Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore غدر ترامب أو حصاد خطة اوباما - ابو يعرب المرزوقي

غدر ترامب أو حصاد خطة اوباما - ابو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-05-21 10:48:15

Description: لوكنت واثقا من أن ترامب يريد بالأمة خيرا-وهو أمر مستبعد، لأن من يدفعه لما يفعل قد لا يكون به عليما- لكان ما يحدث مقبولا، بل وجديرا بالتقدير، لكني شبه متأكد أن مطلبه يمكن صوغه بالصورة التالية: سأحمي الأنظمة وأواصل اعتبار أقطار الأمة محميات بشرطين، عليكم تبريرهما وتمويلهما بسخاء.

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫الأسماء والبيان‬





‫لوكنت واثقا من أن ترامب يريد بالأمة خيرا‪-‬وهو أمر مستبعد‪ ،‬لأن من يدفعه لما يفعل‬‫قد لا يكون به عليما‪ -‬لكان ما يحدث مقبولا‪ ،‬بل وجديرا بالتقدير‪ ،‬لكني شبه متأكد أن‬‫مطلبه يمكن صوغه بالصورة التالية‪ :‬سأحمي الأنظمة وأواصل اعتبار أقطار الأمة محميات‬ ‫بشرطين‪ ،‬عليكم تبريرهما وتمويلهما بسخاء‪.‬‬ ‫الشرطان علنيان‪:‬‬ ‫‪-1‬تصفية القضية الفلسطينية بإلغاء المرجعيات الدولية‬ ‫‪-2‬القبول بالإسلام الأمريكي والحرب على ما سواه لإنهاء أي حلم بالاستئناف‪.‬‬‫فتكون الحصيلة فرض ما كان يسعى إليه أوباما‪ ،‬لأن ثمرة ترك الحبل على الغارب لإيران‬‫وإسرائيل بدأ يأتي أكله ولم يبق للأنظمة العربية غير الاستسلام وهم لا يستسلمون‪ ،‬لعدم‬‫وجود البديل‪ ،‬بل لأن للبديل كلفة تعيد للأمة دورها الكوني‪ .‬وهم أبعد الناس في اعتبار‬ ‫ذلك ه ّما يعنيهم‪ :‬سلموا بما مكن للأعداء‪.‬‬‫ذلك أن تفتيت الجغرافيا وتشتيت التاريخ‪ ،‬لم يكن مشروع الأعداء وحدهم‪ ،‬بل إن‬ ‫الأقطار العربية تستمد شرعيتها من حرب دائمة على الجغرافيا والتاريخ‪.‬‬‫كل شعوب العالم فهمت أن العصر لم يعد يسمح بوجود الأقزام‪ ،‬وبقاء الأقزام كما هو‬‫معلوم‪ ،‬مشروط بالتبعية حتما‪ ،‬ومن ثم بفقدان شروط السيادة والحرية‪ ،‬وهذا هو الداء‬‫الذي يجعل العرب يخشون التعاون مع تركيا‪ ،‬فيقعون في حبال الاختراق الصفوي‬ ‫والصهيوني‪.‬‬ ‫وكان من المفروض ألا يخشوا التعاون مع تركيا‪.‬‬ ‫صحيح أن تركيا تعافت‪.‬‬ ‫صحيح أن تركيا يمكن أن تكون لديها نزعة الهيمنة ككل الدول‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫صحيح أن العثمانية يمكن أن تؤسس لذلك‪.‬‬ ‫لكن الأصح أهم من ذلك بكثير‪.‬‬‫فالعرب ماديا أقوى من تركيا مرات ومرات‪ ،‬لو كانوا يتعاونون ويتكاملون‪ :‬فالسعودية‬ ‫وحدها من حيث الدخل القومي تعادل تركي‪ ،‬ودخل العرب أكبر ثلاث مرات‪.‬‬‫والأهم من ذلك كله‪ ،‬أن تركيا لا تستطيع منافسة العرب في أمرين‪ :‬معالم الإسلام في‬ ‫أرض عربية (الحرمان والقدس)‪ ،‬وتراثه أهمه عربي اللسان‪ .‬وهذا لا يفتك‪.‬‬‫وإذن فالمشكل ليس في تركيا اتهاما لها بنزعة الهيمنة العثمانية‪ ،‬بل في ثقل الشرط الذي‬ ‫يجعل التعاون مع تركيا مغنيا عن حماية خارجية بشروط مذلة‪.‬‬‫وكان يمكن منذ أمد طويل أن يقوم أغنياء العرب من الخليج ومن المغرب العربي (ليبيا‬ ‫والجزائر) بما يشبه خطة مارشال‪ ،‬لتحقيق شروط السيادة العربية‪.‬‬‫وكان ذلك لو حصل‪ ،‬أو حتى لو تم الشروع فيه بعد الثورة‪ ،‬يحقق ما يغني العرب عن‬ ‫حلول يلجأ اليها العَجول الذي لم يستعد بذاته لحمايتها ورعايتها‪.‬‬‫لو تم ذلك لأصبح التعاون العربي التركي كافيا لئلا يستبد الصفويون والصهاينة‬ ‫حكوماتنا من المحيط إلى الخليج‪ ،‬علنا في المشرق‪ ،‬وسرا في المغرب‪.‬‬‫وهو استبداد بيّن اقتصاديا وثقافيا‪ ،‬من خلال ما لهم من شبكات تتحرك من وراء حجاب‪،‬‬ ‫ويكفي أن يتأمل المرء منزلة الغريبة في جربة‪ ،‬وخضوع الكل لرعاتها‪.‬‬‫قد يحقق ما لجأ إليه العرب مع ترامب طمأنة مؤقتة للأنظمة العربية‪ ،‬لكنها خدعة‪ ،‬لأنها‬ ‫حصاد خطة أوباما السابقة‪ :‬إيران أدت دورها فلتحصد إسرائيل‪.‬‬‫فشل السيسي‪ ،‬وبدأ حفتر والسبسي والنخب التي تحالفت مع الثورة المضادة‪ ،‬وانهار‬ ‫بشار ومعه كل مليشيات إيران وحتى بوتين‪ ،‬وينبغي القضاء على الثورة‪.‬‬ ‫شرطان‪:‬‬ ‫‪ -‬تصفية القضية الفلسطينية‬‫‪ -‬وتصفية المشروع الإسلامي الحديث‪ ،‬أي بناء أمة الإسلام بشروط الحداثة التي لا‬ ‫تقطع مع الأصالة حتى نبقى توابع‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫وختاما‪ ،‬فليس الأمر متعلقا بعدم التعامل مع الغرب‪ ،‬فهذا سخف‪.‬‬‫الأمر متعلق بعدم الاستسلام بالتخلي عن شروط التحرر‪ ،‬وهذا يعني الخطوتين‬ ‫الضروريتين‪.‬‬‫لابد من تكامل عربي‪ ،‬ثم تكامل عربي تركي حتى نتمكن من التصدي للصفوية‬‫والصهيونية اللتين تريدان استعادة إمبراطوريتهما على أرض السنة في الإقليم‪ ،‬ولا يمكن‬‫للأتراك بمفردهم‪ ،‬ولا للعرب بمفردهم‪ ،‬تحقيق شروط الصمود في معركة ذات صفين‬ ‫كلاهما مدعوم بقوة دولية‪ :‬إيران وروسيا ثم إسرائيل وأمريكا‪.‬‬ ‫سيقول المثبطون‪ :‬وهل العرب وتركيا يقدران على التصدي لهذا المربع الشرير؟‬ ‫نعم يستطيعان‪ ،‬فلو كان الأمر يسيرا لما احتاج أعداؤنا لهذا المربع‪.‬‬‫وهو أيسر مما يتصور الكثير‪ :‬فغالبية شعوب الإقليم ضد هيمنة الأقليات العرقية‬ ‫والطائفية التي تستقوي بذراعي روسيا وأمريكا‪ ،‬أي إيران وإسرائيل‪.‬‬‫لكنها لسوء الحظ لم تجد في قياداتها ونخبها من له بحق رؤية استراتيجية‪ ،‬تمكن من‬ ‫الصمود أولا‪ ،‬ومن الهجوم المضاد ثانيا بما شرحت سابقا من خطط‪.‬‬‫فالمطاولة أو الجمع بين الحربين النظامية والشعبية‪ ،‬يجعلان سنة الإقليم قوة لا تقهر‪:‬‬‫فالفلوجة هزمت جيش أمريكا‪ ،‬وما كانت لتسقط لو لا خيانة الصحوات‪ ،‬وحينها كانت‬ ‫المقاومة شعبية ولا وجود لداعش‪.‬‬‫وحتى القاعدة‪ ،‬فقد كانت هامشية في المعركة‪ .‬المقاومة كانت سنية‪ ،‬وحتى صوفية‪ ،‬وهي‬ ‫شعبية بالأساس‪.‬‬‫ولو كانت قياداتها واعية بالوضع الاستراتيجي العالمي‪ ،‬لظلت شعبية وموحدة‬ ‫ولاستطاعت بالحرب والدبلوماسية في آن‪ ،‬تحرير العراق وسوريا من الذراعين‪.‬‬‫لكن إذا أصبحت الشعوب عديمة القيادة‪ ،‬وأنظمتها ونخبها تعتبرها أعدى أعدائها‪ ،‬فإن‬ ‫الأنظمة والنخب هي التي تمهد الأرض للأعداء بجعل المقاومة فوضى‪.‬‬‫ما لم يقدم العرب على لم صفهم‪ ،‬والعمل مع تركيا‪ ،‬فنحن على أبواب ليس تقسيم‬ ‫سايكس بيكو‪ ،‬بل تقسيم صفوي‪-‬صهيوني للهلال‪ ،‬وسيطرة عن بعد في بقية الوطن‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫ذلك أن السعودية‪ ،‬حتى لو صدقنا أن العدو يريد أن يسلحها‪ ،‬فالخوف هو أن يفعل بها‬‫ما فعل بالعراق من خلال صدام مع إيران‪ ،‬ليكون الهلال كله لإسرائيل‪ ،‬فقد غرر الغرب‬‫بالعرق فأدخله في حرب مع إيران نرى نتيجتها‪ ،‬إذ إن الغرب ساعد إيران عليه حتى ينفرط‬ ‫عقده أو يكون قاب قوسين من مآله المعلوم‪.‬‬‫والسعودية حتى لو صدقت النوايا‪ ،‬لا يمكنها بمفردها أن تحارب إيران مهما سلحوها‪،‬‬ ‫وحتى لو سلمنا بأن كل الخليج معها‪ ،‬والجميع يعلم أن ذلك غير صحيح‪.‬‬‫لذلك فينبغي الحذر كل الحذر من أن يأكل العدو دار الإسلام بجعل كل قوة عربية مجرد‬ ‫أداة لخططه الخفية‪ ،‬بدعوى حمايتها من إحدى أدواته في خطته‪.‬‬‫ودون أن أشكك في أن لإيران نفس الغاية الاسرائيلية (استعادة امبراطورية)‪ ،‬فهي‬ ‫تؤدي وظيفة بهذا الوهم‪ ،‬ولما تنضج الثمرة يهدمها ويهدم العرب معها‪.‬‬‫تلك هي خطط برنار لويس‪ ،‬وهنري كسنجر‪ ،‬وكل من يعتبر احتلال الإقليم ودار الإسلام‬ ‫كلها شرطا في بقاء الغرب سيد العالم قرنا آخر‪ ،‬للتصدي للشرق الأقصى‪.‬‬ ‫‪44‬‬



‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook