Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore ثورة الإسلام، مفارقاتها وحقيقتها الكونية – الفصل السابع – أبو يعرب المرزوقي

ثورة الإسلام، مفارقاتها وحقيقتها الكونية – الفصل السابع – أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-07-03 14:42:30

Description: بينت ثورات الإسلام في الأفعال الخمسة، أي في الإرادة والسياسة وفي العقل والعلم وفي القدرة والاقتصاد وفي الحياة والذوق وفي الوجود والرؤى: فلم؟
لم أفعل من موقف دفاعي ضد اعداء المسلمين أو بدافع عقدي ضد اديان منافسة. فلست أنطلق بدوافع سلبية تحركني بالإضافة إلى ما يحاك ضدنا وضد ديننا.
فدافعاي إيجابيان: 1-علمي نظري وهو إظهار ما اعتبره حقيقة يجهلها المسلمون أكثر من أعدائهم و2- خلقي عملي وهو الاسهام في تخليص الشباب من العقد.

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪ -‬الفصل السابع ‪-‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫الفصل السابع ‪-‬‬



‫بينت ثورات الإسلام في الأفعال الخمسة‪ ،‬أي في الإرادة والسياسة وفي العقل والعلم وفي القدرة‬ ‫والاقتصاد وفي الحياة والذوق وفي الوجود والرؤى‪ :‬فلم؟‬‫لم أفعل من موقف دفاعي ضد اعداء المسلمين أو بدافع عقدي ضد اديان منافسة‪ .‬فلست أنطلق‬ ‫بدوافع سلبية تحركني بالإضافة إلى ما يحاك ضدنا وضد ديننا‪.‬‬‫فدافعاي إيجابيان‪-1 :‬علمي نظري وهو إظهار ما اعتبره حقيقة يجهلها المسلمون أكثر من أعدائهم‬ ‫و‪ -2‬خلقي عملي وهو الاسهام في تخليص الشباب من العقد‪.‬‬‫فلا يكفي أن ينتسب الإنسان إلى الإسلام وحضارته وهو جاهل بفضائلها التي بها حررت الإنسانية‬ ‫كلها من داءين يحولان دون حريته الروحية والسياسية‪.‬‬‫ولا معنى للاستئناف المنفعل الذي يتحول إلى مرض المعقدين أو ضغينة المحتقرين لأنفسهم الذين‬ ‫يدفعهم حب الانتقام كذراعي الاستعمار في الإقليم‪.‬‬‫فأحدهما ‪-‬إيران‪-‬يريد استرداد مجد سياسي أفقده إياه الإسلام بعقد أعمته عما أمده به الإسلام‬ ‫ليتحرر من عبادة العباد‪ ،‬فيصل إلى عبادة رب العباد‪.‬‬‫والثاني‪-‬إسرائيل‪-‬وبنفس الضغينة دافع فعله ضد الإسلام القيم الكونية والموجبة‪ ،‬بل الانتقام من‬ ‫سلطان روحي كان يعتبره حكرا على شعب الله المختار‪.‬‬‫مشكلهم مع المسلمين والإسلام أنه حرر البشرية من احتكار القوة السياسية والقوة الروحية‪ ،‬وجعل‬ ‫ذلك تراثا إنسانيا كونيا شرطه أخوة البشر وتساويهم‪.‬‬ ‫‪51‬‬

‫ولست أخاف من شيء أكثر من أن يصبح شبابنا في وضع من تحركه الضغائن فيفقد المشاعر الموجبة‬ ‫التي هي جوهر الرسالة الخاتمة‪ :‬النساء ‪ 1‬والحجرات ‪.13‬‬‫فكيف لبيان الثورة الإسلامية في الأفعال الخمسة أن يجعل الأمة قادرة بهاتين الغايتين العلمية‬ ‫النظرية والخلقية العملية على الاستئناف السوي؟‬‫كل من يصل هذه الفصول السبعة حول ثورة الإسلام في الأفعال الخمسة بما سبق الكلام عليه في‬ ‫مسألة درس التراث يدرك عسر المهمة ونبلها في آن‪.‬‬‫ذلك أن عسرها الذي قد يحول دون علاجها قد يغلي رؤية نبلها خاصة وكلا صنفي المثقفين العرب‬ ‫النافذين باسم التأصيل والتحديث يمثلان أكبر العوائق‪.‬‬‫فنخب التأصيل يخلطون بين ثورة الإسلام ونكوص المسلمين للجاهلية فيحاربون الإسلام بسبب الغفلة‬ ‫والحمية الجاهلية‪ :‬يشوهونه بدعوى إحيائه قشوره‪.‬‬‫ونخب التحديث بنفس التشويه لقيم الحداثة التي يشوهونها‪ ،‬إذ يقدمون أنفسهم ممثلين للحداثة‬ ‫فيحاربونها بمعاملة شعوبهم معاملة الاستعمار لأنديجان‪.‬‬‫فيكون كلا النوعين من النخب التي لها موقف كاريكاتوري من الإسلام والحداثة في حرب أهلية‬ ‫دونكيخوتية تحول دون الاجتهاد والجهاد المبدعين للحضارة‪.‬‬‫فثورة الإسلام لم تحرر البشرية بقشوره التي هي الفهم الكاريكاتوري لمرجعيتيه (القرآن والسنة)‬ ‫بل بلبه الذي هو تربية الإنسان وحكمه بالحريتين‪.‬‬‫فبالحرية الروحية أبدع الإسلام المسلم المريد والعاقل والقادر والحي وصاحب الرؤية الوجودية‬ ‫التي تجعل الأحرار لا يعبدون إلا الله‪ :‬قيم فقدناها‪.‬‬‫وفقدها هو ما سماه ابن خلدون \"فساد معاني الإنسانية\" بسبب فساد النظام السياسي بوجهيه تربية‬ ‫(الأخلاق والعلم) وحكما (القانون والعمل)‪:‬فصرنا عالة‪.‬‬‫وما لم نحرر الأمة من \"فساد معاني الإنسانية\" بالإصلاح السياسي بوجهي نظامه التربوي والحكمي‪،‬‬ ‫لن يتحقق التحرر الروحي لأفرادها‪ :‬فيمتنع الاستئناف‪.‬‬ ‫‪52‬‬

‫لكن غايتي تتجاوز مجرد الاستئناف لأنه قد يكون استئنافا سلبيا هدفه الانتقام من الآخرين تماما‬ ‫كما يفعل ذراعا الاستعمار‪ :‬أريده استئنافا موجبا‪.‬‬‫فالإسلام ليس دينا من بين الأديان‪ ،‬بل الدين في كل الأديان (الستة‪ :‬الحج ‪ )17‬بمعنى أنه يوحد‬ ‫البشرية انطلاقا من انثروبولوجية ذات بعدين متكاملين‪.‬‬‫فالبشرية واحدة من حيث هي مستعمرة في الأرض (أمهم المرضعة واحدة)‪ ،‬والبشرية مستخلفة‬ ‫فيها (مطيتهم لما يتعالى عليها)‪ :‬خلقت لتعبد الله وحده‪.‬‬‫وعبادة الله هي غاية العلم والعمل على علم‪ ،‬أي الاجتهاد والجهاد في مدلولهما الذي حددته سورة‬ ‫العصر شرطا في الاستثناء من خسر الاخلاد إلى الأرض‪.‬‬‫فالحرية الروحية هي التي تتعين في إيمان الفرد وعمله الصالح‪ ،‬والحرية السياسية تتعين في تواصي‬ ‫الجماعة بالحق وبالصبر‪ :‬مستويا الاستخلاف الموجب‪.‬‬‫لذلك فينبغي أن يكون الإسلام كما كان‪ :‬قائلا بضرورة التعدد الديني شرط التسابق في الخيرات‬ ‫وبضرورة منهج التصديق والهيمنة علامة وحدة الحقيقة‪.‬‬‫وكان ينبغي أن يكون نهجه المصدق للصادق والمهيمن على غيره نقدا تفكيكيا للتجارب الروحية‬ ‫والسياسية السابقة ومشروعا بديلا لتحقيق قيم الاستخلاف‪.‬‬‫وهذا التحقيق هو ما به يعرف الإسلام الإنسان تعريفا إنشائيا في آل عمران ‪104‬وخبريا فيها ‪110‬‬ ‫فيجعل حقيقته قابليته لتحقيقهما‪ :‬وتلك هي الخيرية‪.‬‬‫فتكون حقيقة الإنسان قابليته للتكليف وهو معنى الإرادة الحرة والمسؤولة المجهزة بعقل يفهم‪،‬‬ ‫وقدرة تنجز وحياة تذوق ورؤية تختار الشرعة والمنهاج‪.‬‬‫كان لا بد إذن من إطلاع الشباب عن ثورة الإسلام في مجالات أنشطة الإنسان من حيث هو ذو إرادة‬‫وعقل وقدرة وحياة ووجود ثورته التي من حقه أن يفخر بها‪ .‬وألا يكون فخره بها واعتزازه بداع‬‫عقدي فحسب‪ ،‬بل وكذلك لأن التحليل العقلي يثبت أنها فعلا ثورة تحرر وتحرير يخاطب الإنسانية‬ ‫كلها دون عنصرية‪.‬‬ ‫‪53‬‬

‫فليس لأي دين من الدينين المنزلين أو الدينين الطبيعيين أي ما كان ذا تأثير في عصر نزول القرآن‬ ‫بذي كونية حقيقية لأنها جميعا قومية بل وعنصرية‪.‬‬‫وحتى استثناء المسيحية من هذين الوصفين فهو متأخر بعد رسائل بولس‪ .‬فالمسيح نفسه قال في‬ ‫الانجيل ردا على سيدة إنه إنما بعث لنعاج إسرائيل الضالة‪.‬‬‫أما القرآن فهو للإنسانية كلها‪ ،‬بل ولكل الموجودات وخاصة المكلف منها ويكفي بخصوص الإنسانية‬ ‫الآيتان الأولى من النساء والثالثة عشرة من الحجرات‪.‬‬‫وثورته الروحية المتعلقة بحرية الإرادة في النشاط الخامس أو الوجود والرؤى هي التي تؤسس‬ ‫ثورته السياسية في النشاط الأول أو السياسة‪ :‬الشورى ‪.38‬‬‫فعندما تفهم الشورى ‪ 38‬في ضوء النساء ‪ 1‬والحجرات ‪13‬تكون قراءتها مفيدة أن من الاستجابة‬ ‫للرب أو الإيمان الصادق له خمسة أركان وردت في الآية‪.‬‬‫وأولها رمز العلاقة المباشرة بالله (الصلاة) ثم أن يكون الأمر أمر الجماعة وأن تكون رعايته‬ ‫بالشورى بينها وأن يكون ذلك لإنفاق الرزق في وجوهه‪.‬‬‫وأصل هذه الأركان هو الاستجابة إلى الرب وهي فروعه‪ .‬فيكون الإسلام كدين خاتم نظاما تربويا‬ ‫رمزه الصلاة‪ ،‬وسياسيا رمزه رعاية شورية للأمر والرزق‪.‬‬‫وقد بينت أن تحليل \"أمرهم شورى بينهم\" يثبت أنها تضمر أن الأمر أمر الجماعة وأن الجماعة ترعاه‬ ‫بالشورى‪ .‬وهي مفهومات ثورية من اليسير بيانها‪.‬‬‫فيكفي أن نترجم \"أمر الجماعة\" بمصطلح الفلسفة السياسية اللاتيني لكي نجد \"راس‪+‬بوبليكا\" أي‬ ‫إن طبيعة النظام جمهورية‪ .‬فراس تعني أمروبوبلكيا جمهور‪.‬‬‫وإذا ترجمنا \"شورى بينهم\" بالمصطلح السياسي اليوناني كان المعنى \"ديموقراطية\" أي حكم الشعب‪.‬‬ ‫فتكون طبيعة النظام جمهوري وأسلوبه ديموقراطي‪.‬‬‫وانطلاقا من الحرية الروحية (النشاط الخامس) وتطبيقا في السياسة (النشاط الأول) نستنتج‬ ‫باقي فروع الثورة بنفس التناظر بين العاملين الرابع والثاني‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫فالنشاط الرابع أو الإبداع الرمزي يؤسس للإبداع العلمي لأن الفنون الجميلة من حيث هي عبارة‬ ‫الذوق تكون جمالية منطلقا للمعرفية‪ :‬الفن والعلم‪.‬‬‫وبذلك نصل إلى ما به انتهت الآية ‪ 38‬من الشورى‪ :‬الانفاق من الرزق أي قلب الأنشطة وأوسطها‬ ‫رمز القدرة أو الانتاج المادي والاقتصاد‪ :‬وبه يكون الخير‪.‬‬‫وهو لا يكون به إلا بتجنب ما يمكن أن ينتج عنه من شر‪ :‬فهو مجال التنافس الذي ينقلب بيسر إلى‬ ‫التنازع فالتقاتل من أجل الرزق وخاصة من أجل احتكاره‪.‬‬‫بإدراك هذه الحقيقة نفهم لماذا كان القانون الجنائي الإسلامي شديد التشدد في مجال حماية الملكية‬ ‫ورعايتها حتى إن الحقوق كلها هي رهن حمياتها‪.‬‬‫ولإتمام هذا المعنى وفهمه كما ينبغي فليقرأ الإنسان البقرة ‪ 177‬التي تعرف مفهوم البر وتحدد‬ ‫فيم يتمثل فيتحرر من انحطاط حصر الدين في العبادات‪.‬‬ ‫فأساسيات السياسة والاقتصاد بل كل فروع الثورة الإسلامية فيها بوصفها رؤية للديني في الأديان‪:‬‬ ‫الاستعمار في الأرض علما وعملا بقيم الاستخلاف‪.‬‬ ‫‪55‬‬





‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬