البـذور ‪-‬النقـاط الصغيـرة–‬ ‫أمـا حـرف الـواو فيظهـر وكأنـه شـخص يرفـع‬ ‫يديــه ويدعــو الله بخشــوع»‪.‬‬‫والتربيـة والتعليـم) لذلـك فهـو يعتـب عليهمـا‬ ‫ُتنبــت فكــرة لوحــة جديــدة كمــا تنبــت‬‫قلــة اهتمامهمــا بالخطاطيــن‪ ،‬كمــا يصطــدم‬ ‫البــذور أشــجارا جديــدة‪ ،‬وهــذا مــا زاد في‬‫بمجتمــع بانــت المســافة كثيــرا بينــه وبيــن‬‫لغتــه وتجلياتهــا‪ .‬ويقــول إن «الخــط العربــي‬ ‫جمــال أعمالــه وتألقهــا‪.‬‬‫يواجـه حربـا شـاملة‪ ،‬ولهـذه الـوزارات دور فيهـا‬ ‫ســبق للبحــر أن تمّيــز كذلــك بابتــكاره خطــا‬ ‫جديـدا أسـماه «الخـط المحمـود»‪ ،‬فـزاده ذلـك‬ ‫إضافــة لمؤسســات المجتمــع المدنــي»‪.‬‬ ‫يقينــا بأعمالــه وثقــة بنفســه‪.‬‬‫في منجـرة الفنـان البحـر ومـكان أعمالـه تأخـذ‬ ‫كل هــذا الإبــداع لــم يشــفع للفنــان الشــاب‬‫بعــض كتــب الفقــه ركنــا لهــا‪ ،‬فهــو يرتقــى‬ ‫باهتمـام الجهـات المسـؤولة (وزارتـي الثقافـة‬

‫الـذي تجـاوزت علاقتـه نطـاق الطالـب بأسـتاذه‬ ‫بنفسـه فـوق عشـقه للخـط ورسـمه خطـوط‬‫الفنــان‪ ،‬فصــار ملازمــا لــه وقلمــا يفارقــه‪ ،‬إنــه‬ ‫اللغــة العربيــة إلــى تدريــس نفســه علــم‬‫يــرى أمامــه فنانــا مبدعــا بمعنــى الكلمــة‪،‬‬ ‫«مقارنــة الأديــان»‪ ،‬ولــه كتــاب قيــد التأليــف‬‫«ولهــذا الفنــان قالبــه الخــاص الــذي يؤكــد‬‫كلامــي‪ ،‬فجماليــات الفنــان البحــر تبــرز في‬ ‫في اختلافــات الأناجيــل‪.‬‬‫الطـرق التـي ابتدعهـا لإضفـاء ابتـكارات مهمـة‬ ‫ويحمــل الفنــان البحــر هــم مشــروعه لحــل‬ ‫مشــكلة رداءة خــط الطــاب وكل العــرب في‬ ‫أضفــت جمــالا منقطــع النظيــر»‪.‬‬ ‫المســتقبل‪ ،‬وفكــرة المشــروع أن تقــوم وزارات‬‫وينقــل ســلطان عــن الفنــان التشــكيلي‬ ‫التربيـة والتعليـم في الـدول العربيـة باختيـار‬‫العالمـي بابلـو بيكاسـو قولـه «إن أقصى نقطة‬ ‫عـدد مـن الُمجيديـن لخـط الرقعـة ‪-‬باعتبـاره‬‫وصلـت إليهـا في فـن التصويـر‪ ،‬سـبقني الخـط‬ ‫الأســهل‪ -‬في كل مدينــة ليعلمــوه في دورات‬‫الإسـامي إليهـا منـذ وقـت طويـل»‪ .‬لكـن هـذا‬ ‫لمعلمــات ريــاض الأطفــال‪ ،‬حتــى يتشــرب‬‫الخــط ‪-‬كمــا يــرى ســلطان‪ُ -‬يغَّيــ ُب عربيــا‬ ‫الأطفــال كتابــة الخــط الجميــل منــذ الصغــر‬‫ويلقــى اهتمــام في دول العالــم الأجنبــي‪،‬‬‫«فقــد جبــت خــال ســفري وتنقلاتــي بلدانــا‬ ‫مــن المعلمــات‪.‬‬‫عـدة ورأيـت اهتمامـا بـه وخاصـة في تركيـا»‪.‬‬‫لكـن بـال رغـم ذلـك يواصـل ‪-‬على وقـع كل‬ ‫أمل المستقبل‬‫جديــد وجميــل‪ -‬إبداعاتــه‪ ،‬ويعيــش حكايتــه‬‫بحذافيــر الألــم والأمــل معــا‪ ،‬ويرفــض أي‬ ‫ولا يبخـل بـال كذلـك في أن يلقـي بإبداعـه‬‫محــاولات لتهميــش الخــط‪ ،‬ويدعــو لإعطائــه‬ ‫لأي شــخص يطــرق بابــه لتعلــم الخــط‪ ،‬بــل‬ ‫إنــه يعطيــه حقــه مــن التعلــم حتــى يصيــر‬ ‫حقــه‪ ،‬فالخــط «روح» اللغــة‪.‬‬ ‫بالشــكل الــذي يريــده البحــر‪.‬‬ ‫وعـن ذلـك يقـول الشـاب محـي الديـن سـلطان‬

‫عشوائيات إسلام آباد‪ ..‬معاناة‬ ‫إنسانية وأوكار للجريمة‬ ‫بؤر للجريمة‬ ‫أحمد بركات‪-‬إسلام آباد‬‫ودأبــت الســلطات الأمنيــة في العاصمــة أن‬ ‫في مـارس‪/‬آذار ‪ ،2014‬وقـع هجومـان انتحاريـان‬‫توجــه أصابــع الاتهــام لســكان العشــوائيات‬ ‫على المحكمــة العليــا في إســام آبــاد أديــا‬‫عقـب كل عمليـة إجراميـة أو أمنيـة‪ ،‬لاعتقادها‬ ‫إلـى مقتـل ‪ 11‬شـخصا‪ ،‬وفي أبريل‪/‬نيسـان مـن‬‫أن كثيـرا مـن المجرميـن يلـوذون بهـا‪ ،‬باعتبارها‬ ‫العـام نفسـه وقـع انفجـار في سـوق الخضـار‬‫أوكارا للجريمـة والإرهـاب‪ .‬ونفـذت السـلطات ‪13‬‬‫عمليـة تفتيـش كبيـرة في هـذه العشـوائيات‬ ‫المركـزي أدى إلـى مقتـل وجـرح العشـرات‪.‬‬‫أدت إلــى اعتقــال العشــرات والعثــور على‬ ‫الانفجــارات وارتفــاع معــدلات الجريمــة‬ ‫دفعــت الســلطات الباكســتانية إلــى فتــح‬ ‫أســلحة‪.‬‬ ‫ملــف العشــوائيات‪ ،‬فقــد أعلنــت بلديــة‬‫وتؤكـد السـلطات الأمنيـة أن بعـض سـكان‬ ‫إســام آبــاد حربــا على العشــوائيات‬‫العشــوائيات لهــم ســوابق وســجلات‬ ‫بدعـوى أنهـا غيـر قانونيـة ومـاذات آمنـة‬‫إجراميــة‪ ،‬وأن غالبيتهــم أجانــب غيــر‬ ‫للمتشــددين والمجرميــن‪ ،‬كمــا أنهــا تضــر‬‫مسـجلين رسـميا‪ ،‬أو باكسـتانيون لا يملكون‬‫أوراقـا ثبوتيـة‪ ،‬وهـو مـا يجعـل هـذه الأحياء‬ ‫بجمــال العاصمــة‪.‬‬ ‫وتـرى وزارة الداخليـة أن إزالـة العشـوائيات أمـر‬ ‫أرض خصبــة للجريمــة‪.‬‬ ‫ضــروري لتوفيــر الأمــن للعاصمــة‪ ،‬وفي هــذا‬‫وتشــير الإحصــاءات الرســمية إلــى تســجيل‬ ‫الســياق قــال وزيــر الداخليــة (جــودري نثــار‬‫حوالـي سـبعمئة قضيـة خـال العـام المنصرم‬ ‫علـي) إنـه سـتجري إزالـة ‪ 42‬عشـوائية‪ ،‬منهـا‬‫ضــد أشــخاص يقطنــون هــذه العشــوائيات‪،‬‬ ‫ثــاث في قلــب العاصمــة والبقية‪ ‬حولهــا‪،‬‬‫بعضهـا جرائـم أمنيـة وأخـرى تتعلـق بالاتجـار‬ ‫يســكنها حوالــي ربــع مليــون شــخص‪ .‬وأكــد‬‫بالخمـور والمخـدرات والأسـلحة‪ .‬وبيـن الفينـة‬ ‫الوزيـر أن سـكان هـذه العشـوائيات لا يملكـون‬‫والأخــرى تلقــي الشــرطة القبــض على مئــات‬‫الأشــخاص ‪-‬وخاصــة مــن اللاجئيــن الأفغــان‪-‬‬ ‫أيــة أوراق ملكيــة أو عقــود إيجــار‪.‬‬‫في ظــل التوتــر السياســي بيــن حكومتــي‬ ‫كابــل وإســام آبــاد‪.‬‬

‫على تســييج مــا تبقــى مــن عشــوائيات‬ ‫انتهاكات حقوقية‬ ‫لتســهل مراقبتهــا وتضــع حــدا لتمددهــا‪.‬‬ ‫قــادت إزالــة كثيــر مــن العشــوائيات كمرحلــة‬‫ويــرى غالبيــة ســكان العشــوائيات أنهــم‬ ‫أولــى إلــى غضــب مــن الســكان وانتقــادات‬‫ضحيـة عجـز الحكومـة عـن اعتقـال المجرميـن‬ ‫شــديدة‪ ،‬ونظــم حقوقيــون مســيرات في‬‫والإرهابييــن وتوفيــر الأمــن للســكان‪ ،‬فهــم‬ ‫العاصمـة انتقـدوا فيهـا حملـة الحكومـة التـي‬‫يــرون أنهــم أصبحــوا الشــماعة التــي تعلــق‬ ‫شــردت مئــات الآلاف وألجأتهــم إلــى أماكــن‬‫عليهـا الحكومـة فشـلها في محاربـة الإرهـاب‪،‬‬ ‫أخــرى؛ كمــا دخلــت المحكمــة العليــا على‬ ‫الخــط في ديســمبر‪/‬كانون الأول ‪ 2015‬وأمــرت‬ ‫وينفــون وجــود إرهابييــن بينهــم‪.‬‬ ‫البلديــة بوقــف عمليــات هــدم العشــوائيات‪،‬‬‫نسـرين أختـر انتقلـت مـن إحـدى قـرى «كجـران‬ ‫ونــزولا عنــد قرارهــا تعكــف الســلطات حاليــا‬‫والا» إلـى العاصمـة قبـل ربـع قـرن‪ ،‬وتقـول إنـه‬‫بينمــا يقــول نصيــر مســيح «كنــا نطالــب‬ ‫في ظــل الفقــر لا خيــار لهــا إلا أن تســكن بيتــا‬‫بتحســين الظــروف والآن نطالــب بالبقــاء هنــا‬ ‫طينيــا‪ ،‬وتــرى أن «مســؤولية الحكومــة أن توفــر‬‫فقـط‪ .‬تركنـا قرانـا طمعـا في مسـتقبل أفضـل‬ ‫لنــا الخدمــات الأساســية‪ .‬وهــي غيــر مســتقرة‬‫لنــا ولأطفالنــا‪ .‬أراضينــا في القريــة اســتولى‬ ‫على رأي‪ ،‬فهــي أحيانــا تقــول إنهــا ســتخرجنا‬‫عليهــا الإقطاعيــون‪ ،‬ونناشــد الســلطات أن‬ ‫وأحيانــا أخــرى تطلــب منــا البقــاء‪ ،‬وبعــض‬‫تســمح لنــا بالعيــش بســام‪ .‬نعــرف كل‬ ‫موظفـي البلديـة أخـذوا منـا ر ًشـى وسـمحوا لنـا‬‫الســكان هنــا ولا أحــد منهــم يعمــل ضــد‬ ‫بالبقـاء»‪ .‬وتضيـف إن «الأغنيـاء يزعمـون أن الأرض‬ ‫ملــك لهــم‪ ،‬ويجبروننــا على دفــع إيجــارات مــع‬ ‫القانــون والدولــة»‪.‬‬ ‫علمنــا أن الأرض مشــاع وليســت ملــكا لأحــد»‪.‬‬

‫البيــوت النظاميــة‪ ،‬ومــع تتابــع الســنين‬ ‫مـن جانبـه يقـول بلـوش بتـي‪ ،‬وهـو صاحـب‬‫تضخمــت هــذه العشــوائيات عــددا ومســاحة‪.‬‬ ‫محــل متواضــع في إحــدى العشــوائيات‪،‬‬‫كمــا أدت العمليــات العســكرية ضــد حركــة‬ ‫«أعيــش هنــا منــذ ‪ 22‬عامــا دون خدمــات‪،‬‬‫طالبــان والمنظمــات المســلحة إلــى لجــوء‬ ‫وأعانــي وأســرتي الأمــراض بســبب انتشــار‬‫بعــض ســكان تلــك المناطــق إلــى العاصمــة‪،‬‬ ‫البعـوض‪ ،‬ولا أرى سـببا لإخراجنـا قبـل أن توفـر‬‫فضــا عــن النازحيــن إليهــا بســبب الكــوارث‬‫الطبيعيــة مــن زلازل وفيضانــات تضــرب‬ ‫لنــا الحكومــة البديــل»‪.‬‬ ‫وفي السـياق نفسـه لا يعتبـر نائـب المفـوض‬ ‫باكســتان مــن حيــن لآخــر‪.‬‬ ‫العــام للعاصمــة إســام آبــاد عبــد الســتار‬‫ويقــول هــال خــان إنــه قــدم مــن مقاطعــة‬ ‫عيســاي العشــوائيات تهديــدا أمنيــا‪ ،‬ولكــن‬‫مهمنــد القبليــة قبــل ســنوات‪ ،‬وفي حــال‬ ‫عــدم دخولهــا في التنظيــم هــو ســبب‬‫هــدم بيتــه في هــذه العشــوائيات فســيبقى‬ ‫العمليـات المتكـررة التـي جـرت تحـت حراسـات‬‫في العـراء في إسـام آبـاد‪ ،‬مفضـا ذلـك على‬ ‫أمنيــة‪ ،‬وعمليــات مراقبــة العشــوائيات هــي‬‫أن يعــود بأســرته إلــى مصيــر مجهــول في‬ ‫إجــراء وقائــي‪ .‬كمــا يؤكــد على أن «البلديــة‬ ‫تعكــف على إيجــاد ســكن بديــل للقاطنيــن‬ ‫مقاطعــة مهمنــد‪.‬‬ ‫في العشـوائيات شـريطة أن يسـجلوا أنفسـهم‬‫قــد تبقــى هــذه العشــوائيات على حالهــا‬‫لعقــود قادمــة في ظــل تعقيــدات الظــروف‬ ‫بشــكل قانونــي»‪.‬‬‫المحيطــة بهــا وتغيــر الحكومــات وسياســاتها‪،‬‬‫وفي ظــل تمســك ســكانها بمطالبهــم التــي‬ ‫أزمة مستمرة‬‫ينـص عليهـا الدسـتور الباكسـتاني أن «السـكن‬‫الكريــم حــق لــكل مواطــن وإن لــم يجــده في‬ ‫لــم يختــر ســكان العشــوائيات الإقامــة في‬‫منطقتــه يطلبــه في أي مــكان آخــر‪ ،‬بمــا في‬ ‫هــذه الأحيــاء المزريــة بإرادتهــم‪ ،‬فالعديــد‬ ‫مــن الأســباب دفعتهــم لهــذه الحــال‪ ،‬فكثيــر‬ ‫ذلــك العاصمــة والمــدن الكبيــرة»‪.‬‬ ‫منهــم هــم مــن عمــال النظافــة المســيحيين‬ ‫أو العمـال البسـطاء والباعـة المتجوليـن الذيـن‬ ‫لا يسـاعدهم دخلهـم المتواضـع على اسـتئجار‬

‫في لبنان تتسع رؤوس‬‫أقلام الرصاص للنحت‬‫المجــال‪ .‬وقــال الرفاعــي إن منحوتاتــه لاقــت‬ ‫وسيم الزهيري‪-‬بيروت‬‫إقبــالا مــن الجمهــور والأصدقــاء الفنانيــن‬‫والإعلامييـن مـا دفعـه إلـى زيادتهـا وتنويعهـا‪.‬‬ ‫لــم يخطــر ببــال الشــاب اللبنانــي نعمــان‬‫لقلــم الرصــاص رمزيــة خاصــة كمــا يقــول‬ ‫الرفاعـي قبـل سـنوات أن يقـوم يومـا بنحـت‬‫الرفاعــي‪ ،‬لأنــه يعبــر عمــا في ذات الإنســان‪،‬‬ ‫رؤوس أقــام الرصــاص وتحويلهــا إلــى أشــكال‬‫فهـي متعـة وشـعور جميـل أن يتحـول القلـم‬ ‫متنوعـة غريبـة وفريـدة‪ ،‬لكـن اهتمامـه بحفـر‬ ‫الخشـب وامتهـان الخـط العربـي شـكل البداية‬ ‫إلــى منحوتــة ناطقــة‪ ،‬وفــق تعبيــره‪.‬‬‫وقــال الرفاعــي إنــه يجســد مــن خــال‬ ‫لولــوج فــن النحــت على أقــام الرصــاص‪.‬‬‫منحوتاتـه مـا يـدور في مخيلتـه مـن مواضيـع‪،‬‬ ‫فمشــاركته في المعــارض ورؤيتــه المنحوتــات‬‫معتبـرا أن النحت‪ ‬بحاجـة إلـى إحسـاس وحالـة‬ ‫المتنوعـة دفعتـه إلـى التصميـم على الإبـداع‬ ‫في مجـال مـازال حتـى اليـوم نـادرا نظـرا لمـا‬ ‫نفســية مريحــة وغيــر مشوشــة‪.‬‬‫وعــن الأدوات التــي يســتخدمها في عملــه‪،‬‬ ‫يتطلبـه مـن دقـة وعنايـة وصبـر‪.‬‬‫يقـول هـي عبـارة عـن شـفرة صغيـرة‪ ،‬وأحيانـا‬ ‫ويـروي الرفاعـي للجزيـرة نـت أن دخولـه إلـى‬‫رأس الدبـوس في بعـض المراحـل‪ ،‬لأن القلـم لا‬ ‫هــذا الفــن بــدأ بنحتــه أحــد الأقــام على‬ ‫سـبيل التجربـة‪ .‬وأشـار إلـى أنـه بعـد سـاعات‬ ‫يتحمـل أدوات أخـرى‪.‬‬ ‫مـن المحـاولات المضنيـة والخـوف والقلـق مـن‬‫‪ ‬تماثيــل مختلفــة‪ ،‬خطــوط عربيــة وآيــات‬ ‫أن ينكسـر نظـرا لرقـة أقـام الرصـاص انتهـى‬‫قرآنيــة وغيرهــا‪ ،‬تنتشــر في أرجــاء منــزل‬‫الرفاعـي الـذي يشـارك مـن خـال إنتاجـه في‬ ‫منـه بنجـاح‪.‬‬‫العديــد مــن المعــارض والنشــاطات الثقافيــة‪.‬‬ ‫ويضيـف أنـه بعـد هـذه التجربـة الفريـدة بـدأ‬‫ويصــف أعمالــه بأنهــا ذات منحــى كلاســيكي‬ ‫نحــت الأقــام‪ ،‬وعمــد إلــى اختيــار مواضيــع‬‫أي أنــه يهتــم بإبــراز تفاصيــل المجســمات‬ ‫فريدة‪ ،‬واضعــا نصــب عينيــه التفــرد في هــذا‬ ‫لإظهــار دقتهــا‪.‬‬‫‪ ‬وفي مقابــل الإشــادة المعنويــة التــي يلقاهــا‬

‫رغــم دقتــه‪ ،‬عــدا أنــه يتطلــب وقتــا وصبــرا‬ ‫مــن الأصدقــاء والمقربيــن‪ ،‬فــإن الاهتمــام‬ ‫لإظهــاره بهــذه الروعــة وبهــذا المســتوى‪.‬‬ ‫الرسـمي مـن جانـب الدولـة غائـب‪ .‬ورغـم ذلـك‬ ‫يؤكـد الرفاعـي عزمـه مواصلـة عملـه لإيصـال‬‫وحـول الدعـم المطلـوب لهـذا الفنـان وغيـره‪،‬‬ ‫رســالة إلــى العالــم بــأن الإنســان اللبنانــي‬‫قالـت كلـود للجزيـرة نـت إن هنـاك ابتعـادا في‬ ‫والعربـي باسـتطاعته منافسـة كبـار الفنانيـن‬‫لبنــان عــن الفــن بشــكل عــام‪ ،‬حيــث يقتصــر‬‫الاهتمــام على النخــب‪ .‬وأضافــت «الفنــان‬ ‫في العالــم‪.‬‬‫بحاجــة إلــى اهتمــام على كل الصعــد‪ .‬وفي‬ ‫الحرفيــة العاليــة التــي يعمــل بهــا الرفاعــي‬‫الخــارج يقــوم بعــض المموليــن بالتكفــل‬ ‫لاقــت ثنــاًء مــن جانــب أصحــاب الاختصــاص‬ ‫والمهتميــن‪ ،‬وفي هــذا الســياق اعتبــرت‬ ‫بالمواهــب والمبدعيــن لدعمهــم»‪.‬‬ ‫نقيبــة الفنانيــن التشــكيليين كلــود عبيــد أن‬‫وأكـدت كلـود أن نقابـة الفنانيـن التشـكيليين‬ ‫هنــاك فــرادة وتميــزا بعمــل الرفاعــي‪ ،‬لاســيما‬‫تعمـل جاهـدة مـن أجـل حصـول الفنـان على‬ ‫أن القليـل مـن الفنانيـن يعملـون مجـال هكـذا‪.‬‬‫حقــه بحيــاة كريمــة ولائقــة‪ ،‬وهــي تعمــل‬ ‫وأشــارت إلــى أن عمــل الرفاعــي في النحــت‬‫على تأميــن الضمــان الاجتماعــي وضمــان‬ ‫على أقــام الرصــاص يعطــي متعــة بصريــة‬ ‫الشــيخوخة للفنانيــن‪.‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook