الأسماء والبيانبدر محمد أحمد باسعد
مفهوم الفلسفة عند أبي يعرب المرزوقيالأسماء والبيان 2016-09-08_1437 -12-05
المحتوياتمقدمة 1 ........................................................................................................الفلسفة والأسلوب الفلسفي 2 ..................................................................................من أجل مواصلة التفلسف6 ....................................................................................
فالفلاسفة لم يفهموا فعل التفلسف الذي حصر لا يمكن لأحد أن ينكر أن الصورة الذهنية عنفي بعض ثمراته ،أعني المضمون المسمى فلسفيا الفلسفة في المجتمعات الإسلامية هي صورة سلبية 30عندهم والاقتصار على التقليد ،لدرجة أن معلمهم لكونها تعبر عن موضوع يعادي الدين ،وخصوصا 5إذا تناولناه من ناحية تاريخية في تاريخ ثقافتنا الثاني (الفارابي) قال: العربية. أن الفلسفة قد تمت من عهد أرسطو فلم تبق إلا أن تتعلم أن تعلم. كما أن رموز التيارات الفلسفية في الغالب ليسوا من الإسلاميين ،ولكن –ومع كل هذه الوقائعوأما معلمهم الأخير (ابن رشد) فقد حول 35الحديث عن شرعية الفلسفة إلى مسألة فقهية بدلا التاريخية -ألا يحق لنا أن نتساءل:من كونها وجودية ،تحل بما يصفه القرآن عزم 10هل هذه الصورة النمطية عن الفلسفة تعكس الأمور. صورتها الحقيقية؟كل هذا جعل علماء الإسلام الذين ليس لهم لعل سبب مشروعية ووجاهة هذا التساؤل هودراية حقيقية بطبيعة القول الفلسفي عند الصادقين إقرارنا بأنه ليست كل صورة نمطية تعكس حقيقة ما 40من أهله يعتبرونها في جوهرها عدوة للدين تمثله ،وإنما هي في العادة وليدة لحظة تاريخية والعقيدة.1 15وظرف زماني ساهم في تثبيتهاوالمرزوقي يؤكد أيضا في سبيل دفاعه عن أبو يعرب المرزوقي أحد الثائرين على هذهالفلسفة ،بأنه يجب علينا ألا نستغل تط ّرف الصورة النمطية والساعين لتصحيحها ولكنه من الفلاسفة من أجل هدم الفلسفة ذاتها ومعاداتها، أجل تصحيحها لا يهاجم الإسلاميين الرافضين لها؛ 45فإذا كان التطرف الديني الذي لا يجادل أحد في 20بل أول ما يهاجم يهاجم أدعياء الفلسفة الذين وجوده ولا في شروره لا يوجب إلغاء الأديان؛ ساهموا في إظهار هذه الصورة النمطية،فإن التطرف الفلسفي الذي له هذه الصفات عاذرا علماء الشريعة من جهة ردة فعلهم ازائها، نفسها لا ينبغي كذلك أن يلغي الفلسفات. ومعتبرا المتقدمين منهم خلال العصور السبعة الأولىربما يكون هذا النمط من الاستدلال غريبا بعض أرفع قدرا من فلاسفة تلك العصور. 50الشيء ولكن دعونا نجعل المرزوقي هو من يحل سر 25وليس ذلك لكونهم علماء إسلام أو عربا؛ غرابته. بل لكونهم كانوا فلاسفة أكثر من أولئك الذين اشتهروا باسم الفلسفة!
والثاني علم يسعى إلى فهم الظاهرة اللغوية بما تقوم الفلسفة عند المرزوقي على أساس التمييز 20هي ظاهرة لغوية.2 بين مدلولها الاصطلاحي الذي يفيد ضرباومن هنا يمكن القول أنّ الأنساق الفلسفية مجرد معينا من التراث ،هو محاولات الفكرأمثلة توضيحية للنظرية الفلسفية وليست موضوعات اليوناني وما ترتب عليها في الحضارات لها تستمد منها النظريات بالمنهج الاستقرائي. الإنسانية الموالية، وبين فعل السؤال الطبيعي عن العللفالمضمون العلمي فيها هو حقائق حاصلة 25يصوغها الفيلسوف للتدليل على نسقه ولا يكتشفها القصوى والمعاني النهائية للوجود. وبهذا يمكن أن نعتبر الضرب الأول أحد أشكال به. المعنى الثاني.فالمنهجية الفلسفية منهجية تمثيل وتعليل بعدي رغم ادعاء أصحابها الطابع القبلي، 5إذ التعريف الاصطلاحي هو منتج ثقافي وتاريخي معينلذا سرعان ما ينقلب النسق الفلسفي عند 30الفلاسفة إلى عائق يحول دونهم ومواصلة الإبداع بينما التعريف الثاني ينظر للفلسفة باعتبارها نشاط ذهني غير محدد المضمون ولكنه محدد العلمي في مجالهم. الموضوع ،حيث يبحث في المبادئ الأولى لأي نشاطفالفكر الفلسفي هو فكر (ما بعدي) دائما لفكر 10فكري إنساني،عصره النظري الأرقى ،سواء كان الموضوع نظريا وكلما ارتقى أسلوبنا الفلسفي في التجريد كلما وطبيعيا أو عمليا وإنسانيا. اقتربنا من ميلاد الفكر الفلسفي. 35إذ هو لا يمكن أن يسهم بالنقد واقتراح البدائل ولعل أفضل مثال يفهمنا القصد بالفرق لما لم يتقدم عليه في الوجود الحاصل أو الممكن.3 بين العلاج العلمي الفلسفي الذي بلغ درجةومعنى هذا أن الفلسفة هي عملية مساءلة التنظير الذي يعتد بهمتجددة لثمرات العلوم الطبيعية والإنسانية عندلالاتها المرتبطة بتساؤلات الانسان الكبرى حول والعلاج الفني الذي لا يستأهل اسم العلم 40طبيعة الحياة ،غايتها ،معنى الحقيقة ،طبيعة العلم والفلسفة، الإنساني. ما نلاحظه من فرق بين النحو الخاص بإحدى 15اللغات وعلم اللسان الذي يدرس اللسان بما هو لسانوهي بهذا المفهوم تعتبر شرطا في الدين الطبيعي الذي هو استعداد لفهم الدين المنزل. دون اعتبار كونه هذه اللغة أو تلك.الدين الطبيعي يعني تدين الانسان بمقتضى فالأول مجرد صناعة تستهدف اكتشاف بعض 45فطرته قبل وصول الدين إليه من خلال مساءلته القواعد المساعدة على تعليم لغة من اللغات،
فعلى سبيل المثال نجد أن ابن خلدون لم يعتبر المستمرة لما حوله من الأشياء عن الدلالة التيالفلسفة العملية الموروثة عن اليونان علما نهائيا بل تحملها عن وجود الكون والانسان. 30عدّها مجرد محاولات فلسفية لا صلة لأغلب أي أن المشتغل بالفلسفة لابد أن يكون عالما في تهويماتها بما يحدث فعلا في الوجود الاجتماعي. تخصص من التخصصات الطبيعية أو الإنسانية 5حتى يكون قادرا على التفلسف = أي التساؤل حوللكن فلاسفتنا من الفارابي لابن رشد تصوروامضمون محاورتي الشرائع والجمهورية علما عمليا معنى الظاهرات،مطلقا بدلا من النظر في إعادة صياغته لإثرائه 35بالأحداث الجديدة التي لم يكن بوسع أفلاطون أن بل ويعتبر هذا الشرط علامة للتمييز بين التفلسف الحقيقي والتفلسف الزائف. يعلمها... ومن هنا يستنكر المرزوقي قائلا:أراد الفلاسفة أن يغيرّوا الحقيقة لتصبح مطابقة لما يتصورونه علما مطلقا. كيف لمن هو ليس عالما في أيبعد من أبعاد 10 الظاهرات الإجتماعية (كالاقتصادلم يفهم من ّظرونا بعد أن الكلي العملي ليس أمرا 40حاصلا دفعة واحدة بل هو في صيرورة دائمة يزداد والاجتماع) أن يتفلسف في مصائر الأمم؟خلالها ثراء بالمضمونات الجديدة التي تطرأ عليهفتطور شبكاته النظرية تطويرا يجعلها قادرة على فإذا كانت الفلسفة لا ترد إلى هذه الفنون العلميةالإمساك بالأحداث الجديدة وتفسيرها بتصور ما الإنسانية فهي كذلك ممتنعة من دونها لكونها شرط 15إدراكها المتجاوز تماما كما هو الشأن بالنسبة يمكن أن يكون قوانينها.6 للتفلسف في الطبيعة الذي لا غنى له عن العلوم 45ويرى المرزوقي بأن جل القول الفلسفي العربي ما الطبيعية.يزال أقرب إلى القول الإنشائي الفوقي ومن ثم إلىالقول العقدي البعيد شديد البعد عن القول العلمي إن التفلسف هو مراجعة للوصف العلمي لموضوعلكونه لم يصبح ذا أثر يحدده الجدل الدائم بين معين إما لذاته أو باعتباره أساسا لتعميم نموذجه 20التفسيري بالمقارنة بين الواقع منه ومثاله الأعلى الممارسة النظرية والممارسة العملية، بمقتضى حده.4 50باستثناء ما تم في مجال العلوم الإنسانية والأدبيةلكونه قد حصل بصورة جعلت الممارسة النظرية لذا فكل من لم يتخلص من الحجب اللفظية يبقىتتطور بطبعها إلى أن تضع نفسها موضع السؤال حبيس التبسيطات المدرسية فلا يشرع في التفلسف الفلسفي فتصبح ذات قول ما بعد ذاتي لها: مهما اتسع اطلاعه، 25بل لعل اتساع الإطلاع في هذه الحالة يصبح أكبر العوائق لظن صاحبه أنه بديل من حدة النفاذ وعمق الفهم.5
زاده الخاص إلى الإسهام في تحقيق الزاد الإنساني الأولى :هي صفة الانفصال المعرفي بين العام تدرجا مسهما في إبداع هذا الزاد، القول الفلسفي وموضوعه من الممارسات 25إذ دون ذلك لا تكون الكونية والكلية بين البشر إلا النظرية والعملية.الاشتراك في الحيوانية طبيعة والعبودية للسائد ففي الحالتين استعير القول الفلسفي وكأنه قول تام لكونه لم ينشأ نشأة ذاتية خلال ممارسة النظر تاريخا.7 والعمل.بل إن استثناء العلوم الفلسفية بمنطق سدالذرائع هو العلة الرئيسية في تخلف الأمة الإسلامية وإذا فجله ليس قولا بصدد التحقيق من خلال جدله 30ليس في مجال علوم الدنيا وحدها بل وكذلك علوم 5مع مضمون مستمد من الممارسات الفكرية التي الدين.8 يكون القول الفلسفي (مابعدا) لهاويمكن التأكيد على نفس المعنى من زاوية أخرى إذا استثنينا ما حصل في بعض العلوم التي يسلمإذا نظرنا إلى الأفكار والمؤسسات على أنهما منتج الجميع أنها من إبداع العرب والمسلمين عقلية كانتثقافي يعبر عن رؤية لروح موضوعي يحتاج تبنيها أو نقلية. 35إلى تحليل وتأويل الثانية :هي صفة الانفصال الوجودي بينومن ثم فكل استصحاب حال هو بقصد أو بغير القول الفلسفي وشروطه التاريخية.قصد استقالة روحية من الواجب الفكري والخلقيعندما يحصل من دون أن يتقدم عليه بحث فلسفي 10ففي الحالتين لم يكن ما يجري في المجتمع الموضوع الحقيقي للممارسة النظرية وذا صلة وبما بعدها معمق.9 النظري (الفلسفة) بل الموضوعات الحقيقية التي يتعلق بها النظر تعامل وكأنها أمر بائد ينبغي 40وحتى اليوم لم يسهم الفكر الفلسفي إسهاما التخلص منه ،لتعويضه بما يماشي الفكر الفلسفيجديا في حضارتنا الإسلامية ،وذلك لعلتين هما:10 15من الوقائع والمؤسسات والسنن المستوردة.العلة الأولى هي بناء المسلمين عمارة قيام حضارتهم المادية ونظامهم السياسي على فيصبح الفكر ذا موقف تسلطي لا يعلم الواقع ليعملإلغاء جل مقومات نظرية الإسلام في فيه على علم بل يغصب الواقع بما يتصوره واقعاالقيام المادي والسياسي خلال تبنيهم حقيقيا يطلب استبداله به نافيا المعطى الفعليالاضطراري الأنظمة التي كانت موجودة ليعوضه بمعطى عقدي دافعه الأساسي ليس الحاجة في عصر ثورته. 20الفعلية بل مجرد المحاكاة والتحديث السطحي. فالاستيراد الميت يصيب الأمم اللواقح بالعقم لكونه يحول دونها والمعاناة التي يتدرج الفكر من
للمقارنة بين علم ابن رشد المزعوم مثلا وعلم ابن وأما العلة الثانية فهي بناؤهم جل مقومات قرة الحفيد أو البيروني. نظرية الإسلام في القيام الرمزي والتربوي خلال تبنيهم الاضطراري الأنظمة بنفس المنطق فواصلوا نظام الاستبلاد التربوي. ولذا فإن سر توقف فعل التفلسف عندنا هو: عدم وجود الإبداع العلمي والنظري والمتصل لما بعدهما الطبيعي وبما بعدهما التاريخي. أن التجاوز الذي سعى إليه الفكر النقدي الذي نبع من المدارس الدينية لم يكن من أجل التجاوز المبدع بل كان فقط من أجل الدفاع العقدي عن المذاهب الدينية فلم يتجاوز مرحلة الجدل السلبي إلى مرحلة إعادة البناء المبدع لما بعد طبيعة وما بعد تاريخ جديدين. 5ولا يغرنك ما تم من علوم رياضية وطبيعية في الحضارة العربية .فهذه كانت بمعزل عن الفلسفة بما هي نظريات حاصلة لا بما هي فعل تنظير يكون واحدا في جميع العصور إذا كان القصد به الفعالية العقلية الباحثة في شروط الإدراك العقلي الهادف 10إلى التفسير النسبي للظاهرات المدروسة بدليل الأمرين التاليين: أن العلوم الرياضية والطبيعية كانت من الممارسات الضرورية للحياة الاجتماعية والاقتصادية. الفلاسفة بالمعنى التقليدي للكلمة لم يكونوا ممن أسهم في هذه العلوم بل لو أن العلماء اتبعوهم فاستمعوا إلى ما كانوا يخرفون به لاستحال عليهم أن يتقدموا في العلوم، إذ كان كل سعي جديد لتجاوز العلوم اليونانية يعد 15عند الفلاسفة معارضة للعقل والعقلانية ،فلا وجه
عدم ترجمة أهم الأعمال الفكرية التي واستنادا على هذا نقول أن الفكر الفلسفي يستند تورث التاريخ الإنساني ،أو رداءة من إلي مقومين هما: ترجم منها. المقوم الأول هو موسوعة العلوم التابعة عدم الشروع في التعريب السوي للعلوم عادة للشكل المعروف بالفلسفة والمصطبغ الطبيعية والإنسانية. بخصائصه. الوضعية التي تدرس بها الفلسفة في وأما المقوم الثاني فهو الموقف الوجودي الذي يؤسس عليه الفلاسفة هذه الموسوعة جامعاتنا العربية، فهي وما يترتب على هذا الأساس فيها. ولذا فإن منبع التميز الفلسفي عند أمة من الأممإما اجترارا للتغني بماض فلسفي وحصر البحث فيما أثر في الغرب. 5هو تصورها للهوية عامة ،وهويتها خاصة. أو مجرد تدريس ميت لتاريخ الفلسفة الغربية ومن هنا كانت معرفة الذات منطلقا للاستقلال الحضاري والقيمي. 25متناسية أن تدريس الفلسفة يكون فاقدا لكلمعنى إذا لم يكن ذا صلة حية بالممارستين المولدتين وقد يظن البعض أن الاستقلال ومعرفة الذاتله أعني الممارسة الموضوع ،والأقوال النظرية التي يتنافى مع التتلمذ على الغير في مجال إبداعه تؤسس للممارسة في هذا الموضوع.12 10وسبقه ،وهذا غير صحيح، أن البحث النظري عامة والبحث النظري فالتتلمذ ظاهرة طبيعية وهو ظاهرة صحية إذا في مسائل النظر خاصة ،يعده أصحاب تم بحسب قوانين التتلمذ الذكي، الرأي النفعي السائد مجرد سباحة في لكنه يصبح غباء إذا أصبح مجرد محاكاة وقد الأوهام، تربو هذه الخاصية إذا تحولت العلاقة إلى رفضوهذا الموقف علته غلبة الفكر الفقهي والسوقي 15التعلم باسم التحرر من التتلمذ أو باسم فشل( 30نسبة إلى ذهنية السوق التجارية) على النخبالعربية في التقاليد الوسيطة التي لا ترى فائدة في التتلمذ،التـأمل الفكري المجرد الذي تعده ابتعادا عن الواقع لا مانع من أن نستأنف التعلم الجدي من لظ ّنها إياه مقصورا على المدارك المباشرة. الغرب.11ومن هنا العزوف عن العلوم الأدوات والعلوم المجردة ذلك أننا لم نشرع بعد في التعلم الجدي ،ويكفي 35التي لا يتبين نفعها المباشر. 20دليلا على عدم شروعنا في التعلم الجدي:
وكذلك أنصاف المثقفين الذين قصروا المعرفة على ملخصات الصحف الأجنبية ذات المنحى الجمهوري التقريبي وظنوها علما وفلسفة يغنيان عن معرفة الأصول اليونانية والعربية والغربية الحديثة والمعاصرة.لذلك بات التوجه إلى القارئ العربي بخطاب جدي–فلسفي نظريا أو دينيا عمليا– شبه مستحيل لكأنهسرعان ما يعزف عنه بمجرد غياب الكلام العامالذي عوده عليه فقهاء الوضع وأنصاف مثقفي 5الحاضر.13
2013 1983 hg PMP2007تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 14
Pages: