Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore العدد الثامن

العدد الثامن

Published by h_nooh, 2021-08-09 02:29:54

Description: العدد الثامن

Search

Read the Text Version

‫س ّر الكت‪1‬ب‬ ‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫فصل ّية تصدر عن مشروع أصدقاء القراءة | العدد الثامن | يونيو ‪2017‬‬ ‫إيزيس كوبيا‪..‬‬ ‫من المؤلف‬ ‫د‪ .‬سعد البازعي‪:‬‬ ‫المشهور إلى‬ ‫«دراسة الأدب الإنجليزي‬ ‫وضعتني في رحلة إلى‬ ‫المشهور‬ ‫الآخر‪ ،‬ومحاولة لفهمه‬ ‫المؤلف‬ ‫واستكشاف ما لديه‬ ‫‪magazine.rfriends.net‬‬ ‫بشكل عام»‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪2‬‬ ‫نشــر القــراءة‬ ‫تسعى المجلة لبناء‬ ‫تتطلـع المجلـة للمسـاهمة‬ ‫هي مجلة فصلية‬ ‫بأســاليب ســهلة‬ ‫في ترسـيخ ثقافـة القراءة‬ ‫تصدر عن «مشروع‬ ‫وشـيقة ورشيقة‪،‬‬ ‫المجتمع القارئ‬ ‫وتعزيزهــا في المجتمــع‪،‬‬ ‫أصدقاء القراءة»‬ ‫والمســاهمة في‬ ‫وأن تكــون أداة فعالــة‬ ‫صناعـة المحتـوى‬ ‫الواعي وذلك من‬ ‫لتوظيــف المقــروء الــذي‬ ‫كل ثلاثة أشهر‪،‬‬ ‫يخــدم المجتمــع معرف ًيــا‬ ‫العربــي‪.‬‬ ‫خلال تحفيز أفراده‬ ‫تحتوي على مقالات‬ ‫وثقاف ًيــا‪.‬‬ ‫ولقاءات ته ّم ك ّل‬ ‫ليكونوا عنص ًرا‬ ‫قارئ عربي‪.‬‬ ‫مساه ًما في التحول‬ ‫لمجتمع معرفي‪.‬‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫فاطمة أبوسعدة‬ ‫فريق العلاقات العامة‬ ‫فريق الإعداد‬ ‫شمس الجطيلي‬ ‫هشام العبيلي‬ ‫هند الصبار‬ ‫ريم الموسى‬ ‫زهرة الصالح‬ ‫آسية المطوع‬ ‫فريق التصميم‬ ‫آلاء عبدالإله‬ ‫فريق المراجعة‬ ‫إيثار الغامدي‬ ‫غيداء الرويشد‬ ‫والتدقيق‬ ‫يونس بن عمارة‬ ‫حبيبة جمال‬ ‫ندى السماعيل‬ ‫عمر غنيم‬ ‫نطاق المهارة | ‪Skill Zone‬‬ ‫بدور الفصام‬ ‫وفاء القحطاني‬ ‫عبد الرحمن الغنيم‬ ‫في أقـل مـن دقيقـة‪ ،‬مشـاركتك‬ ‫في تقييــم المجلــة ستســاعدنا‬ ‫في تطويرهـا‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪3‬‬ ‫المحتوى‬ ‫فاطمة أبو سعدة ‪4‬‬ ‫ديباجة التحرير‬ ‫سر الكتب‬ ‫محمد الدواس ‪7‬‬ ‫ضيف العدد | د‪ .‬سعد البازعي‬ ‫‪9‬‬ ‫هند الصبار ‪ /‬فاطمة أبو‬ ‫سعدة‬ ‫سندريلا تكتب قصيدة‬ ‫إيزيس كوبيا‬ ‫آسية المطوع ‪13‬‬ ‫من الأرشيف‪ :‬جولة للأديب في شهر‬ ‫فاطمة أبو سعدة ‪16‬‬ ‫من المؤلف المشهور إلى المشهور المؤلف‬ ‫طه حسين ‪20‬‬ ‫من فوق النص مطل ًا على الأسلوب‬ ‫قراءة في كتاب‪ :‬الحياة هي ما نصنع‬ ‫هند الصبار ‪24‬‬ ‫البرنامج الثقافي الخامس‬ ‫حبيبة جمال ‪25‬‬ ‫زاوية الأخبار‬ ‫بودكاست و ّراق ‪27‬‬ ‫مأساة شعب الأندلس هل تتكرر‬ ‫نادي الطلاب ‪30‬‬ ‫قصيدة من الأدب الإنجليزي‬ ‫تسلل‬ ‫‪32‬‬ ‫إيثار الغامدي‬ ‫لنقرأ دون تصنيف‬ ‫أمير الباسمي‬ ‫خاطرة‪ :‬وادي النعيم‬ ‫عندما يكون للقراءة عشاق‬ ‫منال محمد ‪35‬‬ ‫أَسر‬ ‫شيء من قبس‬ ‫خولة القريشي ‪37‬‬ ‫لحظة انتهاء‬ ‫مراجعة كتاب‪ :‬إنسان الإنسان‬ ‫آلاء القويري ‪38‬‬ ‫سمانا السامرائي ‪40‬‬ ‫عطالله الجهني ‪42‬‬ ‫دانة محمد ‪44‬‬ ‫زهرة الصالح ‪46‬‬ ‫سارة العجيلي ‪49‬‬ ‫آلاء القويري ‪50‬‬ ‫مرام العبدالقادر ‪52‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪4‬‬ ‫ديباجة التحـــرير‬

‫‪5‬‬ ‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫وانطلا ًقــا مــن هــذا الــدور الــذي‬ ‫الحمــد لله رب العالمــن‪ ،‬والصــاة‬ ‫يتمتـع بـه المثقـف وقفـت ال ّنخـب الثقافيـة‬ ‫والســام علــى نبينــا محمــد‪ ،‬وعلــى آلــه‬ ‫ومشــاريع القــراءة الشــبابية ص ًفــا واحــ ًدا‬ ‫لتحقيــق رســالة معــرض الكتــاب‪ ،‬وحملــت‬ ‫وصحبــه أجمعــن‪ ،‬وبعــد‪:‬‬ ‫علـى عاتقهـا هـ ّم نشـر الوعـي بـن أفـراد‬ ‫المجتمــع‪ ،‬وتشــجيعهم علــى مزيــد مــن‬ ‫كمــا أن للزمــن مواســم يهطــل فيهــا‬ ‫المطــر‪ ،‬وينبــت الــزرع‪ ،‬وتخضــر الأرض‪،‬‬ ‫القــراءة‪.‬‬ ‫وترتـوي الحقـول‪ ،‬فللكتـب مواسـم كمواسـم‬ ‫الربيـع‪ ،‬تبعـث الفـرح‪ ،‬وتنشـر النـور‪ ،‬وتجدد‬ ‫القــراءة ليــس لهــا مواســم‪ ،‬والكتــب لا‬ ‫الأمــل في قلــوب ر ّواد الثقافــة والأدب‬ ‫تعــرف التوقيــت‪ ،‬فالحيــاة بأكملهــا موســم‬ ‫ومح ّبــي القــراءة علــى اختــاف مشــاربهم‬ ‫للقــراءة والاطــاع‪ ،‬وفرصــة للمغامــرة‬ ‫ومآربهــم‪ ،‬معــارض الكتــب الســنوية باتــت‬ ‫والمعرفــة‪ ،‬يخضــ ّر العمــر بهــا‪ ،‬وتتعافــى‬ ‫أيقونــة وتظاهــرة ثقافيــة كبــرى ومواســم‬ ‫الـروح‪ ،‬وتتخلـص مـن مخاوفهـا وأحزانهـا‪،‬‬ ‫خصبــة للقــراءة واقتنــاء الكتــب والحديــث‬ ‫ففــي أصعــب اللحظــات وأقســاها علــى‬ ‫عنهـا‪ ،‬ينتظرهـا أصدقـاء القـراءة ومتذوقـو‬ ‫بنــي الإنســان‪ ،‬كانــت المكتبــة دائ ًمــا هــي‬ ‫الحـرف وعشـاق الكتـب‪ .‬وهـي تأتـي لخلـق‬ ‫المدينــة الآمنــة والنافــذة المشــرقة‪ ،‬وكانــت‬ ‫حـراك فكـري وأدبـي ورفـد الحيـاة العلميـة‬ ‫الكتـب وحدهـا مـن يسـتطيع أن يشـعر بنـا‬ ‫علــى مــدار العــام‪ ،‬وتؤكــد علــى أهميــة‬ ‫ويتحــدث إلينــا ويفهمنــا كصديــق يعرفنــا‬ ‫حضــور الكتــب في حياتنــا؛ لتكــون رفي ًقــا‬ ‫دائ ًمـا لا زائـ ًرا عابـ ًرا‪ ،‬وتُذ ّكـر بـأن الكتـاب‬ ‫مــن آلاف الســنين ‪.‬‬ ‫نتـاج معـرفي يسـتحق الاحتفـاء علـى الدوام‪،‬‬ ‫فـكل كتـاب يُضـم إلـى رفـوف مكتبـة العالـم‬ ‫أســرة مجلــة قــوارئ تطمــح لأن يكــون‬ ‫هـو ميـاد فكر‪ ،‬وامتداد حياة‪ ،‬واسـتمرارية‬ ‫الكتـاب مزرو ًعـا ك ُشـتيلة في أيـدي صغارنـا‪،‬‬ ‫وأن نجده في المقاهي والشـواطئ والأسـواق‬ ‫إنســان‪ ،‬وتشــييد حضــارة‪.‬‬ ‫والحدائـق‪ ،‬وأن يتوفـر بشـكل أكبـر وأكثـف‬ ‫في الجامعــات‪ ،‬وأن ينتشــر في المــدارس‬ ‫ولمـا يضطلـع بـه المثقـف مـن دور محـور ّي‬ ‫وف ًقـا للمراحـل العمريـة المختلفـة‪ ،‬وأن يُق ّدم‬ ‫ومسـؤولية جسـيمة حيـث يعبـر عنـه بأنـه‬ ‫بطـرق أكثـر متعـة وجاذبيـة‪ ،‬وأن تتضاعـف‬ ‫ضميــر المجتمــع‪ ،‬وهــو صاحــب وظيفــة‬ ‫الجهـود لدعـم المكتبـات المدرسـية وإثرائهـا‪،‬‬ ‫غايتهـا نشـر الوعـي وكل مالـه صلـة ببنـاء‬ ‫وأن تقــام الفعاليــات والمســابقات المتعلقــة‬ ‫شــخصية الإنســان؛ فــإن وظيفتــه تخرجــه‬ ‫بالكتــب وتُدعــم المشــاريع والأفــكار التــي‬ ‫مـن فرديتـه المعرفيـة إلـى كينونـة اجتماعيـة‬ ‫مـن شـأنها أن تصنـع جيـ ًا قار ًئـا‪ ،‬وشـبا ًبا‬ ‫فاعلــة ومؤثــرة‪ ،‬كمــا يقــول إدوارد ســعيد؛‬ ‫مؤهــ ًا لمواكبــة الأمم‪ .‬وكمــا يقــول عــ ّراب‬ ‫حيـث يـرى أن المثقـف هـو الشـخص الملتـزم‬ ‫الكتـب ألبرتـو مانغويـل‪« :‬إن القـراءة مفتـاح‬ ‫والواعـي اجتماع ًيـا‪ ،‬الـذي يكـون بمقـدوره‬ ‫رؤيــة المجتمــع والوقــوف علــى مشــامله‬ ‫العال ـم»‪.‬‬ ‫وخصائصـه وملامحـه‪ ،‬ومـا يتبـع ذلـك مـن‬ ‫دور اجتماعــي فاعــل في عــاج وتصحيــح‬ ‫فاطمة أبو سعدة _‪@_0f9‬‬ ‫المســارات الخاطئــة في حركــة المجتمــع‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪6‬‬ ‫\"إن صياغـة الأفـكار أصعـب وأوجـع مـن صياغـة المعـادن الثمينة والأحجار‬ ‫الكريمة‪ .‬إنها ليسكب عليها المرء قوى نفسه أحيا ًنا‪ ،‬ويغ ّذيها من حشاشته‪،‬‬ ‫ويرويهـا مـن دمـاء حياتـه‪ .‬وإن كان في ذلـك مشـقة فـإن كذلـك فيهـا مجـ ًدا‬ ‫عظي ًما‪ ،‬وكأن المجد لا ُيدفع ثمنه إلا من دماء الحياة‪ ،‬وسويداء القلوب!\"‪.‬‬ ‫مـي زيادة‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪7‬‬ ‫س ُّر الكتب!‬ ‫محمد الدواس ‪@abndawas‬‬ ‫للمحاولــة بأكثــر مــن طريقــة لفهمــه‪.‬‬ ‫لا يغرينـي هـذا العالـم‪ ،‬لذلـك كنـت مولعـاً‬ ‫بالكتــب‪ ،‬هنــاك شــيء خفــي يقودنــي إليهــا‬ ‫الكتــب‪ ،‬أليســت تمنحنــا الأحــام ؟ أليــس‬ ‫بعيــداً عــن أصدقائــي وبشــكل ســري دون‬ ‫الب ُعـد عنهـا شـذوذاً ينعكـس علـى هـذا العالـم‬ ‫علمهــم ‪ .‬لــم أكــن أهــرب مــن العالــم للكتــب‪،‬‬ ‫بـل كنـت أتسـلح بالكتـب لمواجهـة العالـم؛ هـؤلاء‬ ‫بتصرفــات غريبــة وشــاذة؟!‬ ‫البشـر لا يسـعهم عقـل واحـد ليتعامـل معهـم‪،‬‬ ‫لذلـك فالعقـول المرصوصـة علـى الرفـوف هـي‬ ‫علــى مــدار التاريــخ لــم أســمع عــن مكتبــة‬ ‫الســبيل الوحيــد ليــس لفهــم هــذا العالــم بــل‬ ‫تم اســتهدافها إرهابيــاً‪ .‬نعــم يســتهدفون‬ ‫بعـض الكتـب‪ ،‬ويرقصـون رقصـة الحـرب علـى‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪8‬‬ ‫مــن صاحــب المتجــر طعامــاً أو شــمعة ليكتــب‬ ‫شــعلتها‪ ،‬لكنهــم علــى الأقــل يتركــون المكتبــة‬ ‫علــى نورهــا‪ ،‬في النهايــة اســتدان شــمعة !‬ ‫لتنشــر الكتــب التــي يؤمنــون بهــا‪.‬‬ ‫كذلـك في كتـاب \"وداعـاً كولومبـس\" لفيليـب‬ ‫لــم تكــن صدفــة‪ ،‬أو ضربــة حــظ حــن‬ ‫روث في إحـدى القصـص التـي يضمهـا الكتـاب‬ ‫صــدرت دراســة تؤكــد أن أســعد وظيفــة في‬ ‫جعـل بطـل القصـة يتـزوج فتـاة فقـط مـن أجـل‬ ‫العالـم هـي (أمـن مكتبـة) ‪ ،‬لكننـا مـن تعاسـتنا‬ ‫نجــد أن هنــاك قلــة قليلــة فقــط مــن يســعون‬ ‫أن يعيـد الكتـاب الـذي اسـتعارته منـه !‬ ‫لهــذه الوظيفــة الجميلــة‪ .‬ألا يكفينــا إغــرا ًء أن‬ ‫هـذا لا يحـدث فقـط في القصـص الخياليـة‪،‬‬ ‫أول آيــة نزلــت علــى نبينــا هــي (اقــرأ) ؟!‬ ‫فتلـك القصـص هـي انعـكاس للواقـع‪ ،‬وتهذيـب‬ ‫لــه في أحيــان كثيــرة‪ ،‬فالكاتــب يختبــئ خلــف‬ ‫ومــن القلــة الباقيــة في هــذا الزمــن‪،‬‬ ‫أبطالــه‪ ،‬وأحيانــاً يحملهــم أشــياء لا يســتطيع‬ ‫الأرجنتينــي \"ألبرتــو مانغويــل\" عاشــق الكتــب‬ ‫المشــهور ‪ ،‬حيــث يقــول أنــه في الوقــت الــذي‬ ‫أن يتحملهــا في الواقــع‪.‬‬ ‫يحلــم أصدقــاؤه بمآثــر بطوليــة في حقــول‬ ‫الهندســة والقانــون والمــال والسياســة‪ ،‬كان‬ ‫ومــن الواقــع قصــة الكاتــب الأمريكــي‬ ‫\"تشــارلز بوكوفســكي\" الــذي كان موظفــاً في‬ ‫حلمــه بــأن يصبــح (أمــن مكتبــة) !‬ ‫البريــد وكان محتــا ًرا بــن أن يبقــى بالبريــد‬ ‫ويصــاب بالجنــون‪ ،‬أو أن يســتمر في الكتابــة‬ ‫كذلــك لا ننســى نحــن عشــاق الكتــب أن‬ ‫ويمــوت جوعــاً‪ ،‬وبالتأكيــد لــو لــم يكــن كاتبــاً‬ ‫\"بورخيـس\" كان في يـوم مـن الأيـام أمـن مكتبـة‪،‬‬ ‫لاختــار البريــد‪ ،‬لكــن الكتابــة لعنــة‪ ،‬فلقــد‬ ‫وكان أكثــر مــا يؤرقــه أنــه يعلــم أن في المكتبــة‬ ‫اختــار المــوت جوعــاً!‬ ‫كتــاب يشــاهده الآن لــن يفتحــه قــط !‬ ‫وفي أدبنـا العربـي هنـاك \"أسـامة بـن منقـذ\"‬ ‫أعتقـد أن كل القـراء تؤرقهـم نظـرة النـاس‬ ‫الــذي ضــرب الزلــزال مدينتــه شــمال ســوريا‬ ‫للقــارئ‪ ،‬أقصــد تلــك النظــرة الممتلئــة بالشــك‬ ‫وقضــى علــى عائلتــه كاملــة ومــع ذلــك يقــول‬ ‫وأحيانــاً بالجنــون‪ ،‬ودائمــاً نســمع أننــا نضيــع‬ ‫أن الجـرح الـذي لـم يندمـل مـدى حياتـه ليـس‬ ‫أوقاتنــا في قــراءة الكتــب ‪ -‬يبــدو أنهــم لا‬ ‫فقدانــه لعائلتــه‪ ،‬بــل هــو فقدانــه لكتبــه التــي‬ ‫يعلمــون عــن المــال‪!-‬‬ ‫غرقــت في إحــدى رحلاتــه!‬ ‫ونعلــم أن أي مصيبــة تحــل بقــارئ مباشــرة‬ ‫ســتظل القــراءة وعشــق الكتــب ســراً لا‬ ‫يربطهــا الجميــع بأنهــا بســبب تلــك الكتــب‬ ‫يفهمــه إلا مــن يقــرأ‪ ،‬وســيظل الخــوف مــن‬ ‫فقدانهـا أكبـر مـن خـوف الرحيـل عـن الحيـاة‪.‬‬ ‫التــي يقرأهــا‪.‬‬ ‫لـذا تجـد عشـاق الكتـب يخافـون علـى مصيـر‬ ‫كتبهــم بعــد موتهــم أكثــر مــن خوفهــم علــى‬ ‫لا أنكـر أن عشـق الكتـب أحيانـاً ضـرب مـن‬ ‫منازلهــم ومــن يســكنها‪ ،‬فللبيــوت رب يحميهــا‪،‬‬ ‫الجنـون‪ ،‬ففـي روايـة الجـوع للنرويجـي\" كنـوت‬ ‫وللكتـب ورثـة يبيعونهـا‪ ،‬يقـال أن في بغـداد إذا‬ ‫هامســون\" كان بطــل القصــة معدمــاً لدرجــة‬ ‫أردت كتابــاً ولــم تجــده فانتظــر حتــى يتوفــى‬ ‫أنــه لا يــرى ســلم الفقــر‪ ،‬ويعتقــد أن الفقــراء‬ ‫أحدهــم فعندئــذ تبــاع كتبــه في اليــوم التالــي‬ ‫الذيـن لا يموتـون جوعـاً مترفـن‪ ،‬وكان لا يجـد‬ ‫فتجــد مــا تريــد‪ ،‬وعلــى ذمــة قاســم الرجــب‬ ‫مــا يأكلــه لأيــام‪ ،‬وكان كاتبــاً يحاربــه الجــوع‪،‬‬ ‫الـذي يقـول أن البغـدادي إذا أفلـس بـاع كتبـه!‬ ‫فالكثيـر مـن الأفـكار تهـرب منـه بسـبب جوعـه‬ ‫الدائـم‪ ،‬في أحـد الليالـي المظلمـة كان يريـد أن‬ ‫يكتـب قصـة لكنـه كان محتـا ًرا بـن أن يسـتدين‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪9‬‬ ‫إعداد‪:‬‬ ‫هند الصبار‬ ‫فاطمة أبو سعدة‬ ‫جامعـة بـردو بولايـة إنديانـا في عـام ‪،1978‬‬ ‫والدكتـوراة في الأدب الإنجليـزي والأمريكـيضيف العدد‬ ‫مـن جامعـة بـردو وكانـت أطروحتـه حـول‬ ‫د‪ .‬سعد‬ ‫الاستشـراق في الآداب الأوروبيـة‪ ،‬عمـل‬ ‫أسـتا ًذا لآداب اللغـة الإنجليزيـة والأدب‬ ‫المقـارن بجامعـة الملـك سـعود بالريـاض‬ ‫منـذ ‪ 1984‬وحتـى انتقالـه لعضويـة مجلـس‬ ‫البازعي‬ ‫الشـورى عـام ‪ 2009‬حيـث مـا يـزال‪ ،‬شـغل‬ ‫مناصـب عـدة منهـا رئاسـة تحريـر صحيفـة‬ ‫«ريـاض ديلـي» الصـادرة باللغـة الإنجليزيـة‪،‬‬ ‫‪@albazei‬‬ ‫الدكتـور سـعد بـن عبدالرحمـن البازعـي‪ ،‬ورئاسـة تحريـر الطبعـة الثانيـة مـن‬ ‫ناقـد ومفكـر سـعودي‪ ،‬حاصـل علـى الموسـوعة العربيـة العالميـة‪ ،‬ورئاسـة النـادي‬ ‫البكالوريـوس في اللغـة الإنجليزيـة وآدابهـا الأدبـي بالريـاض‪ ،‬ورأس لجنـة التحكيـم‬ ‫مـن جامعـة الملـك سـعود بالريـاض ‪ ،1974‬لجائـزة الروايـة العربيـة العالميـة (البوكـر)‬ ‫نـال الماجسـتير في الأدب الإنجليـزي مـن‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪10‬‬ ‫هـل هـو بمسـتوى الطـرح والتأليـف أم‬ ‫اقـهرتاءماة ًماـلاأدكبب‪،‬يـ ًرواو كسـوينلـةه‬ ‫‏‪ .1‬تولـي النقـد‬ ‫بالمعـدل القرائـي؟ أم بالحضـور والنشـاط‬ ‫عمليـة أساسـية في‬ ‫ضروريـة للاسـتفادة مـن ثقافـة الآخـر‪،‬‬ ‫الاجتماعـي والثقـافي؟‬ ‫فكيـف يطـور الكاتـب مـن أدواتـه النقديـة‬ ‫المثقـف شـخص يتصـف بالوعـي والقـدرة علـى‬ ‫ويوظفهـا في كتاباتـه؟ وهـل الكتابـة بمنـأى‬ ‫التفكيــر النقــدي‪ ،‬وتأتــي القــراءة رافــداً أساســياً‬ ‫عـن النقـد تعـ ّد نق ًصـا في الكاتـب؟‬ ‫يغــذي تلــك كلهــا‪ .‬ثــم إن للمثقــف دوراً حيويــاً في‬ ‫بنـاء المجتمـع ‪ ،‬وتطويـر الحيـاة الثقافيـة مـن خـال‬ ‫‏الأدوات النقديـة تتطـور بقـراءة النصـوص وكتـب‬ ‫المشــاركة بالــرأي كتابــة وتحدثــاً‪ ،‬فعليــه مســؤولية‬ ‫النقـد‪ ،‬أي بتعلـم أدوات النقـد مـن مفاهيم ونظريات‬ ‫الإفــادة ممــا قــرأ ونقــل ذلــك إلــى غيــره‪ .‬وبهــذا‬ ‫ومناهـج وتطبيقـات‪ ،‬إلـى جانـب الإكثـار مـن قـراءة‬ ‫المعنـى يمكـن القـول إن العلمـاء وأسـاتذة الجامعـات‬ ‫ليسـوا مثقفـن بالضـرورة ‪ ،‬عليهـم أن يشـاركوا في‬ ‫النصــوص‪ .‬لكــن النقــد مثلــه مثــل الأدب‪ ،‬موهبــة‬ ‫بنـاء الحيـاة الثقافيـة العامـة خارج جـدران مكتباتهم‬ ‫أيضـاً‪ ،‬فليـس كل مـن قـرأ مـا ذكـرت قـادر بالضرورة‬ ‫أو فصولهــم الدراســية‪.‬‬ ‫علـى التحـول إلـى ناقـد‪ .‬لابـد مـن حـس نقـدي يكون‬ ‫موجـوداً ثـم تنميـه القـراءة‪.‬‬ ‫‪ .4‬يتنـاول المثقفـون مصطلـح \"الوعـي‬ ‫الثقـافي\" مـا صـورة هـذا الوعـي وتطبيقاتـه؟‬ ‫‪ .2‬المطالـع لكتبـك ومقالاتـك يلمـس‬ ‫عميقـة‬ ‫ومعرفـة‬ ‫فكواريـسـة ًعا‬ ‫ـا‬ ‫بمنشــكخصإيلماا ًتم‬ ‫وثقافيـة‬ ‫وفلسـفية‬ ‫‏الوعـي الثقـافي مفهـوم يتمثـل في مـا يصـدر عـن‬ ‫عربيـة وعالميـة كثيـرة جـ ًدا ومؤثـرة‪ ،‬كيـف‬ ‫حامـل ذلـك الوعـي مـن أعمـال تنقلـه مـن الداخـل‬ ‫تمكنـت مـن بلـوغ مثـل هـذه الأسـماء‬ ‫إلـى الآخريـن ‪ ،‬يجـب أن يتحـول الوعـي إلـى توعيـة‬ ‫والشـخصيات ؟ وكـم مـن الوقـت اسـتغرقت‬ ‫تجعـل الوعـي في متنـاول المجتمـع‪.‬‬ ‫رحلـة قراءاتـك معهـا وتتبعهـا لتحتـل إلـى‬ ‫‪ .5‬الاسـتعداد للكتابـة الإبداعيـة‬ ‫جانـب ذلـك نصي ًبـا وافـ ًرا مـن تحليلـك‬ ‫والتأليـف هـل هـو فطـري أم مكتسـب؟ ومـا‬ ‫ونقـدك وقراءاتـك؟‬ ‫وهـل كل قـارئ‬ ‫الـجيـذديكياتمـيـبزبكاالت ًبـضاـرعوـرةن؟غبيـمـراهذ؟ا‬ ‫تنصـح القـ ّراء‬ ‫والك ّتـاب والمؤلفـن الجـدد؟‬ ‫ليـس مـن إجابـة على هذا السـؤال سـوى القراءة‪،‬‬ ‫والقـراءة ترافـق الإنسـان منـذ البدايـة‪ ،‬أحيانـاً قبـل‬ ‫كلمة \"استعداد\" تستعمل لوصف إمكانية فطرية‪،‬‬ ‫والكتابـة كذلـك لكنهـا بـدون ثقافة ودربة مكتسـبة لا‬ ‫دخـول المدرسـة وهـو بالفعـل مـا حـدث معـي‪ ،‬حيـث‬ ‫قيمـة لهـا لأنهـا لـن تظهـر‪ ،‬لـذا الكتابـة الإبداعيـة‬ ‫هـي مزيـج مـن الفطـري والمكتسـب‪ .‬أمـا مـا يميـز‬ ‫علمنـي والـدي رحمـه الله القـراءة مـن خلال عناوين‬ ‫الكاتـب عـن غيـره فهـو التمكـن من الكتابـة‪ ،‬أنه فنان‬ ‫الصحـف الكبيـرة مـع أنـه هـو لـم يكـن قارئـاً متمكنـاً‬ ‫مثقـف أداتـه اللغـة‪ .‬المبدعـون الآخـرون في الرسـم‬ ‫والموســيقى أدواتهــم مختلفــة ويحتاجــون الثقافــة‪،‬‬ ‫من القراءة‪ .‬‬ ‫لكنـي أظـن أن الكتابـة بمـا أنهـا تتعامـل مـع المـوروث‬ ‫الثقـافي وهـو في مجملـه مكتـوب فهـي بحاجـة أكثـر‬ ‫‏تولـى تطويـر قدراتـي على القـراءة بعد ذلك أخي‬ ‫مـن غيرهـا مـن الفنـون إلى البعـد الثقـافي‪ .‬والموروث‬ ‫الأكبـر بأخـذي إلـى المكتبـات وتشـجيعي علـى وضـع‬ ‫هنـا لا يعنـي الماضـي وإنمـا الحاضـر أيضـاً‪ ،‬أي مـا‬ ‫مكتبـة لـي في المنـزل بـدل ًا من اللعب بـأدوات منزلية‪.‬‬ ‫كتـب أو أنتـج قبـل لحظـة الكتابة‪ .‬لابـد للروائي مثل ًا‬ ‫وبالفعـل تعرفـت علـى قصـص للأطفـال ثـم تطـور‬ ‫ذلـك إلـى قصـص لليافعـن إلـى أن بـدأت بقـراءة‬ ‫الكتـب الجـادة مـن أدب وغيـره في المرحلـة الثانويـة‪.‬‬ ‫‪ .3‬تعريفكـم المبسـط للمثقـف‪ :‬صفاتـه‬ ‫الأساسـية‪ ،‬مقيـاس النجـاح ومعياريتـه؟‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪11‬‬ ‫الاهتمـام بفعـل القـراءة وأثـره الثقـافي‪،‬‬ ‫أن يقـرأ روايـات الآخريـن قبل أن يكتب روايته‪ ،‬وتلك‬ ‫كيـف يسـتطيع الكاتـب أن يتعمـق ويبـدع‬ ‫الروايـات بالنسـبة لـه موروث عليـه أن يضيف إليه‪ .‬‬ ‫في مواضيـع متقاربـة إلـى حـد مـا ويتناولهـا‬ ‫وماـلنألـأوباعـنادالأمدبخيتـلةفـتةجـ؟دونفيف أسـّيكال؟موضوعـات‬ ‫‪ .6‬أطروحـة الدكتـوراة التـي كانـت عـن‬ ‫الاستشـراق في الآداب الأوروبيـة‪ ،‬وكتبـك‬ ‫سـبق أن قيـل إن الكاتـب يكتـب كتابـاً واحداً ولكن‬ ‫التـي تتعلـق بالاختـاف واسـتقبال الآخـر‬ ‫مـن زوايـا مختلفـة‪ ،‬وأظـن ذلـك يصـدق علـي إلـى‬ ‫والنقـد الأدبـي والقـراءات في الروايـة‬ ‫حـد بعيـد‪ .‬فالهمـوم الرئيسـة واحـدة ومـا يختلـف‬ ‫والشـعر‪ ،‬يتضـح أن هـذه الموضوعـات‬ ‫هـو المقاربـة‪ ،‬كيفيـة طرحهـا‪ ،‬الزوايـا التـي تؤتـى مـن‬ ‫سـيطرت علـى د‪ .‬سـعد أكثـر مـن غيرهـا ‪،‬‬ ‫خلالهـا‪ ،‬التفاصيـل التـي تضـاف والعمـق المكتسـب‬ ‫أحيانــاً – وليــس دائمــاً – ‪ ‬مــع التقــدم في العمــر‬ ‫لمـاذا؟‬ ‫والتجربـة‪.‬‬ ‫أعتقــد أن دراســتي لــآداب الغربيــة لاســيما‬ ‫الإنجليـزي والأمريكـي منهـا‪ ،‬جعلنـي حساسـاً تجـاه‬ ‫الغربيـة‬ ‫اليهـودي في الحضـارة‬ ‫كان‪ .9‬اعلمنوكـا ًّونـان‬ ‫موقـع الآخـر أو تجـاه العلاقات الثقافية وما يكتنفها‬ ‫وكتبـت‬ ‫لأحـد كتبـك المهمـة‪،‬‬ ‫مـن تعقيـدات وملابسـات‪ .‬فأنـا قريـب مـن الآخـر‬ ‫مقـالات متفرقـة في كتبـك عـن خطـاب‬ ‫بحكـم التخصـص وقربـي يسـاعدني علـى معرفة ما‬ ‫الإصـاح اليهـودي ودور اليهـود في الحضـارة‬ ‫تعنيـه الآخريـة‪ ،‬مـا تـؤدي إليـه‪ ،‬مـا تكشـف عنـه أو‬ ‫الغربيـة‪ ،‬مـا سـ ّر هـذا الاهتمـام؟‬ ‫تتسـبب بـه‪ .‬وأظـن أن الهـم الإنسـاني لعـب دوراً في‬ ‫ذلـك ‪ ‬كلـه أيضـاً‪ ،‬بمعنـى أن هنـاك حساسـية تنامـت‬ ‫‏سـر الاهتمـام يكمـن في أهميـة الإسـهام اليهـودي‬ ‫لـدي تجـاه المعانـاة التـي تتولـد عن سـوء الفهـم الذي‬ ‫في تاريــخ الحضــارة‪ ،‬والحاجــة إلــى تجــاوز ســوء‬ ‫الفهـم الـذي يكتنـف علاقتنـا بالجماعـات اليهوديـة‬ ‫تتسـم بـه العلاقـات بالآخـر عـادة‪.‬‬ ‫ويجعــل مــن الصعــب علــى الكثيريــن اســتيعاب‬ ‫ذلـك الـدور ‪ ،‬ففهـم إسـهام اليهـود جـزء مـن فهـم‬ ‫‪ .7‬دراسـة الأدب الإنجليـزي وتدريسـه ‪،‬‬ ‫الحضـارة الغربيـة بشـكل خـاص لأنهـم شـكلوا ومـا‬ ‫مـا أثـره علـى د‪ .‬سـعد ؟ هـل كانـت معرفـة‬ ‫زالـوا يشـكلون عنصـراً أساسـياً في تكويـن الحضـارة‬ ‫إنتـاج الآخـر حافـ ًزا لتقـديم كتـب نوعيـة‬ ‫المعاصــرة‪ .‬ولكــن هــذا لا يعنــي أنهــم وحدهــم‬ ‫المهمــن ‪ ،‬هنــاك مــن هــو أهــم‪ ،‬ولكــن معرفــة دور‬ ‫للمكتبـة العربيـة؟‬ ‫تلـك الجماعـات ضـروري والتغلـب علـى التحيـزات‬ ‫نعم أعتقد أن دراسـة الأدب الإنجليزي وضعتني‬ ‫الثقافيـة ضـروي لتحقيـق تلـك المعرفـة‪.‬‬ ‫في رحلـة إلـى الآخـر ومحاولـة لفهمـه واستكشـاف‬ ‫مـا لديـه بشـكل عـام ‪ ،‬وكان طبيعيـاً أن يـؤدي ذلـك‬ ‫‪ .10‬الوسـط الثقافي يفتقد دعم المواهب‬ ‫إلــى شــعور بالمســؤولية تجــاه ثقافتــي العربيــة‪ ،‬أن‬ ‫الشـابة التي تخطو أولى خطواتها في سـلم‬ ‫علـي أن أكـون جسـراً بينهـا وبـن الآخـر وأن أفيـد‬ ‫الإبـداع‪ ،‬وتتطلـع لتقـديم أعمـال إبداعيـة‬ ‫ممـا عرفتـه لإثـراء تلـك الثقافـة والمسـاهمة في فتـح‬ ‫تعبـر عنهـا وعـن طموحاتهـا‪ ،‬مـا بـن كتابـة‬ ‫الروايـة والقصـة القصيـرة أو المقـالات‬ ‫أبوابهـا للمختلـف‪.‬‬ ‫والنصـوص الشـعرية أو الرسـم والتصميـم‬ ‫‪ .8‬قلـق المعرفـة‪ ،‬أبـواب القصيدة‪ ،‬شـرفات‬ ‫للرؤيـة‪ ،‬مشـاغل النـص‪ ،‬جـدل الألفـة‬ ‫والغرابـة‪ ،‬عناويـن كتبـك يجمـع بينهـا‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪12‬‬ ‫وغيرهـا مـن الفنـون‪ ،‬كيـف ندعـم مثـل تلـك المواهـب ونبـ ّث فيهـا الأمـل ونتيـح لهـا أكبـر‬ ‫مسـاحة للإبـداع والتميـز؟‬ ‫دعـم تلـك المواهـب يأتـي علـى أكثـر مـن مسـتوى‪ :‬إتاحـة الفرصـة لهـم للتعبيـر عمـا لديهـم‪ ،‬وتقـديم الرؤيـة‬ ‫حـول مـا ينتجـون‪ ،‬وإشـعارهم بأهميـة نتاجهـم حـن يكـون ذلـك النتـاج مهمـاً فعـ ًا‪ .‬لكـن المواهـب ليسـت‬ ‫محصـورة في الكتابـة الإبداعيـة‪ .‬هنـاك مواهـب أيضـاً في الكتابـة النقديـة والبحـث والتفكيـر‪ .‬كل ذلـك يحتـاج‬ ‫إلـى دعـم‪.‬‬ ‫‪ .11‬كيـف تنظـر للمشـاريع الثقافيـة التطوعيـة المنتشـرة علـى بعـض مواقـع التواصـل‬ ‫الاجتماعـي؟ وهـل تعتقـد أنهـا تسـهم في تشـكيل الوعـي وبنـاء الثقافـات؟‬ ‫لسـت مـع الأسـف علـى صلـة بتلـك المشـاريع وإن سـمعت عنهـا مـن بعيـد‪ .‬لاشـك أنهـا تبعـث علـى الاعتزاز‬ ‫بأولئـك الذيـن يمنحـون الآخريـن وقتهـم دون مقابـل ‪ ،‬وأظـن أن تنامـي ذلـك اللـون مـن النشـاط مـن شـأنه أن‬ ‫يعـزز الوعـي ويبنـي الثقافـة علـى أن يتوجـه التوجـه الصحيـح‪ ،‬فالتطـوع بحـد ذاتـه لا يكفـي‪ .‬لابـد مـن ترشـيد‬ ‫التطـوع أيضـاً واحتضانـه مؤسسـياً لكـن دون احتوائـه وتقييده‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪13‬‬ ‫سندريلا تكتب‬ ‫قصيدة‬ ‫آسية المطوع ‪@Asyeh_m‬‬ ‫كلنا نذكر قصة سندريلا؛ لكن أ ُّينا تجاوز شكل القصة وتأمل في مضمونها؟!‬ ‫سـندريلا الخادمـة التـي اسـتُغلّت مـن قبـل عائلـة غنيـة‪ ،‬وكيـف اسـتطاعت أن تتجـاوز هـذا المـأزق‬ ‫الكبيـر بفضـل رجـل انتشـلها مـن عالـم الـذل إلـى عرائـش العـز والغلبـة‪.‬‬ ‫هـذه حقيقـة المـرأة متراجعـة و ُمسـتغلّة تنتظـر ظهـور رجـل يأتـي لينقذهـا إن وقعـت في محنـة‪ ،‬تـرى‬ ‫الرجـل علـى أنـه (بطـل الحيـاة) الـذي لا يُغلـب‪ ،‬وهنـا نسـتطيع القـول بـأن جميـع الانتقـالات الجيـدة في‬ ‫حيـاة المـرأة عـاد ًة مـا يكـون الرجـل وراءهـا ولـه يـد الفضـل فيهـا‪.‬‬ ‫أما الآن فظهرت سـندريلا الجديدة‪ ،‬سـندريلا المعت َّدة بنفسـها‪ ،‬القائمة على شـؤونها بدون مسـاعدة‬ ‫الرجـل‪ ،‬المسـتقلة بذاتها الحـرة في أفعالها‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪14‬‬ ‫فكـرة (المـرأة فيمـا تمـارس لا فيمـا تفكـر)‪ ،‬هـذه‬ ‫وبـن سـندريلا القديمـة وسـندريلا الجديـدة‬ ‫الفكـرة التـي تختـزل قـدر المـرأة في عملهـا المنزلـي‬ ‫إلــى أي مــدى نجحــت المــرأة الكاتبــة في إظهــار‬ ‫وفي تربيــة الأبنــاء وحســب هــي فكــرة قاصــرة‬ ‫تنتقـص مـن قـدر المـرأة ومـن عقلهـا‪ ،‬وهـي التـي‬ ‫فنه ـا؟‬ ‫جعلــت المجتمــع الغربــي ينظــر للمــرأة كجســم‬ ‫فقــط وليــس كفكــر ووعــي؛ هــذا الإجحــاف في‬ ‫حينمـا نفتـش في التـراث الأدبـي لا نـكاد نجـد‬ ‫حقهـا أسـكت صوتهـا‪ ،‬وخنـق فنهـا تحـت وطـأة‬ ‫أي أثـر لـأدب النسـوي‪ ،‬إلا مـا كان ظهـو ًرا طيف ًّيـا‬ ‫في قصيـدة غزليـة أو مـا شـابه‪ ،‬فمـا السـر وراء‬ ‫هــذه الأفــكار القاصــرة‪.‬‬ ‫ذلـك؟!‬ ‫والشـيء بالشـيء يُذكـر فقـد تحدثـت الكاتبـة‬ ‫التركيــة \"فرجينيــا وولــف\" عــن هــذا الإجحــاف‬ ‫بطبيعــة الحــال لا يمكــن القــول بــأن الأدب‬ ‫ضـد أدب المـرأة في كتابهـا‪( :‬غرفـة للمـرء وحـده)‬ ‫والفــن كان مقصــو ًرا علــى الذكــور دون الإنــاث‪،‬‬ ‫‪ ،‬فافترضـت مـاذا لـو كان لشكسـبير أخ ًتا موهوبة‬ ‫وتأويـل ذلـك يعـود إلـى مـا تلاقيـه المـرأة مـن قيـود‬ ‫تتمتـع بالموهبـة نفسـها التـي يمتلكهـا شكسـبير‪،‬‬ ‫اجتماعيـة َتـ ِرم المـرأة مـن حقها في إلقاء قصيدة‬ ‫وكانـت شـغوفة بالمسـرح فهـل سـيتق ّبلها المجتمـع‬ ‫نظمتهـا‪ ،‬أو كتابـة مسـرحية أبدعتهـا‪ ،‬فالمجتمـع‬ ‫‪-‬عرب ًيـا كان أو غرب ًيـا‪ -‬لـم يتقبـل المـرأة بروحهـا‬ ‫كمـا تق ّبـل أخاهـا شكسـبير؟!‬ ‫الشـاعرية‪ ،‬وظـل علـى مـدى قـرون مـن العصـور‬ ‫الجاهليـة وحتـى منتصـف القـرن العشـرين يضـع‬ ‫الجــواب هــو لا‪ .‬كل الفــرص التــي كانــت‬ ‫متاحـة لشكسـبير في الحقيقـة سـتكون محظـورة‬ ‫العقبـة تلـو العقبـة في وجـه المـرأة الأديبـة‪.‬‬ ‫علـى أخـت شكسـبير في عالـم تث ّبـط فيـه عزائـم‬ ‫النسـاء‪ ،‬ولا يُنظـر إليهـن داخـل الثقافـة الكتابيـة‪.‬‬ ‫لــذا حــن نطالــع مــا وصلنــا مــن قصائــد‬ ‫للشـعراء والشـاعرات علـى مـر العصـور نلاحـظ‬ ‫ومــن هنــا نقــول لابــد وأن تلــك الكــف التــي‬ ‫بوضــوح تفــاوت العــدد؛ إذ أن الشــعراء أكثــر‬ ‫ك َّممــت أفــواه النســاء كانــت تنظــر للمــرأة علــى‬ ‫بكثيــر مــن الشــاعرات‪ ،‬وهــذا بالطبــع لا يعنــي‬ ‫أنهــا كائــن خــا ٍل مــن النظــرة الفنيــة‪ ،‬وأن علــى‬ ‫قلــة كفــاءة القريحــة لــدى النســاء وإنمــا الثغــرة‬ ‫لســانها أ ّل يتعــدى توجيــه الأطفــال إلــى صــوت‬ ‫تكمـن في الجـدار الـذي شـيده المجتمـع ضـد فـن‬ ‫تطالـب بـه أو تثـور عـن طريقـه‪ ،‬وأن علـى كفهـا‬ ‫المـرأة‪ ،‬فالمـرأة عليهـا أن تهتـم ببيتهـا قبـل أن تهتـم‬ ‫برصـف بيـت شـعري في قصيـدة‪ ،‬وعليهـا أن تربي‬ ‫أن تصفــق لشــاعر لا أن تكتــب الشــعر!‬ ‫أبناءهـا وتـدع تربيـة النصـوص للرجـال‪ ،‬ثـم إنـه‬ ‫يجـب علـى هـذا الكائـن الرقيـق الحـس ألا يع ّبـر‬ ‫وبطبيعــة الحــال كانــت للمــرأة محاولاتهــا‬ ‫عـن شـعوره حـن يفقـد أو يحـزن أو حتـى يفـرح‬ ‫المســتميتة في نشــر الفــن والشــعر للمجتمــع‪،‬‬ ‫لأنـه سـيكون شـعو ًرا مبال ًغـا فيـه‪ ،‬وأقـرب للخيـال‬ ‫حتـى سـمح لهـا المجتمـع أخيـ ًرا بذلـك في فتـرة‬ ‫الســبعينيات مــن القــرن العشــرين‪ ،‬إلا أننــا لا‬ ‫وكثـرة العتـب تحـ ّد العـزم‪.‬‬ ‫ننكـر أنـه ظـل يسـتقبل فنهـا علـى أنـه فـ ٌن غريـب‪،‬‬ ‫ويضـع حـدوده عليـه حتـى ض ّيـق مسـاحة التعبيـر‪،‬‬ ‫ولـو تخ ّطـت كل هـذا وأظهـرت فنهـا رغ ًمـا عـن‬ ‫وتو ّجــس مــن تلــك المفــردة وتلــك‪ ،‬وراح يدقــق‬ ‫الجميـع‪ ،‬فـإن المجتمـع لـن يخلّـد فنهـا؛ لانتقاصـه‪،‬‬ ‫النظـر في تلـك الفكـرة‪ ،‬فظـل شـعور المـرأة بالكبت‬ ‫يحـز بنفسـها حتـى قـررت أخيـ ًرا أن تفـ ّض ال ُع َقـد‬ ‫وتكاثـره عليهـا ‪.‬‬ ‫بالمراوغــة لتثبــت للمجتمــع قدرتهــا علــى الفــن‪،‬‬ ‫فكتبــت نصو ًصــا ذيلتهــا بألقــاب ذكوريــة أخفــت‬ ‫أمـا الكاتبـة الغربيـة فقـد كانـت تواجـه الأمـر‬ ‫هويتهـا بهـا ليقـرأ المجتمـع ذلـك النـص علـى أنـه‬ ‫ذاتــه‪ ،‬فرغــم الانفتــاح الــذي تعيشــه المــرأة في‬ ‫الغــرب إلا أن المجتمــع الغربــي كان يرفــض أدب‬ ‫المـرأة؛ حيـث كان يـرى المـرأة علـى أنهـا شـخص‬ ‫بـا كيـان‪ ،‬وبـا رؤيـة‪ ،‬وظلـت المـرأة تعانـي تحـت‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪15‬‬ ‫( ‪ ) Women Work‬تتحـدث بأسـى عـن نظـرة‬ ‫لرجــل فيســتقبله دون حــ ّز القيــود عليــه‪.‬‬ ‫المجتمـع للمـرأة كعاملـة لا كمفكـرة‪ ،‬وكتبـت قصيـدة‬ ‫وممـا يُذكـر مـن هـذه المحـاولات عندمـا ظهـرت‬ ‫أخـرى وهـي ( ‪ ) Still I Rise‬كصرخـة في عالـم‬ ‫في تركيــا روايــة رومانســية عــام ‪ 1950‬بعنــوان‪:‬‬ ‫الوجـود الأنثـوي‪ ،‬نريـد أن نكـون‪ ،‬نريـد أن نرتفـع‪.‬‬ ‫(صبايـا صغيـرات) لمؤلفهـا \"فنسـنت يوينـغ\" ‪ ،‬وقـد‬ ‫تصــ ّدرت الروايــة ســري ًعا في قائمــة أكثــر الكتــب أمــا الكاتبــة \"إليــف شــافاق\" فتقــول‪( :‬الك ّتــاب‬ ‫مبي ًعــا وغ ّطــت أخبــاره وســائل الإعــام بشــكل الرجــال يجيئــون إلــى الأذهــان كك ّتــا ٍب أو ًل ثــم‬ ‫كرجـال‪ .‬أمـا الكاتبـات‪ ،‬فإنهـن إنـا ٌث أو ًل ومـن ثـم‬ ‫واســع‪.‬‬ ‫كاتبـات‪ ).‬أي أن الرجـل الكاتـب يظهـر مـن خـال‬ ‫الجديــر بالذكــر أنــه ورغــم كل هــذا الانتشــار‬ ‫للروايـة لـم يكـن أحـد يعـرف المؤلـف‪ ،‬ولـم يسـتطع‬ ‫نصــه كمــؤد لعمــل الكتابــة في تقصــي الحــالات‬ ‫أي صحفــي الوصــول للمؤلــف لإجــراء مقابلــة‬ ‫صحفيـة معـه! مـا كان معرو ًفـا عنـه ثلاثـة أمـور‪:‬‬ ‫ومحـاولات اسـتقرائها‪ ،‬بينمـا المـرأة الكاتبـة تظهـر‬ ‫أنــه أمريكــي‪ ،‬ومســيحي‪ ،‬ورجــل‪ .‬قــرأ الأتــراك‬ ‫الروايــة بتلــك الخلفيــة عــن المؤلــف في أذهانهــم‬ ‫مـن خـال نصهـا أو لنقـل يراهـا القـارئ كامـرأة‬ ‫لهـا غرائزهـا وانفعـالات نفسـها أو ًل ثـم يفكـر أنهـا‬ ‫تـؤدي عمـ ًا في الكتابـة‪.‬‬ ‫‪ ،‬وبعــد مــرور ســنوات ُكشــف أخيــ ًرا عــن هويــة الفــارق هــو أن القــراء لا يــرون المــرأة الكاتبــة‬ ‫المؤلـف فـإذا هـو امـرأة تركيـة مسـلمة تُدعـى \"نهـال علـى أنهـا تـؤدي في فنهـا رسـالة‪ ،‬وإنمـا يـرون أنهـا‬ ‫تكتــب لتعــرض حالــة نفســية تح ّســها‪ ،‬أو موقــف‬ ‫يينوبلــه\" ‪.‬‬ ‫كاتبـة أخـرى تُدعـى \"مـاري آن إيفانـس\" أعظـم أثارهـا فاندفعـت تكتـب عنـه‪.‬‬ ‫روائيــة في العصــر الفيكتــوري‪ ،‬وقــد ُع ِرفــت في بالرغــم مــن القيــود التــي افترضهــا المجتمــع‬ ‫ال َو َسـط الأدبـي بلقبهـا \"جـورج إليـوت\" هـذا اللقـب علـى المـرأة إلا أنهـا كانـت تحمـل في طياتهـا الخيـر‬ ‫الذكـوري جعلتـه در ًعـا تحمـي بـه نفسـها لتقـول مـا لهـا‪ ،‬فبعدمـا اسـتطاعت أن تفـ ّض القيـد ظهـرت‬ ‫شــاءت كبشــري قبــل أن تُص ّنــف ضمــن الجنــس قصائــد أنثويــة بالغــة الرقــة‪ ،‬وقصــص وروايــات‬ ‫تحمـل فكـ ًرا ورد ًيـا جديـ ًدا لـم يشـهده المجتمـع مـن‬ ‫الأنث ـوي‪.‬‬ ‫قبـل ‪ ،‬الأمـر الـذي جعـل المجتمـع شـغوف بمـا هـو‬ ‫هاتـن الكاتبتـن تحدثـت عنهمـا الكاتبـة \"إليـف‬ ‫شــافاق\" في كتابهــا (حليــب أســود)‪ ،‬وقــد علّقــت‬ ‫أنثـوي لج ّدتـه ولغرابتـه‪ ،‬وأصبـح أدب المـرأة أو مـا‬ ‫يسـمى الآن بـالأدب النسـوي موضـع اهتمـام الن ّقـاد‬ ‫الكاتبـة عـن هـذه المرحلـة الجـادة في محاولـة تغيير‬ ‫نظـرة المجتمـع لأدب المـرأة‪( :‬التخلّـص مـن اسـمها‬ ‫والقـ ّراء بعـد أن كان موضـع تو ّجـس وريبـة‪.‬‬ ‫كان بمثابـة التحـرر مـن المرسـاة التـي تشـ ّدها إلـى‬ ‫اليابســة)‪ ،‬وهكــذا َخ َطــت المــرأة أولــى خطواتهــا‬ ‫في سـبيل الانعتـاق مـن صـورة سـندريلا القديمـة‬ ‫إلــى ســندريلا الجديــدة المنطلقــة بفنهــا‪ ،‬فأثبتــت‬ ‫للجميـع قدرتهـا علـى الكتابـة والفـن‪ ،‬وأرت المجتمع‬ ‫ضلالـة حكمـه فبـدأ بالاعتـراف بفنهـا ضمن ًيـا ولـم‬ ‫يصـرح بهـذا علنـا‪ ،‬ومـع إصـرار المـرأة علـى إظهـار‬ ‫فنهـا ومشـاركة الرجـل منصـة المسـرح أصبـح لهـا‬ ‫وجودهـا الفنـي أخيـ ًرا‪.‬‬ ‫وقـد كتبـت الشـاعرة \"مايـا أنجيلـو\" قصيدتهـا‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪16‬‬ ‫إيزيس كوبيا‬ ‫البيـت الصغيـر بهجـة كبيـرة‪ ،‬وأسـبغ الوالـدان‬ ‫_‪@_0f9‬‬ ‫‪h‬‬ ‫الحنــان علــى طفلتهمــا الوحيــدة‪ ،‬فبهرتهــم‬ ‫بذكائهــا وســعة خيالهــا‪ ،‬وشــغفها بالحكايــات‬ ‫فاطمة أبو سعدة‬ ‫والأســاطير والمطالعــة‪ ،‬فشــرعا بتهيئــة‬ ‫الأجــواء المعينــة علــى تنميــة ملكاتهــا‪ .‬وكانــا‬ ‫أَتَـــ ُطلّيــ َن مـن ُكــوى الأحقـــــــاب‬ ‫قــد أســمياها (مــاري) تيم ًنــا بالعــذراء؛ لكــن‬ ‫هــذا الاســم لــم يرافقهــا طويــ ًا‪ ،‬فاعتدادهــا‬ ‫بـن وهـج اللقــاء وزه ِو الإيـــــا ِب‬ ‫بعروبتهــا حملهــا علــى اقتصــاره علــى طرفيــه‪،‬‬ ‫ليقــع الاختيــار علــى \"مــ ّي\"‪ .‬ولنقــرأ مــا قالتــه‬ ‫أ ّي شـو ٍق \"إيــزيس\" ف ّض غبا َر‬ ‫عـن قصـة اختيـاره مـن حديـث لهـا إلـى مجلـة‬ ‫المكشــوف‪\" :‬وهــو قليــل التــداول في تســمية‬ ‫الغيـ ِب عـن نجمـ ِك ال َق ِص ّي الخــابي‬ ‫الفتيـات‪ ..‬ومـن أسـماء عرائـس الشـعر‪ ،‬واتفـق‬ ‫\"عمـر أبـو ريشـة\"‬ ‫كذلـك أنـه مكـ ّون مـن أول حـرف وآخـر حـرف‬ ‫مــن اســم مــاري‪ ،‬كمــا أن مــ ّي ‪ MAY‬باللغــات‬ ‫ا‬ ‫الأوروبيـة تصغيـر مـاري للتحبـب‪ ،‬وأخيـ ًرا لأنـه‬ ‫الاسـم الـذي أحبتـه والدتـي وسـمي ْت بـه يو ًمـا‬ ‫كاتبــة فــ ّذة‪ ،‬أســطورة القــرن العشــرين‪،‬‬ ‫مــن الأيــام‪ .‬ووالدتــي هــي التــي اختــارت لــي‬ ‫اسـم مـ ّي‪ ،‬فقـد تذكـرت أنهـا عندمـا كانـت في‬ ‫شـخصية اسـتثنائية‪ ،‬أديبـة خرجـت عـن النـ ّص‬ ‫المدرسـة عهـد إليهـا بتمثيـل دور \"مـي\" في روايـة‬ ‫في وقــت مبكــر‪ ،‬صــورة حاضــرة في أذهــان‬ ‫لكورتــاري‪ ،‬وكان مترجــم الروايــة قــد عــ ّرب‬ ‫الاســم ‪ CAMILLE‬إلــى مــ ّي فكانــت حــاوة‬ ‫القــ ّراء‪ ،‬ملهمــة الأدبــاء والشــعراء‪ ،‬تقــرأ في‬ ‫هـذه الاسـم لا تـزال علـى شـفتيها بالرغـم مـن‬ ‫قصتهــا المجــد والعظمــة‪ ،‬الســر والغمــوض‪،‬‬ ‫مــرور الســنين\"‪.‬‬ ‫العبقريــة والنبــوغ‪ ،‬وتقــرأ كذلــك الحرمــان‬ ‫وإذا كان م ّي هو اسـمها الأشـهر؛ فقد ُعرفت‬ ‫والألــم‪ ،‬الدمــوع والمآســي‪ ،‬العزلــة والاكتئــاب!‬ ‫أي ًضــا باســتعارتها لأســماء أخــرى عديــدة في‬ ‫إمضـاء كتاباتهـا‪ ،‬وكأنهـا تعبـر بهـا عـن روحهـا‬ ‫ولــدت عــام ‪ ،1886‬في مدينــة الناصــرة‬ ‫الحائـرة المتقلبـة‪ ،‬ففـي ديوانهـا الشـعري الأول‬ ‫بفلســطين لأب لبنانــي هــو إليــاس زيــادة وأم‬ ‫\"أزاهيـر حلـم\" الـذي كتبتـه بالفرنسـية ‪-‬بحكـم‬ ‫فلســطينية هــي نزهــة مع ّمــر‪ ،‬فأضفــت علــى‬ ‫ثقافتهــا الأوروبيــة‪ -‬أمضــت باســم‪( :‬إيزيــس‬ ‫كوبيــا) وهــذا الاســم يلقــي الضــوء علــى مــدى‬ ‫وعيهـا برسـالتها‪ ،‬ودورهـا الـذي كانـت تعـد لـه‬ ‫نفســها في مجــال الكتابــة‪ ،‬وهــي لا تــزال في‬ ‫السادسـة والعشـرين‪ ،‬فالنصـف الأول \"إيزيـس\"‬ ‫يرمـز إلـى آلهـة الخصـب والأمومـة عنـد قدمـاء‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪17‬‬ ‫ح ّيــر الشــاعر فقــال‪:‬‬ ‫المصريــن‪ ،‬والثانــي \"كوبيــا\" لاتينيــة تعنــي‬ ‫الخيـر والوفـرة والغـزارة‪ ،‬وهـذا مـا تجلـى في‬ ‫شـيءٌ بـه ُفتن الـورى غي ُر الذي‬ ‫إنتاجهــا الغزيــر وعطائهــا المســتم ّر‪..‬‬ ‫يُدعـى الجمـال ولسـ ُت أدري مـا هـو‬ ‫وحـن تحولـت إلـى الثقافـة العربيـة في مصر‬ ‫تلقــت دراســتها الابتدائيــة في الناصــرة‬ ‫تســ ّمت بــ \"مــ ّي\" كمــا نشــرت بعــض مقالاتهــا‬ ‫بفلســطين‪ ،‬والثانويــة في عينطــورة بلبنــان‪.‬‬ ‫باســم‪ :‬كنــار‪ ،‬شــج ّية‪ ،‬عائــدة‪ ،‬الســندبادة‬ ‫وكلتاهمــا مــن مــدارس الراهبــات المعروفــة‬ ‫البحريــة الأولــى‪ ،‬مداموزيــل صهباء‪..‬ولنقــرأ‬ ‫بنظمهــا الخاصــة وتربيتهــا الدينيــة‪ ،‬وكانــت‬ ‫مـا خطتـه في أولـى رسـائلها إلـى جبـران خليـل‬ ‫تعتمــد اللغــة الفرنســية للتدريــس‪ ،‬فــكان‬ ‫جبـران‪\" :‬أمضـي مـ ّي بالعربيـة‪ ،‬وهـو اختصـار‬ ‫لهــذه البيئــة التــي تفتحــت فيهــا مداركهــا أثــر‬ ‫اســمي‪ ،‬ويتكــون مــن الحرفــن الأول والأخيــر‬ ‫بالــغ في تنميــة موهبتهــا الفنيــة‪ ،‬ومشــاعرها‬ ‫مــن اســمي الحقيقــي‪ ،‬الــذي هــو (مــاري)‪،‬‬ ‫وأمضــي (إيزيــس كوبيــا) بالفرنجيــة‪ ،‬غيــر أن‬ ‫الرومنطيقيــة‪ ،‬وثقافتهــا الأوروبيــة‪.‬‬ ‫لا هــذا أســمى ولا ذاك‪ ،‬إنــي وحيــدة والــدي‪،‬‬ ‫وإن تعــددت ألقابــي!\"‪ .‬وكمــا حــارت هــي في‬ ‫ُعرفــت مــ ّي بأنهــا طالبــة علــم لا ترتــوي‪،‬‬ ‫نفســها فقــد ح ّيــرت كبــار أدبــاء عصرهــا‪،‬‬ ‫ملحاحــة في طموحهــا‪ ،‬متجلــدة في دراســتها‪،‬‬ ‫فلقبوهـا بــ النابغـة مـ ّي‪ ،‬فريـدة العصـر‪ ،‬أديبـ ُة‬ ‫مثابــرة في تطويــر أدواتهــا‪ ،‬جائعــة فكر ًيــا‪،‬‬ ‫جيـل‪ ،‬أديبـة الشـرق والعروبـة‪ ،‬أميـرة البيـان‪،‬‬ ‫عاشــقة للعلــم بــكل ألوانــه فقضــت حياتهــا‬ ‫في سـباق معـه‪ ،‬شـغفت بتعلـم اللغـات فأتقنـت‬ ‫زعيمــة أديبــات العرب‪..‬إلــخ‪.‬‬ ‫منهــا خم ًســا‪ ،‬وكانــت قارئــة نهمــة‪ ،‬وتهــوى‬ ‫اقتنـاء الكتـب حتـى بلـغ عـدد أسـفار مكتبتهـا‬ ‫وصفوهــا فقالــوا‪ :‬في عقلهــا نضــج‪ ،‬وفي‬ ‫كلامهــا فصاحــة‪ ،‬وفي صوتهــا حــاوة‪ ،‬وفي‬ ‫الشــخصية‪ 7000‬كتــاب مــن لغــات شــتى‪.‬‬ ‫شــخصها رصانــة‪ ،‬وفي خلقهــا جمــال‪ ،‬وفي‬ ‫أدبهـا نبـوغ‪ ،‬وفي ذكائهـا نـدرة‪ ،‬وأجمعـوا علـى‬ ‫في مطلــع القــرن العشــرين هاجــرت مــ ّي‬ ‫أنهـا كانـت ذات جاذب ّيـة تفـوق الجمـال‪ ،‬حتـى‬ ‫مــع والديهــا إلــى مصــر‪ ،‬وكانــت مصــر تعيــش‬ ‫زمــن الإبــداع الجميــل‪ ،‬وتشــهد حــركات‬ ‫قــال فيهــا أحمــد شــوقي‪:‬‬ ‫إصلاحيــة جعلتهــا قبلــة الأحــرار في الوطــن‬ ‫العربــي‪ ،‬فــرأى والدهــا أنهــا المــكان المناســب‬ ‫أُسـائ ُل خاطـري ع ّمــــــا سـباني‬ ‫لتحقيـق طموحـه وطمـوح ابنتـه‪ ،‬وهنـاك عمـل‬ ‫محــر ًرا لجريــدة المحروســة اليوميــة ثــم صــار‬ ‫أ ُحسـ ُن الخلـق أم ُحسـن البيا ِن؟‬ ‫مالكهــا بعــد أن أهداهــا لــه صاحبهــا تقديــ ًرا‬ ‫لجهــود ابنتــه مــ ّي‪ ،‬التــي كانــت تــدرس بناتــه‬ ‫رأيـت تنافـس ال ُح ْسـنَين فيهــــا‬ ‫اللغـة الفرنسـية‪ .‬بـدأت مـ ّي رحلـة الإبحـار في‬ ‫مصــر‪ ،‬فتبلــورت شــخصيتها‪ ،‬وظهــر نبوغهــا‪،‬‬ ‫كــأنهمــــــــــا لمـــ ّيـــ َة عــــــاشقـــا ِن‬ ‫وكتبــت في صحيفــة أبيهــا‪ ،‬ثــم صــارت رئيســة‬ ‫تحريرهـا مـن بعـده‪ ،‬فلفتـت الأنظـار بموهبتهـا‪،‬‬ ‫وصفتهــا الأديبــة هــدى شــعراوي بقولهــا‪:‬‬ ‫وثقافتهـا التـي يمتـزج بهـا الشـرق مـع الغـرب‪،‬‬ ‫\"ولـم تكـن مـ ّي علـى وسـامتها ووضاحـة وجههـا‬ ‫وسـرعان مـا اتسـع نشـاطها الصحفـي لتكتـب‬ ‫جميلــة بالمعنــى الصحيــح للجمــال‪ ،‬ولكــن‬ ‫في كبريــات المجــات كالمقتطــف والهــال‬ ‫نفســها كانــت أجمــل مــن وجههــا‪ ،‬وروحهــا‬ ‫أجمـل مـن صورتهـا‪ ،‬فكانـت بـن الجميـات لا‬ ‫والزهــور والأهــرام‪.‬‬ ‫تبــدو أقــ ّل منهــ ّن فتنــة ولا أضــأل نصي ًبــا مــن‬ ‫الجاذب ّيـة‪ ،‬لقـد كان يج ّمـل مـ ّي بـن الجميـات‬ ‫ويز ّينهــا بينهــ ّن شــيء خفــي لعلــه هــو الــذي‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪18‬‬ ‫عشــق مــ ّي للعربيــة أشــعرها بحاجتهــا أدبــي‪ .‬وقــد أَ ّم ندوتهــا كبــار الأدبــاء والشــعراء‬ ‫الشـديدة لتعلمهـا وتجويـد قلمهـا بهـا‪ ،‬فانتسـبت ورواد النهضــة ورمــوز الحيــاة الثقافيــة رجــالاً‬ ‫إلــى الجامعــة المصريــة وهــي في الثلاثــن‪ ،‬ونســا ًء‪ ،‬كأمثــال أحمــد شــوقي‪ ،‬والعقــاد‪ ،‬وطــه‬ ‫واتصلــت بأعــام الأدب العربــي‪ ،‬ورواد حســن‪ ،‬وخليــل مطــران‪ ،‬والرافعــي‪ ،‬وغيرهــم‪.‬‬ ‫النهضــة‪ ،‬وكانــت الطالبــة المصريــة الوحيــدة فأدهشــتهم بذكائهــا المتفجــر‪ ،‬ومعرفتهــا‬ ‫بــن عــدد مــن الطــاب المصريــن والطالبــات الواســعة‪ ،‬وســمو روحهــا‪ ،‬وحســن إدارتهــا‬ ‫الأجنبيــات‪ .‬وكان لأســتاذ الجيــل أحمــد لطفــي للحــوار‪ ،‬وأنزلوهــا في قلوبهــم أرفــع المنــازل‪،‬‬ ‫السـيد أثـر كبيـر في توجيـه دراسـة مـ ّي وتبنيهـا وصـاروا يرقبـون أمسـيات الثلاثـاء بشـوق بالـغ‪.‬‬ ‫اللغــة العربيــة‪ ،‬وهــو أول مــن نصحهــا بقــراءة‬ ‫وكان قدرهــا أن تصاحــب الوحــدة منــذ‬ ‫القــرآن لتتأثــر بأســلوبه‪.‬‬ ‫طفولتهــا المبكــرة فحــن كانــت طفلــة في‬ ‫أثــرت المكتبــة العربيــة بمؤلفــات عديــدة‪ ،‬الرابعـة‪ ،‬وقـد تحقـق حلـم أمومتهـا بـأ ٍخ جميـل‪،‬‬ ‫منهـا‪\" :‬باحثـة الباديـة\"‪\" ،‬سـوانح فتـاة\"‪\" ،‬ظلمـات طالمـا تمنـت أن تكـون لـه أ ًمـا ثانيـة‪ ،‬لكـن المـوت‬ ‫اختطفـه وهـو في عامـه الثانـي‪ ،‬فأصابهـا فقـده‬ ‫وأشــعة\"‪ .‬كمــا ترجمــت ثــاث روايــات‪.‬‬ ‫–كمــا أكــ ّدت‪ -‬بجــر ٍح لازمهــا نزفــه طــوال‬ ‫حياتهــا‪ ،‬وتــرك في قلبهــا الحــزن وفي طبعهــا‬ ‫عــام ‪ 1913‬أعلنــت عــن عقــد صالــون أدبــي‬ ‫التشــاؤم‪ ،‬حتــى لــكأن البهجــة رحلــت برحيــل‬ ‫أســبوعي في بيتهــا‪ ،‬فلقيــت تشــجي ًعا عظي ًمــا‪،‬‬ ‫واســتمرت \"نــدوة الثلاثــاء\" عشــرين عا ًمــا دون‬ ‫أ خيهــا ‪.‬‬ ‫انقطــاع‪ .‬وهــي أطــول فتــرة عرفهــا صالــون‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪19‬‬ ‫حظ َيــت بصداقـات متينـة مــع علمـاء وأدبـاء عليهــا‪ ،‬وســرقوا أمتعتهــا‪ ،‬وباعــوا مكتبتهــا‪،‬‬ ‫وأعجــب بهــا كثيــرون إلا أن قلبهــا لــم يخفــق ود ّبـروا لهـا (مأسـاة النبـوغ) الشـهيرة المروعـة‪،‬‬ ‫سـوى لحبيـب غائـب وأديـب مغتـرب في أمريـكا وأشــاعوا بــن النــاس أنهــا ُج ّنــت‪ ،‬وهــي تتمتــع‬ ‫وهـو جبـران؛ وخلّـد الأدب قصـة حبهمـا الطاهـر بكامــل قواهــا العقليــة‪ ،‬وســاقوها قهــ ًرا إلــى‬ ‫الــذي اســتمر عشــرين عا ًمــا عبــر المراســات‪ ،‬مستشــفى الأمــراض العصبيــة بلبنــان لتقاســي‬ ‫دون أن يتخللـه لقـاءٌ واحـ ٌد‪ .‬وكان قـد وعـد م ًّيـا مـع المجانـن ألـوان العـذاب‪ .‬وقـد أكـد الأطبـاء‬ ‫بالعــودة إلــى وطنــه لبنــان لكــن المــرض هزمــه الذيـن شـاهدوا مـ ّي إبـان مرضهـا أن مـا مـرت‬ ‫وهــو في الــ‪ ،48‬وجرفــه نهــر الأعمــار في تيــار بـه هـو مجـرد عصـاب نفسـي طـارئ نتيجـة لمـا‬ ‫تعرضــت لــه مــن مصائــب واضطهــاد‪ ،‬وخيبــة‬ ‫قـديم ‪-‬كمـا قالـت مـ ّي‪.-‬‬ ‫أمــل‪ ،‬وهــو يحتــاج إلــى عنايــة طبيــة ونفســية‪،‬‬ ‫في ثلاثــة أعــوام متتاليــات بــن عامــي‬ ‫‪1929‬و‪ُ ،1931‬فجعــت مــ ّي بثــاث مصيبــات‪،‬‬ ‫وليــس إلــى َز ّج مــع المجانــن! المؤســف تصديــق‬ ‫أولهــا‪ :‬مــوت أبيهــا‪ ،‬وثانيهــا فقــد \"جبــران\"‬ ‫أكثــر أصدقائهــا ور ّواد ندوتهــا نبــأ جنونهــا‬ ‫علـى البُعـد‪ ،‬وحـن علمـوا أنهـا مكيـدة سـارعوا‬ ‫وثالثهــا مــوت أمهــا‪ ،‬فأظلمــت دنياهــا‪ ،‬وإذا‬ ‫بالالتفــاف حولهــا وإنقاذهــا وانتصــروا لهــا في‬ ‫هـي العزلـة المـ ّرة والتوغـل في الحـزن والبـكاء‪،‬‬ ‫نهايــة المطــاف‪.‬‬ ‫حاولــت مكافحــة أحزانهــا بشــجاعة دون‬ ‫تدخــل أحــد‪ ،‬فأغرقــت نفســها بالعمــل‪ ،‬وأك ّبــت ماتــت م ّيــة وحيــدة في القاهــرة عــام‪،1941‬‬ ‫علــى القــراءة والكتابــة والســفر‪ ،‬لكــن حالتهــا وكانـت في الــ(‪ )55‬مـن العمـر‪ .‬بعـد أن مرضـت‬ ‫النفســية وتبعتهــا الصحيــة كانــت تــزداد وهزلـت وعبثـت بهـا الكآبـة والأشـجان‪ ،‬ولا شـك‬ ‫ســو ًءا‪ ،‬ولــم تصمــد طويــ ًا أمــام مآســيها أن مأســاة نبوغهــا أنهكــت صحتهــا‪ ،‬فانطفــأت‬ ‫خاصــة بعدمــا تعرضــت لــه مــن أقربائهــا شــعلتها قبــل الأوان‪ .‬فبكتهــا الصحــف‪ ،‬ونَ َعتهــا‬ ‫مــن أذى ومكائــد وظلــم وقــد ظنتهــم أول مــن المنابــر‪ ،‬و َرثَتهــا المحابــر‪ ،‬وفقــد الأدب برحيلهــا‬ ‫ســيقف إلــى جانبهــا‪ ،‬وإذ بهــم يتآمــرون عليهــا ينبو ًعــا عذ ًبــا مــن ينابيعــه الف ّياضــة‪.‬‬ ‫ويطمعــون في إرثهــا وممتلكاتهــا‪ ،‬فحجــروا‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪20‬‬ ‫من الأرشيف‪:‬‬ ‫جولة للأديب في شهر‪..‬‬ ‫«يحسن أن يكون للأديب مهنة ثانية»‬ ‫بقلم‪ :‬طه حسين‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪21‬‬ ‫عندمـا كان الأديـب تحـت رعايـة ملـك أو أميـر‪،‬‬ ‫اختيار‪ :‬شمـس الجطيلي __‪@SunJ‬‬ ‫فأنتـج أد ًبـا رفي ًعـا‪ ،‬ولكـن كثيـ ًرا مـا اقترنـت هـذه‬ ‫الرعايــة بالطغيــان‪ ،‬فذهبــت بكرامــة الأديــب‬ ‫في مؤتمـر الفنانـن الـذي انعقـد في البندقيـة‬ ‫وحريتــه‪ ،‬وكــم مــن فنــان موهــوب لــم يقــدره‬ ‫تحــت رعايــة اليونســكو يتنــاول الدكتــور طــه‬ ‫صاحـب السـلطان فضاعـت عليـه فرصـة الأداء‬ ‫حســن في خطابــه وضــع الكتــاب في المجتمــع‬ ‫الحديـث‪ ،‬فقـال أنـه في هـذه الحقبـة التـي تميـزت‬ ‫والتعبيــر‪.‬‬ ‫لا بالاضطــراب الاجتماعــي أو السياســي أو‬ ‫الاقتصـادي فحسـب‪ ،‬وإنمـا باضطـراب النفـوس‬ ‫إن هـذا النـوع مـن الرعايـة يأخـذ الآن طريقـه‬ ‫وقلقهــا في هــذه الحقبــة التــي تفــرض علــى‬ ‫إلـى الـزوال‪ ،‬ولكـن علـى الأديـب أن يبحـث عـن‬ ‫الإنسـان أن يتسـاءل عـن مصيـره‪ ،‬يجمـل بالمفكـر‬ ‫وســيلة تكفــل لــه معيشــته‪ ،‬وتلــك مشــكلة المهنــة‬ ‫أو الكاتـب أن يسـتخلص مـن الظـروف الحاليـة ما‬ ‫يلقـي ضـو ًءا علـى موقفـه مـن نفسـه ومـن قرائـه‪.‬‬ ‫الثاني ـة‪.‬‬ ‫ذلـك أن الأخطـار المحدقـة بالكاتـب وبعملـه في‬ ‫ويقـول الدكتـور طـه حسـن‪ ،‬أنـه يجـب أن لا‬ ‫العصـر الـذي نعيـش فيـه تـزداد صعوبـة وتعقيـ ًدا‪.‬‬ ‫نخلــط بــن المهنــة والاســتعداد أو بــن الوظيفــة‬ ‫والإلهــام الفنــي‪ ،‬فالعمــل الأدبــي ليــس مهنــة‪،‬‬ ‫ففــي الوقــت الــذي تتقــدم فيــه الفنــون‬ ‫والكاتـب الحـق لا يكتـب ليحصـل علـى ربـح مادي‪.‬‬ ‫والصناعـات‪ ،‬وتتعـدد فيـه وسـائل اللهـو‪ ،‬يتضـاءل‬ ‫الـدور الـذي يقـوم بـه الكاتـب في تكويـن الثقافات‪.‬‬ ‫والمشــكلة‪ ،‬في نظــر الأديــب المصــري‪ ،‬هــي أن‬ ‫ومــن الكتــاب مــن يلجــأ إلــى التبســيط حتــى‬ ‫نعــرف هــل يقــوم الكاتــب بمهنــة خــارج عملــه‬ ‫يجتــذب قــراءه‪ ،‬وفي هــذا تضحيــة بمــا يفرضــه‬ ‫الأدبـي‪ ،‬وهـل تعـوق هـذه المهنـة إنتاجـه؟ وتسـاءل‬ ‫عليـه ضميـره مـن خضـوع لقواعـد الفـن وحدهـا‪.‬‬ ‫هـل يجـب أن يقتصـر الكاتـب علـى الإنتـاج الفنـي‬ ‫بيـد أن للقـراء أي ًضـا حقهـم علـى المؤلـف‪ ،‬حقهـم‬ ‫دون القيـام بعمـل آخـر؟! ثـم قـال‪ :‬إمـا أن يكـون‬ ‫الكاتـب علـى ثـروة فعليـه أن يتفـرغ للكتابـة‪ ،‬وإمـا‬ ‫في أن يفهمــوا مــا ينتــج مــن أدب‪.‬‬ ‫أن يكـون قلمـه مهنتـه فيتعـرض لتدخـل الدولـة أو‬ ‫مـن يرعـاه‪ ،‬وإمـا أن يكـون صاحـب مهنـة أخـرى‬ ‫والكاتــب بعــد هــذا يواجــه عقبــة ثالثــة‪ ،‬هــي‬ ‫يرتــزق منهــا‪ ،‬وهــو في هــذه الحــال محتفــظ‬ ‫الـدور الـذي يقـوم بـه الوسـيط‪ ،‬أي الناشـر ومالـه‬ ‫بكرامتــه واســتقلاله‪.‬‬ ‫مـن حقـوق علـى المؤلـف‪.‬‬ ‫ولهــذه المهنــة الثانيــة مزاياهــا‪ ،‬فهــي تتيــح‬ ‫وكان (اجتمـاع التعـاون الفكـري) الـذي رأسـه‬ ‫للمؤلــف بعــض البعــد عــن عملــه الفكــري حتــى‬ ‫بــول فاليــري في صيــف عــام ‪ ،1937‬قــد بحــث‬ ‫تنضـج ثمراتـه‪ ،‬وهـي تضطـره إلـى النـزول إلـى‬ ‫تلـك المشـاكل‪ ،‬وانتهـى إلـى نتيجـة متشـائمة هـي‬ ‫ميــدان الحيــاة فيكتســب خبــرة وعل ًمــا‪ ،‬وتصبــح‬ ‫التعـارض بـن العمـل الفنـي ومقتضيـات المعيشـة‬ ‫الحيــاة في كل هــذا موضــوع تفكيــره الدائــم‪.‬‬ ‫وقـد يقـال أن المهنـة الثانيـة تقصـي الفنـان عـن‬ ‫المادي ـة‪.‬‬ ‫عملــه‪ ،‬غيــر أن الفنــان الحــق إن شــعر بضــرورة‬ ‫التعبيـر فهـو لابـد أن يحقـق غرضـه مهمـا كانـت‬ ‫وهنـا نتسـاءل‪ ،‬هـل يجـب علـى الدولـة أن تعـن‬ ‫الظـروف‪ .‬أو قـد يقـال أن هـذه المهنـة تؤثـر علـى‬ ‫الأدبــاء إعانــة ماليــة‪ ،‬أليــس في هــذا تضحيــة‬ ‫أسـلوب الكاتـب أو الفنـان‪ ،‬ولكـن تأثيرهـا السـيئ‬ ‫لا يمكـن أن يقـارن بفضائلهـا‪ ،‬والكاتـب الصحيـح‬ ‫بحريـة الكاتـب؟‬ ‫يسـتغل مهنتـه ليضفـي علـى أسـلوبه منهـا ثـراء‬ ‫وخص ًبـا‪ .‬ولقـد يقـال أي ًضـا أن هـذه المهنـة الثانيـة‬ ‫ورجــع الدكتــور طــه حســن إلــى العهــود‬ ‫الذهبيــة‪ ،‬إلــى قصــور رومــا وبغــداد وفرســاي‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪22‬‬ ‫ومــن ثــم فالمشــكلة هنــا مشــكلة خلقيــة‪ ،‬كمــا‬ ‫تســتغرق مــن الأديــب وقتــه وقلبــه وعقلــه‪ ،‬كمــا‬ ‫كانــت فيمــا يتعلــق بالمهنــة الثانيــة والتضامــن‬ ‫تفعــل الصحافــة والســينما والإذاعــة بالمشــتغلين‬ ‫الحقيقـي بـن الكاتـب والمجتمـع يفـرض عليهمـا‬ ‫بهــا‪ ،‬ولكــن الكاتــب الأصيــل يســتطيع أن يوفــق‬ ‫كل مـن ناحيتـه حقو ًقـا وواجبـات‪ .‬فواجـب الأديـب‬ ‫بــن هــذه المياديــن وبــن مــا يمليــه عليــه وحيــه‬ ‫أن يكـون أمي ًنـا حـ ًرا‪ ،‬وواجـب المجتمـع أن يهيـئ‬ ‫الأدبــي‪.‬‬ ‫للأديـب مـا يقيـه شـر الظلـم والطغيـان‪.‬‬ ‫ومـن ثـم‪ ،‬فالمشـكلة أن يختـار الفنـان عمـ ًا لا‬ ‫مجلة الأديب‪ ،‬العدد ‪1952( ،11‬م)‪.65 -64 -‬‬ ‫يلهيــه عــن أداء رســالته حتــى يحتفــظ بكرامتــه‬ ‫دون الإخــال بخدمــة فنــه‪.‬‬ ‫والمبــدأ الخلقــي الــذي يجــب أن يصــدر عنــه‬ ‫الكاتــب هــو أن يرتفــع بنفســه دون أن ينعــزل في‬ ‫بـرج مـن عـاج‪ ،‬وإنمـا أن يتأمـل الحيـاة مـن حولـه‬ ‫وأن يحـدد موقفـه مـن الأشـياء ومـن النـاس‪.‬‬ ‫وخــرج الدكتــور طــه حســن مــن ذلــك إلــى‬ ‫الحديـث عـن دور الكاتـب في المجتمـع‪ ،‬فقـال أن‬ ‫الأديــب في كل العصــور يلعــب دو ًرا اجتماع ًيــا‪،‬‬ ‫وليــس هــذا بغريــب‪ ،‬فمنــذ أن كان المجتمــع قــام‬ ‫فيـه مـن غنـى للنـاس فاسـتمعوا إليـه‪ ،‬ومـن كتـب‬ ‫لهـم فقـرأوه وأثـر فيهـم‪ .‬فالأديـب إذن عامـل مؤثر‬ ‫في المجتمـع‪ ،‬وهـو إلـى هـذا العامـل مسـؤول‪ ،‬فهـو‬ ‫يؤثـر في الأفـراد لأنـه ينتـج لهـم وهـو مسـؤول عمـا‬ ‫ينتــج لأن لهــذا الإنتــاج أثــره البعيــد في توجههــم‬ ‫الروحـي والأدبـي ‪ .‬إن الأديـب أو الفنـان مرتبـط‬ ‫بالمجتمــع أراد أو لــم يــرد‪ ،‬ولكــن المشــكلة التــي‬ ‫يجـب أن نضعهـا هـي‪ :‬أمـام مـن يسـأل الكاتـب؟‬ ‫وعـن أي شـيء نسـأله؟‬ ‫ويـرى الدكتـور طـه حسـن أن الأديـب مسـؤول‬ ‫أو ًل أمــام ضميــره‪ ،‬فهــو لا يســتطيع أن يفــرض‬ ‫علـى غيـره أن يقـرأ أدبـه‪ ،‬وهـو مـن بـاب أولـى لا‬ ‫يســتطيع أن يخضــع لهــذا الغيــر ‪ -‬وهــذا معنــى‬ ‫حريــة الأديــب ‪ -‬ولكــن المجتمــع في كثيــر مــن‬ ‫الأحــوال‪ ،‬لا يحتــرم هــذه الحريــة أو لا يتركهــا‬ ‫علـى الأقـل مطلقـة‪ ،‬فالكاتـب مسـؤول أي ًضـا أمـام‬ ‫المجتمــع وقوانينــه‪ ،‬وإن كانــت هــذه المســؤولية‬ ‫خارجـة عنـه‪ ،‬ولقـد تكـون القوانـن يسـيرة هينـة‬ ‫فيتسـع للكاتـب أن يـؤدي عملـه في حريـة سـعيدة‪،‬‬ ‫وقـد تكـون القوانـن ثقيلـة الوطـأة فيبـذل الكاتـب‬ ‫قصـارى جهـده لكـي يحتفـظ ببعـض حريتـه‪.‬‬

‫\"صدقنـي أن الحيـا‪23‬ة لا‬ ‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫تسـتقيم لـك إذا لـم تلتمـس‬ ‫فيهـا إلا البهجـة والرضـا‪،‬‬ ‫كمـا أنهـا لا تسـتقيم لـك إذا‬ ‫لـم تلتمـس فيهـا إلا الحـزن‬ ‫والسـخط‪ .‬فلائـم بـن ذلـك‪،‬‬ ‫وخـذ مـن هـذا ومـن ذاك‬ ‫بحـ ّظ‪ ،‬وإذا وجـدت البهجـة‬ ‫والرضـا عنـد هـذا الشـاعر أو‬ ‫ذاك مـن الشـعراء المتفائلـن‪،‬‬ ‫فـا تكـره أن تلتمـس شـي ًئا‬ ‫مـن الحـزن والسـخط عنـد‬ ‫بعـض الشـعراء المتشـائمين؛‬ ‫فـإن السـرور المتصـل كاذب‪،‬‬ ‫وهـو خليـق أن يقتـل النفـس‬ ‫ويميـت القلـب‪ ،‬وإن الحـزن‬ ‫المتصـل صـادق ولكـن النفـوس‬ ‫لا تطيـق لـه احتمـال ًا‪ ،‬فـا‬ ‫أقـ ّل مـن أن ُت ِلـ ّم بـه وتشـرف‬ ‫عليـه‪ ،‬وتصيـب منـه قليـ ًا‬ ‫يصلـح مـن أمرهـا‪ ،‬ويعصمهـا‬ ‫مـن هـذا النسـيان الـذي هـي‬ ‫منتهيـة إليـه‪\".‬‬ ‫طه حسين‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪24‬‬ ‫من المؤلف المشهور إلى‬ ‫هند الصبار ‪@hind_alsbbar‬المشهور المؤلف‬ ‫الأخــرى‪ .‬الســيناريو يتمثــل في تصــدر المشــاهير‬ ‫لاحظــت خــال فتــرة ليســت بالقصيــرة أن‬ ‫لهـذه المهمـة ‪ ،‬مهمـة التأليـف والنشـر‪ ،‬لـن يكـون‬ ‫قوائــم الأكثــر مبيعــا تغيــرت نوعيــا‪ ،‬أراقبهــا‬ ‫كمــا كان العكــس‪ :‬المؤلــف يشــتهر بســبب كتابــه‪،‬‬ ‫مــن بعيــد وأرى الأســماء اللامعــة ‪-‬في شــبكات‬ ‫إنمــا الكتــاب يشــتهر بســبب مؤلفــه‪ ،‬الكتــاب‬ ‫التواصـل الاجتماعـي‪ -‬تتصـدر هـذه القائمـة أو‬ ‫يســتمد شــهرته ونجاحــه ليــس مــن قيمتــه في‬ ‫تسـتحوذ علـى الأقـل علـى جـزء ليـس بالقليـل و‬ ‫المجــال العلمــي أو الفكــري أو الأدبــي إنمــا مــن‬ ‫علـى نحـو مطـرد جـدا‪ ،‬بينمـا كانـت سـابقا كمـا‬ ‫أظـن تابعـة لـذوق قرائـي عـام سـائد‪ ،‬أو نتيجـة‬ ‫شـهرة وصيـت صاحبـه ‪.‬‬ ‫لكــون المؤلفــن عرفــوا في مجــال الكتابــة حتــى‬ ‫تكونـت ثقـة لا واعيـة بـكل مـا يكتبـون‪ .‬هـذا التغير‬ ‫الســيناريو الآخــر‪ ،‬هــو إحجــام دور النشــر‬ ‫كان اسـتجابة بالطبع لتأثير الدعاية والإعلان في‬ ‫عــن النشــر لغيــر أصحــاب الجماهيــر‪ ،‬لا يهــم‬ ‫أذهـان المتلقـن‪ ،‬وكـون سـوق التأليـف باتـت تعتبـر‬ ‫إذا كانـت جماهيـر قارئـة أم جماهيـر مسـتهلكة‬ ‫سـوق مغـري جـدا ‪ ،‬ومـن الأسـواق التـي يسـتثمر‬ ‫تابعـة فقـط‪ .‬لأننـا نتفـق علـى أن الربـح المـادي‬ ‫فيهـا المشـاهير(رؤوس أفكارهـم )‪ ،‬الإغـراء يكمـن‬ ‫هــو الدافــع الأول للنشــر‪ ،‬وأن أغلــب الناشــرين‬ ‫أنــه مصــدر للثــراء الــذي لا يتطلــب رأس مــال‬ ‫لا يــوازي الربــح المــادي بالقيمــة التــي يضيفهــا‬ ‫كبيـر‪ ،‬ويضمـن أربـاح خياليـة إن صدقـت قوائـم‬ ‫في الإنتـاج الثقـافي‪ ،‬لـذا سـيكون هـذا السـيناريو‬ ‫وارد جـدا‪ ،‬أتخيـل أنـه قـد يصـل إلـى اسـتكتاب‬ ‫الأكثـر مبيعـا‪.‬‬ ‫هـؤلاء وطلبهـم للتأليـف‪ ،‬وسـيكون المؤلـف الجيـد‬ ‫المبـدع الـذي لا يملـك جمهـورا سـيكون في القائمة‬ ‫الأمـر يظهـر بأنـه بـات الكاتـب اليـوم مطالـب‬ ‫السـوداء وغيـر مرحـب بـه‪ .‬ربمـا لا يمكنـك لمـس‬ ‫بجمهـور‪ ،‬أي جمهـور‪ .‬يتقبـل مـا يكتـب ‪ ،‬يرحـب‬ ‫أثـر هـذه المسـألة علـى الإنتـاج الفكـري والثقـافي‪،‬‬ ‫بـكل مـا يفكـر فيـه‪ ،‬وينتظـر جديده‪ ،‬مسـتعد دائما‬ ‫ولا علــى مردودهــا علــى المؤلفــن و الكتــاب في‬ ‫لشـراء إنتاجـه‪ .‬موقـف الكاتـب هنـا أصبـح شـبيها‬ ‫القريـب العاجـل‪ ،‬لكننـي أظـن أنهـا علـى البعيـد‬ ‫بـدور المـؤدي أو الممثـل الـذي يحتـاج الجمهور أكثر‬ ‫إذا اسـتمر هـذا القبـول لهـا سـتؤثر علـى الكتـاب‬ ‫مـن أي شـيء آخـر ليضمـن اسـتمراره‪ .‬وغالبـا مـا‬ ‫أولا وعلـى القـراء ثانيـا ثـم المقبلـن علـى القـراءة‬ ‫كانـت هـذه المطالـب تؤثـر علـى جـودة المعـروض‬ ‫وكفاءتـه‪ ،‬كثيـر مـن هـؤلاء ‪ -‬الفنانـن ‪ -‬ينزلقـون‬ ‫أخي ـرا‪.‬‬ ‫في دروب البحـث عـن الشـهرة والصيـت وإثبـات‬ ‫المكانــة علــى حســاب معاييــر الجــودة والإبــداع‪.‬‬ ‫لـن أسـرح بالخيـال بعيـدا ولـن أع ّتـم الصـورة‪،‬‬ ‫والفـرق عـادة مـا يكـون لا مرئـي وغيـر ملاحـظ‬ ‫فالقــراء الجيــدون يُعقــد عليهــم رهــان كل هــذا‬ ‫علـى الأقـل مؤقتـا لأن الانـزلاق سـهل والطريـق‬ ‫ولــن ينقرضــوا‪ ،‬والكتــاب الجيــدون في المقابــل‬ ‫زلـق‪ .‬يمكننـي في حالـة مـا أن أضـع سـيناريوهات‬ ‫ســيثبتون أنفســهم في كل الظــروف‪ ،‬يبقــى شــيء‬ ‫محتملـة لاسـتمرار هـذه المسـألة ‪ ،‬ومـدى تأثيرهـا‬ ‫واحـد هـو البحـث عـن الطريقـة الملائمـة للوقـوف‬ ‫علــى الكتابــة كمــا هــو تأثيرهــا في كل الجوانــب‬ ‫ضــد الآثــار الســلبية لامتــداد تأثيــر الشــبكات‬ ‫الاجتماعيــة علــى القــراءة والكتــب‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪25‬‬ ‫من فوق النص‪..‬‬ ‫مط ًل على الأسلوب‬ ‫بوفـون \" الأسـلوب هـو الرجـل نفسـه \"‪.‬‬ ‫حبيبة جمال ‪@habbebaa‬‬ ‫علـى نحـو فائـق تجـد في بعـض الأسـاليب الأدبيـة‬ ‫\"كأســلوب الزهــرة في غصنهــا\" الأســلوب الــذي اســترواح الزهــور‪ ،‬وتقاذفهــا في النســيم بآليــة‬ ‫باهــرة تخطــف الأفهــام فتملؤهــا بالطبيعــة‪.‬‬ ‫تفســق بــه مــن برعمهــا‪.‬‬ ‫طائرة في الجو مغتبطة بالشـعاع‪ ،‬بتائلها المصبوغة أحدثـك عـن الأسـلوب الـذي يكـون هـذه العلاقـة‬ ‫الحميمـة في النـص بـن القـارئ والكاتـب ‪ ،‬فيتعرف‬ ‫تحف قلبها الشـذي في ميلان كالتحية‪.‬‬ ‫تخلـق في قلبـك هـذه الزهـرة الجمـال كمـا يخلقـه الأول علـى الآخـر كمـا يتعـارف الأصدقـاء مـن وقـع‬ ‫الكاتـب في عـن قارئـه بأسـلوبه الفريـد‪ .‬وكمـا قـال الخطى‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪26‬‬ ‫مسـتقره‪ ،‬وللحـرف موقفـه‪ ،‬ومـا يتزيـن بـه النـص‬ ‫إن كل أسـلوب حملتـه الكتـب هـو نـوع من الشـيفرة‬ ‫مــن بديــع وتبيــان انســدلا مــن نفــس الكاتــب‬ ‫البسـيطة التـي ُتـل بالتعـود والإكثـار ‪ ،‬فالكتابـة‬ ‫بطريقـة ابتكاريـة هـي الوحيـدة مـن نوعهـا فيـه‬ ‫لا تختلــف عــن النســيج‪ ،‬والعبــارات التــي تخــط‬ ‫وحـده دون غيـره‪ ،‬ووضعهـا علـى يـد القـارئ الـذي‬ ‫نوعــاً مــن أنــواع الخيــوط واءمــت بينهــا العقــد‬ ‫قيـدت روحـه إلـى النـص‪ ،‬ولـم تقلـع عينيـه عـن‬ ‫مثابـرة القـراءة فيـه طل ًبـا للحـاوة المتسـربة إلـى‬ ‫التـي يمتـاز بهـا كاتـب عـن كاتـب‪.‬‬ ‫قلبـه وأفـكاره ‪ ،‬فبـدا لنـا أن العلاقـة ثنائيـة تـزداد‬ ‫بالقــراءة ‪ ،‬وطــادة حتــى تمتــزج معــارف الكاتــب‬ ‫يقــف فلوبيــر علــى مفهــوم الأســلوب فيعرفــه‬ ‫بمعـارف القـارئ‪ ،‬ويفهـم القـارئ الربـاط الخفـي‬ ‫قائ ًل‪\":‬طريقــة الكاتــب في رؤيــة الأشــياء‪\".‬‬ ‫الــذي يحبــك بــه كاتبــه نصوصــه فــا تســتقر‬ ‫عليـه عينـه في زحمـة النصـوص والاقتباسـات إلا‬ ‫ولـو أمعنـا النظـر لوجدنـا ذلـك التعبيـر ترجما ًنـا‬ ‫وعـرف أن هـذا النـص لذلـك الكاتـب‪ .‬واعتمـا ًدا‬ ‫لقـول غالينـو‪ \":‬أيهـا الكاتـب أنـا لا أطلـب منـك أن‬ ‫علــى هــذا المفهــوم فــإن الكاتــب الــذي لا ينــال‬ ‫تصـف سـقوط المطـر أنـا أطلـب منـك أن تجعلنـي‬ ‫قارئــه ملكــة تمييــز نصوصــه عــن غيــره فليــس‬ ‫أتبلــل‪ \".‬فــإذا مــا اجتمــع كاتبــان علــى وصــف‬ ‫بـذي أسـلوب‪ ،‬ولا صاحـب حبكـة فريـدة‪ .‬بـل يعـد‬ ‫وركضــا بأيديهمــا في المعجــم لاقتفــاء محاســن‬ ‫واحــ ًدا آخــ َر مضا ًفــا إلــى جملــة الك ّتــاب الذيــن‬ ‫وأوابــد الألفــاظ لــم يبلــغ ذلــك إلا أحســنهما‬ ‫وأجودهمـا أسـلو ًبا كمـا في القيلـة الموضوعـة ‪ \":‬إن‬ ‫تشـابهوا عليـه‪.‬‬ ‫البلاغـة ليسـت في اللفـظ ولا في المعنـى ولكنهـا في‬ ‫الأسـلوب‪ \".‬إلا أن فلوبيـر جـاء بعفـو مـن التعريـف‪،‬‬ ‫إن الأســلوب لا يكــون أول مــا يكــون اخترا ًعــا‪،‬‬ ‫فعرفـه مـن جانـب نفسـي بعيـد‪ ،‬كأنمـا تخطفـه‬ ‫وابتـكا ًرا‪ ..‬بـل يبـدأ في الغالـب بالتقليـد‪ ،‬والتكـرار‬ ‫تخط ًفـا ‪ ،‬لكـن الجرجانـي فصلـه فكأنـه مشـرف‬ ‫للأسـاليب السـباقة التـي ازينـت في نفـس الكاتـب‬ ‫علــى عمليــة الكتابــة فيقــول‪ \":‬الأســلوب طريقــة‬ ‫فغلبــت علــى بنانــه‪ ،‬لك ّنــه مــع طــول الممارســة‬ ‫مخصصـة في نسـق الألفـاظ بعضهـا علـى بعـض‬ ‫يسـتبين لـه التقليـد‪ ،‬فإن كان كات ًبـا أصيل الخاطر‬ ‫نبيـل الضميـر لفـظ مـا تقلـده‪ ،‬ومـال إلـى شـرعته‬ ‫لترتيـب المعانـي في النفـس وتنزيلهـا‪\".‬‬ ‫ينهـل منهـا فردانيتـه الأدبيـة‪ ،‬ويـذود عنهـا سـوام‬ ‫الأسـاليب المقلّـدة‪ ،‬فيصبـح بعد اختلاط المشـرب‪،‬‬ ‫ولمّـا فـرغ مـن كونـه شـاهد عيـان‪ ،‬انتقـل إلـى مـا‬ ‫وراء النفـس شـار ًحا أثـر الأسـلوب البـارع فيهـا‪،‬‬ ‫واهتجـان النسـب في أول غـرره الكتابـي‪..‬‬ ‫قائـ ًا ‪ \":‬أ ّنهـا مـن ح َّيـ ِز المعانـي دو َن الألفـاظ وأنها‬ ‫ليسـ ْت لـك حيـ ُث تسـم ُع بأذنـك بـل حيـ ُث تنظـ ُر‬ ‫واحد الشرب‪ ،‬لا يبلغ شأوه ترب‪.‬‬ ‫بق ِلبـك وتسـتعي ُن بفكـرك وتعمـ ُل َرو َّيتـك وترا ُجـع‬ ‫فبـذا تكـون رحلـة الأسـلوب‪ ،‬قمـة كـؤوداً ترهقـك‬ ‫عقلَـ َك وتَ ْسـتنج ُد في الجملـة فه َمـ َك ‪\".‬‬ ‫صعـو ًدا‪.‬‬ ‫وهـو هنـا أخـذ في البـدء بيـد الكاتـب التـي تخـط‬ ‫النـص علـى نحـو تميـزت هـي بـه‪ ،‬فعرفـت للفـظ‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪27‬‬ ‫قراءة في كتاب‬ ‫«الحياة هي ما‬ ‫بيتر بافيتنصنع»‬ ‫ســمحت لــي بالتعامــل مــع العالــم بابتهــاج‪ ،‬فــإن‬ ‫و ّراق ‪waraqcast.com @waraqcast‬‬ ‫التســامح هــو الســمة المســاوية لهــا في الأهميــة‪،‬‬ ‫والتــي تســمح لنــا بالتعامــل مــع الاختلافــات‬ ‫يتحــدث هــذا الكتــاب عــن القيــم‪ ،‬عــن‬ ‫القناعــات والمشــاعر التــي تحــدد مــا يســتحق‬ ‫والصراعــات‪.‬‬ ‫القيــام بــه أثنــاء حياتنــا القصيــرة علــى وجــه‬ ‫الأرض‪ ،‬وعـن الأفعـال والتوجهـات التـي سـتضيف‬ ‫لنكـن صرحـاء‪ :‬إذا كان البشـر متشـابهين إلـى‬ ‫إلـى حياتنـا عنصـر الإشـباع والرضـا‪ .‬يـدور هـذا‬ ‫حـ ٍد مـا ‪ ،‬إذا لـم تكـن هنـاك اختلافـات في العـرق‬ ‫الكتـاب أي ًضـا حـول الهويـة؛ أي حـول الطموحـات‬ ‫والديـن والجنـس والميـول السياسـية ‪ -‬فسـتكون‬ ‫والمواهــب والقــرارات والخصائــص التــي تُشــكل‬ ‫الحيــاة أســهل بشــكل مــا‪ ،‬لكــن ألــن يكــون ذلــك‬ ‫ممـًا؟! إن التنـوع هـو بهـار الحيـاة‪ ،‬وقدرتنـا علـى‬ ‫مــا نحــن عليــه‪.‬‬ ‫تقبـل الاختـاف تُثـري حياتنـا‪.‬‬ ‫لكـن مـن أنـا حتـى أكتـب هـذا الكتـاب؟ الإجابة‬ ‫الصادقـة هـي أننـي لسـت بشـخص مميـز بشـكل‬ ‫قيمـة أخـرى مـن القيـم الجوهريـة في حياتـي‪،‬‬ ‫مـا‪ .‬ولكـن مؤهلـي الوحيـد هـو حياتـي الخاصـة؛‬ ‫وهـي الاعتقـاد القـوي بأهميـة التعليـم‪ .‬فنوعيـة‬ ‫حيــاة أجبرتنــي علــى التفكيــر طويــ ًا وبعمــق في‬ ‫التعليــم الموجــه لتحقيــق هــد ٍف مــا هــي مجــرد‬ ‫أحــد أوجــه المعنــى الحقيقــي للتعليــم‪ ،‬كمــا أنــه‬ ‫هـذه الأمـور‪.‬‬ ‫ليـس أهـم هـذه الأوجـه‪ .‬الحيـاة هـي مـا تصنـع‬ ‫أيادينــا‪ .‬وإذا أردنــا لحياتنــا أن تتســم بالثــراء‬ ‫علــى رأس القيــم الجوهريــة التــي ســأتحدث‬ ‫والكمـال والرضـى بقـدر الإمـكان‪ ،‬وجـب علينـا أن‬ ‫عنهـا في هـذا الكتـاب‪ :‬مفهـوم الثقـة‪\" :‬الثقـة\" هـي‬ ‫نحـاول معرفـة كل شـيء‪ ،‬وليـس فقـط مجـرد مـا‬ ‫الاعتقـاد بـأن العالـم مـكا ٌن صالـح‪ ،‬وليـس مكا ًنـا‬ ‫نحتـاج إلـى معرفتـه لنحصـل علـى قـوت يومنـا‪.‬‬ ‫بلـغ حـد الكمـال‪ ،‬كمـا أنـه يسـتحق الجهـد المبـذول‬ ‫أيــن الخــط الفاصــل بــن الإرشــاد الأبــوي‬ ‫لجعلـه أفضـل ممـا هـو عليـه‪.‬‬ ‫النابــع مــن الحــب وبــن التدخــل المبالــغ فيــه؟‬ ‫في أيــة مرحلــة تتحــول المســاعدة إلــى تحكــم؟‬ ‫الثقـة في الحيـاة لا يمكـن فصلهـا عـن الثقـة في‬ ‫مــا مقــدار الاهتمــام الأبــوي الــذي يتحــول إلــى‬ ‫البشـر‪ ،‬وهـذا اعتقـاد مبنـ ٌي علـى أن البشـر‪ ،‬علـى‬ ‫اهتمـام خانـق؟ مـا مقـدار الخيـارات التـي يملكهـا‬ ‫الرغـم مـن كل مـا بهـم مـن نقائـص‪ ،‬إلا أنهـم في‬ ‫الشــاب ح ًقــا لتحديــد مصيــره؟ ومــا مقــدار‬ ‫حريــة الاختيــار التــي يجــب أن يتمتــع بهــا؟ هــل‬ ‫الأسـاس حسـنو النيـة‪.‬‬ ‫إذا كانـت الثقـة هـي القيمـة الجوهريـة التـي‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪28‬‬ ‫منــك ممكنــة قــدر المســتطاع‪ .‬أمــا فيمــا يتعلــق‬ ‫هنـاك شـيء يُعـرف بالحريـة الزائـدة عـن الحـد‪،‬‬ ‫بالمهنــة الحقيقيــة للمــرء‪ ،‬فــإن القــدرة العاديــة‬ ‫والاختيــارات المبالــغ فيهــا؟‬ ‫لا تحســم الأمــر‪ ،‬إذا كان شــغفك هــو أن تصبــح‬ ‫طاه ًيـا‪ ،‬فمـن الواضـح أنـه لـن يكفيـك أن تكـون‬ ‫في منـزل عائلـة \"بافيـت\"‪ ،‬كان هنـاك تناقـض‬ ‫قدراتــك في العمــل في المطبــخ عاديــة‪ .‬لا يرغــب‬ ‫أساسـي فيمـا يتعلـق بهـذه الأمـور‪ .‬لم يكن أسـلوب‬ ‫أي مــدرس ملتــزم بــأن يكــون مســتواه عاد ًّيــا في‬ ‫والـد ّي هـو أن يُخبرانـا ونحـن أطفـال عمـا يجـب‬ ‫الفصــل‪ .‬لا يريــد أي مؤلــف أن تكــون كلماتــه‬ ‫أن نفعلــه أو عمــا يجــب أن نكــون عليــه‪ .‬علــى‬ ‫العكــس‪ ،‬كان الــدرس الدائــم أثنــاء نشــأتنا هــو‬ ‫المطبوعــة عاديــة!‬ ‫أننـا يمكننـا أن نكـون مـا نريـده‪ ،‬وأننـا يجـب أن‬ ‫نتبـع قلوبنـا حيثمـا توجهنـا‪ .‬فإلـى جانـب الرسـالة‬ ‫مهننـا هـي المجـالات التـي نتـوق إلـى البراعـة‬ ‫الواضحــة القائلــة إن اختياراتنــا خالصــة لنــا‬ ‫فيهـا‪ ،‬وإلـى أن نتميـز فيهـا عن أقراننا‪ .‬هذا التوق‬ ‫لنصنعهــا‪ ،‬وإن حريتنــا في جوهرهــا بــا حــدود‪،‬‬ ‫شـيءٌ رائـع‪ ،‬فهـو يُعلـي مـن شـأننا‪ ،‬ويُخـرج أفضـل‬ ‫كان هنـاك نمـط مـن الرسـائل الضمنيـة يتـوازى‬ ‫مــا فينــا‪ ،‬ويقودنــا إلــى اكتشــافات وإنجــازات‬ ‫مـع الرسـائل السـابقة‪ .‬هـذه الرسـائل الضمنيـة‬ ‫يمكننـا أن ن ّدعـي بصـدق أنهـا مـن صنـع أيدينـا‪.‬‬ ‫بالطبــع اتخــذت شــكل التوقعــات الأبويــة‪ .‬أحــد‬ ‫التوقعـات الضمنيـة في عائلتنـا كانـت أن الأبنـاء‬ ‫اكتشــاف مــا وهبــه الله لنــا هــو في الأســاس‬ ‫ســيبذلون أقصــى مــا يســتطيعون مــن جهــد في‬ ‫رحلـة اكتشـاف الـذات‪ .‬أيـن تكمـن موهبتنـا؟ مـا‬ ‫المدرســة‪ .‬لــم أتعــرض لضغــوط للحصــول علــى‬ ‫الأشـياء التـي نهتـم بشـأنها ح ًقـا؟ مـا المهـن التـي‬ ‫تقديــر امتيــاز‪ ،‬لكــن كان مــن المســلَّم بــه أننــي‬ ‫تسـمح لنـا بالشـعور بأننـا صادقـون مـع أنفسـنا‪،‬‬ ‫ســأتعامل مــع الــدرس بجديــة واجتهــاد‪.‬‬ ‫وأننـا نحيـا الحيـاة التـي ُكتـب لنـا أن نحياهـا؟‬ ‫هـل يمكـن أن تكـون الحريـة نقمـة‪ ،‬أو أن يكـون‬ ‫\"العبقــري لا يقتــرف الأخطــاء‪ .‬فأخطــاؤه‬ ‫امتـاك خيـارات كثيـرة أمـ ًرا ضـا ًّرا؟‬ ‫متعمــدة‪ ،‬وهــي ســبيله للمعرفــة‪\".‬‬ ‫لنكــن واضحــن ولا نختلــق الأعــذار‪ .‬عندمــا‬ ‫كتـب \"جيمـس جويـس\" هـذه العبـارة في إشـارة‬ ‫يُســيء النــاس اســتخدام حريتهــم‪ ،‬فهــذا ليــس‬ ‫إلــى شكســبير‪ .‬ربمــا تكــون العبــارة صحيحــة‬ ‫عندمـا يتعلـق الأمـر بالعباقـرة؛ فمـن يعـرف؟ لكـن‬ ‫خطــأ الحريــة بــل هــو خطؤهــم!‬ ‫بقيتنـا يقترفـون الكثيـر مـن الأخطـاء‪ ،‬كمـا أنهـم‬ ‫الحريـة يجـب أن تُـدار‪ .‬يجـب أن تُضبـط مـن‬ ‫لا يتعمدونهـا أي ًضـا‪ .‬نحـن نُخطـئ لأننـا بشـر‪.‬‬ ‫داخـل المـرء ذاتـه‪ .‬كان لأمـي قـو ٌل مأثـور ‪ ،‬والـذي‬ ‫يُلخـص مـا سـبق‪ -‬حيـث اعتـادت علـى أن تُخبرني‬ ‫نحـن نُخطـئ لأننـا لا نعـرف إلا أقـل القليـل‪،‬‬ ‫بـأ ّن بإمكانـي أن أكـون مـا أرغـب فيـه مهمـا كان‪،‬‬ ‫ونُخطـئ لأننـا نتخيـل أننـا نعـرف أكثـر ممـا نعرف‬ ‫لكـن ليـس بإمكانـي أن أفعـل كل مـا أُريـده‪ .‬بعبـارٍة‬ ‫بالفعـل‪ .‬إننـا نُخطـئ عندمـا ينفـد صبرنـا‪ .‬وبالمثـل‬ ‫أخــرى‪ ،‬يمكــن أن يكــون طموحــي بــا حــدود‪،‬‬ ‫نُخطـئ عندمـا نتـردد‪ .‬لكـن مهمـا كان مصدرهـا‬ ‫لكــن ســلوكياتي كانــت تخضــع لحــدود الصــواب‬ ‫أو درجتهـا‪ ،‬فهنـاك شـيء واحـد تتشـارك فيـه كل‬ ‫أخطائنــا وهــو‪ :‬أنهــا ُفــر ٌص للتعلــم‪ .‬إنهــا ُســب ٌل‬ ‫والملائـم‪.‬‬ ‫للمعرفـة‪ ،‬ليـس فقـط للعباقـرة‪ ،‬بـل لبقيتنـا أي ًضا‪.‬‬ ‫في أغلـب مناحـي الحيـاة تعـد القـدرات العادية‬ ‫عندمـا نجيـب إجابـ ًة خاطئـة عـن أحـد أسـئلة‬ ‫جيـدة بمـا فيـه الكفايـة‪ .‬بـل في الحقيقـة هنـاك‬ ‫الحيــاة التــي لا حصــر لهــا‪ ،‬فإننــا علــى أســوأ‬ ‫مزايـا حقيقيـة لكونـك شـخ ًصا عاد ًّيـا؛ حيـث أ ّن‬ ‫الفـروض نقتـرب خطـو ًة واحـد ًة صـوب الإجابـة‬ ‫ذلـك يُبعـد الضغـوط ويجعـل التوقعـات المطلوبـة‬ ‫الصحيحـة‪ ،‬أو علـى الأقـل الإجابـة المناسـبة لنـا‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪29‬‬ ‫لماذا لا نفعل ما نُحب؟‬ ‫عندمـا نُخفـق ثـم نواجـه عقبـات إخفاقنـا‪ ،‬تسـنح‬ ‫لنـا فرصـة اكتشـاف مـا فشـلنا فيـه‪ ،‬وسـبب هـذا‬ ‫لا أتحــدث عــن الخيــارات الطائشــة‪ ،‬أو‬ ‫الفشـل‪ .‬وباختصـار‪ ،‬أخطاؤنـا هـي سـبيل تطورنا‪.‬‬ ‫الخيـارات الناتجـة عـن إطـاق العنـان للشـهوات‪،‬‬ ‫أو الخيـارات الناتجـة عـن الكسـل‪ .‬وإ ّنـا أتحـ ّدث‬ ‫إن أبينــا أن نمنــح أنفســنا بعــض الحريــة‬ ‫عـن اختيـارات تعكـس قيمنـا الشـخصية‪ ،‬وتو ّضـح‬ ‫لنُخطــئ‪ ،‬فإننــا بذلــك ســنعزف عــن انتهــاز‬ ‫أوســ َع مجــا ٍل ممكــ ٍن لمــا نمتلكــه مــن مواهــب‬ ‫الفــرص؛ وإذا لــم ننتهــز الفــرص‪ ،‬فربمــا لــن‬ ‫نكتشـف مـا نشـغف بـه أو لـن نعـرف حقيقتنـا‪ .‬إ ْن‬ ‫وإبداعــات‪.‬‬ ‫ِخفنـا مـن أن نتعثـر في طريقنـا‪ ،‬فلـن يمكننـا إلا‬ ‫إن بــدا أ ّن التدريــس هــو مــا ســيحقق لــك‬ ‫أن نتبــع الآخريــن وحســب‪.‬‬ ‫الرضــى ‪ ،‬فلــ َم لا تختــار هــذا الطريــق؟‬ ‫في أغلــب الأحيــان‪ ،‬حســبما أعتقــد‪ ،‬يــرى‬ ‫إن كنـت تشـعر بالانجـذاب تجـاه العمـل خـارج‬ ‫النـاس تحقـق أمنيـ ٍة مـا علـى أنـه اكتمـال الأمنيـة‪،‬‬ ‫المكاتـب بعيـ ًدا عـن مراكـز التجـارة والثـروة‪ ،‬فلـ َم‬ ‫وعلـى أنـه نهايـة العمليـة‪ .‬لكـن ألا يُصبـح الأمـر‬ ‫لا تتجـه لذلـك؟ في النهايـة‪ ،‬سـأقول لـك مـا قلتـه‬ ‫أكثــر منطقيــ ًة بــأن تــرى تح ّقــق الأمنيــة علــى‬ ‫أنـه اسـتهلال‪ ،‬وأنـه بدايـة شـي ٍء مـا؟ إ ّن الإثـارة‬ ‫لنفسـي آلاف المـرات‪:‬‬ ‫الحقيقيـة والإشـباع الفعلـي يكمنـان في رؤيـة مـا‬ ‫حياتُــك ِملــ ُك َك لتصنَعهــا‪ ،‬وعليــك أن تشــعر‬ ‫يمكــن أن تــؤدي إليــه هــذه الأمنيــة‪.‬‬ ‫بالعرفــان لوجــود هــذه الفرصــة‪ .‬اقتنــص هــذه‬ ‫الفرصــة بشــغ ٍف و ُجــرأة‪ ،‬مهمــا كان مــا قــررت‬ ‫لكـن دعنـا نـرى الأمـر مـن زاويـ ٍة عكسـية‪ :‬مـا‬ ‫عملـه‪ ،‬التـزم بـه بـكل مـا لديـك مـن قـ ّوة‪ ،‬واشـرع‬ ‫الـذي يحـدث عندمـا لا تتحقـق الأمانـي؟‬ ‫فيــه الآن‪.‬‬ ‫عندمـا لا تتحقـق أمنيـة مـا‪ ،‬فإننـا ُنبَـر علـى‬ ‫النظــر إلــى مــا هــو أبعــد مــن ذلــك‪ ،‬وأن نفكــر‬ ‫ما الذي تنتظره؟‬ ‫بجديـ ٍة أكبـر وبتعمـ ٍق أكثـر حـول مـا نريـده ح ًقـا‪،‬‬ ‫ومـا الـذي سيشـعرنا بالسـعادة بالفعـل‪ .‬في بعـض‬ ‫الأحيــان تكــون الأمنيــة التــي لــم تتحقــق في‬ ‫حقيقتهــا نو ًعــا مــن التحــرر‪.‬‬ ‫الأمانــي تقودنــا إلــى غايــات محــددة تُقنــا‬ ‫إليهــا طويــ ًا؛ وهــي تميــل إلــى أن تجعلنــا نركــز‬ ‫اهتمامنـا علـى جزئيـ ٍة صغيـرٍة محـددة في هـذه‬ ‫الغايـة‪ .‬وهـذا أمـ ٌر لا بـأس بـه؛ حيـث أ ّن امتـاك‬ ‫أهــدا ٍف وتحقي ُقهــا يمكــن أن يكــون مصــد ًرا‬ ‫عظي ًمــا لاحتــرام الــذات والمتعــة‪ .‬لكــن هنــاك‬ ‫خطـ ًرا مـا أي ًضـا‪ .‬يمكـن لهـد ٍف محـدد ج ّيـ ًدا أن‬ ‫يُعمـ َي أبصارنـا عـن عالـ ٍم كامـ ٍل مـن الخيـارات‪،‬‬ ‫والتـي تتواجـد في أي مسـا ٍر يمكـن تخ ّيلـه‪ .‬عندمـا‬ ‫لا يتحقــق هــدف مــا ‪ -‬عندمــا لا تتحقــق أمنيــة‬ ‫مــا ‪ -‬فــإن ذلــك يجبرنــا علــى أن نفــرك أعيننــا‬ ‫وننظــر مــرة أخــرى لهــذا العالــم الرحــب‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪30‬‬ ‫البرنامج الثقافي الخامس‬ ‫الإبداع‪ ..‬شغف التغيير!‬ ‫سـنظ ُّل في جبـل الرمـا ِة فخلفنـا‬ ‫‪@StudentsofKSAUH‬‬ ‫صـوت النبـ ُّي يه ّزنـا لا تبرحـوا‬ ‫إن كل فكــرة خلاقــة‪ ،‬وكل قيمــة إبداعيــة‪،‬‬ ‫إن لــم تتحــ ّول إلــى ثقافــة نمارســها في‬ ‫واشــتمل البرنامــج أي ًضــا علــى العديــد‬ ‫تفاصيــل تعاملاتنــا اليوميــة فــإن شمســها‬ ‫مــن المحاضــرات المصاحبــة ‪ ،‬وورش العمــل‬ ‫ســتغيب‪ ،‬وتصبــح مجــرد فكــرة عابــرة‪.‬‬ ‫لتنميــة التفكيــر الإبداعــي في مختلــف‬ ‫مجــالات الحيــاة‪ ،‬والتــي قدمهــا مجموعــة‬ ‫ن ّظمــت عمــادة شـــؤون الطــاب بجامعــة‬ ‫مــن المختصــن في مجــال الإبــداع وريــادة‬ ‫الملـك سـعود بــن عبـد العزيـز للعلـوم الصحيـة‬ ‫الأعمــال‪ ،‬مثــل‪ :‬د‪ .‬فاديــة الخضــراء‪ ،‬أ‪.‬‬ ‫بالحــرس الوطنــي مم ّثلــة بنــادي الطــاب‬ ‫فاطمــة القحطانــي‪ ،‬م‪ .‬بســام الخراشــي‪ ،‬د‪.‬‬ ‫البرنامــج الثقــافي الخامــس الــذي انطلقــت‬ ‫حمـدان المحمـد‪ ،‬د‪ .‬صـاح معمـار‪ ،‬أ‪ .‬باتريـك‬ ‫فعالياته يوم الثلاثاء الموافق ‪ 27‬فبراير ‪2017‬م‬ ‫روبـن‪ .‬كمـا قـ ّدم د‪ .‬سـامي العجـان محاضـرة‬ ‫في الحــرم الجامعــي بالريــاض‪ ،‬واســـتمرت‬ ‫بعنــوان \"الإبــداع في الحقــل الطبــي\"‪ ،‬ذكــر‬ ‫حتــى اليــوم الثانـي مـن مـارس‪2017‬م؛ حيـث‬ ‫فيهــا أن الأفــكار الجديــدة لا تأتــي عندمــا‬ ‫كان الهــدف مــن البرنامــج تعزيــز وتوســيع‬ ‫تتقوقــع حــول مجــال تخصصــك‪ ،‬بــل لابــد‬ ‫مــدارك الطــاب الثقافيــة والفكريــة‪ ،‬وتنميــة‬ ‫مــن الاطــاع علــى التخصصــات الأخــرى\"‪.‬‬ ‫مهــارات الإبــداع لديهــم‪ ،‬وقــد تم ّيــز هـــذا‬ ‫العــام بحلّــة جديــدة حملــت لافتــة بعنــوان‬ ‫صاحــب البرنامــ َج معــر ٌض يناقــش أفــكار‬ ‫(الإبــداع ‪..‬شــغف التغييــر!) ناقــش البرنامــ ُج‬ ‫الإبــداع في مجــالات عديــدة‪ ،‬كالصحــة‬ ‫تحــت هــذه الحلّــة العديــد مــن الأفــكار‬ ‫والتعليــم والاقتصــاد والثقافــة والبيئــة؛ حيــث‬ ‫الإبداعيــة المتعلقــة بالعالــم الإســامي‪ ،‬ور ّكــز‬ ‫اسـتعرض كل ركـ ٍن أهـم المُنجـزات الحضاريـة‬ ‫علـى اسـتعراض التجـارب الإبداعيـة المميـزة‪.‬‬ ‫في العالــم الإســامي وســبب نجاحهــا المتعلــق‬ ‫بفكرتهــا الإبداعيــة‪ .‬واختتــم البرنامــج بحفــل‬ ‫وتشــ ّرف البرنامــج باســتضافة المفكــر‬ ‫مميــز ألقــى فيــه ســعادة العميــد المشــارك‬ ‫الدكتــور‪ :‬عبــدالله الغذامــي في محاضــرة‬ ‫الدكتــور بــدر المقبــل كلمتــه المو ّقــرة بعنــوان‬ ‫مميــزة بعنــوان \"الاختــاف مــع النســق\"‪،‬‬ ‫\"الزمـن يتغ ّيـر‪ ،‬والإنسـان ليـس هـو الإنسـان\"‪،‬‬ ‫والــذي ناقــش فيهــا بخبــرة منهجيــة رؤيــة‬ ‫والتـي قـال فيهـا ُمذ ّكـ ًرا‪\" :‬تذكـروا أن الإنسـان‬ ‫المملكــة ‪ ،٢٠٣٠‬واختتــم حديثــه قائــ ًا‪\" :‬علينــا‬ ‫ليـس هـو الإنسـان حـن يكـون أسـي ًرا لأفـكار‬ ‫أن نحــ ّول التفكيــر الســلبي إلــى تفكيــر‬ ‫غيــره\"‪ ،‬واختتــم حديثــه بنصيحــ ٍة لجميــع‬ ‫إيجابــي‪ ،‬وعلينــا أن نملــك المســتقبل بالفعــل‬ ‫الحضــور قائــ ًا‪\" :‬الزمــن يتوســع؛ فــا‬ ‫لا بالتمنــي!\" واســتضاف البرنامــج شــاعر‬ ‫تقصــروا أنفســكم علــى ِعلــ ٍم واحــد‪ .‬افتحــوا‬ ‫الأ ِهلّــة‪ :‬محمــد عبــد البــاري في أصبوحــة‬ ‫أبوابكــم لريــاح المعرفــة‪ ،‬وتوســعوا في فهمهــا؛‬ ‫شــعرية مميــزة‪ ،‬والتــي ألقــى فيهــا عــد ًدا مــن‬ ‫حتــى تتمكنــوا مــن الإبــداع في تخصصاتكــم!\"‬ ‫القصائـد‪ ،‬وتبـع الأصبوحـة حـوا ٌر ثـر ٌّي معـه‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪31‬‬ ‫«القــراءة مغامــرة مثــل كل المغامــرات الأخــرى‪ ،‬تتطلــب‬ ‫شــجاعة حقيقيــة‪ ،‬ولا تمنــح نفســها إلا لمــن يســتحقها»‪.‬‬ ‫بثينـة العيسـى‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪32‬‬ ‫زاوية الأخبار‬ ‫حدث خلال الفترة الماضية‪:‬‬ ‫معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب‬ ‫معرض القاهرة الدولي للكتاب‬ ‫‪ ١٢‬فبراير ‪٢٠١٧‬م‪ ٢١-‬فبراير ‪٢٠١٧‬م‬ ‫‪ ٢٦‬يناير ‪٢٠١٧‬م‪ ١٠-‬فبراير ‪٢٠١٧‬م‬ ‫معرض الرياض الدولي للكتاب‬ ‫معرض مسقط الدولي للكتاب‬ ‫‪ ٨‬مارس ‪ ١٨-٢٠١٧‬مارس ‪٢٠١٧‬م‬ ‫‪ ٢٢‬فبراير ‪ ٣-٢٠١٧‬مارس ‪٢٠١٧‬م‬ ‫معرض تونس الدولي للكتاب‬ ‫معرض البحرين الدولي للكتاب‬ ‫‪ ٢‬أبريل ‪ ١٢-٢٠١٧‬أبريل ‪٢٠١٧‬‬ ‫‪ ٢٤‬مارس ‪ ٣-٢٠١٧‬أبريل ‪٢٠١٧‬‬ ‫معرض أبوظبي الدولي للكتاب‬ ‫‪ ٢٧‬أبريل ‪ ٣-٢٠١٧‬مايو ‪٢٠١٧‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪33‬‬ ‫المطاعـم والمقهـى والمسـرح‪ ،‬وأركان الخدمـات كالأمانـات‬ ‫«كتـاب الريـاض» أيقونـ ٌة ثقافية‬ ‫وعربـات الكتـب وخدمـات ذوي الاحتياجـات الخاصـة‬ ‫تعـ ّرف برويـة المملكـة التنموية‪.‬‬ ‫والإسـعاف وخدمـة البريـد‪.‬‬ ‫المميـز في معـرض الريـاض لهـذا العـام أنـه قـد تم نشـر‬ ‫أمير الباسمي‪-‬الرياض‬ ‫تطبيقـات للمعـرض تعمـل على الأجهـزة الذكية بنظامي‬ ‫‪ Android‬و ‪ IOS‬يمكـن مـن خلالهـا البحـث عـن‬ ‫الكتـب المتوفـرة ومعرفـة أسـعارها ودور النشـر المشـاركة‬ ‫ومعرفـة مواقعهـا داخـل صالـة المعـرض‪ ،‬هـذا إلـى جانـب‬ ‫أجهـزة الاسـتعلامات المتوفـرة للـزوار داخـل صالـة المعـرض‬ ‫بشـكل مجانـي‪ .‬كمـا ُأضيـف للمعـرض هـذا العـام متجـ ًرا‬ ‫إلكترون ًيـا يخـدم مـن يرغـب باقتنـاء كتـب مـن المعـرض‬ ‫ويتعـذر عليـه زيارتـه‪ ،‬بالإضافـة إلـى جنـاح خـاص لتطوير‬ ‫الخدمـات الإعلاميـة والصحفيـة وجنـاح مسـتقل لهيئـة‬ ‫الصحفيـن السـعوديين‪.‬‬ ‫وكعـادة معـرض الريـاض الدولـي‪ُ ،‬تقـام علـى هامشـه‬ ‫عـد ٌد مـن الفعاليـات وورش العمـل وحفـات توقيـع الكتب‪،‬‬ ‫كما ُيتيح لعدد من الأندية الشبابية والجهات التطوعية‬ ‫المتعلـق نشـاطها بالقـراء التواجـد ضمـن أركان مخصصة‬ ‫للتعريـف بمشـروعاتهم وإعطـاء قيمـة مضافة للمعرض‪.‬‬ ‫الجديـر بالذكـر أن معـرض الريـاض الدولـي للكتـاب‬ ‫اف ُتتـح يـوم الأربعـاء الموافـق ‪ 8‬مـارس ‪2017‬م في مركـز‬ ‫الـذي ُيعـد مـن أضخـم معـارض الكتـب العربية من ناحية‬ ‫المعـارض والمؤتمـرات بمدينـة الريـاض معـرض الريـاض‬ ‫عدد الدور المشاركة ونسبة الإيرادات‪ ،‬ما كان ‪-‬في بداياته‪-‬‬ ‫الدولـي للكتـاب في دورة عـام ‪2017‬م‪ ،‬والـذي ستسـتمر إلا معر ًضـا بسـي ًطا ُيقـام بجهـود جامعيـة كجامعـة الملـك‬ ‫سـعود‪ ،‬و ُين ّظـم في ردهـات الجامعـة وممراتهـا ثـم انتقلـت‬ ‫فعالياتـه حتـى ‪ 18‬مـن شـهر مـارس‪ .‬رعـى حفـل افتتـاح‬ ‫مسـؤولية تنظيمه والإشـراف عليه لوزارة التعليم العالم‬ ‫المعـرض ‪-‬الـذي يحمـل في دورتـه الحاليـة شـعار\"الكتاب‪..‬‬ ‫رؤيـ ٌة وتحـول\"‪ -‬وزيـر الثقافـة والإعـام السـعودي الدكتـور قبـل أن تتـولاه وزارة الثقافـة والإعـام‪.‬‬ ‫عـادل الطريفـي ووزيـر التعليـم الماليـزي محضـر بن خالد‬ ‫مم ًثـا دولتـه التـي تحـ ّل كضيـف شـر ٍف للمعـرض هـذا‬ ‫العـام‪.‬‬ ‫تجاوز عدد الدور المشـاركة في معرض الرياض الدولي‬ ‫للكتـاب في دورتـه الحاليـة ‪ 550‬دار نشـر ومؤسسـة وهيئـة‬ ‫وجامعـة‪ ،‬منهـا العربيـة والعالميـة؛ إذ تتواجـد جميعهـا في‬ ‫الصالـة الرئيسـة للمعـرض‪ ،‬والتـي تنقسـم إلـى خمـس‬ ‫صـالات‪ ،‬هـي‪ :‬صالـة الطمـوح وصالـة الرؤيـة وصالـة‬ ‫التحـول وصالـة التنميـة وصالـة المسـتقبل‪ .‬كمـا تتوفـر‬ ‫أقسـام مسـاندة تخـدم القـراء وتجعـل تجربتهـم في زيـارة‬ ‫المعـرض أفضـل وأكثـر فائـدة‪ ،‬مثـل جنـاح الطفـل وصالـة‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪34‬‬ ‫التفاعلي الخاص بركن المشـروع‪ .‬كما ت ّم تقديم مجموع ٍة‬ ‫مـن المطبوعـات المفيـدة‪ ،‬كتعليقـ ٍة للبـاب وأخـرى للسـيارة‬ ‫وقاطـع كتـاب لـك ّل زائـر‪.‬‬ ‫تم في هـذا العـام أي ًضـا اسـتحداث فكـرة زاجـل الكتـاب‪،‬‬ ‫وهـي رسـال ٌة ُيق ّدمهـا الك ّتـاب إلـى محبيـه مـن القـراء‪ .‬كمـا‬ ‫تم إصـدار النسـخة الثانيـة مـن القائمـة القرائيـة‪ ،‬والتـي‬ ‫تحـوي عناويـن كتـ ٍب مقترحـة في مجـالات مختلفـة‬ ‫لتسـاعد زوار المعـرض علـى اختيـار مـا يناسـبهم مـن كتـ ٍب‬ ‫في المعـرض‪.‬‬ ‫أصدقـاء القـراءة في معـرض شه َد ركن أصدقاء القراءة تفاع ًل من الزوار‪ ،‬خصو ًصا‬ ‫مـع السـؤال اليومـي الـذي يجـري طرحـه كل يـوم بالتعـاون‬ ‫الريـاض الدولـي‬ ‫مع دور نشر مختلفة إذ ُيقدم للفائز فيه كت ًبا وخصومات‬ ‫على الكتب‪.‬‬ ‫إيثار الغامدي‬ ‫للمـرة الثانيـة‪ ،‬تواجـ َد مشـروع أصدقـاء القـراءة في‬ ‫معـرض الريـاض الدولـي للكتـاب ضمـن قسـم المبـادرات‬ ‫الشـبابية المخصـص لإظهـار الجهـود الشـبابية المتعلقـة‬ ‫بنشـر ثقافـة القـراءة وخدمـة القـراء‪.‬‬ ‫في ركـن أصدقـاء القـراءة في معـرض الكتـاب الدولـي‬ ‫تواجـد بعـض متطوعـي الفريـق للحديـث مـع زوار‬ ‫المعـرض عـن المشـروع وفكرتـه ومبادراتـه في مواقـع التواصـل‬ ‫الاجتماعـي وعلـى أرض الواقـع‪ .‬و ُطلـ َب مـن كل زائـ ٍر‬ ‫للركـن أن ُيشـاركنا برسـال ٍة لقـار ٍئ لا يعرفـه أو يذكـ َر لنـا‬ ‫اسـم كتـاب لابـ ّد أن يقـرأه الجميـع وذلـك لتعليقـه في البنـر‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪35‬‬ ‫مأساة شعب‬ ‫الأندلس هل تتكرر؟!‬ ‫الأمــر عنــد هــذا الحــد؟ لا‪ ،‬بــل اســتمر التشــكيك‬ ‫منـال محمـد ‪@97Moony‬‬ ‫في ديــن هــذا الشــعب ونيتــه؛ فــكان يحا َســ ُب علــى‬ ‫انتهــت معرفتــي بتاريــخ الأندلــس الطويــل عنــد‬ ‫أصغــر خطــأ ويُــز ُّج بــه في محاكــم التفتيــش ســيئة‬ ‫سـقوطها في عـام ‪1492‬م‪ ،‬لكـن مـا حـدث بعـد هـذا‬ ‫الذكـر‪ .‬لا يسـتطيع عقـ ٌل أن يصـ ّدق كيـف يسـتطيع‬ ‫التاريــخ كان هــو المأســاة الحقيقيــة؛ حيــث الإبــادة‬ ‫إنســا ٌن أن يعــ ّذب إنســا ًنا مثلــه فقــط لأنــه مختلــ ٌف‬ ‫الشــاملة لشــعب كان عزيــز قــو ٍم لكنــه ‪-‬اليــوم‪-‬‬ ‫عنــه‪ .‬كانــت عــادات وتقاليــد شــعب الأندلــس التــي‬ ‫ذ ّل‪ ،‬عــاش مــا يقــارب النصــف مليــون مســلم‬ ‫علــى الأراضــي الأندلســية بعــد ســقوطها علــى‬ ‫ترتبــط كثيــ ًرا بالإســام أكثــر أمــ ٍر يُجرمــون عليــه‬ ‫يــد الأســبان‪ ،‬ولقــوا فيهــا أبشــع أنــواع الإبــادات ‪،‬‬ ‫ويعذبــون لأجلــه‪\" :‬اللبــاس الأندلســي وبخاصــ ٍة‬ ‫والمحاكمــات‪ ،‬والملاحقــات علــى مــدار أربعــة قــرون‬ ‫انتهـا ًء بأمـر الطـرد الشـامل لـكل أندلسـ ٍّي أو مـا كان‬ ‫حجــاب المــرأة‪ ،‬المأكــولات المغربيــة‪ ،‬الاســتحمام‪،‬‬ ‫يطلــق عليهــم (المورســكيون) في عــام ‪1906‬م‪ .‬لكــن‬ ‫دعونــا نعــود إلــى الــوراء قليــ ًا ونعــرف شــي ًئا مــن‬ ‫التحـدث باللغـة العربيـة‪ ،‬لبـس الثـوب الحسـن يـوم‬ ‫مأسـاة شـع ٍب أعـزل كان يحكـم الدنيـا يو ًمـا فصـار‬ ‫لا يملــك أمــر نفســه حتــى؛ بــد ًءا بإدخالــه قســ ًرا‬ ‫الجمعـة‪ ،‬رفـض أكل لحـم الخنزيـر‪ \"..‬وأمـو ٌر أخـرى‬ ‫وبحــد ال ّســيف في ديــن النصــارى‪ .‬لكــن هــل انتهــى‬ ‫كثيـرة كان أهـل الأندلـس يتشـبثون بهـا سـ ًرا ولكنهـم‬ ‫يدفعـون ثمنهـا إذا مـا ُفضـح أمرهـم‪ .‬عاشـوا سـنين‬ ‫طويلــة وهــم مزدوجــن بــن قالــب نصرانــي وروح‬ ‫إســامية أندلســية‪ .‬أشــعلوا العديــد مــن الثــورات‬ ‫التـي بـاءت بالفشـل غال ًبـا ودفعـوا ثمنهـا أرواحهـم‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪36‬‬ ‫مشــهد طــرد شــع ٍب مــن أر ٍض هــو منهــا وهــي منــه‬ ‫ودماءهــم‪ .‬وألقــت النســاء المورســكيات بأنفســهن‬ ‫مــن أبشــع المشــاهد؛ لاســ ّيما وأنــه كان ســ ّيدها‬ ‫مــن الجبــال رف ًضــا للعيــش الذليــل مــع النصــارى‬ ‫يو ًمـا لكنـه اليـوم ليـس لـه شـب ٌر واحـ ٌد فيهـا‪ .‬انتهـى‬ ‫الأســبان‪ .‬كان لشــجاعة النســاء المورســكيات شــأ ٌن‬ ‫تاريــخ أســبانيا القــوي بخــروج شــعب الأندلــس‬ ‫عظيـم؛ كـ َّن لا يرضـن بالـذ ّل والخنـوع‪ُ ،‬كـ َّن يُظهـرن‬ ‫إســامهن‪ ،‬ويغمرهــن الاعتــزاز بأنهــن أندلســيات‬ ‫منهــا‪ ،‬وأفــل نجمهــا‪.‬‬ ‫وهــن يرتديــن الملحفــة البيضــاء الخاصــة بالنســاء‬ ‫الأندلســيات‪ ،‬وهــي مــا كانــت مثــار قلــ ٍق وإزعــا ٍج‬ ‫كان لكتــاب \"الديــن والــدم\" لكاتبــه \"ماثيــو كار\"‬ ‫لــدى رجــال الديــن الأســبان ٍ‪ .‬ضربــن أروع الأمثلــة‬ ‫أثـر عاصفـة مـن المـد والجـزر علـى النفـس والعقـل‪،‬‬ ‫في الشــجاعة والتضحيــة‪ .‬قاتلــ َن ص َفــا بصــف مــع‬ ‫لكـن السـؤال الـذي يطـرح الآن‪ :‬هـل مأسـاة شـعب‬ ‫الرجــال‪ ،‬وكانــت الواحــدة منهــن تحمــل الســاح‬ ‫الأندلــس جــزءٌ مــن الماضــي ورحــل؟! أم هــو واقــ ٌع‬ ‫بيدهــا‪ ،‬وتحمــل الأخــرى إخوتهــا الصغــار قبــل أن‬ ‫نعيشــه اليــوم؟ إن التاريــخ يعيــد نفســه‪ ،‬وإ ّن‬ ‫يغرقـوا جميعهـم بالدمـاء فقـط لأنهـم \"مورسـكيون\"‪.‬‬ ‫مأسـاة شـعب الأندلـس ليسـت بتاريـخ نأسـى عليـه‬ ‫وانتهــى‪ ،‬فصراعــات العالــم العربــي والإســامي‬ ‫رضـي بعـض أهـل الأندلـس بهـذا العيـش ورفـض‬ ‫اليــوم ليســت ببعيــدة‪ ،‬وصــراع العالــم الغربــي مــع‬ ‫الكثيـر هـذا الـذ ّل وغـادر إلـى مـا وراء البحـر (بـاد‬ ‫(الإسـاموفوبيا) يشـبه مـا حـدث بالماضـي إلـى حـد‬ ‫المغــرب العربــي)‪ ،‬لكنــه مــا كان بالأمــر الســهل‬ ‫مــا‪ ،‬وكأننــا نشــاهد مســرحي ًة كان أبطالهــا \"شــعب‬ ‫فربمـا ُسـرق مالـه قبـل أن يصـل‪ ،‬أو ُقتـل واغتُصبـت‬ ‫الأندلــس\" ذات يــوم وإذ بأبطالهــا يتغيــرون بأفــرا ٍد‬ ‫نســاؤه وهــو في الطريــق‪ ،‬أو هاجمــت ســفينته‬ ‫مـن شـع ٍب آخـر‪ ،‬ومـا زالـت المسـرحية مسـتمرة‪ .‬لا‬ ‫قراصنــة البحــر فبيــع مــع العبيــد وضــاع الأمــل‪.‬‬ ‫تكــون الإبــادة إلا علــى شــع ٍب أعــزل لا يملــك مــن‬ ‫عـاش شـعب الأندلـس في كابـوس مرعـب يُصبحـون‬ ‫أمـره شـي ًئا لكـن يُنظـر إليـه علـى أ ّنـه مصـدر قلـق‬ ‫ويمســون عليــه‪ .‬حتــى بعــد مــرور أكثــر مــن أربعــة‬ ‫وخطـ ٍر أمنـي أو اقتصـادي أو حتـى دينـي‪ .‬إ ّن قـراءة‬ ‫قـرو ٍن لـم يهـدأ حـكام الأسـبان ورجـال الديـن عـن‬ ‫التاريـخ ليسـت للتسـلية أو الفخـر بالماضـي بـل هـي‬ ‫تــرك شــعب الأندلــس يعيــش بســام؛ فقــد كانــوا‬ ‫لأخـذ العبـر‪ ،‬ولنـا في مأسـاة شـعب الأندلـس أكبـر‬ ‫مصــدر خــو ٍف وقلــق مــن عملهــم كطابــور خامــس‪.‬‬ ‫ال ِع َبـر‪ .‬لا نريـد أن تُكـرر تلـك المأسـاة‪ ،‬ولا أن تـراق‬ ‫كانـت تعـزى هزائـم الأسـبان في حربهـا مـع أعدائهـا‬ ‫المزيـد مـن الدمـاء أو تمحـى المزيـد مـن الثقافـات‪.‬‬ ‫خاصــ ًة \"الدولــة العثمانيــة\" إلــى المورســكيين‪ ،‬وكان‬ ‫لا نريــد أن يُدمــج شــع ٌب في ديــن أو ثقافــة هــو لا‬ ‫يعــزى ســوء الاقتصــاد والفقــر بالبــاد كذلــك‬ ‫يريدهـا‪ .‬فاعتبـروا يـا أولـي الأبصـار ممـا كان‪ ،‬ولا‬ ‫للمورســكيين‪ ،‬وكل أمــ ٍر ســي ٍء يحــدث بالطبــع كان‬ ‫تفسـدوا سـن الله في كونـه؛ فالاختـاف مـن سـن‬ ‫المورســكيون خلفــه حســب اعتقادهــم‪ ،‬فهــم كمــا‬ ‫الله تعالــى منــذ الأزل‪ .‬تأ ّمــل فيمــا حولــك وانظــر‬ ‫يظنـون ليسـوا نصـارى قدامـى بـل مخادعـون رغـم‬ ‫كـم مـن إنسـان أعـزل غيـر محـارب يُضطهـد بسـبب‬ ‫أن كثيــ ًرا مــن المورســكيين كانــوا نصــارى بالفعــل‬ ‫دينــه‪ ،‬أو عرقــه‪ ،‬أو لونــه‪ ،‬أو مذهبــه‪ ،‬فالأمثلــة‬ ‫وليــس خو ًفــا مــن الأســبان‪ ،‬لكــ ّن هــذا لــم يشــفع‬ ‫كثيــرةٌ ولا حصــر لهــا‪ .‬وأخيــراً أقتبــس لكــم عبــارة‬ ‫لهــم عنــد رجــال الديــن والحــكام الأســبان؛ فــكان‬ ‫\"أنطــون تشــيخوف\" حــن قــال‪\" :‬مــن المفتــرض أن‬ ‫مرســوم الطــرد الشــامل لــكل المورســكيين الذيــن‬ ‫نفهــم أن العالــم لا يهلــك مــن اللصــوص ولا مــن‬ ‫يعيشـون علـى الأراضـي الأندلسـية في عـام ‪1906‬م‪.‬‬ ‫الحرائــق بــل مــن الحقــد والعــداوة‪ ،‬مــن كل هــذه‬ ‫وهنــا بــدأت مأســاة جديــدة لأهــل الأندلــس حيــث‬ ‫الضغائــن التافهــة؛ جديــر بــك أن لا تتذمــر بــل أن‬ ‫الإبـادة والتشـتت والضيـاع‪ .‬كيـف لشـع ٍب أن يتـرك‬ ‫تصلــح بــن الجميــع‪ .\".‬فابــدأ الصلــح مــن نفســك‬ ‫بـاده ووطـن أجـداده الذيـن أريقـت دماؤهـم لأجـل‬ ‫هــذه الأرض فقــط لأنهــم \"مورســكيون\"؟ يبقــى‬ ‫ثـم أصلـح بـن الجميـع‪.‬‬ ‫كتـب في‪ 7:‬نوفمبـر ‪2016‬م‬

37 ‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ So You Want To don’tdoit. if you have to sit there and rewrite it again and again, Be A Writer? don’t do it. if it’s hard work just thinking about doing it, don’t do it. if you’re trying to write like somebody else, forget about it. Henry Charles Bukowski was a German-born if you have to wait for it to roar out of American poet, novelist, and short story writer. you, then wait patiently. By: Charles Bukowski, 1920 – 1994 if it never does roar out of you, do something else. if it doesn’t come bursting out of you if you first have to read it to your wife… in spite of everything, or your parents or to anybody at all, don’t do it. you’re not ready. unless it comes unasked out of your don’t be like so many writers, heart and your mind and your mouth don’t be like so many thousands of and your gut, people who call themselves writers, don’t do it. don’t be dull and boring and if you have to sit for hours pretentious, don’t be consumed with self- staring at your computer screen love. or hunched over your the libraries of the world have typewriter yawned themselves to searching for words, sleep don’t do it. over your kind. if you’re doing it for money or don’t add to that. fame, don’t do it. unless it comes out of your soul like a rocket, unless being still would drive you to madness or suicide or murder, don’t do it. unless the sun inside you is burning your gut, don’t do it. when it is truly time, and if you have been chosen, it will do it by itself and it will keep on doing it until you die or it dies in you. there is no other way. and there never was. Edited by: Khawlah Alquraishi KloudyMind@

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪38‬‬ ‫تسلل‪..‬‬ ‫آلاء عبدالإله القويري ‪@alaaqo‬‬ ‫مـن شـرفته المطلّـة علـى بوابـة المدينـة‪ ،‬في غرفتـه الواسـعة والفارغـة إلا مـن كرسـيه الـذي يتأرجـح‬ ‫عليـه كطفـ ٍل يحتـاج إلـى تهدئـ ٍة لينـام‪ ،‬يجلـس الكاتـب بعينـن مراقبتـن‪ ،‬وذهـ ٍن م ّتقـد وبصيـرٍة نافـذة‬ ‫علـى هيئـ ٍة واحـدٍة منـذ عشـرة أعـوام‪ ،‬وعلـى أمـ ٍل ليجـد ضالتـه‪.‬‬ ‫أضـاع الكاتـب إحـدى شـخصياته‪ .‬ف ّتـش عنهـا في جميـع خزائنـه؛ في الأرفـف الظاهـرة والباطنـة‪ ،‬في‬ ‫سـرداب منزلـه وسـطح داره‪ ،‬في منـزل جـاره العجـوز‪ .‬طـرأ عليـه احتمـا ٌل بأنهـا خرجـت لتـأكل! يذكـر‬ ‫بأ ّنـه قـد تركهـا جائعـ ًة حـن توقـف عنـد مشـهد إعـداد وجبـة العشـاء مؤجـ ًا عملـه للغـد‪ .‬لـم يتوقـع أن‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪39‬‬ ‫تسـللت وحدهـا دون معونـ ٍة مـن أحـد‪ .‬نعـم‪ ،‬مـن‬ ‫يكـون إلحاحهـا للطعـام شـدي ًدا إلـى هـذا الحـد‪.‬‬ ‫بـن السـطور تمكنـت مـن الهـرب!‬ ‫في المطعــم القــديم الكائــن في آخــر الشــارع‬ ‫بالرغــم مــن ثقتــه بمتانــة الســرد‪ ،‬وانضبــاط‬ ‫دخــل يقــرع بــاب الطباخــن باح ًثــا عنهــا‪ .‬دفــع‬ ‫المعنـى وكفـاءة الحـرف‪ ،‬إلا أنـه يعلـم بـأن تكويـن‬ ‫البــاب أمــام دهشــة الموجوديــن مف ّت ًشــا بــن‬ ‫شــخصيته هــذه كان قو ًّيــا جــ ًّدا وقــاد ًرا علــى‬ ‫الأطبـاق وأصنـاف الأطعمـة وأرغفـة الخبـز ولـم‬ ‫اختـراق جميـع الحواجـز‪ .‬هـو يعلـم ذلـك في سـ ّره‪.‬‬ ‫يجدهـا‪ .‬خـرج منكسـ ًرا‪ .‬كانـت الشـخصية الأهـم‬ ‫يعلـم أنهـا مثلمـا صنعهـا‪ ،‬قـادرةٌ علـى أن تهـزم كل‬ ‫‪-‬ومحــور كتابــه‪ -‬ضاعــت مــن بــن يديــه‪.‬‬ ‫مـا تواجهـه‪ ،‬فكيـف لـه أن يواجههـا الآن؟‬ ‫لـم تكـن هـذه المـرة الأولـى لواقعـ ٍة كهـذه‪ .‬لقـد‬ ‫تســاءل مــر ًة‪ :‬هــل كنــ ُت مخط ًئــا حــن أرد ُت‬ ‫حــدث مثــل ذلــك مــن قبــل‪ ،‬يتذكــر حــن فقــد‬ ‫لهـا ح ًّظـا جيـ ًدا بـأن تكـون قويـة‪ ،‬جلـدة‪ ،‬تقـاوم‬ ‫شـخصية هامشـية لـم يكـن لهـا دو ٌر سـوى كلمـ ٍة‬ ‫في منتصـف صفحـ ٍة مـن كتـاب‪ .‬وكمـا صنعهـا هو‪،‬‬ ‫وتقــاوم؟ هــل قاومتنــي وانتصــرت؟!‬ ‫كانـت ضعيفـ ًة وه ّشـة لـم تسـعفها قوتهـا وذكاؤهـا‬ ‫للهـرب‪ ،‬فقـد اسـتطاع اللحـاق بهـا سـري ًعأ قبـل أن‬ ‫مـ ّرت سـنوا ٌت طويلـة توقـف فيهـا نتـاج الكاتـب‬ ‫تنـد ّس في فهـر ٍس كبيـ ٍر داخـل مكتبتـه‪ ،‬رغبـ ًة منهـا‬ ‫الأدبـي‪ .‬أصبـح هائ ًمـا علـى وجهـه في الطرقـات‬ ‫في الاصطفـاف بجـوار المعاجـم وأمهـات الكتـب‪.‬‬ ‫باح ًثـا عـن مفقودتـه المتسـللة‪ .‬لـم يسـتمع لنصائـح‬ ‫انتهـى بهـا الحـال عالقـ ًة بـن إصبعيـه في خيبـ ٍة‬ ‫الأصدقـاء بـأن يتجـاوز محنتـه‪ ،‬أن ينشـغل بمـن‬ ‫كبيــرة‪ ،‬أعادهــا وهــو يــردد‪\" :‬لا تزالــن ســاذجة‪،‬‬ ‫سـواها‪ .‬ا ّتخـذ لـه متـك ًأ مطـ ًا علـى أهـم المخـارج‬ ‫بأفــكا ٍر غريبــة‪ ،‬ونوايــا مكشــوفة!\" ثــم أســكنها‬ ‫في المدينـة‪ ،‬وعلّـق بصـره هنـاك واسـتجمع فكـره‬ ‫مقرهــا في منتصــف الصفحــة وأغلــق الكتــاب‪،‬‬ ‫ودهـاءه‪ ،‬مثـل ذئـب ينصـب كمي ًنا لفريسـته! غافل ًا‬ ‫متخــ ًذا لــه مكا ًنــا ض ّي ًقــا بــن الكتــب للحــد مــن‬ ‫حقيقـة أنـه قـد صنعهـا متفوقـ ًة عليـه‪.‬‬ ‫تحركه ـا‪.‬‬ ‫تــدور الأقــدار لتن ّظــم ســير الحيــاة‪ .‬لــم ت ُعــد‬ ‫لكــن هــذه الشــخصية الهاربــة ‪-‬حتــى الآن‪-‬‬ ‫الهاربــ ُة بعــد‪ ،‬وإ ّنــا هنــاك‪ ،‬علــى شــاه ِد قبــ ِر‬ ‫مختلفــ ٌة عــن الأخريــات‪ .‬يحمــ ُل عنــوا ُن كتابــه‬ ‫كاتــ ٍب في المدينــة‪ ،‬خــ ّط أحدهــم رســال ًة غريبــة‬ ‫اسـمها‪ ،‬وتـدور أحـداث الكتـاب حولهـا‪ .‬لابـد وأن‬ ‫جــاء فيهــا‪:‬‬ ‫يعيدهــا‪ ،‬ولا خيــار أمامــه ســوى ذلــك‪.‬‬ ‫\" لــم يكــن أمامــي ســبيل ًا للعــودة‪ ،‬تقاربنــا‬ ‫لقــد اســتبعد الكاتــب خيــار أن يكــون أحــد‬ ‫كثيـ ًرا ولـم يكـن متا ًحـا للمتشـاب َهين أن يلتقيـا‪ .‬نعم‬ ‫القـراء قـد سـاعدها علـى الهـرب مثلمـا حصـل‬ ‫أخطــأ ُت حــن هربــت‪ ،‬لكنــك جعلتنــي فضول ًّيــا‬ ‫ســاب ًقا‪ .‬فقــد كان وقــت الهــروب بعــد منتصــف‬ ‫مثلــك بــل وأكثــر‪ .‬لــو أ ّنــك لــم تفــزع لرحيلــي‬ ‫الليــل‪ ،‬ولا يمكــن لأ ٍّي مــن القــراء أن يتواجــد في‬ ‫ولـم تخـرج باح ًثـا عنـي لَ ُعـدت في صبيحـة اليـوم‬ ‫مكتبتــه التــي يتيحهــا للقــراء في ذلــك الوقــت‬ ‫التالـي مثـل بقيـة الرفـاق كأن لـم يكـن هنالـك أ ّي‬ ‫المتأخــر‪ ،‬ليُخــرج منهــا إحــدى جميلاتــه اللاتــي‬ ‫غيــاب‪ .‬كلانــا كان باح ًثــا عــن الآخــر‪ ،‬والطريــق‬ ‫كان يصفهــن بأجمــل الأوصــاف‪ ،‬والــذي أصبــح‬ ‫بســببها يض ّيــق علــى نفســه رحابــ َة كلماتــه في‬ ‫لواحـ ٍد م ّنـا‪.‬‬ ‫الوصــف فيقتصــ ُر علــى مــا أت ّم المعنــى دون أن‬ ‫يثيــر القــ ّراء فيجلــب الفوضــى لنفســه ولكتبــه‪.‬‬ ‫حـن رحلـت وجـد ُت كل تلـك الحصـون وقـد‬ ‫تلاشـت أمامـي لتفتـح لـي طريـق العـودة‪ .‬عـد ُت‬ ‫هــذا يف ّســر أ ّن الشــخصية الهاربــة هــذه قــد‬ ‫للصفحــات‪ .‬عــد ُّت لكتــاب ســيرتك‪ ،‬ومــا عــد َت‬ ‫أن ـت‪\".‬‬ ‫تمت‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪40‬‬ ‫لنقرأ دون تصنيف‬ ‫قبيلـ ٍة مندثـرة وكأ ّنهـا تحفـظ تأريـخ الشـعوب‪.‬‬ ‫سمانا السامرائي ‪@samana_26‬‬ ‫الضغــط الكبيــر علــى نشــر ثقافــة القــراءة‬ ‫في أوسـاط القـ ّراء العـرب غال ًبـا مـا يُنظـر‬ ‫وتبيــان أهميتهــا في الوقــت الحاضــر جعــل‬ ‫للروايــة نظــر ًة دونيــة‪ ،‬متناســن حقيقــة أن‬ ‫القــ ّراء يميلــون إلــى التصنيــف ومفاضلــة‬ ‫الروايــة لهــا أنــوا ٌع كثيــرة‪ ،‬منهــا مــا يكــون‬ ‫أنــواع الكتــب‪ ،‬غافلــن أ ّن المعلومــة ‪-‬الآن‪-‬‬ ‫زاخــ ًرا بالمعلومــات‪ ،‬ومنهــا مــا يكــون زاخــ ًرا‬ ‫غيـر محصـورة بالكتـب؛ ففـي شـبكة الانترنـت‬ ‫مواقــع مجانيــة وأخــرى مدفوعــة تقــ ّدم‬ ‫با لحكمــة ‪.‬‬ ‫مقاطــع مرئيــة ومــواد مســموعة بالإضافــة‬ ‫إلــى الكثيــر مــن الــدورات التعليميــة‪ ،‬والتــي‬ ‫كل الكتــب منهــا الج ّيــد ومنهــا الســيء؛‬ ‫يمكــن الاســتفادة منهــا في مختلــف المجــالات‪.‬‬ ‫حيــث المضمــون نقطــ ٌة مفصليــ ٌة تعتمــد علــى‬ ‫ثقافــة الكاتــب‪ ،‬وتوجــه دار النشــر الــذي‬ ‫\"هل الروايـة مفيدة؟\"‬ ‫يعتمــد أسا ًســا علــى طلــب الســوق‪.‬‬ ‫ســنطرح هــذا الاســتفهام علــى قــارئ‬ ‫الفلســفة يو ًمــا‪ ،‬ونطرحــه علــى قــارئ الســير‬ ‫هنـاك روايـات ُمنعـت لأنهـا تمنـح الشـعوب‬ ‫الذاتيـة‪ ،‬وقـ ّراء آخريـن يميلـون لقـراءة صنـ ٍف‬ ‫وع ًيـا‪ ،‬وأخـرى كانـت السـبب في بنـاء شـعوب‪،‬‬ ‫محــد ٍد مــن الكتــب دون غيــره‪ .‬وك ٌل بضالتــه‬ ‫وهنــاك روايــات فلســفية أصبحــت منه ًجــا‪،‬‬ ‫عالــم؛ فــا ضيــر مــن قــراءة المــرء لمــا يحبــه‪،‬‬ ‫وروايــات ك ّرمــت ناجحــن‪ ،‬ونقلــت لنــا‬ ‫ويرغــب بــه‪ ،‬ويُشــعره بالفائــدة والمتعــة‪ ،‬مفيــ ٌد‬ ‫تجاربهــم‪ ،‬وث ّمــة روايــات عشــنا معهــا مأســاة‬ ‫أم ٍم وأقــوام‪ ،‬وأخــرى غاصــت بنــا في عمــق‬ ‫التأريـخ‪ ،‬فكشـفت لنـا أسـرار قائـد‪ ،‬أو تقاليـد‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪41‬‬ ‫الحــروب‪ ،‬والإرهــاب‪ ،‬والاقتصــاد‪ ،‬والسياســة‪،‬‬ ‫كان أم لا بالنســبة للآخريــن‪.‬‬ ‫ومــا شــابه‪ ،‬إ ّنــا الحديــث عــن ثقافــة المجتمــع‬ ‫بصــور ٍة عامــة‪ .‬ولمعرفــة مــا أعنيــه يكفــي‬ ‫وقــد جعــل الله القــرآن كتا ًبــا كثيــ ًرا مــا‬ ‫الإطــاع علــى الهاشــتاقات الأعلــى في تويتــر‬ ‫يــر ُد فيــه الأســلوب القصصــي؛ لكــون الق ّصــة‬ ‫تسـ ّهل إيصـال فكـرة معينـة أكثـر مـن النصائـح‬ ‫مثــ ًا‪.‬‬ ‫المباشــرة‪ .‬فجــاءت الروايــة ت ّتبــع الأمــر ذاتــه‬ ‫مجتمعنــا يقــع تحــت ســطوة أمــو ٍر كثيــرة‬ ‫للوصــول إلــى الغايــة ذاتهــا‪.‬‬ ‫منهـا علـى سـبيل المثـال التركيـز علـى المظاهـر‬ ‫وحــب المفاخــرة‪ .‬وهــو نتــاج تنشــئة أجيــال‬ ‫فمــن المعــروف أن تأثــر الفــرد بشــخصي ٍة‬ ‫بصــورة غيــر ســليمة‪ ،‬نتــج عنــه كثيــر مــن‬ ‫صالحـ ٍة في روايـة أو فيلـم أكبـر مـن تأثـر الفـرد‬ ‫الذيــن يتخــذون الثقافــة والكتابــة وســيلة‬ ‫بكتــاب يُن ّظــر في الخيــر وســبل الصــاح؛ لأنــه‬ ‫للظهـور‪ ،‬وتحقيـق الشـهرة؛ فأ ّلفـوا كت ًبـا تجمـع‬ ‫‪-‬في الأول‪ -‬يــرى تطبيقــات عمل ّيــة ع ّمــا يقــرأ‪.‬‬ ‫تغريــدات مســروقة‪ ،‬أو منشــورات فيــس بــوك‪،‬‬ ‫أو انسـتغرام يطلقـون عليهـا شـع ًرا أو نصـوص‬ ‫هنــاك مطبوعــات بمختلــف المجــالات‪ ،‬لكــ ّن‬ ‫الميــل لكتابــة الروايــة عنــد البعــض يشــكل‬ ‫أدب ّيــة‪ ،‬وهــي منهــا بــراء!‬ ‫أسا ًســا؛ لكــون التعليــم لا يحتــوي في حقيقتــه‬ ‫علـى مـا ين ّمـي شـغف البحـث العلمـ ّي‪ ،‬لا سـ ّيما‬ ‫وكذلــك وقــوع مجتمعاتنــا تحــت ســطوة‬ ‫وأ ّن الاهتمــام بالجانــب العلمــ ّي يُصنــع منــذ‬ ‫التشــدد الدينــي والقبلــي بــا مبــرر؛ فنتــج‬ ‫لدينــا أد ٌب متشــ ّب ٌع بهــذا التشــدد وعــاد ًة لا‬ ‫الصغــر أو لا يُصنــع‪.‬‬ ‫يُقــرأ إلا مــن ِقبَــل فئــ ٍة محــددة‪ ،‬وأد ٌب مضــا ٌّد‬ ‫لهــذا التشــدد وهــو مــا يلاقــي شــهر ًة واســع ًة‬ ‫علــى النقيــض تما ًمــا‪ ،‬فــإ ّن الميــل الأدبــ ّي‬ ‫بسـبب النقـد أكثـر مـن المديـح والإشـادة‪ .‬لذلـك‬ ‫فطــر ٌّي‪ ،‬ويمكــن تنميتــه بصــور ٍة أســهل؛ حيــث‬ ‫يلجــأ بعــض الكتــاب إلــى الكتابــة في الاتجــاه‬ ‫أ ّن منهجــه أقــ ُّل تعقيــ ًدا مــن المحتــوى العلمــي‬ ‫المضـاد‪ ،‬والمبالغـة فيـه‪ ،‬والاقتبـاس مـن الثقافـة‬ ‫الشــائك‪.‬لا ســ ّيما وفي ظــ ِّل عــدم انتشــار‬ ‫محتــوى ‪-‬عربــ ّي‪ -‬علمــ ٍّي جــذاب‪ ،‬وســلس‪،‬‬ ‫الأجنبيــة لكونهــا طريقــة ســهلة للشــهرة‪.‬‬ ‫وســهل يســتهدف العامــة‪ ،‬لا أن يو َّجــ ّه للنخبــة‬ ‫في النهايـة أو ّد القـول‪ :‬اقـرأ‪ ،‬واقـرأ دائ ًمـا‪.‬‬ ‫العلميــة فقــط‪.‬‬ ‫اقــرأ لتشــعر بالمتعــة‪ ،‬لتتعلــم‪ ،‬ولأي ســب ٍب آخــر‬ ‫ملائـم لـك؛ فـا يوجـد سـب ٌب واحـ ٌد للقـراءة‪،‬د‪.‬‬ ‫أمــا بالنســبة لكثــرة الأخطــاء النحويــة‬ ‫كمــا يمكنــك دائ ًمــا القــراءة مــن دون ســبب!‬ ‫واللغويــة الموجــودة في أغلــب الروايــات في‬ ‫اقــرأ دون أن تكتــرث إن كان مــا تقــرأه روايــ ًة‬ ‫الوقــت الحاضــر فتجعــل كتــب الروايــة محــ ّل‬ ‫أو كتــا ٌب تعليمــ ٌّي أو تأريخــ ّي‪ .‬مــا دام الكتــاب‬ ‫لــو ٍم ونفــو ٍر مــن قبــل معظــم القــ ّراء‪ ،‬لا ســ ّيما‬ ‫الــذي بــن يديــك يشــعرك بالســعادة اســتمر‪،‬‬ ‫المث ّقفــن منهــم‪ .‬ثــ ّم إ ّن هــذا الخلــل لــم يــأ ِت‬ ‫إلا لتقصيــ ٍر مــن جانــب قســ ِم التدقيــق الــذي‬ ‫لــ َم التوقــف؟‬ ‫يــكاد يكــون شــبه معــدو ٍم في أغلــب دور النشــر‬ ‫يو ًمــا مــا ســتعرف كيــف أثــرت القــراءة في‬ ‫ا لعر بيــة !‬ ‫حياتــك‪ ،‬وحينهــا ســتدرك أنــك قضيــت حيــاة‬ ‫أمــا مســتوى الروايــات فكونهــا جــز ًءا مــن‬ ‫ثريــة بفضــل القــراءة‪.‬‬ ‫الأدب‪ ،‬تتفاعـل مـع المجتمـع فتؤثـر بـه وتتأثـر بـه‬ ‫علـى حـ ٍد سـواء‪ .‬ومجتمعنـا في الوضـع الحالـي‬ ‫ليـس مجتم ًعـا صح ًّيـا لـأدب! ولا أعنـي بسـبب‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪42‬‬ ‫وادي النعيم‬ ‫إننــي أرقــب تشــكله الآن وجبــ ًة بعــد‬ ‫عطاالله الجهني‪-‬ينبع‬ ‫وجبــة‪ ..‬إنــه يتفتــق عــن ور ِق جنــة ليــواري‬ ‫سـوأة الجفـاف! وهـا هـو يبسـط كـف البـذل‬ ‫إنمـا البعـ ُث للمـدر أي ًضـا‪ ،‬إنـه يغتسـل الآن‬ ‫ليتشـجر عطـا ًء وبركـ ًة‪ ،‬ويتوسـع للدرجـة التي‬ ‫بمـاء عـن جـرت منـذ عصـر مـا قبـل التأريـخ‬ ‫أســمع صــدى قــول ذلــك الثمانينــي حينمــا‬ ‫حتــى تأريخــه! إنــه يغتســل عــن خطيئــة‬ ‫كان يختــم حديثــه عــن القريــة بجملــة‪ :‬كان‬ ‫الجفـاف‪ ..‬يغتسـل فـا يـزدد الطـ ُن إل ّا ُفلـة!‬ ‫المــدر أكبــر!‬ ‫نعـم إنـه للمـدر الـذي أتعاهـد زيارتـه منـذ‬ ‫تحنثــي القــديم‪ ..‬منــذ أن جعدتــه العجــا ُف‬ ‫فأتنــاول مــن رف الذاكــرة القصــي ردة‬ ‫ســن ًة وراء ســنة حتــى صــار بحجــم قبضــة‬ ‫فعلــي إزاء قولــه آنــذاك‪ ،‬وأنــا أنظــر لبيــوت‬ ‫الكــف‪ ..‬حتــى ُحنــط هيــك ًل‪ ،‬ليُحفــظ في‬ ‫الطـن مـرد ًدا‪ :‬ولكـن هـذه الـدور التـي تعتلـي‬ ‫ذاكــرة بعــض ممــن يتوكــؤون علــى منســأة‬ ‫الأمـدار لـم تقتـرب! ثـم أُطـرق محد ًثا نفسـي‪:‬‬ ‫البقــاء‪ ..‬الذيــن يجــأرون كل مــا ُدق زيــر‪:‬‬ ‫يـا للكبـار إنهـم يأتـون بالعجائـب!‬ ‫\"المرعبــات الخيــل‪ ،‬والمــال النخــل\"!‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪43‬‬ ‫خـط سـيرها‪ ،‬فقـد أخفـت الخيـو ُف خارطـة‬ ‫كبــرت‪ ،‬وعرفــت الآن بعــد مخــاض العــن‬ ‫طريقهـا لتجعـل الـواد َي دار قـرا ٍر يحتضنهـا‬ ‫العســير؛ كيــف أنهــا أنجبــت نهــ ًرا صال ًحــا‬ ‫حتــى الفنــاء‪ ،‬لتقبــض الطيــور أجنحتهــا‬ ‫يدعــو للســعة‪ ،‬وينبــذ الضيــق! وعرفــت أن‬ ‫فتنصــب خيــام البقــاء! ففــي ينبــع النخــل‬ ‫ذلـك الشـيخ الوقـور قـد اغتـرف غرفـة بيـده‬ ‫وحدهــا تمــد الفزاعــ ُة ذراعيهــا للطيــور‪ :‬أن‬ ‫مــن ِبكــر ســالة الــري‪ ،‬ومــن نخبــه القــديم‬ ‫الـذي مخـر قصبة الأرض؛ فانتشـت به روحه‪،‬‬ ‫هلمــوا!‬ ‫وتوســعت أف ُقــه فأصبــح يــرى ويصــف مــا لا‬ ‫يسـتطع عليـه مـن لـم يشـاهد سـوى أعجـا ٍز‬ ‫وهنـا أي ًضـا لـك أن تصغـي السـمع لخـرارة‬ ‫خاويــة تمــد ظلالَهــا الشــم ُس ذات اليمــن‪،‬‬ ‫عـن عجـان وهـي تشـنف الآذان‪ ،‬حينهـا يـأ ِن‬ ‫لــك أن تقــول‪ :‬عندمــا تعــزف الطبيعــة لحــن‬ ‫وذات الشــمال!‬ ‫الحيـاة؛ علـى العنـادل أن تغنـي!‬ ‫هنــا في وادي النعيــم يجــري المــاءُ؛ فتقــف‬ ‫علـى ضفتيـه أسـوقة الاخضـرار‪ ،‬فتهـوي إليـه‬ ‫لا أجيـد الإطالـة أبـ ًدا‪ ،‬كمـا أننـي لـم أو َت‬ ‫أفئـدة الطائفـن السـاعين إلـى البهجـة‪ ..‬إنهم‬ ‫فـن الاختصـار‪ ،‬إلا أننـي أسـتطيع القـول‪ :‬ينبع‬ ‫يبتهجــون حينمــا يــرون فزاعــ ًة للتــو ُصلبــت‬ ‫النخـل تبعـث الآن‪ ،‬ومـا مسـجد ابـن وفـاء إلا‬ ‫علـى صـدر مـد ٍر كان قبـل أشـهر يبعـث الفـزع!‬ ‫بيــ ٌت تجــري مــن تحتــه الأنهــار! فيــا للبعــث‬ ‫هنـا تهبـط الطيـور المهاجـرة‪ ،‬فـا تواصـل‬ ‫الـذي لا أهـوال تسـبقه!‬ ‫«قـد لا يُـدرك المـرء قيمـة الشـيء اللصيـق بحياتـه إلا إذا‬ ‫ُحـرم منـه‪ ،‬ولا يعـرف المـرء عمـق المتعـة بالقـراءة إلا إذا‬ ‫ُحـرم منهـا لمـدة طويلـة؛ بحيـث يجـد نفسـه يتحـرق إلـى‬ ‫كتـاب يعاقـره‪ ،‬ولـو لسـاعة‪ ،‬أو بعـض سـاعة؛ كمـن يتضـور‬ ‫جو ًعـا فيتحـرك إلـى أي طعـام‪ ،‬مهمـا يكـن»‬ ‫جبرا إبراهيم جبرا‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪44‬‬ ‫عندما يكون للقراءة‬ ‫ُع ّشاق‬ ‫دانه محمد ‪@danh878‬‬ ‫أمـر الله تعالـى بإقامـة الديـن الإسـامي؛ فجعـل البدايـة بــ (اقـرأ) وهـو مـا يؤكـد لنـا‬ ‫أهميـة القـراءة وأنهـا غـذا ٌء للعقـل لا يمكـن الاسـتغناء عنـه‪.‬‬ ‫تنوعـت أسـاليب عشـاق القـراءة ‪ ،‬فمنهـم مـن وضـع مكتبـة عامـة في حديقـة منزلـه‬ ‫يسـمح للجميـع بالقـراءة‪ ،‬ومنهـم مـن بـادر بإطـاق المكتبـة المتنقلـة والتـي تجوب الشـوارع‬ ‫حاملـة الكثيـر مـن الكتـب مـن أجـل تطبيـق أمـ ٍر إلهـي‪\" :‬اقـرأ باسـم ربـك الـذي خلـق\"‪.‬‬ ‫مـن المبـادرات الاسـتثنائية التـي تسـتحق الحديـث عنهـا والإشـارة إليهـا والتأمـل فيهـا‬ ‫كنمـوذ ٍج حضـار ٍّي ُيحتـذى بـه هـو مبـادرة القـ ّراء ماجـد وأكـرم وهيثم مـن اليمن السـعيد‪.‬‬ ‫شـبا ٌب لـم توقفهـم نيـران الحـروب مـن نشـر ثقافـة القـراءة في الوطـن العربـي؛ فقـد جعلوا‬ ‫مـن (اقـرأ) دسـتو ًرا لهـم‪ ،‬فبـدأوا مشـروعهم بشـراء الكتـب مـن المواقـع العالميـة ومن ِحهـا‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪45‬‬ ‫العلـم ولكـن َّالحـرب تقـف عائ ًقـا بينهـم وبين ذلك؟‬ ‫للنـاس بـا مقابـل‪.‬‬ ‫نقـول لأي شـاب يعانـي مـن الحـرب‪ ،‬أو مـن أ ّي‬ ‫كانــت البدايــة عــن طريــق قنــا ٍة في‬ ‫عائــ ٍق آخــر‪ :‬أكمــل مســيرتك التعليميــة‪ ،‬ولا تــدع‬ ‫تطبيــق (تيليغــرام) الشــهير‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫العوائــق والحــروب تهــدم أحلامــك وطموحاتــك‬ ‫تو ّسـع مشـروعهم ليشـمل مختلـف وسـائل‬ ‫العلميـة‪ .‬تـو ّكل علـى الله وعلـى تعجـز؛ فـإن ُكنـت‬ ‫التواصــل الاجتماعــي‪.‬‬ ‫مـع الله يكـن الله معـك‪.‬‬ ‫ولاســتعراض هــذه التجربــة المميــزة‬ ‫س‪ :6‬كيـف هـي ردود فعـل النـاس عندمـا قمتـم‬ ‫بشــك ٍل أوســع‪ ،‬كان لنــا هــذا اللقــاء مــع‬ ‫بمنحهـم الكتـب دون مقابـل؟‬ ‫مؤسســي المشــروع‪:‬‬ ‫بفضـل الله لاقـى المشـروع ترحي ًبـا مـن الجميع؛‬ ‫س‪ :1‬بداي ًة حد ّثونا عن مشروعكم؟‬ ‫هنــاك أنــا ٌس لديهــم شــغف التعلّــم ولكنهــا لا‬ ‫تسـتطيع شـراء الكتب بنفسـها؛ فجاء هذا المشـروع‬ ‫أ ّسســنا مشــروعنا لخدمــة النــاس ونشــر‬ ‫المعرفـة؛ حيـث كانـت بدايتنا مـن تطبيق التيليغرام‪،‬‬ ‫ليكسـرهذا الحاجـز‪ ،‬فيقـرأ معنـا الجميـع‪.‬‬ ‫ثــم شــم َل المشــروع مختلــف وســائل التواصــل‬ ‫الاجتماعــي كالفيســبوك وتويتــر‪ .‬ارتأينــا أهم ّيــة‬ ‫س‪ :7‬مـا الهـدف الـذي تـودون تحقيقـه مـن‬ ‫تو ّسـع المشـروع لنصـل لشـريح ٍة أكبـر في مختلـف‬ ‫إقامتكـم لمشـروعكم \"مملكـة الكتـب\"؟‬ ‫بلـدان الوطـن العربـي فقمنـا بإنشـاء موقـع خـاص‬ ‫بالمشـروع وأسـميناه \"مملكـة الكتـب\"؛ حيـث ي ّضـم‬ ‫نريـد نشـر الخيـر ومسـاعدة الغيـر‪ ،‬خصو ًصـا‬ ‫أننـا في الوطـن العربـي نعانـي مـن ضعـف التعليـم‬ ‫مجموعــ ًة مــن الكتــب في مختلــف المجــالات‪.‬‬ ‫رغــ َم أننــا أ ّمــ ٌة جاءهــا أمــ ٌر ر ّبانــي يحــ ّث علــى‬ ‫القـراءة‪ .‬وحتـى نسـاهم في بنـا ِء أ ّمـ ٍة حضار ّيـة تقرأ‬ ‫س‪ :2‬هـل كان لتخصصاتكـم الأكاديميـة دو ٌر في‬ ‫تبنـي هـذه الفكـرة؟‬ ‫نقـوم بشـراء كتـ ٍب ق ّيمـة في مختلـف المجـالات‪.‬‬ ‫تخصصاتنـا هـي مـا بـن المحاسـبة والهندسـة‬ ‫س‪ :8‬مع القبول الذي لمستموه من المستفيدين‬ ‫والتصميـم والبرمجـة‪ .‬ونثـق أن قـراءة كتـا ٍب مـا في‬ ‫مـن هـذا المشـروع القرائـي؛ هـل ث ّمـة مـا ينقـص‬ ‫تخصـص معـ ّن لغـر ٍض أكاديمـي هـي أي ًضا قـراءة‪.‬‬ ‫المشـروع وتسـعون للحصـول عليـه ليكـون أكثـر‬ ‫س‪ :3‬لابد لكل عمل من عقبات‪ .‬فهل واجهتكم‬ ‫نجا ًحـا؟‬ ‫عقبات في مشروعكم؟‬ ‫لأننـا نؤمـن جمي ًعـا بأهميـة العمـل بـروح الفريق‬ ‫نعــم‪ .‬واجهتنــا عقبــا ٌت كثيــرة‪ ،‬منهــا مشــاكل‬ ‫الواحـد لنهضـة البـاد؛ فإننـا نبحـث عـن الدعـم‬ ‫الإنترنــت وانقطــاع التيــار الكهربائــي‪.‬‬ ‫مـن الجهـات المسـؤولة‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ما نوع الكتب التي تقومون بنشرها؟‬ ‫س‪ :9‬كلمة أخيرة لقراء مجلة قوارئ؟‬ ‫كتـب متنوعـة في جميـع التخصصـات؛ فالقـراءة‬ ‫بحـ ٌر لا حـدود لـه‪.‬‬ ‫نقــدم لإدارة المجلــة وق ّرائهــا تقديــر فريقنــا‪،‬‬ ‫ونتمنـى أن تصـل رسـالة مشـروعنا القرائـي عـن‬ ‫س‪ :5‬أنتم من اليمن السـعيد حيث ‪-‬وللأسـف‪-‬‬ ‫طريــق هــذه المجلــة الكريمــة إلــى شــريح ٍة أكبــر‬ ‫الحـر ُب لا تـزال قائمـة‪ .‬وكمـا نعلـم جمي ًعـا الحـرب‬ ‫عد ّو ال ِعلم‪ ،‬ويهدم ك ّل حضارة من حضارات الأمم‪.‬‬ ‫فينمــو بهــم المشــروع‪ .‬شــك ًرا لكــم‪.‬‬ ‫فمـا هـي الرسـالة التـي توجهونهـا لأولئـك الشـباب‬ ‫الذيـن لديهـم طمو ًحـا مثـل طموحكـم في نشـر‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪46‬‬ ‫َأ ْســــــر‬ ‫مـع تعابيـر وجـه باهتـه‪ ،‬لكنهـا هـذه المـرة أعطـت‬ ‫زهـرة الصالـح ‪@meeladfajr‬‬ ‫رأيهـا وبالغـت فيـه أيضـاً دون أن تسـألها أصـ ًا!!‬ ‫(كتاب يعلق بالذاكرة)‬ ‫مـرت الأيـام ونسـيت أمـر كتـاب صديقتهـا‪ ،‬أشـغلها‬ ‫تفكيرهـا الق ِلـ ُق والمرتبـك عـن قراءتـه واكتشـافه‪،‬‬ ‫قالتها صديقتها لها وهي تغلق كتابها وأكملت‪:‬‬ ‫لازالـت أثـار صدمتهـا مـن جرحهـا القـديم باقيـة‬ ‫(أشك أنه يمكنني نسيانه حتى!)‬ ‫معهـا رغـم محاولاتهـا العابثـة نسـيانه!‬ ‫نهضـت ووضعتـه بـن يديهـا قائلة‪( :‬يسـتحق قضاء‬ ‫في إحــدى المســاءات عــادت إلــى منزلهــا مبكــراً‪،‬‬ ‫بعــض الوقــت معــك) وتركتهــا غارقــة بدهشــة‬ ‫أجبرهـا هطـول المطـر المسـتمر على العـودة‪ ،‬دخلت‬ ‫مكتبتهـا وهـي تشـعر بالفـراغ أربكها هطـول المطر‪،‬‬ ‫الموقــف !‬ ‫أعـاد لهـا ذكريـات تحـاول نسـيانها وأن تمحوهـا‬ ‫مـن حياتهـا‪ ،‬أحسـت بحاجـة مـا تشـغل نفسـها عـن‬ ‫عــادت إلــى المنــزل ووضعــت الكتــاب علــى رف‬ ‫التفكيـر‪ ،‬وعبثـاً تحـاول أن تقنـع نفسـها بالنسـيان‬ ‫المكتبــة‪ ،‬لــم تطالعــه حتــى‪ ،‬لا زالــت في صدمــة‬ ‫حديـث صديقتهـا عنـه‪ ،‬التـي لـم تعتـد منهـا تلـك‬ ‫وأن مـا حـدث انقضـى وانتهـى أمـره!‬ ‫التعليقـات عـن الكتـب‪ ،‬كانـت إجابتهـا دائمـاً حـن‬ ‫تبـدي رأيهـا في أ ّي كتـاب إمـا جيـد أو لا يسـتحق‬ ‫قلبـت بصرهـا في صفـوف الكتب التي تأتي بتناغم‬ ‫القــراءة!‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪47‬‬ ‫عليهـا كليـاً ‪ ..‬اسـتغربت مـن نفسـها وهـي التـي لا‬ ‫ألـوان مميـز‪ ،‬لطالمـا اهتمـت بترتيـب كتبهـا حسـب‬ ‫يبقـى تأثيـر الكتـاب معهـا عـادة لأكثـر مـن يـوم!‬ ‫ألوانهـا ‪-‬وحتـى ملابسـها‪ -‬لا موضوعاتهـا‪ ،‬حتـى‬ ‫كانــت تفكــر بــه كل الوقــت‪ ،‬تســتعيد تفاصيلــه‬ ‫تطبيقـات هاتفهـا الذكـي ترتبهـا حسـب ألوانهـا!‬ ‫كل لحظــة‪ ،‬شــعرت أن كل الكلمــات تعنيهــا وكل‬ ‫هوســها بجعــل أماكنهــا الخاصــة وكأنهــا علبــة‬ ‫الأشــخاص فيــه مــن خا ّصتهــا!‬ ‫ألـوان يرافقهـا منـذ الصغـر‪ ،‬فحينمـا تعرفـت أول‬ ‫مــرة علــى علبــة الألــوان أغرمــت بهــا وأدهشــها‬ ‫حينمـا تسـتلقي لتنـام تعـود تلـك التفاصيـل لتشـغل‬ ‫تـدرج الألـوان‪ ،‬فاختـارت مـن علبـة الألـوان أسـلوباً‬ ‫تفكيرهــا‪ ،‬كانــت التفاصيــل محفــورة جيــداً في‬ ‫ذاكرتهــا‪ ،‬حتــى تلــك الحــوارات والأحــداث كانــت‬ ‫لحياتهــا!‬ ‫تشـعر أنهـا بينهـم‪ ،‬وتتذكـر كل كلمـة قيلـت! وكأن‬ ‫ذلـك الكتـاب كان منقوشـاً في ذاكرتهـا مـن قبـل أن‬ ‫أزعجهـا وجـود كتـاب باللـون الأحمـر مـع الكتـب‬ ‫ذات اللــون الأزرق‪ ،‬اســتغربت جــداً فــا أحــد‬ ‫يكتـب حتـى!!‬ ‫يمكنــه دخــول مكتبتهــا وإعــادة ترتيــب الكتــب‪،‬‬ ‫وقفـت لبرهـة تتأمـل الكتـاب وهـي تعقـد حاجبيهـا‬ ‫أرسـلت لصديقتهـا رسـالة بعـد أن تعبـت مـن كثـرة‬ ‫وتعصــر ذاكرتهــا‪ ،‬كيــف جــاء هــذا الكتــاب هنــا؟‬ ‫التفكيـر والانشـغال بـه‪ ،‬تريـد أن تنسـاه لكنهـا لا‬ ‫وهــي الحريصــة علــى ترتيــب كتبهــا دومــاً !!‬ ‫تسـتطيع!‬ ‫تناولتـه بيدهـا وقلبتـه وهـي تجهل مصـدره‪ ،‬فتحت‬ ‫أخبرتهــا أنــه علــق بذاكرتهــا تمامــاً وتســلق كل‬ ‫الصفحــة الأولــى ووجــدت إهــدا ًء غريبــاً بخــط‬ ‫جدرانهـا بقسـوة ‪ ..‬وتسـألها حـ ًا لإفـراغ ذاكرتهـا‬ ‫صديقتهـا !‬ ‫منـه!‬ ‫\"تعلمـن أننـي لا أحـب إهـداء كتبـي لأحـد‪ ،‬لكـن‬ ‫ردت عليها بعد مدة قائلة‪:‬‬ ‫هـذا الكتـاب عـاش في ذاكرتـي طويـ ًا‪ ،‬وأجـد أن‬ ‫ذاكرتـك أحـوج منـي للإمتـاء بـه! ولأنـك صديقتي‬ ‫\"أصدقـك القـول؛ مثـل هـذه الكتـب كتبـت لتعيـش‬ ‫أرغـب أن تكـون تفاصيـل ذاكرتـي تشـبه تفاصيـل‬ ‫في ذواكرنــا طويــ ًا ‪ ..‬لا شــيء يمكنــه محوهــا أو‬ ‫إبعادهــا عنــا ‪ ..‬لأنهــا وببســاطة لامســت أعمــق‬ ‫ذاكرتـك!\"‬ ‫نقطـة فينـا‪ ،‬تلـك التـي نتظاهـر أمـام الأخريـن أنـه‬ ‫لا أحــد يمكنــه أن يصلهــا ‪ ...‬حســناً لا تحاولــي‬ ‫شـ ّدها هـذا الإهـداء وتذكرت حديثهـا المفاجئ عن‬ ‫التخلـص منـه‪ ،‬بـل عيشـي معـه واسـتمتعي كلمـا‬ ‫هـذا الكتـاب‪ ،‬وأنـه كتـاب يعلـق بالذاكـرة فعـ ًا‪ ،‬لـم‬ ‫يمضـي وقـت طويـل إلا وقـد انتصفـت في قراءتـه!‬ ‫تذكرتـي تفاصيلـه المدهشـة\"‬ ‫فعليـاً انتهـت منـه بسـرعة تتجـاوز سـرعتها المعتادة‬ ‫انتهت‬ ‫في القـراءة‪ ،‬كانـت تلتهـم الكلمـات قبـل الصفحـات‪،‬‬ ‫شـعرت وأن كل شـيء كتـب مـن أجلهـا‪ ،‬كانـت ترفـع‬ ‫رأسـها قليـ ًا عـن الكتـاب لتحـاول اسـتيعابه جيـداً‬ ‫وترتيبـه في ذاكرتهـا‪ ،‬شـعرت وهـي تقـرأه أنها تلهث‬ ‫كانـت كل الأحـداث سـريعة ومربكـة لهـا‪.‬‬ ‫حينمـا انتهـت مـن قراءتـه بقيـت صامتـه لوقـت لـم‬ ‫تـدرك مقـداره‪ ،‬كان شـعورها أعمـق مـن أن تفكـر‬ ‫بأي شـيء آخر‪ ،‬لأسـبوع متواصل الكتاب اسـتحوذ‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪48‬‬ ‫«إن عجـز الطـرق القديمـة عـن التعبيـر عـن أشـيائي الجديـدة‬ ‫جعلنـي دائـب السـعي وراء وسـائل تعبيـر جديـدة‪ ،‬ولـم أقتصـر‬ ‫علـى صياغـة ألفـاظ جديـدة بـل كنـت أشـكل إيقاعـات وموسـيقى‬ ‫وأشــكال تأليــف جديــدة‪ .‬وإذا كان بعــض الشــعراء يبــدؤون‬ ‫القصيـدة وهـم لا يعرفـون كيـف تنتهـي بهـم‪ ،‬فقـد كنـت أعـرف‬ ‫دو ًمـا القصيـدة الكاملـة قبـل أن أبـدأ فيهـا حر ًفـا واحـ ًدا‪ .‬كنـت‬ ‫أرى في التعبيـر الجميـل لفكـرة سـقيمة مـا يجعلني أغ ّض الطرف‬ ‫عـن فكـرة جميلـة صيغـت في قالـب رديء‪».‬‬ ‫جبران خليل جبران‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن ‪49‬‬ ‫شي ٌء من قبس‬ ‫سارة العجيلي ‪@moon6_6939‬‬ ‫كل شــيء لا يشــب ُه نورهــا هــو وهــ ٌم عابــ ٌر تَ ُهــ ّز كتفيــ َك‬ ‫ليســق َط عنــك ‪..‬‬ ‫دلالا ٌت باذخ ٌـة تأتينـي لأستشـهد ب ُمؤنسـتي في كل مقـام‬ ‫‪ ،‬وأعجـز عـن إيصـال المفـردات بالـكلام ‪ ،‬أقولهـا صراحـ ًة‬ ‫\" كيـ َف لكلمـ ٍة واحـدة ‪ -‬القـراءة ‪ -‬أن تجسـ َد ُعمـراً يمتطـي‬ ‫الأعمـا َر الغابـرةَ كلهـا وقـد يجتـا َز بيقظ ِتـه المسـتقبل؟ \"‬ ‫قـد نعجـ ُز عـن الكتابـ ِة لأسـبا ٍب لاحصـ َر لهـا ‪ ،‬لكننـا لا‬ ‫ينبغـي أن نعجـ َز عـن القـراء ِة الملهمـة‪  ،‬إذ لاعجـز عنهـا متـاح‬ ‫إلا للكسـالى الذيـن لا هـدف لهـم سـوى النجـاة مـن ال ُرقـي‪،‬‬ ‫وهـل لحكيـ ٍم مـن نجـاة ؟!‬ ‫أولئـ َك الذيـ َن لا ي ْخ َشـو َن الغـر َق في الكلمات والخلاصات‬ ‫وعصــارا ِت التجــار ِب البشــرية بشــك ٍل عــام وحدهــم مــن‬ ‫اتخــذوا القــراءة الحــدث الأهــم في حيواتهــم ‪ ،‬والطقــس‬ ‫الأقــدس لأرواحهــم ‪  ،‬وحدهــم مــن حملــوا العالــم علــى‬ ‫أكتــاف أعمارهــم ولــم ينزلــق‪.‬‬ ‫ُم ْع ِجــ َزةٌ هــي أطــوا ُق النجــا ِة مــن الجهــل المجانــي بهــذا‬ ‫الوقـت الـذي تندلـع فيـه الحـروب في شـتى البقـاع لتجعـل‬ ‫منـه أكثـر السـلع مجانيـ ًة ‪ُ ،‬م ْع ِجـ َزةٌ هـي تلـك الأطـواق وهـي‬ ‫تنسـاب ككلمـات لتسـتلقي علـى صفحـات الكتـب ‪ ،‬فـا يغدو‬ ‫النـو ُم مرادهـا وهـي تُتلـى آنـاء الحـزن وأطـراف الفـرح في‬ ‫كل يـوم علـى لسـان مختلـف وببلـد مختلـف وبعيـو ٍن كثيـرة‪.‬‬ ‫كريمــ ٌة هــي أيــادي المؤلفــن وهــي تمتــد نحــو عقولنــا‬ ‫وقلوبنــا لتخلــق منــا أشــخاصاً قادريــن علــى اســتيعا ِب‬ ‫مجريـات الحيـاة بـرؤى لاحصـر لهـا ‪ ،‬وخيبـة عظمـى أن ترد‬ ‫أيـادي الكـرم ‪ ،‬أو تبقـى ممسـودة في الأفـق بـا احتسـاء‪.‬‬ ‫يَ ْض َحــ ُك وجــ ُه ك َل كتــا ٍب تمــ ُر عليــ ِه عــ ٌن بشــرية ‪ ،‬ولا‬ ‫يغــدو الكتــاب كتابــاً إلا إذا امتــأت بــه؟ يكــون حينهــا قــد‬ ‫اسـتحا َل لذخيـرٍة تُعينـ َك علـى صعـاب النوائـب ‪ ،‬وأسـمى‬ ‫العقــول تلــك التــي ترصعــت بالذخائــر‪.‬‬

‫مجلة قوارئ | العدد الثامن‬ ‫‪50‬‬ ‫لحظة انتهاء‬ ‫ويُد َهــش مــن لــم تصادفــه أعجوبــ ٌة كهــذه مــن‬ ‫آلاء القويـري ‪@alaaqo‬‬ ‫قبـل‪ ،‬ويدعـو متضر ًعـا أن تحـن‪ .‬وأمـا مـن لـم‬ ‫يقـرأ كتا ًبـا قـ ّط فـا شـ ّك أنـه لـن يجـد لـي أي‬ ‫‪[email protected]‬‬ ‫مبــر ٍر لكتابــة هــذا المقــال!‬ ‫بعــض الأمــور التــي نعتــاد عليهــا ونحبهــا‬ ‫يُخلَــق بيننــا وبينهــا لــو ٌن مــن الانســجام‪ ،‬أو‬ ‫\"هــا أنــا ذا أقتــرب مــن النهايــة‪ ،‬وكأنــي‬ ‫تنشــأُ تلــك العلاقــة الخفيــة التــي تدركهــا‬ ‫الحــواس إدرا ًكا يفــوق إدراك المنطــق‪ ،‬ثــم‬ ‫أشــهد لحظــة احتضــار أحدهــم‪ ،‬أمضــي‬ ‫يتحــول هــذا الانســجام تدريج ًّيــا إلــى عــاد ٍة‬ ‫ســلوكية‪ ،‬فتتشــكل لدينــا مــع الأيــام رؤيــ ٌة‬ ‫معهــا‪ ،‬تقودنــي مستســلمة لزمــان غيــر زمانــي‬ ‫واضحــ ٌة نســتطيع أن نصفهــا وص ًفــا ســهل ًا‪.‬‬ ‫ومـكان غيـر مكانـي‪ .‬ألمـح الوجـوه سـري ًعا لمحـ َة‬ ‫أحـد هـذه الأمـور الكثيـرة مـا يختـص بالقـارئ‪،‬‬ ‫ودا ٍع حانيـة‪ ،‬وكمـا هـو الـوداع يخلـق بداخلـك‬ ‫وهــي ‪-‬تحديــ ًدا‪ -‬لحظــة الانتهــاء مــن قــراءة‬ ‫وداعــة ب ّراقــة فتألــف الجميــع‪ ،‬تــو ّد لــو أن‬ ‫علاقتكــم كانــت أقــوى‪ ،‬لــو أنكــم قضيتــم مــع‬ ‫كتــا ب ‪.‬‬ ‫بعضكــم وق ًتــا أطــول لاسترســال الحديــث‪..‬‬ ‫يشــرد ذهنــي وأنــا أتأمــ ّل في وجوههم‪ ‬ثــم‬ ‫إنـي أتصـ ّور الآن تقافـز علامـات الاسـتفهام‬ ‫أصحـو فجـأ ًة بمن ّبـ ٍه كأ ّنـي بـه ُوضـ َع في عقلـي‪:‬‬ ‫التــي تجــول في ذهنــ َك حــول مــا يمكننــي أن‬ ‫أقولــه‪ ،‬فيقــول أحدكــم‪\" :‬وهــل كانــت هــذه‬ ‫ليســت هــذه طقــوس مــأتم!‬ ‫لحظـ ًة مسـجل ًة في دائـرة الزمـن؟ الانتهـاء مـن‬ ‫كتــاب؟\" وثانيــ ًة تظــ ُّن أ ّنهــا أخطــأت فهــم مــا‬ ‫إ ًذا مـا هـذه البـرودة التـي تسـري في دمـي‬ ‫أرمـي إليـه‪ ،‬فأخـذت تمضـي في قـراءة المقـال‬ ‫تزيــ ُد خفقــان القلــب المرتعــد قليــ ًا؟ أشــعر‬ ‫علـى مضـض؛ لتـرى مـا الـذي يمكـن أن يكـون‬ ‫بأنــي أســتعجل الحــرف‪ .‬أُســقط الكثيــر مــن‬ ‫في خاتمــة كتــاب غيــ َر صفحــ ٍة أخيــرة ثــم‬ ‫الكلمــات وأبتلــع كل علامــات الترقيــم‪ .‬أ ِصــ ُل‬ ‫غــا ٍف ملــي ٍء بالرســومات الغامضــة ولاصــ ٍق‬ ‫الصفحــة بأختهــا‪ ،‬وفي النفــس رغبــ ٌة أن تقــع‬ ‫يرمـز لسـعر الكتـاب ‪-‬إن كان ورق ًيـا‪ -‬حددتـه‬ ‫معجــزةٌ مــا تُعيدنــي للبدايــة‪ ،‬أو تنحــرف‬ ‫دار نشــر بــا أيــة معاييــر معلنــة تحــدد قيمــة‬ ‫الحبكــة فيكتشــف الكاتــب بإلهــا ٍم مباغــت‬ ‫الكتــاب غــا ًء أو زهــ ًدا!‬ ‫خطــ ًأ كبيــ ًرا يعيــد بــه ســير الأحــداث‪ ،‬وكأنــه‬ ‫للتــو يشــرع في تدويــن مســ ّودته ومــا أنــا إلا‬ ‫يشــاركني عيــ َش لحظــة الوصــول إلــى‬ ‫ضميــره القــارئ‪ ،‬الــذي يســمح لــه بالشــطب‬ ‫الصفحــة الأخيــرة ‪-‬طالــت أو ق ُصــرت‪-‬‬ ‫بعـض القـ ّراء ممـن وقعـوا في مثـل مـا وقعـت!‬ ‫والتعديـل والإضافـة دون عنـاء ملاحقـة الزمـن‬ ‫في بضـع صفحـات! علـى الكاتـب أن يُب َعـث في‬ ‫تلــك اللحظــة كــي يحقــق معجــزة‪ ،‬كــي يعبــث‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook