الرقص للتعبير أفكار عن المنكر أو مسألة تأثير ذاكرة العبودية على الإبداع الفني المعاصر بترخيص كريم من سرنودا آرتي © Juan Roberto Diago / التأثير« :فعل سيل ينساب من الكواكب بقلم ألان فوا يُفترض أن له مفعول على مصير البشر» .ذلك ق ّصتي هي ق ّصتك ( ،)2000من أعمال هو المعنى الأصلي للكلمة .في نظرية الجاذبية يلقي الفنان ألان فوا نظرة الفيلسوف الفنان الكوبي خوان روبرتو دياغو على مسألة العلاقات بين التاريخ الكونية ،تُؤثّر الكواكب على بعضها البعض ولكن ،هل من باب الصدفة أم جراء توقيت حسب حجم كل واحد منها .هذا التأثير ينتُج والذاكرة والإبداع الفني .بفضل الفن، معرفي وإيديولوجي إن كان علماء آخرون، ع ّما يُس ّمى بموجات الجاذبية التي قد تكون، الفنان غير مقيّد بلون بشرته ولا على غرار جورج كوفيي ،قد استحوذوا على نوعا ما ،ذلك السيل المتأتي من الأسلاف .ونحن ُمجبر على الرقص على ال ّدوام على إذن ،معشر البشرُ ،متأثّرون شيئا ما بهذا المبدأ فكرة الحتمية هذه ،في ظل حكم نابليون أنغام تاريخ شنيع .وبالأحرى ،يندرج ( )1815-1804وفي الوقت الذي أعاد فيه الذي ير ّسخنا في الأرض. الفنان ضمن مقاربة جدلية :فهو ح ّر العبودية ونشر الاستعمار ال ُمكثّف ،لاعتمادها في تطبيق مفهوم الأجناس البشرية؟ لقد أحدثوا فكرة التأثير هذه ،التي انطلقت من المفهوم ومم ُسوس في ذات الوقت .لما يكون بذلك عنصريّة علمية تو ّرط فيها علماء سيّؤو الأسطوري لتصل إلى المفهوم العلمي ،ومن في طور الإبداع ،يُصبح سيّد تاريخه، الذكر أمثال غوبينو ،وفريديريش بلومنباخ، علم التنجيم إلى علم الفلك ،ط ّورها العالم مما يسمح له بتجاوز الماضي .ويجب وهيوستن ستيوارت تشامبرلين ،وفاشي دو البونابرتي بيار سيمون دو لابلاس خلال اعتبار ذكائه الفني بمثابة «الحيلة» لابوج وكلهم يقيّدون ما يُس ّمونه بالأجناس في القرن التاسع عشر ،في قالب الحتمية الآلية. التي تُنتج تأثيرا جديدا في العالم ،وتدعو ويتجلى مفهوم هذه الحتمية في الجملة الشهيرة إلى تقاسم الثقافات ،من خلال ابتكار أشكالها ،بحكم الحتمية التاريخية. المقتبسة من كتابه الفلسفي حول حساب الاحتمالات« :يجب علينا إذن أن ننظر إلى عمل مفتوح وغير ُمح ّدد. وإذا كان «الله ليس بلاعب النرد في الكون»، الوضع الحالي للكون على أنه نتيجة لوضعه حسب عبارة أينشتاين الشهيرة ،فمن المحتمل السابق وعلى أنه مصدر لوضعه المقبل .إن تنشر رسالة اليونسكو هذا المقال مساهمة الذكاء القادر ،في لحظة معينة ،على التعرف منها في إحياء اليوم العالمي لذكرى تجارة أن يُوجد في سياق هذا الانسجام الكوني، الزنوج وإلغائها ( 23أغسطس) .وقد ت ّم نسق منطقي يُبين المحظوظين من الملعونين، على كل القوى التي تُس ّي الطبيعة وعلى احياء هذه الذكرى لأول م ّرة منذ عشرين يمكن التع ّرف عليهم وتحديد مواقعهم علميّا الوضعيات الخا ّصة بكل الكائنات فيها ،إذا سنة في ،1998تكريما لثورة 1791في سان-دومنغ (حاليا هايتي والجمهورية بالاعتماد على أشكالهم. كان في وسعه تحليل هذه المعطيات ،فمن الدومينيكية) التي لعبت دورا حاسما في المحتمل أن يكون ذكاء يضم في نفس الصيغة إلغاء تجارة الزنوج عبر الأطلسي. تح ّركات أكبر الأجسام في الكون وتحركات أصغر ذ ّرة فيه .لا شيء يُمكن أن يكون محل شك بالنسبة له ،والمستقبل ،كما الماضي ،هو حاضر في نظره». بعبارة أخرى ،يُخيّل إلينا أننا أشخاص يتمتعون بالحرية والاستقلالية ،في حين أننا كيانات ناتجة عن الأحداث التي سبقتنا ،ونظل تحت تأثيرها. رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |51 2018
أفكار مشهد من «ريفلايشن» ،عرض للراقص © Photo by Christopher Duggan ونحن نعلم أن مثل هذا الفكر الآلي هو الذي والمخرج الأفريقي الأمريكي ألفين آيلي ش ّجع على الآلية الشرسة للانتشار الصناعي إلى ما أبعد من الذاكرة :لنكن صانعي تاريخنا (.)1989-1931 للعبودية. هذه الحرية هي في الواقع حرية سعينا صلب في منتصف القرن الماضي ،أدخل فيرنر مع الأسف ،وبعد مرور فترة طويلة منذ إلغاء تاريخنا الذاتي .وهو تاريخ لم نعد فيه مج ّرد هايزنبرغ في علم فيزياء الكم مبدأ عدم التحديد العبودية ،ورغم تق ّدم العلم في كل مجالات أشياء تفكر ،وإنما أفرادا فاعلين .بالرغم من أو مبدأ عدم التأ ّكد ،وبموجب هذا المبدأ ،لا البيولوجيا ،والأنثروبولوجيا ،والعلوم الصلبة أننا موضوع أفعالنا .لسنا بكيانات أجبرها يمثّل الشيء شيئا واحدا في نظر الفاعل ،وبما مثل الفيزياء والفيزياء الفلكية ،يظل مثل التاريخ على التفكير من خلاله ،ولكن صانعي أن الفاعل الذي ينظر للشيء منفصل ُوجوديّا هذا المفهوم قائما إلى اليوم في الأذهان ولا عنه ،فلن يقدر على إدراكه إلا إذا كان يعلم بأنه يزال يتخلل خلفيّتنا الثقافية .ألم نسمع في تاريخ نبنيه نحن ونشارك في بنائه. سيكون له تأثير عليه وإذا كان واعيا بضرورة التلفزيون وفي وسائل الإعلام كلاما حول «لعنة يجب علينا إذن أن نمعن النظر في التاريخ، أخذ ذلك التأثير في الاعتبار .وبالتالي ،ليس الشعب الهايتي» ،إثر الزلزال الذي أصاب في تاريخنا ،ليس من المنظور الحتمي ،وإنما هناك شيئا ُمطلقا و ُمح ّددا ،ولا فاعلا ُمطلقا، وإنما تُوجد علاقة .وهي علاقة ناتجة عن فعل، هايتي سنة ،2010وفي ذلك جمع بين فكرة حسب مفهوم صانع التاريخ الذي صاغه وحركة وفكر الفاعل ذاته في علاقته بالشيء. لاهوتية وحادثة شوهت أديم الأرض ،في ارتباط هيجل .ليست جدليّة هيجل الشهيرة للسيّد بأسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية؟ وكأن والعبد سوى توضيح لما تضفي إليه استعادة ولكن ما عسى أن تكون طبيعة هذه العلاقة وهذا التأثير ،إذا كان الفاعل نفسه ُمح ّددا هذا البلد بقي تحت تأثير ما ٍض ُمتأ ٍت من الفاعل لتاريخه الذاتي ليكسب حريته. ظرف أصلي ،تكمن أسبابه في أعماق العصور... وخا ِضعا لتأثير قضيّة سابقة؟ سوف تكون إن تاريخنا وذاكرتنا لا يُؤثّران علينا إلا إذا منعدمة وقا ِبلة للحصر في معادلة حسابية .إن وهو ما يؤهل دون شك عدم الأخذ بعين كنا نؤثّر بدورنا عليهما .ومن ث ّم ،لم يعد مبدأ عدم التحديد الذي يفترض أسلوبا جديدا الاعتبار مسألة الاستعمار والتاريخ السياسي ذلك العمق الكوني الذي تتكون منه ذاكرتنا غير حتمي بيننا وبين الكون ،يستلزم إذن أن والاقتصادي الذي يقود مصير هذه الجزيرة إلى الأفق الوحيد أمامنا .ونغادر ذلك الثقب المظلم يكون الفاعل نفسه غير ُمح ّدد ،وأن لا يخضع لنكتشف نسبيّته .ونف ّر منه لنستعيد هويتنا، يومنا هذا. ونخلق زمنا جديدا يكون زمننا ،ليس إلا .إن عمله ولا فكره إلى السببية الآلية .وبعبارة هذا الزمن المرتبط بكياني وعملي ليس إلا ذاتي. أخرى ،أن يكون الفاعل ح ّرا ،في حركية و ْلنحذر من مفهوم التأثير هذا ،فهو مثل السلاح ذي الح ّديْن ،قد يجرح من يستعمله. أنا الزمن الفاعل ،وأنا تعبيره. مستم ّرة وفي عملية تط ّور .وبالتالي ،فهو يح ّرر إذا لم نحذره ،فقد يج ّرنا إلى ما وراء معناه، الشيء من ذاته .ومن خلال هذا التر ّدد الجدلي أي إلى التسليم بأننا خاضعون لقدر محتوم، وينغلق الفخ ،تلك ال ٍّشباك الكونية التي كادت أن تش ّكل ذاكرتي ،ليحبس كائنا آخر غيري للعلاقة ،يستعيد الشيء استقلاليته. و ُمجبرون على أن نرسم ،ونرقص ،ونغنّي، ونمثل ،ونخرج أفلاما إلى ما لا نهاية له ،حول أنا .ويُوصد الفخ على تاريخ مضى وبات نسبيا. هذه الخلفية التي تشكل ما تبقى من ذاكرة تاريخ أصبح تاريخي وأصبحت أمتلكه ،لكنني هذا الانفجار اللاإنساني الذي جعل منا ما نحن لم أعد سجينا له .فأتح ّول إلى سيّد تاريخي عليه .محكوم علينا بالرقص على الشنيعة. لأنني فتحت آفاقه وم ّزقت شباكه. لنحذر إذن من الأخذ على عاتقنا هذا المفهوم الحتمي والعنصري للكائنات البشرية الذي قد يؤدي بنا إلى جعل المقتدرين من بيننا على التعبير الفنّي – الق ّصاصون والر ّسامون - خاضعين لأعبَاء التاريخ. تحرير التاريخ من الحتميّة إن تاريخ العبودية ليس بمثابة الانفجار العظيم (بيغ بانغ) بالنسبة لنا ،ولا يمثل تلك اللحظة الأصلية التي تو ّلد عنها كل شيء بشكل آلي ولا رجعة فيه ،إذ يوجد ما هو سابق للعبودية ،ألا وهو تاريخ ما قبل استعمار أفريقيا والأمريكتين ،وما هو لاحق لها أي المستقبل الذي يجب بناؤه .وقد سمح لنا العلم والمفاهيم الجديدة للتاريخ بدرء هذه الحتمية الآلية الخطيرة وما تحمله من تص ّور للتأثير. 52رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
أفكار وإذا حقق الفنان ذلك ،فلأنه قادر بمحض جدلية الفنان وعمله لم يعد محكوم عليّ بالرقص على الشنيعة، إرادته ،على إعطاء طاقته الذاتية ،ال ُمتح ّررة لأنني أصبحت سيّد زمني وسيّد نفسي ،كما والمستق ّلة لل ِقسط المتبقي في أعماق الذاكرة بناء على ما سبق ،بإمكاننا النظر إلى الفنان على أنّني سيد خياراتي وتعبيري .أنا كائن حر والمتمثل في الثقافة .إن طاقة الفنان تكمن في أساس النظام الجدلي بين الفاعل وعمله ،حسب تصرفه الفعلي وفي قدرته على العمل بالمفهوم ومستقل ومتح ّرر من ذاكرتي .ولا يُمكن الذي يُعطيه أرسطو لكلمة أنرجيا (التي تفيد جدلية الفاعل/الشيء .هذا العمل الفني هو تفسير ما أعبر عنه من خلال ما يعكسه الماضي َحرفيا «من هو منهمك في العمل» ،ولكن أيضا تعبير ُمختلف يدل على التأجيل بالمعنى الذي فقط ،سواء كان هذا الماضي فرديا أو جماعيا. «من يش ّكل شيئا ،من يقوم بعمل») – إن استنبطه جاك دريدا لأنه يتمثل في الإرجاء ،وفي الشكل والطاقة يُع ّبان في الواقع عن نفس الخروج عن الذات ومن الزمن الذاتي ،ويؤدي لقد فتحت باب الممكن. إلى شيء يختلف عن الذات أو عن كلية الذات. الشيء ،كما يُؤ ّكد ذلك علم الفيزياء. وهذا يعني أنه لا يُوجد أي التزام أخلاقي أو وهو ابتعاد عن الذات ،ابتعاد مع ّب .عملية ذهني بالنسبة لفنان أسود البشرة كي يرسم وانطلاقا من هذه الأنرجيا ،يمكن القول الإبداع الفني هي إذن خطيرة لأنها تُع ّب عن تاريخه المظلم ،بما أنه أصبح ح ّرا ُمستق ّل، بأن الفنان هو شخص مضطرب وممسوس أزمة .وكلمة كريزيس باللغة اليونانية تعني و« ُمنفعل» .كما يُمكن القول أيضا ،انطلاقا من «الفصل ،التمييز» .لكن كلمة كريز (أزمة) وبما أنه تم الإعتراف له بذلك. فعل أنرجيو ،بأنه واقع تحت التأثير .ولكن، تعني باللغة الفرنسية «الحكم ،القرار» .هذه كيف يُمكن للفنان أن يكون ح ّرا ومستق ّل ومهما يكن الفنان ،لم يعد بالإمكان اعتباره و ُمتح ّررا ،وفي نفس الوقت خاضعا للتأثير؟ هذا الأزمة هي الزمن الجدلي لولادة شيء يأتي وسيطا في التعبير يستجيب لطلب سيّده، تناقض ظاهري يمكن تفسيره بكل بساطة من الذات ،دون أن يكون الذات نفسها .هذا سيّد يتحكم في موضوع يرغب في رسمه بكون الفنان ح ّرا في اختيار تأثيراته ،ح ّرا بأن والتعبير عنه ،سيّد على تاريخ وعلى قصة يسمح لنفسه بأن يكون مسكونا ،وبأن يسيطر التأجيل هو هبة من الذات إلى ما هو ليس عليه أحد أبعاد الذاكرة الجماعية الذي قرر أن الذات ،أي إلى الآخر .وينتج عن هذا التأجيل نشأة الكون ،سيّد على القيم والجمال ،سيّد يمتلكه .وذلك هو الثمن الذي يدفعه الفنان، شيء جديد ،لكنّه شيء متحيّز .إن ما يكسب على رؤية وعلى مفهوم للعالم موروث عن بما أنه حر ،حتى يك ّون أشكالا خصوصية، العمل الفني معناه هو ذلك العطاء الذي ويسيطر على القوى التي تسكنه ،ويهيمن على يفتح امكانية التقاسم بين الآخر والذات ،وفي تاريخ يسجننا .بل يجب اعتبار الفنان كائنا من كان يقوده .هذا الاختيار هو تحديدا ما ذلك التقاسم يكمن التعبير ،أي في تلك العلاقة فاعلا ،مستقلا وح ّرا في تعبيره وفي رؤيته يمكن أن نُس ّميه بالالتزام ،حسب المفهوم الذي بين الفاعلين بواسطة شيء ذاتي يُرسي بطبيعته حدده سارتر .يلتزم الفنان كليا بالما ّدة التي الشخصية للعالم ولتاريخه الخاص .ومن ث ّم، يختارها ،ويخاطر بتلك الما ّدة لأنها تتفاعل حوارا صامتا بينهما. يصبح من الضروري إعادة النظر في عمله معه .وإذا تفاعلت معه فلأنه يشعر في نفسه وبما أنّه يت ّم اختيار العمل الفني بكل ح ّرية بطريقة جديدة ،من خلال وجهة نظر جمالية بحاجة قصوى أو نقص لا بد من س ّده. من قبل الفاعل المستقل الذي يقوم بعرضه وأخلاقية وسياسية أخرى .وانطلاقا من هذه ويجعل منه هبة ومح ّل تقاسم مع الآخر- هذه هي الطريقة التي يجب اتباعها عند الحرية المكتسبة إزاء الحتمية التاريخية، التفكير في الذاكرة المتبقية من تاريخ العبوديّة: المشاهد ،يكتسب ذلك العمل استقلاليته علينا أن ننظر إلى عمل كل فنان ،لا كتعبير ومعناه الخاص ،ور ّبما حتى لغزه وغموضه، ُمكره و ُمج َب لذاته ولذاكرته ،وإنما كتعبير يجب اعتبارها ما ّدة للفنان الذي يرغب في ويمكن أن يصبح محل انتباه وتفهم ،في عزلة عن حركة مقصودة ،يكون قد أعطاها مغزى الإمساك بها. عن الفنان الذي ابتكره .ولهذا يُمكن لبعض الفنانين القول بأن عملهم ،حال الانتهاء من وساقها للوجود. والشيء الذي ينتج عن عمله ،فهو ما يُس ّميه إنجازه ،لم يعد ملكهم ،بل يصبح برمته هبة أرسطو أنتيليشيا (الشيء الذي يُقيم في نهايته). إلى الفهم الجمالي الكوني. وهو بمثابة غاية تهم الشكل ،يت ّم انتاجها من خلال الطاقة-الشكل التابعة للفنان الذي يهب الفنان ،ح ّر ومح ّل للأثر استقلاليته .وبما أن هذا الأثر الفني ليس تأثير في آن واحد بالفنان نفسه ،بل مو ّلد من كيانه ،فهو يظل إن تلك الح ّرية المؤكدة هي التي تعطي قيمة استفهاما ،شكلا يسائل غموض التاريخ ،كما لل ِهبة ،أي ِلتب ّرع الفنان بعمله .إنها تمنحه القدرة على الإبداع بالمعنى الحقيقي للكلمة، يسائل الحاضر حيث تبقى الذاكرة حيّة. أي ابتكار الجديد انطلاقا من القديم ،وتوليد وفي آخر المطاف ،ألا يمثل الأثر الفني الذي تغ ّيات على مستوى الشكل .ومن خلال إعادة «يُقيم في نهايته» ،فع َل ذلك المضطرب الذي يسعى للتخ ّلص من تلك الذاكرة التي تسكنه، صياغة المادة المكونة من التاريخ ال ّراسب في و يبحث عن كيفية وضع حد لذلك التاريخ الذاكرة الثقافية والجمالية وحتى الأخلاقية، بابتكار طريقة جديدة تُنير الماضي مع تركه في يُنتج الفنان معنى جديدا. مكانه ،لتجاوزه تماما؟ رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |53 2018
أفكار © Chichi Reyes حيلة الذكاء الفني من هنا ،يمكن الحديث عن حيلة الذكاء الفني العشري السداسي (تقنيات مختلطة)، تلك هي طريقة الفنان ،يختار التأثير الذي التي تدمج القديم في الجديد ،مع تجاوز ،2015من أعمال يُلائمه ليُمارس حريّته حتى لا يبقى تحت تأثير الماضي وحتى يُؤلف الحاضر .وعندما الماضي ،وتسمح بالتأثير على إدراك الماضي. شيشي رايس -الجمهورية الدومينيكية نذكر ،على سبيل المثال ،تأثير الفن الأفريقي ذلك هو تمازج الأجناس دون شك :تح ّرك في أو الفن ال ُمس ّمى بالزنجي على الفن الحديث، اتّجاه الجديد يتيح ابتكار تأثير جديد .وكانت وذلك ممكن لأن موسيقى الغوسبل (الغناء في أعمال بيكاسو ،وبراك ،ودوران ،وماتيس، الإلهة ميتيس ،زوجة زيوس الأولى ،والتي يعني الأنجيلي) والبلوز في الولايات المتحدة هما وحتى أبولينار والسرياليين ،فيجدر فهمه، أسمها حرفيا «النصيحة ،الحيلة» ،قادرة على لا كتأثير شيء على فاعل بصفة آلية ،وإنما التأثير على زيوس نفسه وعلى إقناعه بتغيير جزء من قاعدة مشتركة تسمح للسود ك ِحوار بين طرفين .ويحدث هذا التأثير لأن رأيه ،وهي التي كان يقول عنها الشاعر هسيود بمخاطبة البيض بأسلوب صوتي يفتح العقل كل هؤلاء الفنانين كانوا يم ّرون بمرحلة دقيقة تجعلهم يُعيدون النظر في الأشكال الموروثة من «بأنها تعرف أشياء أكثر من كل إله على محتوى خطابهم .وكانت خطب زعيم ماضيهم باحثين عن موا ّد جديدة ُمع ّبة .إن ومن كل إنسان ُمع ّرض للفناء». الحقوق المدنية تُلقى على إيقاع الغوسبل – لوحة بيكاسو آنسات أفينيون هي ثمرة حوار وهو ما يسمح بإيصالها بشكل أقوى ،وما بين مسألة جمالية غربية في لحظة ُمعيّنة وبين إن ادماج الذاكرة ،سواء كانت ذاكرة يكسيها طابعا كونيّا .وكانت خطبه تتمحور الفن الأفريقي ،فنكت ِشف بهذه المناسبة أن العبودية أو أي ذاكرة أخرى ،في جسم طبعا حول ذاكرة العبودية المشتركة ،لكنها الفن الأفريقي ليس «بدائيّا» ،كما يُقال ،وإنما جديد وشكل جديد ،إنما هو حيلة الذكاء حامل لبعد ابداعي وفكري .وقد اعتبر مايول الفني قصد التأثير على الحاضر .والأحداث كانت تُلقى من منظور مختلف يتناسب أن «الفن الزنجي يطفح بالأفكار ،أكثر من الفنية تزخر بالأمثلة من هذا القبيل في الرقص، مع معاصريه. الفن اليوناني» .وسوف تتو ّلد عن هذا اللقاء، والموسيقى ،والمسرح ،والفن التشكيلي أو في نفس الوقت ،أشكال جديدة للتعبير ونظرة السينما .هذه الحيلة لا تكون ممكنة في فن الرقص ،عندما تستلهم كاترين دونهام، جديدة للشيء تؤسس لحوار جمالي جديد :ألا وبعدها ليستر هورتن أو ألفين آيلي ،من إلا إذا س ّلمنا ِبأن الفنان تح ّرر من التقاليد الأفريقية أو الهندية ومن ذاكرة وهو الفن الأفريقي. ماضيه ودمجه في عمله الفني – وأنه اختار هذا التأثير كفاعل العبودية ،عناصر ُمؤسسة لإبدا ِعهم ،فإن ذلك إن ما يُس ّمى بالتأثير هو في الواقع اختيار ح ّر ومستقل وليس كمف ُعول يندرج في إطار البحث عن أشكال جديدة أملته ضرورة التعبير .وفي التعبير تداخل بين به .وهو ما يستوجب منا أيضا الفاعل والشيء ،هناك امتلاك .ويمكن القول اعتبار الفنان وعمله ُمنفصل ْي تسمح في الآن نفسه بإلقاء الضوء على الماضي في هذا الصدد إن آنسات أفينيون قد امتلكه ّن ُوجوديّا ،رغم الصلة التي وبإنتَاج نظرة جديدة .لقد ُولدت موسيقى الفن الأفريقي .إن العمل الفني هو نتاج البحث تربطهما نوعا ما ،صلة يحددها الفنان وطريقة معالجته لما ّدة الجاز في كونغو سكوير ،مكان للقاء والرقص عن نظرة جديدة ،وعن تح ّول في الذوق ،أو يتردد عليه العبيد في أورليون الجديدة مثلما قال نيتشه عن الموسيقى ،هو « نهضة الذاكرة ،بمحض اختياره .وهذا يعني أيضا أنه يجب علينا أن ننظر إلى العمل بالولايات المتحدة الأمريكية ،بهدف إدخال فن الاستماع» .كان نيتشه ُمنبهرا بأوبرا الفني باعتبار استقلاليّته ولغز غموضه. عناصر ُمؤسسة لذا ِكرتهم في شكل موسيقي كارمن لبيزيه ،حيث اكتشف بُعدا أفريقيّا. ويبقى العمل الفني مفتوحا ومح ّل تقاسم، جديد .لكن هذه الذاكرة يت ّم تجاوزها بالشكل ويأتي هذا الانبهار من اللقاء بين العمل الفني ذاته فتخلق فضاء مشتركا لتقاسم الإحساس وبين الفيلسوف الذي كان حينها يبحث عن وبالتالي مح ّل نقد وتقييمات مختلفة. شكل جمالي جديد يكون له معنى ويفتح له بين أشكال ثقافية متع ّددة وآفاق متع ّددة. أفقا جديدا ،بعد انفصاله عن الرومنطيقية وعن فاغنر. إن الحديث عن التأثير هو في الواقع حديث عن البحث عن أشكال جديدة وعن مضامين شكلية جديدة ،قادرة على تغيير طريقة المشاهدة والاستماع والتثمين .هو صراع .إن الإبداع الفني يتجاوز المقاومة ،هو «رياضة مصارعة» ضد أنماط من إدراك العالم والأشياء ،أنماط راسبة فرضتها ثقافة سائدة .عندما قال مارتن لوثر كينغ إن «الموسيقى هي سلاحنا الحربي»، لم يكن يقصد شيئا آخر .سلاح فاعل ،لا فقط لقدرته على تجميع القوى حوله ،وإنما أيضا لأنه يُؤثّر في إحساس الخصم ويتم ّلكه .هو سلاح يُخاطب الخصم وبفضل الإحساس، يفتح له أفقا. 54رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
أفكار الأسماء المذكورة وأخيرا ،انطلاقا من العمل ذاته ،لا يمكن استنتاج لون صاحبه .فلا يجب تقييد الر ّسام أبولينار ،غيوم ( ،)1918-1880شاعر فرنسي أرسطو (القرن الرابع قبل الميلاد) فيلسوف يوناني بلون بشرته ،لأن لون الر ّسام ليس هو الذي يُعطي الألوان للعمل ،وإنما العمل ذاته آيلي ،ألفين ( ،)1989-1931راقص أمريكي أينشتاين ،ألبير ( ،)1955-1879عالم فيزياء من أصل ألماني والتحاليل النقديّة التي تُق ّدم لاحقا .بتن ّوع امكانياته والامكانيات اللامتناهية لشكله براك ،جورج ( ،)1963-1882رسام فرنسي المنفتح وتأويلاته ،يُع ّب العمل الفني ع ّما قاله بلومنباخ ،جوهان فريديريش ( ،)1840-1752عالم ألماني في الأنثروبولوجيا لامارتين عند مقاومته للعبودية البغيضة: «لوني هو لون من يعاني من الاضطهاد.». بيزيه ،جورج (ُ ،)1875-1838مل ّحن فرنسي بيكاسو ،بابلو ( ،)1973-1881رسام إسباني ألان فوا (فرنسا) كاتب ،و ُمؤ ّلف مسرحي، داريدا ،جاك ( ،)2004-1930فيلسوف فرنسي و ُمخرج وفيلسوف من غوادلوب .أسس «رصيف الفنون» ،شركة ُمتع ّددة دوران ،أندري ( ،)1954-1880رسام فرنسي الاختصاصات تلتقي فيها العروض دونهام ،كاترين ( ،)2006-1909راقصة أمريكية سارتر ،جان-بول ( ،)1980-1905كاتب وفيلسوف فرنسي الحيّة مع التكنولوجيات الحديثة للصورة شمبرلان ،هوستن ستيوار ( ،)1927-1855كاتب بريطاني والصوت .وهو مؤلف أنا أرقص ،إذن أنا غوبينو ،أرتور دو ( ،)1882-1816كاتب فرنسي فاشي دو لابوج ،جورج ( ،)1936-1854عالم فرنسي في الأنثروبولوجيا موجود ( ،)2007تاريخ العبودية كما ُروي لماريان ( ،)2007أسود ،من توسان فاغنر ،ريتشارد (ُ ،)1883-1813مل ّحن ألماني لافنتور إلى باراك أوباما ( ،)2009مارتن كوفيي ،جورج ( ،)1963-1882خبير فرنسي في علم التشريح لوثر كينغ ( ،)2012تشي غيفارا (.)2015 كينغ الإبن ،مارتن لوثر ( ،)1968-1929قس أمريكي ومناضل في سبيل الحقوق المدنية لابلاس ،بيار سيمون دو ( ،)1827-1749عالم فرنسي في الرياضيات نذكر من بين مؤلفاته المسرحية فينوس وآدم ( ،)2004لا تسجن الرياح (،)2006 لامارتين ،ألفونس دو ( ،)1869-1790شاعر فرنسي المشهد الأخير ( ،)2012جلسة مغلقة بين ماتيس ،هنري ( ،)1954-1869رسام فرنسي مارتن لوثر كينغ وزوجته كوريتا وموميا مايول ،أريستيد ( ،)1944-1861ن ّحات فرنسي أبو جمال. نيتشه ،فريديريش ( ،)1900-1844فيلسوف ألماني هايزنبرغ ،فيرنر ( ،)1976-1901عالم فيزياء ألماني هسيود (القرن الثامن قبل المسيح) ،شاعر يوناني هيجل ،جورج ويليام فريديريش ( ،)1831-1770فيلسوف ألماني هورتن ،ليستر ( ،)1953-1906راقص أمريكي سفر ،تركيبة ( 300 × 300 × 350صم) من أحذية وتماثيل © Dominique Zinkpé / ُمص ّغرة لفرقة اليوروبا (إيباجي) ،تُذ ّكر بالاتّجار بالعبيد، Photo Charles Placide TOSSOU ص ّممها سنة 2015الفنان البينيني دومينيك زنكبي رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |55 2018
ضيفتنا ضيفنا مع ّلقة معركة الجزائر، فيلم في التاريخ (،)2017 شريط وثائقي لمالك بن اسماعيل © Hikayet Films/Ina 56رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
ضيفتنا تصوير الواقع قد يزعج ،ولكنه يساعد على النضج مالك بن اسماعيل مالك بن إسماعيل يجيب عن أسئلة ياسمينا شوبوفا بعد مرور ثلاث سنوات على توقيع استقلال الجزائر في 1962الذي ختم ثمانية مالك بن اسماعيل ()2016 سنوات من الحرب ،أخرج السينمائي الإيطالي جيلو بونتيكورفو شريط «معركة © Bruno Lévy / Divergence الجزائر» .يتناول الفيلم فترة من أشد الفترات دموية في تلك الحرب ،ألا وهي معركة 1957بين المقاومين الجزائريين من أجل الاستقلال المنتمين لجبهة التحرير الوطني ،وبين السلطات الاستعمارية الفرنسية. وفي 19يونيو ،1965أثناء تصوير هذا الفيلم ،اقتحم جيش العقيد هواري بومدين العاصمة الجزائر .فاختلطت الدبابات المستخدمة في التصوير بالدبابات الحقيقية. ولم يدرك محيط الرئيس أحمد بن بلة حقيقة الأمر .وتمت الإطاحة به! وبعد مضي نصف قرن على هذه الأحداث ،يتناول مالك بن إسماعيل الدور التاريخي الذي لعبه هذا الفيلم ،وذلك في شريط وثائقي بعنوان «معركة الجزائر، فيلم في التاريخ» ( .)2017ويبين المخرج أن شريطه ليس «فيلما حول الفيلم» ،بل بالأحرى قراءة في تاريخ بلاده وما َمر بها من أحداث :الثورة ،والانقلاب العسكري، والأنظمة السياسية ،وإنهاء الاستعمار ...ومنذ نحو ثلاثين عاماً ،يقوم هذا المخرج الجزائري بصياغة ما يسميه «الذاكرة المعاصرة» لبلاده. حرية التعبير ،إحدى ميزات الديمقراطية، في التسعينات ،بينما كنا في قلب «العقد الأسود» ما الذي دعاك إلى اختيار الفيلم الوثائقي هي موضوع الفيلم الذي خصصته في الجزائر ،قررت التمسك بالواقع .وثابرت على كوسيلة للتعبير؟ هذا النهج .والهدف الذي أسعى إليه هو إنجاز للصحيفة الجزائرية المستقلة الوطن ،وقد شريط كل سنة أو سنتين ،يتناول واقع الناس إن الفيلم الوثائقي أكثر قدرة من الفيلم تم عرضه في القاعات سنة .2015لماذا الروائي على التصدي للأساطير الوطنية، والمؤسسات والمواضيع الاجتماعية الهامة. والمقصود ليس محق هذه الأساطير وإنما يحمل الشريط عنوان «السلطة المضادة»؟ وأرغب في أن تتيح هذه الأفلام في ما بعد فهماً وضعها في مكانها الصحيح حتى لا تحطم المجتمع .وإن لم نقم بتصوير واقعنا ،فكيف تُعتبر الصحافة الحرة مكسباً من المكاسب أفضل لطريقة بناء بلد ما على مر الزمن. يمكن لنا أن ننظر إلى أنفسنا؟ وما عسى الديمقراطية وقد دفع العديد من الصحفيين أن يكون مصدر إلهامنا؟ ومن أين ستأتي وأنوي إنشاء ذاكرة معاصرة ،من خلال إظهار أحلامنا؟ وعلى أية حال ،لا بد من التذكير حياتهم ثمناً لها خلال الحرب الأهلية في هذا المِخبر الذي تمثله الجزائر ،هذا البلد بأن السينما انطلقت من الأفلام الوثائقية: الجزائر التي نشبت في عام ،1991وذهب لنتذكر الأخوين لوميير ...إن الفيلم الوثائقي الذي يبحث عن ذاته ،وما أحرزه من تقدم، يحدد المخيال الجماعي .وهذا الواقع هو الذي ضحيتها 200.000قتيل بالإضافة إلى وما عاناه من انتكاسات ،وما يطرحه من يغذي الخيال ويوفر للمجتمع مرآة تعكس 100.000مفقود .وفي ما بين عامي 1993 تساؤلات ...وليس ثمة عصا سحرية تُحقق حقيقته .أنا على وعي بأن تصوير الواقع قد و ،1998اغتال الإسلاميون المتطرفون قرابة يكون مزعجا ،ولكني أعرف أيضاً أنه يساعد 120صحفياً .ولكن هذا لا يعني أن الصحافة الديمقراطية بين ليلة وضحاها .كما لا يمكن المستقلة تمثل اليوم سلطة مضادة حقيقية تحقيقها بقوة السلاح! على النضج. في بلادي. رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |57 2018
ضيفتنا هذا وقد توقفت الصحيفة عن الصدور ست إن صحيفة الوطن ليست هي الوحيدة التي بالنسبة لهذا الفيلم ،قررت تناول الموضوع من مرات على الأقل و ُرفعت بحقها نحو مائتي تقوم بهذا العمل .هناك بعض الصحف منظور «غير مباشر» ،من خلال متابعة فريق قضية عدلية ،مما عرضها لمزيد من الهشاشة من الصحفيين أثناء قيامهم بعملهم .ذلك أن من الناحية الاقتصادية .وقد اندهشت ِلما الأخرى ،مثل لو كوتيديان دي وهران (صحيفة اهتمامي لم يكن متعلقاً بالصحافة باعتبارها وهران اليومية) ،والخبر ،وليبرتي(الحرية)، سلطة مضادة ،بقدر ما كان يخص السلطات سمعته من عمر بلحوشات ،مدير النشر وإلى حد ما ،لو صوار دالجيري (مساء ومؤسس الصحيفة ،لما صرح بأن هذه الجزائر) ،وهي صحف تمارس المقاومة المضادة التي يجسدها الأفراد. القضايا تكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمسار الديمقراطي .كنت أظن أن هذه القضايا تمثل وتخوض الكفاح .ولا تعد هذه الصحف صحفاً في الجزائر ،لم يتطور بعد مفهوم الفرد. تجارب مريرة ،ولكن بلحوشات كان يعتبرها معا ِرضة .بل هدفها توفير الأخبار الصحيحة نحن محبوسون داخل فكرة الجماعة. فرصة للدفاع ليس فقط عن الصحفيين اعتمادا على مصادر متوازنة .كما أن أغلبية والرسامين الهزليين ،بل أيضاً عن مفهوم حرية هذه الصحف لها مواقع على شبكة الإنترنت، لدينا مسؤولية الدفاع عن أمة واحدة ،وبلاد التعبير ذاته ،وهو مفهوم مدرج في الدستور. متاحة مجانا للجميع بما فيهم المغتربين. واحدة ،وإله واحد ،ولغة واحدة ...هذا الرقم وقد أتاحت هذه القضايا ِلبلحوشات فرصة ما الذي تقوم به صحيفة الوطن الأحادي الموجود في كل مكان والقادر على ليشرح للمحكمة معنى الرسم الهزلي ،ومعنى للمحافظة على استقلاليتها؟ وكيف تضمن كل شيء من المفروض أن يشملنا جميعاً ،في حين أن الواقع غير ذلك ،إذ يوجد شخصيات، الفكاهة ،والتعليق الصحفي ،والتحقيق استمراريتها؟ الاستقصائي ،وأين تكمن الروادع التي يخضع ومفكرون ،وصحفيون ،وقضاة وطلبة... عن طريق البيع ـ فهي تطبع 140.000 يعيشون في فضاء متنوع الثقافات ومتعدد لها المجتمع .وكأنه يستخدم تلك القضايا نسخة ،ويبلغ ثمن النسخة الواحدة 20دينارا اللغات ،ويفكرون بأساليب مختلفة ،ويشكلون لتدريب القضاة الشبان في مجال حرية (أي ما يعادل 20سنتيماً من اليورو تقريباً) مجموعة من تلك السلطات المضادة المحدودة الصحافة. ـ فضلاً عن الإعلانات الإشهارية .وبما أنها اللازمة لتحقيق الديمقراطية. التعليم هو الموضوع الرئيسي ل َشيطك محرومة من نشر الإعلانات الحكومية منذ عام الوثائقي «الصين لا تزال بعيدة» (.)2008 ما الفائدة من صحيفة مستقلة إن لم يكن ما الذي دعاك للإشارة إلى الصين ،في موضوع ،1993أنشأت الصحيفة بمواردها الخاصة لها تأثير على المجتمع؟ إدارة للإشهار وإدارة للتوزيع ،فضلاً عن يتعلق بمدرسة في تفلفال ،تلك القرية الصحافة المستقلة قادرة ،حتى لو كانت لا الصغيرة في جبال الأوراس التي انطلقت منها مطبعة مستقلة بالاشتراك مع صحيفة الخبر. تمثل سلطة مضادة حقيقية ،على التبليغ عن وعلاوة على ذلك ،توجهت الصحيفة نحو ممارسات العنف الخفية التي لا يتم ذكرها شرارة حرب الجزائر في نوفمبر 1954؟ الإعلانات الخاصة التي توفر لها ما يتيح دفع البتة .وتُعتبر الجزائر في الوقت الراهن بلداً يشير عنوان الفيلم إلى حديث للنبي محمد: أجور نحو مائة صحفي ومراسل ينتمون إلى يسوده الهدوء ،محمي من الإرهاب ،غير أنها، «اطلبوا العلم ولو في الصين» .إذا كانت الصين هيئة التحرير. في واقع الأمر ،ليست في مأمن من التعرض أرض الرموز والمعرفة ،فهي إذا تلك الأرض للإهانات والتلاعب. التي لا بد من الوصول إليها مهما كلف ذلك مقطع من شريط الصين لا تزال من جهد .وهي أرض لا تزال بعيدة المنال ،من بعيدة ( ،)2008لمالك بن اسماعيل. وجهة نظر الجزائر. © Unlimited/CirtaFilms و ُقبيل هذا الفيلم ،كنت قد أخرجت شريطا وثائقياً حول الجنون («إختلال»)2004 ، استوجب مني قضاء ثلاثة أشهر في مستشفى الأمراض العقلية حيث شاهدت حالات عديدة من الهذيان السياسي-الديني .وتساءلت عن مصدر مثل هذا المرض ،فحصلت على الإجابة من طبيب للأمراض النفسية« :المصدر هو المجتمع» .وهذا ما حثني على استكشاف طريقة تكوين الشباب ،والأفكار التي تُلقن لهم في المدارس .ومن ثم ،ذهبت إلى مدرسة القرية حيث بدأت حرب الجزائر. كانت هذه الحرب التي استمرت ما يقارب ثمانية أعوام ،شديدة العنف .وتحولت الجزائر إلى أسطورة ،بفضل انتصارها ،وسعت الأنظمة المتتابعة حثيثاً لترسيخ هذه الأسطورة. ولا أقول إنه ليس من المناسب تقوية المشاعر الوطنية لدى المواطنين وتثمين الأعمال البطولية التي أنجزوها .ولكني لا أوافق على أن يتم ذلك في انفصال تام عن الحياة المحلية اليومية .لقد أردت تصوير الواقع اليومي للجزائر الكادحة والمناضلة ،من وراء تلك الأسطورة. 58رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
ضيفتنا © Unlimited/CirtaFilms مالك بن إسماعيل ،سينمائي جزائري ك ّرس رشيدة امرأة مبهرة .لقد أعطتني درساً رائعاً في يقول المخرج مالك بن اسماعيل« :لا نصنع جهوده لإنتاج الأفلام الوثائقية منذ التسعينات لما الحرية! هي أصيلة قرية أخرى تقع في جنوب شريطا حول الناس ،وإنما مع أناس من الجزائر ،اضطرت للفرار منها إثر طلاقها ،لأن الواقع» .في الصورة ،مجموعة من التلاميذ كانت بلاده تمر بمأساة «العشرية الدامية» .وقد المرأة الطالق تعتبر بمثابة العاهرة. ساهموا في شريط الصين لا تزال بعيدة.. حظيت أفلام مالك بن إسماعيل بترحيب النقاد كان من المستحيل إجراء مقابلات مع نساء ويُبين الفيلم الهوة التي تفصل بين الأسطورة أخريات ،رغم أن النساء ،في هذه المنطقة، وبين الواقع الاجتماعي .ويتضح ،في نهاية ونالت جوائز في العديد من المهرجانات الدولية. المطاف ،أن ما يُلقن للأطفال إنما هو كره اشتَهرن في الماضي بقدر ِتهن على إدارة الغير .كما يُظهر الفيلم أن التعليم القرآني ويتم عرض هذه الأفلام في قاعات السينما كما الاقتصاد المحلي :كانت صناعة السجاجيد والزراعة بين أيديهن .أما الآن ،فقد أصبحن كما يمارس اليوم ،بعيد كل البُعد عن أحاديث تبثها القنوات التلفزية في جميع أنحاء العالم، قابعات خلف جدران منازلهن .وفي الريف، النب ّي .لقد أضر الإسلام السياسي أيما ضرر ولاسيما في أوروبا ،ومن هذه القنوات :آرتي نادرا ما يغادرن منازلهن ،حتى وإن تح ّجبن. في المجتمع حتى يومنا هذا ،وبالخصوص في فالرجال هم الذين يذهبون للسوق .وهذا أمر المناطق الريفية. (ألمانيا ـ فرنسا) ،وكلتورا تي .في( .البرازيل)، لم يشهد له مثيل في السابق! إن سنوات الإسلام والتلفزة البلجيكية الفرنكوفونية ر .ت .ب .ف، السياسي والفكر المحا ِفظ قضوا تماماً على هل هذا ما يفسر أن رشيدة ،عاملة النظافة وتي .في( 3 .إسبانيا) ،وإيلي(فنلندا) ،وفرانس دور المرأة الاجتماعي التقليدي ،وعلى جميع بالمدرسة ،هي المرأة الوحيدة التي أدلت المكاسب المتعلقة بتحريرها .وأثناء تصوير بشهادتها في هذا الفيلم؟ تي .في ،.وكنال ،+و بي .بي .سي .شانل فور الفيلم ،كانت النساء يرسلن الأطفال لتزويدنا (المملكة المتحدة) ،وقناتي التلفزة السويسرية بصواني الطعام والحلوى والقهوة ،ولم نر أية الناطقتين بالفرنسية وبالإيطالية ،والقناة الدولية واحدة منهن. تي .في 5.موند .كما فاز مالك بن إسماعيل بجائزة «فيلا كوجوياما» (كيوتو ،اليابان) في عام .2010ومن المقرر عرض أعماله في كبرى الجامعات الأمريكية في خريف عام .2018 رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |59 2018
الأحداث الأحداث صورة من سلسلة جينيزيس للمص ّور البرازيلي سيباستياو سلغادو،التقطت في أرخبيل غالاباغوس (الإكوادور)، سنة 2005 © Sebastião Salgado 60رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
الأحداث أرخبيل كولومبوس: السكان يتجندون © Sarah Del Ben سوق السمك في سانتا كروز، جزيرة من أرخبيل غالاباغوس (الإكوادور)، ماذا يتبادر في أذهاننا لما نفكر في جزر غالاباغوس؟ سلاحف عملاقة ،وإغوانا مارس 2018 بحرية ،وعصافير ،وداروين ونظريته التّطورية؟ هذا مفروغ منه .لكن وتغطي محمية المحيط الحيوي لأرخبيل الغالاباغوس تأوي أيضا 28.000ساكن موزعين على أربع جزر :سانتا كروز، كولومبوس-غالاباغوس التي تبلغ مساحتها وسان كريستوبال ،وإيزابيلا وفلوريانا .وقد بلغ عدد السياح الذين يزورون 7500كيلومتر مربع ،مجمل المساحة اليابسة الأرخبيل حوالي 240.000سائح كل سنة ،بفضل هؤلاء السكان الذين تجندوا لمنتزه غالاباغوس الوطني. للتصرف التشاركي والمستدام في موارد الغالاباغوس -الذي يحمل أيضا اسم أرخبيل كولومبوس – وهو موقع في الإكوادور مسجل على قائمة التراث العالمي ويعتبر الغالاباغوس من بين أفضل النماذج منذ سنة ،1978ومصنّف ك َمحمية للمحيط الحيوي في إطار شبكة اليونسكو التي حققت تفاعلا منسجما ومنفعة متبادلة العالمية منذ سنة .1984 بين الإنسان وبيئته الطبيعية .وترتكز استراتيجية إدارة محمية المحيط الحيوي يضم الأرخبيل الذي يقع على بعد 1000كيلومتر على إنتاج المواد الغذائية التي تعود بالنفع من اليابسة والذي يأوي واحدا من أغنى النظم على الاقتصاد المحلي ،وعلى احترام النظم البيئية البحرية في العالم ،ثلاث عشرة جزيرة البيئية ،ومنع دخول الأنواع التي من شأنها كبيرة – مصحوبة بـ 147جزيرة صغيرة أن تغزو المحيط وتعرض للخطر التنوع وصخور بحرية -تش ّكلت منذ أربعة ملايين سنة .وفي الواقع ،أغلب هذه الجزر هي قمم الحيوي الأصلي. براكين مغمورة في أعماق البحر ،يفوق ارتفاع بعضها 3000متر من قاع المحيط الهادئ. رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |61 2018
الأحداث مصالحة ومنذ سنة ،2017تمت إعادة تدوير نصف ويقع منتزه غالاباغوس الوطني في قلب النفايات الصلبة بفضل برنامج فرز النفايات المحمية ،ويعد مثالا ناجحا للتصرف التشاركي، بقلم لوك جاكي واستعادة المواد منها ،وذلك بمشاركة إذ يتيح للسكان المحليين الارتزاق بطريقة في مارس ،2018توجه كل من المخرج السكان المحليين. مستدامة من خلال موارد بعض الأنشطة ،مثل الفرنسي لوك جاكي ،الحائز سنة 2006 الصيد أو تربية الماشية أو السياحة أو الترفيه، ومن خلال مشروع محميات المحيط الحيوي بفضل تخطيط محكم للتصرف في إنتاج المواد على جائزة أوسكار لشريطه الوثائقي كأداة لإدارة المناطق الساحلية والجزر في «مسيرة الإمبراطور» ،والمخرجة الغذائية المحلية وإعادة تدوير النفايات. الجنوب الشرقي للمحيط الهادئ ،يعمل حالياً والمصورة سارة دل بن ،إلى أرخبيل برنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع وإذا أخذنا على سبيل المثال إنتاج القهوة ،فقد الغالاباغوس في رحلة استكشافية تم سنة 2015إنشاء تعاونية تضم كلا من لمشروع فيلم سينمائي جديد .وقد لليونسكو ،بالتعاون مع حكومة إكوادور، المزارعين وأصحاب المطاحن والتجار بهدف رافقهم في تلك الرحلة اخصائيون من ومنتزه غالاباغوس الوطني والمجتمعات برنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع تحسين إنتاج وتسويق الأصناف الثمانية لنوع لليونسكو .وفي ما يلي شهادة لوك جاكي المحلية ،على توسيع محمية المحيط الحيوي كي الأرابيكا التي تزرع منذ قرن في الجزر ،على عن تلك الرحلة ،سجلها فريق اليونسكو. تبلغ مساحة 133.000كيلومتر مربع ،لتشمل ارتفاع 250متراً فوق مستوى سطح البحر. وبفضل نكهتها الشهيرة ،يبلغ سعر قهوة تنشر رسالة اليونسكو هذا المقال بمناسبة محمية غالاباغوس البحرية التي تعد ملاذاً غالاباغوس سبعة أضعاف نظيرتها بالقارة. انعقاد الدورة الثلاثين لمجلس برنامج حقيقياً للكائنات البحرية الحية .وباعتبارها وتحترم طرق الإنتاج (الخالية من المبيدات الإنسان والمحيط الحيوي في بالمبانغ الحشرية) والقطف والتصنيع قواعد حماية نقطة التقاء العديد من التيارات البحرية، بأندونيسيا ،من 23إلى 28يوليو .2018 حيث تختلط المياه الباردة والدافئة ،تشكل البيئة ،مما سيتيح لهذه الأصناف الحصول على هذه المحمية مأوى للعديد من الكائنات الحية شهادة المنشأ. هذا الصباح ،بينما كنت أتجول في أزقة سانتا الأصلية ،وكذلك للكا ِئنات الواردة من مختلف كروز ،شاهدت رجلاً عجوزاً يقرأ صحيفة أما بالنسبة لإعادة تدوير النفايات الصلبة، مناطق المحيط الهادئ. فإن حكومة بلدية سانتا كروز تقوم منذ عشر وكان يرافقه أسد بحر ،يجالسه بكل تلقائية سنوات باتخاذ المزيد من المبادرات وتنسيقها، على نفس المقعد .وعلى مسافة قصيرة منهما، بتمويل من الحكومة الفل َمندية لمملكة بلجيكا، يدعم المشروع المذكور إنشاء محميات للمحيط ومنها بعث برامج تربوية وتح ِسيسية حول رأيت رجالا وقد عادوا لتوهم من الصيد، المشاكل البيئية ،وحظر استعمال المواد يبيعون سمكا طازجا سوف يُستهلك قبل الحيوي باعتبارها أدوات لممارسات مبتكرة غروب الشمس .واصلت طريقي ،فاعترضت ومتلائمة مع السياقات الاجتماعية والثقافية المكونة من البولي إثيلين أو منع توريد الجعة بعض المارة والسياح والإغوانا .وكفاني أن والبيئية .كما يشجع على إنشاء شبكة تشاركية والمشروبات الغازية في عبوات غير قابلة لإعادة ابتعد قليلا عن الأزقة ليتسنى لي التأمل في الأطفال وهم يلعبون حول السلاحف العملاقة لتبادل المعلومات والتجارب حول تقلص التدوير. التي يناهز عمرها مائة سنة ،وهي ترعى التنوع البيولوجي ،والتصرف في المناطق الساحلية وإدارة التنمية المستدامة .ويهتم غير أن الفضل في نجاح هذه المبادرات يعود العشب بكل هدوء. المشروع بشكل خاص بالسواحل والجزر في بالأساس إلى سكان القرى الذين أخذوا على الجنوب الشرقي للمحيط الهادئ الواقعة في عاتقهم حماية البيئة والمحافظة عليها .فيقوم جلت العالم كله لكنني لم أر قط مثل هذا شيلي ،وكولومبيا ،والإكوادور ،وبنما وبيرو .كما الحرفيون باقتناء المواد القابلة لإعادة التدوير التقارب بين مختلف الكائنات الحية ،ربما تساهم هذه الجهود في توفير سبل عيش أفضل ليصنعوا منها عدة أمتعة ،ويستخدم البناؤون باستثناء أنتاركتيكا ،القارة القطبية الجنوبية. هذه الأماكن النائية ،تشكل في نهاية الأمر ،آخر لسكان المنطقة. كتل الزجاج أو الألواح الزجاجية في بناء ملاذ لحياة متناغمة بين الإنسان والطبيعة. المنازل ،ويتجنّد الصيادون لحظر استعمال ومع ذلك ،في كلا المنطقتين ،ظروف الحياة إعادة تصنيع النفايات في شباك الصيد البلاستيكية ويقومون بأنفسهم سانتا كروز بالغالاباغوس بجمع النفايات الملوثة للبحر ،شأنهم شأن قاسية جدا. السكان الذين يشاركون بشكل منتظم في تنظيف الشواطئ. © Sarah Del Ben 62رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
الأحداث بينالإنسان والطبيعة © Sarah Del Ben المخرج الفرنسي لوك جاكاي ،أثناء سفره أما أنا ،فلي حظ التمتع بمهارات تمكنني من في أراضي غالاباغوس القاحلة والمع ّرضة لحرارة لتحديد مواقع التصوير في الغالاباغوس، القيام ،بكل تواضع ،بدور الوسيط بين العلم الشمس المحرقة والتي تعسر فيها الحياة ،لا حيث تن ّقل صحبة فريق من اليونسكو، وعامة الجمهور .لدي مهارة في انتاج صور وجود لأي صراع بين النشاط البشري والتنوع في مارس 2018 قادرة على تمرير الرسائل ،بكفاءة أصبحت البيولوجي .ويخال لنا أننا متواجدون في مخبر التغير المناخي وتق ّلص التنوع البيولوجي الآن مؤكدة .وأضع هذه المهارة في خدمة بمقاس حقيقي ،بصدد مشاهدة دليل حي قضايا معقدة للغاية .والسينما قادرة الكوكب .وهذا ما يدفعني لدعم برنامج الإنسان لإمكانية التعايش بين البشر والحيوانات... على جعلها في متناول الجمهور من خلال والمحيط الحيوي التابع لليونسكو ،إذ تتوافق شريطة أن يتم وضع سياسات للتصرف ترجمتهما إلى قصص بسيطة وذات بعد كوني طموحاته مع قناعاتي .إن فلسفة هذا البرنامج الرشيد في الموارد ،من شأنها أن تسمح للنظم البيئية بالبقاء .وهذا الأرخبيل نموذج يجدر في نفس الوقت .وهكذا ،تفتح السينما أمامنا تستند إلى فكرة التعايش ،وهي فكرة ألتزم الاقتداء به في بقية أنحاء العالم ،في ما يخص الباب الأول على طريق الوعي. بها تماما. سبل سد الهوة التي اتسعت ،جراء تصرفاتنا، ولما نكون قد أخذنا ذلك المنحى ،ندرك أنه من إن السينما أداة رائعة لإذكاء الوعي ،إذ تتسم بيننا وبين بقية الكائنات الحية. باب الخيال أن نتصور ولو لحظة واحدة – لغتها بالعاطفة والتعبير المجازي .ولا تحتاج لاستعمال خطاب الوعظ أو الاتهام ،فذلك لم إن المساهمة في المحافظة على النظم رغم أن الأجيال الأربعة أو الخمسة الأخيرة من يعد في الحقيقة يجدي نفعا .هي تؤثر في روح الايكولوجية مهمة معقدة دائ ًما .ولكن قبل البشرية قد قامت فعلا بذلك -أنه بإمكاننا أن المشاهدين وعقولهم .كما تدعوهم للاندماج كل شيء ،لا بد أن نتعلم كيف نتعرف على تلك النظم وكيف نحبها .وإذا بادر كل واحد نعيش في معزل عن الطبيعة .نحن آتون من في الطبيعة ،إما بدافع الاستمتاع بجمالها منا بالقيام بذلك ،من خلال استخدام مواهبه الطبيعة ونحن في حاجة إليها لأشياء أساسية أو بدافع الاستفادة من منافعها أو بدافع وقدراته ،فسوف تثمر جهودنا الجماعية ،تلك مثل التنفس أو شرب الماء أو الغذاء .كما أننا في هي قناعتي .إنني أؤمن إيمانا راسخا بأن هذه الفضول فقط. الطاقة الجماعية سوف تسمح لنا بالمضي قدما حاجة إليها كي نشيّد أحلامنا. نحو حياة لن نعد نتقلد فيها دور المستعمر بل دور المتصرف ،ونحو مجتمع واع بقيمة الكوكب الذي يعيش فيه. رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |63 2018
الأحداث طائرة بدون طيّار تكشف عن أسرار تيواناكو لوسيا اغليزياس كونتز (اليونسكو) ها أن موقع تيواناكو الذي يقع على بعد 70كلم غربي مدينة لاباز و 15كلم عن ضفاف بحيرة تيتيكاكا ،يُفاجئنا من جديد .هو مركز روحي وسياسي لثقافة تيواناكو (بوليفيا)ُ ،مس ّجل منذ سنة 2000في قائمة التراث العالمي. وقد ت ّمت فيه مؤخرا اكتشافات استثنائية في إطار مشروع لليونسكو. تنشر رسالة اليونسكو هذا المقال بمناسبة الدورة 42للجنة التراث العالمي التي تنعقد من 24يونيو إلى 4يوليو 2018في المنامة (البحرين). وبعد أن اختار الرئيس إيفو موراليس ،وهو خريطة لتيواناكو ُص ّممت بالاعتماد على يمثّل تيواناكو أحد أهم المواقع الأثرية المبهرة في من أصل أمريكي-هندي ،تيواناكو كمكان معطيات ذات 3أبعاد و ّفرتها طائرة بدون أمريكا الجنوبية ،بتركيبة مجمع مبانيه الهائلة رمزي لافتتاح كل واحدة من فترات حكمه الثلاث على رأس بوليفيا (في 2006و2010 طيّار .الخطوط السوداءتشير إلى آثار وموقعه على ارتفاع ما يفوق مستوى البحر و ،)2015استعاد الموقع أه ّميته وأصبح تجمعات سكنية ُمحتملة بـ 3800متر .ويعود تاريخه إلى العصر قبل اليوم جزءا لا غنى عنه من برامج الزيارات في منطقة مولو كونتو. الإسباني للأنديز ،حيث كان ،طيلة عدة قرون، السياحية .غير أن التمتّع الكامل بهذا الموقع عاصمة لامبراطورية شاسعة وجبارة ،استمدت يستوجب من الزائر جهودا كبيرة .ذلك أن © José Ignacio Gallego / UNESCO سيطرتها من استعمال مواد وتقنيات مبتكرة، تيواناكو لا تتط ّلب ُمج ّرد التأ ّمل ،وإنما تم ّكنت بفضلها من تحسين انتاجها الفلاحي، وإثر انهيار هذه الثقافة في القرن الثالث عشر، وبالتالي من تطوير قدراتها الاقتصادية .ومنذ استعمال د ّقة الملاحظة والتوثيق .إذ لم يتبقى تع ّرضت تيواناكو إلى عمليات سلب مكثفة: من المجموعة الفخمة من المعابد والقصور كانت للمكان جاذبية مثل المغناطيس على عهد تيواناكو ،تط ّورت الثقافة التي تحمل نفس الاسم ،والتي بلغت أوجها بين سنتي إلا الأنقاض أو آثار ت ّم إعادة بناء سبعة منها مفتّشي الكنوز ،م ّما أدى إلى اندثار آثار نفيسة. 500و 900من عصرنا ،وأش ّعت على مناطق ُجزئيّا :هرم أكابانا ،ومعبد كانتاتاييتا ،والمعبد وكان يُستعمل أيضا كمقطع للحجر ،كما شاسعة تض ّم غرب بوليفيا ،والجنوب الغربي الصغير المقبور جزئيا تحت الأرض ،ومعبد تشهد على ذلك العديد من الوثائق التاريخية. للبيرو ،وشمال الأرجنتين والشيلي. كالاساسايا ،وقصر بوتوني ،وقصر كيري كالا، ويمكن العثور على بعض القطع التي نقلت وهرم بوما بونكو. من الموقع واستعملت في مباني عصرية متواجدة في المدينة المجاورة ،وحتّى في العاصمة البوليفية لاباز. 64رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
الأحداث © Ernestina Cortés Albor / UNESCO مراسم أيامارية في تيواناكو -بوليفيا كما يتض ّمن هذا البرنامج الطموح ،الذي لكن هذه الآثار المتبقية تحمل بوضوح طابع انتهى إنجازه ُمؤ ّخرا ،خ ّطة للسياحة المستدامة الحضارات العظمى لما تكنه من معجزات بالنسبة لي هو (باعتبار أن تيواناكو يقع في الهضاب المرتفعة، اكتشاف العمر: مثل بوما بونكو (باب بوما) ال ُمتك ّون من كتل تيواناكو تُمثّل منذ في منطقة ُمع ّرضة للزلازل ،وفي وا ٍد منحصر ضخمة من الحجر الرملي يصل وزنها إلى 500سنة أحد بين مجموعتين من الجبال) ،وكذلك ،و ِبطلب المراجع التاريخية من لجنة التراث العالمي ،إنجاز مسح طبوغرافي 130طنا ،موصولة فيما بينها بواسطة مشابك في علم الآثار على من نحاس ،وهو انجاز يُثير الدهشة بما أن الصعيد العالمي شامل للموقع. هذه الحضارة لم تكن تعرف العجلة – وفي تقدير بعض الباحثين ،كان يستوجب حمل ويوضح عالم الآثار خوزي إغناسيو غلاغو ريفيلا ،الذي يعتني بهذا المشروع لصالح مثل تلك الكتل جهود 1300إلى 2600شخصا المن ّظمة« :بما أنني متواجد على الميدان ،اقترحت – علما وأن معرفتها بالمعادن منحت هذه على اليونسكو إنجاز هذه الدراسة باستخدام الحضارة التف ّوق على الصعيد العسكري. الاستشعار عن بعد :وبفضل الطائرات دون طيّار والأقمار الاصطناعية ،يمكننا اليوم اكتشافات جديدة الحصول على معطيات في غاية الد ّقة»، إن الدافع الأساسي لبعث مشروع صيانة ُمضيفا«:لقد تطلب إعداد المشروع سنة كاملة. تيواناكو وهرم أكابانا والمحافظة عليهما ،سنة وبما أنني كنت ُمتعاونا مع جامعة كمبلوتانس بمدريد ،ف ّكرت في التو ّجه إلى مركب الدراسات 2015بمبادرة من مكتب اليونسكو بكيتو، المتميزة في تلك الجامعة ،المتكون من مجموعة بأموال مودعة يابانية مخصصة للتراث العالمي في حدود 870.000دولار أمريكي ،هو ضرورة من المخابر التابعة لعدة كليات ،حيث يعمل إنجاز مخطط ُمح ّي لإدارة الموقع – وهو أمر العديد من المختصين الممتازين ،وهو مركب مفروض على كافة المواقع ال ُمس ّجلة على قائمة يمارس أسعارا مناسبة جداً». التراث العالمي – وكذلك ضرورة وضع برنامج تربوي وخاص بالمتاحف يُساعد على ح ّل البعض من ألغاز تيواناكو. رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |65 2018
الأحداث تشريك التجمعات المحلية مشهد ُمل ّون لهرم أكابانا.تُمثّل الخطوط إلا أننا كنّا في حاجة إلى طائرة دون طيّار قادرة الحمراء القنوات التي كشفتها الحفريات على التحليق على ارتفاع يفوق 4000متر، خوليو كندوري ،مدير مركز البحوث الأثرية الأثرية سابقا ،أما الخطوط السوداء فهي والأنثروبولوجية والإدارية لتيواناكو -أي تُشير إلى قنوات ُمحتملة ،قد تسبب تدهور ولم يكن بوسعنا نقل طائرة جامعة مدريد إلى بنيتها في إحداث شقوق كبيرة في المبنى. بوليفيا .فتو ّجهنا إلى شركة سويسرية تقوم الهيئة ال ُمك ّلفة بتسيير الموقع -ر ّكز عنايته منذ البداية على هذا المشروع .ويعتبر أن الخريطة © José Ignacio Gallego / UNESCO بتوزيع الطائرات في شيلي وفي بوليفيا .فأنجزت الطوبوغرافية الجديدة تُمثّل في ح ّد ذاتها أداة التقويم المطلوب وقمنا باستغلاله في مخبر للمحافظة على الموقع ،ويشرح في هذا الصدد: لكن ال ُمعطيات الجديدة م ّكنت أيضا من بمدريد». الحصول على المزيد من المعلومات حول المعالم «لدينا الآن مساحة مدروسة تُق ّدر بـ 650 تم التقاط الصور بين شهري أكتوبر وديسمبر هكتارا ،وهو ُمعطى يُمكن الاعتماد عليه لمزيد المعروفة ،على غرار بوما بونكا ،وهو مجمع من سنة ،2016وصدرت النتائج الأولى في البحث ولتوسيع المنطقة ذات الحماية الفائقة». من المعابد كانت مساحته المعروفة لا تتعدى هكتارين ،وأصبحنا نعلم الآن أنه يحتوي على مايو .2017وقد و ّفرت الطائرة معطيات على وللمشروع موطن قوة آخر ،ألا وهو التشاور غاية من الد ّقة ،مع هامش خطأ يق ّل عن 4 ال ُمنتظم مع السكان ذوي الأصل الأمريكي- من ّصتين أخريين مطمورتين. سنتيمترات ،على كامل الموقع الأثري. الهندي ،علما بأنه تُوجد على طرفي الموقع، ويقول عالم الآثار في هذا الصدد« :بعد وكشفت الخريطة التي ت ّم الحصول عليها شمالا وشرقا ،مناطق آهلة .وتعد البلدية الاكتشافات التي حصلنا عليها بفضل مجموعة من المباني غير ال ُمتوقعةُ ،مو ّزعة على الحالية لتيواناكو ثلاثة مناطق سكنية تض ّم الطائرات دون طيّار ،أصبح أمامنا ُمر ّكب 23دائرة ،ويعيش حوالي 12.000ساكن في ديني يمسح 17هكتارا ،أي ثلاثة أضعاف كامل مساحة المنطقة التي تم استكشافها، المنطقة الأثرية ذاتها وفي ضواحيها القريبة. والتي تمسح 411هكتارا .وتمت ّد المنطقة مساحة الهرم الأكبر في مصر». الأثرية إجمالا على أكثر من 600هكتار، ويُضيف خوليو كندوري« :لقد تم إنجاز المشروع بكافة مراحله في تفاعل حيوي للغاية ويُضيف عالم الآثار ،وهو يعرض على شاشة أي أكثر بس ّت م ّرات من تقديراتنا. مع السكان ،وفي ذلك سر نجاحنا في الحصول حاسوبه خرائط وصورا لتدعيم أقواله« :لقد على هذه النتيجة» ،مؤ ّكدا أن «بعض الأفراد من ضبطنا في الحين خريطة للموقع ولكل ما يوجد ومكن تحليل الصور الجوية من اكتشاف جماعات هوانكولو وأتشاكا ساهموا في السنة تحت الأرض .ويُمثّل ذلك بالنسبة لي اكتشاف أثر معبد حجري مطمور حذو ما يقارب مائة بناية دائريّة ومستطيلة ذات الحجم الماضية في الاستبيان الذي قمنا به للتث ّبت العمر :تيواناكو تُمثّل منذ 500سنة أحد الكبير (قد تكون وحدات سكنيّة) ،علاوة على في ما إذا كانت المعطيات التي و ّفرتها الطائرة المراجع التاريخية في علم الآثار على الصعيد خنادق وقنوات وطرقات ومباني أخرى تتعلق العالمي ...وشيء من هذا القبيل لا يحدث إلا م ّرة مطابقة للواقع .وقد أنجزوا هذا العمل بكل بمجالات مختلفة. سرور .وعلينا أن نواصل م ّدهم بنتائجنا حتّى واحدة في الحياة المهنية للباحث». يتبنّوها» .وبالتوازي مع ذلك ،ازداد عدد الزوار الوطنيين والدوليين – وقد فاق 125.000زائر في سنة .2017ويقول مدير المركز« :تضمن تلك المداخيل الاكتفاء الذاتي الاقتصادي للموقع ،كما تسمح لنا بالاستفادة من مهارات المهندسين المعماريين ،والكيميائيين، والجيولوجيين»ُ ،مضيفا«:نأمل في مواصلة التعاون مع السلطات البلدية والوطنية، بالإضافة لدعم اليونسكو طبعا». وحسب أسطورة الأيمارا ،قد يكون الأسلاف قد أخفوا في باب الشمس ،وهو المعلم الأكثر رمزيّة في تيواناكو ،س ّر إنقاذ البشرية في حال وقوفها على شفا الهاوية .ومن حسن الحظ ،لم تحن الساعة بعد .وفي الأثناء ،بفضل جهود الباحثين وبفضل التكنولوجيا المتق ّدمة ،بدأ عهد جديد لهذه الثقافة التي أسست ،انطلاقا من ضفاف بحيرة تيتيكاكا ال ُمق ّدسة ،المجتمع الأكثر تق ّدما في ذلك العصر ،وابتكرت شكلا من أشكال الدولة التي لم يسبق لها مثيل في هذه الرقعة من القا ّرة الأمريكية. 66رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
70 N E S C O C 70O U R I EالذكرىU لتأسيس رسالة اليونسكوR الصحيفة الوحيدة التي كان يقرأها نيلسون مانديلا في جزيرة روبن © UNESCO / Michel Claude بقلم أنار ك ّسام «نظام التفرقة العنصرية ليس ،كما يعتقد البعض لحد الآن ،مجهودا صادقا يهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص بين المجموعات العرقية ،لكن في أطر ُمنفصلة .إنه دون شك تمييز عنصري فرضه أشخاص ذوي البشرة البيضاء، لصالحهم حصريّا ،وعلى حساب السكان السود أو الذين يختلف لونهم عن البيض» .هذا ما قرأه في صفحات الرسالة السجين رقم ،64/466 نيلسون مانديلا ،لما كان معتقلا في جزيرة روبن ،دون علم ح ّراس الدولة البوليسية التي كانت قائمة في أفريقيا الجنوبية آنذاك. «كانت السلطات تُحاول أن تفرض علينا نيلسون مانديلا ،رئيس المؤتمر الوطني تنشر الرسالة هذا المقال بمناسبة الذكرى تعتيما كاملا ،ولم تكن تُريد أن يبلغ إلى علمنا الأفريقي ،و فيديريكو مايور ،المدير العام المائة لميلاد نيلسون مانديلا ،المولود في 18 أي خبر من شأنه أن يرفع من معنويّاتنا ،ولا لليونسكو ( ،)1999-1987في مقر المنظمة، يوليو .1918 أن نعلم بوجود أطراف في الخارج ما زالت يوم 14أكتوبر .1993 تُف ّكر فينا». في سنة ُ ،1964حكم على نيلسون مانديلا إلا أنه كان بإمكان السجناء أن يُتابعوا ورفاقه في الكفاح بالسجن ال ُمؤ ّبد ،وكانت إدارة دراستهم الثانوية والجامعية ،وأن يحصلوا السجن ساهرة على أن تكون سنوات اعتقالهم بالتالي على الكتب التي يحتاجونها .فتس ّرب الأولى قاحلة على المستويين الفكري والروحي، في فترة ما ،بين كتب الحسابيات والاقتصاد مثلها مثل أرض جزيرة روبن الجدباء :كانت المطلوبة من طرف ال ُمعتقلين ،اشتراك في رسالة الصحف ممنوعة بما فيها الصحف المح ّلية. اليونسكو باللغة الإنجليزية ،يتم إرساله وقد ذكر مانديلا في الكتاب الذي خصصه من باريس. لسيرته الذاتية ،والذي يحمل عنوان «طريق طويلة نحو الحرية»(:)1994 رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |67 2018
خاص -الذكرى 70لتأسيس الرسالة70 التفرقة العنصرية © UNESCO جزيرة روبن كانت عبارة عن ألكاتراز أفريقيا غلاف عدد نوفمبر 1977لرسالة اليونسكو من الواضح أن هذه المج ّلة لا تمثل في نظر الجنوبية ،الجزيرة-السجن حيث يقبع سجناء إدارة السجن التي لا تفقه في الغالب إلا اللغة الحق العام السود المحكوم عليهم بال ُمؤبّد ،دون لم يكن يُوجد أ ّي من هذه المواضيع في قاموس الأفريقانية ،أية خطورة بالنسبة لهذه الفصيلة التفرقة العنصرية ،ولا في الأراضي القاحلة من السجناء الذين كان يُسمح لهم ،بعد قضاء أي أمل في إطلاق سراحهم .وعندما اشت ّدت يوم في الأشغال الشاقة في محجر من الكلس، المقاومة ضد التفرقة العنصرية وانتشرت، لجزيرة روبن .وأص ّر مانديلا على إعلام المدير بالا ّطلاع في زنزانتهم على مثل تلك المحتويات العام لليونسكو بأن مطالعة الرسالة كانت خلال السنوات 1960و ،1970أرسلت الصلة التي تربطهم بالعالم الخارجي. «الخالية من الأهميّة». الحكومة العنصرية الجنوب أفريقية المعارضين السياسيين الأكثر تأثيرا إلى هناك ،لقضاء بقية لقد حظيت بمرافقة فيديريكو مايور في تلك وقد قص مانديلا بنفسه هذه الوقائع في حياتهم .في الواقع ،كانت سجنا وسط السجن، الزيارة ،وعندما استمعت إلى تصريحات سبتمبر 1996في مكتبه الرئاسي بمبنى الرئيس ،تساءلت عن مغزاها وعن مدى يونيون بلدنغس في بريتوريا ،على فيديريكو لأن السجن الرئيسي كان أفريقيا الجنوبية مايور المدير العام لليونسكو آنذاك ،خلال ذاتها ،حيث انغلقت أقلية ال ُمستعمرين البيض أه ّميتها .لقد لعبت الرسالة دور الحمام الزاجل الزيارة الرسمية التي أداها لأفريقيا الجنوبية بين باريس وهذه الجزيرة الصغيرة النائية على شعورها الجنوني بالتف ّوق العرقي على الجديدة في عهدها الديمقراطي. الشعب الأصلي .وكانت الحياة بكل جوانبها، الواقعة وسط جنوب المحيط الأطلسي ،لتحمل لمانديلا ورفاقه أخبارا وأفكارا من القارات وذ ّكر الرئيس بأنه كان يستمتع ،هو ورفاقه، الخاصة منها والعامة ،تخضع لقوانين بقراءة الرسالة ،تلك «النافذة المفتوحة» على عنصرية ت ّم سنّها بهدف قمع سمعة الأغلبية الخمس في غفلة ح ّراس الدولة البوليسية التي السوداء وتشويهها ،لصالح الأقلية البيضاء كانت قائمة في أفريقيا الجنوبية زمن التفرقة العديد من المواضيع الجديدة ،مثل التن ّوع العنصرية .م ّما يعني أن المعرفة والأفكار قادرة الثقافي ،وتراث الإنسانية المشترك ،وتاريخ صاحبة كل الامتيازات. على التحليق ،عند الحاجة! أفريقيا ،والتعليم في سبيل التنمية... وكانت الطبقة الحاكمة ت ّدعي أنها تُحافظ على «القيم الأوروبية» وتدعمها ،بعنوان مهمتها المزعومة «للنهوض الحضاري» بأفريقيا .وهو موقف متناقض ،بما أنها في الحقيقة ،تتجاهل تلك القيم التي ترتكز على مبادئ الحرية، والعدالة ،والديمقراطية والأخوة ،وهي القيم التي ناضل الأوروبيون من أجلها طيلة قرون. وانطلاقا من هذا الصراع بالتحديد – أي من الحرب ال ُمد ّمرة ضد العنصرية النازية التي كادت أن تج ّر العالم إلى الهاوية ،خلال الحرب العالمية الثانية – تم إنشاء اليونسكو ونظام الأمم المتحدة .لقد أدركت أمم العالم سنة ،1945أنه «لا مجال أبدا» للقبول بمثل هذه المآسي مستقبلا .وق ّررت ،في إطار اليونسكو، وبكل وضوح ،أن «حصون السلام يجب أن تبنى في عقول البشر»( ،كما جاء في الميثاق التأسيسي للمنظمة) بفضل تقاسم المعارف وتطويرها في جميع المجالات ،ولا سيما في مجالات التربية والعلم والثقافة. ولم يستوعب نظام أفريقيا الجنوبية هذا الدرس ،بل اختار المض ّي في الاتجاه المعاكس، بتدعيم التفرقة ،والإقصاء ،والحرمان ،والإهانة، والعنف .وكل من يعارض هذه الإيديولوجيا ال ُمتخ ّلفة كان عقابه النفي ال ُمؤ ّبد. 68رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
خاص -الذكرى 70لتأسيس الرسالة 70 إن قيمة الصحف بالنسبة للمساجين السياسيين تفوق قيمة الذهب أو الألماس ،وكانوا متعطشين إليها أكثر من المؤونة أو التبغ نيلسون مانديلا © UNESCO مقالات ضد التمييز العنصري في جزيرة روبن إن ما تقوم به اليونسكو بكل صبر ومثابرة أطلقوا سراح نيلسون منديلا ،المدافع الشجاع وقوة ،يُعاضد نضال السود في جنوب أفريقيا، عن حقوق الإنسان .غلاف عدد نوفمبر 1983 أتخيّل ابتسامة الارتياح التي تعلو محيّا فهم أظهروا ،بفضل شجاعة انتفاضتهم ،أنهم مانديلا ورفاقه في النضال وهم يقرؤون هذه تجاوزوا الخوف واسترجعوا الأمل .وحتى تبقى لرسالة اليونسكو. المجموعة الدولية وفيّة لذاتها ،عليها أن تتجنّد صورة منديلا من إنجاز الرسام الإرلندي الأسطر حول العنصرية ،التي نُشرت سنة وأن تتح ّرك بحزم حتّى لا تُخيّب هذا الأمل». 1968بقلم عالم الاجتماع البريطاني جون لويس لو بروكي. راكس« :إن نظام التمييز العنصري في جنوب لا شك في أن قراءة ذلك العدد ُمنعت في أفريقيا هو المثال الصارخ للعنصرية في عالمنا جزيرة روبن ولكن ،في الأثناء ،بلغ النضال وفي نوفمبر من السنة الموالية ،نشرت الرسالة الساحة الدولية ،وبدأ بعض قادة بريتوريا عددا خا ّصا حول العنصرية في جنوب أفريقيا اليوم .نظام التفرقة العنصرية ليس ،كما يدركون أنهم سوف يحتاجون إلى مانديلا، يعتقد البعض لحد الآن ،مجهودا صادقا يهدف عاجلا أو آجلا .وبم ّر السنين ،ارتقي موقف يحمل عنوان «أفريقيا الجنوبية في صراع مانديلا وقضيته ،في حين واصل نظام التمييز مع العنصرية» ،يبدأ بهذه السطور« :من إلى تحقيق تكافؤ الفرص بين المجموعات العنصري عدوانه وعنفه إزاء السود من شعبه بين أشكال العبودية الحديثة ،يُمثّل التمييز العرقية ،لكن في أطر ُمنفصلة .إنه دون شك تمييز عنصري فرضه أشخاص ذوي البشرة وإزاء الدول الأفريقية المجاورة. العنصري اليوم الشكل الأكثر دناءة. البيضاء ،لصالحهم حصريّا ،وعلى حساب السكان السود أو الذين ليسوا من البيض». (العنصرية تحت القناع). بعد مضي حوالي عشر سنوات ،مثّلت مجزرة التلاميذ في سويتو سنة 1976من قبل الشرطة المسلحة خلال المظاهرات منعرجا في تاريخ النضال ضد التمييز العنصري ،وذلك بتعبئة جيل شاب من المعارضين الغاضبين والثائرين على فرض اللغة الأفريقانية كلغة تعليم في مدارس السود .وقد أظهرت تلك المجزرة لبقية العالم أن استراتيجية الحكومة العنصرية تكمن في اللجوء إلى القوة العنيفة لا غير ،وحتى ضد تلاميذ غير مسلحين .فتم إقصاء أفريقيا الجنوبية من قبل المجتمع الدولي ونبذها من طرف كافة شعوب العالم ،أو على الأقل من طرف الحكومات. رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |69 2018
خاص -الذكرى 70لتأسيس الرسالة70 يوم 11أكتوبر ،1990اجتاز مانديلا أبواب السجن © UNESCO انتهى اعتقال مانديلا في الجزيرة في أواخر سنة ،1982وت ّم نقله في البداية إلى سجن بولسمور رسالة اليونسكو فبراير :1992 «عشرة آلاف يوم» «التفرقة العنصرية :بداية النهاية». قرب مدينة كايب ،ث ّم إلى منزل تابع ل ِسجن يمكن أن ننظر للسنوات السبع والعشرين التي فيكتور فيرستار ،حيث وجد «رفاهة» نسبية. وعلى أعضاء «القبائل البيض» في أفريقيا أن قضاها مانديلا في الاعتقال بطريقتين :بأنها وأثناء تلك المرحلة من اعتقاله ،التي تواصلت يكونوا ُممتنّين لمانديلا لكل الوقت الذي قضاه تمثل تضحية رهيبة بأحسن سنوات العمر، في تر ّقبهم ،ول ُصموده حتى آخر رمق ،ليُنقذهم، وثمنا بالغ القساوة على عائلته التي ُفرض حتى سنة ،1990يقول مانديلا إنه كان يقضي ساعات في «التحدث مع العدو» ،وهي سلميّا وبكل صبر ،من سجن عقولهم ومن عليها الغياب والضياع – أي أن هذه السنوات طريقته في بدء الحوار والمحادثات مع أعضاء أوهام التفرقة والتف ّوق ،ليصل بهم إلى أرض هي بالتأكيد عقابا أشنع م ّما يُخيّل .ولكن النظام الأكثر ذكاء والأقل تعصبا ،لإقناعهم مشتركة حيث لا يوجد مجال لطرد أي كان بأن عنف الدولة والمعاملة العسكرية لن يُه ّدئا بالإمكان أيضا النظر إلى «العشرة آلاف يوما» من التحرك المتفاقم في البلاد ،وبأنه لا بد من بسبب لون بشرته. وراء القضبان ،كما ينعتها مانديلا ،بمنظور ر ّد سياسي على مطالب التغيير الواردة من كل آخر :على أنها تمثل الفترة التي احتاجها لإقناع وفي سنة ،1999أصبحت جزيرة روبن أول الجهات ،بما فيها المجتمع الدولي. موقع جنوب-أفريقي يُس ّجل في قائمة التراث العنصريين بكسر سلاسلهم الإيديولوجية العالمي .وإذا ُوضعت يوما قائمة عالمية لكل والثقافية ،وبالقبول بأن الحرية والكرامة وأتى أخيرا اليوم الذي طال انتظاره ،كان ذلك من ساهم في رقي الضمير المشترك للإنسانية، لكل سكان جنوب أفريقيا ،بمختلف أجناسهم يوم 11أكتوبر ،1990اليوم الذي اجتاز فيه ومعتقداتهم ،هي الخصال الأسمى ل َدولة مانديلا أبواب السجن ليَفرض نفسه ،في بضعة سيكون نيلسون مانديلا من بينهم. أيام ،كالسلطة المعنوية للبلاد – وفي ذلك نجاح متح ّضة. باهر لهذا الرجل الذي عاش في المنفى طيلة ما أنار كسام (تنزانيا) مديرة سابقة لبرنامج يُناهز الثلاثين سنة ،وكان يُمنع نشر اسمه أو اليونسكو الخاص بجنوب أفريقيا من صورته أو أقواله! وفي مايو ،1994وبعد أربع 1993إلى .1996 سنوات من المفاوضات ال ُمضنية مع حكومة دي كلارك ،تم انتخاب مانديلا على رأس دولة أفريقيا الجنوبية الجديدة ،كأول رئيس لمجتمع ديمقراطي غير عنصري حيث سيتَعايش في سلام ال ُمضط ِهدون وال ُمظ َط َهدون. 70رسالة اليونسكو • يوليو -سبتمبر |2018
منشورات اليونسكو www.unesco.org/publishing ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ [email protected] ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ملخص التقرير العالمي لرصد وسائل الإعلام في مواجهة الإرهاب: منع التط ّرف العنيف من خلال التعليم 2017/18 دل ي ل ل ل ص ح ف ي ين التعليم :دليل لصانعي السياسات المساءلة في مجال التعليم: ISBN 978-92-3-600068-8 ISBN 978-92-3-600065-7 الوفاءبتع ّهداتنا 110صفحات 21 x 14،8 ،صم، 75صفحة 24 x 17 ،صمُ ،مس ّفر ISBN 978-92-3-600069-5 ُمس ّفرPDF ، 448صفحة 28 x 21،5 ،سمُ ،مس ّفر، ُمتو ّفر على الموقع ُمتو ّفر على الموقع http://unesdoc.unesco.org 45يورو http://unesdoc.unesco.org تعرض هذه النشرية توجيهات عمليّة على يواصل التقرير الثاني من سلسلة التقارير هذا الدليل ال ُمو ّجه للصحفيين وللمحترفين أصحاب مهنة التعليم (أصحاب القرار العالمية لرصد التعليم تقييم التقدم المحرز في وسائل الإعلام يهدف إلى توفير المعلومات السياسي ،المد ّرسين والجهات الفاعلة في في تحقيق هدف التنمية المستدامة الخاص الأساسيّة والتشجيع على التفكير في معالجة مجال التربية) لمواجهة المشاكل الخصوصيّة بالتعليم (هدف التنمية المستدامة )4 الإرهاب في وسائل الإعلام وبواسطتها. التي يطرحها التط ّرف العنيف. وغاياته العشر. واستنادا إلى نصائح خبراء ومؤسسات ويهدف الدليل بصفة خا ّصة إلى مساعدة ويبحث التقرير قضية المسؤولية في مجال مشهورة ،والاستشهاد بالعديد من الأمثلة، ال ُمك ّلفين وال ُمك ّلفات بوضع السياسات صلب التعليم ،محللاً ال ُسبل التي تتيح لجميع الجهات الفاعلة المعنية تعزيز الفعالية يستكشف هذا الدليل التحديات المهنية وزارات التربية على ضبط الأولويّات ،وعلى والكفاءة والإنصاف في توفير التعليم. والمعضلات الأخلاقية عند القيام بتغطية برمجة وتطبيق إجراءات وقائية ناجعة الأحداث الإرهابية ،كما يطرح التساؤلات في مجال التعليم ،كمساهمة في الأنشطة الوطنية للوقاية من التط ّرف العنيف. الأساسية حول تأثير تلك المعالجة على التماسك الاجتماعي وعلى انتشار الخوف في المجتمع.
الذكرى 70لتأسيس ال ّرسالة العلم عبر الصفحات © UNESCO
Search