أبو يعرب المرزوقي أخلاق العبيدأو تشخيص امراض النخب العربية الأسماء والبيان
المحتويات 1 -الفصل الأول 1 - -الفصل الثاني 7 - -الفصل الثالث 12 - -الفصل الرابع 18 - -الفصل الخامس 25 -
--عندما اسهمت في علاج المناورة التي لجأ لها رئيس فقد ادواته كلها ولم يبق له إلا اللعبعلى الوتر الذي يمكن أن يرضي \"المسؤول الكبير\" ،سعيت لتجنب الفخ الذي اراد نصبهللإسلاميين ظنا منه ومن ندمائه أنهم ما زالوا مغفلين كما كانوا في المراحل السابقة من تاريخهم السياسي الحديث.فضلت أن أنقل المعركة إلى أرضهم فجعلتها قانونية واقتصادية وثقافية ،وخاصة في المجالالذي يفضح نفس ما فضحه المسعى إلى جعلهم يعودون بسرعة إلى الحكم حتى يتبين أنهملم يتغيروا حتى يتأكد الشعب أن \"الحكومات الاربع\" هي من أكاذيب الكفاءة المزعومة التي \"مفيزت\" كل شيء في تونس.واحمد الله أن خاتمة هذا الاختبار كانت ردود فعل من مثقفيهم المزعومين ،أعني الحثالةالتي أغلبها من خريجي الحانات و\"بصاصي\" الداخلية والمخابرات من أدناهم إلى اعلاهم، وحتى ممن يتصورونهم زعماء أو قادة.فقد فضحتهم قضية التقرير كما فضحتهم الثورة ،وبينت انهم بقايا \"ال ُقومية\" أو الحركيين. والآن أريد في هذه المحاولة الشروع في علاج قضيتين:• قضية فساد معاني الإنسانية في نخب الحداثة العربية عامة وفي نخب تونس ومصر خاصة (حصرا في من أعرفهم جيد المعرفة)• المرور إلى العلاج البنيوي والفلسفي لمسألة الفرائض وصلتي الرحم الكونية والجزئية في النساء من 1إلى 42وكان يمكن ألا أخوض في المسالة من هذا المنظور لو كان الأمر متعلقا بهذه القضية الظرفية قضية المناورة الرئاسية.أبو يعرب المرزوقي 1 الأسماء والبيان
--لكن تنمر البعض ممن أراد ،وإن بغير وعي ،أن يعيد الإسلاميين إلى المربع الأول فيجعلالمسألة متعلقة بتأويلات القرآن بدلا من علاجها بما يفسد إلى أعدائه لعبة التعالم الهرمينوطيقي.ولما كنت قد عريت الكثير من أدعياء الكلام في المسألة الدينية ،وهم من حثالة أقسامالعربية في تونس ومصر وفرنسا -كلهم منها ناصر حامد أبو زيد ،عركون ،الشرفي ،وهماعلام التخريف حول الفكر الديني مع بعض أدعياء النقد الثقافي في الآدب -وكنت جربت قراءة القرآن فلسفيا ،فإن هذا المنظور بات مطلوبا. لذلك جمعت هذين المدخلين، • أولهما استكمالا للبحث في علل تخلف أدعياء الدفاع عن التحديث من نخب العرب• والثاني استكمالا للبحث في علل تخلف منه هم من جنسهم من أدعياء الدفاع عن التأصيل من نخب الإسلام.ورغم أني عربي ،فإني اعترف بأن أكثر المسلمين تخلفا في التحديث والتأصيل هم العرب.ولا أعني بالعرب من هم عرب بالجنس -وأنا من هؤلاء -بل كل من صارت ثقافته عربيةبعد أن خرجوا من تاريخ الحضارة الإسلامية ذاتها ونكصوا إلى الجاهلية ،ولا يزالون منالماء إلى الماء ،إذ هم في الاقليم أكثر شعوبه فوضى وتخلفا ،وأكثرهم دعوى حداثية هم أقربهم للبداوة والقبلية من المغرب إلى العراق.وإذن فالقضية ليست عرقية وليست حتى حضارية ،بل هي نكوص إلى ما قبل الحضارة الإسلامية: بدأ بسبب الانحطاط،ثم تدعم بسبب وهم استرجاع هويات سابقة على التاريخ الإسلامي في الأنظمة القومية،ولاحقة للتاريخ الإسلامي عند أدعياء الحداثة ممن تبنوا الدولة القومية بالمعنى الأوروبي دون ثقافتها.أبو يعرب المرزوقي 2 الأسماء والبيان
-- وما لم نفهم أن النكوص مخمس الأبعاد: .1نكوص بسبب الانحطاط بالخروج من التاريخ الإسلامي الفاعل والجمود في عادات القبلية التي حررنا منها الإسلام .2نكوص إلى ما قبل الإسلام لتأسيس \"المحميات القطرية\" (فرعوني بابلي قرطاجني) .3نكوص إلى القومية الاوربية في شكلها العنصري ،ثم تبني التنظيمات السياسية الفاشية لأوروبا ما بين الحربين في الاحزاب القومية العربية .4تبني النظام المزعوم اشتراكيا في الانقلابات العسكرية .5وأخيرا تبني الأنظمة القبلية الأكثر تخلفا حضاريا رغم الثراء المادي لليبرالية والعلمنة بقيادة المراهقين :علل الاستثناء العربي الخمسة.ذلك أن الدول الإسلامية التي تحررت مما يحول دونها والجمع السوي بين الأصيل والحديث ،موجودة في غير المسلمين العرب أو الذين تعربوا من أهل الاقليم:فتركيا وماليزيا وإندونيسيا وحتى باكستان ،كلها تمكنت بشيء من النجاح لا يستهان به في تحقيق ما يمكن اعتباره بداية الاستئناف السوي للبناء.وأذكر أن الكثير من البعثيين العراقيين والسوريين على حد سواء كانوا يعادونني لما كنت لا أصدق خطابهم ،وخاصة عندما يدعون أن العراق مثل نمور آسيا وأنه قوة عظمى. كنت اعتبر هذه الكلمة \"قوة عظمى\" لها دلالتها عند القذافي في كلامه على ليبيا. واثبت التاريخ أن العراق أكثر تخلفا من بقية العرب.وما نراه في سوريا والعراق وليبيا وفي مصر وما سنراه في الكثير من دول الخليج التي تبدوغنية من أوهام الحداثة ،لا يحتاج للكثير من العمق حتى نعلم أن العرب كلهم في الهوى سواء وأنهم ما يزالون استثناء لا بد من فهمه للتمكن من التغلب عليه. وأدق تفسير هو مفهوم \"فساد معاني الإنسانية الخلدوني\".أبو يعرب المرزوقي 3 الأسماء والبيان
--وبه أبدأ وصف النخب الخمس التي تتألف منها أي جماعة ذات أنظمة سياسية ومعرفيةواقتصادية وثقافية وذوقية ورؤية تجعلها بحق جماعة يمكن أن تبني حضارة تعبر عنحرية الفرد وأخلاقه وعن قيم الجماعة وشروط قيامها رعاية وحماية ،بحيث تصبح أهلا لأن تعتبر مواصلة لحضارة الإسلام.ولأبدأ بالنخبة الأولى أو النخبة السياسية ،وهي أولى بمعنى أنها هي الابرز في تحليلمسار الشعوب ومصير الدول التي هي العبارة القانونية والحضارية لوجود الجماعة المنظمة بصورة تجعلها ذات كيان له سيادة تعبر عن قدرتيه: الرعاية والحماية الذاتين. وبين أن هذين مفقودتان في كل بلاد العرب.فالنخبة السياسية إذا كانت بحق نخبة وسياسية ،هي النخبة التي تعبر عن إرادة الجماعة، وإذا كانت غير مفروضة على الجماعة فهي من اختارتهم ليكونوا معبرين عن إرادتها.فمن يستطيع ان يدعي صادقا أن من نسميهم ساسة عرب اليوم يعبرون عن إرادة الشعوب العربية بالمعنى الذي عرفته من الماء إلى الماء؟ وعندي معيار بسيط للجواب عن هذا السؤال لأفهم من قد يجادل فيدعي أني أبالغ:الغ امرين وانظر في من تسميهم ساسة ،هل سيتسابقون لتمثيل إرادة الجماعة كما يزعمون: • الغ السند الخارجي الذي ينصبهم عنوة ويعزل من يختاره الشعب • الغ ما صارت عليه السياسة مصدرا للإثراء السريع.إذا وجدت بعد هذين الإلغاءين نفس هذه الوجوه وبنفس هذا الحماس الذي يجعل تونسفيها 200حزب سأعترف لك بأني مخطئ في توصيفي للنخبة التي من المفروض ان تكونمعبرة عن إرادة الجماعة ،وفي الحقيقة تعبر عن إرادة من يوظفها لاستعباد الجماعة مقابل السماح لهم بنهب ما يبقيه لهم من مص دمها.أبو يعرب المرزوقي 4 الأسماء والبيان
--فلو نحينا الفرض الخارجي والسياسة التي هي طريق سيارة للإثراء لغاب التزاحم علىالقيام بهذه المهمة الشاقة ولصار الكثير يزهد فيها ،بل لصار من العسير إيجاد \"متطوعين\" لخدمة الجماعة \"لوجه الله\" أو \"لوطنية\" صادقة. بهذا نعلم الفرق بين \"صلاح معاني الإنسانية\" و\"فساد معاني الإنسانية\".وهذا المعنى الذي أرجعه ابن خلدون إلى خلل في نظام التربية وفي نظام الحكم مفهوميصف النخبة السياسية العربية -مع استثناءات لعل أبرز علاماتها وجودهم في السجون أو في المهاجر -فلسفيا بالصفات التالية: نفسيا كسالى خلقيا منافقين انفعالا (تقية) وخبثاء فعلا (تحيل) يقبلون العبودية.والغاية هي كما وصفهم ابن خلدون \"يردون أسفل السافلين\" عندما تنظر في علاقتهم بمن وضعهم حيث هم أي سيدهم وعندنا نحن العرب أربعة أسياد لهؤلاء الأذلاء: • الذراعان إيران وإسرائيل • ومنه وراء الذراعين روسا وأمريكا. انظر من الماء إلى الماء إذا وجدت ما يخالف ما أصف فأنا كاذب وظالم.وهذا الوصف الخلدوني يناظر وصفا قرآنيا أبلغ لأنه يجمع في نفس السورة -صورة العصر الوجهين السلبي والإيجابي: • فالسلبي يسميه الخسر. • والإيجابي هو شروط الاستثناء منه. وهي خمسة: • أولها الوعي بهذا بفساد معاني الإنسانية الذي هو الخسر • والأربعة الباقية منقسمة إلى نوعين وصفا للفرد وللجماعة. فأما وصف الفرد فمضاعف وهو: .1الإيمان (الصادق) .2والعمل الصالح (أصفت الصادق لان هنا شرط العمل الصالح).أبو يعرب المرزوقي 5 الأسماء والبيان
-- ومثله وصف الجماعة: .3التواصي بالحق طلبا للحقيقة. .4التواصي بالصبر سعيا لتحقيقها. ومن ثم: .1فالأول يتعلق بالعقيدة والنظر أو الاجتهاد .2والثاني يتعلق بالشريعة العمل أو الجهاد.والاجتهاد يتعلق بطلب الحقيقة من أجل معرفة شروط القيام المادي والروحي ،لأنالإنسان مستعمر في الارض بقيم الاستخلاف وهما يقتضيان علوم الطبيعة وعلوم الأخلاق (مسألة ابستمولوجية وأكسيولوجية).والجهاد يتعلق بتحقيقها بالعمل بما تقدم في الاجتهاد أي سد الحاجات المادية والروحي رعاية وحماية. تلك هي الازمة السياسية في بلاد العرب.الساسة مفروضون والساسة مافية تتقاسم مع ما يفرضه نهب الجماعة واستعبادها ،وهيتستعمل قوة الدولة ليس لرعاية شعبها وحمايته ،بل هي تستعملها للبطش به ولتطويعه وتغيير ثقافته وقيمه وحتى روحه ليكون عبدا ذليلا لها ولما يستعبدها :عبيد لحماتهم.أبو يعرب المرزوقي 6 الأسماء والبيان
--وإذا كانت النخبة السياسية هي ما وصفنا ،وهي أردء تمثيل للإرادة لأنها معكوسة تماما،إذ لا تمثل إرادة الجماعة بل إرادة من نصبها عليها لتكون ذراع الاستعمار غير المباشربالقوة المادية للمحمية ،فإن النخبة الرؤيوية (نخبة النقل والعقل بالمعنى التقليدي) تمثل نفس الشيء ولكن بالقوة الرمزية.والنخبة السياسية تحتاج إليهما بنفس القدر ،وهي نخبة عبودية من المستوى الثاني أيإنها تابعة للنخبة السياسية التي هي تابعة لمن نصبها على الجماعة .فهي تختار أدواتها منالنخبة الرؤيوية التي تتكلم باسم الأصالة لمخاطبة الداخل ومن النخبة الرؤيوية التيتتكلم باسم الحداثة لمخاطبة الخارج وتستفيد من المعارك الدينية بينهما كلما احتاجت إلىتلهيات أو مناورات من جنس التي يستعملها رئيس تونس بتقرير لجنة التسعة وحملاتالسيسي لما يسميه هو وطبالوه بمراجعة الخطاب الديني ،معارك وهمية تلهي عن المآسي التي يمررونها باسم التحديث والتأصيل الكاريكاتوريين. فلنتكلم الآن على هذه النخبة الثانية في بلاد العرب.لن أتكلم عن المضطهدين من النخبتين ،ولا أدعي أنهم بالضرورة يمثلون استثناء في هذاالمناخ الذي تفرضه طبيعة المحميات التي \"شكلت\" لتكون بمقتضى حجمها الجغرافي ومنزلتها التاريخية فاقدة لشروط التنمية المادية والروحية فضلا عن التبعية.سأكتفي بمن لهم امتياز انتخاب الحكام لهم في الوظيفتين اللتين وصفت ،أي لسان المافياتالحاكمة حكم عبيد تابع لمن نصبهم في خطابهم الموجه إلى الشعب والموجب إلى سيدهم الذينصبهم على المحميات بأصنافه الأربعة أي الذراعين (إيران وإسرائيل) وسيدي الذراعين (روسيا وأمريكا).وبين أنهم لو كانوا حقا يمثلون رؤى صادقة وفي خدمة شعوبهم ،لما اختارهم حكام المحمياتالعربية ولو كان منهم من صادف أن \"مر\" في هذا الاختيار وكان من الصادقين ويريد خدمةأبو يعرب المرزوقي 7 الأسماء والبيان
--الشعب ،فإن سرعان ما سيزج به في السجن أو سيضطر ،طلبا للسلامة ،إما إلى السكوت أو إلى الهجرة.وما أقوله ليس مقصورا على ما أعرفه عيانا في تونس ،بل إنه ينسحب على كل بلاد العرب من الماء إلى الماء.ويكفي أن تذهب إلى أي بلد غير عربي حتى تجد الكثير من هؤلاء الفارين بجلدهم،والذين لو بقوا في بلادهم لماتوا جوعا ولنكل بهم أيما تنكيل ،وطبعا لا يعني ذلك أن كل المهاجرين هم من هذا النوع.وقد اكتملت الصورة منذ أن أصبح سلاح تهمة الإرهاب أو الاخونة أو الإسلام السياسي منأهم ادوات تثبيت الأنظمة العميلة التي تتسابق في قتل كل من يشتم فيه رائحة الوطنية،فضلا عن الإسلامية ،أو حتى النزاهة وحب الحرية الفكرية والاستقلال المنظوري في رؤية الأشياء المخالفة لدكتاتور بلده ونخبه. لكن الاخطر هو التنافس بين التابعين في التعبير عن التبعية:الكل صار من جنس الشعراء الكدائين في المدح ،حتى بلغ ببعضهم إلى وصف اغبى مخلوقحكم مصر-السيسي-بما يقرب من صفات الالوهية ،أما صفات الأنبياء فالكثير منهم تجاوزها في مصر على الأقل ومعه ممولو الثورة المضادة.والشيء الذي تبين لكل متابع ،هو أن أدعياء الحداثة صاروا هم بدورهم ينافسون من كانوا يتهمونهم بأنهم فقهاء السلطان صاروا \"أفقه\" منهم في الطبل والزمر للسلطان.وإذا كان يوجد شيء يشين القضية الفلسطينية خاصة وكرامة الإنسان العربي عامة فهو \"مافية\" الإعلاميين العرب في الأوطان والمهاجر. وهذا هو الجامع بين الكاريكاتورين التحديثي والتأصيلي. أصبح لنا جامعيتان :وغلبت جامعية التحديث الأكثر تطبيلا.أبو يعرب المرزوقي 8 الأسماء والبيان
--ففي عهد ابن علي برزت خاصية الجامعية التي تدعي الحداثة ،فألفت كتبا تدعيالتفلسف وقدمت محاضرات في \"حكمة\" ابن علي وفي \"فلسفته الخلقية\" وفي \"ثورته الهادئة\" وفي حكمة الحل ّاقة.وحكيمة الحل ّاقة المسكينة فقدت عقلها نهائيا وصارت تهذي وتحلم بعودة ابن علي علهاتشبع رغباتها البدائية التي تعتبرها ثورة فكرية تبشر بتجاوز كل القيم لتعود إلى ما دون المائدة والسرير اكتفاء بما في اصطبل الحمير. ليست الوحيدة. جلهن يحلمن بالعودة ويتهمن الإسلام بحرمانهن من جناتهن البهيمية. فرضت الجامعيتان على العرب طيلة النصف الثاني من القرن الماضي الحرب بين: • كاريكاتور التحديث (العسكر) • وكاريكاتور التأصيل (القبائل)فدنسوا الحداثة والإسلام بكل ما يقدمونه بديلا منهما من قشور الحداثة والأصالة، فكانت النتيجة ابقاء العرب خارج التاريخ استثناء في العالم كله.لكنهم اتحدوا الآن ضد ثورة الشباب بجنسيه فأصبحت الجامعيتان والنظامان العسكري والقبلي متحالفين عليها لمضاعفة الذراعين: • بعضهم صار رديفا للذراع الصفوية• والثاني للذراع الصهيونية مع الذراعين وسندي الذراعين الذين نصبوهم للحرب على الشعوب التي ثارت ولن تتوقف حتى تحرر الأمة منهم جميعا. وهذه الوحدة تعني الكثير.فرغم أنها تبدو أنهم قد جمعوا للثورة وأنهم أقوياء وقد يتغلبون عليها إلا أن التاريخ يقضي بالعكس تماما.فالثروة الفرنسية رغم انحرافها النابليوني ،هي التي انتصرت في النهاية على الحلف المقدس للأنظمة التي هزمتها عسكريا :لكن قيم الثورة فرضت نفسها عليهم بأقدار.أبو يعرب المرزوقي 9 الأسماء والبيان
--وهم الآن لن يحققوا حتى النصر العسكري الذي حققه الحلف المقدس الغربي ضد الثورة الفرنسية.ذلك أن أكبر ما يفاخر به العملاء وخاصة دجالو الممانعة هو الخضوع النهائي لإسرائيلوروسيا اللتين ستخرجهم صاغرين وثورة الشباب ما تزال على نفس القدرة للإطاحة بهم ولو بعد حين.وبخلاف الكثير ،فإني اعتقد أن نصر الثورة لو كان سريعا وناجزا لما تجذرت بمعنيي التجذر: • فهي تتجذر في مرجعيتها بعد تحريرها من الكاريكاتورين• وهي تتجذر في وظائفها بعد تحررها من المطالب المباشرة وانتقالها إلى شروط المطالب المباشرة أعني تجاوز معيقات شروط التنمية المادية والعلمية.فالموجة الأولى من ثورة الشباب بجنسيه كانت شبه عفوية ،لأن شعاراتها على عمقها كانتتعبيرا عن اللاوعي بالمرجعية وبالأهداف .ولم تتدرج في الوعي بهما إلا بفضل هذه صمود الشباب الذي اجبر العالم كله على تأليف حلف ذي وجهين: • السكوت على كل المليشيات • وتكوين حركات المخابرات التي حاربت الثورة. ومع ذلك فشلوا ،لأن: • احتياج النظام لإيران ومليشياتها • واحتياج إيران لبوتين وطائراته• واحتياج بوتين لتطمين إسرائيل بأنه لن يخرج إلا بعد أن يعيد الوضع إلى ما كان عليهقبل الثورة ،أي جعل نظام كلاب دمشق ومليشيا حزب الله حرسا لحدودها كما كان عليه الأمر تحت مسمى \"الممانعة\".أما السيسي وحفتر والحوثيون وكل ما شابههم مع مراهقي الثورة المضادة ومموليها ،فقدقيض الله له ترومب حتى يستعملهم بصورة تجعل شعوبهم تصبح في وضع الشعوب العربيةأبو يعرب المرزوقي 10 الأسماء والبيان
--الاخرى التي ثارت على انظمتها لأنهم صاروا فاقدين لمن كانوا يرشونهم به من فضلات نهب ثرواتهم والعدوان عليهم.وبالمناسبة ،فقد كنت دائما أدعو إلى جعل مافية ابن علي تعود إلى الحكم في أقرب وقت -ومن هنا معارضتي للألاعيب حزب المرزوقي -حتى لا تتحمل الثورة نتائج ستين سنة من سلوك مافياتهم.كان مطلبي أن تتبين للشعب خلال عودتهم أنهم ذيل الكلب الذي لن يستقيم ،وستعود حليمة لعادتها القديمة.وكنت أتمنى لو أن الإسلاميين تركوهم يحكمون وحدهم حتى لا يتحملوا مسؤولية حكم لاسلطان لهم عليه حتى وإن كنت أجد لهم عذرا بعد ما حدث في مصر وما كانوا مهددين به منه تمصير الثورة التونسية ،فكان الوجود في الحكم فعلا دفاعيا وليس حبا في الحكم. ورمزية المشاركة المضطرة لا تعفيهم من المسؤولة.وفي الغاية ،فإن الأنظمة العميلة ومن يتحالف معها من الحزيبات التي تساندها والنخبالرؤيوية بصنفيها لم يعد لها تأثير يذكر ،وهو ما جعل الاستعمار غير المباشر الذي يحميهمعاد فصار مباشرا وهو معنى الحاجة إلى تكوين احلاف ومبررات للتدخل ضد إرهاب هم صانعوه: فضحهم ترومب فسمى حضور جيشه باسمه. ألم يقل لهم نحن هنا لنحميكم فادفعوا وإلا فأنظمتكم ستتساقط كورق الخريف؟ ويخطئ من يتصور أنه يحميهم من إيران ،بل هو يحميهم من ثورة شبابهم بجنسيه.فإيران نفسها في نفس وضعيتهم :شبابها بجنسيه أصبح يؤمن مثل شبابنا بأنه ضحية أنظمة عميلة إذ لا فرق بين روسيا وأمريكا رغم عنتريات \"زورو\" إيران.أبو يعرب المرزوقي 11 الأسماء والبيان
--رأينا ان نخبة الإرادة (السياسة) ونخبة الوجود (اصحاب الرؤى) كلتاهما فسدت فيهمامعاني الإنسانية بالمصطلح الخلدوني أو في خسر بالمصطلح القرآن ،وهما يتمثلان البعدالمادي والبعد الرمزي من قرار الجماعة المرتهن بإرادة من نصف الحكام الذين انتخبوا أصحاب الرؤية للخطابين الداخلي والخارجي. نفس هذه النسبة نجدها في النخبتين المواليتين:• نخبة العلم (أو نخبة البحث والتكوين) وهي تمثل المعرفة شرطا للفعل المادي خاصة سواء في الطبيعة أو في التاريخ• ونخبة الحياة (نخبة الفنون) وهي تمثل الذوق شرطا في الفعل الرمزي خاصة سواء في الطبيعة أو في التاريخ: سد الحاجتين المادية والروحية.ومعنى ذلك أن النخبتين الاوليين -نخبة الإرادة ونخبة الوجود-لا يمكنهما أن تفعلا شيئاوأن تحققا دورهما في الحماية والرعاية المادية والروحية من دون أن يكون للنخبتينالثانيتين-نخبة العلم ونخبة الحياة -تحقيق التموين المادي والروحي للجماعة بما يبدعه العلم والفن لتموين الرعاية والحماية.ولا أعتقد أنه يوجد من يستطيع أن يقول إن هذين النخبتين تنتجان شيئا يسد الحاجةالمادية تموينا للجماعة وتكوينا لناشئتها ،وهذا تشخيص موضوعي للأمر الواقع لكن ذلك لايمكن ألا يكون كذلك وإلا لكانت النخبتان الاوليان أولاهما تعبر عن إرادة الجماعة، والثانية عن رؤاها لشروط حريتها وكرامتها.ولا أحد يمكنه أن يستغرب من كون الجامعات العربية ومراكز البحث فيها من أكبرأكاذيب الأنظمة ونخبها .فهي لا تنتج حتى ما يمكنها من تمويل ذاتها أو من إنتاج ما تحتاجإليه من أدوات تعليم بسيطة لأنها تعيش على العارية ،ومثلها الفنون العربية التي هي نسخ مسيخة من أدنى مستويات فلكلور الغرب.أبو يعرب المرزوقي 12 الأسماء والبيان
-- وحتى لا أظلم الباحثين والطلبة والاساتذة فلأذكر العلتين: .1الأولى سياسية .2والثانية اقتصادية.• فأولا النظام الجامعي ليس نظاما حرا ،بل هو خاضع للحكم الذي وصفنا وهو إذن مطلق التسييس.• وثانيا لا توجد دولة عربية واحدة قادرة على قاطرة البحث العلمي .فحجم المحميات يحول دونه اقتصاديا.وحتى أدنى درجات البحث ،فهي معدومة بحيث إن الجامعات هي مجرد مدارس ثانويةللتعليم الموجود بأضعف الإيمان دون مشاركة في إيجاد المنشود من البحث حتى في اقل البحوث كلفة.فعادة يتعلم الناس البحث العلمي في التعامل مع الموجود بذهن إعادة اكتشافه بالبحث وليس بحفظه بالتلقين .وهذا أيضا مفقود. ولذلك علتان: .1فاقل الكفاءات منزلة في سلم الاجور هم أهل التعليم بجنسيهم وفي كل مستوياته ما يجعل شروط التفرغ للبحث من رابع المستحيلات .2وأقل المؤسسات تجهيزا للبحث هي الجامعات ومراكز البحث وخاصة ما تعلق منها بالوظيفتين الأساسيتين تطبيق المعرفة للإنتاجين المادي والرمزي.وأبرز مثال الفنون الطبيعة والفنون الزراعية والفنون التقنية حتى في التقنيات التييكون فيها التجهيز قليل الكلفة ما يعني أن المؤسسات التعليمية لا تتجاوز التلقين القوليشبه الخالي من قابلية الانتقال من النظرية إلى التطبيق في أي مجال يمكن أن يسد حاجات الجماعة المادية والروحية.ويكفي مثال تداوي الأغنياء والحكام وبطانتهم ومعهم المافيات التي تمثل النقابات خارجالوطن بدلا من تجهيز المستشفيات الجامعية بما يمكن من الاستغناء عن العلاج خارج الوطنأبو يعرب المرزوقي 13 الأسماء والبيان
--وخاصة بالنسبة إلى رجال الدولة الذين من المفروض أن تكون ملفاتهم الصحية من أسرار الدولة.وهذا يحصل بعد أن بلغ سن الجامعات العربية والمؤسسات الاستشفائية ما يناهز القرن أو أكثر في بعض بلاد العرب.وإذن فلا تزال المؤسسات التربوية والبحثية ذات ثقافة قولية لا علاقة لها بالبحث العلميوتطبيقاته في سد الحاجات المادية والروحية للجماعة ،بل هي ثقافة عامة لا تتجاوز حفظ عموميات المعرفة.ولهذه العلة ،فجل النخب الجامعية تنقسم إلى مكونين إيديولوجيين وخريجين عاطلين.فالتكوين لا يتجاوز إنتاج الموظفين ،والحط من التكوين المنتج لما يسد الحاجات والخدمات المنتجة.والمثال أن تونس اليوم فيها ما يقرب من مليون عاطل وحاجة ماسة لعدة أعمال لا تجد من يستطيع ولا من يريد تعلمها. ولا أعتقد أن الوضعية التونسية فريدة. فالداء واحد في كل انظمة التعليم العربية بكل مستوياتها.ما تزال هذه الانظمة تعيش على رؤية تعليمية همها \"ثقافة\" الاقوال وتزيين الاذهانبالعموميات التي تثقل تكوين الأجيال ولا علاقة لها بثقافة الأفعال من أدناها إلى اسماها القادرة على سد الحاجات.والفنون كلها ما تزال رعوانية بمعنى أنها لا علاقة لها بالبحث العلمي وغالبها من جنس \"الميكانكيين\" العاديين الذين يتعلمون صنعة بالمحاكاة في إصلاح السيارات.ويمكن القول إنها \"مواهب\" غفلة لم تتجاوز \"تعلم الحجامة في رؤوس اليتامى\" .فسد الحاجات الروحية في وضع أردء من سد الحاجات المادية.أبو يعرب المرزوقي 14 الأسماء والبيان
--ويمكن القول إن الفنون العربية ما تزال في مستوى الفلكلور الشعبي عديم التهذيبوالذوق أو في مستوى التقليد الممسوخ لما يظن شبيها بالفنون الغربية دون العلم بأن هذهكلها مبنية على نظريات وعلى علوم الذوق الذي فيه ما هو خصوصي وما هو كوني من حيث المطالب وليس من حيث الأساليب.فيصبح الجميع مسترزقا بسبب ضرورات المعيشة ولا يتفرغ أحد بحق للبحث في العلوم والفنون وللإبداع فيهما. فيفسد شرطا كل قدرة وهي النوع الأخير من النخب:لن يكون الاقتصاد والثقافة أساسي الإنتاج المادي والروحي أو انتاج الثروة والتراث بإنتاج شروطهما أعني علاج العلاقتين الأفقية والعمودية.صحيح أن للثروة أساس ،طبيعي وأن للتراث أساس تاريخي لكن الأساس الطبيعي لا يصبحثروة من دون علاج العلاقة العمودية بين الجماعة والطبيعية وتلك هي وظيفة العلوموتطبيقاتها ولا تراث من دون علاج العلاقة الأفقية بين الجماعة وذاتها خلال العلاج الأول شرط التبادل والثاني شرط التواصل.• وقد سمى ابن خلدون العلاج الأول العمران البشري ،واعتبره للتعاون من أجل سد الحاجات المادية• وسمى الثاني الاجتماع الإنساني واعتبره للتواصل من أجل الأنس بالعشير أو الحاجات الروحية.فقدت فاعليتهما فلم يبق إنتاج اقتصادي للثروة وثقافي للتراث بل مافية للتجارة بالطبيعة والتاريخ والمنتجين. ما يسمى بالاقتصاد العربي لا يتجاوز: • تجارة المواد الأولية (البترول مثلا) لعدم القدرة على تحويلها • وتجارة التراث القديم (السياحة مثلا) لعدم إنتاج تراث حديث يعتد به.أبو يعرب المرزوقي 15 الأسماء والبيان
--صحيح أن بعض العرب وجد تجارة أحقر من هذين وهي تجارة الجنس والتحديث السافل يجعل رزقهم مستمدا من المواخير العالمية. وواضح أن استمداد الرزق من المواخير غير ممكن من أحد حالتين:• ففي الغرب هو جزء ضئيل في الانتاجين المادي والروحي أي من الاقتصاد بشروطه العلمية والتقنية• ومن الثقافة بنفس الشروط لأن الثقافة جزء من الاقتصاد والاقتصاد جزء من الثقافة من حيث هما ثمرة الإبداع العلمي والتقني. أما في حالة انعدام علاج العلاقتين: • العمودية بين الجماعة والطبيعة • والافقية بين الجماعة والتاريخ بالعلوم وتطبيقاتها التي هي أساس الثروة والتراثفأساس الارتزاق بالجنس والمواخير هو إما البترول أو السياحة وما يتبعهما من تجارة بفضلات إنتاج الشعوب الأخرى :وتلك هي حال العرب اليوم.وبذلك تكون نخبة القدرة هي مافيات الجماعة التي استبدت بالثروة الوطنية وبالتراثالوطني وهي التي أقعدت أساس كل ثروة أعني نخبة العلم ونخبة الفن اللتين صارتا مجردجيش من العاطلين لأنهم لا ينتجون شرط كل إنتاج ،أي الإنسان والعلوم وتطبيقاتها والفنون وتطبيقاتها :إيديولوجيا وملاهي سافلتين.فبعد قرنين من محاولات النهوض -قرن تحت الاستعمار المباشر وقرن تحت الاستعمارغير المباشر الذي تبين أنه أشد وأمر من الاول -لم نسمع ببلد عربي واحد يستحق العالملغير مواده الخام ولمناخه ولتراث الحضارات التي مضت ولم يكن له فيها دور كبير يذكر. والعلة انتحال صفة النخبة العلمية والفنية.وهذا الانتحال هو الوحيد الذي يلغي وجود من يعتبر عالما بحق وفنانا بحق ،لأن من ليسطالبا للقدرة الفعلية في سد الحاجتين المادية والروحية هو الذي ينتخب المنتحلين مثله حتىأبو يعرب المرزوقي 16 الأسماء والبيان
--يسيطر على الثروة الطبيعية والتراث التاريخي بضاعتين بخستين والتجارة التابعة في فضلات ما ينتجه غير شعبه. وبذلك أكون قد بينت خفايا ما يبدو غير مفهوم في عمل النخب الخمسة: .1نخبة الإرادة التي لا إرادة لها .2ونخبة الرؤية التي لا رؤية لها .3ونخبة العلم التي لا علم لها .4ونخبة الفن التي لا فن لها .5ونخبة القدرة التي لا قدرة لها لأنها مافيات نصبها سيد المنتحلين الذين اختارهم ليكونوا في خدمة مشروعه.وبالكلام على المشروع الذي هم في خدمته والذي هو لصالح من نصبهم ،أنتقل إلى القسم الثاني من هذه المحاولة في الفصلين المواليين للجواب عن السؤال التالي:لماذا صارت هذه النخب المنتحلة سكاكين تقطع كل ما في الإسلام من شروط العزة والكرامة التي تحرر الأمة من هذه الانتحالات الخمسة؟أبو يعرب المرزوقي 17 الأسماء والبيان
--ابدأ المسالة الثانية المتعلقة بقضية المواريث في سورة النساء بتعليل وصلها بما وصفت بهأخلاق النخب الخمسة التي هي أدوات الحل والعقد في مرحلة الاستعمار غير المباشر ،والتيهي كلها أو مطلق جلها منتحلة صفة تمثيل إرادة الجماعة وعلمها وقدرتها وحياتها ورؤيتها الوجودية :هم عبيد من نصبهم. كان لا بد من بيان ذلك بالأدلة القاطعة في مجال: .1الإرادة السياسية .2والرؤية الوجودية .3والمعرفة العلمية .4والذوق الفني .5والقدرة: • المادية (الاقتصاد) • والروحية (الثقافة)علة لكل ما تقدم عليها ولكونه على ما هو عليه ومن ثم شرطا لفهم ما عليه العرب من الاستثناء في الراهن التاريخي من كل الوجود.وكل ذلك حتى لا يكون كلامي على الفهم المعكوس سواء بقصد ،أو لما وصفنا من الانتحاللحضارتهم ولحضارة الغرب وخاصة لشروط نهوض الامم سواء بصورة عامة أو بالقياس إلى من شرع في النهوض معهم منذ منتصف القرن التاسع عشر. لماذا ما يزال العرب ذيلا في كل شيء رغم ما لهم من إمكانات مادية وروحية؟ الجواب عن هذا السؤال واضح وضوح الشمس في القيلولة: فهو يتبين من طبيعة الصفوف في المعركة الجارية حاليا بين: • ثورة الشباب بجنسيه • والثورة المضادة بصفها العسكري والقبليأبو يعرب المرزوقي 18 الأسماء والبيان
-- • وبمن يحتمونويتبين من الموقف الذي لا يختلف عن موقف كل أعداء الإسلام والقرآن والحركات الإسلامية التي تسعى للاستئناف.لما أسهمت في الكلام على تقرير لجنة التسعة ،رفضت موقف رد الفعل وسعيت إلى الفعل،فحللت الإشكالية بالمعرفة الإنسانية الخالصة أي بفلسفة القانون وبالتفاعل بين الاقتصاديوالثقافي ودور الأنثروبولوجيا في دراسة العلاقة بين الزواج والملكية وتبادل الثروة والنساء في المجتمعات البشرية.ذلك أن الفخ الذي نصب للإسلاميين للعودة بهم إلى المقابلة بين الديني والعقلي وتحويلالمعركة التي حسمها الدستور إلى إشكالية الهوية والمرجعيات التي بني عليها الدستورالثاني ،وحتى الأول ،كان خطة السبسي ليستعيد وحدة حلف المافيات التي تريد إفشال الثورة والانتقال الديموقراطي في تونس.والآن وقد برهنت على ما قصدته بأن معدي التقرير أميون وأنهم لا علاقة لهم بالقانونوالاقتصاد والانثروبولوجيا ،وخاصة بما يدعونه من الاندراج في مدرسة الاجتهاد التونسيةوالعمل بالمقاصدية ،يمكنني أن أفرغ للبحث في النظام الخفي والأسرار العظيمة لنظرية المواريث القرآنية في سورة النساء.بعد أن بينت أن العملية كلها عملية سياسوية من الرئيس يسندها كاريكاتور التحديث مننخب تنتحل صفات ليس لها منها غير الأسماء يمكن أن اعود إلى كاريكاتور النخبة الثانيالذي يدعي الكلام في المسائل الدينية والاجتهاد سواء كانوا ممن يدعون التحديث بمنطق فقه الواقع أو من التقليديين. وهؤلاء أخطر من أولئك: فالاجتهاد في فهم القرآن لا يكفي فيه النوايا ،وخاصة ما يبدو منها طيبا.أبو يعرب المرزوقي 19 الأسماء والبيان
-- وقد سبق أن بينت في محاولات عديدة أن القرآن وقع له ما وقع لدار الإسلام.فهذه فتتت لتصبح محميات ،وهو فتت لتستخرج منه أشباه علوم هي ما يسمى بعلوم الملة وكلها عكس ما يطلبه القرآن من البحث العلمي.استخرجوا منه التفسير بأنواعه التي هي تفتيتية لأنها لم تنطلق من نظامه وعملتبعكس ما طلب (أمرا في فصلت 53ونهيا في آل عمران ،)7ثم بنوا عليها العلوم الفرعيةالأربعة أي الفقه واصوله والتصوف وأصوله في العمل والكلام وأصوله والفلسفة وأصولها في النظر. وهي زائفة لعجزها عن علاج العلاقتين.فلو طبقت أمر فصلت 53لأمكن لها علاج العلاقة العمودية ليكون الإنسان بحق مستعمرافي الارض أي قادرا على استخراج شروط قيامه المادية والروحية من الطبيعة والتاريخ،ولو طبقت نهي آل عمران 7لما وقعت في مباحث الغيب التي لا تقبل التحقق مما فيها فاستحال على المسلم أن يكون خليفة.لا أنوي العودة إلى هذه المحاولات ،بل اكتفي بهذا التذكير السريع لأبحث في مسألةالمواريث كما حددتها سورة النساء باتباع ما أمرت به فصلت 53وما نهت عنه آل عمران :7أي إن مسعاي لن يذهب مباشرة إلى نص القرآن ،بل يعود إليه بعد النظر في ما يرينه الله منه آياته في الآفاق والانفس.فإذا كان القرآن يقول إن تبين حقيقته يكون بما يرينه الله من آياته في الآفاق والأنفسفإن المنطلق لفهم آيات القرآن (بمعنى وحدات نصه الدنيا) هو آيات الله في الآفاقوالانفس مع تجنب ما يتجاوز ما يقبل الشهادة والخوص في الغيب حتى يكون لنا معيارا موضوعيا نحتكم إليه لانتخاب التأويل الأصوب.أبو يعرب المرزوقي 20 الأسماء والبيان
-- وبين أن الآفاق والانفس تعني• أولاهما ما في الاعيان مما يحيط بالإنسان أي العالم الطبيعي والعالم التاريخي ومنهما كيان الإنسان العضوي والروحي بوصفه كيانا طبيعيا وتاريخيا• والثانية تعني ما في الأذهان من ذلك أو ما ينعكس من الاولى في الثانية ومن الثانية في الأولى والحصيلة هي الحضارة.وبهذا المعنى ،فالقرآن حدد منهج فهم دلالاته وحصرها في ما يقبل الشهادة من الوجودما يعني أن كل كلام على ما يتجاوز ما يقبل الشهادة بالفعل أو بالقوة لا يمكن أن يعتبرفهما للقرآن ،بل هو تحكم تأويلي لا ينتسب إلى علم الدلالة لان الدلالة تعني إحالة رمز إلى أمر مرموز قائم بذاته خارجه. وهذا يعني التخلص النهائي من اسطورة النقل والعقل بوصفهما جنسين متقابلين:فلا يوجد علم عقلي دون نقل حتى في الطبيعيات ،لأن النقلي فيها هو ما يجعلنا بحاجةإلى التجربة التي تعتمد على المعطيات المستقلة عن تحكم العالم وبها تقاس صحة فرضياته. ولا يوجد علم نقلي دون عقل حتى في الفقهيات. بل وحتى في الصوفيات.أما الكلاميات والفلسفيات فهي إما ما بعد قول في علوم الطبيعة وفي علوم التاريخ وفيالفقهيات والصوفيات (الوجدانيات أو ما لا ينقال من التجارب الروحية) ومن ثم،فاحتكامها إلى النقلي غير مباشر بتوسط الطبيعيات والفقهيات والتاريخيات أو هي من جنس الميثولوجيا واليتوبيا.ويوجد وسط بين هذين هو التوظيف الديني التي تحول العقائد إلى أدوات إيديولوجية سواء كانت هذه العقائد ذات لون ديني أو لون فلسفي. • ومن الأول تخريف التشيع والباطنية • ومن الثاني تخريف الماركسيين عامة والحداثيين العرب خاصة. ولذلك فلا عجب من تحالفهما ضد الفهم السوي للديني والفلسفي عامة.أبو يعرب المرزوقي 21 الأسماء والبيان
--وبذلك يتبين أن ما سأقوله في مسألة الفرائض بمنظور ديني استنادا إلى النساء لن يختلفعما قلته فيها من منظور قانوني واقتصادي وثقافي وانثروبولوجي ،لان الدلالات التيقصدها القرآن بأمر من فصلت 53وبنهي منه آل عمران 7لا يمكن اكتشافها خارج الآفاق والانفس أي في قوانين هذه المجالات وسننها. وهذا يقتضي أمرين: .1يستحيل الذهاب مباشرة للآيات القرآنية من حيث هي الوحدات الدنيا لنصه بل لا بد من واسطة بينها وبين الآيات التي يرينها الله في الآفاق والانفس. .2وهذه الواسطة مجانسة للواسطة في كل معرفة علمية :نفترض بنية للظاهرة نعتبرها قانونها ونختبر الفرضية بتجليات الظاهرة. فماذا عندي في كلام سورة النساء على المواريث؟ وسأكتفي بالآيات من 14إلى .42هل توجد بنية خفية يمكن الاعتماد عليها فرضيا في البداية تفسر لنا كل ما ورد في هذهالآيات لعلاج إشكالية المواريث في نظام متناسق هو النظام الذي تتجلى حقيقته في الآفاق والانفس فتثبت أن نظامها القرآني أفضل حل؟بعبارة وجيزة هل يوجد في ما يثبته التاريخ الإنساني للقانون والاقتصاد والثقافةوالانثروبولجيا (وهذه هي ابعاد الآفاق والانفس) ما يمثل بنية عميقة تعلل الحل القرآنيالوارد في آيات النساء من 1إلى 42أم هي مجرد تحكم ليس له ما يعلله في ما نراه من آيات الآفاق والانفس مما يبين أنها حق؟ذلك أننا نعمل بما أمرت به فصلت ( 53الاقتصار على ما يقبل الشهادة) وبما نهت عنهآل عمران ( 7عدم ادعاء علم الغيب بدعوى الرسوخ في العلم إلى حد الإحاطة فنعطف علمنا على علم الله الذي له وحده تأويل المتشابه أي الخطاب المتعلق بالغيب). وبهذا المعنى فحتى خرافة المقاصد لا تمشي معنا. فلا أحد يعلم مقاصد الله ما هي فيستنبط منها أحكاما ما أتى الله بها من سلطان.أبو يعرب المرزوقي 22 الأسماء والبيان
-- أحكام الله لا تؤخذ بمقاصدها بل بكونها أحكامه عند من يؤمن به.وفي الحقيقة فالقول بالمقاصد هو اساس القول بالتاريخية والفرق الوحيد هو أن هذه لتلغي الأحكام وتلك لتضيف الأحكام. وكلتاهما توهم العلم المحيط. وبإيجاز: .1لا يمكن الذهاب لفهم القرآن مباشرة لآياته بمعنى الوحدات الدنيا من نصه .2هو حدد مجال البحث عن دلالاته التي تبين حقيقته (فصلت )53 .3وحدد منهج تعامله مع التراث الإنساني بمنهج التصديق والهيمنة اي إنه دائما استعراض نقدي لما تقدم عليه في مجالاته وموضوعاته .4ونهى عما يحولفهمه من حيث هو رسالة تذكير خاتمة أي التذكير النهائي للإنسانية كلها :فما يذكر به نوعان وعلاقتان بينهما وحصيلة. .1فهو يذكر بما يعود للذات الإلهية خلقا وأمرا وكلاهما هما ما هما وهما من الغيبولا معنى لمحاولة تأويلهما لأن شرطه العلم المحيط وهما إذن من مجال الغيب المحجوب حتى على الرسل .2وهو يذكر بما يعود إلى الإنسان من حيث هو المرسل إليه فيصفه بما يدركه منذاته من الصفات الخمس التي هي شروط تكليفه أعني الإرادة والعلم والقدرة والحياةوالوجود فيكون بوصفه مكلفا مختارا بين الحرية والعبودية والصدق والكذب والخير والشر والجمال والقبح والجلال والذل .والموجب يجعله خليفة. .3وهو يذكر بمضمون الرسالة المتعلقة بدور الإنسان مستعمرا في الارض ومستخلفافيها وبما جهز به لتحقيق شروط أهلية الاستخلاف في تعمير الارض بقيم الاستخلاف أو في تدميرها كما وصفته الملائكة. .4وهو يحدد نظاما تربويا وسياسيا يعد الإنسان لتحقيق ذلك.أبو يعرب المرزوقي 23 الأسماء والبيان
-- .5وأخيرا يعتبر التكليف آيلا إلى محاسبةوطبعا إذا كان الإنسان مكلفا ومحاسبا على أفعاله وأقواله ،فلا بد إذن أن يكون اختيار الدين من الحريات وشرطه تعدد الأديان. وذلك هو مضمون البقرة 256والمائدة .48وبذلك تكون الرسالة نظاما متناسقا وكل محاولة لفهم نظام المواريث خارج هذا النسق بالمقاصدية أو بالتاريخية دليل جهل وليس علم.أبو يعرب المرزوقي 24 الأسماء والبيان
--ما الإطار الذي يمكن انطلاقا منه أن نحدد فرضية حول البنية العميقة لنظام المواريث كما تعين في الآيات 42-1من سورة النساء؟ لا بد أن يكون هذا الإطار مضاعفا: .1ذا صلة بطبيعة الرسالة من حيث هي تذكير أخير وخاتم ذات طابع كوني .2ذا صلة بعلاقة الأمر بالخلق أي بتشريع كوني في عقيدة كونية. فتكون الفرضية كافية لفهم هذين المستويين: • استنادا إلى نظرية كونية في الديني وفي الأنثروبولوجيا الدينية (نظرية الإنسان)• وضع تشريع يشمل مقومي الوجود الإنساني أي شروط قيامه المادية والروحيةوشروط قيامه العضوية أي نظام الأرحام والزواج في علاقة بهما وبالتوازن المحافظ عليهما معا. ولنبدأ بالمستوى الأول أعني كونية الديني ونظرية الإنسان القرآنية:الآية الأولى تضع مفهومين دينيين للخالق والمشرع (الرب والإله) ومفهوم لصلة الرحم (الكوني بداية الآية والجزئي نهايتها).فالرب للجميع وهو ليس اختياريا ،والله بتعدد الرؤى والعقائد وهو اختياري يحسم يوم الدين (المائدة .)43 إطار الفرضية مضاعف: نظرية الخالق والمشرع فيها: • ما هو كوني واحد لأنه شبه علاقة طبيعية بالربوبية• وما هو جزئي ومتعدد لأنه اختياري بحسب التعدد الديني الذي يعتبره القرآن (المائدة )48شرط التسابق في الخيراتأبو يعرب المرزوقي 25 الأسماء والبيان
--ومن ثم فتعدد العقائد ليس مسموحا به فحسب ،بل هو مطلوب لغاية السعي الحر إلى الحقيقة. وتضع الآية مفهومين للرحم. .1الأول كوني ومضطر مثل الربوبية لأن البشر أخوة بايولوجيا لأنهم جميعا من نفس واحدة. .2والثاني جزئي وحر مثل الالوهية لأن الأسر تتكون في الغالب بالاختيار ومن الأقرب فالأقرب بحسب ظروف الاختيار. فما الأثر على التوفيق بين الاقتصادي والبايولوجي في قيام النوع وبقائه. الجواب شرطه الانتقال من الخلق إلى الأمر أو من العقدي إلى الشرعي. حددنا الإطار العقدي ولم نحدد الإطار الشرعي: هل التشريع يكتفي بالعقد؟ أم إن له اعتبارات أخرى هي ما تلا الآية الأولى مباشرة؟ فلا بد من تحديد: • وظيفة التشريع • ووظيفة المال • ووظيفة الأسرة • ووظيفة المواريث جمعا بين الرحمين.لكن ذلك لا يكفي ،لا بد من تحديد درجة التشريع لأن التشريعات متراتبة كما هو معلوم إذ إن صفات افعال العباد في الشريعة الإسلامية مخمسة: .1الدرجة صفر أو المباح .2ثم الموجب له درجتان هماأبو يعرب المرزوقي 26 الأسماء والبيان
-- • الواجب • والمندوب إليه .3والسالب له درجتان هما • المحظور • والمكروه. وتصنيف رتب التشريع موجودة في هذه الآيات. وهي على صنفين: • الأول يتعلق بما ينتسب إلى الرحم الجزئي وهو لب نظام المواريث• والثاني يتعلق بما ينتسب إلى الرحم الكلي وهو اختياري في نظام المواريث (مثل الجاروكل من يحضر قسمة التركة دون أن يكون من الرحم الجزئي أو منه دون أن يكون من المعدودين في الورثة الذين يحددهم القسم الاول).ويدخل ضمن هذا الرحم الكوني رعاية الأيتام دون شرط القرابة ورعاية المساكينإلخ ..من أقسام الإنفاق الذين حددتهم الآية 77من البقرة ولكن يبقى ذلك ضمن السهم الاختياري الذي يقرره الورثة المعينين في الصنف الاول. وكل هؤلاء من الصنفين يتحددون في نظرية المال القيام وضرورة حفظه (النساء.)5 وأخيرا فإن تحديد درجات التشريع في الآيات جاء على النحو التالي .فهو: .1وصية إلهية .2وهو فرضية إلهية .3وهو حد إلهي .4وهو محدد للمآل يوم الحساب .5لكنه يحفظ حق المالك في الوصية وفي وراثة نفسه تحريرا له من ديونه إذا كان مدينا لغيره.أبو يعرب المرزوقي 27 الأسماء والبيان
-- ويمكن الآن أن نحدد مجال انطباق نظام المواريث القرآني: .1القلب هو وراثة المالك لنفسه لتحريره من دينه .2وراثة فروعه .3وراثة أصوله .4وراثة نسائه وأقربائه .5وأخيرا بتطوع من الأربعة سهم المنتسبين إلى الرحم الكوني من حاضري قسمة التركة .زعم \"يوم يفر المرء ...أساسا للتوريث\" غير صحيح.سأكتفي بمثالين يبينان أن ما جاء في نظام الفرائض كما حددته الآية 11من النساءيتبين أنه الحل الذي يوفق بين الاقتصادي والبايولوجي السويين أي بين الرؤية الاجتماعيةلوظيفة الملكية والرؤية السوية لشروط الصحة العضوية للأجيال بمنع حفظ الملكية في الأسرة حائلة دون التزاوج الخارجي.فالعلة الرئيسية للتزاوج الداخلي الضار عضويا ،هي الخوف على خروج الملكية من الاسرة.لذلك فالحرص على التزاوج الداخلي هو الذي يغلب الاقتصادي على السلامة العضوية فيكون الميراث الاقتصادي معاديا للوراثة العضوية. فكيف نيسر تبادل النساء بين الجماعات يحقق الكونية ولا ينافي حفظ الملكية؟ هذا هو التوازن الاول بين الأخ والأخت. يوجد توزان ثان يبدو معاكسا له: لماذا الزوجة التي لم تلد ترث ضعف التي ولدت (وذلك الزوج)؟ لعلتين: • فالتي لم تلد ينبغي تشجيع زواجها إذا بقيت بعد زوجها فيكون سهمها مشجعاأبو يعرب المرزوقي 28 الأسماء والبيان
-- • وإذا لم تتزوج يكون مساعدا لبقائها شريفة فلا تلجأ لأول تجارة إذ لا أبناء لهاأما التي ولدت فلها نصفها لأن لها أبناء وهي غالبا لا تتزوج من أجل أبنائها ،ثم إذا احتاجت فأبناؤها يساعدونها. وكل ذلك يعود إلى البعد الاجتماعي في النظام:الايتام والمساكين والنساء وكل المستضعفين في علاقة بالنظام الاقتصادي وعلاقته بالنظام العضوي المحافظ على صحة الأجيال.طبعا هذه الأمور ا لتي تؤيدها الانثربولوجيا يتجاهلها أدعياء التحديث من النازحين إلى المدن والمتنكرين لأصولهم الريفية حيث تتجلى الظاهرة بصورة لا تقبل الإخفاء.فاغلب البنات يفرض عليهم البقاء في الأسرة وأحيانا العنوسة إذا لم يتزوجها ابن عمها أو ابن خالها أو عمتها أو خالتها.بعض العاهرات اللاتي يعشن في العواصم يتجاهلن أن جل نساء تونس ومصر من الاسرالزراعية والمهن الدنيا في المجتمع توجدن في هذه الوضعية وهن لا يعتنين إلا براحتهنويردن أن تبقى هؤلاء النسوة في هذه الوضعية لخدمتهن خاصة وأنهن لا يملكن ما يمكنهن من استيراد خادمات من جنوب شرق آسيا.والجميع يعلم أن النسوة في الريف وفي القرى هن اليوم عبيد بسبب إرادة الأسرة المحافظة على الملكية رغم أن نصيبهن هو ما نعلم ،فكيف إذا تضاعف؟لن يحصلن على حقوقهن بل سيتضاعف الحرمان ويصبح الآباء الذين يمكن الآن أن يخافوا الله فيهن أحرص على حرمانهن وجعلهن عوانس وخادمات في الضيعة. تبدو النوايا تحقيق المساواة بين الجنسين.ولا معنى للمساواة في كم الموروث إذا كانت النتيجة ما وصفنا بل المساواة في حق الإرثبقدر لا يخل بنظام الصحة العضوية بسبب الحرص على منع التزاوج الخارجي .والوارث لا حق له لأن توزيع التركة حق المالك بحسب حرية معتقده وحرية ملكيته.أبو يعرب المرزوقي 29 الأسماء والبيان
--ولكل هذه الاعتبارات وصفت العملية كلها بكونها مناورة سياسوية ووصفت من سموهمخبراء بكونهم أميين .فالمساواة بين المرأة والرجل في الملكية لا يتعلق بالمقدار وإلا لقلنا حينها أن الرجال أيضا غير متساويين لأنهم لا يملكون نفس المقدار. المساواة القرآنية في المالكية وليس في مقدار المملوك. هل المرأة كمالكة ليست ذاتا قانونية تامة الشروط؟ هل يحق لزوجها أو لأخيها أن يحول دونها والتصرف بحرية تامة في ما تملك؟حقول المالك واحدة سواء كان رجلا أو امرأة .لكن مقدار المملوك متغير بحسب جهدالمالك .فإذا المملوك هو ثمرة العمل فإن المقدار هو حصيلة الجهد وثمرته .وإذا كان المملوكإرثا من أب أو أم أو أخت فإن المقدار ليس حصيلة جهد وليس حقا إلا بإرادة صاحب التركة. والقرآن حد من هذه الإرادة في الوصية للورثة والنبي حد منها في الوصية لغير الورثة. .1أما الحد الأول فهو \"آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا\" وهو في شكل تحذير. .2وأما الحد الثاني فهو سنة سنها الرسول لما حصر الحد الأقصى للوصية لغير الورثة في الثلث.والوصية في الأنظمة العلمانية ليست محدودة أوهي على الاقل متعلقة إما باستغلالالملكية أو بالملكية نفسها بحسب الانظمة في بعض بلاد الغرب .والغفلة عن المحددات التي اعتبرها القرآن هو الجهل بعينه.فما أشارت إليه فصلت 53بين أن الاعتبارات الواردة في نظام المواريث القرآني يؤيدهالتاريخ والانثروبولوجيا في ما يتعلق بشروط تكوين الثروات وبشروط الضرر البايولوجيالذي قد يترتب على تقديم هذه الشروط إلى حد منع التزاوج الخارجي ما يؤدي إلى ضرر بايولوجي على سلامة الأجيال.أبو يعرب المرزوقي 30 الأسماء والبيان
--أبو يعرب المرزوقي 31 الأسماء والبيان
Search
Read the Text Version
- 1 - 34
Pages: