بعد ان طالت الف رتة ال ر يت لم يبعث فيها الن يت صل الله عليه وسلم ،وساد الظلام وخفتت الاصوات ال ر يت رفعها النبيون والمرسلون يف عصورهم ،وابتليت العرب بديانة سخيفة و يه عبادة الاصنام ،فكان لكل قبيلة أو ناحية أو مدينة صنم خاص لها ،وكان يف جوف الكعبة (البيت الذي بناه ابراهيم عليه السلام) لعبادة الله وحده ،و يف فناءها (ثلاثمئة وستون صنما) ،وساءت اخلاق العرب ،وبلغت به القساوة ،والحمية المزعومة ا يل وأد البنات ،وقطع القوافل ،وساءت مكانة المرأة،فكانت تورث كما يورث المتاع أو الدابة ،وكانت الانسانية يف عصر الجاهلية تميل ال الانتحار ،وكان الانسان يف هذا القرن قد ن يس خالقه ،فن يس نفسه ومص رته وفقد رشده ،وقدرة التمي رت ب ري ال رش والخ رت ،والحسن والقبيح ،لذا اختار الله العرب ،ليتلقوا دعوة الاسلام ،ثم يبلغوها ال ابعد انحاء الارض ،لان الواح قلوبهم كانت صافية ،وكانوا على الفطرة ،وكانوا اصحاب صدق وامانة ، وشجاعة وفروسية ،ولان يف جزيرة العرب مكة وكانت الكعبة ال ر يت بناها سيدنا
ابراهيم و اسماعيل عليهما السلام ،ليعبد فيها الله وحده ،ولتكون مصدر الدعوة للتوحيد ال يوم الدين. تقع مكة المكرمة يف ارض جرداء ليس فيها ما يعيش عليه الناس من :ماء ،طعام ، واتخذها سيدنا ابراهيم مكانا لتأسيس مركز يعبد فيه الله تعال وحده و يدعو الناس ،ويكون منارا للهدى ومثابة للناس ،وتقبل الله هذا العمل ،وبارك الله يف هذا المكان. وبقيت قريش متمسكة بدين ابراهيم عليه السلام ،وبدين جدها اسماعيل ، ومتمسكة بعقيدة التوحيد ،وبعبادة الله وحده ،ح رت ظهر فيهم عمرو بن ل يح فكان اول من غ رَت دين اسماعيل عليه السلام ،فنصب الاوثان ،و أحدث يف الحيوانات من التعظيم والتحريم مالم يأذن به الله ،وقد خرج ال الشام ،فرأى اهلها يعبدون الاصنام ،فف ري به ،وجلب بعضها ال مكة ،فنصبها وأمر الناس بعبادتها وتعظيمها ،ال ان صاروا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة و اعجبهم .
عبدلله و امنة كان لعبد المطلب – سيد قريش – ع رشة ابناء ،و عبدالله واسطة العقد ،وزوجه ابوه ((امنة)) بنت وهب سيد ب يت زهرة ،و يه يومئذ افضل امراة يف قريش نسبا و موضعا .ولم يلبث عبدالله ان مات و ام الرسول صل الله عليه وسلم حامل به وقد رات من الاثار والايات أن ابنها عظيم الشان. ولادته الكريمة ونسبه الز يك ولد الرسول صل الله عليه وسلم يوم الاثن ري (اليوم الثا ين ع رش من شهر ربيع الاول من عام الفيل) ( 570المسي يح) ،فكان أسعد يوم طلعت فيه الشمس. هو ولادة سيدنا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف بن ق يص بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النصر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن معد بن عدنان ،وينت يه نسب عدنان ال سيدنا اسماعيل ابن ابراهيم عليهما السلام .
ح ري بلغ رسولنا الكريم ست سنوات ،توفيت امه امنة ( بالبواء) ،فب ر يق مع جده وكان يجلس على فراشه يف ظل الكعبة ويلاطفه ،ولما بلغ الرسول صل الله عليه وسلم ثمان سنوات مات جده عبد المطلب. فب ر يق الرسول صل الله عليه وسلم بعد موت جده مع عمه ا ين طالب ،وهو أخو عبد الله من أب و أم ،وكان عبد المطلب يوصيه به ،فكان اليه ومعه أرفق به من اولاده. التمس عبد المطلب لحفيده اليتيم الذي كان أحب أولاده اليه مرضعا من البادية على عادة العرب ,و أدركت حليمة السعدية هذه السعادة ورأت التكة يف اللبان والالبان ةالشارف والتان وكل يقول :لقد أخذت يا حليمة نسمة مباركة وحسدتها صواحبها.
ح ري بلغ رسول الله صل الله عليه وسلم خمسا وع رشين سنة ،تزوج خديجة بنت خويلد ،و يه من سيدات قريش وفضيلات النساء( رجاحة عقل ،كرم اخلاق،سعة المال )وكانت ارملة حيث تو يف زوجها ابو هالة ،وكانت يف الاربع ري من عمرها و الرسول صل الله عليه وسلم يف الخامسة والع رشين من عمره ،حيث عرضت عليه نفسها ،وكانت قد رفضت أ رشاف قريش ،فخطبها اليه عمه حمزة ،وخطب ابو طالب الخطبة فكان الزواج .وكانت اول امراة تزوجها رسول الله صل الله عليه و سلم ،وولدت له اولاده كلهم الا ابراهيم. ولما بلغ رسول الله صل الله عليه وسلم خمسا وثلاثون عاما ،اجتمعت قريش لبناء الكعبة ،وقد أرادوا ذلك ليسقفوها ،وكانت حجارة بعضها على بعض ، من غ رت ط ري يركب بعضها على بعض ،وكانت فوق القامة وكان لا بد من هدم وبناء جديد ،فلما بلغ البنيان موضع الركن ،اختصموا يف موضع الحجر الاسود فكل قبيلة تريد ان ترفعه ال موضعه دون الاخرى ،وكل قبيلة تريد ان يكون
لللهقاتاال رلشوقفرب ،حت ربتن ّاولعابلادمالرداارل اجلحسنرةبمومكلاونء اةهدوم ًان،من هذا بكث رت يف الجاهليةو اعدوا وتعاقدوا هم و بنو عدي على الموت ،وادخلوا ايديهم يف ذلك الم يف تلك تلك الجفنة وكانت ّاية الموت و ال رش ،ومكثت قريش عل ذلك اياما ،ثم اتفقوا على ان اول من يدخل من باب المسجد يق يص بينهم فكان أول داخل عليهم رسول الله صل الله عليه وسلم فقالوا هذا الام ري رضينا هذا محمد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب و اخذ الحجر ووضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا ح رت اذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ثم بت عليه و هكذا درأ رسول الله صلى الله عليه و سلم الحرب عن قريش بحكمة ليس فوقها حكمة. و أتم رسول الله صلى الله عليه و سلم اربع ري سنة من عمره و ظهرت تباش رت الصبح و طلائع السعادة و آن أوان البعثة و تلك سنة الله اذا اشتد الظلام و طالت الشقوة و بلغ قلق رسول الله صلى الله عليه و سلم مماكان يراه ذروته كأن حاديا يحدوه و حبب اليه الخلاء فلم يكن ر يشء احب اليه من ان يخلو وحده و
كان يخرج من مكة و يبعد ح رت تحش عنه البيوت و يف يص ال شعاب مكة و بطونها و أوديتها فلا يمر بحجر و شجر الا قال السلام عليك يا رسول الله و يلتفت رسول الله صلى الله عليه و سلم حوله عن يمينه و عن شماله و خلفه فلا يرى الا الشجر و الحجارة وكان أول ما بدء به الرؤيا الصادقة يف النوم وكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ،وكان يخلو غالبا يف غار حراء فيمكث فيه ليال متواليات وكان ي رتود لذلك وكان يدعو و يتعبد على الطريقة الابراهيمية الحنيفة و الفطرة السليمة و المنيبة ال الله ،وكان كذلك يف احدى المرات اذ جاءه اليوم الموعود لبعثته وكان ذلك يف رمضان 17من رمضان يف السنة الحادية و الاربع ري من ميلاده و هو بغار حراء فجاءه الملك جتيل عليه السلام فقال :إقرأ فقال :ما أنا بقارىء قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :فأخذ ين فغط يت ح رت بلغ م يت الجهد ثم ارسل يت فقال :إقرأفقلت :ما أنا بقارىء فأخذ ين فغط يت ح رت الثانية بلغ م يت الجهد ثم أرسل يت و قال : إقرأ فقلت :ما انا بقارىء فأخ يت فغط يت الثالثة ثم أرسل يت فقال(:إقرأ بإسم ربك الذي خلق( )1خلق الإنسان من علق ( )2إقرأ و ربك الكرم( )3الذي علم بالقلم ( )4علم الإنسان مالم يعلم( ( .))5سورة العلق كانت أول من نزل من القران الكريم)
وكان ذلك أول يوم من أيام النبوة ،و أول و يح من القرآن ،و فزع منه رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه لم يعهده و لم يسمع به و قد طالت الف رتة و عهد العرب بالنبوة و النبياء بعيد ،و خاف على نفسه و رجع ال بيته ترتعد فرائصه و قال : زملو ين ،زملو ين لقد خشيت على نف يس ،و سألت خديجة عن السبب فقص عليهاالقصة وكانت عاقلة فاضلة ،سمعت بالنبوة و الانبياء و الملائكة وكانت تزور ابن عمها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر و قرأ الكتب و سمع من أهل التوراة و الانجيل وكانت تنكر من اهل مكة ما ينكره اهل الفطرة السليمة و الاذهان المستقيمة و رأت أن تستع ري يف ذلك بابن عمها العالم ورقة بن نوفل فأختها انه ن يت مرسل لهذه الامة ،و امنت به خديجة فكانت أول من امنت بالله و رسوله وكانت بجواره تؤازره و تثبته و تخفف عنه تهون عليه امر الناس ،ثم أسلم عليى بن ا ين طالب ر يض الله عنه و هو ابن ع رش سن ري و أسلم زيد بن حارثة وكان قد تبناه رسول الله صلى الله عليه و سلم ،و أسلم ابو بكر بن ا ين قحافة وكانت له متلة يف قريش ،و أسلم بدعوته أ رشاف من قريش و لهم مكانة و سؤدد ،منهم عثمان بن عفان و زب رت بن العوام و عبد الرحمن بن عوف ،وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخ يق
امره ،و مص على ذلك ثلاث سن ري ثم امره الله تعال بإظهار دينه ،فخرج صلى الله عليه و سلم و صعد على جبل الصفا و نادى بأعلى صوته يا صباحاه وكانت صيحه معروفة مألوفة فلم تتأخر قريش يف تلبية هذا النداء و اجتمعوا اليه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :يا ب يت عبد المطلب ،يا ب يت فهر ،يا ب يت كعب ! ارأيتم لو أختتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد ان تغ رت عليكم صدقتمو ين ؟ فقالوا :نعم ،هنالك قال رسول الله صل الله عليه وسلم :فإ ين نذير لكم ب ري يدي عذاب شديد ،فسكت القوم و لكن أبا لهب قال :تبا لك سائر اليوم ،اما دعوتنا الا لهذا ؟ و لما أظهر رسول الله صلى الله عليه و سلم الدعوة للإسلام و صدع بالحق كما أمره الله سبحانه و تعال لم يبعد منه قومه و لم يردوا عليه ح رت ذكر الهتهم و عابها فلما فعل ذلك أعظموه و اجمعوا خلافه و عداوته ،و مص رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو ال الله وو يئست منه قريش و نزل غضبهم على من كان أسلم من أبناء قبائلهم و ليس لهم من يمنعهم ،و تفي قريش و قسوا يف إذاء الرسول صلى الله عليه و سلم ،فلم يرعوا فيه قرابة و لارحمة و تخطوا حدود الانسانية ،و لما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يصيب اصحابه من البلاء و انه لا يقدر على ان يمنعهم قال لم :لو خرجتم ال أرض الحبشة فإن بها ملكا لا
يظلم عنده احد و يه أرض صدق ح رت يجعل الله لكم فرجا مما انتم فيه فخرجت عند ذلك جماعة من المسلم ري وكانت اول هجرة يف الاسلام ،و مات ابو طالب و خديجة يف عام واحد اليوم العا رش من النبوة و هما من عرفتم من حسن الصحبة و الوفاء و النصر و التأييد و لم يسلم ابو طالب و تتابعت على رسول الله صلى الله عليه و سلم المصائب ،و لما مات ابو طالب نال رسول الله صلى الله عليه و سلم من قريش من الاذى ما لم تكن تطمع فيه قريش يف حياة ابو طالب ح رت طرده سفيه من سفهاء قريش فن رت على رأسه ال رتاب و لما اشتد اذى قريش خرج الرسول صلى الله عليه وسلم ال الطائف رموه بالحجارة ح رت ادموه فدعا ال ربه يشكو اليه ضعفه وقلة حيلته ،ثم اشي بالن يت صل الله عليه وسلم ال المسجد الحرام ثم المسجد الاقص تخفيفا عن الن يت صل الله عليه وسلم ثم عرج فيه ال السماء السابعة حيث فرضت الصلوات الخمس ،و يف رمضان اثنت ري من الهجرة كانت غزوة بدر المسمية بالفرقان حيث كانت ب ري المؤمن ري والكافرين وانتهت بفوز المؤمنيم وهزيمة الكافرين ومن الغزوات ال ر يت شارك بها الرسول صل الله عليه وسلم (حن ري /احد /الطائف) ،وكان للرسول صل الله عليه وسلم اثنتا ع رش
زوجة هن (خديجة ،سودة ،عائشة ،حفصة ،ام سلمة ،زينب بنت جحش ، ام حبيبة ،جويرية ،صفية ،ميمونة ) ر يض الله عنهن . ولما بلغ هذا الدين ذروة الكمال وبلغ رسول الله صل الله عليه وسلم الرسالة ، و ادى الامانة و جاهد يف الله حق جهاده اذن الله لنبيه بفراق هذا العالم و دنت ساعة اللقاء و قد ابتدأ شكوى رسول الله صلى الله عليه و سلم يف اخر شهر صفر وكان مبدأ ذلك انه خرج ال بقيع الغرقد من جوف الليل فستغفر لهم ثم رجع ال اهله فلما اصبح ابتدأ بوجعه من يومه هذا ،و يف خطبة الوداع و بينماكان يتكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو جالس على المنت عاصبا رأسه أن عبدا من عباد الله خ رته الله ب ري الدنيا و ب ري ما عنده فختار ما عند الله ،و فهم ابو بكر معت هذه الكلمة و عرف ان رسول الله صلى الله عليه و سلم يع يت نفسه فبكى و قال :بل نحن نفديك بأنفسنا و ابنائنا وكان ذلك يف يوم الاثن ري 12ربيع الاول سنة 11للهجرة بعد الزوال و له صلى الله عليه و سلم ثلاث و ستون سنة وكان اشد الايام سوادا و وحشة على المسلم ري و محنة للانسانية كما كان يوم ولادته اسعد يوم طلعت فيه الشمس كماكان اليوم الذي مات فيه اظلم منه كل ر يشء.
Search
Read the Text Version
- 1 - 12
Pages: