Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الفضاء العام - الفصل الخامس - أبو يعرب المرزوقي

الفضاء العام - الفصل الخامس - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-04-05 05:19:40

Description: إذا كان الكلي هو الصفات المشتركة أو ما بين الأشياء من صفات فإن الذهاب بذلك إلى الغاية لا يبقي إلا على علاقات ليس لها موضوعات تحملها موضوعات ذات طبائع أو مقومات وجود تكون تلك الصفات أعراضها. كيف نفهم محمولات بلا حوامل؟ هل نفترض حاملا واحدا كما يفترض ذلك تصوف وحدة الوجود ونذهب به إلى حد اعتباره الموجود الوحيد وكل ما عداه من أوهام الإنسان كما في نظرية الوحدة المطلقة؟

Search

Read the Text Version

‫الفصل الخامس‪:‬‬ ‫تطابق الكلي والواحد مع الفردي والكثير‬‫الأسماء والبيان‬







‫إذا كان الكلي هو الصفات المشتركة أو ما بين الأشياء من صفات فإن الذهاب بذلك إلى‬‫الغاية لا يبقي إلا على علاقات ليس لها موضوعات تحملها موضوعات ذات طبائع أو مقومات‬ ‫وجود تكون تلك الصفات أعراضها‪.‬‬ ‫كيف نفهم محمولات بلا حوامل؟‬‫هل نفترض حاملا واحدا كما يفترض ذلك تصوف وحدة الوجود ونذهب به إلى حد‬ ‫اعتباره الموجود الوحيد وكل ما عداه من أوهام الإنسان كما في نظرية الوحدة المطلقة؟‬‫المعلوم أن الفلسفة الحديثة انتهت إلى موقفين متقابلين كلاهما يقول بوحدة الوجود‬‫الموضوعية (سبينوزا) والذاتية (هيجل) وكل ما عدى الجوهر الموضوعي (الطبيعة‬ ‫الطابعة) أو الجوهر الذاتي (الروح) أحوالا لهذا الواحد‪.‬‬‫ومن ثمرات هذين التصورين العميقين نجد أهم إشكاليات الفكر الديني سواء كانت في‬‫مرحلتها الوثنية أو في مرحلتها المتعالية على التعبيرات الوثنية عن هذا المعنى الخفي الذي‬‫تدرجت البشرية في الوصول إليه لتحديد العلاقة بين فضاءين مؤسس هو الماوراء الوجودي‬‫سواء صيغ دينيا أو فلسفيا ومؤسس عليه هو الوجود الطبيعي (العالم الطبيعي) والتاريخي‬‫(العالم الإنساني) وهما وجودان يتحدان في هذا الماوراء الذي فيه خالق ومشرع أو مثال‬‫وممثول أو محرك ومحرك أو إله ومادة إلخ‪...‬من التأويلات لهذا الماوراء المحدد للعلاقة‬‫بين الفضاءين العام الذي يشمل كل الموجودات (الكون) والخاص (الذي يخص كل جنس‬ ‫من أجناس الموجودات فيه)‪.‬‬‫لا يمكن أن نفهم جوهر الصراع الفلسفي والديني العميقين والتسطيح الذي يحصر وجود‬‫الإنسان في السجنين الذاتي (البدن والروح الذاتيين) والعالمي (المكان والزمان الطبيعيين‬ ‫‪21‬‬

‫والتاريخيين) من دون ما حاولنا بيانه من علاقات بين الفضاءين العام والخاص في معنييهما‬ ‫السطحيين والعميقين وما يترتب على تفاعلهما وأثر كل منهما في الثاني‪.‬‬‫لذلك فإنه يمكننا القول إن مسألة الفضاء العام ليست مسألة مكانية في المدينة وسياسية‬‫في الدولة فحسب بل هي حيوية في كيان الفرد الإنساني ووجودية في كيان الإنسانية‪ .‬وقد‬‫حاولنا بيان علاقتها العميقة بمعضلتي الفكرين الديني والفلسفي أعني معضلة العلاقة بين‬‫الذات والصفات دينيا (مسألة كلامية تتعلق بالله) وبين الواحد والمتعدد فلسفيا في كيان‬‫الفرد والجماعة والطبيعة والكون والوجود (مسألة تخص الجوهر والأعراض الذاتي منها‬ ‫والعام)‪.‬‬‫ولما كانت المسألتان هما معضلتي الوجود الذاتي والكوني فإنهما علة كون الإنسان لا يمكن‬‫أن يعيش من دون دين وفلسفة يتنافيان عند أنصاف المثقفين وهما في الجوهر نفس اللغز‬‫سواء قصرناه على الشاهد في غفلة عن أعماق الوجود أو اعتبرنا سره راجعا إلى الغيب‬‫المحجوب‪ .‬بالوهم الأول يتجبر الإنسان ويتكبر وبالحقيقة الثانية يدرك حدوده فيعلم أنه‬‫مائت وفان وأن أسمى ما في وجوده هو هذه المعضلات التي تتعلق بضيق الفضاء مكانه‬ ‫وزمانه خاصه وعامه‪.‬‬ ‫‪22‬‬





‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook