قصة نزول الوحي على النبي في غار حراء إ َّن قصة نزول الوحي على سيدنا محمد قصة عظيمة ولابد أن تروى لكل أطفال المسلمين؛ وبدايتها أ َّن النّبي -صلى الله عليه وسلم -قبل البعثة ظهرت له دلائ ُل وعلاما ٌت تُهيّئهُ لأمر النب ّوة العظيم ،فقد ورد عن أُ ِّم ال ُم ْؤ ِمنِي َن َعا ِئ َشة -رضي الله عنها -أنَّها قالت( :أ َّو ُل ما بُ ِد َئ به َرسو ُل َّلَّل ِا َ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َمِ -م َن ال َو ْحيِ ال ُّر ْؤيا ال َّصا ِل َحةُ في النَّ ْو ِمَ ،فكا َن لا يَ َرى ُر ْؤيا إلَّا جا َء ْت ِمثْ َل يَ ْخلُو بغا ِر ِحرا ٍء َف َيتَ َحنَّ ُث فيه -وهو وكا َن ال َخلا ُء، إلَ ْي ِه افَلَلتَّعَِقبُّ ُادل -اُّصل ْبلَّيحِا ِلَ ،يثُ َّمذَوُحا ِبّ ِتَب إلى أ ْه ِل ِه) ]١[.كان -صلى الله عليه يَ ْن ِز َع قَ ْب َل أ ْن العَ َد ِد وسلّم -يح ُّب أن يَختلي بنفسه ويعتزل الناس ،ليبتعد عن الباطل وأهله ،وكان يصعد إلى غار حراء ليتعبّد فيه ويلبث هناك ع ّدة أيام يتف ّكر فيها في خلق الكون ويتأ ّمله ،وينظر إلى البيت الحرام من هناك ،وعندما يقع في نفسه ال َّشوق يرجع إلى أهل بيته ،وهذه من دلائل نب ّوته ،كما أنَّه كان لا يرى َمناماً إلاّ ويتحقّق كما رآه؛ وفي ذلك ِدلالةً على أنّه يتجهز للنب ّوة وأنّه ليس كبقيّة البشر ]٢[.وفيما يتعلق بكيفية نزول الوحي؛ فعندما بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم -أربعين عاماً ،وبينما هو في غار حراء يتعبّد ويتف ّكر في خلق الله ،أتا ُه جبريل -عليه السلام -على هيئ ِة بش ٍر ،فدخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم -في خلوتِه فلم يعرفه ،فقال له\" :ا ْق َرأْ\" ،فأجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم( :-ما أنا بقا ِر ٍئ) ]٣[،أي أنا شخ ٌص أ ِّم ٌّي لا أستطيع القراءة ،فقام بِض ِّمه إليه ض َّمة قويةً فأت َعبَته]٤[. ثم ك ّرر ذلك عليه فقال\" :اقرأ\" ،فأجاب -صلى الله عليه وسلم -بالإجابة ذاتها فض ّمهُ جبريل إليه مرة أخرى ،فك ّرر سؤاله فقال\" :اقرأ\" ،فأجابه الرسول الكريم للمرة الثالثة ما أنا بقارئ ،فض َّمهُ ض َّمةً أخيرة ،ث ّم قال جبريل -عليه السلام( :-ا ْق َرأْ ِبا ْس ِم َربِّ َك الَّ ِذي َخلَ َق* َخ َل َق ال ِإن َسا َن ِم ْن َع َل ٍق* ا ْق َرأْ َو َربُّ َك الأَ ْك َر ُم* الَّ ِذي َعلَّ َم ِبا ْلقَلَ ِم* َعلَّ َم ال ِإن َسا َن َما َل ْم َي ْعلَ ْم) ]٤[]٥[،وبهذا يتضح لنا متى نزل الوحي على الرسول وكم كان عمره آنذاك صلوات ربي وسلامه عليه.
رجوع النبي إلى بيته خائفا :ـ بعد الذي حصل مع الرسول -صلى الله عليه وسلم -في الغار ،د ّب في قلبه الخوف وأصبح يرتجف برداً من ش ّدة ما لاقاه في الغار ،فأسرع إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها -فدخل وقد ظهر على ملامحه الخوف الشديد، والارتجاف وكأنما واجههُ خط ٌب ما ،فقال لها( :ز ّملوني ،ز ّملوني) ]٣[،أي غ ّطوني ،فل ّما غ َّطته -رضي الله عنها -وهدأ خوفه -صلى الله عليه وسلم- و َس َكن ،روى ما حصل معه لزوجته خديجة ،فطمأَنتهُ وه ّدأَت من رو ِع ِه وأخذت تُع ّد ُد ِخصالَهُ وتقول له أ ّن من يُغيث الملهوف ،ويساعد الفقير ،وي ِص ُل ال ّرحم لن يخذله الله أبداً ]٦[.كان لزوجة النبي -صلى الله عليه وسلم -خديجة -رضي الله عنها -اب ُن ع ٍّم يُدعى ورقة بن نوفل ،وكان قد اعتنق النصرانية، فذهبوا إليه ليسألوه ع ّما حصل مع النبي -صلى الله عليه وسلم -فقال: \"ق ّدو ٌس ،ق ّدوس ،والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الذي كان يأتي موسى\" ثم قال\" :و َلتُ َكذَّ َب ّن ،ولَتُؤ َذ َي ّن، و َلتُخ َر َج ّن ،و َلتُقاتَلَ ّن ،ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصر ّن الله نصراً يعلمه\"، فاندهش النبي -صلى الله عليه وسلم -لما قاله ورقة من معاملة قومه وعشيرته له ،وأ ّكد له ورقة ذلك بأ ّن ك ّل نب ّيٍ يبعثه الله -تعالى -لعباده تكون هذه هي معاملة قومه له]٦[. أول ما نزل من الوحي:ـ إ ّن أول ما نزل من الوحي هو صدر سورة العلق ،وهي الآيات الكريمة الآتية( :ا ْق َرأْ بِا ْس ِم َر ِبّ َك الَّ ِذي َخلَ َق* َخلَ َق ا ْل ِإ ْنسا َن ِم ْن َع َل ٍق* ا ْق َرأْ َو َربُّ َك ا ْلأَ ْك َر ُم* الَّ ِذي َعلَّ َم بِا ْلقَلَ ِم* َعلَّ َم ا ْل ِإ ْنسا َن ما َل ْم يَ ْعلَ ْم) ]٨[]٧[.نزل الوحي على الرسول -صلى الله عليه وسلم -في غار حراء أثناء تعبده فيه ،وقد كان عمره آنذاك أربعون عاماً ،وقد خاف خوفاً شديداً من هول الموقف ،وعاد بعدها إلى السيدة خديجة ،والتي أخذته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ،وأوضح له أن هذا وح ٌي من الله -تعالى ،-وأنه نبي مرسل.
صورة غار حراء بمكة المكرمة:ـ صورة غار ثور بمكة المكرمة:ـ
صورة جبل النور بمكة المكرمة:
Search
Read the Text Version
- 1 - 6
Pages: