الهروب من الإيديولوجيامدخل الى محاولة أبي يعرب المرزوقي الاصلاحية القسم الثاني :المنهجية حين تكون رياضية الباحث والمهندس بدر محمد أحمد باسعد الأسماء والبيان
الهروب من الإيديولوجيا الجزء الرابع :منهجية أبي يعرب المرزوقي القسم الثاني :المنهجية حين تكون رياضية بدر محمد أحمد باسعد الجبيل في 2017-04-25/1438 -07-28
المحتويات1أولا :الشرح النظري للمنهجية الرياضية4 . الخلاصة5 :ثانيا :الشرح التطبيقي للمنهجية الرياضية 7
تقدم الكلام في أن منهجية العلوم على نوعين: ▪ منهجية تحليلية هدفها استخراج مقومات الموضوع، ▪ ومنهجية تركيبية هدفها مقارنة ما تم استخراجه تحليليا بما هو موجود في الخارج أو إيجاد ما يطابق هذه العلوم التحليلية كما في العلوم التطبيقية . والمرزوقي يستثمر هذه المنهجية استثمارا مطردا في سائر محاولاته العلمية . ولعل أبسط المحاولات التي أشرح بها المسألة هو أن نفترض أننا نبحث عن علاقة السياسة والاقتصاد بالعلم ،فالجواب الرياضي يكون بأن نقول: أن السياسة والاقتصاد هما عنصران ماديان وأما العلم فهو عنصر رمزي ومن هنا فإن العلاقةبينهما ينبغي أن تكون بتبعية العمل للعلم أو المادي للرمزي وبالمقابل فإذا حصل العكس وصار العلم تابعا للعمل أو الرمزي تابعا للمادي فعندئذ يفسد العمران تكون المعرفة والعلم تابعة للسياسة والاقتصاد.في المثال السابق لاحظنا كيف تم ح ّل العلاقة بين العلم والسياسة من خلال تجريدهما في صورة أعم وأكثر وضوحا هما المادي والرمزي. ثم اشتغلنا على فهم العلاقة بين العنصرين المجردين وبعد أن فهمناها أسقطنا العلاقة على العناصر المباشرة أعني السياسة والعلم.وأعتقد أن هذا يو ّضح لما أسمينا هذه الطريقة في العلاج العلمي بالعلاج الرياضي لأن الرياضيات هي تجريد للواقع في رموز x y zأو س ص ع (تحليل) ثم وضعها في معادلات تمثل العلاقة بينهم وبعد ذلك تطبيق المعادلة على الجسم الخارجي بالتعويض في المعادلة الأساسية (تركيب) وهذا بالضبط مع يقوم به المرزوقي في منهجيته العلمية التي يستخدمها في جل كتاباته بل لا يكاد يستخدم إلا هي. 81
في مقابل هذه النظرية التي تعتمد على استخراج بنية الظاهرة ،نجد العديد من الكتابات التي تفسر الظواهر بالظروف والعوامل الخارجية أو بدوافع أصحابها أو التفسير النفسي ،وكل هذهالطرائق التفسيرية تجعل الموضوع يخرج من سياقه العلمي إلى سياق آخر غير مفيد علميا وعمليا.ومن أمثلة التفسير بالعوامل الخارجية من يفسر أسباب تحولات الإسلاميين برحيل الرموز وأحداث سبتمبر وتصاعد تيار العنف وضعف الالتزام الأدبي للرموز تجاه طلابهم وقاعدتهم الشعبية، والانفتاح المعلوماتي ...وغيرها من الأسباب التي كلها تشترك في أمر واحد أنها لا علاقة لها ببنية الظاهرة أعني ظاهرة التحولات.إن البنية هي التي تحدد قوانين الظاهرة والقوانين هي التي تساعدنا في معرفة كيفية التعامل مع الظاهرة ،وأما العوامل الخارجية فهي الأسباب التي تسمح للظاهرة بالظهور. وهذا التفريق يشبه تماما تفريق مالك بن نبي بين الاستعمار والقابلية للاستعمار: ▪ فالقابلية للاستعمار تعتمد على ضعف وخلل في العوامل الداخلية التي تقوم عليها بنية المجتمع ▪ وأما الاستعمار فهو الظرف الذي ظهرت فيه قابليتنا للاستعمار. ومعنى هذا أن مجتمعا ما يمكن أن يكون قابلا للاستعمار دون أن يستعمره أحد.وبتعبير فلسفي :بينة الظاهرة تجعلنا نميّز ما هو موجود بالقوة قبل أن يكون موجودا بالفعل إذا ما تهيأت الظروف الخارجية. ومن أمثلة التفسير بالدوافع سواء كانت دينية أو نفسية ،تفسير نشأة العلوم الأوروبية بالرغبة في الانفصال عن الكنيسة والأسباب الميتافيزيقية أو أن الغزالي ألف كتابا من كتبه ليدافع عن مدرسة كلامية معينة أو أن أرسطو وأفلاطون يريدان الرد على السفسطائيين غير ذلك من الأسباب التي يمكن القبول بها لفهم الأسباب التي كانت مناسبات وأسبابا مساعدة ودون أن نقف عند هذا الحد ،وإلا لأصبح العلم عملا آنيا ومحدودا لظروفه فاقدا بنيته العامة \" فالفكر له خاصية العمل العام الذي – وإن كان وليد وضعية معينة ومحسوسة يتجاوز تلك الوضعية ويخلق وضعية أخرى تتلوها \".1 1نقد الميتافيزيقا ،أبو يعرب المرزوقي ،ص .2982
وأما التحليل النفسي وما أدراكم ما التحليل النفسي ،فلا يكاد يخلو رد على شخصية من الشخصيات أو فرقة من الفرق إلا وتجد المؤلف يحاول أن يعلل انحرافهم الفكري أو تحولاتهم الفكرية بأمور نفسية إما عجب أو غرور أو كيد للدين أو إرادة السوء بالأمة.. وكأن أصحابها مطّلعين على القلوب والن ّيات.ويكفي أن يب ّينوا الخطأ وأسبابه العلمية حتى يتمكن المخالف من فهم أخطائه بدلا من القيام بدور المحلل النفسي! نعود إلى المرزوقي لنقول إن هذه المنهجية الرياضية البنيوية قد مك ّنت المرزوقي من التم ّيز في أمور منها: ▪ نجده في معالجة الظواهر التاريخية يحاول التفريق بين الظرفيات وهي الأحداث التي وقعت والعناصر التي تتكون منها الظاهرة نفسها وهذا التفريق يعين على أمرين : ▪ معرفة ضروب الأحداث الأخرى التي لم تقع وتصبح هذه الضروب متممة للحوادث التاريخية التي هي قيد الدراسة ▪ وثانية هي وضع الظاهرة في إطار نظري أعم وأشمل يسميه المرزوقي (بنيوي) ▪ هو معالجة الظواهر في أفقها الأوسع بدلا من الاكتفاء بالمستويات الأممية أو القومية . ▪ تمييز المشكلات الحقيقة من المشكلات الزائفة وهذه المسألة تحتاج إلى شرح مستفيض ولكن اختصارا أقول إننا نشعر بالعديد من المشكلات في مجتمعاتنا ونعتقد أن من هذه المشكلات ما هو مشكلة أساسية ورئيسية ومنها ما هو فرعي وهذا في الجملة صحيح. ولكن هل فكرنا يوما أن من هذه المشكلات ما هو حقيقي ومنها ما هو زائف؟ وأن الانشغال بالمشكلات الزائفة يضيع الجهود والموارد فضلا عن أنه لا يحقق المنشود؟ بل أدهى من ذلك أنه يضاعف المشكلات حيث ينقلب الحل نفسه إلى مشكلة فيما بعد. ويمكن أن نتخلص من هذه المشكلة من خلال المنهجية الرياضية التي يستخدمها المرزوقي،فبعد معرفة العناصر الأساسية ( = أركان ) للموضوع ،نقوم بتحديد شروط تحقيق كل ركن 83
من أركانه ،وهذه الشروط التي من دونها لا يمكن أن يوجد الموضوع ،ومن ثم نحددالعقبات التي تعوقنا عن تحقيق الشروط لتصبح هذه العقبات هي العقبات الحقيقية وهكذا نتمكن من تحديد المشكلات الحقيقية من المشكلات الزائفة ،وبعبارة مختصرة :المشكلات الحقيقة هي التي تعوقنا عن تحقيق شروط العمل.وفيما يلي سوف أستعرض من أعمال المرزوقي مثالا على التفسير البنيوي ونقارنه بالتفسير الظرفيالمشهور من خلال عرض رأيه في مسألة تفسير نشأة المذاهب الفقهية وسوف يكون الكلام فيها على محورين : ▪ الأول :هو الشرح النظري للمنهجية الرياضية. ▪ الثاني :تطبيق هذه المنهجية على المثال الذي اخترناه وهو تفسير نشأة المذاهب الفقهية. عالج المرزوقي العديد من الموضوعات التي تناولها من خلال هذه المنهجية التي تم ّيز بين ما هو ظرفي ليس من صلب الظاهرة وإنما كان ظرفا حدثت فيه الظاهرة كان يمكن أن تحدث من أي ظرف آخر وبين ما هو بنيوي أي من صلب الظاهرة نفسها. يقول أبو يعرب واصفا مساوئ الاتجاه الظرفي في التحليل التاريخي \":لعل أفضل صورة تبرز علل الجزر الذي يمر به الفكر الإسلامي منذ ما يسمى بعصر الانحطاط هو علاج تاريخ الظاهرات الإسلامية بالصورة التي تكتب بها المسلسلات الدينية فيما يسمى إبداعا سينمائيا عربيا .فكل الأحداث فيها ترد إلى الصدف حتى إن جل انتصارات المسلمين في الفتوحات يفسرها معدوالمسلسلات باتفاقات سخيفة تنفي عن المسلمين التخطيط الاستراتيجي وعن الحوادث التاريخية كل القوانين العقلية والسنن التي تجري عليها الأمور في الحضارات البشرية\". ومن أجل التحديد البنيوي للظاهرة يسعى المرزوقي إلى تحديد العناصر الأساسية التي تتكون منها الظاهرة ثم بحث العلاقات بين هذه العناصر. ويعتبر أشهر المواضع التي عولجت بهذه الطريقة هي مسألة نشأة العلوم الإسلامية التي كانت جزءا من حواره من محمد سعيد البوطي الذي يحمل عنوان :إشكالية التجديد في أصول الفقه . 84
في بداية حواره أشار المرزوقي إلى أن نشأة الفقه الإسلامي عولج بهذه الطريقة الظرفية ولم يعالج من الناحية البنيوية فنقد وأسس ،نقد المنهجية الظرفية الغالبة وأسس المنهجية البنيوية التي يراها .وسوف أترككم مع نص المرزوقي الذي أنقله مع شيء من التصرف . \" .1بصورة عامة فإن التوالي والتساوق بين الظاهرات التاريخية أيا كان طبيعتها أحداثا أو معاني أحداث أصبحا عندنا وكأنهما مجرد تحكم خال من كل نظام أو قانون عدا عرضيّات أصحابها أو عرضيات رواتها عرضياتهم النفسية أو الجغرافية أو الأحداث الطارئة في حيوات أصحاب الفعل أو رواته أو مبدعيه أو منظريه .وحصرا فعند الكلام على الفقه يكون كل ما يتق ّوم به فقه مالك مثلا مستمدا من عرضيات حياته :كونه من المدينة ..إلخ وقس عليه تحول الشافعي بعرضيات انتقاله من مكان إلى مكان. .2وعلى الرغم من أننا لا ننفي دور ظرف ّيات التع ّين في ظاهرات كل حضارة ،فإن طبيعة الظاهرة المتعيّنة هي المحدد الفعلي للمقومات العميقة التي تجري الأمور فيها بمقتضاها أو هي على الأقل المحدد المتقدم على الظرفيّات. .3وتطبيقا على المذاهب الفقهية فإن طبيعة التشريع عامة ومقوماتها الثابتة في المذاهب الأربعة الغالبة متقدمة على العلاج لثبات المسائل الناجمة عن معضلة العلاقة بين النص الشرعي المحدود وموضوع التشريع غير المحدود في كل تشريع منزل خاصة إذا ختم التنزيل :هناك مسلكين للمعرفة ومنهجين هما منهج المعرفة القبلية( النظرية الخالصة )والثاني هو منهجالمعرفة التاريخية( العينية الخالصة )ولكي تكون المنهجية العلمية قائمة على أسس معرفية فلابد أن تجمع بين البعدين .ويكون الجمع من خلال عرض المادة التاريخية على الصورة العقليةالخالصة من أجل تقويم المادة التاريخية ،وعرض النظرية الخالصة على المادة التاريخية لتقويم النظرية .من خلال اعتماد المنطلقين الآتيين : أ -الأول هو منطلق تحليل الحصول التاريخي للتشريع الإسلامي ،وهدفه حصر الاتجاهات التي حصلت بمقتضى تاريخ نظريات التشريع في الحضارة العربية الإسلامية وما تفيده هذه الاتجاهات عند ربط عناصرها ربطا نسقيا يبيّن دلالاتها ،في ّعين من ثم ما حصل مما يمكن أن يع ّد طبيعة التشريع الكلية وما لم يحصل فيحتاج إلى التدارك 85
(وهذا كله تحليل للمادة التاريخية) ب -الثاني هو تحليل التصور العقلي للتشريع بإطلاق ،وهدفه حصر البنية الكل ّية لكل تشريع ـ بصرف النظر عن المقابلة بين (الوضعي) المستند إلى الحق الطبيعي كما يدركه الفرقان الإنساني )والشرعي( المستند إلى الحق التشريعي كما يدركه الوجدان الإنساني من التشريعات في العمران البشري ،بعد تحليل دلالة تصنيف التشريعات التي يمكن أن نتصورّها عقلا والتي حدثت فعلا. والمعلوم أن للبداية بأي منهما فضائل ونقائص . فالمنطق الأقرب إلى الفكر النظري في مراحله الناضجة هو البدء بالقبلية العقلانية أو التصور المقدم لصورة المعرفة على مادتها أعني البدء بالمدخل الثاني لتقويم المدخل الأول . والمنطق الأقرب إلى الفكر العملي في مراحل المتقدمة على النضوج المعرفي هو البدء بالمدخل الأول لتقويم المدخل الثاني. لكن كلا المنطقين عقلاني وفلسفي لجمعه بين المنطلقين بتقديم وتأخير .إنهما لا يختلفان إلابتقديم دور صورة المعرفة على مادتها أو تأخيرها بحسب ما تحدده مرحلة تطور المعرفة من منزلة لصورة العلم أو لمادته في المعرفة التي هي عقلانية بالضرورة في الحالتين لعدم اقتصارها على البعد النقلي.لكن ما يحدث فعلا في العلم الإنساني يخضع لمنطقين آخرين يتساوق فيهما دور المنطلقين ضرورة، لأن المحدد في العلاج هو أثر التأويل الضمني لمسلمات المنطلق الأول في المنطلق الثاني ،وأثر التحليل الضمني لمسلمات المنطلق الثاني في المنطلق الأول . ومن ثم فإن المنهج المؤثر هو التلازم بين تأويل معطيات الانطلاق ،وتحليل علاقات ما فصلت إليه من عناصر لفهم محددات الوضعية ،محدداتها التي تكون مادة للعلاج الفلسفي .لذلك كان كل المنطلقين مضاعفا. وبذلك يكون العلاج التاريخي تأويلا لما حدث في ماضي التاريخ مشروطا بتحليل عناصر الحدث لتحديد معادلة الوضعية التي نريد علاجها بالمنطلق الثاني . ويكون العلاج المنطقي تحليلا لما يحدث في حاضر التاريخ مشروطا بتأويل معطياته لتحديد اتجاهاته في المستقبل. فيتلازم تحليل الحدث وتأويل معناه في كلا العلاجين . 86
حسنا بعد هذا الكلام النظري المجرد والمط ّول معا: كيف طبّق المرزوقي هذه المنهجية على نشأة الفقه الإسلامي؟إن علاقة المذاهب الفقهية بالكتاب والسنة هي علاقة بين النص المحدود والنوازل غير المحدودة . ومن هنا فلا يوجد أي خصوصية في المسألة لأنها مسألة التشريع من المسائل المشتركة بين الأمم وكلها تواجه ذات الإشكال في العلاقة بين النص والنوازل .والمدارس التي تحاول حل هذا الإشكال إما مدارس ظاهرية تقتصر على الفهم الظاهري للنصوص هذا طرف والطرف الآخر على النقيض تزعم أن للنصوص باطن وهذان هما المذهبان الظاهري والباطني . وبين هاتين المدرستين توجد مدارس أكثر اعتدالا وتوسطا بين الفريقين ولكنها بالضرورة سوف تميل إلى أحد الطرفين . كل هذه المدارس الوسطى ترى شناعات نتائج النظريات الباطنية أو الظاهرية فتحاول ألا تقعفيها من خلال تجاوز الإشكالات النظرية التي سببت هذه الشناعات .فتبتكر أصولا أكثر إضافية في محاولة للموازنة بين الطرفين. فإذا غفلت المدرسة عن نفسها قد تقع في الباطنية أو في الظاهرية من خلال الحلول الزائفة . فإذا نظرنا إلى هذه المدارس الوسطى وجدناها أربعة مدارس هي المذهب المالكي والحنبلي والشافعي والحنفي . والمدرستان الحنفية والشافعية تميل إلى توسعة دائرة الرأي فهما مدرستان ذو ميل باطني (أي مقصود النص وباطنه) دون أن يقعا في باطنية اخوان الصفا ،والمدرستان الحنبلية والمالكية تميلإلى توسيع دائرة النص أي أنها ذات ميل ظاهري (أي الاعتماد على ظاهر النصوص) دون أن تقع في ظاهرية ابن حزم أو ما يمكن أن يكون أكثر ظاهرية منها. والسؤال هنا :كيف يمكن أن تعوّض هذه المدراس محدودية النصوص لكي تتمكن من الحكم على النوازل المتجددة؟ فأما المدرسة الظاهرية الخالصة التي ترفض القياس صارت تعدّ ما ليس فيه نص من باب المباح وآل الأمر بها إلى التوسع في استصحاب الحال . 87
وأما المدارس التي تميل إلى الظاهرية وهما المدرستان الحنبلية والمالكية فقد اعتمدتا على النصوص مع قبول القياس مع حرص على عدم اللجوء إلى القياس إلا إذا عدم النص مما جعلها تحرص على البحث عن تعدد الروايات والآثار ما أمكن وإلحاقها بالنص مثل أخذ مالك بعمل أهل المدينة والتوسع في الروايات مثل مسند الإمام أحمد فقد تأتي زيادة أو رواية تحمل معنى مختلفا أو إضافيا متمما لمعنى حديث آخر أو يستفاد منها أحكاما أخرى وهكذا ،ومن هنا فقد دخل عليها أو على بعض رموزها التساهل في النصوص لتوسيع دائرة الاستدلال النصي وتقليل دائرة القياس ما أمكن.وأما المدرسة الباطنية :فكان المرجح عندها هو قول الإمام ولا سلطة للنصوص إلا في الظاهر فقط. وأما المدارس التي تميل إلى الباطنية وهما المدرستان الحنفية والشافعية فقد اعتمدتا على النص والقياس أيضا ولكن مع التوسع في القياس فانتقلت من العلة الجامعة كوسيلة لإسقاط الحكم إلى التعليل بالمقاصد عامة . ولو قسنا المدراس بعضها ببعض لوجدنا أن الحنفية أكثر إطلاقا للرأي من الشافعية والحنابلة أكثر إطلاقا للنصوص من المالكية . فيصبح ترتيب المدراس لو نظمناها على محور أفقي كالتالي :الظاهرية ،الحنابلة ،المالكية، الشافعية ،الأحناف ،الباطنية. نقطة أخيرة :من الواضح أن هذا التفسير لنشأة المذاهب يختلف عن التفسير السائد وهو تفسير بالعوامل الخارجية كأن يقال إن قرب مالك من المدينة جعله يهتم بالآثار وأما بعد أبي حنيفة والخوف من وضع الأحاديث جعله يوسّع دائرة الرأي ..وهذه التفسيرات الظرفية هي تفسيرات بعدية دائما ولو حصل العكس وكان مالكا هو من توسع في الرأي وأبو حنيفة من توسع في الأثر لقالوا إن مالكا لما كثرت عنده الأحاديث استطاع أن يعمل العقل وأما أبو حنيفة لما ق ّلت عنده الأحاديث أحجم عن الرأي وهذا من ورعه وتقواه .فالتفسيرات الظرفية لا تقدم ولا تؤخر ولاتعطينا ما يمكن أن يمكننا من فهم الظاهرة .بينما هنا في التحليل البنيوي نجد أننا فهمنا الموقف من قراءة النصوص التشريعية سواء كان النص سماويا أو غير سماوي فبنية الاتجاهات التي تقرأ النصوص سوف تظل هي هي وثانيا يمكننا هذا من المقارنة بين المذاهب الفقهية وغيرها من المذاهب التي نشأت في المسيحية مثلا من أجل إثراء الظاهرة التي نعالجها وثالثا يمكننا من اكتشاف الأنماط أو الاتجاهات التي لم يتم اكتشافها بعد سواء كانت جيدة فتستثمر أو غير جيدة فيحذر منها. 88
بدر محمد أحمد باسعدمن مواليد سنة 1983بمدينة الجبيل – المملكة العربية السعودية من مؤلفاته: حاصل على: باكالوريوس في ▪ مذهب التفريق بين الوجوديين الشريعة الإسلامية من ▪ مفهوم الفلسفة عند أبي يعرب المرزوقي جامعة الإمام محمد بن▪ طبيعة الفن والتمثيل ...مدخل قبل الخوض في سعود سنة 2013 الحكم الشرعي باكالوريوس في الهندسة الميكانيكية ▪ علل تقييم الخطاب الإسلامي التطبيقية من جامعة ▪ الحسبة في ظل الخلافة وفي ظل الدولة الحديثة الملك فهد للبترول▪ مدخل إلى محاولة أبي يعرب المرزوقي الإصلاحية والمعادن سنة 2007 (ينشر قريبا) شهادة الاعتماد الدولي في إدارة المشاريعتصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 14
Pages: