Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore رسالة

رسالة

Published by ybenbilal, 2020-01-28 18:58:13

Description: رسالة اليونيسكو - الذكاء الإصطناعي و عود و التهديدات

Search

Read the Text Version

‫الرقص للتعبير أفكار‬ ‫ عن المنكر‬ ‫أو مسألة تأثير ذاكرة‬ ‫العبودية على الإبداع الفني المعاصر‬ ‫بترخيص كريم من سرنودا آرتي ‪© Juan Roberto Diago /‬‬ ‫التأثير‪« :‬فعل سيل ينساب من الكواكب‬ ‫بقلم ألان فوا‬ ‫يُفترض أن له مفعول على مصير البشر»‪ .‬ذلك‬ ‫ق ّصتي هي ق ّصتك (‪ ،)2000‬من أعمال‬ ‫هو المعنى الأصلي للكلمة‪ .‬في نظرية الجاذبية‬ ‫يلقي الفنان ألان فوا نظرة الفيلسوف‬ ‫الفنان الكوبي خوان روبرتو دياغو‬ ‫على مسألة العلاقات بين التاريخ‬ ‫الكونية‪ ،‬تُؤثّر الكواكب على بعضها البعض‬ ‫ولكن‪ ،‬هل من باب الصدفة أم جراء توقيت‬ ‫حسب حجم كل واحد منها‪ .‬هذا التأثير ينتُج‬ ‫والذاكرة والإبداع الفني‪ .‬بفضل الفن‪،‬‬ ‫معرفي وإيديولوجي إن كان علماء آخرون‪،‬‬ ‫ع ّما يُس ّمى بموجات الجاذبية التي قد تكون‪،‬‬ ‫الفنان غير مقيّد بلون بشرته ولا‬ ‫على غرار جورج كوفيي‪ ،‬قد استحوذوا على‬ ‫نوعا ما‪ ،‬ذلك السيل المتأتي من الأسلاف‪ .‬ونحن‬ ‫ُمجبر على الرقص على ال ّدوام على‬ ‫إذن‪ ،‬معشر البشر‪ُ ،‬متأثّرون شيئا ما بهذا المبدأ‬ ‫فكرة الحتمية هذه‪ ،‬في ظل حكم نابليون‬ ‫أنغام تاريخ شنيع‪ .‬وبالأحرى‪ ،‬يندرج‬ ‫(‪ )1815-1804‬وفي الوقت الذي أعاد فيه‬ ‫الذي ير ّسخنا في الأرض‪.‬‬ ‫الفنان ضمن مقاربة جدلية‪ :‬فهو ح ّر‬ ‫العبودية ونشر الاستعمار ال ُمكثّف‪ ،‬لاعتمادها في‬ ‫تطبيق مفهوم الأجناس البشرية؟ لقد أحدثوا‬ ‫فكرة التأثير هذه‪ ،‬التي انطلقت من المفهوم‬ ‫ومم ُسوس في ذات الوقت‪ .‬لما يكون‬ ‫بذلك عنصريّة علمية تو ّرط فيها علماء سيّؤو‬ ‫الأسطوري لتصل إلى المفهوم العلمي‪ ،‬ومن‬ ‫في طور الإبداع‪ ،‬يُصبح سيّد تاريخه‪،‬‬ ‫الذكر أمثال غوبينو‪ ،‬وفريديريش بلومنباخ‪،‬‬ ‫علم التنجيم إلى علم الفلك‪ ،‬ط ّورها العالم‬ ‫مما يسمح له بتجاوز الماضي‪ .‬ويجب‬ ‫وهيوستن ستيوارت تشامبرلين‪ ،‬وفاشي دو‬ ‫البونابرتي بيار سيمون دو لابلاس خلال‬ ‫اعتبار ذكائه الفني بمثابة «الحيلة»‬ ‫لابوج وكلهم يقيّدون ما‪ ‬يُس ّمونه بالأجناس في‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬في قالب الحتمية الآلية‪.‬‬ ‫التي تُنتج تأثيرا جديدا في العالم‪ ،‬وتدعو‬ ‫ويتجلى مفهوم هذه الحتمية في الجملة الشهيرة‬ ‫إلى تقاسم الثقافات‪ ،‬من خلال ابتكار‬ ‫أشكالها‪ ،‬بحكم الحتمية التاريخية‪.‬‬ ‫المقتبسة من كتابه الفلسفي حول حساب‬ ‫الاحتمالات‪« :‬يجب علينا إذن أن ننظر إلى‬ ‫عمل مفتوح وغير ُمح ّدد‪.‬‬ ‫وإذا كان «الله ليس بلاعب النرد في الكون»‪،‬‬ ‫الوضع الحالي للكون على أنه نتيجة لوضعه‬ ‫حسب عبارة أينشتاين الشهيرة‪ ،‬فمن المحتمل‬ ‫السابق وعلى أنه مصدر لوضعه المقبل‪ .‬إن‬ ‫تنشر رسالة اليونسكو هذا المقال مساهمة‬ ‫الذكاء القادر‪ ،‬في لحظة معينة‪ ،‬على التعرف‬ ‫منها في إحياء اليوم العالمي لذكرى تجارة‬ ‫أن يُوجد في سياق هذا الانسجام الكوني‪،‬‬ ‫الزنوج وإلغائها (‪ 23‬أغسطس)‪ .‬وقد ت ّم‬ ‫نسق منطقي يُبين المحظوظين من الملعونين‪،‬‬ ‫على كل القوى التي تُس ّي الطبيعة وعلى‬ ‫احياء هذه الذكرى لأول م ّرة منذ عشرين‬ ‫يمكن التع ّرف عليهم وتحديد مواقعهم علميّا‬ ‫الوضعيات الخا ّصة بكل الكائنات فيها‪ ،‬إذا‬ ‫سنة في ‪ ،1998‬تكريما لثورة ‪ 1791‬في‬ ‫سان‪-‬دومنغ (حاليا هايتي والجمهورية‬ ‫بالاعتماد على أشكالهم‪.‬‬ ‫كان في وسعه تحليل هذه المعطيات‪ ،‬فمن‬ ‫الدومينيكية) التي لعبت دورا حاسما في‬ ‫المحتمل أن يكون ذكاء يضم في نفس الصيغة‬ ‫إلغاء تجارة الزنوج عبر الأطلسي‪.‬‬ ‫تح ّركات أكبر الأجسام في الكون وتحركات‬ ‫أصغر ذ ّرة فيه‪ .‬لا شيء يُمكن أن يكون محل‬ ‫شك بالنسبة له‪ ،‬والمستقبل‪ ،‬كما الماضي‪ ،‬هو‬ ‫حاضر في نظره»‪.‬‬ ‫بعبارة أخرى‪ ،‬يُخيّل إلينا أننا أشخاص‬ ‫يتمتعون بالحرية والاستقلالية‪ ،‬في حين أننا‬ ‫كيانات ناتجة عن الأحداث التي سبقتنا‪ ،‬ونظل‬ ‫تحت تأثيرها‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|51 2018‬‬

‫أفكار‬ ‫مشهد من «ريفلايشن»‪ ،‬عرض للراقص‬ ‫‪© Photo by Christopher Duggan‬‬ ‫ونحن نعلم أن مثل هذا الفكر الآلي هو الذي‬ ‫والمخرج الأفريقي الأمريكي ألفين آيلي‬ ‫ش ّجع على الآلية الشرسة للانتشار الصناعي‬ ‫إلى ما أبعد من الذاكرة‪ :‬لنكن‬ ‫صانعي تاريخنا‬ ‫(‪.)1989-1931‬‬ ‫للعبودية‪.‬‬ ‫هذه الحرية هي في الواقع حرية سعينا صلب‬ ‫في منتصف القرن الماضي‪ ،‬أدخل فيرنر‬ ‫مع الأسف‪ ،‬وبعد مرور فترة طويلة منذ إلغاء‬ ‫تاريخنا الذاتي‪ .‬وهو تاريخ لم نعد فيه مج ّرد‬ ‫هايزنبرغ في علم فيزياء الكم مبدأ عدم التحديد‬ ‫العبودية‪ ،‬ورغم تق ّدم العلم في كل مجالات‬ ‫أشياء تفكر‪ ،‬وإنما أفرادا فاعلين‪ .‬بالرغم من‬ ‫أو مبدأ عدم التأ ّكد‪ ،‬وبموجب هذا المبدأ‪ ،‬لا‬ ‫البيولوجيا‪ ،‬والأنثروبولوجيا‪ ،‬والعلوم الصلبة‬ ‫أننا موضوع أفعالنا‪ .‬لسنا بكيانات أجبرها‬ ‫يمثّل الشيء شيئا واحدا في نظر الفاعل‪ ،‬وبما‬ ‫مثل الفيزياء والفيزياء الفلكية‪ ،‬يظل مثل‬ ‫التاريخ على التفكير من خلاله‪ ،‬ولكن صانعي‬ ‫أن الفاعل الذي ينظر للشيء منفصل ُوجوديّا‬ ‫هذا المفهوم قائما إلى اليوم في الأذهان ولا‬ ‫عنه‪ ،‬فلن يقدر على إدراكه إلا إذا كان يعلم بأنه‬ ‫يزال يتخلل خلفيّتنا الثقافية‪ .‬ألم نسمع في‬ ‫تاريخ نبنيه نحن ونشارك في بنائه‪.‬‬ ‫سيكون له تأثير عليه وإذا كان واعيا بضرورة‬ ‫التلفزيون وفي وسائل الإعلام كلاما حول «لعنة‬ ‫يجب علينا إذن أن نمعن النظر في التاريخ‪،‬‬ ‫أخذ ذلك التأثير في الاعتبار‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ليس‬ ‫الشعب الهايتي»‪ ،‬إثر الزلزال الذي أصاب‬ ‫في تاريخنا‪ ،‬ليس من المنظور الحتمي‪ ،‬وإنما‬ ‫هناك شيئا ُمطلقا و ُمح ّددا‪ ،‬ولا فاعلا ُمطلقا‪،‬‬ ‫وإنما تُوجد علاقة‪ .‬وهي علاقة ناتجة عن فعل‪،‬‬ ‫هايتي سنة ‪ ،2010‬وفي ذلك جمع بين فكرة‬ ‫حسب مفهوم صانع التاريخ الذي صاغه‬ ‫وحركة وفكر الفاعل ذاته في علاقته بالشيء‪.‬‬ ‫لاهوتية وحادثة شوهت أديم الأرض‪ ،‬في ارتباط‬ ‫هيجل‪ .‬ليست جدليّة هيجل الشهيرة للسيّد‬ ‫بأسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية؟ وكأن‬ ‫والعبد سوى توضيح لما تضفي إليه استعادة‬ ‫ولكن ما عسى أن تكون طبيعة هذه العلاقة‬ ‫وهذا التأثير‪ ،‬إذا كان الفاعل نفسه ُمح ّددا‬ ‫هذا البلد بقي تحت تأثير ما ٍض ُمتأ ٍت من‬ ‫الفاعل لتاريخه الذاتي ليكسب حريته‪.‬‬ ‫ظرف أصلي‪ ،‬تكمن أسبابه في أعماق العصور‪...‬‬ ‫وخا ِضعا لتأثير قضيّة سابقة؟ سوف تكون‬ ‫إن تاريخنا وذاكرتنا لا يُؤثّران علينا إلا إذا‬ ‫منعدمة وقا ِبلة للحصر في معادلة حسابية‪ .‬إن‬ ‫وهو ما يؤهل دون شك عدم الأخذ بعين‬ ‫كنا نؤثّر بدورنا عليهما‪ .‬ومن ث ّم‪ ،‬لم يعد‬ ‫مبدأ عدم التحديد الذي يفترض أسلوبا جديدا‬ ‫الاعتبار مسألة الاستعمار والتاريخ السياسي‬ ‫ذلك العمق الكوني الذي تتكون منه ذاكرتنا‬ ‫غير حتمي بيننا وبين الكون‪ ،‬يستلزم إذن أن‬ ‫والاقتصادي الذي يقود مصير هذه الجزيرة إلى‬ ‫الأفق الوحيد أمامنا‪ .‬ونغادر ذلك الثقب المظلم‬ ‫يكون الفاعل نفسه غير ُمح ّدد‪ ،‬وأن لا يخضع‬ ‫لنكتشف نسبيّته‪ .‬ونف ّر منه لنستعيد هويتنا‪،‬‬ ‫يومنا هذا‪.‬‬ ‫ونخلق زمنا جديدا يكون زمننا‪ ،‬ليس إلا‪ .‬إن‬ ‫عمله ولا فكره إلى السببية الآلية‪ .‬وبعبارة‬ ‫هذا الزمن المرتبط بكياني وعملي ليس إلا ذاتي‪.‬‬ ‫أخرى‪ ،‬أن يكون الفاعل ح ّرا‪ ،‬في حركية‬ ‫و ْلنحذر من مفهوم التأثير هذا‪ ،‬فهو مثل‬ ‫السلاح ذي الح ّديْن‪ ،‬قد يجرح من يستعمله‪.‬‬ ‫أنا الزمن الفاعل‪ ،‬وأنا تعبيره‪.‬‬ ‫مستم ّرة وفي عملية تط ّور‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فهو يح ّرر‬ ‫إذا لم نحذره‪ ،‬فقد يج ّرنا إلى ما وراء معناه‪،‬‬ ‫الشيء من ذاته‪ .‬ومن خلال هذا التر ّدد الجدلي‬ ‫أي إلى التسليم بأننا خاضعون لقدر محتوم‪،‬‬ ‫وينغلق الفخ‪ ،‬تلك ال ٍّشباك الكونية التي كادت‬ ‫أن تش ّكل ذاكرتي‪ ،‬ليحبس كائنا آخر غيري‬ ‫للعلاقة‪ ،‬يستعيد الشيء استقلاليته‪.‬‬ ‫و ُمجبرون على أن نرسم‪ ،‬ونرقص‪ ،‬ونغنّي‪،‬‬ ‫ونمثل‪ ،‬ونخرج أفلاما إلى ما لا نهاية له‪ ،‬حول‬ ‫أنا‪ .‬ويُوصد الفخ على تاريخ مضى وبات نسبيا‪.‬‬ ‫هذه الخلفية التي تشكل ما تبقى من ذاكرة‬ ‫تاريخ أصبح تاريخي وأصبحت أمتلكه‪ ،‬لكنني‬ ‫هذا الانفجار اللاإنساني الذي جعل منا ما نحن‬ ‫لم أعد سجينا له‪ .‬فأتح ّول إلى سيّد تاريخي‬ ‫عليه‪ .‬محكوم علينا بالرقص على الشنيعة‪.‬‬ ‫لأنني فتحت آفاقه وم ّزقت شباكه‪.‬‬ ‫لنحذر إذن من الأخذ على عاتقنا هذا المفهوم‬ ‫الحتمي والعنصري للكائنات البشرية الذي‬ ‫قد يؤدي بنا إلى جعل المقتدرين من بيننا على‬ ‫التعبير الفنّي – الق ّصاصون والر ّسامون ‪-‬‬ ‫خاضعين لأعبَاء التاريخ‪.‬‬ ‫تحرير التاريخ من الحتميّة‬ ‫إن تاريخ العبودية ليس بمثابة الانفجار‬ ‫العظيم (بيغ بانغ) بالنسبة لنا‪ ،‬ولا يمثل‬ ‫تلك اللحظة الأصلية التي تو ّلد عنها كل شيء‬ ‫بشكل آلي ولا رجعة فيه‪ ،‬إذ يوجد ما هو سابق‬ ‫للعبودية‪ ،‬ألا وهو تاريخ ما قبل استعمار‬ ‫أفريقيا والأمريكتين‪ ،‬وما هو لاحق لها أي‬ ‫المستقبل الذي يجب بناؤه‪ .‬وقد سمح لنا العلم‬ ‫والمفاهيم الجديدة للتاريخ بدرء هذه الحتمية‬ ‫الآلية الخطيرة وما تحمله من تص ّور للتأثير‪.‬‬ ‫‪ 52‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫أفكار‬ ‫وإذا حقق الفنان ذلك‪ ،‬فلأنه قادر بمحض‬ ‫جدلية الفنان وعمله‬ ‫لم يعد محكوم عليّ بالرقص على الشنيعة‪،‬‬ ‫إرادته‪ ،‬على إعطاء طاقته الذاتية‪ ،‬ال ُمتح ّررة‬ ‫لأنني أصبحت سيّد زمني وسيّد نفسي‪ ،‬كما‬ ‫والمستق ّلة لل ِقسط المتبقي في أعماق الذاكرة‬ ‫بناء على ما سبق‪ ،‬بإمكاننا النظر إلى الفنان على‬ ‫أنّني سيد خياراتي وتعبيري‪ .‬أنا كائن حر‬ ‫والمتمثل في الثقافة‪ .‬إن طاقة الفنان تكمن في‬ ‫أساس النظام الجدلي بين الفاعل وعمله‪ ،‬حسب‬ ‫تصرفه الفعلي وفي قدرته على العمل بالمفهوم‬ ‫ومستقل ومتح ّرر من ذاكرتي‪ .‬ولا يُمكن‬ ‫الذي يُعطيه أرسطو لكلمة أنرجيا (التي تفيد‬ ‫جدلية الفاعل‪/‬الشيء‪ .‬هذا العمل الفني هو‬ ‫تفسير ما أعبر عنه من خلال ما يعكسه الماضي‬ ‫َحرفيا «من هو منهمك في العمل»‪ ،‬ولكن أيضا‬ ‫تعبير ُمختلف يدل على التأجيل بالمعنى الذي‬ ‫فقط‪ ،‬سواء كان هذا الماضي فرديا أو جماعيا‪.‬‬ ‫«من يش ّكل شيئا‪ ،‬من يقوم بعمل») – إن‬ ‫استنبطه جاك دريدا لأنه يتمثل في الإرجاء‪ ،‬وفي‬ ‫الشكل والطاقة يُع ّبان في الواقع عن نفس‬ ‫الخروج عن الذات ومن الزمن الذاتي‪ ،‬ويؤدي‬ ‫لقد فتحت باب الممكن‪.‬‬ ‫إلى شيء يختلف عن الذات أو عن كلية الذات‪.‬‬ ‫الشيء‪ ،‬كما يُؤ ّكد ذلك علم الفيزياء‪.‬‬ ‫وهذا يعني أنه لا يُوجد أي التزام أخلاقي أو‬ ‫وهو ابتعاد عن الذات‪ ،‬ابتعاد مع ّب‪ .‬عملية‬ ‫ذهني بالنسبة لفنان أسود البشرة كي يرسم‬ ‫وانطلاقا من هذه الأنرجيا‪ ،‬يمكن القول‬ ‫الإبداع الفني هي إذن خطيرة لأنها تُع ّب عن‬ ‫تاريخه المظلم‪ ،‬بما أنه أصبح ح ّرا ُمستق ّل‪،‬‬ ‫بأن الفنان هو شخص مضطرب وممسوس‬ ‫أزمة‪ .‬وكلمة كريزيس باللغة اليونانية تعني‬ ‫و« ُمنفعل»‪ .‬كما يُمكن القول أيضا‪ ،‬انطلاقا من‬ ‫«الفصل‪ ،‬التمييز»‪ .‬لكن كلمة كريز (أزمة)‬ ‫وبما أنه تم الإعتراف له بذلك‪.‬‬ ‫فعل أنرجيو‪ ،‬بأنه واقع تحت التأثير‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫تعني باللغة الفرنسية «الحكم‪ ،‬القرار»‪ .‬هذه‬ ‫كيف يُمكن للفنان أن يكون ح ّرا ومستق ّل‬ ‫ومهما يكن الفنان‪ ،‬لم يعد بالإمكان اعتباره‬ ‫و ُمتح ّررا‪ ،‬وفي نفس الوقت خاضعا للتأثير؟ هذا‬ ‫الأزمة هي الزمن الجدلي لولادة شيء يأتي‬ ‫وسيطا في التعبير يستجيب لطلب سيّده‪،‬‬ ‫تناقض ظاهري يمكن تفسيره بكل بساطة‬ ‫من الذات‪ ،‬دون أن يكون الذات نفسها‪ .‬هذا‬ ‫سيّد يتحكم في موضوع يرغب في رسمه‬ ‫بكون الفنان ح ّرا في اختيار تأثيراته‪ ،‬ح ّرا بأن‬ ‫والتعبير عنه‪ ،‬سيّد على تاريخ وعلى قصة‬ ‫يسمح لنفسه بأن يكون مسكونا‪ ،‬وبأن يسيطر‬ ‫التأجيل هو هبة من الذات إلى ما هو ليس‬ ‫عليه أحد أبعاد الذاكرة الجماعية الذي قرر أن‬ ‫الذات‪ ،‬أي إلى الآخر‪ .‬وينتج عن هذا التأجيل‬ ‫نشأة الكون‪ ،‬سيّد على القيم والجمال‪ ،‬سيّد‬ ‫يمتلكه‪ .‬وذلك هو الثمن الذي يدفعه الفنان‪،‬‬ ‫شيء جديد‪ ،‬لكنّه شيء متحيّز‪ .‬إن ما يكسب‬ ‫على رؤية وعلى مفهوم للعالم موروث عن‬ ‫بما أنه حر‪ ،‬حتى يك ّون أشكالا خصوصية‪،‬‬ ‫العمل الفني معناه هو ذلك العطاء الذي‬ ‫ويسيطر على القوى التي تسكنه‪ ،‬ويهيمن على‬ ‫يفتح امكانية التقاسم بين الآخر والذات‪ ،‬وفي‬ ‫تاريخ يسجننا‪ .‬بل يجب اعتبار الفنان كائنا‬ ‫من كان يقوده‪ .‬هذا الاختيار هو تحديدا ما‬ ‫ذلك التقاسم يكمن التعبير‪ ،‬أي في تلك العلاقة‬ ‫فاعلا‪ ،‬مستقلا وح ّرا في تعبيره وفي رؤيته‬ ‫يمكن أن نُس ّميه بالالتزام‪ ،‬حسب المفهوم الذي‬ ‫بين الفاعلين بواسطة شيء ذاتي يُرسي بطبيعته‬ ‫حدده سارتر‪ .‬يلتزم الفنان كليا بالما ّدة التي‬ ‫الشخصية للعالم ولتاريخه الخاص‪ .‬ومن ث ّم‪،‬‬ ‫يختارها‪ ،‬ويخاطر بتلك الما ّدة لأنها تتفاعل‬ ‫حوارا صامتا بينهما‪.‬‬ ‫يصبح من الضروري إعادة النظر في عمله‬ ‫معه‪ .‬وإذا تفاعلت معه فلأنه يشعر في نفسه‬ ‫وبما أنّه يت ّم اختيار العمل الفني بكل ح ّرية‬ ‫بطريقة جديدة‪ ،‬من خلال وجهة نظر جمالية‬ ‫بحاجة قصوى أو نقص لا بد من س ّده‪.‬‬ ‫من قبل الفاعل المستقل الذي يقوم بعرضه‬ ‫وأخلاقية وسياسية أخرى‪ .‬وانطلاقا من هذه‬ ‫ويجعل منه هبة ومح ّل تقاسم مع الآخر‪-‬‬ ‫هذه هي الطريقة التي يجب اتباعها عند‬ ‫الحرية المكتسبة إزاء الحتمية التاريخية‪،‬‬ ‫التفكير في الذاكرة المتبقية من تاريخ العبوديّة‪:‬‬ ‫المشاهد‪ ،‬يكتسب ذلك العمل استقلاليته‬ ‫علينا أن ننظر إلى عمل كل فنان‪ ،‬لا كتعبير‬ ‫ومعناه الخاص‪ ،‬ور ّبما حتى لغزه وغموضه‪،‬‬ ‫ُمكره و ُمج َب لذاته ولذاكرته‪ ،‬وإنما كتعبير‬ ‫يجب اعتبارها ما ّدة للفنان الذي يرغب في‬ ‫ويمكن أن يصبح محل انتباه وتفهم‪ ،‬في عزلة‬ ‫عن حركة مقصودة‪ ،‬يكون قد أعطاها مغزى‬ ‫الإمساك بها‪.‬‬ ‫عن الفنان الذي ابتكره‪ .‬ولهذا يُمكن لبعض‬ ‫الفنانين القول بأن عملهم‪ ،‬حال الانتهاء من‬ ‫وساقها‪ ‬للوجود‪.‬‬ ‫والشيء الذي ينتج عن عمله‪ ،‬فهو ما يُس ّميه‬ ‫إنجازه‪ ،‬لم يعد ملكهم‪ ،‬بل يصبح برمته هبة‬ ‫أرسطو أنتيليشيا (الشيء الذي يُقيم في نهايته)‪.‬‬ ‫إلى الفهم الجمالي الكوني‪.‬‬ ‫وهو بمثابة غاية تهم الشكل‪ ،‬يت ّم انتاجها من‬ ‫خلال الطاقة‪-‬الشكل التابعة للفنان الذي يهب‬ ‫الفنان‪ ،‬ح ّر ومح ّل‬ ‫للأثر استقلاليته‪ .‬وبما أن هذا الأثر الفني ليس‬ ‫تأثير في آن واحد‬ ‫بالفنان نفسه‪ ،‬بل مو ّلد من كيانه‪ ،‬فهو يظل‬ ‫إن تلك الح ّرية المؤكدة هي التي تعطي قيمة‬ ‫استفهاما‪ ،‬شكلا يسائل غموض التاريخ‪ ،‬كما‬ ‫لل ِهبة‪ ،‬أي ِلتب ّرع الفنان بعمله‪ .‬إنها تمنحه‬ ‫القدرة على الإبداع بالمعنى الحقيقي للكلمة‪،‬‬ ‫يسائل الحاضر حيث تبقى الذاكرة حيّة‪.‬‬ ‫أي ابتكار الجديد انطلاقا من القديم‪ ،‬وتوليد‬ ‫وفي آخر المطاف‪ ،‬ألا يمثل الأثر الفني الذي‬ ‫تغ ّيات على مستوى الشكل‪ .‬ومن خلال إعادة‬ ‫«يُقيم في نهايته»‪ ،‬فع َل ذلك المضطرب الذي‬ ‫يسعى للتخ ّلص من تلك الذاكرة التي تسكنه‪،‬‬ ‫صياغة المادة المكونة من التاريخ ال ّراسب في‬ ‫و يبحث عن كيفية وضع حد لذلك التاريخ‬ ‫الذاكرة الثقافية والجمالية وحتى الأخلاقية‪،‬‬ ‫بابتكار طريقة جديدة تُنير الماضي مع تركه في‬ ‫يُنتج الفنان معنى جديدا‪.‬‬ ‫مكانه‪ ،‬لتجاوزه تماما؟‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|53 2018‬‬

‫أفكار‬ ‫‪© Chichi Reyes‬‬ ‫حيلة الذكاء الفني‬ ‫من هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن حيلة الذكاء الفني‬ ‫العشري السداسي (تقنيات مختلطة)‪،‬‬ ‫تلك هي طريقة الفنان‪ ،‬يختار التأثير الذي‬ ‫التي تدمج القديم في الجديد‪ ،‬مع تجاوز‬ ‫‪ ،2015‬من أعمال‬ ‫يُلائمه ليُمارس حريّته حتى لا يبقى تحت‬ ‫تأثير الماضي وحتى يُؤلف الحاضر‪ .‬وعندما‬ ‫الماضي‪ ،‬وتسمح بالتأثير على إدراك الماضي‪.‬‬ ‫شيشي رايس ‪ -‬الجمهورية الدومينيكية‬ ‫نذكر‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬تأثير الفن الأفريقي‬ ‫ذلك هو تمازج الأجناس دون شك‪ :‬تح ّرك في‬ ‫أو الفن ال ُمس ّمى بالزنجي على الفن الحديث‪،‬‬ ‫اتّجاه الجديد يتيح ابتكار تأثير جديد‪ .‬وكانت‬ ‫وذلك ممكن لأن موسيقى الغوسبل (الغناء‬ ‫في أعمال بيكاسو‪ ،‬وبراك‪ ،‬ودوران‪ ،‬وماتيس‪،‬‬ ‫الإلهة ميتيس‪ ،‬زوجة زيوس الأولى‪ ،‬والتي يعني‬ ‫الأنجيلي) والبلوز في الولايات المتحدة هما‬ ‫وحتى أبولينار والسرياليين‪ ،‬فيجدر فهمه‪،‬‬ ‫أسمها حرفيا «النصيحة‪ ،‬الحيلة»‪ ،‬قادرة على‬ ‫لا كتأثير شيء على فاعل بصفة آلية‪ ،‬وإنما‬ ‫التأثير على زيوس نفسه وعلى إقناعه بتغيير‬ ‫جزء من قاعدة مشتركة تسمح للسود‬ ‫ك ِحوار بين طرفين‪ .‬ويحدث هذا التأثير لأن‬ ‫رأيه‪ ،‬وهي التي كان يقول عنها الشاعر هسيود‬ ‫بمخاطبة البيض بأسلوب صوتي يفتح العقل‬ ‫كل هؤلاء الفنانين كانوا يم ّرون بمرحلة دقيقة‬ ‫تجعلهم يُعيدون النظر في الأشكال الموروثة من‬ ‫«بأنها تعرف أشياء أكثر من كل إله‬ ‫على محتوى خطابهم‪ .‬وكانت خطب زعيم‬ ‫ماضيهم باحثين عن موا ّد جديدة ُمع ّبة‪ .‬إن‬ ‫ومن كل إنسان ُمع ّرض للفناء»‪.‬‬ ‫الحقوق المدنية تُلقى على إيقاع الغوسبل –‬ ‫لوحة بيكاسو آنسات أفينيون هي ثمرة حوار‬ ‫وهو ما يسمح بإيصالها بشكل أقوى‪ ،‬وما‬ ‫بين مسألة جمالية غربية في لحظة ُمعيّنة وبين‬ ‫إن ادماج الذاكرة‪ ،‬سواء كانت ذاكرة‬ ‫يكسيها طابعا كونيّا‪ .‬وكانت خطبه تتمحور‬ ‫الفن الأفريقي‪ ،‬فنكت ِشف بهذه المناسبة أن‬ ‫العبودية أو أي ذاكرة أخرى‪ ،‬في جسم‬ ‫طبعا حول ذاكرة العبودية المشتركة‪ ،‬لكنها‬ ‫الفن الأفريقي ليس «بدائيّا»‪ ،‬كما يُقال‪ ،‬وإنما‬ ‫جديد وشكل جديد‪ ،‬إنما هو حيلة الذكاء‬ ‫حامل لبعد ابداعي وفكري‪ .‬وقد اعتبر مايول‬ ‫الفني قصد التأثير على الحاضر‪ .‬والأحداث‬ ‫كانت تُلقى من منظور مختلف يتناسب‬ ‫أن «الفن الزنجي يطفح بالأفكار‪ ،‬أكثر من‬ ‫الفنية تزخر بالأمثلة من هذا القبيل في الرقص‪،‬‬ ‫مع‪ ‬معاصريه‪.‬‬ ‫الفن اليوناني»‪ .‬وسوف تتو ّلد عن هذا اللقاء‪،‬‬ ‫والموسيقى‪ ،‬والمسرح‪ ،‬والفن التشكيلي أو‬ ‫في نفس الوقت‪ ،‬أشكال جديدة للتعبير ونظرة‬ ‫السينما‪ .‬هذه الحيلة لا تكون ممكنة‬ ‫في فن الرقص‪ ،‬عندما تستلهم كاترين دونهام‪،‬‬ ‫جديدة للشيء تؤسس لحوار جمالي جديد‪ :‬ألا‬ ‫وبعدها ليستر هورتن أو ألفين آيلي‪ ،‬من‬ ‫إلا إذا س ّلمنا ِبأن الفنان تح ّرر من‬ ‫التقاليد الأفريقية أو الهندية ومن ذاكرة‬ ‫وهو الفن الأفريقي‪.‬‬ ‫ماضيه ودمجه في عمله الفني –‬ ‫وأنه اختار هذا التأثير كفاعل‬ ‫العبودية‪ ،‬عناصر ُمؤسسة لإبدا ِعهم‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫إن ما يُس ّمى بالتأثير هو في الواقع اختيار‬ ‫ح ّر ومستقل وليس كمف ُعول‬ ‫يندرج في إطار البحث عن أشكال جديدة‬ ‫أملته ضرورة التعبير‪ .‬وفي التعبير تداخل بين‬ ‫به‪ .‬وهو ما يستوجب منا أيضا‬ ‫الفاعل والشيء‪ ،‬هناك امتلاك‪ .‬ويمكن القول‬ ‫اعتبار الفنان وعمله ُمنفصل ْي‬ ‫تسمح في الآن نفسه بإلقاء الضوء على الماضي‬ ‫في هذا الصدد إن آنسات أفينيون قد امتلكه ّن‬ ‫ُوجوديّا‪ ،‬رغم الصلة التي‬ ‫وبإنتَاج نظرة جديدة‪ .‬لقد ُولدت موسيقى‬ ‫الفن الأفريقي‪ .‬إن العمل الفني هو نتاج البحث‬ ‫تربطهما نوعا ما‪ ،‬صلة يحددها‬ ‫الفنان وطريقة معالجته لما ّدة‬ ‫الجاز في كونغو سكوير‪ ،‬مكان للقاء والرقص‬ ‫عن نظرة جديدة‪ ،‬وعن تح ّول في الذوق‪ ،‬أو‬ ‫يتردد عليه العبيد في أورليون الجديدة‬ ‫مثلما قال نيتشه عن الموسيقى‪ ،‬هو « نهضة‬ ‫الذاكرة‪ ،‬بمحض اختياره‪ .‬وهذا يعني‬ ‫أيضا أنه يجب علينا أن ننظر إلى العمل‬ ‫بالولايات المتحدة الأمريكية‪ ،‬بهدف إدخال‬ ‫فن الاستماع»‪ .‬كان نيتشه ُمنبهرا بأوبرا‬ ‫الفني باعتبار استقلاليّته ولغز غموضه‪.‬‬ ‫عناصر ُمؤسسة لذا ِكرتهم في شكل موسيقي‬ ‫كارمن لبيزيه‪ ،‬حيث اكتشف بُعدا أفريقيّا‪.‬‬ ‫ويبقى العمل الفني مفتوحا ومح ّل تقاسم‪،‬‬ ‫جديد‪ .‬لكن هذه الذاكرة يت ّم تجاوزها بالشكل‬ ‫ويأتي هذا الانبهار من اللقاء بين العمل الفني‬ ‫ذاته فتخلق فضاء مشتركا لتقاسم الإحساس‬ ‫وبين الفيلسوف الذي كان حينها يبحث عن‬ ‫وبالتالي مح ّل نقد وتقييمات مختلفة‪.‬‬ ‫شكل جمالي جديد يكون له معنى ويفتح له‬ ‫بين أشكال ثقافية متع ّددة وآفاق متع ّددة‪.‬‬ ‫أفقا جديدا‪ ،‬بعد انفصاله عن الرومنطيقية‬ ‫وعن‪ ‬فاغنر‪.‬‬ ‫إن الحديث عن التأثير هو في الواقع حديث عن‬ ‫البحث عن أشكال جديدة وعن مضامين شكلية‬ ‫جديدة‪ ،‬قادرة على تغيير طريقة المشاهدة‬ ‫والاستماع والتثمين‪ .‬هو صراع‪ .‬إن الإبداع‬ ‫الفني يتجاوز المقاومة‪ ،‬هو «رياضة مصارعة»‬ ‫ضد أنماط من إدراك العالم والأشياء‪ ،‬أنماط‬ ‫راسبة فرضتها ثقافة سائدة‪ .‬عندما قال مارتن‬ ‫لوثر كينغ إن «الموسيقى هي سلاحنا الحربي»‪،‬‬ ‫لم يكن يقصد شيئا آخر‪ .‬سلاح فاعل‪ ،‬لا فقط‬ ‫لقدرته على تجميع القوى حوله‪ ،‬وإنما أيضا‬ ‫لأنه يُؤثّر في إحساس الخصم ويتم ّلكه‪ .‬هو‬ ‫سلاح يُخاطب الخصم وبفضل الإحساس‪،‬‬ ‫يفتح له أفقا‪.‬‬ ‫‪ 54‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫أفكار‬ ‫الأسماء المذكورة‬ ‫وأخيرا‪ ،‬انطلاقا من العمل ذاته‪ ،‬لا يمكن‬ ‫استنتاج لون صاحبه‪ .‬فلا يجب تقييد الر ّسام‬ ‫أبولينار‪ ،‬غيوم (‪ ،)1918-1880‬شاعر فرنسي‬ ‫أرسطو (القرن الرابع قبل الميلاد) فيلسوف يوناني‬ ‫بلون بشرته‪ ،‬لأن لون الر ّسام ليس هو الذي‬ ‫يُعطي الألوان للعمل‪ ،‬وإنما العمل ذاته‬ ‫آيلي‪ ،‬ألفين (‪ ،)1989-1931‬راقص أمريكي‬ ‫أينشتاين‪ ،‬ألبير (‪ ،)1955-1879‬عالم فيزياء من أصل ألماني‬ ‫والتحاليل النقديّة التي تُق ّدم لاحقا‪ .‬بتن ّوع‬ ‫امكانياته والامكانيات اللامتناهية لشكله‬ ‫براك‪ ،‬جورج (‪ ،)1963-1882‬رسام فرنسي‬ ‫المنفتح وتأويلاته‪ ،‬يُع ّب العمل الفني ع ّما قاله‬ ‫بلومنباخ‪ ،‬جوهان فريديريش (‪ ،)1840-1752‬عالم ألماني في الأنثروبولوجيا‬ ‫لامارتين عند مقاومته للعبودية البغيضة‪:‬‬ ‫«لوني هو لون من يعاني من الاضطهاد‪.».‬‬ ‫بيزيه‪ ،‬جورج (‪ُ ،)1875-1838‬مل ّحن فرنسي‬ ‫بيكاسو‪ ،‬بابلو (‪ ،)1973-1881‬رسام إسباني‬ ‫ألان فوا (فرنسا) كاتب‪ ،‬و ُمؤ ّلف مسرحي‪،‬‬ ‫داريدا‪ ،‬جاك (‪ ،)2004-1930‬فيلسوف فرنسي‬ ‫و ُمخرج وفيلسوف من غوادلوب‪ .‬أسس‬ ‫«رصيف الفنون»‪ ،‬شركة ُمتع ّددة‬ ‫دوران‪ ،‬أندري (‪ ،)1954-1880‬رسام فرنسي‬ ‫الاختصاصات تلتقي فيها العروض‬ ‫دونهام‪ ،‬كاترين (‪ ،)2006-1909‬راقصة أمريكية‬ ‫سارتر‪ ،‬جان‪-‬بول (‪ ،)1980-1905‬كاتب وفيلسوف فرنسي‬ ‫الحيّة مع التكنولوجيات الحديثة للصورة‬ ‫شمبرلان‪ ،‬هوستن ستيوار (‪ ،)1927-1855‬كاتب بريطاني‬ ‫والصوت‪ .‬وهو مؤلف أنا أرقص‪ ،‬إذن أنا‬ ‫غوبينو‪ ،‬أرتور دو (‪ ،)1882-1816‬كاتب فرنسي‬ ‫فاشي دو لابوج‪ ،‬جورج (‪ ،)1936-1854‬عالم فرنسي في الأنثروبولوجيا‬ ‫موجود (‪ ،)2007‬تاريخ العبودية كما‬ ‫ُروي لماريان (‪ ،)2007‬أسود‪ ،‬من توسان‬ ‫فاغنر‪ ،‬ريتشارد (‪ُ ،)1883-1813‬مل ّحن ألماني‬ ‫لافنتور إلى باراك أوباما (‪ ،)2009‬مارتن‬ ‫كوفيي‪ ،‬جورج (‪ ،)1963-1882‬خبير فرنسي في علم التشريح‬ ‫لوثر كينغ (‪ ،)2012‬تشي غيفارا (‪.)2015‬‬ ‫كينغ الإبن‪ ،‬مارتن لوثر (‪ ،)1968-1929‬قس أمريكي ومناضل في سبيل الحقوق المدنية‬ ‫لابلاس‪ ،‬بيار سيمون دو (‪ ،)1827-1749‬عالم فرنسي في الرياضيات‬ ‫نذكر من بين مؤلفاته المسرحية فينوس‬ ‫وآدم (‪ ،)2004‬لا تسجن الرياح (‪،)2006‬‬ ‫لامارتين‪ ،‬ألفونس دو (‪ ،)1869-1790‬شاعر فرنسي‬ ‫المشهد الأخير (‪ ،)2012‬جلسة مغلقة بين‬ ‫ماتيس‪ ،‬هنري (‪ ،)1954-1869‬رسام فرنسي‬ ‫مارتن لوثر كينغ وزوجته كوريتا وموميا‬ ‫مايول‪ ،‬أريستيد (‪ ،)1944-1861‬ن ّحات فرنسي‬ ‫أبو جمال‪.‬‬ ‫نيتشه‪ ،‬فريديريش (‪ ،)1900-1844‬فيلسوف ألماني‬ ‫هايزنبرغ‪ ،‬فيرنر (‪ ،)1976-1901‬عالم فيزياء ألماني‬ ‫هسيود (القرن الثامن قبل المسيح)‪ ،‬شاعر يوناني‬ ‫هيجل‪ ،‬جورج ويليام فريديريش (‪ ،)1831-1770‬فيلسوف ألماني‬ ‫هورتن‪ ،‬ليستر (‪ ،)1953-1906‬راقص أمريكي‬ ‫سفر‪ ،‬تركيبة (‪ 300 × 300 × 350‬صم) من أحذية وتماثيل‬ ‫‪© Dominique Zinkpé /‬‬ ‫ُمص ّغرة لفرقة اليوروبا (إيباجي)‪ ،‬تُذ ّكر بالاتّجار بالعبيد‪،‬‬ ‫‪Photo Charles Placide TOSSOU‬‬ ‫ص ّممها سنة ‪ 2015‬الفنان البينيني دومينيك زنكبي‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|55 2018‬‬

‫ضيفتنا‬ ‫ضيفنا‬ ‫مع ّلقة معركة الجزائر‪،‬‬ ‫فيلم في التاريخ (‪،)2017‬‬ ‫شريط وثائقي لمالك بن اسماعيل‬ ‫‪© Hikayet Films/Ina‬‬ ‫‪ 56‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫ضيفتنا‬ ‫ تصوير الواقع‬ ‫قد يزعج‪ ،‬ولكنه يساعد على النضج‬ ‫ ‬ ‫مالك بن اسماعيل‬ ‫مالك بن إسماعيل يجيب عن أسئلة ياسمينا شوبوفا‬ ‫بعد مرور ثلاث سنوات على توقيع استقلال الجزائر في ‪ 1962‬الذي ختم ثمانية‬ ‫مالك بن اسماعيل (‪)2016‬‬ ‫سنوات من الحرب‪ ،‬أخرج السينمائي الإيطالي جيلو بونتيكورفو شريط «معركة‬ ‫© ‪Bruno Lévy / Divergence‬‬ ‫الجزائر»‪ .‬يتناول الفيلم فترة من أشد الفترات دموية في تلك الحرب‪ ،‬ألا وهي‬ ‫معركة ‪ 1957‬بين المقاومين الجزائريين من أجل الاستقلال المنتمين لجبهة التحرير‬ ‫الوطني‪ ،‬وبين السلطات الاستعمارية الفرنسية‪.‬‬ ‫وفي ‪ 19‬يونيو ‪ ،1965‬أثناء تصوير هذا الفيلم‪ ،‬اقتحم جيش العقيد هواري بومدين‬ ‫العاصمة الجزائر‪ .‬فاختلطت الدبابات المستخدمة في التصوير بالدبابات الحقيقية‪.‬‬ ‫ولم يدرك محيط الرئيس أحمد بن بلة حقيقة الأمر‪ .‬وتمت الإطاحة به!‬ ‫وبعد مضي نصف قرن على هذه الأحداث‪ ،‬يتناول مالك بن إسماعيل الدور‬ ‫التاريخي الذي لعبه هذا الفيلم‪ ،‬وذلك في شريط وثائقي بعنوان «معركة الجزائر‪،‬‬ ‫فيلم في التاريخ» (‪ .)2017‬ويبين المخرج أن شريطه ليس «فيلما حول الفيلم»‪ ،‬بل‬ ‫بالأحرى قراءة في تاريخ بلاده وما َمر بها من أحداث‪ :‬الثورة‪ ،‬والانقلاب العسكري‪،‬‬ ‫والأنظمة السياسية‪ ،‬وإنهاء الاستعمار‪ ...‬ومنذ نحو ثلاثين عاماً‪ ،‬يقوم هذا المخرج‬ ‫الجزائري بصياغة ما يسميه «الذاكرة المعاصرة» لبلاده‪.‬‬ ‫حرية التعبير‪ ،‬إحدى ميزات الديمقراطية‪،‬‬ ‫في التسعينات‪ ،‬بينما كنا في قلب «العقد الأسود»‬ ‫ما الذي دعاك إلى اختيار الفيلم الوثائقي‬ ‫هي موضوع الفيلم الذي خصصته‬ ‫في الجزائر‪ ،‬قررت التمسك بالواقع‪ .‬وثابرت على‬ ‫كوسيلة للتعبير؟‬ ‫هذا النهج‪ .‬والهدف الذي أسعى إليه هو إنجاز‬ ‫للصحيفة الجزائرية المستقلة الوطن‪ ،‬وقد‬ ‫شريط كل سنة أو سنتين‪ ،‬يتناول واقع الناس‬ ‫إن الفيلم الوثائقي أكثر قدرة من الفيلم‬ ‫تم عرضه في القاعات سنة ‪ .2015‬لماذا‬ ‫الروائي على التصدي للأساطير الوطنية‪،‬‬ ‫والمؤسسات والمواضيع الاجتماعية الهامة‪.‬‬ ‫والمقصود ليس محق هذه الأساطير وإنما‬ ‫يحمل الشريط عنوان «السلطة المضادة»؟‬ ‫وأرغب في أن تتيح هذه الأفلام في ما بعد فهماً‬ ‫وضعها في مكانها الصحيح حتى لا تحطم‬ ‫المجتمع‪ .‬وإن لم نقم بتصوير واقعنا‪ ،‬فكيف‬ ‫تُعتبر الصحافة الحرة مكسباً من المكاسب‬ ‫أفضل لطريقة بناء بلد ما على مر الزمن‪.‬‬ ‫يمكن لنا أن ننظر إلى أنفسنا؟ وما عسى‬ ‫الديمقراطية وقد دفع العديد من الصحفيين‬ ‫أن يكون مصدر إلهامنا؟ ومن أين ستأتي‬ ‫وأنوي إنشاء ذاكرة معاصرة‪ ،‬من خلال إظهار‬ ‫أحلامنا؟ وعلى أية حال‪ ،‬لا بد من التذكير‬ ‫حياتهم ثمناً لها خلال الحرب الأهلية في‬ ‫هذا المِخبر الذي تمثله الجزائر‪ ،‬هذا البلد‬ ‫بأن السينما انطلقت من الأفلام الوثائقية‪:‬‬ ‫الجزائر التي نشبت في عام ‪ ،1991‬وذهب‬ ‫لنتذكر الأخوين لوميير‪ ...‬إن الفيلم الوثائقي‬ ‫الذي يبحث عن ذاته‪ ،‬وما أحرزه من تقدم‪،‬‬ ‫يحدد المخيال الجماعي‪ .‬وهذا الواقع هو الذي‬ ‫ضحيتها ‪ 200.000‬قتيل بالإضافة إلى‬ ‫وما عاناه من انتكاسات‪ ،‬وما يطرحه من‬ ‫يغذي الخيال ويوفر للمجتمع مرآة تعكس‬ ‫‪ 100.000‬مفقود‪ .‬وفي ما بين عامي ‪1993‬‬ ‫تساؤلات‪ ...‬وليس ثمة عصا سحرية تُحقق‬ ‫حقيقته‪ .‬أنا على وعي بأن تصوير الواقع قد‬ ‫و‪ ،1998‬اغتال الإسلاميون المتطرفون قرابة‬ ‫يكون مزعجا‪ ،‬ولكني أعرف أيضاً أنه يساعد‬ ‫‪ 120‬صحفياً‪ .‬ولكن هذا لا يعني أن الصحافة‬ ‫الديمقراطية بين ليلة وضحاها‪ .‬كما لا يمكن‬ ‫المستقلة تمثل اليوم سلطة مضادة حقيقية‬ ‫تحقيقها بقوة السلاح!‬ ‫على‪ ‬النضج‪.‬‬ ‫في‪ ‬بلادي‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|57 2018‬‬

‫ضيفتنا‬ ‫هذا وقد توقفت الصحيفة عن الصدور ست‬ ‫إن صحيفة الوطن ليست هي الوحيدة التي‬ ‫بالنسبة لهذا الفيلم‪ ،‬قررت تناول الموضوع من‬ ‫مرات على الأقل و ُرفعت بحقها نحو مائتي‬ ‫تقوم بهذا العمل‪ .‬هناك بعض الصحف‬ ‫منظور «غير مباشر»‪ ،‬من خلال متابعة فريق‬ ‫قضية عدلية‪ ،‬مما عرضها لمزيد من الهشاشة‬ ‫من الصحفيين أثناء قيامهم بعملهم‪ .‬ذلك أن‬ ‫من الناحية الاقتصادية‪ .‬وقد اندهشت ِلما‬ ‫الأخرى‪ ،‬مثل لو كوتيديان دي وهران (صحيفة‬ ‫اهتمامي لم يكن متعلقاً بالصحافة باعتبارها‬ ‫وهران اليومية)‪ ،‬والخبر‪ ،‬وليبرتي(الحرية)‪،‬‬ ‫سلطة مضادة‪ ،‬بقدر ما كان يخص السلطات‬ ‫سمعته من عمر بلحوشات‪ ،‬مدير النشر‬ ‫وإلى حد ما‪ ،‬لو صوار دالجيري (مساء‬ ‫ومؤسس الصحيفة‪ ،‬لما صرح بأن هذه‬ ‫الجزائر)‪ ،‬وهي صحف تمارس المقاومة‬ ‫المضادة التي يجسدها الأفراد‪.‬‬ ‫القضايا تكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمسار‬ ‫الديمقراطي‪ .‬كنت أظن أن هذه القضايا تمثل‬ ‫وتخوض الكفاح‪ .‬ولا تعد هذه الصحف صحفاً‬ ‫في الجزائر‪ ،‬لم يتطور بعد مفهوم الفرد‪.‬‬ ‫تجارب مريرة‪ ،‬ولكن بلحوشات كان يعتبرها‬ ‫معا ِرضة‪ .‬بل هدفها توفير الأخبار الصحيحة‬ ‫نحن محبوسون داخل فكرة الجماعة‪.‬‬ ‫فرصة للدفاع ليس فقط عن الصحفيين‬ ‫اعتمادا على مصادر متوازنة‪ .‬كما أن أغلبية‬ ‫والرسامين الهزليين‪ ،‬بل أيضاً عن مفهوم حرية‬ ‫هذه الصحف لها مواقع على شبكة الإنترنت‪،‬‬ ‫لدينا مسؤولية الدفاع عن أمة واحدة‪ ،‬وبلاد‬ ‫التعبير ذاته‪ ،‬وهو مفهوم مدرج في الدستور‪.‬‬ ‫متاحة مجانا للجميع بما فيهم المغتربين‪.‬‬ ‫واحدة‪ ،‬وإله واحد‪ ،‬ولغة واحدة‪ ...‬هذا الرقم‬ ‫وقد أتاحت هذه القضايا ِلبلحوشات فرصة‬ ‫ما الذي تقوم به صحيفة الوطن‬ ‫الأحادي الموجود في كل مكان والقادر على‬ ‫ليشرح للمحكمة معنى الرسم الهزلي‪ ،‬ومعنى‬ ‫للمحافظة على استقلاليتها؟ وكيف تضمن‬ ‫كل شيء من المفروض أن يشملنا جميعاً‪ ،‬في‬ ‫حين أن الواقع غير ذلك‪ ،‬إذ يوجد شخصيات‪،‬‬ ‫الفكاهة‪ ،‬والتعليق الصحفي‪ ،‬والتحقيق‬ ‫استمراريتها؟‬ ‫الاستقصائي‪ ،‬وأين تكمن الروادع التي يخضع‬ ‫ومفكرون‪ ،‬وصحفيون‪ ،‬وقضاة وطلبة‪...‬‬ ‫عن طريق البيع ـ فهي تطبع ‪140.000‬‬ ‫يعيشون في فضاء متنوع الثقافات ومتعدد‬ ‫لها المجتمع‪ .‬وكأنه يستخدم تلك القضايا‬ ‫نسخة‪ ،‬ويبلغ ثمن النسخة الواحدة ‪ 20‬دينارا‬ ‫اللغات‪ ،‬ويفكرون بأساليب مختلفة‪ ،‬ويشكلون‬ ‫لتدريب القضاة الشبان في مجال حرية‬ ‫(أي ما يعادل ‪ 20‬سنتيماً من اليورو تقريباً)‬ ‫مجموعة من تلك السلطات المضادة المحدودة‬ ‫الصحافة‪.‬‬ ‫ـ فضلاً عن الإعلانات الإشهارية‪ .‬وبما أنها‬ ‫اللازمة لتحقيق الديمقراطية‪.‬‬ ‫التعليم هو الموضوع الرئيسي ل َشيطك‬ ‫محرومة من نشر الإعلانات الحكومية منذ عام‬ ‫الوثائقي «الصين لا تزال بعيدة» (‪.)2008‬‬ ‫ما الفائدة من صحيفة مستقلة إن لم يكن‬ ‫ما الذي دعاك للإشارة إلى الصين‪ ،‬في موضوع‬ ‫‪ ،1993‬أنشأت الصحيفة بمواردها الخاصة‬ ‫لها تأثير على المجتمع؟‬ ‫إدارة للإشهار وإدارة للتوزيع‪ ،‬فضلاً عن‬ ‫يتعلق بمدرسة في تفلفال‪ ،‬تلك القرية‬ ‫الصحافة المستقلة قادرة‪ ،‬حتى لو كانت لا‬ ‫الصغيرة في جبال الأوراس التي انطلقت منها‬ ‫مطبعة مستقلة بالاشتراك مع صحيفة الخبر‪.‬‬ ‫تمثل سلطة مضادة حقيقية‪ ،‬على التبليغ عن‬ ‫وعلاوة على ذلك‪ ،‬توجهت الصحيفة نحو‬ ‫ممارسات العنف الخفية التي لا يتم ذكرها‬ ‫شرارة حرب الجزائر في نوفمبر ‪1954‬؟‬ ‫الإعلانات الخاصة التي توفر لها ما يتيح دفع‬ ‫البتة‪ .‬وتُعتبر الجزائر في الوقت الراهن بلداً‬ ‫يشير عنوان الفيلم إلى حديث للنبي محمد‪:‬‬ ‫أجور نحو مائة صحفي ومراسل ينتمون إلى‬ ‫يسوده الهدوء‪ ،‬محمي من الإرهاب‪ ،‬غير أنها‪،‬‬ ‫«اطلبوا العلم ولو في الصين»‪ .‬إذا كانت الصين‬ ‫هيئة التحرير‪.‬‬ ‫في واقع الأمر‪ ،‬ليست في مأمن من التعرض‬ ‫أرض الرموز والمعرفة‪ ،‬فهي إذا تلك الأرض‬ ‫للإهانات والتلاعب‪.‬‬ ‫التي لا بد من الوصول إليها مهما كلف ذلك‬ ‫مقطع من شريط الصين لا تزال‬ ‫من جهد‪ .‬وهي أرض لا تزال بعيدة المنال‪ ،‬من‬ ‫بعيدة (‪ ،)2008‬لمالك بن اسماعيل‪.‬‬ ‫وجهة نظر الجزائر‪.‬‬ ‫‪© Unlimited/CirtaFilms‬‬ ‫و ُقبيل هذا الفيلم‪ ،‬كنت قد أخرجت شريطا‬ ‫وثائقياً حول الجنون («إختلال»‪)2004 ،‬‬ ‫استوجب مني قضاء ثلاثة أشهر في مستشفى‬ ‫الأمراض العقلية حيث شاهدت حالات عديدة‬ ‫من الهذيان السياسي‪-‬الديني‪ .‬وتساءلت عن‬ ‫مصدر مثل هذا المرض‪ ،‬فحصلت على الإجابة‬ ‫من طبيب للأمراض النفسية‪« :‬المصدر هو‬ ‫المجتمع»‪ .‬وهذا ما حثني على استكشاف‬ ‫طريقة تكوين الشباب‪ ،‬والأفكار التي تُلقن لهم‬ ‫في المدارس‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ذهبت إلى مدرسة القرية‬ ‫حيث بدأت حرب الجزائر‪.‬‬ ‫كانت هذه الحرب التي استمرت ما يقارب‬ ‫ثمانية أعوام‪ ،‬شديدة العنف‪ .‬وتحولت الجزائر‬ ‫إلى أسطورة‪ ،‬بفضل انتصارها‪ ،‬وسعت الأنظمة‬ ‫المتتابعة حثيثاً لترسيخ هذه الأسطورة‪.‬‬ ‫ولا‪ ‬أقول إنه ليس من المناسب تقوية المشاعر‬ ‫الوطنية لدى المواطنين وتثمين الأعمال البطولية‬ ‫التي أنجزوها‪ .‬ولكني لا أوافق على أن يتم ذلك‬ ‫في انفصال تام عن الحياة المحلية اليومية‪ .‬لقد‬ ‫أردت تصوير الواقع اليومي للجزائر الكادحة‬ ‫والمناضلة‪ ،‬من وراء تلك الأسطورة‪.‬‬ ‫‪ 58‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫ضيفتنا‬ ‫‪© Unlimited/CirtaFilms‬‬ ‫مالك بن إسماعيل‪ ،‬سينمائي جزائري ك ّرس‬ ‫رشيدة امرأة مبهرة‪ .‬لقد أعطتني درساً رائعاً في‬ ‫يقول المخرج مالك بن اسماعيل‪« :‬لا نصنع‬ ‫جهوده لإنتاج الأفلام الوثائقية منذ التسعينات لما‬ ‫الحرية! هي أصيلة قرية أخرى تقع في جنوب‬ ‫شريطا حول الناس‪ ،‬وإنما مع أناس من‬ ‫الجزائر‪ ،‬اضطرت للفرار منها إثر طلاقها‪ ،‬لأن‬ ‫الواقع»‪ .‬في الصورة‪ ،‬مجموعة من التلاميذ‬ ‫كانت بلاده تمر بمأساة «العشرية الدامية»‪ .‬وقد‬ ‫المرأة الطالق تعتبر بمثابة‪ ‬العاهرة‪.‬‬ ‫ساهموا في شريط الصين لا تزال بعيدة‪..‬‬ ‫حظيت أفلام مالك بن إسماعيل بترحيب النقاد‬ ‫كان من المستحيل إجراء مقابلات مع نساء‬ ‫ويُبين الفيلم الهوة التي تفصل بين الأسطورة‬ ‫أخريات‪ ،‬رغم أن النساء‪ ،‬في هذه المنطقة‪،‬‬ ‫وبين الواقع الاجتماعي‪ .‬ويتضح‪ ،‬في نهاية‬ ‫ونالت جوائز في العديد من المهرجانات الدولية‪.‬‬ ‫المطاف‪ ،‬أن ما يُلقن للأطفال إنما هو كره‬ ‫اشتَهرن في الماضي بقدر ِتهن على إدارة‬ ‫الغير‪ .‬كما يُظهر الفيلم أن التعليم القرآني‬ ‫ويتم عرض هذه الأفلام في قاعات السينما كما‬ ‫الاقتصاد المحلي‪ :‬كانت صناعة السجاجيد‬ ‫والزراعة بين أيديهن‪ .‬أما الآن‪ ،‬فقد أصبحن‬ ‫كما يمارس اليوم‪ ،‬بعيد كل البُعد عن أحاديث‬ ‫تبثها القنوات التلفزية في جميع أنحاء العالم‪،‬‬ ‫قابعات خلف جدران منازلهن‪ .‬وفي الريف‪،‬‬ ‫النب ّي‪ .‬لقد أضر الإسلام السياسي أيما ضرر‬ ‫ولاسيما في أوروبا‪ ،‬ومن هذه القنوات‪ :‬آرتي‬ ‫نادرا ما يغادرن منازلهن‪ ،‬حتى وإن تح ّجبن‪.‬‬ ‫في المجتمع حتى يومنا هذا‪ ،‬وبالخصوص في‬ ‫فالرجال هم الذين يذهبون للسوق‪ .‬وهذا أمر‬ ‫المناطق الريفية‪.‬‬ ‫(ألمانيا ـ فرنسا)‪ ،‬وكلتورا تي‪ .‬في‪( .‬البرازيل)‪،‬‬ ‫لم يشهد له مثيل في السابق! إن سنوات الإسلام‬ ‫والتلفزة البلجيكية الفرنكوفونية ر‪ .‬ت‪ .‬ب‪ .‬ف‪،‬‬ ‫السياسي والفكر المحا ِفظ قضوا تماماً على‬ ‫هل هذا ما يفسر أن رشيدة‪ ،‬عاملة النظافة‬ ‫وتي‪ .‬في‪( 3 .‬إسبانيا)‪ ،‬وإيلي(فنلندا)‪ ،‬وفرانس‬ ‫دور المرأة الاجتماعي التقليدي‪ ،‬وعلى جميع‬ ‫بالمدرسة‪ ،‬هي المرأة الوحيدة التي أدلت‬ ‫المكاسب المتعلقة بتحريرها‪ .‬وأثناء تصوير‬ ‫بشهادتها في هذا الفيلم؟‬ ‫تي‪ .‬في‪ ،.‬وكنال ‪ ،+‬و بي‪ .‬بي‪ .‬سي‪ .‬شانل فور‬ ‫الفيلم‪ ،‬كانت النساء يرسلن الأطفال لتزويدنا‬ ‫(المملكة المتحدة)‪ ،‬وقناتي التلفزة السويسرية‬ ‫بصواني الطعام والحلوى والقهوة‪ ،‬ولم نر أية‬ ‫الناطقتين بالفرنسية وبالإيطالية‪ ،‬والقناة الدولية‬ ‫واحدة‪ ‬منهن‪.‬‬ ‫تي‪ .‬في‪ 5.‬موند‪ .‬كما فاز مالك بن إسماعيل‬ ‫بجائزة «فيلا كوجوياما» (كيوتو‪ ،‬اليابان) في‬ ‫عام ‪ .2010‬ومن المقرر عرض أعماله في كبرى‬ ‫الجامعات الأمريكية في خريف عام ‪.2018‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|59 2018‬‬

‫الأحداث‬ ‫الأحداث‬ ‫صورة من سلسلة‬ ‫جينيزيس للمص ّور‬ ‫البرازيلي سيباستياو‬ ‫سلغادو‪،‬التقطت في أرخبيل‬ ‫غالاباغوس (الإكوادور)‪،‬‬ ‫سنة ‪2005‬‬ ‫‪© Sebastião Salgado‬‬ ‫‪ 60‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫الأحداث‬ ‫أرخبيل كولومبوس‪:‬‬ ‫ السكان يتجندون‬ ‫‪© Sarah Del Ben‬‬ ‫سوق السمك في سانتا كروز‪،‬‬ ‫جزيرة من أرخبيل غالاباغوس (الإكوادور)‪،‬‬ ‫ماذا يتبادر في أذهاننا لما نفكر في جزر غالاباغوس؟ سلاحف عملاقة‪ ،‬وإغوانا‬ ‫مارس ‪2018‬‬ ‫بحرية‪ ،‬وعصافير‪ ،‬وداروين ونظريته التّطورية؟ هذا مفروغ منه‪ .‬لكن‬ ‫وتغطي محمية المحيط الحيوي لأرخبيل‬ ‫الغالاباغوس تأوي أيضا ‪ 28.000‬ساكن موزعين على أربع جزر‪ :‬سانتا كروز‪،‬‬ ‫كولومبوس‪-‬غالاباغوس التي تبلغ مساحتها‬ ‫وسان كريستوبال‪ ،‬وإيزابيلا وفلوريانا‪ .‬وقد بلغ عدد السياح الذين يزورون‬ ‫‪ 7500‬كيلومتر مربع‪ ،‬مجمل المساحة اليابسة‬ ‫الأرخبيل حوالي ‪ 240.000‬سائح كل سنة‪ ،‬بفضل هؤلاء السكان الذين تجندوا‬ ‫لمنتزه غالاباغوس الوطني‪.‬‬ ‫للتصرف التشاركي والمستدام في موارد الغالاباغوس ‪ -‬الذي يحمل أيضا اسم‬ ‫أرخبيل كولومبوس – وهو موقع في الإكوادور مسجل على قائمة التراث العالمي‬ ‫ويعتبر الغالاباغوس من بين أفضل النماذج‬ ‫منذ سنة ‪ ،1978‬ومصنّف ك َمحمية للمحيط الحيوي في إطار شبكة اليونسكو‬ ‫التي حققت تفاعلا منسجما ومنفعة متبادلة‬ ‫العالمية منذ سنة ‪.1984‬‬ ‫بين الإنسان وبيئته الطبيعية‪ .‬وترتكز‬ ‫استراتيجية إدارة محمية المحيط الحيوي‬ ‫يضم الأرخبيل الذي يقع على بعد ‪ 1000‬كيلومتر‬ ‫على إنتاج المواد الغذائية التي تعود بالنفع‬ ‫من اليابسة والذي يأوي واحدا من أغنى النظم‬ ‫على الاقتصاد المحلي‪ ،‬وعلى احترام النظم‬ ‫البيئية البحرية في العالم‪ ،‬ثلاث عشرة جزيرة‬ ‫البيئية‪ ،‬ومنع دخول الأنواع التي من شأنها‬ ‫كبيرة – مصحوبة بـ‪ 147‬جزيرة صغيرة‬ ‫أن تغزو المحيط وتعرض للخطر التنوع‬ ‫وصخور بحرية ‪ -‬تش ّكلت منذ أربعة ملايين‬ ‫سنة‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬أغلب هذه الجزر هي قمم‬ ‫الحيوي‪ ‬الأصلي‪.‬‬ ‫براكين مغمورة في أعماق البحر‪ ،‬يفوق ارتفاع‬ ‫بعضها ‪ 3000‬متر من قاع المحيط الهادئ‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|61 2018‬‬

‫الأحداث‬ ‫مصالحة‬ ‫ومنذ سنة ‪ ،2017‬تمت إعادة تدوير نصف‬ ‫ويقع منتزه غالاباغوس الوطني في قلب‬ ‫النفايات الصلبة بفضل برنامج فرز النفايات‬ ‫المحمية‪ ،‬ويعد مثالا ناجحا للتصرف التشاركي‪،‬‬ ‫بقلم لوك جاكي‬ ‫واستعادة المواد منها‪ ،‬وذلك بمشاركة‬ ‫إذ يتيح للسكان المحليين الارتزاق بطريقة‬ ‫في مارس ‪ ،2018‬توجه كل من المخرج‬ ‫السكان‪ ‬المحليين‪.‬‬ ‫مستدامة من خلال موارد بعض الأنشطة‪ ،‬مثل‬ ‫الفرنسي لوك جاكي‪ ،‬الحائز سنة ‪2006‬‬ ‫الصيد أو تربية الماشية أو السياحة أو الترفيه‪،‬‬ ‫ومن خلال مشروع محميات المحيط الحيوي‬ ‫بفضل تخطيط محكم للتصرف في إنتاج المواد‬ ‫على جائزة أوسكار لشريطه الوثائقي‬ ‫كأداة لإدارة المناطق الساحلية والجزر في‬ ‫«مسيرة الإمبراطور»‪ ،‬والمخرجة‬ ‫الغذائية المحلية وإعادة تدوير النفايات‪.‬‬ ‫الجنوب الشرقي للمحيط الهادئ‪ ،‬يعمل حالياً‬ ‫والمصورة سارة دل بن‪ ،‬إلى أرخبيل‬ ‫برنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع‬ ‫وإذا أخذنا على سبيل المثال إنتاج القهوة‪ ،‬فقد‬ ‫الغالاباغوس في رحلة استكشافية‬ ‫تم سنة ‪ 2015‬إنشاء تعاونية تضم كلا من‬ ‫لمشروع فيلم سينمائي جديد‪ .‬وقد‬ ‫لليونسكو‪ ،‬بالتعاون مع حكومة إكوادور‪،‬‬ ‫المزارعين وأصحاب المطاحن والتجار بهدف‬ ‫رافقهم في تلك الرحلة اخصائيون من‬ ‫ومنتزه غالاباغوس الوطني والمجتمعات‬ ‫برنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع‬ ‫تحسين إنتاج وتسويق الأصناف الثمانية لنوع‬ ‫لليونسكو‪ .‬وفي ما يلي شهادة لوك جاكي‬ ‫المحلية‪ ،‬على توسيع محمية المحيط الحيوي كي‬ ‫الأرابيكا التي تزرع منذ قرن في الجزر‪ ،‬على‬ ‫عن تلك الرحلة‪ ،‬سجلها فريق اليونسكو‪.‬‬ ‫تبلغ مساحة ‪ 133.000‬كيلومتر مربع‪ ،‬لتشمل‬ ‫ارتفاع ‪ 250‬متراً فوق مستوى سطح البحر‪.‬‬ ‫وبفضل نكهتها الشهيرة‪ ،‬يبلغ سعر قهوة‬ ‫تنشر رسالة اليونسكو هذا المقال بمناسبة‬ ‫محمية غالاباغوس البحرية التي تعد ملاذاً‬ ‫غالاباغوس سبعة أضعاف نظيرتها بالقارة‪.‬‬ ‫انعقاد الدورة الثلاثين لمجلس برنامج‬ ‫حقيقياً للكائنات البحرية الحية‪ .‬وباعتبارها‬ ‫وتحترم طرق الإنتاج (الخالية من المبيدات‬ ‫الإنسان والمحيط الحيوي في بالمبانغ‬ ‫الحشرية) والقطف والتصنيع قواعد حماية‬ ‫نقطة التقاء العديد من التيارات البحرية‪،‬‬ ‫بأندونيسيا‪ ،‬من ‪ 23‬إلى ‪ 28‬يوليو ‪.2018‬‬ ‫حيث تختلط المياه الباردة والدافئة‪ ،‬تشكل‬ ‫البيئة‪ ،‬مما سيتيح لهذه الأصناف الحصول على‬ ‫هذه المحمية مأوى للعديد من الكائنات الحية‬ ‫شهادة المنشأ‪.‬‬ ‫هذا الصباح‪ ،‬بينما كنت أتجول في أزقة سانتا‬ ‫الأصلية‪ ،‬وكذلك للكا ِئنات الواردة من مختلف‬ ‫كروز‪ ،‬شاهدت رجلاً عجوزاً يقرأ صحيفة‬ ‫أما بالنسبة لإعادة تدوير النفايات الصلبة‪،‬‬ ‫مناطق المحيط الهادئ‪.‬‬ ‫فإن حكومة بلدية سانتا كروز تقوم منذ عشر‬ ‫وكان يرافقه أسد بحر‪ ،‬يجالسه بكل تلقائية‬ ‫سنوات باتخاذ المزيد من المبادرات وتنسيقها‪،‬‬ ‫على نفس المقعد‪ .‬وعلى مسافة قصيرة منهما‪،‬‬ ‫بتمويل من الحكومة الفل َمندية لمملكة بلجيكا‪،‬‬ ‫يدعم المشروع المذكور إنشاء محميات للمحيط‬ ‫ومنها بعث برامج تربوية وتح ِسيسية حول‬ ‫رأيت رجالا وقد عادوا لتوهم من الصيد‪،‬‬ ‫المشاكل البيئية‪ ،‬وحظر استعمال المواد‬ ‫يبيعون سمكا طازجا سوف يُستهلك قبل‬ ‫الحيوي باعتبارها أدوات لممارسات مبتكرة‬ ‫غروب الشمس‪ .‬واصلت طريقي‪ ،‬فاعترضت‬ ‫ومتلائمة مع السياقات الاجتماعية والثقافية‬ ‫المكونة من البولي إثيلين أو منع توريد الجعة‬ ‫بعض المارة والسياح والإغوانا‪ .‬وكفاني أن‬ ‫والبيئية‪ .‬كما يشجع على إنشاء شبكة تشاركية‬ ‫والمشروبات الغازية في عبوات غير قابلة لإعادة‬ ‫ابتعد قليلا عن الأزقة ليتسنى لي التأمل في‬ ‫الأطفال وهم يلعبون حول السلاحف العملاقة‬ ‫لتبادل المعلومات والتجارب حول تقلص‬ ‫التدوير‪.‬‬ ‫التي يناهز عمرها مائة سنة‪ ،‬وهي ترعى‬ ‫التنوع البيولوجي‪ ،‬والتصرف في المناطق‬ ‫الساحلية وإدارة التنمية المستدامة‪ .‬ويهتم‬ ‫غير أن الفضل في نجاح هذه المبادرات يعود‬ ‫العشب بكل هدوء‪.‬‬ ‫المشروع بشكل خاص بالسواحل والجزر في‬ ‫بالأساس إلى سكان القرى الذين أخذوا على‬ ‫الجنوب الشرقي للمحيط الهادئ الواقعة في‬ ‫عاتقهم حماية البيئة والمحافظة عليها‪ .‬فيقوم‬ ‫جلت العالم كله لكنني لم أر قط مثل هذا‬ ‫شيلي‪ ،‬وكولومبيا‪ ،‬والإكوادور‪ ،‬وبنما وبيرو‪ .‬كما‬ ‫الحرفيون باقتناء المواد القابلة لإعادة التدوير‬ ‫التقارب بين مختلف الكائنات الحية‪ ،‬ربما‬ ‫تساهم هذه الجهود في توفير سبل عيش أفضل‬ ‫ليصنعوا منها عدة أمتعة‪ ،‬ويستخدم البناؤون‬ ‫باستثناء أنتاركتيكا‪ ،‬القارة القطبية الجنوبية‪.‬‬ ‫هذه الأماكن النائية‪ ،‬تشكل في نهاية الأمر‪ ،‬آخر‬ ‫لسكان المنطقة‪.‬‬ ‫كتل الزجاج أو الألواح الزجاجية في بناء‬ ‫ملاذ لحياة متناغمة بين الإنسان والطبيعة‪.‬‬ ‫المنازل‪ ،‬ويتجنّد الصيادون لحظر استعمال‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬في كلا المنطقتين‪ ،‬ظروف الحياة‬ ‫إعادة تصنيع النفايات في‬ ‫شباك الصيد البلاستيكية ويقومون بأنفسهم‬ ‫سانتا كروز بالغالاباغوس‬ ‫بجمع النفايات الملوثة للبحر‪ ،‬شأنهم شأن‬ ‫قاسية جدا‪.‬‬ ‫السكان الذين يشاركون بشكل منتظم في‬ ‫تنظيف الشواطئ‪.‬‬ ‫‪© Sarah Del Ben‬‬ ‫‪ 62‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫الأحداث‬ ‫بينالإنسان والطبيعة‬ ‫‪© Sarah Del Ben‬‬ ‫المخرج الفرنسي لوك جاكاي‪ ،‬أثناء سفره‬ ‫أما أنا‪ ،‬فلي حظ التمتع بمهارات تمكنني من‬ ‫في أراضي غالاباغوس القاحلة والمع ّرضة لحرارة‬ ‫لتحديد مواقع التصوير في الغالاباغوس‪،‬‬ ‫القيام‪ ،‬بكل تواضع‪ ،‬بدور الوسيط بين العلم‬ ‫الشمس المحرقة والتي تعسر فيها الحياة‪ ،‬لا‬ ‫حيث تن ّقل صحبة فريق من اليونسكو‪،‬‬ ‫وعامة الجمهور‪ .‬لدي مهارة في انتاج صور‬ ‫وجود لأي صراع بين النشاط البشري والتنوع‬ ‫في مارس ‪2018‬‬ ‫قادرة على تمرير الرسائل‪ ،‬بكفاءة أصبحت‬ ‫البيولوجي‪ .‬ويخال لنا أننا متواجدون في مخبر‬ ‫التغير المناخي وتق ّلص التنوع البيولوجي‬ ‫الآن مؤكدة‪ .‬وأضع هذه المهارة في خدمة‬ ‫بمقاس حقيقي‪ ،‬بصدد مشاهدة دليل حي‬ ‫قضايا معقدة للغاية‪ .‬والسينما قادرة‬ ‫الكوكب‪ .‬وهذا ما يدفعني لدعم برنامج الإنسان‬ ‫لإمكانية التعايش بين البشر والحيوانات‪...‬‬ ‫على جعلها في متناول الجمهور من خلال‬ ‫والمحيط الحيوي التابع لليونسكو‪ ،‬إذ تتوافق‬ ‫شريطة أن يتم وضع سياسات للتصرف‬ ‫ترجمتهما إلى قصص بسيطة وذات بعد كوني‬ ‫طموحاته مع قناعاتي‪ .‬إن فلسفة هذا البرنامج‬ ‫الرشيد في الموارد‪ ،‬من شأنها أن تسمح للنظم‬ ‫البيئية بالبقاء‪ .‬وهذا الأرخبيل نموذج يجدر‬ ‫في نفس الوقت‪ .‬وهكذا‪ ،‬تفتح السينما أمامنا‬ ‫تستند إلى فكرة التعايش‪ ،‬وهي فكرة ألتزم‬ ‫الاقتداء به في بقية أنحاء العالم‪ ،‬في ما يخص‬ ‫الباب الأول على طريق الوعي‪.‬‬ ‫بها‪ ‬تماما‪.‬‬ ‫سبل سد الهوة التي اتسعت‪ ،‬جراء تصرفاتنا‪،‬‬ ‫ولما نكون قد أخذنا ذلك المنحى‪ ،‬ندرك أنه من‬ ‫إن السينما أداة رائعة لإذكاء الوعي‪ ،‬إذ تتسم‬ ‫بيننا وبين بقية الكائنات الحية‪.‬‬ ‫باب الخيال أن نتصور ولو لحظة واحدة –‬ ‫لغتها بالعاطفة والتعبير المجازي‪ .‬ولا تحتاج‬ ‫لاستعمال خطاب الوعظ أو الاتهام‪ ،‬فذلك لم‬ ‫إن المساهمة في المحافظة على النظم‬ ‫رغم أن الأجيال الأربعة أو الخمسة الأخيرة من‬ ‫يعد في الحقيقة يجدي نفعا‪ .‬هي تؤثر في روح‬ ‫الايكولوجية مهمة معقدة دائ ًما‪ .‬ولكن قبل‬ ‫البشرية قد قامت فعلا بذلك ‪ -‬أنه بإمكاننا أن‬ ‫المشاهدين وعقولهم‪ .‬كما تدعوهم للاندماج‬ ‫كل شيء‪ ،‬لا بد أن نتعلم كيف نتعرف على‬ ‫تلك النظم وكيف نحبها‪ .‬وإذا بادر كل واحد‬ ‫نعيش في معزل عن الطبيعة‪ .‬نحن آتون من‬ ‫في الطبيعة‪ ،‬إما بدافع الاستمتاع بجمالها‬ ‫منا بالقيام بذلك‪ ،‬من خلال استخدام مواهبه‬ ‫الطبيعة ونحن في حاجة إليها لأشياء أساسية‬ ‫أو بدافع الاستفادة من منافعها أو بدافع‬ ‫وقدراته‪ ،‬فسوف تثمر جهودنا الجماعية‪ ،‬تلك‬ ‫مثل التنفس أو شرب الماء أو الغذاء‪ .‬كما أننا في‬ ‫هي قناعتي‪ .‬إنني أؤمن إيمانا راسخا بأن هذه‬ ‫الفضول‪ ‬فقط‪.‬‬ ‫الطاقة الجماعية سوف تسمح لنا بالمضي قدما‬ ‫حاجة إليها كي نشيّد أحلامنا‪.‬‬ ‫نحو حياة لن نعد نتقلد فيها دور المستعمر‬ ‫بل دور المتصرف‪ ،‬ونحو مجتمع واع بقيمة‬ ‫الكوكب الذي يعيش فيه‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|63 2018‬‬

‫الأحداث‬ ‫طائرة بدون طيّار‬ ‫تكشف عن‬ ‫ أسرار تيواناكو‬ ‫لوسيا اغليزياس كونتز (اليونسكو)‬ ‫ها أن موقع تيواناكو الذي يقع على‬ ‫بعد ‪ 70‬كلم غربي مدينة لاباز و‪ 15‬كلم‬ ‫عن ضفاف بحيرة تيتيكاكا‪ ،‬يُفاجئنا‬ ‫من جديد‪ .‬هو مركز روحي وسياسي‬ ‫لثقافة تيواناكو (بوليفيا)‪ُ ،‬مس ّجل منذ‬ ‫سنة ‪ 2000‬في قائمة التراث العالمي‪.‬‬ ‫وقد ت ّمت فيه مؤخرا اكتشافات‬ ‫استثنائية في إطار مشروع لليونسكو‪.‬‬ ‫تنشر رسالة اليونسكو هذا المقال بمناسبة‬ ‫الدورة ‪ 42‬للجنة التراث العالمي التي تنعقد‬ ‫من ‪ 24‬يونيو إلى ‪ 4‬يوليو ‪ 2018‬في المنامة‬ ‫(البحرين)‪.‬‬ ‫وبعد أن اختار الرئيس إيفو موراليس‪ ،‬وهو‬ ‫خريطة لتيواناكو ُص ّممت بالاعتماد على‬ ‫يمثّل تيواناكو أحد أهم المواقع الأثرية المبهرة في‬ ‫من أصل أمريكي‪-‬هندي‪ ،‬تيواناكو كمكان‬ ‫معطيات ذات ‪ 3‬أبعاد و ّفرتها طائرة بدون‬ ‫أمريكا الجنوبية‪ ،‬بتركيبة مجمع مبانيه الهائلة‬ ‫رمزي لافتتاح كل واحدة من فترات حكمه‬ ‫الثلاث على رأس بوليفيا (في ‪ 2006‬و‪2010‬‬ ‫طيّار‪ .‬الخطوط السوداءتشير إلى آثار‬ ‫وموقعه على ارتفاع ما يفوق مستوى البحر‬ ‫و‪ ،)2015‬استعاد الموقع أه ّميته وأصبح‬ ‫تجمعات سكنية ُمحتملة‬ ‫بـ‪ 3800‬متر‪ .‬ويعود تاريخه إلى العصر قبل‬ ‫اليوم جزءا لا غنى عنه من برامج الزيارات‬ ‫في منطقة مولو كونتو‪.‬‬ ‫الإسباني للأنديز‪ ،‬حيث كان‪ ،‬طيلة عدة قرون‪،‬‬ ‫السياحية‪ .‬غير أن التمتّع الكامل بهذا الموقع‬ ‫عاصمة لامبراطورية شاسعة وجبارة‪ ،‬استمدت‬ ‫يستوجب من الزائر جهودا كبيرة‪ .‬ذلك أن‬ ‫© ‪José Ignacio Gallego / UNESCO‬‬ ‫سيطرتها من استعمال مواد وتقنيات مبتكرة‪،‬‬ ‫تيواناكو لا تتط ّلب ُمج ّرد التأ ّمل‪ ،‬وإنما‬ ‫تم ّكنت بفضلها من تحسين انتاجها الفلاحي‪،‬‬ ‫وإثر انهيار هذه الثقافة في القرن الثالث عشر‪،‬‬ ‫وبالتالي من تطوير قدراتها الاقتصادية‪ .‬ومنذ‬ ‫استعمال د ّقة الملاحظة والتوثيق‪ .‬إذ لم يتبقى‬ ‫تع ّرضت تيواناكو إلى عمليات سلب مكثفة‪:‬‬ ‫من المجموعة الفخمة من المعابد والقصور‬ ‫كانت للمكان جاذبية مثل المغناطيس على‬ ‫عهد تيواناكو‪ ،‬تط ّورت الثقافة التي تحمل‬ ‫نفس الاسم‪ ،‬والتي بلغت أوجها بين سنتي‬ ‫إلا الأنقاض أو آثار ت ّم إعادة بناء سبعة منها‬ ‫مفتّشي الكنوز‪ ،‬م ّما أدى إلى اندثار آثار نفيسة‪.‬‬ ‫‪ 500‬و‪ 900‬من عصرنا‪ ،‬وأش ّعت على مناطق‬ ‫ُجزئيّا‪ :‬هرم أكابانا‪ ،‬ومعبد كانتاتاييتا‪ ،‬والمعبد‬ ‫وكان يُستعمل أيضا كمقطع للحجر‪ ،‬كما‬ ‫شاسعة تض ّم غرب بوليفيا‪ ،‬والجنوب الغربي‬ ‫الصغير المقبور جزئيا تحت الأرض‪ ،‬ومعبد‬ ‫تشهد على ذلك العديد من الوثائق التاريخية‪.‬‬ ‫للبيرو‪ ،‬وشمال الأرجنتين والشيلي‪.‬‬ ‫كالاساسايا‪ ،‬وقصر بوتوني‪ ،‬وقصر كيري كالا‪،‬‬ ‫ويمكن العثور على بعض القطع التي نقلت‬ ‫وهرم بوما بونكو‪.‬‬ ‫من الموقع واستعملت في مباني عصرية‬ ‫متواجدة في المدينة المجاورة‪ ،‬وحتّى في العاصمة‬ ‫البوليفية‪ ‬لاباز‪.‬‬ ‫‪ 64‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫الأحداث‬ ‫‪© Ernestina Cortés Albor / UNESCO‬‬ ‫مراسم أيامارية في تيواناكو ‪ -‬بوليفيا‬ ‫كما يتض ّمن هذا البرنامج الطموح‪ ،‬الذي‬ ‫لكن هذه الآثار المتبقية تحمل بوضوح طابع‬ ‫انتهى إنجازه ُمؤ ّخرا‪ ،‬خ ّطة للسياحة المستدامة‬ ‫الحضارات العظمى لما تكنه من معجزات‬ ‫بالنسبة لي هو‬ ‫(باعتبار أن تيواناكو يقع في الهضاب المرتفعة‪،‬‬ ‫اكتشاف العمر‪:‬‬ ‫مثل بوما بونكو (باب بوما) ال ُمتك ّون من كتل‬ ‫تيواناكو تُمثّل منذ‬ ‫في منطقة ُمع ّرضة للزلازل‪ ،‬وفي وا ٍد منحصر‬ ‫ضخمة من الحجر الرملي يصل وزنها إلى‬ ‫‪ 500‬سنة أحد‬ ‫بين مجموعتين من الجبال)‪ ،‬وكذلك‪ ،‬و ِبطلب‬ ‫المراجع التاريخية‬ ‫من لجنة التراث العالمي‪ ،‬إنجاز مسح طبوغرافي‬ ‫‪ 130‬طنا‪ ،‬موصولة فيما بينها بواسطة مشابك‬ ‫في علم الآثار على‬ ‫من نحاس‪ ،‬وهو انجاز يُثير الدهشة بما أن‬ ‫الصعيد العالمي‬ ‫شامل للموقع‪.‬‬ ‫هذه الحضارة لم تكن تعرف العجلة – وفي‬ ‫تقدير بعض الباحثين‪ ،‬كان يستوجب حمل‬ ‫ويوضح عالم الآثار خوزي إغناسيو غلاغو‬ ‫ريفيلا‪ ،‬الذي يعتني بهذا المشروع لصالح‬ ‫مثل تلك الكتل جهود ‪ 1300‬إلى ‪ 2600‬شخصا‬ ‫المن ّظمة‪« :‬بما أنني متواجد على الميدان‪ ،‬اقترحت‬ ‫– علما وأن معرفتها بالمعادن منحت هذه‬ ‫على اليونسكو إنجاز هذه الدراسة باستخدام‬ ‫الحضارة التف ّوق على الصعيد العسكري‪.‬‬ ‫الاستشعار عن بعد‪ :‬وبفضل الطائرات دون‬ ‫طيّار والأقمار الاصطناعية‪ ،‬يمكننا اليوم‬ ‫اكتشافات جديدة‬ ‫الحصول على معطيات في غاية الد ّقة»‪،‬‬ ‫إن الدافع الأساسي لبعث مشروع صيانة‬ ‫ُمضيفا‪«:‬لقد تطلب إعداد المشروع سنة كاملة‪.‬‬ ‫تيواناكو وهرم أكابانا والمحافظة عليهما‪ ،‬سنة‬ ‫وبما أنني كنت ُمتعاونا مع جامعة كمبلوتانس‬ ‫بمدريد‪ ،‬ف ّكرت في التو ّجه إلى مركب الدراسات‬ ‫‪ 2015‬بمبادرة من مكتب اليونسكو بكيتو‪،‬‬ ‫المتميزة في تلك الجامعة‪ ،‬المتكون من مجموعة‬ ‫بأموال مودعة يابانية مخصصة للتراث العالمي‬ ‫في حدود ‪ 870.000‬دولار أمريكي‪ ،‬هو ضرورة‬ ‫من المخابر التابعة لعدة كليات‪ ،‬حيث يعمل‬ ‫إنجاز مخطط ُمح ّي لإدارة الموقع – وهو أمر‬ ‫العديد من المختصين الممتازين‪ ،‬وهو مركب‬ ‫مفروض على كافة المواقع ال ُمس ّجلة على قائمة‬ ‫يمارس أسعارا مناسبة جداً»‪.‬‬ ‫التراث العالمي – وكذلك ضرورة وضع برنامج‬ ‫تربوي وخاص بالمتاحف يُساعد على ح ّل‬ ‫البعض من ألغاز تيواناكو‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|65 2018‬‬

‫الأحداث‬ ‫تشريك التجمعات المحلية‬ ‫مشهد ُمل ّون لهرم أكابانا‪.‬تُمثّل الخطوط‬ ‫إلا أننا كنّا في حاجة إلى طائرة دون طيّار قادرة‬ ‫الحمراء القنوات التي كشفتها الحفريات‬ ‫على التحليق على ارتفاع يفوق ‪ 4000‬متر‪،‬‬ ‫خوليو كندوري‪ ،‬مدير مركز البحوث الأثرية‬ ‫الأثرية سابقا‪ ،‬أما الخطوط السوداء فهي‬ ‫والأنثروبولوجية والإدارية لتيواناكو ‪ -‬أي‬ ‫تُشير إلى قنوات ُمحتملة‪ ،‬قد تسبب تدهور‬ ‫ولم يكن بوسعنا نقل طائرة جامعة مدريد إلى‬ ‫بنيتها في إحداث شقوق كبيرة في المبنى‪.‬‬ ‫بوليفيا‪ .‬فتو ّجهنا إلى شركة سويسرية تقوم‬ ‫الهيئة ال ُمك ّلفة بتسيير الموقع ‪ -‬ر ّكز عنايته منذ‬ ‫البداية على هذا المشروع‪ .‬ويعتبر أن الخريطة‬ ‫‪© José Ignacio Gallego / UNESCO‬‬ ‫بتوزيع الطائرات في شيلي وفي بوليفيا‪ .‬فأنجزت‬ ‫الطوبوغرافية الجديدة تُمثّل في ح ّد ذاتها أداة‬ ‫التقويم المطلوب وقمنا باستغلاله في مخبر‬ ‫للمحافظة على الموقع‪ ،‬ويشرح في هذا الصدد‪:‬‬ ‫لكن ال ُمعطيات الجديدة م ّكنت أيضا من‬ ‫بمدريد»‪.‬‬ ‫الحصول على المزيد من المعلومات حول المعالم‬ ‫«لدينا الآن مساحة مدروسة تُق ّدر بـ ‪650‬‬ ‫تم التقاط الصور بين شهري أكتوبر وديسمبر‬ ‫هكتارا‪ ،‬وهو ُمعطى يُمكن الاعتماد عليه لمزيد‬ ‫المعروفة‪ ،‬على غرار بوما بونكا‪ ،‬وهو مجمع‬ ‫من سنة ‪ ،2016‬وصدرت النتائج الأولى في‬ ‫البحث ولتوسيع المنطقة ذات الحماية الفائقة»‪.‬‬ ‫من المعابد كانت مساحته المعروفة لا تتعدى‬ ‫هكتارين‪ ،‬وأصبحنا نعلم الآن أنه يحتوي على‬ ‫مايو ‪ .2017‬وقد و ّفرت الطائرة معطيات على‬ ‫وللمشروع موطن قوة آخر‪ ،‬ألا وهو التشاور‬ ‫غاية من الد ّقة‪ ،‬مع هامش خطأ يق ّل عن ‪4‬‬ ‫ال ُمنتظم مع السكان ذوي الأصل الأمريكي‪-‬‬ ‫من ّصتين أخريين‪ ‬مطمورتين‪.‬‬ ‫سنتيمترات‪ ،‬على كامل الموقع الأثري‪.‬‬ ‫الهندي‪ ،‬علما بأنه تُوجد على طرفي الموقع‪،‬‬ ‫ويقول عالم الآثار في هذا الصدد‪« :‬بعد‬ ‫وكشفت الخريطة التي ت ّم الحصول عليها‬ ‫شمالا وشرقا‪ ،‬مناطق آهلة‪ .‬وتعد البلدية‬ ‫الاكتشافات التي حصلنا عليها بفضل‬ ‫مجموعة من المباني غير ال ُمتوقعة‪ُ ،‬مو ّزعة على‬ ‫الحالية لتيواناكو ثلاثة مناطق سكنية تض ّم‬ ‫الطائرات دون طيّار‪ ،‬أصبح أمامنا ُمر ّكب‬ ‫‪ 23‬دائرة‪ ،‬ويعيش حوالي ‪ 12.000‬ساكن في‬ ‫ديني يمسح ‪ 17‬هكتارا‪ ،‬أي ثلاثة أضعاف‬ ‫كامل مساحة المنطقة التي تم استكشافها‪،‬‬ ‫المنطقة الأثرية ذاتها وفي ضواحيها القريبة‪.‬‬ ‫والتي تمسح ‪ 411‬هكتارا‪ .‬وتمت ّد المنطقة‬ ‫مساحة الهرم الأكبر في مصر»‪.‬‬ ‫الأثرية إجمالا على أكثر من ‪ 600‬هكتار‪،‬‬ ‫ويُضيف خوليو كندوري‪« :‬لقد تم إنجاز‬ ‫المشروع بكافة مراحله في تفاعل حيوي للغاية‬ ‫ويُضيف عالم الآثار‪ ،‬وهو يعرض على شاشة‬ ‫أي‪ ‬أكثر بس ّت م ّرات من تقديراتنا‪.‬‬ ‫مع السكان‪ ،‬وفي ذلك سر نجاحنا في الحصول‬ ‫حاسوبه خرائط وصورا لتدعيم أقواله‪« :‬لقد‬ ‫على هذه النتيجة»‪ ،‬مؤ ّكدا أن «بعض الأفراد من‬ ‫ضبطنا في الحين خريطة للموقع ولكل ما يوجد‬ ‫ومكن تحليل الصور الجوية من اكتشاف‬ ‫جماعات هوانكولو وأتشاكا ساهموا في السنة‬ ‫تحت الأرض‪ .‬ويُمثّل ذلك بالنسبة لي اكتشاف‬ ‫أثر معبد حجري مطمور حذو ما يقارب‬ ‫مائة بناية دائريّة ومستطيلة ذات الحجم‬ ‫الماضية في الاستبيان الذي قمنا به للتث ّبت‬ ‫العمر‪ :‬تيواناكو تُمثّل منذ ‪ 500‬سنة أحد‬ ‫الكبير (قد تكون وحدات سكنيّة)‪ ،‬علاوة على‬ ‫في‪ ‬ما إذا كانت المعطيات التي و ّفرتها الطائرة‬ ‫المراجع التاريخية في علم الآثار على الصعيد‬ ‫خنادق وقنوات وطرقات ومباني أخرى تتعلق‬ ‫العالمي‪ ...‬وشيء من هذا القبيل لا يحدث إلا م ّرة‬ ‫مطابقة للواقع‪ .‬وقد أنجزوا هذا العمل بكل‬ ‫بمجالات مختلفة‪.‬‬ ‫سرور‪ .‬وعلينا أن نواصل م ّدهم بنتائجنا حتّى‬ ‫واحدة في الحياة المهنية للباحث»‪.‬‬ ‫يتبنّوها»‪ .‬وبالتوازي مع ذلك‪ ،‬ازداد عدد الزوار‬ ‫الوطنيين والدوليين – وقد فاق ‪ 125.000‬زائر‬ ‫في سنة ‪ .2017‬ويقول مدير المركز‪« :‬تضمن‬ ‫تلك المداخيل الاكتفاء الذاتي الاقتصادي‬ ‫للموقع‪ ،‬كما تسمح لنا بالاستفادة من‬ ‫مهارات المهندسين المعماريين‪ ،‬والكيميائيين‪،‬‬ ‫والجيولوجيين»‪ُ ،‬مضيفا‪«:‬نأمل في مواصلة‬ ‫التعاون مع السلطات البلدية والوطنية‪،‬‬ ‫بالإضافة لدعم اليونسكو طبعا»‪.‬‬ ‫وحسب أسطورة الأيمارا‪ ،‬قد يكون الأسلاف قد‬ ‫أخفوا في باب الشمس‪ ،‬وهو المعلم الأكثر رمزيّة‬ ‫في تيواناكو‪ ،‬س ّر إنقاذ البشرية في حال وقوفها‬ ‫على شفا الهاوية‪ .‬ومن حسن الحظ‪ ،‬لم تحن‬ ‫الساعة بعد‪ .‬وفي الأثناء‪ ،‬بفضل جهود الباحثين‬ ‫وبفضل التكنولوجيا المتق ّدمة‪ ،‬بدأ عهد جديد‬ ‫لهذه الثقافة التي أسست‪ ،‬انطلاقا من ضفاف‬ ‫بحيرة تيتيكاكا ال ُمق ّدسة‪ ،‬المجتمع الأكثر تق ّدما‬ ‫في ذلك العصر‪ ،‬وابتكرت شكلا من أشكال‬ ‫الدولة التي لم يسبق لها مثيل في هذه الرقعة‬ ‫من القا ّرة الأمريكية‪.‬‬ ‫‪ 66‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫‪70 N E S C‬‬ ‫‪O‬‬ ‫‪C‬‬ ‫‪70O U R I E‬الذكرى‬‫‪U‬‬ ‫لتأسيس رسالة اليونسكو‬‫‪R‬‬ ‫الصحيفة الوحيدة التي كان يقرأها نيلسون مانديلا‬ ‫في جزيرة روبن‬ ‫‪© UNESCO / Michel Claude‬‬ ‫بقلم أنار ك ّسام‬ ‫«نظام التفرقة العنصرية ليس‪ ،‬كما‬ ‫يعتقد البعض لحد الآن‪ ،‬مجهودا‬ ‫صادقا يهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص‬ ‫بين المجموعات العرقية‪ ،‬لكن في أطر‬ ‫ُمنفصلة‪ .‬إنه دون شك تمييز عنصري‬ ‫فرضه أشخاص ذوي البشرة البيضاء‪،‬‬ ‫لصالحهم حصريّا‪ ،‬وعلى حساب‬ ‫السكان السود أو الذين يختلف لونهم‬ ‫عن البيض»‪ .‬هذا ما قرأه في صفحات‬ ‫الرسالة السجين رقم ‪،64/466‬‬ ‫نيلسون مانديلا‪ ،‬لما كان معتقلا في‬ ‫جزيرة روبن‪ ،‬دون علم ح ّراس الدولة‬ ‫البوليسية التي كانت قائمة في أفريقيا‬ ‫الجنوبية آنذاك‪.‬‬ ‫«كانت السلطات تُحاول أن تفرض علينا‬ ‫نيلسون مانديلا‪ ،‬رئيس المؤتمر الوطني‬ ‫تنشر الرسالة هذا المقال بمناسبة الذكرى‬ ‫تعتيما كاملا‪ ،‬ولم تكن تُريد أن يبلغ إلى علمنا‬ ‫الأفريقي‪ ،‬و فيديريكو مايور‪ ،‬المدير العام‬ ‫المائة لميلاد نيلسون مانديلا‪ ،‬المولود في ‪18‬‬ ‫أي خبر من شأنه أن يرفع من معنويّاتنا‪ ،‬ولا‬ ‫لليونسكو (‪ ،)1999-1987‬في مقر المنظمة‪،‬‬ ‫يوليو ‪.1918‬‬ ‫أن نعلم بوجود أطراف في الخارج ما زالت‬ ‫يوم ‪ 14‬أكتوبر ‪.1993‬‬ ‫تُف ّكر فينا»‪.‬‬ ‫في سنة ‪ُ ،1964‬حكم على نيلسون مانديلا‬ ‫إلا أنه كان بإمكان السجناء أن يُتابعوا‬ ‫ورفاقه في الكفاح بالسجن ال ُمؤ ّبد‪ ،‬وكانت إدارة‬ ‫دراستهم الثانوية والجامعية‪ ،‬وأن يحصلوا‬ ‫السجن ساهرة على أن تكون سنوات اعتقالهم‬ ‫بالتالي على الكتب التي يحتاجونها‪ .‬فتس ّرب‬ ‫الأولى قاحلة على المستويين الفكري والروحي‪،‬‬ ‫في فترة ما‪ ،‬بين كتب الحسابيات والاقتصاد‬ ‫مثلها مثل أرض جزيرة روبن الجدباء‪ :‬كانت‬ ‫المطلوبة من طرف ال ُمعتقلين‪ ،‬اشتراك في رسالة‬ ‫الصحف ممنوعة بما فيها الصحف المح ّلية‪.‬‬ ‫اليونسكو باللغة الإنجليزية‪ ،‬يتم إرساله‬ ‫وقد ذكر مانديلا في الكتاب الذي خصصه‬ ‫من‪ ‬باريس‪.‬‬ ‫لسيرته الذاتية‪ ،‬والذي يحمل عنوان «طريق‬ ‫طويلة نحو الحرية»(‪:)1994‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|67 2018‬‬

‫خاص ‪ -‬الذكرى ‪ 70‬لتأسيس الرسالة‪70‬‬ ‫التفرقة العنصرية‬ ‫‪© UNESCO‬‬ ‫جزيرة روبن كانت عبارة عن ألكاتراز أفريقيا‬ ‫غلاف عدد نوفمبر‪ 1977‬لرسالة اليونسكو‬ ‫من الواضح أن هذه المج ّلة لا تمثل في نظر‬ ‫الجنوبية‪ ،‬الجزيرة‪-‬السجن حيث يقبع سجناء‬ ‫إدارة السجن التي لا تفقه في الغالب إلا اللغة‬ ‫الحق العام السود المحكوم عليهم بال ُمؤبّد‪ ،‬دون‬ ‫لم يكن يُوجد أ ّي من هذه المواضيع في قاموس‬ ‫الأفريقانية‪ ،‬أية خطورة بالنسبة لهذه الفصيلة‬ ‫التفرقة العنصرية‪ ،‬ولا في الأراضي القاحلة‬ ‫من السجناء الذين كان يُسمح لهم‪ ،‬بعد قضاء‬ ‫أي أمل في إطلاق سراحهم‪ .‬وعندما اشت ّدت‬ ‫يوم في الأشغال الشاقة في محجر من الكلس‪،‬‬ ‫المقاومة ضد التفرقة العنصرية وانتشرت‪،‬‬ ‫لجزيرة روبن‪ .‬وأص ّر مانديلا على إعلام المدير‬ ‫بالا ّطلاع في زنزانتهم على مثل تلك المحتويات‬ ‫العام لليونسكو بأن مطالعة الرسالة كانت‬ ‫خلال السنوات ‪ 1960‬و‪ ،1970‬أرسلت‬ ‫الصلة التي تربطهم بالعالم الخارجي‪.‬‬ ‫«الخالية من الأهميّة»‪.‬‬ ‫الحكومة العنصرية الجنوب أفريقية المعارضين‬ ‫السياسيين الأكثر تأثيرا إلى هناك‪ ،‬لقضاء بقية‬ ‫لقد حظيت بمرافقة فيديريكو مايور في تلك‬ ‫وقد قص مانديلا بنفسه هذه الوقائع في‬ ‫حياتهم‪ .‬في الواقع‪ ،‬كانت سجنا وسط السجن‪،‬‬ ‫الزيارة‪ ،‬وعندما استمعت إلى تصريحات‬ ‫سبتمبر ‪ 1996‬في مكتبه الرئاسي بمبنى‬ ‫الرئيس‪ ،‬تساءلت عن مغزاها وعن مدى‬ ‫يونيون بلدنغس في بريتوريا‪ ،‬على فيديريكو‬ ‫لأن السجن الرئيسي كان أفريقيا الجنوبية‬ ‫مايور المدير العام لليونسكو آنذاك‪ ،‬خلال‬ ‫ذاتها‪ ،‬حيث انغلقت أقلية ال ُمستعمرين البيض‬ ‫أه ّميتها‪ .‬لقد لعبت الرسالة دور الحمام الزاجل‬ ‫الزيارة الرسمية التي أداها لأفريقيا الجنوبية‬ ‫بين باريس وهذه الجزيرة الصغيرة النائية‬ ‫على شعورها الجنوني بالتف ّوق العرقي على‬ ‫الجديدة في عهدها الديمقراطي‪.‬‬ ‫الشعب الأصلي‪ .‬وكانت الحياة بكل جوانبها‪،‬‬ ‫الواقعة وسط جنوب المحيط الأطلسي‪ ،‬لتحمل‬ ‫لمانديلا ورفاقه أخبارا وأفكارا من القارات‬ ‫وذ ّكر الرئيس بأنه كان يستمتع‪ ،‬هو ورفاقه‪،‬‬ ‫الخاصة منها والعامة‪ ،‬تخضع لقوانين‬ ‫بقراءة الرسالة‪ ،‬تلك «النافذة المفتوحة» على‬ ‫عنصرية ت ّم سنّها بهدف قمع سمعة الأغلبية‬ ‫الخمس في غفلة ح ّراس الدولة البوليسية التي‬ ‫السوداء وتشويهها‪ ،‬لصالح الأقلية البيضاء‬ ‫كانت قائمة في أفريقيا الجنوبية زمن التفرقة‬ ‫العديد من المواضيع الجديدة‪ ،‬مثل التن ّوع‬ ‫العنصرية‪ .‬م ّما يعني أن المعرفة والأفكار قادرة‬ ‫الثقافي‪ ،‬وتراث الإنسانية المشترك‪ ،‬وتاريخ‬ ‫صاحبة كل الامتيازات‪.‬‬ ‫على التحليق‪ ،‬عند الحاجة!‬ ‫أفريقيا‪ ،‬والتعليم في سبيل التنمية‪...‬‬ ‫وكانت الطبقة الحاكمة ت ّدعي أنها تُحافظ على‬ ‫«القيم الأوروبية» وتدعمها‪ ،‬بعنوان مهمتها‬ ‫المزعومة «للنهوض الحضاري» بأفريقيا‪ .‬وهو‬ ‫موقف متناقض‪ ،‬بما أنها في الحقيقة‪ ،‬تتجاهل‬ ‫تلك القيم التي ترتكز على مبادئ الحرية‪،‬‬ ‫والعدالة‪ ،‬والديمقراطية والأخوة‪ ،‬وهي القيم‬ ‫التي ناضل الأوروبيون من أجلها طيلة قرون‪.‬‬ ‫وانطلاقا من هذا الصراع بالتحديد – أي من‬ ‫الحرب ال ُمد ّمرة ضد العنصرية النازية التي‬ ‫كادت أن تج ّر العالم إلى الهاوية‪ ،‬خلال الحرب‬ ‫العالمية الثانية – تم إنشاء اليونسكو ونظام‬ ‫الأمم المتحدة‪ .‬لقد أدركت أمم العالم سنة‬ ‫‪ ،1945‬أنه «لا مجال أبدا» للقبول بمثل هذه‬ ‫المآسي مستقبلا‪ .‬وق ّررت‪ ،‬في إطار اليونسكو‪،‬‬ ‫وبكل وضوح‪ ،‬أن «حصون السلام يجب أن‬ ‫تبنى في عقول البشر»‪( ،‬كما جاء في الميثاق‬ ‫التأسيسي للمنظمة) بفضل تقاسم المعارف‬ ‫وتطويرها في جميع المجالات‪ ،‬ولا سيما في‬ ‫مجالات التربية والعلم والثقافة‪.‬‬ ‫ولم يستوعب نظام أفريقيا الجنوبية هذا‬ ‫الدرس‪ ،‬بل اختار المض ّي في الاتجاه المعاكس‪،‬‬ ‫بتدعيم التفرقة‪ ،‬والإقصاء‪ ،‬والحرمان‪ ،‬والإهانة‪،‬‬ ‫والعنف‪ .‬وكل من يعارض هذه الإيديولوجيا‬ ‫ال ُمتخ ّلفة كان عقابه النفي ال ُمؤ ّبد‪.‬‬ ‫‪ 68‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫خاص ‪ -‬الذكرى ‪ 70‬لتأسيس الرسالة ‪70‬‬ ‫إن قيمة الصحف‬ ‫بالنسبة للمساجين‬ ‫السياسيين تفوق‬ ‫قيمة الذهب أو‬ ‫الألماس‪ ،‬وكانوا‬ ‫متعطشين إليها‬ ‫أكثر من المؤونة‬ ‫أو التبغ‬ ‫نيلسون مانديلا‬ ‫‪© UNESCO‬‬ ‫مقالات ضد التمييز العنصري في‬ ‫جزيرة روبن‬ ‫إن ما تقوم به اليونسكو بكل صبر ومثابرة‬ ‫أطلقوا سراح نيلسون منديلا‪ ،‬المدافع الشجاع‬ ‫وقوة‪ ،‬يُعاضد نضال السود في جنوب أفريقيا‪،‬‬ ‫عن حقوق الإنسان‪ .‬غلاف عدد نوفمبر ‪1983‬‬ ‫أتخيّل ابتسامة الارتياح التي تعلو محيّا‬ ‫فهم أظهروا‪ ،‬بفضل شجاعة انتفاضتهم‪ ،‬أنهم‬ ‫مانديلا ورفاقه في النضال وهم يقرؤون هذه‬ ‫تجاوزوا الخوف واسترجعوا الأمل‪ .‬وحتى تبقى‬ ‫لرسالة اليونسكو‪.‬‬ ‫المجموعة الدولية وفيّة لذاتها‪ ،‬عليها أن تتجنّد‬ ‫صورة منديلا من إنجاز الرسام الإرلندي‬ ‫الأسطر حول العنصرية‪ ،‬التي نُشرت سنة‬ ‫وأن تتح ّرك بحزم حتّى لا تُخيّب هذا الأمل»‪.‬‬ ‫‪ 1968‬بقلم عالم الاجتماع البريطاني جون‬ ‫لويس لو بروكي‪.‬‬ ‫راكس‪« :‬إن نظام التمييز العنصري في جنوب‬ ‫لا شك في أن قراءة ذلك العدد ُمنعت في‬ ‫أفريقيا هو المثال الصارخ للعنصرية في عالمنا‬ ‫جزيرة روبن ولكن‪ ،‬في الأثناء‪ ،‬بلغ النضال‬ ‫وفي نوفمبر من السنة الموالية‪ ،‬نشرت الرسالة‬ ‫الساحة الدولية‪ ،‬وبدأ بعض قادة بريتوريا‬ ‫عددا خا ّصا حول العنصرية في جنوب أفريقيا‬ ‫اليوم‪ .‬نظام التفرقة العنصرية ليس‪ ،‬كما‬ ‫يدركون أنهم سوف يحتاجون إلى مانديلا‪،‬‬ ‫يعتقد البعض لحد الآن‪ ،‬مجهودا صادقا يهدف‬ ‫عاجلا أو آجلا‪ .‬وبم ّر السنين‪ ،‬ارتقي موقف‬ ‫يحمل عنوان «أفريقيا الجنوبية في صراع‬ ‫مانديلا وقضيته‪ ،‬في حين واصل نظام التمييز‬ ‫مع العنصرية»‪ ،‬يبدأ بهذه السطور‪« :‬من‬ ‫إلى تحقيق تكافؤ الفرص بين المجموعات‬ ‫العنصري عدوانه وعنفه إزاء السود من شعبه‬ ‫بين أشكال العبودية الحديثة‪ ،‬يُمثّل التمييز‬ ‫العرقية‪ ،‬لكن في أطر ُمنفصلة‪ .‬إنه دون شك‬ ‫تمييز عنصري فرضه أشخاص ذوي البشرة‬ ‫وإزاء الدول الأفريقية المجاورة‪.‬‬ ‫العنصري اليوم الشكل الأكثر دناءة‪.‬‬ ‫البيضاء‪ ،‬لصالحهم حصريّا‪ ،‬وعلى حساب‬ ‫السكان السود أو الذين ليسوا من البيض»‪.‬‬ ‫(العنصرية تحت القناع)‪.‬‬ ‫بعد مضي حوالي عشر سنوات‪ ،‬مثّلت مجزرة‬ ‫التلاميذ في سويتو سنة ‪ 1976‬من قبل الشرطة‬ ‫المسلحة خلال المظاهرات منعرجا في تاريخ‬ ‫النضال ضد التمييز العنصري‪ ،‬وذلك بتعبئة‬ ‫جيل شاب من المعارضين الغاضبين والثائرين‬ ‫على فرض اللغة الأفريقانية كلغة تعليم في‬ ‫مدارس السود‪ .‬وقد أظهرت تلك المجزرة لبقية‬ ‫العالم أن استراتيجية الحكومة العنصرية‬ ‫تكمن في اللجوء إلى القوة العنيفة لا غير‪ ،‬وحتى‬ ‫ضد تلاميذ غير مسلحين‪ .‬فتم إقصاء أفريقيا‬ ‫الجنوبية من قبل المجتمع الدولي ونبذها من‬ ‫طرف كافة شعوب العالم‪ ،‬أو على الأقل من‬ ‫طرف الحكومات‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|69 2018‬‬

‫خاص ‪ -‬الذكرى ‪ 70‬لتأسيس الرسالة‪70‬‬ ‫يوم ‪ 11‬أكتوبر‬ ‫‪ ،1990‬اجتاز‬ ‫مانديلا أبواب‬ ‫السجن‬ ‫‪© UNESCO‬‬ ‫انتهى اعتقال مانديلا في الجزيرة في أواخر سنة‬ ‫‪ ،1982‬وت ّم نقله في البداية إلى سجن بولسمور‬ ‫رسالة اليونسكو فبراير ‪:1992‬‬ ‫«عشرة آلاف يوم»‬ ‫«التفرقة العنصرية‪ :‬بداية النهاية»‪.‬‬ ‫قرب مدينة كايب‪ ،‬ث ّم إلى منزل تابع ل ِسجن‬ ‫يمكن أن ننظر للسنوات السبع والعشرين التي‬ ‫فيكتور فيرستار‪ ،‬حيث وجد «رفاهة» نسبية‪.‬‬ ‫وعلى أعضاء «القبائل البيض» في أفريقيا أن‬ ‫قضاها مانديلا في الاعتقال بطريقتين‪ :‬بأنها‬ ‫وأثناء تلك المرحلة من اعتقاله‪ ،‬التي تواصلت‬ ‫يكونوا ُممتنّين لمانديلا لكل الوقت الذي قضاه‬ ‫تمثل تضحية رهيبة بأحسن سنوات العمر‪،‬‬ ‫في تر ّقبهم‪ ،‬ول ُصموده حتى آخر رمق‪ ،‬ليُنقذهم‪،‬‬ ‫وثمنا بالغ القساوة على عائلته التي ُفرض‬ ‫حتى سنة ‪ ،1990‬يقول مانديلا إنه كان‬ ‫يقضي ساعات في «التحدث مع العدو»‪ ،‬وهي‬ ‫سلميّا وبكل صبر‪ ،‬من سجن عقولهم ومن‬ ‫عليها الغياب والضياع – أي أن هذه السنوات‬ ‫طريقته في بدء الحوار والمحادثات مع أعضاء‬ ‫أوهام التفرقة والتف ّوق‪ ،‬ليصل بهم إلى أرض‬ ‫هي بالتأكيد عقابا أشنع م ّما يُخيّل‪ .‬ولكن‬ ‫النظام الأكثر ذكاء والأقل تعصبا‪ ،‬لإقناعهم‬ ‫مشتركة حيث لا يوجد مجال لطرد أي كان‬ ‫بأن عنف الدولة والمعاملة العسكرية لن يُه ّدئا‬ ‫بالإمكان أيضا النظر إلى «العشرة آلاف يوما»‬ ‫من التحرك المتفاقم في البلاد‪ ،‬وبأنه لا بد من‬ ‫بسبب لون بشرته‪.‬‬ ‫وراء القضبان‪ ،‬كما ينعتها مانديلا‪ ،‬بمنظور‬ ‫ر ّد سياسي على مطالب التغيير الواردة من كل‬ ‫آخر‪ :‬على أنها تمثل الفترة التي احتاجها لإقناع‬ ‫وفي سنة ‪ ،1999‬أصبحت جزيرة روبن أول‬ ‫الجهات‪ ،‬بما فيها المجتمع الدولي‪.‬‬ ‫موقع جنوب‪-‬أفريقي يُس ّجل في قائمة التراث‬ ‫العنصريين بكسر سلاسلهم الإيديولوجية‬ ‫العالمي‪ .‬وإذا ُوضعت يوما قائمة عالمية لكل‬ ‫والثقافية‪ ،‬وبالقبول بأن الحرية والكرامة‬ ‫وأتى أخيرا اليوم الذي طال انتظاره‪ ،‬كان ذلك‬ ‫من ساهم في رقي الضمير المشترك للإنسانية‪،‬‬ ‫لكل سكان جنوب أفريقيا‪ ،‬بمختلف أجناسهم‬ ‫يوم ‪ 11‬أكتوبر ‪ ،1990‬اليوم الذي اجتاز فيه‬ ‫ومعتقداتهم‪ ،‬هي الخصال الأسمى ل َدولة‬ ‫مانديلا أبواب السجن ليَفرض نفسه‪ ،‬في بضعة‬ ‫سيكون نيلسون مانديلا من بينهم‪.‬‬ ‫أيام‪ ،‬كالسلطة المعنوية للبلاد – وفي ذلك نجاح‬ ‫متح ّضة‪.‬‬ ‫باهر لهذا الرجل الذي عاش في المنفى طيلة ما‬ ‫أنار كسام (تنزانيا) مديرة سابقة لبرنامج‬ ‫يُناهز الثلاثين سنة‪ ،‬وكان يُمنع نشر اسمه أو‬ ‫اليونسكو الخاص بجنوب أفريقيا من‬ ‫صورته أو أقواله! وفي مايو ‪ ،1994‬وبعد أربع‬ ‫‪ 1993‬إلى ‪.1996‬‬ ‫سنوات من المفاوضات ال ُمضنية مع حكومة‬ ‫دي كلارك‪ ،‬تم انتخاب مانديلا على رأس دولة‬ ‫أفريقيا الجنوبية الجديدة‪ ،‬كأول رئيس لمجتمع‬ ‫ديمقراطي غير عنصري حيث سيتَعايش في‬ ‫سلام ال ُمضط ِهدون وال ُمظ َط َهدون‪.‬‬ ‫‪ 70‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫منشورات اليونسكو‬ ‫‪www.unesco.org/publishing‬‬ ‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ‬ ‫‪[email protected]‬‬ ‫ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬ ‫ملخص التقرير العالمي لرصد‬ ‫وسائل الإعلام في مواجهة الإرهاب‪:‬‬ ‫منع التط ّرف العنيف من خلال‬ ‫التعليم ‪2017/18‬‬ ‫دل ي ل ل ل ص ح ف ي ين‬ ‫التعليم‪ :‬دليل لصانعي السياسات‬ ‫المساءلة في مجال التعليم‪:‬‬ ‫‪ISBN 978-92-3-600068-8‬‬ ‫‪ISBN 978-92-3-600065-7‬‬ ‫الوفاءبتع ّهداتنا‬ ‫‪ 110‬صفحات‪ 21 x 14،8 ،‬صم‪،‬‬ ‫‪ 75‬صفحة‪ 24 x 17 ،‬صم‪ُ ،‬مس ّفر‬ ‫‪ISBN 978-92-3-600069-5‬‬ ‫ُمس ّفر‪PDF ،‬‬ ‫‪ 448‬صفحة‪ 28 x 21،5 ،‬سم‪ُ ،‬مس ّفر‪،‬‬ ‫ُمتو ّفر على الموقع‬ ‫ُمتو ّفر على الموقع‬ ‫‪http://unesdoc.unesco.org‬‬ ‫‪ 45‬يورو‬ ‫‪http://unesdoc.unesco.org‬‬ ‫تعرض هذه النشرية توجيهات عمليّة على‬ ‫يواصل التقرير الثاني من سلسلة التقارير‬ ‫هذا الدليل ال ُمو ّجه للصحفيين وللمحترفين‬ ‫أصحاب مهنة التعليم (أصحاب القرار‬ ‫العالمية لرصد التعليم تقييم التقدم المحرز‬ ‫في وسائل الإعلام يهدف إلى توفير المعلومات‬ ‫السياسي‪ ،‬المد ّرسين والجهات الفاعلة في‬ ‫في تحقيق هدف التنمية المستدامة الخاص‬ ‫الأساسيّة والتشجيع على التفكير في معالجة‬ ‫مجال التربية) لمواجهة المشاكل الخصوصيّة‬ ‫بالتعليم (هدف التنمية المستدامة ‪)4‬‬ ‫الإرهاب في وسائل الإعلام وبواسطتها‪.‬‬ ‫التي يطرحها التط ّرف العنيف‪.‬‬ ‫وغاياته العشر‪.‬‬ ‫واستنادا إلى نصائح خبراء ومؤسسات‬ ‫ويهدف الدليل بصفة خا ّصة إلى مساعدة‬ ‫ويبحث التقرير قضية المسؤولية في مجال‬ ‫مشهورة‪ ،‬والاستشهاد بالعديد من الأمثلة‪،‬‬ ‫ال ُمك ّلفين وال ُمك ّلفات بوضع السياسات صلب‬ ‫التعليم‪ ،‬محللاً ال ُسبل التي تتيح لجميع‬ ‫الجهات الفاعلة المعنية تعزيز الفعالية‬ ‫يستكشف هذا الدليل التحديات المهنية‬ ‫وزارات التربية على ضبط الأولويّات‪ ،‬وعلى‬ ‫والكفاءة والإنصاف في توفير التعليم‪.‬‬ ‫والمعضلات الأخلاقية عند القيام بتغطية‬ ‫برمجة وتطبيق إجراءات وقائية ناجعة‬ ‫الأحداث الإرهابية‪ ،‬كما يطرح التساؤلات‬ ‫في مجال التعليم‪ ،‬كمساهمة في الأنشطة‬ ‫الوطنية للوقاية من التط ّرف العنيف‪.‬‬ ‫الأساسية حول تأثير تلك المعالجة على‬ ‫التماسك الاجتماعي وعلى انتشار الخوف‬ ‫في‪ ‬المجتمع‪.‬‬

‫الذكرى ‪ 70‬لتأسيس ال ّرسالة‬ ‫العلم عبر الصفحات‬ ‫‪© UNESCO‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook