لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مجلــــــــــــــــة مجلـــــــــــة لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا بالمجلس الأعلى للثقافة مجلة فصلية متخصصة تُعنى بقضايا الفكر والثقافة العدد (2021 )2 سكرتير التحرير أ.د .أسامة إسماعيل حسن عبد الباري هيئة التحرير أ.د .علياء علي شكري أ.د .إجلال إسماعيل محرم حلمي أ.د .وفاء محمد أحمد إبراهيم أ.د .الصاوي الصاوي أحمد عبد الرحيم أ.د .حسين علي حسن أ.د .إيمان يوسف البسطويسي 2
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مجلــــــــــــــــة المجلس الأعلى للثقافة الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة أ.د .هشام عزمي مقرر لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا أ.د .مصطفى حسن محمد النشار رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية د .غادة طوسون مدير عام إدارة الشعب واللجان الثقافية أ .وائل حسين مدير ادارة التحرير والنشر أ .آمال سليمان مراجعة لغوية محمد عصام تجهيز وإشراف فني علي الشيخ سكرتير فني فاطمة السيد عيد الأفكار التي تتضمنها إصدا ارت المجلس الأعلى للثقافة هي اجتهادات أصحابها ،ولا تعبر بالضرورة عن أري المجلس. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حقوق النشر محفوظة للمجلس الأعلى للثقافة شارع الجبلاية بالأوب ار -الجزيرة -القاهرة ت 27352396:فاكس 27358084 : EL Gabalaya St. Opera House, El Gezira, Cairo www.scc.gov.eg 3
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مجلــــــــــــــــة المحتويات •الفنون والآداب والهوية الثقافية في عصر العولمة أ.د /أحمد مجدي حجازي5 .................................................................. •المعوقات الثقافية للفكر وللنهضة العربية المعاصرة أ.د /مصطفى النشار12 ..................................................................... •مدخل العلوم البينية والابتكار في بحوث الإعلام أ.د /علي عبد ال ارزق جلبي23 .............................................................. •المنظومة الأممية والمساواة بين الجنسين :الجهود والتحديات اليونسكو نموذ ًجا أ.د /شادية علي قناوي 35 ................................................................. •نحو رؤية استش ارفية لمستقبل علم الاجتماع في الوطن العربي أ.د /محمد ياسر الخواجة45 ................................................................. •العقاد ..و«هذه الشجرة» أ.د /حسين علي53 .......................................................................... •الإعلام الجديد بين حرية ال أري والمسئولية الاجتماعية أ.د/سهير عبد السلام 58 .................................................................. •“الإسلاموبيسيزم” “د ارسة سوسيولوجية نحو رؤية نظرية حديثة لمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا” د .نهال الدف اروي 63 ........................................................................ •أسطورة الأوب ار ..ماريا كالاس د .ارنيا يحيى 97 .......................................................................... •بيان بالأنشطة الثقافية التى تنظمها وحدة الأمانة العامة للمجلس الأعلى للثقافة99 ...... 4
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مجلــــــــــــــــة الفنون والآداب والهوية الثقافية في عصر العولمة أحمد مجدي حجازي مدخل أولي منذ إقحام العولمة في عالمنا المعاصر ،تدور المناقشات ويتبارى الباحثون في شئون المجتمع حول مأزق الأصالة والمعاصرة ،مركزين على إشكالية الهوية الثقافية للشعوب ،وخاصة في الجزء الجنوبي من “القرية الكونية” وما أفرزته من مصطلحات حديثة مثل “جي ارن في عالم واحد” ،و”ليب ارلية جديدة” و”ثقافة موحدة” ،وجماعات تتواصل بلا حواجز أو قيود؛ لذا بات الحديث الأهم عن الهوية والخصوصية في علاقتهما التي تتسم بالتناقض بفعل إف ار ازت العولمة بآلياتها الاقتصادية والسياسية والمالية والاجتماعية والثقافية؛ في التالي: حيث بات من المؤكد أن العولمة أضحت أمًار واق ًعا يتطلب الد ارسة العقلانية والبحث المتعمق الذي • ضمان الاستم اررية التاريخية للأمة. يتعلق بسؤال مصيري هو ما مستقبل الهوية الثقافية • تحقق درجة متقدمة من التوازن والتجانس بين في ظل عولمة تمكنت من تهديد خصوصية الت ارث البشري والحضاري بنسب متفاوتة في كل دول العالم السكان في مختلف جهات الوطن الواحد. دون استثناء؟ أو بعبارة أخرى ما موقف الأمم التي تواجه الاخت ارق الثقافي الكاسح المؤثر سلًبا على • تحافظ على مكانة وصورة الأمة أمام الأمم مقومات وركائز الهوية الثقافية ،وما يصحب ذلك الأخري ،وذلك من خلال الحفاظ علي الكيان المميز من انتقال للقيم الاجتماعية ،وتشويه للثقافة المحلية، وطمس للعادات والتقاليد والأع ارف ،والتخلص من لتلك الأمة. اللغة الوطنية ،وقتل اللهجات المحلية؟ وكيف يمكن حماية الهوية الثقافية من الذوبان والتلاشي التي أولاً :اعتبا ارت أساسية في تحليل العولمة الثقافية: تتعرض لهما؟ على الرغم من شيوع تداول مصطلح العولمة بين ولا جدال في أن وجود المجتمعات تاريخًّيا المثقفين في العالم ،إلا أن ما يحيط به من غموض وجغ ارفًّيا مرهوٌن – بالمقام الأول – بوجودها الثقافي يكاد هو المعبر عن السجالات التي تدور حوله، والحضاري الذي يميز شعًبا من الشعوب ،والتي فبرغم زخم الكتابات والتحليلات حول الظاهرة وآليات تمده بمنظومة القيم الاجتماعية الداعمة للهوية ،تلك تطبيقها في الواقع الفعلي ،إلا أنه من الصعوبة بمكان الهوية التي تحقق جملة من الوظايف نذكر أهمها تحديد كل جوانب العولمة كعملية لها أبعاد ومجالات متشابكة ولا تقتصر على مجال واحد وإن كان في الغالب اقتصادي الهدف لذا تغيب أحياًنا المجالات الأخرى خاصة الثقافية منها. وفيما يلي نقدم بعض الاعتبا ارت التي تلقي 5
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مع متغي ارت العصر ،تتغير وفًقا لتلك المتغي ارت ،إذن مجلــــــــــــــــة فالهوية هي أحد مكونات الشخصية الوطنية عندما تتأثر يتأثر كذلك حامل روح الهوية فيفقد ت ارثة الثقافي الضوء على الظاهرة وتحليل أبعادها وتأثي ارتها على وتفقد الأمة مكانتها الحضارية بين الأمم ،فلا مكان مجمل الحياة الاجتماعية المعاصرة: لمن فقد هويته في ظل عولمة لا تعترف إلا بإنسان - 1لا ي ازل الجدل قائ ًما حول مفهوم العولمة «كوني» لا يعترف بالوطن. وآليات ممارستها ،ولعل اختلاف الباحثين حولها يتعلق إلى حد كبير بقضية الهوية الثقافية ،فالعولمة - 6من يحلل خطاب العولمة يجد اختفاء كلمة تتجاوز الحدود ولا تقر بالوطن وهو ما يؤثر سلًبا على استقلال أو كلمة وطني أو عبارة تقرير المصير، الأمم التي يتعرض المواطن فيها للذوبان والتهميش وحلت محلها مصطلحات عولمية ومفردات مكرسة وتكون النتيجة فقدانه للانتماء والولاء جغ ارفًّيا وتاريخًّيا لوصف وتدعيم ثقافة موحدة لصالح السوق المعولم ولشرح قواعده الملزمة لكافة دول القرية الكوكبية وقيمًّيا وثقافًّيا. الجديدة والنظام العالمي المفروض ،ولمديح م ازياه، - 2يكاد يتفق معظم الباحثين على أن العولمة وكيفة الاندماج فيه والخضوع لميثاقه. في ثوبها الجديد هي الوليد الشرعي للشركات متعددة الجنسيات ،تلك التي استطاعت السيطرة على معظم -7تمكن صانعوا العولمة من بلورة «ثقافة أج ازء الكوكب في كافة المجالات دون أن تنتمي إلى افت ارضية عولمية» بملامح خاصة تسهم في احتكار التقنية والإنتاج الإعلامي على النطاق العالمي وهو وطن محدد أو دولة معينة. ما شكل نمط محدد من الوعي الثقافي المغلوط وفرض نماذج وفلسفات غربية التوجهات من خلال -3غياب الصفة الوطنية عن هذة الشركات ،لا إنتاج وتوزيع واستهلاك المواد الإعلانية .وهنا لعبت يجعلها مل ًكا للبشرية جمعاء ،إنها ملك الأغنياء؛ حيث الشركات متعددة الجنسيات أدواًار مؤثرة تمكنت من تخترق بأنشططها المتنوعة عش ارت البلدان وتنتج في السيطرة على أدوات التقنية الحديثة بهدف تغيير عش ارت البلدان الأخرى مصنعات وفق نظام الإنتاج اتجاهات الأف ارد سواء داخل المجتمع الغربي ذاته، أو خارجه ،وكان التأثير الأكبر من نصيب الش ارئح عن بعد .»»noitcudorP eleT الشعبية في داخل المجتمعات التقليدية التي استدعت - 4في ظل العولمة يختفي دور المصمم ليحل التغلغل والاخت ارق الثقافي الغربي الموجه. محله مروج السلعة ومسوقها ،تلك السلع التي تنتجها الشركات متعددة القوميات وفق نظام الإنتاج عن بعد، - 8ت ارجع دور العملية الثقافية في المجتمعات والتي تلعب فيها وسائل الإعلام ووسائل التواصل التقليدية والنامية ،فقد بات واض ًحا أن الاخت ارق الاجتماعي الأدوار المحورية في تشكيل طموحات الفكري يعمل بصورة متطورة على تهديد منظومة القيم الأصيلة ويشكل نمط من خلال ازدواجية الثقافية التي استهلاكية للمعارف وللثقافة المعولمة. تجتمع فيها تناقضات الأصالة والمعاصرة ،مما يؤدي -5يجب أن نتنبه إلى أن الهوية هي صفات وأحاسيس وشعور ونمط حياة ،هي في كل شيء ،في الملبس والمأكل والموسيقي والفن والثقافة ،في الحرية والمقاومة والصمود ،إنها نمط معيشي متكامل يتفاعل 6
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة الطبيعية ،إلا أن العولمة كعملية لا تعترف بالتكافؤ مجلــــــــــــــــة بين الثقافات ،فمن أهدافها خلق حالة من عدم التوازن بين الشعوب ،بل إنها تعمل من أجل التفرد والتفوق إلى تغيير ملامح الثقافات الوطنية وتذويب عناصر الغربي والثقافة هي أحد أهم آلياتها؛ لذا نتفق مع ما مكوناتها في ثقافة عولمية موحدة. توصل إليه المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه من أن موجات نقل مظاهر التحديث بثقافتها الاحتكارية يمكن - 9وعلى الرغم من كل ما سبق من آليات أن تحيي النزعات السلفية التي تحاول الدفاع عن عولمية استطاعت الهيمنة علي عقول البشر وتغيير الهويات الضائعة أو التي بسبيلها إلى الضياع بسبب اتجاهاتهم إلا أنها آليات «لتوحيد مصطنع للعالم» آليات العولمة الساعية إلى تحديث آلياتها الثقافية كما يقول جان زيجلر؛ حيث برزت النزعات القومية وتقنيتها الإعلامية المتطورة .والدليل على ذلك تنتزع والتيا ارت السلفية كرد فعل لعملية العولمة الثقافية عولمة التحديث شرعية الفكر السلفي وُيعطي لرواد ودفا ًعا عن انتماء ديني ناتج عن صناعة فكرية التنوير مكانة في صدر المسرح الاجتماعي ،وهذا ما لا يقبله الت ارث الفكري التقليدي لعوامل ثقافية ودينية بتوجهات كوكبية ممنهجة ضد إنسانية البشر. لها القوة والشرعية في هذه المجتمعات ،كل هذا يؤدي -10توظيف العلم للاخت ارق الثقافي والهيمنة على إلى التفكك والازدواجية وضياع الهوية. الثقافات التقليدية بهدف طمس هوية الشعوب بات الهدف الرئيس للعولمة الثقافية ،ومن أجل تحقيق وربما يكون السؤال المثار والأهم هنا يتمثل في: الهدف تعددت آليات السيطرة ك ًّما وكيًفا بين ثقافة ما موقفنا من العولمة وتحدياتها الثقافية؟ وكيف قومية وأخرى .ولا شك أن المتابع للب ارمج التي تبثها نتعامل في المستقبل مع مأزق العولمة؟ وهل يمكن الإذاعات المختلفة ،حتى العربية منها ،يلاحظ بوضوح التمسك بالهوية في ظل تقنيات تسارع الزمن في إظهار تفوق الثقافة والحضارة الغربية ،وتغلغل قيم التطور والتحكم والسيطرة؟ وهل يمكن أن نقف أمام الليب ارلية الجديدة داخل المؤسسات الوطنية ذات الصلة بالثقافة ،مناهج الد ارسة في مؤسسات التعليم الترويج الكاسح للخطاب الثقافي للليب ارلية الجديدة؟ المختلفة وفي م اركز البحث العلمي ،بالإضافة إلى ما تقدمه المؤسسات ال أرسمالية ،كلها تصب في إطار ثانًيا:عولمة الثقافة وحضارة السوق :توصيف ترسيخ تفوق الغربي على ما عداه من الجنسيات علاقة العولمة بالهوية الأخرى. عّلنا نشترك مع مارتن ولف في التساؤل الشائع: هل العولمة هي عملية غسيل حقيقية للأدمغة؟ وهنا وعلى الرغم من الشعا ارت المعلنة عن العولمة، نتسائل أي ًضا هل نحن مستعدون للمواجهة؟ وكيف؟ التي تدعي توحيد العالم ونشر ثقافة عالمية موحدة في إن توصيف الحالة يشير إلى أن الخوف من القرية الكونية ،فإن البحث المدقق في إشكالية العلاقة العولمة يرجع – في المقام الأول – إلى محاولة بين العولمة والهوية الوطنية يكاد بالدليل يدحض إثبات الذات الوطنية لدى حاملي الهوية ،خاصة من الشعا ارت المغلوطة لصانعي العولمة ،ونستطيع أن نؤكد – بالشواهد الواقعية – أن التبادل الثقافي 7 يصبح وارًدا بحق في حالة التكافؤ بين الثقافتين ،وأن الاحتكاك الفكري أمٌر محمود بين الشعوب في حالته
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مع حضارة السوق العالمي من موقع التكافؤ. مجلــــــــــــــــة • تداخل متعاظم عبر الحدود القومية لشئون الثقافة لدى شعوبنا التي ذاقت م اررة التدخلات الخارجية السياسية؛ حيث أصبحت العولمة تعبر عن نمط حياتي لفت ارت تاريخية طويلة ومؤثرة ،وربما تكون العلاقة معين شاع الاعتقاد بأنه النموذج الأمثل ،بل وتبنيه بين الكوني والمحلي ،بين العام والخاص في مجال كفلسفة ورؤية للحياة والكون .ومن شروط هذه الفلسفة إنتاج القيم الرمزية تمثل المشكلة الكبرى؛ حيث تأكد التخلي عما يسمى بالخصوصية ،فمسألة الخصوصية لنا أن الثقافة أصبحت – على غير طبيعتها – تنهل هذه نادًار ما تثار بسبب طول عهدنا باكتساح هذا أسباب وجودها وشخصيتها من مصادر فوق وطنية النمط لحياتنا ،وبسبب استخدامها لمختلف وسائل آتية من خارج حدود الوطن كنتاج حتمي لاخت ارق الترغيب والترهيب السياسي والسيكولوجي لتصدير ما عقول البشر وطمس الثقافات المحلية وعدم قدرة تلك الثقافات الاحتفاظ باستقلاليتها النسبية إ ازء النظام هو خاص على إنه إنساني وعام. العولمي المهيمن. • تنميط مت ازيد للسلوك البشري في اتجاه ثقافة معممة أو ما يسمي بـ «ثقافة الأمركة» لذا ُيطلق ورغم اختلاف العلماء حول دور العولمة في عليها ثقافة الهامبورجر وثقافة الكوكاكولا والأكلات طمس الثقافات الوطنية؛ فإن هناك حذًار شديًدا عند السريعة والدلفري وثقافة الجينز ،وهو ما جعل جلال التعامل معها ،فقد أدى تشكيل النظام العالمي الجديد أمين في كتابه «العولمة والدولة» يتساءل« :كيف – وفي جوهره العولمة – إلى نتائج وتحديات أكثرها يكون موقفنا لو أدركنا بأن هذا الذي تجري عولمته ثقافية ،فقد لوحظ أنها غيرت من طابع الشخصية ليس إلا سل ًعا وخدمات بعينها ذات طبيعة وخصائص القومية ،أو ما ُيطلق عليه أريك فروم طابع الشخصية معينة ،أفرزتها ثقافة بعينها ،وإنه ليس هناك أي الت ازم قانوني أو ديني أو خلقي أو فني يجبرنا علي قبول المجتمعية. هذه السلع والخدمات والثقافة بالذات؟ وللتوضيح يمكن حصر تجليات العولمة في: إذن نحن نستهلك ثقافة وافدة وتلعب وسائل الإعلام • الانحسار التدريجي لسلطة الدولة مما أدى إلى دوًار مؤثًار في الترويج لتسويقها؛ حيث أصبح تصدير فقدان الثقة في مصداقيتها في عقول مواطنيها. تقنية الكلمة والصورة الإعلانية أكثر قدرة على جذب الكثرة من المشاهدين ،وبهذا المعنى أصبحت الثقافة • أصبح تعظيم الفائض الاقتصادي يتم على سلعة (ظاهرة تسليع الثقافة) شأنها شأن السلع المادية الصعيد العالمي وهنا تغيرت موازين القوي بحيث الأخرى ودخلت مجال المنافسة غير المتكافئة، أصبحت الشركات متعددة الجنسية متحكمة عن فالدول التي تمتلك تقنية معرفية واتصالية ثقافية أكبر بعد في بناء ودعم قوي محلية تفرض ثقافتها وفًقا هي الفائزة في مجال التسويق السلعي في السوق العالمي؛ ولأن عدم التكافؤ بين الدول مسألة واردة، لمصالحها وتغلغلها في أج ازء العالم ككل. • انخ ارط معظم البلدان الساعية نحو التنمية إلى النظام المعولم مع ملاحظة عدم قدرة هذه البلدان علي تحقيق قدرة إنتاجية وطنية تمكنها من التعامل 8
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة عليها الذوبان فيها رغ ًما عنها. مجلــــــــــــــــة • أو تدخل في ص ارع معها ،وتعمل علي تنظيم بل واقع لا مفر منه يصبح التثاقف أو التبادل الثقافي مناهضتها بحكم التناقض الحاصل بينهما. بين الشعوب ضرًبا من الخيال. ففي كل الحالات تتعرض مقومات الهوية إلى ما وواقع الأمر فإن عولمة الإعلام والاتصال تمثل ُيعرف بعولمة التنميط الثقافي لصالح سيطرة أرس تهديًدا للتعددية الثقافية وطم ًسا للهويات الوطنية المال الموجه من قبل الشركات عابرة القوميات التي للشعوب وقد ساعد على ذلك حالة الثقافة في بعض يتناقض وجودها مع الأنماط التي تجسدها الهويات المجتمعات الأقل تطوًار؛ حيث تعاني معظمها من ازواجية نتيجة احتكاكها مع الثقافة الغربية بتقنياتها المحلية من خلال مقومات أساسية هي: وعلومها وقيمها الحضارية .بالإضافة إلى التمايز الواضخ بين ثقافة النخب وثقافة الجماهير ،والنتيجة -1اللغة الوطنية واللهجات المحلية المرتبطة بوجود الطبيعية استم ارر إعادة هيكلة الاقتصاد في هذه شعب ما وتطوره ومصيره. الدول بما يخدم المؤسسات الكبرى عابرة القوميات. -2القيم الاجتماعية والدينية والوطنية التي تكونت ثالًثا :تحديات العولمة الثقافية وأساليب المواجهة عبر العصور والتي تُكسب الشعب حامل الهوية حصانة تحول دون ذوبانه في ثقافات أخرى وتؤهلة 1ـ تحديات العولمة الثقافية لمقاومة كل محاولات طمس الهوية. لما كانت الهوية – كما يشير صادق جلال العظم (نقلاً عن محمد حنفي في د ارسته بعنوان الهوية -3العادات والتقاليد والأع ارف النابعة من تلك القيم والعولمة) – تمثل كل المقومات المجسدة للخصوصية (الإرث الثقافي). المحلية التي يمكن أن: -4التاريخ النضالي الذي ينسجه الشعب حامل الهوية من أجل المحافظة على هويته أر ًضا وقي ًما •تندرج في إطار العولمة بحكم التبعية والخضوع لتعليمات المؤسسات المالية الاحتكارية الدولية، وعادات وتقاليد وأع ارف. كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ،التي تملي على البلدان التابعة سياساتها -5تفاعل الهوية مع ما هو إقليمي وقومي وعالمي، فالهوية لا تبقي منعزلة عما يجري من أحداث في بأبعادها الاقتصادية والسياسية والاقتصادية. العالم. •أو أن تكون جزًءا منها بحكم الاندماج الكلي أو الذوبان في النظام ال أرسمالي العالمي والارتباط وتب ًعا لذلك تتأثر الهوية بالعولمة حيث تتعرض المقومات الأساسية للت ارجع أو للتهديد من ثقافات المطلق بمؤسساته واعتبار المصير واحد. وافدة ،وقد تحل عادات وقيم متناقضة محل قيم أصيلة إيجابية ،كما قد يتعرض التاريخ النضالي • أو تقع فريسة لها ،فتحتويها العولمة وتعرض للشعب حامل الهوية للتشويه الممنهج ،وبناء على 9
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة كافة دول العالم. مجلــــــــــــــــة -7الترويج لقيم وثقافات وسلوكيات قادرة علي تفاعل الهوية مع منظومة القيم الخاصة بالعولمة هدم الهوية وفرض حالة التبعية على الثقافة العربية يمكن أن تضعف اللغة المحلية وتت ارجع إلى الخلف، وهو ما يضعف من ثقافة المجتمع ويفقده حضارته الإسلامية من خلال التذويب الثقافي. كأهم مقومات وجوده. -2مواجهة تحديات العولمة وحماية الهوية: ويمكن حصر أهم تحديات العولمة الثقافية في لحماية الهوية من الذوبان الناتج عن آليات العولمة التالي: المعاصرة لا بد من اعتبار مقومات الهوية متكاملة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية -1التبادل اللا متكافئ بين العناصر الثقافية، فهي تجسيد لكل المقومات؛ لذلك ننطلق في مواجهة إذ يكون التبادل أحاد َّي الاتجاه مما يخلق مشكلة تلك التحديات من رؤية كلية نعرض لها فيما يلي: الخصوصية في ظل شمولية الاتصال. -1دعم الاقتصاد الوطني وتحريرة من «الحاجة» أي من التبعية ،ورفع القدرة الإنتاجية واعتماد اختيا ارت -2الغزو الثقافي الناتج عن عدم القدرة على مواجهة الثقافة الغازية؛ آلية العولمة في تغيير اقتصادية نقيضة للاقتصاد ال أرسمالي العالمي. العقول ،وبسبب الجمود أمام المتغي ارت العالمية الأمر الذي ينمي الشعور بالتهميش والاستلاب من الثقافة -2تطوير اللغة الوطنية وجعلها ترقي إلى مستوى الأصلية والذوبان في ثقافات الغير وفقدان الهوية استيعاب مستجدات العلوم والآداب والتكنولوجيا الوطنية والقومية. المتقدمة في مختلف المجالات. -3دعم التبعية الثقافية من خلال الاعتماد على -3العمل على ترسيخ القيم الإيجابية في ممارسة الثقافات الوافدة في إنتاج وتطوير الثقافة الأصيلة مما الشعب حامل الهوية ومحاربة القيم السلبية التي لم يخلق حالة من التشويه بسبب عدم التكافؤ. تعد تتناسب مع م ارحل التطور في العالم. -4محو الشخصية القومية باستخدام تكنولوجيا -4الاهتمام بتنقية الت ارث الثقافي وتجديد الفكر الإعلام فالهيمنة الإعلامية تُستخدم كوسيلة للسيطرة والاهتمام بالبحث العلمي كأساس لمواجة مشكلات على عقول البشر ،وقد تصل إلى تشويه في الهوية الواقع. القومية والتشكيك فيها. -5استحضار التاريخ النضالي للشعب حامل -5إثارة الشبهات حول الهوية العربية والإسلامية. الهوية في الب ارمج الد ارسية ،وفي وسائل الإعلام المختلفة وخاصة تلك الأكثر استهلا ًكا وعلى نطاق -6الترويج لثقافة العولمة والتركيز علي نشر الثقافة الغربية وجعلها النمط النموذجي الأوحد وتعميمة علي 10
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة خلال تطويع الثقافة الجديدة مع الثقافة الأصلية حتى مجلــــــــــــــــة تصبح مزي ًجا من الأصالة والمعاصرة. أوسع كالقنوات الفضائية وشبكة الإنترنت. الخلاصة - 6توظيف مختلف الوسائل المتوفرة على ما يجري الآن في عالمنا المعاصر محاولات كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لطمس الروح الوطنية والقضاء على خصائص والثقاقية من أجل الحفاظ على الشخصية القومية الشعوب تحت شعار «جي ارن في عالم واحد» ومن الوطنية ودعم الانتماء للوطن وتجنب طمس الهوية خلال تطوير آليات العولمة ليصل صانعوها إلى آلية وأهم تلك المؤسسات :المؤسسات الاقتصادية الوطنية، ثقافية تخترق عقول البشر تمكنهم من التحكم في والب ارمج الد ارسية المختلفة ،وم اركز البحث العلمي، مقد ارت الشعوب والأمم ،وفي هذا الإطار تبدلت قيم والمؤسسات الإعلامية والمنظمات الجماهيرية اجتماعية وتشوهت ثقافات محلية ،و ُطمست عادات ومختلف الهيئات ،والأح ازب السياسية ومنظمات وتقاليد وأع ارف وضعفت لغات أو تشوهت وهو ما المجتمع المدني ،والنقابات والجمعيات الثقافية أسهم في ضعف هوية بعض الشعوب ،تلك الهوية التي تُعد حائط الصد ضد محاولات التهميش والقضاء الوطنية. على الدافع الأساسي لمقاومة ما يستهدف كيان حاملي الهوية .ومن هنا كان لا بد من مواجهة تلك -7ويتبقى الدور الأساسي للدولة التي يجب عليها التحديات والحفاظ على الخصائص المميزة للشعوب. – انطلاًقا من وطنيتها – توفير الشروط الموضوعية لحماية الهوية .بدعم الديمق ارطية وتحرير أبناء الشعب نحن – إذن – في حاجة إلى التجديد من داخل من الحاجة ،ومن الخوف ،وتحقيق الك ارمة الإنسانية الت ارث وليس من خارجه ،في حاجة إلى تفكيكه وإعادة له ،فذلك من ركائز الأمن الإنساني namuH تشييدة على أسس عصرية ،في حاجة إلى تجديد الخطاب الثقافي والديني ،وعلينا الاستعانة بتجارب ytiruceSالداعم للهوية والانتماء والولاء للوطن. الأمم الأخرى التي حافظت على ت ارثها وضمنت له -8العمل على الم ازوجة بين الأصاله والمعاصرة، أسباب الحياة والاستم اررية. بين الحداثة والت ارث الشعبي. -9إيجاد رؤية وتصور للعالم علي أنه مجموعة واحدة تتبادل المنافع دون إسقاط الخصوصية التي تميز كل جماعة بموروثها الثقافي. - 10رفض العزلة والهيمنة في الوقت ذاته ،من 11
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مجلــــــــــــــــة المعوقات الثقافية للفكر وللنهضة العربية المعاصرة د .مصطفى النشار أستاذ الفلسفة بكلية الآداب – جامعة القاهرة إن قضية التقدم الحضاري للأمة لا ت ازل هى الشغل الشاغل للمفكرين العرب ولا ت ازل هي القضية المحورية لكل إنسان عربي مهموم بكل ما فى الواقع العربي من تشتت وتشرذم وص ارعات لا تنتهي فى الوقت الذي يعاني فيه الكثير من مواطنى المنطقة من الشرور الثلاثة :الفقر والجهل والمرضوالحقيقة أن هذه الشرور الثلاثة تمثل فى اعتقادي العل َل القريبة لكل مظاهر التخلف والجمود الحضاري الذي نعاني منه!! التي من شأنها تحقيق القفزة النهضوية المنشودة. بينما تبرز العلل البعيدة لهذا التخلف إذا ما أدركنا أنه من المسلم به أن الأمم لا تتقدم إلا بخطط تنموية وفى اعتقادي أن هذه الأوهام ترتد فى النهاية إلى واضحة وبإ اردة مجتمعية وسياسية مصممة على أربعة؛ هى وهم الاعتقاد فى التفوق المطلق للحضارة إنجاز هذه الخطط على أرض الواقع ،ومن المعروف الغربية ،ووهم التنمية والتقدم بالصورة التى يفهمها أن أي خطط تنموية لا بد أن تكون متوافقة مع الغرب ،ووهم الاعتقاد بأن الديموق ارطية هى النظام إمكانيات الأمة وقد ارت أبنائها ،ومن ثم فأي خطط تنموية ناجحة ينبغي أن تكون مستقلة ونابعة من السياسي الأمثل ،ووهم الأصالة والمعاصرة. معطيات الواقع وليس عبر التقليد واستي ارد الخب ارت -1وهم تفوق الحضارة الغربية (وهم المعجزة الأجنبية. الغربية) يعيش العرب وه ًما كبيًار حينما يتصورون – تحت ومن وعينا بهذه المسلمات ،نكتشف لماذا تقدم تأثير المؤرخ الغربي دائ ًما – أن الغرب هو صان ُع الآخرون وتخلفنا نحن؛ حيث يعانى الفكر العربى العلم و ارئد الفكر والتطور الحضاري؛ فالإنسان في المعاصر منذ صدمة اللقاء الحضارى الحديث بين الغربيين والعرب منذ الحملة الفرنسية على مصر فى الغرب هو صانع العلم مفهوًما ومنطًقا على يد فلاسفة نهاية القرن الثامن عشر ،من الكثير من الأوهام التى وعلماء اليونان قدي ًما ،كما أنه هو صانع مفهومه علقت بالذهنية العربية منذ هذا التاريخ ،وكم حدثت الحديث ومناهجه الحديثة أي ًضا على يد فلاسفته محاولات للتخلص من هذه الأوهام ،لكن الذى حدث وعلمائه المحدثين منذ كوبرنيقوس وكبلر ونيوتن من ولا ي ازل هو تغلغل هذه الأوهام ورسوخها عا ًما بعد العلماء ،ومنذ فرنسيس بيكون وديكارت وجون لوك عام وحقبة بعد أخرى فى العقلية العربية ،ومن ثم وجون استيوارت مل من الفلاسفة إلى آخر سلسلة أصبحت حالة واقعة فى الفكر العربى المعاصر تعوق العلماء والفلاسفة من ذوي الاهتمام بمناهج البحث استقلالية المفكر العربي في كل المجالات وتحد من قدرته على الإبداع وابتكار الحلول لمشكلاتنا التنموية العلمي وفلسفة العلوم .والحقيقة التي لا م ارء فيها أن ما فعله الغربيون قدي ًما أنهم أخذوا المنج ازت العلمية 12
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة في ميادين عديدة كميدان اخت ارع الطباعة واستخدام مجلــــــــــــــــة الثروات المعدنية واستخدام القوى المائية والمكتشفات والفكرية القديمة من الحضا ارت الشرقية السابقة على المتصلة بها ..إلخ من جانب آخر2. اليونان وأضافوا عليها وخلصوها مما علق بها من شمولية وحس ديني صوفي ليجعلوها أكثر تجريًدا، إذن حينما نتحدث عن التطو ارت العلمية التي وهذا شأن أية حضارة تتأثر وتضيف من روحها أنجزها الغربيون المحدثون ،ينبغي ألا ننبهر بها الإبداعية الجديد؛ لقد أخذ اليونانيون كل ما أبدعه ونتصور أنهم صانعوها وحدهم؛ لأن الحقيقة أنهم الشرقيون في حضا ارت الشرق الكبرى من علوم غلب ورثوا كل الت اركم العلمي الذي أنجزته كل الحضا ارت عليها الطابع العملي وطوروها وبدأوا تسجيلها في السابقة وركزوا من خلال مناهج مستحدثة في البحث مؤلفاتهم فنسبوا العلم والفلسفة إليهم فكأنهم صانعوها العلمي على تطويره وتحويله إلى مخترعات مفيدة من عدم .وليس أبعد عن الحقيقة من ذلك الوهم لحياة الإنسان ورفاهيته في العصر الحاضر ..ولا الكبير الذي لا ي ازلون يخدعوننا به :أنهم هم أصل ينبغي أن ننسى أبًدا أن هذا التقدم ونواتجه الحالية العلم والفلسفة! بينما الواقع أنهم نقلوهما من الشرق دائ ًما هي صناعة بشرية عامة اشترك فيها كل البشر، ومن ثم فهو إرث إنساني عام ليس من حق الغربيين القديم وخاصة من مصر وبابل والهند القديمة( ). الآن احتكاره أو الُبخل بنواتجه عن الآخرين تحت ستار دعاوى قانونية واهية مثل حق الملكية الفكرية كما فعلوا نفس الشيء في مطلع ما يسمى بعصر النهضة الغربي؛ فقد بدأوها من الحصول وب ارءات الاخت ارع!! على إنجا ازت الحضارة العربية الإسلامية العلمية ممزوجة بالإنجا ازت العلمية لحضا ارت الشرق أما بالنسبة للعلوم الإنسانية والاجتماعية فلا مجال الأخرى – وخاصة الحضارة الصينية – في كافة للحديث عن التفوق الغربي فيها؛ لأن المفروض أن المجالات وسرعان ما نسبوها إلى أنفسهم في معظم مناهج وموضوعات هذه العلوم إنما ترتبط بواقع ينبغي الأحيان باستثناءات قليلة اعترف فيها بعض العلماء أخذه في الاعتبار حين د ارسة أية ظاهرة إنسانية والمفكرين الغربيين بما تأثروا به علوم وفلسفات أو اجتماعية .ومن ثم فعلماء الاقتصاد والاجتماع الشرق .والخلاصة أن ما حققه الغربيون من نهضة والسياسة فضلاً عن علماء النفس ينبغي أن تنبثق حديثة بدأت أي ًضا من إنجا ازت الحضا ارت السابقة مناهج د ارستهم ومحتواها من الوقائع المشاهدة عليهم والتي كانت صانعة التقدم في ذلك الزمان. والظواهر المستجدة في مجتمعاتهم هم وليس في ومن ثم فإن عصر النهضة الغربية – وكذلك العصر المجتمعات الغربية؛ إذ إن التخلف الذي يمكن أن الحديث – بما فيهما من تقدم علمي تجريبي تقني تعاني منه هذه العلوم إنما سيرجع ليس إلى مدى تقليد إنما استلهمت أسسه وقواه الدافعة ونظرياته الأساسية مثيلاتها في المجتمعات الغربية ،بل بمدى م ارعاتها – على حد تعبير جاروري – من الحضارة العربية لحقيقة الوقائع المحلية التي ينبغي أن تكون هي مجال د ارستهم .وإذا استدعى الأمر الاستفادة من الإسلامية من جانب .1ومنج ازت الحضارة الصينية ( )2انظر :نفسه ،ص 111وما بعدها ( )1انظر روجيه جاردوي :حوار الحضارات ،ترجمة د. 13 عادل العوا ،دار عويدات ببيروت ،ط1986 ،3م ،ص96
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة – أن هذا التقدم التقني والاقتصاد ال أرسمالي والحرية مجلــــــــــــــــة الاقتصادية والفردانية في قيادة هذا التقدم بما يحققه ال أرسماليون ومؤسساتهم الخاصة لا يمكن اللحاق منهجيات مثيلاتها لدى الغربيين ،فإن هذه الاستفادة به لا على مستوى الدول ولا على مستوى الأف ارد ينبغي أن تكون في أضَيق الحدود؛ فالمشكلات التي والمؤسسات الخاصة .وبالطبع فإن قياس التقدم من تعاني المجتمعات العربية والإسلامية منها ليست هي المنظور المادي البحت هو سبب الإق ارر بالتخلف نفسها التي تعاني منها دول الغرب! ومن ثم ينبغي أن العربي على اعتبار أن الفجوة كبيرة بين متوسط دخل يركز علماؤنا في إبداعاتهم وفي د ارساتهم على إبداع الفرد في البلاد المسماة بالمتقدمة ودخله في البلاد المناهج والآليات التي تتوافق مع طبيعة الظواهر المسماة متخلفة أو باصطلاح مهذب النامية ،فبينما المحلية موضوع الد ارسة للتوصل إلى حلول تناسبها يبلغ متوسط دخل الفرد في البلاد العربية (عامي وهي بلا شك لن تكون الحلول المستوردة من نواتج 3791 ،27م مثلاً) 924دولاًار .يبلغ متوسط دخل الفرد في أمريكا أكثر من ستة آلاف دولار ويقترب الد ارسات الغربية! من الأربعة آلاف دولار في أوربا الغربية .وبالطبع فإن تسارع وتيرة التقدم في هذا المجال في البلاد والحقيقة التي أود أن أؤكد عليها هنا هي أن علماء الغربية كبير وهو بلا شك أكبر من مثيله لدى الدول النفس والاقتصاد والاجتماع والسياسة من العرب الأخرى .فكأننا هنا أمام رجلين أحدهما يملك ربع ما والمسلمين قد تخاذلوا كثيًار حينما وقعوا تحت تأثير وهم يملكه الآخر من المال ،فلا بد في الظروف الطبيعية التفوق الغربي في هذه العلوم وأخذوا بنظريات علماء أن يكون ربح الأغنى مالاً أكثر من ربح الأقل مالاً الغرب وحللوا من خلالها واقع مجتمعاتهم ونفسية بكثير .فإذا مضت عدة سنوات فلا ريب أن الأفقر بين أف ارد شعوبهم والأنماط الاقتصادية لهذه الشعوب التي الاثنين على الرغم من ت ازيد ثروته مع الأيام ،سيرى أن صاحبه الآخر قد ازداد ث ارء وغنى وتضاعفت ثروته ظنوا أنهم مثلوها ونظروا لواقعها!! وتضاعفت الفروق بينهما .إن القضية التي تشير إليها هذه الملاحظة ليس ما فيها من صحة وصدق إن التخلص من وهم المعجزة الغربية في مجالات فحسب ،بل القضية – فيما يقول حافظ المجالي– 3 العلوم المختلفة إنما ينبع من الإيمان بأن العلم – في هي ما فيها من إيلام للمواطن العربي وتمزيق لقلبه مختلف فروعه – إرٌث بشري شارك في صنعه كل وملئه بالحس ارت على نفسه وعلى حاله المتردي من البشر وكل العلماء في مختلف الحضا ارت البشرية عبر تطورها الطويل ،والإيمان في ذات الوقت بأن التخلف وفقدان الأمل. استنبات التكنولوجيا والتقدم العلمي داخل كل مجتمع إنما ينبغي أن يتم بآليات وعقليات ت ارعي ظروف هذا والأمر في اعتقادي ليس على هذا النحو ،فليست المجتمع ومشكلاته الخاصة في كل مجالات الحياة. التنمية والتقدم بالمعيار المادي الغربي هي المقياس - 2وهم التنمية والتقدم على الطريقة الغربية 3حافظ المجالي :بين التخلف والحضارة ،منشورات اتحاد الكتاب العرب ،دمشق 1978م ،ص. 21-20 أما الوهم الثانى الذى نعيشه بالفعل ،فهو أن التنمية 14 والتقدم لا يكونان إلا بحسب النموذج المادى الغربى؛ فلقد وقر في ذهنية الإنسان العربي أي ًضا – منذ محاولات الصحوة الجديدة في مواجهة التقدم الغربي
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة و ارءها الإنسان الغربي ذاته ،فهو الذي استعمر هذه مجلــــــــــــــــة البلاد ونهب ثرواتها وعمد إلى تفتيت وحدتها وإزكاء الص ارعات بين قبائلها وزعمائها .ولم يتركها إلا بعد الوحيد للتقدم ،وليست المسألة مقصورة على ازدياد أن ربط اقتصادها باقتصاده ،ولم يزرع فيها أبًدا الأغنى غنى ،وازدياد الفقير فقًار ،وليست عموًما أية إمكانية للتنمية الذاتية المستقلة أو أية إمكانية بالمال الذي يملكه هذا أو ذاك من البشر أو من للنهوض الذاتي حيث بؤر الص ارع المشتعلة دائ ًما، الدول .وعلينا أن نتوقف لتأمل هاتين الملاحظتين وتضارب المصالح بين الناس على أشدهما دائ ًما. لنستنتج منهما المعنى الحقيقي للتنمية والتقدم وَم ْن ورغم الفقر والعوز يسعى كل فصيل للسيادة والسيطرة لعله يجد ما يسد به رمقه ويطفئ به شهوته ويحقق من الأمم الأرقى والأفضل!! به ك ارمة ازئفة أو سيادة خرقاء لا قيمة لها .إن أسوأ ما في الأمر هنا هو أن نرى أن المساعدة تأتي ممن الملاحظة الأولى تبدو في هذا الأسى والألم الذي كان السبب في كل ما تعانيه هذه الشعوب من فقر نشعر به جمي ًعا حينما نشاهد مناظر أولئك الأفارقة مدقع وص ارعات لا تنتهي! إن أسوأ ما في الأمر هنا الجوعى سواء كانوا عرًبا أو لم يكونوا ،وأجسادهم يبدو أن يتصور هؤلاء الغربيون أنهم إنما يقومون بواجب منها العظم وهنا وضعفا دلالة على الفقر المدقع وعدم إنساني عظيم يؤكد تحضرهم وتعاطفهم مع غيرهم وجود القوت الضروري لهؤلاء الناس! وكم نصيح من بني البشر! إنهم في الواقع يخدعون أنفسهم كما عندئذ قائلين :ألا يستحق هؤلاء العون حتى نحميهم يخدعون غيرهم ،فإنسانية الإنسان الغربي وهٌم كبير من هذا الجوع وهذا العطش ،وكم ننبهر بهذا الإنسان ..فليس إنساًنا من َحَرم غيَره ُسب َل العيش المستقل الغربي الرقيق الذي أتى بمؤسساته الدولية مثل الهلال والتنمية الذاتية وحسن استغلال موارده ،ثم قدم إليه الأحمر والصليب الأحمر ووكالات الغوث الأخرى مساعدات ومن ًحا هى فى واقع الأمر تكئة للأخذ فيشملهم برعايته ويكسب ُوَّدهم بمعوناته! وكم نتعجب في ذلك الوقت من هؤلاء الجوعى والعطشى – وهم وللمزيد من الاستعباد. مع حالهم المتردي هذا – يتحاربون ولا يتوقفون عن قتال بعضهم البعض للسيطرة على هذه البلدة أو تلك، أما الملاحظة الثانية ،فتتعلق بأنه لدينا مفهومنا ونتساءل مندهشين :ألا يرحم هؤلاء الناس أنفسهم الخاص للتقدم والتنمية لا يقوم على التقدير المادى ويتوقفون عن هذا القتال! ألا يسمعون صوت العقل ومضاعفة الفروق المادية بين الأغنى والأفقر ،إن ويغلبون عواطف الأخوة والتشارك في الأزمة على الإنسان العربى المسلم لا ُيعنى كثيًار بمظاهر الث ارء الرغبة في السلطة والقفز على الحكم!! ألا ينبغي المادى؛ انظر إلى هؤلاء المسلمين الأوائل وهم لهؤلاء أن يو ِّجهوا ما لديهم من أموال إلى ش ارء السلع يفتحون بلدان العالم واحدة بعد أخرى ،وهى البلاد وحفر الآبار وز ارعة الأ ارضي بدلاً من توجيهها لش ارء التى كانت شديدة الث ارء ،فقد كانوا ينظرون إلى حدائقها الغناء وقصورها الفاخرة وتحفها النادرة نظرة السلاح والتقاتل الذي لا طائل من و ارئه! هامشية ،فلا ينبهرون بهذا أو ذاك من هذه المظاهر إنها حقيقة مغالطة كبرى حينما نظل على هذه 15 المشاعر المتضاربة إ ازء كل ذلك ،فالحقيقة أن و ارء كل هذه المظاهر المتناقضة التي ن ارها في أدغال الصومال وموزمبيق والسودان وأنجولا وغيرها،
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة إلى الولايات المتحدة ،وتبينا صدق ما قاله رجل الدولة مجلــــــــــــــــة الأمريكي هرمان :إن المعونة المقدمة إلى البلدان المتخلفة وسيلة ممتازة تتيح للبلدان الفقيرة أن تساعد ويظلون محافظين على سلوكهم الفطرى العادى مكتفين كعادتهم وكما عّلمهم الإسلام بما هو ضرورى البلدان الغنية4. من المأكل و المشرب ،إنهم لم يلتفتوا إلى هذا الث ارء الفاحش والاستمتاع به كما يفعل أثرياء العرب اليوم، إن علينا أن نفكر جيًدا في قناعات مفكر غربي ولم ينغمسوا فى ملذات الحياة على طريقة أعدائهم قدير مثل روجيه جارودي الذي عبر عنها في ثلاث كما يفعل العرب اليوم .إنهم باختصار لم يقلدوا سلوك أهل هذه البلاد بل على العكس أجبروهم على أن نقاط: يتخذوا منهم قدوة .إن التقدم الذى كانوا يؤمنون به هو التقدم بالمفهوم الإسلامى الذى يتمثل فى الحرص ( )1لقد تم تطور المجتمعات الاقتصادية الغربية على السلوك الحسن والقدوة الطيبة فى المعاملات، باقتطاع الموارد العالمية. الحرص على إقامة العدل ،لقد كانوا يؤمنون بدونية ( )2عندما أذاعت المجتمعات الغربية الصناعية الدنيا وتفاهة الإقبال على ملذاتها. أنموذجها حرمت بلدان العالم الثالث عن جادة نموه إن المفهوم الإسلامي للتنمية الذي كانوا يؤمنون الأصيل وفرقت شمل ثقافاته. به يتركز في تنمية الإنسان عقيدة وسلوًكا ،تنميته أخلاقًّيا ،وترقية ذوقه ورهافة حسه حينما يتعامل مع ( )3إن نمط التطور الذي تمارسه المجتمعات الآخرين ،إذ يكون صادًقا معهم في معاملاته ،وفًّيا الغربية الصناعية يقود البشرية إلى درب مسدود5. بعهوده ،كري ًما في أخلاقه ،حري ًصا على أن يعرف وإذا ما فكرنا جيًدا في هذه النقاط الثلاث لأدركنا مدى أكثر ويزود الآخرين بما توصل إليه من إبداعات صدق مقولته شديدة الأهمية بالنسبة لنا .إن السبيل علمية وفكرية بدون ادعاء أو م ّن ،بدون تعا ٍل أو الوحيد لاستقلال بلدان العالم الثالث استقلالاً حقيقًّيا تعصب .ذلك هو التقدم الحقيقي ،التقدم الكيفي الذي هي الانسحاب قدر المستطاع من آليات المنظومة يبدو في السلوك في كافة مجالات الحياة ،والحرص على إسعاد الآخرين بقدر الحرص على إسعاد الذات، ال أرسمالية العالمية6. لكن ليس عن طريق الاستغ ارق في الرخاء المادي، بل عن طريق الاعتدال في الحياة الدنيوية والحرص وفي اعتقادي أن التحلل من وهم التنمية والتقدم على اكتساب الثواب الأخروي الذي ُوِعد به المتقون بمعايير الغرب ال أرسمالي يبدأ من إد ارك هذه الحقيقة؛ إذ إن آليات المنظومة ال أرسمالية العالمية كلها تعمل في الإسلام. لصالح التنمية والتقدم والتفوق الغربي وليس لصالح الشعوب الأخرى بأي حال من الأحوال .ومن ثم وإذا ما أخذنا هاتين الملاحظتين في الاعتبار علينا أن نحرص على تنمية مواردنا المستقلة وإبداع لتفهمنا – على سبيل المثال – حقيقة وصدق ما الوسائل الكفيلة بصنع التقدم على الطريقة العربية قاله جوزيه دي كاسترو أن كل دولار تقدمه الولايات المتحدة إلى أمريكا اللاتينية يقابله ثلاثة دولا ارت تعود ()4نقلاً عن جارودي ،حوار الحضارات ،سبقت الإشارة إليه ،ص9 1 ( )5نفس المرجع السابق ،ص 92 ( )6نفسه ،ص. 91 16
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة واللذة عد إلى العقل والطبيعة ،عد إلى الاكتفاء بما هو مجلــــــــــــــــة طبيعي وضروري .وليكن العرب والمسلمون هم قادة هذا التوجه العالمي استناًدا على الرؤية الاقتصادية الإسلامية ،وليس مهما أن نمتلك الثروات الطائلة والتنموية الإسلامية نحو الاقتصاد الإنتاجي والتوزيع العادل للموارد والمنتجات ،الاقتصاد القائم على والأموال السائلة ،بل الأهم أن نمتلك ما يكفينا من الإشباع المعتدل للحاجات دون اللهاث و ارء إشباع الحاجات المادية والمزيد منها ،ذلك اللهاث نحو اللذة الغذاء والكساء وُسبل العيش الكريم دون الاعتماد والمزيد من اللذة التي تؤدي في النهاية إلى أن يفقد على المساعدات الغربية ودون الدخول في آليات الإنسان المعنى الجميل للحياة الهادئة التي تعتمد ال أرسمالية الجهنمية التي حولت العالم بالفعل إلى على كل ما هو طبيعي وتكتفي بما هو ضروري. ما أطلقوا عليه ال أرسمالية النفاثة التي لا مجال فيها -3وهم الديموق ارطية كنظام سياسي أمثل أما الوهم الثالث الذى وقر فى أذهاننا نتيجة الإلحاح الغربى، إلا لأحد احتمالين :إما أن تأكل أو تؤكل7 .ونحن فهو وهم أن الديموق ارطية هى النظام السياسى الأمثل؛ فلقد صّدع الغربيون رؤوسنا بنظام سياسي لا بديل بالطبع لا نريد أًّيا منهما ،بل نريد أن نخرج من له في نظرهم هو الديمق ارطية ،وكأنهم اخترعوا النظام الأمثل للحياة السياسية التي تقوم على المشاركة دائرتهما الجهنمية وتوعية العالم بالالتفاف حول وإبداء ال أري والتصويت الحر ،وصوروا لنا أن هذا هو الحل الوحيد والأمثل للدولة الفاضلة .والحقيقة أن نموذج اقتصادي جديد ي ارعي العدالة ويحفظ حقوق الديمق ارطية كأي نظام من النظم السياسية الأخرى لها ما لها من ممي ازت وعليها ما عليها من عيوب نبه الجميع ،جميع الدول وجميع العاملين ،وعدالة توزيع إليها الفلاسفة منذ أفلاطون وأرسطو وحتى صاحب الموارد وتوظيفها لخدمة الإنسان على هذه الأرض كتاب ديمق ارطية القلة. التي استخلفنا الله عليها .إن الاقتصاد والتنمية إن الديمق ارطية الحقة كانت الديمق ارطية الأثينية المباشرة ،أما تطو ارتها الحالية فهي لا تفي بتحقيق الحقيقيين يقومان على الاستغلال الأمثل للموارد أغ ارض الفرد من الدولة ،إذ إنه يعطي إ اردته لشخص أو لمجلس قد يعبر فقط عن مصالحه ومصالح الطبيعية التي حبانا الله بها ،وليأخذ ك ٌّل قدر حاجته أعضائه وإهمال مطالب من اختاره أو من اختاروهم. إن قيم الديمق ارطية الحقيقية تتمثل بصورة أرقى وقدر جهده وعمله ،وليتم التبادل بين الجميع لفوائض وأفضل فيما يعرف في الإسلام بالشورى؛ حيث يشاور الحاكم الرعية ثم يتخذ ق ارره ويتحمل مسئولياته إنتاجهم بعدالة في التسعير وعدالة في الاستغلال 17 لحقوق المنتج الحقيقي وهو العامل ،فضلاً عن م ارعاة المساواة والعدالة التي يتحقق بموجبها الرضا للجميع عاملين وأصحاب رؤوس أموال ،إن الاقتصاد الحقيقي هو الاقتصاد القائم على العمل والإنتاج واستغلال الموارد الطبيعية دون الإض ارر بالبيئة التي يحيا فيها الإنسان .وأن تكون الملكية فيه من خلال العمل والإنتاج وليس من خلال اللعب بالأموال وكنزها والاستثمار فيها! وكم حذر فلاسفة السياسة والاقتصاد منذ أرسطو وابن خلدون وحتى ماركس من الاقتصاد ال ازئف القائم على كنز الثروات والمتاجرة والمضاربة بها! يا أيها العالم الغربي المجنون بالثروة ( )7انظر :هاتربيتر مارتين وهارالد شومان :فخ العولمة، ترجمة د .عدنان دعبس ،سلسلة عالم المعرفة ( )438الكويت 1989م ،ص .36-27
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة كفلها الإسلام للإنسان .وهي التي اقتبسها واعتمدها مجلــــــــــــــــة الغربيون بعد طول عناء واعتبروها هي أساس الميثاق العالمي لحقوق الإنسان .ولكن ممارساتهم للأسف أمام الشعب بعد ذلك وآليات المحاسبة واضحة؛ إذ لا تكشف يوًما بعد يوم ،وعا ًما بعد عام أنهم لا يقرون طاعة في معصية ،وأن أعظم الجهاد كلمة حق في هذه الحقوق بشكلها الصحيح إلا للإنسان الغربي ،أما وجه السلطان الجائر الذي ينبغي عزله فور خروجه حينما يتعلق الأمر بأي إنسان من أية جنسية أخرى عن جادة الصواب .إن الديمق ارطية الغربية المعاصرة فالأمر يختلف؛ حيث يكون خطاب الحقوق نظ ّرًيا إنما هي في حقيقة الأمر ديمق ارطية النخبة التي تصنع أصنا ًما هي الأح ازب الكبرى وتكتفي بصناعة فقط دون أن يرى التطبيق عملًّيا9. زعيم لكل واحد منها وتسوق له وكأنه «المهدي المنتظر» ثم يظهر في النهاية أنه «الشر المستطير» والخلاصة ،إنه لا يوجد نظام الحكم الأمثل بصورة الذي يضيع ثروات شعبه ويهدر إمكانات دولته باسم مطلقة ،إنما النظام السياسي الأمثل دائ ًما هو ذلك الديمق ارطية وليس نموذج بوش أمريكا الصغير إلا الذي يتلائم مع البيئة السياسية القائمة ويلبي رغبات وطموحات شعب معين في حقبة زمنية معينة في أحد هذه الأمثلة. ضوء عقائد هذا الشعب وأخلاقياته بل وعاداته وتقاليده .إن لكل شعب ثقافته الخاصة ،وتجربته إن ثقافتنا العربية – على حد تعبير حامد ربيع – هي السياسية المتميزة عبر تاريخه ،وعليه أن يستثمر ذلك ثقافة الترقب وليس الخضوع أو المشاركة ،بمعنى أنها في تطوير نظامه السياسي دون تقليد أعمى للتجربة في ُبعدها السياسي التاريخي لم تكن ثقافة المشاركة الغربية التي قد تكون ملائمة فقط لأصحابها وتحقق فهي لم تعرف أساليب الممارسة المتعلقة بالتصويت أهدافهم وطموحاتهم .وعلى الغربيين في المقابل أن أو تفهمها ،ولكنها من جانب آخر لم تقبل لا الخضوع يكفوا عن فرض رؤيتهم السياسية والاقتصادية على ولا الانحناء ،حتى في قلب العصر العباسي الأول الشعوب والثقافات الأخرى التي قد تكون أعرق في نجد أن الخليفة المعتصم يخضع لل أري العام بصدد خب ارتها وجديرة بأن تصنع بنفسها ما تريده من نظام الموقف من خلق القرآن .أما الترقب فمعناه أن الجميع سياسي ونظام اقتصادي يكفل لها الاستق ارر ونموذج يقف من الحاكم موقف الانتظار ،فإن أساء وتخطى حدوًدا معينة في عدم احت ارم القواعد والتقاليد إذا به التقدم الذي تنشده. ينقلب من موقف عدم الاهتمام إلى موقف العنف. ولنا في قصة مقتل الخليفة الثالث للرسول عليه إن العلوم الاجتماعية والإنسانية ليست كالعلوم الطبيعية والرياضية تتمتع المبادئ والنظريات فيها السلام عثمان بن عفان الدليل على ذلك8. بثبات نسبي يكفله معايير واضحة لقياس صدق إذن يمكننا أن نطور نموذ ًجا عربًّيا إسلامًّيا للحكم النتائج .بل هي علوم تدرس ظواهر إنسانية تختلف يعتمد على أكبر قدر من المشاركة في صنع الق ارر واختيار الحاكم ومجلس للمحاسبة والم ارقبة وطريقة ( )9انظر تفاصيل ذلك في كتابنا :حقوق الإنسان المعاصر بين واضحة لتداول السلطة دون التضحية بالحقوق التي الخطاب النظري والواقع العملي ،الدار المصرية السعودية ( )8انظر :حامد ربيع ،الثقافة العربية بين الغزو الصهيوني بالقاهرة 2004م . وإدارة التكامل القومي ،دار الموقف العربي ،ص .47 18
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة قلناه سابًقا .وأعتقد أن الأهم كما أشار أنور عبد مجلــــــــــــــــة الملك فيها نقلناه عنه سابًقا هو الوصول إلى المجتمع القومي الموحد الذي يجمعهم ولا يفرقهم ،فهذا هو باختلاف البيئات والأمكنة والأزمنة ،وبمقدور الذي سيساعدهم في تحقيق التقدم المستقل وهو الذي الأف ارد فيها دائ ًما أن يعبروا عن إ اردتهم بحرية وأن سيكسبهم احت ارم العالم وتقديره .إن التبعية والتقليد يغيروا حسب الأحوال من آ ارئهم وقناعاتهم .وهم مرفوضان .وآن أوان العودة إلى هذا التوجه القومي بالتالي يمتلكون القدرة على تطوير حياتهم وفًقا العربي الذي تتوحد في ظله الإمكانيات وتتحقق من لظروفهم المتاحة واتساًقا مع إرثهم التاريخي والثقافي خلاله كل الأهداف التي يسعى إليا ويحلم بها كل والحضاري. عربي حقيقي. وقد صدق أنور عبد الملك حينما قال :إن بعض -4وهم «الأصالة والمعاصرة» إن لكل أمة – الدعوات السياسية التي تضع شعار العلمانية على تريد التقدم فى المستقبل – طريًقا يحدده فى البداية أرس أولوياتها ،وتعتبر ذلك مقياس التخلص من قادة الفكر فيها سواء كانوا من الفلاسفة أو العلماء الطائفية ،تقع – في معظم الأحيان – في فخ نفي أو حتى من الأدباء أصحاب الرؤى النقدية والنبؤات الت ارث والهرب المتخفي من شخصيتها الحضارية .. التى تستطلع المستقبل؛ لقد قدم بتاح حوتب وايبوور إن وضع المسألة ليس هو :العلمانية أم المجتمع واخناتون وأمينموبى فى بردياتهم أورجانون التقدم الديني ،وإنما هو بدقة :المجتمع الطائفي أم المجتمع (الأورجانون لفظة لاتينية تعنى الآلة أو الأداة) القومي الموحد؟! والمجتمع القومي الموحد يستطيع أن للأمة المصرية فى عهد الف ارعنة ،وقدم كونفشيوس يختار لنفسه النهج الديني أم النهج العلماني ..إلخ10. أورجانون التقدم للأمة الصينية منذ فجر تاريخها وربما حتى الآن ،وقد كانت الكتب المقدسة ولا ت ازل إن العرب في لحظة تاريخية فارقة؛ حيث صور تمثل أورجانون نهضة لمن آمنوا بها ،وإن كانت الأمة الضعف التي يعانون منها كثيرة ،ويجرى الآن محاولة الإسلامية قد تميزت بالقرآن الذى سيظل متحدًيا فرض كل ما ي اره الغرب صحي ًحا عليهم دون م ارعاة قد ارت البشر وسابًقا لتصو ارتهم ومله ًما لإبداعاتهم لاختلاف البشر والبيئة والعقيدة والتاريخ ..إلخ ،فإن ما بقيت الحياة على ظهر الأرض .فهو الكتاب لم يتنبهوا إلى أن خصوصيتهم تفرض عليهم سرعة المنزل الذى بدت معجزته فى تحديه للعقل الإنسانى اختيار التوجه الذي يتوافق معهم بيئ ًة وعقيدة وتاري ًخا ولقد ارته المبدعة عبر العصور ما مضى منها وما دون الالتفات إلى هذه المطرقة ثقيلة الوطأة عليهم، سيأتى! ومع أن المسلمين قد نجحوا فى استلهامه تلك المطرقة التي تحاول فرض كل ما هو غربي وبناء واحدة من أعظم الحضا ارت الإنسانية ،إلا أنهم على كل ما هو عربي .وقولبة كل ما هو عربي الآن أصبحوا عبًئا ثقيلاً على قرآنهم ودينهم بتخلفهم تب ًعا للأطر الغربية من شأنه أن يفقد العرب تميزهم الحضارى وتحجرهم الفكرى! والإسلام فى صحيحه التاريخي والثقافي والعقائدي ويمسخهم بلا رحمة .إن على العرب أن يختاروا لأنفسهم مستقبلهم السياسي ومصادره الأصلية بريء من كل ذلك. وصورة الحكم التي يرتضونها والتي تتوافق مع ما 19 ( )10د .أنور عبد الملك :ريح الشرق ،دار المستقبل العربي بالقاهرة 1983م ،ص30
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة الغربى لبلادنا العربية .والسؤال الحائر هو :كيف مجلــــــــــــــــة نواجه هذا التقدم الغربى؟! وكيف نستجيب لتحدياته ولقد استلهم الغربيون – فى بداية نهضتهم – صورة ونتغلب عليها؟! التقدم كما حققها المسلمون فى العلوم والفلسفة وفى السياسة والاقتصاد ،لكن هذا لم يمنعهم من أن وقد يقول القائل هنا :لقد استجبنا لهذه التحديات يكون لهم الأورجانون الخاص بهم؛ وقد تكفل بهذا ولدينا منذ ذلك التاريخ وحتى الآن عش ارت المشاريع «الأورجانون» الجديد لفرنسيس بيكون الذى قدم فيه الفكرية منذ كتابات رفاعة ارفع الطهطاوى وحتى المنهج الجديد للبحث العلمى بجانبيه السلبى النقدى الآن ،ولهذا القائل أقول :إن استجابة كل أصحاب لصورة الفكر فى عصره من خلال كشفه للأوهام المشاريع الفكرية الداعية إلى نهضة الأمة وإقالتها التى كانت تعوق النهضة العلمية المنشودة ،والجانب من عثرتها تلخصت وتحصنت فى ثلاث جبهات، الإيجابى الذى تمثل فى وضع خطوات محددة للبحث كل جبهة منها تقدم حلاً وتدافع عنه ،وكأننا فى العلمى تبدأ بالملاحظة وتنتهى بالوصول إلى القانون ساحة حرب فكرية كل جهة تتمترس حول أريها، العلمى المفسر للظاهرة موضوع الد ارسة ،كما شاركه وأخذت تطلق الانتقادات إلى الجبهتين الأخرتين؛ فى ذلك الاتجاه ديكارت بكتابه «مقال عن المنهج» فأصحاب الجبهة الأولى تمترسوا حول العودة إلى الذى قدم فيه المنهج الفلسفى الجديد الذى يبدأ بالشك الت ارث معتبرين أن العودة إلى آ ارء وحياة السلف وينتهى باليقين ،ولا يسلم فيه الإنسان بأية فكرة إلا الصالح هو الحل لمواجهة هذا التقدم الغربى واعتبروا إذا كانت واضحة بذاتها أمام عقله الواعى وبحيث لا أن «الإسلام هو الحل» ولكن بأية صورة وعلى أى تقبل الشك فيها ،وعبر هذه الأفكار المنهجية الجديدة شكل؟! لقد تفرقوا شي ًعا وبقى الشعار واحًدا وهو أن فى مجال العلم (الأورجانون الجديد) ،وفى مجال الإسلام بصورته النقية الأولى هو أساس المواجهة، الفلسفة (المقال عن المنهج) بدأ عصًار جديًدا فى بل هو أساس التقدم المعاصر كما كان أساس التقدم أوربا والغرب لا ي ازل يتجدد ويتطور عبر إبداعات فى الماضى .وتناسى هؤلاء أنهم ليسوا فى فهمهم العلماء والفلاسفة حتى الآن .إن أورجانونهم لم ينضب لصحيح الإسلام كالسلف الصالح ،وليسوا فى درجة معينه بعد؛ لأنهم يزودون منابعه بكل جديد ويطورون علمهم ولا فى درجة ج أرتهم ولا حتى فى أدنى درجة مصبه مستغلين كل قطرة إبداع فيه ،وعاقدين العزم من درجات وعيهم!! لقد تناسوا أن الإسلام ذاته – على ألا ُيقصروا فى تجديد الدماء فى ش اريينه حتى بعيًدا عن مبادئ العقيدة – قابل للتطور وحاض عليه فلسفًّيا وعلمًّيا واقتصادًّيا وسياسًّيا .فأين هم من هذا الرمق الأخير. التطور وهذه القابلية للتجديد والاجتهاد فى الإسلام ولعل السؤال الآن :إذا كان هذا حالهم الذى لم الصحيح؟! ولن يتوقف عن الإبداع والتطور ومداومة التحديث فى مغالبة وتحٍد جعل كل العالم يلهث و ارءهم! فما أما أصحاب الجبهة الثانية ،فقد اعتبروا أن الانسلاخ بالنا نحن! ألم يحن الوقت بعد لبزوغ فجر نهضة من العصر والعودة إلى الماضى والتمسك بالت ارث جديدة وحقيقية رغم أننا نحاول البحث عنها منذ أكثر إنما هو ضرب من الجنون؛ ولذا أروا ال أرى النقيض؛ من مائتى عام ،فمنذ الصدام الحضارى مع الغزو 20
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة العصر ونتفاعل مع آليات تقدمه فى الوقت الذى لا مجلــــــــــــــــة نضحى فيه بقيمنا الأصيلة وت ارثنا الديني العظيم. إذ وجدوا أن الحل هو فى الأخذ بكل أساليب العصر وقد تناسي هؤلاء كذلك أن في التوفيق يكمن التقدمية فى صورتها الغربية الحديثة وقطع الصلة التلفيق الذى تظل معه الإشكالية قائمة!! فالمسألة تما ًما بالت ارث .وتناسوا أن مجرد الأخذ بالأساليب ليست خانات ثلاث :خانة الت ارث وخانة العص ارنية الغربية والتشكل بمظاهرها الحضارية لن يكون أبًدا وبضمهما نخرج بالخانة الثالثة خانة التوفيق بين هو طريق التقدم ،فلكل أمة هوية لا بد من الحفاظ الأصالة والمعاصرة؛ إذ إن هذه الدعوة قد أكدت فى عليها وتطويرها بقبول الآخر وصور تقدمه ،وليس فى الواقع على الثنائية رغم أنها دعت لتجاوزها ،وتبنت الانخلاع عن الهوية الحضارية وتركها ميزة سنمتاز دعائم الص ارع بين أن أكون ت ارثًّيا محاف ًظا على هويتى بها ،بل ربما تكون عائًقا من عوائق التقدم لأن التقدم وبين أن أكون معاصًار أعيش قيم العصر؛ ففى قيم لا يصنعه بضعة أف ارد تشكلوا بزى ومناهج حياة وأخذ العصر ما يتعارض حت ًما مع قيم الت ارث ،وفى قيم نواتج علوم حضارة أخرى ،بل التقدم يصنعه الشعب الت ارث ما يرفض الكثير من قيم العصر ،والخلاصة العامل كما تصنعه الصفوة ،فضلاً عن أن من أرى أن الص ارع سيظل رغم الدعوة إلى التوفيق بين ثنائية هذا ال أرى القائل بالارتماء فى أحضان الحضارة الغربية وقطع العلائق بالت ارث بكل ما فيه إنما هم الأصالة والمعاصرة. نخبة لم تنجح فى التأثير على عموم الناس ومن ثم إذن فى اعتقادى ،لقد ضاعت هذه السنوات الطويلة بقيت رؤيتهم حبيسة كتبهم ومشاريعهم الفكرية. فى ص ارع فكرى بين أنصار هذه الجبهات الثلاث دون طائل ،وسقط مائتا عام من تاريخ الأمة الفكرى بينما أرت البقية الباقية من النخبة أن الص ارع بين والحياتى نتيجة هذه الإشكالية التى أ ارها مصطنعة الجبهتين لن يؤدى إلى نتيجة؛ حيث إن كليهما يدعو و ازئفة؛ إذ ما الداعى لهذه الثنائية المتطرفة للص ارع إلى حل غير واقعى وغير منطقى وغير عقلانى، بين السلفيين (دعاة الت ارث) والعص ارنيين (دعاة ومن ثم فقد أروا أن الحل العقلانى والمنطقى لهذه المعاصرة) ،وما الداعى كذلك لهذا التيار الثالث الذى الإشكالية هو فى التوفيق بين دعاة الأصالة (الت ارث) حاول التوفيق بينهما دون أن يدرك حقيقة جدلية وبين دعاة المعاصرة (الأخذ بالثقافة والعلوم الغربية)، الص ارع وتشبث كل جهة من جبهتيه بموقفها وعدم على أن يقوم هذا التوفيق على أساس أنه لا مانع يمنع من أن نأخذ من الت ارث الإسلامى كل ما يحض على رغبة أصحابها فى التزحزح عن هذا الموقف! العقل والعلم وصحيح الدين بالطبع ،وأن نقيم المقاربة على أساس ذلك مع حضارة العصر التى أساسها إن زيف هذا الص ارع الناتج عن هذه الإشكالية أي ًضا العقل والعلم .فلنأخذ إذن من ت ارثنا الدينى ما يبدو حينما يسأل كل منا نفسه أًّيا كانت الجبهة التى يتوافق مع قيم العصر ،ولنأخذ من قيم العصر ما لا يتمترس فيها :ألست من مواطنى هذا القرن وأعيش يتعارض مع هويتنا الدينية والحضارية .وتصوروا أن زمانه وأستخدم كل أدواته وآلياته أًّيا كان مصدرها، فى هذه الثنائية (ثنائية الأصالة والمعاصرة -الت ارث ثم ألست أنا ابنا لت ارث عربى -إسلامى مختلف والتجديد) الحل الأمثل ،إذ لا مانع يمنع من أن نعيش 21
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة ازئفة وأضاعت من عمر الأمة كل هذه السنوات، مجلــــــــــــــــة فماذا نحن فاعلون الآن لنتجاوز تحديات الحاضر ناظرين بثقة إلى المستقبل دون الالتفات إلى هذا عن الت ارث الغربى أحمل جيناته وتربيت على مبادئه التمترس التقليدى؟! أعقتد أننا بحاجة إلى ما يشبه وغرست فى ذاتى قيمه .إذن فأنا كشخص أحيا حياتى الأورجانون أى الآلة أو الأداة التى ترسم لنا خارطة المعاصرة حاملاً قيمى ومبادئ ت ارثي ولا داعى لإذكاء طريق للتفاعل مع تحديات الحاضر وإيجابياته، الص ارع بين جانبى هذه الحقيقة الجلية! فالمسألة إذن وتوجهنا إلى الكيفية التى نعمل بها لتحقيق المستقبل ليست هل أنا ميال إلى الت ارث أم ميال إلى المعاصرة الأفضل ،وهذه الخريطة تبدأ بلا شك من إد اركنا لزيف أو كيف يمكننى التوفيق بينهما؛ لأننى ببساطة أحمل هذه الإشكالية ومن ثم الخروج من شرنقة السؤال كيف هويتى وأعيش عصرى .ومن ثم عل َّي مواجهة كل لنا أن نكون معاصرين وفى ذات الوقت نحافظ على تحديات هذا العصر والمشاركة فيه والتفاعل مع هويتنا الحضارية المستقلة! ثم علينا بعدئذ العمل بكل كل تطو ارته ،ولا شك أن هذا التفاعل سيتم دون أن جدية للحاق بالعصر متسلحين بأدواته ،ومدركين أضحى بهويتى أو بعقيدتى لأن الهوية تجرى مجرى لمشكلاتنا الحقيقية ،والتماس كل السبل لإيجاد الحلول الدم فى عروق أى منت ٍم لحضارة مختلفة عن الحضارة المناسبة لها بما يتناسب مع قد ارتنا وإمكانياتنا ،وبما الغربية دون حاجة لأن يحمل اريتها ،ارف ًعا شعارها فى وجه العصر الذى يحياه والقيم الجديدة للتطور والتقدم لا يتعارض مع هويتنا الحضارية والثقافية والدينية. التى يتفاعل معها متلقًيا ومشارًكا! والسؤال الآن :إذا كانت تلك الإشكالية التى صنعها مفكرونا وتصارعوا حولها وأقحموها علينا وجعلونا نعيش فيها متمترسين خلف إحدى جبهاتها إشكالية 22
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مجلــــــــــــــــة مدخل العلوم البينية والابتكار في بحوث الإعلام أ.د /علي عبد ال ارزق جلبي أستاذ علم الاجتماع – كلية الآداب جامعة الإسكندرية مقدمة :لا شك أن الإبداع والابتكار في العلم يعد أسا ًسا جوهرًّيا لتطور المعرفة وتقدم العلم ذاته .ويمكن التمييز بين الإبداع والابتكار؛ حيث يشير الإبداع إلى توليد الفكرة ،ويمثل الابتكار مرحلة لاحقة تعمل على تنفيذ الفكرة في شكل إج ارءات أو ممارسات أو منتجات أفضل .وكانت مدرسة ف ارنكفورت قد أضافت مدخل العلوم البينية للفصل في أزمة العلوم الاجتماعية والإنسانية؛ بسبب انقسامها إلى علوم فرعية متخصصة؛ وذلك بهدف تطويرها وإضافة مناهج بحثية جديدة .العلوم ،أما مدخل العلوم البينية بمعنى تجاوز الحدود بينها ينصب على تطوير العلم وتجديد مناهجه تأسي ًسا على الاندماج المعرفي. وقد تم تقسيم البحث إلي مبحثين؛ الأول مدخل غير أن تاريخ العلوم شهد ظهور صيغ متباينة لهذا العلوم البينية بين التكامل والاندماج المعرفي والثاني المدخل اختلفت في أهدافها ،وحصروا مدخل العلوم البينية بمعنى العلوم المتعددة في حل المشكلات الابتكار في بحوث الإعلام. المجتمعية؛ استناًدا إلى التكامل المعرفي بين هذه ويحق لنا التساؤل في هذا السياق عن إمكان الإبداع المبحث الأول والابتكار في العلوم الاجتماعية والإنسانية عموًما، مدخل العلوم البينية بين التكامل والاندماج وفي بحوث الإعلام على وجه الخصوص وما أشكاله وصوره المحتملة وشروطه؟ وما إسهام مدخل العلوم المعرفي البينية والاندماج المعرفي في بحوث الإعلام؟ وإلي أي حد تعتبر البحوث النقدية في د ارسات الإعلام يدلل البحث في تاريخ العلوم وهي تشق طريقها نحو استقلالها عن الفلسفة ،على أن العلوم الطبيعية شر ًطا ضرو ًرّيا للابتكار والإبداع؟ كانت سباقة في هذا المجال ،وبعدها سارعت العلوم الاجتماعية والإنسانية إلى اللحاق بها في بداية القرن ولقد تطلبت الإجابة علي هذه التساؤلات ،الاستعانة بأساليب منهجية متعددة؛ في مقدمتها التحليل التاريخي الماضي. لمدخل العلوم البينية وتنوع أشكاله وتباين أهدافه، فضلاً عن الاستفادة من طريقة د ارسة الحالة لنموذج ولكن عندما اشتد الانفصال والانقسام بين العلوم البحوث النقدية في الإعلام عبر م ارحل تاريخية الاجتماعية والإنسانية ذاتها ،ووصل الأمر إلى انقسام مختلفة ومدارس فكرية متباينة ،كما استعان البحث كل علم منها إلى فروع علمية دقيقة ومتخصصة؛ بدأ أولاً وقبل كل شيء بمنهج إعادة التحليل في تفكيك البعض يتساءل عن منطق الفصل والانقسام بين وتركيب نتائج البحوث السابقة؛ بحثًا عن إجابات هذه العلوم ،وهل من المفيد الدفاع عن هذا الأمر؟ أو من الضروري العبور بين التخصصات والجمع مناسبة لتساؤلات البحث. بين فروع العلم؟ وخاصة العلوم التي ترتبط بالمجتمع 23
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة ودفعوا بمنهجية العلوم المتعدد ة �Multidiscipli مجلــــــــــــــــة ،naryواعتبار مدخل العلوم البينية وسيلة فعالة في المساعدة على حل المشكلات المجتمعية فقط، من ناحية ،وبين تلك التي ترتبط بالعلوم الطبيعة من واستندوا في ذلك إلى رؤية مفادها إن الجمع بين ناحية أخرى؟ وكيف يتم هذا الجمع؟ وما عائده؟ العلوم المتعددة يحقق نو ًعا من التكامل المعرفي Knowledge Integrationوتوفير معرفة حول وعندما تصدت مدرسة ف ارنكفورت في بداية المشكلة المدروسة من الجوانب كافة ،كفيلاً بإث ارء القرن ماضي لقضية تقسيم العلوم إلى تخصصات دقيقة ،ونقد العلم في مرحلة الحداثة ،ورصدت عدة فهم المشكلة موضوع البحث(.)6 مظاهر لأزمة العلوم الاجتماعية والإنسانية نتيجة لهذا التقسيم انتهت إلى ابتكار مدخل العلوم البينية ومع الجدل حول منهج العلوم البينية والمتعددة، Interdisciplinary Approach؛ على أمل تجاوز كشف تاريخ العلم عن تيار فكري ثالث ،كان تساؤله هذه الأزمة ،وتحقيق الفهم الشامل والكامل للظواهر هو :هل المهم ما يحققه المدخل من تكامل معرفي الاجتماعية؛ وبالتالي الإسهام في تحول وتغير العلم أو يتوقف الجديد في العلم والمنهج على الاندماج ليكون أكثر ارتبا ًطا وتماسًكا( ،)1والحق أن مدرسة المعرفي Knowledge Incorporation؟ وأيهما ف ارنكفورت كانت ترفض ما آل إليه الوضع في العلوم يسهم في إنتاج المعرفة والابتكار في النظم الفكرية؟ الاجتماعية وتشعبها إلى حقول متمايزة وتخصصات دقيقة ومستقلة عن بعضها( ،)2وقد أسهم كل من وكان عالم الاجتماع الأمريكي سيللز Sillsقد هوركهايمر وأدورنو Adornoفي الجدل الذي أوضح في بحثه عن تاريخ مصطلح العلوم البينية أدارته مدرسة ف ارنكفورت حول علم الاجتماع وأدى كيف أن هذا المصطلح قد ذكر لأول مرة في التقرير إلى انفصاله عن الاقتصاد والتاريخ وعلم النفس السنوي لمجلس بحوث علم الاجتماع (– 1929 والفلسفة( .)3وأكد أدورنو على أن نزعة الانقسام بين ،)1930ثم تحول المجلس في اتجاه تبني مدخل العلوم ترجع إلى أن علم الاجتماع بصورته الحالية العلوم البينية في بحوثه ،ولكن في عام 1937 ليس إلا تأليًفا من فروع علمية لا جامع بينها(.)4 عرض عالم الاجتماع لويس ويرث L.Wirthمن واقترح هوركهايمر أهمية تبنى مدخل العلوم البينية في جامعة شيكاغو -وبتكليف من هذا المجلس ذاته تناول موضوعات البحث وضرورة تحالف الفلاسفة -تقريًار يعبر فيه عن شكوكه في طموحات مدخل وعلماء الاجتماع والاقتصاد وعلم النفس والمؤرخين العلوم البينية ،وكيف أنه مدخل يعبر عن وهم وخداع، والاشت ارك في مجموعات بحثية؛ لإيجاد مناهج جديدة وربما حقق فقط بعض التعاون والمشاركة في حل في البحث(.)5 المشكلات المطروحة. غير أن تاريخ العلم يكشف عن تيا ارت فكرية أخرى، وفي عام ،1994عرض جيبسونز Gibbsons بعضها انصرف بعيًدا عن هذه الرؤية والأهداف التي وزملاؤه في كتابهم (الإنتاج الجديد للمعرفة) مقولة استندت إليه دعوى مدخل العلوم البينية؛ وذلك عندما مهمة تؤكد أنه إلى جانب إنتاج المعرفة بطريقة جعل البعض الأمر لا يتعدى الجمع بين العلوم، 24
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة وهنا نتساءل :هل الابتكار في العلوم الإنسانية مجلــــــــــــــــة تقليدية داخل النظام الفكري أطلقوا عليها النموذج والاجتماعية ممكن؟ وفيم يتمثل؟ وإذا كانت هناك ( )1وتنطلق من مدخل العلوم المتعددة ،فإنه يمكن نظم فكرية جديدة في هذه العلوم مثل علم الاجتماع الإشارة إلى أشكال أخرى لإنتاج المعرفة أطلقوا عليها الرقمي ،فكيف أسهم الاندماج المعرفي في تطور النموذج ( ،)2وأضافوا بها منهجية جديدة تتجاوز هذا العلم ،وابتكاره بوصفه فرًعا جديًدا من فروع علم مسألة التكامل المعرفي بين العلوم ،وتعتبر أن الاجتماع؟ الاندماج المعرفي بين العلوم هو الأمر المهم من وقد عمل الانتشار المت ازيد للتكنولوجيا الرقمية في أجل إنتاج المعرفة والابتكار في العلوم الطبيعية؛ حياتنا اليومية على إثارة الكثير من الجدل والحوار من خلال دمج الإسهامات النظرية والمنهجية التي الأكاديمي حول العلاقات الاجتماعية ،والأبنية تتوصل إليها النظم الفكرية بعضها مع بعض ،ويمكن الاجتماعية والممارسات الجديدة في عصر المعلومات، أن نطلق على هذا المدخل ،مدخل العلوم المتباعدة وبزوغ ميدان فكري جديد يستند إلى مدخل العلوم Supradisciplinaryأو مدخل عبور الحدود البينية؛ يركز في بحثه على التعقيدات والتناقضات بين العلوم Trandisciplinary؛ وهو يعد نموذ ًجا التي ترتبت على التحولات التي أحدثتها تكنولوجيا مستقبلًّيا لإنتاج المعرفة الاتصالات والمعلومات عبر الممارسات الاقتصادية كما يعبر الشكل التالي: والسياسية والثقافية .وأدرك علماء الاجتماع أن هناك أ ﺏ النموذج 1 فر ًصا مهمة ومثيرة أمام علم الاجتماع يستطيع أ من خلالها أن يضيف مجالاً متنامًيا ومتنو ًعا من ﺏ العمل الإمبيريقي والنظري من أجل رسم خريطة أ لهذه التحولات .وقد واجه علم الاجتماع والخيال ﺏ النموذج :2 السوسيولوجي فضاءات رقمية جديدة ،وساعد البحث ﺟـ من خلال الإنترنت على إتاحة ثروة من الموضوعات شكل رقم ( )1يبين مدخل عبور الحدود بين العلوم والقضايا؛ ترتب عليها إعادة النظر في المفاهيم التقليدية في مجال البحث الاجتماعي ،ووجدوا أن وربما كان التكامل المعرفي مطلًبا مه ًّما لصالح حل سياقاتها تمثل تحدًّيا يتطلب معالجة ،وأنشأوا ميداًنا المشكلات المجتمعية ،ويحقق هدف العلم من أجل ث ًرّيا بالجدل وتنوع الأفكار (علم الاجتماع الرقمي)، المجتمع ،وكان الاندماج المعرفي مطلًبا مل ًّحا لصالح فتح أمام البحث السوسيولوجي فرصة للانتقال تصو ًرّيا تقدم العلم ،ويحقق هدف العلم من أجل العلم .إذن، فيما و ارء التعارض الثنائي بين الواقعي والافت ارضي، فالإبداع وتطور العلم وإضافة مناهج جديدة ،تتوقف وبين التحول والاستم اررية ،ومهدوا الطريق أمام فهم على الاندماج المعرفي ،أكثر من اعتمادها على جديد للعلاقة ما بين التكنولوجيا والمجتمع والثقافة(.)8 وربما كان ظهور علم الاجتماع الرقمي يمثل شكلاً التكامل المعرفي)7(. 25
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة التاريخي؛ لارتباطها به أشد الارتباط حتى يتسنى مجلــــــــــــــــة لها ربط النظرية بالممارسة()12؛ وهو ما مكنها من أن تكون فلسفة اجتماعية هدفها نقد المجتمع من أشكال الإبداع والابتكار الناجم عن الاندماج وتعريته من خلال نقد النظام القائم والكشف عن المعرفي بين علوم اجتماعية (علم الاجتماع)، جوانب الخلل فيه ،أو يعني تعرية المجتمع الصناعي وعلوم طبيعية (علم المعلومات)؛ لأن علم الاجتماع البرجوازي وعقلانيته التكنولوجية وما يرتبط به من الرقمي يعتبر علم اجتماع فرعي جديد ينشغل بمسائل أيديولوجية( .)13واضح إذن كيف فعل أدورنو مدخل استخدام البيانات المجتمعة ،تلك الموضوعات التي العلوم البينية ،وجمع في بحثه النقدي بين الفلسفة كانت محوًار للبحث في علم المعلومات لعدة قرون (الجدل الهيجلي) وعلم الاجتماع (التحليل الماركسي) سابقة ،وقد أعيد تجديد الدعوى للاهتمام بها من جانب بعض علماء الاجتماع الذين استطاعوا ابتكار وعلم النفس (نظريات فرويد) ود ارسة التاريخ. فرص وتحديات أمام الباحثين في مجال المعلومات، وعملوا على إدماج نظريات علم الاجتماع ومناهجه 1.1تيودور أدورنو وابتكار مفهوم صناعة الثقافة: في هذا الصدد(.)9 استخدم هذا المفهوم لأول مرة في كتاب جدل التنوير لأدورنو ( ،)1947وتناوله في كتابه “النظرية المبحث الثاني :الابتكار في بحوث الإعلام: الجمالية” ،ونقده لطبيعة الحياة الاجتماعية في المجتمع الصناعي ،مركًاز على المجتمع الاستهلاكي أولاً :تيودور أدورنو والبحث النقدي: وقدرته على تحويل الثقافة الحقيقية إلى ثقافة مصنعة جماهيرية واستهلاكية ،وكذلك استخدمه أدورنو يعد أدورنو واحًدا من أقطاب مدرسة ف ارنكفورت، وهوركهايمر لإلقاء الضوء على الطريقة التي استولت درس في الفترة الواقعة بين 1950 -1949موضو ًعا بها المصالح التجارية على الثقافة( .)14وقد صكا مزدو ًجا في الفلسفة وعلم الاجتماع في معهد البحوث هذا المصطلح تعبيًار عن فزعهما إ ازء ما حدث للثقافة الاجتماعية ،وأخذ نجمه يسطع وأصبح رمًاز فك ّرًيا الجماهيرية التي تعمل على توجيه إد اركنا لما هو أصيلاً في جمهورية ألمانيا الديمق ارطية .وقد عرف قيم ثقافًّيا ،وكيف أن الثقافة الجماهيرية تحولت عن بمقاربته النقدية والجمع بين التحليل الماركسي هذا الهدف وأخذت تساعد على انتشار الأيديولوجيا والفرويدي للمجتمع ال أرسمالي وثقافته ،واشتهر بد ارسته التجريبية في حقل علم النفس حول الشخصية الواهمة. التسلطية(.)10 واستعان أدورنو بمفهوم صناعة الثقافة في وصف توسع ال أرسمالية في مرحلة معينة من م ارحل تطورها، إن الاتجاه النقدي الذي كان ينتمي إليه أدورنو ومحاولتها فرض هيمنتها وسيطرتها من خلال تسليع يتمثل في تبني المنهج النقدي الجدلي ،الذي هدف الثقافة وبث أفكار تؤمن لها بقاؤها واستم ارريتها، من خلاله إلى التحرر والسعي إلى حل المشكلات وتوضيح إنه إذا كان على السلع الثقافية أن تحقق التي تواجه الإنسان داخل مجتمعه حلاً عملًّيا(،)11 وكذلك دمج النظرية بالممارسة ،وتقديم نظرية نقدية للمجتمع تستطيع الوقوف أمام فكرة التسلط والعنف. وتعتمد النظرية النقدية على عدم إغفال تحليل الواقع 26
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة لأشياء مفروضة مسبًقا؛ ولذلك لا يجب على السينما مجلــــــــــــــــة أو الإذاعة التمادي في الادعاء بأنها فنون؛ لأنها في الواقع مجرد أعمال تأخذ طاب ًعا أيديولوجًّيا لتبرير سوء النجاح؛ فإن عليها أن تكون منفردة بطريقة يمكنها من إعادة إنتاجها بكميات كبييرة تلبي الطلب(.)15 منتجاتها(.)18 إلا أن صناعة الثقافة وتسليعها يؤدي إلى هبوط وتدني مستواها ومستوى الفنون المقدمة ،بما يتنافى ثانًيا :بيير بورديو والبحث النقدي: مع مفهوم الفن النقي؛ لأنه غالًبا ما يتم تسليع الفنون بيير بورديو عالم اجتماع فرنسي ،ويعد من آخر بطريقة مغرية بحيث تروق للجماهير المخدوعة دون المفكرين الذين تركوا بصماتهم الفكرية وأثروا بشكل الشعور بأي تلاعب يدبر ضدهم( .)16وهكذا، عملي على الحركات الاجتماعية والسياسية التي أصبح للثقافة دوًار كبيًار في التلاعب بالوعي وإخفاء شهدها النصف الثاني من القرن العشرين .وقد انتج التناقضات الموجودة داخل المجتمع ،وقيامها ما يزيد عن ( )30كتاًبا ،ومئات من المقالات التي بتضليل الجماهير وجعلهم يتقبلون النظام القائم ترجمت أبرز الألسن في العالم ،والتي جعلته يتبوأ دون القيام بإبداء المعارضة أو النقد ،أو محاولة مكانة بارزة في علم الاجتماع والفكر النقدي ،ولم تغيير الأوضاع السائدة؛ لأن صناعة الثقافة تشترك يكتف بورديو بإنتاجه الفكري ،ولكنه جسد الأفكار في التلقين الأيديولوجي مستخدمة في ذلك وسائل والمبادئ التي يدعو لها في أعماله الفكرية إلى الإعلام والتسلية؛ حيث تعمل الصناعة على تلبية ممارسات عملية من خلال مشاركته الشخصية في جميع حاجات المشاهدين ،وهي حاجات يتم تحديدها المظاه ارت والحركات الاجتماعية والسياسية مباشرة. مسبًقا؛ مما يعني إن المشاهد يرى نفسه مستهل ًكا والمهم في هذا السياق ،هو نقدية بورديو لإمبريالية بصناعة الثقافة التي توهمه بأنها تشبع حاجاته، وسائل الإعلام؛ حيث كرس بورديو جهده في السنوات وبذلك من خلال الإعلام والثقافة يتم السيطرة على الأخيرة من التسعينيات لتحليل الدور السلبي الذي الفرد ،وبسط الدولة هيمنتها؛ عن طريق تعزيز الوعي تلعبه وسائل الإعلام والميديا الجديدة ،وقدم نقًدا ال ازئف ،وتقييد الفكر المعارض والنقدي من جانب حاًّدا لفساد وسائل الإعلام الفرنسية وتبعية المثقفين الفرنسيين – أو كما يسميهم كلاب الح ارسة الجدد – الإنسان الذي أصبح ذو بعد واحد(.)17 وفي التلاعب بعقول المستهلكين من المشاهدين. وقد استخدم أدورنو وهوركهايمر مصطلح الصناعات الثقافية عند توضيح كيف أن السينما وقد استند بورديو في هذا التحليل إلى انفتاحه والأفلام والإذاعة والصحافة ،تمثل نسًقا متسًقا أدى على مجالات معرفية متعددة؛ كالأنثروبولوجيا لفوضى ثقافية تطبع كل الأشياء بطابع نمطي واحد والسوسيولوجيا والإثنولوجيا والتربية والتاريخ واللسانيات في حياتنا اليومية .وتجعلنا هذه العملية ندرك زيف والسياسة والاقتصاد والفن والإعلام .وقد ازوج في الحرية ال أرسمالية الملازمة للمجتمع المعاصر ،فدوًما تشاريعه بين السير الميداني والتنظير النقدي ،وكما هناك حاجاته ُملباه لكنها حاجات مخلوقة من خارج عبر عنه قوله النظرية بدون بحث إمبيريقي خواء الإنسان ومفروضة عليه ،وهي عملية تدور دون توقف ،ومن غير المنطقي وصفها بأنها حرية اختيار والبحث الإمبيريقي بدون نظرية ه ارء(.)19 27
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة ينطلق بورديو من فكرة أن التلفزيون يشكل أداة للقمع مجلــــــــــــــــة الرمزي؛ نظًار للمستوى الثقافي أو المعرفي للمشاهدين الذين يميلون إلى تصديق ما يعرض عليهم بعامة، وكان بورديو متعدد الاتجاه في النقد ،حيث جمع بين وهناك عوامل غير مرئية تمارس الرقابة من خلالها عناصر نظرية ومنهجية تبدو ظاه ّرًيا متباعدة .فعلى وتجعل من التلفزيون أداة لتثبيت النظام الرمزي؛ من المستوى النظري ،جمع بين تيا ارت فكرية تعتبرها خلال التواطؤ بين المتلقين والذين يمارسونه ويصبح التقاليد الأكاديمية متنافرة (ماركس ،دور كايم ،فيبر)، التلفزيون أداة غير ملائمة للتعبير عن الفكر وال أري؛ وجمع أي ًضا بين فلسفات متعارضة؛ مثل فينومينولوجيا لأنه يعطي أهمية للتفكير السريع الغذاء الثقافي ميرلوبونتي وشوتز ،ونظريات اللغة عند لدى سوسير وتشوسكي .وعلى المستوى المنهجي ،استطاع السريع المقترن بأفكار مسبقة(.)22 بورديو أن يجمع بين الأدوات الكيفية لتحليل الخطاب والوثائق وعمليات التفاعل الاجتماعي(.)20 وكان هدف بورديو إظهار تأثي ارت التلفزيون وما 1.1بيير بورديو وابتكار مفهوم العنف الرمزي :طور ينتجه من ب ارمج وصور بعيدة عن الموضوعية ،وإنما بورديو عدًدا من المفاهيم من أجل صياغة تحليله تعكس رؤية غير محايدة ،وذهب إلى أن التلفزيون لعلاقة القوة والسيطرة في الفضاء الاجتماعي ،ما يعمل على تنميط المشاهدين ،وتعمل عملية التطبيع يهمنا منها مفهوم العنف الرمزي؛ ويعني به إجبار على تسويغ الحياة الاجتماعية ويجعلها طبيعية، الأف ارد بالإضافة إلى تواطؤهم في ذلك .ويصف وكأنها مسلمات بناها المجتمع فعلاً ثم أقلمها بورديو العنف الرمزي بأنه عنف غير مرئي وغير لتصير شرعية ،ويصبح التلفزيون بهذه الصفة عامل فيزيائي ،يتم أسا ًسا عبر وسائل التربية وتلقين المعرفة والأيديولوجيا ،وهو شكل غير محسوس وهم(.)23 من العنف ،يمارس على الفاعلين بموافقتهم وتواطؤهم؛ ولذلك فهم لا يعترفون به كعنف؛ وينتقد بورديو الحقل الصحفي من الداخل والخارج، بحيث أنهم يستدمجونه كبديهيات أو مسلمات من ويركز على مقدمي الب ارمج من الصحفيين والمذيعين؛ خلال وسائل التربية والتنشئة الاجتماعية وأشكال بد ًءا من طريقة الحصول على الخبر ومعالجته ،مروًار التواصل داخل المجتمع .ومن هذه ال ازوية ،يمكن بالنشرة الإخبارية التلفزيونية التي يصفها بأنها منتج فهم – حسب بورديو – الأساس الحقيقي الذي غريب ،ووصولاً إلى الب ارمج الحوارية التي تستضيف تستند إليه السلطة السياسية في بسط سيطرتها أشخا ًصا لا علاقة لهم – غالًبا – بالموضوع المطروح وهيمنتها؛ فهي تستغل بذكاء التقنيات والآليات للنقاش ولا يتساوون في معلوماتهم .وكيف أنه عندما التي يمرر من خلالها العنف الرمزي ،والتي تكتب صحيفة معينة عن كتاب ،ستجد صحيفة ثانية تسهل عليها تحقيق أهدافها بأقل تكلفة وبفعالية نفسها مجبرة على عرض الكتاب ذاته ،حتى لو كان سخيًفا ،وكذلك الأمر عند الكتابة عن معرض فني أو أكثر(.)21 مسرحية(.)24 2.2بيير بورديو في التلفزيون وآلات التلاعب بالعقول: والأكثر أهمية وخطورة هو الدور الذي يؤديه مقدم 28
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة ثالًثا :دوجلاس كيللنر والبحث النقدي: مجلــــــــــــــــة عالم اجتماع أمريكي وواحد من رواد الجيل الثالث البرنامج ،وهو دور يصدم مشاهد التلفزيون دوًما؛ لمدرسة فرنكفورت ،ما ي ازل على قيد الحياة ،له إسهامات حيث يقوم المقدم بتدخلات حاسمة يفرض من خلالها متعددة في مجالات التعليم والتكنولوجيا وتأثيرها على الموضوع والإشكالية؛ وبالتالي يفرض قواعد اللعبة، الديموق ارطية وقضايا الإعلام ،والممارسات الإعلامية وهي قواعد ذات أشكال متعددة ومتغيرة ،وهو بذلك والق ار ارت السياسية والتعامل مع قضايا حيوية؛ مثل ينطلق من رؤية للمعلومات قد تصل إلى حد التغيب الإرهاب .ولقد أجرى كيللنر العديد من الد ارسات والاستبعاد .وقد تسببت صحافة الإثارة هذه في ت ازيد التي تقيس الأداء الإعلامي في الأحداث المحورية؛ القنوات التلفزيونية المنافسة التي تلهث و ارء ما هو خاصة في أوقات الأزمات والحروب ،وربطها مثير ويجذب المشاهد وخارق للعادة؛ بحيث يقدم بالتحليل الاجتماعي والسياسي ،واهتم بالتكنولوجيا الإعلاميون مجموعة من الإيعا ازت الثقافية والأخلاقية الحديثة وأثرها في مجال الإعلام الجديد ،وكان يرى وتمريرها بطريقة سلسة تفرض نفسها على عامة إن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة ثورية الناس دون د ارية منهم .وتسمح قوة التأثير الإعلامي وتشكل تحولاً جذ ّرًيا في الحياة اليومية في اتجاه المزيد للتلفزيون لبعض المذيعين أن يقدموا أنفسهم بوصفهم من المشاركة والديموق ارطية ،ومع ذلك يجب الاعت ارف متحدثين باسم الجمهور ،ومخاطبة الطرف الآخر بأن الأمر قد يساعد في نشر المجتمع ال أرسمالي بنوع من الاستخفاف ،بالإضافة إلى إحكامه السيطرة الاستهلاكي ،ونمو الفردية والمنافسة ،وما له صله على مصدر المعلومة؛ مما يجعلهم يمتلكون احتكار بالاغت ارب( .)27وعلى مستوى الممارسة الإعلامية، الحديث المفروض على أدوات إنتاج المعلومات واسعة نقد كيللنر ما وصفه بالأداء الكارثي والخطير لوسائل الانتشار وتوزيعها ،طالما يحتكرون إمكانات الوصول الإعلام خلال تغطيتها لهجمات 11سبتمبر ،واعتبرها إلى المواطنين البسطاء؛ فهم يحتكرون إمكانية إدخال قدمت هستيريا حربية ،وفشلت في تقديم سرد متماسك منتجين آخرين للثقافة من كتاب وفنانين وعلماء إلى والإجابة على التساؤلات الرئيسة لما حدث ،ولماذا حدث؟ وما يمكن اعتباره ردوًدا مسئولة على الهجمات المجال العام(.)25 الإرهابية(.)28 إن الصحفي يمارس إسقاطات لشخصيته وثقافته؛ خاصة الثقافة التي يريد تمريرها ،على طبقة مهمة من وكان كيللنر يتبع في تحليله لعمل وسائل الإعلام المجتمع ،ويمارس عليهم رقابة حتى دون أن يعلموا منه ًجا متعدد الرؤى والمنظو ارت ،ويجمع بين الاقتصاد بها ،وهذا التأثير غير الشعوري على المشاهدين، السياسي والتحليل الثقافي ،وقد طبق هذا المنظور يمثل نو ًعا من العنف الرمزي؛ من خلال القيام بمهام في فهمه لوسائل الإعلام والعولمة( ،)29ويدعو ثقافية أيديولوجية بواسطة الصورة والكلمة ،وتشكل إلى استخدام مجموعة واسعة من المداخل النظرية وسائل الإعلام ما يسمى بثقافة الصورة ،التي تربط والمنهجية لد ارسة وسائل الإعلام والثقافة والمجتمع؛ بين المعنى ومفهومها على مستوى الضبط والتحكم لأنه لم يكن يعتقد في أن نظرية أو طريقة واحدة والعنف الرمزي(.)26 29
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة الإرهاب ومعالجة الإعلام ،نقد للجهادية وسياسات مجلــــــــــــــــة بوش الإعلامية” ،مشاهد الإرهاب والإعلام ،وتأثير الإعلام الموجه لخدمة الحرب في الولايات المتحدة كافية لمعالجة هذا الث ارء والتعقيد والتنويع والجدة التي الأمريكية بعد أحداث 11سبتمبر ،وكيف وقع الإعلام تظهر في الأشكال الثقافية المعاصرة ووسائل الإعلام الأمريكي في أخطاء كبرى؛ حيث صور الحدث من خلال إطار معين كانت خلفيته هي (صدام الجديدة(.)30 الحضا ارت) إشارة إلى لأطروحة صامويل هانتيجون، وكيف تبنى الإعلام من خلال خطابه ثنائية الإرهاب 1.1دوجلاس كيللنر ونقده لمعالجة وسائل الإعلام الإسلامي والحضارة ،وكيف تم استغلال ذلك المنظار الغربي لأحداث (الحرب والإرهاب): لتهيئة مشاعر ال أري العام الأمريكي لمباركة التدخل وتتمثل انتقادات كيللنر لوسائل الإعلام الغربي؛ الحربي. وخاصة التغطية الإعلامية لحرب الع ارق والذي رآها دعائية ،وكذلك الأداء الكارثي للإعلام في تغطية ويطرح كيللنر كيف أن هذا التناول أحادي المنظور أحداث 11سبتمبر ،واعتبر أن الإعلام تبنى في كان السبب في انتقال الأزمة إلى العديد من الدول هذه المناسبات وجهات نظر غير موضوعية .ويسلط بعد ذلك ،وساعد على تصاعد ما أسماه (حمى كيللنر في تحليله لأحداث حرب الع ارق على ما جاء الحرب والحلول العسكرية لمشكلة الإرهاب العالمية). في المؤتمر الصحفي الذي عقده بوش الابن في مارس فقد بدأت القنوات الأمريكية المختلفة في استضافة ،2003وكيف إنه كان مستعًدا للحرب ضد الع ارق، خب ارء الأمن القومي الذين يصفهم كيللنر على أنهم واستحضر في خطابه الخير والشر الذي كان يبرر به ،---وسوف يلاحظ الم ارقبون والمحللون للإعلام حملته الصليبية ضد بن لادن والقاعدة ،وكرر بوش الأمريكي كيف أن إدارة بوش ومعاونيه استخدموا عبارة صدام حسين والإرهاب باستم ارر ،ومشيًار على كلمات معينة في خطبهم (الحرب على الإرهاب)، الع ارق بالتهديد بما لا يقل عن ( )16مرة ،واستخدم و(الحملة الصليبية) ،و(محو الشر في العالم) المتمثل كلمة (أنا) م ارت لا حصر لها ،وتحدث عن حكومتي في الهجمة الإرهابية ،وتم تصوير التدخل العسكري كما لو كان يملكها .وينتهى كيللنر في تحليله إلى على أنه يهدف لنشر الحرية ،وتحرير المجتمعات من أنه من الصعب السيطرة على مشهد الحرب إعلامًّيا؛ لأنه قد يخضع لإطا ارت وتغيي ارت مختلفة ،وكانت الأنظمة السلطوية(.)32 حرب الع ارق حدثًا عالمًّيا ،تم بناؤه بشكل مختلف، بسبب التضارب والاختلاف بين شبكات البث في وكان كيللنر في تحليلاته النقدية لظواهر الإعلام، مختلف أنحاء العالم؛ ففي حين اعتبرت شبكات البث يستخدم ما يعرف باسم أدوات الفلسفة القارية (مداخل بالولايات هذه الحرب عملية (لحرية الع ارق) متبنية فلاسفة القارة الأوربية)؛ والتي تعتمد على تنوع الأدوات مفهوم البنتاجون ،استخدمت شبكات البث الكندية في التحليل ،وتوفر أسلحة نقد يمكن تطبيقها على شعار الحرب على الع ارق ،واستخدمت شبكات عربية قضايا ومشكلات ملموسة .وهكذا عمل كيللنر على توظيف نموذج في التحليل متعدد الثقافات؛ يجمع مختلفة كلمات (غزو) و(احتلال)(.)31 30 وقد ناقش كيللنر في مقاله “ 11سبتمبر تأملات في
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة وأيديولوجية والتلاعب بالوعي وإخفاء التناقضات مجلــــــــــــــــة داخل المجتمع؛ وذلك من خلال وسائل الإعلام خاصة السينما والإذاعة والصحافة .إضافة إلى بين الاقتصاد السياسي والتحليل النصي ،والتيا ارت نقد بوردييو لإمبريالية وسائل الإعلام والدور الفلسفية المختلفة؛ بداي ًة من الماركسية حتى النسوية السلبي والتلاعب بعقول المشاهدين؛ من خلال تركيزه على دور التليفزيون وآلياته في التلاعب وما بعد البنيوية وغيره(.)33 بالعقول ،وكذلك إسهامات كيللنر وتناول قضايا الإعلام وممارساته ودور الإعلام الجديد في نشر خاتمة :النتائج العامة وخيا ارت للمستقبل: الفردية والمنافسة والاغت ارب ووصفه للممارسات الإعلامية في أوقات حرب الع ارق وأحداث ١١ 1.1أسست مدرسة ف ارنكفورت مبدأ أصيلاً يعزز سبتمبر وأدائها الكارثي والدعائي ،وكيف حرص الابتكار والإبداع في العلوم الاجتماعية الإعلام على خدمة الحرب في الولايات المتحدة والإنسانية؛ عندما اعتبرت مدخل العلوم البينية على خلفية مقولة صدام الحضا ارت عند صمويل مطلًبا جوه ًرّيا في تطوير العلم ،وإضافة مناهج هانتيجون؛ وهذا ما يدلل على أن الابتكار جديدة في البحث .وأكدت شواهد البحث التاريخي والإبداع في بحوث الإعلام ممكن ،ولكنه يتطلب لمختلف التطو ارت التي شهدها هذا المدخل كيف أن تطبيق المدخل في حل المشكلات بحثًا نقدًّيا كشرط ضروري لذلك. المجتمعية كان يستند إلى فكرة التكامل المعرفي؛ وربما كان هذا الأمر يحقق هدف العلم من أجل 3.3وربما كانت ندرة البحوث النقدية في الإعلام المجتمع.وعندما اتجه تطبيق مدخل العلوم البينية على المستوى المحلي؛ كما اتضح ذلك بناء علي نحو تفعيل المبدأ الأصيل الذي أرسته مدرسة د ارسة سابقة حول (العولمة وأزمة المنهج في علم ف ارنكفورت تأسي ًسا على فكرة الاندماج المعرفي؛ الاجتماع :تحليل خطاب البحث الاجتماعي في بزغ عن ذلك نظام فكري جديد تحت مسمى علم البلدان العربية) ،بسبب ميل التيار السائد في الاجتماع الرقمي ،وجعلوا الأمر يرمي إلى تحقيق العلوم الاجتماعية والإنسانية علي هذا المستوي هدف العلم من أجل العلم( .)34ويوضح هذا أن نحو التوسع في البحوث الإمبيريقية والوصفية الابتكار والإبداع في العلوم الاجتماعية والإنسانية علي حساب البحث النقدي()35؛ مما يجعلنا نعلق أهمية كبيرة علي ضرورة إعطاء مساحة ممكن بشرط الالت ازم بهذا المبدأ الأصيل. مناسبة لهذا النوع من البحوث ،إذا كنا ننشد تطوير العلم وتجديد مناهجه وضمان الابتكار 2.2كشفت د ارسة حالة البحث النقدي في الإعلام والإبداع من ناحية ،والحرص على الانطلاق من عند أدورنو وبوردييو وكيللنر عن إن ما أضافوه المبدأ الأصيل ،وتوظيف مدخل العلوم البينية، من أفكار جديدة؛ مثل صناعة الثقافة والعنف وتجاوز الحدود بين العلوم ،بعدما اتضح أن الرمزي والفلسفة القارية ،تعبر عن مساهماتهم الإبداعية في هذا المجال ،وتوظيفها في تناول ظواهر وممارسات إعلامية بطرق مبتكرة بناء علي تحليل أدورنو للثقافة في المجتمع الصناعي وتحولها إلى ثقافة مصطنعة جماهيرية استهلاكية 31
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة Objectives and Rational”. In: Fu- مجلــــــــــــــــة tures. No. 36، 2004. PP 407- 421. مدخلاً واحًدا وطريق ًة أو نظري ًة واحدةً ليست كافية 7. Ibid.أين رقم الصفحة لمعالجة هذا الث ارء والتنوع والتعقيد والجدة التي تظهر بها الأشكال الثقافية المعاصرة ووسائل 8. Orton-Johnson، Kate، Prior، Nick. Digital Sociology: Critical Perspec- .الإعلام الجديدة tives. (New York: Palgrave Macmil- lan، 2013) pp 1-13. :* المراجع المستخدمة 9. Greyso، Devon، et.al. Digital So- 1. Young، T.R. et.al. “Conflict Mo- ciology and Information Science ments in Critical Methodology”، Research; Aspects of Sociology. 1997، p11. <www.tryoun.com/arch- Translated by: Heinman، J. Viertal. enves1107conflict moments.html>. (London: N.P، 2016). اين تاريخ الاسترجاع . معجم العلوم الإنسانية. جان فرنسوا،دورتيه1010 2. Strik، Peter. M.R. Horkheimer، Max. المؤسسة: (بيروت. جورج كتوره:ترجمة A New Interpretation. (New York: .354 ) ص2011 ،الجامعية للدراسات والنشر Barnes and Noble Books، 1992) p 71. 11. Spencer، Robert. “Thoughts from Abroad: Theodor Adorno as Postco- 3. Horkheimer، Max. Adorno، Theo- lonial Theorist”. In: Culture Theory dor. The Frankfurt School Institute and Critique. Vol. 51. Issue. 3، 2010. for Social Research: Aspects of So- pp 210، 211. ciology. Translated by: Viertal J. (London: Heinman، 1973) P 37. 12. Hansen، Rebecca Longtin. “ Be- tween Theory and Praxis: Art as 4. Horkheimer، Max. “The State of Negative Dialectics، Studies in So- Contemporary Social Philosophy cial and Political Philosophy thought and the Tasks of an institute for So- ”. In: Journal of Social Issues in cial Research”. In: D. Kellner، S. Southeast Asia. Vol. 21، Summer Bronser، eds. Critical Theory and 2013. pp 36- 39. Society. (London: Routledge، 1989) P 32. الأسس الفلسفية لنقد ما بعدد. محمد سالم سعد الله1313 ) ص ص2007 ، دار الحوار: (سوريا.البنيوية 5. Ibid P. 32. .218 ،217 6. Balsiger، Philip W. “Supradiscipli- nary Research Practices: History، 32
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة N.P، 2006) p4. مجلــــــــــــــــة 2121بورديو ،بيير .العنف الرمزي :بحث في أصول 14. Sondermann، Michael. “ Definition علم الاجتماع التربوي .ترجمة :نظير جاهل. of Cultural Industries Cultural Statis- (بيروت :المركز الثقافي العربي )1994 ،ص .9 tics “، 12 November 2018. 2222بورديو ،بيير .التليفزيون وآليات التلاعب <http://www.kulturwirtschaft.de/wp- بالعقول .ترجمة :درويش الحلوجي( .د.م :دار content/uploads/2011/01/ESSnetdefini- كنعان للدراسات والخدمات الإعلامية)2004 ، tionCultural_industries_MS_20111004. pdf>. ص ص .96 94- 1515هاو ،آلن .النظرية النقدية :مدرسة فرانكفورت. 2323شوفاليية ،ستيفان ،شوفيري ،كريستيان .معجم ترجمة :ثائر ديب( .القاهرة :المركز القومي بورديو .ترجمة :الزهرة إبراهيم( .د.م :دار للترجمة ،العدد )2010 ،1584ص ص 117- الجزائر )2013 ،ص.286 .121 24. Bourdieu، Pierre. On Television. 16. Adorno، Theodor W. Aesthetic The- Translated by: Ferguson، Priscilla ory. (London: Continuum، 2002) pp Parkhurst. (New York: The New 16-18. Press، 1998) pp 103- 106. 1717هاني خميس أحمد عبده“ .النظرية النقدية وأزمة 2525بورديو ،بيير .التليفزيون وآليات التلاعب علم الاجتماع :دراسة تحليلية لكتابات مدرسة بالعقول .مرجع سابق .ص ص .101 - 86 فرانكفورت” .رسالة ماجستير( .الإسكندرية: كلية الآداب جامعة الإسكندرية )2002 ،ص 2626أبو علام منطر “ .أبجديات التسلط الثقافي عند بيير بورديو “ .في :مجلة الدراسات والبحوث .218 الاجتماعية .العدد .2016 ،17ص.33 18. Adorno، Theodor، Horkheimer ،Max. Culture Industry: Enlighten- 27. Kahn، Richard، Kellner، Douglas. ment as Mass Deception. Translated “Oppositional Politics and the Inter- by: Beunden، A. (New York: Con- net: A Critical Reconstructive Ap- tinuum، 1998) pp 17- 19. proach”. In: Cultural Politics. Vol. 1، No. 2، 2005. p15. )19(1919حسن كاروك ،بيير بورديو 20 ،مايو .2018 28. Kellner، Douglas. “September 11: Terrorism and Blowback”. In: Cul- https://www.b-sociology.com/2017/01/ tural Studies and Critical Method- pdf_30.html>. أين التاريخ و رقم ologies. Vol. 2، No.1. الصفحة 20. Wacquant، Loic، Bourdieu، Pierre. Contemporary Thinkers. (London: 33
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة 3232سارة المصري .الإعلام المصري :استقلالية مجلــــــــــــــــة منقوصة ومهنية معيبة( .القاهرة :مؤسسة حرية 29. Ralón، Laureano. “ Interview with الفكر والتعبير .)2014 ،أين أرقام الصفحات Douglas Kellner”. August 2012، 17 November 2018. أين 33. Ralon، L.، Dowdall، J. op.cit. أرقام الصفحات <http://figureground.org/interview- with-douglas-kellner/>. 3434علي عبد الرازق جلبي “ .مدخل العلوم البينية والابتكار في النظم الفكرية :علم الاجتماع الرقمي 30. Kellner، Douglas، Durhan، Meenak- نموذ ًجا” .في :ندوة المجلس الأعلى للثقافة لجنة shic، Adventures in Media and cul- علم الاجتماع والانثروبولوجيا .القاهرة.2018 ، tural studies: Introducing the Key Works Media and Cultural Studies 3535علي عبد الرازق جلبي“ .العولمة وأزمة المنهج the Key Words. (N.P: Blackwell، في علم الاجتماع :تحليل خطاب البحث الاجتماعي أين أرقام الصفحات 2006). في البلدان العربية” .في :مؤتمر علم الاجتماع في مجتمعاتنا :مجتمع واحد ومرجعيات بديلة، 31. Kellner، Douglas. “ Media Culture جامعة عين شمس ،مركز الدراسات المعرفية، and the Triumph of the Spectacle”. April – May 2004، 17 November القاهرة.2010 ، 2018. <https://pages.gseis.ucla.edu/faculty/ kellner/essays/mediaculturetriumph- .>spectacle.pdf 34
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مجلــــــــــــــــة المنظومة الأممية والمساواة بين الجنسين الجهود والتحديات اليونسكو نموذ ًجا أ.د /شادية علي قناوي أستاذ علم الاجتماع سفير مصر السابق باليونسكو شهد العالُم حالة من العنف والدمار ارح ضحيته ملايي ُن من السكان المدنيين والعسكريين ج ارء الحربين العالميتين؛ الأولى والثانية ،وهو الأمر الذي ترك آثاره العميقة على كل من البشر والحجر؛ لذا طالب قادة العالم؛ السياسيون والعسكيون وكذا قادة الفكر ،بالعمل على استبدال أسلوب العنف بأسلوب الحوار الذي جاء في شكل الاتفاق على إنشاء منظومة أممية (الأمم المتحدة) ،تعتمد على أساليب الحوار والمفاوضات منها ًجا جديًدا للتحاور والتفاهم بين الدول ،مع العمل على رفض كل أساليب العنف والحرب بكل الوسائل الممكنة. المتخصصة ،بوجه خاص ،والتي تحدد أولوياتها في ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم تدفع تلك المنظومة -1القضاء على الفقر -2 ،تمكين الم أرة ،وتعزيز الأممية بالعديد من المنظمات والهيئات المتخصصة المساواة بين الجنسين ،وخاصة في الدول الفقيرة، والمجالس والاتفاقيات والعهود الدولية ،التي تسعى في والدول الأكثر فقًار على مستوى العالم .من هنا جاء مجملها الى إنصاف الجماعات المهمشة والمجتمعات الاهتمام باختيار منظمة اليونسكو كنموذج مهم والبلدان الفقيرة وتحقيق حقوق الإنسان ،سوا ًء من خلال وعضو رئيس فاعل في المنظومة الأممية في نشر المؤسسات الرسمية للدول الأعضاء بالأمم المتحدة، المساواة بين الجنسين ،والتي تقوم بوضع الخطط أو من خلال منظمات المجتمع المدني بها .فقد تم والب ارمج والسياسات ،وكذا متابعة آليات التنفيذ في الإعلان عن إنشاء منظمة التربية والعولم والثقافة (اليونسكو) ،وهي المنظمة الدولية التي نحاول من الدول الأعضاء لتمكين الم أرة وتحقيق إنسانيتها. خلال ورقة العمل المطروحة التركيز على دورها وإسهامها في مجال تمكين الم أرة ،وتعزيز المساواة وفي ضوء ذلك نسعى إلى تقسيم العمل إلى ثلاثة بين الجنسين ،وخاصة في المجتمعات الفقيرة ،التي محاور رئيسة: لم يحصل فيها أبناء هذه الدول على سد احتياجاتهم يختص المحور الأول برصد إسهامات منظمة الإنسانية الأساسية وخاصة النساء. اليونسكو في نشر وترسيخ ثقافة المساواة بين الجنسين. تهدف ورقة العمل المقدمة الى استع ارض مجهودات ويبحث المحور الثاني في جهود وأنشطة منظمة منظمة الأمم المتحدة بوجه عام ،ومجالات عمل اليونسكو في مجال تمكين الم أرة وتعزيز المساواة بين ونشاط منظمة اليونسكو ،كإحدى المنظمات الدولية الجنسين. 35
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة بخصوص – هي قضية تتبلور وتُعالج في إطار مجلــــــــــــــــة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأساس (الحق في العمل ،والحق في أجر متساو مقابل العمل ويتناول المحور الثالث بالتحليل أهم التحديات المتساوي ،والحق في توفير الضمان الاجتماعي، التي تواجه المنظومة الأممية في مجال المساواة بين والحق في العيش الكريم والذي يشمل توافر القدر الكافي من الغذاء والملبس والسكن ،والحق في العلاج، الجنسين وتمكين الم أرة. والحق في الحصول على فرص متساوية للتعليم ،وحق المشاركة في الحياة الثقافية) ،وكذا الحقوق السياسية المحور الأول :المساواة بين الجنسين :حقوق والمدنية في المقام الثاني (الديمق ارطية والتمكين، الإنسان ومجهودات المنظومة والتمثيل السياسي للم أرة) ...إلخ. تُعد قضية المساواة بعموم – والمساواة بين الجنسين بوجه خاص – قيمة إنسانية أساسية أولتها المنظومة واللالفت للنظر هنا هو أن المجتمع الدولي (الجمعية الأممية جل اهتمامها ،ومن ثم كان الإعلان العالمي العامة للأمم المتحدة) يكرس ويعطي عظيم اهتمامه لحقوق الإنسان هو الإطار الحاكم للمساواة بين بتفعيل الحقوق السياسية والمدنية (والذي يتضح من الجنسين .وعليه أرى أن فهمنا لحاجة المجتمع خلال العديد من المؤش ارت التي سيلي ذكرها) ،ولا الانساني إلى تفعيل وترسيخ مبادئ المساواة بين يعطي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نفس الجنسين لا ينبغي أن تتم بمعزل عن تتبع الاهتمام القدر من الاهتمام ،وذلك رغم التأكيدات المتعددة بأن “لا يميز الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بين الدولي بقضية حقوق الإنسان(.)1 الحقوق المدنية والسياسية ،والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” .إلا أن الخب ارت والممارسات لقد سعت المنظومة الأممية منذ إنشائها في عام عبر عقوٍد عدة ،أكدت وأوضحت أنه “جرى فرض 1945وفي خطواتها الأولى ،وفي نفس العام ،إلى اعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على إنشاء لجنة لحقوق الإنسان ،والتي أعقبها إطلاق أنها تطلعات أكثر منها الت ازمات قانونية على الدولة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ،1948/12/10 بعكس الحقوق المدنية والسياسية التي نالت اعتبا ارت الأمر الذي يعكس الرغبة الشديدة في تحقيق الاستق ارر والأمن الدوليين آنذاك .ودون الدخول في تفاصيل الأولوية”(.)2 الإعلان ،أشير هنا وفي عجالة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت في 1966/12/16 ولذلك نجد أن المؤتم ارت الدولية لحقوق الإنسان – عن العهدين الدوليين ،العهد الدولي للحقوق وخاصة مؤتمر فيينا – الذي عقد في عام ،1993 السياسية والمدنية ،والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية وكذا البيان الختامي للقمة العالمية لعام 2005أكدت والاجتماعية والثقافية ،المكملات للإعلان العالمي جميعها على تكامل حقوق الإنسان ،وعدم قابليتها لحقوق الإنسان ،وأعقب ذلك صدور بروتوكولين للتجزئة والت ارتبية ،وشددت على أن كافة حقوق الأول للحقوق السياسية والمدنية في عام ،1989 الإنسان يجب أن تلقى معاملة عادلة ،وعلى قدم وآخر للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 36 عام .2008 وهنا أود أن أشير إلى هذه الخلفية فقط لأوضح أن قضية المساواة بعموم – والمساواة بين الجنسين
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة معالجة وتحليل البعض منها في هذه الورقة) إلى مجلــــــــــــــــة حالة تدني وضع الم أرة ،وانحسار فرص الحياة أمامها ،وخاصة في الدول الفقيرة ،والدول الأكثر فقًار، المساواة ،وبنفس القدر من الأهمية (لاحظ هنا صيغة الينبغيات ،التي تعكس التباين في الاهتمام من جهة، وها هي بعض المؤش ارت الدالة على ذلك: ويؤكد إيلاء الاهتمام بقطاع من الحقوق الإنسانية، -هناك 31مليون فتاة ممن بلغن سن التعليم وإعطائه الصبغة التنفيذية الإل ازمية دون الاهتمام الابتدائي غير ملتحقات اليوم بالمدارس (اليونسكو المماثل لقطاع آخر منها ،من جهة ثانية. .)2013 -خبرت %35من نساء العالم إما عنًفا جسدًّيا أو ويؤكد هذا التباين ما قامت به المفوضية الأوروبية منذ عام 1992من إد ارج ما يسمى بشرط حقوق جنسًّيا (منظمة الصحة العالمية .)2013 الإنسان في اتفاقياتها الثنائية للتجارة والتعاون مع -ثلثا الأميين في العالم ،وعددهم 774مليون هم دول العالم الثالث ،والذي ينص على أن احت ارم حقوق الإنسان والديمق ارطية يمثل عنصًار أساسًّيا في من النساء (اليونسكو .)2013 الاتفاقيات ،وفي حالة وجود أي خرق يمكن تجميد -ثلثا فق ارء العالم من النساء (الاتحاد البرلماني الاتفاقية(.)3 الدولي .)2014 وليس من قبيل الصدفة أن يدرك و يشدد الميثاق -واحدة من كل تسع فتيات في العالم تتزوج قبل الإفريقي ،والذي أُعلن في عام ،1981أهمية تغطية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،بالإضافة سن الخامسة عشرة (الأمم المتحدة للم أرة .)2013 إلى الحقوق السياسية والمدنية ،وهو الذي يضم دول في ضوء هذه المؤش ارت تحاول منظمة الأمم القارة الأفريقية ،التي يقع الجزء الأكبر منها في المتحدة والمنظمات واللجان والهيئات المتخصصة مجموعة الدول الأكثر فقًار ،ومن ثم الدول الأولى التابعة لها تقييم وقياس وتحليل حالة حقوق الم أرة بالرعاية ،نظًار لمعاناتها الشديدة من الفقر والمرض وملامح إنفاذها في دول العالم بالقا ارت المختلفة. ومن نقص فرص الحياة الكريمة .وعليه أدركت دول وفيما يلي نشير إلى بعض من الخطوات والإج ارءات القارة الإفريقية ،وفي ضوء خب ارتها الواقعية المعاشة، التي اتخذتها المنظومة الأممية لإنفاذ المساواة بين أولوية أو أهمية إنفاذ وتعزيز الحقوق الاقتصادية الجنسين ومكافحة العنف ضد الم أرة في السنوات والاجتماعية والثقافية أولاً ،ثم يلي ذلك تعزيز الحقوق السابقة ،ونعرض في النهاية لمجهودات ومحاولات المدنية والسياسية .هذا كما يمكن القول بأن مجموعة المنظومة الأممية اليوم للعمل على تدارك هذه الدول الإفريقية وعت تحيز الدول الكبرى والمنظومة الإخفاقات أو بالأحرى محدودية الإنجا ازت التي الأممية بوجه عام ،واهتمامها وتشديدها لإنفاذ الحقوق أشارت إليها تقارير المتابعة من قبل اللجان والولايات المدنية والسياسية على حساب مصالح تلك الدول. التابعة للمنظمة. وتشير الإحصاءات الواردة عن المنظمات الدولية -في 1979/12/18تبنت الجمعية العامة (ورغم مجهوداتها التي تمثلت في العديد من الاتفاقيات للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على كافة أشكال والعهود والصكوك والمؤتم ارت الدولية ،والتي سيتم التمييز ضد الم أرة .وقد دخلت الاتفاقية حيز النفاذ 37
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة هدفت إلى تحقيق المساواة الأصيلة للنساء في جميع مجلــــــــــــــــة مجالات الحياة ،والقضاء على كافة أشكال وصور التمييز ضدهن .ثم جاء مؤتمر بكين ،والذي عقد في .1981/9/2وانضمت إليها (حتى )2011 في عام 1995لتأكيد سعي المجتمع الدولي للعمل 186دولة .وهدفت الاتفاقية إلى تعزيز المساواة على النهوض بالم أرة .فقد طالب إعلان وبرنامج عمل بين الجنسين من الرجال والنساء ،وحظر التمييز مؤتمر بكين بالإدماج الكامل لقضية الم أرة وتمكينها ضد الم أرة .وحددت أهم أشكال التمييز في الزواج في المسا ارت التنموية ،وذلك من خلال تحسين الإجباري والعنف الأسري والمشاركة في الحياة العامة أوضاع النساء ،وتوفير فرص أكبر لهن في مجالات والتمييز في العمل والرعاية الصحية .تبع ذلك تأسيس التعليم ،علاوة على السعي لتأكيد الالت ازم بإدماج لجنة – انبثقت عن الاتفاقية – أُطلق عليها لجنة المساواة على أساس النوع في السياسات والمؤسسات القضاء على التمييز ضد الم أرة ،وقد أصدرت هذه اللجنة التوصية العامة رقم ،19في عام ،1992 المختلفة بالدول الأعضاء. بشأن ظاهرة العنف ضد النساء (حيث لم تنص -في يونيو 2000تم عقد جلسة خاصة للجمعية الاتفاقية على هذه الظاهرة بشكل محدد) .وتقترح العامة للأمم المتحدة تحت عنوان“ :بكين 5+النساء هذه التوصية إج ارءات محددة على الدول أن تتخذها في :”2000المساواة على أساس النوع الاجتماعي، لحماية النساء من العنف .وفي مارس 1994أنشأت والتنمية والسلام في القرن الواحد والعشرين” .وقد لجنة حقوق الإنسان منصب (مقررة) خاصة بشأن جاءت هذه الجلسة الخاصة لم ارجعة جهود تفعيل العنف ضد الم أرة ،مهمتها فحص أسباب وتداعيات إطار برنامج عمل مؤتمر بكين ،ود ارسة المباد ارت العنف ضد النساء .ومن الجدير الإشارة اليه في هذا الإضافية لتحسين تفعيله .ومن اللافت للنظر أن المقام هو أن المقررة في تقريرها المقدم للجنة حقوق الوثيقة الختامية للجلسة الخاصة (بكين )5+قد الانسان ركزت على العنف ضد النساء الناتج عن أكدت ،ورغم كل الإسهامات التي قدمتها منظمة ممارسات ثقافية (ترتبط بثقافة بعض الشعوب ،والتي الأمم المتحدة سابقة الذكر ،إلا أن ظاهرتي العنف ترى – الثقافات – ضرورة احت ارمها والتسامح بشأن والفقر ما ازلتا تشكلان العائقين الأساسيين في طريق ممارستها) ،إلا أن المقررة ترى أن ج ارئم الشرف تلك تحقيق المساواة على أساس النوع الاجتماعي عالمًّيا، تُعد من أكثر ممارسات العنف إثارة للقلق ،علاوة مما أوجد تحديات جديدة تواجه تطبيق برنامج العمل، على الزواج القصري ،والممارسات التي تؤثر على منها الإتجار بالنساء والفتيات(.)4 حقوق الم أرة الإنجابية. كما أصدر مجلس الأمن في عام 2000ق ارره المهم وبهدف تعزيز حقوق الم أرة عقدت الأمم المتحدة رقم “ 1325الم أرة كعنصر فاعل في السلام والأمن” عدة مؤتم ارت عالمية يمكن الإشارة إلى أبرزها: والذي شدد على ضرورة إش ارك الم أرة في عمليات مؤتمر المكسيك لعام ،1975ثم مؤتمر كوبنهاجن الحفاظ على الأمن وبناء السلام ،وخصو ًصا في لعام ،1980ثم مؤتمر نيروبي لعام 1985؛ حيث المناطق المتضررة من الن ازع ،وكذا تأمين احتياجات تم تبني است ارتيجيات نيروبي للتطلع للتقدم بالنهوض بالم أرة حتى عام ،2000وهي الاست ارتيجيات التي 38
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة قبل الدول الأعضاء)5(. مجلــــــــــــــــة مما تقدم يمكن القول إذا كانت است ارتيجيات النساء والفتيات في مناطق الن ازع ،وأخيًار العمل المنظومة الأممية للمساواة على أساس النوع على إش ارك الم أرة في صنع الق ارر مع الرجل لمنع الاجتماعي تهدف إلى إدماج حقوق الإنسان للنساء الص ارعات وتحقيق السلام الدائم .ومن المفارقات في جميع أنشطة الأمم المتحدة ،وكذا خلق آليات الجديرة بالاهتمام أن 21دولة فقط من الدول لمعالجة انتهاكات هذه الحقوق ،فإن لمنظمة اليونسكو الأعضاء بالمنظمة ،من أصل 192دولة ،نفذت باع طويل ومسؤليات والت ازمات مهمة في هذا الشأن هذا الق ارر .الأمر الذي يعكس الرؤية النمطية لكثير تجدر الإشارة إليها في المحور التالي من هذه الورقة. من دول العام ،حتى اليوم ،لقد ارت الم أرة وإمكاناتها، ومن ثم حقوقها الإنسانية وتمكينها وتحقيق المساواة المحور الثاني :اليونسكو ودورها في نشر ثقافة وتعزيز المساواة بين الجنسين بينها وبين الرجل. تعد منظمة اليونسكو أبرز – وإن لم تكن – أهم ونظًار لاستم ارر ممارسات العنف (بأشكالها المنظمات الدولية المتخصصة التابعة لهيئة الأمم المختلفة) ضد النساء حتى نهاية القرن العشرين، المتحدة كونها تقوم لإنفاذ رؤى الأباء المؤسسين سعى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية للمنظومة الأممية ،والتي تتلخص في “بناء حصون الى اعتبار ك ٍّل من الاغتصاب والاسترقاق الجنسي السلام في عقول البشر” كما جاء بميثاق إنشائها، والبغاء القسري والحمل القسري والتعقيم القسري وذلك من خلال مجالات عملها وقطاعاتها المختلفة. وأية صورة أخرى من صور العنف الجنسي تتشابه فمنظمة اليونسكو هي منظمة دولية “غير سياسية” في خطورتها ،بأنها ج ارئم ضد الإنسانية وج ارئم معنية بقضايا التربية والثقافة والعلوم والاتصال .في هذا حرب .هنا تجدر الإشارة إلى أن الجمعية العامة الشأن هناك حقيقتان لا يجب أن تغيبا عن الأذهان: للأمم المتحدة تبنت العديد من الق ار ارت التي تتعلق الأولى وتتمثل في أن كل القضايا سابقة الذكر لا بالقضاء على جميع أشكال العنف ضد الم أرة بما يمكن فهمها ،والعمل على تنفيذ ق ار ارت وتوصيات في ذلك “القضاء على الج ارئم المرتكبة ضد النساء قطاعات العمل بها بمعزل عن الق ار ارت والتوجهات باسم الشرف”“ ،والقضاء على الإتجار بالنساء السياسية للدول الأعضاء بالمنظمة .والثانية وتتمثل والفتيات” .كما أصدر مجلس الأمن في عام 2008 في أن قطاعات عمل اليونسكو (التربية والثقافة ق ارره رقم 1820المتعلق بالعنف الجنسي ،وفي العام والعلوم ،وكذا الاتصال) كلها يدخل في اهتماماتها 2009أعقبه الق ارر رقم 1888بتعيين ممثل خاص وأعمالها وأنشطتها قضايا الم أرة وتمكينها وتعزيز للأمين العام للأمم المتحدة معني بمتابعة ظاهرة العنف الجنسي في حالات الص ارع ،وفي ذات العام المساواة بين الجنسين. أصدر مجلس الأمن الق ارر رقم 1889بإنشاء ولاية (منصب) لرصد المباد ارت من أجل الم أرة والسلام علاوة على ذلك يمكن القول ،إذا كانت اليونسكو والأمن .وفي عام 2010أصدر مجلس الأمن الق ارر حددت أولوياتها (كما سبق وأن ذكرنا في بداية رقم 1960مؤكًدا تعزيز الإلت ازم بالق ارر 1888من 39
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة بين الجنسين؛ هذا على أنه من الضرورة بمكان إد ارك مجلــــــــــــــــة أن عملية تمكين الم أرة تعد قضية محورية لا غنى الورقة) في القضاء على الفقر ،وتمكين الم أرة وتعزيز عنها لتحقيق التنمية والحد من الفقر. المساواة بين الجنسين ،علاوة على أنشطتها من خلال علاوة على أن عدم كفالة وتحقيق المساواة بين قطاعات عملها المختلفة ،يمكن اعتبار المنظمة، الجنسين يحد من قدرة الإناث على التمسك بحقوقهن على هذا النحو ،هي العضو الفاعل والأساسي والسعي إلى ممارستها وأخيًار يعني تحقيق المساواة لمنظمة الأمم المتحدة المنوط بها العمل على إنفاذ بين الجنسين للفتيات والفتيان ضمان تكافؤ الفرص الجزء الأكبر من الحقوق الإنسانية الواردة في العهد فيما بينهم في الالتحاق بالمدارس والقيد والاستم ارر الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي مجموعة الحقوق الإنسانية التي لم تحظ بنفس بها. القدر من الاهتمام والتعاطي والمتابعة من قبل من هنا تعددت أنشطة اليونسكو بالمنظمة للمساواة منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة .هذا ومن بين الجنسين من أجل التنمية المستدامة ،ففي عام المعروف أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع 1992أنشأت المنظمة ما يعرف بشبكة ك ارسي لمنظمة الأمم المتحدة قد أنشأ اللجنة الاقتصادية اليونسكو ،وشبكات توأمة الجامعات وذلك في والاجتماعية والثقافية لتتولى م ارقبة تطبيق العهد، مجالات عمل اليونسكو سواء في مجال التعليم أو ومن ثم تدخل العديد من الأنشطة والب ارمج في إطار العلوم الاجتماعية والطبيعية أوالثقافة أوالاتصال، التعاون بين منظمة اليونسكو والمجلس الاقتصادي وتعمل هذه الشبكات كجسور تواصل بين الأكاديمين والاجتماعي بهدف دعم وتعزيز وحماية حقوق الم أرة والمجتمع المدني وم اركز البحوث والقائمين على وتحقيق المساواة بين الجنسين( ،)6وفيما يلى نعرض تخطيط ووضع السياسات ومتخذي الق ارر في الدول الأعضاء من جهة ،والخب ارء الدوليين في مختلف لبعض من أهم ملامح هذه الأنشطة: قطاعات عمل منظمة اليونسكو .وحتى الآن (فب ارير )2015أصبح لليونسكو عدد 650مؤسسة في 124 ففي قطاع التعليم على سبيل المثال ،تهتم اليونسكو دولة حول العالم تضطلع بمهام هذة الشبكات ،وتهدف بتعميم مبدأ م ارعاة قضايا المساواة بين الجنسين الشبكة إلى تعزيز البحوث الموجهة نحو السياسات في مختلف م ارحل وأقسام القطاع ،بد ًءا من م ارحل والدعوة من أجل الم أرة والمساواة بين الجنسين وبناء التخطيط التربوي وتخطيط البنية الأساسية ،مروًار القد ارت والنهوض بالد ارسات حول الم أرة (كجزء من بإعداد المواد التعليمية ،وانتها ًء بالعمليات التعليمية تدريس العلوم الاجتماعية والإنسانية) وتعزيز التعاون ذاتها .وترى منظمة اليونسكو أن المشاركة الكاملة بين م اركز البحوث الجامعية بشأن الم أرة وقضايا والمتكافئة للنساء في م ارحل العملية التعليمية أمر المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء القا ارت ،وبناء أساسي للغاية ،وشرط ضروري لضمان مستقبل عليه تم عقد أول اجتماع للشبكة في كلية مريام بمانلا مستدام؛ حيث إن أدوار الجنسين يمليها ويحتمها المجتمع ،ويتم تعلمها من جيل إلى آخر ،كما أن عاصمة الفلبين في يوليو (.2007)7 أدوار الجنسين تعد هياكل اجتماعية ،أي يمكن تعديلها وتغييرها بهدف تحقيق الإنصاف والمساواة 40
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة دائم في المنطقة .وقد اهتم المركز بب ارمج أساسية مجلــــــــــــــــة منها “برنامج أبحاث رئيسي حول العنف ضد الم أرة في منطقة البحي ارت الكبرى” ،وإنشاء “مرصد للم أرة كما عقدت اليونسكو العديد من المنتديات والملتقيات لدعم وتحفيز الدول أعضاء المنظمة لتبني والفقر”. الاست ارتيجيات والسياسات الداعمة للم أرة والم ارعية أي ًضا تسعى المنظمة لإنشاء م اركز وطنية في إحدى لإنفاذ حقوقها؛ حيث طرحت التقرير العالمي للعلوم عشرة دولة أفريقية أخرى ،وتهدف اليونسكو من خلال الاجتماعية لعام ،2010كما عقدت المنتدى العالمي ذلك إلى إيلاء الاهتمام ب -1 :زيادة تمثيل الم أرة للتعليم والمها ارت في مارس 2014بهدف تلبية على جميع مستويات صنع الق ارر -2 ،دعم منظمات الاحتياجات التعليمية الملحة للفتيات والنساء ،كما الم أرة الشعبية في مباد ارتهن السلمية -3 ،ضمان طرحت المنظمة وناقشت في 2014أي ًضا قضية أهداف التعليم العالمية الجديدة وضرورة إعطاء حماية واحت ارم حقوق الإنسان للنساء والفتيات. الأولوية فيها للفتيات .ومؤخًار طرحت المنظمة في هذا كما أنشأت اليونسكو عام 2006مركز الم أرة مارس 2015قضية إعادة التفكير في تمكين الم أرة الفلسطنية للبحوث والتوثيق بالتعاون مع و ازرة شئون والمساواة بين الجنسين للبحث والنقاش( ،)8وهو الأمر الم أرة في ارم الله ،وُيعد المركز مرصًدا لتبادل المعلومات الذي يعكس الاهتمام الواعي للمنظمة (سكرتارية ودول بشأن الأمور المتعلقة بقضايا الم أرة ،علاوة على قيام أعضاء) بأهمية قضية تعزيز حقوق النساء وتحقيق المركز بجمع البيانات وإج ارء البحوث وتحليل ونشر المساواة ،من جهة ،ويعكس من جهة أخرى الوعى المعلومات عن حالة الم أرة لكافة المنظمات النسائية بمحدودية الإنجا ازت التي تمت حتى الآن ،والتي وإن المحلية ولصانعي السياسات والهيئات التشريعية لم يتم تكثيفها (الإنجا ازت) وتعميقها ،وإعادة النظر والتفكير في است اريجيات وخطط بديلة وإضافية نكون والبلدية والشركاء ذوي الصلة)9(. في مواجهة تهديد حقيقي لبلوغ الأهداف الإنمائية ويعد قطاع التعليم أحد القطاعات بارزة النشاط للألفية. في منظمة اليونسكو ،والذي يسعى إلى العمل هذا ومن أبرز إسهامات اليونسكو لمتابعة حالة على الوصول بمعدل انخ ارط الفتيات والفتيان في حقوق الم أرة والمساواة بين الجنسين يمكن الإشارة سن التعليم في المدارس إلى أعلى المعدلات ،ومن إلى إنشائها لمركز البحوث والتوثيق الإقليمي في عام ثم خفض نسب التسرب والتمييز الطبقي والعرقي 2011بمنطقة البحي ارت الكبرى للم أرة والمساواة بين والديني والجنسي في التعليم في كل دول العالم .هذا الجنسين وبناء السلام في منطقة البحي ارت الكبرى. الهدف الإنساني لم يتحقق بشكل كبير أو بالأحرى ويعد المركز أحد الأنشطة الرئيسة لبرنامج اليونسكو؛ بالمعدلات المنشودة ،والتي استهدفتها قائمة الأهداف المساواة بين الجنسين .ويسعى المركز إلى تعزيز الإنمائية للألفية ،وذلك رغم العديد من الإنجا ازت التي حقوق الإنسان ووضع الم أرة في منطقة البحي ارت تمت بالفعل .من هنا تشير إحدى إصدا ارت منظمة الكبرى من خلال متابعة البحوث الموجهة والسياسات اليونسيف “مرحلة ما بعد :2015التعليم الذي نصبو والمشاو ارت والتواصل وبناء القد ارت وتحقيق سلام إليه” ،إلا أن حركة التعليم العالمية التي بدأت في 41
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة التعليم المجاني والإل ازمي لمدة سنة واحدة على الأقل مجلــــــــــــــــة قبل مرحلة التعليم الابتدائي ،مع إيلاء اهتمام خاص للمساواة بين الجنسين ولأشد الفئات تهمي ًشا .أي ًضا عام 1990وأعيد تأكيدها في داكار عام ،2000 جاء بالغاية الثانية أن تكون جميع الفتيات وكذا إنما تمثل أهم الت ازم شهده المجتمع الدولي في العقود الفتيان قد أتموا بحلول عام 2030مرحلة التعليم الأخيرة .مؤكًدا استبعاده تحقيق جدول أعمال برنامج الأساسي المجاني الإل ازمي الجيد الذي لا تقل مدته التعليم للجميع ،والمنوط باليونسكو إنفاذه لتحقيق عن تسع سنوات ،...مع إيلاء اهتمام خاص للمساواة الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام .2015وعليه تم التأكيد على توافق الآ ارء بشأن ضرورة وضع جدول بين الجنسين ولأشد الفئات تهمي ًشا(.)11 أعمال جديد للتعليم ذي بعد استش ارفي ،يتيح إنجاز ما ويمكن القول بأن الورقة التي نقدمها في هذا الشأن تبقى من أعمال ،ويتجاوز الأهداف الحالية من حيث قد لا يتسع المجال لعرض كل إسهامات اليونسكو في العمق والنطاق لضمان مواجهة التحديات الجديدة، شأن تعزيز حقوق الم أرة والمساواة بين الجنسين ،ولكن وإنصاف أكثر الفئات تهمي ًشا ،وزيادة التركيز على من الضرورة التأكيد في هذا المقام على أن المنظمة تسعى من خلال كل قطاعات العمل بها (التعليم قضايا ومسائل الإنصاف والجودة(.)10 والثقافة والعلوم الطبيعية والاجتماعية والاتصال)، ودون استثناء ،للإسهام في عمليات تمكين وإنصاف ومن المتعارف عليه أن التعليم يحد من أوجه النساء وم ارعاة حقوقهن وتعزيز المساواة بينهن وبين التفاوت ويسهم في القضاء على الفقر ،كما أنه يعد شرط أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الرجال. المحور الثالث :التحديات الأساسية التي تواجه ومن ثم يسهم في تعزيز المساواة بين الجنسين. المنظمة الأممية في نشر وتعزيز المساواة بين وعليه سعت اللجنة التوجيهية لحركة التعليم للجميع، وهي هيئة تمثل الجهات الدولية الرئيسية المعنية الجنسين وتمكين الم أرة: بالتعليم ،والتي تتولى اليونسكو عقد اجتماعاتها ،إلى تشير الإحصاءات الرسمية لمنظمة الأمم المتحدة وضع رؤية جديدة للتعليم في مرحلة ما بعد .2015 أن عدد المنظمات غير الحكومية في عام 2011 وفي الاجتماع العالمي للتعليم للجميع الذي عقدته التي حصلت على الصفة الاستشارية للمجلس اليونسكو في دولة عمان في مايو 2014اتفق قياديو الاقتصادي والاجتماعي إلى ،3382وفي نفس التعليم على اعتماد اتفاق مسقط ،الذي أيدوا فيه واتفقوا العام كانت 348منظمة غير حكومية لها علاقات رسمية بمنظمة اليونسكو ،وكان عدد المنظمات غير على رؤية مشتركة لجدول الأعمال المقبل للتعليم. الحكومية التي حصلت على صفة منظمة استشارية هذا كما حدد المجتمعون في اجتماع مسقط هدًفا لدى منظمة العمل الدولية وصل إلى 200منظمة. أساسًّيا للتعليم في مرحلة ما بعد عام 2015مؤداه ومما لا شك فيه أن لمنظات المجتمع المدني دوًار “ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل والتعليم محو ًرّيا في السعي لتعزيز حقوق الإنسان ،بوجه عام، مدى الحياة للجميع بحلول عام .”2030وقد ركزت الغايات السبع المقرونة بهذا الهدف الرئيس على 42 إيلاء الاهتمام اللازم لمسائل المساواة بين الجنسين. فعلى سبيل المثال شددت الغاية الأولى على توفير
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة تقاريرها عن حالة حقوق الإنسان ،أو عن ملامح مجلــــــــــــــــة تعزيز وإنفاذ المساواة بين الجنسين في مجالات التعليم والثقافة والعلوم والاتصال ،وذلك من خلال وتعزيز حقوق الم أرة والمساواة بين الجنسين ،بوجه لجنة الاتفاقات والتوصيات .وفي حالات الشكاوى خاص ،في كل دول العالم على حد سواء ،والأمر المقدمة من الأف ارد ضد دولهم يسعى وفد الدولة إلى المؤكد أي ًضا أن الأمم المتحدة بكل هيئاتها ومنظماتها الرد على هذه الشكاوى من خلال سفيرها ومندوبها المتخصصة إنما تسعى للتعاون ،بل تعمل بهدف الدائم ،والذي ينضم إليه في معظم الأحيان الوزير تعظيم دور هذه المؤسسات في تمكين الم أرة وتحقيق الذي تقع الشكوى في إطار عمل و ازرته في الدولة المساواة بين الجنسين في الدول أعضاء المنظومة المشكو في حقها ،مما يعني أن الأصل في تعامل الأممية ،وكذا بناء الش اركات معها. المنظمة هو تعامل مع حكومات رسمية. وفيما يختص بمنظمة اليونسكو تحديًدا نجدها إلا أنه يحق للمنظمة (كما هو الحال في لجنة حقوق تعول في كل مجالات عملها في القطاعات المختلفة الإنسان ،ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية)، على الش اركة مع المنظمات غير الحكومية الدولية في حالة عدم الت ازم الدولة بتقديم تقريرها في الموعد والإقليمية والمحلية ،لتعظيم دورها وإنفاذ ب ارمجها في المناسب ،أن تستمع لتقارير (شفهية أو كتابية) من ممثلي منظمات المجتمع المدني ،على أن تكون هذه الدول النامية والدول الأكثر احتيا ًجا. المنظمات ذات علاقات رسمية مع منظمة اليونسكو، أقول إنه ورغم أهمية هذا الدور الذي تقوم به هنا تسعى بعض من منظمات المجتمع المدني منظمات المجتمع المدني إلا أننا ،وفي مجتماعتنا المعارضة لنظام الحكم القائم في تلك الدولة ،من العربية تحديًدا ،ومجتمعات الدول النامية بوجه عام، لا بد وأن نأخذ قضية العمل والتعاون المشترك بين تقديم تقاريرها التي تدين حكومة هذه الدولة. اليونسكو ،ومنظمات المجتمع المدني بحذر شديد. وإذا كانت منظمة اليونسكو هي إحدى أهم الهيئات فعلى الرغم من كل ما تقدمه هذه المنظمات من دعم الدولية المتخصصة (غير السياسية) لمنظمة الأمم فني ومادي وتقني للدول الأعضاء ،وخاصة للدول المتحدة ،فإن أهميتها ترجع – من وجهة نظري – إلا النامية أعضاء المجموعات الجغ ارفية الثالثة (دول أنها تعد العضو البديل والفاعل لتحويل الإخفاقات أمريكا اللاتينية) ،وال اربعة (الدول الآسيوية) ،والخامسة السياسية في مجلس الأمن إلى نجاحات وإنجا ازت (الدول الإفريقية) ،والسادسة (الدول العربية) ،فإن إنسانية من خلال قطاعات عمل اليونسكو – غير هناك – بالفعل – خطًار يكمن في أن هذه الأنشطة السياسية – (التعليم والثقافة والعلوم والاتصال) ،تلك تأخذ في العديد من الأحيان مساًار معار ًضا للسياسات القطاعات التي يمكن إدخال العديد من القضايا الرسمية للدول .والمعروف أن منظمة اليونسكو منظمة والأهداف والأغ ارض السياسية في ب ارمج عملها، حكومية دولية ،يمثل المندوبين (تمثيل بدرجة سفير) ولكن تحت مظلة الأنشطة ومجالات العمل الحامية فيها سياسات حكوماتهم .ومن ثم لا يجوز أن يعطي للت ارث ،مثلاً أو المعززة لقيم التسامح أو الداعية لحرية السفير والمندوب الدائم للدولة أية معلومات أو ق ار ارت أو موافقات إلا ما يتفق ،بل ويتطابق مع رؤية دولته. من المعروف أي ًضا أن الدول الأعضاء تقدم 43
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة المصادر: مجلــــــــــــــــة 1. 1- Tom Campbell, Poverty as a Viola- التعبير ...إلخ والشواهد الواقعية والتاريخية كثيرة على tion of Human Rights: ذلك .فما لا ينجز باتباع القنوات الشرعية السياسية، يمكن أن يتحقق من خلال أساليب ومحتويات التربية Inhumanity or Injustice, in: Thomas Pogge أو المعالجات الثقافية أو المحتويات الإعلامية أو (ed.), Freedom from Poverty as a Human Rights, Oxford Uni. حتى من خلال البحوث العلمية. Press Inc., New York, UNESCO 2007. أقصد من كل ما سبق ضرورة الانتباه للدور المزدوج 2 .2لي ليفي ،حقوق الإنسان – أسئلة وأجوبة ،منشورات لبعض منظمات المجتمع المدني ،والذي يحاول المجتمع المعولم اليوم ثقلها وبلورتها ،لتحديد المسا ارت اليونسكو ،باريس ،الطبعة الرابعة 2004 السياسية لبعض الدول الأعضاء غير المرضي عن 3 .3المرجع السابق نفسة ،ص6 توجاتها السياسية ،وكذا نظمها الاقتصادية ،ولدول عالمنا العربي باع طويل في هذا الشأن .ولا أدل 4 .4البشير شورو ،الأطر الأخلاقية والمعيارية والتربوية على ذلك مما تناوله أحد إصدا ارت اليونسكو ،والذي لتدعيم الأمن البشري في الدول العربية ،اليونسكو – جاء فيه ،أن الاتحاد الأوربي رصد في الفترة ما بين 2013-2007مي ازنية تقدر ب 1,104بليون يورو، باريس .2005 مستهدًفا المنظمات غير الحكومية مشيًار إلى أن 5. http:/ www.urnesco.org/human_rights هذه المبادرة تعتبر مكملة لب ارمج المساعدة الخارجية للمفوضية الأوروبية ،والتي تنفذها الحكومات ،إلا 6 .6المرجع السابق نفسه. أنه يمكن تنفيذها مع شركاء متنوعين ،خصو ًصا مع 7 .7راجع في ذلك :إسهامات وأنشطة قطاع العلوم المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية ومن الاجتماعية باليونسكو على الموقع الإلكتروني التالي: 8. http:// unesco.org/social and human دون قبول الحكومات المضيفة. sciences 9. http://n.eunesco.org/unitwin-unesco- chair-programme راجع في ذلك” 10. http://www.norrag.org اليونسكو وخطة التعليم لمرحلة ما بعد ”2015على انظر أنشطة قطاع العلوم 11. www.unesco.org :الاجتماعية بمنظمة اليونسكو على الوقع التالي 44
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة مجلــــــــــــــــة نحو رؤية استشرافية لمستقبل علم الاجتماع في الوطن العربي أ.د محمد ياسر الخواجة أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة طنطا نسعى في هذه المقالة إلى إثارة عدٍد من القضايا والتساؤلات التي تتعلق بهذا الموضوع الذي اهتمت به المؤتم ارت(*) 1والدوائر العلمية المختلفة ،وتدور هذه التساؤلات حول: ما هو الواقع ال ارهن لعلم الاجتماع في الوطن العربي؟ وما هي أسباب الأزمة التي يعاني منه في الوقت الحاضر؟ وكيف يمكن استش ارف مستقبله وتطوره؟ وإن محاولة الإجابة على هذه التساؤلات تقتضي ق ارءة تحليلية لماضي هذا العلم وحاضره بهدف تحديد العوامل المؤثرة على أزمته ومستقبله. أكثر من قسم علمي ،وإن الجامعات العربية قَّلدت وبنا ًء على ذلك سوف نتناول في البداية النقاط التالية: جامعات الغرب في الاهتمام بتدريس مواد تحمل أولاً :إطلالة على الواقع ال ارهن لعلم الاجتماع ونشأته عناوين معينة من خلال تدريسها بعلماء غربيين داخل في الوطن العربي. الجامعات العربية ،بنفس الأساليب المنهجية والنظرية والجدير بالذكر هنا أن الق ارءة المتأنية للت ارث والمفهومات الأساسية ،وابتدا ًء من نهاية الربع الأول السوسيولوجي العربي تبين أن لعلم الاجتماع تاري ًخا من القرن العشرين عرفت الجامعات العربية أقسا ًما طويلاً نسبًّيا في الوطن العربي ،إذ يرجع تاريخ مستقلة لعلم الاجتماع ،وفي منتصف القرن العشرين الكتابات الاجتماعية حول المجتمع العربي إلى الأيام اهتم المبعوثون المصريون والع ارقيون العائدون من الأولى للغزو الأجنبي؛ حيث استعان الفرنسيون الخارج بترجمة وتعريب علم الاجتماع الغربي إلى وكذلك البريطانيون بمتخصصين للقيام بد ارسات إثنية العربية.2 وأنثروبولوجية في الأقطار التي استعمرت حديثًا؛ وقد ذلك العلم الوليد الذي ظهر كرد فعل للسؤال التالي، استفاد المستعمر في وضع سياساته التي اعتمدها كيف نحقق النظام الاجتماعي في هذا العالم؟ وكيف سواء في المغرب العربي أو في المشرق في إدارة ينشأ ويستمر كل من النظام الاجتماعي والتنظيم مستعم ارته ،1وعندما أنشئت الجامعات الحديثة كانت الاجتماعي؟ وكيف تتكون النظم الاجتماعية؟ وكيف جامعة فؤاد الأول التي أطلق عليها جامعة القاهرة تبقى وتتغير؟ وكان الهدف من الترجمة تدريس الآن عام ،1925وفي ذلك العام لم يكن في الوطن هذا العلم الجديد للطلاب في الجامعات العربية العربي سوى ست جامعات أربع منها أجنبية ،ودخلت والمساهمة في حركة التنوير ،وفي إطار ذلك انقسم مواد علم الاجتماع إلى قائمة المواد التي تدرس في ( )2سعيد فرح وآخرون ،كتابات اجتماعية معاصرة ،مركز ( )1مصطفى عمر التير ،حاضر ومستقبل علم الاجتماع البحوث والدراسات الاجتماعية ،كلية الآداب جامعة القاهرة، في الوطن العربي “ملاحظات عامة” مجلة إصفافات ،العدد ،2003ص .43 الخامس ،يوليو ،2004ص .112 (*) عقد مؤتمر ،مستقبل العلوم الاجتماعية في الوطن العربي ،الذي نظمه مركز دراسات الوحدة العربية في وهران بالجزائر ،في الفترة من 22 – 20مارس .2012 45
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة عنيت بتشخيص أوضاع علم الاجتماع ،الماضية مجلــــــــــــــــة والمعاصرة في الوطن العربي ،يستطيع أن يستخلص ثلاث مجموعات من العوامل التي أثرت في نشأة هذا الباحثون حول قضية التبعية للغرب فكًار وممارسة، فالبعض يرى أن نقل علم الاجتماع الغربي إلى العلم وتطوره. اللغة العربية ليس بدعة أو هو ظاهرة تخص الغرب المجموعة الأولى :تركز على العوامل الخارجية والاستعمار والتبعية وأساليب النظام ال أرسمالي وحدهم ،فالأمريكيون ترجموا كتب علم الاجتماع العالمي؛ لصياغة نسق معرفي دولي يرتبط بهذا النظام ويعبر عن مصالحه ويخدم أغ ارض حسم المكتوبة بالفرنسية والألمانية إلى اللغة الإنجليزية، الص ارع في اتجاه هذه المصالح. ومن قبلهم ترجم الفرنسيون أعمال عبد الرحمن ابن المجموعة الثانية :وتهتم بالعوامل الداخلية المرتبطة خلدون ،والعلماء الاجتماعيون في أمريكا اللاتينية بالأوضاع الداخلية لبيئة المجتمع وتوجهات الطبقات المسيطرة نحوه ،وبالتالي فقد يربط البعض بين غياب ويوغوسلافيا وإي ارن والهند ..إلخ ،الذين عاشوا النقد لمنتج علم الاجتماع وبين التبعية للفكر الغربي ظروًفا مثل ظروفنا ،وترجموا الكثير من مؤلفات الأوروبي والأمريكي.5 علم الاجتماع ،ومفهومات علم الاجتماع الأوروبي المجموعة الثالثة :والتي أثرت على مسيرة علم الاجتماع ومهامه ونشاطاته ،وهي مجموعة ترتبط والأمريكي ،وأعادوا تطويرها ،كما أضفوا عليها معان بخصائص المشتغلين بعلم الاجتماع والعلوم الاجتماعية والثقافية بما في ذلك وعيهم الاجتماعي محلية نابعة من واقع مجتمعاتهم3. ووعيهم بالعلم ودوره النقدي ،وبالتالي يجب أن يرفض المشتغل بعلم الاجتماع مبدأ قبول الظواهر والبعض الآخر يرى أن المجتمع العربي يفتقد الاجتماعية على علاتها ،وأن يحلل أي ظاهرة إلى الأصالة السوسيولوجية؛ لأنه تابع للفكر الغربي اجتماعية أو نسق فرعي دون أي محاذير ،وبالتالي يقترض منه ،ويستورد مقولاته ،وينهل منه أيديولوجيات يمتنع أن نكون مستشارين لمتخذي الق ارر ،وأن يكون فكرية ،وبين الاقت ارض والاستي ارد يظل عالم الاجتماع العربي حائًار يبحث عن هوية فلا يجدها ويعيش هو لنا موقف مستقل عن أجهزة السلطة القائمة6. الآخر في أزمة انفصال وتناقض ،ويقع في ب ارثن الازدواجية الفكرية ،والمحصلة النهائية أنه ينفصل في علاوة على ذلك وبناء على ما يجري في الوطن تحليلاته بين الواقع بأزماته ،وبين الفكر ومعضلاته، وكأن الواقع والفكر مغتربات وليسا متطابقين ،ينظر ()5عبد الباسط عبد المعطي ،اتجاهات نظرية في علم إلى الواقع فلا يعرفه ،ويحلل بفكره فلا ينطبق على الاجتماع ،دار المعرفة الاجتماعية ،الإسكندرية،1995 ، واقع مجتمعه ،ويظل يجمع بين السلفية والمعاصرة ص.ص .174-173 ويفتقد في النهاية الأصالة المتطورة4. ( )6عزت حجازي ،من الذاتي والموضوعي في علم الاجتماع في مصر ،في كتاب علم الاجتماع والاجتماعيون (تجارب والمتأمل في هذا السياق لتحليل الجهود العربية التي وخبرات) مكتبة غريب ،القاهرة ،1989 ،ص 157 ( )3شفيق الغبرا ،معوقات البحث في العلوم الاجتماعية 46 العربية ،مجلة العلوم الاجتماعية ،مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت ،المجلة ،17العدد ،1989 ،3ص.ص -210 . 211 ( )4أحمد مجدي حجازي ،علم اجتماع الأزمة :تحليل نقدي للنظرية الاجتماعية في مرحلتي الحداثة وما بعد الحداثة ،دار قباء للطباعة والنشر ،القاهرة ،1998 ،ص.15
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة والأكثر أمًنا فتباعدت مع الزمن عن البحث الميداني مجلــــــــــــــــة لواقع المجتمع العربي7 . العربي يمكن للمطلع بصورة جيدة على الإنتاج كما تأثر هؤلاء بالمدارس الفكرية التي كانت تسيطر السوسيولوجي العربي أن يستخلص بعض القضايا في الجامعات التي قضوا فيها د ارساتهم ،وكانوا أكثر والموضوعات التي تفاداها الباحثون العرب والتي محافظة من خلال التأثر بالنزعة الوظيفية التي كانت توصف بالمقدس والمدنس ،فبناء على حالة تسيطر في الخمسينيات من القرن العشرين كما تأثر الديموق ارطية في الوطن العربي يمكن القول أن الباحث آخرون بالاتجاهات اليسارية والفكر الاشت اركي، لا يستطيع أن يبحث بسهولة موضوعات كثيرة تتصل والقليل ممن تأثروا بالفكر ال ارديكالي والنقدي الذي بقضايا أزمة المشاركة السياسية والأح ازب السياسية تزعمه اريت ميلز وآلفان جولدنر وأصحاب مدرسة والتداول السلمي للسلطة وحقوق الإنسان ومظاهر الفساد المتصلة بم اركز النفوذ السياسي والقضايا ف ارنكفورت.8 التي تتعلق بالدين والفكر الأصولي والسلفي والت ارث ثم بدأ المناخ العلمي لعلم الاجتماع يأخذ في التردي؛ حيث اتجه بعض الأساتذة إلى ترجمة كتاب أو أكثر الإسلامي التقليدي وحتى المعاصر. أو يؤلفونه ،فالتأليف لديهم ترجمة والترجمة تأليف، ومن هذين الكتابين يتم إنتاج عدة مؤلفات عن طريق أما عن واقع المشتغلون بعلم الاجتماع في الوطن إعادة توزيع وترتيب فصول الكتابين ،ويتم فرض هذه العربي واهتماماتهم العلمية والفكرية ،فلا شك أن المؤلفات لتوزع على الطلاب ،فيزيد العائد المالي أو الرعيل الأول للمشتغلين بعلم الاجتماع درسوا في قل التكسب والتربح 9.وأن ثمة مشكلات أخرى مزمنة أوروبا وانجلت ار وسيطرت المدرسة الفرنسية على ذكر بعضها التقرير العربي للتنمية الثقافية وهي تلك الفكر الاجتماعي العربي؛ فمنصور فهمي كان المتعلقة بأساتذة علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية؛ أول مصري حصل على درجة الدكتو اره في علم حيث بات الالتحاق بمهنة أستاذ جامعي التحاًقا الاجتماع من فرنسا عام ،1913كما حصل طه وظيفًّيا أكثر مما هو التحاق بمهنة بحسب ما جاء في حسين على درجته العلمية عن رسالته عن ابن تقرير مؤسسة الفكر العربي يبقى في وظيفته طوال خلدون وفلسفته الاجتماعية من جامعة باريس عام الخدمة طالما أنه لم يخالف القوانين وبغض النظر 1918ثم تبعهما علي عبد الواحد وافي فحصل على عن نشاطه العلمي ،وما ينشره من أبحاث ،وبغض الدكتو اره من باريس في علم الاجتماع عام ،1931 النظر عن ترقيته ،هذا فضلاً عن غرق غالبية علماء وعبد العزيز عزت الذي درس طوال الثلاثينيات من باريس ،وبالتالي فقد سيطر الفكر الفرنسي على علم ( )7حسن الساعاتي ،عن فلسفة المنهج وأزمة التنظير في الاجتماع سيطرة واضحة ،وكانت المؤلفات المصرية علم الاجتماع ،مرجع سابق ،ص .40 التي ُكتبت كتابة أكاديمية في علم الاجتماع باللغة العربية قد خلطت خل ًطا مؤسًفا بين الترجمة والتأليف، (8) Gouldner, A., The coming crisis & west- وارتبطت بهذه الظاهرة وسار معها ،واتجه المشتغلون ern society Herenmcon, 197. بعلم الاجتماع إلى كتابة الكتب لأنها الأيسر والأسرع -9رايت ميلز ،الخيال العلمي الاجتماعي ،ترجمة عبد الباسط عبد المعطي ،وعادل الهواري ،دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية1997 ، 47
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة الوضعية كأساس منهجي لمعظم البحوث الاجتماعية مجلــــــــــــــــة في الوطن العربي 12فضلًا عن أنه لا توجد علاقة بين ما ينتهي إليه البحث الاجتماعي من نتائج وبين الاجتماع العرب في الموجة الضخمة التي مزجت الق ار ارت والممارسات في مجال ما يسمى بالتطبيق الاجتماعي ،وترجع أسباب هذه الفجوة كما ذكر عزت الإنسانيات وعلم الاجتماع بالأيديولوجيات السياسية حجازي إلى ثلاثة عوامل: التي كانت مهيمنة على الجماعات العلمية مما أدى أولها يرتبط بالمناخ الاجتماعي والحضاري العام. إلى ت ارجع المقصد العلمي ،والسعي إلى ت اركم معرفة والثانية تتصل بالبحث الاجتماعي والمنشغلين به. الوقائع والقوانين المجتمعية لمصلحة انتشار النظريات والثالثة ترجع إلى متخذي الق ارر والممارسين في مجال والرؤى والبناءات الفكرية المحددة سلًفا ،وصولاً إلى العمل الاجتماعي العام13. دخول الأصولية الدينية بقوة على موضوع العلوم ولذلك أصبح من المتعثر على الفكر الاجتماعي الإنسانية والاجتماعية ،وهي جميعها من الأمور التي العربي الخروج من هذه الأزمة إلا بتوفر إ اردة وطنية مخلصة للاهتمام بخصوصيات المجتمعات العربية أثرت سلًبا على جودة تعليم علم الاجتماع ولا سيما وت ارثها الفكري ،وتحقيق الاستقلالية المعرفية عن في ظل التحديات المتعلقة بأزمة التعليم الجامعي المجتمعات الغربية ،بشكل حقيقي ،وفي ظل ذلك يكون الخلق والإبداع ،وهنا يصبح الخيال السوسيولوجي عموًما ومنها اتجاه أكثر فأكثر نحو التنوع الذي ارح أمًار واقعًّيا ناب ًعا من ت ارثنا العربي وثقافة مجتمعاتنا يطرح معه مسألة جودة التعليم بشكل عام10. الحقيقية ،ود ارسة قضايانا ومشكلاتنا الواقعية من خلال مناهج تتناسب مع خصوصياتنا الحضارية وفي ظل ضعف المناخ العلمي هذا ،فقد تردى المستوى المنهجي والأداء العلمي للد ارسات والثقافية. الاجتماعية؛ إذ تفتقد الكثير من البحوث للإتقان المنهجي من جمع المعلومات إلى أسلوب الكتابة ثانًيا :نحو رؤية استش ارفية لمستقبل علم الاجتماع إلى ت اربط الأفكار ،وتنظيم الموضوع وطرح المشكلة، في العالم العربي وإج ارءات الضبط المنهجي ،وتحليل المشكلة وتفسيرها ،وقد أَثّر هذا على حالة التردي التي تشهدها لقد أوضح التحليل السابق أن علم الاجتماع – في الوقت ال ارهن – يعاني من أزمة متعددة المستويات من العلوم الاجتماعية العربية بشكل عام11. حيث الموضوعات البحثية والأطر التنظيرية وأساليب هذا بالإضافة إلى غياب قضايا المجتمع العربي الضبط المنهجي والمنتج المعرفي للمشتغلين به. عن المشتغل بعلم الاجتماع وغياب الوعي التاريخي والانشغال بالمفاهيم التحليلية الغربية مثل التكيف ( )12سالم ساري ،الاجتماعيون العرب :دراسة القضايا الاجتماعي والإجماع القيمي والتفكك والنسق والتوازن المجتمعية العربية ،ممارسة نقدية ،المستقبل العربي ،بيروت، والوظيفة والتكامل ،وينسحب ذلك على الطرق المنهجية للبحث الاجتماعي؛ حيث نجد سيادة السنة ،8العدد ( )75مايو .1985 ( )13عزت حجازي ،مرجع سابق ،ص.ص . 162-161 ( )10رفيق رضا ،في اهتزاز مستقبل علم الاجتماع العربي، مؤسسة الفكر العربي2014 ، 48 ( )11محمد ياسر الخواجة ،إشكالية التعدد المنهجي واستخدامه في علم الاجتماع ،مجلة العلوم الإنسانية ،البحرين ،العدد ،4 صيف .2001
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة جهد الترجمة أحياًنا ،ولم تسر في الطريق الذي سار مجلــــــــــــــــة فيه علم الاجتماع الأمريكي ،لنبدع عل ًما اجتماعًّيا يعبر عن خصوصيتنا الثقافية والحضارية ،ويفسر كما تبين أن المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن واقعنا الاجتماعي تفسيًار علمًّيا ،لقد تمثل دارسو العلم العربي هم العامل الجوهري والحاسم في مسيرة العلم الاجتماعي في أمريكا القضايا التي طرحها الرواد، وتطوره؛ فهم الذين يقع على عاتقهم نقل المعرفة ومناهجهم ،ثم بحثوا عن هوية جديدة تميز علم الاجتماع وإنتاجها وتفسيرها وإعادة إنتاجها مرة أخرى واستهلاكها عندهم عن علم الاجتماع الأوروبي وتؤكد أصالته؛ فاتجهوا إلى الد ارسات الميدانية ،واعتمدوا على المسح وتقديمها إلى متخذي الق ارر وإقناعهم بها. الاجتماعي ،والبحوث التفسيرية في الريف والحضر، والأسرة والمصنع والمدرسة ،ووصفوا وفسروا السلوك كما تبين أن بداية علم الاجتماع على يد الرواد السوي ،والسلوك المنحرف ،واعتمدوا على التحليل الأوائل من المشتغلين بعلم الاجتماع كانت بداية الإحصائي للبيانات الرقمية عن المجتمع الأمريكي، قوية وجادة مخلصة اهتمت بترجمة الأعمال الكاملة خاصة وأن علم الاجتماع بصفته عل ًما تصوي ًرّيا كما لرواد علم الاجتماع الفرنسي عامة ،وكانت المؤلفات يقول هابرماس وملتزًما بخط الطلب الاجتماعي الذي التي تصدر بالعربية ارئدة لنقل الموضوعات والقضايا هو طلب أداتي خاص بالمؤسسات العامة والخاصة، والأفكار التي طرحها دوركايم وأتباع مدرسته إلى وكذلك بالثقافة الصناعية يهتم أكثر فأكثر بالتوقعات دارسي علم الاجتماع في العالم العربي ،وكان هؤلاء ويجمع المعطيات الميدانية ويحللها ويفسرها ،ويهتم الرواد من أنصار تنوير العقل ،وتعريف الطلاب بالتنظيم أما الإمكانية الأخرى فإنها تكمن في تطوير والق ارء بفكر عصر التنوير ،كما كانوا يسعون إلى نظرية نقدية تكون بمثابة تحليل الحالات الاجتماعية إعداد جيل من الباحثين الاجتماعيين المسلحين المرضية في الساحات العامة من أجل الالت ازم في بالثقافة العلمية يسهم في د ارسة أحوال هذا المجتمع والنهوض به ،وبالتالي قدم هؤلاء الرواد المؤسسون عملية التطوير العام والمعقول15. لعلم الاجتماع في العالم العربي أعمالاً مهمة ومفيدة، ورفيعة المستوى لكن الق ارءة المتأنية للمنتج المعرفي وبالتالي فالفرق بيننا وبين المجتمع الأمريكي أنهم في السنوات الأخيرة تأليًفا أو ترجمة افتقدت هذا حاولوا فهم وتفسير مجتمعاتهم ،وهذه المحاولة الجادة العمق ،والفهم السليم لمضمون علم الاجتماع ونظرياته أدت إلى نشأة علم اجتماع أمريكي مميز ،أما جهدنا ومفاهيمه في فهم المجتمع وانحرفت بالإبداعية عن فلا ازل قاصًار على النقل والتوليف واستهلال المعرفة المسار السليم للعلم الاجتماعي .خاصة وأن نقطة وليس إنتاجها ،ولم نقم بمحاولات جادة لجمع معطيات البداية التي انطلق منها علم الاجتماع في العالم العربي هي نقطة البداية التي انطلق منها علم ميدانية عن مجتمعاتنا وتفسيرها. الاجتماع الأمريكي14وهي التعرف على علم الاجتماع الأوروبي عموًما والفرنسي خصو ًصا وترجمته ،إلا ( )15بان سبورك ،أي مستقبل لعلم الاجتماع في سبيل البحث أننا توقفنا عند الترجمة والنقل والاقتباس ،بل ُخِّرب عن معنى ،وفهم العالم الاجتماعي ،ترجمة حسن الحاج، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ،2009 ،ص.ص ( )14انظر علم الاجتماع الأمريكي ،دراسة لأعمال تالكوت بارسونز تأليف جي روشيه ،ترجمة محمد الجوهري ،وأحمد . 206-205 49 زايد ،دار المعارف ،القاهرة.1983 ،
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة في الت ارث السوسيولوجي العالمي من أفكار وتجارب مجلــــــــــــــــة ودروس ،ليس بالقطعية معه ،وليس بالانكفاء على (الذات) والت ارث القومي أو التنكر له وإنما بالإفادة وعلى هذا فإن التطلع إلى إحداث مستقبل مرغوب منها بعقل منفتح وقدرة على النقد والاختيار وتحقيق لعلم الاجتماع في الوطن العربي يتطلب طرح عدًدا الإبداع والخيال السوسيولوجي. من الرؤى والأفكار القابلة للحوار والنقاش والتطوير .4ضرورة السعي لوضع هوية لعلم الاجتماع في والتي يمكن إيجازها فيما يلي: الوطن العربي ،تنطلق من طريقة التفكير والمصالح المجتمعية الحالية والمستقبلية والخصوصية الثقافية .1يجب أن يهتم المتخصصون في علم الاجتماع والتاريخية والمعاصرة للمجتمع العربي ،في علاقتها بأنماط تطور مجتمعات أخرى شاركتنا التاريخ إذا أ اردوا أن يكون لهم في المستقبل لهم مكانة بين والثقافة ،وتشاركنا الواقع المعاصر. الآخرين عليهم فتح الأبواب وإ ازلة الحدود مع بقية .5ضرورة المشاركة من خلال فريق عمل جماعي تخصصات العلوم الاجتماعية؛ لأن التخصصات وليس فردي ،لتحقيق قدر معقول من الاستم اررية والتواصل للاستفادة من الت اركم المعرفي بين جهود البينية التي تتناول الظواهر الاجتماعية تمثل المستقبل المشتغلين في علم الاجتماع وبين العلم وسائر الأنساق الفرعية الأخرى في المجتمع ،بحيث نبدأ من الواعد لهذه العلوم.16 حيث انتهى إليه الآخرون ،وهذا يستلزم تجميع الأفكار والمقترحات المختلفة التي حملتها جهود عربية سابقة وفي هذا السياق يمكن الاستفادة من تجارب بعض لتحليلها وتعميقها وتحديد موقف منها ،وأن رصد تلك علماء الاجتماع المعاصرين من أمثال بيير بورديو الجهود وتصنيفها يساعد في تحديد الجوهري منها الذي و َّظف خبرته في د ارساته للفلسفة والأنثروبولوجيا، والثانوي ،والذي يليه في الأهمية ،والممكن الآن، والمنطق والإحصاء في كتاباته السوسيولوجية والتي والممكن غًدا ،ويجب أن تعتمد أي محاولة للتصنيف أخذت لها مكانة متميزة في الفكر الاجتماعي ،ووجد فيها الآخرون أساليب مفيدة لفهم ما يجري في على معيار وظيفة العلم وهي وظيفة ذات شقين: المجتمع والتغي ارت التي تحدث فيه17. الشق الأول ،علمية سعيها تطوير العلم نظ ًرّيا ومنهجًّيا وقي ًما وممارسة. .2أن نعمل على إقامة تنظيم مهني مسئول يستند إلى ميثاق شرف مهني يضع معايير وضوابط عامة والشق الآخر ،مجتمعية هدفها إسهام العلم في إحداث للمشتغلين بعلم الاجتماع وينظم التفاعل بينهم وبين التغيير الاجتماعي المرغوب لصالح غالبية الجماهير غيرهم في المجتمع وبين المشتغلين بالعلم بعضهم المنتجة والمدافعة عن الوجود العربي. مع بعض. .6ضرورة الاهتمام بمناقشة وتحليل القضايا .3ضرورة الاهتمام بمعرفة التطو ارت الحديثة التي 50 تحدث في مجال العلم من حيث النظرية ،والمنهج وأساليب البحث وط ارئقه ،ويجب أن يتم ذلك لا بنقل ما ( )16انظر كوني روجيباند ،وبيرت كلاندرمانز ،الحركات الاجتماعية عبر التخصصات البينية ،ترجمة محمد ياسر الخواجة و يسري الغراوي ،نور للنشر والتوزيع ،ألمانيا، ،2021وبخاصة مقدمة الكتاب . (17)Wacquant, L, The sociological life of Pierre Bourdieu, international sociology, v. 17, No. 4, 2002, pp 549, 556
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138