Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore سلطة القضاء - طبيعتها ومنزلتها - أبو يعرب المرزوقي

سلطة القضاء - طبيعتها ومنزلتها - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2022-06-15 00:01:34

Description: سلطة القضاء - طبيعتها ومنزلتها - أبو يعرب المرزوقي

Search

Read the Text Version

‫السلطة القضائية‬ ‫طبيعتها ومنزلتها في مخمس السلط‬

‫السلطة القضائية‪ :‬طبيعتها ومنزلتها في مخمس السلط‬



‫جدول المواد‪2.......................................................................................................................................‬‬ ‫ثورة القضاء ‪ -‬نموذج استئناف الثورة وشرط نجاحها‪5........................................................................‬‬ ‫مقدمة‪5............................................ ............................... ............................... ...............................‬‬ ‫مراحل الانقلاب‪6...........................................................................................................................‬‬ ‫اصلاح القضاء وعائق الحرابة السياسية‪10 .......................................................................................‬‬ ‫المفاهيم‪10 ....................................................................................................................................‬‬ ‫‪ - 01‬المفهوم الأول‪10 ..............................................................................................................:‬‬ ‫‪ - 02‬المفهوم الثاني‪10 .............................................................................................................:‬‬ ‫‪ - 03‬أثر المفهوم الأول في المفهوم الثاني‪11 ...............................................................................:‬‬ ‫‪ -04‬أثر المفهوم الثاني في المفهوم الأول‪11 ...............................................................................:‬‬ ‫‪ - 05‬أصل المفهومات الأربعة‪11 ..............................................................................................:‬‬ ‫الآية ‪ 38‬من سورة الشورى‪12 .......................................................................................................‬‬ ‫الآية‪12 ....................................................................................................................................‬‬ ‫طبيعة الدولة وأسلوب الحكم فيها بالاعتماد على الآية ‪ 38‬من سورة الشورى‪12 ....................‬‬ ‫الدولة‪13 .................................................................................................................................‬‬ ‫دور القضاء ‪ -‬العزل الخلقي للطغاة‪15 ................................................................................................‬‬ ‫اقتراحي‪15 ....................................................................................................................................:‬‬ ‫الفصل الثالث في القضاء‪15 .........................................................................................................‬‬ ‫نوعا العزل ‪ -‬والعلاقة بين قانون القوة وقوة القانون‪21 ......................................................................‬‬ ‫الآية التاسعة من سورة الحجرات‪23 .............................................................................................‬‬ ‫تحليل الآية التاسعة من سورة الحجرات ومراحل علاج الخلافات‪24 .............................................‬‬ ‫المرحلة الأولى‪24 .....................................................................................................................:‬‬

























‫\"ألا يكتفي القضاة بالعصيان المدني الذي يتجاوز الموقف النقابي باعتباره مرحلة أولى تنصف القضاة‬ ‫وحدهم بل ينبغي أن يتعداها إلى مرحلة تنصف الشعب بالاستناد إلى واجب احترام العقد المقدس الذي‬ ‫تمثله حماية الحقوق والحريات ‪ :‬عليهم محاكمة المنقلب وعزله لعلة خلقية قبل السياسية‪\".‬‬ ‫وسأخصص هذا الفصل الثالث لأبين القصد بالعزل بعد حصر انواعه وشروطه الدستورية وما بعد‬ ‫الدستورية اي الخلقية التي تؤسس العقد السياس ي في أي جماعة إنسانية ‪.‬وسيليه فصلان آخران يثبتان‬ ‫معنى الخلقي الذي هو ما بعد الدستوري لكونه ما يؤسسه‪.‬‬ ‫بينت في الفصل الثاني علاقة إصلاح القضاء بالحرابة السياسية التي تمثل عائقا ضد كل إصلاح‬ ‫ممكن ‪.‬ولم أشرح ما يترتب عليه مما نجد بعضه في بعض الدساتير مثل الامپيتشمنت (العزل) في الدستور‬ ‫الأمريكي‪.‬‬ ‫فهو اجراء لعزل من يخل بالدستور بعضه أو كله ‪.‬لأن الطغاة معتدون عن أمانة سواء استؤمنوا عليها‬ ‫طوعا قبل أن يطغوا او حتى لو اغتصبوها كرها ‪.‬فالطغيان خيانة للأمانة التي يحملها من يحكم شعبا بشغله‬ ‫المهام التي تنسب إلى راس قوامة الدولة السياسية ‪.‬‬ ‫والعزل من حيث هو إجراء قانوني له عدة دلالات وأشكال ‪.‬فقد يكون اجراء مضمنا في الدستور مثل‬ ‫الامبيتشمنت الامريكي أي إجراء يقوم به ممثلو إرادة الجماعة في النظام السياس ي الذي لم يفسد كله فبقي‬ ‫لعلاجه امكان تحقيقه من المجتمع السياس ي ‪:‬مجلس النواب ومجلس الشيوخ‪.‬‬ ‫لكن إذا تعذر ذلك ودب الفساد في النظام السياس ي فصار مافياويا وخاصة إذا كان فاقدا لمثل هذا‬ ‫الاجراء الدستوري فإنه يمكن أن نسمي ما يناظره بالعزل الذي يمكن أن يصبح عنيفا وهو ما يحصل عادة‬ ‫في الثورات‪ .‬لكنه في الوعي الإسلامي بمقتض ى نص القرآن وإن لم يتحول إلى اجراء مصوغ دستوريا فإنه قائم‬ ‫قياما ابلغ من الامبيشمنت بوصفه عين الالتزام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين على كل‬ ‫مواطن ‪.‬وله درجات هي جوهر الرموز الدالة على المواطنة والولاء للجماعة‪.‬‬ ‫وهو إذن أكثر من الاجراء الدستوري لأنه من المبادئ المؤسسة لمعنى الانتساب إلى الجماعة وقيمها‬ ‫ويترتب عليهما المشاركة في حماية العقد ‪.‬‬ ‫‪ 3‬الفصل الثالث أبو يعرب المرزوقي تونس في ‪22.06.08‬‬ ‫‪- 15 -‬‬

‫دور القضاء ‪ -‬العزل الخلقي للطغاة‬ ‫وهو إذن أصل أوسع من مبدأ العزل في الدستور الأمريكي وإن كان من طبيعة مختلفة من حيث‬ ‫الاجراء ‪.‬وهذه الطبيعة هي التي اريد تحديدها وبيان مستوياتها لجعل العيش المشترك سلميا‪.‬‬ ‫فالمواطن في الإسلام لا يطيع الحاكم الذي يعص ي الدستور بعضه أو كله ليس من حيث هو إجراء‬ ‫ظرفي بل من حيث هو ملازم لمشاركة المواطن في المواطنة التي تحمي المبادئ التي يستند إليها الدستور وقيمه ‪.‬‬ ‫فهو عقد بين المواطنين ثم بينهم وبين المكلفين بقوامة الدولة حتى لو كان ذلك في شكل حكم‬ ‫التغلب عند انفراط عقد الشرعية‬ ‫أو حكم الوصاية في الرؤية الباطنية‬ ‫ناهيك عنه في شكل حكم الاختيار والبيعة الحرة في الرؤية السنية‬ ‫وكل مساس بالعقد دال على عصيان المكلف بالقوامة يترتب عليه لدى الطرف الثاني من العقد ‪ -‬أي كل‬ ‫مواطن ‪ -‬ليس حق العصيان فحسب بل واجب العصيان لأنه لا طاعة في معصية القانون‪ .‬والعصيان له‬ ‫مراتب‪ :‬فله‬ ‫حد أدنى هو الغضب القلبي ‪.‬‬ ‫وحد أقص ى هو الغضب اليدوي ‪.‬‬ ‫وحد أوسط هو الغضب القولي ‪.‬‬ ‫فيكون العصيان ثورة خلقية تبدأ بغضب القلب وتنتهي بغضب اليد وبينهما غضب اللسان ‪.‬‬ ‫والحصيلة هي مراتب العزل القلبي واللساني واليدوي وهي مراحل لا يخلو منها عمران في أي جماعة إنسانية ‪.‬‬ ‫والوصول إلى اليدوي هو الثورة العنيفة ‪.‬وما قبله مراحل لتجنبها وهي جوهر الثورة اللطيفة ‪.‬‬ ‫وذلك هو مفهوم الثورة الخلقية التي تزيل بتدرج سلمي قلبي فلساني لتصل عند الضرورة إلى اليدوي‬ ‫فتزيل فساد الدولة المارقة أي التي تحولت إلى غطاء على المافية التي تتستر بالقانون المحرف‪.‬‬ ‫لذلك فهذه الثورة العازلة ليست سياسية فحسب ‪ .‬ولذلك وصفتها بكونها خلقية لأنها تمر بمراحل‬ ‫تتجنب فيها العنف وتتعلق بحماية مقومات الدستور الخمسة أي‪:‬‬ ‫‪-‬مرجعيته التي تؤمن بها الجماعة سواء كانت روحية أو مادية‬ ‫‪-‬والقوى السياسية التي تمثل إرادة الجماعة وهي الاحزاب في عصرنا‬ ‫‪-‬ومضمون العقد أي الحقوق والحريات وهي اساس كل مجتمع احرار‬ ‫‪-‬ونظام الحكم أي شروط القوامة السياسية التي تعبر عن ارادة الجماعة‬ ‫‪- 16 -‬‬

‫دور القضاء ‪ -‬العزل الخلقي للطغاة‬ ‫‪-‬وهذه الشروط هي قوامة كل وظائف الجماعة التي تحقق الرعاية والحماية دون ان تكون خاضعة‬ ‫لوصاية القيم الذي نوبته الجماعة بإرادة شروط مجراها السلمي أي ما يسمى بدولة القانون أو الشريعة‬ ‫بحسب مبادئ الدستور التي هي دائما اختيارية حتى لو كانت من دين منزل لأن ما يجعلها تشريعا وقانونا لا‬ ‫يأتي من كونها منزلة بل من كون الشعب اختارها لإيمانه بها ‪.‬‬ ‫فتكون القضية متعلقة بما دب في قوامة الدولة من فساد وافساد‪ ،‬وهو ما يترتب عليه الذهاب بالعزل‬ ‫إلى غايته إذا فشلت مراحله الأولى في تحقيق شروط احترام العقد‪ .‬وغاية العزل خلقية وسياسية أي إنه عزل‬ ‫اعم وأعمق من العزل السياس ي في اجراء العزل الأمريكي‪.‬‬ ‫لذلك فسأسمي النوع الأول الذي من جنس الامريكي بالعزل السياس ي وهو إجراء تقوم به مؤسسة‬ ‫النواب والشيوخ في أمريكا الامبيشمنت الأمريكي‪ .‬وهو معلوم وغني عن مزيد التوضيح‪.‬‬ ‫وأما النوع الثاني الذي حاولت وصفه والذي هو مقوم جوهري في الرؤية القرآنية فهو النوع الذي اعتبره‬ ‫العزل الخلقي الأعمق من العزل السياس ي ‪.‬‬ ‫ورغم أنها رؤية لم تتحول إلى مؤسسات فإنها تعمل حتما لأنها عين المواقف من الشروط القيمة‬ ‫المواقف الملازمة لوجود الجماعة من حيث جماعة‪ .‬وهو إذن عزل تتحدد مراحله بمراحل الأمر بالمعروف‬ ‫والنهي عن المنكر أي المواقف التي تعير بها الجماعة من نوبته لقوامة شأنها العام‪:‬‬ ‫مرحلة القلب ‪:‬شعورا بالرضا أو بالرفض‬ ‫ومرحلة اللسان ‪:‬تعبيرا عن الرضا أو الرفض‬ ‫ومرحلة اليد ‪:‬الثورة طلبا لما يرض ي ورفضا لما يرفض‪.‬‬ ‫وهي محطات الاحتجاج السياس ي‬ ‫ذي الدافع الخلقي خاصة‬ ‫وذي الغاية السياسية القصوى‬ ‫أي الثورة على سلطان المنكر الذي جعله الفساد والطغيان بديلا من سلطان المعروف ‪.‬‬ ‫لذلك فهذه المحطات الثلاث تتضمن شرطين مسكوت عنهما لكونهما شارطين للوصل بينها ومعللين‬ ‫للنقلة من أحدهما إلى الذي يليه‪:‬‬ ‫المسكوت عنه الاول يحقق النقلة من أولاها إلى الثانية‬ ‫المسكوت عنه الثاني يحقق النقلة من الثانية إلى الأخيرة ‪.‬‬ ‫فلا بد من ظهور‬ ‫ما يصل القلب باللسان‬ ‫‪- 17 -‬‬

‫دور القضاء ‪ -‬العزل الخلقي للطغاة‬ ‫وما يصل اللسان باليد ‪.‬‬ ‫فما يصل القلب باللسان هو الوصول إلى مرحلة امتناع السكوت عما يجري الذي لم يعد قابلا للاحتمال ‪.‬‬ ‫وما يصل اللسان باليد هو الوصول إلى مرحلة استحالة عدم الانتقال إلى الثورة على الطغيان ‪:‬وهو بداية‬ ‫كل ثورة وعلى صمودها‪ .‬لأن الكفر بالطاغوت شرط الإيمان بالله ‪.‬ومن ثم فمن لم يثر يعتبر قد فقد الإيمان‬ ‫بالله وصار يعبد الطاغية وهو معنى فساد معاني الإنسانية بلغة ابن خلدون ‪.‬‬ ‫ولهذه العلة فإن هذا النوع الثاني من العزل عزل خلقي لأنه لا يتعلق بخيانة الدستور بعضه أو كله‬ ‫فحسب بل بخيانة المبادئ التي ينبني عليها التعاقد بين البشر‪ .‬ولهذه العلة فهو خلقي الأساس وسياس ي‬ ‫الغاية في النهاية لأنه خيانة تعاقد الجماعة في ما بينها وفي ما بينها وبين من تنوبه عنها في قوامة شأنها العام‬ ‫فرض كفاية لأنه لا يمكن أن يكون الكل مديرا للشأن العام ‪.‬‬ ‫وما هو فرض عين هو المراقبة والمحاسبة وهما ما يدفع إلى الثورة إذا تعذر النوع الأول من العزل بسبب‬ ‫تحول أدوات الشوكة أدوات تحمي الاستبداد وتجعل الطاغية وكأنه هو رب العباد يتحكم في الرزقين المادي‬ ‫والروحي للجماعة‪ .‬ولهذه العلة كان ابن خلدون حريصا على التنبيه إلى شرطه‪.‬‬ ‫كل جماعة تفقد حماية نفسها وتتركها لحامية بيد الطاغية تجعل هذه الحامية أداة طغيانه وتكون‬ ‫جماعة عبيد وليست جماعة أحرار ‪.‬‬ ‫لذلك فهو يسميهم عيالا فسدت فيهم معاني الإنسانية إذ يقول \"وفسدت معاني الإنسانية له (لذي‬ ‫اخلاق العبيد) من حيث الاجتماع والتمدن وهي الحمية والمدافعة عن نفسه أو منزله وصار عيالا على غيره‬ ‫في ذلك بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتها‬ ‫فارتكس وعاد في أسفل سافلين \"‬ ‫وتلك هي علة تسميتي هذا النوع من العزل بالعزل الخلقي دافعا والسياس ي غاية ‪.‬ولا يمكن أن يقوم به‬ ‫إلا القضاة النبلاء باعتبارهم يتصفون بما يعتبره القرآن صفتي الحكم ‪:‬‬ ‫الأمانة التي يحملوها أي حماية نظام قانوني معين يعبر عن إرادة الجماعة تعبير تعاقد بينها ثم بينها‬ ‫وبين من تنوبه لتمثيل إرادتها وإذن فالحكم مؤتمن على شريعة‬ ‫والعدل الذي يتمثل في الوفاء برد الأمانة لأصحابها أي تحقيق العدل بوصفه قيما على الفصل بين‬ ‫المتنازعين بمقتض ى ما له من أهلية خلقية وعلمية في تنزيل نصوص العقد ‪-‬القانون‪ -‬على النوازل‪.‬‬ ‫وهذا هو الحل الذي قد يغني عن حصول فوض ى الثورات التي قد تكون ضرورية لكن إمكانية تجنبها‬ ‫هي التي اسميها العزل الخلقي وانسبه إلى القضاء ‪.‬‬ ‫‪- 18 -‬‬

‫دور القضاء ‪ -‬العزل الخلقي للطغاة‬ ‫واقتراحي هو ألا يكتفي القضاة بالعصيان المدني الذي يقتصر على الموقف النقابي إلا باعتباره مرحلة‬ ‫أولى غير مقصورة على مطلب نقابي هو انصاف القضاة وحدهم بل الامر يتعدى إلى انصاف الشعب واحترام‬ ‫العقد المقدس الذي يمثله احترام الحقوق والحريات ‪.‬فإذا لم يتوقف الانقلاب وبقي صاحبه سادرا في غيه‬ ‫فمن واجبهم أن يحاكموه ويعزلوه عزلا أقوى من العزل السياس ي لأنه عزل خلقي ‪.‬‬ ‫ويمكن اعتبار ما يجري في تونس حاليا أفضل مثال من تحقق مراحل العزل القلبي واللساني ونأمل ألا‬ ‫يصل الحال إلى العزل اليدوي‪.‬‬ ‫والمعلوم أن الفرق بين الاولين والاخير هو ان الاولين يمنعان الانقلاب على الدستور في دولة ما تزال‬ ‫معافاة من التحول إلى غطاء على مافية أو على حشد شعبي هو الشكل المافياوي التام بحجة الوصاية على‬ ‫الشعب في الرؤية الباطنية‪.‬‬ ‫فيكون لجوء الشعوب إلى العزل اليدوي الملجأ الأخير الذي يمكن للعزل اللساني والقلبي أن يغني عنه‬ ‫إذا كان في الدولة بقية باقية من الصلاح‪.‬‬ ‫أما إذا تمكنت منها المليشيات والحشد الشعبي فإن الحل الوحيد هو اليدوي‪.‬‬ ‫ما اقترحه على القضاة الذي اعتبره ما بقي من الدولة بعد ما أثبتوا صمودهم في العصيان المدني الحالي‬ ‫هو الفرصة الأخيرة لإنقاذ تونس من فوض ى عارمة لا قدر الله سيكون أثرها فوض ى لا يعلم إلا الله مدى‬ ‫ضررها في بلد مثل تونس التي ليس لها مقومات الصمود الطويل‪.‬‬ ‫ما قد يحول ثورة شعبها إلى جعل البلاد مسرح كل التدخلات الخارجية التي تجعلها مثل ليبيا واليمن‬ ‫والعراق وسوريا وكل الجماعات التي ابتلاها الله بنخبة سياسية تعاني من سيدا الفساد التي لم يبق علاجها‬ ‫ممكنا بغير قطع الرأس تنشف العروق أي بالعزل الخلقي لقائد الفساد والافساد‪.‬‬ ‫‪- 19 -‬‬



‫قد يظن الكثير أني بدعوتي القضاء لتولي عزل المستبد قد ملت لما يسمى بدولة القضاة أو دولة‬ ‫الفقهاء ‪.‬فأكون بذلك قد جردت القوى السياسية من تمثيل الإرادة الشعبية التي لا تعلو عليها إرادة سواء‬ ‫كانت دينية أو دنيوية ‪.‬‬ ‫ولا فرق بين نوعي الإرادة الشعبية ‪:‬‬ ‫فالدينية لا تصبح شرعا للجماعة إلا بما ينتج عن إيمانها بها وليس لخاصية ذاتية لها ‪.‬فهو أحد‬ ‫الخيارين في تاريخ تأسيس القوانين والاخلاق ولا يختلفان بذاتيهما بل بخيار من يختار هذا أو ذاك‪.‬‬ ‫والدنيوية لها نفس الأساس حتى وإن اختلفت عنها من حيث الطبيعة لأنها تعوض الإلهية بما تسميه‬ ‫حقوق الإنسان الطبيعية وهي إذن ليست شرعا بذاتها بل بما ينتج عن إيمان الجماعة بها؟‬ ‫وإذن فكلتاهما تستمد دورها المؤسس للقانون مما يعتقده صاحبها فيكون دورها في التأسيس ليس‬ ‫طبيعتها الذاتية بل اختيار من يتبناها أساسا لرؤيته السياسية والقانونية والخلقية ‪.‬‬ ‫وهو ما يعني أن المقابلة بين التأسيسين لا علاقة له بطبيعة الاساس في ذاته بل بخيار صاحبه‬ ‫وتفضيله ‪.‬ثم إن من يختار الدنيوي أي \"الحق الطبيعي \"يكذب عندما يدعي المدنية وينفيها عمن يختار‬ ‫الديني‪.‬‬ ‫فعبارة \"الحق الطبيعي \"التي لا يفهم الحمقى دلالتها ميثولوجية لأنها تسقط على الطبيعة مفهوما لا‬ ‫معنى له في الطبيعة التي لا تميز بين حق وباطل ولا بين خير وشر ‪.‬هو تأليه لا واع للطبيعة‪ ،‬إنه معنى الدين‬ ‫الطبيعي‪.‬‬ ‫ولكن التمييز بين نوعي العزل من حيث الدور علته عدم حصر تمثيل الشرعية الشعبية في القوى‬ ‫السياسية ‪.‬فلو كان العزل مقصورا على نوع الامبيتشمنت بالمعنى الأمريكي لما كان للقضاء دور في العلاقة‬ ‫التعاقدية بين الشعب ومن اختارهم للقوامة من القوى السياسية‪.‬‬ ‫فالقضاء يقض ي بين القوى السياسية والشعب الذي اختارها أو فرضت عليه ما يعني أنه يمثل‬ ‫مستوى ثانيا أرقى من سلطان القوى السياسية التي لها القدرة على العزل ‪.‬‬ ‫‪ 4‬الفصل الرابع أبو يعرب المرزوقي تونس في ‪22.06.09‬‬ ‫‪- 21 -‬‬















‫دلالة العزل بمعنييه ‪ -‬أصل السلطة‪ :‬إرادة الأغلبية في الجماعة ‪01‬‬ ‫من ينتخبون في حالة الشرعية‬ ‫ومن يتغلبون في حالة عدمها ‪.‬‬ ‫لكن فرض العين الذي يتعلق بالمراقبة والمحاسبة بخصوص شروط الطاعة وغايتها اللاطاعة في‬ ‫معصية بحيث إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هدفه المحافظة على شروط الطاعة والتصدي لها‬ ‫بواجب العصيان عندما يصبح القيم عاصيا للقانون المؤسس للتعاقد بينه وبين الجماعة التي عينته قيما‬ ‫على شأنها فرض كفاية أو حتى التي استبد بها بوصفه طاغية بشرط توفر شرط القدرة عليها لإزالة‬ ‫الاستبداد‪.‬‬ ‫وعلي الآن أن أعلل ذلك لئلا يعتبر وكأنه مجرد مصادرة على المطلوب اعتمده لادعاء مبدأ أعمق من‬ ‫مبدأ الامبيتشمنت هو مبدأ فرض العين في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في صيغتيه القرآنيتين‬ ‫الإنشائية شرطا في الإيمان (آل عمران‪)104‬‬ ‫والخبرية شرطا في الخيرية (آل عمران ‪)110‬‬ ‫والتعليل يعتمد على ثلاثة شواهد من أكبر علماء الفلسفة السياسية التي تحدد طبيعة العلاقة بين‬ ‫هذا المعنى‬ ‫والنظام السياس ي ووظائفه في تنظيم حياة الجماعة‪.‬‬ ‫لأختم بالعودة إلى تحديد طبيعة النظام السياس ي وأسلوب الحكم في الرؤية القرآنية كما حددتهما‬ ‫الآية الثامنة والثلاثون من سورة الشورى ‪.‬‬ ‫وهي مسائل تم درسها في بحوث سابقة وقد أعود إليها في فصلين آخرين اختم بهما هذه الدراسة مع‬ ‫تعميمها وعدم الاقتصار على المثال العيني الحالي الذي تعلق بما انسبه من دور إلى القضاء ملجا أخيرا في‬ ‫حالة فساد القوى السياسية وتحويلها الدولة إلى غطاء على الطابع المافياوي الذي وصفته بكونه الحرابة‬ ‫السياسة ‪.‬‬ ‫وهذه المسائل التي تجمع بين هذا الحل وطبيعة الرؤية الإسلامية التي تحول دون نوعي ظهور العصبية‬ ‫المفضية للهرج بلغة ابن خلدون أي الحائلة دون نشأة الدولة البدائية والناكصة إلى الحيلولة دون بقائها في‬ ‫النهاية عندما تصل إلى غاية الفساد ‪.‬‬ ‫وذلك بالتناظر مع مراحل النفاذ إلى نظرية الإسلام في الدولة وأنواع الحوائل دونها بإفساد شروطها‬ ‫الأداتية والغائية‪.‬‬ ‫‪- 29 -‬‬

‫دلالة العزل بمعنييه ‪ -‬أصل السلطة‪ :‬إرادة الأغلبية في الجماعة ‪01‬‬ ‫‪-‬فالمسألة الأولى هي مسالة الاختيار بدل الوصية كما عرفه الغزالي في كتاب فضائح الباطنية‪.‬‬ ‫‪-‬والمسالة الثانية هي بناء ابن تيمية نظرية الدولة في كتاب السياسة الشرعية على الآيتين ‪ 27‬و‪28‬‬ ‫من سورة النساء‬ ‫‪-‬والمسألة الثالثة هي تعليل ابن خلدون لوجود الكلام في الإمامة في علم الكلام السني كما ورد في‬ ‫الفصل العاشر من الباب الأخير من المقدمة فصل علم الكلام ‪.‬‬ ‫‪-‬والمسألة الرابعة هي الكلام على مصدرهم المشترك في تحديد طبيعة نظام الحكم مرجعية وغاية‬ ‫وصلة ذلك بمبدأ الاختيار في تعيين طبيعة الحكم والقيمين عليه‪.‬‬ ‫‪-‬والمسألة الأخيرة هي الكلام على أسلوب إدارة وظائفه تعيينا للقيمين الممثلين لإرادة الأمة وعزلهم‬ ‫ونسبة ذلك إلى سلطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوصفهما فرض عين على كل مواطن فعليه واجب‬ ‫مراقبة القيمين ومحاسبتهم وأهم عناصره واجب‬ ‫طاعة من يطيع القانون‬ ‫وعصيان من يعصيه‪.‬‬ ‫‪- 30 -‬‬


























Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook