إذا ً نحن أمام غرابة يواجهها بطل القصة هذا الذي حاصرته \"المحنة\" محنة فَق ْد الزوجة والجنين قبل الولادة ،فكان اغترابهُ وهجرتهُ من المدينة التي شهدت محنتهُ القاسية ،وسلبت مق ِّومات حياتهُ فانزوى داخل نفسه مع أحلامه وآماله وذكرياته وحتى طموحاته، وأدرك أن الإغتراب والهجرة من هذه المدينة هو الحل الأمثل من انحدا ٍر في هوةٍ لا يعر ُف لها قرار ،فهاجر إلى أطراف الصحراء واختار قري ٍة قريبة من عمله سكنها ،و وجد في القطة \"الغريبة\" ،والتي سنعر ُف لاحقاً أنها هي أيضاً \" ُمغتربة\" مثلهُ قدرياً ،ليتوحدا، ويتقاسما حياتهما معاً بعد ح ٍب ،ولفترة زمنية لم تط ُل، ليأخذنا الكاتب والبطل لاغترا ٍب أقوي وأعمق قد تمث ُل هلوسةً أو جنوحاً -بالنسبة لنا -إلى غير المألوف والمعتاد ،لكنهُ مألو ٌف من خلال الأساطير والتراث الشعبي الذي يص ُل و يؤث ُر في الأشخاص من كل الطبقات ،ونزوحا ً من المحنة ،ورغبة في سعادة مفقودة َبسطتها إليها وقدمتها له \"القطة\" بعد أن كشفت له عن ُكنهها وشخصيتها الحقيقية و تحولها من جني ٍة إلى كائ ٍن حيواني يعي ُش مع الإنس على ظهر الأرض ،فيوافق فوراً على الإغتراب الثاني والأبعد ،رغب ٍة في السعادة المأمولة ،وفراراً من المحنة المكلومة بها حياته الأنسية، ويبدأ سفره ،ويج ُد حقيقةً ما وعدتهُ به من حياة ُمترف ٍة، ورفاهية الزواج والإنجاب ،والعمل البسيط بعيدا ً عن المعاناةٍ التي كان يعيشها على ظهر الأرض والأوجاع 100
والمشاكل الدنيوية التي كانت تُحاصرهُ ،وتضاعف من محنته ،ولكن بعد سنوا ٍت يجد نفسهُ ُمغترباً وغريباً وأن ما وجدهُ يعادل إحساسه به ما تركهُ على ظهر الأرض، فيداعبهُ فكره بالرغبة في العودة إلى سطح الأرض ومغادرة تر ٍف ُمم ٍل ولا طائل منهُ ويشع ُر أن العمل والك ِّد هما الدعائم الحقيقية للسعادة والراحة في الحياة وليس العكس ،وأن الإغتراب بسب محن ٍة ما قد يقود الإنسان إلى اغترا ٍب أعم ٍق ينتظرهُ في التراث الشعبي والبيئي ،وأحيانا ً لا تكو ُن العودة مأمونة أو محمودة 101
أ نـثـى فـى ثـيـا ب رجـ ِل هبة البنداري ( مصر) \"في الإبداع ،لا تصنيف للمبدع رجلاً أو أنثى ،وإن تميز أحياناً أحدهما ففي الغالب والأصح يكون النص أو العمل هو الفيصل ،فالإبداع عمل إنساني بالدرجة الأولى تقد ُم لنا الروائية /هبة بنداري ...نصاً روائياً ،يحم ُل إسم \"أنثى في ثياب رجل \" في بدايات الرواية نتوقف أمام َمدخلاً ساقته ال ُمبدعةُ من خلال حوا ٍر قصير، أبماطملة\" احلاقل ٍةصةخا مصعة أ\"ُممهاِّهدتلقهوالعانلبواطلنةالوربواحيزة ٍ،م لندرك أننا ففي حوار وعنا ٍد \"...أيوة أنا بنت ..لكني أقدر أشتغل بقوة وصلابة زي أي راجل ،وعندي قوة تح ِّمل أكثر من كل الر ِّجالة إذاً ...نح ُن في حال ٍة استثنائي ٍة من صراع عمل ِّي و واقع ِّي يشهدهُ مجتمعنا الحالي وهو يحاول أن ينف ُض أثقالاً من موروثا ٍت عقائدي ٍة أحياناً ،وأحياناً أخرى َقبل ِّية تاريخية ومؤ ِّصلة ،كشعو ٍب عربية شرق أوسطية ،وقد يشت ُط المجتم ُع ،قليلاً أو كثيراً في انتفاضته ،ويخل ُط بوع ِّي أو 102
بدون وع ِّي بين ماهو من الموروثات بنوعيها ،وبين ما هو إنسان ِّي مح ٌض و متفق عليه صاغت الأديبة الرواية من خلال شخصيات نجحت في تجسيدها كعناص ٍر َيدع ُم بع ُضها بعضاً ،ويد ِّع ُم السياق الذي تتحرك فيه الرواية والذي رسمته الرواية كإطا ٍر أدبي ،الرواية حافلةٌ بأحدا ٍث موظفة توظيفاً جيداً وبعض الأحدا ُث في فُ َجائيتها قد تدهشنا ،ونستغر ُبها ،لكننا سرعان ما ُندرك اكتمالها وأهميتها في الصورة \"الكلية\" الداعمة للفكرة التي تتقصى وتلم ُس بصورة إبداعية راقية أحاسيس ومشاعر واحتياجات كلا ً من الرجل والمرأة وأهمية عنصر التكامل بينهما في منظومة الحياة الإنسانية منذ خلق الله آدم وحوا ٍء ،وما ُيماثلهما في الكائنات الح ِّية الأخرى قد لا تكون فكرة الرواية جديدةٍ ،لك ِّن وجه الإبداع لا يتمث ُل في ج ِّدة الفكرة ،ولكن في إجادة عرضها، وتجسيدها ،و الإنطلاق إليها من منص ٍة إبداعي ٍة ،تحم ُل المتلقي إليها بيس ٍر أو تزحزحه قليلاً إلى زاوية أخرى، وفي أجوا ٍء أخرى ،وبصياغ ٍة تتوفر فيها عناصر اُجيد تنسيقها وبسيا ٍق مختل ٍف جاءت لغة السرد قويةً و ُمتعمقة تحم ُل عنصر الجذب والتشويق القوي والسهل ،يدعمها إختيا ٌر ممتاز بلغة الحوار باللغة العامية البسيطة دون جنو ٍح أو استرسا ٍل غير مفيد ،لكن بدق ٍة تتسق مع لغة السرد ال ُمدهشة 103
الشخصيات حتى في تَع ُددها ،شخصيا ٍت محوري ٍة وجوهرية تؤكد أن ال ُمبدعةُ رسمت كل شخصية على حدى – سواء بوع ِّي أو بدون وع ِّي – فكانت النتيجة أن حصل ُت كل شخصية على دو ٍر فعا ٍل ومتس ٍق في الرؤية \"الكلية\" للأحداث مجتمعةً ،من خلال تفاعلها – الأشخاص – مع بعضها الأحداث والشخصيات ،وعناصر السرد ،من لغ ٍة، وجذ ٍب ....الخ نستطيع ببساط ٍة أن نشير إلى أن ال ُمبدعةُ تحم ُل ملكات كاتبةُ قديرة تؤكد على ما صدرنا به هذه القراءة ،فلإبداع عم ُل إنساني ولسنا في حاج ٍة لتصنيف المبدع 104
بــيــوت آ مــنــة حفصة عبدالل ريس، د /نيفان إبراهيم عبده حسني حسين اسعد ريس طيبة الحربي ( السعودية) بدايةً أستأذن أخي وصديقي العزيز الناقد الكبير د/ عزوز إسماعيل ،في استعارة عنوان بحثه الرائع \"عتبات النص\" كمقدمة تمهيدية للعبور إلى كتا ٍب نشارك جميعاً في قراءات متعددة له ،وهو كتاب \"بيو ٍت آمنة\" لأفاضل أضافوا لأرفف وقوائم المكتبة العربية، وفي تخ ِّصص بحثي ُمهم في وقتنا الحاضر ،وهو كيفية بناء أو إعادة بناء \"بيت آمن\" ،ما أحوجنا إليه خاصة ً ً بيئةً ومجتمعٍ سليم صحيا تضعنا من جديد في فَلك القاسي لبناء في هذا المنعطف أهدافاً وآمالاً وتربوياً يحقق لنا الأُمم – كما فعلنا سابقاً -بإضافات لا تُنكر إلى حضارة العالم و َسجلها التاريخ عتبات النص أشار دكتورنا الفاضل /عزوز إسماعيل في بحثه ومراجعه إلى أهمية عنوان النص كمدخ ٍل للقارئ 105
والناقد ،وأيضا ً للكاتب ،كجزء متسق مع مضمون النص ويحمل دلالةُ من دلالات مضمونه ،وعتبة هذا الكتاب واختيار كلمتين معبرتين ،يؤكدان ما ذهب إليه دكتورنا الفاضل /عزوز إسماعيل البيت لغوياً – كما تم تعريفه في القاموس – هو السكن من السكون والهدأة والملجأ والشعور بالأمن والأمان والإطمئنان ...الخ ،وعنوان الكتاب يبدأ بكلمة \"بيوت\" ولمزيد من التوكيد أضيفت كلمة \"آمنة\" ،وكلتا الكلمتين وهما معاً تحملان دلالات قوية و واضحةً ،مع متس ٍع رحب لإعمال الفكر ،وهكذا وعلى هدي هاتين الكلمتين ودلالاتهما ندل ُف معاً إلى النص. يتص ِّدرالكتاب إهدا ًء هو أيضا ًجزءا ًمن عتبات النص: (نهدي هذا الكتاب إلى كل الآباء والآمهات ،والمربين، ليكون نبراساً ليهتدون به في رعاية أبنائهم وتربيتهم على أسس تربوي ٍة سليم ٍة تستند إلى التص ِّور الإسلامي في تربية الأولاد ورعايتهم) الكتاب يتضمن أربعةَ فصو ٍل : الفصل الأول :الأسرة والنمو الفصل الثاني :الجنس واعتلالاته الفصل الثالث :إعتلالات البلوغ 106
الفصل الرابع :الإنحرافات الجنسية الفصل الخامس :الإنترنت وتأثيره على الجنس وأخيراً فص ٌل يتضمن خمس قصص من الواقع كأمثلة تجريبية ضرورية للقارئ والمربي ،ثم الخاتمة التي ل ِّخصت المحتوى ليشرع من يهم الأمر في حملها وهو يمضي إلى طريقه مهتدياً بها .وتأتي المراجع وافيةً وكافية لمن ُيريد الإستزادة .ثم ينتهي بالتعريف بالأساتذة الباحثين والمشاركين في إعداد هذا الكتاب إن كل فص ٍل من الفصول المذكورة قد نحتاج إلى مساحة زمنية ليست بالقصيرة سوا ًء لعرضها أو تتبع الأُسس المنهجية المتبعةُ في الإعداد للوقوف على الجديد في هذه الدراسات ولهذا ...وفي هذه العجالة نشي ُر إلى بعض الجوانب الهامة دون الدخول في تفاصيل • بداية؛ إن عنصر \"العنونة\" الفرعية في كل فصل ،يشير إلى منهجية وتراتبية البحث بدءا ً من التمهيد للمشكلة محل البحث ،ثم عرضها بأسلوب نقاط ُمعنون وواضح ،ليأتي سياق المعالجة بنفس أسلوب العرض مدعوماً بنتائج الأبحاث المعتمدة مع إبرازها والإشارة إليها هامشياً بخلاف ما تم بيانهُ منها في \"المراجع\" ،يأتي ذلك في سلاسة وبساطة وتركيز لا يُب ِّدد القارئ أو يرهقهُ 107
• يتتبع البحث في كل فص ٍل وبصور ٍة متوازية أبعاد المشكلة بأضلاعها الثلاثة -الـطـفـل :في مراحله العمرية المختلفة والمتزامنة مع نموه الجسدي والنفسي ملقياً ضو ًء على رغباته وحاجاته وأوجه المعاونة لهُ ،ومساعدته بتهيئة المناخ ليُشبع احتياجاته ورغباته بالقدر المحسوب واللازم علمياً دون شط ٍط أو قت ٍر -الوالدان :وهما الحاضن الأول والأساسي في مرحلة البناء من بداياته ،وما يفترض فيهما وعليهما من استعداد ثقافي ورغبة جد ِّية في تبني سلامة التكوين من المنشأ لبرع ٍم كي يشب سوياً ومعتدلا ً في سلوكياته ليطرح عليهما أولا ،ثم على مجتمعه الصغير في محيط الأسرة ومجتمعه الكبير متمثلاً في العائلة ،وبعدها البيئة المحيطة به ،وصولاً لوطنه وأمته معطياً نتاجاً وعطا ًء سوياً يحتاجه هو أولاً ثم وطنه -البيئة :ومك ِّوناتها المتمثلة في الأسرة والمدرسة وومؤسسات التوجيه والرعاية الحكومية والمدن ِّية بأنواعها وما يد ِّعم الجميع من الوسائل الحديثة من إذاعة وتلفاز ،ووسائل التواصل الحديثة وكيفية غرس مبادئ التعامل معها والإستفادة الرشيدة منها • أيضا ً وفي ضوء ما سبق وأخذاً به لا يغفل الباحثون – كما جاء في مقدمة الكتاب – أن تكون 108
التربية والتوجيه والتعليم معيار الشريعة الإسلامية والعربية هي المنطلق الأول لبناء ما يتم طرحه والحث على الأخذ به ،إيماناً منهم أن ما جاء به الغرب من نتاج أبحا ٍث مرجعه ومصدره شريعتنا الإسلامية وتقاليدنا العربية وبالتالي مخالفة ومغايرة لما عندهم فلاغ، إنسيا ٌق أو تقليد أعمى ذلك أن العلم لا وطن له ،وأن الهوية هي التي تبني الإنسان والوطن • ولعل من أبرز النقاط المطروحة في هذا الكتاب المبحث الذي تناول بمنهج ِّية علمية بسيطة ،ما يدور حول الجنس من مفهومات خاطئة ،وتردد أو استحياء في تناوله في محيط الأسرة أو المدرسة أو وسائط التوجيه والتربية والتعليم سواء في المسجد أو الكنيسة أو المدرسة ،مما ُيضاعف الجهد المبذول للأخذ في تناوله ومعالجة المشكلات الناتجة عن تجاهل توضيح ما الجنس للطفل حتى سن البلوغ؟ ودوره في بناء الشخصية السوية ،حيث أن تأخر الشرح والتوضيح أو التردد أو العجز عنه ،يُلقى بالمجتمع في محي ٍط عاص ٍف بالمشكلات الصح ِّية والإجتماع ِّية وكم هائل من الإنحرافات ثم تبعة ثقيلة لإصلاح ما أفسده التأخر والتردد والعجز ،لقد تناول البحث في هذا الكتاب المشكلة من بداياتها ونتائجها ،وطرح أسس التناول والوقاية والعلاج بالمنظورين الإسلامي والعلمي الحديث 109
يهتم الكتاب في فصوله ُكلها ،ويركز على التأثير المتبادل والقوى والمباشر بين المجتمع والبيئة من خلال الأسرة أو المؤسسات الحكومية والخاصة ،وبين أضلاع المشكلة وذلك من خلال تبني آليات وأساليب علمية متط ِّورة ومتسقة مع التقدم الفكري والتقني تتيح للأضلاع المذكورة تناول أساليباً ُمتعددة في إعادة، وبناء البيت الآمن والكتاب في مجمله يتيح لنا جميعاً ما يضيئ لنا طريقاً ووسيلة نحملها بين أيدينا لنرقي بمجتمعاتنا العربية والإسلامية منصة التقدم والإسهام الف ّعِال في الحضارة الإنسانية بمفهوم ُموا ٍز ومغاير لإضافة الآخرين 110
الرقص على رءوس الأفاعي للروائية / شيماء بيستكي (الكويت) روايةٌ جديرة بالقراءة أكثر من مرة وقبل أن نمضي في القراءة تأخذنا الكاتبة إلى لوحة إرشادية ِّصدرت بها الرواية تقول فيها: كلمة \"لقد بدأت متأخرة ً في كتاباتي ،إنني أرى أن الكتابة تحتاج إلى شخص أو فرد هادئ الطباع أو صافي الذهن لكي يبدع إبداعا حقيق ًيا ،أساسه العقل والفكر الخصب، ويكون لديه العديد من التجارب ،والثقافة الشاملة، والأفكار المفيدة ،والأهداف السامية ،كما أنه من الضروري أن يق ِّدم ما يريده بلغة بسيطة سهلة مفهومة للكافة .وأتمنى من الله تعالى -العلي القدير -أن أصبح ذات كتابات راقية تعود بالنفع والفائدة على جميع الق ِّراء بمختلف فئاتهم في وطننا العربي الحبيب وعليه :أرجو أن تنال هذه الرواية قبولكم ،مؤكدة ً أن الكمال المطلق لله تعالى ولكم الشكر \"،،، المؤلفة 111
..في البداية نتوقف قليلا ً ،نتوقف أمام العنوان ،كمدخل أساسي ورئيسي للمضمون الذي يحم ُل هذا الإسم \"الرقص على رؤس الذئاب\" ،نعل ُم ان الذئب يحم ُل صفتين لا يشاركهما فيه حيوان آخر كصفا ٍت لازمة، \"الغدر ،والبطش\" ،فندر ُك ونستيقن أن الرقص فوق رؤس الذئب ،يستوجب حيلة ً ومهارةً ،وقدرةً على التحايل ،وقدرةً على الهرب وعلى تجنب المواجهة المباشرة ،وقدرةً على المباغتة بعد التخف ِّي ،والتيقن من نقاط الضعف ،وتحقيق الهزيمة أو الإنتصار النهائي بالدحر ،حتى لو سالت الدماء وهكذا كان محمود عبد السلام ،وهو يواجه ذئبا ً في جبروت \"السيد\" الذي تحققت فيه صفات الغدر والبطش ،في مملك ٍة أخضع لها كل من عليها إنساناً، صديقا ً كان أو قريبا ً أو رجالاً في مراكز القوة بل والحكم ،تح ِّولوا إلى عبيدا ً له يفعلون ما يأمرهم به، يخافون بط َشهُ وجبروتهُ ،ويتمتعون في نفس الوقت بحمايته فيما يفعلون إذا ً ...نح ُن أمام روائية حصيفةُ ،و واعية بما تُضيفه ُمختلفاً ،إلى المكتبة القصصية العربية ،فهي لأنها تملك قدرات ُمتعددة لع ِّل أهمها لغتها العربية الرصينة ،مع براعة تامة في البلاغة الوصف والإيجاز ،والتعبير ال ُمتميز الذي يجم ُع في بساطته ،وسلاسته الدقةُ البليغة في قوة العرض والإمساك بالمتلقي – بقدر ثقافته – 112
ليمضي مع الرواية لنهايتها دون مل ٍل لاستكشاف ماهو تالي ،وماهو ُمتض ِّمن من أفكا ٍر ورؤى نثرتها الكاتبة في ثنايا عرض الرواية بذكا ٍء وفطن ٍة الكاتبة – وهذا بصورةٍ ما – وقد نعتبرهُ جديداً ،حين اعتمدت أسلوب \"الحاكي أو الراوي\" في السرد ،لذا نراها تطل ولو على فترا ٍت لتو ِّضح حدثا ً ما ،زماناً أو مكاناً أو شخصي ٍة ،فأطراف الرواية في أصابعها، وتعرف متى وأين تضع من الإضافات الضرورية حتى يكتم ُل الحدث و قد نلاحظ أن الكاتبة ،أغفلت عنصر ِّي المكان والزمان وهذا طبيعي حين اتخذت أسلوب \"الحاكي أو الرواي\" لعرض مضمون الرواية ،فالرواية وبهذا الأسلوب ال ُمختار صالحةً أن تكون في كل مكا ٍن أو زما ٍن ،لذا الكاتبة لم تول بناء الشخصيات إهتماماً كبيراً ،مكتفيةً بصو ٍر وصفا ٍت تتس ُق مع تفاعل الأحداث وتمضي بهما الصور والصفات للشخصيات إلى نهاية الرواية حتى الشخصيات المحورية في الرواية كانت تكتفي بسلوكياتها وردود أفعالها دون ما حاج ٍة أن تعرفنا بأكثر مما يلز ُم عنها وفي الوقت المناسب وقد يجوز لنا أن نع ُرج قليلاً ودون إسقاطات إلى فكرة \"الإزدواجية\" للشخصية الرئيسية في الرواية وهي التي حدثنا عنها د /شاكر عبد الحميد في كتابه النقدي 113
\"الغرابة ..المفهوم وتجلياتهُ في الأدب\" حيث يعرفنا بــ \"الإزدواجية\" حين يقول : \"يرتبط مفهوم الإزدواجية في الأدب بمفهوم التح ِّول والتغ ِّير والنسخ والمسخ والإستمرارية والتبدل في الزمان والمكان والحالة الشخصية والأخلاق وطرائق التفكير وتحولات الليل والنهار والخير والشر والأمل واليأس والأمن والرعب وإلى غير ذلك من التحولات هذه الفقرة الخاصة بـ \"الإزدواجية\" تف ِّسر لنا هذا التحول الذي أصاب بطل قصتنا من الوداعة والإنغلاق على الذات ،حيث عاش بعيدا ً عن والده والقرية التي نشأ فيها ،وحقق نجاحات شخصية لهُ ،فضلا ً عن تكوينه المهاري لشق طريقه فهو أيضا ً ضاعف من اهتمامه بالقراءة والثقافة بوجه عام الأمر الذي ساعدهُ لاحقاً في تحقيق التح ِّول والإزدواجية في شخصيته وسلوكهُ تسيطر عليه رغبة الإنتقام يقول د /شاكر عبد الحميد في نفس الكتاب المذكور: \"مثلما ترتبط فكرة الحياة العائلية أو الوطنية بالبدايات والنهايات ،بالمغادرة والعودة والألفة ،بالحياة والموت فإن أدب \"الإزدواج\" يهتم كذلك بذلك الجانب النفس ِّي والإجتماع ِّي المتعلق بالغياب أو الإختفاء ،غياب الإنسان عن بيته ،مكانهُ الأليف ،إختفاء أو إنتفاء شعورهُ بالأمن ،رغبته في العودة إلى الجذور ،خوفهُ من 114
الضياع بعيدا ً عن بيته أو وطنه ،عن أمنه الذي يظ ُن أنه في بيته أو وطنه ،لكنه ربما عندما يعود إليه يجدهُ ليس هو البيت الوطن الذي غادرهُ ،يجدهُ ليس البيت الوطن الأليف الذي كان محتفظاً به في عقله و وجدانه، يجده بيتاً غريبا ً و وطناً غريباً ،بل موحشاً وربما مخيفاً وهنا يكون الحضور أو العودة وسيلة للغياب أو الهرب ،هنا قد تكون \"الإزدواجية\" وتعدد الذات والأقنعة وسيلة لحماية هذه الذات من مواجهة ما تراهُ من تك ِّسرات وتهميشات في مرايا ذاتها التي تظنها – من قبل؟ جميلةً ،مصقولة ً ،لامعة ً ،صادقةً هذا هو\"محمود عبد السلام \"ممثلا ً\" للغرابة ،ومشخصاً من الكاتبة في روايتها \"الرقص فوق رؤوس الذئاب أما \"السيد\" ،فهو الذئب والديكتاتور في القرية ،والذي ُيمث ُل قمة غباء السلطة ،وقمة الغدر الذي ضاعف من ثرائه المادي وبالتالي سطوتهُ ونفوذهُ ،يدفعهُ إلى ذلك َض ْعف وخنوع ومذلة ونفاق من حولهُ فتضخمت \"الذات الدنيا\" لديه فأصبح ُيمث ُل الشر والمعادل الموضوعي \"للخير\" الذي يمثلهُ محمود عبد السلام إبن صديقه السابق الذي استولى على مزرعته ومن عليها .وهو أيضا ً ُيمثل السطوة الغير محدودة على الكيان المجتمعي ،وفي أي بيئ ٍة أو في أي مدينة أو قرية أو دولة ،وهو نموذجاً لا تخلوا منه أي تجمعات أو كيانا ٍت، صغيرة ً أو كبيرة ،في نادي أومؤسسة ،أو مصنع .. 115
الخوكنموذج لسلوكيات هذا السيد ال ُمتسمة بالبطش وإشاعة الرعب فيمن حوله أنقل العبارة التالية من نص الرواية تعبيراً عنه : \" وفي هذا الوقت جيء للسيد بالكلاب الوليدة في سلة مبطنة بالقطيفة الحمراء ،فانشغل بها ،واختار من بينها جروين وأمر بإغراق الباقي هذا الصراع الأزلي الدائم بين النقيضين والذي من خلاله وبه تت ُم الصياغات والإبداعات ،وفي تعددها نتبين ان الكاتبة إختارت تمي ُزها وإختلافها من خلال أسلوب \" الحاكي أو الراوي\" ،واختارت بساطة لغة السرد ،ولم تلتفت لعنصري \" الزمكانية \" للتدليل على أن ماحدث قابل للحدوث مرا ٍت ومرا ٍت في أزمنة وأمكنة متشابهة أو مختلفة بهذه العناصر التي أشرنا إليها \"بساطة اللغة ،أسلوب السرد والحك ِّي ،التحول والإزدواجية للبطل ،إغفال عنصري \"الزمان والمكان\" ،الدلائل ال ُمختارة لرسم الشخصيتين الرئيسيتين كمتناقضين وبينهما الصراع الديناميكي والدرامي المعُزز بما سبق ،نري أن الكاتبة عالجت فكرتها الرئيسية وقد ضمنتها بعناص ٍر من القوة، ليجد القارئ بسهول ٍة ليس الفكرة ذاتها بل الجديد في التعبير عنها وفي خصوصية عناوين الفصول 116
\"مـا بـعـد ا لخريـف\" مجموعة قصصية عبد الكريم الساعدي (العراق) تفرز لنا عهود القهر والإستبداد على الدوام مساحات مترامية ،وبدرجات متقاربة ولكنها متشابهة ،تنتصب فيها قامات إبداعية ،منشئة لنا أعمدة ودعائم لجداريات -في صلابتها -كأنها منحوتات أبدية سرمدية شاهدة على وقائع حياتية ،لبشر طحنهم الذل والإستبداد ،لكن بقت خربشاتهم واضحة رغم ذل المهانة الذي لحق بهم قبل الهلاك هذه السطور قد تُصنف ما أنا بصدده وهو قراءة استمتعت بها لمجموعة \"ما بعد الخريف\" للقاص العراقي القدير /عبد الكريم الساعدي ،والمجموعة استحقت على كل المستويات الترحيب والتقدير المش ِّرف ،كعمل قصصي تناول فترة زمنية ح ِّددها الكاتب ما بين سنوات 2014 -1984م أي عقود ثلاثة كان حصاد هذه العقود عمل جداري من الحروف والكلمات ممزوج بآهات وآلام بشر ممن تسطحت أشلاؤهم المبعثرة والممددة لعقود ،جمعها الكاتب 117
واجتهد قبل إعادة رسمها على جداره ،إجتهد أن تكون مطابقة لأصولها ،فنجح .فكان جدار \"ما بعد الخريف\" جداراً ينبغي الوثب فوقه لإستشراف ربيعا ً بخلاف ربيعنا العربي الذي انقض قبل أن يُقام! المجموعة القصصية تتكون من ( )20قصة فيما يقرب من 95صفحة ،إذا ً ما و ِّضح لنا من مقدمة الكاتب والفترة التي حددها نجد أن السياق يأتي كمنظومة يدعم بعضها بعضا ً ليتشكل في وعينا – مع القراءة – ملامح الصورة الجدارية التي يدشنها الكاتب على جداره المسمي \"ما بعد الخريف\" ،لكن تأخذنا بقوة سرديته التي تبناها في كل قصصه العشرون ،فإذا كانت القصة تمثل تكوينا ً وجزءا ً من الجدارية ،نجد مادته تت ِّسق بناءا ً وتكوينا ً كقوة الحدث القصصي نفسه في حوار أشخاصه وحياتهم وأفكارهم وآمالهم ...الخ ،هو يستخدم الجملة الطويلة بلا فواصل أو وقفات ،حتى يكتمل المعنى بالجملة التي تليها ،فكأنما الجملة وحدة واحدة لها مساحتها الطولية المحسوبة طولا ً وعمقا ً وتأثيرا ً، وما يش ِّد أذرها من جمل سابقة أو تالية لها ،وهذه نماذج مما نقصده بالجملة الطول ِّية المغلقة والتي تكتمل فقط بما قبلها وما بعدها من جمل \"إستبدلت الفاصلة بشرطة مائلة\" كان آخر المتسللين من الدار التي تختبئ وراءها أسرارهم /منطلقاً من تحت رماد الغضب جذ ِّوة توقد 118
صمت السنين /ته ِّزه طقوس التحدي ليقتلع جمر الفساد وجيف العروش الجاثمة على أنفاس الحياة /منطلقاً من زوايا منفرجة بالأمل /إلا أ ِّن وقع الخطوات المحمومة بالكراهية والموت /تسابقت لإلقاء القبض على مسيرة النقاء /توقفت ذاكرته /أحلامه لبرهة من الزمن ،يصيغ السمع إلى وقع أحذية السلطة /ظ ِّن أ ِّنه لا يفلت من قبضتهم هذه الم ِّرة /ح ِّث الخطى آملاً بالنجاة /تبعثرت خطواته المشحونة بالقلق والهلع مع تسارع الخطوات المختلطة بأصوا ٍت غليظة ٍ تد ِّك حصن أذنيه ودعواتها لعلِّها تنقذه من هول المجهول ،تتصاعد وتيرة القلق، الحيرة ،لم يكن أمامه خياراً سوى ملهى المدينة ،كان وحيداً ،مرتبكاً ،متِّشحاً بخوفه ،وبهدوء شديد وأنا لم أ َر آثار رجولتك إستفزته بجوابها الماكر /تتلألأ عيناها همساً /إغواء، يتر ِّجل من صهوة الوجل /تلمسه ،تكشف عن نهدين/ يشتعل ،توقظ لهيب الفتنة ،تسرج أنوثتها ،ك ِّل مناطق الجسد كمائن ،تحصي أنفاسه ،تهمزه ،فيشرئب يبري جمره /مما رأى وبلا وعي راح يثبت لها ذكورته/ أصابعه المرتجفة تلامس وجنتيها /تأخذه رعشة خفيفة، هي لم تمهله /تفترس انتظاره بلهفة جنون /تهجم بك ِّل أسلحتها المدمرة لجفاف كيانه /لم تترك حصناً إلا واقتحمه منتصرة /حتى أضحى مرث ِّية لتلك الليلة الأليمة /ضحية ارتعاشة رجولته ،وسطوة الزمن الذي عصف به /كان بين م ِّد وجزر ،عاجز عن تفسير ما 119
جرى /لم يب َق من الليل إلا أحاديث مبتورة /تساؤلات لا جواب لها .الضجيج يغادر المكان /السحالي المل ِّونة تنسحب متر ِّنحة إلى جحورها /الذباب المنتشر يغادر موائد العهر الليلي /إ ِّنه فجر يوم جديد .يستيقظ على صوت النادل الغليظ ،ينصب له مقصلة الحساب خمسة وسبعون ديناراً كلمات الجملة تتسق مع قوة الحدث ،لتفضي للمعنى والتأثير المراد بنهاية آخر حرف فيها و كما هو واضح قوة اللفظ والدقة في اختياره دون غيره يصنع بهما الكاتب أجواء قصصه جميعا ً لا معاناة ولا إسراف حتى يكتمل المشهد والقصة بستار ينزل فجأة لكنا تباركه القصص العشرون هي أيقونات شاهدة على سطوة القهر والإستبداد مهما كان مسماه ومهما كانت راياته ،فما لم تتعانق وسائله مع أهدافه شرفا ً وشفافية ً فلا يُخل ُف إلا خريفا ً له سوءاته .ذلك في كل العصور وكل المدائن 120
النوبة الغريقة ..حياة الأمان المطلق للمؤرخ النوبي / يحيي صابر ( مصر) هذه السطور لا ترقى إلى شعوري واهتمامي بهذا الكتاب الذي بين يد ِّي من شهور إهداؤه إل ِّي من الكاتب نفسه في زيارة شخصية له إختار – مؤرخنا -ولأنه ليس قاصا -لكتابه الرائع والمختلف والمميز \"النوبة الغريقة\" ،حيث اختار عنوانا ً فرعيا ً \"حياة الأمان المطلق\" وق ِّدمه بكلمات على ظهر الكتاب قائلاً : \"سيرة ذاتية الهدف منها توثيق بعض العادات والتقاليد النوبية العريقة ،وجميع أحداث الرواية عاصر ُت بعضها وسمعت عن بعضها من ثقات\"( .هي سيرة ذاتية لذاك الإنسان النوبي وليست لشخصه) هذه الكلمات توضح لنا قبل أن نمضي معه الأسلوب المناسب ألا هو أسلوب الباحث فكانت مراجعه كما يقول ،أنه عاش بعضها بنفسه والبعض الآخر وهو الجزء الضارب إلى سنوات بدايات الغرق والتهجير 121
لأهالي مجتمع نوبي متكامل كان مغلقا ً وغير معرو ٍف عنه الكثير أو يكاد أن يكون مجهولا ً لدى كثير من المصريين أنفسهم ذلك أن بعض النويين أبناء اليوم فضلا ً عن غالبية المصريين كادو أن ينسوا أن هناك بقعة غريقة من أرض مصر ،والتي غمرتها مياه النيل، وغ ِّيبت ما تحتها من أرض عاش عليها أجدادا ً مصريين /نوبيين ،وقصاري ما هو معروف هو الهجرة الأخير ،الهجرة لبناء السد العالي في بدايات ستينيات القرن الماضي ،وكادت تنسي هجرة بناء خزان أسوان التي لم يتناولها أحدا ً من قبل ،فكان مؤرخنا /يحيي صابر هو واحد ممن َعن ِّي له أن يُذ ِّكر المصريين والنوبيين بجزء من أرضهم الغريقة ،وتم تهجير أهله بصورة ربما لم تحدث من قبل إن غرق هذه الأرض حمل معه و لدى النوبيين مرارا ٍت وعذابا ٍت ،وذكريات أليمة ،بعض هذه العذابات للأن يسكن قلوب ومحاجر وأعين من نزح آباؤهم وأجدادهم المعاصرين لهذه الهجرة الأليمة ،وما يضاعف من حدة آلام هؤلاء الآباء الذين على قيد الحياة وأبناؤهم هو عدم الإكتراث أو التقليل من شأن ما حدث للنوبيين الأجداد الذين دفنت -أقصد -طمست مقابرهم ومنازلهم وأشجارهم ،وأرض وطأوها وزرعوها ،وأقاموا فيها، بل و َع ِّمروها ،في الوقت الذي لم يعبأ بهم أحداً ،ولا اهتم بهم عقودا ً أشرفت على قرن ٍ زمان ِّي بالكامل ،فلا خدمات ،ولا بنية تحتية أقلها ماء الشرب ،والعلاج، 122
ناهيك عن الكهرباء والتعليم ...الخ ،مجتمع جاء إلى الحياة ،وذهب عنها مغمورا ً ،وغير معروفا ً ،والأنكى لا اهتمام بأبناء هؤلاء النازحين من النوبيين الحاليين متمثلا ً في عرفان وتقدير ،مشفوعا ً – عمليا ً -بتحقيق بعض من آمال الذين ذهبوا ،وبعض من آمال آبائهم الذين في معاناة حتى اليوم من ج ِّراء مواصلة التجاهل، وعدم الوفاء والتقدير لهجرة أبناء جزء عزيز من أرض مصر ،ومجتمع مصر ِّي عريق ،يُعرف في كل أنحاء العالم قديمه وحديثه بإسم \"النوبة\" أرضا ً ،ومجتمعا ً؛ فما من دراسة عن الحضارات أو عن الأنهار إلا وذكرت النوبة .فهل من مذكر؟ هذا الكتاب ومؤلفه أضافا إلينا ما يذكرنا ولا ينسينا أجدادنا وأرضنا النوبية الغريقة ،حيث \" الأمان المطلق \" الكتاب يمضي من خلال سيرة ذاتية للمؤلف متتبعا ً حياة أجداده وأعمامه وأخواله ،وعماته ،وخالاته، وأبناءهم وبناتهم ،ورفاق صباه منهم ومنه ِّن راصداً وبدق ٍة شديدة مظاهر الحياة النوبية العملية ليس على سبيل الحصر ،في البيع والشراء أقصد نظام المقايضة حيث لم تكن العملة وسيلة بيعية أو شرائية مطلقا ً، وأيضا ً راصدا ً العلاقات الإجتماعية في المناسبات مثل الزواج ،والإنفصال فلم يكن الطلاق معروفا ً ولا دافع إليه مهما احتدت الأمور ،وما كانت ،وكيف تحتد 123
والجميع أهل وأقارب وأبناء عمومة أو خئولة! وكذلك يرصد أيام المرض والأوبئة ومصائب الموت أوالفراق للسفر والنزوح للشمال للعمل وتوسعة باب الرزق ....الخ ،وكيف يكون التضامن والتكافل في أكمل وأجمل صوره بين أهل القرية إذا اعترى شخصا منها مصيبة من المصائب المقدرة من نقص في الأموال أو الأنفس أو بهيمة الأنعام ،مرورا ً بالأعياد والمناسبات الدينية كعيد الفطر وعيد الأضحي المبارك ،وحيث ملاهي ،والملاهي هنا لا تعن ِّي الملاهي المعروفة الآن لكن ساحات اللهو ودروب اللعب المتاحة في أفنية وأحواش البيوت ومداخلها ومخارجها مع ألعاب الأطفال البسيطة من جري واختفاء وألعاب البنات أيضا ً البسيطة والمعروفة ،وإن اختفت اليوم لكن الكاتب يرصدها ويع ِّرفنا بها ،ويرصد احتفاء الكبار من الرجال والنساء بهذه المناسبات في صور الزيارات المتبادلة بين الأهل أو التجمعات التي يتجمع فيها أهل القرية على المصاطب التي أمام الدورفي ديوانتها أو مع كبراء ومشايخ القرية المعروفين لأهلها ،والولائم المصاحبة وصور التجمعات العائلية ،وما يصاحبها من تكافل مجتمع ِّي حيث لا غن ِّي ولا فقير ولا يتيم ولا أرمل أو عاجز يشعر بشئ من النقص أو الإحتياج ،أيضا ً يحدثنا عن أسلوب ف ِّض الخلافات والإختلافات البشرية العادية التي يت ِّولاها حكماء وشيوخ وكبار القرية في التحكيم حتى يتم إعادة روح التسامح بين الفرقاء بقبول 124
واستقبال حس ُن ،ولا ينسي أن يحدثنا في تفصيل جميل عن الزواج من لحظة ترشيح العروس للعريس وفي العادة هما إما أبناء أو بنات أعمام أو خالات وأخذ الموافقة من أسرتها ،وما يتبع ذلك من خطوات حتى تكتمل الزيجة بأفراح وزينات ،بعد تجهيزات بيت الزوجية في بساطة ويسر وأسلوب وخطوات معروفة متفق عليها .يرصد المؤرخ كثير من العادات والتقاليد النوبية بوقائعها التفصليلية الدقيقة التي يعرفها وعاش وشارك في بعضها عندما َك ُبر يحدثنا عن الأكلات والمشروبات النوبية التي لا زالت معروفة ومتداولة في الأسر النوبية حتى بعد التهجير وتغاير البيئة والسكن في العمارات والأبراج في مدن التهجير الجديدة كالقاهرة والأسكندرية والإسماعيلية وهي أكثر المدن التي سكنها النوبيون بعد التهجير الأخير ويتتبع المؤرخ كفاح النوبيين النازحين إلى الشمال الذين سكنوا واتخذوا من القاهرة والإسكندرية دار إقامة مؤقتة حتى صارت دائمة ،يتتبع رحلة كفاحهم في إيجاد المسكن وتوفير فرص العمل لأقرانهم الذين يجيئون بعدهم تشدهم ،وتزعق عليهم الن ِّداهة لتوسعة فرص الرزق على الأهل في قراهم التي اضطروا بعد هجرتهم الأخيرة إلى أرض جرداء بلا ماء أو خدمات أو نخيل وبيوت اعتادوا سكناها والتعايش معها بوسائل بدائية 125
كانت تغنيهم عن محنة وعذابات السفر ،لكن الأبناء النازحون بخلاف توسعة الرزق ،وجدوا في التعليم بهذه المدن -وهو مكان ينقصهم -وجدوا فيه فرصة لتغيير نمط الحياة المعتادة في قراهم فأقبلوا على التعليم والأعمال الغير معروفة لهم في قراهم ووجدوا أيضا ً عادات وتقاليد غير مألوفة لهم اضطروا إلى التسلح بها في هذه الغربة والمجتمعات الجديدة التي يلزمها تسلح وعتاد حتى يحققوا بعضا من النجاحات وقدراتهم وطاقاتهم الكامنة فحقق الكثير منهم العديد من النجاحات والتفوق في كل المجالات ،بل انطلق الشباب النوبي لخلق تجمعات نوبية جديدة متميزة في العالم العربي، بل وصلت هذه التجمعات لأوروبا وأمريكا لتؤكد أن النوبي إبن وسليل حضارة نوبية كادت تغرقها – وإن كانت أَغرقت جزءاً منها – أيادي بشرية أَفلحت في أنها \"قلعت\" ولم تفلح للآن ،في أن تزرع أو تعيد ما قلعته مؤرخنا النوبي وكتابه \"النوبة الغريقة ...حياة الأمان المطلق\" ير ِّدد صيحة أجداده من الأجداث ومن تحت الماء ،أن النوبة الغريقة كانت بلد وحياة الأمان المطلق في مصر ،وعلى الأحفاد الحاليين المصريين والنوبيين أن لا ينسوا أن جزءاً من أرضهم تحت ماء النيل مغمورا 126
أ كــر ُه ..مـد يـنـتـي بقلم فليحة حسن \" عراقية بالمهجر امريكا\" بداية نحن أمام عمل روائي متميز لكاتبة وقاصة تملك مفاتيح العمل الروائي وتمسك به بمقدرة عالية ،الرواية بعد أن تصل لنهايتها تجد أنها تكاد تكون مضغوطة بإحكام ،وإجادة فلا تشعر أبدا بإسهاب أخذ الكاتبة بعيدا ً عن أحداث موظفة بعناية في ترتيبها وصياغاتها ، وشخصياتها ،بل ورموزها تبدأ الرواية بلقطة بانورامية واسعة لتضعك مباشرة أمام بطل ِّي القصة وهما توأمين ُولدا يتيمين ملتصقين \"ذكر، وأنثى\" (لم تعطهما الكاتبة أسماء واكتفت لهما بهذين الأسمين) .ماتت أمهما ساعة ولادتهما فكفلتهما الجدة العجوز وهي تو ِّدع إمهما لمثواها الأخير ،عانت الجدة العجوز الفقيرة فهي لا عائل لها ولا أقارب فقدت إبنها الوحيد في رحى الحرب ولها مجرد جارة وصديقة وفرت لها المساعدة في تربية الطفلين وساعدتها في كتم سر هذين الملتصقين من أول لحظة ،هي تقيم في دكان 127
يوفر لها مايغنيها عن السؤال ،والدكان من بابه الداخلي يقود إلى مكان السكني والإعاشة لتوأمين ملتصقين قدر لهما بهذا الإلتصاق الأبدي من لحظة ولادتهما أن يسجنا فيه ،خشت عليهما الجدة من \"فرجة الناس عليهما\" فكانت هي -وهي وحدها -تملك وسائل الإدراك والمعرفة بكل ما يحيط بهما فلم يريا إنساناً ،ولا سماءا ً، ولا أرضا ً ،أو طيرا ً ،أو حيوانا ً .مبلغ علمهما بهذه الأشياء ما يرد في حكايات قبل النوم أو ما تستدعي الحاجة التعريف ببعض هذه الأشياء في وقتها. ونمضي مع الكاتبة والعجوز والملتصقين رحلتهما عبر مراحل وأحداث تدشن لمعاناة \"المعيشة والتربية لتوأمين ملتصقين\" منذ ميلادهما وهما يعبرا مراحل الصبا والبلوغ ومحاولة الإدراك والتفكير بعد أن وصلا حد الرشد ،وكان أول خطيئة معرفية هي عصيان الجدة و \"الصعود\" إلى السطح ليفاجأ أن هناك سماءاً تعلوهما غير السقف ،إن بالسماء سحب ،ونجوم ،وأيضا ً توجد مخلوقات أخرى مثل الحمام والفئران ،وبشر غير جدتهما وغير صديقة جدتهما \"العلوية\" التي تعلم سرهما وأدركا مشاعر جديدة مثل الخوف ،والحزن والألم، والغضب ،والتوسل والرجاء ،وأيضا ً الفضول اللازم لتحصيل المعرفة وأشياء أخرى كانت أقصى وأقسى مما قد يحتمله عقل عاش \"سجينا ً \" بالتصاق جسدي مؤبد ،وداخل غرفة لا يدخلها ضوء النهار أو أشعة شمسه ،غرفة مضاءة بالأنوار الصناعية دائما ً،غرفة 128
لا تعرف سوى تجدد الهواء من طاقة ولا شئ غيرها، ولا يسمع فيها إلا صوت الجدة ،وصوت المبتاعين منها والحركة القريبة من الدكان ،هذا هو عالم التوأمين، حتى أضافا لهما متعة \"كبرى\" وهي محاولة رصد الأصوات في الشارع ومحاولة رسم الأشخاص وفق ماعلق بالذاكرة تمضي الرواية تجسد المعاناة الفكرية والجسدية للثلاثة وتقدم الجدة – لأول مرة – على تنفيذ فكرة لم تخطر لها على بال أوحت بها إليها صديقتها (لماذا لا تفسحي المجال للتوأمين أن يكونا لهما حياتهما الخاصة \"فتأخذ مطرقة ومسماراً طويلا قويا وتفتح بهما طاقة صغيرة ليطل بها التوأمان على الحياة دون أن يراهما أحد في محاولة ليكون لكل منهما عالمه الإدراكي والمعرفي الخاص لكل منهما على حدى ويتحررا من أحد الأسرين أسر الإالتصاق أو أسر السجن وراء القضبان خشية \"فرجة\" الناس أجادت الكاتبة صحبتها وصحبتنا مع الثلاثة الذين ُكت َب عليهما \"الحبس الإنفرادي\" بخيار قدري صنعته الكاتبة محاكيا \"حبساً \" تفرضه علينا آليات العولمة ،فأصبح لكل منا فتحة خاصة يطل بها على العالم وهو يظن أنه بات حرا ً في كثير من الخيارات 129
مقدمة خبيئة الذكريات وهيبه محمد سكر \"يقول وليم وولفريز \" إن اشكال السرد كلها ،والشعر ايضاً ،أشكا ٍل مسكونة بـ \"أخر\"ما ،و بـ \"ماض\" ما ، و بـ \"غري ٍب\" ما ،و بـ \"غائب\" ما ،و\" ٌمفتق ٍد\"ما ،وبـ \"توتر\" ما ،وبـ \"إضطراب\" ما ،و بـ \"حل ٍم\" ما ،وبـ \"رغب ٍة\" ما ،في عودة ذلك \"الآخر\" ،ال ٌمفتقد الغائب ، وربما فى عدم عودته \" . الغرابة المفهوم و تجلياته فى الأدب تأليف :د .شاكر عبد الحميد إن كل هذه الأشكال مسكونةً فى هذا العمل الأدبى فنح ُن أمام روايةً ذات خصوصي ٍة شديدة ،بإسلوب سرد ِّى ذا أبعا ٍد ُمتعددة ؛ تتناول فيها الكاتبة قصة الحب والعشق ال ُمعتادة علي لسان الحبيبة العاشقة ؛ فهذه الحببية العاشقة تمتد يدها إلى \" خبيئة الذكريات \" و تتناول منها ذكريات قصة الحب في ُحز ٍن وشجن ،تقلب اوراق الذكريات ال ُمفعمة بالأحداث والمشاعر عبر سنوا ٍت عاشت فيها ح ٌب وعش ٌق إلتهبت فيها المشاعر والرغبات عبر مسافات البعاد وجحيم عقبات الإزاحة والمنع والرفض من جانبها او جانب الآخرين؛ 130
بالإضافة إلى الكبرياء والتردد والخجل ال ُمتبادل منها تار ٍة ومن الحبيب تار ٍة أخرى ،حتى يتم بنجا ٍح العبور إلى الحبيب والإلتقاء به بترتيبا ٍت قدرية حسمت سنوات البعاد ودفقات امواج سنين من الأشواق والأحلام والرغبات و الآمال قد يكون هذا ُمعتاداً في قصص الحب والعشق التى نقرأها وتزخ ُر بتنوع الأحداث و زخمها ،ولما كان الفن عام ٍة وأدب الرواية والقصة بصفة خاصة َيكم ٌن الإبداع فيهما إلى تقنية ال ُمبدع فى إسلوبه و \" تسكين \" ما أشار إليه وليم وولفريز فى سياق العمل الأدبى من خلال تقنية سر ٍد تمتلئ بهذا الحشد من الأشخاص او المشاعر علي أتنووععنهاا وصحردتجذهابودللوقاررهائ\"والهديونايمقيفكُزىع\"ل فيىرإشحادقاةثالإيكقلامعةٍ ودقتها فى التعبير دون إسرا ٍف أو إختزا ٍل لتنتقل المشاعر بصدقها وقوتها وجمالها إليه كأنما يُلام ُس حرارتها و دفئها بيديه ويرى الأحداث رؤية العين ، ويسم ُع نبرة الكلمات هامس ٍة حانية أو زاعق ٍة ُمحتدة الكاتبة أزاحت الغطا ُء عما هو معلو ٍم ومخفى و مدفون من مشاعر المرأة \" الأنثى \" بإسلوب اُنثوى إرتقت فيه الكلمات والجمل بل وفقرا ٍت عديدة عبر الرواية إلى أهم جماليات القصيدة كالحرفية فى إختياردقة الكلمة فى التعبير ،وصدق وحرارة مشاعر الحب على إختلافها و تباينها المعروف 131
لكن الحرفية الأكبر فى الرواية هى قدرة الكاتبة و نجاحها فى لُغتها أو إسلوبها السردى الثرى الزاخر بأشكال متـنوعة تسك ُن موضعُها فى قصة حب تبدو عادية لكنها بالتأكيد غير عادية فهى من \" خبيئة ذكريات \" غير عادية . 132
الـسـيـرة ا لـذ ا تـيـة الأسم :سيد جمعه سيد عبده تاريخ الميلاد 1946 / 03/11 :م جهة الميلاد والإقامة :القاهرة /مصر المؤهل الدراسي :هندسة إتصالات العمل :متقاعد ( .مدير عام سابق بالمصرية للإتصالات ) الإتصالات السعودية /الدمام 1996 – 1982 ( - ا لإ هــتــمــا مــامات دراسات حرة في النقد و التذوق الفني والأدبي -1كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان كتابة الشعر والقصة القصيرة -2 -3الأدب ( شعر ،قصة ،رواية ،مسرح ،تراجم فلسفة ،نقد ) كتابين في النقد \" قراءات نقدية فى إبداعات عربية & تاملات فكرية فى إبداعات عربية\" 133
-4إصدارات شعرية دواويين مجمعة : \"قولي تاني & روح الحب & عاشق يا نهر الغنا \"& بكا العصافير ومن الإصدارت تحت الطبع \"ربما \" ! ...ديوان شعري خاص\" كتابة مقدمات لأعمال أدبية وشعرية ،منها -5 * امثال شعبية مختارة من الشارع والحارة لـ د / .محمد الطواب & بيمارستان الروح \"للكاتب والمؤلف د / . إيهاب محمد زايد\" & حارس الوجع ديوان شعر لـ محمد منصور سليم & غرام الجارديان ديوان الشاعرة .جهاد نوار ...وغير ذلك *عضو مؤسس في المركز الإبداعي للفنون والثقافة ، *وعضو في لجنة النقاد بها & ومشرف عام علي الإصدارت كالمجلة الدورية والدواوين الشعرية التي يصدرها المركز *كتابة اكثر من 150قراءاة نقدية فى 12من اعداد.. \" موسوعة عن الخط العربي ،والفن التشكيلي \" *عضو مؤسس والرئيس التنفيذي لصالون \" محسن منصور للفكر والإبداع 134
*عضو مؤسس في جمعية الفنانيين التشكيلين والمصورين الدولية عضو في التجمع الدولي برئاسة الفنان التشكيلي العالمي د .خالد نصار \" فنانون بلا حدود * عضو في عديد من اللجان الثقافية بالجمعيات النوبية وغير النوبية المصرية* * *المشاركة في عديد من النشاطات الثقافية وإفتتاح المعارض التشكيلية و مناقشات وحفلات توقيع الإصدارات للشعراء وال ُكتاب ،والمشاركة في الأمسيات والندوات الشعرية *الكتابة و النشر في عديد من المجلات والصحف **والإصدارات الثقافية الورقية والإليكترونية 135
136
فهرس الإهــــــــــداء 3 ................................................... شــــكــر و تــقــد يــر 4 .......................................... إهداء خاص 5 .................................................... تـقـــــد يـم 6 ...................................................... د /محمد هادي الط ّواب11 ....................................... د /سليمان عوض 24 ........................................... عبد السادة جبار ( العراق ) 32 ................................. هبة بنداري 38 ................................................... علي حسن 44 .................................................... محمد إبراهيم عبد العاطي 48 ................................... هادي الم ّياح ( العراق) 55 ...................................... فوزي وهبة59 ................................................... ابراهيم الديب 63 ................................................. أحمد عبد العاطي نور73 ........................................ صلاح شعير 77 .................................................. د /كريم ُصبح (العراق ) 83 .................................... سعاد الزامك 88 .................................................. طارق فريد95 .................................................... هبة البنداري 102 ............................................... حفصة عبدالله ريس،د /نيفان إبراهيم عبده...واخرين105 ... شيماء بيستكي (الكويت) 111 .................................. عبد الكريم الساعدي (العراق) 117 ............................ 137
يحيي صابر 121 ................................................. فليحة حسن\" عراقية بالمهجر امريكا\" 127 .................. وهيبه محمد سكر 130 .......................................... الـسـيـرة الـذاتـيـة 133 .......................................... 138
139
عادل امين طباعة 140
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142