أبو يعرب المرزوقيوحدة مصير الشرق والغرب الأدنيين الأسماء والبيان
وحدة مصير الشرق والغرب الأدنيين
منذ أكثر من عقد ،قابلت بين غرب أقصى وشرق أقصى ،لأفصل في الغرب بين أوروبا التي تمثل عندي نظير الشرق الأوسط ،والولايات المتحدة أو الغرب الأقصى.وكان هذا التمييز مني محاولة لبناء رؤية تمكن من فهم المعادلة الجيوستراتيجية التي نتجت عن حدثين كبيرين: -أولهما سقوط السوفيات -والثاني بروز الصينبروز الصين يمثل التهديد الوحيد الذي يخيف أمريكا حاليا-اليابان وكوريا والهند كلهم توابع لها -وهو ما يقتضي أن يتغير هم أمريكا الاستراتيجي.فروسيا لم تعد قوة كبرى رغم وهم بوتين ،وأوروبا لم تعد من ث ّم خط الدفاع الأمريكي الأول ،والممر عبر الأطلسي شبه مضمون ،ما يقتضي تحصين الممر عبر الهادي.ولم يبق للتأكد من الضمانة إلا القليل :فإسرائيل أصبحت قادرة على اداء الدور ،وخاصة منذ القمم الثلاث الأخيرة برئاسة ترامب واستسلام العرب النهائي.يبدو كلامي مجرد فرضية من أحلام متفلسف ينشغل بالاستراتيجيا ،حتى نطقت ميركل بالكلمة الحاسمة :على أوروبا ألا تعتمد بعد الآن على أمريكا وانجلترا.وهذه الصراحة وتأييد الوقائع (خروج بريطانيا وتهديدات ترامب لأعضاء الحلف، وحتى صداقته مع بوتين) يعني أن الغرب الأدنى صار في وضع الشرق الأدنى. ما الشيء الذي تعتقد ميركل أن على أوروبا أن تعتمد فيه على نفسها؟ ممن تخاف أوروبا على أمنها؟ منا ومن روسيا :نووي روسيا ،وديموغرافيا الجنوب. 31
بوضوح :أوروبا مهددة بالعودة إلى وضعية ما قبل الحرب العالمية الثانية ،وقد تميل إلى استعادة المستعمرات لتتقي فوضى الحروب الأهلية والهجرة.وهذه العودة يمكن أن تكون مع روسيا أو ضدها ،وتعود القارة العجوز إلى التنافس بين قومياتها ،فتصبح هي بدورها مهددة بالتفتت مثلنا أو أكثر.والسؤال الذي قد لا يستجده الكثير :هل سيكون لإسرائيل في أوروبا ،التي هي الغرب الأدنى ،نفس الدور الذي لها في الإقليم ،الذي هو الشرق الأدنى؟فالاختراق الإسرائيلي لكل النخب الأوروبية (الأحزاب والجامعات والجمعيات)، والتسلح الذي يضاهي تسلح القوى العظمى ،والتقدم التكنلوجي ،له هدف طموح.فما يسمونه بالأرض الموعودة الجديدة والأرض الموعودة القديمة ،صار ملتقى القارات أو الإقليم الجامع بين الغرب والشرق الأدنيين مجالهما الحيوي.وهذا هو حلم الانتقام من الشرق الأدنى والغرب الأدنى في إيديولوجية الشعب المختار الذي يثأر لنفسه ويسيطر على العالم :حلم كسنجر العلني والصريح.صحيح أن كيسنجر لم يتكلم إلا على نصف الحلم :أي الشرق الأدنى .ما تستعد له إسرائيل يتجاوزه :فما يفوق تسلح فرنسا وانجلترا مجتمعتين ليس صدفة.والإيرانيون الذين يشاع أنهم أذكياء ودهاة ليسوا إلا جهاز تهديم أولي لمشروع يعتبرهم فيه كسنجر مجرد أداة يضحى بها بعد المهمة :استسلام العرب.القمم الثلاث الأخيرة هي استسلام العرب لإسرائيل واعطاء الضوء الأخضر لعميلها الأكبر حتى يوقفوا المقاومة السنية في الإقليم باسم محاربة الإرهاب.ولهذه العلة ،أصبح همهم الأول إسكات الدولتين اللتين تساعدان ثورة التحرر والتحرير في كل بلاد العرب :أي قطر وتركيا ،ملجأ المطاردين وتعبيرهم.ومهما كانت نوايا الحكام الذين قبلوا هذه الخطة ساذجة ،فإن توهم بوتين وإسرائيل يريدان ،او حتى لو أرادوا ،قادرين على حمايتهم من شعوبهم دليل غباء وخيانة. الثورة بدأت ولن تتوقف قبل بلوغ الغاية. والحمد لله ،فأوروبا أيضا بدأت تفهم اللعبة. 32
كلام ميركل دليل :وحدة المصير بين الضفتين ستفرض نفسها قريبا. 33
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 10
Pages: