Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore إصلاح الدين - أم إصلاح الوصل بين التاريخي ومابعده؟ - الفصل الثالث - أبو يعرب المرزوقي

إصلاح الدين - أم إصلاح الوصل بين التاريخي ومابعده؟ - الفصل الثالث - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-01-07 13:44:04

Description: ختمت الفصل الثاني بهذه الملاحظة : "إذا كان القرآن يصف الإنسان بكل الصفات السلبية وينسب إليه مهمة لا يستطيع القيام بها غيره فلم خلق أصلا فضلا أن يكلف ويحاسب على أمور لو صدقنا القائلين بالحتمية لكان الله أظلم الظالمين؟".
هل يمكن أن نحلل الرموز القرآنية المشيرة لما قد يساعد على فهم ما يبدو من تناقض بمعيار المنطق الإنساني وما قد يكون من طبيعة تتجاوزه إلى منطق أرقى لا يتوقف عند عالم الشهادة فيصله بعالم الغيب؟
ففي هذا التعارض البادي بمنطق عالم الشهادة ما ما يذكر بسر الموقف الإلحادي الذي يتبين عند التحليل ناتجا عن البحث في العدل الإلهي وما يترتب عليه من مفارقات تؤدي إلى الإلحاد.
فالتعارض البين بين المهمة المطلوبة من الإنسان والصورة القاتمة التي يقدم بها الإنسان في القرآن الكريم يعود إلى طبيعة علاقته بالسلطة الإلهية إشكالية العدل الإلهي.
لكن السؤال عن الحاجة إلى خلق الإنسان أصلا وتكليفه بما ليس في وسعه يتجاوز مبحث العدل الإلهي إلى ما يبدو من عبثية في خلق الإنسان إذ هل يكفي أن يكون خلق ليعبد الله ويعرفه؟
هل الخالق الكامل بحاجة إلى ما يعبده ويعرفه؟ ألا يبدو الموقف الأرسطي الذي يجعله غنيا عن ال

Search

Read the Text Version

‫الأسماء والبيان‬‫أبو يعرب المرزوقي‬



‫إصلاح الدين‬‫أم إصلاح الوصل بين التاريخي ومابعده؟‬ ‫الأسماء والبيان‬ ‫تونس في ‪2017.01.06 /1438 .04.07‬‬



‫المحتويات‬‫المقدمة ‪1 ....................................................................................................:‬‬‫طبيعة علاقة الانسان بالسلطة الالاهية‪1.....................................................................‬‬‫علاقة الثيولوجيا بالانتروبولوجيا‪2............................................................................‬‬‫العلاقة الكونية‪3...............................................................................................‬‬‫الاسلوب الامثولي‪3.............................................................................................‬‬‫النظام الرياضي و نظام التاريخ الدرامي و الحواري‪4.......................................................‬‬‫في العلاقة بين الجنسين‪4.....................................................................................‬‬‫علاقة الرياضيات و الالسن بالطرد المفهومي و السرد الامثولي‪5............................................‬‬



‫‪-3‬صورته الشعبية التي تجعله يقبل الرشوة أو‬ ‫ختمت الفصل الثاني بهذه الملاحظة ‪\" :‬إذا كان‬‫‪ 35‬النذور والهدايا هل هذه المواقف كافية للخروج من‬ ‫القرآن يصف الإنسان بكل الصفات السلبية وينسب‬ ‫مأزق العلاقة بين الله والإنسان؟‬ ‫إليه مهمة لا يستطيع القيام بها غيره فلم خلق‬ ‫وقرآنيا هل توجد صلة بين صفات الإنسان الواردة‬ ‫‪ 5‬أصلا فضلا أن يكلف ويحاسب على أمور لو‬ ‫صدقنا القائلين بالحتمية لكان الله أظلم‬ ‫في القرآن المقابلة تماما للمنزلة التي يوليها إليه‬ ‫الظالمين؟\"‪.‬‬ ‫ترقى إلى دور الخليفة بما في صفات الله من جمع‬‫‪ 40‬بين المتناقضات لعل رمزها الأساسي الرحمة وشدة‬ ‫هل يمكن أن نحلل الرموز القرآنية المشيرة لما قد‬ ‫يساعد على فهم ما يبدو من تناقض بمعيار المنطق‬ ‫العقاب؟‬ ‫‪ 10‬الإنساني وما قد يكون من طبيعة تتجاوزه إلى‬ ‫فيكون التناقض في الصفات ليس مقصورا على‬ ‫منطق أرقى لا يتوقف عند عالم الشهادة فيصله‬ ‫الذات الإلهية بل يتعدى الذات الإنسانية تأسيسا‬‫للاستخلاف في التوازي بين التقابلين لعل السر فيه‬ ‫بعالم الغيب؟‬ ‫‪ 45‬هو النفح من الروح الإلهية في الإنسان؟‬ ‫ففي هذا التعارض البادي بمنطق عالم الشهادة ما‬ ‫‪ 15‬ما يذكر بسر الموقف الإلحادي الذي يتبين عند‬ ‫فتعود الإشكالية إلى استحالة تصور نظرية في‬ ‫التحليل ناتجا عن البحث في العدل الإلهي وما‬ ‫الربوبية (ثيولوجيا) من دون نظرية في الإنسانية‬ ‫يترتب عليه من مفارقات تؤدي إلى الإلحاد‪.‬‬‫(انثروبولوجيا) لتلازم المفهومين في كل دين موجب‬ ‫فالتعارض البين بين المهمة المطلوبة من الإنسان‬ ‫أو سالب أي في تصور المؤمن وتصور الملحد‬ ‫والصورة القاتمة التي يقدم بها الإنسان في القرآن‬ ‫‪ 50‬فالملحد ينتقل من خلق الإنسان لصورته عن الله‬ ‫‪ 20‬الكريم يعود إلى طبيعة علاقته بالسلطة الإلهية‬‫إلى ادعاء خلق الله نفسه والمؤمن يخلط بين امتناع‬ ‫إشكالية العدل الإلهي‪.‬‬ ‫تحرر الإنسان من صورته عن الله إلى ادعاء ان‬ ‫لكن السؤال عن الحاجة إلى خلق الإنسان أصلا‬ ‫وتكليفه بما ليس في وسعه يتجاوز مبحث العدل‬ ‫الله بالصفات التي تناسب الإنسان‪.‬‬ ‫الإلهي إلى ما يبدو من عبثية في خلق الإنسان إذ‬ ‫والقرآن يقول ما يؤسس الوهمين ويحرر منهما في‬ ‫‪ 25‬هل يكفي أن يكون خلق ليعبد الله ويعرفه؟‬ ‫‪ 55‬آن ‪ :‬فهو لا يكاد يفارق انسنة صفات الله في كل‬ ‫هل الخالق الكامل بحاجة إلى ما يعبده ويعرفه؟ ألا‬ ‫قول فيه لكنه في آن يقول إنه ليس كمثله شيء‬ ‫يبدو الموقف الأرسطي الذي يجعله غنيا عن العلم‬‫فيبدو من ثم وكأنه يؤسس للموقفين المعطل والمشبه‪.‬‬ ‫بغير ذاته أكثر تناسقا مع الكمال المشروط‬ ‫وبهذا المعنى فالقرآن يحتوي على كل المعضلات‬ ‫بالاكتفاء بالذات؟‬ ‫الميتافيزيقية والميتاتاريخية وما يتجاوز التمييز‬ ‫‪ 30‬وهل مستويات الموقف من الإله كما وصفها‬‫‪ 60‬بينهما في فعلي الخلق والأمر أصلا يبدون متضمنا‬ ‫أفلاطون ‪:‬‬ ‫لكل تناقضات الوجود‪.‬‬ ‫‪-1‬عدم الوجود‬‫تلك هي المعضلات التي ينبغي التحرر منها لتجاوز‬ ‫‪-2‬عدم العناية بغيره‬ ‫ما يترتب عليها من حيرة دينية وفلسفية تنتج عن‬ ‫هذا التلازم بين الذاتين وتحوله إلى تناظر علته‬‫‪ 65‬عدمه في عملية التواصل بين المتاهي واللامتناهي ‪:‬‬ ‫الرسالة الدينية‪.‬‬

‫‪ 35‬الوصل في اتجاه واحد هو شوق الأدنى للأسمى مع‬ ‫فقول الانسان الصريح أو الضمني بالتناظر بينه‬ ‫الاختلاف التام في طبعية حدي العلاقة‪ :‬الفعل‬ ‫وبين ربه هو الذي يؤدي إلى ما وصفه القرآن عليه‬ ‫المطلق وحركة الكون والفساد في العالم طبعيا‬ ‫وتاريخيا‪.‬‬ ‫ليخلصه مما يحول دونه وتحديد الوصل بين‬ ‫التاريخ وما بعده‪.‬‬ ‫وفي ذلك نقد لنظرية أفلاطون التي تجعل للصانع‬‫‪ 40‬منزلة بين مثال الخير (المحدد) ومثال الشر (المادة‬ ‫‪ 5‬فماذا يترتب على الملاحظة ‪\" :‬إذا كان القرآن‬ ‫يصف الإنسان بكل الصفات السلبية وينسب إليه‬ ‫أو اللامحدد) والوصل بينهما هو فعل التصوير‬ ‫مهمة لا يستطيع القيام بها غيره فلم خلق أصلا؟‬ ‫الرياضي للمادة التي تأبى الثبات والتعين‪.‬‬ ‫هل يعقل أن يكلف ويحاسب على أمور لو صدقنا‬ ‫وهذه النظرية التي وضعها في التيماوس عدلها في‬ ‫القائلين بالحتمية لكان الله أظلم الظالمين؟‬ ‫قانونه الجنائي ضد الملحدين والمشركين ونجد في‬ ‫‪ 10‬وهكذا يتبين أن كل معضلات الوصل بين فلسفة‬ ‫‪ 45‬فرضياته حل أرسطو الذي هو أوسطها بين حدين‬ ‫الدين وفلسفة التاريخ أو تاريخ الإنسانية وما بعده‬ ‫تنتج عن هذه العلاقة المباشرة بين الله والإنسان‪.‬‬ ‫أقصيين‪.‬‬ ‫وفرضية هذه المحاولة هي علاج هذه المعضلات هو‬ ‫فالفرضية الأولى هي نفي وجود الله والأخيرة هي‬ ‫جوهر الرسالة الخاتمة‪.‬‬ ‫اعتبار الله مثل الحاكم الإنساني يقبل الرشوة‬ ‫‪ 15‬فلغز الألغاز في فلسفة الدين هو علاقة نظرية الرب‬ ‫بالنذور والهدايا‪ .‬وبينهما الرب اللامبالي بغيره‬ ‫(الثيولوجيا) بنظرية الإنسان (انثروبولوجيا) وهو‬ ‫‪ 50‬مكتفا بعلم ذاته وعشقها‪.‬‬ ‫لغز ألغاز الفلسفة كذلك بخلاف ما يقول به من‬‫تلك هي حلول الفلسفة للكلام في العلاقة بين الرب‬ ‫يقابل بينهما‪.‬‬ ‫والعالم ومنه الإنسان خاصة‪ .‬فما هي رؤية الأديان‬ ‫والإشكال في القرآن هو التالي‪:‬ألا يحول خطاب الله‬ ‫وليكن لنا مثالان‪ :‬وبينهما وسط بالتناظر مع‬ ‫‪ 20‬للإنسان الذي يغلب عليه التشبيه مع نفي المثلية‬ ‫دون الإنسان فهم العلاقة بين التاريخ وما بعده‪.‬‬ ‫الفلسفي‪.‬‬ ‫‪ 55‬إله القبيلة (اليهودية) ثم تعميمه إلى الإنسان‬ ‫فالفهمان الناتجان عن هذا التناقض بمنطق عالم‬ ‫بجعله يحل فيه (المسيحية) وبينهما كل الربوبيات‬ ‫الشهادة هما نزعة الإثبات إلى حد الحشوية ونزعة‬ ‫الوثنية التي تجعل الرب شبيها بالملوك التي ترشى‬ ‫النفي اللى حد التعطيل فيحولا بصراعهما دون‬ ‫وتقبل الوساطات والشفاعات‪.‬‬ ‫‪ 25‬الوصل‪.‬‬ ‫ويمكن القول إن التشيع ليس إلا هذا الوسط بين‬ ‫‪ 60‬اليهودية والمسيحية التي تجعل الله يحل في انسان‬ ‫ولندلل أولا على ما ندعيه من أن لغز الألغاز في‬ ‫لا يمثل البشرية كالمسيح بل في جماعة مختارة‪.‬‬ ‫الأديان وفي الفلسفة واحد‪ :‬ويكفي لذلك مثالين من‬ ‫وهو إذن وسط بين اليهودية والمسيحية بعد أن‬ ‫الفلسفة ومثالين من الأديان قبل الإسلام لنبين‬ ‫تطورت فتجاوز نظرية شعب الله المختار على الأقل‬ ‫‪ 30‬فضله‪.‬‬‫في خطابها لأن شرط المرور بالتمسح ينفي الكونية‪.‬‬‫‪ 65‬ووهم الاتصال المطلق مشروطا بالحلول في الإنسان‬ ‫فأرسطو جعل الله عديم الصلة بالعالم وهو لا يعلم‬ ‫إلا ذاته والعالم بمادته يشتاق إليه فينتقل من قوة‬‫(المسيح) يمثل اساس كل فلسفة هيجل التي تنتهي‬ ‫المادة إلى فعل الصورة‪ :‬وبه يفسرحركة الأفلاك‬ ‫إلى أن الله ينبغي أن يموت فعليا (صلب المسيح)‬ ‫التي تفسر دورة الكون والفساد السرمدية‪.‬‬ ‫ورمزيا‪ :‬الروح الكوني متعين في الإنسان‪.‬‬

‫‪ 35‬من منطلق نظرية الآية كما يستعملها القرآن الكريم‬ ‫ولا وجود لإله مفارق للعالم والتاريخ بل هو الروح‬ ‫جزءا لا يتجزأ من محاولتي التفسيرية‪.‬‬ ‫فيهما ولا معنى لما بعد يتجاوزها لأنه عين الوجود‬ ‫للذات (ما يشبه الفعل بالمصطلح الأرسطي) الذي‬ ‫فالوصل يعني التواصل أساسا والتواصل يقتضي‬ ‫يتحقق بتجاوز الوجود في الذات (ما يشبه القوة‬ ‫نظاما رمزيا يمكن من تجاوز الفروق الثقافية‬ ‫(الألسن) والفروق الطبيعية (الحي والجامد)‬ ‫‪ 5‬بالمصطلح الأرسطي) لم يبلغ الروح الوعي بان‬ ‫‪ 40‬بنفس الخطاب‪.‬‬ ‫الذات هي الجوهر‪.‬‬ ‫ولا يمكن من دون هذين التجاوزين الصبو إلى‬ ‫تجاوز وجودي يجعل الإنسان قادرا على فهم‬ ‫ولذلك فالكونية المتحررة من الحلولية لم تتحقق في‬ ‫الرسالة التي هي تواصل مع الوحيد المعبود رب‬ ‫أي دين قبل الإسلام‪ :‬فقبله لم تتجاوز الأديان‬ ‫المنزلة العلاقة الحصرية رسولا ومرسلا إليه إلا‬‫الحياة والوجود وسر اشرئباب الإنسان إلى الخلود‪.‬‬ ‫‪ 10‬بخصوص المرسل إليه‪.‬‬‫‪ 45‬والقرآن الكريم لم تدبره يجيب عن هذين السؤالين‬ ‫أما الرسول فيهودي حصرا حتى في المسيحية‬ ‫بصورة صريحة لو لم يهملها علماؤنا لما انحططنا‬‫واستعمرنا حتى نعود إلى هذا التدبر المحرر منهما‬ ‫ويكفي دليلا ما يقوله باسكال في نفي نبوة محمد‬‫فنستأنف دورنا الكوني بالمشاركة في الإبداع المتحرر‬ ‫صلى الله عليه وسلم بحجة أنه ليس يهوديا‪.‬‬ ‫من الاتباع‪.‬‬ ‫‪ 15‬الإسلام جعل العلاقة كونية رسولا ومرسلا إليه‪ :‬كل‬ ‫أمة لها رسول بلسانها والرسول الخاتم لجميع‬ ‫‪50‬‬ ‫البشر‪ :‬المميز الأساسي للإسلام‪ :‬العلاقة الكونية‪.‬‬‫فأما تجاوز الثقافي الحائل دون التواصل بين البشر‬ ‫ونحن اليوم حددناها بكونها الوصل بين التاريخ‬ ‫فهو ما يحققه القرآن بأسلوبه المستند إلى العلاج‬ ‫وما بعده شرطا في وجود الرسالة وتحققها بالتربية‬ ‫‪ 20‬والسياسة لبشر لهم الحريتان الروحية والسياسية‪.‬‬ ‫المفهومي (الاستدلال) والأمثولي‪ :‬المشاهد شبه‬ ‫وهذا الوصل ليس مقصورا على التاريخ بل هو وصل‬ ‫المسرحية‪.‬‬ ‫مع الطبيعة ومعنى ذلك أن الرسالة ليست موجهة‬ ‫للإنسان وحده بل لكل الموجودات‪ :‬فما نظامها‬‫‪ 55‬والأسلوب الأمثولي يشبه السيناريو لأفلام يشاهدها‬ ‫أي إنسان مشاهدة تغنيه عن اللسان ولعل أفضل‬ ‫الرمزي؟‬ ‫‪ 25‬فأن يكون لكل أمة رسالة بلسانها أمر مفهوم أما أن‬‫مشهد هو مشهد الحوار الذي دار بين الله والملائكة‬ ‫حول أهلية الاستخلاف‪.‬‬ ‫يكون أحد الألسنة نظام رموز لرسالة كونية ففيه‬ ‫إشكال فضلا عن أن يكون حتى لغير الناطقين‪.‬‬ ‫وما كانت الترجمة بين الألسن تكون ممكنة من‬ ‫ولم لم أجب عن هذين السؤالين لما شرعت في‬‫‪ 60‬دون ترجمة سابقة عن كل ترجمة هي الوسيط بين‬ ‫اللسان والكيان ترجمانا هي سر البيان وهو تحويل‬ ‫تفسير القرآن الكريم تفسيرا فلسفيا‪ .‬فمعنى‬ ‫المفهومي إلى درامي مشترك بين اللسانين الناقل‬ ‫‪ 30‬التفسير الفلسفي هو بيان هذا التطابق بين صورتي‬ ‫والمنقول‪.‬‬ ‫الألغاز الوجودية وذلك بتحديد النظام الرمزي‬ ‫فما وراء اختلاف الثقافات ينتسب إلى الأسلوب‬ ‫المستعمل فيهما كليهما‪.‬‬‫‪ 65‬اللساني في ترجمتها لتجاربها التي واحدة بالجوهر‬ ‫ولهذه العلة كان فصل ما بعد الأخلاق وقسمه‬ ‫عندما ترد إلى الأسلوب الأمثولي‪.‬‬ ‫الثاني الذي علقت فيه على نظرية بيرس في الرمز‬ ‫فهذا الأسلوب كوني متجاوز للفروق بين الثقافات‬ ‫والألسن وهو يحكي الوضعيات الحيوية التي يذوق‬

‫‪ 35‬وناطقها تراسله دعاء وتسبيحا حتى وإن كنا لان‬ ‫بها الإنسان الوجود فيدركه غذائيا وجنسيا وجماليا‬ ‫نفقه لغة الجمادات‪.‬‬ ‫وجلاليا وأصلها جميعا الحياة‪.‬‬‫ولعل من أكبر الادلة على أن الجمادات تتواصل مع‬ ‫وأما تجاوز العائق بين الناطق وغير الناطق فهو ما‬ ‫الناطقين أنها تغريهم فتدعوهم بمعنيي الدعوة‬ ‫به يفسر القرآن الكريم نظام العالم‪ :‬فهو لغة‬ ‫الذوقية كدعوة الوردة الجمالية ودعوة الثمرة‬ ‫‪ 5‬الرياضيات التي هي الصيغ الرمزية للسنن‬ ‫‪ 40‬الغذائية ولو في شكل إيحاء‪.‬‬ ‫الوجودية‪.‬‬ ‫وحتى نفهم هذا المعنى فلنقارن دعوة الأبدان‬ ‫ولهذه اللغة حضوران في القرآن الكريم‪ .‬الحضور‬ ‫بعضها للبعض بين الجنسين قبل دعوة اللسان‪.‬‬ ‫الأول يصف بنية الطبعية بكونها بنية رياضية كمية‬ ‫وهذه الدعوة المتقدمة على البيان هي أساس كل‬ ‫وكيفية‪ .‬والحضور الثاني لعله الأكثر عمقا هو تأثير‬ ‫‪ 45‬بيان لأنها جوهر التأثير الرمزي المتجاوز للنطق‪.‬‬ ‫ولست غافلا على أن فساد العلاقة بين الجنسين‬ ‫‪ 10‬القرآن الموسيقي‪.‬‬ ‫جعل الكلام على هذا التداعي بينهما يعتبر حطا‬‫من منزلة المرأة خاصة تقديما لقشور التمدن الذي‬ ‫والسنن الوجودية هي نظام العالم الرياضي‬ ‫يزيل قاعدة الوجود الأساسية جماليا وحيويا‪.‬‬ ‫(قوانين الطبيعة) وأنغومته الموسيقية ونظام التاريخ‬‫‪ 50‬لكن حقيقة الوجود تجعل الجنسين لا يعشقان الغير‬ ‫بل يعشقان عشقه للذات‪ .‬فالتعاشق من دون هذا‬ ‫‪ 15‬الدرامي والحواري بين الناطقين (القوانين‬‫التناغم المتقدم على البيان شرطا في كل بيان ليس‬ ‫الاجتماعية) وأصلها جميعا التناسق التام بين‬ ‫من جوهر الإنسان‪.‬‬ ‫الخلق والأمر ‪.‬‬ ‫ذلك أنه متقدم على البيان شرطا في توالج الكيان‬ ‫ومن خصائص كيان الإنسان أنه بكيانه البدني‬ ‫‪ 55‬ليس بين الجنسين فحسب بل بين العالم والإنسان‬ ‫كائن طبيعي يخضع للنسب الرياضية ويتأثر‬ ‫في كل مكان وكل زمان إذا تحرر من سلطان‬ ‫‪ 20‬بالأناغيم الموسيقية وبكيانه النفسي يخضع‬ ‫الحرمان وطلب آيات العنفوان‪.‬‬ ‫للتواصل الناطق والتفاعل الدرامي‪.‬‬ ‫ولما كان هذا التأثير متجاوز حتى للوعي إذ هو‬ ‫وبعبارة وجيزة فإن المقابلة دين فلسفة لامحل لها‬ ‫يمكن أن يحصل في المنام حصوله في اليقظة فإن‬ ‫في الإسلام‪ :‬الديني والفلسفي في قضية الوصل بين‬ ‫العالم وما بعده والتاريخ وما بعده واحد بأسلوبين‬ ‫‪ 60‬ما بين التاريخي وما بعده وما بين الطبيعي وما‬ ‫بعده يعيشه الفرد بوصفه ما يتجاوز اليقظة إلى‬ ‫‪ 25‬مفهومي ودرامي‪.‬‬ ‫وكلاهما يستعمل الأسلوبين مع تغليب أحدهما‪:‬‬ ‫حياة يغيب فيها الوعي‪.‬‬ ‫القرآن يغلب الصوغ الدرامي السردي على الصوغ‬‫وقدرة الإنسان على التسمية‪-‬التي تتضمن ذلك كله‬ ‫المفهومي الطردي والفلسفة تستعملهما بترتيب‬‫لأنها شرط إحضار الغائب سواء تمثيلا لما مضى أو‬ ‫معكوس (أفلاطون خاصة) لكن المضمون واحد‪.‬‬ ‫‪ 30‬وهذا المضمون الواحد له قطبان الله والإنسان‬ ‫‪ 65‬لما هو آت‪ -‬هي الحجة التي أفحمت الملائكة في‬ ‫وبينهما العالم والرسالة ذهابا وإيابا بين القطبين‪.‬‬ ‫مشهد الاستخلاف الدرامي‪ :‬فالتسمية تجعله‬ ‫والإنسان مستخلف لقدرته على التواصل المضاعف‪.‬‬ ‫يتواصل مع العالم وما بعده (الرياضيات) ومع‬ ‫والقصد بالرسالة ذهابا وإيابا هو أن الله يراسل‬ ‫التاريخ وما بعده (الألسن)‪.‬‬ ‫الإنسانية والموجودات كلها والموجودات جامدها‬

‫والرياضيات أساسها الطرد المفهومي واللسانيات‬‫أساسها السرد الأمثولي وذانك هما نظاما الترميز‬ ‫‪ 5‬الكونيين اللذين يمثلان معجزة القرآن الكريم‪.‬‬ ‫فتكون معجزة القرآن هي حصر الاعجاز في جعل‬ ‫الرسالة نفسها عين حقيقة الإنسان من حيث هو‬ ‫مسم ورامز دراميا ومفهوميا وذلك هو مفهوم‬ ‫البيان القرآني‪.‬‬‫‪ 10‬فالرحمان خلق الإنسان علمه البيان‪ .‬وهو إذن مبين‬ ‫ومستبين لكن صفاته تجعله في وضع لو اكتفينا به‬ ‫لما فهمنا علة استخلافه وتكريمه فضلا عن‬ ‫إيجاده‪.‬‬‫والتناظر العكسي بين ما في صفاته وشروط أهليته‬ ‫‪ 15‬للاستخلاف لاعتبرنا تكريمه به من ألغاز الوصل‬ ‫بين التاريخ ومابعده وبين الله والإنسان من تلازم‪.‬‬ ‫ولا يصبح لتجاوز هذه المفارقات معنى إلا إذا‬ ‫اعتبرنا التاريخ نفسه امتحانا لهذه الأهلية وتأهيل‬ ‫لها بمعنى أنه مسار التعلم والاكتمال الإنساني‬ ‫‪ 20‬فيكون معنى ختم الرسالة دليل اكتمال الإنسان‬ ‫بوجهي الاكتمال‪ :‬الاجتهادي والجهادي لمراجعة‬ ‫تاريخ البشرية الروحي والسياسي وتحقيق الصورة‬ ‫المثلى‪.‬‬ ‫وتلك هي مهمة التربية والسياسة اللتين ينبغي أن‬ ‫‪ 25‬تتحققا بالاستراتيجية القرآنية بمنظور يعتبر‬‫البشرية أسرة واحدة (النساء ‪ )1‬بقيم الحجرات‬ ‫‪.13‬‬ ‫ومن ثم فينبغي إن صح استنتاجنا أن نجد في‬ ‫القرآن شروط الوصل السوي بين التاريخ وما بعده‬ ‫‪ 30‬وبين الطبيعة وما بعدها ليتأهل الإنسان‬ ‫للاستخلاف‪.‬‬





‫‪hg‬‬ ‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬