Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore أهلية الحكم عند ابن خلدون وحكمة اليسر والعسر - أبو يعرب المرزوقي

أهلية الحكم عند ابن خلدون وحكمة اليسر والعسر - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2016-09-09 07:22:51

Description: حكمة اليسر والعسر وأهلية الحكم عند ابن خلدون - أبو يعرب المرزوقي

Search

Read the Text Version

‫الأسماء والبيان‬‫أبو يعرب المرزوقي‬



‫ابن خلدون‪:‬‬‫أهلية الحكم والسياسة‬‫الأسماء والبيان‬ ‫‪2016-09-04_1437 -12-02‬‬

‫المحتويات‬‫حكمة اليسر والعسر‪1 .............................................................................................‬‬‫أهلية الحكم عند ابن خلدون‪1 ....................................................................................‬‬‫العلاقة بين الحكمة وأهلية الحكم‪1 ...............................................................................‬‬‫كيف تأسس موضوع البحث في الكلي‪5 ............................................................................‬‬‫نص الحكمة‪6 ......................................................................................................‬‬‫النص الأول لابن خلدون‪6 .........................................................................................‬‬‫النص الثاني لابن خلدون‪7 ........................................................................................‬‬

‫المقدمة الباب الثالث الفصل ‪:24‬‬ ‫حكمة اليوم‪ :‬لبالتزار غراسيان ترجمة أرتور‬‫\"في أن إرهاف الحد مضر بالملك ومفسد له في‬ ‫شوبنهاور إلى الألمانية‪.1‬‬ ‫‪ 30‬الأكثر\"‪.‬‬ ‫\"على المرء أن يباشر اليسير لكأنه عسير والعسير‬ ‫ولنثن بالعلماء‬ ‫‪ 5‬لكأنه يسير‪.‬‬‫كيف يعلل ابن خلدون عدم صلوحيّتهم للسياسة؟‬ ‫وتلك لئلا تفقده الثقة بالنفس العناية‬ ‫المقدمة الباب السادس الفصل ‪:42‬‬ ‫وهذه لئلا يفقده التردد الشجاعة‪.‬‬‫\"في أن العلماء من بين البشر ابعد عن السياسة‬ ‫فلا نحتاج لئلا يتحقق أمر إلا إلى اعتباره قد‬ ‫‪ 35‬ومذاهبها\"‪.‬‬ ‫تحقق‪:‬‬ ‫ولنشر بسرعة إلى أن‬ ‫‪ 10‬وبالمقابل فإن الجهد والكد يجعلان المستحيل‬‫‪ ‬الحكم الأول الخاص بحدة الذكاء يتعلق‬ ‫ممكنا‪.‬‬ ‫بشروط ممارسة الحكم‬ ‫والواجبات الكبرى لا ينبغي للمرء يتحير متفكرا‬‫‪ ‬والحكم الثاني الخاص بشروط نظرية الحكم‬ ‫فيها حتى لا يصيب بالكساح لمح الصعوبات قدرته‬ ‫‪ 40‬يتعلق بالسياسة‪:‬‬ ‫على الوفاء بها‪.».‬‬ ‫فما الصلة بحكمة اليوم؟‬ ‫‪15‬‬‫هل العالم والذكي كلاهما لا يميز بين اليسير‬ ‫حيرني ابن خلدون بنصيحتين في المقدمة‪:‬‬‫والعسير ومن ثم لا يعرف كيف يتعامل مع النظرية‬ ‫‪ ‬الأولى تقول إن العلماء لا يصلحون للسياسة‬ ‫‪ ‬والثانية تقول إن الحكام ينبغي أن يكونوا‬ ‫‪( 45‬العلماء) أو مع الممارسة (الحكام)؟‬ ‫متوسطي الذكاء‪.‬‬ ‫فلنحاول قراءة تعليله كما صاغه‪.‬‬ ‫‪ 20‬فما تعليله؟‬‫وما كنا لنبحث في المسألة لو لم يبد لنا أن العرب‬ ‫فهموها حرفيا فعكسوها تماما‪.‬‬ ‫فهل لأن العلماء يستعسرون كل شيء ومتوسطي‬ ‫الأذكياء يستيسرون كل شيء؟‬‫أي إنهم ظنوا ان الأقرب إلى السياسة هم‬ ‫‪ 50‬الأميون وأن الأقدر على الحكم هم الأغبياء‪.‬‬ ‫ربما‪.‬‬ ‫ولا شك أن تجربتي السياسية قصيرة لكنها‬‫يكفي أن تنظر ما يفعل السيسي وبشار وحفتر‬ ‫‪ 25‬أمدتني برأس (الفتلة) الخيط الموصل لفهم قصده‪.‬‬‫وقبلهما القذافي وصدام وابن علي ومبارك وصالح‬ ‫ولنبدأ بشديدي الذكاء‬ ‫كيف يعلل ابن خلدون عدم صلوحيّتهم للحكم؟‬

‫‪ 30‬وإذن فلكأن ابن خلدون يقول‪:‬‬ ‫إلخ‪ ..‬حتى تفهم أن الجماعة فهموه حرفيا وطبقوا‬ ‫‪ ‬شدة الذكاء مضرة بالقيادة السياسية‬ ‫عكسها تماما\" ألا لاتر\"‪.‬‬‫‪ ‬وصفة العلم (سنرى أي علم) مضرة بالتصور‬ ‫وإذن فالحكمة التي انطلقنا منها لا تتوجه إلى‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫العلماء والأذكياء بل إلى من برهنوا في تاريخنا أنهم‬ ‫لكن للصفتين علاقة مهمة الدلالة‪.‬‬ ‫‪ 5‬قد فهموا ابن خلدون حرفيا‪:‬‬ ‫ذلك أنها تنصح من يعمل بعكس ما جاء فيها‬‫وحتى نفهم هذه العلاقة فلنر الضد في الحالتين‪:‬‬ ‫‪35‬‬ ‫شدة الذكاء ضدها شدة البلادة أو الحمق‪.‬‬ ‫عكسا تاما‪.‬‬ ‫والعلم ضده الجهل‪.‬‬ ‫وقبل أن نعرض تعليل ابن خلدون لنصيحتيه‬‫والفهم الحرفي للنصيحتين هو حالنا كعرب‪.‬‬ ‫فلنقل إن الحكمة لا تصح على من حكم العرب بل‬ ‫ولنقل للإنصاف إن‬ ‫‪ 10‬هي تصح أيضا على من عارضهم‬ ‫خاصة إذا حكم بعدهم فكان أسوأ‪.‬‬‫‪  40‬الأنظمة العسكرية تعتبر كل شيء يسيرا فلا‬ ‫تحقق شيئا‬ ‫وكما قيل في النقد الفني والأدبي‪:‬‬ ‫النقد يسير والإبداع عسير‪.‬‬‫‪ ‬والأنظمة القبلية تعتبر كل شيء عسير فلا‬ ‫وبالتونسي المثل أكثر فصاحة‪:‬‬ ‫تحقق شيئا‪:‬‬ ‫المتفرج فارس‪.‬‬‫‪ 60‬سنة تساوي صفر انجاز عربي‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫لكن ابن خلدون مارس السياسة ونظر لها‪.‬‬‫‪ 45‬وإذا تكلمنا على جامعة الدولة العربية صارت‬ ‫فشدة الذكاء ليست صفة مكتسبة بل هي خاصية‬ ‫طبيعية لأصحابها ولها صلة بدور القيادة الفعلية‪.‬‬‫المدة ‪ 70‬سنة والحصيلة دون الصفر فبداياتها‬ ‫والعلم صفة مكتسبة وليس لها صلة بالقيادة بل‬‫التابعة لبريطانيا أفضل من نهاياتها التابعة‬ ‫‪ 20‬بالتصور‪.‬‬ ‫لإسرائيل بتوسط السيسي‪.‬‬ ‫ماذا أعني بالتبعية لبريطانيا ولإسرائيل؟‬ ‫وهو مارس السياسة ونظر لها من موقع المشارك‬ ‫‪ 50‬يكفي علامة اختيار الأمناء العامين للجامعة‪.‬‬ ‫في الحكم والمشارك في المعارضة رغم غلبة المشاركة‬‫كان يختار ممن ترضى عنهم بريطانيا فأصبح‬ ‫الأولى على تجربته ولعلها علة اعتزاله‪:‬‬ ‫تعينه إسرائيل (آخر أمين عام)‪.‬‬ ‫لماذا تضر شدة الذكاء بالحكم؟‬ ‫فكان إبداعه غنما لنا‪.‬‬‫جواب ابن خلدون‪ :‬لطبيعة العلاقة بالمحكومين‪.‬‬ ‫‪ 25‬ولنشر إلى أن ابن خلدون حرص على وضع‬‫‪ 55‬ولماذا لا يصلح العلماء للسياسية؟‬ ‫النصيحتين في مستويين مختلفين‪:‬‬ ‫جوابه‪ :‬لطبيعة المجال السياسي‪.‬‬ ‫‪ ‬الأول من باب الدولة (الثالث)‬‫لذلك فينبغي أن نفهم أن ضرر حدة الذكاء علته‬ ‫‪ ‬والثاني من باب العلوم (السادس)‪.‬‬‫عدم اعتبار الذكاء العام في الجماعة التي يحكمها‪.‬‬ ‫لهذا التمييز دلالته‪.‬‬

‫ولعله عانى منها الكثير‪.‬‬ ‫فيكون مطلوبه مرهقا لهم فيصبح منفرا‬ ‫للجماعة منه‪.‬‬ ‫والسؤال‪:‬‬ ‫ولهذه العلة اعتبره ابن خلدون مضرا بالملك أي‬ ‫ألست أظلم الأنظمة العسكرية‬ ‫بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم التي يمكن للمحكوم‬ ‫والأنظمة القبلية‬ ‫‪ 5‬فيها أن يقبل الحاكم لأنه لا يتجاوز المقبول منه‪.‬‬‫‪ 35‬باعتباري الأولى واثقة زيفا بالنفس وفقدان‬ ‫العناية‬ ‫فيكون الحاكم شديد الذكاء وكأنه صاحب‬ ‫مشروع لا يطيقه الشعب أو صاحب رؤية بعيدة المدى‬ ‫والثانية بالتردد وفقدان للشجاعة؟‬‫ألست ظالما لهما عندما أقول إن الإنجاز صفر؟‬ ‫لا يفهمها الشعب‬ ‫فيصبح كطالب ما لا يستطاع‪ :‬فيضر بملكه‪.‬‬‫ماذا حققت انظمة العسكر بعنترياتها؟‬ ‫‪40‬‬ ‫‪ 10‬والعلة هي قيس غيره على نفسه‪.‬‬‫وماذا حققت انظمة القبائل بثرواتها؟‬ ‫لتبعية مطلقة في الحالتين‪.‬‬ ‫لكن العلة الخفية التي لم يقلها ابن خلدون والتي‬ ‫اعتبرها ما وراء ما قاله هي أن شديد الذكاء معتد‬‫انظر هل تقدم الخليج قيد انملة مما يدعونه من‬ ‫وحدة؟‬ ‫برأيه فلا ينتصح‪.‬‬ ‫هم اليوم أكثر تباعدا مما كانوا في البداية‪.‬‬ ‫والعلة الثانية التي لم يذكرها ابن خلدون هي أن‬ ‫‪ 15‬من يظن نفسه شديد الذكاء ينتهي إلى شدة البلادة‬‫‪ 45‬وماذا عن الوحدات الوهمية بين الأنظمة‬ ‫لأنه ينتهي إلى خوف دائم ممن قد ببدو أذكى منه‪.‬‬ ‫العسكرية؟‬ ‫فيصفي كل رأس في حكمه لكي يبدو هو الأذكى‬‫جامعة الدول العربية سابقة عن الوحدة‬ ‫والزعيم الأوحد‪:‬‬ ‫الاوروبية‪.‬‬ ‫وذلك هو جوهر الدكتاتورية التي تنهي الحكم‬‫قارن ماذا حصل هناك وماذا حصل هنا ثم‬ ‫‪ 20‬شبعيا ونخبويا‪.‬‬ ‫‪ 50‬احكم‪.‬‬ ‫ذلك قصد ابن خلدون‪ :‬القذافي وصدام نموذجا‪.‬‬‫هم استعادوا قوة روما ونحن عدنا إلى تبعية‬ ‫الجاهلية‪.‬‬ ‫وبذلك يتبين عمق التحليل الخلدوني المبني على‪:‬‬ ‫والحقيقة أن نوعي الأنظمة لهما نفس العقلية‪:‬‬ ‫‪ ‬طبيعة الشعوب المحكومة‬ ‫‪ ‬وخصائص الحاكم الدكتاتور‪.‬‬‫‪ ‬يكذبون على الشعب لعلمهم أنه يريد شروط‬ ‫‪ 55‬الرعاية والحماية‬ ‫‪ 25‬فرهافة الحد نتيجتها الحلم الكاذب والتوجس‬ ‫الدائم‪.‬‬‫‪ ‬وهم يريدون مجرد وهم السلطة عليه مع‬ ‫علمهم بأنها من دون سيادة‪.‬‬ ‫وبكامل الصدق فكلامه يثبت مرة أخرى عبقرية‬ ‫الرجل‪:‬‬ ‫أي سيادة لمن يأتمر بأمر حاميه؟‬‫ذلك أنهم مهما شككنا في ذكائهم فهم لا يجهلون‬ ‫فهو عليم بنفس الحكام شديدي الذكاء حقا أو‬‫‪ 60‬أن سيادتهم دون سيادة وآل في محميات يسمونها‬ ‫‪ 30‬وهما وبوسوستهم الدائمة‪:‬‬ ‫دولا‪.‬‬

‫ومعنى ذلك أن النصيحة لكأنها تحذر الحكام من‬ ‫فهل هم أقل حاجة للوحدة من فرنسا وألمانيا‬‫‪ 30‬الاستماع إلى الفقهاء ‪-‬ونحن نعلم خصومته مع فقيه‬ ‫اللتين هما من كبار الدول‪.‬‬ ‫كبير كان يغار منه‪ -‬وقد اكتفى بالتعليل المعرفي‪.‬‬ ‫هل يمكن أن يتهم قولي إنهم فهموا ابن خلدون‬ ‫\"الالاتر\" فطبقوا نصيحتيه؟‬‫لكن من يقرأ سيرته الذاتية يعلم أنه يعللها وإن‬‫بصورة مضمرة بما يعيبه عليهم من \"نفاق\" أو من‬ ‫‪ 5‬لتحكم العرب كن جاهلا وغبيا وتجاهل شروط‬‫انتفاع من التقرب من الحكام يتعليل كلي من الفقه‪.‬‬ ‫سيادة شعبك وحريته لترضي حاميك‪.‬‬‫‪ 35‬فجمع بين الأمرين وبين أن السياسة لا كلي فيها‬ ‫طبعا سأورد نص النصيحة الأولى لاحقا مع المقال‬ ‫إطلاقا‪.‬‬ ‫لأن التغريد لا يمكن من عرضها كاملة‪.‬‬‫فما علة الخطأ الذي يقع فيه هذا النوع من‬ ‫وكذلك سأفعل بخصوص نص النصيحة الثانية‬ ‫العلماء؟‬ ‫‪ 10‬ومرجع حكمة اليوم‪.‬‬ ‫ولكن هل يوجد نوع آخر يقصده ابن خلدون؟‬ ‫أمر إلى النصيحة الثانية (وهو في الحقيقة‬ ‫ضمنها في غايتها النصيحة الأولى)‪.‬‬‫‪ 40‬إنه يقصد علماء يجمعون بين الفقه والفلسفة ‪-‬‬‫ابن رشد الذي كتب في السياسة شرحا لأفلاطون‪-‬‬ ‫فقد كانت أهم في عملي الأكاديمي من الأولى لأني‬‫وكلاهما يقعان في نفس الخطأ‪ :‬تقديم الكلي عقليا‬ ‫لم أكن مهتما بالسياسة ممارسة بل بها نظريا في‬ ‫أو شرعيا‪.‬‬ ‫‪ 15‬رسالتي حول الكلي‪.‬‬‫وبدلا من اعتبار الوقائع معيارا لصواب الأحكام‬ ‫ذلك أن التعليل الخلدوني لهذه النصيحة والحكم‬‫‪ 45‬الكلية يعكس الفقهاء والفلاسفة فيعتبرون الأحكام‬ ‫العلمي هو نفي واقعية الكلي في السياسة ومن ثم‬ ‫الكلية معايير للوقائع‪ :‬علة عدم أهليتهم للسياسة‪.‬‬ ‫اعتباره مجرد اسم ومن ثم فهو اسمي مثل ابن‬ ‫ألا يكون ابن خلدون بذلك قد وقع في المحظور؟‬ ‫تيمية‪.‬‬‫إذا كانت السياسة خالية من الكلي فكيف يمكن‬ ‫‪ 20‬من هم العلماء الذين ينفي عنهم ابن خلدون‬ ‫أن تعلم؟‬ ‫أهلية تعاطي السياسة؟‬ ‫‪ 50‬هذا السؤال هو منطلقي في علاج مسألة الكلي‬ ‫لا يمكن أن يكونوا من هم من جنسه أي علماء‬ ‫السياسة وإلا لكان سعيه لوضع العلم غير مفهوم بل‬‫وهو أيضا علة الربط بين ابن خلدون وابن تيمية‪:‬‬‫فابن تيمية ينفي وجود الكلي في النظر وها نحن نرى‬ ‫ومتناقضا‪.‬‬ ‫ابن خلدون ينفيه في العمل‪.‬‬ ‫‪ 25‬من يحلل وصفه للعلل التي لأجلها نفي أهلية‬ ‫العلماء يفهم أن القصد هم \"العلماء\" في مصطلح‬ ‫انقلاب فلسفي عجيب‪.‬‬ ‫جمعية العلماء المسلمين ومنافستها صاحبة جروزني‪:‬‬‫‪ 55‬فلسفة نظر (ابن تيمية) وفلسفة عمل (ابن‬ ‫الفقهاء‪.‬‬‫خلدون) مبنيتان على نفي اساسهما اليوناني‪ :‬من‬

‫ولما كان التأسيس الخلدوني للفلسفة العملية لا‬ ‫دون حاجة إلى الكلي الواقعي ويسمى حينها الكلي‬‫‪ 30‬يمكن ألا يكون مستمدا من تأسيس للفلسفة النظرية‬ ‫الطبيعي‪.‬‬‫متقدم الوجود عليه بنصف قرن فلا بد من أحد‬ ‫طبعا لا أنوي عرض رسالتي‪ .‬فمن أراد فهم ذلك‬ ‫أمرين‪.‬‬ ‫فليعد إليها في جزئيها‪ :‬تجليات الفلسفة العربية‬‫‪ ‬إما أنه اطلع على ثورة ابن تيمية ‪-‬ولا شيء‬ ‫‪ 5‬وإصلاح العقل في الفلسفة العربية‪.‬‬ ‫يثبت ذلك‪-‬‬ ‫وعمل ابن تيمية وابن خلدون ثورة حقيقية‪.‬‬‫‪  35‬أو أنه أعاد نفس الاكتشاف انطلاقا من‬‫مصدر إيحاء مشترك وهذه هي الفرضية‬ ‫رأينا كيف تمكن من فهم الواقعات في التاريخ‬ ‫العربي الوسيط والحالي ورأينا كيف أنها تعرف بنفي‬ ‫التي عملت عليها وبها‪.‬‬ ‫الميتافيزيقا اليونانية‪.‬‬‫لكن ذلك لم يكن ليكون ذا تأسيس متين لو اقتصر‬ ‫على هذين الخليتين‪ :‬لذلك كان البحث وراء ذلك‪.‬‬ ‫‪10‬‬‫‪ 40‬وكان المشترك بينهما هو نظرية الوجود غير‬ ‫أختم الكلام في حكمة اليوم وقد نلتقي في حكمة‬ ‫الشفاف‪.‬‬ ‫أخرى بعد الثلاث الأولى والرابعة التي عرضتها‬ ‫اليوم وستتوالى الحكم وكلها من ترجمة شوبنهاور‬‫ومن ثم نظرية المعرفة النافية للمطابقة بين‬ ‫لمنتخبات من كتاب بلتزار غراسيان متن حكم وفن‬‫الوجود والإدراك العلمي أي النفي الصريح لأساس‬‫الفلسفة اليونانية كلها‪ :‬وهو ما يحيل إلى نظرية‬ ‫‪ 15‬الحكمة الدنيوية‪.‬‬ ‫‪ 45‬الغيب‪.‬‬ ‫وما اصفه بالثورة الحقيقية لا يتمثل في محاولة‬ ‫بيانه التي هي مجرد بداية بل الطفرة التي حققها‬‫وكان المؤيد الخاتم لهذا المصدر الواحد هو‬ ‫ابن تيمية في النظر وابن خلدون في العمل ويجمع‬‫تعريف ابن خلدون للإنسان بالإرادة والفطرة وهما‬ ‫بينهما منزلة الكلي في فلسفة العلم الجديدة التي‬‫اساسا فكر ابن تيمية وأصلهما واحد هو النظرية‬ ‫‪ 20‬أسساها‪.‬‬ ‫القرآنية‪.‬‬ ‫فعندما ينفي ابن خلدون الكلي في السياسة ثم‬‫‪ 50‬وما يحيرني حقا هو أن مثل هذا التغير لم يكد‬ ‫يضع كتابا من أهم قضاياه الفلسفة السياسية فلا‬‫أحد يلحظه فضلا عن أن يستنتج منه ما ينبغي‬ ‫بد أن يكون قد اعتمد نظرية جديدة في المعرفة‬‫استنتاجه حتى يتطور فكرهما بصورة تحدث نقلة‬ ‫وموضوعها‪.‬‬ ‫كيفية‪.‬‬ ‫‪ 25‬ومثله ابن تيمية عندم ينفي كل واقعية للكلي ثم‬‫وما كان الأمر يكون محيرا لو اقتصر على عصور‬ ‫يعتبر أن العلم الضروري موجود في المقدرات‬‫‪ 55‬الانحطاط بين القرن الرابع عشر (الثامن)‬ ‫الذهنية وينفي وجوده إلا نسبيا في الحقائق‬‫والعشرين (الرابع عشر) وهو على الأقل عصر‬ ‫الوجودية‪.‬‬ ‫قراءات ابن خلدون‪.‬‬ ‫والتفسير مضاعف‪:‬‬

‫بلتزار غراسيان ترجمه إلى الألمانية أرتور‬ ‫‪ ‬فهو أولا بسبب موقف سخيف من الفكر‬ ‫شوبنهاور‪.‬‬ ‫العربي الذي يتهم كل من يهتم به بأنه ماضوي‬ ‫رغم أن كل نهوض حضاري يبدأ بإعادة قراءة‬‫الحكمة عدد ‪ 204‬من ترجمة شوبنهاور‬ ‫الماضي‪.‬‬‫‪Balthasar Gracian, Handorakel und‬‬ ‫‪  5‬وهو ثانيا أن الذين قرأوا ابن خلدون لم يقرأوه‬ ‫‪Kundt der Weltklugheit 35‬‬ ‫هو بل بحثوا فيه على ماركس إيديولوجيا‬ ‫وأوغست كونت ابستمولوجيا وأهملوا جل‬ ‫كيف شرح صاحب الحكمة كلامه هذا؟‬ ‫أفكاره الفلسفية‪.‬‬‫‪Damit eine Sache nicht getan‬‬‫‪werde, bedarf es nur, dass man sie als‬‬ ‫ولعل أهم فكرة فلسفية لديه هي أنه وصف باطن‬‫‪schon getan betrachte: und im‬‬ ‫‪ 10‬التاريخ بأنه فلسفي يطلب العلل مثل كل العلوم التي‬‫‪Gegenteil Fleiß und Anstrengung 40‬‬‫‪macht das Unmögliche möglich. Die‬‬ ‫تتأسس على المبادئ الفلسفية‪ :‬ليس رواية نقلية‪.‬‬‫‪Großen Obliegenheiten darf man‬‬‫‪sogar nicht bedenken, damit der‬‬ ‫فلا يمكن لأحد أن يقول ذلك إذا لم يكن قبل‬‫‪Anblick der Schwierigkeiten nicht‬‬ ‫ذلك ليس ضمنا فسحب بل صراحة اعتبر الفلسفة‬ ‫هي بدورها تاريخية موضوعها ليس الكلي الأزلي بل‬ ‫‪.unsere Tatkraft lähme 45‬‬ ‫‪ 15‬تراكم خبرة‪.‬‬‫المقدمة الباب ااا الفصل ‪\" :24‬في أن إرهاف‬ ‫الحد مضر بالملك ومفسد له في الأكثر\"‪.‬‬ ‫فقال ذلك صراحة مرتين‪ :‬أولا نفى كل إمكانية‬ ‫لأن تكون الميتافيزيقا علما (سماها فلسفة) وميز‬‫\" ويعود حسن الملكة إلى الرفق‪ .‬فإن الملك إذا كان‬ ‫بين العلمين النقلي والعقلي بكون الأخير تراكم خيرة‪.‬‬‫‪ 50‬قاهرا باطشا بالعقوبات منقبا على عورات الناس‬‫وتعديد ذنوبهم شملهم الخوف والذل ولاذوا منه‬ ‫لكن ما الحيلة إذا كانت الإيديولوجيا تعمي‬‫بالكذب والمكر والخديعة فتخلقوا بها وفسدت‬ ‫‪ 20‬البصيرة‪.‬‬‫بصائرهم وأخلاقه وربما خذلوه في مواطن الحروب‬‫والمدافعات‪ .‬ففسدت الحمية بفساد النيات وربما‬ ‫هي أعمتها في قراءة ابن تيمية وابن خلدون‪.‬‬‫‪ 55‬أجمعوا على قتله لذلك فتفسد الدولة ويخرب‬ ‫والعلة التطفل على الفلسفة من الأنصاف بلغة شيخ‬‫السياج‪ .‬وإن دام أمره عليهم وقهره فسدت العصبية‬‫لما قلنا أولا وفسد السياح من أصله بالعجز عن‬ ‫الإسلام‪.‬‬‫الحماية‪ .‬وإذا كان رفيقا بهم متجاوزا عن سيئاتهم‬‫استناموا إليه ولاذوا به وأشربوا محبته واستماتوا من‬ ‫‪Man unternehme das Leichte, als 25‬‬‫‪ 60‬دونه في محاربة أعدائه فاستقام الامر من كل جانب‪.‬‬ ‫‪wärees schwer, und das Schwere, als‬‬ ‫‪wäre es leicht: jenes, damit das‬‬ ‫‪Selbstverauen uns nicht sorglos,‬‬ ‫‪dieses, damit die Zaghaftigkeit uns‬‬ ‫‪.nicht mutlos mache 30‬‬

‫«والسبب في ذلك أنهم معتادون النظر الفكري‬ ‫وأما توابع حسن الملكة فهي النعمة عليهم‬‫والغوص على المعاني وانتزاعها وتجريدها في الذهن‬ ‫والمدافعة عنهم‪ .‬فالمدافعة بها تتم حقيقة الملك‪ .‬وأما‬‫‪ 35‬أمورا كلية عامة ليحكم عليها بأمر على العموم لا‬ ‫النعمة عليهم والإحسان لهم فمن جملة الرفق بهم‬‫بخصوص مادة ولا شخص ولا جيل ولا أمة ولا صنف‬ ‫والنظر لهم في معاشهم وهي أصل كبير في التحبب‬‫من الناس‪ .‬ويطبقون بعد ذلك الكلي على‬‫الخارجيات‪ .‬وأيضا يقيسون الأمور على أشباهها‬ ‫‪ 5‬غلى الرعية‪.‬‬‫وأمثالها بما اعتادوه من القياس الفقهي‪ .‬فلاتزال‬‫‪ 40‬أحكامهم وأنظارهم كلها في الذين ولا تصير إلى‬ ‫واعلم أنه قلما تكون ملكة الرفق فيمن يكون يقظا‬‫المطابقة إلا بعد الفراغ من البحث والنظر أو لا تصير‬ ‫شديد الذكاء من الناس وأكثر ما يوجد الرفق في‬‫بالجملة إلى مطابقة وإنما يتفرع ما في الخارج عما‬ ‫الغفل والمتغفل‪ .‬أقل ما يكون في اليقظ أنه يكلف‬‫في ذلك من ذلك كالأحكام الشرعية فإنها فروع عما‬ ‫الرعية فوق طاقتهم لنفوذ نظرة فيما وراء مداركهم‬‫في المحفوظ من أدلة الكتاب والسنة فتطلب مطابقة‬ ‫‪ 10‬واطلاعه على عواقب الأمور في مباديها بالمعيته‬‫‪ 45‬ما في الخارج لها عكس الأنظار في العلوم العقلية‬ ‫فيهلكون‪ .‬لذلك قال صلى الله عليه وسلم \"سيروا على‬ ‫سير أضعفكم\"‪ .‬ومن هذا الباب اشترط الشارع في‬ ‫التي يطلب في صحتها مطابقتها لما في الخارج‪.‬‬ ‫الحاكم قلة الافراط في الذكاء ومأخذه من قصة‬ ‫زياد بن أبي سفيان لما عزله عمر عن العراق‪ .‬وقال‪:‬‬‫فهم متعودون في سائر أنظارهم الأمر والذهنية‬ ‫‪ 15‬لما عزلتني يا أمير المؤمنين؟ لعجز أم لخيانة؟ فقال‬‫والأنظار الفكرية لا يعرفون سواها‪ .‬والسياسة يحتاج‬ ‫عمر‪ :‬لم أعزلك لواحدة منهما‪ .‬ولكني كرهت أن‬‫صاحبها إلى مراعاة ما في الخارج وما يلحقها من‬ ‫أحمل فضل عقلك على الناس\"‪ .‬فأخذ من هذا أن‬‫‪ 50‬الأحوال ويتبعها فإنها خفية‪ .‬ولعل أن يكون فيها ما‬ ‫الحاكم لا يكون مفرط الذكاء والكيس مثل زياد بن‬‫يمنع من إلحاقها بشبه أو مثال وينافي الكلي الذي‬ ‫أبي سفيان وعمرو بن العاص لما يتبع ذلك من‬ ‫‪ 20‬التعسف وسوء الملكة وحمل الوجود على ما ليس من‬ ‫يحاول تطبيقه‪.‬‬ ‫طبعه كما يأتي في آخر هذا الكتاب‪.‬‬‫ولا يقاس شيء من أحوال العمران على الآخر إذ‬‫كما اشتبها في أمر واحد فلعلهما اختلفا في أمور‬ ‫وتقرر من هذا أن الكيس والذكاء عيب في صاحب‬‫‪ 55‬فتكون العلماء لأجل ما تعودوه من تعميم الأحكام‬ ‫السياسة لأنه إفراط في الفكر كما أن البلادة إفراط‬‫وقياس الأمور بعضها على بعض إذا نظروا في‬ ‫في الجمود‪ .‬والطرفان مذمومان من كل صفة‬‫السياسة أفرغوا ذلك في قالب أنظارهم ونوع‬ ‫‪ 25‬إنسانية والمحمود هو التوسط كما في الكرم مع‬‫استدلالاتهم فيقعون في الغلط كثيرا ولا يؤمن عليهم‬ ‫التبذير والبخل وكما في الشجاعة مع الهوج والجبن‬‫ويلحق بهم أهل الذكاء والكيس من أهل العمران‬ ‫وغير ذلك من الصفات الإنسانية‪ .‬ولهذا يوصف‬‫‪ 60‬لأنهم ينزعون بثقوب أذهانهم إلى مثل شأن الفقهاء‬ ‫الشديد الكيس بصفات الشيطان فيقال شيطان‬‫من الغوص على المعاني والقياس والمحاكاة فيقعون‬‫في الغلط‪ .‬والعامي السليم الطبع المتوسط الكيس‬ ‫ومتشيطن وأمثال ذلك‪\".‬‬‫لقصور فكره عن ذلك وعدم اعتياده إياه يقتصر لكل‬‫مادة على حكمها وفي كل صنف من الأحوال‬ ‫‪30‬‬‫‪ 65‬والأشخاص على ما اختص به ولا يعدي الحكم‬ ‫المقدمة الباب السادس الفصل ‪\" :42‬في أن‬ ‫العلماء من بين البشر ابعد عن السياسة ومذاهبها\"‬

‫بقياس ولا تعميم ولا يفارق في أكثر نظره المواد‬‫المحسوسة ولا يجاوزها في ذهنه كالسابح لا يفارق‬‫البر عند الموج (‪ )...‬فيكون مأمونا من النظر في‬‫سياسته مستقيم النظر في معاملة أبناء جنسه‬‫‪ 5‬فيحسن معاشه وتندفع آفاقه ومضاره باستقامة‬‫نظره وفوق كل ذي علم عليم‪ .‬ومن هنا يتبين أن‬‫صناعة المنطق غير مأمونة الغلط لكثرة ما فيها من‬‫الانتزاع وبعدها عن المحسوس فإنها نظر في‬‫المعقولات الثواني‪ .‬ولعل المواد فيهاما يمانع تلك‬‫‪ 10‬الأحكام أو ينافيها عند مراعاة التطبيق اليقيني‪.‬‬‫وأما النظر في المعقولات الاول وهي التي تجريدها‬‫قريب فليس كذلك لأنها خيالية وصور المحسوسات‬ ‫حافظة مؤذنة بتصديق انطباقه\"‪.‬‬ ‫‪15‬‬



‫‪hg‬‬ ‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook