Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore أبعاد نظرية الرمزين – دين العجل الذهبي – توظيف العملة والكلمة للاستعباد الكوني – أبو يعرب المرزوقي

أبعاد نظرية الرمزين – دين العجل الذهبي – توظيف العملة والكلمة للاستعباد الكوني – أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-09-19 17:40:03

Description: أبعاد نظرية الرمزين – دين العجل الذهبي – توظيف العملة والكلمة للاستعباد الكوني – أبو يعرب المرزوقي

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫الأسماء والبيان‬



‫المحتويات‬‫‪1‬‬ ‫الفصل الأول ‪1‬‬ ‫الفصل الثاني ‪4‬‬ ‫الفصل الثالث ‪7‬‬ ‫الفصل الرابع ‪9‬‬ ‫الفصل الخامس ‪11‬‬

‫نظرية الرمزين‪:‬‬ ‫‪ -‬رمز الفعل (العملة) ممثلا للاقتصاد عامة وفاعليته التمويلية خاصة‪.‬‬ ‫‪ -‬وفعل الرمز(الكلمة) ممثلا للثقافة عامة وفاعليته المعلوماتية خاصة‪.‬‬‫وضعتها لتوحيد الفاعلية في حياة الجماعة داخليا وخارجيا برد فاعلية الطبيعة بالمكان‬ ‫والثروة وفاعلية الثقافة بالزمان والتراث إلى هذين الرمزين‪.‬‬‫وفي الحقيقة الهدف هو بيان أن التفاعل بين الطبيعي والثقافي ترد إلى التفاعل بين رمز‬ ‫الفعل (العملة رمز الثروة) وفعل الرمز (الكلمة رمز التراث)‪.‬‬‫والتفاعل بينهما هو التفاعل بين قيم المعلومية (التراث هو المعلومات صادقها وكاذبها)‬ ‫والقيمة الاقتصادية (الثروة هي القيم المادية حقيقها ومزيفها)‪.‬‬‫والقيم المعلومية تتحول إلى اقتصادية والقيم الاقتصادية تتحول إلى معلومية في التنافس‬ ‫على شروط الحياة الفردية والجماعية بتوسط الذوق والعلم‪.‬‬‫فيكون الامر كله علاقة بين الذوق والعلم‪ :‬الأول هو الغاية والثاني هو الوسيلة في حياة‬ ‫الفرد والجماعة وكلاهما له معنيان بينان خاصة في الذوق‪.‬‬‫فالذوق دلالته الأولى هي الذوق الغذائي ودلاله الثانية هي الذوق الجمالي‪ .‬والعلم‬ ‫دلالة الأولى هي طلب الغذاء بالطبيعة والثانية هي العلم للعلم‪.‬‬ ‫‪12 1‬‬

‫وبذلك نفهم تقدم الذوق على العلم فبعده الأول غاية بعد العلم الأول وبعده الثاني‬ ‫غاية بعد العلم الثاني‪ .‬فيكون العلم تابعا للذوق بالمعنيين‪.‬‬‫لكن ما يظهر هو العكس تماما‪ .‬والعلة هي أن الوسيلة مقدمة على الغاية في تحقيق الغاية‬ ‫وليس في دوافعها‪ :‬لابد من امتلاك الوسيلة للوصول إلى الغاية‪.‬‬‫ولهذه العلة فأغلب الساسة يقدمون الوسائل على الغايات لأنها تضمن بقاء السياسي أولا‬ ‫وتمكن من السعي إلى تحقيق الغاية بفن الممكن وتدرج العمل‪.‬‬‫وأنبه القارئ إلى أن كل ما أعرضه هنا هو من فضل فصلت ‪ 53‬وآل عمران ‪ :7‬فالالتفات‬ ‫إلى الآفاق والأنفس أو عالم الشهادة حصرا أصل كل معرفة علمية‪.‬‬‫القرآن الكريم لا يحتوي على القوانين العلمية بل على شروط طلبها الصحيح بتحديد‬ ‫الالتفات المطلوب وبتحديد عام لطبيعة قوانين الآفاق والأنفس‪.‬‬‫فالآفاق هي ما يحتج به القرآن أعني نظام الطبيعة والتاريخ المتشكل في الأعيان ونظام‬ ‫الأنفس بعينها(البدن) وذهنها (الروح) وانعكاس النظامين عليهما‪.‬‬‫وهو يحدد طبيعة القوانين الطبيعية عامة بأنها رياضية والقوانين التاريخية بأنها‬ ‫رياضية خلقية وقوانين الأنفس بقوانين ما فيها منهما بدنها وروحها‪.‬‬‫ولذلك فلا ينبغي الخلط بين بحثنا وبين خرافة الاعجاز العلمي‪ :‬نطلب القوانين من‬ ‫الآفاق والأنفس بالبحث العلمي كما فعل ابن خلدون لا في النصوص‪.‬‬‫والقرآن وجهنا إلى مجال البحث وطبيعة المبحوث عنه‪ :‬قوانين رياضية في الطبيعة (بنى‬ ‫لعلاقات بين متغيرات قابلة للعد) وسنن خلقية في التاريخ‪.‬‬‫والإنسان يقدر على ذلك لأن كيانه مضاعف‪ :‬فهو بدن قوانينه طبيعية مضطرة وروح‬ ‫قوانينها سنن خلقية حرة والقوانين والسنن تنعكس في الأنفس بالذوق والعلم‪.‬‬‫فمن يسيطر على الذوق والعلم يصبح سيد التاريخ والطبيعة فيسطر على الآخرين‬ ‫بسيطرته على ما يسدون به حاجاتهم الطبيعية والروحية‪ :‬إنه منطق السلطة‪.‬‬ ‫درسنا منطق السلطة بين دين العجل الذهبي والإسلام‪:‬‬ ‫‪ .1‬هو وما يفرضه نظام العولمة‬ ‫‪12 2‬‬

‫‪ .2‬هو الخيار الإسلامي لتنظيم الحياة الإنسانية في المعمورة‬‫استعملنا نظرية رمز الفعل (العملة والاقتصاد) وفعل الرمز (الكلمة والثقافة) وهذا‬ ‫هو الفصل الأول لدراستها أبعادها ودورها في دين العجل الذهبي‪.‬‬ ‫‪12 3‬‬

‫نشرع في تحليل أبعاد استعمال الرمزين ودورهما في دين العجل‪ .‬فالعجل هنا صنم ذهبي‬‫يحدد طبيعة هذا الدين الذي هو تعين لمفهوم العبادة وسيلة وغاية‪ .‬وفيه إشارة إلى دين‬‫الفراعنة وإلى غاية دالة على علة رفض بني إسرائيل لرسالة موسى‪ .‬إنه رمز النكوص إلى‬ ‫العبودية السياسية الفرعونية بوصفها دينا‪.‬‬‫لكنه يستعمل الرمزين في دلالتهما الدينية عامة لأن الكلمة والرقم هما مكونا الخلق‬ ‫والامر فـ\"كن\" و\"بعدد\" مفهومان دالان على الفاعلية القصوى‪.‬‬‫دين العجل يستعمل مفهومي الفاعلية الدينية مع تحريف الدين‪ .‬فمن استعمالهما‬ ‫لتحقيق التعالي على الإخلاد إلى الأرض إلى جعلهما أداتي هذا الأخلاد‪.‬‬‫فتنتقل الكلمة \"كن\" من قضاء خلق الله السامي إلى تضليل الإعلام المتفاني وتنتقل‬ ‫\"بعدد\" من قدر الله السامي إلى استبداد الإنسان المترامي‪ :‬دين العجل‪.‬‬‫دين العجل يستعمل فاعليتي الدين القويم بتحريفها وظائفها‪ :‬الكلمة صارت للتضليل لا‬ ‫للهداية والعملة صارت لربا المستبد لا لربو التبادل التعاوني‪.‬‬‫وإذن فالأبعاد المطلوب معرفتها هي ابعاد تضليل الإعلام وأبعاد ربا الاعمال‪ :‬أي أبعاد‬ ‫التلاعب بالمعلومة وبالقيمة في دين العجل أو في العولمة‪.‬‬‫وحتى نستطيع تحديد هذه الأبعاد ينبغي ألا ننسى أن كلا منهما من مقومات الثاني وقابل‬ ‫للترجمة إليه‪ :‬المعلومة قيمة والقيمة معلومة‪ :‬مصدر الأبعاد‪.‬‬‫التقويم المتبادل بينهما مصدر أبعادهما‪ :‬بترجمة كل منهما بلغة الثاني التقنية‪ .‬وأضح‬ ‫الأمثلة‪ :‬المشتقات في الاقتصاد الحديث واقتصاد المعلومات‪.‬‬‫فالمشتقات في الاقتصاد ثروة زائفة والضلالات في الثقافة تراث زائف‪ :‬المشتقات‬ ‫والضلالات هما أداتا العجل الذهبي‪ :‬دين التحيل المادي والروحي‪.‬‬‫ولا يمكن لهذا الدين أن ينجح من دون أن يكون في مقومي وجود الإنسان ما يجعله ذا‬ ‫فاعلية لا تكاد تقهر‪ :‬فاعلية حاجة البدن وحاجة الروح بمستوييهما‪.‬‬ ‫‪12 4‬‬

‫ذكرنا أن البدن والروح يغتذيان‪ :‬والغذاء ذو مستويين مادي وروحي‪ .‬فالبعد الأول من‬ ‫الذوق والعلم مادي لأن الذوق غاية والعلم وسيلتها‪.‬‬‫والبعد الثاني من الذوق والعلم روحي لأن الذوق طلب الجمال والعلم طلب الحقيقة‬ ‫فيكون طلب الجمال الدافع وطلب الحقيقة الطريق الموصلة إلى الغاية‪.‬‬‫فيكون الذوق بمعناه المادي (غذاء البدن) والروحي (الجمال غذاء الروح) هو الأساس‬ ‫في علاقة الإنسان بحاجاته الطبيعية والروحية والعلم وسيلتهما‪.‬‬‫صاحب العجل الذهبي يسيطر على ما يطلبه الذوق بمعنييه فيسيطر على ما يحققه العلم‬ ‫بمعنييه وبالسيطرة على حاجة الذوق وحادة العلم يسيطر على العالم‪.‬‬‫ولما كان البشر يتفاضلون دنيويا (بعكس الحجرات ‪ )13‬بالثروة والتراث أي بما يملكون‬ ‫من ثروة ومن معرفة فإن العجل الذهبي يتوجه للفاضل والمفضول‪.‬‬‫والمفضول هو الأكثرية فيسطر عليه بالمستوى الأول من الذوق ومن العلم فيجعله عبد‬ ‫الحاجات الأولية وفي خدمة العلوم التطبيقية المباشرة‪ :‬العمال‪.‬‬‫والفاضل بمعيار الدنيا هم الأقلية فيسيطر عليهم بالمستوى الثاني من الذوق والعلم‬ ‫فيجعلها أدوات سلطانه في الإبداع الجمالي والإبداع العلمي‪.‬‬‫ومن يفهم بالإشارة يدرك من أقصد ويفهم آليات العولمة ومن يسيطر عليها في الخفاء‪.‬‬ ‫والأمر ليس مؤامرة لأنه هو ما يحصل فعلا لما نكشف هذه الآليات‪.‬‬‫فأما الدليل الاول فهو دور التمويل في الإنتاج المادي‪ :‬فكرة انتاج لسد حاجة ‪ +‬مستهلك‬ ‫يسد حاجته‪ +‬ممول لجعل الفكرة حقيقة فعلية‪ +‬عامل ‪ +‬إدارة‪.‬‬ ‫فأما الدليل فهو دور التمويل في الإنتاجين الذوقي والعلمي‪:‬‬ ‫‪ .1‬فكرة منتج‪+‬‬ ‫‪ .2‬مستهلك ‪+‬‬ ‫‪ .3‬عامل ‪+‬‬ ‫‪ .4‬إدارة‪+‬‬ ‫‪ .5‬ممول لتحقيق مشروع الإنتاج من النوعين‬ ‫‪12 5‬‬

‫نرى بالعين المجردة أن البداية والنهاية في هذه البنية الانتاجية للذوق بمعنييه وللعلم‬ ‫بمعنييه تعود إلى فعل الرمز (الفكرة) ورمز الفعل (المال)‪.‬‬ ‫‪12 6‬‬

‫في الفصل الثالث من مسألة الفاعلية الرمزية أداة للعجل الذهبي سنبحث أخطر مستويات‬ ‫الفاعلية الرمزية ودلالة اعتبار القرآن الربا حربا على الله‪.‬‬‫ونفس ما قيل عن الربا قيل عن مخالفة الافعال للأقوال لأنها اشد ما يمقته الله‪ .‬فهما‬ ‫وسيلتا تحريف للدين القيم وعبادة العباد للعباد بدل رب العباد‪.‬‬‫توظيف العملة أو رمز الفعل وتوظيف الكلمة أو فعل الرمز للعبودية المادية والتضليل‬ ‫الروحي هما جوهر الشرك فالمسيطر بالحاجات يتأله فيستعبد الناس‪.‬‬‫وعلينا الآن أن نكتشف السر في ذلك‪ .‬نظرية العملة غير نظرية المالية‪ .‬فالمالية تابعة‬ ‫لـ\"خلق\" العملة التي يحتاجها التمويل‪ .‬وخلق العملة عملية معقدة‪.‬‬‫وذلك لأنها رمز كلي مطلق يمكن من التوسط بين كل الامور التي يتبادلها الناس سواء‬ ‫كانت بضائع أو خدمات ومنها خدمة التمويل التي تجعل العملة بضاعة‪.‬‬‫لذلك فالعملة بضاعة متعددة الصور للإنتاج الفعلي أو الوهمي‪ :‬تزييف الصك للمعدن‬ ‫ووزنه ثم سحب العملة الورقية بدون رصد فعلي لسلطة السحب ثم غيرهما‪.‬‬‫وغيرهما هو أول العملة الكتابية التي قد لا يكون لها ما يقابلها فعليا فتكون خلقا لعملة‬ ‫زائفة الصكوك البنكية صنع لعملة كتابية وقد تكون دون رصيد‪.‬‬‫وكل الديون خلق لعلمة دون رصيد وهي قد تكون كتابية مسجلة وقد تكون وعودا بين‬ ‫المتعاملين بالثقة دون كتابة وكلها خلق للعملة وتبادل لها للتمويل‪.‬‬‫وهذه المستويات الخمسة لخلق العملة هي أداة لا يمكن تصور الاقتصاد الحديث من دونها‬ ‫وهي أهم أدوات السيطرة على الاقتصاد الحقيقي وعلى البشر‪.‬‬‫وأغلب المشتقات في الاقتصاد الحديث متاجرة بهذه العملية من أجل خلق ثروة وهمية‬ ‫هي التي تحدث تضخما في الاقتصاد لا يعكس حقيقته كثروة فعلية‪.‬‬‫وكل ما قلناه عن العملة يقال عن الكلمة فعل الرمز‪ .‬فالإعلام التضليلي مثل الاقتصاد‬ ‫الربوي بالعملة فعل الرمز‪:‬‬ ‫‪12 7‬‬

‫‪ .1‬تحريف الثروة‬ ‫‪ .2‬وتحريف للتراث‬‫فمبدع المعلومة الحقيقية قليل بالقياس إلى مبتدع المعلومة المزيفة‪ .‬وإنتاج المعلومة أو‬ ‫الكلمة عملية معقدة مثل انتاج العملة بالمستويات الخمسة‪.‬‬‫ذلك أن رصيد الكلمة هو صحة المعلومة‪ .‬ومنتجو الكلمة مثل منتجي العملة يمكن تقسيمهم‬ ‫إلى من له رصيد ومن لا رصيد له‪ .‬والعلاقة بالرصيد هي الأساس‪.‬‬‫المعدن في العملة يناظره الفعل في الكلمة‪ .‬وتلك علة تعيير الشعر بالتمييز بين من فعله‬ ‫مطابق لقوله (صاحب رصيد) والعكس (بلا رصيد)‪.‬‬‫ثم يأتي مستوى العملة الورقية ويناظره الكلام المبني على الثقة بسلطة القائل ثم كلام‬ ‫ما صارمن التراث ولو بدون رصيد ثم كلام أي مشهور كالصكوك‪.‬‬‫لذلك فسلطان العجل الذهبي مبني على تضخمين من الاقتصاد والثقافة الزائفين‬ ‫وكلاهما يدين بوجوده للخوف من مستقبل سد الحاجات المادية والروحية‪.‬‬‫والمعلوم أن ابن خلدون في الباب الأول من المقدمة اعتبر اساس العمران المادي جغرافيا‬ ‫طبيعيا وأساسه الروحي هو تاريخيا روحيا يوحدهما خوف الندرة‪.‬‬‫والندرة تتعلق بالذوق بمستوييه وبالعلم بمستوييه والمستوى الأول منهما هو أصل‬ ‫الاقتصاد والمستوى الثاني منهما هو أصل الثقافة‪ .‬والخوف علة التضخم‪.‬‬‫فالخوف من الندرة في المستقبل هو علة وجود الاقتصاد والثقافة أو الثروة والتراث‬ ‫بالتخطيط للمستقبل عملا وعلما وبالتضخم والاحتكار والتبذير‪.‬‬‫وأخيرا فأهم مجالات التضخم في الثقافة المزيفة هو الإعلام السياسي والتجاري أو‬ ‫البروباجندا السياسية والإشهار التجاري للإنتاجين في العولمة‪.‬‬ ‫‪12 8‬‬

‫بقي فصلان في الكلام على دين العجل الذهبي‪:‬‬ ‫‪ -‬فصل للربا أو تبضيع العملة في خدمة التضليل الاقتصادي‪.‬‬ ‫‪ -‬فصل بتبضيع الكلمة في خدمة التضليل الثقافي‪.‬‬‫رأينا أن المحرك في الحالتين هو الذوق بمستوييه والعلم بمستوييه والمستوى الأول منهما‬ ‫كلهما هو محرك الاقتصاد خاصة والثاني منهما الثقافة خاصة‪.‬‬‫وعبارة خاصة تعني أن من حيث العلاقة المباشرة‪ .‬لكن المحركين متفاعلان لأن المستويات‬ ‫في علاقة الغاية بالوسيلة‪ :‬الذوق غاية والعمل وسيلة فيهما‪.‬‬‫والسيطرة على الذوق بمستوييه يحتاج للسيطرة على العلم بمستوييه ومن ثم فالبلاد‬ ‫التي تدين بدين العجل تحتاج إليهما‪ :‬المثال هو أمريكا وإسرائيل‪.‬‬‫وهو سلطان لا تحده حدود البلدين بل هو منتشر في العالم كله وذلك هو مصدر سلطانه‬ ‫العالمي‪ .‬فآليات عمله هي آليات القوة المادية والرمزية الدنيوية‪.‬‬‫وذكر المثالين سيساعد القارئ الذي قد تنقصه الخبرة في علم الاقتصاد وعلم الثقافة‬ ‫وآلياتها التي حللناها بردها إلى عاملين‪ :‬رمز الفعل وفعل الرمز‪.‬‬‫لكن هذا الرد متصل بكل النظريات التي تؤسسه أعني نظرية الأحياز ونظرية المعادلة‬ ‫الوجودية وخاصة فلسفة التواصل ونظرية الوسميات أو السيميوتكس‪.‬‬‫لأن هذه النظريات هي التي تمكن من فهم القرآن وفلسفة المدرسة النقدية العربية التي‬ ‫أهمل دورها بسبب سواد العلوم والأعمال الزائفة علة الانحطاط‪.‬‬‫وشرط الشروط كلها هو العمل بتوجيه القرآن في فصلت ‪ 53‬وآل عمران ‪ 7‬ليتجه فكر‬ ‫الأمة إلى البحث العلمي الذي يطلب قوانين الطبيعة وسنن التاريخ منهما‪.‬‬‫هذا الفصل الرابع أخصصه لاستعمال العجل الذهبي لرمز الفعل (العملة) باستبضاعها‬ ‫في خدمة التمويل التي تجمع القوة الاقتصادية بأيدي أصحاب البنوك‪.‬‬ ‫‪12 9‬‬

‫وهذا هو مفهوم \"الربا\" الذي يرفضه الإسلام وهو أكثر تعقيدا مما فهمه أصحاب البنوك‬ ‫الإسلامية التي هي بدورها لا تقل ربا عن البنوك العادية‪.‬‬‫فهي تجعل رمز الفعل بضاعة شارطة لخدمة تمويل الاقتصاد سلطانا للخواص الذين لن‬ ‫يكون سلوكهم مختلفا عن سلوك أصحاب البنوك الاخرى‪ :‬استبعاض العملة‪.‬‬‫واستبعاضها هو الذي يحولها إلى ربا بما يتولد عنها من سلطان البعض على البعض ومن‬ ‫مشتقات هي أصل كل الاقتصاد الوهمي الذي يضخم ثروة أصحاب العجل‪.‬‬‫الربا الذي يرفضه القرآن يجعل فردا عبدا لفرد بواسطة باستبضاع العملة‪ .‬إنه الذراع‬ ‫الأولى لدين العجل الذهبي وطبعا تعميمه في الاقتصاد الحديث‪.‬‬‫أما تمويل الاقتصاد بدون هذه العلاقة المباشرة بين دائن ومدين فيمكن أن يتحرر من‬ ‫هذه الوظيفة الربوية‪ :‬إذ يصبح ادخار الجماعة لتمويل استثمارها‪.‬‬‫في هذه الحالة يمكن للجماعة أن تضع أحكاما تحول دون العلاقة المباشرة بين دائن ومدين‬ ‫فحقيقتها علاقة ادخار حاضر الجماعة من ثمرة عملها بمستقبلها‪.‬‬‫وكيفيات تزييف العملة بأشكالها (العامة كسحب الأوراق بلا رصيد والخاصة كالصكوك‬ ‫دون رصيد) وبالمشتقات تعود لاستبضاع العملة في خدمة التمويل‪.‬‬‫والجميع يعلم الأهمية التي يوليها الإسلام إلى مسألة التطفيف ومسألة المكاييل والموازين‬ ‫وخاصة مسألة حماية العملة من التزييف معدنا ووزنا‪.‬‬‫وابن خلدون نبه إلى ضرورة حماية العملة من التزييف بمبدأ استقلال صك العملة‬ ‫(البنك المركزي) عن السلطان(تنفيذ) بضمها للخليفة (تشريعية ورمزية)‪.‬‬‫تمويل الاستثمار ضرورة اقتصادية‪ .‬تحريرها من البنوك الخاصة يوجب سلطة لادخار‬ ‫حاضر الجماعة لتمويل مستقبلها في اقتصاد اجتماعي تضامني للأحرار‪.‬‬ ‫‪12 10‬‬

‫الفصل الخامس لتبضيع الكلمة في خدمة التضليل الثقافي‪ .‬فاستبضاع الكلمة في الثقافة‬ ‫والغذاء الروحي يناظر استبضاع العلمة في الاقتصاد والغذاء المادي‪.‬‬‫وهو توظيف لمستويي الذوق (الغذاء المادي والغذاء الروحي للذوق) ومستويي العلم‬ ‫(العلوم التطبيعية والعلوم الاساسية) لتحقيق أهداف دين العجل الذهبي‪.‬‬‫وأهداف العجل الذهبي هي جعل استعمار الإنسان في الأرض معارضا لقيم استخلافه‪.‬‬ ‫ومن يسعى للاستخلاف من دون التعمير يكون في الغاية بعدا لأصحاب العجل‪.‬‬‫ومعنى ذلك أن كل من يتصور أن الإسلام يعارض الاستعمار في الأرض بدعوى الاستخلاف‬ ‫لن يكون في النهاية إ ّلا تابعا لأصحاب العجل الذهبي‪ .‬والعلة بينة‪.‬‬‫فلا يمكن الانتقال من مستوى الذوق الأول إلى مستواه الثاني ومن مستوى العلم الأول‬ ‫إلى مستواه الثاني من دون تحقيق ما يسده الأول في الحالتين‪.‬‬‫من لم يسد حاجة الذوق المادي لن يشرئب للذوق الروحي إلا كأعمال زائفة‪ .‬ومن لم‬ ‫يسد حاجة العلم الأول لن يشرئب لحاجته الروحية إلا كعلوم زائفة‪.‬‬‫الإبداع الجمالي والإبداع العلمي مشروطان بسد الحاجات الأولية للذوق المادي والعلم‬ ‫المادي أي غذاء البدن والبحث البدائي عن هذا الغذاء المادي‪.‬‬‫من ذلك أن أرسطو يفسر اكتشاف رجال الدين في الدولة المصرية للنظريات الرياضية‬ ‫بتفرغهم إلى البحث العلمي الأساسي وسد الدولة حاجاتهم الأولية‪.‬‬‫وما نريد دراسته هو التضليل الثقافي بفعل الرمز (الكلمة) المناظر للتضليل الاقتصادي‬ ‫برمز الفعل (العملة)‪ .‬والتناظر بينهما تام لملازمته تفاعلهما‪.‬‬‫فالتضليل بفعل الرمز هو الذي يمكن من تضخيم الحاجات الأولية لأنه ينتج بتوظيف‬ ‫الإعلام والاشهار حاجات يجعلها أولية من أجل التضليل الاقتصادي‪.‬‬‫لم يبق الاقتصاد والثقافة سدا للحاجات الذوقية والعلمية بمستوييهما الحقيقيين‪ :‬صار‬ ‫علة نوعين من الترف مضاعفين‪ :‬ودوره في القرآن وفي المقدمة معلوم‪.‬‬ ‫‪12 11‬‬

‫وهما السر في \"التبذير\" الذي يعتبر القرآن أصحابه من اخوان الشياطين وهو سر حرمان‬ ‫الأغلبية من أجل الاقلية وسر تصحير الأرض بدل تعميرها وحفظها‪.‬‬ ‫وإذن فالتضليل بالكلمة أو الإعلامي عامة ذوقيا وعلميا‪:‬‬ ‫‪ .1‬يعمي عن الاخطار الناتجة عن التبذير‪.‬‬ ‫‪ .2‬ويعمي عن سلامة الذوق وسلام العلم بمستوييهما‪.‬‬‫وإذن فالذوق بمستوييه أصبح أداة وليس غاية من حيث الدوافع والعلم بمستوييه أصبح‬ ‫أداة وليس غاية من حيث الوسائل لتدمير الإنسانية ماديا وروحيا‪.‬‬‫ولعل أفضل مثال يتعين فيه هذا الخطر المضاعف‪ :‬هو مصدر الحياة السليمة إلى مآل‬ ‫التجدد الطبيعي في ثروات العالم والتجدد العضوي في أحياء العالم‪.‬‬‫فاستبضاع الذوق بمستوييه هو أصل الترف وهو يؤدي إلى جعل الشعور باللذة من جنس‬ ‫جرب أفلاطون‪ :‬فالمبذر مثل الأجرب لا يتوقف عن الحكاك‪.‬‬‫وذلك ينطبق على صفات الأنسان الخمس‪ :‬إرادته وعلمه وقدرته وحياته ووجوده‪.‬‬ ‫يريد فيها جميعا الزيادة المطردة بلا توقف فيهدم كل شيء من حوله‪.‬‬‫وأبرز شيء هو الجنس في هذا النظام‪ :‬فهو يفصل نهائيا عن وظيفته العضوية ولا يبقى‬ ‫منه إلا الالتذاذ فيصبح الفرد عازفا عما عداه ولا تتجدد الأجيال‪.‬‬‫وتطور هذه الظاهرة يعرض منها القرآن المثلية في سورة لوط‪ .‬وهي من الظاهرات التي‬ ‫تتكاثر ثقافيا رغم أن منها ما هو عضوي لأن الأجناس خمسة وليست اثنان‪.‬‬‫فالأصل نفس واحدة ومنها جنسان ذكر وأنثى (النساء ‪ )1‬وكلاهما يتضاعف بمثلية‬ ‫طبيعية لا ثقافية لكن دين العجل يجعلها ظاهرة ثقافية تعم بالتدريج‪.‬‬ ‫‪12 12‬‬



‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬