Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore المشروع الحضاري الإسلامي - الجزء الأول - تشخيص الوضعية - أبو يعرب المرزوقي

المشروع الحضاري الإسلامي - الجزء الأول - تشخيص الوضعية - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-01-31 07:04:35

Description: كانت الحضارة الإسلامية خلال ازدهارها قد جمعت هذين الجنسين أي الحضارة المادية والرمزية بأصليهما الديني والفلسفي وما يتفرع عنهما من علوم.
لم أكن بحاجة لإثبات هذه الحقيقة بسبب الاجماع على وجودها ولا ينكرها حتى اعدى الاعداء.
ومن ثم فما سأهتم به هو أبعاد استراتيجية استئناف دورها.
ما لا بد من إثباته هو علل التحول من أداء هذا الدور الكوني الفاعل إلى الاقتصار على الدور المنفعل لأن الاستراتيجيا المطلوبة تتضاعف لهذا السبب.
فلا بد أولا من تشخيص يحدد علل التحول ليصل إلى العلاج الشافي.
ولا بد ثانيا من استراتيجية تمكن من تحديد شروط الفاعلية المفقودة واسترداد ما يناسب الظرف الجديد.
ذلك ما سأقوم به في هذه المحاولة التي هي متابعة لكلامي على التغير الحادث في الغرب بعودة الوضوح في موقفه من قضايانا بفضل أشد اليمين تطرفا.

Search

Read the Text Version

‫المشروع الحضاري الإسلامي‬ ‫شروطه الروحية والسياسية‬ ‫واستراتيجية تحقيقه‬ ‫‪2016-11-12 /1438 -02-11‬‬



‫‪1‬‬‫‪2‬‬ ‫مقدمة ‪2‬‬ ‫التصارع الداخلي ‪3‬‬ ‫الإستراتيجية المطلوبة للإستئناف ‪3‬‬ ‫تأويلات الدستور الإسلامي ‪4‬‬ ‫النظريات المتصارعة في الإسلام ‪5‬‬ ‫أسباب الإنتقال من الفاعلية إلى الإنفعالية ‪6‬‬ ‫بنية انقسام المسلمين ‪6‬‬ ‫تعيير انقسام المسلمين ‪6‬‬ ‫ابن سينا وأبن خلدون ‪7‬‬ ‫تحويل الدين والفلسفة إلى إيديولوجيا ‪7‬‬ ‫\"عقلانية\" التعليمية الباطنية ‪8‬‬ ‫الدكتاتورية الشيعية ‪9‬‬ ‫الدكتاتورية السنية ‪9‬‬ ‫غلاة الصوفية ‪10‬‬ ‫مفهوم الخلافة في القرآن ‪10‬‬ ‫الصلاح والفساد ‪10‬‬ ‫منطقا الجزاء في القرآن ‪11‬‬ ‫الفرق الجوهري بين زوجي التأويلات ‪11‬‬ ‫خاتمة ‪11‬‬



‫بأهم أسلحة الجهاد ‪-‬الفكر الفلسفي والعلمي‪-‬‬ ‫أود أن أبدأ هذه السلسلة من البحوث بقول‬ ‫لأنها تتصور البديل الزائف منه كافيا وهو ما‬ ‫عام أعلل فيه استعمالي لأدوات التواصل‬‫يسمونه بالدعوة‪30 .‬‬ ‫الاجتماعي لعلمي أنها لم تجعل له‪.‬‬ ‫والمعلوم أن الدعوة التي سيطرت على‬ ‫الساحة السنية ليست في الحقيقة إلا طريقة‬ ‫ولست غافلا عن أن الطريقة التي أعرض ‪5‬‬ ‫تقليدية لا يتجاوز دورها التجنيد والتجييش‬ ‫بها محاولاتي لا تلائمها فضلا عن كون‬ ‫وتحويل الجماعة إلى زرافات من التوابع‬ ‫الجمهور ليس له الصبر على قراءة المطولات‪.‬‬‫العامية‪35 .‬‬ ‫لكن لاختياري سببين‪:‬‬ ‫وليس من شك في أنها أقل ظلامية من‬ ‫الدعوة الشيعية للفرق بين فهمي الإسلام‬ ‫‪-1‬السبب الأول شخصي‪:‬‬ ‫التحريري في السنة والعبودي في الشيعة‪.‬‬ ‫وهو أن نشر المحاولات ذات التوجه العلمي ‪10‬‬ ‫والفلسفي في بلادنا العربية لا يمكن أن يحقق‬ ‫لكنها دونها فاعلية بسبب الأمية السائدة‬ ‫للمؤلف مردودا ماديا يمكنه من الشعور‬‫التي هي أميل إلى الوثنية وتفضيل الخرافة ‪40‬‬ ‫بالعدل‪.‬‬ ‫وعبادة الوسطاء‪.‬‬ ‫ولهذه العلة كان للترجمة دور في عملي لأنها‬ ‫هي التي تمكن من شروط الاستقلال الفكري ‪15‬‬ ‫وهي عاجزة عن جعل المتلقي قادرا على‬ ‫الإبداع لتحقيق شروط القوة المادية والرمزية‪.‬‬ ‫شروطه الاقتصادية لمن يريد أن يكون حرا في‬ ‫فكره أي غير تابع لأمير أو لحزب‪.‬‬ ‫إنها طريقة تقليدية موروثة عن مرحلة‬‫الانحطاط‪45 .‬‬ ‫لم أعد أرضى بأن يسرق جهدي في نشر‬ ‫كتب لا مردود لها ولست مستغنيا عن العيش‬ ‫وثمرتها الغالبة ليست تكوين العقول‬ ‫بعرق جبيني‪20 .‬‬ ‫والأرواح إلا بقدر يسير‪.‬‬ ‫فليكن الجهد على الأقل بتنازل شخصي‬ ‫والغالب على الدعوة ربما بسبب التنافس‬ ‫واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو أسمى‬ ‫مع الدعوة الشيعية هو التبليد الجماعي بدل‬ ‫متنازلا عن الأجر المادي للحصول على الأجر‬‫تكوين المسلم ليكون من المسهمين في شروط ‪50‬‬ ‫القوة التي قدمتها الآية ‪ 60‬من الانفال على‬ ‫الرمزي فأهب العمل للقراء مباشرة‪.‬‬ ‫رباط الخيل أو القوة العسكرية‪.‬‬ ‫‪-2‬السبب الثاني ثقافي‪25 :‬‬ ‫لذلك نذرت نفسي ما دمت حيا أن أخصص‬ ‫الثقافة العربية الحالية لا تخلو من أهل‬ ‫محاولاتي لتقديم نماذج من التحليل الفلسفي‬ ‫الخير في حماية البيضة لكنها ما زالت تستهين‬‫لفهم وضعنا الاستراتيجي في مجال شروط ‪55‬‬ ‫الإبداع المادي والرمزي أعني شروط الحماية‬

‫وكل منهما يجتمع فيه الأصلان الروحي‬ ‫والرعاية التي فقدت الامة فيها كل مبادرة‬ ‫والعقلي بالأسلوب الديني أو بالأسلوب‬ ‫يمكن أن تحررها بأن تمدها بالقوة الرادعة‬ ‫فتعود إلى دورها الكوني شاهدة على العالمين‪.‬‬ ‫الفلسفي‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫فكانت الحضارة الإسلامية خلال‬‫ازدهارها قد جمعت هذين الجنسين أي ‪30‬‬ ‫كيف نشخص الوضعية الاستراتيجية‬ ‫للحضارة الإسلامية في بداية العصر الجديد‬ ‫الحضارة المادية والرمزية بأصليهما الديني‬ ‫بعد سقوط النظام مزدوج القطبية والشروع في‬ ‫والفلسفي وما يتفرع عنهما من علوم‪.‬‬ ‫تحديد نظام جديد متعدد الأقطاب؟ ‪10‬‬ ‫يعتمد التشخيص الذي أشرع فيه اليوم‬ ‫لم أكن بحاجة لإثبات هذه الحقيقة بسبب‬ ‫مبدئين أساسيين اعتبرهما مقومي كل‬ ‫الاجماع على وجودها ولا ينكرها حتى اعدى‬ ‫استراتيجية مجدية في تحقيق المشروع‬‫الاعداء‪35 .‬‬ ‫الحضاري لكل أمة ذات دور تاريخي كوني‪.‬‬ ‫ومن ثم فما سأهتم به هو أبعاد استراتيجية‬ ‫لست بحاجة لإثبات أن الأمة الإسلامية ‪15‬‬ ‫استئناف دورها‪.‬‬ ‫عامة ذات دور حضاري كوني وأن جل شعوبها‬ ‫ما لا بد من إثباته هو علل التحول من أداء‬ ‫قد كان لها دور الريادة في هذه الكونية ذات‬ ‫هذا الدور الكوني الفاعل إلى الاقتصار على‬ ‫القيم القرآنية دور يثبته التاريخ خلال ‪ 14‬قرنا‬‫الدور المنفعل لأن الاستراتيجيا المطلوبة ‪40‬‬ ‫على الأقل مع ما تقدم عليها‪.‬‬ ‫تتضاعف لهذا السبب‪.‬‬ ‫وهذا الدور التاريخي الكوني الذي برز فيه ‪20‬‬ ‫فلا بد أولا من تشخيص يحدد علل التحول‬ ‫دور جل شعوبها الكبيرة عربا وتركا وأمازيغ‬ ‫ليصل إلى العلاج الشافي‪.‬‬ ‫وهنودا وفرسا ومالاويين وسودان إفريقيا تعلق‬ ‫ولا بد ثانيا من استراتيجية تمكن من‬ ‫بكل أبعاد الحضارة‪.‬‬‫تحديد شروط الفاعلية المفقودة واسترداد ما ‪45‬‬ ‫وتقبل هذه الأبعاد الرد إلى جنسين كبيرين‬ ‫هما الحضارة المادية والحضارة الرمزية ‪25‬‬ ‫يناسب الظرف الجديد‪.‬‬ ‫ذلك ما سأقوم به في هذه المحاولة التي هي‬ ‫متابعة لكلامي على التغير الحادث في الغرب‬ ‫بعودة الوضوح في موقفه من قضايانا بفضل‬‫أشد اليمين تطرفا‪50 .‬‬ ‫والتغير ليس كيفيا إلا من حيث الأسلوب‪.‬‬

‫وملوك فرنسا تحالفوا أحيانا مع الخلافة‬ ‫لكنه كمي من حيث طبيعة الصراع الذي هو‬ ‫العثمانية ضد البابوية وحلفه مع أمم أخرى‬ ‫تعين لصراع ملازم للجماعات المتصارعة‬ ‫أوروبية‬ ‫للاستحواذ على مقومات القيام الحي‪.‬‬‫والشيعة حالفت المغول والصليبيين ضد ‪30‬‬ ‫وهذه الشروط التي هي في آن علل التعاون‬ ‫الخلافة‬ ‫بين البشر وعلل التنافس بينهم هي أصل السلم ‪5‬‬ ‫إلخ‪...‬من التجارب الماضية والمعاصرة‪.‬‬ ‫والحرب في آن‬ ‫سواء داخل نفس الجماعة‬ ‫والأنظمة العربية القبلية تحالفت مع أمريكا‬ ‫أو بين الجماعات البشرية‪.‬‬ ‫ضد الأنظمة العربية العسكرية التي تحالفت‬ ‫ولا يتغير ذلك إلا بالأسلوب والكم لا‬‫مع السوفيات ‪35‬‬ ‫بالطبيعة والكيف ‪10‬‬ ‫إذ لا تخلو منها حقبة في التاريخ الإنساني‪:‬‬ ‫وكلاهما لم يراع إلا مصلحة نظامه لا‬ ‫إنها بعد تاريخ الإنسان الطبيعي في تاريخه‬ ‫مصلحة العروبة فضلا عن مصلحة الأمة‬ ‫الحضاري‪.‬‬ ‫الإسلامية‪.‬‬ ‫وهذه الفكرة تغنينا عن الجدل حول القول‬ ‫بالمؤامرة ونفيها في آن‪15 :‬‬ ‫وإذن فالحدود الحضارية لا تحد العلاقات‬‫السياسية ولا يمكن من ثم اعتمادها حصريا ‪40‬‬ ‫فالأمر لا يتعلق بالتآمر أو بعدمه‬ ‫بل بالتنافس المؤدي إلى التعاون والتصارع‪.‬‬ ‫لفهم الأوضاع‬ ‫فأي جماعة تجتمع للتعاون من أجل سد‬ ‫فما يجري صدام حضارات حتى وإن كان‬ ‫الحاجات والأنس بالعشير (ابن خلدون)‬ ‫ذلك لا يغيب فيه تناسب مع الظرفية السياسية‪.‬‬ ‫لكنها كذلك تتصارع داخليا وخارجيا من ‪20‬‬ ‫كل محاولة لرد ما يجري إلى صدام‬ ‫أجل نفس الغايتين فتتحالف وتتعادى‪.‬‬‫حضاري بين الإسلام والغرب فيه تعمية تحول ‪45‬‬ ‫دون فهم ما يتجاوزه إلى دور التشابك المصلحي‬ ‫المباشر وغير المباشر‪.‬‬ ‫كلامنا على الاستراتيجية التي نطلبها‬ ‫وهذه الوضعية لا تصح علينا وحدنا في‬‫للاستئناف في بحثنا يتعلق بمستويين‪50 :‬‬ ‫علاقتنا بالغرب بل على الغرب في علاقته بنا‪:‬‬ ‫‪-1‬ماذا تعطل في فاعليتنا وكيف حصل؟‬ ‫فهارون الرشيد مثلا تحالف مع شارلومانيو ‪25‬‬ ‫‪-2‬ما مصالحنا المتجاوزة للحضاري؟‬ ‫ضد أمويي الأندلس وأهداه الساعة الشهيرة‪.‬‬

‫وإذن فوحدة الإنسانية فاعلة سلما وحربا‬ ‫وطبعا فما يتجاوز الحضاري يتألف من‬ ‫ومتجاوزة للتقابل بين الحضارات‪.‬‬ ‫جنسين‪:‬‬‫‪30‬‬ ‫شروطه المادية‬ ‫من هذا المنطلق أريد أن أغوص في ما‬ ‫وشروطه الرمزية‪.‬‬ ‫تعطل لدينا وما ينبغي تفعيله بشرط الظرف‬ ‫وليس بالشروط التي عللت فاعليته سابقا ولم‬ ‫إنها المصالح أي شروط قيام الأمة ماديا ‪5‬‬ ‫وقيامها الروحية حماية ورعاية‪.‬‬ ‫تعد كافية للفاعلية حاليا‪.‬‬‫وبهذه المعايير فإن اتهام أحد أطراف ‪35‬‬ ‫وما لا يفهمه الناس عادة هو التراكب‬ ‫الممكن بين هذين المستويين‪:‬‬ ‫الجماعة بالخيانة لا يكفي لفهم تصرفه ما لم‬ ‫ندرك أولا مصالحه التي تضررت في الجماعة‬ ‫مستوى مقومات الوحدة الحضارية‬ ‫وحاجته للخروج عليها لشعوره بمظلومية حتى‬ ‫ومستوى مقومات ما يعارضها أحيانا من ‪10‬‬ ‫وإن لم تكن حقيقية‪.‬‬ ‫فرقة مصلحية‪.‬‬‫وما جعله ممكنا هو عينه ما جعل السنة ‪40‬‬ ‫والمصالح تنقسم إلى خاصة وعامة‬ ‫تصبح هي بدورها \"خائنة\" للدستور الإسلامي‬ ‫لأنها قابلت‬ ‫كما أن العموم درجات‬ ‫الحق الإلهي (شرعية الحق الإلهي‬ ‫لذلك فالفرقة ليست مقصورة على ما بين‬ ‫المزعومة)‬ ‫الجماعات بل هي توجد في الجماعات فتتوالج ‪15‬‬‫بالحق الطبيعي (شرعية المتغلب ‪45‬‬ ‫الحضارات بذلك وتتشابك‪:‬‬ ‫المزعومة)‪.‬‬ ‫ماديا بالإنتاج الاقتصادي‬ ‫وإذن ففقه الصفين السياسي خان الدستور‬ ‫الإسلامي وحرف قيم القرآن‪.‬‬ ‫وروحيا بالإنتاج الرمزي‬ ‫أقول هذا حتى لا نسقط ما يجري حاليا‬ ‫وما يترتب عليهما من تبادل وتبادل التأثير‬‫على ما سبق ‪-‬وقد انجررت إليه أحيانا في ‪50‬‬ ‫حتى زمن الحرب‪20 .‬‬ ‫حكمي على محاربي السنة من أحزاب الشيعة‪-‬‬ ‫ومعنى ذلك أن الكلام على خيانة الجماعة‬ ‫دون علاج ما جعل ذلك ممكنا وجعله يكون‬ ‫من بعضها لبعضها له تعليل في التقارب‬ ‫المصلحي أحيانا بين أطرافها مع أطراف من‬ ‫كذلك‪.‬‬ ‫من دون ذلك لا يمكن فهم ما حصل بسبب‬ ‫جماعة أخرى ضد جماعتها‪.‬‬‫الفتنة الكبرى التي ما تزال أهم أسس تمزيق ‪55‬‬ ‫أي أن المصالح المادية والرمزية تتجاوز ما ‪25‬‬ ‫يجري في الجماعة الواحدة إلى ما يجري بين‬ ‫الجماعات‬

‫الحكم بالاختيار إذن للمؤمن بما هو عاقل‪:‬‬ ‫الأمة بحجة الأطراف الخمسة وتمثيل الشرعية‬ ‫أرستوقراطية العقل‪.‬‬ ‫ونظريات الحكم الخمس فيها‪.‬‬ ‫فعندنا موقفان‪:‬‬ ‫تلك هي النظريات الخمس التي تتصارع في‬ ‫أصحاب‬‫الإسلام‪30 :‬‬ ‫القول بالوصية ‪5‬‬ ‫نظرية الإسلام وهي المطلوبة‬ ‫والقول بالاختيار‪.‬‬ ‫ثم تأويلها السني الجزئي‬ ‫وكلا القولين انقسم إلى جزئي وكلي‪.‬‬ ‫والاعتزالي الخارج عنه باسم الكلي العقلي‪.‬‬ ‫فتكون المواقف أربعة كل منها يدعي تمثيل‬ ‫ثم نظرية التشيع بالوصية الجزئية (آل‬‫البيت) ‪35‬‬ ‫نظرية الإسلام الدستورية‪.‬‬ ‫والخارج عنها باسم الكلي (الخوارج)‬ ‫وهذه المواقف هي‪10 :‬‬ ‫الحكم لصالح المؤمنين عامة‬ ‫السني‬ ‫وهذان الصنفان المتقابلان‪.‬‬ ‫والشيعي‬ ‫والخارجي العملي (الخوارج)‬ ‫فتكون الأصناف خمسة‪.‬‬ ‫والخارجي النظري (المعتزلة)‪.‬‬‫لكن التحالف في الحقيقة سينقلب ‪40‬‬ ‫والخوارج خوارج على التشيع ‪15‬‬ ‫والمعتزلة خوارج على التسنن‪.‬‬ ‫الموقفين الاعتزالي والخارجي أساس‬ ‫والخروج في الحالتين رفض للجزئي باسم‬ ‫خروجهما متناقض‪:‬‬ ‫الكلي‪.‬‬ ‫ذلك أن العقل نخبوي وليس كليا والصلاح‬ ‫فالتشيع وصية جزئية‬ ‫كلي وليس نخبويا‪.‬‬ ‫والخوارج تعميم الوصية وجعلها كلية‪20 :‬‬ ‫السلطة للعباد الصالحين وليست مقصورة‬‫ومن ثم فمن الطبيعي من حيث العلاقة ‪45‬‬ ‫بالشعب‬ ‫على آل البيت‪.‬‬ ‫والاعتزال في نسبته إلى مبدأ الدستور‬ ‫أن يصبح الاعتزال أقرب إلى التشيع منه‬ ‫السني يناظر الخوارج في نسبتهم للدستور‬ ‫إلى التسنن‬ ‫الشيعي‪25 :‬‬ ‫وأن يصبح الخروج أقرب إلى التسنن منه‬‫إلى التشيع‪50 .‬‬ ‫ذلك أن‬

‫‪25‬‬ ‫القول بالوصية علته عند المتشيع هو‬ ‫الاصطفاء الإلهي‬ ‫وإذن ففيهما ينبغي أن نطلب علل ما جعل‬ ‫المسلمين ينقسمون هذه القسمة في تأويلاتهم‬ ‫والقول بالعقل علته الانتخاب الطبيعي‬ ‫لنظرية الإسلام في الحكم الواردة في مرجعيتيه‬ ‫فيتحد موقف الاصطفاء الإلهي والانتخاب‬ ‫الطبيعي‪5 .‬‬ ‫أي القرآن والسنة‪.‬‬ ‫والحكم بالاختيار للأمة يعني أن عامة‬‫وأفهم بالسنة ما حددته الآيتان ‪ 105‬و ‪30‬‬ ‫الشعب بما هي مؤمنة هي صاحبة الأمر‬ ‫والصلاح ليس نخبويا فقد يكون العامي أصلح‬ ‫‪ 106‬من الإسراء أي خطاب البشير والنذير‬ ‫خلال تعليم القرآن على الأمة أفراد الجديدة‬ ‫خلقيا وروحيا كعضو في الأمة‪.‬‬ ‫التي أسستها الرسالة‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫عندنا أصل هو نظرية الحكم في القرآن‬‫والسنة وتأويلات ‪ 4‬كل منها يدعي تمثيلها‪35 :‬‬ ‫ومن هنا نبدأ الكلام حول ما حدث لكي‬ ‫ينتهي دور الفاعلية في تاريخ الأمة والانتقال إلى‬ ‫القائل بالوصية الجزئية والكلية‬ ‫الانفعالية أو ما يسميه فيلسوف الجزائر مالك‬ ‫والقائل بالاختيار الجزئي والكلي‪.‬‬ ‫القول بالاختيار والوصية الجزئيين تقدما‬ ‫بن نبي بقابلية الاستعمار‪.‬‬ ‫على القول بالوصية والاختيار الكليين‪.‬‬ ‫وعملا بفصلت ‪15 53‬‬‫لكن هذين خروجان عن ذينك وبقيا ‪40‬‬ ‫هامشيين رغم أهمية دورهما تاريخيا‪.‬‬ ‫\" َس ُن ِري ِه ْم آيَاتِ َنا فِي الْآ َفاقِ وَفِي َأنفُ ِس ِهمْ‬ ‫والخروج عن الوصية الجزئية جرى في‬ ‫حَ َتّ ٰى يَتَ َب َّينَ َلهُمْ َأ ّنَهُ ا ْلحَ ُّق ۗ َأوَ َلمْ َيكْفِ بِ َربِّكَ أَ َّن ُه‬ ‫ساحة القتال‬ ‫َعلَ ٰى كُ ّلِ َشيْ ٍء شَهِيدٌ\"‬ ‫والخروج عن الاختيار الجزئي جرى في‬ ‫الحل من آيات الآفاق والأنفس‪.‬‬‫ساحة الجدال ‪45‬‬ ‫والمقابلة بين آيات الآفاق وآيات الأنفس ‪20‬‬ ‫أفهمها بالمقابلة بين المؤثر الطبيعي والمؤثر‬ ‫فكان الأول عملا جهاديا‬ ‫التاريخي في حياة البشر وأحداث تاريخهم‬ ‫والثاني نظرا اجتهاديا‪.‬‬ ‫المادي (الاقتصادي والسياسي) والرمزي‬ ‫(الثقافي والروحي)‪.‬‬ ‫وهذه التأويلات الأربعة قابلة للتعيير‬‫بعرضها على ما يمكن أن يعد الدستور القرآني ‪50‬‬

‫وأصبح دور العقل ليس بيان فعله بل عجزه‪.‬‬ ‫لطبيعة الحكم وأسلوبه بعد أن يحدد تحديدا‬ ‫بنيويا دون اجتزاء‪.‬‬‫‪30‬‬ ‫ذلك التأويل الذي بنيت عليه المواقف‬ ‫فأكبر فيلسوف ذو ميل باطني جمعا بين‬ ‫الأربعة لم يحددها نسق القرآن المتحرر من‬ ‫مفهومي الإمام (سياسة) والقطب (تصوف)‬ ‫الاجتزاء‪5 .‬‬ ‫في (ابن سينا) يرى ضرورة أن يكون الحاكم‬ ‫فالمسألة لم تدرس بقصد المعرفة بل‬ ‫متميزا بشيء من النبوة‬ ‫للاحتجاج في الصراع‪.‬‬‫وأكبر فيلسوف ذو ميل سني يرد عليه (ابن ‪35‬‬ ‫صار القرآن معين الحجج في الصراع إما‬ ‫خلدون) ويرى أن الشوكة تغني عن هذا‬ ‫لتبرير المواقف أو لتحريض الصفوف بعضها‬ ‫الشرط‪.‬‬ ‫ضد البعض ولم يكن الهم المعرفي هو الهم ‪10‬‬ ‫ويستدل ابن خلدون بأن غالبية البشرية‬ ‫المقدم في بحث المسألة‪.‬‬ ‫ليس لها أنبياء أو لم تبلغها رسالاتهم ومع ذلك‬‫فهي لا تخلو من الدول التي فيها تشريع يضعه ‪40‬‬ ‫والتعاكس الذي حصل بين الخروجين في‬ ‫ساحة القتال وفي ساحة الجدال قد أدى إلى أن‬ ‫الأقوياء أو الحكماء‪.‬‬ ‫الخارج عن أحد الصفين قربه من الثاني فصار‬ ‫أخطر عليه مما خرج عنه‪15 .‬‬ ‫بإيجاز يمكن القول إن الانتخاب الطبيعي‬ ‫والاصطفاء الديني يلتقيان في نفي الاعتماد‬ ‫لذلك فالمعتزلي الذي خرج على السنة‬‫على العقل في العقد الذي يتأسس عليه الحكم ‪45‬‬ ‫اقترب من الشيعة لقرب الانتخاب الطبيعي من‬ ‫وهو أمر محير لأنه يمثل انحرافا يبرز التقاء‬ ‫الاصطفاء الديني لكنه صار منافسا فكان حل‬ ‫الموقفين الديني والفلسفي إذ يتحولان إلى‬ ‫التشيع التعليمية‪.‬‬ ‫إيديولوجيا‪.‬‬ ‫أما القول بالاختيار والشوكة فينتهي إلى أن‬ ‫وخروج الخوارج على الشيعة قربهم من ‪20‬‬‫الدستور يعبر عن توازن قوى سياسية أو ‪50‬‬ ‫السنة لكن قربهم صار منافسا وكان الحل‬ ‫تشريع التغلب فلم يعد شرط الحكم صلاح‬ ‫عصبيات‬ ‫المؤمن بل الشوكة بدل الشرعية‪.‬‬ ‫ومن ثم فهو أقرب إلى العقلانية من‬ ‫فصار‬ ‫الاعتزال والتشيع‪.‬‬ ‫ولهذه العلة قضيت منذ أمد طويل بأن ما‬ ‫مبدأ الشوكة بديلا من صلاح الإيمان لدى ‪25‬‬‫ينسب إلى الاعتزال والفلسفة ذات الميل الشيعي ‪55‬‬ ‫السنة‬ ‫ومبدأ التعليمية بديلا من ملكة العقل لدى‬ ‫الاعتزال‪.‬‬

‫التي يكذبها التاريخ فضلا عن سخف عقلانية‬ ‫لا يمثلان العقلانية إلا في الأحكام المسبقة ضد‬ ‫تؤمن بالتعليمية الباطنية‪.‬‬ ‫السنة‪.‬‬ ‫فالتعليمية أساسها تسفيه العقل أي اعتباره‬ ‫فالعقلانية السياسية إذا لم تتأسس على‬‫قاصرا وتضع فوقه قدرة معرفية أرقى هي ‪30‬‬ ‫توازن القوى السياسية وادعت أن العقل‬ ‫بالانتخاب الطبيعي والوصية بالاصطفاء الإلهي ‪5‬‬ ‫العلم اللدني المعصوم للأئمة وهو قول بتواصل‬ ‫الوحي‪.‬‬ ‫بديلا فهي لا عقلانية‪.‬‬ ‫وهذه اللاعقلانية هي التي تتصور‬ ‫وفضلا عن كون ذلك منافيا للإسلام الذي‬ ‫الفيلسوف والإمام معصوميـن وأن التعليمية‬ ‫يعتمد الوحي الخاتم ‪-‬القرآن‪ -‬فإن نتيجته‬ ‫(رأيهما كمرجعية) هو اساس شرعية الحكم‬‫القول بالقصور الدائم للعقل والكذب الدائم ‪35‬‬ ‫بخلاف رأي السنة في توازن القوى‪10 .‬‬ ‫بوجود معصومين يواصلون وحيا لم يعد‬ ‫فتكون السياسة التي تدرك ذلك من‬ ‫جنسين إما مبارزة بين فرسان سلاح يمتحنون‬ ‫موجودا‪.‬‬ ‫قواهم أو مناظرة بين فرسان دبلوماسية‬ ‫ولما كانت الرسالة الخاتمة تنفي العصمة‬ ‫يعرفون أن الصراع خسارة للصفين‪.‬‬ ‫حتى على الرسل فيما عدا تبليغ الرسالة أي‬ ‫ولما كان الأول مرحلة ضرورية للوصول إلى ‪15‬‬‫تبرئتهم من الكذب على الله دون أن تنسب ‪40‬‬ ‫إليهم العلم بالغيب فإن القول التعليمية (العلم‬ ‫الثاني‬ ‫اللدني والوحي المتصل) نفي خالص لجوهر‬ ‫فمعنى ذلك أن السلم هي دائما حصيلة‬ ‫الحرب الأهلية التي مواصلتها خسارة الجميع‬ ‫الدين الإسلامي‪.‬‬ ‫فتكون المصالحة‪.‬‬ ‫والتاريخ يثبت أن‬ ‫وهذا هو جوهر الحل الديموقراطي‪20 :‬‬‫كل الحضارة العربية الإسلامية أنتجتها ‪45‬‬ ‫بدلا من الحرب الأهلية الحامية نكتفي‬ ‫الدولة السنية‬ ‫بالحرب الأهلية الباردة فتكون رمزية‬ ‫وكل التخريب انتجته الدولة الشيعية سواء‬ ‫وتلك هي الانتخابات بدل الصدام المسلح‪.‬‬ ‫كانت اسماعيلية وقرمطية وخمينية‪.‬‬ ‫لذلك فالقول إن السنة والخوارج أقل ‪25‬‬ ‫ولا غرابة في ذلك فمن يؤمن بخرافة إمامة‬ ‫عقلانية من الاعتزال والتشيع من الخرافات‬‫معصومة وعقل مشرع لا يمكن أن يعتبر عقلانيا ‪50‬‬ ‫إلا شعاريا إذ المذهب يقول بالوساطة الروحية‬ ‫والحق الإلهي‪.‬‬ ‫والوساطة الروحية تعني أن المؤمن بحاجة‬ ‫لوصي وهو معتبر قاصرا‬

‫الرسالة) نفي تام للحرية والتكليف لأن الوسيط‬ ‫والسلطة بالحق الإلهي تعني أن المؤمنين‬ ‫شفيع يحاسب ويعاقب فيكون سلطانا بلا معقب‬ ‫ليسوا أصحاب السيادة بل الحاكم باسم الرب‪.‬‬‫يلغي رشد الذات المسؤولة‪30 .‬‬ ‫والوساطة الروحية أو الكنسية تحول دون‬ ‫ولذلك يمكن أن نفهم وجود نظام الملالي‬ ‫المؤمن واللقاء المباشر بربه فيكون مربوبا من‬ ‫الوسيط لا الرب ‪5‬‬ ‫في القرن العشرين والحادي والعشرين‪.‬‬ ‫فلا يوجد شخص فرد بل الجميع دهماء‬ ‫ولا أحد يمكن أن يقتنع بأن الشعوب‬ ‫وغوغاء‪.‬‬ ‫الإيرانية هي بهذا التدني الروحي‪.‬‬ ‫ويكون الوسطاء من عنصر أسمى هو في‬‫لذلك فينبغي أن يفهم الجميع أن نظام ‪35‬‬ ‫التشيع المرجعيات وهي رؤية يهودية أدنى لأن‬ ‫الأعلى هي التي تؤمن بشعب يهودي مختار ‪10‬‬ ‫الملالي لا يقوم على نظام روحي أو على نظام‬ ‫سياسي بل محكوم بما نراه يعمل به خارج‬ ‫وبقية البشرية خول لهم‪.‬‬ ‫المرجعيات الشيعية تعتبر الشيعة خولا لهم‬ ‫إيران‪ :‬مليشيا حرس النظام‪.‬‬ ‫هم جوهيمهم في حين أن جوهيم اليهود كل من‬ ‫وهو يريد ان يزرع هذه الطريقة في الحكم‬‫في العراق وسوريا ولبنان وبقية بلاد العرب ظنا ‪40‬‬ ‫ليس يهوديا‪.‬‬ ‫أنه يمكن أن يسترد امبراطورية فارس لكنه‬ ‫وكلا الموقفين منافيان للقرآن‪ :‬الحجرات ‪15‬‬ ‫جذع نخل خاو‪.‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫لا يمكن أن يوجد في التشيع من يستطيع أن‬ ‫وإذا كان يخيف جل أنظمة السنة فلأن‬ ‫يقول للحاكم والله لو رأينا فيك اعوجاجا‬‫هذه الأنظمة عديمة الشرعية ولا يمكنها إلا أن ‪45‬‬ ‫لقومناه بحد السيف لأنه لا وجود لشخص فرد‬ ‫حر‪ :‬هم توابع الوسيط‪20 .‬‬ ‫تكون أداة إلغاء لشروط قوة الجماعة لأنها أداة‬ ‫قد يبدو هذا علامة نظام لكنه في الحقيقة‬ ‫استعمار خارجي‪.‬‬ ‫أقرب إلى العبودية منه إلى النظام‪:‬‬ ‫والسبب واضح‪:‬‬ ‫فـ\"الإنسان رئيس بالطبع بمقتضى‬ ‫حاكم الجماعة السنية دكتاتوري مثل حاكم‬‫الجماعة الشيعية‪50 .‬‬ ‫الاستخلاف الذي خلق له\"(ابن خلدون)‪.‬‬ ‫لكن الفرق بين الدكتاتوريتين فرق جوهري‪.‬‬ ‫فدكتاتورية الأول أمر واقع لا يدعي شرعية‬ ‫‪25‬‬ ‫دينية‪.‬‬ ‫الوساطة الروحية (أو الكنسية أو المرجعية‬ ‫المتعينة في سلطة قائمة الذات وناطقة باسم‬

‫أخلاق الحاكم الذي تختاره الجماعة لنيابتها‬ ‫أما دكتاتورية الثاني فأمر واجب إذ إن‬ ‫وتعين شروط الاختيار وشروط الطاعة‪.‬‬ ‫صاحبها يدعيها لأنه يقول بالحق الإلهي في‬ ‫الحكم للإمام أو لنائبه في نظرية ولاية الفقيه‪.‬‬‫‪30‬‬ ‫أما الحاكم السني فـمجرد دعواه الحق‬ ‫الإلهي في الحكم يعد كفرا صراحا في الفقه ‪5‬‬ ‫والمعلوم أن لمفهوم الخلافة في القرآن ثلاث‬ ‫السياسي السني السوي حتى وإن حصل‬ ‫معان‪:‬‬ ‫الانحراف لدى غلاة الصوفية‪.‬‬ ‫الخلافة العامة وهي صفة للإنسان من‬ ‫حيث هو إنسان‪ .‬وهي لا تعني خلافة الله إذ‬ ‫وغلاة الصوفية الذين يؤيدون الطغاة‬‫السرمدي لا يخلفه أحد بل هي استخلاف إلهي ‪35‬‬ ‫فيعتبرونهم ظل الله في الأرض بحجة أن الله ‪10‬‬ ‫على الأرض بمعنى تمكينه من شروط رعايتها‪.‬‬ ‫والخلافة الخاصة هي صفة ناتجة عن‬ ‫يؤتي الملك لمن يشاء هم في الحقيقة من التشيع‬ ‫الاستبدال في سلطان الجماعات الدنيوي لأن‬ ‫الذي اخترق الفكر السني‪.‬‬ ‫التكليف برعاية الأرض من حيث هو تكليف‬‫يفيد الحرية التي يمكن أن تفعل وألا تفعل ‪40‬‬ ‫ولعل أوضح دليل على ذلك أن أبا بكر‬ ‫الصديق رفض أن يسمى خليفة الله وقبل بأن‬ ‫فيتسمى خليفة من يحقق الرعاية‪.‬‬ ‫يسمى خليفة رسول الله‪15 .‬‬ ‫أما الخلافة بمعنى الحكم فهي نظام‬ ‫وبين أنه لا يقصد خلافته من حيث هو نبي‬ ‫الحكم الذي يجعل الجماعة تختار إما من يقود‬ ‫أهليتها أو عدم أهليتها في تحقيق الصلاح أو‬ ‫بل من حيث هو حاكم‪.‬‬‫الفساد في الأرض‪ .‬وإذن فهي صفة ناتجة عن ‪45‬‬ ‫ذلك أن الرسول الذي مات خلفته الرسالة‬ ‫التي بلغها وتعليمه إياها للمسلمين الذي صاروا‬ ‫اختيار الجماعة لمن يعبر عن إرادتها‪.‬‬ ‫ممثليها فتكون إرادتهم هي الخليفة أو الناطقة ‪20‬‬ ‫والمعلوم أن القرآن لا يعتبر الصلاح‬ ‫بلسان الرسالة‪.‬‬ ‫والفساد في الأرض مجرد فعل فردي بل هو‬ ‫وقد علل ابن خلدون رفض ابي بكر بكون‬‫بالأساس فعل جماعي لأن ينتج إما عن ‪50‬‬ ‫خلافة الله صفة عامة للإنسان ولا علاقة لها‬ ‫التواصي بالحق والتواصي بالصبر أو عن‬ ‫بالحكم الذي يبين أنه باختيار الجماعة‬ ‫واجتهادها‪25 .‬‬ ‫التواصي بالباطل والتواصي بالعجلة‪.‬‬ ‫والحاكم لا تعينه العقيدة فيكون من يحكم‬ ‫ولذلك فكل تغيير في وضع الجماعات‬ ‫الجماعة يحكمها بالحق الإلهي بل هي تعين‬ ‫ينسبه القرآن إلى الجماعة وليس إلى فاعليه‬

‫وما يجعل الشيعة تصب جام غضبها على‬ ‫المباشرين لأن الفساد لا يحصل من الفرد لو لم‬ ‫المعتزلة ‪-‬والإيهام في دعايتها بميل إلى‬ ‫يجد من الجماعة تشجيعا أو على الأقل عدم‬ ‫عقلانيتها‪ -‬فبروباغندا خطابية لما لا تحكم أما‬‫إذا حكمت فهي تعليمية تأمر فتطاع بمنطق ‪30‬‬ ‫تثبيط‪.‬‬ ‫الاتباع دون اختيار‪.‬‬ ‫ومن ثم فالجزاء يخضع لمنطقين في القرآن ‪5‬‬ ‫والتعليمية (الغزالي‪ :‬فضائح الباطنية)‬ ‫الكريم‪.‬‬ ‫نفي للعقل وقول بالوصية وبعصمة الأيمة أو‬ ‫فالجزاء الدنيوي يخضع لمنطق الاستبدال‬ ‫نوابهم‬ ‫أو المسؤولية الجماعية بوصف الجماعة مسؤولة‬‫ومن ثم فالدين ليس إلا هذا المكبح للعقل ‪35‬‬ ‫سياسيا إما على الفعل أو على عدمه‪.‬‬ ‫ولقيادة العامة التي تعتبر قاصرة وسفيهة‪.‬‬ ‫ومعنى ذلك أن الخير أو الشر يصيب ‪10‬‬ ‫عندما تفهم السنة حقيقة منظورها‬ ‫الجماعة ككل‪.‬‬ ‫السياسي فإنها ستتمكن من تجاوز ما حصل‬ ‫والجزاء الأخروي يخضع لمنطق المسؤولية‬‫من تعطيل للدستور القرآني بسبب الهجمات ‪40‬‬ ‫الفردية بوصف الفرد مسؤول خلقيا إما على‬ ‫الخير أو على الشر الناتج عن عدم العمل‬ ‫البربرية الثلاث التي عانت منها‪.‬‬ ‫بالرسالة بشارة ونذيرا في علاقته بغيره من ‪15‬‬ ‫هجمة المغول والصليبيين من الفرس‬ ‫واليهود (استرداد امبراطورية سابقة على‬ ‫الموجودات وبربه‪.‬‬ ‫الإسلام) والمسيحيين (استرداد مستعمرات‬‫الغرب في ما حرره الإسلام) في موجات متوالية ‪45‬‬ ‫ذلك هو الفرق الجوهري بين التأويلين‬ ‫كادت تقضي السنة لولا حالة الطوارئ التي آن‬ ‫بأصلهما وفرعهما‪:‬‬ ‫أوان تجاوزها‪.‬‬ ‫السنة والخوارج الحكم أمر الأمة ‪20‬‬ ‫ذلك ان السنة هي اليوم أقوى من كل من‬ ‫والشيعة والاعتزال الحكم أمر انتخاب‬ ‫طبيعي أو اصطفاء إلهي‪.‬‬ ‫يتهدد وجودها وحريتها وكرامتها‬ ‫وما يجعل السنة تصب جام غضبها على‬‫ولا أحد يستطيع اليوم أن يغلبها إذا أدركت ‪50‬‬ ‫الخوارج هو أنها في آن تذكير بالمبدأ وخروج‬ ‫مقومات قوتها التي سنبين لاحقا‪.‬‬ ‫باسم الأمر الواجب الذي لا يراعي شروط ‪25‬‬ ‫ذلك ما سنخصص له الفصل الموالي‬ ‫الأمر الواقع فيصبح هداما‪.‬‬ ‫للكلام في ثورتي الإسلام اللتين تمثلان شرطي‬

‫بناء الدولة التي يكون نظام حكمها جمهوريا‬ ‫وأسلوبه ديموقراطيا حتما‪.‬‬ ‫ولا يعني ذلك نفي النظام الملكي‪ .‬فكل‬ ‫الملكيات الدستورية في أوروبا مثلا جمهوريات‬‫ديموقراطية كإنجلترا وبلاد أوروبا الشمالية‪5 :‬‬ ‫الملك يكون رمزا‪.‬‬ ‫والدور الرمزي ليس مما يستهان به حتى‬ ‫وإن كان جل ملوك العرب الذين لا سيادة‬ ‫لدولهم لأنها محميات يتصور ذلك حطا من‬‫سلطانه الوهمي في بلاد تابعة‪10 .‬‬ ‫قوة الحاكم ليس في الاستبداد والفساد‪-‬‬ ‫السلطة في شكلها البدائي تعني القدرة على‬ ‫الظلم‪-‬بل قوته في شرعتيه التي عرفها القرآن‬ ‫بالأمانة والعدل‪.‬‬‫‪15‬‬



‫‪hg‬‬ ‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬