أبو يعرب المرزوقي الأسماء والبيان
هذه محاولة لحصر من أسميهم بمليشيات إيران وإسرائيل العربية بالقلم وبالسيف،معتمدا مساعدة أولية أصناف النخب الخمسة وأدواتهم الشعبية المستتبعة .فهم ينتسبونإلى نخبة الإرادة أو السياسة ونخبة المعرفة أو \"العلماء\" ونخبة القدرة أو الاقتصاد ونخبةالحياة أو الفن ونخبة الوجود أو أصحاب الرؤى .والمليشيات بصنفيها يمكن اعتبارهااقتصاديا منتجة لخدمات ومتاجرة بها ،وليست منتجة لبضائع حتى وإن كان تطوير بعض خدماتها قد ينتج بضائع تجارية.ولأضرب مثالا من المعرفة مثل الخبراء والإعلاميين في مجالات النشاط المناظرة لأصناف النخب .فهم أصحاب يقومون بخدمة صالحة أو طالحة تباع وتشترى.وهذا المثال ينطبق على كل الخبرات التي تعتمد على المعرفة ،سواء كانت علمية بحق أوحتى إيهامية وتدجيلية ،لأن الطلب على الخدمة يحدده طالبها .وطالب الخدمة مثله مثلطالب الخدمة المغشوشة ،يكون عادة إما مغشوشا بجهله ومعتقداته ،أو غاشا لمن يطلب تلك البضاعة ،فيكون مستثمرا في تجارة الغش.والمثال ليس مقصورا على نخبة المعرفة ،بل هو يشمل النخب الخمسة :نفس الشيء في خدمات الإرادة أو السياسة وفي القدرة أو الاقتصاد وفي الحياة أو الفن.والخبرة في الحالات الخمس ،ليست مقصورة على النظر والتنظير ،بل هي تشمل الممارسةوخاصة على تكوين جيوش من أصحاب هذه الخبرات بأصنافها ،أدوات حرب .وهو فنتفوقت فيه إسرائيل وتحاكيها إيران وانهزمت فيه الأنظمة العربية وخاصة من كان-على الأقل في الظاهر -يدعي حماية الديار ضدهما بالارتجال. 41
ولما كان من علامات مضاء هذا السلاح هو اختراق نخب العدو ،فإن إسرائيل وإيران نجحتا إلى حد كبير في جعل جل النخب العربية أدوات بوعي أو بغير وعي.وأقصد \"بوعي أو بغير وعي\" أن بعض النخب العربية التي جندت ،قد يصدقون بحسننية أن إيران تقاوم اسرائيل وأمريكا ،وأن إسرائيل ليبرالية وديموقراطية .فمن علاماتالنجاح في هذا الميدان ،هو القدرة على جعل حيلهما تنطلي على الكثير .إذ لا أحد يشكك في أن الكثير كان يصدق أن حزب الله مقاوم بحق.ولست أذهب إلى أن كل من بقي على هذا الموقف حتى الآن بعد شنائعه وشنائع إيران فيالشام والعراق وباقي بلاد العرب ،واعون .بل بعضهم يصدق بحسن نية .طبعا فحسنالنية مقصور على توابع النخب من الشعب ،وليس من النخب ولا من المتاجرين بخدماتها. فجل الشباب الذي تضحي به قيادات داعش من المغرر بهم.ذلك أنه لا يمكن أن يكون من يقبل أن يموت من أجل شيء لا يفعل ذلك من دون إيمانصادق بما لأجله يضحي بحياته .وإذن فهم من المغرر بهم حتما .ذلك أن المرتزق والتاجرلا يضحي بحياته أبدا ،إذ هو يتاجر ويرتزق حتى يستمتع بما يحصل عليه من الارتزاق والتجارة ولا تهمه قضية أو قيمة أو مبدأ.وهذا المعيار للفصل يعسر تطبيقه على مليشيات القلم .فحياتها لا تتعرض للخطر إلانادرا ،لكن ذلك لا يمنع أن لها توابع مغررا بهم مثل مليشيات السيف .فلا تخلو مليشياتالقلم ممن يصدقون بحسن نية ان إيران تهمها قضايا الأمة والإسلام وتحارب أعداءهما وليست متحالفة معهم لمشروع خفي فضحته الثورة.فمثلما كانت غالبية العرب تصدق حزب الله قبل الثورة السورية ،فكذلك كان الكثيريصدق أن الخميني ثائر من أجل الإسلام ،وليس كما تبين مواصلا للصفوية .وأكثر المروجينلإيران بسلوكهم يصعب تخوينهم .فحركات الثورة المقاومة الفلسطينية لم يكن بوسعها ،وإنأدركت الحقيقة ،أن تعلنها لعدم الملجأ البديل .فتخلي أنظمة العرب جزئيا ،والذي نراهيكاد يصبح كليا-إذا ما استثنينا نظام قطر-لم يبق للفلسطينيين حلا آخر غير السكوت علىما بات معلوما للجميع .وتحقيق التخلي الكلي هو الهدف الرئيس مما يعتبر صفقة القرن، 42
أعني ما تم التوافق عليه بين محاصري قطر وغبي أمريكا لنفس الغرض :حماية لوبيات إسرائيل.فلعل ترامب بغبائه قد صار محتاجا أكثر من المستبدين العرب لحماية اللوبياتالصهيونية .ووصوله بتدخل مافية روسيا قد يؤدي إلى سقوطه بالامبيشمنت .ولو لم يكنمحتاجا أكثر من المستبدين العرب الذين تحالفوا معه ضد قطر وتركيا ملجأ قيادات الربيع وغزة ،لما ذهب إليهم بنفسه ولدعاهم إليه كالرقيق.يوهمهم بحرصه على حمايتهم من إيران مقابل مالهم وحربهم على قطر وتركيا وعلىغزة والربيع ظنا أن ذلك يمكن أن يحقق الاستقرار لكراسيهم الخربة .فترامب لا يهمه إلاأمر واحد :أن تساعده لوبيات إسرائيل -مثله مثل السيسي في مصر -حتى لا يطاح به، وأن يجعل العرب يقومون بما تطلبه إسرائيل من ثمن.ولولا يقيني من هذا الفهم ،لما كتبت في الموضوع .فلست أدافع عن أحد عدا الربيع وفلسطين .فالصفقة لا تستهدف شيئا آخر غير ذلك .والحملة تعد لإنجازها.أعتقد أن ما يجري حاليا ضد قطر ،وقبله ضد تركيا ،هدفه الأول والأخير هو تمكينإسرائيل وإيران من تقاسم الإقليم :إسقاط الربيع للثانية ،وحماس للأولى .وأنا على يقينأن الشعب العربي ،حتى في الخليج ،لن يكون أقل وطنية من شعب تركيا :شعب تركيا وشعبالعرب سيحمي قطر ،فينجو الربيع وفلسطين .ونجاتهما لا تعني نهاية المعركة ،بل هيالبداية الحقيقة لأنها ستكون هزيمة صفقة القرن ومن ثمّ البداية الفعلية للاستئناف بنجاح الربيع وفلسطين.لكن لو لا قدر الله ،لم يكن الشعب العربي في مستوى التحدي كما كان الشعب التركي،فإن الصفقة ستمر .وإذا مرت ،فسيعيدون الكرة في تركيا استفرادا بها .لن يغفروالأردوغان وحزبه إرجاع تركيا إلى هويتها الحضارية وحضنها الإسلامي .يريدون تمصيرها بعد أن أخرجها من التمصير .وهم يبحثون عن سيسي تركي.لذلك فكل الحركات الإسلامية التي ما تزال طامعة في الحكم وفي مهادنة المستبدين العرب طمعا في بقشيشهم ،غبية :الصفقة تعني تصفيتهم عن بكرة أبيهم. 43
هم يدفنون رؤوسهم في الرمال ويحنون ظهورهم لعاصفة لن تمر من دون القضاء على كل ما هو إسلامي إذا نجحت الصفقة ،لأن الإقليم سيكون إيرانيا إسرائيليا.ولأنهي كلامي بملاحظات سريعة أوجهها لمليشيات القلم .وستكون حول آخر ورقة توت يخفون بها سوأتهم :الموضوعية وعدم الانحياز لأحد أطراف النزاع.لو كان الأمر متعلقا بكلام حول ما نتوقع من أحداث أو حتى على دلالات أحداث متجاوزةلحصولها ،لكانت ورقة التوت لموضوعية التحليل قابلة للانطلاء .فمشروع إيران تحقق جلهبشهادة قياداتهم :احتلال الهلال كله واليمن جله وما خفي في باقي الأقطار أعظم. ومشروع إسرائيل تحقق كله في فلسطين إلا غزة.صرنا نسمع يوميا بعض مليشيات القلم العربية عامة والتونسية خاصة-وهم في تزايدمطرد-يتكلمون بـ\"موضوعية\" صريحة على إيران ومضمرة على إسرائيل .وصرنا نسمعهميناظرون بين مقاومتهما وسلوكهما ،جاعلين من الفعل رد فعل ،ومن رد الفعل فعلا :شباب الهلال المقاوم هو المعتدي ،وليس الحشد الشعبي.ذلك ما يقولونه صراحة في حالة إيران ،وضمنا في حالة إسرائيل ،بل وصراحة عند أصحاب الحرب على قطر الآن :حماس هي المعتدية ،وإسرائيل مسكينة مسالمة.وليتهم يكتفون بذلك :فمن يفضحهم يسقطون عليه صفاتهم ،فيجعلونه مثلهم متاجرا بخبرته .وطبعا هم يعلمون أن من يريد أن يتاجر لا يؤيد الربيع أو حماس.هم يعلمون أن هذين أحوج الناس حتى لقوتهم .أما من يتاجر ،فيعلم من يدفع بسخاء: إيران مباشرة ،وإسرائيل عن طريق خونة الأنظمة العربية التي تحاربنا. 44
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 10
Pages: