Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore مافية الانقاذ - أبو يعرب المرزوقي

مافية الانقاذ - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-04-03 15:34:52

Description: مافية الانقاذ - أبو يعرب المرزوقي

Search

Read the Text Version

‫مافية الإنقاذ القسم الأول ‪1 .......................................................................................‬‬‫مافية الإنقاذ القسم الثان‪3 ........................................................................................‬‬



‫جبهات الانقاذ العربية في طبعتها جربت في مصر فكان السيسي وجربت في تونس فكان‬ ‫السبسي‪.‬‬ ‫ويبدو أن الطبعتين أثبتتا نجاحا منقطع النظير بدليل طبعة ثانية‪.‬‬‫لن أسأل عما ينقذونه ولا مم ينقذونه فالنجاح الباهر في مصر وفي تونس كاف وزيادة‪.‬‬ ‫ما أريد بيانه هو طبيعة المنقذين ولصالح من يتحركون وما أفقهم؟‬‫عادة الطبعة الثانية تتضمن تصحيحا للطبعة الأولى ومن ثم فالبرنامج واحد والسعي‬ ‫هو لإصلاح أخطاء الطبعة الأولى ومراجعة سياسة التسويق بوجوه جديدة‪.‬‬‫وسياسات التسويق الحديثة‪-‬ذلك أن معركتهم تجري باسم الحداثة‪-‬تقتضي توظيف‬ ‫المرأة الفاسدة والمال الفاسد والمخابرات التابعة لمواصلة مهمة التحضير‪.‬‬‫بهذا التعريف يمكن القول إن جبهات الإنقاذ تمثل الطبعة الثانية من مواصلة سياسة‬ ‫التحضير المستبد ولذلك فأصحابها في تونس يدعون بورقيبية محدثة‪.‬‬‫والمعلوم أن دعوى الإنقاذ الأولى أو انقلاب ابن علي كانت محاولة لإنقاذ إفلاس‬ ‫البورقيبية الأولى وعجزها في مهمة التحضير الاستعمارية‪ :‬ثورة الشباب‪.‬‬‫والمعلوم أن دعوى الانقاذ الثانية مشلولة لأن السبسي ونظامه أفلس إذ بدأ بما انتهى به‬ ‫نظام بورقيبة مع ما انتهى به نظام ابن علي‪ :‬حرب المافيات‪.‬‬ ‫جبهة الانقاذ الثالثة هي محاولة انقاذ الانقاذين السابقين‪:‬‬‫ما فشل فيه بورقيبة وما فشل فيه ابن علي وما فشل فيه السبسي لن ينجح فيه فروخ‬ ‫العمالة‪.‬‬‫وما يعنيني ليس الكلام على هذه المحاولة الثالثة بل على علل الفشل الذي بقيت نفسها‬ ‫في البورقيبية الأولى والابن علوية والسبسية‪:‬‬ ‫ما الذي يعوقهم؟‬

‫وطبعا ليس قصدي مساعدتهم لذواتهم بل مدهم بفرصة مراجعة أنفسهم لعلهم يعقلون‪.‬‬ ‫ذلك أنهم لن يستطيعوا واحدا في المائة مما حاوله كبار الحركيين قبلهم‪.‬‬ ‫وسأبدأ بشعاراتهم القولية قبل الكلام على منجزاتهم الفعلية‪.‬‬ ‫وأصل شعاراتهم كلها هو \"نموذج العيش \"والتنافي المزعوم بين الحداثة والإسلام‪.‬‬ ‫فهذان الأصلان بحد ذاتهما يحولان دونهم وأي نجاح ممكن‪:‬‬‫فهبنا سلمنا لهم بأن نموذج العيش الذي يريدونه مغر فهل لهم القدرة على تمكين الشباب‬ ‫منه؟‬‫فهو نموذج مكلف وهم لا يستطيعون تحقيق إلا فترينة منه كما فعل بورقيبة بشرط إهمال‬ ‫بقية الشعب أي تسعين في المائة منه‪:‬‬ ‫هذا ممكن بالدكتاتورية فحسب‪.‬‬ ‫مطلبهم متناف مع أدنى حد للديموقراطية بعد ثورة الشباب‪.‬‬‫ومسموعيتهم رهن عمل الحزب الذين يتحدون ضده بدعوى إنقاذ تونس منه بهذه‬ ‫الورقة الحاسمة‪.‬‬ ‫أما الشعار المترتب عليه فهو دعوى الحداثة والتنوير في مقابل الإسلام والظلامية‪.‬‬ ‫كون تصورهم رهن العنف والدكتاتورية يلغي دعوى الحداثة والتنوير‪.‬‬‫ولكن فلنفرض أن موكليهم قد يساعدوهم على توسيع الفترينة لتشمل خمسة في المائة‬ ‫إضافية من العملاء والازلام فما علاجهم لأمية تابعيهم وكلبيتهم؟‬‫لم أر من بين تابعيهم من يمكن أن يدعي أنه بحق يمثل قيم الحداثة والتنوير فضلا عن‬ ‫شروطها النظرية والعملية‪ :‬فهذه كلها صارت بحق في صف الإسلاميين‪.‬‬‫مشكلهم أنهم يتوهمون أن الإسلاميين اليوم في نسبتهم إليهم ما زاولوا في نسبتهم لما‬ ‫استولى بورقيبة على الحركة الوطنية‪ :‬الدروشة والتخلف في صفكم‪.‬‬‫فلا يمكن بالانتهازيين والمراهقين الذين لا تتجاوز مستوياتهم كتابة التقارير للمخابرات‬ ‫أن تكون أحزابا سياسية والاتحاد تعلم الدرس‪ :‬سيعود حشاديا؟‬ ‫لم يعد وجود للعاشورية التي أنقذت بورقيبة والحسينية التي أنقذت السبسي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫تعلم النقابيون أن مستقبلهم مع الشعب حشاديا لئلا يغرقوهم الحركيون‪.‬‬‫كانت تبعية لفرنسا وهي اليوم تبعية تجمع بين فرنسا وكل أعداء الثورة من أنظمة‬ ‫العرب العسكرية والقبلية ونظام الملالي وإسرائيل لإفشال الثورة‪.‬‬ ‫والثورة لها بعدان‪:‬‬ ‫*مباشر هو الحرية والكرامة‬‫*وغير مباشر هو شروطها وأهمها المصالحة مع الذات والتحرر من التبعية لمهمة التحضير‬ ‫الاستعمارية‪.‬‬ ‫الثورة جمعت بين مستوين‪:‬‬ ‫*مباشرة هو حقوق الإنسان‪.‬‬ ‫*وغير مباشر هو كيان الإنسان‪.‬‬ ‫فلا معنى لحقوق الإنسان من دون استرداد مقومات الكيان والوجدان‬‫لذلك فمن تكونون جبهة إنقاذ ضده لا يحتاج لعناء كبير حتى لا يبقي لكم إلا فتات‬ ‫الحركيين والعملاء من مرتادي السفارات والخمارات وتجار المخدرات‪.‬‬‫والشرط الوحيد الذي ينبغي تحقيقه لهزيمتكم النكراء عدم تخلي قيادات الاستردادين‬ ‫عن بعدي الثورة‪:‬‬ ‫مقومات الكيان وحقوق الإنسان بقيادة شباب الثورة‪.‬‬‫وإذا لم تحقق الاحزاب الأصيلة هذا الشرط فهي قد قدمت العاجل على الآجل طمعا في‬ ‫الرئاسة ومقاسمة المافيات الذين يريدون ترذيل الثورة والسياسة‪.‬‬ ‫لن أسمى أحدا ممن رأيت في الصورة الجماعية لأدعياء الانقاذ‪.‬‬‫أعرف جلهم وأعرف أنهم من الرحالة بين الأحزاب ومنهم من سماهم أحد الممولين‬ ‫بالكلاب‪.‬‬ ‫كما أن لن أسمى الأحزاب التي يستهدفها هذا الانقلاب الداخلي في النداء‪.‬‬ ‫فمنهم من يمكن أن يكونوا صادقين ممن اعتزلوا انحرافات الدستور الأول‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫فهؤلاء هم من اعتبرتهم مثل الإسلاميين من شجرة واحدة هي التي كانت تؤمن بالمصالحة‬ ‫بين الأصالة والحداثة ثم انقسمت بالمزايدة والاغراء الاستعماري‪.‬‬‫وهؤلاء مع الإسلاميين واليساريين والقوميين والليبراليين الذين يؤمنون بأن تونس‬ ‫يمكن أن تحقق في آن مقومات الكيان وحقوق الإنسان فتعيش في أمان‪.‬‬‫فإذا تم ذلك حتى لو كانت قلة الدستوري واليساري والقومي تجمع بين هذين البعدين‬ ‫فإن اجتماعهم مع الإسلاميين شرط الانقاذ الحقيقي من المافيات‪.‬‬ ‫فالخطر الإرهابي فرع من الخطر المافياوي وليس العكس‪:‬‬‫هو من أدوات المافية الداخلية وموظفيها من الخارج للتهريب والتهرب ولخدمة أجندات‬ ‫الأعداء‪.‬‬ ‫من دون هذه الجبهة تونس مقبلة على سواد‪.‬‬‫فليبادر أكبر حزب مستهدف حاليا والقلة من الدساترة واليسار والقوميين والليبراليين‬ ‫بمشروع الإنقاذ بحق‪.‬‬‫كل طمع في مواصلة المشاركة الذليلة في حكم آيل إلى السقوط لن تجدي نفعا فجبهة‬ ‫اللصوص والعقوق تستعد للانقلاب على حقوق الشعب واستحقاقات الثورة‪.‬‬ ‫‪4‬‬





‫بينت أمس أن جبهات الانقاذ التي عرفتها بلاد العرب عامة وتونس خاصة مشاريع‬ ‫مشبوهة لإنقاذ أنظمة الاستبداد والفساد من كل سعي لاسترجاع السيادة‪.‬‬ ‫وقد بينت أنها في تونس مرت بأربع مراحل‪:‬‬ ‫▪ اثنتان في عهد بورقيبة‪.‬‬ ‫▪ واثنتان في عهد ابن علي‪.‬‬ ‫▪ والخامسة هي الجارية حاليا‪:‬‬ ‫وكلها لمنع سيادة الشعب‪.‬‬ ‫فعهد بورقيبة بدأ بإنقاذ عاشور وانتهى بإنقاذ ابن علي‪.‬‬‫وعهد ابن علي بدأ بإنقاذ جعل شاهد الزور الأول رئيسا وانتهى بإنقاذ شاهد الزور‬ ‫الثاني‪.‬‬‫وإذن فثورة الشباب التي خانها الجميع تعيش في ظل نظام أسوأ من نظام ابن علي‬ ‫وبورقيبة لأن المافيات التي كوناها تستفيد من فقدان الثورة للقيادة‪.‬‬‫جبهة الإنقاذ الحالية ‪-‬الخامسة‪ -‬تبحث عن قيادة للثورة المضادة ظنا أن النهضة يمكن‬ ‫أن تستفيد قبلها من غياب القيادة الثورية لما لها من انضباط‪.‬‬‫وقد يغري ذلك النهضة فتتوهم القدرة على هذه المهمة وتتناسى الشرطين اللذين حذرت‬ ‫منهما من البداية‪ :‬مقومي السياسة السابقة الداخلية والخارجية‪.‬‬‫▪ فداخليا لن يسمح لها بالحكم ما لم تقبل مواصلة الارتهان للتعبية الاقتصادية‬ ‫والثقافية‪.‬‬ ‫▪ وخارجيا لن يسمح لها بالحكم ما لم تقبل التطبيع مع إسرائيل‪.‬‬‫يضاف إليه أن التجربة الأولى التي غامر بعض العلمانيين مشاركتها في الحكم فيها كانت‬ ‫فاشلة لأنها لم تقويهما بل قضت عليهما بقصر نظر زادت في عزلتها‪.‬‬

‫كما أن ضيق الأفق في صوغ دستور من جنس اللاهوت السلبي كل ما فيه يتحدد بالسلب‬‫فلا هو علماني ولا هو إسلامي ولا هو برلماني ولا هو رئاسي ‪ -‬دستور \"مرقة صفاقسية\" كل‬‫شيء ولا شيء ‪ -‬ولد نظاما سياسيا كسيحا وتفتيتا ترابيا بلا مركزية في دولة اقل من بلدية‬ ‫ستضاعف كلفة الإدارة فيها وهذا فوق طاقة بلاد مفلسة‪.‬‬ ‫وإذن فينبغي الاعتراف بأن البلاد فعلا بحاجة إلى جبهة إنقاذ من هذه الأدواء‬ ‫وأولها فك العزلة عن الإسلاميين بمصالحة حلفائها في التجربة الأولى‪.‬‬ ‫وينبغي أن تكون جبهة الإنقاذ جبهة ذات برنامج محدد‪:‬‬‫إصلاح الدستور فتونس ليست بريطانيا لتكون ذات نظام برلماني ولا هي الصين لتحتاج‬ ‫للامركزية‬‫وسكان تونس أقل من نصف القاهرة لكنها نهبة لـمائة وأربعين \"نيش\" لمن سماهم أحد‬ ‫ممولي بعضها كلابا سائبة مقابل كلاب سائبة‪:‬‬ ‫من يصدق أن ذلك ولاء للوطن؟‬‫فإذا لم نتدارك هذه الأخطاء فستبقى ثورة الشباب بلا قيادة يتناهبها من نراهم يغرقون‬ ‫البلاد في المعارك الجانبية خطة غير مكلفة للثورة المضادة‪.‬‬ ‫سيعاب علي المضمر أكثر من الصريح في هذا الكلام‪.‬‬ ‫لذلك فلأعلنه‪:‬‬ ‫الثورة المضادة لا تحارب النهضة لذاتها بل لأنها ترى فيها قابلية ما لسد الفراغ‬‫فهي التي ترشحها للقيادة حتى وإن كان لا شيء يثبت هذه الفرضية لأن الأمر لا يقاس‬ ‫بالعدد ولا بالانضباط بل بشروط تاريخية لعلها دولية قبل كل شيء‪.‬‬ ‫فالنهضة في تونس ليست أكبر عددا ولا انضباطا من الاخوان في مصر‪.‬‬‫لذلك فلن يعيي الثورة المضادة تحقيق ما حققته في مصر بانقلاب ليس دمويا بالضرورة‪.‬‬ ‫وما سياسة التعفين الجارية إلا لجعل ذلك يبدو طبيعيا عند الحاجة إليه‪.‬‬ ‫لذلك ففشل جبهة الانقاذ الحالية الذي هو شبه أكيد يمكن أن يكون مقدمة له‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ومن ثم فإذا لم يتم تدارك ما كان ينبغي تداركه في التجربة الأولى فإن ثورة الشباب‬ ‫ستبقى دون قيادة وينفرط عقدها لكثرة الزعامات والكابورالات‪.‬‬‫واطمئنان قيادات أكبر حزب تصرح جبهة الانقاذ الحالية والجبهة الشعبية وحتى‬ ‫الناقمين من أصحاب التجربة الأولى مع النهضة اعتبره تخديرا ذاتيا‪.‬‬‫ذلك أن خطة الستريب تيز الإيديولوجية لم تقنع أحدا وهي لن تجعل الإسلاميين ذوي‬ ‫جاذبية ما لم يكن للسياسي دلالته الفعلية في المرجعية الفزاعة‪.‬‬ ‫فالمرجعية صارت فزاعة لأنها استعملت بصورة أفسدت السياسي والدين في آن‪.‬‬ ‫فالتعامل مع علاقتهما بالتمانع دليل عدم فهم طبيعة الجمع الجذاب بينهما‪.‬‬‫فإذا لم يكن السياسي مجال الأدوات والديني مجال الغايات أصبح السياسي حشريا في‬ ‫العبادات والديني في الخدمات ففقد كل منهما دوره في المهمات‪.‬‬‫وبذلك لا يبقى للأحزاب الإسلامية من فاعلية رمزية إلا في العبادات لكأن سياسة الإسلام‬ ‫تقلب العلاقة بين الدنيا والآخرة فتجعل هذه في خدمة تلك‪.‬‬‫فبدلا من جعل النجاح الدنيوي ‪-‬الاستعمار في الارض‪ -‬أداة ترغيب في النجاح الأخروي‬ ‫‪-‬الاستخلاف‪ -‬تعكس الحركات الإسلامية فتتحول إلى كنسية مقيتة‪.‬‬ ‫فمعيار ما يجري في السرائر والإيمان لا يعلمه إلا الله‬‫والمعيار الوحيد للسياسة حتى في عهد الراشدين هو تحقيق أفضل شروط الاستعمار في‬ ‫الارض‪.‬‬‫أما وصل ذلك بالمعيار الباطن فهو ليس من مهام السياسة بل من مهام التربية بصنفيها‬ ‫النظامي في المنظومة التعليمة واللانظامي في المجتمع الاهلي‪.‬‬ ‫وهذا لا يسمى فصلا بين السياسي والدعوي‪.‬‬‫فما من سياسي إلا وله دعوي يخصه أي سعي لنشر خيارات السياسية أيا كانت مرجعيتها‬ ‫المتعينة في غاياتها‪.‬‬ ‫والغايات دائما قيمية بسند الحجة العقلية أو العظة الدينية‪.‬‬ ‫وفي السياسة يمكن للعظة الدينية أن تتوسط الحجة العقلية التي تعود إلى المصلحية‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫ذلك أن ما يعني الناخب ليست العظة الدينية بل المصلحة الدنيوية‬ ‫وطبعا لن يخفى عنه أنه يعتبر تلك زيادة خير لكنه لن يرضى بها بديلا من مصلحته‪.‬‬‫ومن ثم فالمرجعية إذا كانت دينية فينبغي أن تترجم في الاستراتيجية السياسية إلى ثمرة‬ ‫الغايات الدينية من مصالح دنيوية لتطور الجماعة التاريخي‪.‬‬‫ليس من وظيفة الأحزاب أن تتحول إلى حركة دعوة للقيام بالفرائض التعبدية بل‬ ‫وظيفتها أن تحقق بعملها وسلوكها ما يلزم عن التقوى في المعاملات‪.‬‬ ‫عندئذ يمكن للإسلاميين أن يصبح لهم برنامج سياسي جذاب‪.‬‬‫أما خطة الإخوان بالخدمات فهي رشوة تجعل الجماعة عالة على الصدقة بدل الإبداع‬ ‫والإنتاج‪.‬‬ ‫والرشوة تولد التنافس على شراء الضمائر‬ ‫فيكون الجذب لمن يدفع أكثر‬ ‫وتكون الثورة المضادة الأقدر لأن الانظمة العميلة تمولها والاستعمار يسندها‪.‬‬‫والسياسة لا تحتاج لفقيه ولا لمفتي ولا لخطيب جمعة بل لعالم في الاقتصاد والسياسة‬ ‫وتنظيم الحياة وقيادة الاستعمار في الأرض رعاية وحماية للجماعة‪.‬‬‫ولا نحتاج لفتاوى حول التوفيق بين الإسلام والديموقراطية كما لم تحتجه المسيحية‬ ‫الديموقراطية‬ ‫فيكفي بيان ذلك في السلوك والتنمية الجامعة بينهما‪.‬‬‫كل الخطاب التقليدي والتبريري لم يعد ضروريا في الجمع بين السياسي والديني لأنه‬ ‫في السياسي ليس التعبدي إنه المعاملاتي بقيم حقوق الإنسان‪.‬‬ ‫كل ما عدا ذلك دجل وخطاب لا يغير من السلوك‪.‬‬‫لما كان المسلمون مسلمين بحق كان سلوكهم كافيا لأن تسلم قارات وشعوب دون حروب كما‬ ‫في جنوب شرق آسيا‪.‬‬‫أما ولم يبق من الإسلام إلا الكلام فإن كثرته لن تزيد الناس إلى هروبا خاصة والذين‬ ‫يدعون التأصيل هم أكثر الناس تشويها للدين حربا على الرسالة‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫ليس الشعب التونسي بحاجة للتأصيل ولا للتحديث فكلا الصفين بهذه الشعارات هم‬ ‫مصدر حرب أهلية هي حرب بين كاريكاتورين من النقل والعقل في آن‪.‬‬‫إذا حصل وأصبحت الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية جذابة دون حاجة للمبالغة في‬ ‫استغلال الدعوة والرشوة أمكن لنا أن نمر لشروط التنافس الأهم‪.‬‬‫سمعت اليوم حمة الحمامي من الجبهة الشعبية ورئيس الحزب الاشتراكي في جبهة الانقاذ‬ ‫الخامسة يدعون فقدان النهضة للعلماء والفنانين والمفكرين‪.‬‬‫من يسمع مثل هذا الخطاب الذي يتردد كثيرا عند أدعياء الحداثة يتصورهم أحزابا‬ ‫تعج بالعلماء والفنانين والمفكرين‪.‬‬ ‫والجميع يعلم من يمثلون ذلك لديهم‪.‬‬‫فمجرد كلامهم هذا استنادا إلى ما عندهم يعني أنهم لا يفهمون معنى علماء وفنانين‬ ‫ومفكرين‪.‬‬ ‫فعلماؤهم خرافون وفنانوهم زطالون ومفكروهم مشعوذون‪.‬‬ ‫وليس لهم ما يذكر في هذه المجالات إلا ما يعود إلى أهم جامعة قتلتها حداثتهم‪.‬‬ ‫فتحرير المرأة وتأسيس النقابة والرياضة وحتى الاحزاب كلها زيتونية‪.‬‬‫واليوم لو قارنت أي حزب يدعي الحداثة بأي حزب يتهم بالرجعية من الإسلاميين لوجدت‬ ‫أن الاخير أفضل ألف مرة من الأول من حيث تكوين الإنسان الحديث‪.‬‬‫مشكلهم أنهم مازالوا يتصورون الإسلاميين كما كانوا لما تخرجت أول دفعة من المبتعثين‬ ‫كما فعل جيل بورقيبة‪.‬‬ ‫الآن الإسلاميون هم الحداثيون‪.‬‬‫فإذا ابتعدنا على إيديولوجية الحداثة وتكلمنا على شروطها العلمية والتقنية‬ ‫والانضباط الخلقي والسلوكي لبناء الحضارة وجدنا ذلك بين الإسلاميين‪.‬‬ ‫ما عند الحداثيين العرب هو مبتذلات نمط العيش الغربي من دون شروطه‪:‬‬ ‫هي محاكاة قردية لبذخ مقابل شروط الحرية والكرامة ليرضى عنهم مستعبدهم‪.‬‬ ‫‪7‬‬



‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬



‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook