أبو يعرب المرزوقي الأسماء والبيان
كيف اضاع كاريكاتور التأصيل قيم الإسلام وأضاع كاريكاتور التحديث قيم الحداثة؟ العلة :خلط بين الإسلام وقيم الانحطاط وبين الحداثة وقيم الاستعمار.لما تسمع دعاة الإسلام قديمهم وجديدهم ودعاة الحداثة قديمهم وحديثهم لا يمكن أنتصدق أذنيك لأن كلى صنفي الدعاة يبدوان أكثر الناس صلفا وادعاء .وقد أنتجا ضربينمن التكفير باسم صورة الأولين عن الإسلام وباسم صورة الثانين عن الحداثة .وما نسميهم دعاة جدد في الحالتين يجمعون بين الصورتين.رقص عدنان ابراهيم وتهويله في المحراب أو تباكي عمرو خالد مسرحيات قصصه تعلمأن عبادة العجل لا حد لما تنتج من بذاءة ودناءة واستغفال للعامة وهوما يقتضي أن نبحثعن علل هذا المآل الذي يفسر ما عليه الشعوب العربية خاصة والإسلامية عامة من استسلام للاستبداد والفساد وقبول الذل والمهانة.دنسوا المساجد :لا فرق بين دجل كاذب الدعاة وقنابل زائف الجهاديين .هذا يفجرها بالقنابل المادية وذاك يخدرها بالقنابل الرمزية :تشويه نسقي للإسلام.ولا يغرنك ما يدعيه محدثو الدعاة من مقاومة من يسمونهم بالإرهابيين :هؤلاء هم تلاميذ القدامى فعلا وتلاميذ المحدثين رد فعل .فالتشويه واحد مشترك.والأساس الواحد هو العلوم الزائفة التي قلبت فصلت 53فجعلت الفراغ العقلي يحول العلم الذي يعمر إلى جدل يدمر :تفقد الأقوال الاحتكام إلى الأفعال.وذلك هو ما يسميه القرآن الكريم في كلامه على الشعراء بمعيار الأقوال التي لا تحتكمإلى الأفعال{ :هل أنبئكم على من تنزل الشياطين .تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع 51
وأكثرهم كاذبون} (الشعراء .)223-221والأقوال التي لا تحتكم إلى الأقوال هي إما اختلاق الخيال المريض أو الرجم بالغيب.فدعاة الدين ممن لا يحتكم إلى الأفعال راجمون بالغيب ودعاة الحداثة ممن لا يحتكم إلى الافعال من ذوي الخيال المريض :تلك علل الانحطاط المضاعف.صار علم الدين مقصورا على الرجم بالغيب للتدين المنافق وصار علم الدنيا ايديولوجيا حداثية للتحديث الزائف .غاب التـأصيل والتحديث بكلام في كلام.ولهذا آليت على نفسي أولا مساءلة القرآن الكريم بالأسلوب الذي نصحنا بمساءلته به تدبرا نظريا من أجل العمل على علم .ثم فحص خواء فكر الحداثيين.وإذا كان العمل الأول يتطلب مني كبير الجهد لتقديري ثمرات الصمود الذي مثله الفكر التقليدي رغم اقتصاره على حفظ الموجود ،فإن الثاني أيسر عندي.ذلك أن معرفتي بالإسلام ليست اختصاصا أكاديميا بل هي جهد شخصي خارج الاختصاص. أما معرفتي بالحداثة فهي خبزي اليومي لأنها جوهر اختصاصي بأصليها.وأقصد بأصليها الفكرين اليوناني والأوروبي .ومن لم يدرس الفكر اليوناني والفكر الأوروبي في مصادره لا يكون إلا من مشوهي الحداثة بمقتضى تكوينه.وما شرعت في هذا البحث إلا لأبين أن هذا السلوك ليس جديدا :فهي نفس الطريقة التي درسها الغزالي في فضائح الباطنية :تشويه الإسلام والفلسفة.وهي خطة ذات استراتيجية عند الباطنية لكن قسمها الديني لدى السنة كان نتيجة الاختراق الباطني عن طريق التصوف الذي يدعي التعامق الفلسفي.ونفس هذه الطريقة هي السارية حاليا :فعندنا الباطنية الصريحة أعني استراتيجية إيران في الإقليم والباطنية التي تخترق السنة وهي دور الإمارات.والحرب كلها في الحالتين ضد الإسلام كما حدده القرآن بوصفه استراتيجية استعمار الإنسان في الارض بقيم الاستخلاف وغايات الإنسان في الدارين.والمعلوم أن أساس هذه الاستراتيجية الباطنية هي استعمال الدين إيديولوجيا تخدير الشعوب للحكم المطلق واستعمال الفلسفة لتبرير عقلانية مافياوية. 52
ومن ثم فالاختراق الصوفي والحداثي للإسلام مع النكوص السني إلى الجاهلية هما الداء الذي أصاب الأمة فحال دون تحقيق شروط الاستئناف المبدع.والغزالي عالج دور استعمال الفلسفة وابن خلدون بيّن دور الاختراق الصوفي وابن تيمية جمع بين الأمرين لكن ثلاثتهم علاجهم سلبي لعدم تقديم البديل.كما تجد في الحالتين دورا لبني إسرائيل :فعلاقة الباطنية بهم ثابتة في القديم وهي أكثر ثبوتا في العصر الحالي .رغم ما يبدو من صراع بينهما.والعلاقة أكثر بينونة في مؤامرات الإمارات ضد السنة عامة والاخوان والمقاومة الفلسطينية خاصة وتبدو مشكوكة الثبوت في علاقة إيران وإسرائيل.وما يضفي بعض المصداقية الظاهرية على العداء بين إيران وإسرائيل هو تنافسهما على السيطرة على الاقليم مع وحدة الهدف :استرجاع امبراطورية سابقة.وقد افتضح الحلف الآن :فإيران حققت هدفها المضاعف من ظاهر العداوة :ربح قلوب المسلمين وإخافة يهود العالم حتى يساعدوها في التفاهم مع الغرب.وإسرائيل حققت هدفها المضاعف :ربح قلوب النخب العميلة وإقناع الحكام بأنها ستحميهم ما يساعد على كسلهم وجبنهم لتحقيق شروط حماية أنفسهم بأنفسهم.ذكرت الفضائح (الغزالي) ولم أذكر فصل التصوف من المقدمة وكتاب شفاء السائل (ابن خلدون) ولم أذكر ردود ابن تيمية في درء التعارض ومنهاج السنة.تلك هي المصادر التي عالج فيها ثالوث المدرسة النقدية هذه الإشكالية التي عادت من جديد: -1استعمال الدين إيديولوجيا حكم (جوهر التشيع الباطني).-2ثم استعمال الفلسفة بظاهر من العقلانية وظيفتها الأولى ليس العلم بل الجهل لأنها تدعي إثبات خرافة الأئمة وعلمهم المعصوم الذي يحكم بالدين.وإذن فالفلسفة ليست مطلوبة لذاتها طريقا لمعرفة الحق بل هي أداة لتركيز خرافتين تنسفان ثورة الإسلام من الأساس: -وساطة كنسية 53
-وحق إلهي في الحكم.وبهما نصل إلى الغاية التي اكتشفها الغزالي وابن تيمية وابن خلدون :اختراق فكر السنة من فوق بالفلسفة ومن تحت بالتصوف .فوقعت السنة بين داءين.البادون منهم نكصوا إلى الجاهلية .والحاضرون تشيعوا من حيث لا يعلمون وبدون وعي،أي إنهم أصبحوا مثل الهنود الحمر يفضلون الخنوع والرقص حول النار فصاروا لقمة سائغةللباطنية الجديدة التي تقدم تفسيرا للقرآن هو بالجوهر باطني لكنه يجري في بلد يزعم التسنن مع جوقة من دجالي التصوف والتفلسف.ولما كتب الغزالي تهافت الفلاسفة كان هدفه التصدي لهذه الظاهرة بالذهاب إلى أصلها أي تحريف الفلسفة لتكون في خدمة تحريف الدين :اقرأوا مقدماته. لكنه سرعان ما أصابته العدوى.ولما كتب ابن تيمية ما أشرت إليه كان قصده التصدي لهذين الداءين لكنه بقي في رد الفعل .ابن خلدون تجاوزها قليلا.فالمقدمة هي في الحقيقة ثورة على الكنسية والحق الإلهي في الحكم أي ترجمة علمية لثورتي الإسلام :من خلال درسه لقوانين السياسة ودور الدين فيها.لم يكن أحد من ثالوث المدرسة النقدية مستعدا للإعلان عن طبيعة عمله :فلا يمكن تصور ما قاموا به من دون افتراض أنه إعادة تأسيس للفكر الفلسفي.أدرك ثلاثتهم أن أساس الباطنية ليس تحريف الدين مباشرة بل تحريف الفلسفة لتحريف الدين وجعله مجرد إيديولوجيا لحكم العامة .ودور الفلسفة الخلع.فكل كلام الباطنية الفلسفي ليس فلسفيا بل هو إثبات للتعليمية التي عرفها الغزالي بكونها التأسيس المزعوم فلسفيا للكنسية والحكم بالحق الإلهي.والقصد بالكنسية الوساطة بين المؤمن وربه والقصد بالحكم بالحق الإلهي الإمامية: الإمام الشيعي معصوم معرفيا (وراثة النبوة) والتدين هو طاعته.وهذان التصوران منافيان بالجوهر لثورتي الإسلام :لا وساطة بين المؤمن وربه ولا حق إلهي في الحكم (الشورى )38بل الأمر أمر المؤمنين يديرونه بالشورى. 54
نكوص البادين من السنة إلى الجاهلية وسوء فهم الحاضرين منهم للاختراق الصوفي جعلها تشيعا بتأليه الحكام وبالسقوط في وثنية التصوف الطرقي الشعبي.وبهذا تفهم حربهم الشعواء هم وعملاؤهم من متأخري الأشاعرة ودجاليهم على ابنتيمية وابن خلدون وكل أعلام السنة الذين قاوموا ما نتج عن الاختراق .ومنهم الدجالالمغربي الذليل الذي يناصبني العداء لعلمه أني أعلم أنه لا علاقة له بالفلسفة .فهي لا تسمح بالارتزاق الذليل وخدمة العبوديتين.فالملالي رمز العبوديتين :لا يتبعهم من يؤمن بالحرية الروحية ومن يؤمن بالحرية السياسة .الكنسية والحق الإلهي في الحكم ضديدان للدين والفلسفة.ما أردت بيانه هو أن ما يجري حاليا في المعركة ضد ثورتي الإسلام -وهما جوهر الفكر السني-هو عينه ما جرى سابقا ومنذ الفتنة الكبرى فسيطر عليه.فالبادون من السنة نكصوا إلى الجاهلية وخاصة بين العرب ،والحاضرون منهم انحطوا إلى تخريف التصوف الشعبي .وكلاهما صار قابلا بالاستبداد والفساد.ما أحاوله قدر مستطاعي هو استكمال قراءة الغزالي وابن تيمية وابن خلدون لهذه الظاهرة التي عاصروها وهي تتكرر الآن بنفس الطريقة .والسنة تشخر. 55
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 12
Pages: