Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore التحرر والتحرير من موجة الثورة الاولى الى موجتها الثانية - ابو يعرب المرزوقي

التحرر والتحرير من موجة الثورة الاولى الى موجتها الثانية - ابو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-05-27 06:24:55

Description: وضع السعي إلى التحرر في الإقليم، شديد التعقيد. وقد اتضحت معالمه بفضل الثورة التي لم تنضج بعد، لتقدر على تحقيق شرط الارتفاع إلى مستوى التحديات.
ويمكن تحديده بالقياس إلى من يحارب هذا السعي إلى التحرر بمستوياته الخمسة.
فالبساطة التي كانت عليها المعركة قبل الاستقلالات الصورية انتهت.
نعم، الأمة في مسعاها حتى قبل الاستقلالات، لم تكن متحدة. لكن مسعاها غلب عليه وحدة الهدف والدافع، أي كونها أمة تنهض ضد ما به يتحد العدو الخارجي.

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬‫من موجة الثورة الأولى إلى موجتها الثانية‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫من موجة الثورة الأولى الى موجتها الثانية‬



‫وضع السعي إلى التحرر في الإقليم‪ ،‬شديد التعقيد‪ .‬وقد اتضحت معالمه بفضل الثورة‬ ‫التي لم تنضج بعد‪ ،‬لتقدر على تحقيق شرط الارتفاع إلى مستوى التحديات‪.‬‬ ‫ويمكن تحديده بالقياس إلى من يحارب هذا السعي إلى التحرر بمستوياته الخمسة‪.‬‬ ‫فالبساطة التي كانت عليها المعركة قبل الاستقلالات الصورية انتهت‪.‬‬‫نعم‪ ،‬الأمة في مسعاها حتى قبل الاستقلالات‪ ،‬لم تكن متحدة‪ .‬لكن مسعاها غلب عليه‬ ‫وحدة الهدف والدافع‪ ،‬أي كونها أمة تنهض ضد ما به يتحد العدو الخارجي‪.‬‬‫كانت النخب مثلها مثل الشعوب‪ ،‬تعامل الاستعمار الغربي بوصفه عدوا‪ ،‬وتعتبر الغزو‬ ‫الاستعماري شكلا حديثا من معركة طويلة بين المسلمين والغرب المسيحي‪.‬‬‫لكن النخب تعلمنت‪ ،‬وهي التي كلفها الاستعمار‪ ،‬بعد أن هزمته المقاومة ذات المرجعية‬ ‫الإسلامية في جل بلاد الإسلام في كيانات‪ ،‬هي محميات غربية لا دولا‪.‬‬‫فكانت المهمة الأولى لهذه المحميات‪ ،‬أن تخلق من عدم شرعيات قطرية‪ ،‬وأحيانا عرقية‬ ‫أو طائفية‪ ،‬حتى تصبح ذات قيام ذاتي‪ ،‬يلغي ما كان يوحد هدف النهوض‪.‬‬‫وهذا البحث عن الشرعية‪ ،‬كان لا بد أن يؤسس التفتيت الجغرافي على التشتيت‬ ‫التاريخي‪ .‬والأول يسير التحقيق‪ ،‬لأنه عين الخارطة التي خطها الاستعمار‪.‬‬‫صحيح أن هذه الخارطة أبقت على خلافات بين الأقطار المتجاورة‪ ،‬وهي دمل أشباه‬ ‫الاستعمار‪ ،‬وأبقى عليه حتى يحول دون أي إمكانية للتعاون بين الاجوار‪.‬‬‫لكن المعركة المتعلقة بالشرعية كانت تقتضي تشتيت التاريخ حتى يطابق الجغرافيا‪.‬‬ ‫فكان على الذين سلم لهم الاستعمار البلاد‪ ،‬أن يحققوا ذلك بمساعدته‪.‬‬‫وتشتيت التاريخ أعسر من التفتيت الجغرافي‪ ،‬لأن القوة فيه لا تكفي‪ .‬إنه معركة ثقافية‬ ‫مديدة‪ ،‬تهدف إلى وضع التاريخ الإسلامي المشترك بين قوسين‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫فكانت كل نخبة ولاها الاستعمار على القطر الذي اقتطعه‪-‬أوضح مثال هو الهلال‬ ‫وسايكس بيكو‪-‬أن تطلب الشرعية التاريخية مما تقدم أو تلا الإسلام‪.‬‬‫وأصبح التسابق بين المحميات‪ ،‬التي يدعي أصحابها أنها دول في طلب الشرعية التاريخية‬ ‫من قومية بالمعنى الغربي الحديث‪ ،‬ولكن فيما تقدم على الإسلام‪.‬‬‫بدأ الامر في تركيا‪ ،‬وتلاه بقايا الخلافة في بلاد العرب‪ ،‬وقبلها كان الاساس الطائفية في‬ ‫إيران‪ ،‬خاصة منذ القرن السادس عشر في صراعها مع الخلافة‪.‬‬‫المعركة الحالية معقدة لهذه الأسباب‪ ،‬لأن الثورة أبرزت طبيعتها‪ ،‬فجعلتها تشعر‬ ‫بهشاشتها لما صاحب الثورة من عودة الفعل التحريري للنخب الإسلامية‪.‬‬‫لم تبق معركة بين أمة إسلامية شرعت في النهوض ضد مستعمر‪ ،‬ما زالت نخبها مثل شعبها‪،‬‬ ‫تعتبره مواصلا للحروب بين الحضارتين الجاريتين منذ نزول القرآن‪.‬‬ ‫صارت حربا أهلية مضاعفة‪:‬‬ ‫‪-1‬كل دولة قطرية فرضت أغلبيتها‪ ،‬قوميتها على من ليس منها فيها‪.‬‬ ‫‪-2‬وفي الإقليم بين القوميات والطائفيات المتداخلة‪.‬‬‫فأنتج ذلك أن العدو الواحد لم يعد عدوا أولا‪ ،‬ولم يعد واحدا ثانيا‪ ،‬بل هو أصبح‬ ‫ينقسم بحسب الأحلاف في الحرب الأهلية المضاعفة في الأقطار‪ ،‬ثم بينها‪.‬‬ ‫هذا الوصف للوضعية أمين بقدر كبير‪.‬‬‫إنه جوهر المعضلة التي تعاني منها الثورة‪ ،‬فضلا عن كونها هي بدورها انقسمت بهذا‬ ‫المنطق رغم اتحاد الثورة عليها‪.‬‬‫ويوجد عنصر إيجابي‪ ،‬لامني الكثير جدا عن وصفي إياه بالإيجابي‪ ،‬فقد اعتبرت ما‬ ‫سمته كونداليزا رايس بالفوضى الخلاقة‪ ،‬قابلا لتحقيق غايتنا قبل غايتها‪.‬‬‫فقد توقعت أنه سيلغي الخارطة التي فرضها الاستعمار‪ .‬وقد حصل على الأقل في الهلال‪.‬‬ ‫وأنا أرفض كلام الخائفين على الدول‪ :‬فهي ليست دولا لنخاف عليها‪.‬‬‫هي محميات‪ ،‬وعودة الحماة تفرض بقاءها كالميت اكلينيكيا‪ ،‬يبقون على حياته بالأجهزة‬ ‫في المستشفيات‪ .‬كل دولنا يصح عليها هذا الوصف لو تصارحنا بحق‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫وإذا تواصل تعنت الذارعين (إيران وإسرائيل) وثورة الأنظمة المضادة في الحرب على‬ ‫عودة الاسلام للمقاومة بمشروع النهوض الحديث‪ ،‬فالأمر سيكون لصالحه‪.‬‬‫لكن الأعداء سبقوا محاولة النهوض الإسلامي بتشويهها وتشويه الإسلام ومشروع‬ ‫الاستئناف‪ ،‬باختراق حركاتها فأصبحت كاريكاتور الإسلام وعدوة التحديث‪.‬‬‫وهذا هو أهم عناصر تعقيد الوضعية‪ :‬فكل تحرك إسلامي مقاوم‪ ،‬يسهل وصمه بهذه‬ ‫الخاصية‪ ،‬ما يجعل كل الحركات تنكمش لتصبح هي بدورها محلية ضمن المحميات‪.‬‬‫وبهذا المعنى‪ ،‬فإن الحرب الأهلية الداخلية بمستوييها القطري والإقليمي‪ ،‬مع فنيات‬ ‫تشويه الإسلام بالحرب اللطيفة‪ ،‬هما سر تعقيد الوضع أمام الاستئناف‪.‬‬‫لكن الاستئناف تقدم مشروعه من ناحية ثانية‪ ،‬لأن \"الفوضى الخلاقة\" بخلاف ما خطط‬ ‫له الاستعمار‪ ،‬قد الغت جغرافيته‪ ،‬وأفشلت الشرعيات المصطنعة‪.‬‬‫وقد افتضح استغلال إيران الإيهام بمقاومة إسرائيل‪ ،‬لتربح قلوب العامة‪ .‬وسيفتضح‬ ‫استغلال إسرائيل الإيهام بمقاومة إيران لتربح قلوب الأنظمة ونخبها‪.‬‬ ‫والافتضاح الأول كان من نتائج الموجة الأولى من الثورة وخاصة في سوريا‪.‬‬ ‫والافتضاح الثاني سيكون من نتائج الموجة الثانية وخاصة في فلسطين‪.‬‬‫ذلك أن الشعوب لم تعد تصدق إيران‪ ،‬والنخب ستفقد ما به تحاول أن توهم بأنها تصدق‬ ‫إسرائيل‪ :‬فهي تريد أن تأخذ كل ما تريد ولن تعطي ورقة التوت‪.‬‬‫ستفرض عليهم ما يعارض كل توت‪ ،‬كما خططوا هم والخائن السيسي‪ :‬بعض سينا‬ ‫\"لمحمية\" فلسطينية يمولها أرباب الرز‪ .‬ودون ذلك الموجة الثانية من الثورة‪.‬‬‫فهذا المشروع هو الذي سيكمل عملية القضاء على الجغرافيا الاستعمارية‪ ،‬خاصة إذا‬ ‫وصلناه بنفس الحل للقضية الكردية ضد تركيا‪ :‬الثورة السنية العامة‪.‬‬‫ذلك أن الحلف بين الذراعين (إيران وإسرائيل) يكون‪ ،‬لو تم ذلك‪ ،‬قد حقق تقاسم‬ ‫الإقليم بإلغاء سنته التركية والعربية‪ ،‬بحل مشوه لفلسطين وكردستان‪.‬‬ ‫ولن يحول دون هذا التقاسم إلا شيء واحدا‪ ،‬ما يزال متعثرا بسببين‪:‬‬ ‫‪-1‬تفتت المقاومة الإسلامية السنية‬ ‫‪43‬‬

‫‪-2‬اختراقها الذي يشوه غاياتها وطرقها وأخلاقها‬ ‫وفي الحقيقة‪ ،‬فإن الثاني هو علة الأول‪.‬‬‫تخلف الفكر لدى الحركات‪ ،‬ويسر اختراقها بسببه‪ ،‬هما علة التفتت الذي لعل أكثر أمثلته‬ ‫هو ما يحدث في سوريا‪.‬‬‫وعامل التشويه ‪ -‬جزء من الحرب اللطيفة أو الحرب على الرموز‪ -‬أكثر فاعلية من‬ ‫التفتت‪.‬‬ ‫ذلك أن التفتت موجود في كل حركات التحرر في البداية والغاية‪.‬‬‫فهي تبدأ متعددة‪ ،‬لأنها مبادرات نابعة من الجماعة دون سابق تخطيط‪ ،‬ثم تنتظم عراها‬ ‫عندما تصبح ذات استراتيجية‪ ،‬ثم يعود الصراع لما تقترب من الغاية‪.‬‬‫لذلك فالعائق هو امتناع التوحيد بسبب التشويه‪ :‬فالتصنيف الدولي يشوهها بالاختراق‪،‬‬ ‫فيفسد مناهجها ليحول التحرير إلى معركة أمراء حرب على الغنائم‪.‬‬‫موجة الثورة الأولى للتحرر من الاستبداد والفساد (على الأنظمة في الداخل)‪ ،‬وموجتها‬ ‫الثانية للتحرير من الاستضعاف والاستتباع (على حماة الأنظمة)‪.‬‬‫والموجتان لم تبقيا مجردتين‪ ،‬لأنهما تعينتا في جرحين لم يندملا‪ ،‬ولن يندملا من دون أن‬ ‫يصبح الاستئناف الهدف الموحد للأمة عامة‪ ،‬ولقلبها السني خاصة‪.‬‬ ‫والجرح الأول‪ ،‬هو اقتطاع فلسطين من أرض العرب والخلافة‪.‬‬‫والاقتطاع الثاني الذي يسعى إليه الغرب‪ ،‬هو مزيد تفتيت لمركز الخلافة بالانفصال‬ ‫الكردي‪.‬‬‫فالغرب لا يؤيد ثورة كردية في إيران‪ ،‬لكنه أيدها ضد العرب في العراق وسوريا‪ ،‬وهو‬ ‫يؤيدها حاليا في تركيا لمنع ما يصفونه بالنزعة العثمانية‪.‬‬‫والهدف واضح‪ :‬لا يتصور الإسلام قادرا على استئناف دوره الكوني من دون العرب‬ ‫والأتراك‪ .‬لذلك فالفصل بينهما وإضعافهما هو الشرط الضروري والكافي‪.‬‬‫والجرحان إذ يجتمعان‪ ،‬يعنيان أن الغرب يريد شرطيين لتقاسم السيطرة على الإقليم‪:‬‬ ‫إيران وإسرائيل‪ ،‬وكلاهما يريد استعادة امبراطوريته قبل الإسلام‪.‬‬ ‫‪44‬‬



‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬