Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore ملهمات

ملهمات

Published by Mahmoud AbuHamada, 2022-07-24 16:34:23

Description: ملهمات

Search

Read the Text Version

‫المقدمة‬ ‫هـذا النـص هـو مثـال لنـص يمكـن أن يسـتبدل فـي نفـس المسـاحة‪ ،‬لقـد تـم توليـد هـذا النـص مـن مولـد‬ ‫النـص العربـى‪ ،‬حيـث يمكنـك أن تولـد مثـل هـذا النـص أو العديـد مـن النصـوص الأخـرى إضافـة إلـى زيـادة‬ ‫عـدد الحـروف التـى يولدهـا التطبيـق‪.‬‬ ‫إذا كنـت تحتـاج إلـى عـدد أكبـر مـن الفقـرات يتيـح لـك مولـد النـص العربـى زيـادة عـدد الفقـرات كمـا‬ ‫تريـد‪ ،‬النـص لـن يبـدو مقسـما ولا يحـوي أخطـاء لغويـة‪ ،‬مولـد النـص العربـى مفيـد لمصممـي المواقـع‬ ‫علـى وجـه الخصـوص‪ ،‬حيـث يحتـاج العميـل فـى كثيـر مـن الأحيـان أن يطلـع علـى صـورة حقيقيـة لتصميـم‬ ‫الموقـع‪.‬‬ ‫ومـن هنـا وجـب علـى المصمـم أن يضـع نصوصـا مؤقتة علـى التصميم ليظهر للعميل الشـكل كاملًا‪،‬دور‬ ‫مولـد النـص العربـى أن يوفـر علـى المصمـم عنـاء البحـث عـن نـص بديـل لا علاقـة لـه بالموضـوع الـذى‬ ‫يتحـدث عنـه التصميـم فيظهـر بشـكل لا يليـق‪.‬‬ ‫هـذا النـص يمكـن أن يتـم تركيبـه علـى أي تصميـم دون مشـكلة فلـن يبـدو وكأنـه نـص منسـوخ‪ ،‬غيـر‬ ‫منظـم‪ ،‬غيـر منسـق‪ ،‬أو حتـى غيـر مفهـوم‪ .‬لأنـه مـازال نصـ ًا بديـ ًا ومؤقتـ ًا‪.‬‬ ‫ومـن هنـا وجـب علـى المصمـم أن يضـع نصوصـا مؤقتة علـى التصميم ليظهر للعميل الشـكل كاملًا‪،‬دور‬ ‫مولـد النـص العربـى أن يوفـر علـى المصمـم عنـاء البحـث عـن نـص بديـل لا علاقـة لـه بالموضـوع الـذى‬ ‫يتحـدث عنـه التصميـم فيظهـر بشـكل لا يليـق‪.‬‬ ‫هـذا النـص يمكـن أن يتـم تركيبـه علـى أي تصميـم دون مشـكلة فلـن يبـدو وكأنـه نـص منسـوخ‪ ،‬غيـر‬ ‫منظـم‪ ،‬غيـر منسـق‪ ،‬أو حتـى غيـر مفهـوم‪ .‬لأنـه مـازال نصـ ًا بديـ ًا ومؤقتـ ًا‪.‬‬ ‫جمعية عايشة‬

‫‪2‬‬ ‫حنان ومشوار العودة إلى الحياة‬ ‫لـــم تكـــن تـــدرك حنـــان ‪ 26‬عامـــ ًا والأم‬ ‫لثـــاث أطفـــال‪ ،‬أن الحيـــاة الزوجيـــة لـــن‬ ‫تكــون كمــا كانــت تتخيلهــا بأحلامهــا‪ ،‬فلــم‬ ‫تعيـش فـي بيـت يسـكن بيـن جدرانـه الحـب‬ ‫والمـودة والرحمـة كمـا كانـت تعيـش فـي‬ ‫منــزل والدهــا‪ ،‬ولــم تكــن أشــعة الشــمس‬ ‫المتســـربة لغـــرف أطفالهـــا بمثابـــة بريـــق‬ ‫الأمـــل اليومـــي لهـــم‪ ،‬خاصـــة وأنهـــا باتـــت‬ ‫تخـاف مـن شـروقها لأنهـا أصبحـت تخبرهـا‬ ‫بـأن يومـ ًا جديـد ًا سـينطلق وسـتدخل فيـه‬ ‫بدوامـة مـن العنـف الجسـدي مـن زوجهـا‪.‬‬ ‫وتبــدو حنــان دائمــا شــديدة الخــوف علــى‬ ‫أطفالهــا التــي تعلــق قلبهــا فيهــم وباتــوا‬ ‫مصــدر الصبــر علــى مــا تتعــرض لهــا يوميــ ًا‬ ‫مـن عنـف بـكل أشـكاله‪ ،‬وتقـول‪\" :‬لا أعـرف‬ ‫كيـــف مـــر الوقـــت فمنـــذ أن تزوجـــت وأنـــا‬ ‫أعيـش ظروفـ ًا غايـة فـي الصعوبـة تعرضـت‬ ‫فيهـــا لكافـــة أشـــكال العنـــف وأكثرهـــا‬ ‫الجســـدي‪ ،‬وفـــي بعـــض الأوقـــات كنـــت‬ ‫أفقــد القــدرة علــى الســير نتيجــة الكســور‬ ‫فـي قدمـي جـراء الاعتـداءات مـن زوجـي\"‪.‬‬ ‫ولا تذكـــر حنـــان التـــي مـــر علـــى زوجهـــا‬ ‫تســعة ســنوات أن يومــ ًا عاشــت فيــه ولــو‬

‫‪3‬‬ ‫جــزء بســيط مــن أحلامهــا الورديــة‪ ،‬والتــي تحولــت لكوابيــس مزعجــة ومؤلمــة فباتــت تتخيــل زوجهــا‬ ‫يضربهــا فــي المنــام أصحبــت تشــعر بالخــوف الشــديد واليقظــة المســتمرة وتتخيــل زوجهــا فــي كل‬ ‫مــكان حتــى أنهــا فقــدت القــدرة علــى الشــعور بالأمــان معــه حيــث كان يعانــي مــن مــرض نفســي‬ ‫إضافـة إلـى أنـه عاطـل عـن العمـل منـذ زواجهمـا ولـم تجـد مـن يدعمهـا فـي الضغـط عليـه مـن أجـل‬ ‫التوجـه لتلقـي العـاج فـي العيـادات المتخصصـة والسـعي لتوفيـر المسـاعدة لـه فـي الوقـت الـذي‬ ‫اتهمهــا أهلــه بأنهــا تســعى للنيــل منــه وأنهــا تســتحق كل مــا يفعلــه بهــا‪.‬‬ ‫كل ذلـك العنـف اليومـي الـذي كانـت تعيشـه حنـان وأطفالهـا كان مصحـوب بظـروف حياتيـة صعبـة‬ ‫للغايـة لـم تكـن تتمتـع بـأي مـن حقوقهـا‪ ،‬خاصـة وأنـه كانـت تعيـش ظروفـ ًا غيـر إنسـانية وبـدون أي‬ ‫مــن مقومــات الحيــاة الطبيعيــة الأمــر الــذي جعلهــا تفكــر فــي كيفيــة التخلــص مــن كل هــذه الحيــاة‬ ‫التــي وصفتهــا بالقــول \"إنهــا حيــاة مزريــة كلهــا ألــم ووجــع وخــوف ورعــب\"‪ ،‬الأمــر الــذي دفعهــا بعــد‬ ‫تشـجيع أمهـا فـي التواصـل مـع جمعيـة عايشـة لحمايـة المـرأة والطفـل بهـدف طلـب المسـاعدة فـي‬ ‫التغلـب علـى تلـك الظـروف‪.‬‬ ‫وانطلــق مشــوار عــودة حنــان للحيــاة منــذ لحظــة وصولهــا لجمعيــة عايشــة بصحبــة والدتهــا‪ ،‬حيــث‬ ‫وصلـــت معنقـــة جســـدي ًا بشـــكل كبيـــر وجـــرى تحويلهـــا إلـــى المستشـــفى أولًا لتلقـــي العـــاج الـــازم‬ ‫والحصـول علـى تقريـر طبـي يدعـم حصولهـا علـى حقوقهـا القانونيـة ومـن ثـم إلـى العيـادة النفسـية‬ ‫وتقديـم الرعايـة الصحيـة اللازمـة لهـا عبـر عـدة لقـاءات بشـكل منظـم‪ ،‬وتبيـن أنهـا تعانـي مـن اضطـراب‬ ‫مـا بعـد الصدمـة‪.‬‬ ‫وباشــر فريــق متخصــص مــن جمعيــة عايشــة فــي تقديــم الدعــم النفســي لهــا بالتزامــن مــع إجــراءات‬ ‫الحمايــة اللازمــة ووضعــت لهــا خطــة أمــان وبرنامــج جلســات دوريــة ضمــن الخطــة العلاجيــة حســب‬ ‫بروتوكـــول علاجـــي لاضطـــراب مـــا بعـــد الصدمـــة‪ ،‬وبـــدأت حنـــان تتحســـن تدريجيـــ ًا بعـــد سلســـلة مـــن‬ ‫الإجــراءات الطبيــة ضمــن عمــل إدارة الحالــة‪.‬‬ ‫وبــدأت علامــات الاستشــفاء تظهــر علــى حنــان التــي تغييــر ســلوكها مــن ســيدة فاقــد للأمــل إلــى‬ ‫ســـيدة تحـــاول أن تعـــود للحيـــاة مـــن أجـــل أطفالهـــا وتحـــول تفكيرهـــا تدريجـــ ًا بشـــكل إيجابـــي وباتـــت‬ ‫أكثــر تفاعــ ًا مــع محيطهــا‪ ،‬خاصــة بعدمــا جــرى دمجهــا فــي ورشــات التوعيــة التــي حســنت مســتوى‬

‫‪4‬‬ ‫معرفتهــا فــي حقوقهــا المكفولــة فــي القوانيــن المحليــة والدوليــة‪.‬‬ ‫وبعــد اســتكمال بروتوكــول العــاج‪ ،‬وانتهــاء الجلســات النفســية التــي أظهــرت تحســن جعلهــا تشــعر‬ ‫بالراحــة والأمــان‪.‬‬ ‫انتقلـت لتشـاور مـع المختصيـن فـي العيـادة القانونيـة لجمعيـة عايشـة مـن أجـل ضمـن حصولهـا علـى‬ ‫كافــة حقوقهــا واســتطاعت أن تقنــع الــزوج مــن خــال جلســات العــاج الأســري بالتوجــه إلــى عيــادة‬ ‫برنامـج غـزة للصحـة النفسـية لتلقـي العـاج وأصبـح حسـب تعبيرهـا \"رجـ ًا آخـر\"‪.‬‬ ‫وتقـول حنـان‪\" :‬لـم أعـد اليـوم فاقـدة للأمـل خاصـة بعـد رحلتـي العلاجيـة أصبحـت أكثـر تمسـك ًا بالحيـاة‬ ‫وبـات لـدي هـدف فـي حياتـي واعتقـد أن مشـاركتي معكـم لقصتـي جـزء مـن هدفـي بـأن الحيـاة لا‬ ‫يمكـن أن تتوقـف وأننـا كنسـاء يجـب أن نـدرك أن حقوقنـا لا يمكـن التخلـي عنهـا وأن الحيـاة الكريمـة‬ ‫يجـب انتزاعهـا انتـزاع وأن أطفالنـا مـن حقهـم العيـش فـي بيئـة سـليمة خاليـة مـن أي أشـكال العنـف\"‪.‬‬ ‫وتختـم حنـان حديثهـا برسـالة تؤكـد فيهـا أنهـا سـتكون ُملهمـة لأطفالهـا وأنهـا لـن تتخلـي عنهـم وأنهـا‬ ‫اليـوم سـعيدة بخروجهـا مـن دائـرة العنـف الـذي عاشـت فيهـا تسـعة سـنوات وأنهـا سـتعود لتحلـم‬ ‫مــن جديــد فــي حيــاة أفضــل وواقــع أفضــل رغــم أنهــا وصلــت مــن العمــر الأربعيــن‪ ،‬وأنهــا ســتكون‬ ‫مناصــرة لحقــوق المــرأة فــي كل المنابــر وفــي كل الأوقــات‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫الطفولة تزهر من جديد‬ ‫\"انتهــت طفولتــي عنــد تلــك اللحظــة\" بهــذه الكلمــات بــدأت ســلمى ‪ 17‬عامــ ًا بســرد قصتهــا بغصــة‬ ‫ودمـوع مسـتذكر ًة اليـوم الـذي تعاطـت فيـه العقاقيـر المخـدرة فـي عمـر ‪ 9‬أعـوام حيـن أصابهـا فضـول‬ ‫الأطفــال حــول كل مــا هــو جديــد وغريــب‪ ،‬فــأرادت تجربــة العقاقيــر المخــدرة التــي تراهــا تتــداول بيــن‬ ‫اخوتهــا وأولاد عمومهــا‪.‬‬ ‫بـدأت سـلمى بتجربـة العقاقيـر حتـى وصلـت لمرحلـة الإدمـان‪ ،‬ومـع اسـتمرارها بالتعاطـي وقعـت فـي‬ ‫حيـرة بيـن عقلهـا وقلبهـا بيـن الخـوف والرغبـة بيـن أن تعتـرف وتتخلـص ممـا أوقعـت نفسـها فيـه وأن‬ ‫تسـتمر خوفـ ًا مـن الفضيحـة وعواقـب الأمـور‪ ،‬بقيـت علـى هـذا الحـال سـتة أشـهر تـارة تلعـب بألعـاب‬

‫‪6‬‬ ‫الأطفـال وتـارة أخـرى تحبـس نفسـها فـي غرفتهـا لتتنـاول الدخـان وبعـض مـن عقاقيـر المخـدر‪ ،‬ودخلـت‬ ‫فـي حالـة عـدم التركيـز والاكتئـاب والتشـتت أصبحـت المدرسـة مـكان غيـر مرغـوب فيـه بالنسـبة لهـا‪،‬‬ ‫افتعلـت العديـد مـن المشـاكل داخـل المدرسـة أوصلتهـا إلـى مرحلـة الإخطـار بالفصـل‪.‬‬ ‫وجـدت سـلمي أن الحـل \"مـن وجهـة نظرهـا\" للتخلـص مـن ادمانهـا هـو الانتحـار‪ ،‬تقـول سـلمى \" كان‬ ‫يومـي عصيبـ ًا لـم أنـم فـي ليلـة وعندمـا أصبحـت ارتديـت ملابـس المدرسـة وتوجهـت لطريـق اخـر غيـر‬ ‫طريــق مدرســتي لأنهــي حياتــي بعيــدا عــن اعيــن عائلتــي\"‪ ،‬وكانــت هــذه المحاولــة وحــدة مــن عــدة‬ ‫محــاولات أخــرى‪.‬‬ ‫وفـي واحـدة مـن المحـاولات نجـح الأطبـاء ومـن إعادتهـا إلـى الحيـاة بعدمـا تناولـت كميـة كبيـرة مـن‬ ‫سـم الفئـران‪ ،‬الأمـر الـذي دفـع إدارة المستشـفى للتواصـل مـع جمعيـة عايشـة لحمايـة المـرأة والطفـل‬ ‫مـن أجـل التدخـل وتقديـم لهـا الدعـم النفسـي والعلاجـي‪ ،‬حيـث بـدأت العيـادة النفسـية فـي الجمعيـة‬ ‫بالعـاج الدوائـي لهـا‪.‬‬ ‫ومـع الوقـت وظهـور علامـات العافـي جـري دمـج سـلمي فـي جلسـات الدعـم النفسـي والرعايـة الذاتية‬ ‫وورشــات التفريــغ النفســي الخاصــة بالأطفــال لتمكنهــا مــن الرجــوع وعيــش حياتهــا كأي طفلــة فــي‬ ‫المجتمـع تقول‪\":‬عايشـة أنقـذت حياتـي وأعادتنـي للحيـاة مجـدد ًا‪ ،‬وجـددت لـي أملـي بالحيـاة وتمسـكت‬ ‫فيهـا أكثـر\"‪.‬‬ ‫عندمـا بـدأت سـلمى تتماثـل للشـفاء واجهـت ضغوطـ ًا مـن أهلهـا لـم تكـن تتخيلهـا‪ ،‬منعـت الخـروج مـن‬ ‫منزلهــا‪ ،‬ومــن التواصــل مــع أقرانهــا‪ ،‬ومــن اكمــال تعليمهــا الأمــر الــذي جعــل جمعيــة عايشــة تتدخــل‬ ‫لتسـاعدها فـي العـودة الـى مقاعـد الدراسـة التـي عاشـت فيهـا معانـاة التنمـر مـن قريناتهـا مـا سـبب‬ ‫لهـا انتـكاس فـي حالتهـا النفسـية مجـدد ًا‪ ،‬وباتـت تبحـث حضـن يحتويهـا مهمـا كانـت العواقـب‪.‬‬ ‫ودخلـت سـلمى فـي تجـارب عاطفيـة فاشـلة التجـأت بعدهـا الـى جدتهـا لتحميهـا مـن العنـف النفسـي‬ ‫والجسـدي الـذي كانـت تتعـرض لـه مـن قبـل أهلهـا‪ ،‬وسـرعان مـا فقـدت هـذا الحضـن بحسـب تعبيرهـا‬ ‫بعـد وفـاة جدتهـا‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫رفضـت سـلمى الرجـوع الـى بيـت والدهـا بعـد مـوت جدتهـا‪ ،‬لمـا كانـت تعانيـه فـي بيـت والدهـا من عنف‬ ‫نفسـي وجسـدي وتنمـر علـى مـا مـرت بـه مـن ظـروف‪ ،‬فـكان مركـز بيـت الأمـان التابـع لـوزارة التنميـة‬ ‫الاجتماعيـة الملجـأ الحامـي لهـا‪ ،‬ومكثـت فيـه فتـرة قليلـة‪ ،‬ثـم عـادت الـى أهلهـا بنفـس مكسـورة خائفـة‬ ‫متفاديـة الحديـث مـع أي مـن أفـراد اسـرتها الذيـن منعـوا عنهـا أشـياء كثيـرة كانـت قـد اعتـادت عليهـا‬ ‫فـي بيـت الجـدة‪.‬‬ ‫ومـع مـرور الوقـت ومـع اسـتمرار جلسـات الدعـم النفسـي مـن جمعيـة عايشـة اسـتطاعت سـلمى أن‬ ‫تخـرج مـن دائرتهـا المغلقـة وتتقـرب مـن أمهـا مجـدد ًا‪ ،‬حيـث اتخذتهـا صديقـة لهـا تحفـظ سـرها وتحتضـن‬ ‫حزنهـا وتحميهـا مـن جميـع الضغـوط المحيطـة بهـا‪ ،‬ولكـن ذلـك لـم يسـتمر طويـ ًا‪ ،‬حتـى أجبرتهـا والدتهـا‬ ‫بالـزواج مـن ابـن صديقتهـا‪ ،‬رغـم رفضهـا لفكـرة الـزواج إلا أن الاجبـار كان أكبـر مـن رفضهـا ومقاومتهـا‪،‬‬ ‫بقيـت تقـاوم الـزواج وتؤجـل حفـل الزفـاف سـبعة أشـهر حتـى تمكنـت مـن الخـاص مـن هـذا الـزواج‬ ‫التعسـفي بمسـاعدة جمعيـة عايشـة والوقـوف بجانبهـا ورفضهـا للـزواج المبكـر‪.‬‬ ‫وبعـد فتـرة قليلـة تزوجـت سـلمى مـن زوج متفهـم لحالتهـا يقـف بجانبهـا عنـد ضعفهـا‪ ،‬ويكـون لهـا‬ ‫السـند بعـد مـا قاسـت مـن ظـروف صعبـة‪ ،‬وبعـد زواجهـا لـم تقطـع سـلمى التواصـل مـع الجمعيـة بـل‬ ‫خضعـت لجلسـات عديـدة اسـتطاعت مـن خلالهـا التوصـل لحيـاة هانئـة خاليـة مـن المنغصـات والعنـف‬ ‫حتـى وصلـت سـلمى اليـوم للاسـتقرار النفسـي ولتبـدأ مـن جديـد‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫اتصال مجاني‬ ‫أنقذ فرح من‬ ‫الإدمان وح ّولها‬ ‫لمصدر سعادة‬ ‫لعائلتها‬ ‫عبـر الخـط المجانـي لجمعيـة عايشـة لحمايـة‬ ‫المــرأة والطفــل‪ ،‬وجــدت فــرح ‪ 31‬عا ًمــا‬ ‫القشــة التــي تمســكت بهــا وأنقذتهــا مــن‬ ‫الغـرق فـي وحـل الاسـتمرار بالإدمـان الـذي‬ ‫هربــت عبــره مــن العنــف الجســدي التــي‬ ‫تعرضــت لــه علــى يــد زوجهــا المدمــن بعــد‬ ‫أشــهر قليلــة مــن زواجهــا‪.‬‬ ‫فــرح التــي عاشــت تحلــم فــي بنــاء أســرة‬ ‫مثاليـة ولـم تكـن تعلـم أن تنـاول العقاقيـر‬ ‫المنومــة وأدويــة أخــرى كوســيلة للهــروب‬ ‫مــن زوجهــا المدمــن ومــن عنفــه الــذي‬ ‫يمارســه ضدهــا بشــكل مفــرط‪ ،‬ســيحولها‬ ‫إلـى مدمنـة غيـر قـادرة علـى التحكـم فـي‬ ‫مشــاعرها وغضبهــا الــذي ســرعان كان‬

‫‪9‬‬ ‫يحولهـا إلـى إنسـانة لا تعرفهـا فهـي لـم تكـن تتخيـل ولـو لمـرة واحـدة أنـه يمكـن أن تعنـف أطفالهـا‬ ‫وتضربهــم ضربــ ًا مبرحــ ًا والتــي تقــول بعدمــا تلقــت عــاج مــن الإدمــان \"إنهــم حيــاة\"‪.‬‬ ‫وتضيـف فـرح‪\" :‬شـعرت بأمـان بعـد اتصالـي علـى جمعيـة عايشـة خاصـة أنهـم تعاملـوا معـي بـكل إيجابيـة‬ ‫وســرية وطلبــوا منــي الحضــور إلــى مركــز عايشــة المجتمعــي حيــث باشــرت فــور ًا بتلقــي العــاج مــن‬ ‫الإدمـان وتدريجـ ًا وبعـد وقـت وضمـن الخطـة العلاجيـة بـدأت اتخلـص مـن الإدمـان وأصبحـت قـادرة‬ ‫علـى الموجهـة والرفـض ولـم اعـد اهـرب مـن زوجـي وكانـت تلـك أيـام صعبـة خاصـة أنـي كنـت اتعـرض‬ ‫للعنـف لكـن شـعوري بحـب أطفالـي كان يدفعنـي دائمـا للاسـتمرار فـي الخطـة العلاجيـة\"‪.‬‬ ‫ومـع مـرور الوقـت والتحسـن الملاحـظ علـى حالـة فـرح والتخلـص مـن الإدمـان جـرى إلحاقها فـي برنامج‬ ‫دعـم نفسـي تلقـت خلالهـا جملـة مـن الجلسـات التـي عـززت ثقتهـا بنفسـها ومكنتهـا مـن التغلـب علـى‬ ‫مـا تواجهـه مـن مشـاكل‪.‬‬ ‫وأصبحـت فـرح تغييـر كافـة السـلوكيات السـلبية التـي كانـت تتبعهـا ضـد أطفالهـا وتوقفـت عن ممارسـة‬ ‫العنـف ضدهـم وبـدأت تبنـي جسـور مـن المحبـة معهـم وتعيـش تفاصيـل تصفهـا بالجميلـة معهم‪.‬‬ ‫وتقـول فـرح ‪\":‬صـرت أتمالـك أعصابـي وأصاحـب أولادي علشـان مـا حـد رح يحبهـم قـدي‪ ،‬وبـدي أبنـي‬ ‫معهـم علاقـة منيحـة تخليهـم مـا يخافـوا منـي ويحكـوا الـي كل اشـي‪ ،‬الحيـاة صـارت غييـر صـار فـي‬ ‫عنـدي حاجـة أعيـش واحتمـل كل شـيء علشـان أطفالـي\"‪.‬‬ ‫ولــم تتوقــف تدخــات جمعيــة عايشــة مــع فــرح إلــى هــذا الحــد إنمــا أكملــت معهــا المشــوار وبــدأت‬ ‫إشـراك زوجهـا فـي جلسـات إرشـاد أسـرى حسـنت مـن سـلوكه معهـا ومـع أطفالهـا وسـاهمت فـي‬ ‫تخلصـه مـن حالـة الإدمـان التـي كان يعيشـها بمسـاعدة زوجتـه وأبنائـه‪ ،‬وحولتـه مـن شـخص يمـارس‬ ‫العنـف والإدمـان إلـى شـخص أخـر أكثـر إيجابيـة ويشـارك زوجتـه فـي كافـة تفاصيـل الحيـاة‪.‬‬ ‫وتعيـش اليـوم ونـور وزوجهـا تفاصيـل حيـاة جميلـة وبـات يسـمح لهـا بالمشـاركة فـي الـورش والتدريبـات‬ ‫التـي تعـزز مكانـة المـرأة فـي المجتمـع ويقـول دائمـا‪ \":‬زوجتـي فـرح مصـدر السـعادة لنـا ولأسـرتنا اليـوم‬ ‫ومصـدر الفـرح\"‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫شرين‪ ...‬احتضنت طفلها وعادت حقوقها‬ ‫الشرعية لها‬ ‫وجــدت شــرين ‪ 33‬عامــ ًا نفســها أمــام طليــق غيــر ملتــزم بدفــع نفقــة طفلــه ويحرمهــا مــن حضانتــه‬ ‫ويتهـرب مـن حقوقهـا الزوجيـة بعدمـا طلقهـا‪ ،‬لمجـرد أنهـا تعيـش ظروفـ ًا اقتصاديـة صعبـة جـد ًا هـي‬ ‫وعائلتهـا ولا يمتلكـون القـدرة علـى دفـع تكاليـف توكيـل محامـي يجلـب لهـا حقوقهـا المكفولـة لهـا‬ ‫فـي القانـون‪ ،‬وعندمـا لجـأت للمحكمـة حولتهـا للعيـادة القانونيـة فـي جمعيـة عايشـة لحمايـة المـرأة‬

‫‪11‬‬ ‫والطفـل الأمـر الـذي جعلهـا تشـعر ببارقـة أمـ ًا بعدمـا أوشـكت علـى فقدانـه ودخولهـا وضعـ ًا نفسـي ًا‬ ‫صعبـ ًا لارتباطهـا بطفلهـا الصغيـر‪.‬‬ ‫ولــم تتــرد شــرين الباحثــة بشــغف عــن حضانــة طفلهــا بالتواصــل مــع العيــادة القانونيــة فــي جمعيــة‬ ‫عايشــة التــي بدورهــا اســتمع طاقمهــا لمشــكلتها وأطلعوهــا علــى كافــة الخطــوات وباشــروا فــي‬ ‫الإجــراءات القانونيــة برفــع دعــوى قضائيــة لهــا مــن أجــل حضانــة طفلهــا وحصولهــا علــى حقوقهــا‬ ‫الشـرعية‪ ،‬وانطلقـت جلسـات المحاكمـة بالتزامـن مـع دمـج شـرين فـي الورشـات التوعويـة المتخصصـة‬ ‫فــي حقــوق النســاء لتكــون علــى مســتوي مــن الوعــي فــي حقوقهــا‪.‬‬ ‫لــم تكــن الفرحــة تتســع لقلــب شــرين وتقــول إنهــا وجــدت مــن ســينصفها ويعيــد طفلهــا لحضانتهــا‬ ‫وســيرجع حقوقهــا‪ ،‬مضيفــة‪\" :‬إن وضعــي المالــي لا يســمح لــي بتوكيــل محامــي ولا تغطيــة رســوم‬ ‫المصاريـف القانونيـة وليـس لـدي أحـد يفهـم بالإجـراءات القانونيـة فـي العائلـة وأنـا لا اعـرف حقوقـي‬ ‫ودائمــا كنــت أخــاف مــن فقــد طفلــي عندمــا بــدأت جلســات المحكمــة عــاد نبــض قلبــي مــن جديــد‬ ‫كنــت متأكــدة أن عــودة طفلــي ســيعود لحضنــي قريبــ ًا\"‪.‬‬ ‫وفــي الوقــت التــي كانــت تســعد شــرين لحضانــة طفلهــا‪ ،‬كان فريــق الدعــم النفســي فــي جمعيــة‬ ‫عايشــة يعقــد معهــا سلســة مــن جلســات الإرشــاد النفســي لهــا حتــى تتغلــب علــى التخلــص مــن‬ ‫المشـاكل التـي تعرضـت لهـا نفسـي ًا خـال فتـرة الطـاق ومـا بعدهـا‪ ،‬إضافـة إلـى إرشـادها فـي كيفيـة‬ ‫التعامــل مــع طفلهــا بشــكل صحيــح‪.‬‬ ‫وفـور عـودة طفـل شـرين لحضانتهـا أكـدت أنهـا ترغـب فـي فتـح مشـروع \"تعليـم دروس لغـة عربيـة\"‬ ‫وبالفعـل بـدأت تحصـل علـى جلسـات إرشـاد لتمكينهـا فـي فتـح هـذا المشـروع الـذي اعتمـدت فـي‬ ‫بنائـــه علـــى مـــا تحصـــل عليـــه مـــن حقوقهـــا الزوجيـــة‪ .‬وبـــات ذلـــك المشـــروع بمثابـــة مصــدر رزق لهـــا‬ ‫ولطفلهــا ونقطــة تحــول لهــا لاســتكمال حياتهــا دون الحاجــة لحــد‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫من ذوات الإعاقة‪ ...‬هبة ‪ 50‬عام ًا لم تعد‬ ‫تعاني من العنف النفسي‬ ‫تزوجــت هبــة فــي السادســة عشــرة مــن‬ ‫عمرهـا وكانـت الزوجـة الأولـى لزوجهـا‪ ،‬ولـم‬ ‫تكـن تعتقـد أن زوجهـا فـي يـوم مـن الأيـام‬ ‫ســيحول إعاقتهــا الحركيــة لوصمــة ضدهــا‬ ‫وأنــه ســيمارس بحقهــا الإهانــة والعنــف‬ ‫النفســي والجســدي‪.‬‬ ‫هبـة التـي أنجبـت سـتة مـن الأبنـاء والبنـات‬ ‫وأصبحـت اليـوم فـي عمـر ‪ 50‬عامـ ًا لـم تعـد‬ ‫قــادرة علــى تحمــل ومواجهــات العنــف‬ ‫الجســدي والنفســي الــذي تتعــرض لهــا‬ ‫بشــكل مســتمر مــن قبــل الــزوج الــذي‬ ‫بــات يميــز بينهــا وبيــن زوجتــه الثانيــة فــي‬ ‫كافــة تفاصيــل الحيــاة اليوميــة‪ ،‬ولــم يعــد‬ ‫يلبــي احتياجاتهــا وخاصــة فيمــا يتعلــق‬ ‫فــي مصروفــات تلقيهــا جلســات العــاج‬ ‫الطبيعـي‪ ،‬الأمـر الـذي دفعهـا لتواصـل مـع‬ ‫جمعيــة عايشــة لحمايــة المــرأة والطفــل‬ ‫بنـاء علـى دعـوة مـن مؤسسـة تتلقـى منهـا‬ ‫خدمـات إغاثيـة فـي شـهر رمضـان مـن كل‬ ‫عــام‪.‬‬ ‫وبمجـرد وصـول هبـة للجمعيـة وضعـت لهـا‬ ‫خطـة علاجيـة كاملـة‪ ،‬وقدمـت لهـا جلسـات‬

‫‪13‬‬ ‫الدعـم النفسـي بشـكل منتظـم وبشـكل فـردي فـي مقـر الجمعيـة القريبـة مـن منزلهـا ولـم تكلفهـا‬ ‫عنـاء التنقـل‪ ،‬ومـع مـرور الوقـت بـدأت تظهـر علامـات التحسـن عليهـا‪ ،‬الأمـر الـذي دفـع فريـق عايشـة‬ ‫لتقديــم جلســات الإرشــاد الأســرى وإشــراك الــزوج فــي تلــك الجلســات والعمــل علــى تغييــر ســلوكه‬ ‫اتجاهـا ومحاولـة وقـف العنـف والوصمـة تجاههـا‪.‬‬ ‫وتدريجــ ًا مــع فهــم الــزوج للانعكاســات الناجمــة عمــا يمارســه ضــد زوجتهــا بــدأ يــدرك خطــورة ذلــك‪،‬‬ ‫والتوقـف عـن تلـك الممارسـات وأصبـح يسـمح ويشـجع زوجتـه للمشـاركة فـي مزيـد ًا مـن الورشـات‬ ‫التـي تتحـدث عـن حقـوق الأشـخاص ذوي الإعاقـة وأهميـة دمجهـم فـي المجتمـع وحصولهـم علـى‬ ‫كافــة حقوقهــم‪.‬‬ ‫وخـال تلـك الجلسـات أصبحـت هبـة أكثـر تفاعـ ًا‪ ،‬وتشـارك الحديـث عـن تجربتهـا دائمـا‪ ،‬وفـي واحـدة‬ ‫مـن الورشـة التوعيـة التـي كانـت تتحـدث عـن حقـوق المـرأة تحدثـت عـن تجربـة ابنتهـا المعلقـة ومـا‬ ‫تعانيـه مـن زوجهـا‪ .‬وتقـول‪ \":‬بعـد الورشـة طلبـت الاخصائيـة النفسـية منـي إحضـار ابنتـي لتقديـم الدعـم‬ ‫النفسـي لهـا\"‪.‬‬ ‫ومـع الوقـت جـرى دمـج هبـة فـي برنامـج التمكيـن الفـردي والـذي تلقـت خلالـه الجلسـات الجماعيـة‬ ‫لتشـارك همومهـا مـع نسـاء أخريـات قدمـن لبعضهـن البعـض الدعـم والمسـاندة وأصبحـت تربطهـن‬ ‫علاقـة اسـتمرت لمـا بعـد انتهـاء البرنامـج وأصبحـن ملهمـات لغيرهـن‪.‬‬ ‫وقــد اجتهــدت هبــة لدمــج ابنتهــا التــي كان تعانــي بســبب رفضهــا لواقــع العلاقــة بيــن والديهــا فــي‬ ‫العـاج الفـردي والعائلـي وقـد باشـرت الأخصائيـة النفسـية بجلسـات الإرشـاد النفسـي الفرديـة‪ .‬ومـع‬ ‫مـرور الوقـت وتحسـن حالتهـا جـرى التواصـل مـع الـزوج وبـدأت جلسـات الإرشـاد الأسـري لتعديـل أفـكار‬ ‫وســلوكيات الطرفيــن‪ ،‬واخضــاع الطرفيــن لمواجهــة المشــاعر وتوضيــح الأفــكار وتبادلهــا وتبيــن بــأن‬ ‫هنالـك سـوء فهـم بينهمـا فـي بعـض تفاصيـل الحيـاة‪ ،‬و ُقدمـت لهمـا الارشـادات لتعزيـز العلاقـة‪ ،‬بحيـث‬ ‫عـادت إلـى بيـت زوجهـا أصبحـت الحيـاة أفضـل‪ .‬وتصـف هبـة حيـاة ابنتهـا وزوجهـا بالقـول \"صـاروا زي‬ ‫السـمنة علـى العسـل\"‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫بوابة الأمان‬ ‫\"كنـت أتمنـى كل يـوم ألا أكـون قـد ُولـدت‬ ‫أبــد ًا‪ ،‬لأنــه لا يوجــد أي شــخص يســتحق‬ ‫أن يقاســي هــذا الألــم الطاحــن وهــذه‬ ‫المعانــاة الشــنيعة‪ \"،‬قالــت رنيــن هــذه‬ ‫الجمــل القصيــرة مســتهلة بهــا قصتهــا‬ ‫المؤلمــة‪ .‬تزوجــت رنيــن وهــي فــي عمــر‬ ‫‪ 13‬سـنة تركـت المدرسـة والتعليـم تنفيـ ًذا‬ ‫لأمــر والدهــا‪ ،‬وانتقلــت للعيــش مــع رجــل‬ ‫غريــب لا تعرفــه ولا يعرفهــا‪ ،‬بعــد زواجهــا‬ ‫سـرعان مـا تضاعفـت معاناتهـا بعـد حملهـا‬ ‫المبكــر بطفلتهــا الأولــى وبعدهــا الإنجــاب‬ ‫ومخاطـره علـى جسـدها الضعيـف الهزيـل‪،‬‬ ‫تقــول رنيــن \" كنــت طفلــة لــم أكمــل‬ ‫تعليمــي عشــت صدمــات متتاليــة صدمــة‬ ‫الـزواج وصدمـة الحمـل بطفلـة صغيـرة فـي‬ ‫احشــائي ولكــن صدمتــي الأخيــرة كانــت‬ ‫الأقســى والأصعــب\" تحدثــت رنيــن بتلــك‬ ‫العبــارات وصمتــت لبرهــة‪ ،‬حتــى أكملــت‬ ‫بصعوبـة وحـزن \"ليـس ذنبـي لـم أكـن أعلـم‬ ‫كيفيــة الاعتنــاء بالأطفــال‪ ،‬ماتــت طفلتــي‬ ‫بيـن يـداي‪ ،‬لـم أكـن اعلـم كيـف سـأتصرف‬ ‫عندمــا اختنقــت طفلتــي وفارقــت حياتهــا‬ ‫وهــي بحضنــي\"‪.‬‬

‫‪15‬‬ ‫عانـت رنيـن بعـد مـوت ابنتهـا ضغوطـ ًا نفسـية شـديدة والكثيـر مـن العنـف مـن قبـل زوجهـا وأهلـه مـن‬ ‫ضــرب وشــتائم واهانــة‪ ،‬فزوجهــا كان ذلــك الــزوج الــذي يمــارس همجيتــه بــكل وحشــية‪ ،‬يهينهــا مــرا ًرا‬ ‫ويتعـدى عليهـا بالضـرب الشـديد مـرار ًا أخـرى‪ ،‬ولـم يقتصـر العنـف القائـم علـى رنيـن مـن زوجهـا وأهلـه‬ ‫فقـط‪ ،‬بـل كانـت عندمـا تذهـب لوالدهـا تبكـي لـه عنـف زوجهـا وقسـاوته معهـا‪ ،‬يضربهـا ويجبرهـا علـى‬ ‫الرجـوع لبيـت زوجهـا قائـا لهـا \"مـا عنـا بنـات يحـردو\"‪.‬‬ ‫عانـت رنيـن اكتئـاب مـا بعـد الـولادة والـذي ازداد بوفـاة الطفلـة وتوجهـت للحصـول علـى أدويـة مهدئـة‬ ‫مـن الصيدليـة دون وصفـة طبيـة سـرعان مـا أدمنـت عليـه وأصبحـت تعانـي مـن مضاعفاتـه‪.‬‬ ‫أكملـت رنيـن حياتهـا بعـد انجابهـا ثـاث فتيـات وهـي تحـت العنـف والضـرب والاضطهـاد‪ ،‬دخلـت رنيـن‬ ‫فـي حالـة نفسـية صعبـة‪ ،‬أصبحـت تعانـي مـن الاكتئـاب‪ ،‬ومـن آلام كبيـرة فـي جسـدها نتيجـة العنـف‬ ‫الجسـدي‪ .‬قـررت رنيـن بعـد تسـع سـنوات مـن العنـف الانفصـال عـن زوجهـا والتخلـص مـن معاناتهـا‪،‬‬ ‫وبالفعـل تمكنـت رنيـن مـن الطـاق وكرسـت كل وقتهـا وجهدهـا بعـد الانفصـال فـي اكمـال دراسـتها‬ ‫المدرسـية التـي تركتهـا عنـد زواجهـا‪.‬‬ ‫انهـت رنيـن دراسـتها المدرسـة وارادت أن تكمـل تعليمهـا الجامعـي‪ ،‬سـافرت رنيـن الـى مصـر لتكمـل‬ ‫تعليمهـا لكـن نقـص أوراقهـا جعلهـا ترجـع مضطـرة لقطـاع غـزة مـرة أخـرى‪ ،‬الأمـر الـذي جعـل والدهـا‬ ‫يرفـض سـفرها مجـددا إلـى مصـر‪ ،‬ومنعهـا مـن المكـوث فـي منزلـه مجـدد ًا‪ ،‬لـم يبقـى فـي يـد رنيـن حيلـة‬ ‫فالتجـأت لبيـت خالتهـا لتأويهـا‪ ،‬مكثـت رنيـن مجبـرة فـي بيـت خالتهـا حزينـة علـى ضيـاع فرصتهـا فـي‬ ‫اكمـال دراسـتها الجامعيـة‪ ،‬بعـد مـرور فتـرة قصيـرة قـررت خالـة رنيـن أن تزوجهـا ابنهـا المهـوس بالسـرقة‬ ‫آمليـن منهـا أن تصحـح سـلوكه وتشـفيه مـن هوسـه‪ ،‬ولكـن حيـاة رنيـن مـع ابـن خالتهـا لـم تكـن بعيـدة‬ ‫عــن حياتهــا مــع زوجهــا الســابق‪ ،‬فقــد كان يعنفهــا ويضربهــا ضربــ ًا مبرحــا فقــدت بســببه نظرهــا فتــرة‬ ‫مـن الوقـت‪ ،‬عاشـت رنيـن مـع زوجهـا الثانـي تسـع سـنوات أخـرى أنجبـت فيهـا أربـع مـن الأولاد‪ ،‬تقـول‬ ‫رنيـن \" كنـت أعـد الأيـام عـد ًا حتـى يكبـر أولادي وأتخلـص مـن هـذا الـزوج المتعسـف‪ ،‬صبـرت وتحملـت‬ ‫مـن أجلهـم لأعلمهـم وأكبرهـم ولأراهـم فـي أعلـى المراتـب‪ \" ،‬لكـن صبـر رنيـن لـم يـدم طويـا فقـررت‬ ‫الانفصـال بعـد وفـاة طفلهـا الرابـع غرقـا فـي البحـر‪.‬‬ ‫كل هذا ولا زالت رنين تتعاطى المهدئات وتزيد الجرعات في كل أزمة تتعرض لها‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫\"لـم يكـن باليـد حيلـة سـوى الانفصـال‪ ،‬لأتخلـص مـن العنـف والأذى والسـمعة السـيئة التـي لحقـت‬ ‫بـأولادي بسـبب والدهـم‪ ،‬ولأتخطـى صدمـة وفـاة طفلـي\"‪ .‬بعـد انفصـال رنيـن عـن زوجهـا وطـرد خالتهـا‬ ‫لهـا مـن منزلهـا وبقائهـا وحيـدة بالشـارع مـن غيـر مـأوى‪ ،‬لجـأت رنيـن لجمعيـة عايشـة لحمايـة المـرأة‬ ‫والطفـل تطلـب الحمايـة‪ ،‬سـارعت جمعيـة عايشـة بتوفيـر مـأوى لرنيـن وأطفالهـا اسـتأجرت لهـم بيـت‬ ‫ووفـرت لهـم بـدل الايجـار لعـدة أشـهر‪ ،‬وقدمـت الجمعيـة للسـيدة رنيـن فرصـة عمـل حتـى تسـتطيع أن‬ ‫تقـف علـى أقدامهـا وأن تعيـل أطفالهـا‪ ،‬ودمجتهـا فـي العديـد مـن ورش الدعـم النفسـي لمسـاندتها‬ ‫واخراجهـا مـن حـالات الصدمـة والاكتئـاب التـي مـرت بهـا طيلـة سـنوات زواجهـا‪ ،‬وقامـت رنين بمسـاعدة‬ ‫المعالجـة النفسـية والطبيـب النفسـي فـي العيـادة بالتوقـف عـن تعاطـي العقاقيـر المهدئـة ضمـن‬ ‫برنامـج تعافـي اسـتمر لمـدة ‪ 3‬شـهور‪.‬‬ ‫تـم دمجهـا لاحقـ ًا فـي مشـاريع التمكيـن الاقتصـادي‪ ،‬حتـى تمكنـت مـن فتـح مشـروعها الخـاص لصناعـة‬ ‫المنظفـات وتسـويقها للمطاعـم بمسـاندة الجمعيـة ليكـون لهـا مصـدر دخـل دائـم لهـا ولأطفالهـا‪.‬‬ ‫تقــول الســيدة رنيــن فــي ختــام كلامهــا \"كنــت تائهــة قبــل مجيئــي لجمعيــة عايشــة لحمايــة المــرأة‬ ‫والطفـل‪ ،‬فهـي أكثـر خطـوة صحيحـة خطوتهـا فـي حياتـي حتـى اللحظـة هـي التعـرف علـى الجمعيـة‬ ‫واللجــوء اليهــا‪ ،‬فهــي بــاب الأمــان الأول بالنســبة لــي بعــد رب العالميــن\"‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫بين الفوضى والاستقرار‬ ‫لا تنتهـي حـرب بـدون مخلفـات حـروب‪ ،‬فالسـيدة نـور إحـدى ضحايـا مخلفـات الحـروب التـي واجههـا‬ ‫قطـاع غـزة‪ ،‬فخـال حـرب عـام ‪ 2014‬نزحـت نـور مـع عائلتهـا إلـى إحـدى مـدارس الأونـروا‪ ،‬لتواجـه هنـاك‬ ‫حربـ ًا حقيقيـة ببـدء زوجهـا التعاطـي وسـلوكه طريـق خاطـئ لـم يعتـد سـلوكه مـن قبـل‪ ،‬انتهـت الحـرب‬ ‫وبـدأت هنـا معانـاة نـور مـع زوجهـا الـذي خـرج مـن الحـرب شـخص ًا مدمنـ ًا‪ ،‬أصابتـه حالـة نفسـية صعبـة‬ ‫نتيجـة ادمانـه‪ ،‬فأصبـح عنيفـ ًا يضـرب زوجتـه وأطفالـه‪ ،‬عندمـا تضيـق بـه نفسـه ولا يجـد مـالا ليشـتري‬ ‫بــه حبــوب المخــدرات‪ ،‬كان يأخــذ مــن أثــاث منزلــه ويبيــع لكــي يقضــي شــهوته بالتعاطــي حتــى بــات‬ ‫منزلـه فارغـ ًا مـن كل متطلبـات الحيـاة الأساسـية‪ ،‬لـم يسـلم أولاده مـن حالتـه وغضبـه وتعاطيـه فـكان‬

‫‪18‬‬ ‫يحرمهـم المصـروف المدرسـي وأحيانـ ًا وجبـات طعامهـم الرئيسـية‪ ،‬حتـى فـي يـوم قـرر أن يحـرق لهـم‬ ‫دفاترهـم وحقائبهـم المدرسـية‪\" ،‬لـم أشـعر بعـد ادمـان زوجـي بوجـود سـند خلـف ظهـري يحمينـي‪ ،‬بـل‬ ‫كونـه مدمنـ ًا مريضـ ًا ضعيفـ ًا جعـل النـاس يسـتغلون ضعفـي وفقـري وقلـة حيلتـي\"‪.‬‬ ‫تجـرد الـزوج مـن جميـع مسـئولياته تجـاه اسـرته‪ ،‬ورمـى بهـا الـى زوجتـه نـور لتبـدأ رحلـة السـعي لنيـل‬ ‫حيــاة كريمــة تســتطيع أن تربــي بهــا أطفالهــا الثلاثــة تربيــة صالحــة فــي ظــل وجــود أب يعانــي حالــة‬ ‫نفسـية صعبـة‪ ،‬عانـت السـيدة نـور مـن الحـزن الشـديد والفقـر نتيجـة توقـف زوجهـا عـن العمـل والـذي‬ ‫كان يمتلـك بسـطة صغيـرة لبيـع الخضـار فـي السـوق وعاشـت حالـة حيـرة بيـن متطلبـات اجـار المنـزل‬ ‫ومتطلبـات أولادهـا ومراعـاة زوجهـا المدمـن المريـض‪ ،‬سـعت نـور للعمـل فـي عـدة مؤسسـات فكانـت‬ ‫تملـك مهـارات عديـدة منهـا المسـرح والتمثيـل \"كنـت أشـتغل مثقـف نسـاء وأطفـال ومنشـطة فـي‬ ‫العديـد مـن المخيمـات‪ ،‬والعمـل ممثلـة فـي العديـد مـن المسـارح‪ ،‬كنـت أسـعى مـن عمـل الـى آخـر لكـي‬ ‫أسـتطيع أن أسـد ثغـرة أجـار المنـزل الـذي تراكـم علينـا شـهور عديـدة\"‪ ،‬خـال فتـرة ادمـان مصطفـى‬ ‫عانـى مـن حـالات صـرع شـديدة جعلتـه يحـاول الانتحـار سـبع مـرات‪ ،‬ليخـرج مـن محاولاتـه بحالـة أسـوء‬ ‫ممـا كان عليهـا مـن قبـل‪.‬‬ ‫أجبـر الـزوج نـور علـى التعاطـي لبضـع مـرات وسـط ضـرب مبـرح شـجعها علـى الموافقـة عـدم وجـود‬ ‫عائلـة مسـاندة تلجـأ لهـا وخوفهـا مـن العقـاب بالإضافـة إلـى محاولتهـا للخـروج مـن الحـرب النفسـية‬ ‫التـي كانـت تجـول بخاطرهـا بسـبب تلـك الظـروف‪.‬‬ ‫فـي يـوم تعرضـت السـيدة نـور لضـرب مـن زوجهـا وصـل بهـا لحـد المـوت‪ ،‬ممـا جعلهـا تتوجـه الـى بيـت‬ ‫الأمــان التابــع لــوزارة الشــؤون الاجتماعيــة‪ ،‬الــذي حولهــا بــدوره الــى جمعيــة عايشــة لحمايــة المــرأة‬ ‫والطفــل‪ ،‬ســاعدت جمعيــة عايشــة نــور بدمجهــا بجلســات الدعــم القانونــي والتــي انتهــت باتفاقيــة‬ ‫ملزمـة للـزوج بعـدم الاعتـداء عليهـا مجـدد ًا نفذتهـا دائـرة الأسـرة والطفولـة فـي الشـرطة وتـم دمجهـا‬ ‫بنفـس الوقـت فـي برنامـج الدعـم النفسـي والتـي جعلـت منهـا امـرأة قويـة تعتمـد علـى نفسـها‪ ،‬خرجـت‬ ‫نـور مـن حالـة الاكتئـاب والتعاطـي التـي كانـت تعانـي منهـا بفضـل برنامـج التعافـي والعـاج النفسـي‬ ‫التـي تلقتهـا مـن جمعيـة عايشـة‪ُ ،‬دمجـت نـور بـدورة تدريبيـة انتهـت بفتـح مشـروعها الخـاص لصناعـة‬ ‫المعجنــات والــذي منحتــه لهــا جمعيــة عايشــة وتــم التعامــل مــع الــزوج مــن خــال جلســات الارشــاد‬

‫‪19‬‬ ‫الزواج ـي‪.‬‬ ‫بــدأت نــور بمشــروعها حاولــت الوقــوف علــى اقدامهــا هــي واطفالهــا الذيــن ســاعدوها بالتســويق‬ ‫والذيــن تــم دمجهــم لاحقــ ًا فــي برنامــج الحمايــة مــن التســرب الدراســي لضمــان عــدم الضــرر ولاحقــ ًا‬ ‫أصبـح الـزوج مسـاند ًا لـأم وعـاد الأطفـال لحياتهـم الدراسـية مـع مسـاعدة للوالديـن فـي أوقـات تـم‬ ‫تحديدهــا بمســاعدة مديــرة الحالــة‪.‬‬ ‫\"قبـل توجهـي لجمعيـة عايشـة كنـت أشـعر بـأن أطفالـي أيتـام‪ ،‬كانـت حياتـي فوضويـة حزينـة كنـت أعانـي‬ ‫مـن الاكتئـاب والتعـب النفسـي والجسـدي‪ ،‬لكـن وقـوف عايشـة بجانـي ودعمهـا لـي نفسـي ًا وماديـ ًا‬ ‫جعلنـي امـرأة واثقـة بنفسـها معتمـدة علـى ذاتهـا فـي تحقيـق الحيـاة الكريمـة لهـا ولأطفالهـا\"‪.‬‬

‫‪20‬‬ ‫التهديد بالسلاح‬ ‫هو الطريقة‬ ‫الأنسب!!‬ ‫كان التهديد بالسـاح هو الطريقة الأنسـب‬ ‫مـن وجهـة نظـر أهـل فاطمـة لإجبارهـا علـى‬ ‫الـزواج مـن ابـن صديـق العائلـة‪\" .‬مـن المؤلم‬ ‫أن يكــون للإنســان قيمــة قليلــة بنظــر مــن‬ ‫اعتبرهــم اعظــم بشــر لــه\" هكــذا اســتهلت‬ ‫فاطمــة التــي تبلــغ مــن العمــر ‪ 40‬ســنة‬ ‫حديثه ـا‪.‬‬ ‫كانــت تعيــش فاطمــة حيــاة ورديــة بعيــدة‬ ‫عـن المشـاكل‪ ،‬فقـد كانـت ابنـة ال‪ 23‬عامـ ًا‬ ‫كأي فتـاة أنهـت حياتهـا الجامعيـة وتطمـح‬ ‫بـأن تجـد فرصـة عمـل مرموقـة تعيـش بهـا‬ ‫حيــاة مســتقرة تملؤهــا الطمأنينــة‪ ،‬حتــى‬ ‫أجبرهـا والدهـا تحـت تهديـد السـاح بالـزواج‬ ‫مـن ابـن صديقـه العاطـل عـن العمـل الـذي‬ ‫يملـك تاريـخ أسـود فـي السـجون علـى حـد‬ ‫تعبيرهـا‪ ،‬كافحـت فاطمـة حتـى آخـر لحظـة‬ ‫مــن يــوم زفافهــا حتــى تبطــل هــذا الــزواج‬ ‫غيــر المرغــوب بالنســبة لهــا‪ ،‬فلــم تكــن‬ ‫مطمئنـة للشـخص الـذي أجبـرت عليـه ولـم‬

‫‪21‬‬ ‫تشـعر اتجاهـه بـأي شـعور يجعـل قلبهـا محبـ ًا لـه‪ ،‬ولكـن الإجبـار كان أقـوى منهـا ومـن مكافحتهـا‪.‬‬ ‫تزوجــت فاطمــة بالإجبــار وحــدث مــا كانــت تتوقــع حدوثــه‪ ،‬عاشــت فاطمــة حيــاة صعبــة بعــد زواجهــا‬ ‫فهـي التـي كانـت تعيـل الأسـرة‪ ،‬وتلعـب دورهـا كأم وأب فـي ظـل وجـود زوج مدمـن غيـر مسـؤول‪.‬‬ ‫\" كنـت أحلـم برجـل يسـتيقظ كل صبـاح أحضـر لـه فطـوره‪ ،‬يرتـدي ملابسـه ويذهـب بحـب إلـى عملـه‪،‬‬ ‫وعندمـا يعـود الينـا آخـر النهـار نجلـس ونتسـامر كأي أسـرة مسـتقرة ومطمئنـة\"‪ .‬قالـت فاطمـة هـذه‬ ‫العبــارات وهــي بقمــة ألمهــا‪ ،‬فهــي لــم تحلــم بفــارس أحــام يأتيهــا علــى حصــان أبيــض وبيــده عصــا‬ ‫سـحرية يحقـق لهـا كل أمنياتهـا‪ ،‬بـل طمعـت بالحـب والحنـان اللـذان كانـت تأمـل أن تجدهمـا بزوجهـا‬ ‫المسـتقبلي‪ ،‬سـرعان مـا تبـددت أحـام فاطمـة فزواجهـا لـم يكـن يومـ ًا ذلـك الـزواج الـذي حلمـت بـه‪ ،‬بـل‬ ‫كان علـى النقيـض تمامـ ًا فكمـا قالـت كان زواجـ ًا مأسـاوي ًا لـم يجلـب لهـا سـوى التعاسـة‪.‬‬ ‫عانـت فاطمـة مـن زوجهـا المدمـن شـتى أنـواع العنـف‪ ،‬فكلمـا ضـاق بـه الحـال مـارس علـى فاطمـة‬ ‫العنـف بأشـكاله‪ ،‬فقـد كان يضربهـا ضربـ ًا مبرحـ ًا‪ ،‬ويؤذيهـا نفسـي ًا ويشـوه سـمعتها بيـن أقاربهـا‪ ،‬فلـم‬ ‫يتــرك طريقــة للأذيــة إلا وأذى فاطمــة بهــا‪ ،‬كل ذلــك العنــف اليومــي الــذي كانــت تعيشــه فاطمــة‬ ‫وأطفالهـا كان مصحـوب بظـروف حياتيـة صعبـة للغايـة‪ ،‬الأمـر الـذي جعلهـا تفكـر فـي كيفيـة التخلـص‬ ‫مـن كل هـذه الحيـاة بالانتحـار والتـي وصفتهـا \" إنهـا حيـاة مزريـة كلهـا ألـم ووجـع وخـوف ورعـب\"‪.‬‬ ‫لـم تصمـت فاطمـة لـكل هـذا الأذى وهـذا العنـف مـن فـراغ‪ ،‬دخلـت فـي أزمـة نفسـية عندمـا اتهمتهـا‬ ‫أخـت زوجهـا بالسـرقة ودخلـت السـجن لمـدة ‪ ٤‬شـهور وبعـد خروجهـا مباشـرة وصلـت لعايشـة مـن خـال‬ ‫صفحـة الفيسـبوك وهنـا كانـت البدايـة‪.‬‬ ‫كانــت تنتظــر أن يكبــر أولادهــا ليقفــوا بجانبهــا ويكونــون ســندها ضــد جبــروت والدهــم‪ ،‬فقــد كانــت‬ ‫فاطمـة ام لثلاثـة أولاد أكبرهـم يبلـغ مـن العمـر سـبعة عشـر سـنة \"ليـس خسـارة كل ذلـك العمـر الـذي‬ ‫أفنيتـه كامـرأة معنفـة تحـت ظـل رجـل مدمـن لـم يمـارس الأبـوة يومـ ًا‪ ،‬بـل إننـي الآن اجنـي ثمـار صبـري‬ ‫فـأولادي لـم يتركونـي للحظـة هـم سـندي والداعميـن الأوائـل لـي مـدى الحيـاة‪ ،‬فـإن كان فـوق ال‪17‬‬ ‫سـنة زيـادة مثلهـم مـن أجـل أولادي مـا تهاونـت يومـا ولا استسـلمت\"‪.‬‬ ‫قـررت فاطمـة بعـد أن كبـر أطفالهـا أن تضـع النقـاط علـى الحـروف فيمـا يخـص حياتهـا‪ \" ،‬أريـد أن أتحـرر‬ ‫مــن هــذه الذاكــرة المثقلــة بالأوجــاع\" ‪ ،‬لجــأت فاطمــة الــى جمعيــة عايشــة لحمايــة المــرأة والطفــل‬

‫‪22‬‬ ‫لتسـاعدها فـي وقـف العنـف والحيـاة الصعبـة التـي تعيشـها‪ ،‬تـم دمجهـا فـي جلسـات الدعـم النفسـي‬ ‫والاجتماعـي لتقـف فاطمـة علـى اقدامهـا وتعتمـد علـى نفسـها‪ ،‬قـررت فاطمـة بعـد ذلـك أن تنفصـل‬ ‫عــن زوجهــا وتســتقر هــي وأولادهــا فــي بيــت عائلتهــا بعيــد ًا عــن المشــاكل لتعيــش حيــاة مســتقرة‬ ‫سـعيدة‪ ،‬تسـتطيع فيهـا أن تربـي أولادهـا بعيـد ًا عـن بيئـة الإدمـان والعنـف‪.‬‬ ‫\"جلسـات الدعـم النفسـي التـي كنـت اتلاقهـا مـن جمعيـة عايشـة جعلتنـي أقـف مـع نفسـي وقفـة‬ ‫طويلـة‪ ،‬إلـى أيـن مصيـري ومصيـر أولادي‪ ،‬الوصمـة والدمـار اللـذان لحقانـي بسـبب السـجن والإدمـان‬ ‫لـم تعـد موجودتـان وجعلتنـي أتخـذ القـرارات الصحيحـة التـي جعلتنـي أرسـى علـى بـر الأمـان‪ ،‬جعلتنـي‬ ‫أؤمـن أكثـر مـع كل صبـاح أن فـي هـذه الحيـاة رغـم كل شـيء‪ ،‬مـا يسـتحق الحيـاة‪.‬‬ ‫لـم تتهـاون جمعيـة عايشـة بـأي جـزء مـن قصتـي سـاندتني ووقفـت معـي حتـى يومنـا هـذا مازالـت‬ ‫الجمعيــة تتواصــل معــي وتطمئــن علــى حالتــي وحالــة أولادي حتــى الآن\"‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫القوة تأتي من الداخل‬ ‫منـذ الـولادة وياسـمين تعانـي مـن الوصمـة المجتمعيـة التـي لاحقتهـا حتـى وصلـت اليـوم الـى عمـر‬ ‫ال‪ 38‬عامـ ًا‪ ،‬فقـد ولـدت ياسـمين بشـلل نصفـ ٍي جعـل حياتهـا صعبـة وهـي علـى كرسـي متحـرك واجهـت‬ ‫فيهــا ضغوطــ ًا نفســية واجتماعيــة كثيــرة‪ ،‬منــذ الــولادة حاولــت أم ياســمين أن تتفــادى إعاقــة ابنتهــا‬ ‫بإجـراء العمليـات الجراحيـة لهـا‪ ،‬لكـن بعـد مـرور ‪ 8‬سـنوات مليئـة بالمحـاولات خسـرت ياسـمين فرصتهـا‬ ‫الوحيـدة بالنجـاة مـن اعاقتهـا فقـد فارقـت أمهـا الحيـاة وتركتهـا تشـق طريـق الحيـاة وحدهـا‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫عاشـت ياسـمين يتيمـة الأم والأب مـع أخيهـا حيـاة صعبـة فقـد كانـت ياسـمين دائمـ ًا تعانـي مـن صعوبـة‬ ‫التحــرك ســواء فــي منزلهــا أو مدرســتها حتــى وصلــت مرحلــة أولــى ثانــوي قــررت أن توقــف تعليمهــا‬ ‫بسـبب نبـذ أصدقائهـا لهـا‪ ،‬والوصمـة التـي لاحقتهـا أينمـا ذهبـت‪ ،‬وعـدم موائمـة مقاعـد الدراسـة أيضـ ًا‬ ‫كان سـبب ًا لتـرك ياسـمين حياتهـا المدرسـية‪.‬‬ ‫\"عشــت حيــاة منعزلــة عــن النــاس‪ ،‬كنــت وحيــدة أخجــل مــن الظهــور بكرســي متحــرك لــم أكــن أخــرج‬ ‫سـوى للعـاج‪ ،‬لـم يهتـم بـي أحـد ًا ولـم يكـن لـي أصدقـاء‪ ،‬لـم تكـن تمـر ليلـة لـي بـدون بـكاء\" كانـت‬ ‫تنتظـر ياسـمين أي فرصـة تنتشـلها مـن بحـر العزلـة التـي كانـت فيـه‪ ،‬احتضنتهـا مؤسسـة تهتـم بشـؤون‬ ‫معاقيـن الشـلل الدماغـي ممـا أثـر عليهـا قليـ ًا نظـرا لعـدم معايشـتها وتوافـق حالتهـا مـع حالتهـم‪ ،‬لكـن‬ ‫تعلقهـا بقشـة جعلهـا تتخطـى ذلـك وتتأقلـم لتسـاعد نفسـها علـى الخـروج مـن دائرتهـا المغلقـة‪ ،‬كانـت‬ ‫هـذه هـي الخطـوة الأولـى لياسـمين لتنطلـق الـى العالـم الخارجـي وتندمـج معـه وتمـارس نشـاطاتها‬ ‫اليوميـة كأي فتـاة فـي عمرهـا‪.‬‬ ‫عندمـا بـدأت ياسـمين بكسـر قيـود الوحـدة واجهـت قيـود ًا مـن نـوع آخـر فلـم يرحمهـا المجتمـع مـن‬ ‫حولهـا‪ ،‬فالوصمـة المجتمعيـة لاحقتهـا كظلهـا ممـا أثـر سـلب ًا علـى صحتهـا النفسـية تقـول ياسـمين \"كان‬ ‫النـاس يتنمـرون علـي وينتقدوننـي عندمـا أخـرج مـن المنـزل بقولهـم المشـلول لا يخـرج مـن بيتـه‪ ،‬لكننـي‬ ‫الآن بعـد أن تخطيـت هـذه المرحلـة نادمـة علـى تأثـري سـابق ًا بـكلام النـاس المحبطـة مـن حولـي‪ ،‬فبعـد‬ ‫معرفتـي لجمعيـة عايشـة أصبحـت اليـوم أقـوى بكثيـر ممـا سـبق ولا يهمنـي كلام النـاس\"‪.‬‬ ‫تعرفــت ياســمين علــى جمعيــة عايشــة لحمايــة المــرأة والطفــل عــن طريــق جلســات الدعــم النفســي‬ ‫الجمعـي والفـردي التـي تنفذهـا الجمعيـة فـي مناطـق سـكناهم مـن خـال الشـراكة مـع المؤسسـات‬ ‫القاعديــة‪ ،‬فقــد حضــرت ياســمين ورشــة دعــم نفســي شــعرت مــن خلالهــا بالراحــة والطمأنينــة ممــا‬ ‫جعلهـا متعطشـة أكثـر لتتعـرف علـى جمعيـة عايشـة وتسـتفيد مـن خدماتهـا الصحيـة والنفسـية‪.‬‬ ‫اسـتطاعت ياسـمين الحصـول علـى كرسـي كهربائـي لتسـهيل حركتهـا بنـاء علـى إصرارهـا الـذي اكتسـبته‬ ‫مـن الدعـم والمسـاندة فـي عايشـة والـذي زاد ثقتهـا بنفسـها‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫كل انتكاسـة لياسـمين بحالتهـا النفسـية كانـت تعتبرهـا نقطـة قـوة تتقـدم بهـا نحـو بنـاء ذاتهـا‪ ،‬فالدعـم‬ ‫النفسـي الـذي كانـت تلقتـه جعـل منهـا انسـانة أخـرى محبـة للحيـاة رغـم اعاقتهـا تقـول ياسـمين \"أطمـح‬ ‫يومــا أن أكــون قــدوة لــكل انســانة تعانــي إعاقــة حركيــة‪ ،‬أخبرهــن أنهــن ليســن أقــل مــن باقــي البشــر‬ ‫وأنهـن قـادرات علـى اجتيـاز الصعـاب فالإعاقـة ليسـت إعاقـة الجسـد بـل إن الخـوف إعاقـة‪ ،‬والإحبـاط‬ ‫إعاقـة‪ ،‬والجهـل إعاقـة\"‪.‬‬ ‫الإعاقـة سـببت لياسـمين أمـراض مزمنـة تحتـاج المتابعـة والعـاج‪ ،‬الأمـر الـذي جعـل جمعيـة عايشـة‬ ‫تسـتمر معهـا بتوفيـر العلاجـات الطبيـة ومـواد النظافـة والتعقيـم‪.‬‬ ‫فــي ختــام حديثهــا تقــول ياســمين \"لــولا جمعيــة عايشــة لكنــت الآن اعانــي الــم الوحــدة فــي غرفتــي‬ ‫خائفـة مـن النـاس ونظراتهـم‪ ،‬لكـن عايشـة قوتنـي وجعلتنـي اثـق بنفسـي كثيـر ًا‪ ،‬انـا قـادرة الآن بفضـل‬ ‫الدعـم النفسـي الـذي تلقيتـه أن أتحـدى أي انسـان يقـول ان الإعاقـة مانـع للإبـداع‪ ،‬بـل هـي المحفـز‬ ‫الأول لـي لأعيـش حيـاة مبدعـة مليئـة بالسـام\"‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook