الأسماء والبيان
1 مقدمة1 : الاقدار المتفاوتة لأصناف البشر 1 علاقة الحرية برمز الفعل وفعل الرمز 2 استراتيجيات التواصل والتبادل 5 انعكاسات سلوك الغرب التلويثي 6 الوعي ببنية الكيان الروحية 8 برهان الرب بين الدين والسياسة 9 خاتمة 9
فلنتكلم الآن في التواصل والتبادل ببعدي كل منهما في مستواهما الأول وفي مستواهما الثاني إلى التنوع والتعقيد بمستوييهما الداخلي والخارجي :النبض.فللوجود ككل دنيويه وآخريه في الثقافة الواحدة وفي الثقافات المتساوقة والمتوالية نبض لا يتوقف إذا أمسكنا بمنطقه أمكننا الكلام على نسيج القرآن.فما سميته تجوزا حيل العقل لفهم القرآن أو النظريات التي اضطررت لوضعها هي من جنس الهندام لدى البناء حول ما ينوي بنائه يرمي بها بعد الإنجاز.فلا شيء من الحيل أو النظريات بمطلوب لذاته بل هو استراتيجية الولوج إلى ما في القرآن من تحليل لشروط التواصل والتبادل في وظيفتي الإنسان الحرتين.ومعنى ذلك أن الإنسان من دون هذه الاستراتيجية يتواصل ويتبادل ولكن بمقتضى الخضوع لمجرى الطبيعة والتاريخ دون أن يكون له فيهما دور يعبر عن حرية.فالإنسان يكون حينها من جنس من يجرفه تيار السيل غارقا في الأمواج التي تتلاطم ولا حول له ولا قوة: وذلك هو مصير جل أصناف البشر بأقدار متفاوتة.ولهذه العلة فينبغي أن نتكلم على هذه الأقدار المتفاوتة بحسب اصناف البشر ضمن نفس الثقافة ثم في الثقافات الفاعلة في المعمورة بالتساوق والتوالي. وعلاقة القصص القرآني بذلك وطيدة:فهو يقص مجريات التواصل والتبادل في الحضارات المتساوقة (المتعاصرة) والمتوالية في علاقة بالتحرر والعبودية. 10 1
وبصورة أدق فعلاقة القصص القرآني به تتصل بما بين المستوى الأول من التواصل والتبادل ببعديهما والمستوى الثاني ببعديهما :في العالم وفيما ورائه.فيكون الأمر كله دائرا حول التحرر من الوجود الإدماني بتوجيه الاشرئباب للتحرر من الفاني إلى ما يضفي المعنى والقيمة على الوجود الإنساني.فالتواصل والتبادل بين البشر ثم بينهم وبين الطبيعة والتاريخ يمكن أن يكون في غفلة عما يتجاوزهما ويمكن أن يكون بحضور دائم لما يتعالى عليهما.وهذا الحضور الدائم لما يتعالى عليهما هو الذي يوسع أفق الإنسان في تواصله وتبادله ببعديهما فيكون صادقا فيهما لأنه رقيب نفسه بمعايير قيمية.وتلك هي مساحة حريته لأن أقواله وافعاله تكون بمقتضى ما يعزم عليه من منطلق ما يؤمن به من قيم بمستوياتها الخمسة التي أسلفنا الكلام عليها.فحضور المطلق لوعيه ينسب دوره فلا يتجبر ويصبح قادرا على التوجيه مميزا بين الجهات الوجودية فيتمكن من التعالي ليدرك قيم الحق والخير والجمال.وهذا المستوى الثاني هو الذي يحدد درجات الحرية أو المنزلة الوجودية التي أدنى رتبها الخضوع للضرورة الطبيعية وأسماها الاشرئباب لشروط الحرية. وشروط الحرية تعود إلى نوعي الرموز: ▪ رمز الفاعلية (العملة) ▪ وفاعلية الرمز (الكلمة). ولعلاقة الحرية بهما مستويان: ▪ حرية بهما ▪ وحرية منهما بعدهافحيازة قدرة الكلمة (قدرة رمزية) وقدرة العملة (قدرة مادية) تجعل الحائز على إحداهما أو عليهما معا أكثر حرية من غيره ممن لا يحوز شيئا منهما. 10 2
والحائزون على إحداهما أو عليهما معا يمكن أن يصبحا خاضعين لسلطانهما فيستخدمهم من له منهما قدر أكبر ويمكن أن يسيطرا عليهما فيتجاوزاهما.فالإنسان يتحرر بالمال من غيره لكنه قد يصبح عبدا للمال فيسيطر عليه غيره إذا أطمعه في تمكينه الزيادة في ماله ونفس الأمر في مجد الكلمة. ومن ثم يأتي تصنيف النخب: ▪ إما بمعيار الكلمة (فعل الرمز) ▪ أو بمعيار العملة (رمز الفعل) ▪ أو بمعيار القدرة على استخدام هذا ▪ أو ذاك فعليا أو رمزيا. فتكون النخب بذلك خمسة أصناف: .1نخبة الإرادة أو الساسة .2ونخبة المعرفة او العلماء .3أو نخبة القدرة أو الاقتصاديون .4أو نخبة الحياة أو الفنانون. .5والنخبة الاخيرة هي نخبة الرؤى الوجودية أو الفلاسفة ورجال الدين وهم الجامعون للفاعلية الأقصى رمزيا جمع نخبة الإرادة للفاعلية الأقصى ماديا.لكن نخبة الإرادة (الساسة) ونخبة الوجود (الفلاسفة ورجال الدين) يمكن ألا يكونوا إلا مجرد ظاهر من السلطان الفعلي بيد النخب الوسطى بينهما. فسلطان الكلمة والرمز عامة للعلماء والفنانين جماليا.وسلطان العملة والفعل عامة للاقتصاديين والفنانين تقنيا وهؤلاء مع الأوليين يشرئبون للحرية.وبقية الشعب كلها تنزع بالقوة إلى واحدة من هذه النخب في نزوع دائم واشرئباب لا يتوقف للخروج من سيلان المجرى الطبيعي والتاريخي للتعالي عليه. 10 3
ومثلما تصنف النخب في نفس الجماعة تصنف الجماعات في العالم:فالأمم تتراتب في العالم تراتب النخب في الأمة الواحدة :تراتب بالكلمة والعملة دائما.فالأمم التي خطت مسار التاريخ الإنساني هي التي أبدعت بالكلمة وبالعملة أي بفعل الرمز (علما وفنا جميلا) وبرمز الفعل (اقتصادا وفنيا تقنيا).فتبرز رتبتها في مظهري الظهور الوجودي :السياسة (الوجود في العالم) والرؤى الوجودية (معاني الوجود فيما وراء العالم) :معنى الإسلام سياسة ودين.وبذلك يكون للإنسانية نخب كونية في التعبير عن الإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود وهم المبدعون سياسيا وعلميا واقتصاديا وفنيا ورؤى وجودية.والإسلام يقدم لنا منهم في قصصه القرآني عينة نموذجية كونية في السياسة والعلم والاقتصاد والفن والرؤى الوجودية التي يتحد فيها العقل والروح.وبهم يرمز القرآن لوحدة الإنسانية ولاستراتيجية التوحيد التي اعتبرتها جوهر الرسالة القرآنية :توحيد الفرد والأسرة والجماعة والإنسانية والعالم. وقد تكون حلقة الصحابة من حول الرسول الخاتم رامزة لهذه الغاية: لقاء الأمم في الرسالة الخاتمة لتبني انسانية أصلها النساء 1وقيمها الحجرات .13لم تكن حلقة الصحابة من العرب وحدهم بل كان فيها الأسود والأبيض والمزيج منهما ممن كانوا ممثلين لحضارات العصر بلا تمييز عرقي أو طبقي أو جنسي.صحيح أن الأمة لما انحطت لم تعد تذكر الصحابيات وتقتصر على الصحابيين بسبب ما نتج عن النكوص إلى الجاهلية من تجاهل النساء بعكس خطاب القرآن.تناسوا أنه النص الذي يتلازم فيه ذكر المذكر والمؤنث دائما بصورة عجيبة لم أر لها مثيلا في الكتب الدينية الأخرى سماوية كانت أو طبيعية.كما تناسوا النساء 1وتناسوا الحجرات 13فصار الإسلام وكأنه خاص بالمسلمين بالمعنى التاريخي وصارت العنصرية والطبقية معيار تفاضل بدل التقوى.وتلك علة فساد التواصل والتبادل أي وظائف الكلمة ووظائف العملة الممثلتين رمزيا لمجالي القيم المحددة للعلاقات بين البشر وبينهم وبين العالم. 10 4
فبمجرد أن ينحصر التواصل والتبادل في وهم اكتفاء العالم بذاته حتى يزول ما يشدهما إلى المتعاليات فيصبح المنطق السائد هو منطق الصراع الجدليوقد سبق فدحضت منطق الجدل حتى في حالة الاقتصار على العالم دون ما يتعالى عليه فيكون ما وراء الطبيعة والتاريخ .والماوراء يلغيه للقائلين به.فعند هيجل الينزايت (ما وراء العالم) وهم إنساني ولا وجود إلا للديسزايت (العالم) وعند ماركس ليس الأول إلا أفيون الشعوب يلهيهم عن مأساتهم.فأسسا من حيث لا يعلمان للوجود الإدماني في التواصل والتبادل :وذلك هو العولمة التي هي التواصل العبثي والتبادل الاستغلالي والحرب الدائمة.ولأن ذلك هو النقيض الحقيقي للاستراتيجية القرآنية فلا غرابة أن تكون ذروتها بمنطق الصراع الجدلي جوهرها الحرب على الإسلام بإسقاط عيوبها عليه.فكل ما يتهم به الإسلام والمسلمون هو بالجوهر اسقاط عيوب العولمة وحضارة الاستعمار والاستغلال على المسلمين والإسلام أعني سلوكها الإرهابي الدائم.فلندرس استراتيجيات التواصل والتبادل اللذين يعمل بهما سادة العولمة وحاجتهما لمنطق الجدل والتآمر الدائمين اللذين يؤديان إلى الحرب الدائمة.فالتواصل ببعديه المتعامدين في العالم (بين الناس ثم بينهم وبين العالم) عدواني بالجوهر والتواصل الذي يدعي أنه ما وراء له هو الوجود الإدماني.إنه ما وراء لا يخرج من العالم بل هو غرق فيه مطلق وذلك بالإبداع الرمزي التخديري (بلغة باسكال :اللهو) مداره الجنس والعنف في سينما أمريكا.لكنه لا يقتصر على اللهو بل هو يوظف كذلك لتزييف الوعي وللحرب الدعائية ضد من يراد استعبادهم في الداخل والخارج وهو إذن تواصل تزييفي بإطلاق.ولعل ذروته الأعلام التضليلي الذي تحارب به أجهزة الاستخبارات كل من له نزر من إرادة الاستقلال ورفض التبعية فيتبعه الحصار والحرب بكل الوسائل. 10 5
فيتحول التواصل إلى سلاح الحرب اللطيفة الشاملة على كل من يريد أن يكون مستقلا ببث الفوضى لديه والتآمر عليه والدعاية المشيطنة له حتى ينهار.وتلك هي ذروة الحرب الرمزية اعدادا للحرب المادية قد يغني عنها ويختمها بالاستتباع بعد الاستضعاف وتركيز الاستبداد والفساد في الجماعة المستهدفة.وذلك هو نقيض الآية 13من الحجرات من حيث هدف التواصل (التناكر بدل التعارف) لتؤسسه على نقيض الآية الأولى من النساء :البشر أعداء وليسوا أخوة. وكل ذلك من اجل تحريف التبادل:فبدلا من تبادل فيه تعاوض عادل يكون الأمر خاضعا لعلاقات القوة وليس لعلاقات التعاون :نظام المافيات الدولية.والحصيلة هي أن نظام العولمة هو نكوص البشرية إلى القانون الطبيعي والانتخاب الطبيعي في صراع القوى النافية لما يتعالى عليها :قانون الضرورة. ومن ثم فيمكن القول إن الحرب على الإسلام أمر بدهي: فهي صراع دعوة السلام ودعوة الحرب. إنها قلب لكل المفاهيم :فالمدافع إرهابي وليس المعتدي.ويتجلى النكوص إلى القانون الطبيعي في التبادل بين البشر وبينهم وبين العالم الطبيعي والتاريخي: إنه نظام مقصور على آلية عمياء لصراع القوى. والعلة أنه تبادل لا يحكمه إلا الأفق الدنيوي الذي يخضع للوجود الإدماني: خداع الغير والربح السريع فيترافق تلويث الثقافة مع تلويث الطبيعة.وما نتج عن سلوك الغرب التلويثي للثقافة والطبيعة تضاعف في سلوك من حاكوهم من الشرق ولعل الأمر بلغ الذروة في الصين والهند مجمع نفايات الغرب.والأغرب من ذلك أنهم يقدمون هدا التلويث بحجة التحديث الثقافي والاقتصادي وتمكين مجتمعاتنا من التنمية المغشوشة على أنه تفضل منهم لصالحنا. 10 6
وأذكر أني آخر مرة تصادمت فيها مع سفير فرنسا السابق كانت حول ما يزعمه من مساعدة لنا بما يسمونه تعاونا وهو من بقايا الاحتلال الاستعماري.فهم يتعاملون مع من نصبوهم علينا للتمكن من رقابنا من بين النخب الخمس :وجميعهم أسماء بلا مسميات لأنهم مجرد عملاء لنظرائهم عند سيدهم. كلهم توابع: السياسيين بلا إرادة. والجامعيين بلا علم. والاقتصاديين بلا قدرة. والفنانين بلا ذوق. وأصحاب الرؤى ليس لهم إلا الحرب على ثقافة أمتهم.ولما كان من يعارضهم لا يقل عنهم عقما بسبب عدم التمييز بين شروط الاستئناف المبدع والاقتصار على تكرار الماضي بتشويهه فإنهم اليد الطولى لهم.وتلك هي علة غرق الأمة في حرب الكاريكاتورين من ماضينا الذي لم يحيوا منه إلا شكله المنحط ومن ماضي الغرب بشكل انحطاطه الاستعماري :حرب أهلية.لذلك فما أكتبه هدفه انقاذ باسقات الحضارة الإنسانية التي يلتقي فيها تراثنا وتراث الغرب عندما نحررهما مما شابهما من غفلة عن رؤية برهان الرب.وهذه الغفلة هي التي تنتج من الاقتصار على المستوى الأول من التواصل والتبادل أعني بعديهما الدنيويين بين الناس وبين العالم طبيعة وتاريخا.فهذا التواصل والتبادل ببعديهما هذين يمكن أن يكفيا للاستعمار في الأرض ولكن عندئذ يكون الإنسان كأي حيوان خاضعا للتاريخ الطبيعي والصراع العقيم.فيغرق في الوجود الإدماني فالغرق في الفاني لا يرضي الإنسان مهما ألحد فيضطر إلى الغرق في الملهيات والمخدرات حتى يوسع سجنه بزائف اللامتناهي.ولا مفر له من المستوى الثاني من التواصل والتبادل أعني مستواهما فيما وراء المستوى الأول ليكون له معنى وقيمة مستخلفا لا مجرد مستعمر في الأرض. 10 7
فالمفهومان دنيا وما وراءها متضايفان لا يمكن لأي منهما أن يكتفي بنفسه تضايف الطبيعة ونظامها الرياضي وراءها والتاريخ ونظامه الخلقي وراءه.فنظام الطبيعة الرياضي ونظام التاريخ الخلقي هما الماوراء الذي يحيل أي عاقل لمستوى التواصل والتبادل مع ما وراء متعال ملازم للوعي بما هو وعي.وكل من يحاول تجاهل ذلك اتباعا لأحكام أنصاف المثقفين المسبقة من أدعياء ما يخجل منه العقل المدرك لحدوده لن يفر من بنية الوعي إلا بخداع نفسه.وبنية الوعي التي لا يستطيع أحد الهروب منها لأنها عين كيانه هي ما سميته المعادلة الوجودية .فقد يقف عندما حوله من طبيعة وتاريخ تواصلا وتبادلا.فيجد نفسه حبيسا بينهما مشدودا إلى ما فيه من طبيعي ومن تاريخي لكنه سرعان ما يشعر بالاختناق من الغرق في أحدهما أو فيهما أو فيما بينهما.وفي خلال ذلك يشرع في الغوص في ذاته فإذا بها تتجاوزهما إلى ما ورائهما فيكون انطلاقه من ذاته قطبا متلازما مع قطب آخر في علاقة تواصل وتبادل.فينفتح أمامه سباحة في اللامتناهي تخرجه من حبسيه الطبيعي والتاريخي بأجنحة الحقيقة والخير والجمال اجنحتها فيتساءل عن شروط إمكانها في كيانه.فيكتشف في تسام لا يتوقف أن جوهره الوصل بين هذين القطبين الانسان والله من خلال تجاوز الوسيطين الطبيعي والتاريخي اللذين لا يكتفيان بذاتهما.فيكون بذلك إدراكه ملازما لموقف توجيهي-الممكن والواجب والممتنع -فكل الموجودات يراها غير مكتفية بذاتها لا تثبت وجوب وجود لا يرضى منه بديلا.عندئذ يبرز لوعيه سلم القيم الذي يجعل كل الوسائط الطبيعية والتاريخية أي ما يدور حوله مستوى التواصل والتبادل الأول لا يساوي جناح ذبابة.وتلك هي بداية العبادة الحقيقية التي لا يدركها إلا من فهم معنى الغاية من الاستعمار في الأرض أي الاستخلاف :فلا معنى لكيانه إلا بهذه المنزلة. وهذا الدرس الذي يقدمه هذا الأستاذ في حفل تخرج طلبته بداية الطريق. 10 8
فهو في محاضرته يتكلم على تجربة مؤلمة عاشها واستمد منها درسا في المنظور القيمي للأشياء ولمعنى الحياة ولما عليه الإنسانية في عصر العولمة.فبهذا الموقف أعتقد أن أي إنسان بلغ مستوى الوعي ببنية كيانه الروحي لا بد وأن يصبح مسلما حتى وإن لم يكن إسلامه بشروط الفقه التقليدية.ذلك أن البلوغ إلى هذه النظرة لا يمكن لمن لم يتجاوز حبسه في الطبيعي والتاريخي وتحرره منه ليرى برهان ربه فيلقى الإنسان ربه لقاء مباشرا.وليس في ذلك أدنى دلالة صوفية تتخلى عن الاستعمار في الارض لان الاستخلاف مشروط به: رؤية برهان الرب كانت ليوسف خلاله فكان نموذج الوصل بينهما.لذلك كانت سورة يوسف قصة للجمع بين الحلم والتاريخ في الحب والاقتصاد والعلم والسياسة كلها بمظلة برهان الرب بتلازم بين الدين والسياسة :الإسلام.فالسياسة شرط الاستعمار في الأرض والدين شرط الاستخلاف فيها والإنسان غني عن التصوف ليفهم ذلك :فما من متصوف أدرى بالعلاقة من الرسول الخاتم.ذلك أن محمدا جمع بين الحب والاقتصاد والعلم والحكم ورؤية برهان الرب فيها فكانت سياسته ودينه متلازمين جميعا وجهي الإنسان الدنيوي والأخروي.والفرق كبير بين دور النموذج المستمد من قصة يوسف والنموذج المستمد من تاريخ الرسول الخاتم :فالأول بقي نموذجا تابعا لقوة سياسية فوقه :فرعون. يوسف لم يصل إلى الاستعمار في الأرض التابع للاستخلاف بعكس الرسالة الخاتمة. وفي ذلك إشارة إلى أن الاستعمار شرط ضروري غير كاف :سندرس العلاقة.لذلك فالآية قبل الاخيرة من السورة تحدد كلفة الجمع بين الشرطين الضروري والكافي لتحقيق الرسالة من حيث هي استراتيجية التوحيد بين وجهي الوجود. وحتى نفهم معاناة الأنبياء فلا بد من دراسة وجهي الرسالة كما وردت في القرآن: 10 9
القصص النقدي لتاريخ الإنسانية الروحي وسياسة محمد لدولة الإسلام.فكل المشكل في أزمة الأمة الوجودية ببعديها المتعلق بفشلها في تحقيق شروط الاستعمار في الأرض وفي شروط الاستخلاف فيها متصل بفهم هذه العلاقة. والفشل جلي في المستويين: ▪ النظري (العلوم الزائفة) ▪ والعملي (الأعمال الحابطة) ودورهما في الانحطاطين الذاتي والموروث عن الحقبة الاستعمارية. وإذن فقد بقي علينا أن ندرس: -1طبيعة العلوم الزائفة وعللها -2ودورها في فشل تحديد العلاقة السوية بين وجهي وجود الإنسان ومن ثم حبط الأعمال.ذانك هما الفصلان الباقيان من المحاولة نعالج فيهما هذين المشكلين النظري والعملي ففي علاجهما يكمن تشخيص أدواء الأمة لتحديد شروط الاستئناف. 10 10
02 01 01 02
Search
Read the Text Version
- 1 - 18
Pages: