أبو يعرب المرزوقي الأسماء والبيان
المحتويات1 الفصل الأول 1 الفصل الثاني 4 الفصل الثالث 7 الفصل الرابع 9 الفصل الخامس 11
نظرية الرمزين: -رمز الفعل (العملة) ممثلا للاقتصاد عامة وفاعليته التمويلية خاصة. -وفعل الرمز(الكلمة) ممثلا للثقافة عامة وفاعليته المعلوماتية خاصة.وضعتها لتوحيد الفاعلية في حياة الجماعة داخليا وخارجيا برد فاعلية الطبيعة بالمكان والثروة وفاعلية الثقافة بالزمان والتراث إلى هذين الرمزين.وفي الحقيقة الهدف هو بيان أن التفاعل بين الطبيعي والثقافي ترد إلى التفاعل بين رمز الفعل (العملة رمز الثروة) وفعل الرمز (الكلمة رمز التراث).والتفاعل بينهما هو التفاعل بين قيم المعلومية (التراث هو المعلومات صادقها وكاذبها) والقيمة الاقتصادية (الثروة هي القيم المادية حقيقها ومزيفها).والقيم المعلومية تتحول إلى اقتصادية والقيم الاقتصادية تتحول إلى معلومية في التنافس على شروط الحياة الفردية والجماعية بتوسط الذوق والعلم.فيكون الامر كله علاقة بين الذوق والعلم :الأول هو الغاية والثاني هو الوسيلة في حياة الفرد والجماعة وكلاهما له معنيان بينان خاصة في الذوق.فالذوق دلالته الأولى هي الذوق الغذائي ودلاله الثانية هي الذوق الجمالي .والعلم دلالة الأولى هي طلب الغذاء بالطبيعة والثانية هي العلم للعلم. 12 1
وبذلك نفهم تقدم الذوق على العلم فبعده الأول غاية بعد العلم الأول وبعده الثاني غاية بعد العلم الثاني .فيكون العلم تابعا للذوق بالمعنيين.لكن ما يظهر هو العكس تماما .والعلة هي أن الوسيلة مقدمة على الغاية في تحقيق الغاية وليس في دوافعها :لابد من امتلاك الوسيلة للوصول إلى الغاية.ولهذه العلة فأغلب الساسة يقدمون الوسائل على الغايات لأنها تضمن بقاء السياسي أولا وتمكن من السعي إلى تحقيق الغاية بفن الممكن وتدرج العمل.وأنبه القارئ إلى أن كل ما أعرضه هنا هو من فضل فصلت 53وآل عمران :7فالالتفات إلى الآفاق والأنفس أو عالم الشهادة حصرا أصل كل معرفة علمية.القرآن الكريم لا يحتوي على القوانين العلمية بل على شروط طلبها الصحيح بتحديد الالتفات المطلوب وبتحديد عام لطبيعة قوانين الآفاق والأنفس.فالآفاق هي ما يحتج به القرآن أعني نظام الطبيعة والتاريخ المتشكل في الأعيان ونظام الأنفس بعينها(البدن) وذهنها (الروح) وانعكاس النظامين عليهما.وهو يحدد طبيعة القوانين الطبيعية عامة بأنها رياضية والقوانين التاريخية بأنها رياضية خلقية وقوانين الأنفس بقوانين ما فيها منهما بدنها وروحها.ولذلك فلا ينبغي الخلط بين بحثنا وبين خرافة الاعجاز العلمي :نطلب القوانين من الآفاق والأنفس بالبحث العلمي كما فعل ابن خلدون لا في النصوص.والقرآن وجهنا إلى مجال البحث وطبيعة المبحوث عنه :قوانين رياضية في الطبيعة (بنى لعلاقات بين متغيرات قابلة للعد) وسنن خلقية في التاريخ.والإنسان يقدر على ذلك لأن كيانه مضاعف :فهو بدن قوانينه طبيعية مضطرة وروح قوانينها سنن خلقية حرة والقوانين والسنن تنعكس في الأنفس بالذوق والعلم.فمن يسيطر على الذوق والعلم يصبح سيد التاريخ والطبيعة فيسطر على الآخرين بسيطرته على ما يسدون به حاجاتهم الطبيعية والروحية :إنه منطق السلطة. درسنا منطق السلطة بين دين العجل الذهبي والإسلام: .1هو وما يفرضه نظام العولمة 12 2
.2هو الخيار الإسلامي لتنظيم الحياة الإنسانية في المعمورةاستعملنا نظرية رمز الفعل (العملة والاقتصاد) وفعل الرمز (الكلمة والثقافة) وهذا هو الفصل الأول لدراستها أبعادها ودورها في دين العجل الذهبي. 12 3
نشرع في تحليل أبعاد استعمال الرمزين ودورهما في دين العجل .فالعجل هنا صنم ذهبييحدد طبيعة هذا الدين الذي هو تعين لمفهوم العبادة وسيلة وغاية .وفيه إشارة إلى دينالفراعنة وإلى غاية دالة على علة رفض بني إسرائيل لرسالة موسى .إنه رمز النكوص إلى العبودية السياسية الفرعونية بوصفها دينا.لكنه يستعمل الرمزين في دلالتهما الدينية عامة لأن الكلمة والرقم هما مكونا الخلق والامر فـ\"كن\" و\"بعدد\" مفهومان دالان على الفاعلية القصوى.دين العجل يستعمل مفهومي الفاعلية الدينية مع تحريف الدين .فمن استعمالهما لتحقيق التعالي على الإخلاد إلى الأرض إلى جعلهما أداتي هذا الأخلاد.فتنتقل الكلمة \"كن\" من قضاء خلق الله السامي إلى تضليل الإعلام المتفاني وتنتقل \"بعدد\" من قدر الله السامي إلى استبداد الإنسان المترامي :دين العجل.دين العجل يستعمل فاعليتي الدين القويم بتحريفها وظائفها :الكلمة صارت للتضليل لا للهداية والعملة صارت لربا المستبد لا لربو التبادل التعاوني.وإذن فالأبعاد المطلوب معرفتها هي ابعاد تضليل الإعلام وأبعاد ربا الاعمال :أي أبعاد التلاعب بالمعلومة وبالقيمة في دين العجل أو في العولمة.وحتى نستطيع تحديد هذه الأبعاد ينبغي ألا ننسى أن كلا منهما من مقومات الثاني وقابل للترجمة إليه :المعلومة قيمة والقيمة معلومة :مصدر الأبعاد.التقويم المتبادل بينهما مصدر أبعادهما :بترجمة كل منهما بلغة الثاني التقنية .وأضح الأمثلة :المشتقات في الاقتصاد الحديث واقتصاد المعلومات.فالمشتقات في الاقتصاد ثروة زائفة والضلالات في الثقافة تراث زائف :المشتقات والضلالات هما أداتا العجل الذهبي :دين التحيل المادي والروحي.ولا يمكن لهذا الدين أن ينجح من دون أن يكون في مقومي وجود الإنسان ما يجعله ذا فاعلية لا تكاد تقهر :فاعلية حاجة البدن وحاجة الروح بمستوييهما. 12 4
ذكرنا أن البدن والروح يغتذيان :والغذاء ذو مستويين مادي وروحي .فالبعد الأول من الذوق والعلم مادي لأن الذوق غاية والعلم وسيلتها.والبعد الثاني من الذوق والعلم روحي لأن الذوق طلب الجمال والعلم طلب الحقيقة فيكون طلب الجمال الدافع وطلب الحقيقة الطريق الموصلة إلى الغاية.فيكون الذوق بمعناه المادي (غذاء البدن) والروحي (الجمال غذاء الروح) هو الأساس في علاقة الإنسان بحاجاته الطبيعية والروحية والعلم وسيلتهما.صاحب العجل الذهبي يسيطر على ما يطلبه الذوق بمعنييه فيسيطر على ما يحققه العلم بمعنييه وبالسيطرة على حاجة الذوق وحادة العلم يسيطر على العالم.ولما كان البشر يتفاضلون دنيويا (بعكس الحجرات )13بالثروة والتراث أي بما يملكون من ثروة ومن معرفة فإن العجل الذهبي يتوجه للفاضل والمفضول.والمفضول هو الأكثرية فيسطر عليه بالمستوى الأول من الذوق ومن العلم فيجعله عبد الحاجات الأولية وفي خدمة العلوم التطبيقية المباشرة :العمال.والفاضل بمعيار الدنيا هم الأقلية فيسيطر عليهم بالمستوى الثاني من الذوق والعلم فيجعلها أدوات سلطانه في الإبداع الجمالي والإبداع العلمي.ومن يفهم بالإشارة يدرك من أقصد ويفهم آليات العولمة ومن يسيطر عليها في الخفاء. والأمر ليس مؤامرة لأنه هو ما يحصل فعلا لما نكشف هذه الآليات.فأما الدليل الاول فهو دور التمويل في الإنتاج المادي :فكرة انتاج لسد حاجة +مستهلك يسد حاجته +ممول لجعل الفكرة حقيقة فعلية +عامل +إدارة. فأما الدليل فهو دور التمويل في الإنتاجين الذوقي والعلمي: .1فكرة منتج+ .2مستهلك + .3عامل + .4إدارة+ .5ممول لتحقيق مشروع الإنتاج من النوعين 12 5
نرى بالعين المجردة أن البداية والنهاية في هذه البنية الانتاجية للذوق بمعنييه وللعلم بمعنييه تعود إلى فعل الرمز (الفكرة) ورمز الفعل (المال). 12 6
في الفصل الثالث من مسألة الفاعلية الرمزية أداة للعجل الذهبي سنبحث أخطر مستويات الفاعلية الرمزية ودلالة اعتبار القرآن الربا حربا على الله.ونفس ما قيل عن الربا قيل عن مخالفة الافعال للأقوال لأنها اشد ما يمقته الله .فهما وسيلتا تحريف للدين القيم وعبادة العباد للعباد بدل رب العباد.توظيف العملة أو رمز الفعل وتوظيف الكلمة أو فعل الرمز للعبودية المادية والتضليل الروحي هما جوهر الشرك فالمسيطر بالحاجات يتأله فيستعبد الناس.وعلينا الآن أن نكتشف السر في ذلك .نظرية العملة غير نظرية المالية .فالمالية تابعة لـ\"خلق\" العملة التي يحتاجها التمويل .وخلق العملة عملية معقدة.وذلك لأنها رمز كلي مطلق يمكن من التوسط بين كل الامور التي يتبادلها الناس سواء كانت بضائع أو خدمات ومنها خدمة التمويل التي تجعل العملة بضاعة.لذلك فالعملة بضاعة متعددة الصور للإنتاج الفعلي أو الوهمي :تزييف الصك للمعدن ووزنه ثم سحب العملة الورقية بدون رصد فعلي لسلطة السحب ثم غيرهما.وغيرهما هو أول العملة الكتابية التي قد لا يكون لها ما يقابلها فعليا فتكون خلقا لعملة زائفة الصكوك البنكية صنع لعملة كتابية وقد تكون دون رصيد.وكل الديون خلق لعلمة دون رصيد وهي قد تكون كتابية مسجلة وقد تكون وعودا بين المتعاملين بالثقة دون كتابة وكلها خلق للعملة وتبادل لها للتمويل.وهذه المستويات الخمسة لخلق العملة هي أداة لا يمكن تصور الاقتصاد الحديث من دونها وهي أهم أدوات السيطرة على الاقتصاد الحقيقي وعلى البشر.وأغلب المشتقات في الاقتصاد الحديث متاجرة بهذه العملية من أجل خلق ثروة وهمية هي التي تحدث تضخما في الاقتصاد لا يعكس حقيقته كثروة فعلية.وكل ما قلناه عن العملة يقال عن الكلمة فعل الرمز .فالإعلام التضليلي مثل الاقتصاد الربوي بالعملة فعل الرمز: 12 7
.1تحريف الثروة .2وتحريف للتراثفمبدع المعلومة الحقيقية قليل بالقياس إلى مبتدع المعلومة المزيفة .وإنتاج المعلومة أو الكلمة عملية معقدة مثل انتاج العملة بالمستويات الخمسة.ذلك أن رصيد الكلمة هو صحة المعلومة .ومنتجو الكلمة مثل منتجي العملة يمكن تقسيمهم إلى من له رصيد ومن لا رصيد له .والعلاقة بالرصيد هي الأساس.المعدن في العملة يناظره الفعل في الكلمة .وتلك علة تعيير الشعر بالتمييز بين من فعله مطابق لقوله (صاحب رصيد) والعكس (بلا رصيد).ثم يأتي مستوى العملة الورقية ويناظره الكلام المبني على الثقة بسلطة القائل ثم كلام ما صارمن التراث ولو بدون رصيد ثم كلام أي مشهور كالصكوك.لذلك فسلطان العجل الذهبي مبني على تضخمين من الاقتصاد والثقافة الزائفين وكلاهما يدين بوجوده للخوف من مستقبل سد الحاجات المادية والروحية.والمعلوم أن ابن خلدون في الباب الأول من المقدمة اعتبر اساس العمران المادي جغرافيا طبيعيا وأساسه الروحي هو تاريخيا روحيا يوحدهما خوف الندرة.والندرة تتعلق بالذوق بمستوييه وبالعلم بمستوييه والمستوى الأول منهما هو أصل الاقتصاد والمستوى الثاني منهما هو أصل الثقافة .والخوف علة التضخم.فالخوف من الندرة في المستقبل هو علة وجود الاقتصاد والثقافة أو الثروة والتراث بالتخطيط للمستقبل عملا وعلما وبالتضخم والاحتكار والتبذير.وأخيرا فأهم مجالات التضخم في الثقافة المزيفة هو الإعلام السياسي والتجاري أو البروباجندا السياسية والإشهار التجاري للإنتاجين في العولمة. 12 8
بقي فصلان في الكلام على دين العجل الذهبي: -فصل للربا أو تبضيع العملة في خدمة التضليل الاقتصادي. -فصل بتبضيع الكلمة في خدمة التضليل الثقافي.رأينا أن المحرك في الحالتين هو الذوق بمستوييه والعلم بمستوييه والمستوى الأول منهما كلهما هو محرك الاقتصاد خاصة والثاني منهما الثقافة خاصة.وعبارة خاصة تعني أن من حيث العلاقة المباشرة .لكن المحركين متفاعلان لأن المستويات في علاقة الغاية بالوسيلة :الذوق غاية والعمل وسيلة فيهما.والسيطرة على الذوق بمستوييه يحتاج للسيطرة على العلم بمستوييه ومن ثم فالبلاد التي تدين بدين العجل تحتاج إليهما :المثال هو أمريكا وإسرائيل.وهو سلطان لا تحده حدود البلدين بل هو منتشر في العالم كله وذلك هو مصدر سلطانه العالمي .فآليات عمله هي آليات القوة المادية والرمزية الدنيوية.وذكر المثالين سيساعد القارئ الذي قد تنقصه الخبرة في علم الاقتصاد وعلم الثقافة وآلياتها التي حللناها بردها إلى عاملين :رمز الفعل وفعل الرمز.لكن هذا الرد متصل بكل النظريات التي تؤسسه أعني نظرية الأحياز ونظرية المعادلة الوجودية وخاصة فلسفة التواصل ونظرية الوسميات أو السيميوتكس.لأن هذه النظريات هي التي تمكن من فهم القرآن وفلسفة المدرسة النقدية العربية التي أهمل دورها بسبب سواد العلوم والأعمال الزائفة علة الانحطاط.وشرط الشروط كلها هو العمل بتوجيه القرآن في فصلت 53وآل عمران 7ليتجه فكر الأمة إلى البحث العلمي الذي يطلب قوانين الطبيعة وسنن التاريخ منهما.هذا الفصل الرابع أخصصه لاستعمال العجل الذهبي لرمز الفعل (العملة) باستبضاعها في خدمة التمويل التي تجمع القوة الاقتصادية بأيدي أصحاب البنوك. 12 9
وهذا هو مفهوم \"الربا\" الذي يرفضه الإسلام وهو أكثر تعقيدا مما فهمه أصحاب البنوك الإسلامية التي هي بدورها لا تقل ربا عن البنوك العادية.فهي تجعل رمز الفعل بضاعة شارطة لخدمة تمويل الاقتصاد سلطانا للخواص الذين لن يكون سلوكهم مختلفا عن سلوك أصحاب البنوك الاخرى :استبعاض العملة.واستبعاضها هو الذي يحولها إلى ربا بما يتولد عنها من سلطان البعض على البعض ومن مشتقات هي أصل كل الاقتصاد الوهمي الذي يضخم ثروة أصحاب العجل.الربا الذي يرفضه القرآن يجعل فردا عبدا لفرد بواسطة باستبضاع العملة .إنه الذراع الأولى لدين العجل الذهبي وطبعا تعميمه في الاقتصاد الحديث.أما تمويل الاقتصاد بدون هذه العلاقة المباشرة بين دائن ومدين فيمكن أن يتحرر من هذه الوظيفة الربوية :إذ يصبح ادخار الجماعة لتمويل استثمارها.في هذه الحالة يمكن للجماعة أن تضع أحكاما تحول دون العلاقة المباشرة بين دائن ومدين فحقيقتها علاقة ادخار حاضر الجماعة من ثمرة عملها بمستقبلها.وكيفيات تزييف العملة بأشكالها (العامة كسحب الأوراق بلا رصيد والخاصة كالصكوك دون رصيد) وبالمشتقات تعود لاستبضاع العملة في خدمة التمويل.والجميع يعلم الأهمية التي يوليها الإسلام إلى مسألة التطفيف ومسألة المكاييل والموازين وخاصة مسألة حماية العملة من التزييف معدنا ووزنا.وابن خلدون نبه إلى ضرورة حماية العملة من التزييف بمبدأ استقلال صك العملة (البنك المركزي) عن السلطان(تنفيذ) بضمها للخليفة (تشريعية ورمزية).تمويل الاستثمار ضرورة اقتصادية .تحريرها من البنوك الخاصة يوجب سلطة لادخار حاضر الجماعة لتمويل مستقبلها في اقتصاد اجتماعي تضامني للأحرار. 12 10
الفصل الخامس لتبضيع الكلمة في خدمة التضليل الثقافي .فاستبضاع الكلمة في الثقافة والغذاء الروحي يناظر استبضاع العلمة في الاقتصاد والغذاء المادي.وهو توظيف لمستويي الذوق (الغذاء المادي والغذاء الروحي للذوق) ومستويي العلم (العلوم التطبيعية والعلوم الاساسية) لتحقيق أهداف دين العجل الذهبي.وأهداف العجل الذهبي هي جعل استعمار الإنسان في الأرض معارضا لقيم استخلافه. ومن يسعى للاستخلاف من دون التعمير يكون في الغاية بعدا لأصحاب العجل.ومعنى ذلك أن كل من يتصور أن الإسلام يعارض الاستعمار في الأرض بدعوى الاستخلاف لن يكون في النهاية إ ّلا تابعا لأصحاب العجل الذهبي .والعلة بينة.فلا يمكن الانتقال من مستوى الذوق الأول إلى مستواه الثاني ومن مستوى العلم الأول إلى مستواه الثاني من دون تحقيق ما يسده الأول في الحالتين.من لم يسد حاجة الذوق المادي لن يشرئب للذوق الروحي إلا كأعمال زائفة .ومن لم يسد حاجة العلم الأول لن يشرئب لحاجته الروحية إلا كعلوم زائفة.الإبداع الجمالي والإبداع العلمي مشروطان بسد الحاجات الأولية للذوق المادي والعلم المادي أي غذاء البدن والبحث البدائي عن هذا الغذاء المادي.من ذلك أن أرسطو يفسر اكتشاف رجال الدين في الدولة المصرية للنظريات الرياضية بتفرغهم إلى البحث العلمي الأساسي وسد الدولة حاجاتهم الأولية.وما نريد دراسته هو التضليل الثقافي بفعل الرمز (الكلمة) المناظر للتضليل الاقتصادي برمز الفعل (العملة) .والتناظر بينهما تام لملازمته تفاعلهما.فالتضليل بفعل الرمز هو الذي يمكن من تضخيم الحاجات الأولية لأنه ينتج بتوظيف الإعلام والاشهار حاجات يجعلها أولية من أجل التضليل الاقتصادي.لم يبق الاقتصاد والثقافة سدا للحاجات الذوقية والعلمية بمستوييهما الحقيقيين :صار علة نوعين من الترف مضاعفين :ودوره في القرآن وفي المقدمة معلوم. 12 11
وهما السر في \"التبذير\" الذي يعتبر القرآن أصحابه من اخوان الشياطين وهو سر حرمان الأغلبية من أجل الاقلية وسر تصحير الأرض بدل تعميرها وحفظها. وإذن فالتضليل بالكلمة أو الإعلامي عامة ذوقيا وعلميا: .1يعمي عن الاخطار الناتجة عن التبذير. .2ويعمي عن سلامة الذوق وسلام العلم بمستوييهما.وإذن فالذوق بمستوييه أصبح أداة وليس غاية من حيث الدوافع والعلم بمستوييه أصبح أداة وليس غاية من حيث الوسائل لتدمير الإنسانية ماديا وروحيا.ولعل أفضل مثال يتعين فيه هذا الخطر المضاعف :هو مصدر الحياة السليمة إلى مآل التجدد الطبيعي في ثروات العالم والتجدد العضوي في أحياء العالم.فاستبضاع الذوق بمستوييه هو أصل الترف وهو يؤدي إلى جعل الشعور باللذة من جنس جرب أفلاطون :فالمبذر مثل الأجرب لا يتوقف عن الحكاك.وذلك ينطبق على صفات الأنسان الخمس :إرادته وعلمه وقدرته وحياته ووجوده. يريد فيها جميعا الزيادة المطردة بلا توقف فيهدم كل شيء من حوله.وأبرز شيء هو الجنس في هذا النظام :فهو يفصل نهائيا عن وظيفته العضوية ولا يبقى منه إلا الالتذاذ فيصبح الفرد عازفا عما عداه ولا تتجدد الأجيال.وتطور هذه الظاهرة يعرض منها القرآن المثلية في سورة لوط .وهي من الظاهرات التي تتكاثر ثقافيا رغم أن منها ما هو عضوي لأن الأجناس خمسة وليست اثنان.فالأصل نفس واحدة ومنها جنسان ذكر وأنثى (النساء )1وكلاهما يتضاعف بمثلية طبيعية لا ثقافية لكن دين العجل يجعلها ظاهرة ثقافية تعم بالتدريج. 12 12
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 18
Pages: