Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore DA5AIIR2

DA5AIIR2

Published by mafadcenter, 2019-03-25 09:52:39

Description: DA5AIIR2

Search

Read the Text Version

‫مجموعة من العلامات فقط‪ ،‬وإنما بوصفه علامة في ذخائر‬ ‫النص‪ ،‬عند (يوري لوتمان) بعد ًا سيميائياً وثقافي ًا‬ ‫نص الكون الثقافي‪ .‬فالنص فيها كلٌّ متكامل؛ فهي‬ ‫قائماً على الحوارية وتداخل النصوص داخل كون‬ ‫تركز اهتمامها – مثلها مثل اتجاهات السيميائيات‬ ‫سيميائي معين‪ ،‬أساسه التفاعل والانفتاح والتجاور‬ ‫الحديثة الأخرى – على النص المتصل أو النص‬ ‫والحوار»‪)44 (.‬فالنص يكتسب وجوده من بعده‬ ‫غير المنقطع‪ )47(.‬ومع ذلك فإنه لمقاربة نصٍ ما‬ ‫الحواري‪ ،‬ومن التناصات التي يتشكل في ضوئها‪.‬‬ ‫لا بدّ من النظر إليه بوصفه مجموعة من العلامات‬ ‫إنه يتشكل بواسطة هذه التناصات والتقاطعات مع‬ ‫لمعرفة الآليات التي أنتج بها‪ ،‬والكيفية التي تشكل‬ ‫الأنظمة السيميائية الأخرى في هذا الكون الثقافي‪ .‬فـ‬ ‫بها‪ .‬أي لمعرفة تداخلات النص (العلامة الكبرى)‬ ‫«انتقال النصوص يتم في الواقع في كل الاتجاهات‪،‬‬ ‫مع نصوص الثقافة الأخرى‪ .‬فالثقافة نظام تراتيبي‬ ‫تيارات كبيرة وصغيرة تتقاطع وتترك آثارها الخاصة‪.‬‬ ‫ينطلق من أصغر بنية في النص بوصفها علام ًة إلى‬ ‫بشكل متزامن‪ ،‬النصوص تجد نفسها موصولة ليس‬ ‫علامة أكبر (النص) تشارك في تشكيل نص أكبر‬ ‫بواسطة واحد‪ ،‬ولكن بواسطة عدد كبير من مراكز‬ ‫هو نص الثقافة‪.‬‬ ‫سيمياء الكون‪ ،‬وسيمياء الكون الحقيقية تعد متحركة‬ ‫وتتهم سيميائيات الثقافة (مدرسة تارتو – موسكو)‬ ‫داخل حدودها الخاصة»‪ )45 (.‬فالنص ‪ -‬وإن كان نظامًا‬ ‫بالنص الأدبي‪ ،‬وترى أنه نظامٌ منمذ ٌج ثانوي‪« .‬الأدب‬ ‫أو كيانًا لغ ًويا – فإنهُ يع ُّد فسيفساء من نصوص‬ ‫نظام منمذج لأنه يق ّدم نموذ ًجا للعالم‪ ،‬ولكنه ثانوي‪،‬‬ ‫وأنظمة ثقافية أخرى‪ .‬إنه عبارة عن ذاكرة للثقافة‬ ‫لأنه مبني على أساس نظام آخر هو النظام اللغوي‪:‬‬ ‫وأنظمتها التي تتقاطع معه وتعمل على إنتاجه‪ .‬إ َّن‬ ‫النظام المنمذج الأول»‪ )48 (.‬فالنص الأدبي نظام‬ ‫النص – على ذلك – نظام ثقافي دال غير منعزلٍ عن‬ ‫سيميائي ولكنه قائم على نظام آخر‪ .‬وهو مكون من‬ ‫الأنظمة الأخرى‪ ،‬بل إنه يكتسب وجوده من تقاطعه‬ ‫نظامين‪ ،‬الأول‪ :‬النظام اللغوي‪ ،‬والآخر‪ :‬النظام الفني‪.‬‬ ‫وهذا الأخير مأخوذ من أنظمة سيميائية مختلفة‪ ،‬وهو‬ ‫وتداخله معها‪.‬‬ ‫نظام غير مستقل ولا يتحقق وجوده إلا باجتماعه مع‬ ‫إن النص في سيميائيات الثقافة لا يقتصر على النص‬ ‫النظام الأول‪.‬‬ ‫اللغوي الإبداعي‪ ،‬وإنما ينطبق على كل نظامٍ علاماتي‬ ‫يحمل دلالة‪ .‬والثقافة عبارة عن نص مركبٍ معقد‪،‬‬ ‫‪ . 1.3‬خلاصة‪:‬‬ ‫أو هي مجموعة من النصوص التي تتداخل وتتفاعل‬ ‫فيما بينها‪ .‬والنص الأدبي أحد هذه الأنظمة‪ ،‬وهو‬ ‫نلاحظ – مما سبق – اختلا ًفا في نظرة ك ٍل من‬ ‫نظام دال يعمل ضمن سيرورة التداخلات بينه وبين‬ ‫النقد الثقافي وسيميائيات الثقافة بالنسبة لمفهوم‬ ‫أنظمة الثقافة الأخرى‪ .‬فـ«لكي نصف حياة النص‬ ‫النص‪ .‬فمفهوم النص فيهما يتحدد من خلال علاقته‬ ‫في إطار نظام الثقافة أو العمل الداخلي للبنى التي‬ ‫بالثقافة‪ ،‬أي أنه من خلال نظرة كل منها للثقافة‬ ‫تكونه‪ ،‬فإن الاقتصار على وصف النظام المحايث‬ ‫يتحدد مفهوم النص‪ .‬وقد عرضتُ في المبحث‬ ‫لمختلف المستويات يصبح غير كاف»‪ )46(.‬ولذلك‪،‬‬ ‫السابق لاختلاف نظرتهما للثقافة‪ .‬فالنقد الثقافي‬ ‫فإن سيميائيات الثقافة لا تنظر إلى النص بوصفه‬ ‫يرى في الثقافة أنساقًا مضمر ًة ومتجذرةً؛ لذلك‬ ‫‪51‬‬

‫تتعلق قراءته بنظام سيميائي آخر‪ .‬وفي المقابل فإن‬ ‫فالنص – بالنسبة له – وعاءٌ حام ٌل لتلك الأنساق‪.‬‬ ‫النص في سيميائيات الثقافة أحد الأنظمة الثقافية‬ ‫بينما تنظر سيميائيات الثقافة إلى الثقافة بوصفها‬ ‫الدالة التي لا يمكن أن يكتسب وجوده إلا باتصاله‬ ‫أنظمة سيميائية متداخلة‪ .‬والنص نظام مستقل من‬ ‫هذه الأنظمة‪ ،‬ولكنه يتداخل – من خلال علاقات‬ ‫وتقاطعه مع الأنظمة الأخرى‪.‬‬ ‫وبالرغم من بعض التقاربات في مفهومهما للنص؛‬ ‫مختلفة ‪ -‬مع الأنظمة الأخرى‪.‬‬ ‫فإن هناك اختلافات واضحة وكثيرة يمكن اختصارها‬ ‫وإذا كان كلاهما يرى في النص كتل ًة واحدةً أو كلً‬ ‫متكاملً غير قابل للتجزئة؛ فإن النص في النقد‬ ‫في الجدول الآتي‪:‬‬ ‫الثقافي يكتسب وجوده من نظامه المحايث؛ بحيث لا‬ ‫يتفقان في نظرتهما للنص بوصفه كلا واحدا لا يتجزأ‪ ،‬كما يتفقان في أن النص الأدبي مشفر تشفيرا‬ ‫ثقافيا‪ ،‬و لكنهما يختلفان في كيفية ذلك التشفير و آلياته‪.‬‬ ‫الأول‪ :‬يرى أنه لا صلة للنقد الثقافي بجمال النص‬ ‫‪ . 2‬جماليات النص‪:‬‬ ‫وأدبيته‪ .‬وهو يرى أن النقد الثقافي لا يبحث عن‬ ‫جماليات النص‪ ،‬بل إنه يبحث عن عكس ذلك تما ًما‪.‬‬ ‫‪ .2.1‬جماليات النص في النقد‬ ‫إنه يسعى إلى كشف العيوب النسقية للنص‪ ،‬و«يتجه‬ ‫الثقافي‪:‬‬ ‫إلى كشف حيل الثقافة في تمرير أنساقها»‪)49 (.‬‬ ‫فالأدب – بالنسبة لهذا الاتجاه – انتهى‪ ،‬والنقد‬ ‫عندما نتكلم عن النص – هنا – فإنما نعني به النص‬ ‫الأدبي؛ فالجمال فيه أظهر‪ ،‬وبه ألصق‪ .‬والنقد الثقافي‬ ‫‪ -‬بالنسبة لجمال النص وبلاغته وأدبيته – اتجاهان‪،‬‬ ‫‪52‬‬

‫الثقافي إلى مقاربتها في حالتها هذه‪ ،‬ويسعى إلى ذخائر‬ ‫الأدبي مات‪ .‬فبعض النقاد الثقافيين يرون أن «الأدب‬ ‫الكشف عن قيمتها النسقية الثقافية‪« .‬والنص هنا‬ ‫بصفته الجمالية مخلوق (برجوازي)‪ ،‬لا معنى له خارج‬ ‫ليس فحسب ن ًصا أدبيًا وجماليًا‪ ،‬ولكنه أي ًضا حادثة‬ ‫القرن التاسع عشر في أوربا»‪ )50 (.‬وقد أعلن الغذامي‬ ‫ثقافية‪ .‬وبما أنه كذلك فإن الدلالة النسقية فيه سوف‬ ‫موت النقد الأدبي وإحلال النقد الثقافي مكانه‪)51 (.‬‬ ‫تكون هي الأصل النظري للكشف والتأويل»‪)53 (.‬‬ ‫وبذلك‪ ،‬فإن الأدبية لا معنى لها في النقد الثقافي‪.‬‬ ‫وعلى ذلك‪ ،‬فإنه لا مكان لجمال النص في النقد‬ ‫وفي أحسن الأحوال ليست سوى حيلة للإنتاج (إخفاء‬ ‫الثقافي من منظور هذا الاتجاه؛ فهو يتعامل مع نصٍ‬ ‫نسق ٍي مجردًا من الإغراءات‪.‬‬ ‫الأنساق المضمرة)‪ ،‬وأداة مح َو َرة للتأويل‪.‬‬ ‫والاتجاه الآخر يرى أن للنص في النقد الثقافي‬ ‫جاءت هذه النظرة بناءً على أن النقد الأدبي قد استنفد‬ ‫‪ -‬أو بتعبير آخر للتحليل الثقافي ‪ -‬جماليته‪ .‬فهو‬ ‫طاقته في كشف الجماليات وتبريرها‪ ،‬وأن ما لم‬ ‫يرى في النص واقعة ثقافية جمالية‪ ،‬يمتزج فيها‬ ‫يكشف – بالرغم من ضرورته – هو الأنساق المضمرة‬ ‫اللغوي بالثقافي في وعاءٍ جديد جميل تشكله الذات‬ ‫أو العيوب النسقية للنص‪ .‬ولذلك فقد أسس الغذامي‬ ‫المبدعة‪ .‬وعند ما نقول أن النص «هو حادثة ثقافية‬ ‫نظريته في النقد على ما سماه (القبيحات)‪ ،‬وهي‬ ‫جمالية‪ ،‬فإن هذا يدل على أن الشاعر يستمد مادته‬ ‫العيوب النسقية التي زرعتها الثقافة في النصوص‪.‬‬ ‫الفنية وصوره الشعرية من خلال ثقافة التفاعل مع‬ ‫«وكما أن لدينا نظريات في الجماليات‪ ،‬فإن المطلوب‬ ‫مجتمعه»‪)54 (.‬وبالرغم من أن الهدف هو النسق‪ ،‬وأن‬ ‫إيجاد نظريات في (القبيحات) لا بمعنى البحث عن‬ ‫النص هنا – أيضًا – نسقي‪ ،‬إلا أن هذا الاتجاه يرى‬ ‫جماليات القبح‪ ،‬مما هو إعادة صياغة وإعادة تكريس‬ ‫أن للنسق بلاغته وجماله‪ ،‬وأن التحليل بكشفه عن‬ ‫للمعهود البلاغي في تدشين الجمالي وتعزيزه‪،‬‬ ‫أنساق النص إنما يكشف عن جمال النص‪ .‬فجمال‬ ‫وإنما المقصود بنظرية القبيحات هو كشف حركة‬ ‫النص في الأنساق المضمرة التي شكلته‪ ،‬وبعثت في‬ ‫الأنساق وفعلها المضاد للوعي وللحس النقدي»‪.‬‬ ‫جسده اللغوي روحًا‪ ،‬وأعطته انزيا ًحا جماليًا‪ .‬فـ«اللغة‬ ‫( ‪ )52‬وهذا النظرة (المتطرفة) جاءت ردة فعل على‬ ‫لا تخلق شاعريتها وإنما تستعيرها من العالم الذي‬ ‫النقد الأدبي الشكلي‪ ،‬الذي يرى أن النص نتاجًا‬ ‫تصفه»‪ )55 (.‬وكذلك يكتسب النسق بلاغته من لغته‬ ‫لغ ًويا‪ ،‬ويرى الجمال في شكله اللغوي‪ ،‬الذي يغفر‬ ‫المراوغة‪ .‬فبما أن الجمالي في النص هو حيلة يتخفى‬ ‫كل عيوبه النسقية‪ ،‬بل ويبررها‪ .‬والنقد الأدبي في‬ ‫بها النسق‪ ،‬فإن الجمالي ضروري للنص؛ مما يعني‬ ‫العصر الحاضر عرف نظريات أخرى تركز على المعنى‬ ‫أ َّن تحق َق النسق المضمر قائ ٌم على ظاهره (اللغوي)‬ ‫في حالتي الإنتاج والتلقي‪ ،‬وتهتم بالشفرات والأنظمة‬ ‫ال ج م ال ي‪.‬‬ ‫غير اللغوية في النص‪ ،‬ولكنها لا تلغي جماليته‪ ،‬كما‬ ‫وعلى ذلك فإن دراسات التحليل لهذا الاتجاه «لا‬ ‫تنفي القيمة الجمالية وأهميتها في التحليل الثقافي‬ ‫يفعل هذا التيار في النقد الثقافي‪.‬‬ ‫بقدر ما تعززها وتؤكد ضرورتها»‪ )56(.‬فالنسق يشكل‬ ‫وعلى ذلك‪ ،‬فالنقد الثقافي لا يتعامل مع النص بصفته‬ ‫داخل النص بعدًا بلاغ ًيا ينتمي إلى بلاغة المعنى؛‬ ‫الجمالية‪ ،‬بل بصفته النسقية‪ .‬فهو لا يتعامل معها‬ ‫بوصفها رموزًا لغوية جمالية‪ ،‬بل بوصفها أنساقًا‬ ‫ثقافية مضمر ًة‪ .‬فالنصوص حالة ثقافية‪ ،‬يسعى النقد‬ ‫‪53‬‬

‫وهي جمالية لا تحققها العلامات مستقرة في أنظمتها‬ ‫فالنسق إعادة تشفير للنص بشفرة ثقافية معينة‪.‬‬ ‫ومعزولةً عن فضائها السيميائي‪ ،‬وإنما تتحقق عن‬ ‫وفي التشفير تكمن بلاغة النص وجماله؛ لما يحدثه‬ ‫طريق حركة السميوزيس‪/‬السيرورة الدلالية من‬ ‫في ذهن القارئ من مفاجأة‪ ،‬ولما يصنعه في النص‬ ‫الداخل‪/‬المركز إلى الخارج‪/‬الهامش أو العكس‪.‬‬ ‫من فراغات‪ .‬فجماليات النص تقوم على التشفير‬ ‫وهو ما يعني أن جمالية النص تكمن في التوتر‬ ‫الذي تقوم به الأنساق الثقافية المضمرة؛ فهي التي‬ ‫الدلالي في منطقة الحدود التي تفصل وتوصل بين‬ ‫تشكل النص من علامات لغوية مشفرة تشفيرًا‬ ‫الداخل والخارج‪ .‬ومعرفة التوتر قائم على تتبع حركة‬ ‫ثقافيًا؛ وبذلك فإن الأنساق هي من تصنع انزياحات‬ ‫السميوزيس داخل الفضاء السيميائي‪ .‬بمعنى آخر‪،‬‬ ‫تتبع عمليتي الإنتاج والتأويل‪« .‬ولا تنتج دلالة النص‬ ‫النص وفراغاته‪ ،‬ومن َث َّم جمالياته وبلاغته‪.‬‬ ‫الثقافية إلا حين التقاء الإنتاج مع التلقي والتأويل‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬تعد النصوص المؤسسة الثقافية الأولى»‪.‬‬ ‫‪ . 2.2‬جماليات النص في سيميائيات‬ ‫(‪ )59‬فعملية الإنتاج لا تشكل وحدها معنى النص‬ ‫الثقاقة‪:‬‬ ‫حتى تلتقي بعملية التأويل؛ فهذا الالتقاء هو ما يعطي‬ ‫النص معناه وجماله‪ .‬ولذلك فإن سيميائيات الثقافة‬ ‫سيميائيات الثقافة تهتم بكل الأنظمة الدالة داخل‬ ‫تنظر إلى النص بوصفه نظامًا منمذجًا ثان ًويا؛ وهو‬ ‫هذا الكون الثقافي‪ ،‬إلا أن الأدب – بوصفه نظامًا ثقاف ًيا‬ ‫ما يعطيه ميز ًة سيميائية‪ ،‬وبعدًا جمال ًيا‪ .‬فالنظام‬ ‫دالً – حظي باهتمام خاص‪ ،‬وخاصة من قبل مدرسة‬ ‫السيميائي للأدب يختلف عن النظام السيميائي للغة‬ ‫(تارتو ‪ -‬موسكو)‪ .‬فـ(يوري لوتمان) – أحد أهم‬ ‫الطبيعية؛ لأن الأدب يتكون منها ويضيف إليها نظا ًما‬ ‫مؤسسي هذه المدرسة – يخصص جز ًءا من بحوثه‬ ‫آخر هو النظام الفني‪ .‬ففي الأدب تلتقي وتتقاطع‬ ‫ودروسه بجامعة (تارتو) لدراسة بنية النص الأدبي‪،‬‬ ‫وخاصة النص الشعري‪ .‬ومن مؤلفاته التي ضمت‬ ‫أنظمة ثقافية كثيرة‪.‬‬ ‫هذه البحوث‪( ،‬دروس في الشعرية البنيوية ‪،)1964‬‬ ‫ولذلك؛ فإن جماليته تتمثل في أنه المرآة السحرية‬ ‫و(بنية النص الفني ‪ .)1970‬وهذه الأبحاث تساهم‬ ‫التي نرى العالم من خلالها‪« .‬وهذا يشبه المرايا‬ ‫مساهمة أساسية في بناء العلاقة بين السيميائية‬ ‫السحرية التي نلمح من خلالها صورة الكل»‪)60(.‬‬ ‫والشعرية‪ )57 (.‬والنص في سيميائيات الثقافة له أكثر‬ ‫ووف ًقا للنظرية الكلية عند (كروتشه) الذي يرى‬ ‫من وظيفة‪ ،‬تأتي الجمالية ضمن تلك الوظائف التي‬ ‫أن «كل شيء ينبض بحياة الكل والكل موجود في‬ ‫ينهض النص بالقيام بها‪ .‬يقول (لوتمان)‪« :‬وبشك ٍل‬ ‫حياة أي شيء»‪ )61(.‬فالكلمات تستدعي سلسلة‬ ‫أكثر تحديدًا فإن محور اهتمامنا هو القيمة الفنية‬ ‫من الدلالات التي تتعمق إلى أن تحتوي عالمها أو‬ ‫الخاصة التي تجعل ذلك النص مؤهلً لتحقيق وظيفة‬ ‫ما سماه الخليل الفراهيدي (البقية) يقول‪« :‬البلاغة‬ ‫جمالية معينة»‪ )58 (.‬فالنص لا يتخلى عن أدبيته‬ ‫كلمة تكشف عن البقية»(‪ .)62‬فالنص هو جزء يكشف‬ ‫وجماليته‪ ،‬بل إن سيميائيات الثقافة تسعى إلى‬ ‫عن الكل‪/‬العالم‪ .‬وهو ما يعني أن العلامات اللغوية لا‬ ‫إبراز هذه الجمالية بوصفها بعدًا جمال ًيا لهذا النظام‬ ‫الدلالي (النص الأدبي)‪ ،‬وخاصي ًة مميزة له عن بقية‬ ‫الأن ظ م ة‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫النص الأدبي‪ ،‬وهو ما يجعله – لبلاغته – نموذ ًجا ذخائر‬ ‫تكتسب أدبيتها إلا باتصالها بالعالم الثقافي الذي‬ ‫مصغرًا للعالم‪.‬‬ ‫تعيش فيه‪ .‬وهذا الاتصال والتداخل بين النظام‬ ‫اللغوي والأنظمة الثقافية الأخرى هو ما يشكل كيان‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقاربة النص‪:‬‬ ‫كما يختلف النقد الثقافي وسيميائيات الثقافة في مفهوم النص وحدوده؛ فإنهما يختلفان في مقاربته؛ فك ّلٌ‬ ‫منهما له هدفه وأدواته وجهازه المفاهيمي الخاص به‪ .‬وسيقدم البحث مثا ًل على ذلك بقراءةٍ لنص للمتنبي‬ ‫في ضوء النقد الثقافي‪ ،‬وأخرى في ضوء سيميائيات الثقافة؛ ليبين اختلافهما في قراءة النص‪ .‬والنص هو‪)63(:‬‬ ‫(ال ك ام ل)‬ ‫وَ َهوى الأَحِ َّبةِ ِمن ُه في َسودائِ ِه‬ ‫َعذلُ ال َعوا ِذ ِل َحولَ َقل ِب التا ِئهِ ‬ ‫ ‬ ‫َوَيصُ ُدّ حي َنَ ي ُلمنَ عَن بُ َرحا ِئ ِه‬ ‫َ يشكو ال َملا ُم إِلى اللَوا ِئ ِم َح َّره ُ‬ ‫ ‬ ‫َأسخَط ُت ُك َّل النا ِس في إِرضائِ ِه‬ ‫َوبِمُه َجتي يا عاذِلي المَ ِل ُك الَّذ ي‬ ‫ ‬ ‫َملَ َك ال َزما َن بِأَر ِضهِ وَ َسمائِ ِه‬ ‫إِن كا َن قَد َم َل َك ال ُقلو َب فَإِ ّنَهُ ‬ ‫ ‬ ‫ُقرَنائِهِ َوال َسيفُ مِن َأسمائِ ِه‬ ‫الشَمسُ مِن حُسّا ِدهِ َوال َنصرُ مِن ‬ ‫ ‬ ‫ِمن ُحسنِهِ وَإِبائِهِ وَمَضائِ ِه‬ ‫أَينَ ال َثلا َث ُة ِمن َثلا ِث ِخلالِ هِ ‬ ‫ ‬ ‫َو َل َقد أَتى َفعَ َجز َن عَن ُنظَرا ِئ ِه‬ ‫مَضَتِ الدُهو ُر َوما َأتَينَ بِ ِمثلِهِ ‬ ‫ ‬ ‫‪ . 1‬في ضوء النقد الثقافي‪:‬‬ ‫يقوم النقد الثقافي على تشريح النص وقراءته قراءة فاحصة بح ًثا عن الأنساق المضمرة فيه‪ ،‬والمتمركزة‬ ‫في بنيته العميقة‪ .‬وهي أنساق ثقافية مضمرة تغطيها أنساق أخرى معلنة‪ .‬ويتبع في ذلك طريقة التفكيك‬ ‫والتشريح للوصول إلى الجملة الثقافية (مركز النسق)؛ ومن َثمَّ الوصول إلى النسق المضمر‪ .‬فقد «تأثر المنهج‬ ‫الثقافي بمنهجية (جاك دريدا) التفكيكية القائمة على التقويض والتشتيت والتشريح»‪ )64(.‬ومع أن النقد‬ ‫الثقافي يسعى إلى «توظيف الأداة النقدية التي كانت أدبية ومعنية بالأدبي‪/‬الجمالي‪ ،‬وتوظيفها توظيفًا جديدًا‬ ‫لتكون أداة في (النقد الثقافي) لا الأدبي»‪ )65 (.‬ومع ذلك فإنه يعتمد على جها ٍز مفاهيمي خاصٍ به كالنسق‬ ‫المضمر‪ ،‬والوظيفة النسقية‪ ،‬والمجاز الكلي‪ ،‬والتورية الثقافية‪ ،‬والجملة النوعية‪/‬الثقافية‪.‬‬ ‫• من خلال النص السابق نجد ثلاثة أنساق مضمرة متحكمة في النص تقابلها ثلاثة أخرى معلنة تغطيها‪،‬‬ ‫على النحو الآتي‪:‬‬ ‫ ‪ -‬الأبيات ‪:3-2-1‬‬ ‫يشكل كيان هذه الأبيات نسقان‪ ،‬الأول‪ :‬الظاهر المو َّرى به‪ ،‬وهو مزج الغزل العذري بغرض المديح؛ مما أظهر‬ ‫النص بمظهر بليغ جميل‪ .‬إلا أن هذا النسق استخدم قناعًا لإخفاء نسق آخر‪ :‬هو النسق المضمر الذي يتمثل‬ ‫‪55‬‬

‫الشاعر ش َّحا ًتا منافقًا متزل ًفا‪،‬‬ ‫= غرض أدبي)‪ .‬فالممدوح في‬ ‫ثقاف ًيا في النفاق والتزلف‪ .‬إن نسق‬ ‫ويصنع من الملك بطلً خارقًا‬ ‫النص السابق واحد الدهر الذي‬ ‫الأدبية الذي يتمثل في استدعاء‬ ‫أوح ًدا‪ ،‬ويؤسس لبيئة استبدادية‪.‬‬ ‫ملك الزمان‪ ،‬وفاق الشمس‬ ‫قاموس الغزل العذري (عذل –‬ ‫وهذه الأخيرة هي قيمته الثقافية‬ ‫حسنًا‪ ،‬والنصر إباءً‪ ،‬والسيف‬ ‫عواذل – قلب التائه – ال َم َلم –‬ ‫مضا ًء؛ ليس إلا رج ًل يهب المال‬ ‫اللوائم – يلمن ‪ -‬عاذلي) ما هو إلا‬ ‫ال ن س ق ي ة‪.‬‬ ‫لمن يطلبه ويمجده ويستجديه‪.‬‬ ‫تغطية وتعمية عن نسق المداهنة‬ ‫• ومن ناحية أخرى فإن‬ ‫والمديح يتحول وفقًا للنسق‬ ‫والنفاق‪ .‬وهو ما كشف عنه عجز‬ ‫التحليل الثقافي كما أظهر عيوب‬ ‫المضمر هذا إلى استجداء‪.‬والنسق‬ ‫البيت الثالث “أسخطت كل‬ ‫النص النسقية يظهر جمالياته‬ ‫المضمر الآخر‪ :‬التمجيد والتعظيم‬ ‫الناس في إرضائه”‪ .‬وهذه الجملة‬ ‫النسقية‪ .‬فالأنساق الثقافية‬ ‫(التطبيل)‪ ،‬ويستتر بقناع المبالغة‬ ‫هي الجملة النوعية‪/‬الثقافية‬ ‫المضمرة تتوزع بين أنساقٍ تكشف‬ ‫(بمصطلحات النقد الثقافي)‬ ‫جوهر النص الحقيقي المتمثل في‬ ‫التي تساوي البلاغة‪.‬‬ ‫فهي تكشف النسق المضمر في‬ ‫قيمته الثقافية (العيوب النسقية)‪،‬‬ ‫فالمبالغات نسق مضمر يعطي‬ ‫النص‪ .‬إنها من أعطت للنص دلال ًة‬ ‫وأنسا ٍق أخرى تكتنز جمال النص؛‬ ‫النص دلا لة نسقية وقيم ًة‬ ‫أخرى غير الحب والغرام وأدبية‬ ‫فتتحول القيمة الثقافية إلى قيمة‬ ‫ثقافية‪ .‬فـ”الشمس من حساده‬ ‫الغزل العذري؛ فبها يكتسب النص‬ ‫جمالية تظهر بلاغة إنتاجه وتأويله‪.‬‬ ‫‪ ”...‬و”مضت الدهور ‪ ”...‬و”ملك‬ ‫دلالته النسقية‪ ،‬وقيمته الثقافية؛‬ ‫وأضرب على ذلك بنسقين اثنين‬ ‫الزمان بأرضه وسمائه” مبالغات‬ ‫تؤدي وظيف ًة أخرى غير الوظيفة‬ ‫فترتبط دلالته بالنفاق والتزلف‪.‬‬ ‫من النص موضع التحليل‪:‬‬ ‫البلاغية؛ وهي الوظيفة الثقافية‬ ‫‪ -‬الأبيات ‪:4-5-6-7‬‬ ‫ ‪ -‬نسق العاذل‪ :‬وهو النسق‬ ‫النسقية‪ .‬فهي تحيل على نسق‬ ‫الذي يتحكم في الأبيات الثلاثة‬ ‫مضمر يمجد ويعظم ويصنع‬ ‫تحتوي هذه الأبيات على نسقين‬ ‫الأولى‪ ،‬ويوجه بقية الأبيات في‬ ‫الرجل الأوحد (الممدوح‪/‬الملك)‪.‬‬ ‫ثقافيين مضمرين‪ ،‬يغطيهما‬ ‫النص‪ .‬وهو نسق ثقافي يتمثل في‬ ‫فالنسق المضمر في النص يصنع‬ ‫نسقان معلنان يعملان على‬ ‫(الناهي عن شيء يرى أنه غير‬ ‫بط ًل مستبدًا لا على البشر وحدهم‪،‬‬ ‫إخفائهما‪ .‬أولهما‪ :‬الشحاتة‪،‬‬ ‫محمود)‪ .‬وقيمة النسق الثقافية‬ ‫بل على الزمان والمكان والصفات؛‬ ‫ويختبئ هذا النسق تحت نسق‬ ‫هي في وجود لائم‪/‬عاذل يلوم‬ ‫إنه بطل خار ٌق مَلِ َك الزمانَ‪،‬‬ ‫المديح‪ .‬وقد كرست الثقافة العربية‬ ‫الشاعر على القول الذي يشرع‬ ‫والجما َل‪ ،‬والنصرَ‪ ،‬والقوةَ‪ ،‬وعجز‬ ‫فكرة أن المدح (الشحاتة بالشعر)‬ ‫فيه (المدح والتمجيد والمبالغة)‪.‬‬ ‫الده ُر أن يأتي بمثله‪ .‬وعلى ذلك‪،‬‬ ‫ل ُا يس ّمى شحاتة‪ ،‬بل مدي ًحا‪ .‬وفي‬ ‫وجمالية النسق العاذل في أنه‬ ‫فإن النص في نسقه المعلن ليس‬ ‫الحقيقة أن هذا النسق (المختفي‬ ‫يحيل على لائم ما‪ ،‬قد يكون‬ ‫إلا مبالغات تكسبه أدبيته وجماله‪،‬‬ ‫ذات المجتمع الثقافي (الذات‬ ‫لكنه بنسقه المضمر يصنع من‬ ‫قس ًرا) وهو الاستجداء بالشعر‬ ‫الجمعية) التي يستشعر الشاعر‬ ‫قد زرعته الثقافة في الذاكرة‬ ‫التاريخية بمُسمى مُضاد (المديح‬ ‫‪56‬‬

‫وسيميائيات الثقافة تنظر إلى ذخائر‬ ‫سيميائيات الثقافة‪:‬‬ ‫أنها تعذله وتلومه‪ .‬وقد يكون ذات‬ ‫النص بوصفه علامة (نظامًا دلاليًا)‬ ‫في نص الكون الثقافي‪ ،‬يتقاطع‬ ‫تقارب سيميائيات الثقافة النص‬ ‫الشاعر نفسه وضميره‪ .‬وتتمثل‬ ‫ويتداخل مع الأنظمة الأخرى‪ .‬ومن‬ ‫بوصفه نظامًا منمذجًا ثان ًويا‪.‬‬ ‫هذا المنطلق يسعى إلى الكشف‬ ‫فالنص الأدبي يتكون من نظامين‪:‬‬ ‫جماليته في أنه هو من شكل‬ ‫عن تلك التداخلات والتقاطعات‬ ‫النظام المنمذج الأول (اللغوي)‪،‬‬ ‫التي تظهر في عملية الإنتاج‬ ‫والنظام الفني‪ .‬والأخير دخيل على‬ ‫مقدمة النص باستدعاء قاموس‬ ‫والتأويل‪ ،‬وما أحدثته من تشويش‬ ‫الأول يشوش حركته ودلالته؛ مما‬ ‫وتعقيد وإزاحة‪ .‬وللوصول إلى هذه‬ ‫يجعل النص الأدبي معقدًا في‬ ‫الغزل العذري في غرض المدح‪.‬‬ ‫الغاية فإنها تنظر إلى النص على‬ ‫قراءته؛ «وهما نظامان يعملان‬ ‫أنه مكون من علامات‪ ،‬مع أنها‬ ‫على أساس قواعد مختلفة رغم‬ ‫ ‪ -‬نسق الشعر بوصفه قوة‬ ‫لغوية (تنتمي إلى النظام اللغوي)‬ ‫أن المادة القاعدية واحدة‪ .‬ومن‬ ‫إلا أنها – من خلال سيرورتها‬ ‫الواضح أن هذا التداخل بين‬ ‫جبارة تستطيع صنع ما لا يستطيع‬ ‫الدلالية – متصلة بالأنظمة‬ ‫نظامين‪ :‬النظام اللغوي والنظام‬ ‫الثقافية الأخرى‪ .‬والنص الأدبي‬ ‫الفني يؤدي إلى تعقيد كبير وإلى‬ ‫الإنسان صنعه في الواقع‪ .‬فهو‬ ‫يعيد تشفيرها من خلاله امتصاصه‬ ‫انبثاق خصائص مميزة لعناصر‬ ‫لنصوص ثقافية مختلفة‪ ،‬وتقاطعه‬ ‫النظام اللغوي ما كان يمكن‬ ‫الذي صنع البطل الخارق في‬ ‫مع أنظمة دلالية متعددة في العالم‬ ‫ملاحظتها لو لم يلتق بالنظام‬ ‫الذي تعيش فيه‪.‬‬ ‫الفني في نظام هجين هو النظام‬ ‫النص‪ .‬والثقافة العربية ترى‬ ‫في النص السابق تتقاطع أنظمة‬ ‫الأدبي‪ .‬وهو تعقيد سيكون له‬ ‫دلالية (عوالم ثقافية) مختلفة‪،‬‬ ‫تأثير في طبيعة العلامة نفسها‬ ‫في الشعر قوةً ترفع الدنيء إلى‬ ‫فيتقاطع النظام الدلالي للمديح مع‬ ‫وكيفية اشتغالها لإنتاج المعنى‬ ‫عالم الغزل العذري ونظامه الدلالي‬ ‫ف ي النص الأدبي»‪ )66(.‬وذلك‬ ‫المراتب العالية‪ ،‬مثلما تضع العالي‬ ‫(عذل – العواذل – هوى ‪ -‬الملام‬ ‫يعني أننا أمام ن ٍص مشفر تشفي ًرا‬ ‫– اللوائم ‪...‬الخ)‪ ،‬بما تحمله‬ ‫داخل ًيا‪ ،‬بالإضافة إلى تشفير‬ ‫إلى أسفل المراتب‪ .‬وقد تسربت‬ ‫هذه العلامات من سيرورة دلالية‬ ‫خارجي مضاعف‪ .‬فالنظام اللغوي‬ ‫تتعلق بعالم الحب والعشق‪ .‬كما‬ ‫مشفر من داخله‪ ،‬ومشفر من‬ ‫هذه الثقافة إلى النص وكونته؛‬ ‫يتقاطع مع عوالم الحرب (السيف‬ ‫خارجه؛ نتيج ًة للخلفيات اللسانية‬ ‫– القوة – الإباء ‪ -‬المضاء)‪ ،‬بما‬ ‫والثقافية للعلامة اللغوية‪ .‬والنظام‬ ‫فظهر الممدوح بط ًل خار ًقا؛ فم َّلكه‬ ‫لها من خلفية لسانية وثقافية‬ ‫الفني يعيد تشفير النظام اللغوي‬ ‫ما لا يملك (ملك الزمان بأرضه‬ ‫بشفراته الخاصة‪.‬‬ ‫وسمائه)‪ ،‬وأعطاه ما ليس له‪:‬‬ ‫جما ًل يفوق الشمس‪ ،‬وقوةً تجعل‬ ‫النصر قرينه‪ .‬لقد صنع النص‬ ‫منه بسبب تَ َش ّرُبه بهذا النسق‬ ‫واح َد الدهر‪ .‬وهذه القيمة الثقافية‬ ‫للنسق تحيل على قيمة جمالية‬ ‫تتمثل في المبالغات والاستعارات‬ ‫التي صنعت النص‪ .‬فلولا تسرب‬ ‫ذلك النسق (الشعر بوصفه قوة)‬ ‫لما ُبنِي النص على الشكل البليغ‬ ‫الذي يبدو عليه‪ .‬أي أن النسق‬ ‫الثقافي المضمر هو من صنع أدبية‬ ‫ضو ء‬ ‫النص وجماله‪.‬‬ ‫‪ .1‬في‬ ‫‪57‬‬

‫دلالته عندما ت َّم ربطه بالنظام‬ ‫تفعيل النظام المنمذج الأول‬ ‫اكتسبتها من سيرورتها الدلالية‬ ‫الدلالي للمديح‪ .‬وهكذا بالنسبة‬ ‫(النظام اللغوي)‪ ،‬وإعادة تشفيره‬ ‫المتصلة بالحرب‪ .‬كما أن المبدع‬ ‫للنظام العلاماتي للحرب والدهر‬ ‫ليصبح ن ًصا أدب ًيا‪ .‬أي أن النظام‬ ‫(عبر النظام الفني) يصنع عوالم‬ ‫والشمس‪ .‬ومع التشويش فإن‬ ‫الفني يشكل النص بناءً على‬ ‫افتراضية‪/‬ممكنة يمزجها بالنظام‬ ‫هذه التقاطعات تعيد تشفير‬ ‫التقاطعات والتداخلات التي‬ ‫اللغوي لتشكيل النص‪ ،‬كعالم‬ ‫العلامات بشفرات جديدة يتحكم‬ ‫يقيمها بين عناصر النظام اللغوي‬ ‫(الشمس التي تحسد الممدوح‪.‬‬ ‫بها التعاضد النصي وخلفيات‬ ‫وعناصر العالم الثقافي (الفضاء‬ ‫وعالم الدهر الذي أتى بهذا الملك‬ ‫العلامات وشفراتها الثقافية‪ .‬وهو‬ ‫السيميائي) الأخرى‪ .‬وهذا التداخل‬ ‫الأوحد وعجز عن أن يأتي بمثله‪.‬‬ ‫ما ينتج عنه تعقي ٌد في القراءة‬ ‫يؤدي إلى تشويش النظام اللغوي؛‬ ‫وهذه العوالم الثقافية أو الأنظمة‬ ‫والتلقي‪ .‬كما هو واضح في الشكل‬ ‫فالنظام العلاماتي(‪ )67‬اللغوي‬ ‫الدلالية تشكل ما يسمى (النظام‬ ‫لعالم الغزل العذري تشوش ْت‬ ‫الفني)‪ ،‬وهو النظام الذي يعيد‬ ‫الآت ي‪:‬‬ ‫فعلامة (العاذل) – مثلً – أُعيد تشفيرها وأصبحت أكثر تعقي ًدا منها في نظامها الأول (الغزل العذري)؛‬ ‫فالعاذل هنا ليس شخ ًصا يلوم مح ًبا على إهلاك نفسه من أجل امرأة‪ .‬ولكنه ربما (و”ربما” هنا لأن التعقيد‬ ‫يجعل النص مفتوحًا أمام التأويلات أو حمّال أوجه) أحال على حسَّاد الممدوح أو ضمير المجتمع (الذات‬ ‫الجمعية) أو ضمير الشاعر نفسه‪ .‬و”الشمس” تنتقل من العلامة اللغوية التي تشير إلى جماد بلا مشاعر إلى‬ ‫كائن حيّ يمتلك صفة الحسد والغيرة؛ أي أنه قد ت ّمَ تشويش نظام هذه العلامة وأعيد تشفيرها بتشفير فني‬ ‫يستند على ثقافة المجتمع (بلاغة المديح والمبالغات)‪ ،‬ومن ثمَّ أصبح أكثر تعقي ًدا في إشارته إلى مدلوله‪.‬‬ ‫‪58‬‬

‫ذخائر‬ ‫الخاتمة‬ ‫توصل البحث إلى النتائج الآتية‪:‬‬ ‫‪ . 1‬النقد الثقافي وسيميائيات الثقافة ينطلقان من الثقافة‪ ،‬ويقاربان النص في ضوئها‪ .‬إلا أن‬ ‫نظرة كلٍ منهما إلى الثقافة ومفهومها وحدودها تختلف عن الآخر‪.‬‬ ‫‪ .2‬يتفقان في بعض الخلفيات‪ ،‬وينتميان إلى مناهج ما بعد الحداثة‪.‬‬ ‫‪ .3‬يختلف ك ٌل منهما عن الآخر في المفهوم والأدوات وآليات مقاربة النص‪.‬‬ ‫‪ .4‬تختلف نظرة كلٍ منهما إلى النص؛ فالنقد الثقافي يرى فيه وعاءً للأنساق الثقافية‪.‬‬ ‫وسيميائيات الثقافة ترى فيه نظامًا دا ًل يتداخل مع الأنظمة الأخرى داخل الفضاء السيميائي‬ ‫ال ك ون ي‪.‬‬ ‫‪ . 5‬ينقسم النقد الثقافي – بالنسبة لجمالية النص ‪ -‬إلى اتجاهين‪ :‬الأول‪ :‬يرى أن التحليل‬ ‫لا يبحث عن جماليات النص بل عن العكس (عيوب النص النسقية)‪ .‬والاتجاه الآخر‪ :‬يرى أن‬ ‫النسق الثقافي المضمر يشكل جمالية للنص‪.‬‬ ‫‪ .6‬تتمثل جمالية النص بحسب سيميائيات النص في عملتي الإنتاج والتأويل عن طريق‬ ‫البحث في تداخلات علامات النص مع أنظمة الثقافة الأخرى‪.‬‬ ‫‪ .7‬يتفق النقد الثقافي وسيميائيات الثقافة في أن النص قد أُعيد تشفيره بشفرات الثقافة‪.‬‬ ‫ولكنهما يختلفان في كيفية حدوث ذلك التشفير وآلياته‪.‬‬ ‫‪ . 8‬يقارب النقد الثقافي النص من البحث عن الجملة النوعية والعنصر النسقي‪ ،‬وإعطائه‬ ‫دلال ًة نسقية‪ ،‬وقيمة ثقافية‪.‬‬ ‫‪ . 9‬يسعى التحليل في سيميائيات الثقافة إلى البحث عن تقاطعات النص مع النصوص الأخرى‬ ‫داخل الفضاء السيميائي‪ ،‬ومدى تأثير النظام الفني على النظام اللغوي وما ينتج عن التقائهما‬ ‫من تشويش وتعقيد وإعادة تشفير‪.‬‬ ‫‪59‬‬

‫الهوامش‬ ‫‪ - 1‬جامعة البيضاء ‪ -‬اليمن‪.‬‬ ‫‪ - 2‬نقلً عن‪:‬نظرية الثقافة‪ ،‬صـ‪R. Biersted, The Social Order, Mc Graw Hill, 1963 .9‬‬ ‫‪New York‬‬ ‫‪ - 3‬إليوت‪ ،‬ملاحظات نحو تعريف الثقافة‪ ،‬مقدمة المترجم‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪ - 4‬نشير هنا إلى أن مصطلح (النقد الثقافي) عند (آرثر آيزابرجر) و(فنسنت ليتش) لا يدخل فيما البحث‬ ‫بصدده؛ فهو ليس مطاب ًقا أو مقار ًبا للنقد الثقافي بوصفه منهجًا معي ًنا في التحليل له مفاهيمه وأدواته‪ .‬فهذا‬ ‫المصطلح ير ُد عندهما مراد ًفا لمصطلح ما بعد الحاثة‪ .‬أي أن الكل الدراسات التي خرجت عن قيد البنيوية‬ ‫وانتفضت عليها‪ ،‬وربطتْ النص بخارجه بعد أن كان التحليل محاي ًثا‪ .‬وقد يردُ المصطلح عندهما ليدل على النقد‬ ‫خارج أسوار الجامعة؛ فهو على ذلك يقابل النقد المؤسساتي أو ما كان يعرف بالنقد الأكاديمي‪ .‬ينظر‪ :‬آرثر‬ ‫آيزابرجر‪ ،‬النقد الثقافي‪ .‬وفنسنت ليتش‪ :‬النقد الأدبي الأمريكي من الثلاثينات إلى الثمانينات‪.‬‬ ‫‪ - 5‬التاريخان َيّة الجديدة (‪ )New Historicism‬من أهم نظريات ما بعد الحداثة التي ارتبطت بالأدب‪ ،‬وقد‬ ‫ظهرت ما بين ‪ 1970‬و‪1990‬م‪ .‬ومن أهم روادها‪ :‬ستيفن غرينبلات‪ .Stephen Jay Greenblatt‬وتسعى‬ ‫إلى دراسة النص الأدبي من خلال قراءة فاحصة في إطاره التاريخي والثقافي بما يحمله من أنساق ومؤثرات‬ ‫إي دي ول وج ي ة‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬دليل الناقد الأدبي‪ ،‬ص ‪.80-81‬‬ ‫‪ - 6‬عليمات‪ ،‬جماليات التحليل الثقافي‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪ - 7‬ينظر‪ :‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي (قراءة في الأنساق الثقافية العربية)‪ ،‬وعليمات‪ ،‬النسق الثقافي ‪ -‬قراءة‬ ‫ثقافية في أنساق الشعر العربي القديم‪.‬‬ ‫‪ - 8‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.84-83‬‬ ‫‪ - 9‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21-22‬‬ ‫‪ - 10‬عليمات‪ ،‬النقد النَّسقي‪ ..‬ثقافة ال ّنص ومرجعيات ال َّنسق‪ ،‬موقع نت‪.‬‬ ‫‪ - 11‬فنسنت ب‪ .‬ليتش‪ ،‬النقد الأدبي الأمريكي‪ ..‬من الثلاثينات إلى الثمانينات‪ ،‬ص ‪.104‬‬ ‫‪ - 12‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ـ‪.42‬‬ ‫‪ - 13‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪ - 14‬المرجع السابق ص ‪.8‬‬ ‫‪ - 15‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪.10/352 ،‬‬ ‫‪ - 16‬لالاند‪ ،‬موسوعة لالاند الفلسفية‪.3/1417 ،‬‬ ‫‪ - 17‬الضاهر‪ ،‬مفهوم النسق‪ ،‬ص ‪.373‬‬ ‫‪ - 18‬مفتاح‪ ،‬التشابه والاختلاف‪ ،‬ص ‪.48‬‬ ‫‪ - 19‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫‪ - 20‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 77‬وما بعدها بتصرف‪.‬‬ ‫‪ - 21‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪ - 22‬السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫‪ - 23‬السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬ ‫‪ - 24‬الأحمر‪ ،‬معجم السيميائيات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪ - 25‬حمداوي (جميل)‪ ،‬سيميوطيقا الثقافة (يوري لوتمان نموذجا)‪ ،‬موقع نت‪.‬‬ ‫‪ - 26‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪ - 27‬إبراهيم وآخرون‪ ،‬معرفة الآخر “مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة”‪ ،‬ص ‪.106‬‬ ‫‪ - 28‬حمداوي‪ ،‬سيميوطيقا الثقافة (يوري لوتمان نموذجا)‪ ،‬مرجع نت سابق‪.‬‬ ‫‪60‬‬

‫ذخائر‬ ‫‪ - 29‬بنكراد‪ ،‬السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.258‬‬ ‫‪ - 30‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬ ‫‪.Peter Pericles Trifonas, International Handbook of Semiotics, p: 682 - 31‬‬ ‫‪ - 32‬لوتمان‪ ،‬سيماء الكون‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪ - 33‬بوزيدة‪ ،‬يوري لوتمان‪ :‬مدرسة “تارتو – موسكو”‪ ،‬وسيميائية الثقافة والنظم الدالة‪ ،‬ص ‪.191‬‬ ‫‪ - 34‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪195‬‬ ‫‪ - 35‬لوتمان‪ ،‬سيمياء الكون‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪ - 36‬بوزيدة‪ ،‬يوري لوتمان‪ :‬مدرسة “تارتو – موسكو”‪ ،‬وسيميائية الثقافة والنظم الدالة‪ ،‬ص ‪.194‬‬ ‫‪ - 37‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.186‬‬ ‫‪ - 38‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.187‬‬ ‫‪ - 39‬عليمات‪ ،‬جماليات التحليل الثقافي‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪ - 40‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪ - 41‬صالح‪ ،‬بوطيقا الثقافة‪ ،‬ص ‪26‬‬ ‫‪ - 42‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.81‬‬ ‫‪ - 43‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬ ‫‪ - 44‬حمداوي‪ ،‬الاتجاهات السيميوطيقية المعاصرة‪ ،‬ص ‪.306‬‬ ‫‪ - 45‬لوتمان‪ ،‬سيمياء الكون‪ ،‬ص ‪.80‬‬ ‫‪ - 46‬بوزيدة‪ ،‬يوري لوتمان‪ :‬مدرسة “تارتو – موسكو”‪ ،‬وسيميائية الثقافة والنظم الدالة‪ ،‬ص ‪.192‬‬ ‫‪ - 47‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.190‬‬ ‫‪ - 48‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.194‬‬ ‫‪ - 49‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.77‬‬ ‫‪ - 50‬الموسوي‪ ،‬النظرية والنقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.26‬‬ ‫‪ - 51‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.8‬‬ ‫‪ - 52‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬ ‫‪ - 53‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬ ‫‪ - 54‬عليمات‪ ،‬جماليات التحليل الثقافي‪ ،‬ص ‪.41‬‬ ‫‪ - 55‬كوين‪ ،‬اللغة العليا‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪ - 56‬عليمات‪ ،‬جماليات التحليل الثقافي‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪ - 57‬ينظر‪ :‬بوزيدة‪ ،‬يوري لوتمان‪ :‬مدرسة “تارتو – موسكو”‪ ،‬وسيميائية الثقافة والنظم الدالة‪ ،‬ص ‪.193‬‬ ‫‪ - 58‬لوتمان‪ ،‬تحليل النص الشعري‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪ - 59‬حمداوي‪ ،‬الاتجاهات السيميوطيقية المعاصرة‪ ،‬ص ‪.300‬‬ ‫‪.Peter Pericles Trifonas, International Handbook of Semiotics. P: 682 - 60‬‬ ‫‪ - 61‬تودروف وآخرون‪ ،‬في أصول الخطاب النقدي المعاصر‪ ،‬ص ‪.81‬‬ ‫‪ - 62‬ابن رشيق‪ ،‬العمدة‪ ،‬ص ‪.242‬‬ ‫‪ - 63‬ديوان المتنبي‪ ،‬ص ‪.352‬‬ ‫‪ - 64‬حمداوي‪ ،‬النقد الثقافي بين المطرقة والسندان‪ ،‬موقع نت‪.‬‬ ‫‪ - 65‬الغذامي‪ ،‬النقد الثقافي‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪ - 66‬بوزيدة‪ ،‬يوري لوتمان‪ :‬مدرسة “تارتو – موسكو”‪ ،‬وسيميائية الثقافة والنظم الدالة‪ ،‬ص ‪.194‬‬ ‫‪ - 67‬نسبة إلى العلامة‪ ،‬أي النظام المكون من علامات‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫قائمة المراجع‬ ‫‪ .1‬إبراهيم (عبدالله) وآخرون‪ ،‬معرفة الآخر «مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة»‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار‬ ‫البيضاء‪ ،‬ط ‪1996 ،2‬م‪.‬‬ ‫‪ . 2‬ابن منظور (محمد بن مكرم)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1414 ،3‬هـ‪.‬‬ ‫‪ .3‬الأحمر (فيصل)‪ ،‬معجم السيميائيات‪ ،‬منشورات الاختلاف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬ ‫‪ .4‬إليوت (ت‪ .‬س)‪ ،‬ملاحظات نحو تعريف الثقافة‪ ،‬ترجمة‪ :‬شكري محمد عياد‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪2001‬م‪.‬‬ ‫‪ .5‬آيزابرجر (آرثر)‪ ،‬النقد الثقافي‪ :‬تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية‪ ،‬ترجمة‪ :‬وفاء إبراهيم ورمضان بسطاويسي‪،‬‬ ‫المجلس الأعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪2003 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪ . 6‬بنكراد (سعيد)‪ ،‬السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬اللاذقية‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط ‪.2012 ،3‬‬ ‫‪ . 7‬بوزيدة (عبد القادر)‪ ،‬يوري لوتمان‪ :‬مدرسة «تارتو – موسكو»‪ ،‬وسيميائية الثقافة والنظم الدالة‪ ،‬مجلة عالم الفكر‬ ‫(دورية محكمة)‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت‪( ،‬مج‪ ،35‬العدد‪ ،3 :‬يناير‪/‬مارس ‪2007‬م)‪.‬‬ ‫‪ .8‬تودروف (تزفيتان) وآخرون‪ ،‬في أصول الخطاب النقدي المعاصر‪ ،‬تر‪ :‬أحمد المديني‪ ،‬دار عيون للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬ ‫ط ‪1989 ،2‬م‪.‬‬ ‫‪ .9‬حمداوي (جميل)‪ ،‬الاتجاهات السيميوطيقية المعاصرة‪ ،‬مكتبة المثقفة‪ ،‬ط ‪2015 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪ . 100‬حمداوي (جميل)‪ ،‬سيميوطيقا الثقافة (يوري لوتمان نموذجا)‪ ،‬شبكة الألوكة‪http://www.alu�،9/7/2014 ،‬‬ ‫‪kah.net/literature_language/0/73254/#ixzz3SmCPFMSX‬‬ ‫‪ . 111‬حمداوي‪ ،‬النقــــد الثقافي بين المطرقة والسندان‪ ،‬موقع ديوان العرب‪ 7 ،‬يناير ‪http://www.diwana�،2012‬‬ ‫‪larab.com/spip.php?page=article&id_article=31174‬‬ ‫‪ . 12‬الرويلي (ميجان)‪ ،‬البازعي (سعد) دليل الناقد الأدبي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪2002 ،2‬م‪.‬‬ ‫‪ .13‬صالح (بشرى موسى)‪ ،‬بوطيقا الثقافة «نحو نظرية شعرية في النقد الثقافي»‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط ‪2012 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪ .14‬الضاهر (سليمان أحمد)‪ ،‬مفهوم النسق في الفلسفة‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬المجلد ‪ - 30‬العدد ‪ ،3+4‬دمشق‪ ،‬جامعة‬ ‫دمشق‪2014 ،‬م‪..‬‬ ‫‪ . 15‬عليمات (يوسف)‪ ،‬جماليات التحليل الثقافي‪ :‬الشعر الجاهلي نموذ ًجا‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫ط ‪2004 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪ . 16‬عليمات (يوسف)‪ ،‬النسق الثقافي ‪ -‬قراءة ثقافية في أنساق الشعر العربي القديم‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬أربد‪،‬‬ ‫الأردن‪.2009 ،‬‬ ‫‪ . 17‬عليمات (يوسف)‪ ،‬النقد النَّسقي‪ ..‬ثقافة النّص ومرجعيات ال َنّسق‪ ،‬جريدة الرأي‪ ،‬تاريخ النشر‪.30-03-2012 :‬‬ ‫‪http://alrai.com/article/502234.html‬‬ ‫‪ . 18‬الغذامي (عبد الله محمد)‪ ،‬النقد الثقافي (قراءة في الأنساق الثقافية العربية)‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بالدار البيضاء‬ ‫وبيروت‪ ،‬ط‪.2001 ،2/‬‬ ‫‪ .19‬القيرواني‪( ،‬الحسن بن رشيق)‪ ،‬العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محيي الدين عبدالحميد‪،‬‬ ‫دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1981 ،5‬م‪.‬‬ ‫‪ .20‬كوين (جون)‪ ،‬اللغة العليا «النظرية الشعرية»‪ ،‬ترجمة‪ :‬أحمد درويش‪ ،‬المجلس الأعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪1995 ،‬م‪.‬‬ ‫‪ .21‬لالاند (أندريه)‪ ،‬موسوعة لالاند الفلسفية‪ ،‬ترجمة‪ :‬خليل أحمد خليل‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،‬باريس‪ ،‬ط ‪،2‬‬ ‫‪2001‬م‪.‬‬ ‫‪ . 22‬لوتمان (يوري)‪ ،‬تحليل النص الشعري‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد فتوح أحمد‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪1995 ،‬م‪.‬‬ ‫‪ . 23‬لوتمان (يوري)‪ ،‬سيمياء الكون‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبدالمجيد نوسي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪2011 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪ .24‬ليتش (فنسنت‪ .‬ب)‪ ،‬النقد الأدبي الأمريكي من الثلاثينات إلى الثمانينات‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد يحيى‪ ،‬المجلس الأعلى‬ ‫للثقافة‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬م‪.‬‬ ‫‪ . 25‬المتنبي (أحمد بن الحسين)‪ ،‬ديوان المتنبي‪ ،‬دار بيروت للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪1983 ،‬م‪.‬‬ ‫‪ . 26‬مجموعة من المؤلفين‪ ،‬نظرية الثقافة‪ ،‬ترجمة‪ :‬علي سيد صاوي‪ ،‬سلسة عالم المعرفة (‪ ،)223‬المجلس الوطني‬ ‫للثقافة والفنون والآداب‪ ،‬الكويت‪1997 ،‬م‪.‬‬ ‫‪ . 27‬مفتاح (محمد)‪ ،‬التشابه والاختلاف‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1996 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪ .28‬الموسوي (محسن)‪ ،‬النظرية والنقد الثقافي‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬ ‫‪Peter Pericles Trifonas, International Handbook of Semiotics, Springer Dordrecht .29‬‬ ‫‪.Heidelberg New York London, 2015‬‬ ‫‪62‬‬

‫ذخائر‬ ‫‪63‬‬

‫توظيف التقنيات‬ ‫السينمائية في‬ ‫القصة القصيرة‬ ‫جدا‬ ‫مجموعة (فتافيت الصورة) لـ “جمال‬ ‫الجزيري” نموذجا‬ ‫ذة‪ .‬إيمان مليكي‪1‬‬ ‫‪64‬‬

‫ملخص ذخائر‬ ‫يهدف هذا البحث إلى معاينة مدى توظيف التقنيات السينمائية في القصة القصيرة جدا في مجموعة‬ ‫(فتافيت الصورة) للقاص المصري “جمال الجزيري”‪.‬‬ ‫انطلقت الدراسة من أن هذا التوظيف يمثل عنصرا مهيمنا داخل المتن السردي المنتخب‪ ،‬وأن هذا المزج‬ ‫هو من أبرز طرائق التعبير الفني في الكتابة السردية الجديدة‪ ،‬التي عبرت بوضوح عن تأزم الواقع وتشظيه‪.‬‬ ‫ومن هنا تم وضع خطة مرتسمة من خلال خمسة عناصر‪ ،‬تناولت في العنصر الأول‪ :‬توظيف تقنية المونتاج‪،‬‬ ‫ومن ثمة عرجت في العنصر الثاني إلى توظيف تقنية الفلاشباك‪ ،‬وفي العنصر الثالث تناولت‪ :‬توظيف سيناريو‬ ‫القص‪ ،‬وفي العنصر الرابع‪ :‬توظيف الرصد الخارجي لحركة الكاميرا السينمائية‪ ،‬وفي العنصر الأخير تم دراسة‬ ‫العوالم الفنية الجديدة‪.‬‬ ‫وخلص هذا البحث إلى مجموعة من نتائج من أهمها أن‪ :‬القاص “جمال الجزيري” في مجموعته القصصية‬ ‫القصيرة جدا الموسومة بـ (فتافيت الصورة) ركز على عرض المشاهد في دقيقة أو أكثر‪ ،‬ولم يعلق عليها أو‬ ‫يخبر عنها تماما كما تفعل السينما في الشريط الفيلمي القصير‪ ،‬وهذا هو المبنى الذي شيّد به عمله القصصي‬ ‫القصير جدا في النموذج المنتخب‪ ،‬وتبرز أهميته أكثر أن هذا المبدأ السردي لم يلتفت إليه معظم كتاب القصة‬ ‫القصيرة جدا في العالم العربي‪.‬‬ ‫‪Summary:‬‬ ‫‪This paper aims at examining the extent of using cinematic techniques in‬‬ ‫‪short story in the collection entitled« FatafeatAssoura » of the Egyptian nar-‬‬ ‫‪rator “Jamel El-Jaziri”. The study starts from a point that the use of cinematic‬‬ ‫‪techniques is a dominant element within the chosen narrative body, and that‬‬ ‫‪this combination is one of the most important methods of artistic expression in‬‬ ‫‪the new narrative writing. Accordingly, a five-element framework was devel-‬‬ ‫‪oped: editing, flashback, storytelling scenario, the use of external monitoring‬‬ ‫‪of the motion of cinematographic camera, and then studying the newly artistic‬‬ ‫‪features.This piece of research concludes that Al-Jaziri in his collection demon-‬‬ ‫‪strates the scenes in a minute or more without leaving any comment on the‬‬ ‫‪video as cinematographers usually do. It also points out to the fact that most‬‬ ‫‪of short story writers in the Arab world did not pay attention to this narrative‬‬ ‫‪norm.‬‬ ‫‪ Keywords: short story, narrative, cinematic techniques.‬‬ ‫‪65‬‬

‫مقدمة‬ ‫و ّلدت الحياة الراهنة المأزومة كتابة القصة القصيرة جدا‪ ،‬التي تقوم بالفطرة‬ ‫على رفض التقليد وقيود التجنيس القديمة‪ .‬وتكمن قوة هذا الفن المستحدث في أنه‬ ‫استطاع رصد أحدث التطورات التكنولوجية عن طريق توظيفه للتقنيات السينمائية‬ ‫في نصوصه السردية القصيرة جدا‪ ،‬وبهذا فقد استلهم شكل كتابي جديد استطاع أن‬ ‫يعبر عن الواقع الانساني القلق والمعقد وفق رؤية فنية في دقيقة أو أكثر‪ ،‬ويعتبر‬ ‫هذا تحديا للرواية التي تتطلب زمنا طويلا لكي تستطيع تقديم وظيفة تجريبية‬ ‫كفيلة بأن تمزج بين ماهو سردي بما هو سينمائي‪.‬‬ ‫ومن بين الأعمال الفنية التي ظهرت على الساحة الأدبية بقوة واستحضرت‬ ‫التقنيات السينمائية بصورة بارزة في خطابها السردي نجد المجموعة القصصية‬ ‫(فتافيت الصورة)‪ 2‬لـ “جمال الجزيري”‪،3‬ولعل هذا هو العامل الرئيس وراء انتخابها‬ ‫كنموذج تحليلي بغية فهم أسلوب توظيف التقنيات السينمائية في المجموعة‬ ‫القصصية القصيرة جدا‪ ،‬ومن هذا المنطلق الاستفهامي تولدت تساؤلات أخرى ـ‬ ‫ارتأينا الإجابة عنها ـ مفادها‪:‬‬ ‫ـ كيف تم احتواء المجموعة القصصية القصيرة جدا المنتخبة للتقنيات السينمائية؟‬ ‫ـ ما هي العوالم السردية الجديدة التي تمكنت المجموعة القصصية القصيرة‬ ‫جدا تصويرها وبمقتضاها تم توظيف التقنيات السينمائية وفق أسلوب تجريبي‬ ‫جديد للمعنى الفني؟‬ ‫ـ ما هي الملامح الانسانية التي اهتم بها الكاتب “جمال الجزيري” واستطاعت‬ ‫كاميرا (فتافيت الصورة) رصدها وعرضها ؟‬ ‫‪66‬‬

‫سينمائي قصير جدا‪ .‬ذخائر‬ ‫المتن‪:‬‬ ‫والمعلوم أيضا أن القصة القصيرة جدا ـ كما عرفها‬ ‫جميل حمداوي ـ هي‪“ :‬جنس أدبي حديث يمتاز‬ ‫نعلم أن السينما هي قصة فنية مصورة نتجت عن‬ ‫بقصر الحجم والإيحاء المكثف والنزعة القصصية‬ ‫التطور التكنولوجي‪ ،‬وتعتمد على اللغة السمعية‬ ‫الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة‪،‬‬ ‫البصرية لتحقيق التواصل‪ ،‬وقد اتخذت من الرواية‪،‬‬ ‫فضلا عن خاصية التلميح والاقتضاب والتجريب‬ ‫التي تعتمد على اللغة المكتوبة‪ ،‬ركيزتها الأولى التي‬ ‫والنفس الجمليّ القصير الموسوم بالحركية والتوتر‬ ‫استلهمت منها قصتها‪ ،‬ورغم اختلاف كل منهما في‬ ‫وتأزم المواقف والأحداث‪ ،‬بالإضافة إلى سمات الحذف‬ ‫لغتهما الإشارية‪ ،‬وعوامل أخرى‪ ،‬إلا أن هذا لا يلغي‬ ‫والاختزال والإضمار‪ .‬كما يتميز هذا الخطاب الفني‬ ‫تواصل الرواية مع السينما واستفادتها هي الأخرى‬ ‫الجديد بالتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر‬ ‫من تقنياتها في تشكيل بنائها السردي‪ ،‬وقد أجيز‬ ‫إلى ما هو بيانيّ ومجازيّ ضمن بلاغة الانزياح والخرق‬ ‫لهما ذلك باعتبارهما فنين قريبين من بعضهما‬ ‫ال ج م ال ي‪6”.‬‬ ‫البعض لاعتمادهما معا على الحكي‪“ ،‬بمعنى أن لا‬ ‫من بين ما يشير إليه هذا المفهوم أن نزعة التجريب‬ ‫حكاية خارج الفيلم”‪ ، 4‬ومن هذا التعايش بين الفنين‬ ‫هي من سمات القصة القصيرة جدا‪ ،‬و”التجريب‬ ‫تولد تلازم بينهما أيضا ‪ ،‬فصار ـ اليوم ـ التعبير‬ ‫قرين الإبداع‪ ،‬لأنه يتمثل في ابتكار طرائق وأساليب‬ ‫عن الحياة يستلزم سرعة عرض مكثفة وشاملة‬ ‫جديدة في أنماط التعبير الفني المختلفة‪ ،‬فهو جوهر‬ ‫للوقائع ‪،‬ووجوب خلق نص قصير يستجيب لهذه‬ ‫الإبداع وحقيقته عندما يتجاوز المألوف ويغامر في‬ ‫الدعوة المعاصرة ‪ ،‬وقد تنبه “جمال الجزيري” إلى هذا‬ ‫قلب المستقبل‪ ،‬مما يتطلب الشجاعة والمغامرة‪،‬‬ ‫فقال أنه “يمكننا أن نعتبر بدايتها مقترنة بحركات‬ ‫واستهداف المجهول دون التحقق من النجاح”‪، 7‬‬ ‫التحرر من الاستعمار في عالمنا العربي وبالدعوة‬ ‫وبالرجوع إلى مجموعة (فتافيت الصورة) نجد أن‬ ‫إلى كتابة أدب عربي معاصر يناسب سرعة العصر‬ ‫الكاتب “جمال الجزيري” راهن على تجريب أساليب‬ ‫الذي نعيش فيه ‪ ،‬وما تقتضيه هذه السرعة من حيّز‬ ‫جديدة تتمثل في توظيفه للتقنيات السينمائية في‬ ‫نصي صغير يستطيع القارئ المعاصر أن يستهلكه‬ ‫المتن القصصي القصير جدا ‪ ،‬لما رأى أنها هي الطرائق‬ ‫‪ /‬يتلقاه ‪ /‬يقرأه ‪ /‬يستوعبه ‪ /‬يتفاعل معه في حيّز‬ ‫الكفيلة للتعبير عن الظروف القلقة للعصر الراهن ‪،‬‬ ‫لهذا أتت (فتافيت الصورة) في شكلها ومضمونها‬ ‫زمني قصير أيضا”‪5.‬‬ ‫متكيفة مع سرعة ايقاع الحياة المعاصرة المأزومة‪،‬‬ ‫وبدعوة من الحياة المعاصرة السريعة استجابت‬ ‫وهو العامل الرئيس الذي سمح لها من جهة أخرى‬ ‫معظم الفنون فظهر الفيلم القصير جدا‪ ،‬وبالمقابل‬ ‫ـ أيضا ـ باستحضار لشكل كتابي جديد يقوم على‬ ‫ظهرت القصة القصيرة جدا ‪،‬وهذا القاسم المشترك‪/‬‬ ‫مزج السردي بالسينمائي‪.‬‬ ‫الحكي بين الفنيين هوما أعان المجموعة القصصية‬ ‫ومن هنا نفهم أن نزعة المراهنة على التجريب‬ ‫المنتخبة على استقطاب التقنيات السينمائية في‬ ‫سردها التخييلي‪،‬لتصوير الواقع وتعميق رؤيته‬ ‫والتعبير عن عوالمه بطريقة فنية‪ ،‬وكأنه فيلم‬ ‫‪67‬‬

‫فيها المعايير التقييمية ‪ ،‬ويستعمل في ذلك عدة‬ ‫والنزعة القصصية والحكائية هما الحافزين اللذين‬ ‫أساليب في توظيفه للعنوان ‪ ،‬فكثيرا ما يمثل العنوان‬ ‫سمحا للقصة القصيرة جدا في (فتافيت الصورة)‬ ‫جانبا من جوانب النص الذي يتم رفعه ليكون عنوان‬ ‫لأن تستحضر التقنيات السينمائية في نصها‬ ‫على قصة قصيرة جدا ‪ ،‬أو يتم استخراج كلمة أو‬ ‫السردي‪ ،‬ونلمس ذلك بوضوح عبر علامية عتبة‬ ‫تعبير من النص القصصي القصير جدا ووضعه ليمثل‬ ‫عنوانها‪ ،‬حيث يظهر أن الكاتب متأثر بالتقنيات‬ ‫العنوان ‪ ،‬أو يتم اختيار عنوان مشتق من كلمة في‬ ‫السينمائية‪ ،‬فالفتافيت هي القطع الصغيرة المجزوءة‬ ‫النص ‪ ،‬أو استعمال عنوان واصف جامع يصف طبيعة‬ ‫من الشيء‪ ،‬وكما هو مبين على غلاف الكتاب أنه‬ ‫تكوين النص القصصي بوجه عام ‪ ،‬كما في قصة‬ ‫تم تقطيع “صورة” إلى أجزاء صغيرة مفتتة‪ .‬وقد‬ ‫“مشهد جانبي” التي تم وضع عنوانها أيضا عنوانا‬ ‫د ّل العنوان على مضمون النص‪ ،‬بحيث قدم الكاتب‬ ‫للمجموعة ككل في عمل آخر للكاتب‪ 9‬وهذا لإبراز‬ ‫جوانب مقتطعة من حياة الشخصية أو السارد دون‬ ‫“هامشية” أو “جانبية” المشاهد التي تحتوي عليها‬ ‫أن يقيمها أو يلخص أحداثها تماما كما تفعل‬ ‫السينما‪ ،‬فالكاتب أعاد إنتاج آليات سردية تناسب‬ ‫قصص المجموعة ‪.‬‬ ‫الفكر ما بعد الحداثي‪ ،‬فقدم من خلال مجموعته‬ ‫و وفي الآتي سنعاين توظيف التقنيات السينمائية‬ ‫القصصية القصيرة جدا صورة متشظية هي انعكاس‬ ‫للواقع الجديد‪ ،‬فمشاهد “ما بعد حداثية مهشمة لا‬ ‫في نص المجموعة القصصية القصيرة جدا‪:‬‬ ‫تعكس وضوح الصورة وكمالها بل كِسَرا منها وشظايا‬ ‫والتماعات و ِقطعا وأصداء وأشلاء”‪ ، 8‬والكاتب يقر‬ ‫‪ 1‬ـ توظيف تقنية المونتاج‪:‬‬ ‫من خلال مجموعته القصصية أن الحقيقة مغيبة‬ ‫في عصرنا الراهن وهي كالصورة المفتتة يصعب‬ ‫في المجموعة القصصية نجد أن الكاتب متأثر‬ ‫إصلاحها وارجاعها كما كانت‪ ،‬وتغيب فيها الرؤية‬ ‫بالتقنيات السينمائية‪ ،‬فيستحضر ملفوظ “المونتاج”‬ ‫الواضحة كذلك‪ ،‬ومرد هذا إلى التشتت الذي يشهده‬ ‫في‪( :‬شتيت أول‪ :‬لقطات حذفتها الرقابة في‬ ‫عصرنا الراهن بعد ثورات الربيع العربي والانفجار‬ ‫المونتاج)‪ ، 10‬فيهتم طوال المسار السردي بعرض‬ ‫الإعلامي والصراع في مواقع التواصل الاجتماعي‪.‬‬ ‫مشاهد القصص وكأنها لقطات سينمائية مجمعة‬ ‫فكان لزاما على الكاتب أن يعبر عن هذه النظرة ما‬ ‫بعد حداثية من خلال توظيفه لتقنية جديدة تناسب‬ ‫عن طريق تقنية المونتاج‪.‬‬ ‫الحيز الفكري والأدبي الجديدين‪ ،‬عن طريق تبني‬ ‫أشار الكاتب في قصة “هزيمة” إلى ملفوظ‪“ :‬الفيلم”‬ ‫التقنيات السينمائية داخل النص السردي القصصي‬ ‫و”اللقطة” و”الإخراج” و”فريد شوقي”‪ ،‬وهي ملفوظات‬ ‫تتداولها لغة السينما وربطها جنبا إلى جنب مع‬ ‫القصير جدا‪.‬‬ ‫مصطلحات السرد القصصي‪ ،‬وكأنه بهذا يريد أن‬ ‫وبصفة عامة فإن الكاتب “جمال الجزيري” يلجأ في‬ ‫يتخذ لها مثيل في السرد القصصي‪ ،‬فنجده يقرن‬ ‫مجموعته إلى اختار العناوين الوصفية التي تغيب‬ ‫أفلام الممثل “فريد شوقي” بقصص الروائي “بهاء‬ ‫طاهر”‪ ،‬ويقرن ملفوظ “اللقطات” بـ “المشاهد‬ ‫القصصية”‪ ،‬يقول السارد‪ “ :‬قال‪“ :‬أنا الملك جئت”‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫ينتهجها في القص‪ /‬الآفاق الآتية‪ ،‬أي أنه عبارة عن ذخائر‬ ‫حسبته يقلد فريد شوقي في أحد أفلامه التي لم أرها‪،‬‬ ‫لقطات جديدة مقتطعة من حياة المتكلم في القصة‪،‬‬ ‫أو يشير إلى إحدى قصص بهاء الطاهر‪ .‬لذلك انتظرته‬ ‫قد تحكمها عدة علاقات وقد تبدو متضادة ومتنافرة‬ ‫أن يقول كلاما دالا‪ .‬لكنني وجدته يحمل شطرنج‬ ‫ولكنها متكاملة ومترابطة بقوة متوارية‪ /‬المونتاج‪،‬‬ ‫في يده‪ .‬تذكرت هزيمته لي ذات مرة‪ ،‬فنظرت إليه‬ ‫وهو ما يقصده هنا “بصلة الرحم” التي تخلقها آفاق‬ ‫ساخرا وأدرت له ظهري لأكمل إخراجَ هذه اللقطات‬ ‫التربة والنهر والخضرة والحبر الذي لا يصالح‪ ،‬أي أن‬ ‫تقنية المونتاج التي تم بها ربط المشاهد القصصية‬ ‫والمشاهد القصصية‪ ،‬ولا أفتت اللغة “‪. 11‬‬ ‫تتمثل في الملمح الإنساني الداعي للتمسك بالأصالة‬ ‫تبدو مشاهد المجموعة القصصية للقارئ من القراءة‬ ‫السردية والموروث الحكائي والثقافة العريقة‪.‬‬ ‫الأولى أنها قصص متجاورة لا وجود لرابط بينها‪ ،‬بينما‬ ‫ويشير أيضا في قصة “أقاصيص” إلى تقنية المونتاج‬ ‫هي في حقيقتها عبارة على مشاهد قصصية مبنية‬ ‫التي أدت وظيفة الربط والجمع بين المشاهد‬ ‫وفق حبكة حكائية عنقودية‪ ،‬وتعتبر هذه الحبكة من‬ ‫القصصية المقتطفة من حياة الشخصية المتكلمة‬ ‫أهم الأنسجة السردية التي يعتمد عليها كتاب السرد‬ ‫في هذه المجموعة‪ ،‬يقول السارد‪“ :‬عشقت أقاصيص‬ ‫الجديد‪ ،‬لأنها تستعير من السينما تقنية المونتاج‬ ‫النهر‪ ،‬فاتخذتها عنوانا لي‪ ،‬يروي قلمي‪ ،‬فينتشى‬ ‫لتربط بين مشاهد قصصها كل حسب طريقة ربطه‪.‬‬ ‫القلم ضاحكا وينثر الأقاصيص في بياض الصفحات‪،‬‬ ‫يعرف المونتاج أنه “فن وصل اللقطات السينمائية‬ ‫تحبل الصفحات باللقطات فتلد توائ َم وتجمعهم في‬ ‫ببعضها في جميع مداخلها‪ ،‬حتى يكتمل الفيلم صورة‬ ‫مشاهد قصصية قد تطول”‪14.‬‬ ‫وصوتا في تزامن دقيق وفي شكل فني خلاق يعتمد‬ ‫انطلاقا من هذا نصل إلى أن الكاتب “جمال‬ ‫عليه الفيلم في وقعه واستحواذه على المتفرج”‪. 12‬‬ ‫الجزيري” يكشف خطته التي سلكها في كتابة‬ ‫يظهر المونتاج بوضوح في بداية القص كقوة‬ ‫مجموعته القصصية‪ ،‬ويلمح إلى تقنية “المونتاج”‬ ‫خفية تقوم بربط المفارقات الزمنية التي تنهض‬ ‫التي استحضرها سرده القصصي‪ ،‬ويعتبر التلميح‬ ‫عليها هذه القصص ( علامات‪ ،‬حكايات‪ ،‬فراغ‪ ،‬شغف‪،‬‬ ‫بترسيمة الكتابة من أبرز سمات التجديد الذي‬ ‫تراب‪ ،‬رحم‪ ،‬أقاصيص‪ ،‬وفاء ) وعند الوصول إلى قصة‬ ‫استفحل مؤخرا في الكتابة السردية وبخاصة في‬ ‫“آفاق” نجد أن الكاتب يلمح إلى تقنية “المونتاج”‬ ‫القصة القصيرة جدا‪ ،‬ومن هنا نفهم أن الكاتب أراد‬ ‫التي سوف يتبناها كحلقة وصل في ما يلي من قص‬ ‫المراهنة على توظيف هذه التقنية السينمائية داخل‬ ‫للربط بين المشاهد القصصية المفتتة التي أسماها‬ ‫سرده القصصي‪ ،‬وبالرجوع إلى مشاهده القصصية‬ ‫باللقطات استحضارا للقطات السينمائية‪ ،‬يقول‬ ‫نجد فعلا أنه استحضر تقنية المونتاج‪ ،‬المتمثلة‬ ‫السارد‪“ :‬لقطات تتجمع‪ ،‬تتجاور‪ ،‬تتزاور‪ ،‬تتكامل‪،‬‬ ‫هنا في ملمح الأصالة الثقافي والفني‪ ،‬للجمع بين‬ ‫تتقاطع‪ ،‬تتعايش‪ ،‬تتنافر‪ ،‬تتماسك‪ ،‬تتباعد‪ ،‬لكنها‬ ‫المفارقة الزمنية للمشاهد القصصية التي عبرت‬ ‫لا تقطع صلة رحم ولا تحلق إلا في آفاق التربة والنهر‬ ‫بعضها على أحداث وقعت في الحاضر وأخرى في‬ ‫والخضرة والحبر الذي لا يصالح”‪ .13‬إذا فالكاتب‬ ‫يلمّح من خلال قصة “آفاق” إلى الترسيمة التي سوف‬ ‫‪69‬‬

‫التصاعدية‪ ،‬بل يقطع السارد زمن الحاضر الذي‬ ‫زمن الماضي‪ ،‬ولكي نفسر أكثر نقول إن الكاتب‬ ‫بلغه السرد ليعود إلى الماضي‪ ،‬في قصة “فراغ”يقول‬ ‫“جمال الجزيري “لم يعتمد على التسلسل الزمني‬ ‫السارد‪“ :‬لم يكن أبي يفرغ ليحكي لنا فقد كان‬ ‫للأحداث سواء على مستوى بنية القصة الواحدة أو‬ ‫يعمل طوال النهار بالغيط ليطعمني وأمي وإخوتي‬ ‫على مستوى بنية المجموعة القصصية ككل‪ ،‬حيث‬ ‫العشرة‪ ،‬وكانت أمي تفرغ قليلا من شغل البيت بعد‬ ‫يقطع القصة لينتقل إلى الأخرى دون سبب لغياب‬ ‫العشاء فتحكي لنا بعض “الحواديت” لكنها كانت‬ ‫التسلسل الزمني‪ ،‬بحيث يمكن للقارئ تقديم وتأخير‬ ‫تنام مبكرا لتستيقظ في الفجر وتبدأ الشغل من‬ ‫القصص بكامل حرية وهذا أخطر مظاهر التشظي في‬ ‫السرد الجديد الذي يدل على تشتت الواقع الراهن‬ ‫ج دي د”‪17‬‬ ‫وتأزمه‪ ،‬بل إن سيرورة الزمن تقطعها في أحايين‬ ‫ويواصل السرد الاستذكاري في القصة التي تليها‬ ‫كثيرة استذكارات‪ /‬لواحق يعود بها السارد إلى الزمن‬ ‫ليعود إلى أبعد نقطة في وعي الماضي المستعاد‬ ‫الماضي‪ ،‬وهو ما يقابل في السينما تقنية الفلاشباك‪،‬‬ ‫التي تمثل هنا طفولة السارد وذكرياته مع جده‪،‬يقول‬ ‫وانطلاقا من ملاحظتنا أن الخطاب القصصي مبني‬ ‫السارد في قصة “شغف”‪“ :‬كان جدي يقول إنني‬ ‫على أساس الاستذكارات سنعاين في الآتي توظيف‬ ‫سأقوم بالحكي بعده‪،‬وكنت شغوفا بحكاياته فلم‬ ‫أفارقه أبدا‪،‬لكنه في يوم فارقني ولم أجد من يحكي‬ ‫هذه التقنية داخل المتن القصصي المنتخب‪.‬‬ ‫لي‪ ،‬زادني حرماني رغبة في الحكي فأمسكت بقلم‬ ‫الرصاص ساعتها وملأت كراسة الرسم بالحكايات‪18”.‬‬ ‫‪ 2‬ـ توظيف تقنية الفلاشباك‪:‬‬ ‫ويستمر السرد الاستذكاري في قصص “تراب”‬ ‫و”رحم” و”وفاء” بعدها يقطع السرد الاستذكاري‪،‬‬ ‫ما يقابل تقنية الفلاشباك في المصطلح القصصي‬ ‫ليعود السارد إلى زمن الحاضر في قصة “هامش”‪،‬‬ ‫هو ملفوظ “اللواحق”‪Analepses‬و”اللاحقة عملية‬ ‫يقول السارد‪“ :‬تشدو‪ ،‬يترقرق صوتها في جنبات‬ ‫سردية تتمثل بالعكس في إيراد حدث سابق للنقطة‬ ‫قلعة المعز‪ ،‬تبوح بأغنية حب جانبية لم يكن التاريخ‬ ‫الزمنية التي بلغها السرد‪ ،‬وتسمى كذلك هذه العملية‬ ‫يسلط عليها أو على أمثالها أي ضوء‪ ،‬فالتاريخ عندما‬ ‫يصل إلى مثل هذه الأمور الشعبية كان يقيد نفسه‬ ‫الاس ت ذك ار‪”rétrospection15‬‬ ‫في سجون الصمت‪ ..‬تتعمق تلك الحياة البعيدة‪،‬‬ ‫تفتتح المجموعة القصصية‪ ،‬بقصة “علامات” التي‬ ‫وتعتنق هذه الحركة القريبة كأنها فرعونية هامشية‪،‬‬ ‫تسرد الحدث المكثف في زمن الحاضر‪ ،‬يقول السارد‪:‬‬ ‫لذلك عندما يبعد عنها المصور الكاميرا تنظر إليه‬ ‫“جدي يعلمني الحكايات والحكي‪ ،‬أمي تحسسني‬ ‫شزرا‪ ،‬ثم تملأ رئتيها من هواء القلعة الوسيع وتصر‬ ‫كيف تكون الحكايات أليفة مع مسامعي وكيف‬ ‫يتغاضى المرء عن أنانيته وذاتيته من أجل الآخرين‪،‬‬ ‫على المواصلة بعيدا عن الأضواء”‪19‬‬ ‫أبي يشتري لي القلم‪،‬الطين يحتضن جذور القصص‬ ‫نلاحظ أن المسار السردي للمجموعة القصصية‬ ‫والأقاصيص‪،‬يهبها جزءا من عراقته ورائحة الشعب‪...‬‬ ‫يتذبذب وفق تناوب زمن الماضي وزمن الحاضر‪،‬‬ ‫يحس‪،‬يتألم فينصهر ويمسك القلم‪ ،‬يداعب به‬ ‫بياض الصفحات فتمتلئ بأريج الطين‪16”.‬‬ ‫ولكن السرد لم يستمر على الوتيرة التسلسلية‬ ‫‪70‬‬

‫وفق انتقال سريع وفجائي‪ ،‬وكأن الزمن يقطع ويمر ذخائر‬ ‫ونسجل أيضا غلبة الاستذكارات مقارنة مع الزمن‬ ‫بطريقة بصرية ويستمر هذا التناوب الزمني (ماضي‪/‬‬ ‫الحاضر‪ ،‬ويحدث أيضا أن يمزج الكاتب بين زمنين‬ ‫حاضر) إلى أن تتشكل المشاهد القصصية ككل‪ ،‬وهنا‬ ‫الماضي‪ /‬الحاضر حتى على مستوى بنية القصة‬ ‫الكاتب قد استعار البعد السينمائي عندما تقطع‬ ‫الواحدة‪ ،‬يقول السارد في قصة “ابتسام”‪“ :‬هل‬ ‫اللقطة المعبرة عن الحاضر ويتم الانتقال الفجائي‬ ‫ج ّربت أن تحتضن الأمل؟ يا لحسرتك ! إن كنت‬ ‫إلى أخرى‪ ،‬وتستمر عمليات التناوب الزمني للأحداث‬ ‫أتيت إلى القلعة في التاسعة والنصف مسا ًء‪ ،‬كنت‬ ‫إلى أن يتشكل الشريط الفيلمي القصيرجدا‪.‬‬ ‫ستراه على كرسيه المتحرك‪،‬صعد كل هذا المطلع‬ ‫وبهذه الكيفية تنتج دلالة المشاهد القصصية التي‬ ‫الجبار‪ ،‬دار مع السراديب والمنعطفات‪ ،‬وتتأمله جالسا‬ ‫ينهض المونتاج في ربطها وترتيبها وفق ما تقتضية‬ ‫في مواجهة الجامع يتراقص مع أنغام العود‪ ،‬يترنم‬ ‫مآرب الكاتب‪“ ،‬والتي لا تقتصر على اعتبار أن‬ ‫بأناشيد الحياة‪،‬يملأ مقلتيه من الألوان العتيقة‬ ‫الدلالة تبرز نتيجة توالي لقطات أو متواليات وإضافة‬ ‫شذرات من الواقع بقدر ما تأتي من تكسير التوالي‬ ‫الباهرة‪،‬ثم يلتفت إليك مبتسما”‪. 20‬‬ ‫والتتابع”‪ ، 21‬حيث ساعدت هذه المفارقات الزمنية‬ ‫لو قرأنا قصة “ابتسام” في حد ذاتها‪ ،‬سنجد أنها‬ ‫على تقريب الصورة القصصية إلى ذهن المتلقي وكأنه‬ ‫تدعو للتفاؤل‪ ،‬ولكن عندما نقرأها بالاقتران بالقصة‬ ‫يشاهد شري ًطا فيلميًّا قصيرًا‪ ،‬ومن جهة أخرى أدت‬ ‫التالية “أصابع” سنجد أنها قصة تقوم على المفارقة‪،‬‬ ‫تقنية الفلاش باك وظيفة دلالية‪ ،‬عندما عرجت إلى‬ ‫فكل ما يأتي فيها ليس مقصودا بذاته‪ .‬فيمكننا أن‬ ‫إضاءة أماكن غير رئيسية وتقديم شخصيات ثانوية‬ ‫نقرأ القصتين معا‪ ،‬القصة الأولى تدعو إلى التفاؤل‪،‬‬ ‫بطريقة مركزة‪ ،‬مكثفة‪ ،‬وسريعة باعتمادها تقنيتي‬ ‫ومن الواضح أن الراوي يقوم بسرد القصة بناء على‬ ‫الحذف والخلاصة‪ ،‬وقد استعارت تقنية التكثيف من‬ ‫هذا التفاؤل وتعاطفا مع الشخصية‪ ،‬أما القصة‬ ‫لغة السينما التي تعرف بأنها “لغة تعبيرية بالغة‬ ‫التالية فتحبط تفاؤلنا وتوقعاتنا‪ ،‬فالشخصية فيها‬ ‫الكثافة”‪ 22‬أثرت من خلالها السرد القصصي‪ ،‬ونقلت‬ ‫هي الشخصية ذاتها الموجودة في قصة “ابتسام”‪،‬‬ ‫أصوا ًتا متعددة في مشهد واحد‪ ،‬وهي بهذا شبيهة‬ ‫ولكن هذه الشخصية تتحول من رمز للتفاؤل إلى‬ ‫بالكفاءة السينمائية التي تعرض العديد من الوحدات‬ ‫البصرية في آن واحد‪.‬‬ ‫رمز لانهيار كل القيم الاجتماعية‪.‬‬ ‫كما يحضر الفلاشباك على مستوى بنية قصة “وفاء”‬ ‫‪ 3‬ـ توظيف سيناريو القص‪:‬‬ ‫ويمكن النظر إليها على أنها فلاشباك أو استحضار‬ ‫تقدم المجموعة القصصية في شكل مشاهد معروضة‬ ‫لما مضى واستباق لما سيأتي‪.‬‬ ‫على الطريقة السينمائية‪ ،‬وهو أسلوب الكاتب في‬ ‫تشيد المجموعة القصصية بناءها الزمني وفق‬ ‫حكي أقاصيصه طوال المسار السردي‪ ،‬حين التفت‬ ‫ترسيمة تعتمد على كسر خطية الزمن‪ ،‬وذلك‬ ‫إلى مبدأ سردي مهم‪ ،‬تغاضى عنه معظم كتاب القصة‬ ‫بالرجوع إلى الزمن الماضي عن طريق قطع الزمن‬ ‫القصيرة جدا في الوطن العربي‪ ،‬مفاده أنه على السارد‬ ‫الحاضر فجأة‪ ،‬بعدهاُ يقطع السرد الاستذكاري‪/‬‬ ‫الفلاشباك ليتم الرجوع مرة أخرى إلى الزمن الحاضر‬ ‫‪71‬‬

‫الزوجين بهما عقر ولا ينجبان‪ ،‬بل صور هذه الصفة‬ ‫أن يعرض المشهد لا أن يخبر عنه‪.‬‬ ‫في موقف دال على ذلك‪ ،‬وقد استفاد من التقنية‬ ‫وظف الكاتب كلمة “مشهد” في مجموعته القصصية‬ ‫السينمائية في هذا التصوير السردي الخارجي‪ ،‬ومثال‬ ‫القصيرة جدا في سياق تركيبي أراد من خلاله مزج‬ ‫آخر نجد أن السارد يعرض مشهد حادث مرور‪ ،‬لم‬ ‫ما هو سينمائي بما هو سردي‪ ،‬ويظهر هذا من خلال‬ ‫يصرح به علانية‪ ،‬بل صوره في موقف دال عليه دون‬ ‫عنوان (مشاهد صورت وسط الآثار العريقة والتاريخ‬ ‫أي تعليق منه‪ ،‬في قصة “ردّ” يقول السارد‪ “ :‬طريق‪،‬‬ ‫الجميل)‪ ،‬وقد أدرج تحته مشهدين هما‪ :‬القلعة‬ ‫دائرة‪ ،‬عربة مهشمة‪ ،‬رجل مهروس وامرأة مكسورة‬ ‫رجليها‪ .‬تصرخ على زوجها الصريع‪ .‬يرد لها الفراغ‬ ‫(‪ )1‬والقلعة (‪.)2‬‬ ‫صراخها‪ ...‬عندما يرد الفراغ صراخها للمرة الألف‪،‬‬ ‫وفي عنوان آخر موسوم بـ”فسيفساء” عرض‬ ‫الكاتب مجموعة من مشاهد قصصية‪ /‬كادرات على‬ ‫تصمت وتبدأ في تكسير باقي جسدها‪25”.‬‬ ‫كما أن الكاتب يضفي مقاطع موسيقية تتخلل‬ ‫النحو الآتي‪:‬‬ ‫المشاهد القصصية في قصصه فتارة يوظف مقاطع‬ ‫“ مشهد أول‪ :‬نور‬ ‫من شعر “نزار قباني “ أو مقاطع من أغاني “فيروز”‪،‬‬ ‫مشهد ثان‪ :‬نغم‬ ‫ويقوم في أحيان كثيرة بتهميشها وهذا أسلوب طبع‬ ‫مشهد ثالث‪ :‬نار “‪23‬‬ ‫على كتابته سمة التجديد‪ ،‬كما استحضر الكاتب‬ ‫وقد جعل لهذه المشاهد عنوانا شاملا لها أسماه‬ ‫أغنية “سحر المغنى” للمطرب “محمد منير” واستفتح‬ ‫“فسيفساء”‪ ،‬ومنه نفهم أن الكاتب استعار القلم‬ ‫بها قصة “عتاب” يقول السارد‪ ”:‬سحر المغنى جمع‬ ‫السينمائي لكتابة سيناريو القص بغية صناعة صورة‬ ‫قلوبا أليفة‪ ،‬لمها حول النغمات الخفيفة الساحرة‪،‬‬ ‫“فسيفساء”‪ ،‬التي تعبر عنها تلك المشاهد المندرجة‬ ‫فأخذت تتهادى على وقع اللحن المواتي‪ ..‬عندما‬ ‫تحتها‪ ،‬وضمن كل مشهد تندرج عدة أقاصيص‬ ‫صادف اللحن ضجيج السيارات خارج أسوار القلعة‬ ‫مستوحاة من حياة الشخصية دون تعليق منه وكأنها‬ ‫وقع على ظهره‪ ،‬واستدار للخلف ورجع‪ ،‬فاحتضنته‬ ‫مقتطفات سينمائية‪ ،‬مثلا في المشهد الأول المعنون‬ ‫بـ “نور” تندرج تحته عناوين أقاصيص وكأنها لقطات‬ ‫القلوب معاتبة‪26”.‬‬ ‫سينمائية مقتطعة‪( :‬خوف “‪ ،”1‬خوف “‪ ،”2‬هدير‪،‬‬ ‫إن هذه القصة تستحضر غناء الأرواح لبعضها البعض‪،‬‬ ‫فيرتعش‪ ،‬رد !!‪ ،‬انفتاح‪ ،‬بشدة‪ ،‬خروج‪ ،‬ويبقى‪ ،‬تحتي‪،‬‬ ‫وتدل على التكامل والتفاهم بين الجماعة‪/‬الفريق‪.‬‬ ‫تهريج‪ ،‬ثم‪ ،‬لما)‪.‬‬ ‫ويحضر السحر هنا بمعنى آخر‪ ،‬وهو أن الغناء‪/‬الفن‬ ‫تضبط اللغة في سيناريو القص في “فسيفساء “‬ ‫قد يكون لغة خاصة قد لا تجد استجابة أو تلقِّيًّا‬ ‫مثلما تضبط السينما تقنيات الشريط الفيلمي‪ ،‬ففي‬ ‫مؤاتيا لدى البعض‪ ،‬ويأتي العتاب هنا من “القلوب‬ ‫ضبط الصوت مع الصورة‪ ،‬يقول السارد في قصة‬ ‫الأليفة” لأن الغناء حاول الخروج إلى أرض غريبة لا‬ ‫“ثم”‪“ :‬سمع ضجيج الفرح وصراخ المولود في الشقة‬ ‫المجاورة ثم نظر إلى زوجته فبكت”‪ ،. 24‬ففي هذه‬ ‫تق ّدِره‪.‬‬ ‫القصة القصيرة جدا‪ /‬اللقطة‪ ،‬لم يخبرنا السارد بأن‬ ‫إن هذه القصة ترسم في ذهن المتلقي المستمع‬ ‫‪72‬‬

‫وبسمتها تدعو للأمل في كل شيء‪ .‬السحب تنغلق ذخائر‬ ‫لأغنية “سحر المغنى” في المرجع الواقعي مشهدا‬ ‫على بعضها وتبهت ملامح الصورة في يده‪ ،‬لكن‬ ‫صوًّريا وكأنه يشاهد شريطًا فيلم ًيّا للأغنية‪ ،‬وتكتمل‬ ‫بسمتها ما زالت عالقة بقلبه وبحور عينيها مليئة‬ ‫الصورة أكثر عندما يواصل قراءة القصة التي تليها‬ ‫باللآلئ‪ ،‬يأتي إليه صوتها محملا بالأنغام‪ ،‬يرقق طبلة‬ ‫المعنونة بـ “ سماعي بياتي”‪ ،‬يقول السارد‪“ :‬تنبت‬ ‫أذنه وتنتقل الرقة إلى قلبه فيصير لوحا شفافا يلتقط‬ ‫الموسيقى الشرقية في أركان القلعة‪ ،‬يبز طولها أشجار‬ ‫أضعف الأنات ويبكي لها وأفتر الهمسات ويرق لها‪.‬‬ ‫النخيل‪ ،‬يداعب أطراف مآذن الجامع المهيب‪ ،‬طفلة‬ ‫ينهض من السرير‪ .‬ينظر من الشباك ويعطي عيونه‬ ‫صغيرة لابد‪ ،‬لا يتجاوز عمرها السنوات الثلاث بأي‬ ‫لكل شيء في الخارج‪ .‬بنهم يرى كل شيء جميل‬ ‫حال من الأحوال‪ ..‬تقف على الكرسي‪ ،‬تتراقص مع‬ ‫والسماء رائعة‪29”.‬‬ ‫النغمات عازفة أجمل لحن مازجة التاريخ بالجغرافيا‬ ‫ومن الملفوظات السينمائية التي أدخلها الكاتب إلى‬ ‫بعلم الجمال والطقوس الدينية المجيدة‪ ..‬تسرع يد‬ ‫نصه السردي‪ ،‬ملفوظ “كلاكيت”‪ ،‬و”تعني «الطَرق»‬ ‫عطية شرارة على الكمان‪ ،‬فتترنح طفلتنا وتسقط‪،‬‬ ‫وهي عبارة عن قطعة من الخشب عادة يتصل بأحد‬ ‫أطرافها ذراع خشبي يتحرك بسهولة‪ ،‬وله صوت‬ ‫يبدو أن إحدى العيون رمقتها بخبث‪27”.‬‬ ‫مسموع عند الدق عليه‪ .‬ويكتب على هذه اللوحة‬ ‫الكاتب يعنون قصته بنوع من أنواع الطرب الشرقي‬ ‫اسم الفيلم والمخرج والمصور ورقم اللقطة وكرة‬ ‫المسمى بـ “سماعي بياتي” والقصة بوجه عام‬ ‫التصوير‪ .‬ويشير تطابق الذراع على اللوحة إلى بداية‬ ‫تسلط الضوء على أن الإنسان يولد ولديه ميل فطري‬ ‫اللقطة في الصورة”‪.30‬‬ ‫للموسيقى والجمال‪ .‬ولذلك تتجاوب الطفلة بصورة‬ ‫وكأن الكاتب في توظيفه لهذا الملفوظ السينمائي‬ ‫مدهشة مع العزف الموسيقي‪ .‬ولكن إحدى “العيون”‬ ‫أراد أن ينقل سيناريو القص النظري إلى المجال‬ ‫ترمقها بحسد فتسقط الطفلة‪ .‬فالعين والحسد‬ ‫العملي التطبيقي‪ ،‬تماما كما تفعل السينما عندما‬ ‫تؤشر لبداية اللقطة أثناء الشروع في تصوير الفيلم‪.‬‬ ‫ملمح أساسي في حياتنا العربية‪.‬‬ ‫حضرت كلمة “كلاكيت” في النص السردي القصصي‬ ‫وفي ضبطه للمكان المتشابك مع الزمن‪ ،‬يقول‬ ‫القصير جدا أكثر من مرة على النحو الآتي‪:‬‬ ‫السارد في “ارتقاء”‪“ :‬دلفت إلى شجرتهما المفضلة‪،‬‬ ‫“ ـ كلاكيت أول مرة‪ :‬اكتشاف‬ ‫وجلست على المقعد بجواره‪ .‬قالت‪“ :‬لم أتأخر‪ ”.‬ثم‬ ‫ـ كلاكيت ثاني مرة‪ :‬رؤى‬ ‫استدركت‪“ :‬لقد تأخرت ولكن‪ ”...‬نظرت إلى كوب‬ ‫ـ كلاكيت ثالث مرة‪ :‬أصداء الصحبة‬ ‫الليمون على المائدة‪“ :‬لقد تأخرت فعلا‪ ”.‬وانكسرت‬ ‫ـ كلاكيت رابع مرة‪ :‬مواقف‬ ‫للحظات رفعها بعدها فارتقت مكانا عاليا بجواره‪.‬‬ ‫ـ كلاكيت خامس مرة‪ :‬خناجر‬ ‫لم يتكلما بشيء‪ ..‬فقط همسا‪ ،‬فتكلمت كل الأشياء‬ ‫ـ كلاكيت آخر مرة‪ :‬تشكل “‪31‬‬ ‫في “كلاكيت أول مرة‪ :‬اكتشاف” تندرج مجموعة‬ ‫ب ج واره م ا‪28”.‬‬ ‫وفي ضبطه للأضواء الكاشفة للرصد الخارجي يقول‬ ‫السارد في “لآلئ”‪ “ :‬في ضوء القمر المتسرب من‬ ‫شباك الحجرة بعد منتصف الليل تتلألأ ملامح وجهها‬ ‫‪73‬‬

‫تركيز بؤرة خارجية عن بؤرة السرد‪ .‬وهي تحمل‬ ‫من القصص القصيرة جدا وكأنها لقطات سينمائية‪،‬‬ ‫وصفا للوقائع وسردا للأحداث كما هي‪ ،‬ودون تدخل‬ ‫يقول السارد في قصة “صمت” المندرجة تحت هذه‬ ‫أو تعليق‪ .‬كما وأنها لا تحمل أي قدرا من التفسير أو‬ ‫“الكلاكيت”‪ “ :‬لا يعشق التفتت ولا يهوى ارتحالات‬ ‫التأويل‪ ،‬ولا غوصا في مشاعر وأفكار الشخصيات ولا‬ ‫الحروف‪ ....‬لا يعرج إلى تضييع الجمال من الصفحات‬ ‫تحاول إخراج مكبوت الشعور أو اللاوعي لديهم‪ .‬ولا‬ ‫ولا يمل التشكل‪ ....‬لا يميل إلى الضوء المراوغ ولا‬ ‫تقدم تبريرا لمسلكهم‪ ،‬وإنما تكتفي بعرض الأحداث‬ ‫يرغب ابتسار العمل‪ .....‬وعندما ابتسر الزمن بعض‬ ‫والشخصيات من الخارج فقط‪ .‬وهي تحمل الطابع‬ ‫التسجيلي ويمتزج بداخلها دور المراقب وشاهد‬ ‫أكباده ‪ /‬أقاصيصه ظل صامتا إلى أن‪32”.....‬‬ ‫الصمت هنا نقل للصمت الذي تنتهي به القصة‬ ‫رؤي ة‪33”.‬‬ ‫السابقة‪“ /‬مساء”‪ ،‬فهنا القاص يؤمن بضرورة‬ ‫اهتم “جمال الجزيري” بتقنية التصوير عن قرب‬ ‫حدوث الألفة والأصالة في السرد بعيدا عن التغريب‬ ‫والتقط حركات قصيرة مقربة ومكثفة‪ ،‬فنجده يعنون‬ ‫والابتسار وتضييع الجمال‪ ،‬وضرورة مواصلة تشكيل‬ ‫إحدى مشاهده الكتابية بـ “عدسة قريبة” ويندرج‬ ‫الذات وتشكيل النصوص وفق مستجدات الرؤية‪.‬‬ ‫تحت هذا العنوان هذه الأقاصيص‪( :‬استشاطة‪،‬‬ ‫وابتسار الزمن هنا قد يدل على رد فعل المتلقين لهذه‬ ‫مساء‪ ،‬عبوس‪ ،‬لأي شيء‪ ،‬إيقاف‪ ،‬ولم) وكلها قصص‬ ‫القصص الأصيلة‪ ،‬في مقابل رواج قصص الاغتراب‬ ‫قصيرة جدا مصورة وفق تقنية العدسة القريبة‪ ،‬مثلا‬ ‫الزائف وتفتيت اللغة‪ ،‬ولكنه صمت مؤقت ينم عن‬ ‫ففي قصة “عبوس” يرصد ملامح وجه الصياد المحبط‪،‬‬ ‫الذي فشل في أن يسد حاجات أسرته بسبب معوقات‬ ‫التدبر والتخطيط لشيء ما‪.‬‬ ‫اقتصاد السوق‪ ،‬يقول السارد‪ “ :‬كان الصياد يخرج‬ ‫قصة “صمت” هي بمثابة الصورة التي يتم تصويرها‬ ‫من النهر مبتسما‪ .‬يلقى السلام ويجري إلى السوق‪.‬‬ ‫ضمن اسم الفيلم “اكتشاف” المكتوب على لوحة‬ ‫ثم يهرع إلى أولاده مغتبطا‪ .‬يخرج الصياد من النهر‬ ‫الكلاكيت‪ ،‬والمخرج هنا هو القاص الذي يتحدث‬ ‫عابسا‪ .‬لا يلقى السلام‪،‬لا يجري إلى السوق‪ ،‬وأيضا‬ ‫عن طبيعة عمله الأدبي‪ ،‬وهذه الكلاكيت أول مرة كما‬ ‫يمل الرجوع إلى أولاده بهذا الوجه”‪34‬‬ ‫هو معنون‪ ،‬تدل على أنها اللقطة الأولى‪.‬‬ ‫نقلت الصورة في هذه القصة عبر منظور ذاتي‪ ،‬عن‬ ‫طريق عين السارد التي هي بمثابة عدسة الكاميرا‬ ‫‪4‬ـ توظيف تقنية الرصد الخارجي‬ ‫واستطعنا أن نطل على هذه الصورة عبر “الوصف‬ ‫لحركة الكاميرا السينمائية‪:‬‬ ‫التصويري” الذي ينهض على الرؤية من الخارج‬ ‫وينقل الصفات الخارجية لملامح الصياد العبوسة‬ ‫تستفحل في المجموعة القصصية تقنية الرصد‬ ‫الخارجي التي تشير بصفة مباشرة إلى طريقة‬ ‫عن طريق اللغة‪.‬‬ ‫التصوير السينمائي الذي يعرفه “فاضل الأسود”‬ ‫الأرجح في هذه القصة القصيرة جدا أن الراوي يعرف‬ ‫في كتابه (السرد السينمائي) بأنه تلك المقاطع‬ ‫شخصية “الصياد” مسبقا ولهذا فقد استعمل الألف‬ ‫السردية “حيث تكون الكيفية التي يتم من خلالها‪،‬‬ ‫الحكي أو الأخبار للمشاهد بما يدور أو يحدث على‬ ‫الشاشة منصبا على منظور رؤية‪ ،‬أو داخل مجال‬ ‫‪74‬‬

‫القصيرة جدا‪ ،‬من أنها تستهين بالوصف الذي قد ذخائر‬ ‫واللام وكذلك استعمل تركيب “لا يلقي السلام”‬ ‫يجعلها تطول‪ ،‬ونلمح فنيته في توظيفه بمهارة‬ ‫الذي يدل على أنه ذو معرفة مسبقة به ‪ ،‬وهذا ما‬ ‫وتجديد‪ ،‬ليس كفضلة يمكن الاستغناء عنها‪ ،‬بل‬ ‫ساعده على وصف طباعه وحركاته التي تغيرت ولم‬ ‫أدى الوصف وظيفة التصوير السينمائي و”العدسة‬ ‫تعد كما في السابق ‪ ،‬فالراوي بحكم معرفته بالصياد‬ ‫القريبة” هي العين المدققة التي يطل من خلالها‬ ‫يعرف أن سبب ابتسامته هو اكتفائه ماديا ‪ ،‬ويعلم‬ ‫القارئ على عوالم القص بشكل مكشوف وواضح‪.‬‬ ‫أن عزوفه عن إلقاء السلام عليه ‪ ،‬وعدم رغبته في‬ ‫المخرج السينمائي يصف الأحداث الفيلمية عن‬ ‫الرجوع إلى بيته مفرغ اليدين ‪ ،‬فهذا بسبب سوء‬ ‫طريق حركية الصور الفوتوغرافية داخل الشريط‬ ‫أوضاعه المادية ‪ ،‬وبالتالي فقد ساعد معرفة الراوي‬ ‫السينمائي‪ ،‬والكاتب “جمال الجزيري” سار على‬ ‫بالشخصية على رصد مظاهره وتفسير سلوكه ‪ ،‬وقد‬ ‫نهجه فخلق صورا للأحداث عن طريق الوصف‬ ‫أشار “جمال الجزيري” إلى هذه القضية النقدية‬ ‫الخارجي اللغوي المكثف‪ ،‬وقد أشار إلى تأثره‬ ‫في دراسة له موسومة بـ “ صيغة التعريف وحدود‬ ‫بحركة الكاميرا السينمائية وأضوائها داخل المتن‬ ‫المنظور السردي” يقول فيها ‪“ :‬عندما نذكر شخصية‬ ‫القصصي في أكثر من قصة‪ ،‬مثلا يقول السارد في‬ ‫أو عنصرا من عناصر السرد بصيغة التعريف بالألف‬ ‫قصة “هامش”‪ “ :‬تشدو يترقرق صوتها في جنبات‬ ‫واللام ‪ ،‬ستعني هذه الصيغة أن هذا العنصر أو هذه‬ ‫قلعة المعز‪ ،‬تبوح بأغنية حب جانبية لم يكن التاريخ‬ ‫يسلط عليها أو على أمثالها أي ضوء‪ ،‬فالتاريخ عندما‬ ‫الشخصية معروفة للراوي من قبل “‪35‬‬ ‫يصل إلى مثل هذه الأمور الشعبية كان يقيد نفسه في‬ ‫ويكتسب الرصد الخارجي الذاتي أهمية خاصة في‬ ‫سجون الصمت‪ ..‬تتعمق تلك الحياة البعيدة‪ ،‬وتعتنق‬ ‫التصوير السينمائي‪ ،‬فالكاميرا لا تستطيع الدخول‬ ‫هذه الحركة القريبة كأنها فرعونية هامشية‪ ،‬لذلك‬ ‫في مونولوج الشخصية‪ ،‬بل أقصى ما تتمكن الكاميرا‬ ‫عندما يبعد عنها المصور الكاميرا تنظر إليه شزرا‪،‬‬ ‫من التقاطه هو ملامحه المعبرة عن حالتها النفسية‪،‬‬ ‫ثم تملأ رئتيها من هواء القلعة الوسيع على المواصلة‬ ‫ويتم هذا عن طريق العدسة المقربة‪ ،‬بحيث يتحكم‬ ‫بعيدا عن الأضواء”‪ ، 36‬وأشار أيضا من جهة أخرى‬ ‫المصور في زاوية نقل الصورة من منظوره الخاص أي‬ ‫أن الراوي يؤدي وظيفة الكاميرا في النص القصصي‬ ‫من موقعه ومن عمليتي (تكبير‪ /‬تصغير) الصورة‪،‬‬ ‫وعليه إذا أن ينتهج أسلوب الرصد الخارجي ‪ ،‬تماما‬ ‫وهذا هو السبب الذي يطبعها بالبعد الذاتي‪ .‬وهو ما‬ ‫كما تعمل عدسة الكاميرا ‪ ،‬يقول ‪“ :‬الراوي مجرد‬ ‫وظفه الكاتب في جل قصص مشهد‪”/‬عدسة قريبة”‬ ‫راصد للحدث مثله مثل الكاميرا بالضبط ‪ ،‬والكاميرا لا‬ ‫وتجلى بوضوح في القصة السردية أعلاه‪ ،‬بحيث‬ ‫تعلق ‪ ،‬ويمكن للكاتب التعليق بطريقة غير مباشرة‬ ‫استعار “جمال الجزيري” هذه التقنية ووظفها لرصد‬ ‫من خلال التقاط زاوية دالة للحدث أو من خلال عملية‬ ‫ملامح الصياد العبوسة وبهذه الكيفية تم التداخل‬ ‫المونتاج أو المَنْ َتجة التي يجريها على الحدث‪37”.‬‬ ‫بين ما هو سينمائي وما هو سردي في هذه القصة‬ ‫وقد تمكن الكاتب من ادخال تقنية الرصد الخارجي‬ ‫القصيرة جدا‪.‬‬ ‫وبهذا نؤكد أكثر أن الكاتب لا يؤمن بما نُظر للقصة‬ ‫‪75‬‬

‫المجموعة المنتخبة تنبهنا أن الكاتب “جمال‬ ‫إلى سرده القصصي عن طريق أسلوب الحكي‬ ‫الجزيري” يؤمن أكثر بضرورة تقديم نص سردي‬ ‫الخارجي‪ ،‬مثلا في “بجانبك” يقول السارد‪“ :‬في‬ ‫مكتمل ومكثف ويتناول ملمحا إنسانيا صادقا في‬ ‫فضاء القلعة تجد النغمات العذبة تنساب في‬ ‫هذا الحيز النصي القصير ‪ ،‬فالقارئ للمجموعة لا‬ ‫نسيمات الهواء التاريخية‪ ،‬لا تحاول أن تلتفت‬ ‫يجد أي لبس في فهم مقاصد النص لأن القول فيه‬ ‫بجانبك أو تسمع ما يدور حولك‪ ،‬ستجد سيدات‬ ‫مباشر والتأويل عميق في دلالته ومرماه إلا أنه لا‬ ‫جالسات يثرثرن مع أمور بيتية ومطبخية ونميمية‪،‬‬ ‫ينقلب إلى تخمين ‪ ،‬لأن القارئ يستطيع أن يربط‬ ‫ستنتقل بكرسيك بعيدا حتى تتوحد مع النغمات‪،‬‬ ‫بين عناصر النص وبين من يشغلون العالم السردي‬ ‫ستجد نساء أخريات يفترشن مجموعة من الكراسي‬ ‫مباشرة‪ ،‬وليس نحن فقط من توصلنا إلى هذا الحكم ‪،‬‬ ‫عليها ما لذ وطاب‪ ،‬يأكلن في صوت مفرقع‪ ،‬ينادين‬ ‫ففي شهادة عن أسلوب الكاتب يقول “أشرف زيدان”‬ ‫على أولادهن‪ :‬يزعقن لهذا الطفل‪ ،‬يلع َّن ذلك‪ ،‬فلا‬ ‫‪”:‬كلماته بسيطة ولكنها أكثر عمقا ‪ ،‬وأسلوبه واضح‬ ‫تجد بُدّا من مغادرة القلعة أو الجلوس في كواليس‬ ‫ومباشر يشبه إلى حد كبير انقضاض الصقر على‬ ‫فريسته”‪ 40‬ذلك أن الكاتب “جمال الجزيري“ يهتم‬ ‫ال ف رق ة‪38”.‬‬ ‫بالتركيب ويصّر على ألا يكون غامضا لكي لا يضر‬ ‫نلاحظ في هذا القصة القصيرة جدا أن هيئة الموصوف‬ ‫بالبناء القصصي ‪ ،‬وقد أشار الكاتب في دراسة نقدية‬ ‫قدمت من مواقع متعددة‪ ،‬فالسارد ينتقل من موقع‬ ‫له إلى مزايا هذه القضية الفنية التي ترمي إلى وجوب‬ ‫إلى آخر‪ ،‬وفي كل مرة يرصد بعينه الشبيهة بعدسة‬ ‫تقديم نص مكتملا ‪ ،‬يقول ‪ “ :‬على الكاتب أن يحرص‬ ‫الكاميرا ما يراه عن طريق الوصف الخارجي‪ ،‬فنقل‬ ‫على أن يكون النص مكتملا في حد ذاته ‪ ،‬وعلى أن‬ ‫عدة صور لعدة لقطات من زوايا متعددة بشكل جد‬ ‫يخرج التصور الذهني للنص كما يتشكل في ذهن‬ ‫مكثف‪ ،‬فأدى هنا دور الكاميرا المتحركة التي تغير‬ ‫الكاتب على الورق في النص ‪ ،‬وإلا وقع القارئ في‬ ‫زاوية التصوير أكثر من مرة‪ ،‬وفق ما يقتضيه المشهد‬ ‫دائرة التخمين غير الفني ‪،‬وهنا يتجلى لنا الفرق بين‬ ‫التأويل والتخمين ‪ ،‬فالتأوي ُل يبنى على ما هو موجود‬ ‫ال ب ص ري‪.‬‬ ‫في النص بالفعل وكل قارئ يؤول النص حسب فهمه‬ ‫وقدراته بشرط أن يكون النص مكتملا ‪ ،‬أما التخمين‬ ‫‪5‬ـ العوالم الفنية الجديدة‪:‬‬ ‫فيدل على وجود خلل في النص ‪ ،‬أي أن سمة الاخبار‬ ‫أو الابلاغ غير متوفرة فيه ‪ ،‬وعندما لا يجد القارئ أمامه‬ ‫نقصد بالعوالم الفنية الجديدة ما ذهب إليه الدكتور‬ ‫معلومات سردية كافية يضطر للتخمين القائم على‬ ‫“صلاح فضل” في تعريفه لها بأنها‪ ”:‬ابتكار عوالم‬ ‫الظن ‪ ،‬وليس على معلومات متحققة في النص”‪. 41‬‬ ‫متخيلة جديدة‪ ،‬لا تعرفها الحياة العادية‪ ،‬ولم تتداولها‬ ‫تعيدنا المجموعة القصصية إلى منبتنا الأول “الأرض”‬ ‫السرديات السابقة‪،‬مع تخليق منطقها الداخلي‪،‬‬ ‫في قصة “رحم” وتناقش معالمها بأسلوب جمالي‬ ‫وبلورة جمالياتها الخاصة‪ ،‬والقدرة على اكتشاف‬ ‫قوانين تشفيرها وفك رموزها لدى القارئ العادي‬ ‫بطريقة حدسية مبهمة‪ ،‬ولدى الناقد المتخصص‬ ‫بشكل منهجي منظم”‪. 39‬‬ ‫من خلال معاينتنا لعوالم القصة القصيرة جدا في‬ ‫‪76‬‬

‫ويعود الفضل لاجتهاده ومثابرته واصراره على هدفه ذخائر‬ ‫يتمثل في أن جميع قصصنا هي حكايات ذواتنا التي‬ ‫للمحافظة على الموروث الحكائي‪.‬‬ ‫منحتنا إياها التربة والنهر والجذور‪ ،..‬وأنها الأصالة‬ ‫وفي قصة “رحم” نتعرف على راو آخر هو‪ :‬النهر الذي‬ ‫المنفتحة التي تعزز ثبوتنا لمسايرة ثقافة اليوم‪.‬‬ ‫يرمز إلى الحياة والنماء‪ ،‬وقد وظف الكاتب أنسنة‬ ‫ولهذا فالنص القصصي فيها مبني على ثنائية الأصالة‬ ‫الجماد ليعبر عن الاغتراب الانساني في الحياة‬ ‫والمعاصرة‪ ،‬الأولى يمثلها الموروثالحكائي الشفاهي‬ ‫الراهنة‪ ،‬ويشير أن الجماد أصبح أكثر قدرة منه‬ ‫غير المدون والثانية الحياة العصرية التي حاولت‬ ‫على زرع الأمل والحياة الجميلة‪ ،‬وهو إشارة أيضا أن‬ ‫التمسك بالأصالة هو سبيل للسعادة‪ ،‬والنهر ينتمي‬ ‫إلغاء الأولى‪ ،‬ونفيها‪.‬‬ ‫إلى الأرض الحاملة لجميع حكاياتنا لذا من تنكر لها‬ ‫وفي قصة “حكايات” يبين السارد أن الإذاعة‬ ‫والتلفزيون عملا على تهميش التراث الشفاهي‬ ‫سوف يفقد أصالته وهويته‪.‬‬ ‫وإلغائه‪ ،‬وبموت الجد لم يتمكن الحفيد من حفظ‬ ‫وتأتي صلة الرحم للتدلال على صلة رحم الجد‬ ‫حكايات ألف ليلة وليلة‪ ،‬وبالتالي لن تد ّون وسوف‬ ‫واجتهاد الحفيد لمواصلة خلافة الحكي‪ ،‬وصلة رحم‬ ‫تموت مع الجد وتعود الحكايات الشفاهية إلى تربتها‬ ‫النهر الذي يناشد بساطة الحكي ويعتبرها سر النماء‪،‬‬ ‫وصلة الرحم الفني بين نصوص المجموعة ككل‪،‬‬ ‫ومنبتها الأول‪.‬‬ ‫وترابط لقطاتها المقتطفة التي تكوّن صورة جلية‬ ‫لكن الحفيد الذي كله اصرار وعزم يواصل هذه‬ ‫عند تكاملها في الأخير أي هي تقنية المونتاج التي‬ ‫الخلافة‪ ،‬لكن ليس من خلال ما هو شفاهي‪ ،‬بل من‬ ‫خلال القلم والرسم والحكايات المكتوبة والصور‪،‬‬ ‫أشرنا إليها سابقا‪.‬‬ ‫وفي قصة “هامش” نلمس أبعادًا حكائية متعددة منها‬ ‫وهذا ما توضحه قصة “شغف”‪.‬‬ ‫أن المغنية تسعى لإبراز ما همشه التاريخ‪ ،‬لكن كاميرا‬ ‫وفي قصة “فراغ “ يصطدم الحفيد بطبيعة الحياة‬ ‫التلفزيون تهمل هذا الحدث ولا تعيره أي اهتمام‪،‬‬ ‫المعاصرة التي ألهت الأبوين عن تخصيص وقت‬ ‫حينها تصر المغنية على مواصلة فنها وتتجاهل ما‬ ‫لممارسة الطبيعة الفطرية الحكائية‪،‬وانشغالهما‬ ‫يريد التاريخ تأييده‪ ،‬ولعل المعنى الخفي من هذا‬ ‫الدؤوب بالعمل المتواصل حتى في أوقات الراحة‪،‬‬ ‫الحكي‪ ،‬يشير إلى أسلوب القص المستخدم في هذه‬ ‫وهو الأمر الذي لم يستحسنه الابن واعتبره حقه‬ ‫المجموعة القصصية القصيرة جدا وهو أنه يتجاهل ما‬ ‫المسلوب الذي قضى على جزء من انسانيته وجعله‬ ‫هو سائد في كتابة القصة القصيرة جدا من مفارقات‬ ‫يعيش مغتربا مع ذاته وفاقدا لتراثه ومنفصلا عن‬ ‫ومفاجآت ودهشة وألعاب لغوية‪ ،‬لأن المجموعة هنا‬ ‫تسعى لتقديم تجربة إنسانية حقيقية وبسيطة‬ ‫ح اض ره‪.‬‬ ‫وعميقة وملموسة بإصرار ومواصلة‪ ،‬كما فعل الحفيد‬ ‫وفي قصة “تراب” يحاول هذا الابن التمرد على‬ ‫عند اصراره على الحفاظ على الموروث الحكائي إلى‬ ‫ضغوط الحياة اليومية‪ ،‬فيسترق الدقائق من العمل‬ ‫أن تحققت نبوءة جده فيه‪ ،‬وهو الملمح الإنساني‬ ‫ليحكي لإخوته بعض الحكايات التي يستلهمها من‬ ‫الأرض‪ /‬الواقع وبعضها الآخر يختلقها من خياله‪،‬‬ ‫وبالتالي تتحقق نبوءة جده في أنه سوف يصبح راويا‬ ‫‪77‬‬

‫ببعضهما البعض بشكل ضدي‪ ،‬تدعو الأولى للتفاؤل‬ ‫البارز الذي ركز عليه الكاتب في هذه المجموعة‬ ‫أما الثانية فتدعو للتشاؤم والاحباط‪.‬‬ ‫القصصية القصيرة جدا‪.‬‬ ‫نسجل أن هذه المجموعة القصصية القصيرة جدا‬ ‫ويمكننا المسك بملامح إنسانية أخرى للشخصيات ‪،‬‬ ‫تنبني على ثنائية الايجاب والسلب‪ ،‬وكلما تعمقنا‬ ‫نذكر منها على سبيل المثال في قصة “منا” واكتسائها‬ ‫فيها اكتشفنا ملامح أخرى مختلقة وفق مبدأ هذه‬ ‫بالملمح الصوفي الإنساني‪ ،‬بحيث تجسد القصة‬ ‫الثنائية‪ ،‬وفي الأخير تكونت لنا صورة أن الكاتب‬ ‫الامتزاج بين كل شيء‪ ،‬بين المطربين والجمهور‬ ‫“جمال الجزيري” يناشد بوجوب التمسك بالجانب‬ ‫والقلعة والتاريخ والتكامل بين كل مفردات الحياة ‪،‬‬ ‫الحكائي الشفاهي وبالأصالة وبالاهتمام بالأرض‬ ‫ففي منظور الكاتب أنه “لا بد أن تكون الشخصية‬ ‫والواقع والتراث والفن والموسيقى والسلم الوطني‬ ‫ذات معالم وملامح أيا كانت حتى نستطيع كقراء أن‬ ‫والتصالح‪ ،‬ووجوب التمسك بالسرد الواقعي الأصيل‬ ‫نرسمها في أذهاننا ونتخيل الحدث حتى لو اختلف‬ ‫في القصة القصيرة جدا في مقابل رواج قصص‬ ‫شكل التخيل من قارئ لآخر ‪ ،‬وفي كل الأحوال لا‬ ‫الاغتراب الزائف وتفتيت اللغة‪ ،‬وبالتالي فالكاتب‬ ‫بد أن ينبع التخيل من النص بناء على دلائل نصية‬ ‫يؤمن بضرورة الفن وأصالته وضرورة أن تكون الحروف‬ ‫متحققة بالفعل فيه ‪ ،‬وإلا ستخرج إلى إطار التعميم‬ ‫عفوية وحيوية وانعكاسا للحياة المرتقبة كحكايات‬ ‫والتجريد والتسطيح الذي هم من أشد الآفات فتكا‬ ‫النهر‪ ،‬وأنه أحد الكتاب الذين ينادون بالاهتمام‬ ‫بالجانب الأصيل في القصة القصيرة جدا‪ ،‬لذلك‬ ‫بالأدب وقضاءً عليه”‪. 42‬‬ ‫فقصة “باب” توحي بأن المبدع لا بد أن يواصل‬ ‫كما تبرز المجموعة اهتمامها بالجانب الفني وتبرز في‬ ‫قصة “بجانبك” فعل التذوق واللاتذوق للموسيقى‪،‬‬ ‫مشواره مهما كانت المعوقات‪.‬‬ ‫أما قصتي “ابتسام‪ /‬أصابع” هما قصتان مرتبطتان‬ ‫دفعة واحدة‪ ،‬ولا وفق تسلسل‬ ‫خاتمة‬ ‫يبدو أن الكاتب ركز على‬ ‫زمني متتابع‪ ،‬بل وفق تداخل‬ ‫زمني (ماضي‪ /‬حاضر)‪ ،‬ويتم‬ ‫عرض المشاهد في دقيقة أو‬ ‫“القطع المفاجئ” عند الانتقال من‬ ‫أكثر ولم يعلق عليها أو يخبر‬ ‫عنها تماما كما تفعل السينما‪،‬‬ ‫وهذا هو المبنى الذي شيد به عمله القصصي القصير زمن إلى آخر‪ ،‬مع غلبة تقنية الاستذكار‪ /‬الفلاشباك‬ ‫جدا في النموذج المنتخب‪ ،‬وتبرز أهميته أكثر أن هذا في عرض المشاهد‪ /‬الكادرات القصصية‪ ،‬وقد استعار‬ ‫المبدأ السردي لم يلتفت إليه معظم كتاب القصة القاص هذه التقنيات من الفن السينمائي‪.‬‬ ‫القصيرة جدا في العالم العربي‪ ،‬كما أننا توصلنا من ـ المجموعة القصصية تصور مشاهد مقتطعة من‬ ‫خلال هذه الدراسة إلى مجموعة من نتائج نجملها حياة المتكلم في القصة القصيرة جدا‪ ،‬بحركات‬ ‫سريعة تركز أكثر على إبراز ملمح إنساني صادق‬ ‫في الآتي‪:‬‬ ‫ـ أحداث المجموعة القصصية القصيرة جدا لم تقدم عايشته‪ ،‬وقد استندت على حبكة عنقودية في نقل‬ ‫‪78‬‬

‫الحدث‪ ،‬لكن شريطة ألا يقصي رؤى الشخصيات ذخائر‬ ‫هذه الوقائع الانسانية‪.‬‬ ‫الأخرى‪ ،‬بل يجب عليه أن يجعل صوتها جنبا إلى‬ ‫ـ استعارت المجموعة القصصية القصيرة جدا فن‬ ‫جنب مع صوته‪ ،‬ولعل هذه التعددية هي ما نادى بها‬ ‫المونتاج السينمائيللربط بين المشاهد المبتورة‬ ‫“ميخائيل باختين” وهي تنظير مسبق للسرد الجديد‪،‬‬ ‫التي أحدثتها المفارقات الزمانية بخاصة‪ ،‬ويظهر‬ ‫وقد نجح “جمال الجزيري” بالفعل في نقل مشروعه‬ ‫هذا في أولى القصص القصيرة جدا التي وردت عبارة‬ ‫النقدي التجديدي عبر قصصه بأسلوب حداثي من‬ ‫عن متتاليات قصصية تقوم على تكسير السرد‬ ‫خلال توظيف التقنيات السينمائية في المجموعة‬ ‫في كثير من الأحيان‪ ،‬ويبدو أن الكاتب تعمد ذلك‬ ‫القصصية القصيرة جدا‪ ،‬لما لاحظ استفحال ظاهر‬ ‫لإبراز المنحى التجريبي الذي ينهض عليه السرد‬ ‫سلطة الكتاب في السرد وتسلطهم وفرض وجهات‬ ‫القصصي‪ ،‬وقد استند على تقنية المونتاج السينمائية‬ ‫نظرهم في القصة القصيرة جدا بالخصوص‪ ،‬وذلك‬ ‫كقوة متوارية في لصق‪/‬كولاج المشاهد القصصية‪،‬‬ ‫على حساب منظور الشخصيات‪ ،‬وهذا ما انعكس‬ ‫ويتكثف العمل بهذه التقنية أكثر كلما تصاعد السرد‬ ‫سلبا على عملية التلقي فجعل القارئ مقيدا بالمنظور‬ ‫الذي ينقل كما كبيرا من لقطات مجزئة من حياة‬ ‫الأحادي للكاتب وسلطته القمعية‪.‬‬ ‫الشخصية أو السارد‪ ،‬وبفضل المونتاج الذي يعد حلقة‬ ‫ـ القصص الأولى في المجموعة يمكن النظر إليها‬ ‫الوصل الخفية بين هذه المتتالية القصصية وباقي‬ ‫على أنها متتالية قصصية ‪ ،‬وضعها الكاتب بالأساس‬ ‫المجموعة المجزئة فيما بعد‪ ،‬بفضله تم نسج الصورة‬ ‫لإبراز ِسفر تكوين المجموعة القصصية ومفهوم‬ ‫السرد بوجه عام ‪،‬فرأى أنه لا بد أن تكون القصص‬ ‫القصصية في ذهن القارئ بطريقة فنية وحديثة‪.‬‬ ‫التي نكتبها نابعة من حياتنا بشكل أو بآخر ‪،‬ولها‬ ‫ـ نقلت الأمكنة وفق غياب ذكر تفاصيلها مع تسجيل‬ ‫علاقة بالطين والأرض والإنسان والجذور ‪ ،‬وتتمثل‬ ‫تعددها وتنوعها داخل الخطاب القصصي‪ ،‬وقد استعار‬ ‫حلقة الوصل بين هذه المتتالية القصصية وباقي‬ ‫القاص هذا الأسلوب من السينما التي تصور عدد‬ ‫المجموعة في قصتي‪“ :‬وفاء” و”آفاق” ‪ ،‬ففي وفاء‬ ‫نهاية للمتتالية على المستوى الظاهري ‪ ،‬وفي “آفاق”‬ ‫كبير من الأمكنة بصفة مختزلة‪.‬‬ ‫نقل للتقنيات والمضمون الخاصين بالمتتالية إلى‬ ‫ـ من خلال معاينة العوالم الفنية في الخطاب‬ ‫آفاق جديدة والتأكيد على أن القصص التالية عبارة‬ ‫السردي القصصي القصير جدا في مجموعة (فتافيت‬ ‫عن “لقطات” قد تتشكل بينها كل أنواع العلاقات‬ ‫الصورة ) نصل إلى أن القصص تعتمد على المشهد‬ ‫من تكامل وتباعد وتنافر وتماسك وترابط ‪ ،‬أي أنها‬ ‫باعتباره وسيلة السرد الأساسية‪ ،‬ومن خلالها نادى‬ ‫مهما اختلفت ظاهريا فهي مترابطة بشكل أو بآخر ‪،‬‬ ‫“جمال الجزيري” بضرورة دمقرطة السرد‪ ،‬ويرى‬ ‫و”الرحم” هنا يتعلق بالأرض والتربة والنهر والحبر‬ ‫أن الكاتب مطالب بأن ينقل رؤى الشخصيات من‬ ‫الذي يرمز للثقافة ‪ ،‬أي بالجذور والخصوصية الثقافية‬ ‫الخارج دون تدخل منه بأي تعليق‪ ،‬هذا من جانب‬ ‫‪ ،‬دون أن يؤدي ذلك إلى الانغلاق‪.‬‬ ‫إذا كان السرد منقول بضمير الغائب‪ ،‬أما عندما‬ ‫يكون السرد منقول بضمير المتكلم فلا حرج أن‬ ‫ينقل الكاتب رؤيته ويعلق عليها بصفته مشار ًكا في‬ ‫‪79‬‬

‫الهوامش‬ ‫‪ - 1‬باحثة بجامعة العقيد الحاج لخضر ‪ -‬باتنة – الجزائر‬ ‫‪ - 2‬جمال الجزيري‪ ،‬فتافيت الصورة‪ ،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬ ‫‪.2001‬‬ ‫‪ - 3‬ولد جمال محمد عبد الرؤوف محمد الجزيري في ‪ 2‬أغسطس ‪ 1973‬بجهينة‪،‬‬ ‫محافظة سوهاج‪ ،‬مصر‪ .‬كاتب قصة وشاعر وروائي ومترجم وكاتب مسرح وناقد ودكتور‬ ‫جامعي‪ .‬بدأ مشواره الأدبي في عام ‪ .1991‬تخرج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية‬ ‫الآداب بسوهاج ‪ .1995‬حصل على الماجستير من قسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة‬ ‫‪1998‬عن رسالة بعنوان “تحولات المنظور في شعر روى فولر‪ ،”1961 – 1936‬ثم‬ ‫على الدكتوراه من قسم اللغة الإنجليزية بآداب عين شمس عام ‪ 2002‬عن رسالة‬ ‫بعنوان “جوانب السرد في شعر روجر ماكجوف ‪ .”1987 – 1967‬يعمل منذ عام‬ ‫‪ 1999‬بقسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية بالسويس‪ ،‬جامعة السويس بمصر وانتقل‬ ‫بعدها ليعمل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في نفس الجامعة‪ ،‬ويعمل حاليا بقسم‬ ‫اللغات والترجمة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة بالمدينة المنورة‪ .‬وقام‬ ‫في يناير ‪ 2014‬بتأسيس مجموعة سنا الومضة القصصية على الفيسبوك بالاشتراك‬ ‫مع الأستاذ عصام الشريف (مصر) والأستاذ عباس طمبل (السودان)‪ ،‬وهي مجموعة‬ ‫تعني بشئون الومضة القصصية نظريا وتطبيقيا ونقدا وإبداعا‪ .‬كما قام في شهر‬ ‫مايو ‪ 2014‬بتأسيس دار حمارتك العرجا للنشر الإلكتروني‪ .‬وقام في أكتوبر ‪2015‬‬ ‫بتأسيس دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني مع الأديب محمود الرجبي‪ .‬بدأ نشر‬ ‫كتبه الأدبية في عام ‪ 2001‬بمجموعته القصصية فتافيت الصورة‪ ،‬وقبلها بدأ نشر‬ ‫كتبه المترجمة عن اللغة الإنجليزية‪ ،‬ومنذ تلك السنوات توالت أعماله في فروع القصة‬ ‫والترجمة والشعر والنقد الأدبي والرواية والمسرح‪ ،‬بالإضافة إلى كتبه ودراساته باللغة‬ ‫الإنجليزية‪ .‬وحصل على عدة جوائز في القصة القصيرة والشعر والنقد الأدبي‪.‬‬ ‫‪ - 4‬عبد الرزاق الزاهير‪ ،‬السرد الفيلمي‪ ،‬قراءة سيميائية‪ ،‬دار توبقال‪ ،‬المغرب‪،‬‬ ‫ط‪ ،1994 ،1‬ص ‪.111‬‬ ‫‪ - 5‬جمال الجزيري ‪ ،‬الراوي غير المشارك و الاستبداد السردي ‪ ،‬قراءة في ومضة‬ ‫“أنفة” لأميمة العزيز ‪ ،‬مجلة سنا الومضة القصصية ‪ ،‬دارحمارتك العرجا للنشر‬ ‫الالكتروني ‪ ،‬ع‪ ، 7‬ديسمبر ‪ ، 2014‬ص ‪.53‬‬ ‫‪ /http://www.diwanalarab.com - 6‬يوم‪ 17/03/2017 :‬على‬ ‫ال س اع ة‪.15:00:‬‬ ‫‪ - 7‬صلاح فضل‪ ،‬لذة التجريب الروائي‪ ،‬أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫ط‪ ،2005 ،1‬ص ‪.03‬‬ ‫‪ - 8‬محمد صابر عبيد‪ ،‬حركية العلامة القصصية‪ ،‬جماليات السرد والتشكل‪،‬‬ ‫المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2014 ،1‬ص ‪.155‬‬ ‫‪ - 9‬للاستزادة ينظر‪ ،‬جمال الجزيري ‪ ،‬مشهد جانبي ‪ ،‬سلسلة قصص قصيرة جدا ‪،‬‬ ‫دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني ‪ ،‬ط‪ ، 1‬ماي ‪.2015‬‬ ‫‪ - 10‬المجموعة القصصية ‪ ،‬ص‪.76‬‬ ‫‪ - 11‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.36‬‬ ‫‪ - 12‬جافين ميلار‪ ،‬فن المونتاج‪ ،‬تر أحمد الحضري‪ ،‬الهيئة العامة المصرية‬ ‫للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،1987 ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪ - 13‬المجموعة القصصية ‪ ،‬ص‪.14‬‬ ‫‪80‬‬

‫ذخائر‬ ‫‪ - 14‬المجموعة القصصية‪ ،‬ص‪.14‬‬ ‫‪ - 15‬سمير المرزوقيوجميل شاكر‪ ،‬مدخل إلى نظرية القصة‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪،‬‬ ‫تونس‪ ،‬ط‪،1‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.80‬‬ ‫‪ - 16‬المجموعة القصصية‪،‬ص‪.11‬‬ ‫‪ - 17‬المجموعة القصصية‪،‬ص ‪12‬‬ ‫‪ - 18‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.13‬‬ ‫‪ - 19‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.17‬‬ ‫‪ - 20‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪ - 21‬محمد نور الدين أفاية‪ ،‬الاتصال والانفصال فيما بين الروائي والسينمائي‪،‬‬ ‫مجلة السينما العربية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العددان ‪ 3‬ـ ‪ ،4‬صيف‪/‬‬ ‫خريف ‪ ،2015‬ص ‪.127‬‬ ‫‪ - 22‬عالية صالح‪ ،‬اللص والكلاب والتقنيات السنيمائية‪ ،‬مؤتمر النقد الثاني عشر‬ ‫حول تداخل الأنواع الأدبية‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬الأردن‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص ‪.740‬‬ ‫‪ - 23‬المجموعة القصصية‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪ - 24‬المجموعة القصصية‪ ،‬ص ‪.48‬‬ ‫‪ - 25‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪ - 26‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪ - 27‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.19 ،18‬‬ ‫‪ - 28‬المجموعة القصصية‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪ - 29‬المصدر نفسه‪،‬ص ‪.50 ،49‬‬ ‫‪ /https://ar.wikipedia.org/wiki - 30‬يوم ‪ 02/03/2017‬على‬ ‫الساعة ‪.23:26‬‬ ‫‪ - 31‬ينظر فهرس المجموعة القصصية‪،‬ص ‪ 96‬ـ ‪.97‬‬ ‫‪ - 32‬المجموعة القصصية‪،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪ - 33‬فاضل الأسود‪،‬السرد السينمائي‪ ،‬خطابات الحكي‪ ،‬تشكيلات‬ ‫المكان‪،‬مراوغات الزمن‪،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،‬د‪.‬ط‪،2007،‬ص ‪.196‬‬ ‫‪ - 34‬المجموعة القصصية‪،‬ص ‪.89‬‬ ‫‪ - 35‬جمال الجزيري‪ ،‬صيغة التعريف وحدود المنظور السردي‪ ،‬مجلة سنا الومضة‬ ‫القصصية‪ ،‬دار حمارتك العرجا للنشر الإلكتروني‪،‬ع‪ ،6‬نوفمبر ‪ ،2014‬ص ‪.41‬‬ ‫‪ - 36‬المجموعة القصصية‪،‬ص‪.17‬‬ ‫‪ - 37‬جمال الجزيري‪ ،‬نص الومضة بين التخصيص والتسطيح‪ ،‬مجلة سنا الومضة‬ ‫القصصية‪،‬دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني‪ ،‬ع‪ ،6‬نوفمبر ‪ ، 2014‬ص‪.43‬‬ ‫‪ - 38‬المجموعة القصصية‪،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪ - 39‬صلاح فضل‪،‬لذة التجريب الروائي‪،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪ - 40‬أشرف زيدان‪ ،‬ومضة نقدية في ومضات جمال الجزيري‪،‬مجلة سنا الومضة‬ ‫القصصية‪،‬دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني‪ ،‬ع‪،12‬مايو‪ ،2015‬ص‪.62‬‬ ‫‪ - 41‬جمال الجزيري‪ ،‬السرد بين الإنصات للشخصية واستبداد الراوي‪ ،‬قراءة في‬ ‫بعض ومضات إيهاب عبد الله‪ ،‬مجلة سنا الومضة القصصية‪ ،‬دار حمارتك العرجا للنشر‬ ‫الالكتروني‪ ،‬ع‪ ،10‬مارس ‪ ،2015‬ص ‪.27‬‬ ‫‪ - 42‬جمال الجزيري‪ ،‬نص الومضة بين التخصيص والتسطيح‪ ،‬دار حمارتك العرجا‬ ‫للنشر الالكتروني‪ ،‬مجلة سنا الومضة القصصية‪ ،‬ع‪ ،6‬نوفمبر ‪ ،2014‬ص ‪.42‬‬ ‫‪81‬‬

‫قائمة المراجع‬ ‫‪ .1‬أشرف زيدان‪ ،‬ومضة نقدية في ومضات جمال الجزيري‪،‬مجلة سنا الومضة القصصية‪،‬دارحمارتك‬ ‫العرجا للنشر الالكتروني‪ ،‬ع‪ ،12‬مايو‪. 2015‬‬ ‫‪ . 2‬جافين ميلار‪،‬فن المونتاج‪،‬ترجمة أحمد الحضري‪،‬الهيئة العامة المصرية‬ ‫ل ل ك ت اب‪،‬ال ق اه رة‪،‬د‪.‬ط‪.1987،‬‬ ‫‪ . 3‬جمال الجزيري‪،‬فتافيت الصورة‪،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪،‬القاهرة‪،‬د‪.‬ط‪.2001،‬‬ ‫‪ .4‬جمال الجزيري‪ ،‬الراوي غير المشارك والاستبداد السردي‪ ،‬قراءة في ومضة «أنفة» لأميمة العزيز‪،‬‬ ‫مجلة سنا الومضة القصصية‪ ،‬دارحمارتك العرجا للنشر الالكتروني‪ ،‬ع‪ ،7‬ديسمبر ‪.2014‬‬ ‫‪ . 5‬جمال الجزيري‪ ،‬السرد بين الإنصات للشخصية واستبداد الراوي‪ ،‬قراءة في بعض ومضات إيهاب‬ ‫عبد الله‪ ،‬مجلة سنا الومضة القصصية‪ ،‬دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني‪ ،‬ع‪ ،10‬مارس ‪.2015‬‬ ‫‪ .6‬جمال الجزيري‪ ،‬صيغة التعريف وحدود المنظور السردي‪ ،‬مجلة سنا الومضة القصصية‪ ،‬دار حمارتك‬ ‫العرجا للنشر الإلكتروني‪،‬ع‪ ،6‬نوفمبر ‪.2014‬‬ ‫‪ .7‬سمير المرزوقي وجميل شاكر‪،‬مدخل إلى نظرية القصة‪،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪،‬ط‪،1‬د‪.‬ت‪.‬‬ ‫‪ .8‬صلاح فضل‪،‬لذة التجريب الروائي‪،‬أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي‪،‬القاهرة‪،‬ط‪.1،2005‬‬ ‫‪ .9‬عالية صالح‪،‬اللص والكلاب والتقنيات السنيمائية‪،‬مؤتمر النقد الثانيعشر حول تداخل الأنواع‬ ‫الأدبية‪،‬عالم الكتب الحديث‪،‬الأردن‪،‬ط‪.2009 ،1‬‬ ‫‪ . 10‬عبد الرزاق الزاهير‪،‬السرد الفيلمي‪،‬قراءة سيميائية‪،‬دار توبقال‪،‬المغرب‪،‬ط‪.1،1994‬‬ ‫‪ .11‬فاضل الأسود‪ ،‬السرد السينمائي‪،‬خطابات الحكي‪،‬تشكيلات المكان ومراوغات الزمن‪،‬الهيئة المصرية‬ ‫العامة للكتاب‪،‬القاهرة‪،‬د‪.‬ط‪.2007،‬‬ ‫‪ . 12‬محمد نور الدين أفاية‪ ،‬الاتصال والانفصال فيما بين الروائي والسينمائي‪ ،‬مجلة السينما‬ ‫العربية‪،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬بيروت‪،‬العددان‪ 3‬ـ ‪،4‬صيف‪ /‬خريف ‪.2015‬‬ ‫‪ . 13‬محمد صابر عبيد‪،‬حركية العلامة القصصية‪،‬جماليات السرد والتشكل‪،‬المؤسسة الحديثة‬ ‫للكتاب‪،‬لبنان‪،‬ط‪.2014 ،1‬‬ ‫‪/http://www.diwanalarab.com .14‬‬ ‫‪/https://ar.wikipedia.org/wiki . 15‬‬ ‫‪82‬‬

‫ذخائر‬ ‫‪83‬‬

‫التناص في‬ ‫رواية “دروس‬ ‫في الحب‬ ‫والسعادة”‬ ‫لمحمد حجو‬ ‫دة‪ .‬فاتحة تمزارتي*‬ ‫‪84‬‬

‫ملخص‬ ‫حاولت هذه الورقة البحثية دراسة التناص‪ ،‬دراسة تحليلية‪ ،‬في رواية “دروس في الحب والسعادة” للكاتب محم ذدخائر‬ ‫حجو‪ .‬من خلال تقديم إطار نظري للتناص‪ ،‬قصد تقريب المفهوم من المتلقي عبر تحليل بعض النماذج التي‬ ‫تضمنها المتن الروائي؛ حتى نرى إلى أي حد كانت النصوص الأخرى حاضرة بقوة في جسد الرواية‪ .‬وقد توسلت‬ ‫الرواية بهذه النصوص الدينية والنصوص الشعرية بغرض تحقيق بناء فني من جهة‪ ،‬وبناء معرفي دلالي من جهة‬ ‫أخرى‪ .‬فكان امتزاج هذه النصوص في العمل الروائي أمرا طبيعيا محيلا على الأطر الثقافية التي شكلت شخصية‬ ‫الكاتب الإبداعية‪ ،‬والمصادر التي نهل منها مادته‪ .‬كما سعى الكاتب من خلال هذا التناص الديني والشعري إلى إنتاج‬ ‫الدلالة التي يهدف إليها‪ ،‬والتي يقصر النص الحاضر عن الإيفاء بها لوحده دون الاستئناس بهذا النوع من النصوص‪.‬‬ ‫‪Abstruct :‬‬ ‫‪This article tackles intertextuality in “lessons in love and happiness” novel written‬‬ ‫‪by Mohamed Hijo through samples that allow the reader to understand the analyti-‬‬ ‫‪cal framework and comparing it to other texts and their relatedness to the novel. It‬‬ ‫‪adopts the analytical approach to analyse and interpret the data. The novel under‬‬ ‫‪study encompasses religious and poetic texts for the sake of achieving an artistic‬‬ ‫‪and semantic construct. This piece of paper concludes that these blending texts‬‬ ‫‪shape creative side of the author’s personality and that through the religious and‬‬ ‫‪poetic intertextuality, he seeks to produce the sign he targets to.‬‬ ‫‪Keywords: intertextuality, novel, comparison.‬‬ ‫مقدمة‬ ‫تعد الرواية جنسا أدبيا كباقي الأجناس الأخرى‪ ،‬له مكوناته وعناصره التي تميزه سواء من ناحية اللغة المستعملة‬ ‫أو من ناحية المحتوى أو المضمون‪ ،‬أو من ناحية البناء العام لهذا النوع من الأنواع الأدبية‪ .‬وتجدر الإشارة إلى أن الرواية‬ ‫مثلت في مرحلة من المراحل ولا تزال مرآة تعكس هموم الشعوب وآمالها‪ .‬من هنا أصبحنا نتحدث عما يسمى الرواية‬ ‫الواقعية أو الرواية الاجتماعية التي حاولت أن تنقل صورة الإنسان الذي يعاني من القهر والظلم والاستبداد‪ ،‬فلم تكن‬ ‫بذلك في منأى عما تعيشه هذه الشعوب من عيش بئيس‪ ،‬وهدر للكرامة وحرمان من أبسط الحقوق‪ .‬بل ومنها من‬ ‫رمت صاحبها إلى القبوع في غياهب السجون ليدفع ضريبة قول كلمة حق في زمن اتسم بسيادة القهر والاستبداد‪،‬‬ ‫حيث لعبت الرواية دورا في إيقاظ ضمائر الشعوب وحشد هممها واستنهاضها من أجل الثورة على واقعها وتغييره‪.‬‬ ‫ومادام أن الرواية موضوع الدراسة هي لكاتب مغربي هو محمد حجو‪ ، 1‬فقد ارتأيت أن أتحدث عن خصائص هذا‬ ‫الجنس الأدبي في المغرب دون الحديث عن الرواية العربية ‪ ،‬وهذا ليس تجاهلا مني‪ ،‬بل حرصا على التركيز على ما‬ ‫يهم عناصر الدراسة بالتحديد‪ .‬وقبل ذلك سأطرق مفهوم الرواية للتعرف على الظروف والسياقات التي أنتجت هذا‬ ‫النوع من أنواع الكتابة الأدبية‪.‬‬ ‫‪85‬‬

‫إن الرواية المغربية “تبدو الورطة‬ ‫محمد زغلول سلام بأنها “نموذج‬ ‫‪ 1-‬مفهوم الرواية‪:‬‬ ‫أكبر‪ ،‬ما دامت تمثل العطب‬ ‫فني يتصل بكثير مما يهم الناس‬ ‫المزدوج‪ ،‬عطبها الخاص المتعلق‬ ‫مما يضمنه الفنان عمله”‪ 5‬وهذا‬ ‫إن السؤال التقليدي الذ ُي يطرح‬ ‫بنشأتها‪ ،‬وعطب تقليدها للرواية‬ ‫يجعل الرواية تجمع بين الشق‬ ‫ونحن نطرق موضوع الرواية‪ ،‬هو‬ ‫المشرقية التي قلدت بدورها رواية‬ ‫الموضوعي المرتبط بهموم الناس‬ ‫ما الرواية؟ وهو سؤال شغل نقادا‬ ‫الغرب‪ ،‬المبدع الحقيقي‪ ،‬بلا منازع‪،‬‬ ‫ومعاناتهم‪ ،‬والشق الشكلي الذي‬ ‫ومبدعين في الشرق والغرب‪،‬‬ ‫للرواية العصرية”‪ . 7‬و”الواقع أن‬ ‫يحقق جمالية الرواية وإبداعيتها‪.‬‬ ‫مما يدل على مدى الإشكال الذي‬ ‫معظم الروايات المغربية‪ ،‬وعلى‬ ‫ويظل لوكاتش أول من قدم‬ ‫تطرحه ماهية الرواية‪ .‬فمنهم من‬ ‫الخصوص روايات البدايات‪ ،‬هي‬ ‫طرحا متناسقا للرواية في كتابه‬ ‫يرى أنها‪“ :‬مؤلف تخييلي نثري‬ ‫روايات سير ذاتية بشكل أو بآخر‪،‬‬ ‫“نظرية الرواية” عندما ربط‬ ‫له طول معين‪ ،‬ويقدم شخصيات‬ ‫حيث غالبا ما ينهل كاتبها من‬ ‫بينها وبين الملحمة واعتبرها‬ ‫معطاة كشخصيات واقعية يجعلها‬ ‫تجربته‪ ،‬محاولا الاستفادة من‬ ‫ملحمة برجوازية‪ ،‬ولكن الاختلاف‬ ‫تعيش في وسط‪ ،‬ويعمل على‬ ‫ماضيه كما هو‪ ،‬أو محورا بصياغة‬ ‫يكمن في كون الملحمة لا تشمل‬ ‫تعريفنا سيكولوجيتها‪ ،‬بمصيرها‪،‬‬ ‫فنية‪ ،‬تختلف من كاتب لآخر”‪. 8‬‬ ‫سوى طبقة معينة وهي الطبقة‬ ‫وبمغامراتها”‪ 2‬في حين نظر إليها‬ ‫أما فيما يخص الخصائص البنيوية‬ ‫الارستقراطية‪ ،‬في حين تشمل‬ ‫عبد الفتاح عثمان على أنها “‬ ‫التي وسمت الرواية المغربية في‬ ‫الرواية كل الطبقات وبالتالي‬ ‫انطباع شخصي مباشر للحياة‪،‬‬ ‫تلك المرحلة‪ ،‬فتتأسس” على‬ ‫تستهوي جل أصناف القراء‪.‬‬ ‫وفي هذا بادئ ذي بدء تتلخص‬ ‫الحكاية‪ ،‬والزمن الواحد المسلسل‪،‬‬ ‫والرواية في رأي باختين‪ ،‬لا تخضع‬ ‫قيمتها التي تعظم وتصغر تبعا‬ ‫والراوي التقليدي المطلع والعارف‬ ‫لتعريف قار‪ .‬ولا تلتزم بقوانين‬ ‫لحدة هذا الانطباع” ‪ 3‬و” الرواية‬ ‫بكل شيء‪ ،‬والتعليمات المباشرة‬ ‫ثابتة بسبب تطورها المستمر‪،‬‬ ‫تصف الرجل العادي أي أنها‬ ‫والوعظ والخطابية‪ ،‬وتدخل المؤلف‬ ‫وارتباطها بالواقع الذي يعطيها‬ ‫تأخذ مادتها من الواقع المعاش‪،‬‬ ‫بالتعليق على الأحداث والشرح”‪.9‬‬ ‫وتعبر عن الأفراد العاديين الذين‬ ‫كما مثلت نصوص تلك المرحلة‬ ‫إمكانية التغير والتجدد‪6.‬‬ ‫نراهم ونتعامل معهم في حياتهم‬ ‫مرآة عكست الواقع المعيش‬ ‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬نقول إن‬ ‫اليومية”‪ 4.‬من هنا تختلف الرواية‬ ‫وسعت إلى فضح تناقضاته‬ ‫الرواية لا تملك تعريفا جاهزا‪،‬‬ ‫عن الأسطورة التي تصف الكائنات‬ ‫وتشوهاته‪ .‬ومن أهم روادها‪ ،‬نجد‬ ‫واحدا‪ ،‬مادام الواقع الانساني‬ ‫الغيبية تغوص في الخيال‪ ،‬وهذا ما‬ ‫محمد شكري ومحمد زفزاف‬ ‫غير ثابت وغير نهائي‪ ،‬فالرواية‬ ‫جعل النقاد والمبدعين ينشغلون‬ ‫ومبارك ربيع وعبد الكريم غلاب‬ ‫تظل أكثر الأجناس الأدبية ارتباطا‬ ‫بتحديد ماهيتها والبحث في‬ ‫وغيرهم‪ .‬وركزت بشكل كبير‬ ‫بالواقع الانساني‪ ،‬مما يطرح‬ ‫جذورها وأصولها‪ ،‬مادامت تعتبر‬ ‫على المضمون على حساب‬ ‫أكثر الفنون الأدبية التصاقا‬ ‫صعوبة إيجاد تعريف قار لها‪.‬‬ ‫بالحياة الواقعية‪ .‬لهذا يعرفها‬ ‫‪ 2 -‬الروايةالمغربية‪:‬‬ ‫‪86‬‬

‫ذخائر‬ ‫الجوائز المحصل عليها‪ ،‬وكذا من‬ ‫الشكل بسبب الظروف الاجتماعية‬ ‫حيث الحصيلة الكمية والكيفية‬ ‫والسياسية التي طبعت الساحة‬ ‫الذي يقيد حركة البطل ويشل‬ ‫المغربية آنذاك‪ .‬وقد حافظت‬ ‫حركته‪ .‬منذ مستهل الرواية يتبدى‬ ‫المتحققة في هذا المجال‪.11‬‬ ‫الرواية المغربية على نهجها‬ ‫تمرد على الصورة النمطية للذات‬ ‫الواقعي إلى حدود الثمانينات من‬ ‫عبر الانسلاخ عنها حيث تتشكل‬ ‫‪ 3 -‬التعريف بالرواية‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬لكنها بعد ذلك‬ ‫موضوع الدراسة‪:‬‬ ‫ستعرف منعطفا نوعيا جعلها‬ ‫ذات أخرى غير ذات البطل‪.‬‬ ‫تصب اهتمامها على الشكل‬ ‫تعد رواية “ دروس في الحب‬ ‫مهملة بذلك المضمون‪ .‬فلم تعد‬ ‫أ‪-‬ملخص الرواية‪:‬‬ ‫والسعادة” ثاني عمل روائي‬ ‫الرواية تلامس هموم الفرد وتسعى‬ ‫للكاتب محمد حجو‪ ،‬بعد روايته‬ ‫لنقل مشاعره وانفعالاته‪ ،‬بل عملت‬ ‫الرواية عبارة عن حوار بين أب‬ ‫الصادرة سنة ‪ ،1994‬والموسومة‬ ‫على تكسير النمط السائد (خطية‬ ‫وابن يتضمن دروسا في الحب‬ ‫ب “هلم شرا” ‪ .‬تقع في ‪152‬‬ ‫السرد وتعدد الساردين)‪ .‬كما‬ ‫والسعادة‪ .‬وليس بالضرورة أن‬ ‫صفحة‪ .‬وهي متن روائي يمتزج‬ ‫عملت كذلك على تكسير بنية‬ ‫يكون الابن هو من طلب من الأب‬ ‫فيه الواقعي بالمتخيل‪ ،‬يخلق‬ ‫الزمن واستثمار التراث وغيرها من‬ ‫تلك الدروس‪ ،‬فغالبا ما تكون‬ ‫فيه الكاتب حوارا بين شخصين‬ ‫المكونات الشكلية التي حددت‬ ‫العاطفة الأبوية منطلقا لبث هذا‬ ‫أو بالأحرى جيلين‪ :‬جيل يمثله‬ ‫ملامح النص وطورته بشكل كبير‪.‬‬ ‫الأب وجيل يمثله الابن‪ ،‬يكسر من‬ ‫“ولا يقل حضور تيمة الغرب في‬ ‫الفعل أو السلوك‪.‬‬ ‫خلاله الزمن المعتاد عبر استدعائه‬ ‫الرواية المغربية كما هو الحال‬ ‫تدور الأحداث في عوالم لا‬ ‫لأزمنة بعيدة وعوالم تنتمي إلى‬ ‫في الرواية المشرقية‪ ،‬وهو ما‬ ‫يحصرها الزمان ولا المكان‪ ،‬بل‬ ‫عالم الأسطورة يسبح فيه ويغوص‬ ‫ظهر جليا عند عبد المجيد بن‬ ‫تتحدى الحدود وتجوب بنا في‬ ‫لعله يجد ذاته ‪ ،‬بلغة تمزج بين‬ ‫جلون(في مرحلة أولى) في سيرته‬ ‫رحاب عالم التراب المدنس‪،‬‬ ‫الشعر والنحو والأسطورة والأدب‬ ‫الذاتية “في الطفولة” التي رسمت‬ ‫وتسعى إلى التخلص من قيوده‬ ‫والفلسفة‪ ،‬مزيج يجعله يثور على‬ ‫لنا طفولة مقسمة بين مدينتين‬ ‫وتشوهاته الشخصية المحورية‬ ‫عالمه الواقعي ليتجاوزه إلى عوالم‬ ‫(لندن وفاس) متعارضين أشد‬ ‫لتأخذنا إلى العالم المائي الطاهر‪.‬‬ ‫يحفر وينبش فيها باستمرار‬ ‫التعارض”‪ .10‬وعلى الرغم من‬ ‫فالابن يظل يطرح أسئلة لعله‬ ‫ليخرج مكنون النفس‪ ،‬حيث‬ ‫كون الكتابة الروائية حديثة العهد‬ ‫يجد لها جوابا‪ .‬كيف السبيل‬ ‫تنفجر طاقة الذّات الداخلية معبرة‬ ‫بالمشهد الإبداعي المغربي إلا أنها‬ ‫إلى التخلص من قذارة التراب؟‬ ‫عما يختلج بداخلها من هواجس‬ ‫استطاعت أن تتبوأ مكانة محترمة‬ ‫والكاتب من خلال هذا الحوار‬ ‫تتملص من قيود الزمن والمكان‪.‬‬ ‫تتجلى من خلال حجم وقيمة‬ ‫الدائر بين الاب والابن‪ ،‬يرسل‬ ‫لا تنحصر الرواية داخل إطار زمني‬ ‫رسائل إلى قرائه تقودهم نحو‬ ‫معين بل تنفلت منه وتجوب‬ ‫سبيل يخلصهم من ثقل التراب‬ ‫العوالم كلها في تجاهل تام للزمن‬ ‫الذي يقيدهم ويحرمهم من‬ ‫الحب والسعادة‪ .‬يحضر هنا البعد‬ ‫الفيزيائي للكائن البشري حيث‬ ‫‪87‬‬

‫فعلية أو شبهجملة‪ .‬والعمل الذي‬ ‫إلى الاهتمام بالعنوان‪ ،‬حدا جعلهم‬ ‫يشكل حاجزا أمامه يحجب عنه‬ ‫بين أيدينا يتشكل فيه عنوان‬ ‫يفردون له علما يحظى باستقلالية‬ ‫الطهر والصفاء والنقاء‪.‬‬ ‫الرواية على المستوى التركيبي‬ ‫تامة‪ ،‬وهو علم العنوا”ن”�‪Titrolo‬‬ ‫‪ ”gie‬والذي أسهم في تأسيسه‬ ‫ب‪-‬عنوان الرواية‬ ‫من جملة اسمية تتكون من‪:‬‬ ‫ورسم حدوده كل من‪ :‬جيرار‬ ‫‪ -‬مبتدأ محذوف تقديره هذه‬ ‫جنيت ‪G .G e n e t t e‬و هنر ي‬ ‫لعل أول ما يشد الانتباه في‬ ‫‪ +‬خبر ‪ +‬جار ومجرور‪ +‬اسم‬ ‫م ت ران‪H.Metterand‬ول وس ي ان‬ ‫أي متن روائي كان‪ ،‬هو العنوان‬ ‫ك ول د م ان ‪L .G oldman‬وش ارل‬ ‫لما يحمله هذا العنصر من دلالات‬ ‫معطوف‬ ‫ﮔريفل‪CH.Grivel‬وروجر روفر‬ ‫تمكننا من سبر أغوار المتن‬ ‫“ دروس في الحب والسعادة “‬ ‫‪RogerRofer‬ول ي وه وي ك ‪Leo‬‬ ‫الداخلية‪ ،‬ولما يمتلكه بوصفه‬ ‫جملة اسمية تحمل من الدلالات‬ ‫بنية لا تنفصل عن خصوصية‬ ‫ما يدفعنا إلى التوقف عند كلمة‬ ‫‪.Hoek‬‬ ‫العمل الأدبي من قدرة على‬ ‫“دروس”‪ .‬فاللفظة توحي لنا بوجود‬ ‫وإذا نظرنا إلى معظم ال ّدراسات‬ ‫جذب القارئ وشده‪ .‬فهو نواة‬ ‫شخصية متمرسة في المجال‪ ،‬أو‬ ‫التي اشتغلت على مقاربة العنوان‬ ‫الحكاية ومحورها الأساسي‪”:‬‬ ‫على الأقل لديها خبرة وتجربة‬ ‫سندرك بشـكل واضح الأهمية‬ ‫فالعناوين لا تحمل نفس الدلالة‬ ‫في الحياة ما يجعلها قادرة على‬ ‫الكبيرة التي يحظى بها بوصفه‬ ‫فمنها من يأتي مباشرا يحيل‬ ‫تقديم هذه الدروس‪ .‬فهل هي‬ ‫“ نصا مختزلا ومكثفا ومختصرا‬ ‫على محتوى البعد التاريخي‬ ‫شخصية حكيم أم شخصية معلم‬ ‫“‪ 13‬له علاقة مباشرة بالنص الذي‬ ‫والسياسي والاجتماعي‪...‬أما غير‬ ‫أم مجرد شخصية أب يوجه نصائح‬ ‫وسم به‪ .‬ويعرفه ليوهـوك بأنه “‬ ‫المباشر فتركيبه مجازي استعاري‬ ‫وتوجيهات في شكل دروس لابنه‪.‬‬ ‫مجـموع العلامات اللســانية‬ ‫بحكم الشاعرية التي يتسم بها‬ ‫وهما شخصيتنا محوريتان في‬ ‫(كلـمـات مفردة‪ ،‬جمل‪ ،‬نص)‬ ‫الرواية كما سنرى في مبحث‬ ‫التي يمكن أن تدرج على رأس‬ ‫العنوان” ‪.12‬‬ ‫نصه لتحدده وتدل على محتواه‬ ‫فالعنوان عنصر من أهم العناصر‬ ‫لاحق‪.‬‬ ‫العام وتعرف الجمهور بقراءته”‪14‬‬ ‫المؤثثة للنص الروائي‪ ،‬وهو يحل‬ ‫انطلاقا من الوصف الخارجي‪ ،‬يبدو‬ ‫فالعنوان يشكل مفتاح النص‬ ‫محل النص من حيث قوته وسلطته‬ ‫جليا أن هناك انسجاما بين شقي‬ ‫ومدخله الأساس قبل أي عنصر‬ ‫التي يفرضها على القارئ‪ .‬هذا‬ ‫العنوان‪ ،‬لأن الدروس قد نتلقاها‬ ‫إلى جانب وظيفته المتمثلة في‬ ‫في الحب والسعادة‪ ،‬لما لا؟ فلا‬ ‫آخر من عناصر بنائه‪.‬‬ ‫الكشف عن طبيعة النص وفك‬ ‫غرابة إذن في دلالة العنوان‪ .‬لكن‬ ‫تتخذ العناوين بنى تركيبية‬ ‫مغاليقه‪ .‬حيث يسهم في توضيح‬ ‫السؤال الذي يطرح‪ ،‬هل عبر‬ ‫مختلفة غالبا ما تنحو نحو هذه‬ ‫دلالات النص‪ ،‬ومن خلال العنوان‬ ‫هذا العنوان بالفعل عن مضمون‬ ‫الصيغة‪ :‬مبتدأ ‪ +‬خبر وقد يأتي‬ ‫يمكننا استخلاص طبيعة كل إبداع‬ ‫الرواية؟ وانسجم مع مضمون‬ ‫المبتدأ محذوفا والخبر جملة‬ ‫العمل الروائي؟ الجواب نجده‬ ‫أو عمل‪.‬‬ ‫وقد سعى الدارسون في الغرب‬ ‫‪88‬‬

‫ذخائر‬ ‫تنتميالرواية إلى جنس‬ ‫متضمنا في كل ليلة من ليالي‬ ‫الأدب الرمزي لهذا فهي لا تقدم‬ ‫الحكي التي تسردها وترويها‬ ‫تنفلت من عنصري الزمان والمكان‬ ‫شخصيات تقليدية حقيقية بقدر‬ ‫الرواية على لسان الأب (الشخصية‬ ‫ال ف ي زي ائ ي ي ن‪.‬‬ ‫ما تقدم نماذج إنسانية تتميز‬ ‫بالذهن المتوقد والمعاناة‪ ،‬إذ هي‬ ‫ال م ح وري ة)‪.‬‬ ‫د‪ -‬لغة الرواية‪:‬‬ ‫في صراع دائم مع نفسها ومع‬ ‫العالم الخارجي‪ ،‬والكاتب يجسد‬ ‫ج‪-‬شخوص الرواية‪:‬‬ ‫ي ع ت ب ر ال م ن ظ ر ال س وي س ري ف ردي ن ان د‬ ‫هذا الصراع من خلال ما يحكيه‬ ‫دي سوسير (‪)1857-1913‬‬ ‫البطل عن عالمه ومن خلال‬ ‫تلعب الشخصية دورا أساسيا‬ ‫مؤسسا لعلم اللغة الحديث‪ ،‬منذ‬ ‫الأوصاف التي يحيلها إليه‪ ،‬أما‬ ‫في بناء النص الروائي‪ ،‬فهي تشكل‬ ‫أن وضع الحدود بين اللسان واللغة‬ ‫الشخصيات الأخرى فهي عوامل‬ ‫المحور الذي تدور حوله الأفكار‬ ‫والكلام‪ .‬ثم جاء دارسون وباحثون‬ ‫ومنبع المعاني والمجال الذي تدور‬ ‫من بعده وطوروا هذا العلم ليصبح‬ ‫مساعدة على إبرازه وتألقه‪.‬‬ ‫فيه الأحداث‪ ،‬وبدون هذا العنصر‬ ‫مجموعة من العلوم والنظريات‪.‬‬ ‫تعد شخصية “ الأب” الشخصية‬ ‫الروائي يسقط هذا الجنس‬ ‫وقد منحت هذه الأبحاث أهمية‬ ‫المركزية في هذه الرواية‪ ،‬إنه البطل‬ ‫الأدبي في مغبة الدعاية المباشرة‬ ‫كبيرة لدور اللغة في مجال‬ ‫الذي يتبلور السرد حوله من خلال‬ ‫والوصف التقريري وهذا ما أكده‬ ‫المنطوق والمكتوب‪ ،‬وفي مجال‬ ‫تبلور الأحداث؛ بحيث نجد أن‬ ‫آرنولد بقوله‪ ”:‬إن أساس الرواية‬ ‫التنظير الأدبي‪ .‬ولقد كان لتطور‬ ‫الكاتب يرصد كل الحوارات التي‬ ‫الجيدة هو خلق الشخصيات ولا‬ ‫الرواية الحديثة في الغرب الدور‬ ‫لها علاقة بالبطل‪ .‬وتظل السمة‬ ‫الفاعل في تطور دراسة المستويات‬ ‫الغالبة على شخصيات الرواية أو‬ ‫شيء سوى ذلك”‪. 15‬‬ ‫بالأحرى الغالبة على خطابها‪ ،‬هي‬ ‫وقد أكد عبد الملك مرتاض على‬ ‫اللغوية في الرواية الحديثة‪.‬‬ ‫أنها تتحدث بلسانها‪ ،‬فخطابها‬ ‫ذلك قائلا‪ “ :‬تتعدد الشخصية‬ ‫وتعد اللغة عاملا هاما في بناء‬ ‫تلفظي‪ .‬أما على مستوى حركية‬ ‫الروائية بتعدد الأهواء والمذاهب‬ ‫الرواية‪ .‬فهي الوعاء الذي يحمل‬ ‫الشخصيات فنسجل نوعا من‬ ‫و ا لأيديو لو جيا ت و ا لثقا فا ت‬ ‫جميع العناصر الروائية كالمكان‬ ‫الجمود والانحسار في مكان محدد‬ ‫والحضارات والهواجس والطبائع‬ ‫والزمان والشخصيات والسرد‬ ‫لا يتغير مع مضي الليالي التي‬ ‫البشرية التي ليس لتنوعها ولا‬ ‫والحوار والوصف‪ .‬والحامل لأفكار‬ ‫عنون بها الكاتب محاور روايته‪.‬‬ ‫الروائي ومضامين كتابته‪ ،‬وهي‬ ‫فلا تخرج الشخصيات عن الإطار‬ ‫لاختلافها من حدود”‪16‬‬ ‫أشبه بالريشة التي يستعملها‬ ‫الذي حدد لها مسبقا(البيت)‪،‬‬ ‫وتشكل الشخصية الروائية علامة‬ ‫الرسام‪ ،‬وبالنوتة التي يستعملها‬ ‫إلا عبر العوالم التي يستدعيها‬ ‫لغوية تلتحم بباقي العلامات‬ ‫الموسيقي‪ .‬كما تمثل في نظر‬ ‫الكاتب في متنه‪ ،‬وهي عوالم‬ ‫اللغوية لتنتج تركيبا رصينا‬ ‫باختين “ التنوع الاجتماعي‬ ‫ومحكما‪ .‬وترتبط الشخصية‬ ‫للغات”‪ .17‬وبما أن الرواية جنس‬ ‫بفضاء زماني ومكاني محدد‪ ،‬كما‬ ‫أدبي مرتبط بالواقع‪ ،‬فإنها توظف‬ ‫تذعن لسياق يسهم في إبرازها‬ ‫مختلف الأشكال اللغوية‪.‬‬ ‫وظ ه وره ا‪.‬‬ ‫‪89‬‬

‫صيد مع رفاقه يطارد فريسة‪،‬‬ ‫تجربته السردية‪ .‬من هنا استدعى‬ ‫وتنتمي الرواية موضوع الدراسة‬ ‫وفجأة شعر بالعطش‪ ،‬فجلس على‬ ‫الأسطورة اليونانية الشهيرة‪،‬‬ ‫إلى صنف “الرواية الرمزية” التي‬ ‫حافة غدير‪ ،‬دون أن يعلم أن هناك‬ ‫المتعلقة بزهرة النرجس‪ ،‬من خلال‬ ‫تتطلب لغة خاصة (أو تعاملا‬ ‫عين ترقب حركاته وسكناته عن‬ ‫تكرار هذا الرمز في مواقع كثيرة‬ ‫خاص مع اللغة) تكمن في التعبير‬ ‫بعد‪ ،‬فقد كانت هناك فتاة على‬ ‫عن الأجواء النفسية المعقدة‪،‬‬ ‫حافة الغدير تدعى “إكو” (إحدى‬ ‫من الرواية‪ ،‬يقول الكاتب‪:‬‬ ‫وتعتمد على الإيحاء‪ ،‬فهي أقرب‬ ‫الفتيات المعجبات به)‪ ،‬والتي كانت‬ ‫‪ ”-‬للنرجس حكاية طويلة‪ ،‬طويلة‬ ‫إلى الشعر المنثور لما تحمله‬ ‫تحبه حبا جما رغم أنها تقل عنه‬ ‫جدا‪ .‬أما حكاية تاريخ النرجس‬ ‫من شحنة إيحائية للتعبير عن‬ ‫جمالا‪ ،‬وهامت بحبه حتى سقمت‬ ‫فهي أطول‪ .‬كيف أقول لك‪..‬؟‬ ‫الحالات النفسية المعقدة‪ .‬كما‬ ‫ومرضت‪ .‬وكابدت وصبرت حتى‬ ‫النرجس كائن يلتقط أنفاسه ولا‬ ‫يظل الرمز أقدر على التعبير‬ ‫أضناها هذا الحب وجعلها تذبل‬ ‫ينبعث منه شيء‪.‬النرجس ماء‪..‬‬ ‫والبوح بالمشاعر المختلجة‬ ‫شيئا فشيئا حتى فارقت الحياة‪.‬‬ ‫ومرآة‪ ...‬وتيه‪..‬وعشق لا ينكسر‪.‬‬ ‫بالدواخل‪ ،‬وترجمة أسرار النفس‬ ‫غير أن الآلهة (بزعم الأسطورة) لم‬ ‫النرجس عبادة من الداخل‪ .‬وتاريخ‬ ‫وعدم فضح مكنوناتها بشكل‬ ‫تترك نركسيوس دون عقاب‪ ،‬لذلك‬ ‫النرجس غطيط الكلمة وتجمد‬ ‫مباشر وصريخ‪ ،‬وهنا يحضر البعد‬ ‫كانت نتيجة هذا الحب الذاتي أن‬ ‫الجمالي لهذا اللون من الكتابة‪.‬‬ ‫أصيب الفتى بالجنون وفقد عقله‪،‬‬ ‫النطفة في رحم الأيام‪.18“ ..‬‬ ‫فاللغة العادية تعجز عن التعبير‬ ‫من فرط تردده على البركة المائية‪،‬‬ ‫والكثير من الناس يسمعون بزهرة‬ ‫مثلما يفعل الرمز‪ ،‬الذي يستطيع‬ ‫حتى افتتن بنفسه وعشقها‪ .‬ومن‬ ‫النرجس فيعجبون بشكلها أيما‬ ‫نقل مشاعر الذات المرسلة‪ ،‬بشكل‬ ‫فرط ذلك العشق قفز في الماء‬ ‫إعجاب‪ ،‬دونما معرفة بسبب‬ ‫تدريجي ل ُا يذهب إبداعية العمل‬ ‫ليمسك صورته ولكن مصيره‬ ‫وجودها ولا استكناه شكلها المائل‬ ‫ولا جماليته‪ .‬من هنا فقد استعمل‬ ‫كان الغرق فمات‪ .‬فظهرت مكانه‬ ‫ونظرتها الحزينة‪ ،‬وهي صورة‬ ‫الكاتب الماء بوصفه يرمز إلى عالم‬ ‫زهرة سميت باسمه “نرجس”‪.‬‬ ‫طبق الأصل عن هذه الأسطورة‬ ‫الصفاء والنقاء والبراءة الذي تنتمي‬ ‫فصار على إثر هذه الأسطورة‪ ،‬كل‬ ‫التي تحكي قصة شاب يوناني‬ ‫إليه شخصية الابن‪ ،‬في حين‬ ‫من يفتتن بجسده أو نفسه‪ ،‬أو‬ ‫يدعى “نركسوس” الذي كان‬ ‫استعمل رمزية التراب للتعبير عن‬ ‫مولع بحب الذات أو عبادة ذاته‪،‬‬ ‫فائق الجمال وكان هو مدركا‬ ‫الخسة والقذارة والانحطاط الذي‬ ‫أو إصابته بالأنانية‪ ،‬يسمى شخصا‬ ‫لذلك الجمال الذي حباه الله به‪،‬‬ ‫يتسم به العالم الذي ينتمي إليه‬ ‫نرجسيا‪ ،‬وينعت في عرف مدرسة‬ ‫فكان شديد التباهي بنفسه‪ ،‬يصد‬ ‫التحليل النفسي‪ ،‬بـــ”شخصية‬ ‫كل من يعجب به‪ ،‬لكن مع مرور‬ ‫الأب(العالم السفلي)‪.‬‬ ‫نرجسية”‪ .‬وقد تم استدعاء هذا‬ ‫الأيام خرج “نركسوس”‪ ،‬الابن‬ ‫ينزع الكاتب إلى الاستلهام من‬ ‫المدلل لنهر “كفيسوس” وزوجته‬ ‫المعين الرمزي والأسطوري لإثراء‬ ‫“ليروبي” (حورية النهر)‪ ،‬في رحلة‬ ‫‪90‬‬

‫ذخائر‬ ‫والترادف‪ ،‬والمشترك وغيرها‪ .‬من‬ ‫المتن الأسطوري في الرواية‪،‬‬ ‫هنا اتسمت لغة الرواية بكونها لغة‬ ‫بغرض تحذير الابن من هذا النوع‬ ‫اعتمد الحوار بشكلٍ مطلق لبناء‬ ‫اشتقاقية بامتياز‪ ،‬وقد تكرر هذا‬ ‫من الشخصيات التي سيصادفها‬ ‫روايته‪ .‬وقد يعتمد بعض الكتّاب‬ ‫الاشتقاق في عدد من صفحات‬ ‫كثيرا في عالم التراب‪ .‬وبشكل‬ ‫على الحوار في بناء فصول بعينها‪،‬‬ ‫الرواية‪ .‬حيث نجد الكاتب أورد‬ ‫عام فالشخصية النرجسية هي‬ ‫من دون أن يكون له الحيّز كله‪.‬‬ ‫شخصية مرضية يصعب التعامل‬ ‫عمدت الرواية إلى أسلوب‬ ‫كلمات كثيرة من قبيل‪:‬‬ ‫معها بشكل عادي وطبيعي‪،‬‬ ‫الحوار منذ الوهلة الأولى‪ ،‬وحتى‬ ‫‪ ”-‬لم أقل شيئا‪ ،‬كنت أكمكم فقط‪.‬‬ ‫فهي شخصية تتسم بالأنانية‬ ‫النهاية في قالب سردي ماتع‪.‬‬ ‫‪ -‬وهل الكمكمة هي أن تقول كلاما‬ ‫والغرور المفرطين‪ ،‬كما تتسم‬ ‫وقد صاغ الكاتب لغة الحوار‬ ‫بالحسد والغيرة‪ ،‬ولديها اعتقاد‬ ‫بالفصحى‪ .‬وشكل أسلوب الحوار‬ ‫لا يفهم؟‬ ‫بأنها شخصية متميزة ولا ينبغي‬ ‫ركيزة استند إليها العمل واستنطق‬ ‫‪ -‬ربما يكون كذلك‪،‬‬ ‫أن تتعامل إلا مع من هم مثلها‪.‬‬ ‫عبرها الشخوص للكشف عن‬ ‫كالجمجمةوالقمقمة العربية‪.‬‬ ‫وهي شخصية قد تودي بصاحبها‬ ‫مكنوناتهم النفسية ورواية‬ ‫ولكن الأمر هنا غير ذلك‪ ،‬لم‬ ‫إلى فقدان العقل أو الموت بشكل‬ ‫حكاياتهم الإنسانية‪ .‬كما مثل‬ ‫أجد من أكلمه فكلمت نفسي‪ ،‬أو‬ ‫هذا الأسلوب أيضا النافذة الرئيسة‬ ‫كمكمتهاكماما‪ ،‬أقصد كلاما‪ ،‬لا‬ ‫م ف اج ئ‪.‬‬ ‫التي من خلالها حاول الكاتب إبراز‬ ‫ومادامت العلة التي من‬ ‫شخوصه‪ ،‬ودفعهم إلى البوح عن‬ ‫ُ يعير للمعنى اهتماما‪19”.‬‬ ‫أجلها ُوجدت اللغة هي أدا َء الفهم‬ ‫خوالج الصدر في حوار دار بين‬ ‫المتبادل بين المتخاطبين بها‪،‬‬ ‫الأب وابنه‪ ،‬حيث يلقن عبره دروسا‬ ‫ز‪ -‬أسلوب الرواية‪:‬‬ ‫فإن هذه الغاية تلزمها أن تتموضع‬ ‫في الحب والسعادة‪ .‬حيث سعت‬ ‫في جميع مسالكها لتحقيق‬ ‫الشخصية المحورية “الأب” إلى‬ ‫لا شك أن الحوار ركن أساسي‬ ‫تكامل الدلالة‪ ،‬وقد أسهم دخول‬ ‫استعمال أسلوب حواري راقٍ يتكلم‬ ‫تتشكل عن طريقه ملامح‬ ‫مستجدات على عالم الإنسان‬ ‫فيه عن كل المحاذير التي يرغب‬ ‫الشخصيّة‪ ،‬وتكتسب المواقف‬ ‫في البحث عن كيفيات في اللغة‬ ‫تجنيب ابنه إياها‪ ،‬في مقابل حثه‬ ‫ق ّوة الإقناع والتأثير‪.‬ومن إحدى‬ ‫ُت ِعينه على التعبير عن هذه‬ ‫على التمسك بجملة من القيم‪،‬‬ ‫الإشكاليّات أو التحدّيات التي‬ ‫الأشياء بصورة كاملة وواضحة‪،‬‬ ‫وفتح عينيه على السلوكات التي‬ ‫تواجه الروائ ّي‪ ،‬كيف ّية التعامل‬ ‫لهذا كانت الحاجة ملحة إلى‬ ‫مع اللغة‪ ،‬وكيفية إجراء حوار بين‬ ‫الزيادة في أصول مفردات اللغة‪،‬‬ ‫تَ ِسمُّ عالم التراب‪.‬‬ ‫الشخصيات‪ ،‬وهل يعتمد اللهجات‬ ‫فسعى الإنسان إلى وضع وسائل‬ ‫إن التوفيق في كتابة حوار‬ ‫وحدها أم الفصحى أم يزاوج بينهما‬ ‫لذلك‪ ،‬فكان الاشتقاق‪ ،‬والتركيب‪،‬‬ ‫يكون مقنعا ومناسبا للشخصيات‬ ‫لتكون هناك لغة وسطى‪ .‬يقلص‬ ‫المتكلمة به‪ ،‬وإسهامه في رسم‬ ‫من خلالها الفجوة بين الشخص ّية‬ ‫وعالمها الروائيّ‪ ،‬والقارئ وعالمه‬ ‫الواقعيّ‪ .‬وهناك من الروائيّين من‬ ‫‪91‬‬

‫ونصوصهم‪ ،‬قام النص الجديد‬ ‫منتصف الستينات من هذا القرن‬ ‫معالمها‪ ،‬وكذا توظيفه توظيفا تقنيا‬ ‫بهضمها وتمثلها وتحويلها‪ ،‬فلا‬ ‫في أبحاث متفرقة نشرتها الناقدة‬ ‫يخدم البناء السردي للمتن‪ ،‬لهو‬ ‫وجود لكلمة عذراء لا يسكنها‬ ‫جوليا كرستيفا في مجلتي تيل‪-‬‬ ‫أمر صعب تحققه إلا لمن كانت له‬ ‫صوت الآخرين‪ ،‬باستثناء كلمة‬ ‫دربة وباع طويل في ميدان الكتابة‬ ‫آدم‪ ،‬كما يرى باختين‪ 24.‬كما‬ ‫كيل وكرتيك في فرنسا”‪.20‬‬ ‫والإبداع‪ .‬وقد عبر الكاتب عن‬ ‫يرى الكثي ُر من الدارسين حتمية‬ ‫وتوحي كلمة “ التناص” بوجود‬ ‫مهارة وحرفية عاليتين في كتابته‬ ‫التناص إزاء كل نص‪ ،‬واصفينه‬ ‫تفاعل أو تشارك بين نصين‬ ‫للمتن الروائي بشكل عام وكتابة‬ ‫بأنه “قانون النصوص جميعا‪”25‬‬ ‫باستفادة أحدهما من الأخر ولعل‬ ‫الحوار بشكل خاص؛ كما أبان عن‬ ‫وأن “كل نص هو تناص”‪26‬‬ ‫ذلك ما جعل النقد يركز على كشف‬ ‫حس فني أثبت من خلاله قدرته‬ ‫ويعني أيضا النص المتعدد الذي‬ ‫حيثياته في الثقافة العربية قديما‬ ‫على تحقيق المواءمة بين الحوار‬ ‫“يتوالد في الآن عينه من نصوص‬ ‫والثقافة الغربية حديثا‪ ،‬وهي التي‬ ‫وطبيعة الشخصيات‪ ،‬وخلوه من‬ ‫عديدة سابقة عليه”‪ 27‬فالتناص‬ ‫أنتجت هذا المصطلح بصيغته‬ ‫أي تكلف يذهب بجمالية العمل‬ ‫من وجهة نظر جوليا كريستيفا‬ ‫الحالية “‪”intertextualité‬‬ ‫وإبداعيته‪ .‬ولم يشكل الحوار غاية‬ ‫هو “التقاطع داخل نص لتعبير‬ ‫ولا يختلف هذا التعريف عما‬ ‫في حد ذاته بل وظفه الكاتب‬ ‫مأخوذ من نصوص أخرى‪ ”28‬وقد‬ ‫ذهبت إليه كريستيفا في قولها‬ ‫بحسبانه وسيلة لتبليغ العديد من‬ ‫ظهر هذا المفهوم عند الدارسين‬ ‫إن‪ “ :‬النص ترحال للنصوص‬ ‫الأفكار لتلبية حاجة الإبداع نفسه‪.‬‬ ‫بمسميات مختلفة فنجد باختين‬ ‫وتداخل نص في فضاء نص معين‬ ‫يعرفه بمصطلح”الحوارية”‪ ،‬في‬ ‫تتقاطع وتتنافى ملفوظات عديدة‬ ‫‪ 4-‬التناص في‬ ‫حين يركن عماد عبد اللطيف إلى‬ ‫مقتطعة من نصوص أخرى”‪21.‬‬ ‫الرواية‪:‬‬ ‫مصطلح “التظفير الخطابي” وهي‬ ‫ومنذ أن قامت الناقدة جوليا‬ ‫كلها مسميات لمفهوم واحد هو‬ ‫كريستيفا بصياغة مصطلح‬ ‫بعد انطلاق العديد من‬ ‫التناص تحول هذا المصطلح إلى‬ ‫المحاولات لتعريف مفهوم النص‬ ‫“ال ت ن اص”‪.‬‬ ‫هاجس هيمن على كل الدراسات‬ ‫وبعد تناول النقاد للنص بمفهومه‬ ‫تنفتح الرواية على نصوص‬ ‫الأدبية والثقافية‪ ،‬التي تناولته‬ ‫الجديد کان لابد أن يظهر مفهوم‬ ‫وخطابات متعددةتنتمي إلى عوالم‬ ‫بشكل عملي كل الاتجاهات‬ ‫جديد يتصل بالنص وهو “التناص”‪.‬‬ ‫مختلفة تتداخل وتتشابك فيما‬ ‫النظرية‪ 22.‬وقد أشارتإلىأنصاح‬ ‫وحينما نسمع مصطلح “تناص”‬ ‫بينها مشكلة بناء سرديا جديدا‬ ‫ب ال ف ض ل ف ي وج ودال ظ اه رةه وم ي خ ائ‬ ‫يتبادر إلى ذهننا مباشرة مجموع‬ ‫مستح َدثا‪ .‬فالنص لا يتأتى له‬ ‫يل باختينفيمجموعةمنكتبها‪. 23‬‬ ‫التفاعلات التي تتحقق بوجود‬ ‫أن يؤسس كيانه إن لم يستدعِ‬ ‫والنص الأدبي أي ًا كان جنسه‪ ،‬هو‬ ‫تداخل وتشارك بين نصين أو أكثر‪.‬‬ ‫خطابات مغايرة وأنماط متنوعة‬ ‫أيضاً مجموعة من أقوال الآخرين‬ ‫وقد ظهر مصطلح التناص حديثا‬ ‫في تاريخ النقد الأدبي تحديدا في‬ ‫‪92‬‬

‫ذخائر‬ ‫تتضمن العبارة تناصا مع الآية‬ ‫من الكتابات الأخرى(الدينية‬ ‫رقم ‪ 13‬من سورة الحجرات‬ ‫والأسطورية والتاريخية والتراثية)‪.‬‬ ‫الإنسان لأخيه‪.‬‬ ‫والتي يقول فيها الحق عز وجل‬ ‫وهذا التعدد والتنوع والامتزاج‬ ‫في النموذج الثاني يستحضر‬ ‫َ“يا ُّ َأيهَا النَّا ُس ِإ َّنا خَ َلقْ َناكُم مِّن‬ ‫والتداخل هو الذي يمنح للعمل‬ ‫الكاتب آيتين من سورتين‬ ‫ذَكَ ٍر َوأُن َثى َوجَ َع ْلنَا ُك ْم شُ ُعوبًا‬ ‫البعد الإبداعي والجمالي‪ ،‬ويخرج‬ ‫مختلفتين من القرآن الكريم في‬ ‫وَ َقبَا ِئ َل لِ َت َعارَفُوا إِ ّنَ أَكْ َر َم ُكمْ ِعندَ‬ ‫الرواية عن نهج الأحادية في‬ ‫سياق كلامه عن سلوك الفرد الذي‬ ‫اللَّهِ أَتْ َقاكُمْ إِنَّ ال َلّ َه عَلِي ٌم َخبِيرٌ”‪.‬‬ ‫الخطاب‪ ،‬ونمط الكتابة المنفردة‪.‬‬ ‫يسمه الحقد والحسد وعدم حب‬ ‫أحدث الكاتب تكييفات بالحذف‬ ‫وسنقدم بعض النماذج التطبيقية‬ ‫على الآية الأصلية كما هي في‬ ‫من خلال رواية “دروس الحب‬ ‫الخير للغير‪ .‬فيقول‪:‬‬ ‫مقطع “ خلقكم الله من ذكر وأنثى‬ ‫والسعادة” حتى نرى إلى أي حد‬ ‫ ‪ “ -‬بينما يغلي صدره نارا من‬ ‫وجعلكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”‬ ‫كانت النصوص الأخرى حاضرة‬ ‫شر ما حسد ومن شر النفاثات في‬ ‫حيث استعمل الفعل “خلقكم”‬ ‫العقد‪ ،‬ومن شر ما كذب ومن شر‬ ‫عوضا عن الفعل “خلقناكم “‬ ‫بقوة في جسد الرواية‪.‬‬ ‫ما كسب‪ ،‬تبت يداه كما تبت يدا‬ ‫ليقوم بنوع من التحوير للمقطع‬ ‫الموالي من الآية في قوله “ وجعل‬ ‫‌أ‪ -‬التناص الديني‪:‬‬ ‫أبي لهب”‪30.‬‬ ‫أكرمكم عنده أتقاكم”” عوضا عن‬ ‫‪ --‬القرآن الكريم‪:‬‬ ‫يتضمن النموذج تناصا مع سورة‬ ‫الآية الأصلية “إن أكرمكم عند الله‬ ‫“الفلق” وسورة “المسد”‪ ،‬وينقل‬ ‫أتقاكم” ‪ ،‬مغيرا في المقطع الأول‬ ‫يستلهم الكاتب طائفة من‬ ‫الكاتب مسارات توظيف هذا النص‬ ‫والأخير وتاركا المقطع الأوسط‬ ‫النصوص التي تنتمي إلى الحقل‬ ‫القرآني في سياق وصفه الشخص‬ ‫كما هو‪ ،‬حيث أسقط جملة النداء‬ ‫الديني والتي تحيل على آي‬ ‫“الديماغوجي” وجوابه عن سؤال‬ ‫التي تصدرت الآية “يا أيها الناس‬ ‫القرآن الكريم‪ .‬غير أنه يصيغها‬ ‫الابن حول سلوكيات وتصرفات هذا‬ ‫إنا خلقناكم” ليعوضها بالفعل‬ ‫في نسيج خطابه الروائي‪ ،‬دون‬ ‫النوع من الشخصيات‪ .‬حيث ربطت‬ ‫“خلقكم” مع حذف لحرف التوكيد‬ ‫استحضار للآية كاملة‪ ،‬بل يقتطع‬ ‫الروايات بين سمات الديماغوجي‬ ‫“إ ّنا” مما أدى إلى تحويل الجملة‬ ‫منها جزءا‪ ،‬تارة محافظا عليها في‬ ‫والسمات التي ساقتها سورة‬ ‫من جملة نداء إلى جملة فعلية‪.‬‬ ‫صيغتها الأصلية في مقطع وتارة‬ ‫الفلق للحاسد‪ ،‬وكذا السمات‬ ‫من هنا يمارس كل تناص عملية‬ ‫متصرفا فيها في مقطع آخر‪ .‬ومثال‬ ‫التي ساقتها سورة “المسد”‪ ،‬لأبي‬ ‫استدعاء واستبعاد تتماشى مع‬ ‫لهب‪ ،‬فنجدها شخصية انتهازية‬ ‫سياق حديث الراوي عن قصة‬ ‫ذلك قوله‪:‬‬ ‫وصولية‪ ،‬تتصف بالحقد والكذب‬ ‫هابيل وقابيل التي تتكلم عن كيد‬ ‫ ‪ “ -‬هكذا نحن‪/‬أنتم بني‬ ‫والشر‪ .‬وهذا سبب تناص الرواية‬ ‫الإنسان‪ ،‬خلقكم الله من ذكر‬ ‫مع آي القرآن‪ ،‬وهو تناص بالحذف‬ ‫وأنثى وجعلكم شعوبا وقبائل‬ ‫حيث اك ُتفيَ فيه بذكر آية من سورة‬ ‫لتعارفوا‪ ،‬وجعل أكرمكم عنده‬ ‫الفلق وهي الآية الثالثة‪ ،‬والآية‬ ‫أت ق اك م”‪29‬‬ ‫‪93‬‬

‫ذهبت أخلاقهم ذهبوا‪ ،‬والخير‬ ‫بهي مقبل على الحياة‪ ،‬قلب‬ ‫الأولى من سورة “المسد”‪ .‬وقد‬ ‫في الناس إذا جبروا‪ ،‬والشر فيهم‬ ‫مسبح‪ ،‬ومتعبد متعوذ‪ .‬وهناك‬ ‫اختارت الرواية هذا التناص لقوة‬ ‫سبب آخر وراء هذا الاختيار وهو‬ ‫حجيته بحسبانه نصا قرآنيا لا‬ ‫مجبول وإن قبروا‪34”.‬‬ ‫رغبة الأب في تعريف ابنه بأهمية‬ ‫يقبل التكذيب أوالمراجعة‪ ،‬ولإقناع‬ ‫إن اهتمام الشخصية الرئيسية‬ ‫ودور هذه السورة في حفظ الإنسان‬ ‫المتلقي بفظاعة شخصية الحاسد‬ ‫في الرواية “الأب” بالبناء‬ ‫وتحصينه من وسوسة الشيطان‪،‬‬ ‫وحثه على رفضها وعدم تقبلها‪،‬‬ ‫الأخلاقي للابن وحرصه على‬ ‫ومن شر الناس‪ .‬وهذا لعمري‬ ‫ولقوة الوصف الذي ساقه القرآن‬ ‫حُسن تربيته‪ ،‬والاعتناء بتوجيهه‬ ‫ممن يتنامى تاريخه وتكبر حياته‬ ‫الكريم لهذا النوع من السلوكيات‬ ‫وتثقيفه وتوعيته‪ ،‬وتلقينه المبادئ‬ ‫وتنمو كما جاء على لسان الابن‬ ‫والأخلاقيات المنبوذة طبعا من لدن‬ ‫والقيم والأخلاق عبر الدروس التي‬ ‫يقدمها له على مدى صفحات‬ ‫في الرواية‪.32‬‬ ‫الخالق والناس على حد سواء‪.‬‬ ‫الرواية‪ ،‬هو الذي دفع الكاتب إلى‬ ‫أما النموذج الثالث ففيه تناص‬ ‫تضمين عبارته تناصا مع بيت‬ ‫ب‌‪ -‬التناص الأدبي‪:‬‬ ‫مع سورة الناس التي لم يخضعها‬ ‫حافظ إبراهيم‪ ،‬دون إدخال أي‬ ‫‪ - -‬الشعر‬ ‫الكاتب لأي حذف أو تكييف به‪ ،‬بل‬ ‫تعديل أو حذف‪ ،‬بخلاف كسره‬ ‫احتفظ بها كما هي‪ .‬يقول الراوي‪:‬‬ ‫النظام العمودي للبيت‪ ،‬وسوقه‬ ‫من أنماط التناص الأدبي في الرواية‬ ‫‪“ -‬ويكبر بالقلب في مراتع‬ ‫في شكل نثر عوض الاحتفاظ‬ ‫استدعاء الكاتب لبعض النصوص‬ ‫البهاء‪ ،‬وتعاويذ الشعر في جفون‬ ‫في شكله الشعري‪ .‬كما ضمن‬ ‫الشعرية الحديثة المحايثة‬ ‫الحسان‪ ،‬في أناشيد الصبايا‬ ‫عبارته أيضا بيتا لجبران خليل‬ ‫لنصه ليحاورها ويعزز بها كلامه‬ ‫يخبلن موسيقى اللغات فوق‬ ‫جبران من قصيدته “المواكب”‬ ‫ودروسه التي يلقنها الأب للابن‪-‬‬ ‫مرايا الماء‪ ،‬في تسبيح المتعبدين‬ ‫التي تعد من عيون الأدب العربي‬ ‫الشخصيتين المحوريتين‪ .-‬ففي‬ ‫الحديث بمعانيها ومفرداتها‬ ‫الرواية تناص صريح بيت شعري‬ ‫ال م ت ع وذي ن‪:‬‬ ‫والتي تدعو إلى أسمى درجة من‬ ‫لجبران خليل جبران من قصيدته‬ ‫أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‪،‬‬ ‫درجات الحب والخير‪ ،‬وقد ساق‬ ‫“المواكب”‪ ،‬وتناص آخر مع بيت‬ ‫بسم الله الرحمان الرحيم‪ٌ ،‬ق ْل‬ ‫الكاتب البيت بغرض التأكيد على‬ ‫شعري مشهور لأحمد شوقي‪،33‬‬ ‫َأعُوذُ ِبرَبِّ النَّا ِس‪َ ،‬م ِل ِك ال َّنا ِس‪ِ ،‬إلهِ‬ ‫أن النفس البشرية ستبقى دائماً‬ ‫ال ّنَاسِ‪ ،‬مِنْ َشرِّ الوَ ْسوا ِس َا ْل ُخنَّاسِ‬ ‫في هذا التنازع بين الخير والشر‪،‬‬ ‫يقول الكاتب‪:‬‬ ‫اَل ِّذ ُي يوَ ْسوِسُ فِي صُدُو ِر اَل َّنا ِس‪،‬‬ ‫بين الفجور والتقوى‪ .‬فلا يوجد في‬ ‫‪ “ -‬أما خطو بناء الإنسان‪ ،‬فصناعة‬ ‫الكون إنسان خي ٌّر بشكل مطلق‪،‬‬ ‫بذور الجمال في نفس كل فرد‬ ‫مِ َن َالْ ِج ّنَةِ وَاَل َنّاسِ”‪31‬‬ ‫ولا إنسان يكون شريرا بشكل‬ ‫فرد‪ ،‬ليمتلئ نهر الخير جماعات‬ ‫وقد اختار الكاتب هذا التناص مع‬ ‫جماعات‪ ،‬فيفيض الحب أمما أمما‬ ‫سورة “الناس”‪ ،‬في سياق حديث‬ ‫تؤتي معروفا وتنهى منكرا‪ ،‬وإنما‬ ‫عن صنف من الناس يتمتع بقلب‬ ‫الأمم الأخلاق ما بقيت‪ ،‬فإن همو‬ ‫‪94‬‬

‫ذخائر‬ ‫من خلال استحضار بيت شعري‬ ‫مطلق‪ ،‬إلا الأنبياء فهم المعصومون‬ ‫للمتنبي‪ ،‬من قصيدة “ لكل امرئ‬ ‫عليهم السلام‪.‬‬ ‫من مائتين وثلاثة أبيات‪ ،‬تنقسم‬ ‫من دهره ما تعودا”‪ ،‬من خلال قول‬ ‫إلى وحدات تتناول مواضيع‬ ‫وقد تضمنت الرواية بيتين‬ ‫مختلفة‪ ،‬والمواكب هي مواكب‬ ‫ال ك ات ب‪:‬‬ ‫شعريين ينتميان إلى مدرستين‬ ‫الناس في حياتهم الشائكة‬ ‫‪ ”-‬إذا أنت أكرمت الكريم‬ ‫شعريتين مختلفتين‪ ،‬فحافظ‬ ‫وطباعهم الزائفة ومعتقداتهم‬ ‫ملكته==== وإن أنت أكرمت‬ ‫إبراهيم يحسب على مدرسة البعث‬ ‫الخاطئة‪ .‬ومن بين هذه المواضيع‬ ‫والإح ي اء وه و اس م ي ط ل ق ع ل ى ال ح رك ة‬ ‫نجد‪ :‬الدين‪ ،‬والعدل‪ ،‬والعلم‪،‬‬ ‫ت م ردا”‪36‬‬ ‫الشعرية التي ظهرت في مصرفي‬ ‫والسعادة‪ ،‬والحب‪ ،‬ووصف الطبيعة‬ ‫فالمتنبي تحدث في هذا البيت‬ ‫أوائل العصر الحديث‪،‬والتزم فيها‬ ‫عن نوعين من الناس‪ ،‬نوع يقابل‬ ‫الشعراء بنظم الشعر العربي على‬ ‫المثالية للبنان‪.‬‬ ‫الاحسان بالإحسان‪ ،‬ونوع آخر‬ ‫النهج الذي كان عليه في عصور‬ ‫ويتضمن البيت توجها مختلفا عن‬ ‫جاحد يقابل المعروف بالغدر‬ ‫ازدهاره‪ ،‬منذ العصر الجاهلي حتى‬ ‫المعنى في البيت السابق الذي‬ ‫والخيانة والاساءة‪ ،‬لهذا ليس‬ ‫العصر العباسي‪ .‬في حين ينتمي‬ ‫حذر فيه الأب الابن من نوعية‬ ‫من الصحيح التعامل مع الناس‬ ‫جبران خليل جبران إلى مدرسة‬ ‫محددة من البشر‪ ،‬لكن يتوافق‬ ‫بمختلف نوعياتهم بالتعامل‬ ‫شعراء المهجر التي دعتْ في‬ ‫مع ما في بيت جبران الذي يحث‬ ‫الانساني الراقي‪ ،‬فهناك نوعية من‬ ‫أ ّول الأمر إلى الثورة علي أوضاع‬ ‫فيه على استقبال الحياة بالغناء‬ ‫البشر يحسبون الكرم في التعامل‬ ‫الوطن المختلفة‪ ،‬والبحث عن‬ ‫والفرح والسعادة وترك كل ما‬ ‫ضعف ًا‪ ،‬ويتوقعون ان التواضع اقلال‬ ‫الح ّق والصّدق‪ ،‬والخير والجمال‪،‬‬ ‫ينغص علينا صفاءها وهدوءها‬ ‫من القيمة‪.‬وقد أورد الكاتب البيت‪،‬‬ ‫والحرّية والعدل في بلاد المهجر‪،‬‬ ‫وضمن عبارته هذا التناص في‬ ‫ولكنهم بعد العجز عن تحقيق‬ ‫ج ان ب ا‪.‬‬ ‫السياق نفسه‪ ،‬حتى يحذر ابنه‬ ‫هذه المعاني في عالم الواقع‪َ ،‬بنَوا‬ ‫وتجدر الإشارة إلى أن المتن‬ ‫من الصنف الأخير الذي سيصادفه‬ ‫الروائي غني جدا بأنواع أخرى من‬ ‫كثيرا في عالم التراب‪ .‬ليسوق بعد‬ ‫المدينة الفاضلة في خيالهم‪.‬‬ ‫التناص‪ ،‬منها التناص الأسطوري‬ ‫ذلك بيتا آخر لا يتوافق مع المعنى‬ ‫وتمثلت “قدرة الكاتب في توظيف‬ ‫والتناص القصصي‪ ،‬الذي ينفتح‬ ‫الخطاب الشعري توظيفا فنيا‬ ‫فيه الكاتب على عوالم تنتمي‬ ‫السابق فيقول‪:‬‬ ‫متناغما مع نسيج بنائه اللغوي‬ ‫إلى الزمن البعيد‪ .‬والمساحة‬ ‫ ‪“ -‬اعطني الناي وغن===‬ ‫واستثمار ما فيه من طاقات‬ ‫البحثية لا تسمح بطرق كل هذه‬ ‫إيحائية وإشارات غنية واضحة‬ ‫الأنواع‪ ،‬لهذا فالفرصة سانحة‬ ‫فالغنا سر الوجود”‪37‬‬ ‫تع ّبر عن تجربته وتصوراته”‪35‬‬ ‫أمام باحثين آخرين لدراسة هذه‬ ‫وهو بيت مقتطف من قصيدة‬ ‫‪ .‬حيث وظف الموروث الشعري‬ ‫النماذج والوقوف عليها في المتن‬ ‫“المواكب” لجبران خليل جبران‪،‬‬ ‫وهي قصيدة رمزية طويلة تتكون‬ ‫ال م دروس‪.‬‬ ‫‪95‬‬

‫الكاتب لمثل‬ ‫خاتمة‬ ‫سعت هذه‬ ‫هذه النصوص‬ ‫الدراسة إلى‬ ‫الدينية والأدبية‬ ‫تقديم إطار‬ ‫في روايته سيدعم‬ ‫نظري للتناص‪،‬‬ ‫ا لنص بجو ا نب‬ ‫وتقريب المفهوم من‬ ‫مختلفة قوية‪ ،‬وسيضفي‬ ‫المتلقي عبر تحليل بعض‬ ‫على المتخ ّيل السردي‬ ‫النماذج التي تضمنها المتن‬ ‫طابعا واقعيا‪ ،‬هذا بالإضافة إلى‬ ‫الروائي‪ .‬وقد توسلت الرواية‬ ‫سعيه لترسيخ الأبعاد الجمالية‬ ‫بهذه النصوص الدينية والنصوص‬ ‫في الرواية‪ .‬مما يجعل للنص نكهة‬ ‫الشعرية بغرض تحقيق بناء فني من‬ ‫وجمالية لدى المتلقي مادام سيربطه‬ ‫جهة‪ ،‬وبناء معرفي دلالي من جهة أخرى‪.‬‬ ‫بجذور معينة سيستمتع بها خلال عملية‬ ‫ف ك ان ام ت زاج ه ذه ال ن ص وص ب ال ع م ل ال روائ ي أم را‬ ‫تلمسه لها‪ .‬فلا مناص إذن للمبدع من التعالق‪،‬‬ ‫طبيعيا محيلا على الأطر الثقافية التي شكلت‬ ‫شخصية الكاتب الإبداعية‪ ،‬والمصادر التي نهل تعالق النصوص فيما بينها‪ ،‬وهو تعالق قد‬ ‫منها مادته‪ .‬كما يسعى الكاتب من خلال هذا يتحقق بين الماضي والحاضر كما قد يتحقق‬ ‫التناص الديني والشعري إلى إنتاج الدلالة بين نصوص تنتمي إلى الحقبة الزمنية نفسها‪.‬‬ ‫التي يهدف إليها‪ ،‬والتي يقصر النص الحاضر فالرواية تمتح من عدة نصوص تتشابك وتتداخل‬ ‫عن الإيفاء بها لوحدها دون الاستئناس بهذا لتخلق نسيجا روائيا‪ ،‬تنتقل عبره الشخوص من‬ ‫النوع من النصوص‪ .‬فالنص الديني والشعري عالم إلى عالم‪ ،‬ويسعى من خلاله الكاتب إلى‬ ‫يلهم الذاكرة ويحمل القارئ على المراوحة بين رسم صورة الأب ‪ /‬الشخصية المحورية الذي‬ ‫النصوص‪ .‬من هنا شكلت المرجعية الفكرية يلقن ابنه دروسا في الحب والسعادة‪ ،‬محاولا‬ ‫والدينية للكاتب رافدا أساسيا لتبني هذا نقلها وصياغتها في قالب سردي لا يشعر معه‬ ‫النوع تحديدا من التناص‪ .‬ولاشك إن توظيف القارئ بالضجر وهو يتصفح الرواية‪.‬‬ ‫‪96‬‬

‫الهوامش ذخائر‬ ‫* ‪ -‬أستاذة زائرة بجامعة السلطان‪ ،‬مولاي سليمان ‪ -‬بني ملال ‪ -‬المغرب‪.‬‬ ‫‪ - 1‬محمد حجو‪ ،‬أستاذ بجامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية‪ ،‬الرباط‪ ،‬دكتوراه في‬ ‫السيميائيات من جامعة تولوز‪ ،‬دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬له إصدارات‬ ‫منها‪ :‬رواية وهلم شرا ‪ ،1994‬وكتاب “الإنسان وانسجام الكون ‪ ،2012‬والرواية التي بين أيدينا ‪.2016‬‬ ‫‪ - 2‬أحمد رائز‪ ،‬الرواية بين النظرية والتطبيق أو مغامرة نبيل سليمان في المسلة”‪ ،‬دار الحوار للنشر‬ ‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪ - 3‬عبد الفتاح عثمان‪ :‬بناء الرواية‪ ،‬مكتبة الشباب‪ ،‬ط‪ ،1 .‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪ - 5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.16-17‬‬ ‫‪ - 6‬ميخائيل باختين‪ ،‬الرواية والملحمة‪ ،‬ترجمة جمال شحيد‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪ - 7‬أحمد المديني‪ ،‬في الأدب المغربي المعاصر‪ ،‬سلسلة دراسات تحليلية‪ ،‬دار النشر المغربية‪،1985 ،‬‬ ‫ص‪. 40‬‬ ‫‪ - 8‬محمد عزام‪،‬وعى العالم الروائي‪ :‬دراسات في القصة المغربية‪ ،1990 ،‬اتحاد ال ّكتاب العرب‪،‬‬ ‫ص‪.22‬‬ ‫‪ - 9‬محمد عزام‪ ،‬ص‪.222‬‬ ‫‪ - 10‬مقالأحمد المدينيبعنوان‪ :‬الرواية المغربية وضع الهوية في العلاقة مع “الآخر” منشور على موقع‪:‬‬ ‫‪http://www.fikrwanakd.aljabriabed.net/n12_12madin.htm‬‬ ‫‪ - 11‬مقدمة كتاب” الرواية المغربية من التأسيس إلى التجريب” للكاتب عبد العالي بوطيب الصادر‬ ‫عن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس”‪.‬‬ ‫‪ - 12‬نور الدين صدوق‪ “ ،‬البداية في النص الروائي”‪ ،‬دار الحوار للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الأولى‪،1994 ،‬‬ ‫ص ‪.69‬‬ ‫‪ - 13‬الطيب بودربالة‪ :‬قراءة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس‪ ،‬محاضرات الملتقى‬ ‫الوطني الثاني السيمياء‪ ،‬والنص الأدبي‪ ،‬منشورات جامعة بسكرة‪ ،16 ،15 ،‬أفريل ‪ ،2002،‬ص‪.52‬‬ ‫‪Léo H.ock , la marque du titre, dispositifs Sémiotiques d’une moutors - 14‬‬ ‫‪publishers .Paris 1981, p. 17‬‬ ‫‪ - 15‬عبد الفتاح عثمان‪ ،‬بناء الرواية‪ ،‬ص ‪.106‬‬ ‫‪ - 16‬عبد الملك مرتاض‪ :‬في نظرية الرواية‪ ،‬بحث في تقنيات السرد‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪،1998 ،‬‬ ‫ص‪73 :‬‬ ‫‪ - 17‬ميخائيل باختين‪ ،‬الخطاب الروائي‪ ،‬ترجمة محمد برادة‪ .‬ص‪.51‬‬ ‫‪ - 18‬الرواية‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪ - 19‬الرواية‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪ - 20‬حسين خمري‪ ،‬إنتاج معرفة بالنص‪ ،‬مقال‪ ،‬ص‪.102‬‬ ‫‪ - 21‬علم النص – جوليا كريسيتفا‪ :‬ترجمة فريد النراهي‪ ،‬توبقال للنشر‪ ،‬ص ‪21‬‬ ‫‪ - 22‬جراهام آلان‪ ،‬نظرية التناص‪ ،‬ص ‪( 7‬مقدمة المترجم) بتصرف‪.‬‬ ‫‪ - 23‬إبراهيمرمضان‪ ،‬التناصفيالثقافةالعربيةالمعاصرة‪،‬مقال‪ ،‬ص ‪.144‬‬ ‫‪ - 24‬تودوروف‪ ،‬المبدأ الحواري‪ ،‬‏ص ‪82‬‬ ‫‪ - 25‬شجاع العاني‪ ،‬الليث والخراف المهضومة دراسة في بلاغة التناص الأدبي‪ ،‬مقال‪ ،‬ص‪ ،‬ص‬ ‫‪.84-105‬‬ ‫‪ - 26‬بارت‪ ،‬نظرية النص‪ ،‬ص ‪.80‬‬ ‫‪ - 27‬مارك أنجينو‪ ،‬في أصول الخطاب النقدي الجديد‪ ،‬الفصل الخامس بمفهوم التناص في الخطاب‬ ‫النقدي الجديد‪ ،‬ت‪.‬أحمد المديني‪ ،‬ص‪.99‬‬ ‫‪ - 28‬إنتاج معرفة بالنص‪ ،‬ص‪.102‬‬ ‫‪ - 29‬الرواية‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪ - 30‬الرواية‪ ،‬ص ‪.53‬‬ ‫‪ - 31‬الرواية‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪ - 32‬الرواية‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪ - 33‬البيت لأمير الشعراء أحمد شوقي‪ ،‬ورد في ديوانه “الشوقيات” ج‪.1‬أما بخصوص القصيدة فلم‬ ‫أعثر لها على عنوان‪.‬‬ ‫‪ - 34‬الرواية‪ ،‬ص ‪.61‬‬ ‫‪ - 35‬التناص في رواية أسرار صاحب الستر لإبراهيم درغوثي الثلاثاء ‪ ٢٠‬نيسان (أبريل) ‪٢٠١٠‬بقلم‪:‬‬ ‫أمين عثمان باحث تونسي‪ ،‬منشور على موقع ديوان العرب‪:‬‬ ‫‪http://diwanalarab.com/spip.php?page=article&id_article=23002‬‬ ‫‪ - 36‬الرواية‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪ - 37‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪97‬‬

‫قائمة المراجع‬ ‫‪ --‬المصادر‪:‬‬ ‫حجو محمد‪ ،2015 ،‬دروس في الحب والسعادة‪ ،‬ط‪ ،1.‬دار أبي حيان التوحيدي‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪.‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪ - -‬المراجع‪:‬‬ ‫‪ .1‬أنجينو مارك‪ ،‬في أصول الخطاب النقدي الجديد‪ ،‬الفصل الخامس بمفهوم التناص في الخطاب‬ ‫النقدي الجديد‪ ،‬ترجمة أحمد المديني‪ ،‬ط‪ ،1987 ،1‬دار الشؤون الثقافية‪ ،‬بغداد‪.‬‬ ‫‪ . 2‬باختين ميخائيل‪ ،1987 ،‬الخطاب الروائي‪ ،‬ترجمة محمد برادة‪ ،‬ط‪ ،2.‬دار الأمان‪ ،‬الرباط‪.‬‬ ‫‪ .3‬باختين ميخائيل‪ ،1982 ،‬الملحمة والرواية‪ ،‬ترجمة جمال شحيد‪،‬د‪.‬ط‪،‬دار الإنماء العربي‪.‬‬ ‫‪ .4‬بارت رولان‪« ،‬نظرية النص» ترجمة منجي الشملي وآخرون‪ ،‬حوليات الجامعة التونسية‪ ،‬عدد ‪،27‬‬ ‫سنة ‪.1981‬‬ ‫‪ .5‬تودوروف تزفيتان‪ ،1996،‬المبدأ الحواري‪ ،‬ترجمة وتحقيق فخري صالح‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬المؤسسة العربية‬ ‫للدراسات والنشر‪.‬‬ ‫‪ .6‬جراهام آلان‪ ،2011 ،‬نظرية التناص‪ ،‬ترجمة باسل المسالمة‪ ،‬ط‪ ،1.‬دار التكوين للتأليف والترجمة‬ ‫والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪.‬‬ ‫‪ .7‬رائز أحمد‪ ،‬د‪ .‬ت‪،‬الرواية بين النظرية والتطبيق أو مغامرة نبيل سليمان في المسلة‪ ،‬ط‪ ،1.‬دار الحوار‬ ‫للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪ . 8‬عثمان عبد الفتاح‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬بناء الرواية‪ ،‬ط‪ ،1 .‬مكتبة الشباب‪.‬‬ ‫‪ . 9‬كريسيتفا جوليا‪ ،1991 ،‬علم النص‪،‬ترجمة فريد الزراهي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬توبقال للنشر‪.‬‬ ‫‪ . 10‬مرتاض عبد الملك ‪ ،1998،‬في نظرية الرواية‪ :‬بحث في تقنيات السرد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬عالم المعرفة‪،‬‬ ‫ال ك وي ت‪.‬‬ ‫‪ --‬المقالات‪:‬‬ ‫‪ .1‬بوطيب عبد العالي ‪ ،2010،‬الرواية المغربية من التأسيس إلى التجريب» كتاب صادر ضمن‬ ‫منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس‪ ،‬سلسة دراسات وأبحاث‪ ،‬العدد ‪.29‬‬ ‫‪ . 2‬بودربالة الطيب‪ ،2002،‬قراءة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس‪ ،‬محاضرات الملتقى‬ ‫الوطني الثاني السيمياء‪ ،‬والنص الأدبي‪ ،‬منشورات جامعة بسكرة‪ ،16 ،15 ،‬أبريل‪.‬‬ ‫‪ . 3‬خمري حسين‪ ،1987 ،‬إنتاج معرفة بالنص‪ ،‬مقال منشور في مجلة دراسات عربية‪ ،‬العددين‪،11-12‬‬ ‫أيلول‪-‬تشرين أول‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫‪ .4‬رمضان إبراهيم‪ ،2011 ،‬التناصفيالثقافةالعربيةالمعاصرة‪،‬مقال منشور بمجلة كلية التربية‪،‬ع‪،11 .‬‬ ‫ج‪ ،1 .‬بورسعيد‪ ،‬مصر‪.‬‬ ‫‪ --‬المراجع الأجنبية‪:‬‬ ‫‪Léo H.ock, La marque du titre, dispositifs Sémiotiques d’une moutors‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪. publishers,Paris, 1981‬‬ ‫‪98‬‬

‫ذخائر‬ ‫‪99‬‬

‫فقه التنزيل‪:‬‬ ‫تعريفا‬ ‫وتأصيلا‬ ‫وتقعيدا‬ ‫د‪ .‬محماد بن محمد رفيع‪1‬‬ ‫‪100‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook