مجموعة من العلامات فقط ،وإنما بوصفه علامة في ذخائر النص ،عند (يوري لوتمان) بعد ًا سيميائياً وثقافي ًا نص الكون الثقافي .فالنص فيها كلٌّ متكامل؛ فهي قائماً على الحوارية وتداخل النصوص داخل كون تركز اهتمامها – مثلها مثل اتجاهات السيميائيات سيميائي معين ،أساسه التفاعل والانفتاح والتجاور الحديثة الأخرى – على النص المتصل أو النص والحوار»)44 (.فالنص يكتسب وجوده من بعده غير المنقطع )47(.ومع ذلك فإنه لمقاربة نصٍ ما الحواري ،ومن التناصات التي يتشكل في ضوئها. لا بدّ من النظر إليه بوصفه مجموعة من العلامات إنه يتشكل بواسطة هذه التناصات والتقاطعات مع لمعرفة الآليات التي أنتج بها ،والكيفية التي تشكل الأنظمة السيميائية الأخرى في هذا الكون الثقافي .فـ بها .أي لمعرفة تداخلات النص (العلامة الكبرى) «انتقال النصوص يتم في الواقع في كل الاتجاهات، مع نصوص الثقافة الأخرى .فالثقافة نظام تراتيبي تيارات كبيرة وصغيرة تتقاطع وتترك آثارها الخاصة. ينطلق من أصغر بنية في النص بوصفها علام ًة إلى بشكل متزامن ،النصوص تجد نفسها موصولة ليس علامة أكبر (النص) تشارك في تشكيل نص أكبر بواسطة واحد ،ولكن بواسطة عدد كبير من مراكز هو نص الثقافة. سيمياء الكون ،وسيمياء الكون الحقيقية تعد متحركة وتتهم سيميائيات الثقافة (مدرسة تارتو – موسكو) داخل حدودها الخاصة» )45 (.فالنص -وإن كان نظامًا بالنص الأدبي ،وترى أنه نظامٌ منمذ ٌج ثانوي« .الأدب أو كيانًا لغ ًويا – فإنهُ يع ُّد فسيفساء من نصوص نظام منمذج لأنه يق ّدم نموذ ًجا للعالم ،ولكنه ثانوي، وأنظمة ثقافية أخرى .إنه عبارة عن ذاكرة للثقافة لأنه مبني على أساس نظام آخر هو النظام اللغوي: وأنظمتها التي تتقاطع معه وتعمل على إنتاجه .إ َّن النظام المنمذج الأول» )48 (.فالنص الأدبي نظام النص – على ذلك – نظام ثقافي دال غير منعزلٍ عن سيميائي ولكنه قائم على نظام آخر .وهو مكون من الأنظمة الأخرى ،بل إنه يكتسب وجوده من تقاطعه نظامين ،الأول :النظام اللغوي ،والآخر :النظام الفني. وهذا الأخير مأخوذ من أنظمة سيميائية مختلفة ،وهو وتداخله معها. نظام غير مستقل ولا يتحقق وجوده إلا باجتماعه مع إن النص في سيميائيات الثقافة لا يقتصر على النص النظام الأول. اللغوي الإبداعي ،وإنما ينطبق على كل نظامٍ علاماتي يحمل دلالة .والثقافة عبارة عن نص مركبٍ معقد، . 1.3خلاصة: أو هي مجموعة من النصوص التي تتداخل وتتفاعل فيما بينها .والنص الأدبي أحد هذه الأنظمة ،وهو نلاحظ – مما سبق – اختلا ًفا في نظرة ك ٍل من نظام دال يعمل ضمن سيرورة التداخلات بينه وبين النقد الثقافي وسيميائيات الثقافة بالنسبة لمفهوم أنظمة الثقافة الأخرى .فـ«لكي نصف حياة النص النص .فمفهوم النص فيهما يتحدد من خلال علاقته في إطار نظام الثقافة أو العمل الداخلي للبنى التي بالثقافة ،أي أنه من خلال نظرة كل منها للثقافة تكونه ،فإن الاقتصار على وصف النظام المحايث يتحدد مفهوم النص .وقد عرضتُ في المبحث لمختلف المستويات يصبح غير كاف» )46(.ولذلك، السابق لاختلاف نظرتهما للثقافة .فالنقد الثقافي فإن سيميائيات الثقافة لا تنظر إلى النص بوصفه يرى في الثقافة أنساقًا مضمر ًة ومتجذرةً؛ لذلك 51
تتعلق قراءته بنظام سيميائي آخر .وفي المقابل فإن فالنص – بالنسبة له – وعاءٌ حام ٌل لتلك الأنساق. النص في سيميائيات الثقافة أحد الأنظمة الثقافية بينما تنظر سيميائيات الثقافة إلى الثقافة بوصفها الدالة التي لا يمكن أن يكتسب وجوده إلا باتصاله أنظمة سيميائية متداخلة .والنص نظام مستقل من هذه الأنظمة ،ولكنه يتداخل – من خلال علاقات وتقاطعه مع الأنظمة الأخرى. وبالرغم من بعض التقاربات في مفهومهما للنص؛ مختلفة -مع الأنظمة الأخرى. فإن هناك اختلافات واضحة وكثيرة يمكن اختصارها وإذا كان كلاهما يرى في النص كتل ًة واحدةً أو كلً متكاملً غير قابل للتجزئة؛ فإن النص في النقد في الجدول الآتي: الثقافي يكتسب وجوده من نظامه المحايث؛ بحيث لا يتفقان في نظرتهما للنص بوصفه كلا واحدا لا يتجزأ ،كما يتفقان في أن النص الأدبي مشفر تشفيرا ثقافيا ،و لكنهما يختلفان في كيفية ذلك التشفير و آلياته. الأول :يرى أنه لا صلة للنقد الثقافي بجمال النص . 2جماليات النص: وأدبيته .وهو يرى أن النقد الثقافي لا يبحث عن جماليات النص ،بل إنه يبحث عن عكس ذلك تما ًما. .2.1جماليات النص في النقد إنه يسعى إلى كشف العيوب النسقية للنص ،و«يتجه الثقافي: إلى كشف حيل الثقافة في تمرير أنساقها»)49 (. فالأدب – بالنسبة لهذا الاتجاه – انتهى ،والنقد عندما نتكلم عن النص – هنا – فإنما نعني به النص الأدبي؛ فالجمال فيه أظهر ،وبه ألصق .والنقد الثقافي -بالنسبة لجمال النص وبلاغته وأدبيته – اتجاهان، 52
الثقافي إلى مقاربتها في حالتها هذه ،ويسعى إلى ذخائر الأدبي مات .فبعض النقاد الثقافيين يرون أن «الأدب الكشف عن قيمتها النسقية الثقافية« .والنص هنا بصفته الجمالية مخلوق (برجوازي) ،لا معنى له خارج ليس فحسب ن ًصا أدبيًا وجماليًا ،ولكنه أي ًضا حادثة القرن التاسع عشر في أوربا» )50 (.وقد أعلن الغذامي ثقافية .وبما أنه كذلك فإن الدلالة النسقية فيه سوف موت النقد الأدبي وإحلال النقد الثقافي مكانه)51 (. تكون هي الأصل النظري للكشف والتأويل»)53 (. وبذلك ،فإن الأدبية لا معنى لها في النقد الثقافي. وعلى ذلك ،فإنه لا مكان لجمال النص في النقد وفي أحسن الأحوال ليست سوى حيلة للإنتاج (إخفاء الثقافي من منظور هذا الاتجاه؛ فهو يتعامل مع نصٍ نسق ٍي مجردًا من الإغراءات. الأنساق المضمرة) ،وأداة مح َو َرة للتأويل. والاتجاه الآخر يرى أن للنص في النقد الثقافي جاءت هذه النظرة بناءً على أن النقد الأدبي قد استنفد -أو بتعبير آخر للتحليل الثقافي -جماليته .فهو طاقته في كشف الجماليات وتبريرها ،وأن ما لم يرى في النص واقعة ثقافية جمالية ،يمتزج فيها يكشف – بالرغم من ضرورته – هو الأنساق المضمرة اللغوي بالثقافي في وعاءٍ جديد جميل تشكله الذات أو العيوب النسقية للنص .ولذلك فقد أسس الغذامي المبدعة .وعند ما نقول أن النص «هو حادثة ثقافية نظريته في النقد على ما سماه (القبيحات) ،وهي جمالية ،فإن هذا يدل على أن الشاعر يستمد مادته العيوب النسقية التي زرعتها الثقافة في النصوص. الفنية وصوره الشعرية من خلال ثقافة التفاعل مع «وكما أن لدينا نظريات في الجماليات ،فإن المطلوب مجتمعه»)54 (.وبالرغم من أن الهدف هو النسق ،وأن إيجاد نظريات في (القبيحات) لا بمعنى البحث عن النص هنا – أيضًا – نسقي ،إلا أن هذا الاتجاه يرى جماليات القبح ،مما هو إعادة صياغة وإعادة تكريس أن للنسق بلاغته وجماله ،وأن التحليل بكشفه عن للمعهود البلاغي في تدشين الجمالي وتعزيزه، أنساق النص إنما يكشف عن جمال النص .فجمال وإنما المقصود بنظرية القبيحات هو كشف حركة النص في الأنساق المضمرة التي شكلته ،وبعثت في الأنساق وفعلها المضاد للوعي وللحس النقدي». جسده اللغوي روحًا ،وأعطته انزيا ًحا جماليًا .فـ«اللغة ( )52وهذا النظرة (المتطرفة) جاءت ردة فعل على لا تخلق شاعريتها وإنما تستعيرها من العالم الذي النقد الأدبي الشكلي ،الذي يرى أن النص نتاجًا تصفه» )55 (.وكذلك يكتسب النسق بلاغته من لغته لغ ًويا ،ويرى الجمال في شكله اللغوي ،الذي يغفر المراوغة .فبما أن الجمالي في النص هو حيلة يتخفى كل عيوبه النسقية ،بل ويبررها .والنقد الأدبي في بها النسق ،فإن الجمالي ضروري للنص؛ مما يعني العصر الحاضر عرف نظريات أخرى تركز على المعنى أ َّن تحق َق النسق المضمر قائ ٌم على ظاهره (اللغوي) في حالتي الإنتاج والتلقي ،وتهتم بالشفرات والأنظمة ال ج م ال ي. غير اللغوية في النص ،ولكنها لا تلغي جماليته ،كما وعلى ذلك فإن دراسات التحليل لهذا الاتجاه «لا تنفي القيمة الجمالية وأهميتها في التحليل الثقافي يفعل هذا التيار في النقد الثقافي. بقدر ما تعززها وتؤكد ضرورتها» )56(.فالنسق يشكل وعلى ذلك ،فالنقد الثقافي لا يتعامل مع النص بصفته داخل النص بعدًا بلاغ ًيا ينتمي إلى بلاغة المعنى؛ الجمالية ،بل بصفته النسقية .فهو لا يتعامل معها بوصفها رموزًا لغوية جمالية ،بل بوصفها أنساقًا ثقافية مضمر ًة .فالنصوص حالة ثقافية ،يسعى النقد 53
وهي جمالية لا تحققها العلامات مستقرة في أنظمتها فالنسق إعادة تشفير للنص بشفرة ثقافية معينة. ومعزولةً عن فضائها السيميائي ،وإنما تتحقق عن وفي التشفير تكمن بلاغة النص وجماله؛ لما يحدثه طريق حركة السميوزيس/السيرورة الدلالية من في ذهن القارئ من مفاجأة ،ولما يصنعه في النص الداخل/المركز إلى الخارج/الهامش أو العكس. من فراغات .فجماليات النص تقوم على التشفير وهو ما يعني أن جمالية النص تكمن في التوتر الذي تقوم به الأنساق الثقافية المضمرة؛ فهي التي الدلالي في منطقة الحدود التي تفصل وتوصل بين تشكل النص من علامات لغوية مشفرة تشفيرًا الداخل والخارج .ومعرفة التوتر قائم على تتبع حركة ثقافيًا؛ وبذلك فإن الأنساق هي من تصنع انزياحات السميوزيس داخل الفضاء السيميائي .بمعنى آخر، تتبع عمليتي الإنتاج والتأويل« .ولا تنتج دلالة النص النص وفراغاته ،ومن َث َّم جمالياته وبلاغته. الثقافية إلا حين التقاء الإنتاج مع التلقي والتأويل. وبالتالي ،تعد النصوص المؤسسة الثقافية الأولى». . 2.2جماليات النص في سيميائيات ( )59فعملية الإنتاج لا تشكل وحدها معنى النص الثقاقة: حتى تلتقي بعملية التأويل؛ فهذا الالتقاء هو ما يعطي النص معناه وجماله .ولذلك فإن سيميائيات الثقافة سيميائيات الثقافة تهتم بكل الأنظمة الدالة داخل تنظر إلى النص بوصفه نظامًا منمذجًا ثان ًويا؛ وهو هذا الكون الثقافي ،إلا أن الأدب – بوصفه نظامًا ثقاف ًيا ما يعطيه ميز ًة سيميائية ،وبعدًا جمال ًيا .فالنظام دالً – حظي باهتمام خاص ،وخاصة من قبل مدرسة السيميائي للأدب يختلف عن النظام السيميائي للغة (تارتو -موسكو) .فـ(يوري لوتمان) – أحد أهم الطبيعية؛ لأن الأدب يتكون منها ويضيف إليها نظا ًما مؤسسي هذه المدرسة – يخصص جز ًءا من بحوثه آخر هو النظام الفني .ففي الأدب تلتقي وتتقاطع ودروسه بجامعة (تارتو) لدراسة بنية النص الأدبي، وخاصة النص الشعري .ومن مؤلفاته التي ضمت أنظمة ثقافية كثيرة. هذه البحوث( ،دروس في الشعرية البنيوية ،)1964 ولذلك؛ فإن جماليته تتمثل في أنه المرآة السحرية و(بنية النص الفني .)1970وهذه الأبحاث تساهم التي نرى العالم من خلالها« .وهذا يشبه المرايا مساهمة أساسية في بناء العلاقة بين السيميائية السحرية التي نلمح من خلالها صورة الكل»)60(. والشعرية )57 (.والنص في سيميائيات الثقافة له أكثر ووف ًقا للنظرية الكلية عند (كروتشه) الذي يرى من وظيفة ،تأتي الجمالية ضمن تلك الوظائف التي أن «كل شيء ينبض بحياة الكل والكل موجود في ينهض النص بالقيام بها .يقول (لوتمان)« :وبشك ٍل حياة أي شيء» )61(.فالكلمات تستدعي سلسلة أكثر تحديدًا فإن محور اهتمامنا هو القيمة الفنية من الدلالات التي تتعمق إلى أن تحتوي عالمها أو الخاصة التي تجعل ذلك النص مؤهلً لتحقيق وظيفة ما سماه الخليل الفراهيدي (البقية) يقول« :البلاغة جمالية معينة» )58 (.فالنص لا يتخلى عن أدبيته كلمة تكشف عن البقية»( .)62فالنص هو جزء يكشف وجماليته ،بل إن سيميائيات الثقافة تسعى إلى عن الكل/العالم .وهو ما يعني أن العلامات اللغوية لا إبراز هذه الجمالية بوصفها بعدًا جمال ًيا لهذا النظام الدلالي (النص الأدبي) ،وخاصي ًة مميزة له عن بقية الأن ظ م ة. 54
النص الأدبي ،وهو ما يجعله – لبلاغته – نموذ ًجا ذخائر تكتسب أدبيتها إلا باتصالها بالعالم الثقافي الذي مصغرًا للعالم. تعيش فيه .وهذا الاتصال والتداخل بين النظام اللغوي والأنظمة الثقافية الأخرى هو ما يشكل كيان المبحث الثالث :مقاربة النص: كما يختلف النقد الثقافي وسيميائيات الثقافة في مفهوم النص وحدوده؛ فإنهما يختلفان في مقاربته؛ فك ّلٌ منهما له هدفه وأدواته وجهازه المفاهيمي الخاص به .وسيقدم البحث مثا ًل على ذلك بقراءةٍ لنص للمتنبي في ضوء النقد الثقافي ،وأخرى في ضوء سيميائيات الثقافة؛ ليبين اختلافهما في قراءة النص .والنص هو)63(: (ال ك ام ل) وَ َهوى الأَحِ َّبةِ ِمن ُه في َسودائِ ِه َعذلُ ال َعوا ِذ ِل َحولَ َقل ِب التا ِئهِ َوَيصُ ُدّ حي َنَ ي ُلمنَ عَن بُ َرحا ِئ ِه َ يشكو ال َملا ُم إِلى اللَوا ِئ ِم َح َّره ُ َأسخَط ُت ُك َّل النا ِس في إِرضائِ ِه َوبِمُه َجتي يا عاذِلي المَ ِل ُك الَّذ ي َملَ َك ال َزما َن بِأَر ِضهِ وَ َسمائِ ِه إِن كا َن قَد َم َل َك ال ُقلو َب فَإِ ّنَهُ ُقرَنائِهِ َوال َسيفُ مِن َأسمائِ ِه الشَمسُ مِن حُسّا ِدهِ َوال َنصرُ مِن ِمن ُحسنِهِ وَإِبائِهِ وَمَضائِ ِه أَينَ ال َثلا َث ُة ِمن َثلا ِث ِخلالِ هِ َو َل َقد أَتى َفعَ َجز َن عَن ُنظَرا ِئ ِه مَضَتِ الدُهو ُر َوما َأتَينَ بِ ِمثلِهِ . 1في ضوء النقد الثقافي: يقوم النقد الثقافي على تشريح النص وقراءته قراءة فاحصة بح ًثا عن الأنساق المضمرة فيه ،والمتمركزة في بنيته العميقة .وهي أنساق ثقافية مضمرة تغطيها أنساق أخرى معلنة .ويتبع في ذلك طريقة التفكيك والتشريح للوصول إلى الجملة الثقافية (مركز النسق)؛ ومن َثمَّ الوصول إلى النسق المضمر .فقد «تأثر المنهج الثقافي بمنهجية (جاك دريدا) التفكيكية القائمة على التقويض والتشتيت والتشريح» )64(.ومع أن النقد الثقافي يسعى إلى «توظيف الأداة النقدية التي كانت أدبية ومعنية بالأدبي/الجمالي ،وتوظيفها توظيفًا جديدًا لتكون أداة في (النقد الثقافي) لا الأدبي» )65 (.ومع ذلك فإنه يعتمد على جها ٍز مفاهيمي خاصٍ به كالنسق المضمر ،والوظيفة النسقية ،والمجاز الكلي ،والتورية الثقافية ،والجملة النوعية/الثقافية. • من خلال النص السابق نجد ثلاثة أنساق مضمرة متحكمة في النص تقابلها ثلاثة أخرى معلنة تغطيها، على النحو الآتي: -الأبيات :3-2-1 يشكل كيان هذه الأبيات نسقان ،الأول :الظاهر المو َّرى به ،وهو مزج الغزل العذري بغرض المديح؛ مما أظهر النص بمظهر بليغ جميل .إلا أن هذا النسق استخدم قناعًا لإخفاء نسق آخر :هو النسق المضمر الذي يتمثل 55
الشاعر ش َّحا ًتا منافقًا متزل ًفا، = غرض أدبي) .فالممدوح في ثقاف ًيا في النفاق والتزلف .إن نسق ويصنع من الملك بطلً خارقًا النص السابق واحد الدهر الذي الأدبية الذي يتمثل في استدعاء أوح ًدا ،ويؤسس لبيئة استبدادية. ملك الزمان ،وفاق الشمس قاموس الغزل العذري (عذل – وهذه الأخيرة هي قيمته الثقافية حسنًا ،والنصر إباءً ،والسيف عواذل – قلب التائه – ال َم َلم – مضا ًء؛ ليس إلا رج ًل يهب المال اللوائم – يلمن -عاذلي) ما هو إلا ال ن س ق ي ة. لمن يطلبه ويمجده ويستجديه. تغطية وتعمية عن نسق المداهنة • ومن ناحية أخرى فإن والمديح يتحول وفقًا للنسق والنفاق .وهو ما كشف عنه عجز التحليل الثقافي كما أظهر عيوب المضمر هذا إلى استجداء.والنسق البيت الثالث “أسخطت كل النص النسقية يظهر جمالياته المضمر الآخر :التمجيد والتعظيم الناس في إرضائه” .وهذه الجملة النسقية .فالأنساق الثقافية (التطبيل) ،ويستتر بقناع المبالغة هي الجملة النوعية/الثقافية المضمرة تتوزع بين أنساقٍ تكشف (بمصطلحات النقد الثقافي) جوهر النص الحقيقي المتمثل في التي تساوي البلاغة. فهي تكشف النسق المضمر في قيمته الثقافية (العيوب النسقية)، فالمبالغات نسق مضمر يعطي النص .إنها من أعطت للنص دلال ًة وأنسا ٍق أخرى تكتنز جمال النص؛ النص دلا لة نسقية وقيم ًة أخرى غير الحب والغرام وأدبية فتتحول القيمة الثقافية إلى قيمة ثقافية .فـ”الشمس من حساده الغزل العذري؛ فبها يكتسب النص جمالية تظهر بلاغة إنتاجه وتأويله. ”...و”مضت الدهور ”...و”ملك دلالته النسقية ،وقيمته الثقافية؛ وأضرب على ذلك بنسقين اثنين الزمان بأرضه وسمائه” مبالغات تؤدي وظيف ًة أخرى غير الوظيفة فترتبط دلالته بالنفاق والتزلف. من النص موضع التحليل: البلاغية؛ وهي الوظيفة الثقافية -الأبيات :4-5-6-7 -نسق العاذل :وهو النسق النسقية .فهي تحيل على نسق الذي يتحكم في الأبيات الثلاثة مضمر يمجد ويعظم ويصنع تحتوي هذه الأبيات على نسقين الأولى ،ويوجه بقية الأبيات في الرجل الأوحد (الممدوح/الملك). ثقافيين مضمرين ،يغطيهما النص .وهو نسق ثقافي يتمثل في فالنسق المضمر في النص يصنع نسقان معلنان يعملان على (الناهي عن شيء يرى أنه غير بط ًل مستبدًا لا على البشر وحدهم، إخفائهما .أولهما :الشحاتة، محمود) .وقيمة النسق الثقافية بل على الزمان والمكان والصفات؛ ويختبئ هذا النسق تحت نسق هي في وجود لائم/عاذل يلوم إنه بطل خار ٌق مَلِ َك الزمانَ، المديح .وقد كرست الثقافة العربية الشاعر على القول الذي يشرع والجما َل ،والنصرَ ،والقوةَ ،وعجز فكرة أن المدح (الشحاتة بالشعر) فيه (المدح والتمجيد والمبالغة). الده ُر أن يأتي بمثله .وعلى ذلك، ل ُا يس ّمى شحاتة ،بل مدي ًحا .وفي وجمالية النسق العاذل في أنه فإن النص في نسقه المعلن ليس الحقيقة أن هذا النسق (المختفي يحيل على لائم ما ،قد يكون إلا مبالغات تكسبه أدبيته وجماله، ذات المجتمع الثقافي (الذات لكنه بنسقه المضمر يصنع من قس ًرا) وهو الاستجداء بالشعر الجمعية) التي يستشعر الشاعر قد زرعته الثقافة في الذاكرة التاريخية بمُسمى مُضاد (المديح 56
وسيميائيات الثقافة تنظر إلى ذخائر سيميائيات الثقافة: أنها تعذله وتلومه .وقد يكون ذات النص بوصفه علامة (نظامًا دلاليًا) في نص الكون الثقافي ،يتقاطع تقارب سيميائيات الثقافة النص الشاعر نفسه وضميره .وتتمثل ويتداخل مع الأنظمة الأخرى .ومن بوصفه نظامًا منمذجًا ثان ًويا. هذا المنطلق يسعى إلى الكشف فالنص الأدبي يتكون من نظامين: جماليته في أنه هو من شكل عن تلك التداخلات والتقاطعات النظام المنمذج الأول (اللغوي)، التي تظهر في عملية الإنتاج والنظام الفني .والأخير دخيل على مقدمة النص باستدعاء قاموس والتأويل ،وما أحدثته من تشويش الأول يشوش حركته ودلالته؛ مما وتعقيد وإزاحة .وللوصول إلى هذه يجعل النص الأدبي معقدًا في الغزل العذري في غرض المدح. الغاية فإنها تنظر إلى النص على قراءته؛ «وهما نظامان يعملان أنه مكون من علامات ،مع أنها على أساس قواعد مختلفة رغم -نسق الشعر بوصفه قوة لغوية (تنتمي إلى النظام اللغوي) أن المادة القاعدية واحدة .ومن إلا أنها – من خلال سيرورتها الواضح أن هذا التداخل بين جبارة تستطيع صنع ما لا يستطيع الدلالية – متصلة بالأنظمة نظامين :النظام اللغوي والنظام الثقافية الأخرى .والنص الأدبي الفني يؤدي إلى تعقيد كبير وإلى الإنسان صنعه في الواقع .فهو يعيد تشفيرها من خلاله امتصاصه انبثاق خصائص مميزة لعناصر لنصوص ثقافية مختلفة ،وتقاطعه النظام اللغوي ما كان يمكن الذي صنع البطل الخارق في مع أنظمة دلالية متعددة في العالم ملاحظتها لو لم يلتق بالنظام الذي تعيش فيه. الفني في نظام هجين هو النظام النص .والثقافة العربية ترى في النص السابق تتقاطع أنظمة الأدبي .وهو تعقيد سيكون له دلالية (عوالم ثقافية) مختلفة، تأثير في طبيعة العلامة نفسها في الشعر قوةً ترفع الدنيء إلى فيتقاطع النظام الدلالي للمديح مع وكيفية اشتغالها لإنتاج المعنى عالم الغزل العذري ونظامه الدلالي ف ي النص الأدبي» )66(.وذلك المراتب العالية ،مثلما تضع العالي (عذل – العواذل – هوى -الملام يعني أننا أمام ن ٍص مشفر تشفي ًرا – اللوائم ...الخ) ،بما تحمله داخل ًيا ،بالإضافة إلى تشفير إلى أسفل المراتب .وقد تسربت هذه العلامات من سيرورة دلالية خارجي مضاعف .فالنظام اللغوي تتعلق بعالم الحب والعشق .كما مشفر من داخله ،ومشفر من هذه الثقافة إلى النص وكونته؛ يتقاطع مع عوالم الحرب (السيف خارجه؛ نتيج ًة للخلفيات اللسانية – القوة – الإباء -المضاء) ،بما والثقافية للعلامة اللغوية .والنظام فظهر الممدوح بط ًل خار ًقا؛ فم َّلكه لها من خلفية لسانية وثقافية الفني يعيد تشفير النظام اللغوي ما لا يملك (ملك الزمان بأرضه بشفراته الخاصة. وسمائه) ،وأعطاه ما ليس له: جما ًل يفوق الشمس ،وقوةً تجعل النصر قرينه .لقد صنع النص منه بسبب تَ َش ّرُبه بهذا النسق واح َد الدهر .وهذه القيمة الثقافية للنسق تحيل على قيمة جمالية تتمثل في المبالغات والاستعارات التي صنعت النص .فلولا تسرب ذلك النسق (الشعر بوصفه قوة) لما ُبنِي النص على الشكل البليغ الذي يبدو عليه .أي أن النسق الثقافي المضمر هو من صنع أدبية ضو ء النص وجماله. .1في 57
دلالته عندما ت َّم ربطه بالنظام تفعيل النظام المنمذج الأول اكتسبتها من سيرورتها الدلالية الدلالي للمديح .وهكذا بالنسبة (النظام اللغوي) ،وإعادة تشفيره المتصلة بالحرب .كما أن المبدع للنظام العلاماتي للحرب والدهر ليصبح ن ًصا أدب ًيا .أي أن النظام (عبر النظام الفني) يصنع عوالم والشمس .ومع التشويش فإن الفني يشكل النص بناءً على افتراضية/ممكنة يمزجها بالنظام هذه التقاطعات تعيد تشفير التقاطعات والتداخلات التي اللغوي لتشكيل النص ،كعالم العلامات بشفرات جديدة يتحكم يقيمها بين عناصر النظام اللغوي (الشمس التي تحسد الممدوح. بها التعاضد النصي وخلفيات وعناصر العالم الثقافي (الفضاء وعالم الدهر الذي أتى بهذا الملك العلامات وشفراتها الثقافية .وهو السيميائي) الأخرى .وهذا التداخل الأوحد وعجز عن أن يأتي بمثله. ما ينتج عنه تعقي ٌد في القراءة يؤدي إلى تشويش النظام اللغوي؛ وهذه العوالم الثقافية أو الأنظمة والتلقي .كما هو واضح في الشكل فالنظام العلاماتي( )67اللغوي الدلالية تشكل ما يسمى (النظام لعالم الغزل العذري تشوش ْت الفني) ،وهو النظام الذي يعيد الآت ي: فعلامة (العاذل) – مثلً – أُعيد تشفيرها وأصبحت أكثر تعقي ًدا منها في نظامها الأول (الغزل العذري)؛ فالعاذل هنا ليس شخ ًصا يلوم مح ًبا على إهلاك نفسه من أجل امرأة .ولكنه ربما (و”ربما” هنا لأن التعقيد يجعل النص مفتوحًا أمام التأويلات أو حمّال أوجه) أحال على حسَّاد الممدوح أو ضمير المجتمع (الذات الجمعية) أو ضمير الشاعر نفسه .و”الشمس” تنتقل من العلامة اللغوية التي تشير إلى جماد بلا مشاعر إلى كائن حيّ يمتلك صفة الحسد والغيرة؛ أي أنه قد ت ّمَ تشويش نظام هذه العلامة وأعيد تشفيرها بتشفير فني يستند على ثقافة المجتمع (بلاغة المديح والمبالغات) ،ومن ثمَّ أصبح أكثر تعقي ًدا في إشارته إلى مدلوله. 58
ذخائر الخاتمة توصل البحث إلى النتائج الآتية: . 1النقد الثقافي وسيميائيات الثقافة ينطلقان من الثقافة ،ويقاربان النص في ضوئها .إلا أن نظرة كلٍ منهما إلى الثقافة ومفهومها وحدودها تختلف عن الآخر. .2يتفقان في بعض الخلفيات ،وينتميان إلى مناهج ما بعد الحداثة. .3يختلف ك ٌل منهما عن الآخر في المفهوم والأدوات وآليات مقاربة النص. .4تختلف نظرة كلٍ منهما إلى النص؛ فالنقد الثقافي يرى فيه وعاءً للأنساق الثقافية. وسيميائيات الثقافة ترى فيه نظامًا دا ًل يتداخل مع الأنظمة الأخرى داخل الفضاء السيميائي ال ك ون ي. . 5ينقسم النقد الثقافي – بالنسبة لجمالية النص -إلى اتجاهين :الأول :يرى أن التحليل لا يبحث عن جماليات النص بل عن العكس (عيوب النص النسقية) .والاتجاه الآخر :يرى أن النسق الثقافي المضمر يشكل جمالية للنص. .6تتمثل جمالية النص بحسب سيميائيات النص في عملتي الإنتاج والتأويل عن طريق البحث في تداخلات علامات النص مع أنظمة الثقافة الأخرى. .7يتفق النقد الثقافي وسيميائيات الثقافة في أن النص قد أُعيد تشفيره بشفرات الثقافة. ولكنهما يختلفان في كيفية حدوث ذلك التشفير وآلياته. . 8يقارب النقد الثقافي النص من البحث عن الجملة النوعية والعنصر النسقي ،وإعطائه دلال ًة نسقية ،وقيمة ثقافية. . 9يسعى التحليل في سيميائيات الثقافة إلى البحث عن تقاطعات النص مع النصوص الأخرى داخل الفضاء السيميائي ،ومدى تأثير النظام الفني على النظام اللغوي وما ينتج عن التقائهما من تشويش وتعقيد وإعادة تشفير. 59
الهوامش - 1جامعة البيضاء -اليمن. - 2نقلً عن:نظرية الثقافة ،صـR. Biersted, The Social Order, Mc Graw Hill, 1963 .9 New York - 3إليوت ،ملاحظات نحو تعريف الثقافة ،مقدمة المترجم ،ص .11 - 4نشير هنا إلى أن مصطلح (النقد الثقافي) عند (آرثر آيزابرجر) و(فنسنت ليتش) لا يدخل فيما البحث بصدده؛ فهو ليس مطاب ًقا أو مقار ًبا للنقد الثقافي بوصفه منهجًا معي ًنا في التحليل له مفاهيمه وأدواته .فهذا المصطلح ير ُد عندهما مراد ًفا لمصطلح ما بعد الحاثة .أي أن الكل الدراسات التي خرجت عن قيد البنيوية وانتفضت عليها ،وربطتْ النص بخارجه بعد أن كان التحليل محاي ًثا .وقد يردُ المصطلح عندهما ليدل على النقد خارج أسوار الجامعة؛ فهو على ذلك يقابل النقد المؤسساتي أو ما كان يعرف بالنقد الأكاديمي .ينظر :آرثر آيزابرجر ،النقد الثقافي .وفنسنت ليتش :النقد الأدبي الأمريكي من الثلاثينات إلى الثمانينات. - 5التاريخان َيّة الجديدة ( )New Historicismمن أهم نظريات ما بعد الحداثة التي ارتبطت بالأدب ،وقد ظهرت ما بين 1970و1990م .ومن أهم روادها :ستيفن غرينبلات .Stephen Jay Greenblattوتسعى إلى دراسة النص الأدبي من خلال قراءة فاحصة في إطاره التاريخي والثقافي بما يحمله من أنساق ومؤثرات إي دي ول وج ي ة. ينظر :دليل الناقد الأدبي ،ص .80-81 - 6عليمات ،جماليات التحليل الثقافي ،ص .27 - 7ينظر :الغذامي ،النقد الثقافي (قراءة في الأنساق الثقافية العربية) ،وعليمات ،النسق الثقافي -قراءة ثقافية في أنساق الشعر العربي القديم. - 8الغذامي ،النقد الثقافي ،ص .84-83 - 9المرجع السابق ،ص .21-22 - 10عليمات ،النقد النَّسقي ..ثقافة ال ّنص ومرجعيات ال َّنسق ،موقع نت. - 11فنسنت ب .ليتش ،النقد الأدبي الأمريكي ..من الثلاثينات إلى الثمانينات ،ص .104 - 12الغذامي ،النقد الثقافي ،ص ـ.42 - 13المرجع السابق ،ص .45 - 14المرجع السابق ص .8 - 15ابن منظور ،لسان العرب.10/352 ، - 16لالاند ،موسوعة لالاند الفلسفية.3/1417 ، - 17الضاهر ،مفهوم النسق ،ص .373 - 18مفتاح ،التشابه والاختلاف ،ص .48 - 19الغذامي ،النقد الثقافي ،ص .76 - 20المرجع السابق ،ص 77وما بعدها بتصرف. - 21الغذامي ،النقد الثقافي ،ص .66 - 22السابق ،ص .74 - 23السابق ،ص .69 - 24الأحمر ،معجم السيميائيات ،مرجع سابق ،ص .97 - 25حمداوي (جميل) ،سيميوطيقا الثقافة (يوري لوتمان نموذجا) ،موقع نت. - 26المرجع السابق. - 27إبراهيم وآخرون ،معرفة الآخر “مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة” ،ص .106 - 28حمداوي ،سيميوطيقا الثقافة (يوري لوتمان نموذجا) ،مرجع نت سابق. 60
ذخائر - 29بنكراد ،السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها ،مرجع سابق ،ص .258 - 30المرجع السابق ،ص .259 .Peter Pericles Trifonas, International Handbook of Semiotics, p: 682 - 31 - 32لوتمان ،سيماء الكون ،ص .17 - 33بوزيدة ،يوري لوتمان :مدرسة “تارتو – موسكو” ،وسيميائية الثقافة والنظم الدالة ،ص .191 - 34المرجع السابق ،ص 195 - 35لوتمان ،سيمياء الكون ،ص .35 - 36بوزيدة ،يوري لوتمان :مدرسة “تارتو – موسكو” ،وسيميائية الثقافة والنظم الدالة ،ص .194 - 37المرجع السابق ،ص .186 - 38المرجع السابق ،ص .187 - 39عليمات ،جماليات التحليل الثقافي ،ص .16 - 40الغذامي ،النقد الثقافي ،ص .17 - 41صالح ،بوطيقا الثقافة ،ص 26 - 42الغذامي ،النقد الثقافي ،ص .81 - 43المرجع السابق ،ص .78 - 44حمداوي ،الاتجاهات السيميوطيقية المعاصرة ،ص .306 - 45لوتمان ،سيمياء الكون ،ص .80 - 46بوزيدة ،يوري لوتمان :مدرسة “تارتو – موسكو” ،وسيميائية الثقافة والنظم الدالة ،ص .192 - 47المرجع السابق ،ص .190 - 48المرجع السابق ،ص .194 - 49الغذامي ،النقد الثقافي ،ص .77 - 50الموسوي ،النظرية والنقد الثقافي ،ص .26 - 51الغذامي ،النقد الثقافي ،ص .8 - 52المرجع السابق ،ص .84 - 53المرجع السابق ،ص .78 - 54عليمات ،جماليات التحليل الثقافي ،ص .41 - 55كوين ،اللغة العليا ،ص .37 - 56عليمات ،جماليات التحليل الثقافي ،ص .63 - 57ينظر :بوزيدة ،يوري لوتمان :مدرسة “تارتو – موسكو” ،وسيميائية الثقافة والنظم الدالة ،ص .193 - 58لوتمان ،تحليل النص الشعري ،ص .21 - 59حمداوي ،الاتجاهات السيميوطيقية المعاصرة ،ص .300 .Peter Pericles Trifonas, International Handbook of Semiotics. P: 682 - 60 - 61تودروف وآخرون ،في أصول الخطاب النقدي المعاصر ،ص .81 - 62ابن رشيق ،العمدة ،ص .242 - 63ديوان المتنبي ،ص .352 - 64حمداوي ،النقد الثقافي بين المطرقة والسندان ،موقع نت. - 65الغذامي ،النقد الثقافي ،ص .63 - 66بوزيدة ،يوري لوتمان :مدرسة “تارتو – موسكو” ،وسيميائية الثقافة والنظم الدالة ،ص .194 - 67نسبة إلى العلامة ،أي النظام المكون من علامات. 61
قائمة المراجع .1إبراهيم (عبدالله) وآخرون ،معرفة الآخر «مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة» ،المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء ،ط 1996 ،2م. . 2ابن منظور (محمد بن مكرم) ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،ط1414 ،3هـ. .3الأحمر (فيصل) ،معجم السيميائيات ،منشورات الاختلاف ،الجزائر ،ط.2010 ،1 .4إليوت (ت .س) ،ملاحظات نحو تعريف الثقافة ،ترجمة :شكري محمد عياد ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة، 2001م. .5آيزابرجر (آرثر) ،النقد الثقافي :تمهيد مبدئي للمفاهيم الرئيسية ،ترجمة :وفاء إبراهيم ورمضان بسطاويسي، المجلس الأعلى للثقافة ،القاهرة ،ط 2003 ،1م. . 6بنكراد (سعيد) ،السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها ،دار الحوار ،اللاذقية ،سوريا ،ط .2012 ،3 . 7بوزيدة (عبد القادر) ،يوري لوتمان :مدرسة «تارتو – موسكو» ،وسيميائية الثقافة والنظم الدالة ،مجلة عالم الفكر (دورية محكمة) ،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت( ،مج ،35العدد ،3 :يناير/مارس 2007م). .8تودروف (تزفيتان) وآخرون ،في أصول الخطاب النقدي المعاصر ،تر :أحمد المديني ،دار عيون للنشر ،الدار البيضاء، ط 1989 ،2م. .9حمداوي (جميل) ،الاتجاهات السيميوطيقية المعاصرة ،مكتبة المثقفة ،ط 2015 ،1م. . 100حمداوي (جميل) ،سيميوطيقا الثقافة (يوري لوتمان نموذجا) ،شبكة الألوكةhttp://www.alu�،9/7/2014 ، kah.net/literature_language/0/73254/#ixzz3SmCPFMSX . 111حمداوي ،النقــــد الثقافي بين المطرقة والسندان ،موقع ديوان العرب 7 ،يناير http://www.diwana�،2012 larab.com/spip.php?page=article&id_article=31174 . 12الرويلي (ميجان) ،البازعي (سعد) دليل الناقد الأدبي ،المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء ،ط 2002 ،2م. .13صالح (بشرى موسى) ،بوطيقا الثقافة «نحو نظرية شعرية في النقد الثقافي» ،وزارة الثقافة ،بغداد ،ط 2012 ،1م. .14الضاهر (سليمان أحمد) ،مفهوم النسق في الفلسفة ،مجلة جامعة دمشق ،المجلد - 30العدد ،3+4دمشق ،جامعة دمشق2014 ،م.. . 15عليمات (يوسف) ،جماليات التحليل الثقافي :الشعر الجاهلي نموذ ًجا ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت، ط 2004 ،1م. . 16عليمات (يوسف) ،النسق الثقافي -قراءة ثقافية في أنساق الشعر العربي القديم ،عالم الكتب الحديث ،أربد، الأردن.2009 ، . 17عليمات (يوسف) ،النقد النَّسقي ..ثقافة النّص ومرجعيات ال َنّسق ،جريدة الرأي ،تاريخ النشر.30-03-2012 : http://alrai.com/article/502234.html . 18الغذامي (عبد الله محمد) ،النقد الثقافي (قراءة في الأنساق الثقافية العربية) ،المركز الثقافي العربي ،بالدار البيضاء وبيروت ،ط.2001 ،2/ .19القيرواني( ،الحسن بن رشيق) ،العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ،تحقيق :محمد محيي الدين عبدالحميد، دار الجيل ،بيروت ،ط 1981 ،5م. .20كوين (جون) ،اللغة العليا «النظرية الشعرية» ،ترجمة :أحمد درويش ،المجلس الأعلى للثقافة ،القاهرة1995 ،م. .21لالاند (أندريه) ،موسوعة لالاند الفلسفية ،ترجمة :خليل أحمد خليل ،منشورات عويدات ،بيروت ،باريس ،ط ،2 2001م. . 22لوتمان (يوري) ،تحليل النص الشعري ،ترجمة :محمد فتوح أحمد ،دار المعارف ،القاهرة1995 ،م. . 23لوتمان (يوري) ،سيمياء الكون ،ترجمة :عبدالمجيد نوسي ،المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء ،ط 2011 ،1م. .24ليتش (فنسنت .ب) ،النقد الأدبي الأمريكي من الثلاثينات إلى الثمانينات ،ترجمة :محمد يحيى ،المجلس الأعلى للثقافة ،القاهرة2000 ،م. . 25المتنبي (أحمد بن الحسين) ،ديوان المتنبي ،دار بيروت للطباعة والنشر ،بيروت1983 ،م. . 26مجموعة من المؤلفين ،نظرية الثقافة ،ترجمة :علي سيد صاوي ،سلسة عالم المعرفة ( ،)223المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ،الكويت1997 ،م. . 27مفتاح (محمد) ،التشابه والاختلاف ،المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء ،بيروت ،ط 1996 ،1م. .28الموسوي (محسن) ،النظرية والنقد الثقافي ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت ،ط.2005 ،1 Peter Pericles Trifonas, International Handbook of Semiotics, Springer Dordrecht .29 .Heidelberg New York London, 2015 62
ذخائر 63
توظيف التقنيات السينمائية في القصة القصيرة جدا مجموعة (فتافيت الصورة) لـ “جمال الجزيري” نموذجا ذة .إيمان مليكي1 64
ملخص ذخائر يهدف هذا البحث إلى معاينة مدى توظيف التقنيات السينمائية في القصة القصيرة جدا في مجموعة (فتافيت الصورة) للقاص المصري “جمال الجزيري”. انطلقت الدراسة من أن هذا التوظيف يمثل عنصرا مهيمنا داخل المتن السردي المنتخب ،وأن هذا المزج هو من أبرز طرائق التعبير الفني في الكتابة السردية الجديدة ،التي عبرت بوضوح عن تأزم الواقع وتشظيه. ومن هنا تم وضع خطة مرتسمة من خلال خمسة عناصر ،تناولت في العنصر الأول :توظيف تقنية المونتاج، ومن ثمة عرجت في العنصر الثاني إلى توظيف تقنية الفلاشباك ،وفي العنصر الثالث تناولت :توظيف سيناريو القص ،وفي العنصر الرابع :توظيف الرصد الخارجي لحركة الكاميرا السينمائية ،وفي العنصر الأخير تم دراسة العوالم الفنية الجديدة. وخلص هذا البحث إلى مجموعة من نتائج من أهمها أن :القاص “جمال الجزيري” في مجموعته القصصية القصيرة جدا الموسومة بـ (فتافيت الصورة) ركز على عرض المشاهد في دقيقة أو أكثر ،ولم يعلق عليها أو يخبر عنها تماما كما تفعل السينما في الشريط الفيلمي القصير ،وهذا هو المبنى الذي شيّد به عمله القصصي القصير جدا في النموذج المنتخب ،وتبرز أهميته أكثر أن هذا المبدأ السردي لم يلتفت إليه معظم كتاب القصة القصيرة جدا في العالم العربي. Summary: This paper aims at examining the extent of using cinematic techniques in short story in the collection entitled« FatafeatAssoura » of the Egyptian nar- rator “Jamel El-Jaziri”. The study starts from a point that the use of cinematic techniques is a dominant element within the chosen narrative body, and that this combination is one of the most important methods of artistic expression in the new narrative writing. Accordingly, a five-element framework was devel- oped: editing, flashback, storytelling scenario, the use of external monitoring of the motion of cinematographic camera, and then studying the newly artistic features.This piece of research concludes that Al-Jaziri in his collection demon- strates the scenes in a minute or more without leaving any comment on the video as cinematographers usually do. It also points out to the fact that most of short story writers in the Arab world did not pay attention to this narrative norm. Keywords: short story, narrative, cinematic techniques. 65
مقدمة و ّلدت الحياة الراهنة المأزومة كتابة القصة القصيرة جدا ،التي تقوم بالفطرة على رفض التقليد وقيود التجنيس القديمة .وتكمن قوة هذا الفن المستحدث في أنه استطاع رصد أحدث التطورات التكنولوجية عن طريق توظيفه للتقنيات السينمائية في نصوصه السردية القصيرة جدا ،وبهذا فقد استلهم شكل كتابي جديد استطاع أن يعبر عن الواقع الانساني القلق والمعقد وفق رؤية فنية في دقيقة أو أكثر ،ويعتبر هذا تحديا للرواية التي تتطلب زمنا طويلا لكي تستطيع تقديم وظيفة تجريبية كفيلة بأن تمزج بين ماهو سردي بما هو سينمائي. ومن بين الأعمال الفنية التي ظهرت على الساحة الأدبية بقوة واستحضرت التقنيات السينمائية بصورة بارزة في خطابها السردي نجد المجموعة القصصية (فتافيت الصورة) 2لـ “جمال الجزيري”،3ولعل هذا هو العامل الرئيس وراء انتخابها كنموذج تحليلي بغية فهم أسلوب توظيف التقنيات السينمائية في المجموعة القصصية القصيرة جدا ،ومن هذا المنطلق الاستفهامي تولدت تساؤلات أخرى ـ ارتأينا الإجابة عنها ـ مفادها: ـ كيف تم احتواء المجموعة القصصية القصيرة جدا المنتخبة للتقنيات السينمائية؟ ـ ما هي العوالم السردية الجديدة التي تمكنت المجموعة القصصية القصيرة جدا تصويرها وبمقتضاها تم توظيف التقنيات السينمائية وفق أسلوب تجريبي جديد للمعنى الفني؟ ـ ما هي الملامح الانسانية التي اهتم بها الكاتب “جمال الجزيري” واستطاعت كاميرا (فتافيت الصورة) رصدها وعرضها ؟ 66
سينمائي قصير جدا .ذخائر المتن: والمعلوم أيضا أن القصة القصيرة جدا ـ كما عرفها جميل حمداوي ـ هي“ :جنس أدبي حديث يمتاز نعلم أن السينما هي قصة فنية مصورة نتجت عن بقصر الحجم والإيحاء المكثف والنزعة القصصية التطور التكنولوجي ،وتعتمد على اللغة السمعية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة، البصرية لتحقيق التواصل ،وقد اتخذت من الرواية، فضلا عن خاصية التلميح والاقتضاب والتجريب التي تعتمد على اللغة المكتوبة ،ركيزتها الأولى التي والنفس الجمليّ القصير الموسوم بالحركية والتوتر استلهمت منها قصتها ،ورغم اختلاف كل منهما في وتأزم المواقف والأحداث ،بالإضافة إلى سمات الحذف لغتهما الإشارية ،وعوامل أخرى ،إلا أن هذا لا يلغي والاختزال والإضمار .كما يتميز هذا الخطاب الفني تواصل الرواية مع السينما واستفادتها هي الأخرى الجديد بالتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر من تقنياتها في تشكيل بنائها السردي ،وقد أجيز إلى ما هو بيانيّ ومجازيّ ضمن بلاغة الانزياح والخرق لهما ذلك باعتبارهما فنين قريبين من بعضهما ال ج م ال ي6”. البعض لاعتمادهما معا على الحكي“ ،بمعنى أن لا من بين ما يشير إليه هذا المفهوم أن نزعة التجريب حكاية خارج الفيلم” ، 4ومن هذا التعايش بين الفنين هي من سمات القصة القصيرة جدا ،و”التجريب تولد تلازم بينهما أيضا ،فصار ـ اليوم ـ التعبير قرين الإبداع ،لأنه يتمثل في ابتكار طرائق وأساليب عن الحياة يستلزم سرعة عرض مكثفة وشاملة جديدة في أنماط التعبير الفني المختلفة ،فهو جوهر للوقائع ،ووجوب خلق نص قصير يستجيب لهذه الإبداع وحقيقته عندما يتجاوز المألوف ويغامر في الدعوة المعاصرة ،وقد تنبه “جمال الجزيري” إلى هذا قلب المستقبل ،مما يتطلب الشجاعة والمغامرة، فقال أنه “يمكننا أن نعتبر بدايتها مقترنة بحركات واستهداف المجهول دون التحقق من النجاح”، 7 التحرر من الاستعمار في عالمنا العربي وبالدعوة وبالرجوع إلى مجموعة (فتافيت الصورة) نجد أن إلى كتابة أدب عربي معاصر يناسب سرعة العصر الكاتب “جمال الجزيري” راهن على تجريب أساليب الذي نعيش فيه ،وما تقتضيه هذه السرعة من حيّز جديدة تتمثل في توظيفه للتقنيات السينمائية في نصي صغير يستطيع القارئ المعاصر أن يستهلكه المتن القصصي القصير جدا ،لما رأى أنها هي الطرائق /يتلقاه /يقرأه /يستوعبه /يتفاعل معه في حيّز الكفيلة للتعبير عن الظروف القلقة للعصر الراهن ، لهذا أتت (فتافيت الصورة) في شكلها ومضمونها زمني قصير أيضا”5. متكيفة مع سرعة ايقاع الحياة المعاصرة المأزومة، وبدعوة من الحياة المعاصرة السريعة استجابت وهو العامل الرئيس الذي سمح لها من جهة أخرى معظم الفنون فظهر الفيلم القصير جدا ،وبالمقابل ـ أيضا ـ باستحضار لشكل كتابي جديد يقوم على ظهرت القصة القصيرة جدا ،وهذا القاسم المشترك/ مزج السردي بالسينمائي. الحكي بين الفنيين هوما أعان المجموعة القصصية ومن هنا نفهم أن نزعة المراهنة على التجريب المنتخبة على استقطاب التقنيات السينمائية في سردها التخييلي،لتصوير الواقع وتعميق رؤيته والتعبير عن عوالمه بطريقة فنية ،وكأنه فيلم 67
فيها المعايير التقييمية ،ويستعمل في ذلك عدة والنزعة القصصية والحكائية هما الحافزين اللذين أساليب في توظيفه للعنوان ،فكثيرا ما يمثل العنوان سمحا للقصة القصيرة جدا في (فتافيت الصورة) جانبا من جوانب النص الذي يتم رفعه ليكون عنوان لأن تستحضر التقنيات السينمائية في نصها على قصة قصيرة جدا ،أو يتم استخراج كلمة أو السردي ،ونلمس ذلك بوضوح عبر علامية عتبة تعبير من النص القصصي القصير جدا ووضعه ليمثل عنوانها ،حيث يظهر أن الكاتب متأثر بالتقنيات العنوان ،أو يتم اختيار عنوان مشتق من كلمة في السينمائية ،فالفتافيت هي القطع الصغيرة المجزوءة النص ،أو استعمال عنوان واصف جامع يصف طبيعة من الشيء ،وكما هو مبين على غلاف الكتاب أنه تكوين النص القصصي بوجه عام ،كما في قصة تم تقطيع “صورة” إلى أجزاء صغيرة مفتتة .وقد “مشهد جانبي” التي تم وضع عنوانها أيضا عنوانا د ّل العنوان على مضمون النص ،بحيث قدم الكاتب للمجموعة ككل في عمل آخر للكاتب 9وهذا لإبراز جوانب مقتطعة من حياة الشخصية أو السارد دون “هامشية” أو “جانبية” المشاهد التي تحتوي عليها أن يقيمها أو يلخص أحداثها تماما كما تفعل السينما ،فالكاتب أعاد إنتاج آليات سردية تناسب قصص المجموعة . الفكر ما بعد الحداثي ،فقدم من خلال مجموعته و وفي الآتي سنعاين توظيف التقنيات السينمائية القصصية القصيرة جدا صورة متشظية هي انعكاس للواقع الجديد ،فمشاهد “ما بعد حداثية مهشمة لا في نص المجموعة القصصية القصيرة جدا: تعكس وضوح الصورة وكمالها بل كِسَرا منها وشظايا والتماعات و ِقطعا وأصداء وأشلاء” ، 8والكاتب يقر 1ـ توظيف تقنية المونتاج: من خلال مجموعته القصصية أن الحقيقة مغيبة في عصرنا الراهن وهي كالصورة المفتتة يصعب في المجموعة القصصية نجد أن الكاتب متأثر إصلاحها وارجاعها كما كانت ،وتغيب فيها الرؤية بالتقنيات السينمائية ،فيستحضر ملفوظ “المونتاج” الواضحة كذلك ،ومرد هذا إلى التشتت الذي يشهده في( :شتيت أول :لقطات حذفتها الرقابة في عصرنا الراهن بعد ثورات الربيع العربي والانفجار المونتاج) ، 10فيهتم طوال المسار السردي بعرض الإعلامي والصراع في مواقع التواصل الاجتماعي. مشاهد القصص وكأنها لقطات سينمائية مجمعة فكان لزاما على الكاتب أن يعبر عن هذه النظرة ما بعد حداثية من خلال توظيفه لتقنية جديدة تناسب عن طريق تقنية المونتاج. الحيز الفكري والأدبي الجديدين ،عن طريق تبني أشار الكاتب في قصة “هزيمة” إلى ملفوظ“ :الفيلم” التقنيات السينمائية داخل النص السردي القصصي و”اللقطة” و”الإخراج” و”فريد شوقي” ،وهي ملفوظات تتداولها لغة السينما وربطها جنبا إلى جنب مع القصير جدا. مصطلحات السرد القصصي ،وكأنه بهذا يريد أن وبصفة عامة فإن الكاتب “جمال الجزيري” يلجأ في يتخذ لها مثيل في السرد القصصي ،فنجده يقرن مجموعته إلى اختار العناوين الوصفية التي تغيب أفلام الممثل “فريد شوقي” بقصص الروائي “بهاء طاهر” ،ويقرن ملفوظ “اللقطات” بـ “المشاهد القصصية” ،يقول السارد “ :قال“ :أنا الملك جئت”. 68
ينتهجها في القص /الآفاق الآتية ،أي أنه عبارة عن ذخائر حسبته يقلد فريد شوقي في أحد أفلامه التي لم أرها، لقطات جديدة مقتطعة من حياة المتكلم في القصة، أو يشير إلى إحدى قصص بهاء الطاهر .لذلك انتظرته قد تحكمها عدة علاقات وقد تبدو متضادة ومتنافرة أن يقول كلاما دالا .لكنني وجدته يحمل شطرنج ولكنها متكاملة ومترابطة بقوة متوارية /المونتاج، في يده .تذكرت هزيمته لي ذات مرة ،فنظرت إليه وهو ما يقصده هنا “بصلة الرحم” التي تخلقها آفاق ساخرا وأدرت له ظهري لأكمل إخراجَ هذه اللقطات التربة والنهر والخضرة والحبر الذي لا يصالح ،أي أن تقنية المونتاج التي تم بها ربط المشاهد القصصية والمشاهد القصصية ،ولا أفتت اللغة “. 11 تتمثل في الملمح الإنساني الداعي للتمسك بالأصالة تبدو مشاهد المجموعة القصصية للقارئ من القراءة السردية والموروث الحكائي والثقافة العريقة. الأولى أنها قصص متجاورة لا وجود لرابط بينها ،بينما ويشير أيضا في قصة “أقاصيص” إلى تقنية المونتاج هي في حقيقتها عبارة على مشاهد قصصية مبنية التي أدت وظيفة الربط والجمع بين المشاهد وفق حبكة حكائية عنقودية ،وتعتبر هذه الحبكة من القصصية المقتطفة من حياة الشخصية المتكلمة أهم الأنسجة السردية التي يعتمد عليها كتاب السرد في هذه المجموعة ،يقول السارد“ :عشقت أقاصيص الجديد ،لأنها تستعير من السينما تقنية المونتاج النهر ،فاتخذتها عنوانا لي ،يروي قلمي ،فينتشى لتربط بين مشاهد قصصها كل حسب طريقة ربطه. القلم ضاحكا وينثر الأقاصيص في بياض الصفحات، يعرف المونتاج أنه “فن وصل اللقطات السينمائية تحبل الصفحات باللقطات فتلد توائ َم وتجمعهم في ببعضها في جميع مداخلها ،حتى يكتمل الفيلم صورة مشاهد قصصية قد تطول”14. وصوتا في تزامن دقيق وفي شكل فني خلاق يعتمد انطلاقا من هذا نصل إلى أن الكاتب “جمال عليه الفيلم في وقعه واستحواذه على المتفرج”. 12 الجزيري” يكشف خطته التي سلكها في كتابة يظهر المونتاج بوضوح في بداية القص كقوة مجموعته القصصية ،ويلمح إلى تقنية “المونتاج” خفية تقوم بربط المفارقات الزمنية التي تنهض التي استحضرها سرده القصصي ،ويعتبر التلميح عليها هذه القصص ( علامات ،حكايات ،فراغ ،شغف، بترسيمة الكتابة من أبرز سمات التجديد الذي تراب ،رحم ،أقاصيص ،وفاء ) وعند الوصول إلى قصة استفحل مؤخرا في الكتابة السردية وبخاصة في “آفاق” نجد أن الكاتب يلمح إلى تقنية “المونتاج” القصة القصيرة جدا ،ومن هنا نفهم أن الكاتب أراد التي سوف يتبناها كحلقة وصل في ما يلي من قص المراهنة على توظيف هذه التقنية السينمائية داخل للربط بين المشاهد القصصية المفتتة التي أسماها سرده القصصي ،وبالرجوع إلى مشاهده القصصية باللقطات استحضارا للقطات السينمائية ،يقول نجد فعلا أنه استحضر تقنية المونتاج ،المتمثلة السارد“ :لقطات تتجمع ،تتجاور ،تتزاور ،تتكامل، هنا في ملمح الأصالة الثقافي والفني ،للجمع بين تتقاطع ،تتعايش ،تتنافر ،تتماسك ،تتباعد ،لكنها المفارقة الزمنية للمشاهد القصصية التي عبرت لا تقطع صلة رحم ولا تحلق إلا في آفاق التربة والنهر بعضها على أحداث وقعت في الحاضر وأخرى في والخضرة والحبر الذي لا يصالح” .13إذا فالكاتب يلمّح من خلال قصة “آفاق” إلى الترسيمة التي سوف 69
التصاعدية ،بل يقطع السارد زمن الحاضر الذي زمن الماضي ،ولكي نفسر أكثر نقول إن الكاتب بلغه السرد ليعود إلى الماضي ،في قصة “فراغ”يقول “جمال الجزيري “لم يعتمد على التسلسل الزمني السارد“ :لم يكن أبي يفرغ ليحكي لنا فقد كان للأحداث سواء على مستوى بنية القصة الواحدة أو يعمل طوال النهار بالغيط ليطعمني وأمي وإخوتي على مستوى بنية المجموعة القصصية ككل ،حيث العشرة ،وكانت أمي تفرغ قليلا من شغل البيت بعد يقطع القصة لينتقل إلى الأخرى دون سبب لغياب العشاء فتحكي لنا بعض “الحواديت” لكنها كانت التسلسل الزمني ،بحيث يمكن للقارئ تقديم وتأخير تنام مبكرا لتستيقظ في الفجر وتبدأ الشغل من القصص بكامل حرية وهذا أخطر مظاهر التشظي في السرد الجديد الذي يدل على تشتت الواقع الراهن ج دي د”17 وتأزمه ،بل إن سيرورة الزمن تقطعها في أحايين ويواصل السرد الاستذكاري في القصة التي تليها كثيرة استذكارات /لواحق يعود بها السارد إلى الزمن ليعود إلى أبعد نقطة في وعي الماضي المستعاد الماضي ،وهو ما يقابل في السينما تقنية الفلاشباك، التي تمثل هنا طفولة السارد وذكرياته مع جده،يقول وانطلاقا من ملاحظتنا أن الخطاب القصصي مبني السارد في قصة “شغف”“ :كان جدي يقول إنني على أساس الاستذكارات سنعاين في الآتي توظيف سأقوم بالحكي بعده،وكنت شغوفا بحكاياته فلم أفارقه أبدا،لكنه في يوم فارقني ولم أجد من يحكي هذه التقنية داخل المتن القصصي المنتخب. لي ،زادني حرماني رغبة في الحكي فأمسكت بقلم الرصاص ساعتها وملأت كراسة الرسم بالحكايات18”. 2ـ توظيف تقنية الفلاشباك: ويستمر السرد الاستذكاري في قصص “تراب” و”رحم” و”وفاء” بعدها يقطع السرد الاستذكاري، ما يقابل تقنية الفلاشباك في المصطلح القصصي ليعود السارد إلى زمن الحاضر في قصة “هامش”، هو ملفوظ “اللواحق”Analepsesو”اللاحقة عملية يقول السارد“ :تشدو ،يترقرق صوتها في جنبات سردية تتمثل بالعكس في إيراد حدث سابق للنقطة قلعة المعز ،تبوح بأغنية حب جانبية لم يكن التاريخ الزمنية التي بلغها السرد ،وتسمى كذلك هذه العملية يسلط عليها أو على أمثالها أي ضوء ،فالتاريخ عندما يصل إلى مثل هذه الأمور الشعبية كان يقيد نفسه الاس ت ذك ار”rétrospection15 في سجون الصمت ..تتعمق تلك الحياة البعيدة، تفتتح المجموعة القصصية ،بقصة “علامات” التي وتعتنق هذه الحركة القريبة كأنها فرعونية هامشية، تسرد الحدث المكثف في زمن الحاضر ،يقول السارد: لذلك عندما يبعد عنها المصور الكاميرا تنظر إليه “جدي يعلمني الحكايات والحكي ،أمي تحسسني شزرا ،ثم تملأ رئتيها من هواء القلعة الوسيع وتصر كيف تكون الحكايات أليفة مع مسامعي وكيف يتغاضى المرء عن أنانيته وذاتيته من أجل الآخرين، على المواصلة بعيدا عن الأضواء”19 أبي يشتري لي القلم،الطين يحتضن جذور القصص نلاحظ أن المسار السردي للمجموعة القصصية والأقاصيص،يهبها جزءا من عراقته ورائحة الشعب... يتذبذب وفق تناوب زمن الماضي وزمن الحاضر، يحس،يتألم فينصهر ويمسك القلم ،يداعب به بياض الصفحات فتمتلئ بأريج الطين16”. ولكن السرد لم يستمر على الوتيرة التسلسلية 70
وفق انتقال سريع وفجائي ،وكأن الزمن يقطع ويمر ذخائر ونسجل أيضا غلبة الاستذكارات مقارنة مع الزمن بطريقة بصرية ويستمر هذا التناوب الزمني (ماضي/ الحاضر ،ويحدث أيضا أن يمزج الكاتب بين زمنين حاضر) إلى أن تتشكل المشاهد القصصية ككل ،وهنا الماضي /الحاضر حتى على مستوى بنية القصة الكاتب قد استعار البعد السينمائي عندما تقطع الواحدة ،يقول السارد في قصة “ابتسام”“ :هل اللقطة المعبرة عن الحاضر ويتم الانتقال الفجائي ج ّربت أن تحتضن الأمل؟ يا لحسرتك ! إن كنت إلى أخرى ،وتستمر عمليات التناوب الزمني للأحداث أتيت إلى القلعة في التاسعة والنصف مسا ًء ،كنت إلى أن يتشكل الشريط الفيلمي القصيرجدا. ستراه على كرسيه المتحرك،صعد كل هذا المطلع وبهذه الكيفية تنتج دلالة المشاهد القصصية التي الجبار ،دار مع السراديب والمنعطفات ،وتتأمله جالسا ينهض المونتاج في ربطها وترتيبها وفق ما تقتضية في مواجهة الجامع يتراقص مع أنغام العود ،يترنم مآرب الكاتب“ ،والتي لا تقتصر على اعتبار أن بأناشيد الحياة،يملأ مقلتيه من الألوان العتيقة الدلالة تبرز نتيجة توالي لقطات أو متواليات وإضافة شذرات من الواقع بقدر ما تأتي من تكسير التوالي الباهرة،ثم يلتفت إليك مبتسما”. 20 والتتابع” ، 21حيث ساعدت هذه المفارقات الزمنية لو قرأنا قصة “ابتسام” في حد ذاتها ،سنجد أنها على تقريب الصورة القصصية إلى ذهن المتلقي وكأنه تدعو للتفاؤل ،ولكن عندما نقرأها بالاقتران بالقصة يشاهد شري ًطا فيلميًّا قصيرًا ،ومن جهة أخرى أدت التالية “أصابع” سنجد أنها قصة تقوم على المفارقة، تقنية الفلاش باك وظيفة دلالية ،عندما عرجت إلى فكل ما يأتي فيها ليس مقصودا بذاته .فيمكننا أن إضاءة أماكن غير رئيسية وتقديم شخصيات ثانوية نقرأ القصتين معا ،القصة الأولى تدعو إلى التفاؤل، بطريقة مركزة ،مكثفة ،وسريعة باعتمادها تقنيتي ومن الواضح أن الراوي يقوم بسرد القصة بناء على الحذف والخلاصة ،وقد استعارت تقنية التكثيف من هذا التفاؤل وتعاطفا مع الشخصية ،أما القصة لغة السينما التي تعرف بأنها “لغة تعبيرية بالغة التالية فتحبط تفاؤلنا وتوقعاتنا ،فالشخصية فيها الكثافة” 22أثرت من خلالها السرد القصصي ،ونقلت هي الشخصية ذاتها الموجودة في قصة “ابتسام”، أصوا ًتا متعددة في مشهد واحد ،وهي بهذا شبيهة ولكن هذه الشخصية تتحول من رمز للتفاؤل إلى بالكفاءة السينمائية التي تعرض العديد من الوحدات البصرية في آن واحد. رمز لانهيار كل القيم الاجتماعية. كما يحضر الفلاشباك على مستوى بنية قصة “وفاء” 3ـ توظيف سيناريو القص: ويمكن النظر إليها على أنها فلاشباك أو استحضار تقدم المجموعة القصصية في شكل مشاهد معروضة لما مضى واستباق لما سيأتي. على الطريقة السينمائية ،وهو أسلوب الكاتب في تشيد المجموعة القصصية بناءها الزمني وفق حكي أقاصيصه طوال المسار السردي ،حين التفت ترسيمة تعتمد على كسر خطية الزمن ،وذلك إلى مبدأ سردي مهم ،تغاضى عنه معظم كتاب القصة بالرجوع إلى الزمن الماضي عن طريق قطع الزمن القصيرة جدا في الوطن العربي ،مفاده أنه على السارد الحاضر فجأة ،بعدهاُ يقطع السرد الاستذكاري/ الفلاشباك ليتم الرجوع مرة أخرى إلى الزمن الحاضر 71
الزوجين بهما عقر ولا ينجبان ،بل صور هذه الصفة أن يعرض المشهد لا أن يخبر عنه. في موقف دال على ذلك ،وقد استفاد من التقنية وظف الكاتب كلمة “مشهد” في مجموعته القصصية السينمائية في هذا التصوير السردي الخارجي ،ومثال القصيرة جدا في سياق تركيبي أراد من خلاله مزج آخر نجد أن السارد يعرض مشهد حادث مرور ،لم ما هو سينمائي بما هو سردي ،ويظهر هذا من خلال يصرح به علانية ،بل صوره في موقف دال عليه دون عنوان (مشاهد صورت وسط الآثار العريقة والتاريخ أي تعليق منه ،في قصة “ردّ” يقول السارد “ :طريق، الجميل) ،وقد أدرج تحته مشهدين هما :القلعة دائرة ،عربة مهشمة ،رجل مهروس وامرأة مكسورة رجليها .تصرخ على زوجها الصريع .يرد لها الفراغ ( )1والقلعة (.)2 صراخها ...عندما يرد الفراغ صراخها للمرة الألف، وفي عنوان آخر موسوم بـ”فسيفساء” عرض الكاتب مجموعة من مشاهد قصصية /كادرات على تصمت وتبدأ في تكسير باقي جسدها25”. كما أن الكاتب يضفي مقاطع موسيقية تتخلل النحو الآتي: المشاهد القصصية في قصصه فتارة يوظف مقاطع “ مشهد أول :نور من شعر “نزار قباني “ أو مقاطع من أغاني “فيروز”، مشهد ثان :نغم ويقوم في أحيان كثيرة بتهميشها وهذا أسلوب طبع مشهد ثالث :نار “23 على كتابته سمة التجديد ،كما استحضر الكاتب وقد جعل لهذه المشاهد عنوانا شاملا لها أسماه أغنية “سحر المغنى” للمطرب “محمد منير” واستفتح “فسيفساء” ،ومنه نفهم أن الكاتب استعار القلم بها قصة “عتاب” يقول السارد ”:سحر المغنى جمع السينمائي لكتابة سيناريو القص بغية صناعة صورة قلوبا أليفة ،لمها حول النغمات الخفيفة الساحرة، “فسيفساء” ،التي تعبر عنها تلك المشاهد المندرجة فأخذت تتهادى على وقع اللحن المواتي ..عندما تحتها ،وضمن كل مشهد تندرج عدة أقاصيص صادف اللحن ضجيج السيارات خارج أسوار القلعة مستوحاة من حياة الشخصية دون تعليق منه وكأنها وقع على ظهره ،واستدار للخلف ورجع ،فاحتضنته مقتطفات سينمائية ،مثلا في المشهد الأول المعنون بـ “نور” تندرج تحته عناوين أقاصيص وكأنها لقطات القلوب معاتبة26”. سينمائية مقتطعة( :خوف “ ،”1خوف “ ،”2هدير، إن هذه القصة تستحضر غناء الأرواح لبعضها البعض، فيرتعش ،رد !! ،انفتاح ،بشدة ،خروج ،ويبقى ،تحتي، وتدل على التكامل والتفاهم بين الجماعة/الفريق. تهريج ،ثم ،لما). ويحضر السحر هنا بمعنى آخر ،وهو أن الغناء/الفن تضبط اللغة في سيناريو القص في “فسيفساء “ قد يكون لغة خاصة قد لا تجد استجابة أو تلقِّيًّا مثلما تضبط السينما تقنيات الشريط الفيلمي ،ففي مؤاتيا لدى البعض ،ويأتي العتاب هنا من “القلوب ضبط الصوت مع الصورة ،يقول السارد في قصة الأليفة” لأن الغناء حاول الخروج إلى أرض غريبة لا “ثم”“ :سمع ضجيج الفرح وصراخ المولود في الشقة المجاورة ثم نظر إلى زوجته فبكت” ،. 24ففي هذه تق ّدِره. القصة القصيرة جدا /اللقطة ،لم يخبرنا السارد بأن إن هذه القصة ترسم في ذهن المتلقي المستمع 72
وبسمتها تدعو للأمل في كل شيء .السحب تنغلق ذخائر لأغنية “سحر المغنى” في المرجع الواقعي مشهدا على بعضها وتبهت ملامح الصورة في يده ،لكن صوًّريا وكأنه يشاهد شريطًا فيلم ًيّا للأغنية ،وتكتمل بسمتها ما زالت عالقة بقلبه وبحور عينيها مليئة الصورة أكثر عندما يواصل قراءة القصة التي تليها باللآلئ ،يأتي إليه صوتها محملا بالأنغام ،يرقق طبلة المعنونة بـ “ سماعي بياتي” ،يقول السارد“ :تنبت أذنه وتنتقل الرقة إلى قلبه فيصير لوحا شفافا يلتقط الموسيقى الشرقية في أركان القلعة ،يبز طولها أشجار أضعف الأنات ويبكي لها وأفتر الهمسات ويرق لها. النخيل ،يداعب أطراف مآذن الجامع المهيب ،طفلة ينهض من السرير .ينظر من الشباك ويعطي عيونه صغيرة لابد ،لا يتجاوز عمرها السنوات الثلاث بأي لكل شيء في الخارج .بنهم يرى كل شيء جميل حال من الأحوال ..تقف على الكرسي ،تتراقص مع والسماء رائعة29”. النغمات عازفة أجمل لحن مازجة التاريخ بالجغرافيا ومن الملفوظات السينمائية التي أدخلها الكاتب إلى بعلم الجمال والطقوس الدينية المجيدة ..تسرع يد نصه السردي ،ملفوظ “كلاكيت” ،و”تعني «الطَرق» عطية شرارة على الكمان ،فتترنح طفلتنا وتسقط، وهي عبارة عن قطعة من الخشب عادة يتصل بأحد أطرافها ذراع خشبي يتحرك بسهولة ،وله صوت يبدو أن إحدى العيون رمقتها بخبث27”. مسموع عند الدق عليه .ويكتب على هذه اللوحة الكاتب يعنون قصته بنوع من أنواع الطرب الشرقي اسم الفيلم والمخرج والمصور ورقم اللقطة وكرة المسمى بـ “سماعي بياتي” والقصة بوجه عام التصوير .ويشير تطابق الذراع على اللوحة إلى بداية تسلط الضوء على أن الإنسان يولد ولديه ميل فطري اللقطة في الصورة”.30 للموسيقى والجمال .ولذلك تتجاوب الطفلة بصورة وكأن الكاتب في توظيفه لهذا الملفوظ السينمائي مدهشة مع العزف الموسيقي .ولكن إحدى “العيون” أراد أن ينقل سيناريو القص النظري إلى المجال ترمقها بحسد فتسقط الطفلة .فالعين والحسد العملي التطبيقي ،تماما كما تفعل السينما عندما تؤشر لبداية اللقطة أثناء الشروع في تصوير الفيلم. ملمح أساسي في حياتنا العربية. حضرت كلمة “كلاكيت” في النص السردي القصصي وفي ضبطه للمكان المتشابك مع الزمن ،يقول القصير جدا أكثر من مرة على النحو الآتي: السارد في “ارتقاء”“ :دلفت إلى شجرتهما المفضلة، “ ـ كلاكيت أول مرة :اكتشاف وجلست على المقعد بجواره .قالت“ :لم أتأخر ”.ثم ـ كلاكيت ثاني مرة :رؤى استدركت“ :لقد تأخرت ولكن ”...نظرت إلى كوب ـ كلاكيت ثالث مرة :أصداء الصحبة الليمون على المائدة“ :لقد تأخرت فعلا ”.وانكسرت ـ كلاكيت رابع مرة :مواقف للحظات رفعها بعدها فارتقت مكانا عاليا بجواره. ـ كلاكيت خامس مرة :خناجر لم يتكلما بشيء ..فقط همسا ،فتكلمت كل الأشياء ـ كلاكيت آخر مرة :تشكل “31 في “كلاكيت أول مرة :اكتشاف” تندرج مجموعة ب ج واره م ا28”. وفي ضبطه للأضواء الكاشفة للرصد الخارجي يقول السارد في “لآلئ” “ :في ضوء القمر المتسرب من شباك الحجرة بعد منتصف الليل تتلألأ ملامح وجهها 73
تركيز بؤرة خارجية عن بؤرة السرد .وهي تحمل من القصص القصيرة جدا وكأنها لقطات سينمائية، وصفا للوقائع وسردا للأحداث كما هي ،ودون تدخل يقول السارد في قصة “صمت” المندرجة تحت هذه أو تعليق .كما وأنها لا تحمل أي قدرا من التفسير أو “الكلاكيت” “ :لا يعشق التفتت ولا يهوى ارتحالات التأويل ،ولا غوصا في مشاعر وأفكار الشخصيات ولا الحروف ....لا يعرج إلى تضييع الجمال من الصفحات تحاول إخراج مكبوت الشعور أو اللاوعي لديهم .ولا ولا يمل التشكل ....لا يميل إلى الضوء المراوغ ولا تقدم تبريرا لمسلكهم ،وإنما تكتفي بعرض الأحداث يرغب ابتسار العمل .....وعندما ابتسر الزمن بعض والشخصيات من الخارج فقط .وهي تحمل الطابع التسجيلي ويمتزج بداخلها دور المراقب وشاهد أكباده /أقاصيصه ظل صامتا إلى أن32”..... الصمت هنا نقل للصمت الذي تنتهي به القصة رؤي ة33”. السابقة“ /مساء” ،فهنا القاص يؤمن بضرورة اهتم “جمال الجزيري” بتقنية التصوير عن قرب حدوث الألفة والأصالة في السرد بعيدا عن التغريب والتقط حركات قصيرة مقربة ومكثفة ،فنجده يعنون والابتسار وتضييع الجمال ،وضرورة مواصلة تشكيل إحدى مشاهده الكتابية بـ “عدسة قريبة” ويندرج الذات وتشكيل النصوص وفق مستجدات الرؤية. تحت هذا العنوان هذه الأقاصيص( :استشاطة، وابتسار الزمن هنا قد يدل على رد فعل المتلقين لهذه مساء ،عبوس ،لأي شيء ،إيقاف ،ولم) وكلها قصص القصص الأصيلة ،في مقابل رواج قصص الاغتراب قصيرة جدا مصورة وفق تقنية العدسة القريبة ،مثلا الزائف وتفتيت اللغة ،ولكنه صمت مؤقت ينم عن ففي قصة “عبوس” يرصد ملامح وجه الصياد المحبط، الذي فشل في أن يسد حاجات أسرته بسبب معوقات التدبر والتخطيط لشيء ما. اقتصاد السوق ،يقول السارد “ :كان الصياد يخرج قصة “صمت” هي بمثابة الصورة التي يتم تصويرها من النهر مبتسما .يلقى السلام ويجري إلى السوق. ضمن اسم الفيلم “اكتشاف” المكتوب على لوحة ثم يهرع إلى أولاده مغتبطا .يخرج الصياد من النهر الكلاكيت ،والمخرج هنا هو القاص الذي يتحدث عابسا .لا يلقى السلام،لا يجري إلى السوق ،وأيضا عن طبيعة عمله الأدبي ،وهذه الكلاكيت أول مرة كما يمل الرجوع إلى أولاده بهذا الوجه”34 هو معنون ،تدل على أنها اللقطة الأولى. نقلت الصورة في هذه القصة عبر منظور ذاتي ،عن طريق عين السارد التي هي بمثابة عدسة الكاميرا 4ـ توظيف تقنية الرصد الخارجي واستطعنا أن نطل على هذه الصورة عبر “الوصف لحركة الكاميرا السينمائية: التصويري” الذي ينهض على الرؤية من الخارج وينقل الصفات الخارجية لملامح الصياد العبوسة تستفحل في المجموعة القصصية تقنية الرصد الخارجي التي تشير بصفة مباشرة إلى طريقة عن طريق اللغة. التصوير السينمائي الذي يعرفه “فاضل الأسود” الأرجح في هذه القصة القصيرة جدا أن الراوي يعرف في كتابه (السرد السينمائي) بأنه تلك المقاطع شخصية “الصياد” مسبقا ولهذا فقد استعمل الألف السردية “حيث تكون الكيفية التي يتم من خلالها، الحكي أو الأخبار للمشاهد بما يدور أو يحدث على الشاشة منصبا على منظور رؤية ،أو داخل مجال 74
القصيرة جدا ،من أنها تستهين بالوصف الذي قد ذخائر واللام وكذلك استعمل تركيب “لا يلقي السلام” يجعلها تطول ،ونلمح فنيته في توظيفه بمهارة الذي يدل على أنه ذو معرفة مسبقة به ،وهذا ما وتجديد ،ليس كفضلة يمكن الاستغناء عنها ،بل ساعده على وصف طباعه وحركاته التي تغيرت ولم أدى الوصف وظيفة التصوير السينمائي و”العدسة تعد كما في السابق ،فالراوي بحكم معرفته بالصياد القريبة” هي العين المدققة التي يطل من خلالها يعرف أن سبب ابتسامته هو اكتفائه ماديا ،ويعلم القارئ على عوالم القص بشكل مكشوف وواضح. أن عزوفه عن إلقاء السلام عليه ،وعدم رغبته في المخرج السينمائي يصف الأحداث الفيلمية عن الرجوع إلى بيته مفرغ اليدين ،فهذا بسبب سوء طريق حركية الصور الفوتوغرافية داخل الشريط أوضاعه المادية ،وبالتالي فقد ساعد معرفة الراوي السينمائي ،والكاتب “جمال الجزيري” سار على بالشخصية على رصد مظاهره وتفسير سلوكه ،وقد نهجه فخلق صورا للأحداث عن طريق الوصف أشار “جمال الجزيري” إلى هذه القضية النقدية الخارجي اللغوي المكثف ،وقد أشار إلى تأثره في دراسة له موسومة بـ “ صيغة التعريف وحدود بحركة الكاميرا السينمائية وأضوائها داخل المتن المنظور السردي” يقول فيها “ :عندما نذكر شخصية القصصي في أكثر من قصة ،مثلا يقول السارد في أو عنصرا من عناصر السرد بصيغة التعريف بالألف قصة “هامش” “ :تشدو يترقرق صوتها في جنبات واللام ،ستعني هذه الصيغة أن هذا العنصر أو هذه قلعة المعز ،تبوح بأغنية حب جانبية لم يكن التاريخ يسلط عليها أو على أمثالها أي ضوء ،فالتاريخ عندما الشخصية معروفة للراوي من قبل “35 يصل إلى مثل هذه الأمور الشعبية كان يقيد نفسه في ويكتسب الرصد الخارجي الذاتي أهمية خاصة في سجون الصمت ..تتعمق تلك الحياة البعيدة ،وتعتنق التصوير السينمائي ،فالكاميرا لا تستطيع الدخول هذه الحركة القريبة كأنها فرعونية هامشية ،لذلك في مونولوج الشخصية ،بل أقصى ما تتمكن الكاميرا عندما يبعد عنها المصور الكاميرا تنظر إليه شزرا، من التقاطه هو ملامحه المعبرة عن حالتها النفسية، ثم تملأ رئتيها من هواء القلعة الوسيع على المواصلة ويتم هذا عن طريق العدسة المقربة ،بحيث يتحكم بعيدا عن الأضواء” ، 36وأشار أيضا من جهة أخرى المصور في زاوية نقل الصورة من منظوره الخاص أي أن الراوي يؤدي وظيفة الكاميرا في النص القصصي من موقعه ومن عمليتي (تكبير /تصغير) الصورة، وعليه إذا أن ينتهج أسلوب الرصد الخارجي ،تماما وهذا هو السبب الذي يطبعها بالبعد الذاتي .وهو ما كما تعمل عدسة الكاميرا ،يقول “ :الراوي مجرد وظفه الكاتب في جل قصص مشهد”/عدسة قريبة” راصد للحدث مثله مثل الكاميرا بالضبط ،والكاميرا لا وتجلى بوضوح في القصة السردية أعلاه ،بحيث تعلق ،ويمكن للكاتب التعليق بطريقة غير مباشرة استعار “جمال الجزيري” هذه التقنية ووظفها لرصد من خلال التقاط زاوية دالة للحدث أو من خلال عملية ملامح الصياد العبوسة وبهذه الكيفية تم التداخل المونتاج أو المَنْ َتجة التي يجريها على الحدث37”. بين ما هو سينمائي وما هو سردي في هذه القصة وقد تمكن الكاتب من ادخال تقنية الرصد الخارجي القصيرة جدا. وبهذا نؤكد أكثر أن الكاتب لا يؤمن بما نُظر للقصة 75
المجموعة المنتخبة تنبهنا أن الكاتب “جمال إلى سرده القصصي عن طريق أسلوب الحكي الجزيري” يؤمن أكثر بضرورة تقديم نص سردي الخارجي ،مثلا في “بجانبك” يقول السارد“ :في مكتمل ومكثف ويتناول ملمحا إنسانيا صادقا في فضاء القلعة تجد النغمات العذبة تنساب في هذا الحيز النصي القصير ،فالقارئ للمجموعة لا نسيمات الهواء التاريخية ،لا تحاول أن تلتفت يجد أي لبس في فهم مقاصد النص لأن القول فيه بجانبك أو تسمع ما يدور حولك ،ستجد سيدات مباشر والتأويل عميق في دلالته ومرماه إلا أنه لا جالسات يثرثرن مع أمور بيتية ومطبخية ونميمية، ينقلب إلى تخمين ،لأن القارئ يستطيع أن يربط ستنتقل بكرسيك بعيدا حتى تتوحد مع النغمات، بين عناصر النص وبين من يشغلون العالم السردي ستجد نساء أخريات يفترشن مجموعة من الكراسي مباشرة ،وليس نحن فقط من توصلنا إلى هذا الحكم ، عليها ما لذ وطاب ،يأكلن في صوت مفرقع ،ينادين ففي شهادة عن أسلوب الكاتب يقول “أشرف زيدان” على أولادهن :يزعقن لهذا الطفل ،يلع َّن ذلك ،فلا ”:كلماته بسيطة ولكنها أكثر عمقا ،وأسلوبه واضح تجد بُدّا من مغادرة القلعة أو الجلوس في كواليس ومباشر يشبه إلى حد كبير انقضاض الصقر على فريسته” 40ذلك أن الكاتب “جمال الجزيري“ يهتم ال ف رق ة38”. بالتركيب ويصّر على ألا يكون غامضا لكي لا يضر نلاحظ في هذا القصة القصيرة جدا أن هيئة الموصوف بالبناء القصصي ،وقد أشار الكاتب في دراسة نقدية قدمت من مواقع متعددة ،فالسارد ينتقل من موقع له إلى مزايا هذه القضية الفنية التي ترمي إلى وجوب إلى آخر ،وفي كل مرة يرصد بعينه الشبيهة بعدسة تقديم نص مكتملا ،يقول “ :على الكاتب أن يحرص الكاميرا ما يراه عن طريق الوصف الخارجي ،فنقل على أن يكون النص مكتملا في حد ذاته ،وعلى أن عدة صور لعدة لقطات من زوايا متعددة بشكل جد يخرج التصور الذهني للنص كما يتشكل في ذهن مكثف ،فأدى هنا دور الكاميرا المتحركة التي تغير الكاتب على الورق في النص ،وإلا وقع القارئ في زاوية التصوير أكثر من مرة ،وفق ما يقتضيه المشهد دائرة التخمين غير الفني ،وهنا يتجلى لنا الفرق بين التأويل والتخمين ،فالتأوي ُل يبنى على ما هو موجود ال ب ص ري. في النص بالفعل وكل قارئ يؤول النص حسب فهمه وقدراته بشرط أن يكون النص مكتملا ،أما التخمين 5ـ العوالم الفنية الجديدة: فيدل على وجود خلل في النص ،أي أن سمة الاخبار أو الابلاغ غير متوفرة فيه ،وعندما لا يجد القارئ أمامه نقصد بالعوالم الفنية الجديدة ما ذهب إليه الدكتور معلومات سردية كافية يضطر للتخمين القائم على “صلاح فضل” في تعريفه لها بأنها ”:ابتكار عوالم الظن ،وليس على معلومات متحققة في النص”. 41 متخيلة جديدة ،لا تعرفها الحياة العادية ،ولم تتداولها تعيدنا المجموعة القصصية إلى منبتنا الأول “الأرض” السرديات السابقة،مع تخليق منطقها الداخلي، في قصة “رحم” وتناقش معالمها بأسلوب جمالي وبلورة جمالياتها الخاصة ،والقدرة على اكتشاف قوانين تشفيرها وفك رموزها لدى القارئ العادي بطريقة حدسية مبهمة ،ولدى الناقد المتخصص بشكل منهجي منظم”. 39 من خلال معاينتنا لعوالم القصة القصيرة جدا في 76
ويعود الفضل لاجتهاده ومثابرته واصراره على هدفه ذخائر يتمثل في أن جميع قصصنا هي حكايات ذواتنا التي للمحافظة على الموروث الحكائي. منحتنا إياها التربة والنهر والجذور ،..وأنها الأصالة وفي قصة “رحم” نتعرف على راو آخر هو :النهر الذي المنفتحة التي تعزز ثبوتنا لمسايرة ثقافة اليوم. يرمز إلى الحياة والنماء ،وقد وظف الكاتب أنسنة ولهذا فالنص القصصي فيها مبني على ثنائية الأصالة الجماد ليعبر عن الاغتراب الانساني في الحياة والمعاصرة ،الأولى يمثلها الموروثالحكائي الشفاهي الراهنة ،ويشير أن الجماد أصبح أكثر قدرة منه غير المدون والثانية الحياة العصرية التي حاولت على زرع الأمل والحياة الجميلة ،وهو إشارة أيضا أن التمسك بالأصالة هو سبيل للسعادة ،والنهر ينتمي إلغاء الأولى ،ونفيها. إلى الأرض الحاملة لجميع حكاياتنا لذا من تنكر لها وفي قصة “حكايات” يبين السارد أن الإذاعة والتلفزيون عملا على تهميش التراث الشفاهي سوف يفقد أصالته وهويته. وإلغائه ،وبموت الجد لم يتمكن الحفيد من حفظ وتأتي صلة الرحم للتدلال على صلة رحم الجد حكايات ألف ليلة وليلة ،وبالتالي لن تد ّون وسوف واجتهاد الحفيد لمواصلة خلافة الحكي ،وصلة رحم تموت مع الجد وتعود الحكايات الشفاهية إلى تربتها النهر الذي يناشد بساطة الحكي ويعتبرها سر النماء، وصلة الرحم الفني بين نصوص المجموعة ككل، ومنبتها الأول. وترابط لقطاتها المقتطفة التي تكوّن صورة جلية لكن الحفيد الذي كله اصرار وعزم يواصل هذه عند تكاملها في الأخير أي هي تقنية المونتاج التي الخلافة ،لكن ليس من خلال ما هو شفاهي ،بل من خلال القلم والرسم والحكايات المكتوبة والصور، أشرنا إليها سابقا. وفي قصة “هامش” نلمس أبعادًا حكائية متعددة منها وهذا ما توضحه قصة “شغف”. أن المغنية تسعى لإبراز ما همشه التاريخ ،لكن كاميرا وفي قصة “فراغ “ يصطدم الحفيد بطبيعة الحياة التلفزيون تهمل هذا الحدث ولا تعيره أي اهتمام، المعاصرة التي ألهت الأبوين عن تخصيص وقت حينها تصر المغنية على مواصلة فنها وتتجاهل ما لممارسة الطبيعة الفطرية الحكائية،وانشغالهما يريد التاريخ تأييده ،ولعل المعنى الخفي من هذا الدؤوب بالعمل المتواصل حتى في أوقات الراحة، الحكي ،يشير إلى أسلوب القص المستخدم في هذه وهو الأمر الذي لم يستحسنه الابن واعتبره حقه المجموعة القصصية القصيرة جدا وهو أنه يتجاهل ما المسلوب الذي قضى على جزء من انسانيته وجعله هو سائد في كتابة القصة القصيرة جدا من مفارقات يعيش مغتربا مع ذاته وفاقدا لتراثه ومنفصلا عن ومفاجآت ودهشة وألعاب لغوية ،لأن المجموعة هنا تسعى لتقديم تجربة إنسانية حقيقية وبسيطة ح اض ره. وعميقة وملموسة بإصرار ومواصلة ،كما فعل الحفيد وفي قصة “تراب” يحاول هذا الابن التمرد على عند اصراره على الحفاظ على الموروث الحكائي إلى ضغوط الحياة اليومية ،فيسترق الدقائق من العمل أن تحققت نبوءة جده فيه ،وهو الملمح الإنساني ليحكي لإخوته بعض الحكايات التي يستلهمها من الأرض /الواقع وبعضها الآخر يختلقها من خياله، وبالتالي تتحقق نبوءة جده في أنه سوف يصبح راويا 77
ببعضهما البعض بشكل ضدي ،تدعو الأولى للتفاؤل البارز الذي ركز عليه الكاتب في هذه المجموعة أما الثانية فتدعو للتشاؤم والاحباط. القصصية القصيرة جدا. نسجل أن هذه المجموعة القصصية القصيرة جدا ويمكننا المسك بملامح إنسانية أخرى للشخصيات ، تنبني على ثنائية الايجاب والسلب ،وكلما تعمقنا نذكر منها على سبيل المثال في قصة “منا” واكتسائها فيها اكتشفنا ملامح أخرى مختلقة وفق مبدأ هذه بالملمح الصوفي الإنساني ،بحيث تجسد القصة الثنائية ،وفي الأخير تكونت لنا صورة أن الكاتب الامتزاج بين كل شيء ،بين المطربين والجمهور “جمال الجزيري” يناشد بوجوب التمسك بالجانب والقلعة والتاريخ والتكامل بين كل مفردات الحياة ، الحكائي الشفاهي وبالأصالة وبالاهتمام بالأرض ففي منظور الكاتب أنه “لا بد أن تكون الشخصية والواقع والتراث والفن والموسيقى والسلم الوطني ذات معالم وملامح أيا كانت حتى نستطيع كقراء أن والتصالح ،ووجوب التمسك بالسرد الواقعي الأصيل نرسمها في أذهاننا ونتخيل الحدث حتى لو اختلف في القصة القصيرة جدا في مقابل رواج قصص شكل التخيل من قارئ لآخر ،وفي كل الأحوال لا الاغتراب الزائف وتفتيت اللغة ،وبالتالي فالكاتب بد أن ينبع التخيل من النص بناء على دلائل نصية يؤمن بضرورة الفن وأصالته وضرورة أن تكون الحروف متحققة بالفعل فيه ،وإلا ستخرج إلى إطار التعميم عفوية وحيوية وانعكاسا للحياة المرتقبة كحكايات والتجريد والتسطيح الذي هم من أشد الآفات فتكا النهر ،وأنه أحد الكتاب الذين ينادون بالاهتمام بالجانب الأصيل في القصة القصيرة جدا ،لذلك بالأدب وقضاءً عليه”. 42 فقصة “باب” توحي بأن المبدع لا بد أن يواصل كما تبرز المجموعة اهتمامها بالجانب الفني وتبرز في قصة “بجانبك” فعل التذوق واللاتذوق للموسيقى، مشواره مهما كانت المعوقات. أما قصتي “ابتسام /أصابع” هما قصتان مرتبطتان دفعة واحدة ،ولا وفق تسلسل خاتمة يبدو أن الكاتب ركز على زمني متتابع ،بل وفق تداخل زمني (ماضي /حاضر) ،ويتم عرض المشاهد في دقيقة أو “القطع المفاجئ” عند الانتقال من أكثر ولم يعلق عليها أو يخبر عنها تماما كما تفعل السينما، وهذا هو المبنى الذي شيد به عمله القصصي القصير زمن إلى آخر ،مع غلبة تقنية الاستذكار /الفلاشباك جدا في النموذج المنتخب ،وتبرز أهميته أكثر أن هذا في عرض المشاهد /الكادرات القصصية ،وقد استعار المبدأ السردي لم يلتفت إليه معظم كتاب القصة القاص هذه التقنيات من الفن السينمائي. القصيرة جدا في العالم العربي ،كما أننا توصلنا من ـ المجموعة القصصية تصور مشاهد مقتطعة من خلال هذه الدراسة إلى مجموعة من نتائج نجملها حياة المتكلم في القصة القصيرة جدا ،بحركات سريعة تركز أكثر على إبراز ملمح إنساني صادق في الآتي: ـ أحداث المجموعة القصصية القصيرة جدا لم تقدم عايشته ،وقد استندت على حبكة عنقودية في نقل 78
الحدث ،لكن شريطة ألا يقصي رؤى الشخصيات ذخائر هذه الوقائع الانسانية. الأخرى ،بل يجب عليه أن يجعل صوتها جنبا إلى ـ استعارت المجموعة القصصية القصيرة جدا فن جنب مع صوته ،ولعل هذه التعددية هي ما نادى بها المونتاج السينمائيللربط بين المشاهد المبتورة “ميخائيل باختين” وهي تنظير مسبق للسرد الجديد، التي أحدثتها المفارقات الزمانية بخاصة ،ويظهر وقد نجح “جمال الجزيري” بالفعل في نقل مشروعه هذا في أولى القصص القصيرة جدا التي وردت عبارة النقدي التجديدي عبر قصصه بأسلوب حداثي من عن متتاليات قصصية تقوم على تكسير السرد خلال توظيف التقنيات السينمائية في المجموعة في كثير من الأحيان ،ويبدو أن الكاتب تعمد ذلك القصصية القصيرة جدا ،لما لاحظ استفحال ظاهر لإبراز المنحى التجريبي الذي ينهض عليه السرد سلطة الكتاب في السرد وتسلطهم وفرض وجهات القصصي ،وقد استند على تقنية المونتاج السينمائية نظرهم في القصة القصيرة جدا بالخصوص ،وذلك كقوة متوارية في لصق/كولاج المشاهد القصصية، على حساب منظور الشخصيات ،وهذا ما انعكس ويتكثف العمل بهذه التقنية أكثر كلما تصاعد السرد سلبا على عملية التلقي فجعل القارئ مقيدا بالمنظور الذي ينقل كما كبيرا من لقطات مجزئة من حياة الأحادي للكاتب وسلطته القمعية. الشخصية أو السارد ،وبفضل المونتاج الذي يعد حلقة ـ القصص الأولى في المجموعة يمكن النظر إليها الوصل الخفية بين هذه المتتالية القصصية وباقي على أنها متتالية قصصية ،وضعها الكاتب بالأساس المجموعة المجزئة فيما بعد ،بفضله تم نسج الصورة لإبراز ِسفر تكوين المجموعة القصصية ومفهوم السرد بوجه عام ،فرأى أنه لا بد أن تكون القصص القصصية في ذهن القارئ بطريقة فنية وحديثة. التي نكتبها نابعة من حياتنا بشكل أو بآخر ،ولها ـ نقلت الأمكنة وفق غياب ذكر تفاصيلها مع تسجيل علاقة بالطين والأرض والإنسان والجذور ،وتتمثل تعددها وتنوعها داخل الخطاب القصصي ،وقد استعار حلقة الوصل بين هذه المتتالية القصصية وباقي القاص هذا الأسلوب من السينما التي تصور عدد المجموعة في قصتي“ :وفاء” و”آفاق” ،ففي وفاء نهاية للمتتالية على المستوى الظاهري ،وفي “آفاق” كبير من الأمكنة بصفة مختزلة. نقل للتقنيات والمضمون الخاصين بالمتتالية إلى ـ من خلال معاينة العوالم الفنية في الخطاب آفاق جديدة والتأكيد على أن القصص التالية عبارة السردي القصصي القصير جدا في مجموعة (فتافيت عن “لقطات” قد تتشكل بينها كل أنواع العلاقات الصورة ) نصل إلى أن القصص تعتمد على المشهد من تكامل وتباعد وتنافر وتماسك وترابط ،أي أنها باعتباره وسيلة السرد الأساسية ،ومن خلالها نادى مهما اختلفت ظاهريا فهي مترابطة بشكل أو بآخر ، “جمال الجزيري” بضرورة دمقرطة السرد ،ويرى و”الرحم” هنا يتعلق بالأرض والتربة والنهر والحبر أن الكاتب مطالب بأن ينقل رؤى الشخصيات من الذي يرمز للثقافة ،أي بالجذور والخصوصية الثقافية الخارج دون تدخل منه بأي تعليق ،هذا من جانب ،دون أن يؤدي ذلك إلى الانغلاق. إذا كان السرد منقول بضمير الغائب ،أما عندما يكون السرد منقول بضمير المتكلم فلا حرج أن ينقل الكاتب رؤيته ويعلق عليها بصفته مشار ًكا في 79
الهوامش - 1باحثة بجامعة العقيد الحاج لخضر -باتنة – الجزائر - 2جمال الجزيري ،فتافيت الصورة ،الهيئة العامة لقصور الثقافة ،القاهرة ،د.ط، .2001 - 3ولد جمال محمد عبد الرؤوف محمد الجزيري في 2أغسطس 1973بجهينة، محافظة سوهاج ،مصر .كاتب قصة وشاعر وروائي ومترجم وكاتب مسرح وناقد ودكتور جامعي .بدأ مشواره الأدبي في عام .1991تخرج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بسوهاج .1995حصل على الماجستير من قسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة 1998عن رسالة بعنوان “تحولات المنظور في شعر روى فولر ،”1961 – 1936ثم على الدكتوراه من قسم اللغة الإنجليزية بآداب عين شمس عام 2002عن رسالة بعنوان “جوانب السرد في شعر روجر ماكجوف .”1987 – 1967يعمل منذ عام 1999بقسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية بالسويس ،جامعة السويس بمصر وانتقل بعدها ليعمل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في نفس الجامعة ،ويعمل حاليا بقسم اللغات والترجمة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة بالمدينة المنورة .وقام في يناير 2014بتأسيس مجموعة سنا الومضة القصصية على الفيسبوك بالاشتراك مع الأستاذ عصام الشريف (مصر) والأستاذ عباس طمبل (السودان) ،وهي مجموعة تعني بشئون الومضة القصصية نظريا وتطبيقيا ونقدا وإبداعا .كما قام في شهر مايو 2014بتأسيس دار حمارتك العرجا للنشر الإلكتروني .وقام في أكتوبر 2015 بتأسيس دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني مع الأديب محمود الرجبي .بدأ نشر كتبه الأدبية في عام 2001بمجموعته القصصية فتافيت الصورة ،وقبلها بدأ نشر كتبه المترجمة عن اللغة الإنجليزية ،ومنذ تلك السنوات توالت أعماله في فروع القصة والترجمة والشعر والنقد الأدبي والرواية والمسرح ،بالإضافة إلى كتبه ودراساته باللغة الإنجليزية .وحصل على عدة جوائز في القصة القصيرة والشعر والنقد الأدبي. - 4عبد الرزاق الزاهير ،السرد الفيلمي ،قراءة سيميائية ،دار توبقال ،المغرب، ط ،1994 ،1ص .111 - 5جمال الجزيري ،الراوي غير المشارك و الاستبداد السردي ،قراءة في ومضة “أنفة” لأميمة العزيز ،مجلة سنا الومضة القصصية ،دارحمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،ع ، 7ديسمبر ، 2014ص .53 /http://www.diwanalarab.com - 6يوم 17/03/2017 :على ال س اع ة.15:00: - 7صلاح فضل ،لذة التجريب الروائي ،أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي ،القاهرة، ط ،2005 ،1ص .03 - 8محمد صابر عبيد ،حركية العلامة القصصية ،جماليات السرد والتشكل، المؤسسة الحديثة للكتاب ،لبنان ،ط ،2014 ،1ص .155 - 9للاستزادة ينظر ،جمال الجزيري ،مشهد جانبي ،سلسلة قصص قصيرة جدا ، دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،ط ، 1ماي .2015 - 10المجموعة القصصية ،ص.76 - 11المصدر نفسه ،ص.36 - 12جافين ميلار ،فن المونتاج ،تر أحمد الحضري ،الهيئة العامة المصرية للكتاب ،القاهرة ،د.ط ،1987 ،ص .13 - 13المجموعة القصصية ،ص.14 80
ذخائر - 14المجموعة القصصية ،ص.14 - 15سمير المرزوقيوجميل شاكر ،مدخل إلى نظرية القصة ،الدار التونسية للنشر، تونس ،ط،1د.ت ،ص .80 - 16المجموعة القصصية،ص.11 - 17المجموعة القصصية،ص 12 - 18المصدر نفسه،ص.13 - 19المصدر نفسه ،ص.17 - 20المصدر نفسه ،ص .21 - 21محمد نور الدين أفاية ،الاتصال والانفصال فيما بين الروائي والسينمائي، مجلة السينما العربية ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،العددان 3ـ ،4صيف/ خريف ،2015ص .127 - 22عالية صالح ،اللص والكلاب والتقنيات السنيمائية ،مؤتمر النقد الثاني عشر حول تداخل الأنواع الأدبية ،عالم الكتب الحديث ،الأردن ،ط ،2009 ،1ص .740 - 23المجموعة القصصية ،ص .40 - 24المجموعة القصصية ،ص .48 - 25المصدر نفسه ،ص .45 - 26المصدر نفسه ،ص .18 - 27المصدر نفسه ،ص .19 ،18 - 28المجموعة القصصية ،ص .51 - 29المصدر نفسه،ص .50 ،49 /https://ar.wikipedia.org/wiki - 30يوم 02/03/2017على الساعة .23:26 - 31ينظر فهرس المجموعة القصصية،ص 96ـ .97 - 32المجموعة القصصية،ص .25 - 33فاضل الأسود،السرد السينمائي ،خطابات الحكي ،تشكيلات المكان،مراوغات الزمن،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة،د.ط،2007،ص .196 - 34المجموعة القصصية،ص .89 - 35جمال الجزيري ،صيغة التعريف وحدود المنظور السردي ،مجلة سنا الومضة القصصية ،دار حمارتك العرجا للنشر الإلكتروني،ع ،6نوفمبر ،2014ص .41 - 36المجموعة القصصية،ص.17 - 37جمال الجزيري ،نص الومضة بين التخصيص والتسطيح ،مجلة سنا الومضة القصصية،دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،ع ،6نوفمبر ، 2014ص.43 - 38المجموعة القصصية،ص .20 - 39صلاح فضل،لذة التجريب الروائي،ص .5 - 40أشرف زيدان ،ومضة نقدية في ومضات جمال الجزيري،مجلة سنا الومضة القصصية،دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،ع،12مايو ،2015ص.62 - 41جمال الجزيري ،السرد بين الإنصات للشخصية واستبداد الراوي ،قراءة في بعض ومضات إيهاب عبد الله ،مجلة سنا الومضة القصصية ،دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،ع ،10مارس ،2015ص .27 - 42جمال الجزيري ،نص الومضة بين التخصيص والتسطيح ،دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،مجلة سنا الومضة القصصية ،ع ،6نوفمبر ،2014ص .42 81
قائمة المراجع .1أشرف زيدان ،ومضة نقدية في ومضات جمال الجزيري،مجلة سنا الومضة القصصية،دارحمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،ع ،12مايو. 2015 . 2جافين ميلار،فن المونتاج،ترجمة أحمد الحضري،الهيئة العامة المصرية ل ل ك ت اب،ال ق اه رة،د.ط.1987، . 3جمال الجزيري،فتافيت الصورة،الهيئة العامة لقصور الثقافة،القاهرة،د.ط.2001، .4جمال الجزيري ،الراوي غير المشارك والاستبداد السردي ،قراءة في ومضة «أنفة» لأميمة العزيز، مجلة سنا الومضة القصصية ،دارحمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،ع ،7ديسمبر .2014 . 5جمال الجزيري ،السرد بين الإنصات للشخصية واستبداد الراوي ،قراءة في بعض ومضات إيهاب عبد الله ،مجلة سنا الومضة القصصية ،دار حمارتك العرجا للنشر الالكتروني ،ع ،10مارس .2015 .6جمال الجزيري ،صيغة التعريف وحدود المنظور السردي ،مجلة سنا الومضة القصصية ،دار حمارتك العرجا للنشر الإلكتروني،ع ،6نوفمبر .2014 .7سمير المرزوقي وجميل شاكر،مدخل إلى نظرية القصة،الدار التونسية للنشر ،تونس،ط،1د.ت. .8صلاح فضل،لذة التجريب الروائي،أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي،القاهرة،ط.1،2005 .9عالية صالح،اللص والكلاب والتقنيات السنيمائية،مؤتمر النقد الثانيعشر حول تداخل الأنواع الأدبية،عالم الكتب الحديث،الأردن،ط.2009 ،1 . 10عبد الرزاق الزاهير،السرد الفيلمي،قراءة سيميائية،دار توبقال،المغرب،ط.1،1994 .11فاضل الأسود ،السرد السينمائي،خطابات الحكي،تشكيلات المكان ومراوغات الزمن،الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة،د.ط.2007، . 12محمد نور الدين أفاية ،الاتصال والانفصال فيما بين الروائي والسينمائي ،مجلة السينما العربية،مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،العددان 3ـ ،4صيف /خريف .2015 . 13محمد صابر عبيد،حركية العلامة القصصية،جماليات السرد والتشكل،المؤسسة الحديثة للكتاب،لبنان،ط.2014 ،1 /http://www.diwanalarab.com .14 /https://ar.wikipedia.org/wiki . 15 82
ذخائر 83
التناص في رواية “دروس في الحب والسعادة” لمحمد حجو دة .فاتحة تمزارتي* 84
ملخص حاولت هذه الورقة البحثية دراسة التناص ،دراسة تحليلية ،في رواية “دروس في الحب والسعادة” للكاتب محم ذدخائر حجو .من خلال تقديم إطار نظري للتناص ،قصد تقريب المفهوم من المتلقي عبر تحليل بعض النماذج التي تضمنها المتن الروائي؛ حتى نرى إلى أي حد كانت النصوص الأخرى حاضرة بقوة في جسد الرواية .وقد توسلت الرواية بهذه النصوص الدينية والنصوص الشعرية بغرض تحقيق بناء فني من جهة ،وبناء معرفي دلالي من جهة أخرى .فكان امتزاج هذه النصوص في العمل الروائي أمرا طبيعيا محيلا على الأطر الثقافية التي شكلت شخصية الكاتب الإبداعية ،والمصادر التي نهل منها مادته .كما سعى الكاتب من خلال هذا التناص الديني والشعري إلى إنتاج الدلالة التي يهدف إليها ،والتي يقصر النص الحاضر عن الإيفاء بها لوحده دون الاستئناس بهذا النوع من النصوص. Abstruct : This article tackles intertextuality in “lessons in love and happiness” novel written by Mohamed Hijo through samples that allow the reader to understand the analyti- cal framework and comparing it to other texts and their relatedness to the novel. It adopts the analytical approach to analyse and interpret the data. The novel under study encompasses religious and poetic texts for the sake of achieving an artistic and semantic construct. This piece of paper concludes that these blending texts shape creative side of the author’s personality and that through the religious and poetic intertextuality, he seeks to produce the sign he targets to. Keywords: intertextuality, novel, comparison. مقدمة تعد الرواية جنسا أدبيا كباقي الأجناس الأخرى ،له مكوناته وعناصره التي تميزه سواء من ناحية اللغة المستعملة أو من ناحية المحتوى أو المضمون ،أو من ناحية البناء العام لهذا النوع من الأنواع الأدبية .وتجدر الإشارة إلى أن الرواية مثلت في مرحلة من المراحل ولا تزال مرآة تعكس هموم الشعوب وآمالها .من هنا أصبحنا نتحدث عما يسمى الرواية الواقعية أو الرواية الاجتماعية التي حاولت أن تنقل صورة الإنسان الذي يعاني من القهر والظلم والاستبداد ،فلم تكن بذلك في منأى عما تعيشه هذه الشعوب من عيش بئيس ،وهدر للكرامة وحرمان من أبسط الحقوق .بل ومنها من رمت صاحبها إلى القبوع في غياهب السجون ليدفع ضريبة قول كلمة حق في زمن اتسم بسيادة القهر والاستبداد، حيث لعبت الرواية دورا في إيقاظ ضمائر الشعوب وحشد هممها واستنهاضها من أجل الثورة على واقعها وتغييره. ومادام أن الرواية موضوع الدراسة هي لكاتب مغربي هو محمد حجو ، 1فقد ارتأيت أن أتحدث عن خصائص هذا الجنس الأدبي في المغرب دون الحديث عن الرواية العربية ،وهذا ليس تجاهلا مني ،بل حرصا على التركيز على ما يهم عناصر الدراسة بالتحديد .وقبل ذلك سأطرق مفهوم الرواية للتعرف على الظروف والسياقات التي أنتجت هذا النوع من أنواع الكتابة الأدبية. 85
إن الرواية المغربية “تبدو الورطة محمد زغلول سلام بأنها “نموذج 1-مفهوم الرواية: أكبر ،ما دامت تمثل العطب فني يتصل بكثير مما يهم الناس المزدوج ،عطبها الخاص المتعلق مما يضمنه الفنان عمله” 5وهذا إن السؤال التقليدي الذ ُي يطرح بنشأتها ،وعطب تقليدها للرواية يجعل الرواية تجمع بين الشق ونحن نطرق موضوع الرواية ،هو المشرقية التي قلدت بدورها رواية الموضوعي المرتبط بهموم الناس ما الرواية؟ وهو سؤال شغل نقادا الغرب ،المبدع الحقيقي ،بلا منازع، ومعاناتهم ،والشق الشكلي الذي ومبدعين في الشرق والغرب، للرواية العصرية” . 7و”الواقع أن يحقق جمالية الرواية وإبداعيتها. مما يدل على مدى الإشكال الذي معظم الروايات المغربية ،وعلى ويظل لوكاتش أول من قدم تطرحه ماهية الرواية .فمنهم من الخصوص روايات البدايات ،هي طرحا متناسقا للرواية في كتابه يرى أنها“ :مؤلف تخييلي نثري روايات سير ذاتية بشكل أو بآخر، “نظرية الرواية” عندما ربط له طول معين ،ويقدم شخصيات حيث غالبا ما ينهل كاتبها من بينها وبين الملحمة واعتبرها معطاة كشخصيات واقعية يجعلها تجربته ،محاولا الاستفادة من ملحمة برجوازية ،ولكن الاختلاف تعيش في وسط ،ويعمل على ماضيه كما هو ،أو محورا بصياغة يكمن في كون الملحمة لا تشمل تعريفنا سيكولوجيتها ،بمصيرها، فنية ،تختلف من كاتب لآخر”. 8 سوى طبقة معينة وهي الطبقة وبمغامراتها” 2في حين نظر إليها أما فيما يخص الخصائص البنيوية الارستقراطية ،في حين تشمل عبد الفتاح عثمان على أنها “ التي وسمت الرواية المغربية في الرواية كل الطبقات وبالتالي انطباع شخصي مباشر للحياة، تلك المرحلة ،فتتأسس” على تستهوي جل أصناف القراء. وفي هذا بادئ ذي بدء تتلخص الحكاية ،والزمن الواحد المسلسل، والرواية في رأي باختين ،لا تخضع قيمتها التي تعظم وتصغر تبعا والراوي التقليدي المطلع والعارف لتعريف قار .ولا تلتزم بقوانين لحدة هذا الانطباع” 3و” الرواية بكل شيء ،والتعليمات المباشرة ثابتة بسبب تطورها المستمر، تصف الرجل العادي أي أنها والوعظ والخطابية ،وتدخل المؤلف وارتباطها بالواقع الذي يعطيها تأخذ مادتها من الواقع المعاش، بالتعليق على الأحداث والشرح”.9 وتعبر عن الأفراد العاديين الذين كما مثلت نصوص تلك المرحلة إمكانية التغير والتجدد6. نراهم ونتعامل معهم في حياتهم مرآة عكست الواقع المعيش وتأسيسا على ما سبق ،نقول إن اليومية” 4.من هنا تختلف الرواية وسعت إلى فضح تناقضاته الرواية لا تملك تعريفا جاهزا، عن الأسطورة التي تصف الكائنات وتشوهاته .ومن أهم روادها ،نجد واحدا ،مادام الواقع الانساني الغيبية تغوص في الخيال ،وهذا ما محمد شكري ومحمد زفزاف غير ثابت وغير نهائي ،فالرواية جعل النقاد والمبدعين ينشغلون ومبارك ربيع وعبد الكريم غلاب تظل أكثر الأجناس الأدبية ارتباطا بتحديد ماهيتها والبحث في وغيرهم .وركزت بشكل كبير بالواقع الانساني ،مما يطرح جذورها وأصولها ،مادامت تعتبر على المضمون على حساب أكثر الفنون الأدبية التصاقا صعوبة إيجاد تعريف قار لها. بالحياة الواقعية .لهذا يعرفها 2 -الروايةالمغربية: 86
ذخائر الجوائز المحصل عليها ،وكذا من الشكل بسبب الظروف الاجتماعية حيث الحصيلة الكمية والكيفية والسياسية التي طبعت الساحة الذي يقيد حركة البطل ويشل المغربية آنذاك .وقد حافظت حركته .منذ مستهل الرواية يتبدى المتحققة في هذا المجال.11 الرواية المغربية على نهجها تمرد على الصورة النمطية للذات الواقعي إلى حدود الثمانينات من عبر الانسلاخ عنها حيث تتشكل 3 -التعريف بالرواية القرن الماضي ،لكنها بعد ذلك موضوع الدراسة: ستعرف منعطفا نوعيا جعلها ذات أخرى غير ذات البطل. تصب اهتمامها على الشكل تعد رواية “ دروس في الحب مهملة بذلك المضمون .فلم تعد أ-ملخص الرواية: والسعادة” ثاني عمل روائي الرواية تلامس هموم الفرد وتسعى للكاتب محمد حجو ،بعد روايته لنقل مشاعره وانفعالاته ،بل عملت الرواية عبارة عن حوار بين أب الصادرة سنة ،1994والموسومة على تكسير النمط السائد (خطية وابن يتضمن دروسا في الحب ب “هلم شرا” .تقع في 152 السرد وتعدد الساردين) .كما والسعادة .وليس بالضرورة أن صفحة .وهي متن روائي يمتزج عملت كذلك على تكسير بنية يكون الابن هو من طلب من الأب فيه الواقعي بالمتخيل ،يخلق الزمن واستثمار التراث وغيرها من تلك الدروس ،فغالبا ما تكون فيه الكاتب حوارا بين شخصين المكونات الشكلية التي حددت العاطفة الأبوية منطلقا لبث هذا أو بالأحرى جيلين :جيل يمثله ملامح النص وطورته بشكل كبير. الأب وجيل يمثله الابن ،يكسر من “ولا يقل حضور تيمة الغرب في الفعل أو السلوك. خلاله الزمن المعتاد عبر استدعائه الرواية المغربية كما هو الحال تدور الأحداث في عوالم لا لأزمنة بعيدة وعوالم تنتمي إلى في الرواية المشرقية ،وهو ما يحصرها الزمان ولا المكان ،بل عالم الأسطورة يسبح فيه ويغوص ظهر جليا عند عبد المجيد بن تتحدى الحدود وتجوب بنا في لعله يجد ذاته ،بلغة تمزج بين جلون(في مرحلة أولى) في سيرته رحاب عالم التراب المدنس، الشعر والنحو والأسطورة والأدب الذاتية “في الطفولة” التي رسمت وتسعى إلى التخلص من قيوده والفلسفة ،مزيج يجعله يثور على لنا طفولة مقسمة بين مدينتين وتشوهاته الشخصية المحورية عالمه الواقعي ليتجاوزه إلى عوالم (لندن وفاس) متعارضين أشد لتأخذنا إلى العالم المائي الطاهر. يحفر وينبش فيها باستمرار التعارض” .10وعلى الرغم من فالابن يظل يطرح أسئلة لعله ليخرج مكنون النفس ،حيث كون الكتابة الروائية حديثة العهد يجد لها جوابا .كيف السبيل تنفجر طاقة الذّات الداخلية معبرة بالمشهد الإبداعي المغربي إلا أنها إلى التخلص من قذارة التراب؟ عما يختلج بداخلها من هواجس استطاعت أن تتبوأ مكانة محترمة والكاتب من خلال هذا الحوار تتملص من قيود الزمن والمكان. تتجلى من خلال حجم وقيمة الدائر بين الاب والابن ،يرسل لا تنحصر الرواية داخل إطار زمني رسائل إلى قرائه تقودهم نحو معين بل تنفلت منه وتجوب سبيل يخلصهم من ثقل التراب العوالم كلها في تجاهل تام للزمن الذي يقيدهم ويحرمهم من الحب والسعادة .يحضر هنا البعد الفيزيائي للكائن البشري حيث 87
فعلية أو شبهجملة .والعمل الذي إلى الاهتمام بالعنوان ،حدا جعلهم يشكل حاجزا أمامه يحجب عنه بين أيدينا يتشكل فيه عنوان يفردون له علما يحظى باستقلالية الطهر والصفاء والنقاء. الرواية على المستوى التركيبي تامة ،وهو علم العنوا”ن”�Titrolo ”gieوالذي أسهم في تأسيسه ب-عنوان الرواية من جملة اسمية تتكون من: ورسم حدوده كل من :جيرار -مبتدأ محذوف تقديره هذه جنيت G .G e n e t t eو هنر ي لعل أول ما يشد الانتباه في +خبر +جار ومجرور +اسم م ت رانH.Metterandول وس ي ان أي متن روائي كان ،هو العنوان ك ول د م ان L .G oldmanوش ارل لما يحمله هذا العنصر من دلالات معطوف ﮔريفلCH.Grivelوروجر روفر تمكننا من سبر أغوار المتن “ دروس في الحب والسعادة “ RogerRoferول ي وه وي ك Leo الداخلية ،ولما يمتلكه بوصفه جملة اسمية تحمل من الدلالات بنية لا تنفصل عن خصوصية ما يدفعنا إلى التوقف عند كلمة .Hoek العمل الأدبي من قدرة على “دروس” .فاللفظة توحي لنا بوجود وإذا نظرنا إلى معظم ال ّدراسات جذب القارئ وشده .فهو نواة شخصية متمرسة في المجال ،أو التي اشتغلت على مقاربة العنوان الحكاية ومحورها الأساسي”: على الأقل لديها خبرة وتجربة سندرك بشـكل واضح الأهمية فالعناوين لا تحمل نفس الدلالة في الحياة ما يجعلها قادرة على الكبيرة التي يحظى بها بوصفه فمنها من يأتي مباشرا يحيل تقديم هذه الدروس .فهل هي “ نصا مختزلا ومكثفا ومختصرا على محتوى البعد التاريخي شخصية حكيم أم شخصية معلم “ 13له علاقة مباشرة بالنص الذي والسياسي والاجتماعي...أما غير أم مجرد شخصية أب يوجه نصائح وسم به .ويعرفه ليوهـوك بأنه “ المباشر فتركيبه مجازي استعاري وتوجيهات في شكل دروس لابنه. مجـموع العلامات اللســانية بحكم الشاعرية التي يتسم بها وهما شخصيتنا محوريتان في (كلـمـات مفردة ،جمل ،نص) الرواية كما سنرى في مبحث التي يمكن أن تدرج على رأس العنوان” .12 نصه لتحدده وتدل على محتواه فالعنوان عنصر من أهم العناصر لاحق. العام وتعرف الجمهور بقراءته”14 المؤثثة للنص الروائي ،وهو يحل انطلاقا من الوصف الخارجي ،يبدو فالعنوان يشكل مفتاح النص محل النص من حيث قوته وسلطته جليا أن هناك انسجاما بين شقي ومدخله الأساس قبل أي عنصر التي يفرضها على القارئ .هذا العنوان ،لأن الدروس قد نتلقاها إلى جانب وظيفته المتمثلة في في الحب والسعادة ،لما لا؟ فلا آخر من عناصر بنائه. الكشف عن طبيعة النص وفك غرابة إذن في دلالة العنوان .لكن تتخذ العناوين بنى تركيبية مغاليقه .حيث يسهم في توضيح السؤال الذي يطرح ،هل عبر مختلفة غالبا ما تنحو نحو هذه دلالات النص ،ومن خلال العنوان هذا العنوان بالفعل عن مضمون الصيغة :مبتدأ +خبر وقد يأتي يمكننا استخلاص طبيعة كل إبداع الرواية؟ وانسجم مع مضمون المبتدأ محذوفا والخبر جملة العمل الروائي؟ الجواب نجده أو عمل. وقد سعى الدارسون في الغرب 88
ذخائر تنتميالرواية إلى جنس متضمنا في كل ليلة من ليالي الأدب الرمزي لهذا فهي لا تقدم الحكي التي تسردها وترويها تنفلت من عنصري الزمان والمكان شخصيات تقليدية حقيقية بقدر الرواية على لسان الأب (الشخصية ال ف ي زي ائ ي ي ن. ما تقدم نماذج إنسانية تتميز بالذهن المتوقد والمعاناة ،إذ هي ال م ح وري ة). د -لغة الرواية: في صراع دائم مع نفسها ومع العالم الخارجي ،والكاتب يجسد ج-شخوص الرواية: ي ع ت ب ر ال م ن ظ ر ال س وي س ري ف ردي ن ان د هذا الصراع من خلال ما يحكيه دي سوسير ()1857-1913 البطل عن عالمه ومن خلال تلعب الشخصية دورا أساسيا مؤسسا لعلم اللغة الحديث ،منذ الأوصاف التي يحيلها إليه ،أما في بناء النص الروائي ،فهي تشكل أن وضع الحدود بين اللسان واللغة الشخصيات الأخرى فهي عوامل المحور الذي تدور حوله الأفكار والكلام .ثم جاء دارسون وباحثون ومنبع المعاني والمجال الذي تدور من بعده وطوروا هذا العلم ليصبح مساعدة على إبرازه وتألقه. فيه الأحداث ،وبدون هذا العنصر مجموعة من العلوم والنظريات. تعد شخصية “ الأب” الشخصية الروائي يسقط هذا الجنس وقد منحت هذه الأبحاث أهمية المركزية في هذه الرواية ،إنه البطل الأدبي في مغبة الدعاية المباشرة كبيرة لدور اللغة في مجال الذي يتبلور السرد حوله من خلال والوصف التقريري وهذا ما أكده المنطوق والمكتوب ،وفي مجال تبلور الأحداث؛ بحيث نجد أن آرنولد بقوله ”:إن أساس الرواية التنظير الأدبي .ولقد كان لتطور الكاتب يرصد كل الحوارات التي الجيدة هو خلق الشخصيات ولا الرواية الحديثة في الغرب الدور لها علاقة بالبطل .وتظل السمة الفاعل في تطور دراسة المستويات الغالبة على شخصيات الرواية أو شيء سوى ذلك”. 15 بالأحرى الغالبة على خطابها ،هي وقد أكد عبد الملك مرتاض على اللغوية في الرواية الحديثة. أنها تتحدث بلسانها ،فخطابها ذلك قائلا “ :تتعدد الشخصية وتعد اللغة عاملا هاما في بناء تلفظي .أما على مستوى حركية الروائية بتعدد الأهواء والمذاهب الرواية .فهي الوعاء الذي يحمل الشخصيات فنسجل نوعا من و ا لأيديو لو جيا ت و ا لثقا فا ت جميع العناصر الروائية كالمكان الجمود والانحسار في مكان محدد والحضارات والهواجس والطبائع والزمان والشخصيات والسرد لا يتغير مع مضي الليالي التي البشرية التي ليس لتنوعها ولا والحوار والوصف .والحامل لأفكار عنون بها الكاتب محاور روايته. الروائي ومضامين كتابته ،وهي فلا تخرج الشخصيات عن الإطار لاختلافها من حدود”16 أشبه بالريشة التي يستعملها الذي حدد لها مسبقا(البيت)، وتشكل الشخصية الروائية علامة الرسام ،وبالنوتة التي يستعملها إلا عبر العوالم التي يستدعيها لغوية تلتحم بباقي العلامات الموسيقي .كما تمثل في نظر الكاتب في متنه ،وهي عوالم اللغوية لتنتج تركيبا رصينا باختين “ التنوع الاجتماعي ومحكما .وترتبط الشخصية للغات” .17وبما أن الرواية جنس بفضاء زماني ومكاني محدد ،كما أدبي مرتبط بالواقع ،فإنها توظف تذعن لسياق يسهم في إبرازها مختلف الأشكال اللغوية. وظ ه وره ا. 89
صيد مع رفاقه يطارد فريسة، تجربته السردية .من هنا استدعى وتنتمي الرواية موضوع الدراسة وفجأة شعر بالعطش ،فجلس على الأسطورة اليونانية الشهيرة، إلى صنف “الرواية الرمزية” التي حافة غدير ،دون أن يعلم أن هناك المتعلقة بزهرة النرجس ،من خلال تتطلب لغة خاصة (أو تعاملا عين ترقب حركاته وسكناته عن تكرار هذا الرمز في مواقع كثيرة خاص مع اللغة) تكمن في التعبير بعد ،فقد كانت هناك فتاة على عن الأجواء النفسية المعقدة، حافة الغدير تدعى “إكو” (إحدى من الرواية ،يقول الكاتب: وتعتمد على الإيحاء ،فهي أقرب الفتيات المعجبات به) ،والتي كانت ”-للنرجس حكاية طويلة ،طويلة إلى الشعر المنثور لما تحمله تحبه حبا جما رغم أنها تقل عنه جدا .أما حكاية تاريخ النرجس من شحنة إيحائية للتعبير عن جمالا ،وهامت بحبه حتى سقمت فهي أطول .كيف أقول لك..؟ الحالات النفسية المعقدة .كما ومرضت .وكابدت وصبرت حتى النرجس كائن يلتقط أنفاسه ولا يظل الرمز أقدر على التعبير أضناها هذا الحب وجعلها تذبل ينبعث منه شيء.النرجس ماء.. والبوح بالمشاعر المختلجة شيئا فشيئا حتى فارقت الحياة. ومرآة ...وتيه..وعشق لا ينكسر. بالدواخل ،وترجمة أسرار النفس غير أن الآلهة (بزعم الأسطورة) لم النرجس عبادة من الداخل .وتاريخ وعدم فضح مكنوناتها بشكل تترك نركسيوس دون عقاب ،لذلك النرجس غطيط الكلمة وتجمد مباشر وصريخ ،وهنا يحضر البعد كانت نتيجة هذا الحب الذاتي أن الجمالي لهذا اللون من الكتابة. أصيب الفتى بالجنون وفقد عقله، النطفة في رحم الأيام.18“ .. فاللغة العادية تعجز عن التعبير من فرط تردده على البركة المائية، والكثير من الناس يسمعون بزهرة مثلما يفعل الرمز ،الذي يستطيع حتى افتتن بنفسه وعشقها .ومن النرجس فيعجبون بشكلها أيما نقل مشاعر الذات المرسلة ،بشكل فرط ذلك العشق قفز في الماء إعجاب ،دونما معرفة بسبب تدريجي ل ُا يذهب إبداعية العمل ليمسك صورته ولكن مصيره وجودها ولا استكناه شكلها المائل ولا جماليته .من هنا فقد استعمل كان الغرق فمات .فظهرت مكانه ونظرتها الحزينة ،وهي صورة الكاتب الماء بوصفه يرمز إلى عالم زهرة سميت باسمه “نرجس”. طبق الأصل عن هذه الأسطورة الصفاء والنقاء والبراءة الذي تنتمي فصار على إثر هذه الأسطورة ،كل التي تحكي قصة شاب يوناني إليه شخصية الابن ،في حين من يفتتن بجسده أو نفسه ،أو يدعى “نركسوس” الذي كان استعمل رمزية التراب للتعبير عن مولع بحب الذات أو عبادة ذاته، فائق الجمال وكان هو مدركا الخسة والقذارة والانحطاط الذي أو إصابته بالأنانية ،يسمى شخصا لذلك الجمال الذي حباه الله به، يتسم به العالم الذي ينتمي إليه نرجسيا ،وينعت في عرف مدرسة فكان شديد التباهي بنفسه ،يصد التحليل النفسي ،بـــ”شخصية كل من يعجب به ،لكن مع مرور الأب(العالم السفلي). نرجسية” .وقد تم استدعاء هذا الأيام خرج “نركسوس” ،الابن ينزع الكاتب إلى الاستلهام من المدلل لنهر “كفيسوس” وزوجته المعين الرمزي والأسطوري لإثراء “ليروبي” (حورية النهر) ،في رحلة 90
ذخائر والترادف ،والمشترك وغيرها .من المتن الأسطوري في الرواية، هنا اتسمت لغة الرواية بكونها لغة بغرض تحذير الابن من هذا النوع اعتمد الحوار بشكلٍ مطلق لبناء اشتقاقية بامتياز ،وقد تكرر هذا من الشخصيات التي سيصادفها روايته .وقد يعتمد بعض الكتّاب الاشتقاق في عدد من صفحات كثيرا في عالم التراب .وبشكل على الحوار في بناء فصول بعينها، الرواية .حيث نجد الكاتب أورد عام فالشخصية النرجسية هي من دون أن يكون له الحيّز كله. شخصية مرضية يصعب التعامل عمدت الرواية إلى أسلوب كلمات كثيرة من قبيل: معها بشكل عادي وطبيعي، الحوار منذ الوهلة الأولى ،وحتى ”-لم أقل شيئا ،كنت أكمكم فقط. فهي شخصية تتسم بالأنانية النهاية في قالب سردي ماتع. -وهل الكمكمة هي أن تقول كلاما والغرور المفرطين ،كما تتسم وقد صاغ الكاتب لغة الحوار بالحسد والغيرة ،ولديها اعتقاد بالفصحى .وشكل أسلوب الحوار لا يفهم؟ بأنها شخصية متميزة ولا ينبغي ركيزة استند إليها العمل واستنطق -ربما يكون كذلك، أن تتعامل إلا مع من هم مثلها. عبرها الشخوص للكشف عن كالجمجمةوالقمقمة العربية. وهي شخصية قد تودي بصاحبها مكنوناتهم النفسية ورواية ولكن الأمر هنا غير ذلك ،لم إلى فقدان العقل أو الموت بشكل حكاياتهم الإنسانية .كما مثل أجد من أكلمه فكلمت نفسي ،أو هذا الأسلوب أيضا النافذة الرئيسة كمكمتهاكماما ،أقصد كلاما ،لا م ف اج ئ. التي من خلالها حاول الكاتب إبراز ومادامت العلة التي من شخوصه ،ودفعهم إلى البوح عن ُ يعير للمعنى اهتماما19”. أجلها ُوجدت اللغة هي أدا َء الفهم خوالج الصدر في حوار دار بين المتبادل بين المتخاطبين بها، الأب وابنه ،حيث يلقن عبره دروسا ز -أسلوب الرواية: فإن هذه الغاية تلزمها أن تتموضع في الحب والسعادة .حيث سعت في جميع مسالكها لتحقيق الشخصية المحورية “الأب” إلى لا شك أن الحوار ركن أساسي تكامل الدلالة ،وقد أسهم دخول استعمال أسلوب حواري راقٍ يتكلم تتشكل عن طريقه ملامح مستجدات على عالم الإنسان فيه عن كل المحاذير التي يرغب الشخصيّة ،وتكتسب المواقف في البحث عن كيفيات في اللغة تجنيب ابنه إياها ،في مقابل حثه ق ّوة الإقناع والتأثير.ومن إحدى ُت ِعينه على التعبير عن هذه على التمسك بجملة من القيم، الإشكاليّات أو التحدّيات التي الأشياء بصورة كاملة وواضحة، وفتح عينيه على السلوكات التي تواجه الروائ ّي ،كيف ّية التعامل لهذا كانت الحاجة ملحة إلى مع اللغة ،وكيفية إجراء حوار بين الزيادة في أصول مفردات اللغة، تَ ِسمُّ عالم التراب. الشخصيات ،وهل يعتمد اللهجات فسعى الإنسان إلى وضع وسائل إن التوفيق في كتابة حوار وحدها أم الفصحى أم يزاوج بينهما لذلك ،فكان الاشتقاق ،والتركيب، يكون مقنعا ومناسبا للشخصيات لتكون هناك لغة وسطى .يقلص المتكلمة به ،وإسهامه في رسم من خلالها الفجوة بين الشخص ّية وعالمها الروائيّ ،والقارئ وعالمه الواقعيّ .وهناك من الروائيّين من 91
ونصوصهم ،قام النص الجديد منتصف الستينات من هذا القرن معالمها ،وكذا توظيفه توظيفا تقنيا بهضمها وتمثلها وتحويلها ،فلا في أبحاث متفرقة نشرتها الناقدة يخدم البناء السردي للمتن ،لهو وجود لكلمة عذراء لا يسكنها جوليا كرستيفا في مجلتي تيل- أمر صعب تحققه إلا لمن كانت له صوت الآخرين ،باستثناء كلمة دربة وباع طويل في ميدان الكتابة آدم ،كما يرى باختين 24.كما كيل وكرتيك في فرنسا”.20 والإبداع .وقد عبر الكاتب عن يرى الكثي ُر من الدارسين حتمية وتوحي كلمة “ التناص” بوجود مهارة وحرفية عاليتين في كتابته التناص إزاء كل نص ،واصفينه تفاعل أو تشارك بين نصين للمتن الروائي بشكل عام وكتابة بأنه “قانون النصوص جميعا”25 باستفادة أحدهما من الأخر ولعل الحوار بشكل خاص؛ كما أبان عن وأن “كل نص هو تناص”26 ذلك ما جعل النقد يركز على كشف حس فني أثبت من خلاله قدرته ويعني أيضا النص المتعدد الذي حيثياته في الثقافة العربية قديما على تحقيق المواءمة بين الحوار “يتوالد في الآن عينه من نصوص والثقافة الغربية حديثا ،وهي التي وطبيعة الشخصيات ،وخلوه من عديدة سابقة عليه” 27فالتناص أنتجت هذا المصطلح بصيغته أي تكلف يذهب بجمالية العمل من وجهة نظر جوليا كريستيفا الحالية “”intertextualité وإبداعيته .ولم يشكل الحوار غاية هو “التقاطع داخل نص لتعبير ولا يختلف هذا التعريف عما في حد ذاته بل وظفه الكاتب مأخوذ من نصوص أخرى ”28وقد ذهبت إليه كريستيفا في قولها بحسبانه وسيلة لتبليغ العديد من ظهر هذا المفهوم عند الدارسين إن “ :النص ترحال للنصوص الأفكار لتلبية حاجة الإبداع نفسه. بمسميات مختلفة فنجد باختين وتداخل نص في فضاء نص معين يعرفه بمصطلح”الحوارية” ،في تتقاطع وتتنافى ملفوظات عديدة 4-التناص في حين يركن عماد عبد اللطيف إلى مقتطعة من نصوص أخرى”21. الرواية: مصطلح “التظفير الخطابي” وهي ومنذ أن قامت الناقدة جوليا كلها مسميات لمفهوم واحد هو كريستيفا بصياغة مصطلح بعد انطلاق العديد من التناص تحول هذا المصطلح إلى المحاولات لتعريف مفهوم النص “ال ت ن اص”. هاجس هيمن على كل الدراسات وبعد تناول النقاد للنص بمفهومه تنفتح الرواية على نصوص الأدبية والثقافية ،التي تناولته الجديد کان لابد أن يظهر مفهوم وخطابات متعددةتنتمي إلى عوالم بشكل عملي كل الاتجاهات جديد يتصل بالنص وهو “التناص”. مختلفة تتداخل وتتشابك فيما النظرية 22.وقد أشارتإلىأنصاح وحينما نسمع مصطلح “تناص” بينها مشكلة بناء سرديا جديدا ب ال ف ض ل ف ي وج ودال ظ اه رةه وم ي خ ائ يتبادر إلى ذهننا مباشرة مجموع مستح َدثا .فالنص لا يتأتى له يل باختينفيمجموعةمنكتبها. 23 التفاعلات التي تتحقق بوجود أن يؤسس كيانه إن لم يستدعِ والنص الأدبي أي ًا كان جنسه ،هو تداخل وتشارك بين نصين أو أكثر. خطابات مغايرة وأنماط متنوعة أيضاً مجموعة من أقوال الآخرين وقد ظهر مصطلح التناص حديثا في تاريخ النقد الأدبي تحديدا في 92
ذخائر تتضمن العبارة تناصا مع الآية من الكتابات الأخرى(الدينية رقم 13من سورة الحجرات والأسطورية والتاريخية والتراثية). الإنسان لأخيه. والتي يقول فيها الحق عز وجل وهذا التعدد والتنوع والامتزاج في النموذج الثاني يستحضر َ“يا ُّ َأيهَا النَّا ُس ِإ َّنا خَ َلقْ َناكُم مِّن والتداخل هو الذي يمنح للعمل الكاتب آيتين من سورتين ذَكَ ٍر َوأُن َثى َوجَ َع ْلنَا ُك ْم شُ ُعوبًا البعد الإبداعي والجمالي ،ويخرج مختلفتين من القرآن الكريم في وَ َقبَا ِئ َل لِ َت َعارَفُوا إِ ّنَ أَكْ َر َم ُكمْ ِعندَ الرواية عن نهج الأحادية في سياق كلامه عن سلوك الفرد الذي اللَّهِ أَتْ َقاكُمْ إِنَّ ال َلّ َه عَلِي ٌم َخبِيرٌ”. الخطاب ،ونمط الكتابة المنفردة. يسمه الحقد والحسد وعدم حب أحدث الكاتب تكييفات بالحذف وسنقدم بعض النماذج التطبيقية على الآية الأصلية كما هي في من خلال رواية “دروس الحب الخير للغير .فيقول: مقطع “ خلقكم الله من ذكر وأنثى والسعادة” حتى نرى إلى أي حد “ -بينما يغلي صدره نارا من وجعلكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” كانت النصوص الأخرى حاضرة شر ما حسد ومن شر النفاثات في حيث استعمل الفعل “خلقكم” العقد ،ومن شر ما كذب ومن شر عوضا عن الفعل “خلقناكم “ بقوة في جسد الرواية. ما كسب ،تبت يداه كما تبت يدا ليقوم بنوع من التحوير للمقطع الموالي من الآية في قوله “ وجعل أ -التناص الديني: أبي لهب”30. أكرمكم عنده أتقاكم”” عوضا عن --القرآن الكريم: يتضمن النموذج تناصا مع سورة الآية الأصلية “إن أكرمكم عند الله “الفلق” وسورة “المسد” ،وينقل أتقاكم” ،مغيرا في المقطع الأول يستلهم الكاتب طائفة من الكاتب مسارات توظيف هذا النص والأخير وتاركا المقطع الأوسط النصوص التي تنتمي إلى الحقل القرآني في سياق وصفه الشخص كما هو ،حيث أسقط جملة النداء الديني والتي تحيل على آي “الديماغوجي” وجوابه عن سؤال التي تصدرت الآية “يا أيها الناس القرآن الكريم .غير أنه يصيغها الابن حول سلوكيات وتصرفات هذا إنا خلقناكم” ليعوضها بالفعل في نسيج خطابه الروائي ،دون النوع من الشخصيات .حيث ربطت “خلقكم” مع حذف لحرف التوكيد استحضار للآية كاملة ،بل يقتطع الروايات بين سمات الديماغوجي “إ ّنا” مما أدى إلى تحويل الجملة منها جزءا ،تارة محافظا عليها في والسمات التي ساقتها سورة من جملة نداء إلى جملة فعلية. صيغتها الأصلية في مقطع وتارة الفلق للحاسد ،وكذا السمات من هنا يمارس كل تناص عملية متصرفا فيها في مقطع آخر .ومثال التي ساقتها سورة “المسد” ،لأبي استدعاء واستبعاد تتماشى مع لهب ،فنجدها شخصية انتهازية سياق حديث الراوي عن قصة ذلك قوله: وصولية ،تتصف بالحقد والكذب هابيل وقابيل التي تتكلم عن كيد “ -هكذا نحن/أنتم بني والشر .وهذا سبب تناص الرواية الإنسان ،خلقكم الله من ذكر مع آي القرآن ،وهو تناص بالحذف وأنثى وجعلكم شعوبا وقبائل حيث اك ُتفيَ فيه بذكر آية من سورة لتعارفوا ،وجعل أكرمكم عنده الفلق وهي الآية الثالثة ،والآية أت ق اك م”29 93
ذهبت أخلاقهم ذهبوا ،والخير بهي مقبل على الحياة ،قلب الأولى من سورة “المسد” .وقد في الناس إذا جبروا ،والشر فيهم مسبح ،ومتعبد متعوذ .وهناك اختارت الرواية هذا التناص لقوة سبب آخر وراء هذا الاختيار وهو حجيته بحسبانه نصا قرآنيا لا مجبول وإن قبروا34”. رغبة الأب في تعريف ابنه بأهمية يقبل التكذيب أوالمراجعة ،ولإقناع إن اهتمام الشخصية الرئيسية ودور هذه السورة في حفظ الإنسان المتلقي بفظاعة شخصية الحاسد في الرواية “الأب” بالبناء وتحصينه من وسوسة الشيطان، وحثه على رفضها وعدم تقبلها، الأخلاقي للابن وحرصه على ومن شر الناس .وهذا لعمري ولقوة الوصف الذي ساقه القرآن حُسن تربيته ،والاعتناء بتوجيهه ممن يتنامى تاريخه وتكبر حياته الكريم لهذا النوع من السلوكيات وتثقيفه وتوعيته ،وتلقينه المبادئ وتنمو كما جاء على لسان الابن والأخلاقيات المنبوذة طبعا من لدن والقيم والأخلاق عبر الدروس التي يقدمها له على مدى صفحات في الرواية.32 الخالق والناس على حد سواء. الرواية ،هو الذي دفع الكاتب إلى أما النموذج الثالث ففيه تناص تضمين عبارته تناصا مع بيت ب -التناص الأدبي: مع سورة الناس التي لم يخضعها حافظ إبراهيم ،دون إدخال أي - -الشعر الكاتب لأي حذف أو تكييف به ،بل تعديل أو حذف ،بخلاف كسره احتفظ بها كما هي .يقول الراوي: النظام العمودي للبيت ،وسوقه من أنماط التناص الأدبي في الرواية “ -ويكبر بالقلب في مراتع في شكل نثر عوض الاحتفاظ استدعاء الكاتب لبعض النصوص البهاء ،وتعاويذ الشعر في جفون في شكله الشعري .كما ضمن الشعرية الحديثة المحايثة الحسان ،في أناشيد الصبايا عبارته أيضا بيتا لجبران خليل لنصه ليحاورها ويعزز بها كلامه يخبلن موسيقى اللغات فوق جبران من قصيدته “المواكب” ودروسه التي يلقنها الأب للابن- مرايا الماء ،في تسبيح المتعبدين التي تعد من عيون الأدب العربي الشخصيتين المحوريتين .-ففي الحديث بمعانيها ومفرداتها الرواية تناص صريح بيت شعري ال م ت ع وذي ن: والتي تدعو إلى أسمى درجة من لجبران خليل جبران من قصيدته أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، درجات الحب والخير ،وقد ساق “المواكب” ،وتناص آخر مع بيت بسم الله الرحمان الرحيمٌ ،ق ْل الكاتب البيت بغرض التأكيد على شعري مشهور لأحمد شوقي،33 َأعُوذُ ِبرَبِّ النَّا ِسَ ،م ِل ِك ال َّنا ِسِ ،إلهِ أن النفس البشرية ستبقى دائماً ال ّنَاسِ ،مِنْ َشرِّ الوَ ْسوا ِس َا ْل ُخنَّاسِ في هذا التنازع بين الخير والشر، يقول الكاتب: اَل ِّذ ُي يوَ ْسوِسُ فِي صُدُو ِر اَل َّنا ِس، بين الفجور والتقوى .فلا يوجد في “ -أما خطو بناء الإنسان ،فصناعة الكون إنسان خي ٌّر بشكل مطلق، بذور الجمال في نفس كل فرد مِ َن َالْ ِج ّنَةِ وَاَل َنّاسِ”31 ولا إنسان يكون شريرا بشكل فرد ،ليمتلئ نهر الخير جماعات وقد اختار الكاتب هذا التناص مع جماعات ،فيفيض الحب أمما أمما سورة “الناس” ،في سياق حديث تؤتي معروفا وتنهى منكرا ،وإنما عن صنف من الناس يتمتع بقلب الأمم الأخلاق ما بقيت ،فإن همو 94
ذخائر من خلال استحضار بيت شعري مطلق ،إلا الأنبياء فهم المعصومون للمتنبي ،من قصيدة “ لكل امرئ عليهم السلام. من مائتين وثلاثة أبيات ،تنقسم من دهره ما تعودا” ،من خلال قول إلى وحدات تتناول مواضيع وقد تضمنت الرواية بيتين مختلفة ،والمواكب هي مواكب ال ك ات ب: شعريين ينتميان إلى مدرستين الناس في حياتهم الشائكة ”-إذا أنت أكرمت الكريم شعريتين مختلفتين ،فحافظ وطباعهم الزائفة ومعتقداتهم ملكته==== وإن أنت أكرمت إبراهيم يحسب على مدرسة البعث الخاطئة .ومن بين هذه المواضيع والإح ي اء وه و اس م ي ط ل ق ع ل ى ال ح رك ة نجد :الدين ،والعدل ،والعلم، ت م ردا”36 الشعرية التي ظهرت في مصرفي والسعادة ،والحب ،ووصف الطبيعة فالمتنبي تحدث في هذا البيت أوائل العصر الحديث،والتزم فيها عن نوعين من الناس ،نوع يقابل الشعراء بنظم الشعر العربي على المثالية للبنان. الاحسان بالإحسان ،ونوع آخر النهج الذي كان عليه في عصور ويتضمن البيت توجها مختلفا عن جاحد يقابل المعروف بالغدر ازدهاره ،منذ العصر الجاهلي حتى المعنى في البيت السابق الذي والخيانة والاساءة ،لهذا ليس العصر العباسي .في حين ينتمي حذر فيه الأب الابن من نوعية من الصحيح التعامل مع الناس جبران خليل جبران إلى مدرسة محددة من البشر ،لكن يتوافق بمختلف نوعياتهم بالتعامل شعراء المهجر التي دعتْ في مع ما في بيت جبران الذي يحث الانساني الراقي ،فهناك نوعية من أ ّول الأمر إلى الثورة علي أوضاع فيه على استقبال الحياة بالغناء البشر يحسبون الكرم في التعامل الوطن المختلفة ،والبحث عن والفرح والسعادة وترك كل ما ضعف ًا ،ويتوقعون ان التواضع اقلال الح ّق والصّدق ،والخير والجمال، ينغص علينا صفاءها وهدوءها من القيمة.وقد أورد الكاتب البيت، والحرّية والعدل في بلاد المهجر، وضمن عبارته هذا التناص في ولكنهم بعد العجز عن تحقيق ج ان ب ا. السياق نفسه ،حتى يحذر ابنه هذه المعاني في عالم الواقعَ ،بنَوا وتجدر الإشارة إلى أن المتن من الصنف الأخير الذي سيصادفه الروائي غني جدا بأنواع أخرى من كثيرا في عالم التراب .ليسوق بعد المدينة الفاضلة في خيالهم. التناص ،منها التناص الأسطوري ذلك بيتا آخر لا يتوافق مع المعنى وتمثلت “قدرة الكاتب في توظيف والتناص القصصي ،الذي ينفتح الخطاب الشعري توظيفا فنيا فيه الكاتب على عوالم تنتمي السابق فيقول: متناغما مع نسيج بنائه اللغوي إلى الزمن البعيد .والمساحة “ -اعطني الناي وغن=== واستثمار ما فيه من طاقات البحثية لا تسمح بطرق كل هذه إيحائية وإشارات غنية واضحة الأنواع ،لهذا فالفرصة سانحة فالغنا سر الوجود”37 تع ّبر عن تجربته وتصوراته”35 أمام باحثين آخرين لدراسة هذه وهو بيت مقتطف من قصيدة .حيث وظف الموروث الشعري النماذج والوقوف عليها في المتن “المواكب” لجبران خليل جبران، وهي قصيدة رمزية طويلة تتكون ال م دروس. 95
الكاتب لمثل خاتمة سعت هذه هذه النصوص الدراسة إلى الدينية والأدبية تقديم إطار في روايته سيدعم نظري للتناص، ا لنص بجو ا نب وتقريب المفهوم من مختلفة قوية ،وسيضفي المتلقي عبر تحليل بعض على المتخ ّيل السردي النماذج التي تضمنها المتن طابعا واقعيا ،هذا بالإضافة إلى الروائي .وقد توسلت الرواية سعيه لترسيخ الأبعاد الجمالية بهذه النصوص الدينية والنصوص في الرواية .مما يجعل للنص نكهة الشعرية بغرض تحقيق بناء فني من وجمالية لدى المتلقي مادام سيربطه جهة ،وبناء معرفي دلالي من جهة أخرى. بجذور معينة سيستمتع بها خلال عملية ف ك ان ام ت زاج ه ذه ال ن ص وص ب ال ع م ل ال روائ ي أم را تلمسه لها .فلا مناص إذن للمبدع من التعالق، طبيعيا محيلا على الأطر الثقافية التي شكلت شخصية الكاتب الإبداعية ،والمصادر التي نهل تعالق النصوص فيما بينها ،وهو تعالق قد منها مادته .كما يسعى الكاتب من خلال هذا يتحقق بين الماضي والحاضر كما قد يتحقق التناص الديني والشعري إلى إنتاج الدلالة بين نصوص تنتمي إلى الحقبة الزمنية نفسها. التي يهدف إليها ،والتي يقصر النص الحاضر فالرواية تمتح من عدة نصوص تتشابك وتتداخل عن الإيفاء بها لوحدها دون الاستئناس بهذا لتخلق نسيجا روائيا ،تنتقل عبره الشخوص من النوع من النصوص .فالنص الديني والشعري عالم إلى عالم ،ويسعى من خلاله الكاتب إلى يلهم الذاكرة ويحمل القارئ على المراوحة بين رسم صورة الأب /الشخصية المحورية الذي النصوص .من هنا شكلت المرجعية الفكرية يلقن ابنه دروسا في الحب والسعادة ،محاولا والدينية للكاتب رافدا أساسيا لتبني هذا نقلها وصياغتها في قالب سردي لا يشعر معه النوع تحديدا من التناص .ولاشك إن توظيف القارئ بالضجر وهو يتصفح الرواية. 96
الهوامش ذخائر * -أستاذة زائرة بجامعة السلطان ،مولاي سليمان -بني ملال -المغرب. - 1محمد حجو ،أستاذ بجامعة محمد الخامس ،كلية الآداب والعلوم الإنسانية ،الرباط ،دكتوراه في السيميائيات من جامعة تولوز ،دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة القاضي عياض ،مراكش ،له إصدارات منها :رواية وهلم شرا ،1994وكتاب “الإنسان وانسجام الكون ،2012والرواية التي بين أيدينا .2016 - 2أحمد رائز ،الرواية بين النظرية والتطبيق أو مغامرة نبيل سليمان في المسلة” ،دار الحوار للنشر والتوزيع ،الطبعة الأولى ،دون تاريخ ،ص .13 - 3عبد الفتاح عثمان :بناء الرواية ،مكتبة الشباب ،ط ،1 .دون تاريخ ،ص .13 - 4المرجع نفسه ،ص .12 - 5المرجع نفسه ،ص .16-17 - 6ميخائيل باختين ،الرواية والملحمة ،ترجمة جمال شحيد ،ص .29 - 7أحمد المديني ،في الأدب المغربي المعاصر ،سلسلة دراسات تحليلية ،دار النشر المغربية،1985 ، ص. 40 - 8محمد عزام،وعى العالم الروائي :دراسات في القصة المغربية ،1990 ،اتحاد ال ّكتاب العرب، ص.22 - 9محمد عزام ،ص.222 - 10مقالأحمد المدينيبعنوان :الرواية المغربية وضع الهوية في العلاقة مع “الآخر” منشور على موقع: http://www.fikrwanakd.aljabriabed.net/n12_12madin.htm - 11مقدمة كتاب” الرواية المغربية من التأسيس إلى التجريب” للكاتب عبد العالي بوطيب الصادر عن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس”. - 12نور الدين صدوق “ ،البداية في النص الروائي” ،دار الحوار للنشر والتوزيع ،الطبعة الأولى،1994 ، ص .69 - 13الطيب بودربالة :قراءة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس ،محاضرات الملتقى الوطني الثاني السيمياء ،والنص الأدبي ،منشورات جامعة بسكرة ،16 ،15 ،أفريل ،2002،ص.52 Léo H.ock , la marque du titre, dispositifs Sémiotiques d’une moutors - 14 publishers .Paris 1981, p. 17 - 15عبد الفتاح عثمان ،بناء الرواية ،ص .106 - 16عبد الملك مرتاض :في نظرية الرواية ،بحث في تقنيات السرد ،عالم المعرفة ،الكويت،1998 ، ص73 : - 17ميخائيل باختين ،الخطاب الروائي ،ترجمة محمد برادة .ص.51 - 18الرواية ،ص .21 - 19الرواية ،ص .60 - 20حسين خمري ،إنتاج معرفة بالنص ،مقال ،ص.102 - 21علم النص – جوليا كريسيتفا :ترجمة فريد النراهي ،توبقال للنشر ،ص 21 - 22جراهام آلان ،نظرية التناص ،ص ( 7مقدمة المترجم) بتصرف. - 23إبراهيمرمضان ،التناصفيالثقافةالعربيةالمعاصرة،مقال ،ص .144 - 24تودوروف ،المبدأ الحواري ،ص 82 - 25شجاع العاني ،الليث والخراف المهضومة دراسة في بلاغة التناص الأدبي ،مقال ،ص ،ص .84-105 - 26بارت ،نظرية النص ،ص .80 - 27مارك أنجينو ،في أصول الخطاب النقدي الجديد ،الفصل الخامس بمفهوم التناص في الخطاب النقدي الجديد ،ت.أحمد المديني ،ص.99 - 28إنتاج معرفة بالنص ،ص.102 - 29الرواية ،ص .39 - 30الرواية ،ص .53 - 31الرواية ،ص .57 - 32الرواية ،ص .57 - 33البيت لأمير الشعراء أحمد شوقي ،ورد في ديوانه “الشوقيات” ج.1أما بخصوص القصيدة فلم أعثر لها على عنوان. - 34الرواية ،ص .61 - 35التناص في رواية أسرار صاحب الستر لإبراهيم درغوثي الثلاثاء ٢٠نيسان (أبريل) ٢٠١٠بقلم: أمين عثمان باحث تونسي ،منشور على موقع ديوان العرب: http://diwanalarab.com/spip.php?page=article&id_article=23002 - 36الرواية ،ص .57 - 37المرجع نفسه ،ص .57 97
قائمة المراجع --المصادر: حجو محمد ،2015 ،دروس في الحب والسعادة ،ط ،1.دار أبي حيان التوحيدي ،الرباط ،المغرب. - - -المراجع: .1أنجينو مارك ،في أصول الخطاب النقدي الجديد ،الفصل الخامس بمفهوم التناص في الخطاب النقدي الجديد ،ترجمة أحمد المديني ،ط ،1987 ،1دار الشؤون الثقافية ،بغداد. . 2باختين ميخائيل ،1987 ،الخطاب الروائي ،ترجمة محمد برادة ،ط ،2.دار الأمان ،الرباط. .3باختين ميخائيل ،1982 ،الملحمة والرواية ،ترجمة جمال شحيد،د.ط،دار الإنماء العربي. .4بارت رولان« ،نظرية النص» ترجمة منجي الشملي وآخرون ،حوليات الجامعة التونسية ،عدد ،27 سنة .1981 .5تودوروف تزفيتان ،1996،المبدأ الحواري ،ترجمة وتحقيق فخري صالح ،د.ط ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر. .6جراهام آلان ،2011 ،نظرية التناص ،ترجمة باسل المسالمة ،ط ،1.دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر ،دمشق ،سوريا. .7رائز أحمد ،د .ت،الرواية بين النظرية والتطبيق أو مغامرة نبيل سليمان في المسلة ،ط ،1.دار الحوار للنشر والتوزيع. . 8عثمان عبد الفتاح ،دون تاريخ ،بناء الرواية ،ط ،1 .مكتبة الشباب. . 9كريسيتفا جوليا ،1991 ،علم النص،ترجمة فريد الزراهي ،د.ط ،توبقال للنشر. . 10مرتاض عبد الملك ،1998،في نظرية الرواية :بحث في تقنيات السرد ،د.ط ،عالم المعرفة، ال ك وي ت. --المقالات: .1بوطيب عبد العالي ،2010،الرواية المغربية من التأسيس إلى التجريب» كتاب صادر ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس ،سلسة دراسات وأبحاث ،العدد .29 . 2بودربالة الطيب ،2002،قراءة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس ،محاضرات الملتقى الوطني الثاني السيمياء ،والنص الأدبي ،منشورات جامعة بسكرة ،16 ،15 ،أبريل. . 3خمري حسين ،1987 ،إنتاج معرفة بالنص ،مقال منشور في مجلة دراسات عربية ،العددين،11-12 أيلول-تشرين أول ،بيروت. .4رمضان إبراهيم ،2011 ،التناصفيالثقافةالعربيةالمعاصرة،مقال منشور بمجلة كلية التربية،ع،11 . ج ،1 .بورسعيد ،مصر. --المراجع الأجنبية: Léo H.ock, La marque du titre, dispositifs Sémiotiques d’une moutors - . publishers,Paris, 1981 98
ذخائر 99
فقه التنزيل: تعريفا وتأصيلا وتقعيدا د .محماد بن محمد رفيع1 100
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199