المملكة العربية السعودية جامعة أم القرى الكلية الجامعية بالليث قسم الخدمة الاجتماعية واجب الوحدات الكبرى رهف عايد الزهراني
ماهية الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية مع الوحدات الكبرى: صممت الممارسة مع الوحدات الكبرى لتوجيه التدخل المهني للاهتمام بالتغيير المخطط في المنظمات المجتمعات والممارسة مع الوحدات الكبرى مثل كل الممارسات الاخرى للخدمة الاجتماعية فهي تتم في إطار اساسيات نظرية وتساهم أيضا في نمو وتنمية نظرية جديدة. وتعتمد الممارسة مع الوحدات الكبرى على نماذج مهنية متعددة ،وتعمل من خلال قيم وأخلاقيات مهنة الخدمة الاجتماعية وقواعدها. وترتبط أنشطة العمل مع الوحدات الكبرى بصفة خاصة بالمنظمات والمجتمعات ومجالات السياسة الاجتماعية وفي العالم اليوم ،نادرا ما تقتصر الممارسة مع الوحدات الكبرى على مهنة واحدة ،فهي تتضمن تفاعل عدة مهن ومهارات مختلفة. وتتجه أنشطة الوحدات الكبرى نحو التدخلات الفردية وفي الغالب تعتمد على الاحتياجات والمشكلات والقضايا وتهتم بتحديد والتعرف على برامج العمل واحدة بواحدة للعمل مع العملاء. وتوجد اساليب مختلفة للتعريف بمجالات الممارسة التي تتم على مستوى الوحدات الكبرى وقد حدد روثمان ،وتروبمان ثلاث مجالات للتدخل على مستوى الوحدات الكبرى وهما: )1المجتمعات )2المنظمات )3الجماعات الصغيرة وتعرف الجماعات الصغيرة في هذا الإطار على انها: \" تجمع حقيقي ملموس من الناس الذين يستطيعون مناقشة الاحداث الشخصية والعمل معا وذلك من خلال ارتباطهم بمنظمة او هيئة وغالبا ما تكون الجماعات الصغيرة مركزا او محورا تدور حوله استراتيجيات التغير.
او يتم من خلاله التغير في جميع المنظمات والمجتمعات فهي أكثر تصورا وفهما وتعد وسط للتغير أكثر من التركيز على التغير. وبالرجوع إلى الأدبيات التي تناولت موضوع الوحدات الكبرى نجد ان جزء منها ألقى الضوء على محتوى السياسة الاجتماعية عند القيام بالتدخل المهني مع الوحدات الكبرى. وقد ركزت هذه الكتابات على المجالات التنظيمية وعلى دراسة المجتمع وأهمية التعمق في دراسة وتحليل المنظمة والمجتمع. وذلك لأنه من الامر الجوهري في تحقيق التغير في الوحدات الكبرى الفهـم والدراسـة والتحليـل للقيم والأيديولوجيات والتأثير المحلي والمكانـة والسياسات القومية. ويری ليرسون وهيبورث ان الممارسة مع الوحدات الكبرى تتعلق بعمليات التخطيط الاجتماعي وأساليب تنظيم المجتمع ،وفي هذا الإطار فإن الاخصائيين الاجتماعيين يعملون وسطاء للتغير من أجل مساعدة الانساق المختلفة التي تتكون من الافراد والجماعات والمؤسسات في حل المشكلات وتحقيق التغير. ويقدم هارد كاستل ،ونكور ،باورز ،مجموعة من المسلمات التي تشكل القاعدة النظرية لمفاهيم الممارسة مع الوحدات الكبرى والتي يجب ان يلتزم بـهـا الممارسين في عملهم مع المجتمعات والمنظمات لتحقيق التغير المخطط. المسلمات التي تشكل القاعدة النظرية لمفاهيم الممارسة مع الوحدات الكبرى: )1يوجـد لـدى البشـر جميعـا المقـدرة علـى التحسـن والتطـور لذلك يقوم عمل المنظم الاجتماعي مع المجتمعات المحلية على الإيمان بأن الافـراد قابلون للتعديل بشكل إيجابي ،ونظرا لأنه لـدى الاخصائيين الاجتماعيين خبرات اساسية في مجال الاتصال والتفاعل البيئي فإن هذه الخبرات تعتبر قاعدة عملية نحو التدخل مع المجتمع. )2إن حياة افراد المجتمع تتفاعل بشكل مستمر مع البيئة الاجتماعية ونظرا لأن البيئة الاجتماعية والمكانية يؤثران على الافراد وسلوكهم ووفقا
للمنظور البيئي والايكولوجي ،فإن السلوك الانساني يتعلـق بالجوانب الاجتماعية والنفسية التي تنطوي على التفاعل والارتباط بالبيئة والاهتمام بالتمكين. ومـن هنـا كـان لزاما على المنظم الاجتماعي (الموجـه للتغيـر) عنـد التعامل الظروف والمشكلات التي يعاني منهـا افـراد المجتمع ان يتنبه لتأثيرات البيئة الخارجية بالإضافة إلى الطاقات والقدرات الخاصة بالمجتمع. )3يمـارس الاخصائيون الاجتماعيون اعمـالـهم مـن خـلال منـا وسياسات وخطط يتم وضعها بواسطة المؤسسات الموجودة في مجال الرعاية الاجتماعية او في مجال الرعاية الاجتماعية او مجال المنظمات والأجهزة التخطيطية. )4يساعد العمل على تدعيم وتقوية المجتمع على حل مشكلاته كلما زاد تركيز الأخصائيين الاجتماعيين على بناء وتدعيم المجتمع وزيادة قدرات الجماعات والافراد في الحصول على الموارد والإمكانيات اللازمة. فـإن ذلـك يـؤدي بالضرورة إلى تحقيـق أهـداف التغيير المخطط ويتطلب هذا من الاخصائيين الاجتماعيين عند العمل مع المجتمع إعداد برامج مخططة وتعاونية وملموسة مثل البرامج والخدمات التي يقدمونها للأفراد والأسر. )5يعتبر المجتمع المحلي هو القاعدة المحورية التي توضح الارتباط بين التوجهات الذاتية والتوجهات القومية :فالأنشطة المجتمعية مثل الاصلاحات الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والاعمال الخيرية يمكن تفهمهـا مـن خـلال الجوانب المجتمعيـة التـي تـؤثر على المجتمع. ويتطلب ذلك الاهتمام بالمجتمع الأكبر في إطار السعي لتطـويـر المجتمعات المحليـة ،لان هذا يدعم عملنـا لتمكين ودعـم الفئـات الضعيفة والعمل على تقوية المجتمعات. )6يسهم تفهم المجتمع العالمي ودراسته في تقوية المجتمعات المحلية ويتطلب ذلك فهم طبيعة هذه التغيرات وكيفية التعامل معها ،والمشكلات
الناتجة عنها وربط الأفراد ببعضهم البعض والذين يعانون من نفس المشكلة ويشتركون في الاهتمامات والتوقعات. )7تتعدد أساليب التدخل المهني واستراتيجياته انطلاقا من تعددية اسباب المشكلة (كل مشكلة لها أسباب متعددة) ويتفق ذلك مع القاعدة التي تقول بان هناك طرقا كثيرة لتحقيق التأثير واستخدام استراتيجيات عديدة لتحقيق التغيير من خلال منظومة العلاقات المتاحة والتي نقوم العملاء بتنميتها مع العملاء والممارسين وأفراد المجتمع. ان العمل مع الوحدات الكبرى يتعلق بالتدخل المهني الذي ينظم ويخطط من أجل إحداث التغيير المقصود في المجتمعات والمنظمات. ويتطلب ذلك من المنظم الاجتماعي الممارس المهني ان تتوفر لديه المهارات التي ترتبط بتنظيم المجتمع والتنمية والادارة الاجتماعية والتخطيط الاجتماعي والتي يتم ترجمتها إلى أنشطة اجتماعية محددة. ويعتمد العمل مع المجتمعات والمنظمات كوحدات كبرى في إطار تنظيم المجتمع على المحاور التالية: -1توجد مشكلات لا يمكن حلها إلا عن طريق التأثير على المؤسسات والسياسات الاجتماعية -2يؤثر حل مشكلات المنظمات والمجتمعات بالضرورة علـى حيـاة الأفراد والأسر في المجتمع -3يؤدي العمل مع المجتمع والمنظمة إلى تغييرات تؤثر على قطاعات كبيرة من الافراد وتحسن نوعية حياتهم ،مما يؤدي إلى تشجيع كافة الأنساق على المشاركة الإيجابية والتعاون والمساهمة -4يتطلب التدخل مع المجتمعات والمنظمات كوحدات كبرى تفهم كافي وعميق لظروف المجتمع وخصائصه الثقافية والتاريخية وطبيعة المشكلات التي تعاني منها المجتمعات والمنظمات -5يتطلب تحقيق التغيير على مستوى الوحدات الكبرى تشجيع كافة الأنساق على تفهم المشكلة وتولد الرغبة لديهم في التغيير والإحساس بضرورة هذا التغيير في تحسين نوعية حياة الوحدات الكبرى.
وترا جي هول وكيرت اشمان ان العمل مع المنظمـة يتطلب اكتساب الاخصائي الاجتماعي لمجموعـة مـن المعـارف والمهارات والقيم التـي تساعده علـى حـل المشكلات واحـداث التغيير المطلوب. ويرتبط ذلك بضرورة تفهم الاخصائي الاجتماعي لطبيعة البنـاء الهيكلي للمنظمة والمجتمع والتمرس على مهارات التخطيط وتنفيذ البرامج وإعداد وتنفيذ المشروعات داخل المنظمة وفي إطار المجتمع. كيف يتم التدخل المهني للعمل مع الوحدات الكبرى: يقوم الممارس المهني للخدمة الاجتماعية بتحديد ودراسة الحاجة إلى التغيير وذلك بالتعرف على الاحتياجات والمشكلات وتحليلها واقتراح الحلول المناسبة لها. وعندما يتعامل الممارس المهني مع المشكلة أو موقف التغير او الحاجة سواء كانت مرتبطة بجماعة من المواطنين او سكان الجيرة وأهمية الإعلان عنها وخاصة إذا ارتبطت بتطوير الخدمات المقدمة للعملاء. وينبع مجتمع المشكلات الذي يتم التعامل معه ويحتاج إلى تغيير من اتجاهات متعددة لسكان المجتمع نحو هذه المشكلات او الاحتياجات او الخدمات التي تقدمها المنظمات. وعندما توجد بعض المشكلات يجب ان يقوم الاخصائي الاجتماعي بالتعرف على فرص التغيير ،ووظائف التغيير في البيئة المحيطة والتي لا نستطيع تجاهلها. حيث يوجد تداخل بين المشكلة والسكان والمنطقة (المجال الذي توجد فيه المشكلة) او المجتمعات والمنظمات.
وتتطلب الممارسة الفعالة للخدمة الاجتماعيـة الفهم الكامل لكـل هـذه الوحدات الكبرى للعمل معها وتحقيق المساعدة المطلوبة. على سبيل المثال - :إذا تبين في داخل المجتمع وجود مشكلة إدمان مخدرات او خمور يجب على الاخصائي الاجتماعي فـهـم كـل مـن الظـاهرة (إدمان الخمور) وخلفيات الأفراد المدمنين ومناطق وجود هذه المشكلة والعمل معها ،وفهم المنظمات الموجودة في المجتمع والتي يمكن ان تتعامل مع هذه المشكلة. ويتوقف نجاح الممارس المهني في عمله مع هذه المشكلة على مدى فهمـه وتحليلـه للأبعـاد الثلاثة الأساسية (السكان /المشكلة /المجـال المنظمة والبيئة). ويساعد هذا الفهم على فعالية الممارسة على مستوى الوحدات الكبرى وتحقيق أهداف التغيير المخطط والتدخل المهني مع هذه الوحدات. وعندما يعمـل الاخصائي الاجتماعي مع هذه الأنساق فإنـه يحقـق مستويات من الفهم لكل من: )1المفاهيم والقضايا الأساسية المرتبطة بمشكلة إدمان الخمور )2الكبار الذين يعانون من المشكلة )3المجتمع المحلي الذي توجد به المشكلة )4السكان الذين تأثروا بالمشكلة )5مشكلة الإدمان وكيف تم الإعلان عنها في المجتمع المحلي. )6كيف تم الإعلان عن حاجات الكبار في المجتمع المحلي والذين | الأشياء في يعانون من المشكلة )7المنظمات التي تتعامل مع المشكلة وهنا يدرك الاخصائي الاجتماعي أهمية البيئة كجزء من التغيير المخطط وذلك في ضوء الدوائر الثلاثة السابقة (السكان /المشكلة /المنظمة والبيئة) والتي تعبر عن ثلاث نقاط ومحاور يجب الاهتمام بها.
ويقودنا هذا إلى عرض مفهوم ممارسة الخدمة الاجتماعية في إطار مستويات العمل مع الوحدات الكبرى والصغرى. ما هي ممارسة الخدمة الاجتماعية- : الخدمة الاجتماعية هي مهنة توجه نحو العمل على التغيير فالممارسين الذين يمارسون الخدمة الاجتماعية يلزمون أنفسهم بتقديم الخدمة كمصدر ومورد لأولئك الذين يعانون من المشكلات او قصـور فـي الاحتياجات. فالفقراء والسكان المعرضين للمشكلات غالبا ما تكون مدركاتهم نحو المشكلات التي يعانون منها محدودة ولا يستطيعون ضبط او التحكم او تحديد التغيرات التي يحتاجون غليها لحل مشكلاتهم او مواجهة احتياجاتهم. وعندما يتقدم هؤلاء العملاء ذوي المشكلات او الاحتياجات لإحـدى المنظمات لقبول المساعدة فإن تدخل الخدمة الاجتماعية في ذلك الوقت يكون العمل مناسبا. وتتعدد مصادر وأنواع وأشكال وأنماط المشكلات والاحتياجات. البعض منها شخصي أو مشكلات أسرية يمكن حلها من خلال الفرد أو الإطار الأسري ،والأخرى تستطيع ان نتعامل معها من خلال تغيير بعض الأشياء في الجيرة او المنظمة. أي ان هناك مستويات متعددة لتقديم المساعدة والممارسة مع الوحدات (الصغرى ،الوسطى ،الكبرى). ان طبيعة تخصص الأخصائيين الاجتماعيين يقودهم إلى الاهتمام بالتغيرات المباشرة مع العملاء ،والعمل دائما مع الأفراد واحدا وفردا او مع الأسر او الجماعات الصغيرة. ويركز بعض الممارسين على مشكلات المجتمع ويعمـا أخرون في مجالات التخطيط والإدارة ،وإدارة المنظمات. وعلى الرغم من وجود بعض المشكلات التي نستطيع حلها على مستوى الفرد وأخرى على مستوى الأسرة وأخرى تتطلب التدخل للقيام بعمليات واسعة تتطلب التأثير على التغيرات في المنظمات والمجتمعات وهذا
التركيز الواسع على مجالات التغير يعد واحدا من العوامل التي تجعل الخدمة الاجتماعية متميزة بين المهن المساعدة. عندما يكون مجال التغير محدود فقط بطريقة واحدة ولتكن خدمة الفرد للعمل مع الأفراد والأسر ،فإن هذا المفهوم يعد قديم وتقليدي. وذلك لأن العوامل المسببة للمشكلة والمرتبطة بها متعددة المصادر ،كما انها ترتبط بالبيئة والموارد والإمكانيات والأنساق الأخرى. ان تحليل المشكلات المرتبطة بكل من المنظمات والمجتمعات يقدم لنا تفسيرا للعوامل المسببة للمشكلات والتي يمكن التعرف عليهـا مـن خـلال السياسات او في الممارسـة مـع الوحدات الكبرى (المجتمعات وأنظمتهـا ومؤسساتها المختلفة). فقد ترجع المشكلة إلى خلل في المنظمة او في السياسات الاجتماعية او في الموارد ...الخ على سبيل المثال :يمكن ان تفشل المنظمة في تقديم الخدمات طبقا للاحتياجات المرتبطة بها. او يمكن ان تزود متميزة. فالتدخل على المستوى التنظيمي او مستوى المجتمع يشار إليه على انه تغيير على مستوى كبير. وان إدارة التغيير على مستوى الوحدات الكبرى يتطلب اهتمام جيد بالمعارف العلميـة والمهارات المهنيـة فـالإدارة الضعيفة واتخاذ القرارات الناقصة في عمليات التغيير يمكن ان ينتج عنها عوائق خطيرة ،وأحيانا تؤدي إلى نتائج سلبية تؤثر على الأفراد الذين يحتاجون إليها. ومن الوجهـة الأخـرى فـإن بعض التغيرات الإيجابية فـي المنظمات والمجتمعات تشكل أوركسترا منظمـة يقـوم بـهـا الاخصائيون الاجتماعيون والمخططون بعناية ويتحملون القيام بعمليات التغيير. ويلاحظ عند العمل مع العملاء كأفراد يطلبون المساعدة لحل مشكلاتهم فإننا نجد ان هذه المشكلات الفردية مع الوقت تتحول إلى مستوى مشكلات
كبرى وذلك لارتباطها بالعديد من العوامل الموجودة في الأنساق والتي تحتاج إلى التغيير المخطط.
Search
Read the Text Version
- 1 - 10
Pages: