الأسماء والبيان
1 مقدمة 1 البحث عن الحقيقة والعدل في الشهادة 1 الماكيافيلية الصحفية 2 4 ميليشيات القانون والقلم 5 المخابرات والاعلام السياسي 7 10 الاعلام وخدمة الاجندات كذبة الشهادة وسخافة الاستقلال 10 11 سخافة الاستقلال كذبة الشهادة 11 الإرهاب الاعلامي
مرة أخرى أعود إلى الإعلام ومليشيات القلم التي تكاثرت والتي أتهمها بالإرهاب الرمزي الذي يغذي الإرهاب المادي ويضخمه في خدمة أجندات مفضوحة. وأقصد بالإرهاب الرمزي أمرين : ▪ الأول يتحدد بالمقابل مع البحث عن الحقيقة . ▪ والثاني يتحدد بالمقابل مع البحث عن العدل في الشهادة . معياران معرفي وخلقي. فبالمعيار الأول أسائل دعواهم الاعتماد على مبدأ عام كثيرا ما يرددونه هو : الخبر مقدس والتعليق حر .وبالثاني أسائل دعواهم دور سلطة المراقبة والتعديل الرابعة التي لا تتجاوز في الغالب الحق الذي يخفي الباطل.وما أظن عاقلا يناقش في الحاجة إلى هذين المعيارين كما لا اظن احدا يشكك في أهمية اساس الوظيفة الصحفية وغايتها إذا راعاهما أصحابها كما يزعمون. ولا مراعاة دون احترام المعيارين المعرفي والخلقي: ▪ في أساس الوظيفة :قدسية الخبر ونزاهة التحليل. ▪ وفي غايتها :شهادة العدل والمراقبة المستقلة.وقبل الكلام على مراعاة المعيارين المعرفي والخلقي أود تحليل مقومات العمل الصحفي الخمسة: 12 1
. 1قدسية الخبر . 2وحرية التعليق . 3وحق المراقبة . 4وعدل الشهادة . 5وطبيعة الوظيفة التي هي أصل المقومات المتقدمة عليها.ولما كنت لست غافلا عن واقعية الإنجاز بالقياس إلى مثالية المعايير فإني لن أميل إلىالأحكام المطلقة بل أراعي نسبية التعيين في كل ما هو مثالي حتى أكون عادلا في توصيفالوظيفة ومنصفا في تشخيص ما أعتبره من أخطر الظاهرات التي ازداد افتضاحها بعدالثورة التي حددت بصورة صريحة الصفوف وبينت من يدعم الاستبداد والفساد أصلا كل إرهاب محلي واقليمي ودولي.سأعمل بقولة مارلو بونتي في ماكيافال :فعنده أن ماكيافال ليس ماكيافاليا لأنه لو كانه لما فضح ماكيافالية السياسة.هدفي فضح ماكيافالية الصحافة عامة رغم أني لم أعمل صحفيا حتى وإن كتبت كثيرا في الصحافة العربية وخاصة المهاجر منها.وسأبدأ بأصل الأبعاد الأربعة أي الوظيفة التي تجعل الصحافي يدعي قدسية الخبر وحرية التحليل والشهادة العادلة والاستقلال عن التوظيف المنحاز. فما طبيعة وظيفة الصحافة التي يسمونها السلطة الرابعة؟ وهل هي بحق سلطة؟ وما طبيعة سلطانها إن كان لها سلطان؟ وينبغي أن نسأل عما يسمونه سلطة رابعة وحتى عما يسمونه سلطة ثالثة.هل هما من طبيعة السلطة بمعناها الشرعي تمثيلا لإرادة الجماعة أم هما من طبيعة أخرى؟ 12 2
ذلك أن من ليس له شرعية تمثيل ارادة الجماعة لا يسمى سلطة سياسية إلا انتحالا لهذه السلطة. ومن ثم فهي سلطة مشتقة وتابعة لإرادة ممثل الإرادة في الجماعة: هي أداة سلطة وليست سلطة. وأبدأ بالقضاء :ليس له إلا فن التقدير لتنزيل قوانين على النوازل ولا سلطان له على التشريع ولا على التنفيذ العائدين للسلطتين التشريعية والتنفيذية الممثلتين لإرادة الجماعة:وهي في الحقيقة سلطة الأغلبية بتعديل المعارضة في مجتمع الشرعية فيه لشعب من الأحرار.إن قبلنا بتسمية التقدير الفني لتنزيل القوانين على النوازل سلطة فالقصد ليس سلطة سياسية بل سلطة معرفية ذات وجهين: ▪ سلطة العلم بالنصوص القانونية المنظمة لحياة الجماعة بمستويات التنظيم كما تحددها أصناف القانون العام والخاص والجنائي . ▪ وفهم تنزيلها على النوازل التي من مجال انطباق هذه الأصناف من القانون.فيكون القاضي بذلك شبيها بمن يفهم القوانين الرياضية ويحسن تطبيقها بالمناهجالعلمية التي تجمع بين المثالي الرياضي والواقعي الطبيعي ليحقق صيغ القوانين الحاكمةللظاهرات الطبيعية ومن ثم فالسلطة القضائية من جنس سلطة العلم وليست من جنس السلطة السياسية.ولو كان القضاة منتخبين يشرعون وينفذون-كممثلي إرادة الجماعة من الساسة الذياختارتهم الجماعة للحكم وللمعارضة بصورة حرية ونزيهة شرطي الشرعية-لكانوا سلطةسياسية ولفقدوا خاصيتهم أي موضوعية المعرفة والحكم المستقل :سلطتهم معنوية أساسها مصداقية اتصاف أصحابها بالعلم والأخلاق. أعود إلى ما يسمونه سلطة رابعة: 12 3
إذا توفرت في أصحابها خاصية شبيهة بما نسبنا إلى القضاء أمكن لنا تسميتها سلطة معنوية مثله وليست سلطة سياسية.وهي تفسد بمجرد تحولها إلى أداة سياسية منحازة لأحد الأطراف فلا تكون في خدمةالحقيقة التي لا ولاء لها إلا لمعايير الحقيقة العلمية ولأخلاق الولاء للمصلحة العامة المستقلة عن الانحياز السياسي.لكن ما ذكرناه في القضاء والصحافة يتعلق بهما إذا بقيا ما يزعمانه لأنفسهما أي سلطة الحكم الموضوعي في النزاعات سلطانها إضافي إلى مصداقيتها.القاضي والصحافي سلطانه الوحيد معنوي مستمد من مصداقيته العلمية والخلقية وإذن فسلطانه المعنوي نسبي إلى مصداقيته في الحكم الموضوعي. وعندما يريد أن يكون ذا سلطان سياسي يصبح أداة أصحاب هذا السلطان. وهنا نجد علة كلامي في الموضوع :فالقضاء والصحافة عندما يريدان أن يكونا سلطة سياسية يصبحان النظير السلبيللفلسفة :أي إن وظيفتهما تصبح عكس وظيفة المعرفة والأخلاق أساسي التفكير الفلسفي الذي يحترم صاحبه نفسه.ولئلا يظن بي وهم الاعتقاد في إطلاق المعرفة بالحقيقة والأخلاق فيكفي التذكير بأن مناظرية نيتشة لم تمنعه من احتقار صحافة عصره بالاعتماد على هذين المعيارين.أما اعتبار الحكم للصحافة أو عليها بمعياري الحقيقة والاخلاق فلست مصدره بل الصحافيون هم أنفسهم الذين يدعون الأبعاد الاربعة المتفرعة عن وظيفتهم كما أسلفت.لكنهم -مثلهم مثل القضاء-بمجرد الانتقال من السلطان المعنوي إلى السلطان السياسييصبحون أداة للسلطة السياسية ولا يمكن أن يكونوا سلطة سياسية لأنهم لا يمثلون إرادةالجماعة تمثيلا له سند الشرعية الوحيد في العقل والنقل :الديموقراطية عقلا والشورى نقلا . إنهم مليشيات القانون والقلم. 12 4
ولا يهم أن كان هذا الانتقال لصالح السلطة السياسية الحاكمة أو السلطة السياسة المعارضة لأن صاحبها يصبح قاضيا ومتقاضيا في آن:وتلك هي حال الصحافة الغالبة في بلاد العرب ولعل الأمر كذلك حتى في الغرب ولكن بشكل أقل مفضوحية.ومن ثم فالقاضي والصحافي بعد الانتقال من دور الحكم إلى دور المتحاكم يصبحان مجرد محاميين لأحد الطرفين المتنازعين في المحاكم والإعلام العام.وهذا التناظر العكسي مع الفلسفة هو ما سماه أفلاطون وأرسطو بالسفسطائية مع فارقكبير وهو أن السفسطائيين يتميزون بفضيلتين منعدمتين لدى جل الصحافيين إن لم يكن كلهم.فالسفسطائيون حائزون على ما يحوزه الفلاسفة من العلم والمنهج والمنطق والمعرفة بحقائق الأمور وهم شجعان لا يتورعون عن تبرير خدمتهم للباطل لنفيهم الحقيقة.ولا بد من تحييز مجال عمل الصحافي بالمقارنة مع عمل طالبي الحقيقة من الباحثين في العلم والفلسفة حتى نعلم طبيعة عقيدته ومنهجه بوعي أو بغير وعي.ومن ثم فغالبيتهم فاقدون بالجوهر للسلطان المعنوي لأن دورهم موظف بالجوهر لخدمة أجندة مؤجرهم. فالفلسفة تتحيز في وظائف تمثيل إرادة الجماعة المسؤولة عن الرعاية :أي في: -1التربية -2والمجتمع الاهلي -3والثقافة أو الإنتاج الرمزي -4والاقتصاد أو الإنتاج المادي-5وأصلها جميعا البحث العلمي الذي يمكن الجماعة من سد الحاجات التي من دونها لا يكون الإنسان فردا وجماعة قادرا على الوجود المستقل والسيادة. 12 5
ومعنى ذلك أن الفلسفة محاولة لفهم دور البحث العلمي وشروطه حتى يحقق القيم الخمس: ▪ الحقيقة :معرفة ▪ والخير :أخلاق ▪ والجمال :ذوق ▪ والحرية :أصلها جميعا ▪ ورؤية المتعاليات في الوجود :معيارها جميعا مرجعية للجماعة المؤلفة من الأحرار.لكن نظيرها العكسي بوعي أو بغير وعي يعتبر ذلك من أوهام الحالمين والمثاليين فيعكس هذه القيم بمنظور واقعي يبدو أكثر مطابقة للمعاملات بين البشر.والسبب هو الحيز الثاني الذي يمثل إرادة الجماعة للحماية وليس للرعاية أي عالم الشك والريبة والخوف المتبادل بين الناس :عالم المغالبة الدائمة. وهذا العالم هو عالم : ▪ الحماية الداخلية: ▪ -1القضاء ▪ -2والأمن ▪ والحماية الخارجية: ▪ -3الدبلوماسية ▪ -4والدفاع ▪ وأصلها جميعا: ▪ -5عالم المخابرات والإعلام السياسي.فالعالم الأول يطلب ما تسد به الجماعة حاجاتها وهو مجال البحث العلمي لتحرير الإنسان بالإنتاج الرمزي (الثقافة) والإنتاج المادي (الاقتصاد) .والعالم الثاني يطلب ما به يتحكم بعض الجماعة في الجماعة وهو مجال المخابرات للتحكم في البشر بخلاف البحث العلمي الذي يهدف لتحرير البشر. 12 6
وعندما يتعلق الأمر بالتحكم في البشر وليس بما يحررهم فإن مجالات البحث والتقصي تتعلق بأدوات التحكم في طبيعتهم الحيوانية :مجال الاستخبارات.ومجال الاستخبارات له صلة بالنزاعات في التعامل بين البشر داخليا وخارجيا والاستعلام عما يمكن من فرض الإرادة بالابتزاز المتبادل وصراع القوى.وهنا يتدخل الجنس والمال والسلطة وكل أدوات الغلبة في التنافس وهي كلها أقرب إلى الابتزاز الدائم من الحوار الودي أو السلمي :واقع مقابل واجب.وهذا هو مجال الاستخبارات ومعها الصحافة حتما سواء كانت استقصائية أو عادية وهي من ثم من أدوات الاستخبارات مثلها مثل الجنس والمال والسلطة.ولا أحد يشكك في أن للأمر علاقة بواقع البشر ومن ينكر ذلك يجهل ما في الإنسان من غلبة للحيوان على الإنسان في كل المجتمعات وليس الأمر خاصا بنا.وطبعا فأصحاب هذا السلطان يعتبرون الفلسفة دليل سذاجة وأصحابها فاقدون للفطنة التي يدعيها من يتصورون أنفسهم فاهمين سنن الواقع بعكس الحالمين.بعد أن عرفنا طبيعة العمل الصحفي ومجال جريانه المفضل عملا بما قاله مارلو بونتي عن ماكيافال فإن ماكيافالية وظيفتها أداة بيد أصحاب السلطة.عرفنا الآن أن الصحافي لا يكون إلا أجيرا في خدمة سلطة سياسية ومالية تستعمل أدوات الابتزاز في وظيفة الحماية بأبعادها الخمسة التي ذكرنا :هو من جنس المليشيا الرمزية.فمجاله هو الخصومات القضائية والأمنية والدبلوماسية والدفاعية وأصلها المخابرات واداته الإعلام المغالط أو المخادع لعدو المتحكم في الجماعة.وقد يكون عدو المتحكم في الجماعة أو بعضها فيكون الإعلام أداة التحكم تحركه المخابرات لخدمة أصحاب السلطة والمال الداخلية أو الأجنبية.بعد كلامنا على تحريف الوظيفة ومجال عملها فلننتقل إلى الكلام على الأبعاد الأربعة التي يزعم الصحافي الكلام باسمها: . 1قدسية الخبر 12 7
. 2وحرية التحليل . 3والشهادة . 4والاستقلال وكلها حقائق يراد بها الباطل : فالخبر لا يكون مقدسا إلاّ إذا زعمناه حقيقيا. لكن جل الأخبار التي تعتمدها الصحافة من فبركة المخابرات إلا ما ندر. وحتى لو سلمنا بأن الخبر حقيقي فهو دائما مضاعف البنية :حدث مصحوب بحديث.والحديث متقدم دائما لأنه هو الذي يحدد دلالة الحدث ومن ثم فليس صحيح أن الخبر محايد. وأكبر كذبة دعوى صدق الصورة. فلا شيء أكذب من الصورة فحديثها هو كيفية أخذها.وحتى الصورة التي ليست مفبركة من حيث كونها صورة لحدث فعلي فإن زاوية التصوير وما يراد إبرازه كله ثمرة حديث يريد صورة تؤيده وليس صورة مجردة.الخبر ليس مقدسا بل المقدس إن وجد هو معيار صدقه ومن ثم فهو الحقيقة التي ليست مطلوب من يوظف الصحفي ويدفع له أجره :مطلوبه خبر يخدم أجندته. فهو لا يمول صحيفة أو تلفزة لوجه الله. وفي الحقيقة فينغي عكس العلاقة بين التحليل والخبر:يمرر التحليل المحقق للأجندة بخبر وبتأييد صورة لهذا التحليل السابق على الخبر نفسه والصانع له.ولعل خبر جهاد النكاح أدنى صور هذا الصنيع المخابراتي الدال على التحليل السابق والصانع للخبر :فهو اسقاط لصورة أصحابه على اعدائهم قيسا لهم على أنفسهم لذلك فهو دعوى من القائلين بنكاح المتعة. 12 8
وإذا كان هذا حد خيال أصحاب نكاح المتعة فإن خيال المافيات الغربية المتحكمة في العالم يمكن اعتباره مبدع كل صيغ الاخبار الخادمة لأجندتها.وبهذا المعنى فالصحافة ليست سلطة سياسية وهي في أغلب الأحيان فاقدة للسلطة المعنوية لعكسها وظائف طلب الحقيقة.إنما هي أداة سياسية ووسيلة إرهاب رمزي أخطر من الإرهاب المادي كما يتبين من كلام صحافتنا المأجورة عما يجري في الشام والعراق مثلا.واستكمالا للمقارنة فإن نسبة تحليل الخبر في الصحافة يمكن أن تكون نسبة تجربة ظاهرةطبيعية لتفسيرها أو ظاهرة إنسانية لتأويلها إذا راعت ما يجعلها ذات سلطة معنوية لكنهافي الغالب عكس ذلك ومن ثم فهي فاقدة لكل سلطة عدى سلطة السلاح الإرهابي في التعتيم على جرائم مموليها ومسترزقيها.إنها بالأخرى عكس ما يطلبه كل إنسان له قدر محترم من العلم والأخلاق في أكثر منتسع وتسعين في المائة حتى لو كان ذلك بدون وعي وخاصة من عامتهم لأن المحدد هوقياداتهم أو رؤساء المافيات الإعلامية التي تتكفل بسياسيات التحرير وانتقاء الاخباروتوجيه الرأي العام :ذلك أن العلم يريد امتحان نظرية والصحافة تريد توطيد كذبة هدفها ما سميناه الماكيافيلية الصحفية. وطبيعي أن يكون الأمر كذلك :فمن يستعمل سلاحا لا يكون رحيما بعدوه. ومن يمول وسيلة إعلامية لا يعمل لوجه الله أو لطلب الحقيقة بل هو يخدم أجندة.ولهذه العلة اعتبرت جل الصحافيين وأدعياء الخبرة الذين هم من جنسهم مليشيات قلم يستعملها أطراف الصراع الداخلي او الخارجي لخدمة أجنداتهم. ومن ثم فدعوى قدسية الخبر كذبة ودعوى حرية التحليل سخافة :ففي البحث العلمي لا التفسير للطبيعيات ولا التأويل للإنسانيات بأمر مرسل دون قواعد.تحليل التجارب الطبيعية وتأويل الأحداث الإنسانية عمليات ذات قواعد وأصول تسعى لتحرير الإنسان من المغالطات والكذب أي جوهر الإعلام الموظف. 12 9
أمر إلى العنصرين الاخيرين بعد كذبة قدسية الخبر وسخافة حرية التحليل :كذبة الشهادة وسخافة الاستقلال. ولأبدأ بسخافة الاستقلال :من يدفع للمستقل؟ فإذا كانت الجماعات تدفع لتكوين جيوش للحماية فإن الجيوش نوعان : ▪ جيش السلاح المادي. ▪ وجيش السلاح الرمزي. الصحافيون سلاح كالعسكر. فكيف يستعملان؟فالعسكر يمكن أن يكون جند الوطن من أبنائه لحمايته ويمكن أن يكون مرتزقا لحماية المستبد بالوطن .ومثلهم الصحافيون :جند وطن أو مرتزقة نظام.وأفضل جنود الوطن وصحافيوه ليس من يكون منهم منحازا لطرف في الخصومات الجارية في الوطن بل من يكون حصن الوطن خارج الخصومات على الأقل في الواجب. وقد يبدو ذلك وهما :كيف للجند وللصحافي ألا يكون منحازا لطرف في الخصومات؟ والجواب يسير :فالأمر أبسط مما يتصور الواقعيون:فالولاء للقيم العامة هو الدليل والتمييز بين الولاءين هو الفرق بين الإنسان الحر والإنسان العبد الذي فسدت فيه معاني الإنسانية بمصطلح ابن خلدون.لو كان الفاروق يجهل هذا المبدأ لما عزل خالدا وهو بعيد عنه ويقود جيشا جله معجب به دون أن يخشى انقلابه عليه: كان ولاء جيش الإسلام للشرعية وكان الوازع الباطن غالبا على سلوكهم الخلقي.لم يرفض سقراط طلب طلبته تهريبه ويقبل الخضوع للقانون لو لم يكن يعمل بهذا المبدأ :الولاء للشرعية هو الضامن الوحيد لوجود سلطة معنوية وخلقية. 12 10
وبذلك نصل إلى مفهوم الشهادة العادلة .وهي أهم قيم الإسلام :فالقرآن الكريم يطلب من الإنسان أن يشهد بالعدل ولو على نفسه .لكنها أدنى قيم صحافة الارتزاق.ولكني رغم ما يبدو في كلامي من صرامة ضد صحافة الارتزاق فإني لا أنكر أن طبيعتها وخاصة فساد معاني الإنسانية في الجماعة يجعل ذلك أمرا طبيعيا. ولأختم بقولة مارلو بونتي :ماكيافال ليس ماكيافاليا لأنه لو كانه لما فضح الماكيافيلية.ماكيافيلية الصحافة لست أنا الذي يفضحها بل فضحتها ثورة الشباب فأفقدتها كل سلطانمعنوي ولم يبق لها إلا سلطان التعمية على الحقائق والتغرير بالعشب الذي قد ينطلي عليه \"التبهبير\".أعلم أن جهابذة الصحافة والخبرة في تونس وكل بلاد العرب المقيم منهم والمهاجر سيقولون هذه مثاليات لا يصدفها من يفهم الواقع :فالمهم عندهم الغلبة.لذلك فنصيحتي لهؤلاء الجهابذة أن يطلعوا على ما كتبته عن هذا الوثن الذي يعبده أصحاب الفهلوة من الحداثيين لأنهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون.قد يعتبر الحداثي كلامي على الفاروق وعزل خالد وولاء الجيش الإسلامي من المثاليات. ولعله كذلك. ولكن فليأخذوا مثالا واقعيا من الولايات المتحدة.هل يدور في خلد أحد أن جيش الولايات المتحدة يمكن أن يؤيد مستبدا على الشعب الأمريكي فينقلب على الشرعية بالمرتزقة الذين يحاولون إفشال الثورة؟من يتخيل أن يصبح جل الصحافيين أبواقا لعودة المستبدين بعد ثورة شباب سلمية ولميعسكرها إلا الأنظمة المستبدة التي أنتجت الإرهاب لتأبد بقاءها والأنظمة القبلية التي مولت انقلابها؟ 12 11
هل يعقل أن تجد في البلاد التي السيادة فيها للشعب صحافة لا هم لها إلا تمجيد الظلموالقهر وعبادة المستبدين وادعاء الحداثة وخدمة نظام قروسطي مثل نظام الملالي في إيران الذي استعمر أهم عاصمتين لمجد شعبه :بغداد ودمشق؟كيف لقومي أو ليساري عربي أن يعتبر الكنسية الشيعية التي تحارب ثورة شباب الشام والعراق -وحتى شباب إيران-والكنسية الشيعية التي تمول الثورة المضادة صديقتين؟هل عمي المرتزقة من صحافة العرب عمن مات جوعا في مخيمات فلسطين في الشام وفي العراق؟ وعن قتل نصف مليون وتهجير نصف شعب؟ ما رأي من يدعون مقاومته في زعيمهم المجرم بشار؟ وما رأيهم في زعيمتهم إيران؟فإسرائيل التي يدعون مقاومتها هي التي تتمسك ببقاء المجرم بشار ونظامه الذي يزعمونه مقاوما بقتل خيرة شباب شعبه.وإيران التي تقودهم هي التي تدعي استرجاع إمبراطوريتها أعني محو تاريخ العرب باعتباره باستعمال أحقاد الفتنة الكبرى.ولما كانوا ليسوا عميا لئلا يروا ما يراه الجميع وليسوا اغبياء لئلا يفهموا ما يفهمه حتىالاطفال فإن التفسير الوحيد لمواقفهم هو أنهم مرتزقة :هم مليشيات القلم في خدمة الملاليمباشرة وإسرائيل بصورة غير مباشرة لأن من يحارب ثورة الشباب لا يمكن أن يكون في خدمة الحرية والكرامة أو الحقيقة والعدل. فلا فرق بينهم وبين الحشد الشعبي والشبيحة إلا بنوع السلاح :هؤلاء يستعملون الكلاشينكوف والبراميل والكيمياوي وهم يستعملون الإعلام والأكاذيب.وبذلك يتبين أن الإعلام أو على الأقل جله ليس إلا سلاحا رمزيا إرهابه أخطر من إرهاب السلاح المادي لأنه ويبرر وجوده لتبرير وجود دعوى مقاومته. 12 12
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 20
Pages: