Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore قضية التعبير بجدل القضايا المنطقية على حقيقة الوجود - الفصل الثالث - أبو يعرب المرزوقي

قضية التعبير بجدل القضايا المنطقية على حقيقة الوجود - الفصل الثالث - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-04-22 08:54:15

Description: بينا أن الوعي بالفرق بين الوجدان وقدرة التعبير الإنساني عنه أو الوعي بما لا يقال مما ندرك هو المستوى الأول من الوعي الديني أساس الإبداعين.
فيكون الوعي الديني مفهوما معقدا مؤلفا من مقارنة بين إرادة الإنسان التعبير عما يجد في وعيه وقدرته عليه اكتشف بفضلها قصور الثانية دون الأولى.
ويمكن القول إن ديكارت قد انطلق من هذه المقارنة في المستوى الثاني من الوعي الديني إذ هو اكتشف أن العلم قاصر دون الإرادة في الحكم دائما.
وهذا القصور الثاني المتعلق بالمعرفة يتعلق بمستوى ثان هو مستوى معرفة الوجود فوق مستوى التعبير عن الوجدان والوعي بالقصورين وعي بالحد وما بعده.

Search

Read the Text Version

‫الأسماء والبيان‬



‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬ ‫الوعي الديني من منطلق اكسيولوجي‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الوعي الديني من منطلق ابستيمولوجي‬ ‫‪3‬‬ ‫هدوء تناغم الفرق وهيجان فرق التناغم‬ ‫‪4‬‬ ‫بنية الرسالة الواحدة بمفهوم القرآن‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫العلم والوجود من منظور المدرسة النقدية العربية‬



‫بينا أن الوعي بالفرق بين الوجدان وقدرة التعبير الإنساني عنه أو الوعي بما لا يقال‬ ‫مما ندرك هو المستوى الأول من الوعي الديني أساس الإبداعين‪.‬‬‫فيكون الوعي الديني مفهوما معقدا مؤلفا من مقارنة بين إرادة الإنسان التعبير عما يجد‬ ‫في وعيه وقدرته عليه اكتشف بفضلها قصور الثانية دون الأولى‪.‬‬‫ويمكن القول إن ديكارت قد انطلق من هذه المقارنة في المستوى الثاني من الوعي الديني‬ ‫إذ هو اكتشف أن العلم قاصر دون الإرادة في الحكم دائما‪.‬‬‫وهذا القصور الثاني المتعلق بالمعرفة يتعلق بمستوى ثان هو مستوى معرفة الوجود فوق‬ ‫مستوى التعبير عن الوجدان والوعي بالقصورين وعي بالحد وما بعده‪.‬‬‫لذلك فالمقارنة بين الإرادة والقدرة في التعبير تصبح كذلك بين الإرادة وبقية الوظائف‬ ‫التي يتقوم بها وجود الإنسان‪ :‬مع علمه وقدرته وحياته ووجوده‪.‬‬‫والجمع بين هذه المقومات المشتركة في خاصية حصولها الفعلي دون ممكنها يجعل ممكن‬ ‫الوجود المطلق دائما أوسع من حاصل الوجود النسبي فيها جميعا‪.‬‬‫والإنسان بمجرد وعيه بذاته مريدة وعالمة وقادرة وحية وموجودة وكلها صفات محدودة‬ ‫كلها واعيا في آن بكائن له نفس الصفات لكنها غير محدودة‪ :‬لا متناهية‪.‬‬‫والوعي بهذا الفرق المخمس لم يعد كما في حالة المستوى الأول ضمن مقارنة صفات‬ ‫الإنسان بعضها بالبعض واكتشاف تفاوتها بل بينها وبين الممكن إذ يطلق‪.‬‬‫وإذن فالأمر يتعلق بمنطق الجهات في ذاته وليس بحال نفسية كما يدعي من يتصور‬ ‫الكائن الذي يصل إليه الفكر في المقارنة الثانية هو مجرد استكمال وهمي‪.‬‬ ‫‪71‬‬

‫فكرة الاستكمال الوهمي الذي يقول به بعض تلاميذ اليمين الهيجلي تبقى المسألة في‬ ‫الإطار النفسي قد تقبل في المستوى الأول كما يتوهم كل ملحد‪.‬‬‫لكن المقارنة بين الصفات الخمس في الحاصل الإنساني من حيث هي علاقة بين الممكن‬ ‫المطلق والحاصل منه يضعنا أمام وجهي مفهوم الممكن بإطلاق‪.‬‬‫وتحليل \"الجهات\" الوجودية يبين أن جليل الكلام ممتنع وإذن فعلم الكلام علم زائف‪:‬‬ ‫إثبات الواجب بالممكن علة مرجحة سخافة تخلط بين نوعي الإمكان‪.‬‬‫فالممكن بمعنى الحاصل منه والممكن بمعنى غير الممتنع مختلفان‪ .‬والواجب بهذا المعنى‬ ‫الثاني ممكن لأنه غير ممتنع‪ .‬فيكون معناه ضروري الحصول‪.‬‬‫وضرورة الحصول يمكن أن تكون ذاتية للحاصل أو عارضة له وفي الأولى نقع في الدور‬ ‫وتحصيل الحاصل وفي الثانية نعود إلى الحاصل من الممكن‪ :‬علم زائف‪.‬‬‫أما النهج الذي اتبعه ديكارت وبينا أن الغزالي وابن تيمية وابن خلدون من قبله‬ ‫وبعمق أبعد غورا فهو ليس نهجا كلاميا بل أكسيولوجي وأبستمولوجيي‪.‬‬‫فالوعي بالفرق الأول بين ما يقال وما لا يقال وعي بتفاوت بين قدرتين (وجدان تعبير)‬ ‫هو أصل الإبداعين الجمالي (الفن) والمعرفي (التصوف)‪ :‬وعي ديني‪.‬‬‫وقد يجادل القارئ في وصف هذا الوعي بكونه وعيا دينيا‪ :‬طلبي أن يعتبر ذلك اصطلاحا‬ ‫أسمي به إرادة تجاوز الحدود والقيود بالذوق الجالي والجلالي‪.‬‬‫والقارئ يعلم أن التفسير الانثروبولوجي الذي يعتمده جل الملحدين يعتبر الدين‬ ‫مصدره علاقة الخوف من الظاهرات الطبيعية خوفا يؤدي إلى تأليهها‪.‬‬‫وغالبا ما تسمع المتفاقهين منهم يكررون فكرة ماكس فيبر حول نزعة سحر العالم لإنهاء‬ ‫الألوهية ليفسروه بقوانينه العلمية الطبيعية ‪Entzauberung‬‬‫فلم لم ينته القائلون بهذا الرأي إلى استنتاج نهاية الفن والتصوف الحتمية أي محاولات‬ ‫تجاوز الحدود والقيود لتحدي عجز العبارة جماليا وجلاليا؟‬ ‫‪72‬‬

‫فما يلاحظه من له دراية بما يعتمل في الوعي الإنساني الحديث وخاصة ما بعد الحديث‬ ‫هو دور هذين التجاوزين الرئيسيين في روحانية الإنسانية الحالية‪.‬‬‫والمعلوم أنه لا يوجد إنسان مهما \"غلط في نفسه\" يمكنه أن يصدق نفسه عندما يتصورها‬ ‫مريدة وعالمة وقادرة وحية وموجودة بإطلاق إلا في غيبوبة المخدر‪.‬‬‫فهو بالضرورة مدرك للتلازم بين هذا الوعي بالكمال الممكن في الإرادة والعلم والقدرة‬ ‫والحياة والوجود وبعدمه لديه دون أن يكون عدمها علة وجودها‪.‬‬‫والتلازم هو \"إذا وفقط إذا\" وهو إذن قابل لأن يقرأ تعليليا في الاتجاهين بنفس المعنى‬ ‫فتصبح القراءة التعليلية عديمة المعنى وله إذن دلالة أعمق‪.‬‬‫حاولت في الفصل الثاني بيان هذه الدلالة في المستوى الأول أصلا للفن أو الذوق الجمالي‬ ‫وللتصوف أو الذوق الوجودي بوصفهما مستوى الوعي الديني الأول‪.‬‬‫وسأحاول في هذا الفصل الثاني بيان المستوى الثاني من الوعي الديني من منطلق‬ ‫ابستمولوجي في حين أن المستوى الأول كان من منطلق اكسيولوجي‪.‬‬ ‫ما معنى‪:‬‬‫المستوى الأول من الوعي الديني منطلق اكتشافه اكسيولوجي والمستوى الثاني منطلق‬ ‫اكتشافه ابستمولوجي؟‬ ‫هل الوعي الديني أصله فنا الفلسفة الأساسيين؟‬‫هل الأكسيولوجيا (نظرية القيمة) والابستمولوجيا (نظرية المعرفة) فنان دينيان قبل‬ ‫أن يكونا فلسفيين وأنهما هما اللذان أعادا الفلسفة إلى جوهرها؟‬‫أعاداها إلى جوهرها النقدي لنظرية القيمة ولنظرية المعرفة بوصفهما يحولان دون هذا‬ ‫الاشرئباب لتجاوز الحدود والقيود من أن يدعي أكثر مما يستطيع‪.‬‬‫فالنظرية الأولى تتعلق بمستوى من الوعي أي الفرق بين الوجدانيات والتعبير عنها وهو‬ ‫فرق في الوعي الإنساني ذاته من حيث هو في علاقة بما يتجاوزه‪.‬‬ ‫‪73‬‬

‫ذلك أن الوجدانيات إدراك ذوقي للقيمة الجمالية وللقيمة الجلالية وكلتاهما وعي بتلق‬ ‫يتجاوز قدرة المتلقي على صوغه في عبارة مطابقه مهما فعل‪.‬‬‫فيكون الصوغ الاول مصدر كل الفنون والصوغ الثاني مصدر كل أنواع الشطح الصوفي‪:‬‬ ‫فالجمال هدوء تناغم الفرق في الوعي والجلال هيجان فرق التناغم فيه‪.‬‬‫وكلاهما صدى وجداني ووجودي في كيان الإنسان لما يتعالى عليه ولذلك سميته المستوى‬ ‫الاول من الوعي الديني فينطلق منه الإنسان عائدا عليه معرفيا‪.‬‬ ‫والعودة عليه ليست عامة‪.‬‬‫فالبعض يتوقف عند هذا المستوى فيتصور الفن (تعبيرا عن الجمال) والشطح‬ ‫(تعبيرا عن الجلال) نهاية هذا الوعي وشبه دين‪.‬‬‫وقبل أن أواصل فلأبين أن العبارة \"هدوء تناغم الفرق وهيجان فرق التناغم\" ليست‬ ‫تلاعبا بالألفاظ كما قد يبدر إلى ذهن الكثير من متفاقهي الحداثة‪.‬‬‫فليقف أي ذائق للجمال صحبة امرأة جميلة وذواقة أمام منظر يجمع بين هدوء تموج‬ ‫البحر وزرقته أفقا لجبل سامق وخضرته وليصف ما يجد باي لغة شاء‪.‬‬‫وليتصور نفس المنظر وقد انقلب فهاج البحر حتى لامس أسمق ما في أفق الجبل فاختلط‬ ‫الأزرق بالأخضر واتصل الغيم بفوران الأمواج فوضى التناغم الجليل‪.‬‬‫فوضى فرق التناغم من آيات الجلال وتناغم فرق الفوضى من آيات الجمال وجمع‬ ‫الجلال والجمال في الوجدان والوجود وعي ديني بالجوهر آية من مآل الحال‪.‬‬ ‫هل أكون بهذا قد بينت عدم التلاعب بالألفاظ بما قد يبدو غرقا فيه؟‬ ‫لكن ما حيلتي إذا كان البحث في عجز العبارة وحتى الإشارة التي تكتفي بالأمارة؟‬‫ذلك أن ديكارت انطلق من الفرق بين مقومات كيان الإنسان الخمسة يعي صاحبها‬ ‫بقصورها (الإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود) مقارنة بها كاملة‪.‬‬ ‫واعتبر هذا الوعي بالفرق دالا على التلازم بين وجوده ووجود الله‪.‬‬ ‫وهذا المنطق متقدم على دليله الوجودي الذي ينسب في أدبيات الغرب إلى انسالم‪.‬‬ ‫‪74‬‬

‫وبينا في غير موضع أن الغزالي بفرضية \"طور ما وراء العقل\" تجاوز هذا التلازم‬ ‫الديكارتي بين الوجودين في الوعي الإنساني لأنه مفهوم حد معرفي ديني‪.‬‬‫فتجاوز العقلي للحسي يوحي بأن العقلي المتجاوز يتضمن كذلك قابلية تصور التجاوز‬ ‫مفهوما يمكن أن يجعله هو بدوره قابلا للتجاوز إلى ما لا يدركه‪.‬‬‫فإذا كان العقل يدرك أنه يدرك ما لا يدركه الحس فيمكن أن يفترض إدراكا فوق‬ ‫العقل يدرك ما لا يستطيع العقل إدراكه‪ :‬طور ما وراء العقل‪.‬‬ ‫وهذا الأفق يسميه كنط ما نفكر فيه ولا نستطيع علمه ومثاله \"الشيء في ذاته\"‪.‬‬ ‫و\"الشيء في ذاته\" الذي نفكر فيه ولا نعلمه قد يكون معلوما لغيرنا‪.‬‬‫فيكون الشيء في ذاته \"النومان\" أي المعلوم العقلي المطلق والذي يعتبره الغزالي من‬ ‫طور ما وراء العقل معلوم لعقل مطلق‪ .‬فعدنا إلى تلازم ديكارت‪.‬‬ ‫وعيي بنسبية علمي مشروط بوعيي بمفهوم متضايف معه هو العلم المطلق‪.‬‬‫وهكذا تكون إرادتي وعلمي وقدرتي وحياتي ووجودي نسبية ومتضايفة مع مطلقاتها‪.‬‬‫وإذن فالإنسان لا يستطيع إدراك ما يدركه من ذاته من دون التضايف الدائم مع‬ ‫قطب ثان مطلق الصفات التي ينسب الإنسان إلى نفسه أقدارا نسبية منها‪.‬‬‫وتلكما هما قطبا المعادلة الوجودية التي صغت بنية العلاقة بين الدين والفلسفة ومن ثم‬ ‫الجمع بين ما بعد الطبيعة (فلسفة) وما بعد الأخلاق (دين)‪.‬‬‫والوصل بين القطبين (الإنسان والله) بتجاوز الوسيطين (الطبيعة والتاريخ) هو عودة‬ ‫الإنسان إلى الاولين بالأكسيولوجيا والابستمولوجيا معراجا للتعالي‪.‬‬‫وتلك هي بنية الرسالة الواحدة التي هي الديني في كل الأديان بمفهوم القرآن طبيعية‬ ‫كانت أو منزلة بوصفها بنية الفطرة بداية ومضمون القرآن غاية‬‫فالقرآن بهذا المعنى تأمل للتاريخ وما بعده (الميتاتاريخ) وللطبيعة وما بعدها‬ ‫(المتاأخلاق)أي الأكسيولوجيا والابستمولوجيا بوصفهما وعيا دينيا‪.‬‬ ‫‪75‬‬

‫فالاكسيولوجيا والابستمولوجيا وعي بالفرق بخلاف زائف العلم بمقدماته (الكلام)‬ ‫وبنتائجه (الإلحاد)والأول يؤدي إلى الثاني حتما رغم دعواه العكس‪.‬‬‫الأكسيولوجيا تعي الفرق بين الوجدان والتعبير والأبستمولوجيا بين الوجود والعلم‬ ‫والأولى إبداع جمالي ووجودي والثانية أبداع علمي وعملي (سياسي)‪.‬‬‫ثمرة الوعي بالفرق بين الوجدان والتعبير الإبداع الرمزي في الجمال والجلال وثمرة‬ ‫الوعي بالفرق بين الوجود والعلم الإبداع الفعلي في النظر والعمل‪.‬‬‫وطبعا فثمرة عدم الوعي بالفرق أو نفيه هو أصل عكسهما أي الفن المحاكي والشطح‬ ‫المنافق والنظر الزائف والعمل المافيوزي لحصر الوجود في الموجود‪.‬‬‫من لا تضيق حوصلته (الغزالي) يفهم أن الوجود أوسع من الموجود فما فيه من منشود‬ ‫هو الذي يحقق ما يشعر به الإنسان كمفقود في كمال العبارة والعلم‪.‬‬‫وعذرا فإني أعلم أن هذه المعاني الدقيقة قد تضيق بها حوصلة من لا يرى وراء‬ ‫الحواس حوادس ولا رواء العقل طور ما ورائه فيدعي لغفلته أنه المقياس‪.‬‬‫لم يبق إلا أن أبين أن هذه المعاني كلها هي ما غفل عنه قراء الغزالي وابن تيمية وابن‬ ‫خلدون لظنهم الفلسفة متون التفسير المدرسي التقليدية‪.‬‬‫حصروا الفلسفة الإسلامية فيمن يسمون فلاسفة تقليديا‪ .‬واتهموا هؤلاء الثلاثة‬ ‫بمعاداتها‪ .‬لكني اكشفت أن الثلاثة الأعظم هم هؤلاء المتهمون خاصة‪.‬‬‫ولا شيء أعتز به رغم تكويني الفلسفي مدرسيا أكثر من اتهامي بهيامي بهم‪ .‬فهذا‬ ‫شرف‪ :‬فعلا الغزالي وابن تيمية وابن خلدون هم أكبر فلاسفة الإسلام‪.‬‬‫وأهم رسالة اعتبر نفسي مكلفا بها تطوعا وإيمانا هي أن احرر شباب الأمة من سخافة‬ ‫العداوة بين الدين والفلسفة عندما يكونان بحق دينا وفلسفة‪.‬‬‫الغزالي نفسه حدد لنفسه نفس الرسالة في مقدمات التهافت‪ :‬لا يرد على الفلاسفة بل‬ ‫على مقلديهم لجهلهم بهذا السنام الذي يلتقي فيه الدين والفلسفة‪.‬‬ ‫‪76‬‬

‫وابن رشد ‪-‬فيلسوف بالمعنى المدرسي‪-‬رد على التهافت وغفل عن المقدمات‪ .‬ومن ثم فهو‬ ‫أصل التهمة التي توجه للغزالي واعتباره عدوا للعقل والفلسفة‪.‬‬‫فيكون هو أصل اغفال الفرقين الذين حاول الغزالي بيان طبيعتهما دون الوصول إلى‬ ‫الصوغ الصريع لدى ابن تيمية وابن خلدون لهذين الفرقين ودورهما‪.‬‬‫ونختم الفصل ببيان ما صاغه ابن تيمية وابن خلدون وطبيعة المحاولة التي تثبت طبيعة‬ ‫بداية الفكر الفلسفي القاطع مع المدرسية القديمة والوسيطة‪.‬‬ ‫كيف صاغ ابن تيمية اشكالية الفرق وعلاجها؟‬‫أولا وضع نظرية لا تناهي تكامل المعرفة تصورا وتصديقا‪ .‬وثانيا بين أن الحل في إبداع‬ ‫للمقدرات الذهنية‪.‬‬‫فلا علم تام أو إلا فيها ولا علم للوجود إلا بها‪ .‬ومن ثم فهو اكتشف الفرق واكتشف‬ ‫الحل بوجهيه‪ :‬المعرفة التامة بالمقدرات الذهنية والمطبقة نسبية‪.‬‬ ‫وماذا فعل ابن خلدون؟‬‫بين أن المتكلمين والفلاسفة أهملوا الفرق فتوهموا الميتافيزيقا وجليل الكلام علمين‪.‬‬ ‫وهما زائفان‪ .‬تكامل العلم والإيمان‪.‬‬‫وهو تجاوز ابن تيمية لأنه بنى على هذا التكامل بين العلم والإيمان التكامل بين القانون‬ ‫والأخلاق‪ .‬فكان بذلك مؤسسا لفلسفة الدين وفلسفة التاريخ‬‫فتوهم العلم مغنيا عن الفرق يلغي الإيمان وتوهم القانون مغنيا عن الفرق يلغي‬ ‫الأخلاق‪ .‬الإيمان والأخلاق هما أفق الإنسان المبدع للعلم وللقانون‪.‬‬‫فالوعي بالفرق بين الوجدان والتعبير يؤدي إلى الإبداع الجمالي والجلالي والوعي‬ ‫بالفرق بين الوجود والعلم يؤدي إلى الإبداع النظري والعملي‪.‬‬‫فيتصالح بذلك العلم والإيمان ويتصالح بذلك القانون والأخلاق فيكون العلم والقانون‬ ‫نظامين نسبيين لا يقفلان أفقي الإيمان والأخلاق محركي الإنسان‪.‬‬ ‫‪77‬‬

5

‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬