أبو يعرب المرزوقي الأسماء والبيان
أليس فيما قدمت حكم بعدم وجود مخرج من مأزق الأمة الحالي؟كيف تسترد وحدة المتعدد في جغرافيتها وتاريخها لتنمية تراثها وثروتها شروطا لقيامها؟ألم يصبح فتات جغرافيتها وشتات تاريخها معيقين لإبداع تراثها وثروتها ومرجعيتها شروطا لمناعتها المادية وحصانتها الروحية فتسترد دورها الكوني؟كيف نتجاوز الحرب الأهلية ما بين حكامها أولا وبين ومعارضيهم ثانيا ثم بينهم وبنيهم في المحميات التي آل إليها وضع ما يسمى دولا في جغرافيتها؟وكيف تعاد لحمة تاريخها الذي شتته فتات أرضها بما تأسست عليه المحميات من اثنيات وطائفيات وطبقيات تتناحر على الفتات الذي يبقيه الحماة والولاة؟يبدو علاج المشكل من رابع المستحيلات إذا وضع بالجملة دون تفصيل فلم يستغل الموجود باستراتيجية تحقق المنشود على مراحل متراكمة السعي إلى الغاية.فللأمة مراكز يشترك فتاتها الجغرافي بوحدة ثقافية ولغوية لم تستطع استراتيجية الغازي القضاء عليها وهي وتقبل مساندة وحدة المرجعية الروحية الشاملة.وهذه المراكز ذات الوحدة الثقافية واللغوية فيها كذلك غالبيات اثنية ذات ثقل مساند مثل الثقافة والوعي بالحاجة إلى العزة والكرامة فتكون البداية.البداية تكون بهذه المراكز وهي خمسة معلومة ،اثنان منها نالا فرصة القيام بتكوين دولة الأمة الواحدة وبحمايتها بداية (العرب) وغاية (الأتراك).والمراكز الثلاثة الأخرى ساهمت مع هذين المركزين في قوة الدولة الواحدة خلال مرحلة التكوين (العرب) ومرحلة الصمود (الأتراك) :الجميع أسهم في العزة.والمراكز الثلاثة الأخرى هي :مسلمو الهند والملاويين وسودان افريقيا .أما من عداهم من الشعوب وهي كثيرة فكانوا أقليات في هذه المجموعات الخمسة. 51
والغرب ليس غافلا عن هذه الاستراتيجية وخاصة فيما يتعلق بمركز البداية (العرب) ومركز الغاية (الأتراك) لذلك فحربه \"ضرب الرأس لتنشف العروق\".والعرب أكثر من الأتراك بسبب كونهم قلب الأمة لغة وثقافة وأرضا ومعالم دينية، والقرآن والنبي منهم ،ومن ثم فإذا تحققت قوتهم تبعتهم الأمة حتما.وقد أضيف إلى المراكز مركز آخر يدعم كونية دولة وحدة المتعدد في الجغرافيا والتاريخ وثمرتهما تراثا وثروة بالمرجعية القرآنية :جاليات المسلمين.فلجاليات المسلمين خارج دار الإسلام انتشار عالمي للإسلام سيؤدي دورا رئيسيا في جاذبية الإسلام ما أن يسترد دوره بوزنه المادي والروحي.ومن هذه الجاليات ذات متحدين :فهم من المجموعات الخمسة استوطنت غير دار الإسلام وهم أهل غير دار الإسلام استبطنت الإسلام :حضور أجنبي وأهلي متين.ولما كان مركز المراكز هو العرب وأرضهم وثقافتهم ولغتهم وقرآنهم ونبيهم ولما كنت عربيا وأدرى بهم مني بغيرهم من المراكز فإن همي سيركز عليهم.وكل ما سأحاول بيانه من تحديد تأصيل للدولة ووظائفها لا يستهدفهم وحدهم بل كل من كانت مرجعيته الروحية الإسلام بروحه (القرآن) وتعليمه (السنة).وعلي أن أشرح علة اعتقادي أن البداية بالمجموعة العربية لتوحيد التعدد الإسلامي هو الأقرب إلى الصواب رغم أن العقبات هنا أكثر منها في البقية.ولألاحظ أولا أن كل مجموعة توجد تحت هيمنة قوة عظمى أو أكثر :المجموعة التركية تهددها روسيا وأوروبا والمجموعة الهندية الهند وامريكا.والمجموعة المالوية تهددها الصين وأمريكا ومجموعة سود افريقيا امريكا وأوروبا وربما الصين والمجموعة العربية يجتمع عليها يعارض وحدتها الجميع.جلي بسبب الذراعين :إيران وإسرائيل .فهما دليل قاطع على أن وحدة المجموعة العربية تعتبر أمرا لا يمكن أن يقبل به الغرب والشرق اللذين يدعمانهما.وقد أضيف عاملا آخر لعله من مميزات المجموعة العربية -حتى بمنطق ابن خلدون- فالأمم كثيرة العصائب لا تستقر فيها الدولة وتتفتت دويلات متناحرة. 52
لكني ما زلت أعتقد أن بداية الاستئناف من طبيعة بداية النشأة الاولى :العرب هم خميرة الحضارة الإسلامية وقلبها النابض روحيا وقوتها الأولى ماديا.لن أتكلم على الروحي فهذا بيّن ولا يحتاج لدليل .لكن حتى المادي فهم اقوى مجموعات الأمة الخمس حتى وإن كان ذلك ما يزال بالقوة ولم يتحقق بالفعل.فجغرافية الوطن العربي هي الأكبر وهي الحائزة على أكبر قدر من ممرات العالم وبحاره ومن ثرواته الطاقية وثقافتها الأكثر قربا من الحضارة الحديثة.وحتى ديموغرافيا فهي الأكثر نفوسا من المجموعات الأربع الاخرى لأني لا أخصم من عددهم الأقليات غير العربية وغير الإسلامية لأنهم عرب كمواطنين.وما ذكرته من العوائق لا يخيفني لأني اعتبر إيران وإسرائيل محفزين للعرب رغم الاعاقة :فهما التحدي المباشر لكيانهم ومن ثم فهو يحفز الوحدة حتما.فإذا أضفنا الوحدة الجغرافية من الخليج إلى المحيط وما تم من احياء الوحدة الثقافية والتاريخية والحضارية رغم ضآلة دور الجامعة فالهدف واضح.فقد فشل الاستعمار في إيصال العربية إلى مآل اللاتينية في أوروبا التي انتقلت من الوحدة الثقافية إلى صراع بين القوميات واللغات والثقافات.ومن حسن الحظ أن وضع العربية يستعاد في ظرف صارت فيه وسائل التواصل أهم أداة للتوحيد الثقافي واللساني فيساعد على تعميمها لولا غباء القوميين.فمحاولة التعريب العنيف تهدد وحدة الإقليم العربي الأقليات الاثنية -وهذا حقها- اعتبرت ذلك عدوانا فأصبح تعتبر الإسلام إيديولوجيا عربية.وهو ما بدأ يتجلى لدى الأمازيغ والأكراد الذين كان لهم السبق في خدمة الإسلام في المغرب وفي المشرق خلال ما قبل الجرثومة القومية المفتتة للأمة.ولا علاج إلّا بالاعتراف بالهويات الثقافية للأقليات في الإقليم العربي (الاغلبية هي المحددة) في إطار الوحدة الروحية والتاريخية لأهل الإقليم.ولأبدأ الآن في تعريف الدولة كما يحددها الإسلام بنصه القرآني وبتاريخه حتى وإن كان من حيث الشكل الدستوري قد ابتعد عن التحديد القرآني. 53
ولا وجود في هذا التعريف لفروق اثنية أو طائفية لأن المساواة بين كل الاقوام والطوائف من المبادئ الإسلامية الأولى كما تبين الآية 13من الحجرات.والاعتراف حتى بالأديان الأخرى (خمسة :الحج )17وارجاء الحكم في أمرها ليوم الدين من شروط وحدة المتعدد حتى في الدين في نظرية الدولة القرآنية.وهذه المبادئ لا تسقطها الأحكام الخاصة فالقانون دون الدستور منزلة ويتعلق بالحالات الخاصة كالحرب ولا يصبح بديلا منه :الفقهاء قلبوا العلاقة.الفقهاء قلبوا علاقة الاحكام الخاصة بالدستور فعكسوا أهداف الإسلام الاستراتيجية في سياسة العالم التي يحقق بها توحيد الإنسانية بكونية قيمه.فأصبح الإسلام دينا من بين الاديان وليس الديني في كل الأديان أعني أن الختم لم يعد ختما متضمنا للكونية والكلية بل اضافة دين للأديان السابقة.وهذا هو ما حققه قلب كل قيم القرآن والسنة فأصبح علماء الإسلام أكثر من أعدائه حصرا له في خصوصية من بين الخصوصيات فقضوا على طموح الكونية.لن أطيل الكلام في تحديد الدولة وتأصيلها إذ فعلت في عدة فصول سابقة وسأكتفي بالتذكير بزبدته التحديد والتأصيل ببيان بنيتها وقيمها الكونية. فأما بنيتها فهي مضمون الشورى :38وفيها خمسة عناصر: .1خاصية مواطنيها .2علامتهم .3طبيعة الحكم .4أسلوب الحكم .5محور تعمر الارض في الدولة.فالخاصية موصولة بالربوبية لا بالألوهية ما يعني شمول كل الأديان لأن الربوبية كونية وليست متغيرة بحسب الأديان :الاستجابة للرب كونية.والعلامة هي الصلاة وهي مفهوم لا يخلو منه دين ومن ثم فالأمر لا يتعلق بالمسلمين بالمعنى الفقهي بل الإسلام بالمعنى الفطري الشامل للإنسانية ككل. 54
وطبيعة الحكم وصفته بكونه أمرهم أي \"أمر الجماعة\" التي استجابت للرب وصلت له (دعته) وهو ما يجعل الحكم جمهوريا :راس بوبليكا باللاتينية.وأسلوب الحكم الجمهوري \"شورى بينهم\" أي شورى بين الجماعة وهو إذن ديموقراطي باليونانية لأن شورى الجماعة هو أسلوب الحكم الديموقراطي.وأما مدار الدولة التي تكون فيها الجامعة حاكمة نفسها بنفسها فهو العنصر الاخير ويتعلق بمفهوم الاقتصاد ذي البعد الاجتماعي :الإنفاق من الرزق.والمقصود بالإنفاق من الرزق معلومة أبوابه من القرآن الكريم ليؤدي الاقتصاد وظائفه الاجتماعية التي تحول دون الاقتصاد والخضوع للقانون الطبيعي.آية واحدة حددت طبيعة الحكم وأسلوبه وإزالة عائقي بناء الدولة بأن أسستها على مرجعية الربوبية لا الألوهية وحصنتها ضد الاستغلال الاقتصادي. وأعتقد أن هذا التذكير كاف أما مستويات الدولة السياسية فهي: -المرجعية -والقوى السياسية -والجهاز الحاكم -والمعارضة -والجهاز المدير لوظائف الدولة. 55
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 12
Pages: