مسرحية ملكودت تأليف :باسم وفائي
المشهد الول على أحد السطح في منطقة شعبية يجلس 4شباب مشكلين نصف دائرة و بجوارهم شيشة قديمة و أمامهم كمية لا بأس بها من الحشيش و ورق البفرة و بضع ولاعات و زجاجات البيرة ,و في الخلفية أغنية بوب مارلي . Don't worry , Be happy مينا ,شاب نحيف يميل الى الاسمرار شعره قصير أسود له سوالف طويلة ويزين وجهه شارب أسود , وثانيهم جيمي ,شاب ممتلئ بعض الشيء أبيض البشرة حليق الوجه وله شعر أسود كذلك ,أما عادل فكان أقرب في بنيته الجسمانية الى مينا ,نحيف هو الآخر ولكنه ذو بشرة أفتح قليلا من مينا و حليق الوجه غزير شعر الرأس ,وأآخرهم فحمة ,شاب في مثل عمرهم قوي البنية له لحية خفيفة وشارب خفيف يتصل بها عند جانبي فمه و يرتدي بعضهم سلاسل و أساور يد مختلفة اللوان. جيمي :نم نمننؤ نااا نو نوري بي هادزي (يحاول أن يدعي نطق كلمات الغنية و هو مستندا على الرض بكوعه اليمن في نصف نومة ,ثم شرب من زجاجة البيرة في يده اليسرى) مينا (يغلق جوان البفرة بلسانه و يقول) :يلا كفاياك هبد في الغاني ,اسمها بي هاري و يشعل جوانه الذي لا يبدو أنه الول له في هذه الليلة. عادل (بلسان ثقيل و عين شبه مغلقة) :يا جدعان الصنف بتاعكوا ده خربان و ملوش عازة ,عظبطكوا انا القعدة الجاية مينا :ما تشوف صاحبك ده ياض يا فحمة هيطيرلنا الدماغ برغيه ده فحمة (بعدما سحب نفس مقرقر من شيشته) :ما تسكت يا عم عادل متجبليش الكلام عشان جبتك معانا النهارده عادل :انتو عتقرفوني لييييه أنا قايم امشي مينا :خلاص اقعد يا عم عادل بس متغلطش في مزاجنا عادل :لا همشي ( وقف و أعطى ظهره لثلاثتهم خارجا) قام مينا واقفا و فتح مطوته :قلتلك اقعد ياض قطع هذا الشجار نرين هاتف مينا الذي رد بهدوء قائلا :أيوة يا ماما !
صوت أمه :الحق يا مينا أبوك وقع مننا و أنا و اخواتك البنات لوحدنا تعالى بسرعة أغلق المطوة و ألقى الجوان على الرض و جري سريعا الى الخارج لينتهيي المشهد. ................................. المشهد الثاني في طرقة مستشفى أمام غرفة العناية المركزة ,وقفت أسرة الستاذ قدسي تترقب أن يخرج الطبيب لطمأنتهم ,بنتان هما كارلا وليديا ومعهما مينا و أمهم حتى خرج الطبيب بملامح مضطربة فسارعوا اليه بالسؤال معا : ها طمننا يا دكتور ! الطبيب :للسف البقية في حياتكوا (صرخت البنات و امهم و احتضنوا بعضهم بعضا في بكاء) مينا الذي كان متأخرا ببضع خطوات (مشهرا المطوة) :ما تنطق يا عم تقول ابويا عامل ايه الطبيب راجعا للخلف فزعا :مات يابني مات البقاء لله مينا :يعني اييييه ,لاااا ابويا مماتش انت بتكدب عليا لييييه ! (قالها باعتراض و قوة ظانا أن الطبيب يتلاعب به أو يسخر منه وليس بضعف أو صدمة) جاءت أمه مسرعة محاولة التماسك فأخفضت يده و جعلته يغلق المطوة ثم نظرت في عينيه وقالت :أبوك مات و سابنا يا مينا ثم همت بالبكاء و ارتمت في حضنه لتسقط المطوة من يده الى الرض و لم يفكر حتى في أن يلف يده حول ظهر أمه ليحتضنها بل ظل ناظرا للمام و يديه الاثنتين مسدلتان الى جواره. بعدها يدخل رجل بجلباب أبيض و لحية سوداء و طاقية رأس بيضاء لا توحي بنيته ولا ظهره المنتصب ولا حتى لون ذقنه الذي كاد يخلو من الشعر البيض لولا هاتين الشعرتين البيض في أسفلها ,كل هذا لا يوحي أن عمره قد تجاوز الخامسة والربعين ..دخل مسرعا ممسكا سبحة بيده اليمنى وه َّم قائلا :لا اله الا الله ,انا لله و انا اليه راجعوووووون. ينظر الجميع له في صمت و تعجب ,و تتحرك أم مينا حوله ناظرة له باستحقار و شيء من الكره فتقول له :جورج ! ولا جورج ايه بقى أنا أآسفة (ضحكة ساخرة) ,الشيخ محمد! الشيخ محمد :البقاء لله يا أم مينا البقاء لله يا ولاد أخويا تعالوا في حضن عمكم (يفتح لبناء قدسي يديه ليحتضنهم فيكفون عن البكاء و ينظرون له و لمهم ولا يتحركون ثم يتحرك مينا مندفعا نحوه مناديا :عمااااي و لكن قبل أن يصل اليه تناديه أمه فيرتعد الي الخلف)
ينل محمد يديه و يكح كحة خفيفة حرجا. أم مينا :جاي ليه ياااا ...يا شيخ ,افتكرت ان لك أخ دلوقتي ! الشيخ محمد :يا أم مينا أنا منسيتكوش ولا نسيت قدسي و كنا على طول بنتكلم ,مش ذنبي ان انت و عيالك و باقي العيلة قررتوا تسقطوني من حساباتكم و تكرهوني و كاني بقيت شخص تاني غريب عنكم ! أم مينا :طب مانت فعلا بقيت شخص تاني ,مسلم ومستشيخلي فيها ,سبت ماريان بنت خالك قبل فرحكوا بأسبوع و مش فالح تقولنا غير انك شايف الاسلام صح وعايز تسيب ديننا ,بعد ما بقي عندك 23سنة جاي تقول كده ,دلوقتي بقينا احنا وحشين و كفرة و انت الحلو اللي شايف حاجة احنا منعرفهاش ! الشيخ محمد :و هو أنا جبرتكم على حاجة ! أنا كل كلامي كان عن نفسي و مقلتش لحد فيكم يعمل حاجة , كل اللي طلبته انكم متزعلوش و نعيش مع بعض عادي كل واحد حر ,انت قررتي انت و عيالك تعتبروني عدو و تقاطعوني ,مفيش غير قدسي و أبويا و أمي هم اللي كانوا بيكلموني دايما و بنتقابل ,و اهه التلاتة ماتوا ,و مش باقيلي غيركم فمتبعدوش. مينا :يا عم انت متخلينيش اعيط انت صعبت عليا (و تظاهر ببكاء أبله) أم مينا :بس يا مينا ,بص يا محمد اللي حصل حصل و اهه بعد فترة انت مفرقش وجودك من عدمه معانا في حاجة ,شوف بقى مين اللي حاسس انه لوحده و انت تعرف مين الخسران. الشيخ محمد :مش موضوعنا مين خسران و مين كسبان ده اتكلمنا فيه زمان و كل واحد مشي ورا رأيه , و بعدين انت ليه محسساني اني أذيتك مانا لسه قايل اني معملتلكوش حاجة ولا طلبت منكم حاجة حتى! أم مينا :أذيتني ! لا مأذيتنيش ,انت أذيت بنت خالك الغلبانة اللي كانت بتحبك ,اللي شكلها و هي قاعدة معايا بتعيط بدل الدموع دم مش قادرة انساه ,أذيت بنات أخوك اللي كانوا عيال مش فاهمين حاجة و عمالين يسألوا عليك و مش عارفة اقولهم رحت فين ,أذيت مينا اللي يمكن أول مرة تشوفه النهارده من يوم ما اتولد ولا كان يعرف انه له عم غير من كام صورة قديمة شافهم صدفة ,أذيت نفسك ,ولا بلاش خلي نفسك لنفسك انت حر فيها. الشيخ محمد :يااااه كل ده عملته لمجرد اني اخترت حاجة مش على هواكم ! ,فين المحبة اللي بتتكلمي عنها على طول يا أم مينا ولا متعرفيهاش غير بالكلام !! أم مينا :و انت جاي النهارده بقى عشان المحبة! عشان أسامحك! ولا عشان تستغل ضعفنا بموت أخوك و تاخدنا معاك أو تخلينا نتصالح!
الشيخ محمد :لا أنا مش جاي عشان كده أم مينا :أومال جاي ليه بقى سيادتك ,مسم الشيخ محمد :عشان قدسي ,قدسي مسلم يا أم مينا أم مينا و بناتها :ايه ! ( بينما هم مينا بأخذ نفس من سيجارة جديدة أشعلها قبل قليل أثناء وقوفه بين أمه و عمه) ..................................... المشهد الثالث يدخل الطبيب ضاربا كفا بكف :أنا أول مرة اشوف ناس كده ! الراجل من ساعة ما مات و هم مدخلوش يشوفوه حتى ولا خلصوا أوراق عشان يستلموا جثته ,ماهو مش هينفع كده ده شاغل سرير من الرعاية عالفاضي ,هم راحوا فين ,يمكن ما صدقوا مات و خلعوا منغير ما يدفعوا حساب المستشفى! يأتي مينا متمتما :و سوجارة جابت جوان و جوان جاب حباية (ويتطوح و بيده زجاجة بيرة) الدكتور :يا أستاذ مينا (و مينا لا يرد ولا يلتفت له) يستمر في مناداته :يا أستاذ ,انت يا عم بكلمك مينا :بتكلمني انا! الدكتور :أآه يا سيدي (بتأفف) مينا :و ايه نسناس اللي كنت بتقولهالي دي ,انت عبيط! (ويهم بفتح المطوة) الدكتور (قبل أن يفتح مينا مطوته) :لا لا نسناس ايه ده انا بحترمك و بقولك يا أستااااااذ مينا :طب ما تقوليش الكلمة دي تاني بتفكرني بالمدرسة (و يدخل المطوة في جيبه مرة أخرى) الدكتور :مدرسة ,انت رحت مدرسة يا كابتن ! مينا :اه يا عم بس سبتها في خامسة ابتدائي ,بس كانت ايام حلوة يا دكترة ,كنت ببيع السوجارة للعيال بخمسة جنيه ,بس الله يحرقه بقى الناظر رفدني و طيرلي المصلحة
الدكتور :لا غلطان فعلا مينا :مين ده اللي غلطان ياض الدكتور :الناظر طبعا الناظر اللي غلطان (في خوف و هو يبلع ريقه بصعوبة) ,المهم بقى هتاخدوا أبوكوا امتى ,مش هينفع يستنى اكتر من كده مينا :هو خف و هيخرج خلاص ,تسلم ايدك يا دكترة انا قلت لامي المستشفى دي علوضعها من زماااان الدكتور :لا اله الا الله ,يابني خف ايه ابوك مات من الفجر و قلتلكوا كده و انتوا مشيتوا و معرفش هتستلموه و تمشوا امتى بقى مينا :أبوياااااا ( يلقي الزجاجة و يجري نحو باب العناية المركزة و يقف واضعا يده اليمنى على الباب و رأسه فوقها) الدكتور مكلما نفسه متعجبا و قد أمسك زجاجة الخمر من على الرض :خمرة في المستشفى ! ,و بعدين ده سكران و مقضيها ولا زعلان على ابوه بجد ولا ايه ,انا مبقتش فاهم حاجة خااالص ! في هذه اللحظات تدخل أمه و اخوته من جهة و الشيخ محمد من الجهة الخرى و معه رجل أآخر سمين بعض الشيء يرتدي قميصا و بنطلونا قماشيا و له ذقن بيضاء و امرأة ثلاثينية جميلة مرتدية خمارا أسودا و رابعهم عادل الذي رأيناه مع مينا في تجمع السطح و كلهم يتحدثون في ضجيج عال. الدكتور بانفعال :بس اسكتوا انتوا في مستشفى. أم مينا :مين اللي انت جايبهملي دول (موجهة كلامها لمحمد بعد أن سكت الجميع) الشيخ محمد :دي زينب مراتي و ده الحاج حسن حمايا و شيخ الجامع و ده ...ده عادل أخو زينب. أم مينا :تشرفنا (بسخرية) ,جايبهملنا ليه بقى ياخويا! الحاج حسن :عشان تصدقيه لما قالك ان استاذ قدسي مسلم يا ست أم مينا ,أنا هحكيلك :الشهر اللي فات يا بنتي أنا كنت قاعد في المسجد بقرأ قرأآن بين المغرب و العشاء كالعادة و فجأة لقيت محمد جاي عليا فرحان و نزل قعد جنبي و قالي ان اخوه عايز يشوفني ,قلتله يدخله المسجد و فعلا دخل و جم قعدوا جنبي هم الاتنين و قدسي قالي :يا حاج حسن أنا كلامي مع اخويا خلاني قرأت حاجات كتير و سألت فيها و اقتنعت بكلامه اللي قالهولنا من الول و قررت اني هبقي مسلم زيه ,عايزك تقولي اعمل ايه مينا :ألعب باليه
نظر الحاج حسن لمينا في احتقار ثم أكمل :المهم قلتله أركان الاسلام و كلمته عن شوية حاجات و اتأكدت انه قرر القرار ده منغير ما حد يجبره عليه و خليته قال ورايا الشهادة بعد صلاة العشا قدام الناس الموجودة في المسجد و مكانوش كتير يومها ,و من ساعتها و هو بييجي يصلي الجمعة معانا في المسجد عندنا عشان بعيد عن بيتكم أحسن حد يشوفه و قال ان باقي السبوع بيحاول يصلي في أي حتة منغير ما تشوفوه ,و بعد أربع أسابيع على الحال ده أدينا اهه النهارده جايين نشيل جثته ( ,و يتباكى مكملا) الله يرحمك يا أخ قدسي كارلا (أخت مينا )1بأسلوب كلام ملئ باللين و ما نسميه \"دلع ًا\" :انت بتقول ايه اسكت ,انا بابا ميعملش اللي انت بتقوله ده انت كذاب خالص ليديا (أخت مينا : )2ايوة بابا بيوصلني الكنيسة بنفسه كل يوم اصلا انت بتقول ايه الشيخ محمد :اديكي قلتي ,بيوصلك لكن مبيدخلش ,تقدروا تقولولي أآخر مرة حضر معاكوا صلاة كان امتى أم مينا :قدسي كان بييجي معانا على طول ,أآخر فترة بس كان تعبان ,رحت انت قلت تصطاد في المياه العكرة و جايين تقولوا مسلم ؟! كارلا :أنا فاكرة حاجة كويس اوي بتقول انك كذاب ,بابا كان قاعد في البيت السبوع اللي فات و مقدرش ييجي معانا القداس و أنا نازلة ندهلي ,دخلتله ,قالي :متنسيش تجيبيلي معاكي حاجة من التناول و قولي لبونا يصليلي. ليديا :أيوة و أنا كمان افتكرت ,السلسلة دي لسه جايبهالي السبوع اللي فات (و أشارت الى سلسلة ترتديها) ,اهي فيها صليب اهه ايه رأيكوا بقى ها ! زينب :الله يرحمه كان بيحاول يطمن نفسه انكوا مش هتشكوا فيه ,كان خايف تقاطعوه زي محمد. أم مينا :متدخليش انت يا اسمك ايه ,و بعدين البنات ردوا عليكوا اهه ممكن تفضوها سيرة بقى و تمشوا من هنا. عادل :ايه يا جماعة عاملين قلق ليه بس! مينا :دوووولة ,عامل ايه يزمالااااه عادل :ايه ده مينا ,ايه اللي جابك هنا ؟ مينا :مانا ابن الميت
عادل :ايه ده يااااه يا جدع يلا معلش يسطا تتعوض مينا :حبيبي يا رجولة صباح الفل ( و يعطيه جوانا فيأخذه و يشعلان اثنين سويا ) الدكتور :بس بقى ايه العك ده ,انتوا تخرجوا من المستشفى و تحلوا مشاكلكوا دي برة ,خدوا ورقكوا اهه أنا خلصته عشان تمشوا و اخلص من قرفكم. أم مينا و الشيخ محمد سويا للطبيب :يعني نروح فين دلوقتي ؟ أم مينا تكمل :و مين دفع الحساب ؟ الشيخ محمد :أنا اللي دفعت يا أم مينا ,قدسي أخويا زي ما هو جوزك. ام مينا :صبرني يارب ,عموما فلوسك هديهالك مش عايزين حاجة من حد ,ها يا بنات هنروح فين دلوقتي؟ عادل :شكلهم محتارين و عايزين مكنة يتتاووا فيها يا مينا مينا :و احنا عندنا غيره ؟! هو سطح الواد فحمة ( ,ثم يعلي صوته) ,بااااااااس احنا عندنا مكان هادي و هيحللكوا الحوار ده كله ,تعالوا معانا. يخرج مينا و عادل سويا و يسير وراءهم الجميع. ................................. المشهد الرابع على سطح فحمة ,الجثة في منتصف المسرح ممددة و مغطاة على طاولة خشبية و تقف أم مينا و بناتها على جانب و الشيخ محمد و زينب و أبوها على الجانب الآخر بينما يجلس مينا و عادل على الرض مسندين ظهريهما الى الطاولة التي تحمل الجثة و يدخنان سجائرهما. زينب :يا أم مينا قلنالك أبويا هو اللي هيغسله و هناخده نصلي عليه في الجامع و يتدفن عندنا. أم مينا :يا بت انت قلتلك اخرسي و متتدخليش. زينب :شايف يا محمد ما تقول حاجة. الشيخ محمد :جرى ايه يا أم مينا كلمي زينب بأسلوب كويس عن كده. أم مينا :انت هتعمل عليا راجل !
زينب :و ستين راجل يا ولية انت ايه في ايه ما تحترمـ...... يسكتها أبوها :زينب ,اسكتي كارلا :ما خلاص بقى مش انتوا بتقولوا اكرام الميت دفنه ,انتوا كده معطليننا و مينفعش اللي بتعملوه ده , أوف بقى. أم مينا :شوف يا محمد اللي في دماغك انت و اللي معاك دول مش هيحصل ,فريح نفسك كده و امشي ,ولو مصدق نفسك أوي ابقى سيبهولنا و صليله يا سيدي ,أو ادعيله يعني. الشيخ محمد :وأنا مش هينفع منفذش وصية اخويا ,هو اللي وصاني لو مات أخده و يتصلى عليه و يتدفن عندنا. أم مينا :و فين بقى الوصية دي ,كتبهالك ؟ الشيخ محمد :لا مكتبش حاجة ,و بعدين فكري كده ايه مصلحتي اني أ َّدعي كده يعني لو اللي بقوله محصلش فعلا! تنظر له أم مينا من رأسه الى قدمه في ازدراء و تأخذ بناتها و تتجه الى أحد جانبي المسرح بينما يشير الحاج حسن الى محمد و و يأخذه هو و زينب الى الجانب الآخر . في هذا الوقت يقول عادل موجها كلامه لمينا :ها يا سيدي ايه رأيك بقى في الصنف بتاعي . مينا :لا عندك حق ياض ,اللي كنا بنشربه ده كان سحلب. عادل :هاهاهاهاهاااااه ,عيب عليك يا زميلااااي. نذهب لنسمع ما يقال في جانب الشيخ محمد ,فيقول الحاج حسن :بص يابني هو زي ما بقولك كده , احنا هنكلم الاخوة في المسجد ييجوا و هم لما يلاقونا كتير هيخافوا و ربنا هيقذف في قلوبهم الرعب و ناخد الجثة بالعافية بعون الله. الشيخ محمد :لا يا حاج ,مش أنا اللي اعمل كده في ولاد أخويا ,و بعدين كده الموضوع ممكن يكبر و تبقى فتنة طائفية. الحاج حسن :وصية أخوك يا محمد يا ابني لازم تتنفذ. زينب :أيوة اسمع كلام بابا يا محمد ,الست مرات اخوك دي قرشانة و تستاهل. الشيخ محمد :لا يا زينب أنا مش هعمل كده ,اعذرني يا حاج أنا مقدرك بس مش هينفع لا.
على الجانب الآخر قالت ليديا :بصوا أنا عندي فكرة ,الناس دي شكلها شرير و ممكن يفضلوا كده ميمشوش ,احنا نطلب البوليس و نقول أنهم ارهابيين و جايين يخطفونا و هم لما يلاقوهم بدقن كده هياخدوهم أكيد يعني الفلام كلها كده. كارلا :أو ممكن نكلم أصحابنا في الكنيسة و ييجوا يضربوهم كلهم و يطردوهم . أم مينا :مش عارفة يا بنات ,طب تفتكروا ممكن يعـــ..... قبل أن تكمل جملتها يدخل رجل ذو رداء أسود و قبعة سوداء أبيض الوجه و يقف ناظرا الى الجثة و يقول :تعالوا هنا كلكم ( يسرع الجميع نحوه ملتفين حول الجثة و يقوم مينا و عادل على ركبهم و يلتفوا ناظرين اليه) يكمل :أنا يوسف ,صاحب قدسي من زمان و سره كله معايا ,يمكن محدش فيكم يعرفني ولا شافني قبل كده بس أنا متأكد انكم هتصدقوني. أم مينا :قولهم الحقيقة ,عرفهم انه مسيحي. الشيخ محمد :لا ما لو قال الحقيقة هتعرفي انه مسلم. يوسف :لا هقول مسلم ولا مسيحي ,زي ما كتمتله سره و هو عايش هكتمه و هو ميت ,كل اللي هطلبه منكوا انكوا تقعدوا تحت قدام الترابيزة جنب مينا و عادل كده اقعدوا كلكوا و خلوا ضهركوا لي و أنا هحللكوا المشكلة ,أنا هدفي ايه غير ان ( ..و يتظاهر بالبكاء) ..ان قدسي يكون مرتاح دلوقتي و ميحزنش على منظركم ده. يطيعه الجميع دون أي تعليق و يجلسون جميعا على الرض ,ظهرهم له و للطاولة و وجههم نحو الجمهور , فيحمل يوسف جثة قدسي و يخرج بها مسرعا. مينا :انت يا عم الشيطان ,مش هتقول بقى عايز ايه ؟ عادل :انت يا راجل يا اسود أخوات مينا :ماما ,هو سكت ليه ؟ زينب و الحاج حسن :ايه يا محمد الراجل ده بيعمل ايه ؟ أم مينا و الشيخ محمد في أآن واحد و بصوت عال :معرفش معرفش ( يقومان و هما يقولانها و ينظرون فوق الطاولة الفارغة فيصدمون ) :قدسي ! ..............................
المشهد الخامس مينا و عادل يجلسان فوق الطاولة و الجميع يتحدثون في همهمة من حولهم. أم مينا :ركنت انت و اللي معاك على جنب و بعدين الراجل جه خطف قدسي ,اكيد ده تبعكم ,خلاص وصلت بك انك تخطف جثة اخوك! الشيخ محمد :هو انت و بناتك تركنوا و تتفقوا انكوا تخفوا الجثة و بعدين ترميها عليا ,لا خطة ذكية جدا يا هانم. أم مينا :يعني مش انت اللي أخدت الجثة! الشيخ محمد :انت بتتكلمي جد! مش انت فعلا ! أم مينا :صدقني يا محمد مش أنا بجد( .تقولها في ضعف) الشيخ محمد :وانا والله العظيم ما اعرف مين يوسف ده ولا أخد قدسي فين. زينب :يكونش ,ربنا يحفظنا ربنا يحفظنا يعني عفريت و خفاه ؟ كارلا :اه هو شكله وحش و يخوف اصلا اكيد عفريت ,يا ماماااا (و ترتمي في حضن اختها) . الحاج حسن :عفريت ايه بس ,الجثة اتخطفت وانت يا أم مينا بتقولي مش انت و احنا مصدقينك و انت لازم تصدقي ان مش احنا. ليديا :مسألتوش نفسكوا ازاي كلنا صدقنا واحد غريب و نفذنا كلامه زي الـ ! robotsيعني ايه يقول اقعدوا عالرض و ادوني ضهركوا فننفذ كده و خلاص ,اهه أدينا مش لاقيين بابا و غباءكوا هو السبب. أم مينا :اتكلمي بأدب ,حتى لو غلطنا مش هتيجوا انتوا يا ولاد امبارح تقولولنا الصح و الغلط ,و بعدين مانت وأختك سمعتوا كلامه زينا. ليديا :احنا مشينا وراكوا ,انتوا سمعتوا كلامه فعملنا زيكوا ,و أآدي أآخرتها. الشيخ محمد :احنا اتخدعنا ,هو استغل مشكلتنا و خلانا نسمع كلامه على أمل الحل بس مش هينفع نرميها على بعض ,احنا لازم نحط ادينا في ايد بعض و كفاية خناق بقى ,محدش يعرف الراجل ده ممكن يعمل ايه. أم مينا :أيوة صح لازم كلنا نتحد و نعرف يوسف ده راح فين. ويمدان يدهما في مصافحة صلح و اتفاق.
زينب :و انت يا عادل انت و مينا ,مش هتفوقوا من اللي انتوا فيه ده ! لتكمل كارلا :بابا مات يا مينا و الراجل الغريب ده جه خطفه من وسطنا و انت ولا كانك معانا. زينب :و انت يا عادل مش واقف جنب أختك و جوزها وفي عز اللي احنا فيه ده كله مصرين تفضلوا عالحال ده ! عيشوا معانا بقى! كارلا بانفعال :فوقوا بقى احنا محتاجينكوا ,بابا مات يا مينا فووق . مينا منفعلا و ملقيا السيجارة ثم نازلا من فوق الطاولة الخشبية :بس بقى اسكتوا (واضعا يديه على أذنه) ,عايزينني افوق ليه ,ليه عايزيني اعرف ان ابويا مات ,ابويا اللي اتخانقت معاه يوم ما تعب عشان أآخد منه فلوس بالعافية اتكيف بهم! أبويا اللي مات و هو قلبه بيتحرق من ساعة ما عرف اني بحشش ! مات و انا مخبي عليه اني ضريب بورشام و زمانه عرف و قهرته هنا و هناك ,افوق دلوقتي بعد ما كل حاجة راحت! لا فلحت في تعليم ولا في شغل ,مفيش شغلانة عمرت فيها يومين على بعض ,و حتى الحب متخلقش عشان واحد زيي ,عايزيني افوق عشان من خنقتي انتحر و اموت انا كمان ,ما تسيبوني كده , سيبوني ,أنا كده هرتاح ,ليه عايزني افوووق ليه ! (قال أآخر جملة بصوت يميل الى البكاء) بكت كارلا أثناء كلامه لتحتضنها زينب برفق بينما تحرك الشيخ محمد نحو مينا و ما أن أنهيى كلامه حتى احتضنه ثم قال له :ده الواقع يا مينا ,لو مواجهتش الواقع و الناس و الدنيا مش هتعرف تعيش ,فوق و انت تعرف تصلح اللي ندمان عليه ,فوق بدل مانت كده فعلا بتنتحر بالبطئ. أثناء تلك الكلمات كان عادل واقفا الى جوارهما يستمع و يهز رأسه بالفهم و الموافقة ثم همت أم مينا بعد أن مسحت دموعا قد ملت عينيها و لم تخرج فقالت :طب يلا نروح البيت و نقعد نركز هنعمل ايه. ...................................... المشهد السادس ينقسم المنظر الى قسمين ,صالة شقة قدسي ,حيث نرى كنبة و كرسيين و طاولة صغيرة تتوسطهم و حائط معلق عليه بعض الصور العائلية و حائط أآخر به شباك صغير و اضاءة حمراء غامضة و القسم الآخر هو طابق العمارة حيث باب الشقة و سلم العمارة. يقف يوسف في وسط الصالة بردائه السود ,و تأتي من الداخل فتاة بزي ممرضة قديم ,و هي تدفع نقالة مرضى عليها جثة قدسي. الممرضة :مستر جوزيف ,كل حاجة جاهزة ونورت Lambsحمرا زي ما بتحب.
يوسف :تعالي اقعدي هنا (و يشير الى الكرسي و يحضر اطارا حجريا من خلف الكنبة به مكان مجوف علي شكل قلب انسان ,يضع هذا الاطار على الكنبة و يجلس بجانبه و يخرج كتابا من داخل ردائه السود) يقرأ من الكتاب :و سيأتي زمان فيه يتشتتون ,و يشب بينهم الخلاف و يكره بعضهم بعضا كرها ينتشر بينهم كالنار في الهشيم ,حينها يضعفون و يأتي رجل من نسلنا يميل عليهم فيخدعهم و يفرق شملهم ,و اذا ما خدعوا فقد حان وقت حكمنا ,فليضمن تفرقهم ,و يخرجهم من بيوتهم ,فلا يدخلوها أبدا ,سيسعى لمل الفراغ ,و حين يتطابق القالب مع المقلوب يحدث المطلوب ,فتنير له الدنيا و تتفتح الدروب ,و يصلح دينه و دنياه و يتخلص من الذنوب ,و ينجو من الحروب ,ولا يمسه سوء هو و كل من يتبعنا من سائر الشعوب. الممرضة :ايه ده هي دي المفاجأة اللي قلتلي هتفهمهالي بعدين! ...بس أنا مفهمتش كل حاجة برده. يوسف :سمعتي اهو ده اللي انا عامل كل ده عشانه ,من النهارده الحياة هتضحكلنا و انا و انت يا أدريانا هنحكم العالم كله. الممرضة (أدريانا) :بتتكلم جد يا جوزيف انت هتعتبرني شريكتك ؟ يوسف :أآه ..أدريانا أنا بحبك ..و عشان كده انت الوحيدة اللي عارفة السر و اللي اخترتها تساعدني عشان الكلام ده يشملها هي كمان. أدريانا :أووووه جوزيف ,أنا كمان بحبك من زمان بس مكنتش عارفة اقولك كده ازاي I'm really amazedو عايزة اطير من الفرحة. يوسف :طب يلا بقي نخلص شغلنا. أدريانا ,Ok :بس فهمني الكلام اللي انت قرأته ,ايه ده و ايه القالب و المقلوب و الكلام الغريب ده ! يوسف :كتاب ده كتبه بابا بتاعي و بابا بتاعك و احنا صغيرين و سموه \"ملكودت\" ,كنت انت لسه عندك اربع سنين بس انا وقتها كنت كبير كان عندي 12سنة ,يوم ما خلصوا الكتاب ندهولي و قالولي الكتاب ده حافظ عليه و دور عاللي فيه و نفذه و لو معرفتش اديه لكبر ابن عندك هو هيعرف ,حاولت اقراه ساعتها بس مفهمتوش فخبيته لحد ما ماتوا ,طلعته اقراه و قدرت افهمه لما كبرت ,فهمت قصدهم لما سموه ملكودت ,فهمت انهم كتبولنا خطة لو فهمناها و نفذناها هنحكم العالم كله و هنبقى كسبنا حاجات كتير. أدريانا :ملكودت! ملكودت لمين! طب ليه جبتنا البيت ده ؟
يوسف :ما هو ده بيتهم اللي لازم نخرجهم منه ,بيتهم اللي كمان شوية هيبقى بيتنا . أدريانا :طب يعني ايه قالب و مقلوب بقااا ؟ يوسف :زي مانت شايفة الحجر ده لقيته مدفون تحت المقابر بتاعتنا و فهمت انه هو المقصود عشان كانوا راسمين رسمة شبهه في اخر الكتاب ,التجويف اللي فيه ده على شكل قلب بشري ,وهو ده القالب , المقلوب بقى هو القلب اللي هناخده منهم لما يختلفوا ,القلب اللي هيملى الفراغ ده زي ال puzzleبالظبط ,قلب قدسي. أدريانا :ايه ! يعني انت هتطلع قلبه من جواه! (بترددها و خوفها المعتاد حاولت ان تلقي المسئولية عليه وحده) يوسف :هنطلَّع ,هنطلَّع قلبه يا أدريانا( .مؤكدا لها أنها يجب أن تشاركه) ارتبكت أدريانا لكنها اتجهت لتقف بجوار يوسف أمام جثة قدسي . يوسف :الساعة كام دلوقتي؟ أدريانا :الليل دخل حبيبي والساعة وصلت سبعة و ثمانية وأربعين. في هذا الوقت يدخل شخصياتنا الثمانية الى القسم الآخر من المسرح و أم مينا تقول :تعالوا اتفضلوا , هندخل نقعد في الشقة و نفكر هنعمل ايه. الشيخ محمد :ان شاء الله هتتحل و هنوصل للي اسمه يوسف ده. تحاول أم مينا فتح الباب فلا يفتح. أم مينا :الباب مش راضي يفتح. الشيخ محمد :وريني كده اجرب. على الجانب الآخر يقول يوسف :يلا أدريانا هاتي المشرط عشان نفتح. أدريانا (في خوف) :جوزيف حبيبي ,في صوت برة. أشار يوسف لها بالصمت و الهدوء و تحرك نحو الباب واضعا أذنه عليه كي يسمع ما يحدث بالخارج. الحاج حسن (بقوة و صوت عال) :يبقى احنا نكسر الباب. فزع يوسف فأخرج مسدسا و أعطى أدريانا أآخرًا و وقف الى جوار الباب و هي من خلفه.
أدريانا :أنا خايفة جوزيف ,أنا مليش دعوة بحاجة ,انت اللي جبتني معاك هنا و انت اللي عارف الخطة و أنا جيت عشان بحبك بس ( .تتحدث سريعا و بسذاجة و خوف) في ضيق و عصبية أشار لها يوسف بالصمت ثم أشار لها على المسدس و بيده معبرا عن أنهم سيقتلونهم جميعا بهذين المسدسين. حينها يكسر باب الشقة و يدخلوا عليهم جميعا مع صوت صرخة مدوية من أدريانا التي ارتبكت فألقت بالمسدس و جريت لتقف عند الشباك خائفة بينما أطلق يوسف طلقة عشوائية جاءت في يد الحاج حسن الذي سقط على الرض فجرت زينب و كارلا نحوه و انقض الشيخ محمد على يوسف فدفعه يوسف بقدمه ليسقط أرضا بينما دخل عادل و مينا الى أدريانا فأمسكوا بها و في نفس الوقت كانت أم مينا و ليديا واقفتان عند الباب ينظران لجثة قدسي دون اقتراب خوفا من طلقة عشوائية تسقطهما هما أيضا تبكيان حزنا على فراقه فرحا لرؤية جثمانه المفقود حتى قطع نظراتهم هجوم يوسف ممسكا بليديا واضعا سلاحه على رأسها مهددا الجميع. دار يوسف مبتعدا و ممسكا ليديا بعنف وتهديد حتى أصبح واقفا بجوار جثمان قدسي وقال :أخرجوا كلكوا والا هقتلها واقتلكم واحد واحد ..أخرجوا وخلوا العيلين دول يسيبوا أدريانا. قام الشيخ محمد في ضعف بعدما سقط أرضا قبل قليل ,أمر الجميع بالخروج مشيرا بيديه قائلا :يلا يا جماعة ..متخافيش يا ليديا متخافيش ................................... المشهد السابع نعود لسطح فحمة حيث تبكي كارلا بشدة على ما حدث واختطاف اختها هي الخرى ,وتحتضنها أمها في بكاء تحاول ألا تظهره وتجلس زينب الى جوارهما تربت على كتف كارلا. وقف عادل و الشيخ محمد الى جوار الحاج حسن المصاب. مينا خارج المشهد حتى الآن. أخرج الشيخ محمد شظايا الرصاصة الصغيرة من ذراع الحاج حسن و ألقاها و القى السكين أرضا بينما قطع ذلك صرخة خفيفة متألمة من الحاج حسن. الشيخ محمد :اجمد يا حاج معلش ..خرجت الرصاصة اهه كان جرح سطحي و خرجت الحمد لله. يدخل مينا :بص يا عمي معرفتش اجيب كحول بسرعة بس في ازازتين بيرة كانوا هنا خدهم يقضوا الغرض.
عادل :كحولها خفيف ياض يا مينا ..بس خدها يا عم محمد اهي احسن من مفيش الحاج حسن :خمرة ايه بس استغفر الله. الشيخ محمد :معلش يا حاج ما انت مش هتشربها احنا هننضف الجرح بس. و ناول عادل الشاش و اللاصق للشيخ محمد ليضمد الجرح لحميه. يدخل فحمة الى السطح مظهرا على وجهه علامات الحزن فحمة :ربنا يصبركم يا جدعااان ,انا والواد جيمي متضايقينلكم عاللي حاصل ده بس انتوا قدها و هتقدروا تحلوا المشكلة يقترب منه مينا و عادل في مودة مينا :حبيبي يا فحمة ياخويا تسلم و شكرا انك مجمعنا عالسطح عندك فحمة :لا شكر على واجب ده انت اخويا ياض ,لو احتاجتوا حاجة اندهولي بس و انا معاكم عادل :رجولة و قدها يا كبير صوت نسائي من بعيد ينادي :يا واد يا فحمة انت يا وااااد فحمة :لامؤاخذة يا جدعان أمي تعبانة بس و بتندهلي مينا :ماشي يسطا روحلها انت ولو احتجنا حاجة هكلمك اتجه بعدها الشيخ محمد الى المنتصف و وقف قائلا :خلاص يا كارلا يا حبيبتي ..هنرجع بابا وليديا ونطرد الكلاب دول من البيت تعالوا نخططلهم سوا بس اقترب الجميع ملتفين حوله هو وأم مينا التي توسطت المشهد معه سريعا مكفكفة دموعها. أثناء اقترابهم استند الحاج حسن على يد مينا :الذي قاطعه يا حاج انت ايدك اللي اتصابت ماشي بتعرج ليه ! الحاج حسن :ايه ده صح أومال أنا مالي مزودها ليه ! و ترك يد مينا وسار مسرعا ملتفا معهم في اجتماع التخطيط الجديد.
الحاج حسن :احنا نبلغ الشرطة ان البيت مسروق و ليديا مخطوفة هي و جثة أبوها ..أدينا عرفنا مكانهم. الشيخ محمد :بس منضمنش لو عملنا كده ممكن يؤذي ليديا والموضوع يتقلب ضدنا برده أسرعت أم مينا :أنا عندي فكرة الشيخ محمد :قولي يا أم مينا أم مينا :تعالى يا مينا انت و عادل (ذهبا ليقفا الى جوارها ثم أكملت كلامها موجها للجميع) اسمعوا الفكرة و نظبطها سوا. أخذوا يتحدثون جميعا حول خطته في أداء حركي ,نرى تحمسهم للفكرة و حركة أفواههم ولا نعلم ما يقال فقد علا صوت الكورال المسرحي مغنيا (من كلمات زهرة المدائن) \" :الغضب الساطع أآت وأنا كلي ايمان .. الغضب الساطع أآت سأمر على الحزان\" ..كررت العبارة الغنائية ثلاث مرات يخططون خلالها لاستعادة البيت والمخطوفين حتى أظلم المشهد. ............................. المشهد الثامن في وسط الصالة وضعت أدريانا كرسيا خشبيا أمام الطاولة الصغيرة ..أجلس يوسف ليديا عليه و أمر أدريانا بربطها. يوسف :ينفع يعني الدوشة و الخضة اللي عملتوهالنا دي ؟ ليديا بانفعال :انت في بيتنا و خاطف بابا و كمان عا.... يوسف :ششششش ..عيب ..عيب تعلي صوتك على عمو جوزيف ..عموما أديكوا معرفتوش تعملوا حاجة و مش هينوبك غير انك يا حرااام هتشوفيني وانا بطلع قلب بتاع باباكي ده من جواه أنا و أدريانا حبيبتي ليديا :انت بتقول ايه يا حيوان انت ..فكني و سيبنا بقولك ضحك يوسف في قهقهة شريرة ثم قال :أدريانا ..محتاجين نظبط المكان تاني و جهزيلي الدوات عشان اتبهدلت في الدوشة اللي حصلت أدريان :حاضر حبيبي
اتجهت أدريانا الى الداخل و ذهب يوسف نحو جثة قدسي بينما تحركت ليديا بعنف محاولة فك الحبل و التحرر من قيودها. نظر يوسف لقدسي :مسيو قدسي ..كده كل حاجة تمام ..الدوات بتجهز و الجمهور بيتفرج (أشار نحو ليديا) و القالب موجود و المقلوب جواك ..هروح الحمام وأآجي (نظر في ساعته ثم أكمل) ..متخافش يادوب هنلحق مش هعطلك ..هاهاهاهاه اتجه الى الحمام بالداخل تاركا ليديا وجثمان أبيها بمفردهما. فتحت درفة الشباك من الخارج فنظرت ليديا نحوه فاذا بمينا يقفز الى الداخل ,فرحت ليديا فأشار لها بالسكوت و أخرج مسدسا واقترب منها. مينا هامسا :قومي بشويش واتحركي معايا. ليديا :هقوم ازاي يا مينا فكني و ركز هتودينا في داهية. مينا :اه صح معلش نسيت. فك قيودها سريعا فداهمته بسؤال :جبت المسدس ده منين؟ مينا :وقع من البت الممرضة دي لما جينا فأخدته وخبيته ..خفت اطلعه ساعتها يشوفني يضربك. ليديا :لا جدع. دار هذا الحوار سريعا حتى فكها وقامت معه. خرجت أدريانا فجأة فأسرع اليها مينا و أمسك بها واضعا المسدس على رأسها كما فعل يوسف بأخته من قبل. مينا :ليديا ,افتحي الباب. أضاء النصف الآخر من المسرح الذي كان مطفأً منذ بداية المشهد لنجد الشيخ محمد والحاج حسن و أم مينا و كارلا بالخارج فيهمون بالدخول فور فتح الباب ويتجهون نحو جثة قدسي فيقفون حوله و معهم ليديا. أمسك مينا بأدريانا و وقف أمامهم ناحية الباب. خرج جوزيف :ها أدريانا عملـ... صدم من دخولهم و من تهديده لدريانا وحيازته للسلاح. مينا :لو عملت أي حاجة هقتلهالك.
مد يوسف يده ليخرج سلاحه هو الآخر فأمسك عادل بيده قادما من خلفه. عادل (بعدما أمسك بيوسف مقيدا حركته) :الوض كمان فيها شبابيك يا نجم ..مش لما تخطف حد تبقى تقفل الشبابيك كويس ..مفاجأة مش كده ! سحب عادل سلاح جوزيف و هدده به هو الآخر كدريانا وتقدم هو و مينا الى الوسط وأجلسا يوسف و أدريانا ظهرا لظهر و اقتربت أختا مينا و زينب ممسكين بالحبل السميك الذي قيدت به ليديا من قبل و شرعا في تقييد يوسف و أدريانا و زيَّن مسامع هذا المشهد الحركي صوت الكورال المسرحي مغنيا (ما هو مستوحى بتصرف من زهرة المدائن) \" :البيت لنا وقدسي لنا ..البيت لنا وقدسي لنا ..وبأيدينا سنعيد أبانا ..قدسي ..بأيدينا لبينا سلام ..بأيدينا لبينا سلام ..بأيدينا لقدسي سلاااااااام \" * اظلام يليه اضاءة * في وسط الصالة يقعد يوسف و أدريانا مربوطان ظهرا لظهر ,جثة قدسي غير موجودة بالصالة ,مينا و عادل يجلسان على الكنبة واضعين رجلا فوق أخرى ,الشيخ محمد أمسك بالكتاب و أم مينا حملت الاطار الحجري المجوف مع احدى بناتها . الشيخ محمد :بقى انتوا عايزين تستغلوا شوية خلاف ما بيننا عشان تسرقونا ! أم مينا :و حتة الحجر ده بقى هو اللي هيخليكوا تحكموا العالم ! الحاج حسن :ايه الهبل ده اللي مصدقه و عايز تطبقه علينا. ليديا :و جاي تسرقنا كده عيني عينك ! يوسف (وقد أشبعوه ضربا) :مشروعي هيكمل غصب عنكم حتى لو مش أنا اللي كملته هييجي ناس غيري من عيلتنا ينفذوه عليكم. زينب :احنا مبنختلفش يا بتاع انت و هي ,احنا حتى لو ظهرنا كده بس وقت الجد كلنا واحد. أدريانا :أنا عايزة امشي هو اللي جابني معاه سيبوني امشيييييييي بليييز. عض يوسف شفته السفلى غاضبا من كلامها . الشيخ محمد :شوف بقى يلا انت و هي ,الكتاب بتاعكوا اللي فرحانين به ده تبلوه و تشربوا مايته ,شوية كلام اهبل أبوكوا المعتوه كتبه و انتوا جايين تقرفونا به ,و أآدي الكتاب اهه ( ثم قطع الكتاب و أعطاه مقطعا لزينب) و أكمل :خدي يا زينب ابقي احرقيه . يوسف :لاااااااااااااااااا.
كارلا :برافو يا عمو برافو ( و تقفز فرحا) عادل موجها كلامه لمينا :تقريبا لازم نفوق كده و نقوم نساعدهم في النـوش ده. مينا :مانا بقول كده برده ,تعالى نكسر الحجر ده. و قاما ليحملا الحجر عن أمه و أخته و أخذاه ليقول عادل :و شايف الحجر بتاعك ده ياض ؟ شايف الحجر ده ؟ شايف الحجر ؟ يوسف :يا عم شايفه والله اخلص بقى. مينا :هناخده نكسرهولك يا حيلتهااااا. وخرجا من الشقة ثم من المشهد كله و معهم الحجر . بينما رفعت أم مينا هاتفها المحمول في مكالمة نراها ولا نسمعها . أدريانا :جوزيف حبيبي. يوسف :حبيبك ! أدريانا :ليه الخطة مكملتش ؟ يوسف :طالما اتفقوا و اتوحدوا موش ينفع معاهم ولا خطط ولا سلاح .تفككهم كان قوتنا ..ملكودت يعني مصيدة ومحدش بيقع فيها غير لو ضعيف و لوحده. أدريانا :ده حتى ولاد مسطولين فاقوا ,و مختلفين اتفقوا ,و كلهم بقوا يساعدوا بعض ,احنا منحوسييين. (قالتها بتفاهتها المعهودة) أم مينا :أنا طلبت البوليس و زمانه على وصول هنسلمكوا و هم يسطفوا معاكوا. نسمع صوت عربة البوليس و ينتهيي المشهد. ................................. المشهد التاسع قام الشيخ محمد و أم مينا من مقعدهم على الكنبة حيث دار نقاشا بينهم و يبدو أنهما وصلا لحل. الشيخ محمد :خلاص أنا و أم مينا وصلنا لحل ,أنا كلمت امام المسجد .
أم مينا :و أنا كلمت أبونا و هم الاتنين ييجوا و اللي يقولوا عليه هنعمله. الحاج حسن :عين العقل ربنا يهديكم. يصل القس و الامام بزي الكنيسة و زي الزهر على الترتيب و يطرقان الباب سويا فتهم زينب بفتحه. الامام :السلام عليكم . القس :ربنا يعزيكم. أم مينا :و عليكم السلام ,شكرا يا أبونا. الشيخ محمد و الحاج حسن :وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته. الامام :أنا و الخ بطرس عرفنا الموضوع منكم و اتناقشنا فيه في الطريق. القس :يا ولادي الشخص عندما يموت يزول بجسده عن الوجود ,قدسي مش هيفرق معاه كلامكم و اختلافكم دلوقتي ,كلنا لما بنموت روحنا بتروح مع البرار في الفردوس أو مع الشرار في الجحيم و بنستنى يوم الدينونة العظيم ,و أخونا قدسي نصلي لربنا يخليه معاه في الفردوس .أآمين. الامام :قال تعالى :ووفيت كل نفس ما عملت و هو أعلم بما يفعلون ,صدق الله العظيم ,فربنا يعلم ما في قلب الستاذ قدسي ان كان مسلما زي ما أخونا الشيخ محمد بيقول أو كان مسيحيا ,احنا مش هنتضر , ربنا قال :لا يضركم من ضل اذا اهتديتم ,فلا انتوا هيفرق معاكوا كان دينه ايه ولا انتوا هتتأذوا بحاجة , لكن الخلاف اللي بينكم ده هو اللي هيضركم. الحاج حسن :يبقي يعملوا ايه دلوقتي بقى يدفنوه فين و يغسلوه ازاي ؟ القس :شوفوا موضوع الغسل ده مش مشكلة كده كده هنطهره و لو اختلافنا على الطريقة أو الترتيب فمش مشكلة. الامام :و بالنسبة لموضوع الكفن ,الخ بطرس قال مش فارق نوع القماش ولا شكله طالما احنا الاتنين بنكفن و بنعطر الجثمان و الكفن فهنكفنه بكفننا و انتوا عطروه. أم مينا :طب و الدفن بقى يا أبونا هيبقى عندنا ولا هنتهاون في دي كمان ! القس :احنا مبنتهاونش احنا بنحل الموضوع و احنا الاتنين بنقدم شوية تنازلات بسيطة يا أم مينا. أم مينا :أنا أآسفة يا ابونا سامحني.
الامام :بصوا بالنسبة للصلاة الول كده ,فاحنا اتفقنا ان احنا الاتنين هنتنازل و بما ان الظرف ده غريب فعشان نحل المشكلة هنصلي عليه احنا الاتنين في أي مكان برة الجامع وبرة الكنيسة. أم مينا :يعني ايه نصلي برة الكنيسة ,ازاي يعني ! القس :قلنا بنحاول نحل الموقف و مش عايزين الخلاف ما بيننا يزيد يا أم مينا. تأففت أم مينا و لكنها أظهرت الموافقة و الرضا. أكمل القس :بالنسبة للدفن احنا مقابرنا و مقابر المسلمين جنب بعض اصلا و فاصلهم مسافة بسيطة و سورين ,احنا هنعمل لقدسي قبر لوحده بين السورين و كده نبقى لا زعلنا ولا زعلناكم .ده اتفاقي أنا و الشيخ فاقبلوا به و منختلفش و المجد لله في العالي وعلى الرض السلام وبالناس المسرة. الجميع :خلاص موافقين. ................................... المشهد العاشر تجمع الجميع فوق السطح ,و النعش أمامهم ,أخذ المسلمون الربعة يصلون خلف الامام صلاة الجنازة في أداء حركي و أمسك المسيحيون الربعة بالشموع المضاءة و بجانبهم القس يتمتم بشفتيه و يرسم صلبانا في الهواء بذلك الصليب الذي في يده و نسمع صوت ترانيم حزينة و تكبيرات الجنازة في تداخل بأسلوب الفويس أوفر لهذا المشهد . و ينتهيي المشهد مع انتهاء صلاة الجنازة فيدعو له الشيخ محمد بالرحمة ليقول الجميع معا \"أآمين\" . ...................................... المشهد الحادي عشر في الشقة وصل الجميع عدا الامام و القس و جلسوا منهم من على الكراسي و أآخرون على الرض و أخذوا يتنفسون الصعداء. ثم قال الشيخ محمد :يا أم مينا أنا مش عايزك تكوني زعلانة بس دي كانت وصية أخويا سواء مصدقاني أو لا. أم مينا :و أنا خلاص مش فارق معايا زي ما أبونا قال ,المهم نصليله ,و انتوا كمان متزعلوش ,متزعليش يا زينب .و همت بالقيام و احتضان زينب. يسمع الجميع صوت ضجيج من الخارج فيذهب مينا للنظر من شباك فيقولون له :ايه خير
فيجيبهم :ده خناقة أهلاوية و زملكاوية. ضحك الجميع في سخرية. الشيخ محمد :هو أي اتنين يختلفوا على حاجة هيمسكوا في بعض ! ييجوا يشوفونا و يتعلموا ,مش كده يا أم مينا ولا ايه. أم مينا :طبعا يا محمد. يدخل يوسف و أدريانا و فحمة الى الطابق خارج الشقة و يتسحبان حتى يقتربوا من باب الشقة و يقتربون بأآذانهم للاستماع لما يدور بالداخل. يوسف :شكرا يا فحمة على مساعدتك لنا ,لولا الخبار اللي كنت بتبلغنا بها مكناش هنعرف نقرب منهم أوي كده (ويناول فحمة رزمة من الموال) فحمة (بينما يعد الموال في نهم) :شكرا على ايه يا جوزيف باشااا ده انت تؤمر بس انت و فلوسك أدريانا :بس احنا منجحناش خبيبي يوسف :ولو منجحناش المرة دي ننجح بعدين و فحمة لسه معانا و وسطهم ,مش كده يا فحمة ! فحمة :طبعا يا سعادة البيييه (مشيرا بالمال الذي في يده) ده أنا بحبكم أوي (مقتربا من أدريانا و ناظرا لها في شهوة) يوسف :طب يلا بقى طير انت و لما هعوزك هكلمك يا صاخبي يخرج فحمة و يترك يوسف و أدريانا على الجانب الخارجي لباب الشقة طلب الحاج حسن من الشيخ محمد أن يقوم و أخذه جانبا بالقرب من الباب و قال له :عايز اقولك و أنا بدفن معاهم خليت قدسي في اتجاه القبلة و نيمته على جنبه اليمين منغير ما اخليهم يركزوا أنا بعمل ايه. الشيخ محمد :طب ليه كده بس ,كده مخناش الاتفاق ؟ ,بس مش مشكلة اهه كده احسن برده ربنا يباركلك. عادا الى مقاعدهم مرة أخرى ثم طلبت ليديا من أمها أن تحدثها بشيء جانبا فقاما نحو الباب أيضا. ليديا :و هم بيدفنوا بابا أنا قربت منهم في الآخر و حطيت السلسلة اللي كان فيها صليب على بابا منغير ما ياخدوا بالهم .
أم مينا :جدعة أهه بدل ما نبقى معملناش حاجة خالص زي ما أبونا قالهم. و عادا الى مجلسهم. الشيخ محمد :أهه كده الحمد لله بيتنا رجعلنا و قدسي ارتاح في تربته ..أي حاجة تعوزوها يا ولاد قولولي أنا عمكم ومعاكم هنا مكان بابا. أم مينا :معاهم هنا فين يا محمد ..وايه بيتنا دي ؟ الشيخ محمد :جرى ايه يا أم مينا هترجعي تقفيلي عالكلمة تاني ؟ ..ما هو بيت قدسي بيتنا كلنا و عياله في مقام عيالي زي ما هم ولادك. أم مينا :أيوة بس مفهمتش كلامك و معاكم هنا دي. الحاج حسن :يقصد معاهم في الدنيا يا أم مينا و بعدين ما هو برده حقه ييجي ويقعد معاهم ويشوفكم هو مش عم العيال ولا ايه؟ أم مينا :أنا قلت هنخلص الموضوع وكل واحد يروح من طريقه. كارلا و عادل معا :كل واحد من طريق ازاي يعني ! تداخلت الصوات وارتفعت في نقاش وصخب غير واضح. يستمر هذا النقاش في التزايد ولكن في حركة فقط دون أن ننصت لصوتهم فقد التفتت أآذاننا الى جانب المسرح الآخر حين رفع يوسف المتجسس نفسه و اعتدل واقفا و قال :شفتي أدريانا ,أهم خانوا بعض و هيختلفوا تاني و ننفذ خطتنا. أدريانا :حتى لو اختلفوا هيتصالحوا و مفيش حجر خلاص خطتك مش هتكمل ,باي باي خبيبي , ملكودت بتاعتك طلعت فشنك ( .و تتركه و ترحل بينما يرتفع صوت نقاش من بداخل الشقة و يقفل الس تار) تمت
Search
Read the Text Version
- 1 - 24
Pages: