أبو يعرب المرزوقي رؤية القرآنلحمتها وسداها عين كيان الإنسان الأسماء والبيان
المحتويات 1 -الفصل الأول 1 - -الفصل الثاني 7 - -الفصل الثالث 13 - -الفصل الرابع 19 - -الفصل الخامس 25 -
--عندما بينت وحدة الديني والفلسفي في النظر والعمل وأخذت القرآن مثالا في ذلك ،لميكن قصدي أن مضمونهما واحد أو طريقتهما واحدة بل هما يشتركان في وصف المنشود بالكمال الذي يجذب الاستكمال الذي يمثله الموجود. صيرورة الموجود إلى المنشود هي موضوعهما وإن في اتجاهين يبدوان متقابلين. فالديني والفلسفي موضوعهما هذه الصيرورة وشروط تحقيقها بعمل على علم. • لكن الديني يقدم العمل • والفلسفي يقدم العلموكلاهما محق لما بين السلوكين من تكامل فلا نعلم إلا ما نعمل ولا نعمل إلا ما نعلم ،ما يعني أنه يوجد: • عمل هو في آن علم • وعلم هو في آن عمل هو الاصل الذي يتفرع عنه العمل والعلم.فالعلم والعمل المنفصلين أو المتفرعين عن \"أمر\" هو عمل وعلم في آن هو عين كيان الإنسانبمعنى أن وجوده نفسه هو هذا الانشداد إلى المنشود المطلق بكيانه من حيث هو وجودمشدود إليه بصيرورة حياته الواعية :الحياة الواعية هي العلم والعمل اللذان لا ينفصلان حتى إن لنشعر وكأننا نعمل مرتين. نعمل في الذهني ونعمل في العين سواء بدأنا بهذا أو بذاك.إن فكرنا قبل العمل أو عملنا قبل التفكير ففي وجودنا الذهني والعيني وعي بذاتنا وهيتدبر أمرها قبل الفعل وخلاله وبعده دائما فيكون كياننا في آن نظر وعمل أو عمل ونظر متلازمين. وذلك يصح على الإنسان من حيث هو إنسان مهما كان أميا.وعندما ينفصل الوجهان بحكم الاختصاص وتقسيم \"العمل\" يصبح العلم فعل الأذهان فيالرموز ويصبح العلم فعل الأعيان في الأشياء فيترمز العمل في النظر ويتشيأ العلم فيأبو يعرب المرزوقي 1 الأسماء والبيان
--العمل ،لكن الأمرين يبقيان متلاصقين لأنهما حتى بعض التخصص لا يمكن تصور أحدهما منفصلا عن الثاني صراحة أو ضمنا. والتلازم الصريح في النظر هو التلازم بين:البعد الرمزي المنطقي والرياضي والبعد الفعلي التجريبي والتطبيقي والضمني هوعندما يبلغ النظر الطبيعي درجة من النسقية تجعله مثل الفيزياء النظرية شبه مستغنعن التجريبية والتطبيق لأن النسق يتحول إلى حساب رمزي من جنس الرياضيات الخالصة.ونفس الشيء بالنسبة إلى العمل المنفصل عن النظر عند الممارسين لأي عمل في الأعيان. فهو لا يمكن أن ينفصل عن النظر الحاضر فيه صراحة أو ضمنا.فالأعمال التي تجري في الأعيان سواء في السياسة أو الاقتصاد أو في الحروب خاصة يعمل القائد ذو الخبرة في الأشياء وفي رموزها في آن صراحة أو ضمنا.وعمله الصريح في الرموز يكون بما يجريه فعليا في الورق من حسابات للاحتمالات والبدائلوقد يحصل ذلك في ذهنه دون تعين فعلي في الاوراق بشيء من المهارة الحاصلة بمقتضىالتجربة وهي من مميزات القدرة على أخذ القرار بالتقدير السريع للمعطيات الجاهزة في ذهنه بحكم تراكم الخبرة وتناسق المعطيات.ويشبه ذلك ما يتميز به بعض الأذهان من قرة على الحساب الذهني الذي يكاد ينافسالأجهزة الحاسوبية في سرعة الوصول إلى النتيجة في العمليات المعقدة ،وهذه الخاصية يحتاجإليها القائد الاستراتيجي وخاصة في الحروب حيث يكون لسرعة القرار الحسم بشرط الإحاطة الممكنة بالمعطيات والفرضيات والبدائل.وبذلك يكون جوهر الإشكال هو التمييز بين مفهومي العلم والعمل إذ ينفصلان وإذ يتصلان. فكلاهما يمكن النظر إليه منفصلا عن الثاني،أبو يعرب المرزوقي 2 الأسماء والبيان
--وكلاهما لا يمكن فهم حقيقته الفعلية وشروط فاعليته من دون النظر إليه في جوهر كيانهما الواحد لأن انفصالهما في الاختصاص لا يعني نفي تلازمهما الشارط لفاعليتهما.القرآن مبني على هذه النظرية :فهو يعتبر التطابق بين الفعلين أو عدم وجود المسافة بينالعلم والعمل ممثلين للكمال والإطلاق في صفات الله الذاتية إرادة وعلما وقدرة وحياة ووجودا.فلا يوجد فصل بين علم في الذهن يفعل في الرمز المنفصل عن مرموزه بل كن (رمز) توجد (الشيء مرموزها). وعند الإنسان العكس :يوجد انفصال بين العمل والعمل.والشيء سابق على الرمز أو ما في العين سابق على ما في الذهن بمعنى أن المدارك الحسية تقدم لنا الأشياء فنستمد الافكار التي في الأذهان.لكن لو كان الإنسان مقصورا على هذه لامتنع عليه أن يتصور المستوى الأول الذي ينسبه إلى الله.فيكون الإنسان بمجرد وجوده الواعي وسيطا بين العالم الذي يحيط به وبين الله الذي يحيط بالعالم.والله المحيط بالعالم هو المنشود وعالم الكمال والعالم المحيط بالإنسان هو عالم الاستكمالالمشدود إلى عالم الكمال .وهذا قريب مما تصور عليه أفلاطون نسبة العالم الطبيعي إلى عالم المثل.وهذه الرؤية الأفلاطونية هي التي رفضها أرسطو ليعود إلى القول بالمطابقة بمعنى أن مافي الأذهان نسخة مما في الأعيان فيكون العالم الطبيعي هو الحقيقة وما في الأذهان نسخة منه.ومن ثم فقد أصبح المنشود ليس ما يتعالى على الموجود بكماله بل العكس الكمال في العالم الطبيعي وهو منشود علمنا.أبو يعرب المرزوقي 3 الأسماء والبيان
--وبهذا المعنى فقد أفسد أرسطو التقاطب بأن عكسه :صارت صيرورة العالم الطبيعيمنغلقة على نفسها وصيرورته دورية كحمار الناعورة الذي يدور في نفس المكان ليس لهغاية متعالية عليه ،بل إن الغاية التي اضطر إليها هي المحرك الذي لا يتحرك بل الميت لأن المادة هي المتحركة.وما فعله أرسطو للنموذج الافلاطوني في النظر بالاعتماد على الطبيعة وما بعدها عمله هيجل للنموذج الكنطي في العمل بالاعتماد على التاريخ وما بعده.فقلب الرجلان العلاقة بين الموجود والمنشود جاعلين الموجود غاية والمنشود من أوهام الإنسان الجاهل بالضرورة بدلا من أن يكون أساس تحرره منها. والنتيجة أن أرسطو رد ما فوق الطبيعة إليها وهيجل رد ما بعد التاريخ إليه.فلم يبق للفلسفة ما يجمعها بالدين لأنها رد ما بعد الطبيعة إلى الطبيعة وما بعد التاريخإلى التاريخ مثلا مرحلتين من رفع \"الأمر\" الواقع الطبيعي والتاريخي إلى أمر واجب في حين أن الحرية تجعلهما مجرد حاصل من ممكن.وفضل ثقافة القرآن أنه كان المخلص من التردي الأرسطي وسيكون المخلص من الترديالهيجلي وبنحو ما استعادة ما يشاركه الفهم الافلاطوني والكنطي للعلاقة بين العالمينالأسمى والأدنى ودور الإنسان في الوصل بينهما باعتباره خليفة من حيث هو مكلف له دارية بالعلاقة بين العالمين على الأقل عقدا. وهنا نكتشف دلالة مفهوم الخلافة.فالإنسان المشدود إلى العالمين له وعيي عقدي وليس علميا بما قبل العالمين الطبيعيوالتاريخي وعلميا وليس عقديا بما بعد العالمين الطبيعي والتاريخي .وذلك هو معنى كونهخليفة :يدرك ما دونهما ويؤمن بما فوقهما ووجوده سعي لفهم آيات الثاني في الاول دون إحاطة.أبو يعرب المرزوقي 4 الأسماء والبيان
--وهذا الإدراك غير المحيط -لإيمانه بالغيب فيهما -هو عين ما رمزت إليه آية الاستخلافبتعلميه الأسماء كلها أي القدرة على تسمية الموجود خلال التشوف إلى المنشود .فيكونالرمز هو تاليا عن المرموز ويصبح أداته للتعامل مع العالم الطبيعي والتاريخي بالنظام العكسي لنظام خلقه وأمره.• ففي عالم الكمال المنشود عندنا المثل والرياضيات متقدمين على العالم الطبيعي والتاريخي (رؤية القرآن لخلق العالم الطبيعي والتاريخي)• وفي عالم الاستكمال الموجود عندنا نفس الشيء ولكن في الترتيب العكسي دون الكمال الحاصل عقدا في الاول أي العالم الطبيعي والتاريخي والرياضيات والمثل.وإذن فعندما معادلة مخمسة قلبها العالم الطبيعي والتاريخي أي شروط قيام الإنسان منحيث كون كيانه هذا الجامع بين النظر والعمل قبل الفصل بينهما في فعلين ناظر ضميرهالعمل وعامل ضميره النظر وهو جزء منه .لكنه يضع فوقه مثل ورياضيات لخلقه وأمره ويصنع بعده رياضيات ومثل للعيش فيه.وهذا يعني أن كل فلاسفتنا ومتكلمينا القدامى ممن توهموا أن الوجود الطبيعي يرد إلىإدراكه اتباعا للرؤية الارسطية ومدرستها ومن يدعون احياءهم ووراثة تراثهم مع دعوىالحداثة ممن توهموا الوجود التاريخي هو إدراكه اتباعا للرؤية الهيجلية ومدرستها يقولون بالمطابقة أي السذاجة الفلسفية.لكن الديني والفلسفي هو الذي ينفي هذه المطابقة أو الرؤية الابستمولوجية الساذجةالتي تعتبر العالمين الطبيعي والتاريخي يردان إلى إدراكنا وينفيان ما فيهما من غيب لايمكن علمه مع اشتراط عقد لما يسمو عليهما من مثل ورياضيات وما يستعمل للتعامل معهما من رياضيات ومثل ما يبدعها الإنسان.وما كان الإنسان ان يكون قادرا على إبداع الرياضيات والمثل لو لم يكن يؤمن بوجود عالمأسمى من العالم ببعديه الطبيعي والتاريخي هو أصله وما يشرئب إليه الإنسان باعتبارهأبو يعرب المرزوقي 5 الأسماء والبيان
--المنشود الكامل الذي يستكمل الإنسان به وجوده ويعتقد أن كل موجود مثله له هذا النزوع إلى الاستكمال وهو معنى العبادة العميق. وهذا هو الديني والفلسفي اللذين يمثلان لحمة الرؤية القرآنية وسداها.والفرق بين الفلسفي والديني عند الفصل بينهما من جنس الفرق بين النظري والعملي عند الفصل بينهما.لكننا بينا أن الفصل بينهما لا يزيل التلازم الواصل بينهما من حيث هما فعلان عين جوهر الإنسان :وجوهره متعين في القرآن.أبو يعرب المرزوقي 6 الأسماء والبيان
-- هذا العنوان \"رؤية القرآن لحمتها وسداها عين كيان الإنسان\" محير حقا. كيف يكون القرآن لحمته وسداه عين كيان الإنسان؟كيف يجعل الله الإنسان آيته المطلقة فيعتبر ذلك المعجزة الوحيدة للرسول الخاتم؟ كيف يكون الإنسان عين الحجة التي يقنع بها الله الإنسان بكل ما في الرسالة؟ هذا هو موضوعنا.كنت دائما متحيرا أمام سورة البلد التي تلخص مفهوم النسيان في علاقة بمفهوم التذكيرالاخير في الرسالة الخاتمة وما فيها من علاقة بالعالمين الأسمى والأدنى وما ينبغي للإنسانالقيام به للوصل بينهما الوصل الذي يجعله أهلا للاستخلاف أو تدارك ما فوته على نفسه في الفرصة الأولى في الثانية.فالكيان الإنساني الذي هو طبيعي وتاريخي ذو وجودين في الأعيان وفي الأذهان ،يعينفسه من حيث هو أحد الكائنات الحاصلة في الوجود الخارجي فيكون له وجوده العيني مثلأي شيء آخر يدركه خارجه بحيث إن ذاته لها إدراك بكونها توجد خارج ذهنها ولها الوعي بذلك فيكون لها وجود في ذهنها وعيا بالذات.كل الإشكالية التي تعثرت فيها المثالية الألمانية علتها الخلط بين مفهومين للعلم بمعنىالمعرفة الصناعية التي ندرك بها الأشياء ونتعامل معها ونصوغها في أنساق معرفية هيالنظر العلمي وحتى المعرفة العامية والعلم بمعنى الوعي بالذات المصاحب لكل افعالنا على الأقل الواعي منها. فهذا النوع الثاني من \"العلم\" ليس غير المعنى الاول الذي هو صناعة بل هو شرطه.لكنه أيضا شرط العمل لأن أي فعل ليس فيه منه شيء لا يعد عملا ،بل هو حركة آليةكما يحصل في أفعالنا التي صارت عادة نقوم بها دون وعي كما نحرك أرجلنا لكبح السيارة أو للزيادة في السرعة حيث يكون البدن جهازا آليا.أبو يعرب المرزوقي 7 الأسماء والبيان
--وصحيح أن أغلب افعالنا لا تنشأ إلا انطلاقا من هذا الاصل ثم تنحط لتصبح أفعالا آليةلكنها دائما ناتجة عن الأصل الذي ضبط نظامها وجعلها تكون في علاقة الأداة بالغاية وليس رماية في عماية.وهذه العلاقة بين الأداة والغاية أو الوسيلة والهدف في عمل الإنسان وعلمه هي التي لا ينفصلان فيها.ولا بد هنا من التذكير بما سميته \"المعادلة الوجودية\" والتي هي البنية العميقة للقرآنالكريم والبنية المفهومية لكيان الإنسان حتى لا أستعمل مصطلحا صار شديد الغموض أعني جوهر الإنسان أو حقيقة كيانه الطبيعي والتاريخ في آن: .1الله .2الطبيعة \" .3الله-الإنسان\" .4التاريخ .5الإنسان. فعندنا في الوسط \"الله-الإنسان\" أو العلاقة المباشرة بين المتحاورين في القرآن،ثم الله قبل الطبيعة والإنسان بعد التاريخ وهما نفس المتحاورين ولكن بوساطة هي العالم الطبيعي والعالم التاريخي.وهذه هي موضوعات الرسالة مع كلامها على ذاتها وعلى مرسلها وعلى رسولها ودوره وعلى المرسل إليه.وكل ذلك منزل في التاريخ العيني ليس بوصفه محددا لها ،بل بوصفه عينة ممثلة للكونيفلا يكون السياق التاريخي محددا لها بتعينه المكاني والزماني ولا بالحضاري لا العرقي ولااللساني ،بل هو من جنس الآفاق التي يرينا الله فيها آياته لنتبين حقيقة القرآن من حيث رسالة خاتمة للإنسانية كلها.أبو يعرب المرزوقي 8 الأسماء والبيان
--والدليل القاطع على ذلك هو أن القرآن يبدو وكأنه رسالة من بين الرسالات وبصورة أدقالرسالة الاخيرة لكنه في الحقيقة يقدم نفسه على أنه الرسالة في كل الرسالة من الأولىإلى الأخيرة ،ومن ثم فهو يتضمن عرضا نقديا لتحريف هذا الديني الواحد في كل الاديان بمنهج \"التصديق والهمينة\". والأقطع من ذلك أمران: .1من شروط الإيمان بالرسالة الخاتمة الإيمان بكل الرسل السابقين بعد نقد تحريفهابمنهج التصديق والهيمنة أي إن ما فيها من سليم هو ما تقره الرسالة الخاتمة بوصفها تذكيرابالرسالة المرسومة في فطرة الإنسان بميثاق بين الله والإنسان في 172و 173من الأعراف. والأمر الثاني:.2حددته المائدة 48وهو القصد من التعدد الديني باعتباره علة لغاية تقتضيها حريةالعقيدة التي تنتج عن تبين الرشد من الغي :إنه شرط التسابق في الخيرات أي اختيارالإنسان لعقيدته بحرية ما يعني استحالة تصور الإسلام قابلا للاضطهاد الديني لكونه يرجئ الحكم إلى يوم الدين. وله في ذلك ثلاث آيات تبين المراحل في الإرجاء: • بوعد تام (البقرة )62 • وبوعد ناقص (آل عمران )69 • وبإرجاء ليس فيه وعد أصلا (الحج )17 لأنه ضم المجوسية والشرك واعتبرهما من الأديان أيضا.فيكون القصد بالتسابق في الخيرات هو الترقي الروحي للوصول إلى الإسلام غاية السعي إلى الحقيقة.ولست غافلا عن كون الفقهاء ضيقوا هذه الرؤية مدعين أن هذه الآيات قد نسخت بسببما آل إليها أمر المسلمين من الانكماش والخوف بعد أن انحطت الرؤى وأصبح منظور سدأبو يعرب المرزوقي 9 الأسماء والبيان
--الذرائع أكبر أدواء فكر علماء الملة وهو أمر حاولت تعليله بحالة الطوارئ التي فرضت منذ الفتنة الكبرى خاصة.وكنت قد بينت أن حالة الطوارئ هذه كانت مشروعة وأن قلب القيم الذي كان تحديدامؤقتا للحرات ومعلولا بالضرورات التي تبيح المحظورات بسبب الحروب الأهلية التي تلتالفتنة الكبرى .لكن ما كان حلا ظرفيا يبيحه الشرع صار هو الحالة الدائمة فبقينا في حالة طوارئ 14قرنا بالتمام والكمال.فنحن الآن في 1440والفتنة الكبرى كانت في بداية الأربعين السنة الأولى من دولة الإسلام.والحمد لله فشبابنا بجنسيه بدأ مسيرة الخروج من حالة الطوارئ هذه ليستعيد الحريتين:الحرية الروحية بإزالة الوساطة بين المؤمن وربه والحرية السياسية بإزالة الوصاية بين المؤمن ودوره في شأن الامة.والمعلوم أن ابن خلدون لم يعتبر ذلك كما اعتبرته حالة طوارئ مؤقتة فرضتها الحروبالاهلية التي لم تتوقف منذ الفتنة الكبرى إلى الآن ،بل هو اعتبر المرحلة السابقة-النبويةوالراشدية-استثناء في التاريخ الطبيعي للدول والأمم وأن الأمر عاد إلى المنطق التاريخي العادي وغير الاستثنائي.فعنده أن السياسي استعاد طبيعته التي كانت مستثناة بفضل دور الرسول والتربيةالرسولية التي تضاءل أثرها وعادت إلى كونها صراعا قوى سياسية وصدام عصبيات وهو لايكتفي بالفتنة الكبرى تفسيرا ،بل يعتبرها نتيجة لرفض القبائل العربية الكبرى التسليم لقريش بالسلطان وذلك هو علة الفتنة.ولذلك كانت الدولة الأموية مضطرة للعودة إلى ما تقتضيه طبيعة السياسة في ذلك العصرلأن الثورة الإسلامية كانت سابقة لعصرها ولم تنضج الأمة لنظام يكون بلا سلطة وساطةروحية وبلا وصاية سياسية (التشيع عاد إليهما صراحة والسنة في الافعال دون الاقوال) فتقدمت الشوكة على الشرعية في الحالتين.أبو يعرب المرزوقي 10 الأسماء والبيان
--ثورة الإسلام أو البديل من الوساطة الروحية ومن الوصاية السياسية كانت تقتضياستخراج نظرية القرآن في التربية ونظريته في الحكم تغنيان المؤمنين عن الوساطة الكنسيةوالوصاية السياسية بالطريقة التي وضعها الاستثناء من الخسر :الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. فالرسول لم يكن: وسيطا روحيا (إنما أنت مذكر) ولم يكن وصيا سياسيا (لست عليهم بمسيطر)وهما خاصيتان يكون الإنسان فيها بلغة ابن خلدون ذا وزع ذاتي ومتحررا من الوزعالأجنبي أو بصورة أدق فهذا يكون تابعا لذلك بمعنى أن الشوكة في الدولة تابعة للشرعية التي في ضمائر المؤمنين. وعندئذ تتبين دلالة الآية 38من الشورى: • الاستجابة إلى الرب • إقامة الصلاة • أمر الجماعة • تديره بالشورى • للإنفاق من الرزق.والإنفاق من الرزق يعني التحرر من العلة الأساسية للصراع بين البشر بالعدل الاجتماعي كما حددته البقرة .177 لكن ذلك يقتضي مؤسسات تحرصه.وهذا ما فشل فيه الجيل الاول من الصحابة :فقد ظنوا أن معجزات الرسول ممكنة لغيرهوأن الوازع الذاتي كاف ولم يعلموا أن الدولة الامبراطورية التي نشأت ليست قبيلة لكي تساس بالأخلاق العادة مثل خرافة عدل فنام. ونسوا أنه ثلاثة من أربعة اغتيلوا بسبب عدم فهم ضرورة حماية الدولة لنفسها.أبو يعرب المرزوقي 11 الأسماء والبيان
--فاغتيال الفاروق واغتيال ذي النورين واغتيال الخليفة الرابع ليست إلا لأن الخلفاء رغمرشدهم لم تكن لهم ثقافة سياسية تمكن من حماية الدولة بسبب ظنهم أنهم يمكن أن يكونوامثل الرسول -وهو ما اعتبره ابن خلدون من المعجزات الخارجة عن السنن السياسية-بل إني أزعم أنه كان له جهاز حماية.ولعل مهزلة اغتيال عثمان من الادلة القاطعة أن الدولة كانت عوراء أي إنها لم تكن ذاتحماية كافية بحيث إن مجموعة من الافاقين يختالون خليفة منتخب وشرعي لا يمكن فهمهامن دون نسبة ذلك إلى غياب الحماية والمؤسسات التي تعمل بها الدولة الإمبراطورية التي لا تقاس على القبيلة.والمشكل أن الإسلاميين ما يزالون يفكرون بهذه الطريقة ومن جنسها \"سلميتنا أقوى منالرصاص\" ويقابلها الرصاص الغبي للذين لا يفهمون الفرق بين الردع والاستعمال .فلو عملالإسلاميون بالأنفال 60للردع لما احتاجوا لسلميتنا أقوى من الرصاص ولا للذين يسيئون استعمال القوة لجعلها ضد صاحبها.أبو يعرب المرزوقي 12 الأسماء والبيان
-- فبأي معنى يعتبر كيان الإنسان مؤلفا مثل القرآن من هذه المعادلة الوجودية: .1الله .2الطبيعة ( .3الله-الإنسان) .4التاريخ .5الإنسان. فيكون في الإنسان الله حاضرا مرتين والإنسان حاضرا مرتين.فالحضور مباشر وغير مباشر بين الطبيعة والتاريخ وغير مباشر بالطبيعة والتاريخ مع الوعي بالذات وبالسياق. ولأبدأ بالوعي بالذات وبالسياق الذي يتحيز فيه الإنسان وللنظر في القرآن:سنجد كلامه على نفسه ووعيه بذاته وبتحيزه من أهم مميزات أسلوبه في كل مرة يتكلمفيها على الله وعلى الطبيعة وعلى التاريخ وعلى الإنسان وعلى علاقة الله بالإنسان والإنسان بالله مباشرة وبتوسطهما.لكن الأوضح من ذلك كله هو مدلول الآية 53من فصلت :فالله يرينا آياته في الآفاق(الطبيعة والتاريخ) وفي أنفسنا (ليس بمعنى موضوع علم النفس بل بمعنى ذات الإنسان عامة وهي كيانه بدنا وروحا) حتى يتبين لنا أن القرآن هو الحق. تبين حقيقة القرآن من آيات الله فيهما دليل وحدة البنية العميقة.وما أن ينظر الإنسان في ذاته فيرى إرادته وعلمه وقدرته وحياته ووجوده حتى يدركأنها شديدة النسبية ومن ثم فهو لا يدركها إلا بالتضايف إلى ما ليس بنسبي رغم كونه منجنسها من حيث الحقيقة أي إرادة وعلم وقدرة وحياة ووجود كلها مطلقة وهي غاية اشرئبابه وموضوع عبادته ومحبته ومعنى كيانه.أبو يعرب المرزوقي 13 الأسماء والبيان
--فيدرك حينها دلالة المنزلة الوسطى بين الله والطبيعة قبلها ،والتاريخ والإنسان بعدها،وهي العلاقة المباشرة بين الله والإنسان في الاتجاهين والقرآن يتكلم عليها بما يشبه الرضاالمتبادل بينهما وعدمه في علاقة شديدة الحميمية فتشعر وأنت تقرأ وصف القرآن للإنسان سخط متبادل :علاقة حب متقلبة.ولهذه العلة ،فأكثر الناس تعبيرا عن الثورة على حالهم لا يعتبرونها أمرا طبيعيا عاديا،بل غالبا ما يكون في آن ثورة عليها وكأنها تتضمن شيئا من العقاب غير المستحق بمعنى أنالكفر أو السخط على الأحوال يشبه وكأنه اعتراف بوجود الله ونقمة على ما يتصوره الساخط ظلما فينزل بالله إلى مستواه.وعكسه المؤمن تسليما بأنه يمكن لما يكرهه أن يكون فيه خير له وأنه يمكن لما يحبه أنيكون فيه شر له فيحدث شبه تسليم يرفعه إلى مقام الرضا بالقضاء والقدر فيصبح حرامن أحوال نفسه وسيدا على مجرى حياته بشبه قبول ورضا بما ما يحدث ما يكون في ذاته جوهر صبر المؤمن البطولي.فيكون الموقفان الساخط والراضي معبرين عما يمكن أن نسميه القوة الروحية التي لها الدلالة العكسية تماما فيكون: • الساخط هو الضعيف • والراضي هو القوي • ويكون الأول شبه مستسلما لجبنه وعدم تحمل مصيره • والثاني شبه مستسلما للإرادة الإلهية الغيبية فيحصل ما يمكن تسميته بالاطمئنان النفسي في الضراء. ولو قارنا بين الوقفين مثلا في الحروب لعلمنا أن • الأول لا يمكن أن يكون جنديا جيدا لأي قضية ولا يعول عليه في أي جبهة• وأن الثاني عقيدته هي عقيدة عمرو المختار :لا نستسلم ننتصر أو نموت في سبيل الله.أبو يعرب المرزوقي 14 الأسماء والبيان
--فيكون الإنسان حينها وكأنه عين منظور القرآن لمفهوم الإيمان الصادق وأخلاق القرآن.وهذا هو النضوج الروحي الذي لا يمكن أن يتوفر إلا لمن بلغ اللامبالاة بمجرى الوجودالطبيعي والتاريخي مع كونه يؤمن بدوره فيهما كما تحدده مهمتاه فيهما :مكلف بتعمير الارض ومكلف بالاستخلاف عليها. • وتعمير الارض شرطه العمل على علم بقوانين الطبيعة • والاستخلاف شرطه العمل على علم بسنن التاريخ وبهذا المعنى يصبح تسليمه بالقضاء والقدر في ما يتجاوز • إرادته الحرة • وعلمه الصادق • وقدرته الخيرة • وحياته الجميلة • ووجوده الجليللأن الاستخلاف منزلة وجودية هذه علامات البرهان على الأهلية له ومن ثم فتوكل المؤمن ليس تواكل من يسيء فهم القضاء والقدر :الله يسألنا عما كلفنا به مما نستطيع.ولما فقد المسلمون هذه المعاني وصاروا يخلطون بين التوكل والتواكل وبين ما يتجاوز ماكلفوا به وما هم عنه مسؤولون بقدر الاستطاعة ،أصبحوا يجدون أعذارا لقعودهم فيالتعمير والاستخلاف معتبرين ذلك من الإيمان بالقضاء والقدر ،في حين أنه ليس منه بل من الغفلة عن الفرق بين التوكل والتواكل.وأحمد الله أني عشت إلى اللحظة التي ثار فيها شباب الامة بجنسيه واستعمل الشعار الأسمى في ثورته ،أعني بيتي أبي القاسم الشابي.فدلالة الثورة التي بدأت خلع المستبدين واستعادة شباب الأمة المبادرة لتحقيق شرط الحرية الروحية وشرط الحرية السياسية تمثلت في جعل بيتي الشابي شعار ثورتهم.أبو يعرب المرزوقي 15 الأسماء والبيان
-- بيتا الشابي جبرتا الكسر بين لحظتين من تاريخنا:فلكأننا عدنا إلى الصدر حيث كان كل مؤمن بالرسالة حرا روحيا ليس بينه وبين الله غيرالقرآن وسنة الرسول تعليما للقرآن بالأقوال والافعال ،وحرا سياسيا ليس عليه وصي غير إرادته التي تعبر عن إرادة الشعب الذي اراد الحياة بمعناها القرآني. وإرادة الحياة بالمعنى القرآني يقابل \"حياة\" بالمعنى القرآني.فالحياة بمعناها القرآني هي حرية ارادة المؤمن وصدق علمه وخير قدرته وجمال حياته وجلال وجوده بوصفه خليفة لرب العالمين.لكن \"حياة\" هي العكس من ذلك تماما أي عبودية الإرادة كذب العلم وشر القدرة قبح الحياة وذل الوجود.ليس فضل الشباب التونسي الثورة بمعناها المادي فحسب ،بل وكذلك اختيار الشعاروكون مؤلفه من تونس لا دلالة قطرية له لأنه شاعر العربية وخريج الزيتونة وابن الثقافة الإسلامية الاصيلة التي لا تعترف بما صنعه الاستعمار بدار الإسلام. ولهذه العلة فالثورة عمت أرض العرب والمسلمين وستنتصر حتما. فالله لا يخلف ميعاده. وعد الأمة بأنها شاهدة على العالمين. ولا يمكن أن تفعل ما لم تسترد قيم القرآن في حياتها فتستعيد ثورتيه الكبريين: • الحرية الروحيةأو التحرر من وسطاء التربية التي صارت أمرا واقعا بالفعل في حياة المسلمين والحرية السياسية أو التحرر من أوصياء الحكم :وهما علة الانحطاط وهما علته لأنهما يفسدان معاني الإنسانية في النظرية الخلدونية بمعنى أن: • الفرد يصبح عاجزا عن الإيمان والعمل الصالحأبو يعرب المرزوقي 16 الأسماء والبيان
-- • والجماعة تصبح عاجزة عن التواصي بالحق والتواصي بالصبر.فلا يكون الفرد قادرا على سياسة ذاته خلقيا وتربوية ولا تكون الجماعة قادرة على سياسة نفسها خلقيا وسياسيا.فالتربية تتحول كما يصفها المتصوفة \"تغسيلا\" لميت ويصبح كل فرد خاضعا لمفت يتكئعليه فلا يتحمل مسؤولة المكلف بل يختفي وراء وسيط مستبد اعتمادا على التمييز بينخاصة وعامة في ما هو فرض عين ليجعله فرض كفاية ،وتلك هي علة انتشار الجهل والامية وبداية الانحطاط الذي تعاني منه الامة.والسياسة تصبح بيد المستبدين الذين يدعون ولاية الامر قلبا لكل معانيها القرآنية سواء: • بالمشاركة في الحكم (الشوى )38 • أو بالمشاركة في المعارضة (آل عمران 104و)110فيتوقف الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويصبح أعداء الإسلام خلقيا وسياسيا هم من يحكم المسلمين بدلا من حكمهم لأنفسهم. فالشورى 38تجعل الامر أمر الجماعة. والشورى 38تجعل إدارته شورى بين الجماعة.لكن فقهاء السلطان وأمراء البهتان جعلوا الامر لأولياء الامر الذين لا شرعية لهم فيتمثيل إرادة الجماعة ولا أخلاق لهم للخضوع لإرادتها قلبوا الشورى فجعلوها نصيحة الوسطاء للأوصياء بما لا يضايق أصل البلاء.والغريب أن الكثير من هؤلاء \"العلماء\" من صفي علماء السلطان التأصيليين والتحديثيينالمزعومين يدعون أن هذه المعاني مستوردة وأنها ليست من جوهر الإسلام وأنها مؤامرةضد \"الممانعين\" وميليشياتهم حتى فضحتهم أمريكا وإسرائيل اللتين ضمنتا وجود السيسي وبشار وحفتر وكل الطغاة العرب.أبو يعرب المرزوقي 17 الأسماء والبيان
--وانظمت إليهم الثورة المضادة التي تمول حرب أمريكا وإسرائيل وإيران وروسيا علىالإسلام في ذاته على ركنه التاريخي وأساس دولته وحماة بيضته من ا لعرب والتركوالأكراد والأمازيغ والتي صارت خدما لكل دعاية الإسلاموفوبيا في الغرب وتمويل حرب الاستعمار في افريقيا وآسيا وحتى في البلقان.لكن قيم القرآن استردت جاذبيتها لأن الشباب أعاد إليها دورها الفعلي في التاريخ بإحياء ثورتيه: • الروحية للأفراد • والسياسية للجماعاتمع ما فيه منه قيم روحية وخلقية تحرر البشر من عبادة البشر إلى عبادة رب البشر وهو سر الفتح الغني عن استعمال القوة لانتشار القيم بالمثال والقدوة الحسنة.حقيقة الرؤية القرآنية أردت التذكير بها لأن شباب الثورة بجنسيه يتقدم عنده العملعلى النظر بسبب حماسة الشباب واندفاعه الدال على العنفوان والحمية الخلقية ما جعلالثورة رغم تحالف كل اشرار العالم عليها تنتصر بالصمود البطولي ،وهي في النهاية سيدة صاحبة اليد الطولى وعدا من لا يخلف.أبو يعرب المرزوقي 18 الأسماء والبيان
--لم أفرغ من الكلام على \"رؤية القرآن لحمتها وسداها عين كيان الإنسان\" .فقد يعابعلي قولي إن الصحابة فشلوا في حماية الدولة لأنهم تصرفوا بـ\"الثقة\" متصورين وكأنالامبراطورية الناشئة يمكن أن تساس كما تساس القبيلة بمنطق \"عدل فنام\" .وغايتي ليس الذم ،بل فهم العلل وقد سبق فبينت فضلهم. فمقومات دولة الإسلام الكونية الخمسة تحققت لكنها لم تحم: .1الرسالة (نزلت من عند الله) .2تكوين الجيل الذي أعد لزرعها في الارض (مرحلة الرسول) .3تحديد مركزها الجغرافي (مرحلة الصديق) .4تحديد مركزها التاريخي (مرحلة الفاروق) .5توحيد المرجعية (مرحلة ذي النورين). ثم نضجت الفتنة. لما قلت \"نضجت الفتنة\"؟ يكفي تذكر حادثة السقيفة وتردد الصحابة بين حلين كانت موضوع أخذ ورد: • العودة إلى القبلية (منا إمام ومنكم إمام)• أو تقليد الدول التي ما زالت تستعمر أطراف مركز الدولة الناشئة والتي ما تزال هشة أي فارس وبيزنطة. فمنذئذ كانت الفتنة تنمو فحصل الانقلاب على عثمان.وابن خلدون لا يعتبر الخلاف بين الصحابة وحده كافيا لحصول الفتنة بل هو يفسره بأمرين تاريخيا وبأمر أعمق فلسفيا.أبو يعرب المرزوقي 19 الأسماء والبيان
--• فأما الأمران التاريخيان فهما طبعا الخلاف بين الصحابة ولكن الأهم منه عدم قبولالقبائل العربية الكبرى حكم قريش التي لم تكن من كبريات القبائل ويقدم هذا على ذاك.• وأما الامر الفلسفي العميق فهو طبيعة السياسي الذي يجعل المرحلة الرسولية والراشدة أمرا استثنائيا لا يخضع لمنطق السياسة.لذلك فهو يعتبر هذه المرحلة استثناء تاريخيا واعجازا دينيا لا يمكن أن يقاس عليه مايحدث بمقتضى طبائع الأشياء .وهو يبحث عن شروط تطورها نحو التوازن بين الشرعية والشوكةلذلك فكلامي على \"الفشل\" في حماية الدولة ليس هدفه استنقاص ما قام به الخلفاءالأول ،بل فهم ما جعل جهدهم هذا الذي حقق الشروط الخمسة يبقى في الأذهان ولميتحول إلى مؤسسات تحميه في الأعيان وتحمي خاصة نظام المؤسسات الحامي .فالدول تحتاج إلى الشوكة لأن الشرعية وحدها لا تكفي خاصة إذا تآكلت. فمباشرة بعد حسم مسألة رئاسة الدولة حدثت الردة.وهي دالة على أن القبائل التي أسلمت لم تكن مدركة إلى أن الأمر متعلق بدولة ذاترسالة بل كانت قياداتهم تتصور أن الأمر كله هو خضوع لقوة زعيم توفي ولم يبق لهم التزام مع غيره. وهذه بداية الفتنة القبلية التي قدمها ابن خلدون على خلاف الصحابة. فخلاف الصحابة تغلبت عليه الشرعية -شرعية الصديق والفاروق-لكن خلاف القبائل اضطر الصديق إلى اللجوء إلى الشوكة .والشوكة كانت حينها ما تزال قوية ولم يفسدها خلاف الصحابة.لكن في الانقلاب الذي اغتيل فيه عثمان كان خلاف الصحابة قد فعل فعله فلم توجد القوة الحامية لرأس الدولة.أبو يعرب المرزوقي 20 الأسماء والبيان
--ذلك أنه لا أحد يمكن أن يصدق أن الجماعة التي جاءت من مصر والعراق واغتالتعثمان كان يمكن لها أن تنجح لو أن أهل المدينة كانوا حقا متحدين ومستعدين لحمايةالخليفة .فإذا لم يكن بينهم من تواطؤ مع هؤلاء فعلى الاقل هم بقوا سلبيين ولم يتدخلوا بصورة تحول دون الانقلاب على الشرعية والاغتيال.وحتى أقدم مثالا مع فارق القياس ،لو أن الشعب المصري كان بحق مؤمنا بالدولةالديموقراطية لما أستطاع القلة من الخونة الذي سموا أنفسهم جبهة الانقاذ-وهم جبنةالخونة الذين لم نر لهم بعد الانقلاب حسا-وبعض الخونة من الجيش أن يغيروا مجرى التاريخ في مصر التي كان يمكن أن تصبح مركز الإسلام.ما يعني أن تصديق الصحابة لوهم الشرعية المغنية عن الشوكة هي عينها وهم الاخوان الذين زعموا \"سلميتنا أقوى من الرصاص\".اطمأنوا متوهمين أن الثورة اكتملت وأن النظام مستقر ولم يعدوا أو يستعدوا للدفاععن الثورة ويكاد يكون ذلك كذلك في جل بلاد الربيع رغم صمود الثورة في سوريا وليبيا. صحيح أن صمودهما لم يؤت أكله.لكن الثورة لم تستسلم ولن تستسلم لأن المطاولة حققت نتيجتين إيجابيتين يغفلهما الكثير من المحللين: .1وحدت الإقليم بأن جعلت الحرب الأهلية التي كانت بالقوة حول أمور سياسية محلية تصبح حربا أهلية حول خروج الإقليم من الاستثناء شبه خارج التاريخ الحديث. والامر الثاني وهو أهم: .2عادت الأمة إلى \"فوهة\" مدفع التاريخ الكوني أعني إلى ما يشبه اللحظة التيتوهم فيها أعداء الإسلام إخراجه من التاريخ .وهي عودة لكأنها بدأت بمحو ما حققهالأعداء منذ وعد بلفور ومشروع سايكس بيكو فأصبح ما ظن قد تم هو رهان اللحظة وموضوع المستقبل الإقليمي.أبو يعرب المرزوقي 21 الأسماء والبيان
-- ولكن هذه المرة بصورة أوسع:كانت أوروبا هي صاحبة السلطان في العالم لكنها اليوم ليست في وضع أفضل من وضعناعلى الأقل سياسيا .فهي مثلنا توجد في كماشة فضلة الامبراطورية السوفياتية والامبراطورية الامريكية. فهي لا حول لها ولا قوة مثلنا لكن قياداتها ما زالت تعادينا بدل الحلف معنا.ويمكن القول إن الكثير من نخبنا التي تدعي الكلام باسم الإسلام لها جزء كبير منالمسؤولية .فجلهم جاهلون بما يجري فعلا في العالم وبأن الاقليم كله بفرعية الشرقي (نحن)والغربي (أوروبا) لم يعد ذا سلطان على نفسه وخاصة على شروط قيامه الاقتصادية والجيواستراتيجية في النظام الجديد. والنظام العالمي الجديد لم يبق لروسيا ما يتوهمه بوتين من دور رغم عنترياته. قطباه هما: • مغول الشرق الاقصى أو الصين • ومغول الغرب الاقصى أو الولايات المتحدة. وما بقي من العالم هو موضوع تنافسهما.أما الشرق الأدنى (نحن) والغرب الادنى (أوروبا) فما زالت قياداتهما تعيش في الماضي.لما أسمع بعض الشيوخ يتكلمون على الحرب الصليبية لا أميزهم عن اقصى اليمين الأوروبي الذي يتكلم على الغزو الإسلامي لأوروبا.كلاهما ما يزال عيش على نظام عالمي تجاوزه التاريخ وخاصة بعد أن فقدت أوروباامبراطورياتها وصارت مستعمرة سوفياتية أمريكية ولا تزال خائفة من روسيا ومحتمية بأمريكا.أبو يعرب المرزوقي 22 الأسماء والبيان
--سذاجة شيوخنا المتكلمين على الحروب الصليبية وغباوة اليمين الأوروبي كلتاهما مفيدةلروسيا وأمريكا حاليا ولكنها مفيدة خاصة للصين وأمريكا ،لأني اعتقد جازما أن روسيا لميعد لها القوة الكافية ليكون لها دور في النظام العالمي القادم لأنها من العالم الثالث رغم الخردة السوفياتية التي تملكها.ويوجد أمران متماثلان كذلك في فرعي الإقليم الأوسط أي الشرق الأدنى والغربالادنى هو امكانية عودة أوروبا للتفتت القومي ومرض الأنظمة القبلية العربية التي تدعيأنها دول وهي دون المحميات منزلة بالمعنى السياسي لأنه مقومات الوجود غير التابع ممتنعة عليها بمقتضى الحجم.فعودة أوروبا إلى القومية-بدأ بالانفصال البريطاني-سيزيد تبعية الأوروبيين إلىأمريكا خاصة وقد يمثل فرصة لعودة روسيا إلى أوروبا الشرقية ومرض القومية الذي هوخدعة في الدول التي تمثل الثورة المضادة عند العرب هي نهاية التجمعات الخمسة التي بنحو ما كان يمكن أن تحقق ما يشبه تكامل أوروبا.فتتوا مجموعة الهلال وفتتوا مجموعة الخليج وفتتوا مجموعة النيل وفتتوا مجموعةالمغرب وفتتوا مجموعة القرنين (قرن أفريقيا الصومال وقرن الجزية أي اليمن) ولم يبقإلا عبث أميرين غبيين يدعيان القومية العربية والعلمانية هم أعدى أعداء العروبة والإسلام وأكثر العرب بداوة وغباوة. ويوجد تماثل عجيب بيننا وبين أوروبا حاليا:• فأقصى اليمين واقصى اليسار الأوروبيين كلاهما يسعى لتفتيت أوروبا من جديد باسم الهويات القومية.• واقصى التحديثيين العرب وأقصى التأصيليين العرب اليوم هم أعدى أعداء التكامل العربي. ولولا الثورة ورد فعلهم عليها لما استعاد الاقليم وحدته ولو سلبا.أبو يعرب المرزوقي 23 الأسماء والبيان
--وما أسميه الوحدة السلبية هو ما أشرت إليه بأن اللحظة الحالية وبفضل صمود شبابالثورة بجنسيه أعاد تاريخنا إلى ما يشبه ما كان عليه منذ بداية حركة الانبعاث والنهوضوترميم الشأن قبل الوقوع في فخ النكوص إلى القوميات والعرقيات والطائفيات التي حررنا منها الإسلام بثورته.ففي القرن التاسع عشر بدأت الأمة تفيق من غطيطها وتحاول استرجاع دورها بدأبالثورة على الاستعمار وهي ثورة كانت كلها من جنوب شرق آسيا إلى المغرب الأقصى ذاتمرجعية إسلامية بحيث كان زعماؤها لا يعترفون بالحدود التي وضعها الاستعمار بل يقومون بالإيقاظ في دار الإسلام كلها.وكانت حركات المقاومة والصمود ضد الاستعمار ومحاولاته ضرب مقومات الذات -العربية والإسلام والتاريخ المشترك والعاصمة الرمزية الواحدة عاصمة الخلافة-كل ذلككان يمثل \"المناخ\" الروحي والقيمي والسياق السياسي الذي نحمد الله أنه قد عاد بفضل الثورة وهو بداية الانتصار. تلك هي علة تفاؤلي وتلك هي علة تشاؤم الأعداء في الداخل وفي الخارج.وما حربهم على السنة عربهم وأتراكهم وأكرادهم وأمازيغيهم في الإقليم إلا لأنهم فهمواأن الاستئناف قاب قوسين أو أدنى وأن ما كان ممكنا خلال الحرب العالمية الاولى لن يتكرر لأن شباب الأمة استعاد الثقة بالنفس.أبو يعرب المرزوقي 24 الأسماء والبيان
--لم استنقص دور الصحابة الاول وخاصة الثلاثة الأول ،بل كان تنسيب الرؤية التي بلغتالذروة في الخروج عن رؤية الإسلام باسترجاع الوساطة والوصاية في التحريف الشيعي للإسلام وادعاء وراثة آل البيت للنبوة لكأنهم يقولون باتصال الوحي. لم تصل السنة إلى ذلك لكنها أضفت على الصحابة هالة زائفة.الاعتراف بالفضل لا ينفي تبين الخطأ من الصواب ،وإلا فأننا نجرم في حق الإسلام مرتين: • بتجاهل رفضه لهذا ما وجدنا عليه آباءنا دون تمييز الصواب من الخطأ• الغاء ثورتيه الروحية (تحريم الوساطة والكنسية في التربية) والسياسية (تحريم الوصاية والاستبداد). فالتعلم والأمر بالمعروف فرض عين.لكن الوساطة تغني عن التعلم وتعمم الأمية حتى يصبح الوسطاء خاصة والبقية عامةوهو أمر مناف لثورة الإسلام الروحية التي غايتها جعل التعلم فرض عين وليس فرض كفاية والتعلم يكون من الكتاب ومن العالم في آن كما سنرى. والوصاية تغني عن الامر والنهي فرض عين لأن شرطه سلطة الشعب.فإذا كان الرسول نفسه يذكره ربه بأنه من حيث كونه مربيا \"إنما أنت مذكر\" أي لستوسيطا بين الله والمؤمنين بل مبلغ رسالة ويذكره بأنه من حيث كونه حاكما \"لست عليهمبمسيطر\" أي لست وصيا بين المؤمن وشأنه العام بل هو يديره بالشورى وأنت واحد من الجماعة في تشاور معهم ،فكيف بغيره؟فوجد من ادعى ما لم يدعه النبي ونهي عنها نصا في القرآن وناوس بين موقفين أشدهماتطرفا كذبة آل البيت أصحاب الوساطة الروحية والوصاية السياسية وهي رؤية فارسيةوبيزنطية فرضها استغباء دهاة فارس ويهود الجزيرة على العرب السذج بعد وفاة الإمام ثم كذبة وراثة العلماء للأنبياء عند السنة.أبو يعرب المرزوقي 25 الأسماء والبيان
--فليس للنبي غير التبليغ وحكمة التعليم مع التوكيد على أنه لا يعلم الغيب ومن ثم فليسعنده ما يمكن أن يرثه العلماء لا ماديا ولا رمزيا غير اخلاق القرآن وهي كلها حق المؤمنينمن حيث هم مؤمنون وليست تركة يرثها العلماء ليكونوا وسطاء ويتواطؤوا مع الأوصياء خروجا عن سنن الإسلام الحقة.ولا بد هنا من التذكير أن ابن خلدون يعود إلى ما اعتبره مرحلة مستثناة من سننالسياسي من حيث هو سياسي ليبين أن النبوة نفسها لا تخرج عن طبائع الأشياء بمعنى أن الله لا يبعث نبيا إلا في منعة من قومه. ذلك أن الرسالات السماوية أولى من سواها بالاعتراف بسنن الخلق وطبائع الأشياء.ولذلك فسياسة الرسول لم تكن معتمدة على الاستثناء الذي يغني عن معرفة سننالتاريخ والسياسة وطبائعهما بل كان يعلم بها والدليل أنه خاض أكثر من ستين حربا قادهابنفسه ولم يكن كالذين وراثته من أدعياء الرسوخ في العلم ينتظر المعجزات دون العمل بالأسباب لتحقيق الرسالة التي كلف بتبليغها.ولست أبالغ إذا قلت إنه قد توقع الفتنة وأعد لها عدتها عندما قام بعملين يغفل الكثير دلالتهما:• فهو اسس لشرعية الدولة الأموية بمجرد أن نسب وظيفتي الدولة لأبي سفيان وابنه معاوية يوم الفتح الاعظم .فهو قال من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن • وكلف معاوية بكتابة القرآن مع كتبته السابقين. فهذان البعدان هما بعدا الشوكة والشرعية.الامن لا تكفي فيه الشرعية والشرعية لا يكفي فيها القرآن .لذلك لا بد من الجمع بينهما.وكان الرسول يعلم -وابن خلدون يشير إلى معنى العصبية في قريش-أن أساس الحكم في عصره هو العصبية وخاصة الشرعية فعلم أن دولة الإسلام لن تستقر من دون بني أمية.أبو يعرب المرزوقي 26 الأسماء والبيان
-- والتاريخ أثبت ذلك مرتين:• أنها لم تستقر من دون استقرارها وخاصة بعد الاستقلال المطلق من سلطان بيزنطة في عهد عبد الملك• وأن دولة الإسلام لم تستقر بعدها إلى اليوم لأن ذهاب عصبة العرب الخادمة للإسلامجعلها تتفكك وتتوالى عليها الغزوات من الشرق والغرب دون أن تصمد وحدتها بعد بني أمية.خلافي الأساسي مع قطب ومع الفكر الإخواني علته هذه الخرافة التي تجعلهم يتوهمونأن تقديس المرحلة الراشدية يلغي أهمية ما تلاها فما ينفى عن هذه ويثبت لتلك كلاهماخطأ في فهم تاريخ الإسلام وتعامل المسلمين مع طبائع الأشياء التي لا يمكن من دون فهمها التمييز بين الصواب والخطأ فيهما.وحتى أشخص الداء فأحدد طبيعته وعلته عرفت المرحلة ليس بمفهوم الملك العضوضالذي لا ينطبق على المرحلة الأموية بدليل بقاء العلماء مستقلين إلى حدود حصوله بدايةمن شروع الدولة العباسية في فرض رؤيتها العقدية على العلماء بل هي عندي مرحلة \"حالة الطوارئ\" في الحروب الأهلية الاربعة. ولي على ذلك دليلان: .1لم يتوقف الفتح رغم الحروب الاهلية الأربعة-بين الخليفة الرابع وأم المؤمنينوبينه وبين معاوية وبين ابنيهما وبين عبد الملك وابن الزبير-فكانت الدولة إذن في حالةطوارئ حدت من ا لحريات وعطلت العمل ببعض بنود الدستور الإسلامي بمعنى أن البيعة صورية والحكم وراثي.وعلماء السنة دون أن يقبلوا هذا الامر الواقع وجدوا طريقة لعدم الصدام مع الدولةالتي لم تتدخل في الحرية الروحية فاعتبروا ما يحدث من باب الضرورة التي تبيحالمحظور-حالة الطوارئ-فبقيت الحريات في الاقوال على الاقل فلم يعتبروا التغلب أساسا شرعيا للحكم إلا بمنطق الضرورة الموقتة.أبو يعرب المرزوقي 27 الأسماء والبيان
--ولا أنفي أن الحرب بين العلويين والأمويين أدت إلى تطرفين بين متشبثين بشرعية لايقرها الإسلام (الوساطة والوصاية أو التربية بتواصل الوحي والحكم بالحق الإلهي)ومتشبثين بالشوكة فعليا بالشرعية التي يقرها القرآن قوليا دون تطبيقها فعليا (الوساطة بوراثة العلماء للأنبياء والوصاية بالشوكة).لكن ذلك كان من أعراض الجوهر السياسي الذي كان جاريا فعليا في المائة وعشرين سنة الأولى من تاريخ الإسلام. .2أما الدليل الثاني فهو مسعى الخلافة الاموية مباشرة بعد الاستقرار أي بعد ابنعبد الملك محاولة الراشد الخامس إلغاء حالة الطواري والعودة إلى الشرعية الإسلامية في سلوك الدولة.لكن ذلك فشل إذ لم تدم محاولته أكثر من سنتين ثم انفرط العقد وعادت العصبيةالجاهلية ولم تتوقف الحروب الاهلية في الدولة التي قضت عليها مؤامرات الدعوة العباسيةبالاسم والفارسية بالفعل والبقية معلومة وها نحن نراها تتكرر والعرب فاغرون أفواههم تابعين لذراعي الاستعمار إيران وإسرائيل.عادت العرب إلى القبلية وصراعاتها وهم كذلك مباشرة بعد ذهاب الجيل الاول من الصحابة رغم محاولات الصمود الذي مثلته الدولة الاموية.انهار دورهم ومنذئذ وهم خارج التاريخ رغم اللحظة القصيرة في الأندلس والدولة الأموية الثانية .ولولا الأتراك والأكراد والأمازيغ لما بقيت للإسلام دولة. ذلك أن الدول تنهار بمجرد انهيار المركز. والمركز هو هذا الاقليم الذي هو رهان الصراع الحالي:أي المشرق والمغرب بشعوبه السنية الاربعة أعني العرب بداية والاتراك غاية وبينهماالاكراد والامازيغ .ولست أستنقص دور الشعوب الإسلامية الاخرى لكنها ليست هي المركز من دولة الإسلام.أبو يعرب المرزوقي 28 الأسماء والبيان
--ولست بحاجة لاستدلال طويل لأثبات هذا المعنى :فكون الأعداء بصنفيهم (الذراعانإيران وإسرائيل) وبسند الذراعين (روسيا وأمريكا) يركزون على هذا الإقليم دليل كاف ومفحم لكل من يجادل في هذه الحقيقة.وليس الأمر ابن اليوم فهو بدأ منذ نزول القرآن إلى اليوم بتوالي شعوب الغرب على قيادته ضدنا.وما قلته عن خلافي مع قطب والاخوان حول تأويل مراحل تاريخ الإسلام لا ينفي أنيأفضل قراءتهم المتعلقة باستعادة الوظيفة السياسية والاجتماعية إلى الإسلام على تخريفرضوان السيد الذي يسمي الإسلام السياسي مجرد إحيائية يعيبها عليهم دفاعا عن التقاليد التي جعلت الإسلام مقصورا على قشور التعبد.فهذا الموقف يمكن الدجالين من العيش في بلاطات الأمراء المستبدين والفاسدين ولايرى من الدين إلا ما حدده به ماركس مجرد أفيون للشعوب حتى تنام فيتمتع الفسقة منالعلماء والأمراء بدعوى أنهم أولو الامر في الفكر للأولين وفي الحكم للثانين وترك الإسلام والمسلمين للذل والمهانة تابعين.فلا وجه للمقارنة بين قطب ومفكري الإخوان رغم خلافي معهم الذي ذكرت وبين طباليالمستبدين اللاهثين وراء من يدفع أكثر العابدين لبعدي العجل معدنه وخواره في خدمةالاستبداد والفساد ورهن البلاد واستعباد العباد حتى تبقى الأمة تابعة ذليلة بدلا من أن تكون كما أرادها الله شاهدة على العالمين.شباب الثورة بجنسيه بوعي أو بغير وعي وإن شاء الله سيصبح جميعهم بوعي ذي أعماقتاريخية ضاربة في القدم وذي أبعاد حضارية ضاربة في الحداثة وجبر الكسر فأصبح بوسعهم قراءة التاريخ قراءة سوية: • لا تقدس ماضيا دون نقد • ولا حاضرا دون تحررأبو يعرب المرزوقي 29 الأسماء والبيان
-- • ولا مستقبلا دون سيادة حماية ورعاية.أبو يعرب المرزوقي 30 الأسماء والبيان
--أبو يعرب المرزوقي 31 الأسماء والبيان
Search
Read the Text Version
- 1 - 34
Pages: