Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الارهاب وجها حرب اهلية يغذيهما الاستعمار - الفصل الخامس - ابو يعرب المرزوقي

الارهاب وجها حرب اهلية يغذيهما الاستعمار - الفصل الخامس - ابو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-06-03 06:16:30

Description: التمييز بين شرق وغرب أقصيين، وشرق وغرب أدنيين، شرط لفهم دور الأحياز في تحديد أهم محركات التاريخ السياسي والاقتصادي لتحديد نظام العالم الجديد.
وهو شرط جامع بين المضطر والحر في تاريخ الإنسان، بوصفه كائنا طبيعيا وخلقيا لا تفهم أفعاله من دون هذه العلاقة بين المحايث والمتعالي في كيانه.
رد التاريخ إلى فاعلية الإنسان المادية (كائن طبيعي) أو إلى فاعليته المثالية (كائن ما بعد طبيعي) هو أصل أدلجة هيجل وماركس لفلسفة التاريخ.

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬‫وجها حرب أهلية يغذيهما الاستعمار‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫وجها حرب أهلية يغ ّذيهما الاستعمار‬



‫التمييز بين شرق وغرب أقصيين‪ ،‬وشرق وغرب أدنيين‪ ،‬شرط لفهم دور الأحياز في تحديد‬ ‫أهم محركات التاريخ السياسي والاقتصادي لتحديد نظام العالم الجديد‪.‬‬‫وهو شرط جامع بين المضطر والحر في تاريخ الإنسان‪ ،‬بوصفه كائنا طبيعيا وخلقيا لا تفهم‬ ‫أفعاله من دون هذه العلاقة بين المحايث والمتعالي في كيانه‪.‬‬‫رد التاريخ إلى فاعلية الإنسان المادية (كائن طبيعي) أو إلى فاعليته المثالية (كائن ما‬ ‫بعد طبيعي) هو أصل أدلجة هيجل وماركس لفلسفة التاريخ‪.‬‬‫وقد وضعت نظرية الأحياز ودورها في تحديد مجريات التاريخ الإنسان أحداثه‬ ‫(للتحليل)‪ ،‬وأحاديثه(للتأويل)‪ ،‬لتجاوز منطق الجدل إلى منطق التبادل والتواصل‪.‬‬‫والتبادل والتواصل مشروطان بالتعدد الذي تحيط به وحدة‪ ،‬لعل أفضل مثال منهما هو‬ ‫الظاهرة الحية التي هي كيان متعدد تحيط به وحدة رمزها الزوجية‪.‬‬‫والزوجية أهم تعدد بعد الوحدة‪ ،‬بل هي أهم علامة على منطق وحدة المتعدد بالتكامل‬ ‫الوظيفي‪ ،‬الذي أبرز رمزيه في التاريخ الإنساني التبادل والتواصل‪.‬‬‫والتبادل هو جوهر ما في الإنسان من طبيعي‪ ،‬والتواصل هو جوهر ما في الإنسان من‬ ‫خلقي‪ ،‬وكلاهما مشروط بالثاني‪:‬‬ ‫‪ -‬الأول شرط وجود‪.‬‬ ‫‪ -‬والثاني شرط كمال‪.‬‬‫وليكن مثال زوجية الإنسان‪ :‬فمن دون تبادل بين الذكر والأنثى لا وجود للإنسان‪ ،‬ومن‬ ‫دون تواصل بينهما لا وجود لكماله‪ .‬ودورهما في الجماعة مثيل له‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫وهما ليسا تبادلا وتواصلا عضويا بين الذكر والأنثى‪ ،‬بل هو تبادل وتواصل ذو بعدين‬ ‫متعامدين‪ :‬بين الافراد والجماعات‪ ،‬ثم بينهم وبين مصدر حياتهم أو العالم‪.‬‬‫والتبادل والتواصل يفترضان التعاون والتعاوض‪ ،‬وقد يتخللهما التزاحم والتمانع في‬ ‫الأحياز‪ ،‬فيوحي بمنطق الجدل‪ ،‬ويسميه الإسلامي بسطحية بالتمانع‪.‬‬‫والقرآن لا يقول بالتدافع بين صفين‪ ،‬بل بدفع الله لمن يتعالى عليهما بغير الجدل‬ ‫ليستعيد التعاون بالتعاوض العادل‪ ،‬فيتمكن من تجاوز التزاحم والتمانع‪.‬‬‫وبذلك نكون أمام أربعة صفوف‪ ،‬وعامل تحرير من رد منطق الوجود إلى الجدل‪،‬‬ ‫لإرجاعه إلى منطق التعاون والتعاوض العادل‪ ،‬الذي يمكن من التبادل والتواصل‪.‬‬‫ومن فلسفة التاريخ هذه‪ ،‬استنتج الجواب عن سؤال ختمت به الفصل الرابع‪ :‬كيف نحقق‬ ‫وحدة الإقليم المؤلف من الشرق والغرب الأدنيين؟ وبأي استراتيجية؟‬‫فالأحياز الخمسة بفضل التاريخين الطبيعي والثقافي للإنسانية‪ ،‬لم يعد تقاسمها معتمدا‬‫على التزاحم والتمانع بفضل تشابك التبادل والتواصل الكونيين‪ .‬فالإنسانية وصلت مرحلة‬‫تبين لها فيها أن التزاحم والتمانع (كل واحد يستثني الآخر) لم يعد هو المحدد للعلاقات‬ ‫إلا بسبب الجهل والأحكام المسبقة‪.‬‬ ‫حصل ذلك مرتين‪:‬‬‫‪ -‬فلسفة الإسلام الكونية (النساء ‪ 1‬والحجرات ‪ 13‬في نظرية الأخوة البشرية والتفاضل‬ ‫بالتقوى لا غير)‪.‬‬ ‫‪ -‬وعولمة التشابك تبادلا وتواصلا‪.‬‬‫حصل ما يشبه التحيز في كل المكان وكل الزمان وفي كل التراث وكل الثورة ونفس‬ ‫المرجعية المتعلقة بمصير الإنسانية الواحدة‪ ،‬مع حاجة حفظ العالم‪.‬‬‫ومعنى ذلك‪ ،‬أن كل فرد يمكن أن يكون في كل المعمورة بتواصله وتبادله دون أن يشترط‬‫ذلك تزاحما أو تمانعا بين الأفراد والجماعات فتتبادل وتتواصل‪ .‬فالتطور الحضاري أوصل‬‫البشرية إلى حقيقة لا ينفيها إلا جاهل‪ :‬التزاحم والتمانع بمنطق الجدل يقدم الحرب على‬ ‫السلم‪ ،‬فينتهي إلى الانتحار الجماعي‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫تبينت الإنسانية الرشد من الغي‪ ،‬ففهمت الأخوة البشرية والتفاضل بالتقوى‪ .‬السلم ‪-‬‬ ‫الإسلام‪-‬هو الحل الوحيد للتخلص من تزاحم وتمانع يهددان المعمورة‪.‬‬‫وهذا هو مضمون الرسالة التي بها يستأنف الإسلام تاريخه لتحقيق الشرط‪ :‬شرط نظام‬ ‫العالم الجديد هو وحدة صفي الإقليم اللذين أنتجا التاريخ الحديث‪.‬‬‫فهو سيمكن من كسر الهوة بين الشرق والغرب الأقصيين‪ ،‬إنه قطب معدل‪ ،‬قطب قلب‬ ‫العالم ورمز حضارتي الجمع بين المصدرين الديني والفلسفي الحديثين‪.‬‬ ‫فكيف نحقق ذلك؟‬‫كيف نخرج فرعي هذا القطب من الصدام بينهما حول الأحياز (المكان والزمان وتفاعلهما‬ ‫في الاتجاهين والمرجعية الدينية والفلسفية)؟‬ ‫لقد خرجا منه سلبا وإيجابا‪:‬‬‫‪ -‬فسلبا كلاهما لم يعد قادرا على الهيمنة على الآخر بل يخاف من هيمنة الأقصيين عليه‪.‬‬ ‫‪ -‬وإيجابا ما حصل بينهما من تمازج‪.‬‬‫ولهذا أشرت إلى الجسرين‪ :‬تركيا والبلقان شرقا‪ ،‬والمغرب والأندلس غربا‪ .‬ذلك رمز‬ ‫تمازج حصل خلال المدين منا إليهم ومنهم إلينا في الوسيط والحديث‪.‬‬‫والتمازج ليس مقصورا على الجسرين‪ ،‬بل هو غاص في العمقين‪ :‬فالاختلاط الديموغرافي‬ ‫والثقافي بين شعوب الصفين حقيقة لا ينكرها إلا هذيان العميان‪.‬‬‫وكل مسار تطوري تتحدد حقيقته بغايته‪ :‬ليس منطق الجدل هو الذي يتحكم في حركة‬ ‫التاريخ‪ ،‬بل منطق التبادل والتواصل‪ ،‬بالتعاوض العادل في الغاية‪.‬‬‫فمنذ خرافة أفلاطون عن صراع يوناني مصري قديم إلى نهاية الاستعمار‪ ،‬يبدو المحرك‬ ‫هو التزاحم والتمانع‪ .‬لكن الحقيقة بينتها غاية التاريخ الحالي‪.‬‬‫فصراع قرطاج وروما قديما‪ ،‬ثم المسلمين والمسيحيين وسيطا ثم حديثا‪ ،‬كل ذلك انتهى في‬ ‫الغاية إلى ما وصفت‪ :‬الجسرين والتمازج الديموغرافي والثقافي‪.‬‬‫ولم يبق إلا فهم هذه الحقيقة والعمل بمقتضاها‪ :‬التخلص من الصراع الذي هو من‬ ‫اعراض العلاقات البشرية‪ ،‬بالتزاحم والتمانع على مصادر الرزق المشتركة‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫والمسار الذي يوصل إلى الغاية من طبيعتها‪ :‬إذا كانت الغاية الوحدة‪ ،‬لذلك فجوهر‬ ‫محرك التاريخ الإنساني هو التعاون والتعاوض العادل‪ ،‬والصراع عرض‪.‬‬‫وتلك هي عقيدة الدين الخاتم والفلسفة الخاتمة‪ .‬والحمد لله أن الإنسانية وصلت إلى‬ ‫مرحلة إن لم تفهمها وتعمل بها‪ ،‬فهي ستقضي على المعمورة وتنتحر‪.‬‬‫ذلك أن الإنسانية وصلت إلى حد جعل أقصى قوتها أنها اكتشفت ضعفها‪ ،‬وهو معنى‬ ‫الاستخلاف‪ :‬من دون التحرر من الفساد في الأرض وسفك الدماء‪ ،‬تنتحر‪.‬‬‫بعبارة وجيزة‪ ،‬الإنسانية صارت إسلامية بالفعل حتى وإن بقيت بالقوة غير واعية بذلك‪:‬‬ ‫فلكأنها بدأت تدرك دلالة مشهد الاستخلاف‪ ،‬حكم الملائكة في آدم‪.‬‬‫الآن تفهم معنى الشرط الذي جعل آدم جديرا بالاستخلاف‪ :‬التسمية شرط التواصل‬ ‫وحفظ مصدر عيشه بالكلمات التي أتمها آدم‪ ،‬شرط التبادل والتعاوض العادل‪.‬‬ ‫‪44‬‬



‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬