أبو يعرب المرزوقي الأسماء والبيان
المحتويات 1 3 6 811
لما تكلمت على سلطان العجل الذهبي كان في ذهني أمر لا يتركني لحظة: ما الذي يجعل الصهيونية ،حتى لو كان يهود العالم منها ،بهذه القوة العجيبة؟ لماذا يعتقد العرب والغرب أن بقاءهم في مراكزهم رهن رضاها عنهم؟ لماذا كلما ضاق الأمر بأي منهم لجأ إليها؟ما كتبته عن دين العجل الذهبي ودور الرمزين وما كتبته عن شروط السيادة والأحياز يمهد للجواب عن هذين السؤالين :ما علة قوة إسرائيل وضعف العرب؟أما ما يزعم لإيران من قوة فعندي أنه تابع لقوة إسرائيل وحماتها :فهما كما أسلفت يحتاجان لجرافة من داخل حضارة الإسلام لتخريب مرجعياته الروحية.ونفس الأمر يقال عن العملاء من التأصيليين والتحديثيين من ملوك الطوائف بصنفيهم سواء كانوا في الحكم أو المعارضة :هم للتجريف الداخلي.وجمع جرافات الحرب على الأساس الروحي وجرافات الحرب على الأساس المادي للحضارة الإسلامية من الداخل والحرب الجارية من الخارج منذ نشأتها دليل قوتها.بقاء الحضارة الإسلامية وتمددها رغم كل ذلك دليل على أن قوة الإسلام لا تقهر .لكن نصر الله يوجب على المؤمنين وضع استراتيجية الانتقال إلى الفعل. واستراتيجية النقلة إلى الفعل تقتضي أمرين: فهم علل الوقوع في وضع رد الفعل أي استراتيجية فعل الأعداء. في ضوء استراتيجية مشروع الأمة الموجب.فالصمود قوة لكنه قوة مقاومة يغلب عليها رد الفعل .وقد عرف تاريخ الإسلام دفعتين من قوة الفعل .دفعة البداية كانت عربية ودفعة الغاية كانت تركية. والأولى أنهكتها الحروب الصليبية وأنهتها حروب مغول الشرق. والثانية أنهكتها حروب الاسترداد وأنهتها حروب مغول الغرب أو الاستعمار. 12 1
ولا يزال الأمل في العرب والأتراك لاسترداد قوة الإسلام الموجبة التي تتجاوز صمود المقاومة إلى الفعل الموجب الذي يحقق مشروع الإسلام الكوني.ولست أدري لماذا لا شيء يشككني لحظة واحدة في حصول ذلك رغم أن دلائل العكس هي المسيطرة حاليا وخاصة عند ملوك الطوائف العربية حكما ومعارضة.ولولا إيماني بوعد الله بشهادة المسلمين على العالمين وفهمي إياه بأن للمسلمين كرة ثانية لما نذرت حياتي للبحث في هذه الاستراتيجية بحثا نسقيا. ويمكنني أن أبيح بسر :كل محاولاتي بما فيها الأكاديمية غايتها الجواب عن الأسئلة: .1ما سر قوة الأمة؟ .2وما علل انحطاطها؟ .3وكيف تستأنف دورها؟ ووسيطان أساسيان: .4يصل بين الأول والثاني :كيف تنقلب القوة إلى ضعف الانحطاط؟ .5ويصل بين الثاني والثالث :كيف ينقلب الضعف إلى قوة الاستئناف؟تلك هي الأسئلة الخمسة التي أحاول الجواب عنها بإيجاز وهي في الحقيقة أسئلة عالجتها وأجبت عنها دون أن أجمعها بصورة نسقية كما في هذه المحاولة.وما يسّر الجواب كان انتقالي من البحث الفلسفي الأكاديمي المجرد عند تغربي في ماليزيا للتدريس فحاولت قراءة القرآن الكريم قراءة تدبر فلسفي.استنتجت تعريفا للقرآن الكريم أعلم أن قبوله ليس يسيرا في ثقافة دينية إسلامية قلبت معاني القرآن كلها فقرأته بعكس ما طلب :فصلت 53وآل عمران .7فالقرآن الكريم بوصفه رسالة خاتمة هو \"استراتيجية سياسية لتوحيد الإنسانية عمادها نظام تربوي ونظام سياسي لتعمير الأرض كلها بقيم الاستخلاف\". 12 2
للاستراتيجية وجهان: .1تحريف الرسالة الواحدة هي الديني في كل دين. .2جاهلية الإنسان الواحدة في كل حضارة.وكلا الداءين مولد للثاني ومحفز له .فتحريف الرسالة يولد الجاهلية وجاهلية الإنسان تولد التحريف .وهذا التفاعل رمزه عبودية \"دين العجل الذهبي\".والتجربة السياسية المحمدية-تربية وحكما -هي تحقيق عينة من هذه الرسالة الكونية التي ليس لها حدود في المكان ولا في الزمان بل هي تشمل الكون كله.ومن ثم فلا يمكن تصور العولمة الحالية قابلة لأن تبقى إذا لم تقض على الإسلام .لكن الإسلام هو الذي سينتصر فالإنسان بدأ يدرك خطر العجل الذهبي.معركة الإسلام حاليا ليست بأدوات الحرب العنيفة بل بأدواتها اللطيفة :كيف نبدأ بأنفسنا فنجعل البشرية تدرك ضرورة التحرر من \"العجل الذهبي\".لذلك خصصت عدة فصول لمعنى سلطان العجل الذهبي وأدوات تسلطه على الإنسان بطريق السيطرة على الذوق والعلم بمستوييهما أداتي لاستعباد البشرية.فذلك سيكون يوم الفتح الثاني فيدخل الناس أفواجا في دين الله الذي هو العلاج الوحيد للإنسانية حتى تتحرر من عبودية العجل الذهبي :سر الاستئناف.انطلاقا من حد القرآن هذا يمكن أن نجيب عن الاسئلة الخمسة .ونبدأ بالأول .ما سر قوة الأمة؟ السر مضاعف فهو يتعلق بالقوتين المادية والروحية. من يقرأ القرآن بتدبر يكتشف السرين: 12 3
.1تجاوز ما يفرق البشر كبشر (النساء 1والحجرات .)13 .2تجاوز ما تفتيت المعمورة بينهم كمستعمرين في الأرض.بإيجاز السر المضاعف :وحدة البشرية في عقيدة الإسلام ووحدة المعمورة في دولة الإسلام .ولوجهي السر نتائج وتبعات هي التي تفهمنا تاريخ حضارتنا.فالوحدتان \"عولمة\" مبنية على عقيدة الأخوة البشرية التي يستمد منها البشر رزقهم الروحي وعلى وحدة التسخير الذي يستمد منه البشر رزقهم المادي.وانطلاقا من تحليل مقومات هذا الاستراتيجية سنحاول الجواب عن الأسئلة المحيرة لكل مسلم يقرأ تاريخ الأمة بعين التجرد والنقد الإصلاحي. ثورتان: .1نظرية المرجعية مصدر الرزق الروحي وشرط تحرير البشرية من تحريفها .2نظرية الأحياز مصدر الرزق المادي وشرط تحرير البشرية ومن تحريفهاوالثورة الأولى هي ثورة الحرية الروحية :العلاقة المباشرة بين الإنسان وربه وتحريفها هو الوساطة الكنسية التي تحول التربية إلى سلطة طاغوت روحي.والثانية هي ثورة الحرية السياسية :الحكم ليس حقا إلهيا للحكام (الوصية) ولاحقا طبيعيا(الغلبة) بل أمر الجماعة .الشورى 38تعني جمهورية ديموقراطية. ومدارها الرزقان: -الروحي وبه تبدأ (الاستجابة للرب) -والمادي وبه تنتهي (الانفاق من الرزق) ولما كانت البداية تتعلق بالرب وليس بالإلهية فهي كونية.ومعنى ذلك أن الإسلام يقبل بالتعدد الديني شرطا في التسابق في الخيرات (المائدة )48 ويعتبر سياسة العالم كونية لأن البشرية يوحدها الرزقان. فيقضي بذلك على التحريف والجاهلية علتي الصراع بين البشر: .1مصدر الصراع الديني والطائفي .2ومصدر الصراع السياسي والطبقي: 12 4
الصراع العرقي يجمعهما.وهذه الصراعات الثلاثة تنتج ضرورة عن دين العجل الذهبي :أصله عقيدة عرقية للدين تستحوذ على الرزقين الروحي والمادي لاستعباد البشر بوصفهم جوهيم.والتحريف الروحي جعل الله رب جماعة تسمي نفسها شعب الله المختار والتحريف المادي هو اعتبار بقية البشر جوهيم :والهدف سلطان كوني بمنطق العجل.وقد حللنا آليات هذا السلطان الكوني الذي يحرف أداتي الفاعلية الرمزية :رمز الفعل أو العملة وسلطانه البنك وفعل الرمز أو الكلمة وسلطانه الإعلام.والسلطان الأول أصله التضليل الاقتصادي والسلطان الثاني أصله التضليل الثقافي للتحكم في الذوق والعلم أداتي السلطان على بدن الإنسان وروحه. 12 5
نمر الآن إلى الفصل الثالث لنواصل الجواب عن الأسئلة.اكتشفنا أن سر قوة الإسلام تمثلت في اكتشافه سر قوة الأمة أي الحريتين الروحية والمادية.وذلك هو ثمرة الوجه النقدي من القرآن :مراجعة التاريخ الروحي للإنسانية لبيان كذبة شعب الله المختار أساس استعباد بقية البشر باعتبارهم جوهيم.وتلك هي وظيفة الاستراتيجية التحريرية للإنسانية :الكشف عن دين العجل الذهبي من أهم عناصر النقد الديني في القرآن .ومن هنا أهمية رسالة موسى.ما رفضه أصحاب العجل هو التحرير من العبودية الفرعونية التي أعاد أصحاب العجل صوغها في شكل دين العجل الكوني بأداتي العبودية الروحية والمادية.ومن يتدبر القرآن هذا التدبر يدرك حتما أن ما يحدث حاليا أمر طبيعي جدا :لا يمكن للعولمة بمنطق العجل أن تتعايش مع عولمة الكونية الاستخلافية.وانطلاقا من هذه الحقيقة يصبح بالوسع أن نكتشف استراتيجية حرب الأولى على الثانية والانتصار عليها بالسلاح اللطيف المحرر من عبوديتي العجل الذهبي.وهو ما سأحاوله رغم سخافات أبي قتادة الغارق في تخريف العلوم الزائفة التي لا يفهم علة زيفها فيحدد بمعاييرها منزلة عملي بالقياس إلى تخريفه.وحكمه لا يختلف عن حكم أي علماني على عملي بالقياس إلى تخريفه من منطلق اطلاعه السطحي على فضلات ما تجاوزه الفكر الغربي الذي يدعي الكلام باسمه.يعيشان في متردم الفلسفة والكلام الوسيطين بشعارات التأصيل (ابو قتادة) والتحديث (أي حداثي عربي) دون ما حققته المدرسة النقدية عندنا وفي الغرب.اشتراط أبي قتادة تجاوز الاجتهاد للحصول على مرتبة المفكر الإسلامي-وهي منزلة لم أدعها ولا أحتاج إليها ولا تشرفني ايضا -من أغبى رأي سمعته. 12 6
ذلك أنه ضرب مثال الشافعي وابن تيمية وابن قيم في كلامه على ما سماه \"من هو أبو يعرب المرزوقي\" في تخريفاته .فاجتهادهم ليس من نفس الطبيعة.وما له علاقة بالفلسفة من اجتهادهم لا يفهمه أبو قتادة قطعا .ولو كان مفهوما لما تخلفت الأمة فأنتجت أمثال ابي قتادة مفكرين يخرفون لغير عصرهم.أعتقد أن مثل هؤلاء ينبغي أن يوضعوا في المتاحف من آثار فكر عصر الانحطاط ولا علاقة لهم بعصر الاستئناف العصر الذي نحقق فيه شروط التحرر من الانحطاط.بلغت به الوقاحة إلى تحديد وظيفتي للرد على العلمانيين لكأن الفكر الفلسفي وظيفته رد الفعل على زيد أو عمرو ظنا أن البناء يحقق مرض المتكلمين.وهو يقصد أن الفكر المبدع من جنس تخريفه بمضغ محفوظات عصر الانحطاط التي يعتبرها فكرا وهي من سقط المتاع وعلل فقدان الأمة لشرود السيادة والريادة.وهذا التعليق لا يخص أبا قتادة بل كل من يفكر مثله ويعتبر علوم الملة التي ربي عليها ما تزال ذات فائدة عدا كونها من ميت التراث وليس من حيه.تكلمت على سلطان العجل الذهبي واستعماله للرمزين أداتين للسيطرة على الذوق والعلم مصدري حاجات الإنسان الذوقية والعلمية بمستوييهما كليهما.وهذا السلطان هو أصل العولمة التي لا يمكن تتعايش مع الإسلام لأنه يتأسس على الحريتين المحررتين من العبوديتين مصدر قوة دين العجل وسلطانه.ولهذا كانت استراتيجية القرآن النقدية بيان علة هذين العبوديتين :التضليل الاقتصادي (عملة الربا) والتضليل الثقافي (كلمة الباطل) :بداية التحرير.وعلى هذا الأساس وضع القرآن شرطي قوة الامة :الحرية الروحية والحرية السياسية هي سر قوة الأمم ونفيهما هو سر ضعفها .منطق العجل :الاستضعاف. وبذلك نصل إلى فنيات الاستضعاف وهو المسألة الثانية :علل الانحطاط. فالانحطاط هو الذي ينتج عن فنيات الاستضعاف من الداخل والخارج بالعبوديتين.لا تستضعف أمة حققت الحريتين الروحية والحرية السياسية ومن ثم فالاستضعاف أو علل الانحطاط ليست شيئا آخر غير نفي هذين الحريتين في الجماعة. 12 7
ثلاثة أسئلة: .1ما سر قوة الأمة؟ .2وما علل انحطاطها؟ .3وكيف تستأنف دورها؟ ووصلتان: .1كيف تنحط القوة؟ .2وكيف ينقلب الضعف إلى قوة فيتم الاستئناف؟بهذه الأسئلة الثلاثة بدأنا هذه المحاولة ولم نجب إلا في فصلها الثالث عن السؤال الأول أي عن سر القوة وبقي سؤالان والوصلة بين 1و 2ثم بين 2و.3سنخصص الفصل الرابع للسؤال الثاني وما يصل بينه وبين السؤال الأول .ونخصصالفصل الخامس يتعلق للسؤال الثالث وما يصل بينه وبين السؤال الثاني .وفي الوصلتين سر الداء وسر العلاج.والوصلة بين 1و 2هي ما يحل بمقومات الذات الإنسانية بسبب التربية والسياسة وهي سر الازدهار والانحطاط في آن ومن ثم نقل القوة إلى الضعف.والوصلة بين 2و 3هي ما يحل بالأحياز الخمسة أو كيان الجماعة من مناسبة أو عدم مناسبة لشروط الحماية والرعاية أي الشروط الموضوعية للسيادة.وأصحاب السلطان الذي نسبناه للعجل الذهبي يفعل في الوصلتين أي في مقومات الذات الإنسانية لإفساد معاني الإنسانية وفي كيان الجماعة لتقزيمها.فيكون مدار المحاولة كلها السؤال الأول المتعلق بسر قوة الإنسان فردا وجماعة وكيفية جعل الحريتين عبوديتين بالفعل في مقومات الذات وكيان الجماعة.السؤال الثاني والانتقال إليه من الأول :ما علل الانحطاط وكيف يبدأ بإفساد معاني الإنسانية أي بمقومات الذات الإنسانية الخمسة يجعلها عقيما؟ 12 8
من يتابع المحاولات يعلم أن مفهوم \"فساد معاني الإنسانية\" من وضع ابن خلدون .ويعلله حصوله بعنف بعدي صورة العمران أي السياسة بما هي تربية وحكم.لكن ابن خلدون تكلم على آثار هذا الفساد على سلوك الإنسان دون الاعتماد على تحديد دقيق لمقومات الذات الإنسانية الفردية وفشوه في الجماعة.وذلك ما فرض تحديدها بدقة وتحديد على الفشو في الجماعة بالاستناد إلى التناظر بين مقومات الفرد ومقومات الجماعة بتوسط نخب الجماعة أي جماعة.فأما مقومات الذاتي فهي الإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود .فالنخب تتحدد بغلبة أحد هذه المقومات :كل واحدة تجمع من تغلب عليهم واحدة منها.فالسياسية يغلب على المنتسبين إليها مقوم الإرادة .والمعرفية مقوم العلم .والاقتصادية مقوم القدرة .والفنية مقوم الحياة .والرؤيوية مقوم الوجود.وهذا هو التناظر الذي يفسر فشو فساد معاني الإنسانية وانتقالها من الخاصية الفردية إلى الخاصية الجماعية فتفسد معاني الإنسانية أو تصلح فيهما. وذلك هو سر الانتقال من قوة الجماعة إلى ضعفها أو الانحطاط.وعلينا إذن أن نجيب عن السؤال الثاني بالاعتماد على هذه الوصلة بين السؤالين 1و.2وقد وضعت هذه النظرية لفهم انتقال فساد معاني الإنسانية بالعدوى من الأفراد إلى الجماعات باستبداد بعدي السياسة (صورة العمران) :التربية والحكم.وسنرى أن صورة العمران تصور مادته التي هي متمم التربية أو الرعاية ومتمم الحكم أو الحماية وهما مقوما القوة والسيادة في أي جماعة من الأحرار.وبينت فروع الرعاية التكوينية والتموينية وفروع الحماية الداخلية والخارجية ومجموعها عشرة مع ممثل وحدتهما :ممثل ارادة الأمة كجماعة حرة وسيدة. السؤال كيف تنحط الامة هو عينه السؤال كيف تفسد هذه الوظائف.وكيف تفسد يعني كيف تصبح حائلة دون الحريتين الروحية والسياسية بسيطرة دين العجل. 12 9
فيصبح السؤال :كيف تنحط الامة هو كيف تفسد صورة العمران وهو عينه كيف تفسد معاني الإنسانية في الأفراد وفي الجماعة فتنقلب الحرية إلى عبودية؟ 12 10
السؤال الاخير كيف ينقلب الضعف إلى قوة أو الانحطاط إلى ازدهار؟ سؤال جوابه هو عين استراتيجية القرآن في بناء الأمة الإسلامية ببعدي السياسة.والسياسة بالمعنى القرآني غير كاريكاتوري التأصيل والتحديث :فهي تربية الإنسانية وحمايتها فردا وجماعة بصورة تجعله يعمر الارض بقيم الاستخلاف.لذلك فمفهوم الإسلام للسياسة بما هي تربية وحكم تشمل تتجاوز الداخل والخارج بمعنى أنها نظام أمة ونظام الإنسانية بمبدأي النساء 1والحجرات .13وبهذا المعنى فالدولة الإسلامية كونية بالجوهر في مستوى فلسفة التاريخ لأنها تعين الرسالة الكونية في مستوى فلسفة الدين ببعديه النقدي والبنائي.فيكون الاستئناف الإسلامي مثل النشأة الأولى رسالة لتحرير البشرية من تحريفات الديني في كل دين بمفعول دين العجل الذي يستعبد الإنسانية كلها.ولا يعني ذلك أن استئناف الإسلام رسالته التاريخية الكونية لا بد خوض حرب عالمية بل مجرد تطبيق الأمة لقيم الإسلام يجعلهم نموذجا جاذبا كونيا. فالنموذج الجاذب اليوم هو نموذج العجل الذهبي أو ما يسمى بالحلم الأمريكي. فجل سكان العالم لو استطاعوا لهاجروا إلى أمريكا والعلة سلطان العجل.وقوة الجاذبية هنا هي قوة التضليلين اللذين درسناهما تضليل رمز الفعل (العملة والاقتصاد) وتضليل فعل الرمز (الكلمة والثقافة) :إظهار العبودية حرية.فمنطق العجل هو الإخلاد إلى الارض الذي وصفه القرآن بلهيث الكلب :فالإنسان عبد لرهن حريته لسلطان البنك الاقتصادي ولكنيسة الإعلام الثقافي.وهو يتوهم أنه حر لكنه في الحقيقة مجرد قطعة في مكينة جهنمية لم تحرر العبيد بل عممت العبودية لتربية (الثقافة) وحكم (الاقتصاد) مجهول الاسم.ولا يمكن للإسلام أن يستأنف دوره إلى إذا فكك هذه الآليات كما فعل أول مرة عندما فكك عبودية التربية (الكنسية) والحكم (الحق الإلهي) بالحريتين. 12 11
والحريتان هما المضمون الديني في كل دين عندما نخلصه مما فيه من تحريف وجاهلية: فالنقدي من القرآن يلغي العبوديتين والبنائي يؤسس الحريتين. وكون الاستئناف لن يكون إلى كونيا كما كانت النشأة الأولى هو علة ظاهرتين: .1حال الأمة. .2عالميتي حضارة العجل قبل النشأة وقبل الاستئناف.فقبل النشأة كان العالم المتحضر يحكمه قوتان فارسية وبيزنطية والإسلام حرر الإنسانية منهما\" :جئنا لنحرركم من عبادة العباد بعبادة رب العباد\".واليوم في مرحلة الاستئناف :فهم ممثلو حضارة العجل خطأ موقف نظيريهما في النشأة الأولى فلم يستخفوا بالإسلام كما في نشأته بل أعلنوا عليه الحرب.ما يجري اليوم هو أن شكلي دين العجل تعلما من التجربة الأولى التي استخف أصحابها من دعوة الإسلام فأزالتهما .يريدون القضاء على استئناف دوره.ومن دلالات غباء ما يسمى بقيادات حركات الجهاد الحالية أنهم يدعون الاستئناف بمقاومة أخلاقها ،أخلاق العجل الذهبي :فهم أمراء حرب وليسوا ثوارا.فقولة رسول جيش الفتح \"جئنا لنحرركم من عبادة العباد بعبادة ربهم\" لا يمكن لأن منهم من يقولها لأنهم فاقدون لحريتي الإسلام :الروحية والسياسية.فهم يتصورون قياداتهم الفكرية وقياداتهم العسكرية التي نكصت إلى العبوديتين من جنس صحابة رسول الله فاتحي العالم بأخلاق حريتي ثورة الإسلام. فتربيتهم وحكمهم بطاغوت العلماء والأمراء الزائفين.كل الداء في العلوم والاعمال الزائفة التي تجاهلت فصلت 53وتجرأت على آل عمران .7 12 12
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
فصارت كل \"دويلات\" المسلمين عامة والعرب خاصة محميات استعمارية ليس لها من الدولة غير الاسم لأنها فاقدة لشروط الرعاية والحماية مقومي السيادة. 22 16
خصصنا الفصل السادس لكيفية توظيف أصحاب العجل للجغرافيا ليجعلوها عامل ضعف بالحيلولة دون شروط التنمية المادية :التفتيت لمنع شروط الرعاية والحماية.فمنع شروط الثروة الكافية لتحقيق شروط الرعاية والحماية يقتضي بعد التفتيت الجغرافي التشتيت التاريخي للقضاء على التراث الكافي لوحدة الجماعة.وفي كلمة :فنيات الغزو بالرمزين مدارها منع شروط التنمية المادية (الثروة) وشروط التنمية الروحية (التراث) بفاعلية الفيروس المتطفل على كيان الأمة.درسنا في الفصل السادس كيفية تفتيت الجغرافيا إلى دويلات متناحرة عاجزة عن الرعاية والحماية بسبب فقدان شروط التنمية المادية فتصبح محميات للمستعمر.والآن في الفصل السابع ندرس كيفية تفتيت التاريخ حتى يزول اللاحم الروحي الواصل بين هذه الدويلات وحتى تصبح النخب تعرف هوياتها بنفي هذا اللاحم.فجميع النخب التي بيدها الحل والربط في المحميات التابعة صارت تعرف ذاتها وما تسميه دولها الوطنية بما تقدم على الإسلام أو بما تأخر عنه في رأيهم.فليست الدويلات ذات الأنظمة التي تدعي القومية وحدها بل وكذلك الدويلات ذات الأنظمة التي تدعي الإسلام كلها أصبحت تبحث عن شرعية بنفي المشترك.إنه منهج الحرب على الرابط التراثي بين شعوب الأمة وقبائلها الذي أسميه تشتيت التاريخ نظير تفتيت الجغرافيا .والأصل هو الفتنتان الكبرى والصغرى.والفتنة الكبرى معلومة للجميع .ويمكن تحديد الفتنة الصغرى بنفس المعيار :الكبرى فتتت اللاحم الروحي بموقف من علاقة الدين بالسياسة .والصغرى مثلها.في الكبرى الفيروس مما تقدم على الإسلام :استعادة الكنسية والحق الإلهي في الحكم وجعل الحكم جزءا من العقيدة :تحريف فارسي بيزنطي لسياسة القرآن.وكان رد العرب الذين كانت الدولة بيدهم المحافظة على نظرية الإسلام في القول والعودة إلى القبلية العربية في الفعل أي حق القوة :الدولة الأموية. 22 17
أما الفتنة الصغرى فهي العلمانية :مشكل علاقة الدين بالسياسة :نفي كل علاقة بين الديني والسياسي بعد شرعية حل الوصية الشيعي وفصام الحل السني.الغزو بفيروسين متقدم على الإسلام ومتأخر على الإسلام :ما قبل الإسلام أنتج فيروس الفتنة الكبرى وبعد انحطاطه واستعماره فيروس الفتنة الصغرى.وكلاهما يحارب فلسفة القرآن السياسية تربية وحكما :فالكنسية الدينية والكنسية العلمانية والحق الإلهي والحق الطبيعي في الحكم هما الداء الحالي.فتشتيت التاريخ هو استراتيجية الحيلولة دون التنمية الروحية الثقافية وتفتيت الجغرافيا هو استراتيجية الحيلولة دون التنمية المادية الاقتصادية.وبهما يضعف الفيروس كيان الأمة فيتمكن من التطفل عليه بتغذية دوافع التفتيت الجغرافي والتشتيت التاريخي :وتلك خدمة القومية والطائفية للاستعمار.وليس من الصدفة أن يكون هم أصحاب الفتنتين الأول الحط من مقومي مرجعية الإسلام: القرآن والسنة .وحتى تكتمل صورة الحرب عليهما الموقف من الصحابة.والهم الواحد يجعل الشيعي والعلماني متحالفين وحليفين للصهيونية والاستعمار ويحاربان مرجعية الإسلام وأساس دولته :سنة العرب بداية والاتراك غاية.والأنظمة العربية بصنفيها العسكري الذي يدعي القومية والقبلي الذي يدعي الإسلامية ونخبهما بسبب كونهم موظفين في المحميات عملاء لهؤلاء الأعداء.لذلك فهم مع الحلفاء من الأعداء وظيفتهم الأساسية الحرب على وحدة التراث التي هي سر اللواحم الروحية في الجماعة شرط الإبداعين الذوقي والعلمي.ولما كان الإبداعان الذوقي والعلمي يمثلان سر القدرة على سد الحاجات المادية والرحية شرط الرعاية وشرط الحماية فإن حرب التراث أخطر حرب الثروة.ذلك أننا رأينا أن الذوق بمستوييه يحدد الغايات والعلم بمستوييه يحدد الأدوات .فإذا ضربت الأدوات لم يبق للغايات إلا الأماني وتزول الحقائق.ومن لم يبق له من شروط سد الحاجات إلا الأماني يصبح تابعا لمن يتحكم في سدها فيصبح عبدا له :العبودية متعلقة بالرعاية وبالحماية .وتلك حال العرب. 22 18
فمن له بعض مال يمكن أن يستورد ما يسد به الحاجات الأولية ولا ينتج شيئا منها أما الروحية فهي مستحيلة لأن المستعبد يقلد ولا يبدع فسيده مثاله.فهو تابع في الرعاية وأكثر تبعية في الحماية .هم توابع في الرعاية بالاستيراد وفي الحماية بدليل قواعد الحامي الاستعماري وسلطان إيران وإسرائيل.أما فقراء العرب فالتبعية في الرعاية مضاعفة لعجزهم عن الاستيراد وهم كذلك بحاجة للحماية لأن بقاءهم مجرد حراسة لمصالح من يرعاهم ويحمي مصالحه.وهذا النوع الثاني من التوابع بدأت نخبه قبل نخب النوع الأول الحرب على المرجعية بدافع الفتنة الصغرى والفتنة الكبرى والحاجة إلى الرعاية.والآن لحق بهم من كانوا يتوهمون أنهم أغنياء فأعلنوا الحرب على المرجعية بنفس الدوافع وما بقي لهم من وهم الثروة يستعملونه لمنع ثورة الأمة.وهنا يتدخل أصحاب العجل الذهبي بصورة علنية حماية للأنظمة بنوعيها العسكري والقبلي ولنخبهما العميلة ضد شعوبهم التي ثارت لاستئناف دور الأمة.وما أنا إلا صوت يحاول أن يعبر عن أعماق هذه الثورة وأن يفضح آليات الفيروسين اللذين يتطفلان على كيان الامة الجغرافي وثروتها والتاريخي وتراثها. 22 19
الفصل الأخير للمرجعية أي للحيز الأصلي الذي يوحد الأحياز الفرعية الاربعة المكان والزمان وثمرتي تفاعلهما بعمل الذوق والعلم أي التراث والثورة.وسيكون الكلام على دور المرجعية عامة وحرب اصحاب العجل عليها بداية وغاية لتفتيت وحدة الجغرافيا لإضعاف الثروة وتشتيت التاريخ لإضعاف التراث.والكلام العام على دور المرجعية بذاتها وبصفتها أصلا لفروعها وفنيات الحرب عليها هدفه نظري عام والتطبيق يختار مثال المرجعية ودورها والحرب عليها.والأهم هو بيان استراتيجية القرآن التي تخصص القسم النقدي للتجربة الإنسانية الروحية والسياسية والقسم البنائي استراتيجيته البناءة بالحريتين. الفصل الثامن والأخير يعالج ثلاثة موضوعات: .1نظرية دور المرجعية والحرب عليها عامة .2تطبيقها على الحالة الإسلامية .3استراتيجية القرآن النقدية والبنائيةالمرجعية في كل حضارة حددها ابن خلدون في الباب الأول من المقدمة :الأصل توقع المستقبل أي أثر العلم في الذوق بمستواهما الأول أصلا لمستواهما الثاني.وتلك هي بداية الأديان الطبيعية والكهانة والعلوم الزائفة التي تتعلق بالمستقبل وفي نفس الوقت بعبادة قوى الطبيعة عرفانا واعتمادا واستمدادا.ولما كانت الطبيعة يتداول عليها السمان والعجاف من السنوات فإن هذه الأديان الطبيعية تتشكل بهذا التداول واستراتيجيات دور الذوق والعلم فيهما.فتبدأ ثمرات التفاعل بين الجغرافيا والتاريخ بمقتضى فعل الذوق والعلم لحل معضلات التراث والثروة شرطي البقاء الروحي والمادي في الجماعات كلها.وبذلك يتفرع دور الأحياز الأربعة المكان والزمان والتراث والثروة عن هذه الأديان الطبيعية الأولى التي ينتظم بها العمران بحسب الخصب والجدب. 22 20
وبهذا يصنف تحريف الديني الخالص :اثنان طبيعيان واثنان منزلان محرفان وأصل واحد للطبيعيين والتحريفين هو الشرك بعبادة قوى الطبيعة والتاريخ :دين العجل.وهذا التصنيف (الحج )17هو الذي يفهمنا دور إبراهيم بداية وموسى غاية في صورتهما القرآنية :ثار على عبادة الطبيعة والثاني على عبادة التاريخ.ورمز الطبيعة هو عبادة الأفلاك ورمز التاريخ هو عبادة الحكام وتأليههم .فالصابئية والمجوسية عبادة الطبيعة وأصلهما شرك الفرعنة السياسية(تاريخ).ما يعني أن عبادة الطبيعة هي بدورها ناتجة عن عبادة التاريخ أي إن الحكام بتحكمهم في الأرزاق يتألهون ويؤلهون مصدر الأرزاق مدعين عليها سلطانا.بداية التحرر دين إبراهيم للتحرر من عبادة الطبيعة بداية للتحرر من عبادة المسيطرين على البشر بها :عبادة العجل وقد تبناها محرفوا دين موسى.وبذلك يكون الدين الخاتم الذي هو الديني في كل دين إصلاحا محمديا روحيا وسياسيا يحرر البشرية من تحريف ثورة إبراهيم بداية وثورة موسى غاية.وهو إصلاح بمنهج التصديق والهيمنة ورمزه تبني اصلاح عيسى الروحي (الوازع الذاتي) وإصلاح محمد الحكمي (الوازع الأجنبي) :بعدا السياسة تربية وحكما.تلك هي أهم مقومات فلسفة الدين القرآنية .ولذلك فالإسلام هو الإيمان بالحريتين الروحية والسياسة اللتين تمثلان الديني الخالص :الدين عند الله. ولما كانت الحريتان قد ألغاهما التحريف والجاهلية كان القرآن ذا بعدين: .1نقدي للتحريف والجاهلية .2بنائي لبديل يحقق الحريتين الروحية والسياسيةتلك هي المرجعية وتكوينيتها أصلا لوحدة الأحياز ودورا في قيام الإنسان ذوقا وعلما بمستوييهما كليهما والحرب عليها تبدأ بفروعها لأضعافها.تكلمنا في نظرية المرجعية الدينية صحيحها ومحرفها عندما كان المشكل تحرير الإنسان من عبادة الطبيعة وعبادة التاريخ وهذه أصل خفي لتلك. 22 21
ولما اشترط القرآن الكريم تبين الرشد من الغي في الحرية الدينية جعل الإيمان مشروطا بالكفر بالطاغوت عبودية تاريخية ابتدعت العبودية الطبيعية.فالفرعنة هي الطاغوت وهي عبودية سياسية تحتاج لعبودية غيبية تحرف الدين القيم بأن تؤله قوى طبيعية تدعي السلطان عليها :سلطان فرعون على النيل.وبوضوح فالقصد أن الحاكم المتأله يدعي أنه هو رب الأرزاق وبها يسيطر على البشر فتكون العبودية السياسية أصل العبودية الطبيعية :الأنظمة العربية.فالأنظمة العربية بنوعيها تتحكم في أرزاقهم وتتأله حتى وإن يمنعهم النفاق من إظهار دعوى الفرعنة في الأقوال لكنهم يمارسونها باستبداد الأفعال.فيحكمون في الشعوب بأدوات العجل الذهبي التي يحكمهم بها سيدهم الحامي إما هو مباشرة (المستعمر) أو بواسطة ذراعيه في الإقليم (إيران وإسرائيل).وهنا نحد ممثلي الفتنتين الكبرى (إيران) والصغرى (إسرائيل) :فالأولى تدعي أن القرآن والسنة محرفان وأن الصحابة خونة .وتخوينهم تشكيك في الرسول.فإذا كان لا يحسن اختيار صحابته وكان صحابته خونة فهو غر لا يعلم شيئا عما حوله فضلا عن دعواهم في أم المؤمنين عائشة مسا بعرضه بعد عقله.وإسرائيل تدعي أنها الدولة العلمانية والديموقراطية الوحيدة في الإقليم والكل يعلم أنها عكس ذلك تماما :فهي دولة التحريف (العجل) والمافية.بوسعي الان أن اتوقف :فقد أثبت ما حاولت إثباته .وعذرا عن الاستدلال شديد التعقيد والطول والتشابك بين العوامل المؤثرة والبنى المتشاجنة. 22 22
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 28
Pages: