Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الهروب من الايديولوجيا - الجزء الرابع - القسم الثالث_بدر باسعد

الهروب من الايديولوجيا - الجزء الرابع - القسم الثالث_بدر باسعد

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-05-08 09:54:23

Description: بداية إذا رجعنا إلى الاستلهام من حيث مصدره اللغوي يرجع إلى مادة لهم الذي يدل على ابتلاع الشيء. ومن هذا الباب الإلهام، كأنَّه شيءٌ أُلقِيَ في الرُّوع فالتَهَمَه. ويقولون للعظِيم الكافي: اللِّهَمّ ومن الباب اللُّهمُوم: الرّجُل الجَواد. وهذا على العِظَم والسَّعة.
يعلّق المرزوقي على هذين المعنيين: للكلمة معنى إحاطة الملتهِم بالملتهَم سواء كانت الإحاطة مادية وهو الوضع الأول للكلمة: التهام الآكل للمأكول أو سيطرة الجيش الغالب على الجيش المغلوب في الحرب أو ابتلاع البحر لما يغرق فيه أو معنوية وهو الوضع الثاني لدلالتها أن يغمر الباذل المبذول إليه بماله أو بعطفه أو بعلمه.

Search

Read the Text Version

‫الهروب من الإيديولوجيا‬‫مدخل الى محاولة أبي يعرب المرزوقي الاصلاحية‬ ‫القسم الثالث‪ :‬القراءة حين تكون استلهامية‬ ‫الباحث والمهندس‬ ‫بدر محمد أحمد باسعد‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫الهروب من الإيديولوجيا‬ ‫الجزء الرابع‪ :‬منهجية أبي يعرب المرزوقي‬ ‫القسم الثالث‪ :‬القراءة حين تكون استلهامية‬ ‫بدر محمد أحمد باسعد‬ ‫الجبيل في ‪2017-05-08/1438 -08-11‬‬

‫المحتويات‬‫‪1‬‬‫المرحلة الأولى ‪:‬استخراج المقومات ‪2‬‬‫المرحلة الثانية ‪:‬تحليل المقومات ‪3‬‬‫المرحلة الثالثة ‪:‬العلاقات بين المقومات وعناصرها الداخلية ‪4‬‬‫المرحلة الرابعة ‪:‬ما يترتب على هذه العلاقات ‪5‬‬ ‫المجتمع البدائي‪5 :‬‬ ‫وأما المجتمعات الصناعية‪6 :‬‬ ‫والمجتمعات ما بعد الصناعية‪6 :‬‬ ‫الدولة التواجدية‪7 :‬‬‫المرحلة الخامسة ‪:‬التطبيق ‪7‬‬ ‫التطبيق الأول ‪:‬تقسيم اتجاهات الحكم والمعارضة ‪7‬‬ ‫التطبيق الثاني ‪:‬تصور الدولة التواجدية ‪8‬‬

‫بداية إذا رجعنا إلى الاستلهام من حيث مصدره اللغوي يرجع إلى مادة لهم الذي يدل على ابتلاع‬ ‫الشيء ‪.‬ومن هذا الباب الإلهام‪ ،‬كأنَّه شي ٌء أُلقِيَ في ال ُرّوع فال َت َهمَه ‪.‬ويقولون للعظِيم الكافي ‪:‬‬ ‫ال ِلّهَم ومن الباب ال ُّلهمُوم ‪:‬الر ُجل الجَواد‪ .‬وهذا على العِظَم وال َّسعة ‪.‬‬ ‫يعلق المرزوقي على هذين المعنيين ‪:‬للكلمة معنى إحاطة الملت ِهم بالملتهَم سواء كانت الإحاطة مادية‬ ‫وهو الوضع الأول للكلمة ‪:‬التهام الآكل للمأكول أو سيطرة الجيش الغالب على الجيش المغلوب في‬‫الحرب أو ابتلاع البحر لما يغرق فيه أو معنوية وهو الوضع الثاني لدلالتها أن يغمر الباذل المبذول‬ ‫إليه بماله أو بعطفه أو بعلمه‪.‬‬ ‫إن مسألة استلهام الماضي – في نظر المرزوقي‪ -‬مسألة مشروعة ولا تحتاج إلى إثبات فالاستلهام هو‬‫الفعل الذي يربط ماضي الأمة بمستقبلها ليجعلها تسير في طريقها المميز لها عن غيرها من الأمم ‪.‬‬ ‫ولكن السؤال الذي يستحق البحث هو ‪:‬كيف نستلم وماذا نستلهم؟ فأما سؤال الكيفية فيميز بين‬ ‫التقليد والاستلهام أو بين الاستلهام حين يكون مجرد تكرار لما مضة من تاريخ الأمة والاستلهام‬‫حين يكون فعلا ملهما لفتح آفاق المستقبل ‪.‬وأما سؤال التمييز فهدفه التمييز بين ما هو صالح الأن‬ ‫يكون ملهما من تاريخ الامة وما هو غير صالح ‪.‬‬ ‫يميز أبي يعرب بين نوعين من القراءات تلك التي تستلهم العمل استلهاما نفعيا يقصره على‬‫الأغراض المباشرة‪ ،‬وتلك التي تستمد من العمل العلمي مقوماته لإصلاح مقومات العمل في عصرنا‬ ‫الحاضر ‪.‬فالقراءة الأولى تستمد الحلول التي يطرحها العمل وبالتالي يبقى العمل حيا ما دام‬ ‫محتفظا بحلول مناسبه لعصرنا وأما النوع الثاني فتستمد أركان وشروط العمل العلمي ذاته ولا‬ ‫يهمها نجاعة الحل لأن نجاعة الحل ونجاحه إذا ما نظرنا إليها بعمق فإنها لا تفيد إلا في سياقات‬‫معينة ثقافية وتاريخية ولكن مقومات الخطاب ومقومات العمل العلمي ومقومات الإصلاح تبقى كما‬‫هي عبر العصور ومن ثم فهي القابلة للاستلهام من تجارب البشر التي تتفاوت بقدر شمول المقومات‬ ‫أولا وشروط تحقيقها ثانيا ‪.‬فنوعي الاستلهام هذين هما العلامة الفارقة بين الأمم المبدعة الحية‬ ‫والأمم المقلدة الميتة ‪.‬والسبب في ذلك أن \" كل فعل إنساني هو فعل مزدوج ‪:‬فهو مباشرة فعل في‬ ‫‪11 1‬‬

‫موضوع الفعل سواء أكان هذا الموضوع العالم الخارجي أم الذات ‪.‬وهو – بصورة غير مباشرة –‬ ‫فعل في الفعل نفسه‪ ،‬أي مراقبة دائمة له لإصلاحه تصورا وإنجازا بوعي الوعي ‪.‬فالإنسان يعي‬ ‫الموضوعات التي يفعل فيها ويعي وعيه بها وعيا يصاحب فعله‪ ،‬فيكون الوعي متقدما على فعله‬ ‫ومصاحبا له وتاليا عنه وهو في حالة التقدم أصل الاستعداد النظري وفي حالة التساوق أصل‬‫التسديد العلمي وفي حالة التلو أصل المراجعة النقدية ‪.‬وكل الأمم التي ماتت فيها هذه العمليات‬ ‫العقلية الثلاث الملازمة لكل أفعالها في سلوك الفاعلين تفقد القدرة على الوجود المستقل ومن ثم‬ ‫فهي أمم ميتة لأنها أمم تابعة وليست أمما مبدعة ‪\".‬‬ ‫ومن أهم الأمثلة التطبيقية للقراءة الاستلهامية قراءته لمقدمة ابن خلدون في كتابه التاريخ‬ ‫النظري الخلدوني وذلك لأنها الأساس الذي تنطلق منه كل اسهامات المرزوقي في تحليلاته‬ ‫الاجتماعية والسياسية اللاحقة مثل مفهوم المجتمع المدني وتحليل ظاهرة العولمة ومسألة حوار‬ ‫الحضارات ‪ ...‬وغيرها‪ .‬وسوف نعرض لهذه المحاولة بأكبر قدر من الاختصار‪.‬‬ ‫تنقسم المحاولة إلى المراحل التالية ‪:‬‬ ‫•المرحلة الأولى‪ :‬تحديد العناصر والمقومات الأساسية لمقدمة ابن خلدون ‪.‬‬ ‫•المرحلة الثانية‪ :‬تحليل المقومات إلى العناصر المكونة لها‪.‬‬ ‫•المرحلة الثانية‪ :‬بناء جدول العلاقات الممكنة بين هذه العناصر ‪.‬‬ ‫•المرحلة الرابعة‪ :‬استخراج ما يترتب على هذه العلاقات‪.‬‬ ‫•المرحلة الخامسة‪ :‬محاولة تطبيق هذا التحليل النظري على الواقع في ثلاث مسائل هي ‪:‬‬ ‫•التطبيق الأول‪ :‬حركات المعارضة ‪.‬‬ ‫•التطبيق الثاني‪ :‬نظرية مراحل الدول ‪.‬‬ ‫•التطبيق الثالث‪ :‬نظرية الدولة التواجدية ‪.‬‬‫المرزوقي في قراءته لابن خلدون استخرج العوامل الأساسية في بناء العمران فكانت أربع عوامل‪،‬‬ ‫الأول هو العامل الحيوي أي الانسان بما فيه من أجهزة وعمليات حيوية لازمة لحياته مثل الأكل‬‫والشراب وأهمها هنا التناسل ‪.‬والعامل الثاني هو العامل الطبيعي )الجغرافي( وهو الوسط الذي‬‫يعيش فيه الانسان ويعتبر أهم ما يميز هذا العامل أنه يمد الانسان بأسباب حياته وأهمها الغذاء‬ ‫والطاقة والعامل الثالث هو ثمرة تفاعل العاملين الأول والثاني وهو العامل الثقافي وأهم ما في‬ ‫‪11 2‬‬

‫هذا العامل هو عملية التعلم باعتبارها السبب الذي يجعل الانسان قادرا على التعامل مع العامل‬ ‫الطبيعي الجغرافي لينتج ما يلائمه ويناسبه وأما العامل الرابع فهو عامل الدولة أو المجتمع‬ ‫البشري الذي يعيش فيه الانسان ‪.‬‬‫هذه العوامل استخرجها المرزوقي من مقدمة ابن خلدون فأما العامل الطبيعي فهو عامل الجغرافيا‬ ‫وأثره على الانسان وأيضا فصل الاقتصاد )من المقدمة الثانية إلى المقدمة الخامسة والباب‬ ‫الخامس) وأما العامل الثقافي فهي الفصول المتعلقة بالعلوم والصناعات )الباب السادس( وأما‬‫العامل الرابع فهو الدولة في البدو والحضر واختلاف أطوارها )الباب الثاني والثالث( ولم يتكلم‬ ‫عن العامل الحيوي لأنه من المفروغ منه ‪.‬ما يهمنا الآن هو كيف يمكن أن نصنع من هذه العوامل‬‫الأربعة بناء نظريا يستثمر ما مضى من المعرفة ويضيف عليه ما استجد منها من أجل الوصول إلى‬‫تفسير مناسب لحال المجتمعات العربية اليوم ويمكن أيضا من رسم المشاريع المستقبلية اللازمة لبناء‬ ‫الأمة والمجتمعات الإنسانية عموما؟‬ ‫هذه المقومات الأربع‪ ،‬هل يمكن تحليليها وتبسيطها إلى عوامل أبسط منها أم لا؟ لأن العوامل‬‫البسيطة (المكونات‪ ،‬المقومات‪ ،‬العناصر الأساسية‪ ،‬الأركان) هي التي تحكم الظاهرة بأكملها ‪.‬ومن‬ ‫هنا يحلل المرزوقي كل عامل من هذه إلى أربعة عناصر كما يلي ‪:‬‬ ‫‪.1‬يرى أن العامل الحيوي هو عبارة عن عملية حيوية )التناسل( بين (رجل وامرأه) في ظل‬ ‫معايير معينة (أعراف( بهدف تكوين (القوم)‬ ‫‪.2‬ويرى أن العامل الطبيعي هو عبارة عن عملية حصول الانسان على الغذاء وكل ما يقوم به‬ ‫جسده من الطبيعة من خلال المال في ظل قيمة معينة من أجل تكوين الثروة‪.‬‬ ‫‪.3‬ويرى أن العامل الثقافي عبارة عن عملية معرفية بين الطبيعة المدلول والإنسان الذي يجعل‬ ‫لها دال يناسبها ومن خلال هذه العلمية يتكون المفهوم الذي بتراكمه يتكون التراث‪.‬‬‫‪.4‬وأما الدولة فهي عبارة عن مدة زمنية تحدث فيها كل العمليات السابقة في ظل تراتب اجتماعي‬ ‫معين ومن خلال هذه العملية يتكون الذي بتراكمه تتكون الأمة‪.‬‬ ‫‪11 3‬‬

‫ويمكن اختصار هذا التحليل في الجدول التالي ‪:1‬‬ ‫المكون‬ ‫المكون الثقافي‬ ‫المكون الحيوي المكون‬‫الاجتماعي‬ ‫الطبيعي‬ ‫القوم‬ ‫المعيار‬ ‫النسل‬ ‫العلاقة‬ ‫الإنسان‬ ‫الثروة‬ ‫(الأبناء)‬ ‫الزوجية‬ ‫القيمة للتبادل‬ ‫الجسم‬ ‫الغذاء وانتاج‬ ‫الطبيعة‬ ‫طاقة الجسم‬‫المفهوم التراث‬ ‫الثقافة المدلول الدال‬ ‫السلم أو‬ ‫الدولة الزمان المكان‬‫التراتب الأمة‬ ‫الاجتماعي‬‫•يمكن أن نقول إن وحدة القوم هي الأسرة‪ ،‬ووحدة الثروة هي المصنع أو (الحظيرة بلغة‬ ‫المرزوقي) ووحدة التراث هي المدرسة وأخيرا وحدة الدولة هي المؤسسة ‪.‬‬‫‪ 1‬يمكن المقارنة بين نظرية المرزوقي في الدولة مع نظرية مالك بن نبي عن الحضارة لأن كليهما عبارة عن نحليل لمقومات‬‫المجتمع الذي تقوم عليه كل من الحضارة والدولة‪ .‬فمالك رحمه الله يقول إن التراب والإنسان والزمان = الحضارة ويعتبر‬‫العامل الديني هو العامل الموحد بين هذه العناصر وليس عاملا مستقلا بذاته وإذا نظرنا إلى عناصر نظرية مالك وقارناها‬‫بالعناصر التي استخرجها المرزوقي من المقدمة لوجدنا أن عامل الأرض هو العامل الطبيعي‪ ،‬وعامل الانسان هو العامل الحيوي‪،‬‬‫وأما عامل الزمان فهو عند المرزوقي ليس عاملا أساسيا من مكونات المجتمع ولذا فهو إذا مكون دخيل‪ .‬هو شرط ولكنه ليس‬‫مكونا‪ .‬وكذلك الدين هو أحد العناصر المكونة للجانب الثقافي والتربوي وهو شرط حصول الاجتماع‪ .‬والناتج هو الحضارة‬‫يوازي عامل الدولة أو الأمة عند المرزوقي‪ .‬الفارق الجوهري بين أبو يعرب ومالك بن نبي أن أبو يعرب يرى أن التزامه‬‫الفلسفي والعلمي يحتم عليه أن يوضح للقارئ من أين أتى بنظريته أما مالك بن نبي وج ّل المفكرين يعرضون نظرياتهم دون‬ ‫إثبات والذين يثبتونها إما يثبتونها بتطبيقاتها لا بردها إلى أصولها‪.‬‬ ‫‪11 4‬‬

‫•يمثل العمود الأول المتركب من العلاقة الزوجية أي الميل العاطفي والطاقة أي ما يعطي الانسان‬ ‫قدرة على العمل والحياة والمدلول أي حب المعرفة وسر المجهول والزمان أي الشوق إلى الخلود‬ ‫دوافع المجتمع والمحرك الرئيسي له ‪.‬ومن السخف رد دوافع المجتمع إلى أحد هذه العناصر ‪:‬‬ ‫الماركسية مثلا ردت الدوافع إلى المال ‪.‬‬ ‫•يمثل الشوق إلى الخلود أو الزمان جامعا لكل ما فوقه من عناصر ‪.‬‬ ‫•يمثل العمود الثاني المتركب من النسل والجسم والدال والمكان البعد المادي من العمود الأول‪،‬‬‫وقد يقع المرء في فخ حصر العمليات في بعدها المادي ‪.‬فيصبح الهدف من النسل هو التكاثر فحسب‬ ‫دون التربية والتهذيب ويصبح الهدف من الطبيعة هو خدمة الجسم والترف ويصبح الهدف من‬ ‫المعرفة هو السيطرة على الدل وأخيرا يمكن أن يحصر الشوق إلى الخلود في السيطرة على‬ ‫المكان ‪..‬وذلك هو الضلال المادي ‪.‬‬ ‫•يمثل العمود الثالث المتركب من المعيار والقيمة والمفهوم والسلم البعد الرمزي والثقافي من هذه‬ ‫العلميات ‪.‬‬ ‫•وأخيرا فإن العمود الأخير المتركب من القوم والثروة والتراث والأمة ففيه تتم هذه العمليات‬ ‫جميعها وهو الكائن العيني الحقيقي الوحيد أعني المجتمع ‪.‬‬ ‫أعتقد أن أهم ما يترتب على هذه العلاقات هو تصور أشكال الدولة تبعا لهذه العوامل المكونة‬ ‫لها ‪.‬فأي تركيبة لعدد من العناصر فهي بين أمرين إما أن تكون متوازنة وإما أن يطغى أحد‬ ‫العناصر على الأخرى دون أن تختفي بقية العناصر وهذا ما لاحظه المرزوقي عند تصور المراحل‬ ‫التي تمر بها الدولة فجعلها على أربعة مراحل تحت عنوان (منطق التطور الاجتماعي)‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫•يغلب عليه الشكل الأسري‪.‬‬ ‫•ويغلب عليه منطق الهوية ‪:‬بحيث إن السعي الاجتماعي إلى التوحيد والحفاظ على الهوية كان‬ ‫أسمى الأهداف تصورا وواقعا‪.‬‬ ‫•سياسة القوم ستعتمد في التعامل مع المواطنين على الدين‪ ،‬وسياسة الثروة ستعتمد على السحر‬‫(سحر الإيدلوجيا والمشروعات الوهمية) وسياسة التراث ستعتمد على الأسطورة‪ ،‬وسياسة المجتمع‬ ‫‪11 5‬‬

‫ككل ستعتمد على عقيدة أساسها الروح المطلق أو وجود الأرواح في كل موجود قياسا على الحياة‬ ‫وهو ما نسميه مذهبا إحيائيا‪.‬‬ ‫•إذا ‪:‬التصور الأول لمنطق التواجد هو الفلسفة الإحيائية ‪.‬‬ ‫•هدف الإحيائية السيطرة على الإنسان ككائن حي لتحقيق القوم‪ .‬حيث ُتدعى الدولة أسرة‬‫حاكمة أو تنظيم إحيائي (عسكري أو مدني) تمثل هوية المجتمع ووحدته وتحاول أن تنفي أصناف‬ ‫المنطق الأخرى ساعية إلى فرض ذلك بالاعتماد على سياسة إحيائية ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫•يغلب عليها الشكل الحظيري‪.‬‬ ‫•ويغلب عليها منطق التناقض ‪:‬تقابل المصالح الاقتصادية ‪.‬‬ ‫•سياسة القوم تعتمد على التعامل مع المواطنين اعتبارهم مادة تشكل بالترويض أو بالترهيب‪،‬‬ ‫وسياسة الثروة تعتمد على التقنية وسياسة التراث تعتمد على التجربة وسياسة الكل تعتمد على‬‫فلسفة مادية أي على عقيدة أساسها المادة المطلقة أو اعتبار كل شيء مادة قياسا على الطبيعة وهو‬ ‫ما نسميه مذهبا ماديا‪.‬‬ ‫•إذا ‪:‬التصور الثاني لمنطق التواجد هو الفلسفة المادية ‪.‬‬ ‫•وهدف المادية السيطرة على المال لتحقيق الثروة ‪.‬‬‫•ويجسد هذا التقابل احدى هاتين اللعبتين ‪:‬إما لعبة الانتخابات التي يسيطر عليها رأس المال كما‬‫يجري في أوروبا الغربية أو لعبة الانتخابات التي يسيطر عليها العمل كما يجري في أوروبا الشرقية‬ ‫وفي كلتا الحالتين تكون السياسة مادية‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫•يغلب عليها الشكل المدرسي‪.‬‬ ‫•ويغلب عليها منطق النسق ‪:‬إنها مجتمعات الإعلامية والوثائق ‪.‬‬‫•سياسة القوم تعتمد على الخطابة وسياسة الثروة تكون إعلامية وسياسة المجتمع ككل ستعتمد على‬ ‫عقيدة أساسها الرمز المطلق أو اعتبار كل شيء رمزا قياسا على الثقافة وهو ما نسميه مذهبا‬ ‫رمزيا ‪.‬ومثالها الولايات المتحدة الأمريكية‪.‬‬ ‫•إذا ‪:‬التصور الثالث لمنطق التواجد هو الفلسفة الرمزية ‪.‬‬ ‫•وهدف الرمزية السيطرة على الرمز ككائن اجتماعي لتحقق التراث‬ ‫‪11 6‬‬

‫‪:‬‬ ‫•يولد المنطق التواجدي الذي لا يخضع الحياة إلا لمنطقها ولا يخضع الثروة لغير منطقها ولا‬ ‫يخضع التراث لغير منطقه‪ ،‬إنه المنطق الفاعل من البداية إنما غلبة كل صنف أمر مؤقت‪.‬‬‫•وهدف التواجدية السيطرة على المؤسسة ككائن اجتماعي لتحقيق الأمة وتلك هي أحسن السبل‬ ‫للسيطرة على المادة والحياة والرمز وعلى الاجتماع معا‪.‬‬‫•المجتمع المتوازن هو المجتمع الذي يعتمد على سلطة القوم وسلطة الثروة وسلطة التراث وسلطة‬ ‫الدورة والأمة‪.‬‬‫•فالأمة الحية هي التي بلغت درجة تجسيم هذه السلط في مؤسسات متعينة ومحددة ومنفصلة عن‬ ‫بعضها البعض وذلك هو الهدف الأسمى بالنسبة إلى العرب اليوم ن تحقيق الدولة الواحدة‬ ‫المنظمة للدورة ‪.‬‬ ‫يتناول التطبيق مسألتان في غاية الأهمية فأما المسألة الأولى فهي تقسيم اتجاهات الحكم‬ ‫والمعارضة في العالم العربي والثاني هو التنظير للدولة التواجدية وهي الدولة التي تحقق‬ ‫التوازن لجميع عناصرها ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫•النظم الحاكمة والمعارضة يمكن تقسيمها أيضا تبعا لنموذج منطق التطور الاجتماعي‪ ،‬فكل‬ ‫مرحلة في التطور الاجتماعي ولها رجال يمثلونها ويرون أنها الأفضل للمجتمع ‪.‬‬ ‫•فالمجتمعات البدائية قلنا إنه يسيطر عليها منطق الهوية وبالتالي فالحركات التي تمثل هذه‬‫المرحلة هي الحركات التي تهدف إلى تحقيق هوية المجتمع وتدخل فيها الحركات الدينية والنظم‬ ‫الدينية ‪.‬‬ ‫•وأما المجتمعات الحظيرية فهي الحركات التي يسيطر عليها منطق الحظيرة أو المصنع وبعبارة‬ ‫أخرى الاقتصاد وتدخل فيها الحركات القومية والنظم القومية ‪.‬‬ ‫•وكلا النوعين يحتاج إلى الدعم لكي يستطيع أن يستمر في الحكم أو في المعارضة ولذا تتجه‬‫الحركات والنظم البدائية إلى التحالف مع النظم الرأسمالية وأما النظم والحركات القومية فهي‬ ‫‪11 7‬‬

‫تتحالف مع الأنظمة الاشتراكية والعلة في ذلك أن الرأسمالية أقرب النظم إلى الأسرة لأنها نظام‬ ‫اقتصادي يحكمه رأس المال )والاشتراكية أبعدها( لأنها نظام اقتصادي يحكمه العمل‪.‬‬ ‫•النظم القومية تعمل على إزالة الدولة الأسرية لتكوين الدولة الحظيرية لكن هذه العمليات‬ ‫تتم دون أن يكون هناك نسيج حظيري لأن الأسرة والقبيلة لا تزال هي العامل الأفعل ومن ثم‬‫نجد دولا حظيرية قومية بدون نسيج اجتماعي حظيري ونجد نسيج أسري دون دولة أسرية وهذا‬ ‫يجعل النظم وسيلة للتحطيم الذاتي وتصبح الدولة القومية الحظيرية المفروضة فوقيا دولة‬ ‫أسرية مدعومة بدكتاتورية عسكرية ‪.‬‬ ‫•وبالمقابل في النظم الدينية أو التي تخضع لمنطق الهوية فهي تسعى إلى الحفاظ على منطق‬ ‫الهوية ومنع الدولة الحظيرية (يبدو أن السبب أن قدرتها على التحكم في القبائل والأسر أكبر‬ ‫وبالتالي لا تريد أن تغامر فتفقد هذه الميزة) ومن هنا نظرا لانعدام المجتمع الحظيري فإن‬‫الدول الأجنبية تسيطر عليها اقتصاديا وعلى نسيجها الاقتصادي ومن ثم تصبح دولة أسرية اسما‬ ‫وفي الحقيقة حظيرية مدعومة بدكتاتورية عسكرية تحطم الذات القومية ‪.‬‬ ‫•أصبح التعادي بين النظامين الأسري والحظيري أو القومي والديني أساس تهديم الأمة وباتا‬ ‫يحققان أهداف أعداء الأمة العربية ‪.‬الأسري يمكن لأمريكا من اقتصاد الأمة وروسيا من فكرها‬ ‫والثاني يمكن لروسيا من اقتصاد الأمة وأمريكا من فكرها ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ذكرنا أن الدولة حين تكون متوازنة فإنها تجمع بين عناصر المجتمع بحيث يكون نموذج الحكم‬‫والمؤسسات مطابق لنموذج المجتمع الفعلي‪ ،‬وهذا النموذج يسمي عند المرزوقي بالدولة التواجدية‬‫أي التي تتواجد فيها جميع عناصر المجتمع فعلا وتتمثل فكرة الدولة التواجدية عند المرزوقي في‬ ‫نموذج الحكم التالي ‪:‬‬ ‫•سلطة القوم ‪:‬‬ ‫•ترشح رئيس الدولة أو الخليفة ‪.‬وتمثل مؤسسة الخلافة أو رئاسة الدولة‪.‬‬‫•الخليفة يمثل هوية المجتمع‪ ،‬ويكون من أفاضل العلماء ويرشحه للخلافة ممثلو سلطة القوم (من‬ ‫بين ‪ 2‬إلى ‪ 4‬في دورتين) ‪.‬‬ ‫•مدة التولي ‪ 8‬سنوات لضمان الاستقرار ولطبيعة السلطة المعهودة إليه‪.‬‬ ‫•يتركب مجلس الخلافة منه ومن رؤساء السلط الأخرى (الإجماع والاجتهاد والتنفيذ)‪.‬‬ ‫‪11 8‬‬

‫•وسلطة الثروة ترشح رئيس السلطة القضائية أو مؤسسة الاجتهاد‪.‬‬ ‫•يرشح من بين ‪ 2‬إلى ‪ 4‬قضاة في دورتين من قبل القضاة المنتخبين أي رؤساء المحاكم المحلية‪.‬‬ ‫•ويمكث سنتين ‪.‬‬ ‫•وكل محكمة محلية تتكون من ‪:‬‬ ‫•قاض منتخب من المواطنين بالمنطقة يكون رئيس المحكمة‪ ،‬ولكونه منتخب انتخابا عاما يتبع‬ ‫الخليفة ‪.‬‬ ‫•ومن حكمين عدليين (قضاة وهم اليوم محامون) متغيرين يمثلان الحق المدني‪.‬‬ ‫•ومن قا ٍض خبير عينه رئيس المحكمة ويقبل به الحكمان ويمثل سلطة المعرفة والعلم‪.‬‬ ‫•وقاض يمثل السلطة التنفيذية ‪.‬ويمثل الحق العام‪.‬‬ ‫•وسلطة التراث ترشح رئيس السلطة التنفيذية أو مؤسسة الإدارة ‪.‬‬ ‫•تتركب من رئيس الوزراء ترشحه سلطة التراث ‪.‬‬ ‫•لمدة عام واحد قابل للتكرار لمرة واحدة فقط ‪.‬‬ ‫•ومن مجلس الوزراء الذين يختارهم الوزير الأول ويزكيهم الخليفة ‪.‬‬‫•ولا يحل إلا إذا صوت ضده ثلثا السلطة التشريعية باقتراح من الخليفة أو من رئيس الوزراء أو‬ ‫من ثلث مجلس الوزراء أو من ثلث مجلس الإجماع ‪.‬‬ ‫•وأما السلطة التشريعية ‪:‬‬ ‫•تتركب من ممثلي سلطة القوم ‪:‬الذي يحتوي على ممثلي سلطة الجنس (الشباب) والنسل‬ ‫(الكهول) والمعيار (الشيوخ والعجائز)‪.‬‬ ‫•وممثلي مجلس الثروة ‪:‬الذي يحتوي على هيئة سلطة الغذاء (أصحاب المشاريع) وهيئة سلطة‬ ‫الجسم (العمال) وهيئة سلطة الثروة (المصرفيون)‬ ‫•وممثلي مجلس التراث ‪:‬الذي يحتوي على هيئة سلطة المدلول( الأدباء )وهيئة سلطة الدال‬ ‫(الفنانون )وهيئة سلطة المفهوم( العلماء‪).‬‬‫•وممثلي مجلس الدولة إذا يتكون من مجموعهم حيث يمثل سلطة الأمة‪ ،‬وهي التي ترشيح رئيس‬ ‫السلطة التشريعية ‪.‬وتمثل مؤسسة الإجماع‪.‬‬ ‫•يختارون رئيسها لمدة أربع سنوات ‪.‬‬ ‫•والحكمة من إيقاع المدد التي أوردناها هو التوفيق بين الاستقرار( التجديد المتدرج للسلط )‬ ‫والثورة( التجديد الكامل لكل السلط بعد ثماني سنوات أي عند تجديد الخليفة‪).‬‬ ‫‪11 9‬‬

‫•عوضنا الأحزاب بما أسميناه السلط القاعدة للأمة أي سلطة القوم وسلطة التراث وسلطة الثروة‬ ‫وحجتنا في ذلك أن الأحزاب مافيات تخفي السلط الفعلية‪ ،‬أنها نظام تقابلي لتمثيل السيادة‬‫الجمهورية يعتمد على سيطرة أقلية( المتحزبين )على السلطة بواسطة التزييف المباشر للنتائج أو‬ ‫غير المباشر بالخطط الإعلامية والتمويه على الرأي العام ‪.‬‬ ‫•وجعلنا سلطة القوم تتركب من ‪:‬‬ ‫•الشباب ‪:‬لأن الشباب يمثلون قوة المثل العليا والخيال الخصب والاندفاع الثوري الفعال والفكر‬ ‫المبدع وتنتهي فترة الشباب عندما يصبح الشاب مقيدا بمصالح وظيفية وفئوية في المجتمع‪.‬‬‫•والكهول ‪:‬يمثلون المسئولية الحذرة ويقدمون حساب المصالح على المثل العليا وتنتهي هذه الفترة‬ ‫عند التقاعد عن العمل ‪.‬‬‫•وأما الشيوخ فيمثلون الخبرة التي تتجاوز مثالية الشباب المتهورة والأنانية المشطة عند الكهول‪.‬‬ ‫•وكل فئة تنتخب أعضاءها انتخابا مباشرا محليا وغير مباشر قوميا‪.‬‬ ‫•وجعلنا سلطة الثروة تتركب من ‪:‬‬ ‫•المنشئ( صاحب المشاريع بالاقتراض البنكي ‪):‬فهو مخترع المشروع الذي سيجمد رأس المال‬ ‫ليصبح منتجا‪ ،‬وهو المغامر بحريته للحصول على القرض والمضحي براحته لتنفيذ المشروع ليفي‬ ‫بديونه والمدرك لتضامن عناصر الانتاج لتحقيق تكاملها‪ ،‬فهو مندفع ومثالي وذا خيال خلاق وإلا‬ ‫لما أقدم على المشروع إنه إذا مصدر شباب الاقتصاد ‪.‬‬ ‫•العمال الذين يحولون رأس المال إلى مال وهو مثل الكهل يجمع يمثل المصلحة العاجلة ‪.‬‬‫•المصرفيون الذي هم نواب المدخرين المباشرين خاصة‪ ،‬وهم مثل الشيخ صاحب خبرة ويجمع بين‬ ‫اندفاع الشباب المصحوب بالحنكة ونفعية الكهول المصحوبة ببعد النظر‪.‬‬ ‫•أما سلطة التراث فتتكون من ‪:‬‬ ‫•الأدباء ‪:‬لأن الخيال يكون طليقا في الإبداع الأدبي فهم شباب الفكر ‪.‬‬ ‫•وأما الفنانون وفعلهم يتطلب صراعا بين الواقع والخيال فهم كالكهول ‪.‬‬ ‫•وأما العلماء فيمثلون الخبرة‪.‬‬‫•وأما سلطة الأمة فهي مركبة من ممثلي الزمان ‪:‬الشباب والمنشئين والأدباء وممثلي المكان الكهول‬‫والعمال والفنانين وممثلي السلم الشيوخ والعلماء والمصرفيين وممثلي الدورة أي القوم والتراث‬ ‫والثروة‪.‬‬ ‫‪11 10‬‬

‫كانت هذه قراءة موجزة لمنهجية المرزوقي في قراءة العمل العلمي قراءة استلهامية من خلال‬ ‫التمثيل بعمل ابن خلدون‪ ،‬وكما ترى أن القراءة لم تستغرق في جدليات السبق من أجل‬ ‫التعويض النفسي والتعمية على الشعور بالهزيمة النفسية‪ ،‬ولا في التوظيف الأيدولوجيا لأنها‬ ‫بناء نظري منفصل عن الواقع ثم يتم تطبيق مقتضيات هذا البناء مع العلم بأن الجدة في النتائج‬‫أكبر دليل على التخلص الأيدولوجي ‪.‬فالعمل الأيدولوجي دوما يكون مرتبط بتقرير النتائج التي‬ ‫يقول بها صاحبها‪.‬‬ ‫‪11 11‬‬





‫بدر محمد أحمد باسعد‬‫من مواليد سنة ‪ 1983‬بمدينة الجبيل – المملكة العربية السعودية‬ ‫من مؤلفاته‪:‬‬ ‫حاصل على‪:‬‬ ‫باكالوريوس في‬ ‫▪ مذهب التفريق بين الوجوديين‬ ‫الشريعة الإسلامية من‬ ‫▪ مفهوم الفلسفة عند أبي يعرب المرزوقي‬ ‫جامعة الإمام محمد بن‬‫▪ طبيعة الفن والتمثيل ‪ ...‬مدخل قبل الخوض في‬ ‫سعود سنة ‪2013‬‬ ‫الحكم الشرعي‬ ‫باكالوريوس في‬ ‫الهندسة الميكانيكية‬ ‫▪ علل تقييم الخطاب الإسلامي‬ ‫التطبيقية من جامعة‬ ‫▪ الحسبة في ظل الخلافة وفي ظل الدولة الحديثة‬ ‫الملك فهد للبترول‬‫▪ مدخل إلى محاولة أبي يعرب المرزوقي الإصلاحية‬ ‫والمعادن سنة ‪2007‬‬ ‫(ينشر قريبا)‬ ‫شهادة الاعتماد‬ ‫الدولي في إدارة‬ ‫المشاريع‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook