نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ت�صـدير يعد هذا الكتاب الثاني في �سل�سلة الا�صدارات القانونية ،وعندما تم ن�شر الا�صدار الأول من هذه ال�سل�سلة \"القانون والحياة\" وردت إ�لى إ�دارة المركز عدة مخاطبات ومرا�سلات تثمن القيمة العلمية لذلك الإ�صدار ،لا �سيما و أ�ن م�ؤلفه هو واحد من أ�لمع المفكرين في مجال الدرا�سات الفل�سفية القانونية ،دانت له مفاتيح البحث المنهجي واجتمعت فيه الممار�سة العلمية والعملية. وان�سجام ًا مع دور وطبيعة هذه الا�صدارات ،والثراء في الطرح المنهجي المو�ضوعي، فقد �إرت�أت ادارة المركز �إ�صدار م ؤ�لف آ�خر ل أل�ستاذ الدكتور منذر ال�شاوي بعنوان “نظرية القانون في الذاهب ال�شمولية” ،لتناق�ش بع�ض المفاهيم التي طرحتها هذه المذاهب ،ومن ثم أ�هم النتائج التي اف�ضت اليها لتحاول في التحليل الاخير الاجابة عن بع�ض ا أل�سئلة المهمة التي رانت الحقبة التي بزغت فيها ،من خلال الوقوف على �أدق تف�صيلات هذه الطروحات ،وانعكا�س ذلك على الأطر المفاهيمية ،والر�ؤى القانونية والفل�سفية التي كان لها الدور الأ�سا�سي في �صياغة وبلورة �شكل وم�ضمون النظرية القانونية. 3
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ولا �شك أ�ن ت�سليط ال�ضوء على هكذا نوع من الدرا�سة� ،إنما هو جزء من عملية إ��شاعة الثقافة القانونية ،وتي�سيرها للقارئ العربي ب�صفة عامة والعراقي على وجه التحديد ،على نحو ي�ستطيع الأن�سان العادي والمخت�ص من �أن يقطف ثماره ،ويدرك غاياته وي�صل إ�لى عقله ب�أ�سلوب �شيق يت�ضمن الفائدة والمتعة مع ًا. و إ� ْذ يرنو المركز العراقي للدرا�سات الا�ستراتيجية إ�لى تحقيق المزيد من الانتاج المعرفي ،ف إ�نه ي�أمل �أن يحظى هذا ا إل�صدار بقدر وافر من الاطلاع والاهتمام والعناية. 4
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية توطئة لكي تكتمل ال�صورة التي قدمناها عن ا�سا�س وطبيعة القانون ،نرى من المنا�سب الوقوف عند بع�ض المذاهب التي �أعطت لل�سلطة وممار�ستها ،دورا �أ�سا�سيا إ�نعك�س، وكان يجب �أن ينعك�س على القانون ومفهومه. ولعلنا نجد في المذهب النازي والمذهب المارك�سي خير مثالين على ذلك. فدرا�سة القانون في المذهب القومي ا إل�شتراكي ،وموقف المارك�سية من القانون، يمكن �أن تقدم �صورة ،ولو مقت�ضبة ،لما يمكن �أن يكون عليه القانون في �ضوء ت�صور معين ل إلن�سان وللمجتمع ولل�سلطة. ولذلك ف إ�ن لها موقعها في ت أ�ريخ الفكر القانوني ،وفي \"فل�سفة القانون\". والعلاقة بين الفل�سفة ال�سيا�سية والفل�سفة القانونية ،م�س أ�لة في غاية ا ألهمية� ،إلا إ�نها لم تعالج بال�شكل الكافي من قبل مذاهب القانون التي عرجنا على درا�ستها(.)1 لذلك نحاول �أن نبين هذه العلاقة من خلال الوقوف عند فكرة القانون في المذهب القومي الإ�شتراكي (النازي) وفي المذهب المارك�سي. وقد يخرجنا ذلك بع�ض ال�شيء عن ا إلطار\"الكلا�سيكي\"لفل�سفة القانون رغم �إنه إ�غناء لا مثيل له لهذه الفل�سفة القانونية ،بقدر ما يلق ال�ضوء على تطور معين للقانون من خلال ر�ؤية �سيا�سية وفل�سفية معينة. و�سنخ�ص�ص ق�سما أ�ولا ،لدرا�سة القانون في المذهب القومي – ا إل�شتراكي ،كما �سنخ�ص�ص ق�سما ثانيا إ�لى المارك�سية والقانون .وحيث �أن المارك�سية أ�قدم تاريخيا من النازية ،فكان من المنطق والمنهج ال�سليم �أن نبد أ� بدرا�سة موقف المارك�سية من ـاـلـ ـقـ ـا ـنـ ـو ـ ـنـ.ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ (� )1أنظر :منذر ال�شاوي :فل�سفة القانون ،مطبوعات المجمع العلمي العراقي ،بغداد 1994 5
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية �إلا أ�ن مايبرر هذا التقديم والت أ�خير هو �أن للمذهب القومي – الا�شتراكي نظرية متكاملة وا�صيلة عن القانون ،أ�ما المارك�سية فقد حددت موقفا وقدمت تحليلا للقانون في المجتمعات الر أ��سمالية والبورجوازية . �صحيح أ�نها �أعطت بعدا معينا للقانون في �إحدى مراحل البناء الإ�شتراكي �،إلا أ�نها آ�منت ب�إلغائه في آ�خر ا ألمر .لذلك يمكن القول �أن موقف المارك�سية من\"القانون\"كان موقفا راف�ضا �أو �سلبيا �إن �صح التعبير .ولهذا فقد قدمنا ،في هذه الدرا�سة المذهب التقدمي الإ�شتراكي على المذهب المارك�سي(.)1 وفي عر�ضنا لموقف المارك�سية من القانون ،فقد �إنطلقنا من معطيات الفكر المارك�سي عند مارك�س و�إنكلز ومن ثم لينين ،بعيدا عن التف�سيرات التي أ�عطيت له والتطبيقات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1وقد كان منطقيا �أن نتطرق �أي�ضا ،في هذا المجال ،إ�لى المذهب الفا�شي الأيطالي ،نظرا للت�شابه من حيث تركيبة ال�سلطة وربما الهدف ،بين هذا النظام والنظام النازي� .إلا أ�ن ا�ستبعادنا للمذهب الفا�شي الايطالي يعود �إلى �إنه لم ي أ�ت ب�شيء في ميدان نظرية القانون والدولة ،بينما أ�حدث النظام القومي – الإ�شتراكي تغييرا جذريا في هذه النظرية التي كانت �سائدة في المانيا ومعتمدة �أي�ضا في �إيطاليا .والنظرية التقليدية الالمانية للقانون والدولة تت�ضمن تبني الو�ضعية القانونية بمعنى أ�ن القانون تخلقه الدولة ب إ�رادتها وهي �شخ�ص معنوي �صاحب �سيادة يت�صرف بوا�سطة هيئات توزع بينها وظائف الدولة على أ��سا�س مبد�أ\"الف�صل بين ال�سلطات\". ولم ي�سلم بهذه النظرية المذهب القومي – الإ�شتراكي ولم يحاول التكيف معها ،ب�إعتبار �أن هذه النظرية �أقيمت في ظل نظام �سيا�سي يختلف تماما عن النظام القومي – ا إل�شتراكي .أ�ما المذهب الفا�شي فقد �إعتقد إ�نه من الممكن الإبقاء على هذه النظرية والتكيف معها بما ي�ضمن �سلطة\"الدوت�شي\"ال�شخ�صية .فالدولة� ،شخ�ص ،ذو �سيادة ،تمار�س ال�سلطة وتقيم القانون .و\"الدوت�شي\"هو أ�حد هيئات الدولة بالمعنى القانوني� .إلا �أن \"الدوت�شي\" (مو�سوليني ) يجمع بين يديه \"ال�سلطة\" الت�شريعية وال�سلطة التنفيذية ،بالرغم من \"ا إلبقاء\" على مبد�أ الف�صل بين ال�سلطات .فهو يملك ال�سلطة الت�شريعية بمقت�ضى تفوي�ض البرلمان .أ�ما ال�سلطة التنفيذية ،التي تعود �إلى الملك فقد مار�سها \"الدوت�شي\" فعلا بموجب \"التوقيع الوزاري\" على القرارات .وعليه فمن الناحية \"القانونية\"، ونقول النظرية ،ف�إن الف�صل بين ال�سلطات قد بقي في ظل النظام الفا�شي حيث أ�ن البرلمان له ال�سلطة الت�شريعية والملك له ال�سلطة التنفيذية ،بيد �أن الواقع يق�ضي ب�أن هذه \"ال�سلطات\" بيد مو�سوليني وبالتالي ف إ�ن �سلطته ال�شخ�صية تتما�شى مع نظرية الدولة – �شخ�ص ومع ف�صل ال�سلطات ومع ا إلبقاء على الو�ضعية القانونية. فالدولة تقيم القانون وهو التعبير عن �إرادتها وبالتالي ف إ�ن القانون كل القانون هو في القانون الو�ضعي �.إلا أ�ن هذا القانون الو�ضعي هو ،في الواقع تعبير عن إ�رادة \"الدوت�شي\" وبما إ�نه \"هيئة\" من هيئات الدولة ف�إن �إرادة الدوت�شي ت�صبح إ�رادة الدولة ،وبالتالي ف�إن القانون ،يبقى ،وفق المنظور الو�ضعي ،تعبيرا عن �إرادة الدولة (انظر :بونار ،القانون والدولة في المذهب القومي _ الإ�شتراكي ،ط 2باري�س � ،1939ص .) 6-5 6
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية التي منه �إ�ستوحت .ولذلك ف�إن موقف المارك�سية من القانون لا يقدر وفق �أو من خلال النظام أ�و التجربة ال�سوفيتية وتطبيقات بلدان الديموقراطيات ال�شعبية ،فهي مجرد تف�سيرات للفل�سفة المارك�سية أ�ملتها ظروف ونزعات غالبا هي �شخ�صية. فمحاولة فهم الفلف�سة المارك�سية وبالتالي أ��سا�س القانون في المذهب المارك�سي من خلال تجارب بع�ض\"الدول المارك�سية\"لايمكن �أن يكون مرجعا يعتمد عليه ولا منهجا علميا يركن �إليه. وقد يعتر�ض فيقال �أن إ�دراك القانون في المذهب القومي -الإ�شتراكي لايمكن أ�ن يتم إ�لا من خلال النظرية والتطبيق في الدولة النازية ،فلم لا يكون الأمر كذلك في الدولة ال�سوفيتية ؟ والجواب على ذلك هو �أن النظرية والممار�سة في الدولة القومية -الإ�شتراكية كانتا في تفاعل دائم بمعنى �أن الفكر ال�سيا�سي والقانوني كان في �صيرورة دائمة لبناء نظرية قانونية جديدة .فلا خوف إ�ذن من «التحريف\" ،كما في للمارك�سية ،وا إلبتعاد عن نظرية فل�سفية متكاملة .فا ألقت�صار، �إذن ،على\"ا آلباء\"الثلاث المارك�سية هو أ�ف�ضل ما يمكن �أن يقدم من حيث الدقة والمو�ضوعية عن المارك�سية والقانون. 7
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية 8
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية الق�سم ا ألول القانون في المذهب القومي -ا إل�شتراكي 9
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية 10
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية يرتكز بناء النظام القومي – الإ�شتراكي على �أ�سا�سين: «ال�شعب جماعة قومية\"والفهرر .و\"ال�شعب جماعة قومية\"يعني �أن ال�شعب ا أللماني الذي أ��سا�سه العن�صر ي�شكل\"جماعة\"تنجب القانون ب إ�عتباره النظام الحياتي لل�شعب بو�ضعه الجماعي. والفهرر (القائد ) يقوم \"بقيادة \"FÜhrungال�شعب جماعة قومية الذي يكون في هذه الحالة \"تابعا\" ويتم ذلك بم�ساعدة الحزب القومي – ا إل�شتراكي والدولة ب إ�عتبارها و�سيلة لتحقيق ذلك .وعليه ف�إن المنطلق الأ�سا�س في النظام القومي – الإ�شتراكي هو ال�شعب جماعة قومية :فكل �شيء يدور حوله ويرتبط به .فالقانون يجد م�صدره في ال�شعب ،لأنه النظام الحياتي لهذا ال�شعب .وال�شعب يكون \"تابع\"، وعندها تظهر �ضرورة قيادة ال�شعب جماعة قومية من قبل الفهرر. لذا يتوجب التوقف في البداية عند فكرة \"ال�شعب جماعة قومية\" وعند فكرة \"القيادة\" اللتان تكونان محور معطيات المذهب القومي – الإ�شتراكي. 11
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية الف�صل ا ألول معطيات المذهب القومي – الإ�شتراكي اولا -ال�شعب جماعة قومية �إن فكرة \"ال�شعب جماعة قومية\" تعتبر كما قلنا المنطلق ا أل�سا�س للنظام أ�و المذهب القومي – ا إل�شتراكي .فكل �شيء ينحدر منها ويرتبط بها .وهتلر في كتابه \"كفاحي\" وفي خطبه وقف طويلا عند مفهوم ال�شعب بالمعنى القومي – ا إل�شتراكي. وكان ذلك منطلقا لمنظري وفقهاء المذهب القومي – الإ�شتراكي لتعميق ومنهجة هذا المفهوم لل�شعب وبالتالي لتمييز النظام النازي عن النظم الدكتاتورية وعن النظام الفا�شي الإيطالي(.)1 و \"ال�شعب جماعة قومية\" يتكون من مفهومين :ال�شعب والجماعة القومية .وهذان المفهومان يتميز كل منهما عن الآخر ،رغم الت أ�ثير المتبادل بينهما .فلكل منهما مدلوله الخا�ص في المذهب القومي الإ�شتراكي .لذلك يتوجب الوقوف� ،أولا ،عند مفهوم ال�شعب ،ثم عند فكرة \"الجماعة القومية\". )أ (مفهوم ال�شعب إ�ن المفهوم القومي -الإ�شتراكي لل�شعب هو مفهوم \"عرقي \"ethniqeيقوم على ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1فغالباماكانمو�سولينيي ؤ�كد أ�ولويةالدولةعلىال�شعبفهويقول\"لي�ستا ألمةهيالتيتخلقالدولة،بالعك�س، ف�إن االأمة خلقتها الدولة .فالدلة تعطي ال�شعب إ�رادة وبالتالي وجود فاعل (\"مو�سوليني :الفا�شية\"ذكره ،بونار، القانون والدولة في المذهب القومي – الإ�شتراكي ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص ،23هام�ش )1 12
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية فكرة \"العن�صر .\"larace فال�شعب ا أللماني يقوم على �أ�سا�س عن�صري .في الحقيقة لم تتبن المانيا ،في أ�ي وقت المفهوم الذاتي لل�شعب الذي أ��سا�سه الرغبة في العي�ش الم�شترك بحيث �أن ال�شعب ووحدته يقومان على الإنتماء الطوعي لمن يريد أ�ن يكون جزءا من ال�شعب ،وهو مفهموم ذو طبيعة نف�سية �أو روحية بعيدة عن �أي �صفة \"بايولوجية\" .أ�ما ما �ساد دائما في المانيا فهو المفهوم المو�ضوعي لل�شعب .ففي مطلع القرن التا�سع ع�شر قيل أ�ن ال�شعب هو \"جماعة قومية\" طبيعية �أ�سا�سها وحدة ا أل�صل واللغة وبالتالي فهو وحدة روحية ،ومن هنا جاء م�صطلح \"روح ال�شعب � .\"volksgeistإلا أ�ن الجديد الذي جاء به النظام القومي – الإ�شتراكي هو إ�دخال فكرة العن�صر في المفهوم المو�ضوعي لل�شعب ،بمعنى إ�عتبار العن�صر �أ�سا�سا جوهريا للفئة القومية. وهذا ا أل�سا�س العن�صري لل�شعب يمكن �أن يكون على وجهين .فيمكن ،أ�ولا� ،إعتبار ال�شعب وحدة عن�صرية أ�ي إ�نه يتطابق مع عن�صر ب�شري معين أ�و على ا ألقل يتجه أ�و يجب أ�ن يتجه نحو هذه الوحدة العن�صرية. ويمكن ،ثانيا ،إ�عتبار ال�شعب مكون من عدة \"عن�صريات \"racesب�شرط �أن تكون هذه المكونات الب�شرية \"متقاربة\" عن�صريا ،إ�ذ بف�ضل هذا التقارب يمكن �أن تتحقق الوحدة القومية .كما �أن المكونات الب�شرية العن�صرية المهيمنة نوعا أ�و كما ،في هذا التقارب هي التي تمنح ال�شعب �صفته المميزة وبالتالي يجب أ�ن تكون محل رعاية أ�و تف�ضيل لكي ت�ستمر ال�سمة الخا�صة بال�شعب(.)1 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .29 – 28 وبناءا عليه ف�إن القانون ال�صادر في 15ايلول عام ( 1935المعروف بقانون نورمبرغ ) جاء لتثبيت التكوين العن�صري لل�شعب الالماني حين ميز بين الجن�سية وحق المواطنة .فالجن�سية الالمانية تكت�سب ويحتفظ بها بدون �أي �شرط عن�صري �.أما حق المواطنة فيخ�ضع إ�لى �شرط العن�صر .وا ألفراد الذين يتمتعون بحق المواطنة هم وحدهم الذين يكونون ال�شعب الالماني بمعناه العن�صري . (انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .)47 13
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية (ب ) فكرة الجماعة القومية إ�ن مفهوم ال�شعب القائم على أ��سا�س عن�صري لايمكن أ�ن يدرك ب�صورة معزولة عن \"الجماعة القومية\"� ،إذ �أن ال�شعب مكون ومنظم في جماعة قومية .فالجماعة القومية مكونة من �أفراد مرتبطين الواحد بالآخر ولي�سوا موجودين الواحد بجانب الآخر فقط .فالأ�سا�س� ،إذا ،في \"الجماعة القومية\" هو هذا \"الربط\" الموجود بين الأفراد اللذين يكونونها .وهذا الربط في الجماعة ال�شعبية يجد أ��سا�سه في أ�ن كل �أع�ضاء هذه الجماعة هم من نف�س الدم �أو من دم متقارب ،وبالتالي مغرو�سة فيهم\"الروح المو�ضوعية\" لل�شعب .ويترتب على ذلك أ�ن تفكيرهم �إجتماعي ولي�س فرديا و �شخ�صيتهم هي \"�شخ�صية جماعية\" ولي�س �شخ�صية فردية ،أ�ي أ�نها �شخ�صية لاتجد وجودها في ذاتها ،وفي ت�أكيد هذه الذات ،بل في كونها تحمل روح \"الجماعة\" وبالتالي ف�إنها تت�صرف وفقا لهذه الروحية .ولهذا وبف�ضل هذا ا إل�سهام في روح الجماعة يوجد �ضمن «الجماعة القومية\" وحدة وتعاون وت�ضامن من �ش�أنها تحقيق الربط بين الأفراد .وهكذا يتكون مجموع �أو \"كل\" لايذوب فيه الأفراد بل يترابطون. ومن هذا الترابط ين�ش أ� مجموع يعلو على الفرد دون أ�ن يلغيه. وهذا المجموع واقع ملمو�س بال�ضبط كالواقع الفردي .لكن لكي يوجد هذا الترابط بين الأفراد بف�ضل �إ�سهامهم في الروح المو�ضوعية لل�شعب ،فلابد من وجود �شعب مكون على أ��سا�س عن�صري ،من عن�صر واحد أ�و خليط معين من عن�صريات ب�شرية. وفي مثل هذا ال�شعب يمكن أ�ن تتكون روح مو�ضوعية ي�سهم فيها ا ألفراد وبف�ضلها تتكون هذه الرابطة التي تميز \"الجماعة القومية\" ،لأن �أع�ضائها هم من نف�س الدم �أو من دم متقارب .لذلك أ��شرنا إ�لى هذا التلازم والت�أثير المتبادل بين \"الجماعة القومية\" وال�شعب في مفهومه العن�صري (.)1 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،القانون والدولة في المذهب القومي – الإ�شتراكي� ،ص . 64 – 60 14
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ثانيا – القيادة الفكرة ا أل�سا�سية ،بالن�سبة للمذهب القومي الإ�شتراكي ،هي �أن ال�سلطة ال�سيا�سية تمار�س ب�شكل \"قيادة\" وهي طريقة خا�صة لممار�سة ال�سلطة عن طريق ال�سلطة ال�شخ�صية لفرد هو \"القائد .\"le fÜhrerوهذا ال�شكل لممار�سة ال�سلطة ال�سيا�سية تفر�ضه واقعة كون ال�شعب – جماعة قومية .وعليه يتوجب الوقوف ،أ�ولا ،عند فكرة القيادة ،وتحديد مفهوم \"القائد\" بعد ذلك. ( أ� ) فكرة القيادة �إن \"القيادة\" بالمعنى القومي – ا إل�شتراكي تعني أ�ن ال�شعب يقوده الفهرر (القائد). فالفهرر قائد ومر�شد ي�سير أ�مام ال�شعب ويدله على الطريق الواجب ال�سير فيه. فال�شعب \"يتبع\" القائد وهو تبعية \"Gefolgschaftله .ومن هذه القيادة والتبعية ينتج إ�رتباط متين بين القائد وال�شعب .في الحقيقة إ�ذا كانت ممار�سة ال�سلطة ال�سيا�سية هي قيادة ،و�إذا كان ال�شعب مقود من قبل الفهرر (القائد) ،فذلك ألنه ك ﱠون \"تبعية\" مخل�صة للقائد م�ستعدة لل�سير ورائه بدون تردد ،ألنها في ثقة وتعاطف معه .ولهذا ف إ�ن القائد هو في وحدة متينة مع\"تبعيته\". فبينهم �صلة ورفقة جوهرها الثقة المتبادلة .فال�شعب يثق بقيادة قائده والقائد يثق ب إ�خلا�ص تبعيته .فما يميز �إذن \"القيادة\" عن الأ�شكال ا ألخرى لممار�سة ال�سلطة هي هذه\"التبعية\"الإختيارية المخل�صة للقائد الواثقة منه .فهناك إ�ذن تلازم بين القيادة وال�شعب جماعة قومية .فالقيادة لايمكن أ�ن توجد إ�لا �إذا كان ال�شعب جماعة قومية كما أ�ن وجود ال�شعب جماعة قومية ي�ستدعي بال�ضرورة القيادة. وال�شعب – جماعة قومية لايمكن بطبيعته إ�لا أ�ن يكون \"تبعية\" لأنه لايمكن أ�ن يكون 15
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية مو�ضوع خ�ضوع ،فالخ�ضوع لا يط�أ �إلا ا ألفراد .وحيث أ�ن ال�شعب – جماعة قومية ولي�س مجموع �أفراد متجاورين ،لذا كان بين أ�ع�ضائه ترابط ووحدة تجعل منهة فئة حقيقية هي في علاقة مع القائد .وعليه ففي نظام القيادة لا يمكن القول أ�ن ال�شعب \"محكوم\" من قبل القائد. بناء عليه ف�إن القيادة تختلف عن\"الحكومة\"بالمعنى الوا�سع للكلمة وكذلك عن \"الإدارة\". فالحكومة تت�ضمن في جوهرها الأمر والطاعة فهي تمار�س \"الهر�شافت \"Herrschaftالذي بموجبه ت أ�مر .وهذا يفتر�ض وجود أ�فراد رعايا وعلاقة خ�ضوع، وهذا ما ت�ستبعده فكرة القيادة .كما �أن هذه الفكرة تتميز عن \"الإدارة \"Leitung التي تت�ضمن \"توجيها\" م�صحوبا ب�أوامر. وعليه ف�إن الفهرر يقود ال�شعب ،بينما هو يدير الدولة ب إ�عتبارها و�سيلة لتحقيق القيادة(.)1 (ب) مفهوم القائد �إذا كانت القيادة تعني أ�ن ال�شعب يقوده الفهرر ،ف�سلطة القيادة �أو بعبارة أ�دق �سلطة القائد هي �سلطة �شخ�صية ،بمعنى إ�نها لي�ست �سلطة جماعية تعود لعدة �أ�شخا�ص، بل هي تعود ولا يمكن �أن تعود إ�لا ل�شخ�ص واحد .فالقيادة تتطلب �صفات خا�صة لا تتوفر �إلاعند هذا الفرد الذي هو القائد ،فهي تتطلب �إدراك كامل للنظام الحياتي لل�شعب ،والقائد هو اللذي يملك هذا الإدراك. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص . 90 – 87 16
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية في الحقيقة ي�سهم ا ألفراد في \"روح ال�شعب\" الذي يوحد ال�شعب – جماعة قومية ويجعل منهم �شخ�صيات ذات طابع جماعي ،وبهذه ال�صفة يعون ب�شكل أ�و ب�آخر النظام الحياتي لل�شعب و�سننه .ولكن حالة الوعي هذه لي�ست مت�ساوية عند الجميع .ف إ�دراك النظام الحياتي لي�س بالو�ضوح التام بالن�سبة للكل ،و�سبب ذلك يعود �إلى عدم الم�ساواة ا ألخلاقية والفكرية عند الأفراد .وعدم الم�ساواة هذه ت�ؤدي إ�لى ا إل�سهام غير المت�ساوي في روح ال�شعب وبالتالي �سيكون هناك تفاوت في إ�دراك النظام الحياتي لل�شعب ،كما �ستكون هناك نخبة ت�سهم ب�صورة تامة في روح ال�شعب وتملك بالتالي درجة عالية من ال�شعور الجماعي .ومن بين كل ه ؤ�لاء الأفراد هناك من هو م�ؤهل م�سبقا ويملك الحدا ألعلى لهذا الوعي الجماعي� :إنه القائد .فالقائد ي�سهم �إ�سهاما كاملا في روح ال�شعب وبالتالي فهو �شخ�صية جماعية كاملة ت�ستغرق �شخ�صيته الفردية ،لذلك فهو يملك �أعلى درجة من الوعي الوا�ضح للنظام الحياتي لل�شعب و�سننه ،وقادر �أكثر من �أي أ�حد على التعبيروالحفاظ و�صياغة النظام الحياتي لل�شعب. والقائد بالتعريف ،يتمتع ب أ�خلاقيه عالية بحيث إ�نه يت�صرف دائما وفق �شعوره الجماعي ولذلك ف إ�ن و�ضع القائد ي�ستند �أ�سا�سا على القيمة ال�شخ�صية للقائد ومن ثم ف إ�ن �سلطة القيادة تعود له .وحيث �أن\"القيادة\"تت�ضمن قيادة\"التبعية\" ،ف إ�ن هذه القيادة يجب أ�ن تمار�س وفقا للروح المو�ضوعية لهذه التبعية وبما يتفق مع نظامها الحياتي و أ�لا ف إ�نها �سوف لا تتبع وعندها يجب �إ�ستخدام الأمر والإرغام وبالتالي �سوف لا نكون بح�ضور\"قيادة\" .ولهذا يجب أ�ن تكون كامل القيادة للفهرر ألنه وحده 17
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ي�سهم تماما في روح ال�شعب ويملك الإدراك الكامل للنظام الحياتي لل�شعب(.)1 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1وعلينا أ�ن ن�شير �إلى �أن القائد لا يمار�س �سلطة مفو�ضة له من ال�شعب :فبالرغم من أ�نه واحد من\"ال�شعب جماعة قومية\"� ،إلا أ�نه يملك درجة عالية من الوعي الجماعي ،ولذلك ف�إن �سلطته �شخ�صية( .انظر :بونار، المرجع ال�سالف الذكر� ،ص )94_91وهذه ال�سلطة ال�شخ�صية للقائد تتميز ب�أنها �سلطة �أ�صلية ،م�ستقلة، و�سلطوية . فهي أ��صلية ،ألنها لم تمنح للقائد من قبل ال�شعب �أو من �أي �سلطة في الدولة .و�سبب ذلك يعود إ�لى أ�ن القيادة يجب �أن تمار�س وفقا للنظام الحياتي لل�شعب ،ا ألمر الذي يتطلب وجود �إدراك وا�ضح لهذا النظام عند القائد .وهذه الحالة لايمكن �أن تعهد إ�لى القائد من قبل �أي �شخ�ص فهو يملكها تلقائيا لمجرد إ�نه القائد الم�ؤهل وهي �سلطة \"م�ستقلة ،\"autonaumeلأن الفهرر ،في ممار�سة القيادة لا يخ�ضع ألي موافقة �أو مناف�سة من قبل �أي �سلطة .و�إ�ستقلالية �سلطة القائد مردها إ�نه يملك �أكبر إ�دراك للنظام الحياتي لل�شعب ،ومن ثم ف إ�نه يجب �أن يقب�ض على �سلطة القيادة ب إ�نفراد وبكل إ��ستقلالية .ف إ�ذا كان �آخرون ،الذين بال�ضرورة يملكون إ�دراكا جماعيا �أقل من القائد ،ي�سهمون في ممار�سة القيادة فيخ�شى �أن تكون هذه الممار�سة معيبة. و أ�خيرا ف إ�ن ال�سلطة ال�شخ�صية للقائد هي \"�سلطوية \"autoritaireبهذا المعنى إ�ن أ�ي معار�ضة من الناحية الفعلية أ�و القانونية لاتقبل �ضد قرارات القائد ،ألن القائد هو من بين أ�فراد ال�شعب الذي يملك �أكبر درجة من و�ضوح الإدراك للنظام الحياتي لل�شعب وبالتالي فهو الأكثر قدرة على أ�ن يجعل القيادة تتوافق مع هذا النظام .وعليه ف إ�ن كل معار�ضة من أ�ي �شخ�ص �آخر �ضد أ�ي ت�صرف للقائد لايمكن قبولها لأن أ�ي �شخ�ص في الجماعة لايمكن أ�ن يكون �أكثر ت�أهيلا من القائد ليقول ما هو موافق للنظام الحياتي لل�شعب .فالقائد وحده الحكم الم ؤ�هل ليقول فيما إ�ذا كانت القيادة قد مور�ست كما يجب �سواء بالن�سبة للهيئات في الدولة أ�و بالن�سبة ل ألفراد. (لمزيد من التفا�صيل ،أ�نظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص ) 107 _ 101 18
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية الف�صل الثاني أ��سا�س القانون في المذهب القومي ا إل�شتراكي �أولا – المفهوم القومي –الإ�شتراكي للقانون )أ (�إ�ستبعاد المفاهيم التقليدية للقانون �إن �أ�صالة المذهب القومي – الإ�شتراكي في تحديد �أ�سا�س القانون تكمن في إ�نه ينطلق من مفهوم جماعي لل�شعب ،لذلك ف�إنه ي�ستبعد عددا من المذاهب �أو المفاهيم القانونية التقليدية . وحيث �إنه ي�ستند إ�لى مفهوم جماعي لل�شعب ،ف�إنه ي�ستبعد حتما و�ضرورة المذهب الفردي للقانون .فالقانون في هذا المذهب يكون محوره الفرد وبالتالي فهو مجموع ال�سنن �أو القواعد التي تكون في �صالحه ،ولهذا ف�إن النظام القانوني �سيكون مجموعة من ال�سنن غايتها تحقيق الم�صانعة بين الم�صالح الفردية المختلفة �ضمن ت�صور\"برغماتي\"للحياة ا إلجتماعية. والقانون القومي – ا إل�شتراكي لي�س هو قانون الو�ضعية القانونية الذي هو مجموعة القواعد أ�و ال�سنن المجردة التي ت�ضعها الدولة وتفر�ضها ،بالإرغام عند الحاجة ،على ا ألفراد في علاقتهم مع بع�ضهم أ�و مع الدولة .فمثل هذا القانون هو رهينة إ�رادة الدولة �أو إ�ختياراتها التحكمية .لذلك يمكن �أن يكون هناك ،ويكون بالفعل تعار�ض بين واقع العلاقات ا إلجتماعية وما تريد الدولة �أن تكون هذه العلاقات �أي بين ما هو كائن وما يجب �أن تكون العلاقات ا إلجتماعية، 19
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية بمعنى وجود تعار�ض بين واقع الحياة الإجتماعية وواقع القانون .وي�ستبعد المذهب القانوني القومي – الإ�شتراكي ،كذلك المفهوم الطبيعي للقانون ،الذي يقوم على إ�عتبار القانون مجموعة من ال�سنن �أوجدها العقل الب�شري وتهدف إ�لى تحقيق الخير العام والعدالة. ويعزى �إلى هذا القانون �صفة مطلقة ومو�ضوعية ذات محمل عالمي بينما هو ي�ستند في الواقع �إلى �أحكام قيمية ذاتية(.)1 و�إذا كان الأمر كذلك ،فما هو �إذن ،القانون القومي – ا إل�شتراكي؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1ويمكن �أن نت�سائل كيف تم هذا التحول الكامل والعميق والمفاجيء في الفكر القانوني القومي – ا إل�شتراكي �سيما �إذا علمنا مقدار ماكانت تتمتع به ،با ألم�س ،النظرية التقليدية للقانون والدولة في المانيا؟ ويعزو العميد بونار ذلك �إلى التغيير الجذري في المنهج القانوني .فقد �سلم أ�غلب رجال القانون القوميون – ا إل�شتراكيون بمد أ� ن�سببية المفاهيم والبناء القانوني .فقد �أكدوا عدم تمتع المبادىء وال�صياغات القانونية التي كانت رائجة �أو مهيمنة في المانيا بقيمة مطلقة .فقيمة هذه المبادىء والأفكار ن�سبية حيث �أوجدتها ظروف و إ�عتبارات معينة ،لذا يتوجب تغييرها أ�و إ��ستبعادها لتغير هذه الظروف والإعتبارات، و�إحلال أ�فكار ومفاهيم جديدة بدل التي كانت �سائدة قبل عام ،1933لان الظروف ال�سيا�سية والت�أريخية التي �أنجبتها قد تغيرت �أو لم تعد موجودة. ومع هذا ف إ�ن العميدبونار يت�ساءل :كيف �أن هذا التغير المفاجىء وال�سريع والجذري في المنهج القانوني ون�سبية المفاهيم القانونية ،حدث في هذه الفترة الق�صيرة وبدون مقدمات �أو محاولات ؟ ويجيب ب أ�ن\"... العقلية القانونية الألمانية يمكن أ�ن تكون قد ت�أثرت ب أ�فكار بع�ض الفقهاء الفرن�سيين وبعقليتهم الناقدة كما في �أعمال �أوريو وبا ألخ�ص في أ�عمال دكي وكذلك أ�عمال جني ( أ�نظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر، �ص .) 10 – 9 20
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية )ب ( القانون تعبير عن النظام الحياتي لل�شعب القانون بالن�سبة للمذهب القومي – الإ�شتراكي ،هو النظام الحياتي لل�شعب فهو مجموع القواعد التي وفقا لها تت�شكل حياة ال�شعب في جماعة .بتعبير آ�خر ف إ�ن القانون ينظم بنية ون�شاط الجماعة ال�شعبية� ،أي �أنه يت�ضمن ويجب �أن يت�ضمن القواعد التي بموجبها تقام وتتطور حياة ال�شعب كجماعة ،فهو كل ما ينفع ال�شعب ويطور حياته . وعليه ف أ�ن القانون القومي – الإ�شتراكي لي�س له أ�ية علوية ،بمعنى إ�نه لاي�صدر عن عقل ب�شري أ�و �سلطة عليا .فهذا القانون ملازم ،في الحقيقة ،لمو�ضوعه �أي الجماعة ال�شعبية لأنه ي�شكل حياتها .و إ�ذا كان القانون بهذه ال�صورة تعبير عن ما هو كائن (الزاين) ،إ�ذ إ�نه يحكم حياة الكائن الحي ،فهو �أي�ضا يت�ضمن مايجب أ�ن تكون (الزولن) هذه الحياة ،لأنه في نف�س الوقت الذي يعبر عن نظام حياة الجماعة ،ف إ�نه ي�صوغ �سنن �إلى أ�ع�ضاء هذه الجماعة :فهو يحدد مايجب �أن يكون �سلوك ا ألفراد لكي يكون في توافق و إ�ن�سجام مع النظام الحياتي للجماعة .وبهذه الطريقة يتجنب القانون القومي – الإ�شتراكي كل تعار�ض بين القانون والحياة الإجتماعية .فلي�س القانون ،بما يتمتع به من �أولوية ،يفر�ض على حياة إ�جتماعية معينة فيعدلها ،بل بالعك�س هو الذي يعدل على وفق �صيغة الحياة الإجتماعية الحقيقية. فهناك إ�ذن وحدة بين القانون والحياة الإجتماعية ،ألن القانون هو في ذات الوقت كائن وما يجب أ�ن تكون الحياة ا إلجتماعية :الكائن ب إ�عتباره تعبير عن �شكل الحياة الإجتماعية ،وما يجب �أن يكون لأنه يت�ضمن تحديد لن�شاط الأفراد 21
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية بهدف تحقيق �صيغ الحياة ا إلجتماعية (.)1 (ج ) م�صدر القانون :من المدر�سة التاريخية ا أللمانية �إلى المذهب القومي – الإ�شتراكي �إن مفهوم القانون القومي – ا إل�شتراكي ،الذي جئنا من ذكره ،يثير �أكثر من ت�شابه مع طروحات المدر�سة الت�أريخية الألمانية ،خا�صة فيما يتعلق بالروح المو�ضوعية لل�شعب .ولأهمية هذه المدر�سة في ت�أريخ الفكر القانوني ولبيان مدا ت�أثيرها على الفكر القانوني القومي – ا إل�شتراكي ،يتوجب ا آلن الوقوف عند \"م�صدر القانون\" في المدر�سة الت أ�ريخية والمذهب القومي – الإ�شتراكي. �إن فكرة وجود \"روح �شعبية جماعية\" ،لا �شعورية �أول ًا ،ثم �شعورية بعد ذلك، تخلق الد�ستور ال�سيا�سي وا إلجتماعي ،أ��صبحت متداولة في المانيا بف�ضل �آراء الفيل�سوف الألماني \"�شلنك .)1854 – 1775( \"schellingوقد إ�قترن ذلك برد فعل �ضد الفل�سفة التي هيمنت في القرن الثامن ع�شر و�ضد مبادىء الثورة الفرن�سية وت�شريعاتها و�ضد المفاهيم الم�سبقة وكل آ�يديولوجية ،فكان التم�سك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .78 _ 77 وهناك ت�شابه بين هذا المفهوم للقانون وطروحات العميد دكي فيما يتعلق بذات المو�ضوع .فبالن�سبة للعميد دكي �أن كل كائن تحكمه مجموعة من القواعد تتعلق بتكوينه وتطوره وتحديد دور هيئاته ،وكذلك الحال بالن�سبة للفئة الإجتماعة ككائن حيث يوجد نظام يكون �شكل حياتها وهو ملازم لها وناتج عنها ويحدد الموقف ا أليجابي وال�سلبي لأع�ضاء هذه الفئة. بناءا عليه ف إ�ن القانون هو مجموع القواعد التي توجد في كل فئة إ�جتماعية والتي تحدد تنظيمها و�سيرتها والت�صرفات الايجابية وال�سلبية ألع�ضائها لكي ت�ستمر هذه الفئة في الحياة والتطور .وهذا يعني أ�ن القواعد ا إلجتماعية تفر�ض على ا ألفراد لتحقيق النظام ا إلجتماعي وفقا لما يق�ضي به نظامها الحياتي. (انظر :دكي ،المطول في القانون الد�ستوري ،ط ،3ج ،1باري�س�، 1927 ،ص .83_ 81 ،78 22
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية بالواقعية القانونية والنفرة من ا آليديولوجيات الثورية وراء �إ�ستبعاد فكرة القانون الطبيعي .فمقابل ما يريده الثوريون ومنظرو القانون الطبيعي الذين يبغون �إقامة الت�شريع من كل �صوب ،أ�ريد �إثبات �أن قانون �شعب ما ،كذلك لغته، هي نتيجة تطور زمني طويل وبالتالي فلا �إرتجال فيها .وقد �إهتمت المدر�سة الت�أريخية ا أللمانية ببيان ت�أثير الما�ضي والتقاليد على القانون .فمقابل إ�ن�سان حالة الطبيعة الذي نادى به فلا�سفة القرن الثامن ع�شر� ،أي إ�ن�سان بدون ت أ�ريخ ولا وطن ،طرحت المدر�سة الت أ�ريخية ا إلن�سان الحقيقي الذي ت�شده بالما�ضي أ�كثر من علاقة والذي من أ�جله تقام القوانين دائما. ون�ش�أة المدر�سة الت أ�ريخية تعود �إلى م�ساجلة �شهيرة في تاريخ الفكر القانوني بين فقيهين المانيين ،من أ��صل فرن�سي بروت�ستاني\":انطوان تيبو Antoine \"Thibautو \"�شارل د�سافيني . \"chares de saviginyوبت أ�ثير حركة الوحدة الألمانية وبعد زوال الهيمنة النابلونية على المانيا وبدافع من نجاح حركة التدوين التي �أعقبت المدونة المدنية الفرن�سية ،ن�شر \"تيبو\" (�أ�ستاذ في جامعة هايدلبرك)كتابافيعام1814بعنوان\"في�ضرورةقانونمدنيعاملألمانيا\"نادى فيه بتدوين م�شابه للمدونة الفرن�سية يحقق وحدة القوانين المدنية في البلدان الألمانية .وعلى هذه الدعوة ذات الطابع التكنيكي� ،إن �صح التعبير ،رد �سافيني (( ،)1861- 1979وهو �أ�ستاذ أ�ي�ضا في هايدلبرك) في كتاب �شهير\" :في نزعة زماننا للت�شريع وا إلهتمام بعلم القانون\" (� ،)1814أ�صبح فيما بعد بيانا للمدر�سة الت�أريخية التي تزعمها. يقول �سافيني �أن\" :المدر�سة الـت�أريخية ت�سلم ب�أن مادة القانون تنحدر من ما�ضي الأمة كله ،فهو لي�س �شيئا تحكميا الذي يمكن �أن يكون هذه الم�ؤ�س�سة �أو تلك ،بل هو النتيجة للجوهر الخا�ص ل ألمة ولتاريخيها .فالقانون يبقى ،في كل المراحل ،في علاقة متينة مع طبيعة و�صفة الأمة ،ومن هنا يمكن مقارنته بلغة البلاد .فبالن�سبة للغة كما بالن�سبة للقانون ،لايوجد �أبدا �إنقطاع زمني مطلق، 23
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية فكلاهما يخ�ضع لنف�س الم�سيرة ولنف�س التطور ك�أي و�سيلة �أخرى لن�شاط ا ألمة، وهذا التطور يخ�ضع لنف�س قانون ال�ضرورة كما كان في أ�ول ظهوره. وهكذا ف�إن القانون ينمومع الأمة ويتطور معها وينتهي عندما تفقد هذه ا ألمة �شخ�صيتها .ولهذا ف إ�نه مهما توغلنا بعيدا في التاريخ ،ف إ�ننا نرى �أن القانون المدني له �صفاته المحددة والخا�صة بكل أ�مة ،كاللغة ،العادات والد�ستور .وفي الحقيقة ف�إن اللغة والقانون لايملكان مطلقا وجودا م�ستقلا وفي ذاته فهما �أ�ساليب ن�شاط وقوى ل ألمة ...لا يمكن ف�صلها ،و�إن التفكير وحده يمكن أ�ن يعتبرها �صفات متميزة وخا�صة\". وعليه ف إ�ن القانون ،بالن�سبة ل�سافيني هو\"نتاج قوى داخلية و�صامتة\"ويجد تعبيره اللا�شعوري في العرف ،وكما بالن�سبة للغة أ�و الدين ،ف�إنه ينحدر من مجهود جماعي .والقانون ،كما يرى تلميذ �سافيني \"بختا \"Pucht aفي من�شور �شهير عن \"العرف\" ( ) 1828هو واقعة طبيعية ينحدر من الروح ال�شعبية كالنبات من البذرة .فمن عبقرية ال�شعب ينبثق القانون ولي�س مطلقا من �شعوره. وفكرة ا إل�ستمرارية القومية لها �أهميتها في طروحات المدر�سة الت�أريخية وخا�صة عند �سافيني .فال�شعب هو الذي يخلق قانونه وال�شعب لي�س فقط مجموع المواطنين الذين يوجدون فترة معينة \" إ�نه الوحدة التي في ح�ضنها، يقول �سافيني ،تتعاقب الأجيال ،وحدة تربط الحا�ضر بالما�ضي وبالم�ستقبل. فالتقاليد هي التي ت�سهر على حفظ القانون والتقاليد هي التراث الذي ينقل بالتوارث الم�ستمر وغير المح�سو�س ل ألجيال\". فالقانون �إذا هو نتيجة حاجات مجتمع إ�ن�ساني وينمو تحت الت�أثير الطبيعي لهذه الحاجات .فبالمجهود الكلي لجماعة �إن�سانية ت�ستخل�ص بالتدريج القواعد القانونية التي تنا�سبها بال�شكل الأف�ضل. �صحيح أ�ن ولادة القانون تتم بال�ضرورة ب�أفعال فردية إ�لا �أن �شعور الفرد لوحده 24
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية يقول \"بختا\" لاي�صنع القانون\" .فالجماعة التي منها ينجب القانون هي وحدة أ�فراد تنتفي فيها �صفتهم الفردية ،فهم ي�سلمون بعادة أ��صلها في �ضمير ال�شعب بكامله والذي هو النتيجة للن�شاط الطبيعي لل�شعب\"(.)1 و إ�ذا كان القانون ،بالن�سبة ل�سافيني ،هو\"نتاج القوة الداخلية ال�صامتة\"لروح ال�شعب\"فم�صدر القانون ،إ�ذا ،هو الجماعة �أو\"الوحدة الجماعية\"التي هي لي�ست تجريدا بل كائن حي حقيقي. فالقانون هو\"نتيجة للجوهر الخا�ص ل ألمة وتاريخها\" ،ولذلك لايمكن �أن نعزل\"روح ال�شعب\"عن ا ألمة حين نحلل حقيقته\".فالقانون يبقى ،في كل المراحل ،في علاقة متينة مع طبيعة و�صفة ا ألمة\" ،فهو يجد م�صدره العميق في ال�شعب ،وال�شعب لي�س كما يراه رجال الثورة الفرن�سية ،مجموعة من الأفراد، بل هو كل ع�ضوي. بناءا عليه ف�إن عالمية مدار�س القانون الطبيعي العقلانية قد إ��ستبعدت وحل محلها\"قومية قانونية\"دون أ�ن ي�ؤدي ذلك �إلى أ�ن الدولة تخلق القانون ،بل تخلقه\"روح ال�شعب\"(.)2 وهذه هي �أهم معطيات المدر�سة الت�أريخية التي بقيت مهيمنة في المانيا لفترة طويلة .وب إ�خت�صار ف�إن الفكرة الا�سا�سية لهذه المدر�سة هي أ�ن م�صدر القانون هو في\"ال�ضمير الجماعي لل�شعب\" .وهذه الفكرة نجدها في المذهب القومي – ا إل�شتراكي ،حيث أ�ن\"ال�شعب جماعة قومية\" هو الم�صدر الوحيد للقانون .وقد ركز فقهاء المذهب القومي – الإ�شتراكي على مفهوم\"روح ال�شعب\"ب�إعتباره الم�صدر الأ�صلي لكل القواعد القانونية ،حيث ينام\"في كل �شعب �شعور قانوني ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :روبية ،النظرية العامة للقانون ،ط ،2باري�س� ،1951 ،ص .145 -143 ( )2انظر :بريمو ،ا إلتجاهات الكبرى لفل�سفة القانون والدولة ،ط ،2باري�س� ،1968 ،ص .161 25
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية حقيقي\" ،كما قيل .لذلك ف�إن و�شائج ال�صلة بين المذهب القومي – الإ�شتراكي والمدر�سة الت أ�ريخية وا�ضحة. فالمفهوم القومي – الإ�شتراكي للقانون يت�ضمن فكرة \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\"، بمعنى أ�ن ال�شعور بالقانون ،أ�ي بالنظام ا إلجتماعي وال�سنن التي تحكمه ،يجد �أ�سا�سه في \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\" .إ�لا أ�ن هناك فرقا ،كما يرى العميد بونار، بين مفهوم\"الروح ا لمو�ضوعية لل�شعب\"في المدر�سة الت�أريخية ومفهومه في المذهب القومي – الإ�شتراكي . فالمدر�سة التاريخية تعتبر\"الروح المو�ضوعية\"هي روح الفئة ا إلجتماعية ذاتها، وعليه ف�إنها �ستكوﱠن ،في هذا الت�صور ،كيانا غير مرئي يوجد خارج وفوق ا ألفراد ويكون �شخ�صا .بالعك�س ف إ�ن المذهب القومي – الإ�شتراكي يتجه إ�لى و�ضع\"الروح المو�ضوعية\"في ال�ضمائر الفردية و�إنها تكون حالة خا�صة لهذه ال�ضمائر. �إلا أ�ن الروح المو�ضوعية لل�شعب لا تعود للأفراد ب�صفتهم هذه ،بل إ�نها تعود �إلى الجماعة في مجموعها دون أ�ن تكون �شخ�صا .وعليه ف أ�ن الفرد �سيكون م�سهما فيها ومعبرا عنها وهي توجد خارجا عنه .والأفراد ي�شعرون بهذه الروح بدرجات مختلفة وفق إ�مكانياتهم،وعندهاف�إنالفرديجدفيهذهالروحم�سندهو�أ�سا�سن�شاطه.وبهذا ال�شكل ف�إن الروح المو�ضوعية لل�شعب تظهر من قبل الأفراد وبت�صرفاتهم .وعليه ف�إن ا ألفراد �سوف لايكونون �أ�صحاب روح ال�شعب والتي لايمكن �أن تكون نتاج ال�ضمائر الفردية .فهذه الروح ت�أتي من الخارج لت�ضيء ال�ضمائر بفعل إ��سهامهم فيها ،وبالتلي تحدد الت�صرفات الفردية ،وبهذه الطريقة تعبر عن نف�سها خارجيا(.)1 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص 63-61في الهام�ش . 26
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية �أما من حيث خلق القانون ف�إن \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\" لا تلعب أ�ي دور في المذهب القومي – الإ�شتراكي .فهذا المذهب ي�ستبعد فكرة المدر�سة الت�أريخية من �أن القانون هو نتاج \"روح ال�شعب\" .فالقانون ،بالن�سبة له ،يتكون من النظام الذي وفقا له تنظم وتتحقق وتتطور حياة ال�شعب .فهو محدد بحالة إ�جتماعية معينة لل�شعب. وعليه ف إ�ن روح ال�شعب تقت�صر على �إدراك هذا القانون .وبعد ذلك ينقل هذا الوعي إ�لى الأفراد حيث ي�سهمون في \"روح ال�شعب المو�ضوعية\" ،ب�صفتهم أ��شخا�صا جماعية .لكن عندها يجب إ�ظهار و�صياغة و�صيانة النظام الحياتي لل�شعب و�سننه، أ�ي التحقيق العملي للقانون ومعرفة ال�شعور ال�شعبي فيما يتعلق بما يجب أ�ن تكون القاعدة القانونية بخ�صو�ص م�س�ألة محددة .وهذا ال�شعور هو غالبا غير واعي وعندها يتوجب إ�ظهاره لل�شعب لكي يمكن ترجمته في قاعدة قانونية و�ضعية .لذلك لايمكن الت�سليم ب أ�ن ال�شعور ال�شعبي يخلق تلقائيا القاعدة القانونية عن طريق العرف كما تذهب إ�لى ذلك المدر�سة الت أ�ريخية ،كما �إن هذا لاين�سجم مع متطلبات الحياة الع�صرية ،فالعرف يتكون ببطئ كبير .و�إكت�شاف إ�تجاه القاعدة القانونية كما هي مختبئة في\"الروح المو�ضوعية ل�شعب\"هي م�س أ�لة حد�س لايملكه كل واحد، فلا يوجد ،وفقا للمذهب القومي_ الإ�شتراكي �إلا �شخ�صا واحدا ي�ستطيع إ�ظهار �شعور \"ال�شعب جماعة قومية\" فيما يتعلق بالقانون ،وعندها يبرز دور الفهرر في �صياغة القانون(. )1 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر بونار :المرجع ال�سالف الذكر� ،ص 79وكذلك فالين :المذهب الفردي والقانون ،ط ،2باري�س، � ،1949ص 312 27
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية (د) القائد و�صياغة القانون الو�ضعي إ�ن ن�شاط القائد ين�صب على القيادة فهوالمو�ضوع الوحيد لهذا الن�شاط ،كما أ�ن كل ممار�سة لوظائف الدولة من قبل القائد هي فعل لتحقيق القيادة .لذلك ف إ�ن القوانين الو�ضعية هي من الناحية المادية (المو�ضوعية ) عمل قيادة �إ�ضافة إ�لى كونها من الناحية ال�شكلية أ�و الع�ضوية عمل من أ�عمال القائد. فالقانون الو�ضعي ي�صوغ ويعبر عن القانون الذي ينحدر من ال�شعب ب�إعتباره النظام الحياتي لهذا ال�شعب .وعليه فب إ�رادة القائد معبر ًاعنها بالقانون الو�ضعي يظهر إ�لى الخارج هذا القانون الذي يجد أ��سا�سه �أو جذره في ال�شعب .فبف�ضل التعبير الت�شريعي للقائد ،إ�ن �صح التعبير ،ف�إن القانون يظهر ويعرف .فالقائد ،في الواقع، هو من بين ال�شعب جماعة قومية الذي ي�سهم أ�كثر من �أي فرد في الروح المو�ضوعية لل�شعب ويملك �أكبر �إدراك للنظام الحياتي لل�شعب ،ولذلك تعود �إلى القائد وحده �صياغة القانون والتعبير عنه .وهذه ال�صفة أ�و الطبيعة للقانون الو�ضعي من حيث كونه فعل قيادة ت ؤ�دي إ�لى �إعتبار القانون الو�ضعي عمل إلرادة القائد .ففي \"دولة القيادة \"FÜhrerstaatلايمكن أ�ن يكون القانون الو�ضعي تعبيرا عن إ�رادة الدولة حتى إ�ذا كانت �شخ�صا قانونيا .فالقانون الو�ضعي لايمكن �أن يكون �إلا تعبيرا عن إ�رادةالقائد ،ألن هذا القانون هو من أ�عمال القيادة ،و إ�ن �سلطة القيادة هي �سلطة �شخ�صية للقائد ،فالقانون ،كفعل للقيادة ،لايمكن �أن يكون غير فعل �شخ�صي للقائد، وت�صرف ناجم عن �إرادته المح�ضة (. )1 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .131-130 28
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ثانيا – نتائج المفهوم القومي – ا إل�شتراكي للقانون وفي �إطار هذا المفهوم القومي -ا إل�شتراكي للقانون ف إ�ن العديد من الافكار والمفاهيم والنظريات ت أ�خذ بعدا ومعنا غير الذي إ�عتدنا ،ب�صورة عامة ،على التعامل معها. و�سنقت�صر على تبيان �أهمها فيما ي�أتي . )أ (عمومية وت�شريع القانون الو�ضعي إ�ن الر أ�ي ال�سائد في الفقه ،وخا�صة في الدول الليبرالية ،هو عمومية القانون الو�ضعي بمعنى أ�ن يكون لا�شخ�صيا� ،أي �أنه لم يقم من �أجل �شخ�ص أ�و أ�كثر بل �إنه �صيغ ليطبق ويحكم كل ا ألفراد .ولذلك قيل �أن القانو ن الو�ضعي يجب �أن يكون عاما ولا �شخ�صيا. ولكن في ظل\"دولة القيادة\"� ،أي في ظل النظام القومي – الإ�شتراكي ،ف�إن القانون الو�ضعي لي�س من ال�ضروري أ�ن يكون عاما ،بل يمكن أ� ،يكون فرديا أ�و �شخ�صيا ،لأن لي�س له ،في دولة القيادة نف�س ال�صفة �أو الغاية كما في الدولة الليبرالية .ففي ظل الدولة القومية – الإ�شتراكية لايكون المو�ضوع الأ�سا�سي للقانون الو�ضعي هو الأفراد ولا يتطلب ذلك كما في الدولة الليبرالية ،إ�قامة م�صانعات بين م�صالحهم المتناق�ضة و إ�قامة قطاعات خا�صة بحريات الأفراد ،ا ألمر الذي يفر�ض العمومية ل�ضمان نوعا من الحياد للو�ضع القانوني. �إن مو�ضوع القانون الو�ضعي في دولة القيادة هو أ��سا�سا الجماعة بحيث �أنه يحدد القواعد التي تكون النظام الحياتي لل�شعب جماعة قومية ،بمعني أ�نه ي�صوغ القواعد التي وفقا لها تقام وتتطور حياة ال�شعب .وفي هذا الت�صور �سوف لانكون ب�صدد 29
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية الأفراد ليراد تحقيق الحياد بينهم وبالتالي ف إ�ن العمومية لم تعد �ضرورية بالن�سبة للقانون الو�ضعي .هذا يعني �أن القانون يكون �صحيحا حين يحقق القيادة وفقا للنظام الحياتي لل�شعب �سواء كان ذا �صفة عامة �أو فردية .و إ�ذا كانت عمومية القانون الو�ضعي هي التي يلج أ� اليها غالبا ،في هذا النظام ،فلأنها �أ�سهل و�أ�سرع اجرائيا ولي�س ألن متطلبات الحياد والعدالة تفر�ضها. و إ�ذا كان القانون الو�ضعي من الأعمال التي تتحقق بها القيادة ،ف�إن هذه القيادة يمكن �أن تتحقق عن طريق �أعمال (قوانين و�ضعية ) عامة أ�و فردية .هذا و�إن القانون الو�ضعي يتميز عن باقي �أعمال القيادة ببع�ض الإجراءات ال�شكليةاو الر�سمية خا�صة فيما يتعلق ب�إ�صدار القوانين الو�ضعية ون�شرها .ولما كان القائد ي�ستطيع اللجوء �إلى ا إلجراءات الت�شريعية بالن�سبة ألي عمل من �أعمال القيادة ،أ�ي أ�ن يعطي ال�صفة الت�شريعية لأي عمل من �أعمال القيادة ،لذلك ف إ�ن القانون الو�ضعي يمكن أ�ن يكون ذا محمل فردي ،فالقائد يمكن �أن ي�شرع بال�صيغة العامة أ�و بال�صيغة الفردية (.)1 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .134 -132 و�إذا كا ن ا ألمر كذلك عندها يمكن أ�ن ن�س�أل :مادور المجل�س الت�شريعي (الرايخ�شتاغ ) إ�ذن في ظل النظام القومي – ا إل�شتراكي ؟ في الحقيقة �إن المجل�س الت�شريعي في المانيا القومية – ا إل�شتراكية لاي�شرع بالمعنى الدقيق للكلمة رغم عر�ض بع�ض الم�شاريع القوانين عليه ،وذلك لأن القانون الو�ضعي من أ�عمال القيادة .وبما �أن القيادة يجب �أن تمار�س وفقا للنظام الحياتي لل�شعب ،فما يطلب من المجل�س الت�شريعي هو أ�ن يعلن ب أ�نه يتفق مع القائد ب�صدد القانون الذي �سيقيمه ب�صفته م�شرعا .ولتو�ضيح ذلك يميز �أحد الفقهاء بين\"ا إلرادة المو�ضوعية لل�شعب\"وبين\"الر أ�ي العام الذاتي\" .فالر أ�ي العام الذاتي يتكون من مجموع الآراء الفردية التي تكون هذا الر أ�ي العام .أ�ما\"ا إلرادة المو�ضوعية لل�شعب\"فلها الأولوية في النظام القومي –الإ�شتراكي على الر أ�ي العام الذاتي ،وهذا ما تتطلبه فكرة �أو مفهوم\"القيادة\" ،ألن القائد هو الذي يعبرعن هذه ا إلرادة المو�ضوعية لل�شعب .و�إذا �صادف تطابق الر أ�ي العام الذاتي مع ا إلرادة المو�ضوعية لل�شعب ،ف�إن هذا= =يعني إ�ن�ضمام 30
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية (ب ) الجمود الد�ستوري أ�ن فكرة الجمود الد�ستوري ( )1أ�و القوانين الد�ستورية\"الجامدة\"لا محل لها في المذهب القومي – الإ�شتراكي .فالجمود الد�ستوري يت�ضمن �أو يفتر�ض وجود م�شرع خا�ص هو \"الم�شرع الم ؤ�ِ�ِس�س\" الذي يعلو على كل الهيئات في الدولة بما في �ضمنها الم�شرع الإعتيادي. والم�شرع الم�ؤ�س�س يمار�س ،في الحقيقة ،ما ا�صطلح على ت�سميته :ال�سلطة الم�ؤ�ِس�سة(� .)2إلا �أن المذهب القومي -الإ�شتراكي ي�ستبعد فكرة ال�سلطة الم ؤ��س�سة وبالتالي الجمود الد�ستوري .فهذه الفكرة تناق�ض فكرة ا�ستقلال ال�سلطة الر أ�ي العام الذاتي إ�لى إ�رادة القائد .وعليه إ�ذا دعا الفهرر المجل�س الت�شريعي للت�صويت على قانون، ف إ�ن ذلك لايعني �أن هذا المجل�س يمار�س\"ال�سلطة\"الت�شريعية ،بل المراد هو تحقيق التوافق بين الر�أي العام الذاتي الذي تعبر عنه أ�غلبية ا إلرادات الفردية الممثلة بالرايخ�شتاغ ،مع ا إلرادة المو�ضوعية لل�شعب التي يعبر عنها القائدوذات ال�شيء يمكن أ�ن يكون بالن�سبة للإ�ستفتاء ال�شعبي :فلا يمكن �إعتبار هدف هذا ا إل�ستفتاء هو تمكين ال�شعب ،كمجموع من ا ألفراد يعبرون عن الر�أي العام ،من إ�تخذ قرار يفر�ض على الفهرر كما يفر�ض الت�صويت ال�شعبي على البرلمان والحكومة في النظام الديموقراطي .فالإ�ستفتاء ال�شعبي ،في النظام القومي – ا إل�شتراكي يهدف �إلى �إيجاد التوافق بين الر�أي العام الذاتي (المكون من مجموع أ�و أ�غلبية الإيرادات الفردية ) مع ا إلرادةالمو�ضوعية لل�شعب (التي يترجمها القائد) .فحين يلج أ� القائد إ�لى الإ�ستفتاء ال�شعبي ف�إنه يطلب من الر أ�ي العام الذاتي أ�ن ينظم إ�لى الإرادة المو�ضوعية لل�شعب التي يعبر عنها ب�شكل معين (ك أ�ن يكون قانونا و�ضعيا ) .لذلك ف�إن القائد لايطلب في ا إل�ستفتاء من ال�شعب ،كمجموع �إرادات فردية ،الم�صادقة على قراره لكي يكون �صحيحا فت�صويت ال�شعب يجب أ�ن لا يف�سر ب�إنه يهدف �إلى تحقيق موافقة ال�شعب على القوانين التي تعر�ض عليه ،بل �إنه تعبير من قبل ال�شعب على �إ�ستمراره ب إ�تباع القائد دائما (انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .)99-97 ( )1حول فكرة \"الجمود الد�ستوري\" ،انظر :منذر ال�شاوي ،القانون الد�ستوري ،ج 2 (نظرية الد�ستور ) ،من�شورات مركز البحوث القانونية ،بغداد� ،1981 ،ص ، 55 – 30النظرية العامة في القانون الد�ستوري ،دار ورد للن�شر والتوزيع ،عمان� ،2007 ،ص .251-247 ( )2حول نظرية ال�سلطة الم ؤ��س�سه ،انظر :منذر ال�شاوي ،القانون الد�ستوري ،ج � ،2ص ،262- 159 النظرية العامة في القانون الد�ستوري �ص .268-254 31
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ال�شخ�صية للقائد ،أ�ي �أن القائد لا يخ�ضع لأي �سلطة �أخرى .وعليه ف إ��ستقلال القائد يفر�ض إ��ستبعاد الد�ساتير �أو القوانين الد�ستورية الجامدة .فوجود الم�شرع الم ؤ��س�س يت�ضمن الم�س ب�إ�ستقلال �سلطة القائد ،ألن مع هذا الم�شرع ف�إن القائد لم يعد ال�سلطة \"العليا\". وفكرة ال�سلطة الم ؤ��س�سة تتعار�ض ،ثانيا ،مع النظام القومي – الإ�شتراكي ،لأن \"دولة القيادة\" ،تت�ضمن إ��ستبعاد الف�صل بين ال�سلطات .فالف�صل الع�ضوي لل�سلطات الثلاث في نظرية مونت�سيكيو ،تت�ضمن وجود �سلطة م�ؤ�س�سة عليا التي �ستكون الم�صدر الم�شترك والوحيد لل�سلطات الم�ؤ�َس�سة .إ�لا أ�ن المذهب القومي – الإ�شتراكي ي�ستبعد فكرة الف�صل بين ال�سلطات ويحل محلها فكرة وحدة �سلطه القيادة .ف�سلطة القيادة تت�ضمن �إن القائد ي�ستطيع ممار�سة كل وظائف الدولة .كما إ�ن رف�ض الف�صل بين ال�سلطات يفر�ضه منطق نظام القيادة .فالهدف ا أل�سا�س للقيادة هو تحقيق قيادة ال�شعب و ألجل تحقيق هذه القيادة ب�شكل منا�سب ،ف�إن الفهرر بحاجة �إلى كل وظائف الدولة .لذلك ف�إن مبد�أ وحدة �سلطة القيادة يتطلب تركيز وظائف الدولة لم�صلحة القائد. ولما كان تحقيق القيادة هو المو�ضوع الوحيد لن�شاط القائد ف إ�ن كل ممار�سة لوظائف الدولة من قبل القائد هو عمل قيادة .وعليه فمهما كان مو�ضوع ممار�سة �سلطة القيادة ،عمل ت�شريعي� ،أو تنظيم د�ستوري ،ف�إن لها دائما نف�س ال�صفة وهي أ�ن تكون عمل قيادة يعبر عن الإرادة ال�سائدة للقائد ب إ�عتباره ال�شخ�ص الذي يملك �أعلى إ�دراك للنظام الحياتي لل�شعب .بنا ًء عليه ف إ�ن من غير المجدي وجود �سلطة م ؤ��ِس�سة تختلف عن �سلطة القيادة ومن ثم ف إ�ن مثل هذه ال�سلطة وما يتبعه من جمود د�ستوري يفقد معناه في المذهب القومي – ا إل�شتراكي .وعليه ف إ�ن الأعمال الد�ستورية كالأعمال الت�شريعية يقوم بها القائد بذات الطريقة .لذلك ف�إن المفهوم 32
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ال�شكلي للد�ستور ( .)1ينتفي في المذهب القومي – الإ�شتراكي ويحل محله مفهوما ماديا وا�سعا ،بحيث أ�ن الد�ستور يجب �أن يت�ضمن لي�س فقط القواعد المتعلقة بتنظيم الدولة ،بل أ�ي�ضا أ�نواعا �أخرى من القواعد (ذات طبيعة �إقت�صادية ،ثقافية..... ، الخ ) التي يمكن أ�ن ت�سهم في تنظيم ال�شعب جماعة قومية ( ،)2ويعود إ�لى القائد مهمة ال�صياغة والتعبير عن هذه القواعد المختلفة بما يتفق مع النظام الحياتي لل�شعب. (ج) �أ�سا�س القانون الدولي يمكن القول أ�ن النظرية القومية – الإ�شتراكية للقانون الدولي تنطلق من المفهوم القومي الإ�شتراكي للقانون .فهذا القانون هو قانون\"مو�ضوعي\" ،لأنه النظام الحياتي لل�شعب جماعة قومية وهو بال�ضرورة نتاج الحالة ا إلجتماعية والجماعية لهذا ال�شعب� .إلا �إنه لايمكن أ�ن يوجد \"قانون دولي مو�ضوعي\" ،لان ال�شعوب المختلفة التي هي أ��سا�س هذا القانون لايمكن �أن تكون \"جماعة قومية \"Gemeinschatf كلا �أو جزءا. فهذه ال�شعوب متميزة ومنف�صلة وم�ستقلة وبالتالي لا يمكن أ�ن تقام بينها رابطة التي هي جوهر \"الجماعة القومية\". وبما أ�نه لا يمكن أ�ن توجد جماعة قومية دولية ،فلا يمكن �إدراك وجود نظاما حياتيا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1حول المفهوم ال�شكلي للد�ستور ،انظر :منذر ال�شاوي ،القانون الد�ستوري ،ج � ،2ص ،132النظرية العامة للقانون الد�ستوري �ص .226 ( )2حول معنى الد�ستور في المذهب القومي – ا إل�شتراكي ،انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص 103 في الهام�ش 33
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ملازما لجماعة �شعوب ،وبالتالي لايمكن أ�ن يوجد قانون دولي مو�ضوعي ،كما يوجد قانون داخلي مو�ضوعي بفعل الجماعة القومية (. )1 لكن �إذا كان من غير الممكن ،بالن�سبة للمذهب القومي – الإ�شتراكي ،وجود قانون دولي مو�ضوعي ،ف إ�نه من الممكن وجود قانون دولي و�ضعي يقوم على التعاقد .ف�إذا لم تكن ال�شعوب مترابطة بينها فهي ،على ا ألقل توجد الواحدة بجانب الأخرى، و إ�ذا كان الأمر كذلك ف�إنها ت�ستطيع أ�ن تنظم من الناحية القانونية علاقاتها وفقا لقواعد معينة تقيمها على أ��سا�س ا إلتفاق بينها وبهذا الإتفاق بين ال�شعوب �أو الدول يقام القانون الدولي على �صورتين :الأولى عن طريق المعاهدات الدولية والثانية عن طريق العرف ب إ�عتباره �إتفاقا �ضمنيا. و إ�ذا كان ا ألمر كذلك ،أ�ي �إذا كانت ال�شعوب يمكن أ�ن تلزم قانونا ،بالقانون الدولي، ف إ�ن المذهب القومي الإ�شتراكي يحدد طبيعة هذا ا إللزام �أو حدوده . فالقانون الدولي لايمكن �أن يقام ب�صورة تحكمية بفعل من هو �أقوى .فعند �إقامة القانون الدولي التعاقدي يجب ا ألخذ بنظر الإعتبار عددا من المبادىء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1ومن الجدير بالملاحظة �أن المدر�سة الت�أريخية التي يتقارب مفهومها للقانون مع المدر�سة القومية – الإ�شتراكية ،تعترف يوجود\"قانون دولي مو�ضوعي\" .حقيقة �إنها تقول ب أ�ن القانون هو نتيجة لحاجات جماعية ب�شرية تفرز بالتدريج القواعد القانونية التي تلائمها وتلائم تقاليدها وتراثها� ،إلا أ�ن هذه الجماعة الب�شرية التي يتر�شح عنها القانون يمكن أ�ن تتجاوز ا ألمة \".فبين ال�شعوب المختلفة ،يقول �سافيني يمكن ملاحظة جماعة ذات �ضمير قانوني من نف�س النوع الذي ينجب القانون الو�ضعي في أ�مة .وهذا هو أ��سا�س القانون الدولي وهكذا ف إ�ننا ...يمكن إ�عتبار القانون الدولي كقانون مو�ضوعي\"( .انظر :روبية ،النظرية العامة للقانون، �ص.) 145 هذا ونذكر �إن العميد دكي يقول بوجود قانون مو�ضوعي داخلي ،كما هو الحال بالن�سبة �إلى المذهب –القومي – الإ�شتراكي .إ�لا إ�نه ي�سلم بوجود قانون دولي مو�ضوعي �أ�سا�سه أ�ي�ضا الت�ضامن الإجتماعي ، لكن هذه المرة ت�ضامن إ�جتماعي دولي أ�و بعبارة �أخرى أ�دق ت�ضامن بين �أفراد الدول ينجب قانونا دوليا مو�ضوعيا غير مدين بوجوده إلرادة الدول (انظر ،منذر ال�شاوي ،فل�سفة القانون ،المرجع ال�سالف الذكر ،بند . )50 34
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية التي يجب أ�ن تحترم ،ألنها ملازمه لقانون حياة كل �شعب حر وهي :إ�حترام �سيادة وم�ساواة و�شرف ال�شعوب .لذلك ف�أن الن�صو�ص التعاقدية التي تخرق هذه المبادىء لاقيمة قانونية لها ،ولا قوة ملزمة ،والمعاهدة التي تت�ضمنها تفقد �صفة المعاهدة لت�صبح\"فر�ضا .\"Diktatوعليه ف إ�ن المذهب القومي – الإ�شتراكي ي�سلم بوجود قانون دولي يقام على �أ�سا�س غير ا أل�سا�س الذي يقوم عليه القانون الداخلي .وهذا القانون الدولي في نظر هذا المذهب ،قانون لي�س له �صفة مو�ضوعية ،وي�صبح مجرد قانون و�ضعي إ�تفاقي ذو قوة ملزمة جد محدودة .وهكذا ف إ�ن المذهب القومي – ا إل�شتراكي قد عاد ،ب�صدد القانون الدولي� ،إلى الأخذ بمذهب الو�ضعية القانونية التي �إ�ستبعدها منطق ومعطيات مفهومه للقانون . «و�إذا لاحظنا ،يقول العميد بونار� ،إن كل �شعب ،وفقا للمذهب القومي – ا إل�شتراكي ،يقرر بكامل �سيادته حول ما يمكن �أن يكون مخالفا ل�سيادته وم�ساواته و�شرفه ،ولما يمكن أ�ن يكون قد تغير من الظروف ،ف إ�ننا نرى في �آخر الأمر ب أ�ن القوةالملزمة للقانون الدولي تكاد ت�صبح لا�شيء في المذهب القومي – الإ�شراكي ون�صل تقريبا إ�لى عدم وجود القانون الدولي (.)1 (د) دولة الم�شروعية ودولة القانون قبل الدخول في بيان العلاقة بين الدولة القومية – ا إل�شتراكية والقانون بمعنى مدى خ�ضوع دولة القيادة للقانون ،علينا أ�ن نزيل الإلتبا�س بين مفهومين هما\" :دولة الم�شروعية \"l'etat legalو \"دولة القانون .\"le' tat de droit بت أ�ثير من مذهب الو�ضعية القانونية ،الذي كان �سائدا ب�شكل يكاد يكون مطلقا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،القانون والدولة في المذهب القومي – الإ�شتراكي� ،ص .84 -81 35
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية في الفقه ا أللماني ،قبل مجيء النظام القومي – ا إل�شتراكي �إلى الحكم ،فقد أ�عتبر \"القانون\" كل القانون في القانون الو�ضعي ,لذلك ف�إن ما ي�سمى في المانيا \"دولة القانون \"Rechtstaatلايمكن �أن يكون غير دولة الم�شروعية بمعنى �أن كل الت�صرفات في الدولة تتم ويجب أ�ن تتم وفق \"القانون الو�ضعي \"la loiألنه لا وجود للقانون خارج \"القانون الو�ضعي\". اما\"دولة القانون:فتعني خ�ضوع او تقييد الدولة بوا�سطة قانون �سابق و خارج عن الدولة وقانونها الو�ضعي .وفي هذا الت�صور ف إ�ن التقييد يمكن ان يمتدالى الم�شرع لأن \"القانون � \"le Droitسابق عليه وخارج عنه (ان لم يكن يعلو عليه) بينما في المنظور الو�ضعي للقانون ،ف�إن الم�شرع حين يقيم القانون لا يمكن ان يخ�ضع لقانون من �صنعه .وبعد هذا التو�ضيح يمكن القول ان فكرة �شخ�صية �سلطة القائد ت�ستبعد مبد أ� دولة الم�شروعية .فال�سلطة ال�سيا�سية التي ت أ�خذ �شكل القيادة تعني ان الارادة ال�شخ�صية للقائد تهيمن على كل التنظيم ال�سيا�سي ،بينما في دولة الم�شروعية -الليبرالية،ف إ�ن القانون الو�ضعي هو الذي يهيمن على كل النظام ال�سيا�سي. والقانون الو�ضعي يعني (وفق الو�ضعية القانونية) ارادة الدولة معبرا عنها ب�شكل قواعد قانونية عامة ولا �شخ�صية� .أما في\"دولة القيادة\"ف إ�ن �سيادة �إرادة القائد تكون لها ا ألولوية على �سيادة القانون الو�ضعي. فالقيادة يجب �أن تبقى متفقة مع النظام الحياتي لل�شعب ،وحيث أ�ن القائد يملك أ�على درجات الإدراك لهذا النظام ،ف�إن �إرادته ال�شخ�صية و�سلطته ال�شخ�صية وقراراته يجب أ�ن تكون لها الهيمنة دائما حتى بالن�سبة للقرارات المتخذة خارج وخلا ف القوانين التي أ�قامها القائد نف�سه :فهذه القوانين يمكن أ�ن ت�صبح غير متوافقة مع النظام الحياتي لل�شعب ،نظرا لتغير الظروف �أو لحالات إ��ستثنائية ،كما �أن القائد ي�ستطيع ممار�سة القيادة عن طريق إ�تخاذ قرارات لا ت�أخذ �شكل القوانين بالمعنى الدقيق (. )1 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .100 -99 36
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية إ�لا �أن \"القيادة\" تت�ضمن ،كنتيجة لفكرة \"ال�شعب جماعة قومية\" التي ت�ستند عليها ،أ�ن\"القانون يوجد قبل تدخل الم�شرع ،ألن القانون هو النظام الحياتي لل�شعب. فالجماعة ال�شعبية هي كائن ينظم نف�سه ويعي�ش وفق نظام معين وهذا\"النظام\"هو القانون .ينتج عن ذلك �أن القانون ملازم لوجود الجماعة ال�شعبية و�أن القانون الو�ضعي هو بال�ضرورة لاحق ،في وجوده على\"القانون\" .فدور الم�شرع �سيكون إ�قرار \"القانون\" و�صياغته و إ�ظهاره بوا�سطة القانون الو�ضعي .فالم�شرع ،في هذا الت�صور، �سيجد نف�سه أ�مام نظام قانوني يفر�ض عليه عندما ي�شرع .وفي هذا الت�صور يمكن القول ب�أن \"القيادة\" تخ�ضع لنوع من التقييد بالقانون ،و إ�ن الفهرر يخ�ضع لمبد أ� دولة القانون .فالقانون �سابق وخارج على القائد ألنه يولد من ال�شعب ب إ�عتباره نظامه الحياتي ،والقائد لايمكنه إ�لا �أن يعترف به وهو ملزم ب أ�ن يكت�شف هذا القانون وي�صوغه (. )1 لكن هل يعني هذا �أن دور الم�شرع ،في المذهب القومي – ا إل�شتراكي ،يقت�صر على إ�قرار القانون الذي يوجد قبل تدخله ؟ في الحقيقة �أن هذا المذهب لا ي�سلم ب أ�ن القانون الذي يوجد خارج القانون الو�ضعي و�سابق عليه يوجد ب�شكل كامل وبالتالي ف إ�ن دور الم�شرع �سيكون مجرد �إقرار له. فالقانون ب�صفته النظام الحياتي لل�شعب وقاعدة �سلوك لاع�ضاء الجماعة القومية يكون محل �إعتراف من قبل القائد ،ألنه الوحيد من بين اع�ضاء الجماعة القومية الذي يملك �أعلى درجة من ا إلدراك لهذا القانون ،ومن ثم ف�إن القائد ي�صوغ القانون ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اوم(لمبم�ا1حسرل�أ)تملاجلةوليعيلغماايفلحرحل�داسوخاظاأ�دلا�حلضمعفدعمناةييللامدلذركنبقاكونانبرحا�أ،ةير،ةنا�إ�لنيألصفهكنعو\"1لا�إيلن5ذةف1ا.مه ؤ�)كرف.ارهملن.عا.ار.للفلفةههطورمعبراانلي�إتفعذخاير�ياضكلاعتفلعنميبباميللدر أ�فكاهدلاروذلرإلةيديرا�يالسعقتاكطنخايلوهألن�ك(صثملراهنلوذاقا�لاضنناواولنحنحايظاةلاللا�منلشناعظبالظميحريايااةلتل،حيحيفاق إ�تي)نق\"ييلذل(،ل�بشتوكعبناقذربو،ى، 37
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية الذي يولد في كنف ال�شعب �أي يعبر عنه ب إ�ظهاره إ�لى الخارج. وعليه ف إ�ن القائد حين ي�شرع فهو يقوم ،ب�شكل عام بعمل خلاق .فالم�صدر ا أل�صلي للقانون ،وفقا للمذهب القومي _ الإ�شتراكي لي�س في الإرادة التحكمية والتقديرية للقائد .فهذا الم�صدر ا ألولي يوجد ماديا في النظام الحياتي لل�شعب جماعة قومية، بيد �أن للقائد �إ�ستخلا�ص و�صياغة القواعد القانونية التي يت�ضمنها النظام الحياتي لل�شعب :وهنا يكمن العمل الخلاق للقائد الم�شرع (.)1 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1وفي هذاالمجال يتوجب بيان اوجه ال�شبه وا إلختلاف بين المدر�سة الت أ�ريخية والمذهب القومي – الإ�شتراكي من ناحية وبينه وبين مذهب العميد دكي من ناحية �أخرى. فالمدر�سة التاريخية ترى ان القواعد القانونية توجد كاملة في \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\" ،بمعنى أ�نها غير مدينة بوجودها ،ب�شكل �أو ب آ�خر ،للم�شرع .أ�ما المذهب القومي – الإ�شتراكي فيرى إ�ن الم�شرع بعد أ�دراك النظام الحياتي لل�شعب يقوم ب�صياغة القواعد التي ت�ضمنها هذا النظام وهنا يكمن دوره الخلاق . و بالن�سبة لنظرية العميد دكي ف إ�ن القواعد القانونية توجد قبل تدخل الم�شرع ،فقد تم �إدراكها من قبل ال�ضمائر الفردية كقواعد �إجتماعية وتحولت بعد ذلك �إلى قواعد قانونية حين إ�عتقد جمهور �ضمائر ا ألفراد إ�نه من ال�ضروري �ضمان �إحترامها عن طريق الإرغام المادي .وعليه ف إ�ن دور الم�شرع في هذا الت�صور هو دور �إقرار لقواعدالقانون ال�سننية ،ودور �صياغة هذه القواعد القانونية ال�سننية عن طريق القواعد القانونية البناءة، وبالتالي ف�إن الدور الخلاق للم�شرع يكاد يكون معدوما بالن�سبة لدكي .وعليه ف إ�ن الم�شرع ي�ستقي القانون ،وهو كامل ،من �ضمائر الأفراد في مذهب دكي ،بينما يرى المذهب القومي – الإ�شتراكي �إن إ�دراك القانون يتم في �ضمير الفهرر ولي�س في �ضمير الأفراد (انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .149 – 148في الهام�ش) .ولهذا ف�إن الفهرر حين ي�شرع يقوم بعمل خلاق ،بينما يقت�صر دوره ،عند دكي ،على مجرد �إقرار القواعد القانونية (ال�سننية ). 38
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية الف�صل الثالث ت�أملات نقدية �أولا – الفردية والقانون لكي نعطي حكما \"مو�ضوعيا\" عن المذهب القومي –ا إل�شتراكي ،وعن مفهومه للقانون ،يتوجب إ�لتقاط المفا�صل الأ�سا�سية له بعيدا عن كل إ�عتبارت �آيديولوجية م ؤ�يدة �أو معار�ضة لهذا المذهب. ونعتقد �أن الميزة الأ�سا�سية لهذا المذهب هي معاداته للفردية .فالمذهب القومي – الإ�شتراكي يت�ضمن ،على ما يظهر �إ�ستبعادا كاملا ومنهجيا للفرد في كل الميادين: فقد �إ�ستبدل الفكرة الفردية بالفكرة الجماعية .ولذلك يمكن القول ،في هذا المنظور ،أ�ن الفرد لاي�ؤخذ بنظر ا إلعتبار ،إ�ن �صح التعبير إ�لا ب�صفته ع�ضوا في الجماعة. ومعادات الفردية هذه هي التي ت�ضع المذهب القومي – الإ�شتراكي في تناق�ض مطلق مع الأفكار الديموقراطية والليبرالية ،التي ،في جوهرها ،ذات �إتجاهات فردية. وكما لاحظ العميد بونار ،ف�إنه نتيجة لتعظيم الفرد في الديموقراطية الليبرالية نمى إ�تجاه فردي قوي بحيث أ��صبح الهدف الوحيد لكل ن�شاطاته .فطالما لاي�ضر الفرد بالآخرين ،ف إ�ن ما ي أ�خذه بنظر ا إلعتبار هو ذاته ،حاجاته ،م�صالحه ومطامعه .فكل هدف ي�شمل الغير قد �أهمل ،فلا يهم الفرد ممار�سة ن�شاطات يمكن أ�ن تفيد ا آلخرين .هذا يعني ،ب إ�خت�صار� ،إن ن�شاط الفرد لايمكن أ�ن يكون\"وظيفة إ�جتماعية\" ،فقد حب�س نف�سه في �أنانية مح�ضة. 39
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ولم تعمل الديموقراطية التمثيلية على �إ�صلاح هذا الإتجاه الذاتي ،بل �سعت �إلى ت�شجيعه من خلال الممار�سات ا إلنتخابية التي تت�ضمن تطمين هذه النزعات والم�صالح ا ألنانية ل ألفراد بغية �ضمان �إعادة أ�نتخاب المر�شح (.)1 وقد يكون من الخط أ� الإعتقاد �إن النظرة الجماعية عند المذهب القومي – ا إل�شتراكي ،جاءت كرد فعل �ضد هذه المغالاة الفردية .فهذا المذهب ينطلق �أ�صلا من ر ؤ�ية فل�سفية للعالم وا إلن�سان ومن �إعتبارت عن�صرية �أدت إ�لى هذه النظرة الجماعية للفرد .وعليه ف إ�ن ال�شعب المكون على أ��س�س عن�صرية لم يعد بعد الآن مجموع أ�فراد ،فقد أ��صبح �شعب جماعة قومية .وهذا الكيان في المنظور القومي – ا إل�شتراكي هو حقيقة �إجتماعية بينما مجموع ا ألفراد لي�س إ�لا تجريدا. وفي هذا الت�صور الجماعي ف إ�ن الفرد �أ�صبح �شخ�صية جماعية ولي�س فردية .ويترتب على ذلك إ�ن ن�شاط\"الأفراد\"يجب أ�ن ي�أخذ م�سارا جماعيا فقط �،أي �أن يكون في �صالح الجماعة ومن ثم ف�إن حاجات الأفراد الخا�صة لا يمكن أ�ن تطمن إ�لا بقدر ما هي تطمن بدورها م�صالح الجماعة. فالفرد بقي فردا ولكنه لي�س فردا في ذاته يريد ما يريد لهذا ال�سبب ،إ�نه بعد ا آلن فرد جماعي� ،شخ�صيته جماعية ،بمعني أ�ن ت�صرفاته وحتى حقوقه تقييم ويحكم عليها من خلال هذه الر ؤ�ية .لذلك ف�إنه يكون من \"المنطقي\" أ�ن لايكون الفرد كفرد، مو�ضوعممار�سة\"القيادة\" ،فالقيادةتمار�س�أوتقودالجماعة أ�والوحدةالجماعية، وبالتالي يمكن القول �إن مو�ضوع هذه الممار�سة هو الأفراد ك�شخ�صيات جماعية. و إ�ذا كان الفرد لم يعد ينظر إ�ليه كفرد في ذاته و إ�نما ك�شخ�صية جماعية ،ف إ�نه من\"المنطقي �أي�ضا أ�ن لاتكون له \"حقوق �شخ�صية \"DROITS SUBJECTIFS على غرار ما هو موجود �أو ما تنادي به المذاهب الفردية الليبرالية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .296-295 40
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية فبدلا من هذه الحقوق ال�شخ�صية (التي هي محل جدل �أو �إنكار حتى في الفقه الغربي ) أ��صبح للفرد\"و�ضعا قانونيا\"ب إ�عتباره ع�ضوا في الجماعة وبهذه ال�صفة ف�إن عليه واجب القيام بوظيفة في هذا المجموع المتما�سك عن�صريا .و إ�ذا كان القانون لم يعد نظاما لل�سلوك من أ�جل ا ألفرادولم�صلحتهم ،ف إ�نه �أ�صبح ،في الر ؤ�ية الجماعية ،النظام الحياتي للجماعة ،بمعنى إ�نه يهدف �إلى �ضمان حياة وتطور الجماعة و إ�نه يخاطب الفرد ،ولكنه يخاطبه ب�صفته ع�ضوا في هذه الجماعة التي هي غاية القانون في وجودها وتطورها .فالفرد الذي أ��صبح له \"و�ضعا قانونيا\" لي�س له \"حقا �شخ�صيا\" ،بمعنى لي�س له �سلطة �ضد الجماعة غايتها تطمين م�صالح فردية .فالو�ضع القانوني �أو ا ألو�ضاع القانونية التي يتمتع بها ا ألفراد ب�صفتهم أ�ع�ضاء في الجماعة غايتها �ضمان م�صالح الجماعة :فلا �أولوية للم�صالح الفردية على الم�صالح الجماعية. فالفرد ب�إعتباره ع�ضوا في الجماعة ف إ�ن له �شخ�صية جماعية ومن ثم ف�إن إ�هتماماته �إجتماعية وبالتالي ف إ�ن ت�صرفاته غايتها م�صلحة الجماعة ،و�إن \"و�ضعه القانوني\" لا يمكن أ�ن يكون هدفه إ�لا تطمين الم�صالح الجماعية .وعليه فلا يكون منح الأفراد �أو�ضاعا قانونية أ�و طعون ق�ضائية �إلا بقدر ما يكون ذلك نافعا للجماعة (.)1 و�إذا كانت \"خطيئة\" المذهب القومي – الإ�شتراكي هي معاداة الفردية ،ف�إن هناك\"ظروفا مخففة\"لهذا الموقف �إذا نظرنا إ�لى الأمور بعين المو�ضوعية والحياد. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1ومن الأمثلة على ذلك ما قررته المحكمة الإدارية العليا في \"�ساك�س\" في 18كانون الثاني 1935حين أ�عطت �أ�سا�سا جديدا للم�س�ؤولية المدنية .فهذا القرار ي�ستبعد ا أل�سا�س الفردي للم�س ؤ�ولية المدنية الذي يقوم على ال�ضرر غير المبرر الذي يلحق بالفرد ويت�ضمن تعوي�ضا ل�صالح المت�ضرر .فقد إ�عتبرت المحكمة �إن ال�ضرر الم�سبب للفرد قد �أحدث\"�إ�ضطرابا �إجتماعيا\"وبالتالي فقد �أ�ضر بال�سلم ا إلجتماعي .و�إذا كان ال�ضرر يجب أ�ن ي�صلح ،فلي�س لغر�ض �إر�ضاء الفرد المت�ضرر بل لو�ضع حد ل إل�ضطراب ا إلجتماعي و�إعادة ال�سلم الإجتماعي. (انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر �ص 74هام�ش ) 1 41
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية فقد ن�س أ�ل :أ�لي�س الفرد المنعزل\"�أ�سطورة\" و�إن الفرد كان دائما كائنا �إجتماعيا ؟ �ألم يقل آ�ر�سطو ب�أن ا إلن�سان هو \"حيوان إ�جتماعي\" ؟ أ�لا يعني كل ذلك ب�أن الإن�سان لايمكن أ�ن يدرك إ�لا ب�صفته ع�ضوا في جماعة ؟ ومن هذه الوقائع التي تكاد تكون بديهية إ��ستنبط �أن�صار المذهب القومي – ا إل�شتراكي ،ربما ب�شيء من الت�سرع� ،أن المجتمع يجب �أن يكون هدفا في ذاته ،و إ�ن هدف القانون هو الجماعة ولي�س الفرد. ثم أ�لي�س من الراجح أ�ن ا إلن�سان هو في ذات الوقت كائن فردي وكائن إ�جتماعي. وماذا يبغي مذهب الت�ضامن ا إلجتماعي غير محاولة التوفيق بين هذين ا إلتجاهين عند ا إلن�سان :الكائن الفردي والكائن ا إلجتماعي .و�إذا رجحت عند البع�ض كفة \"ا إلجتماعي\" على الفردي ،حتى بنوع من التطرف \"العلمي\" ف إ�ن ذلك لا يعني �إن هذا الموقف المتطرف مرفو�ض \"علميا\" .ثم �ألم ينحو العميد دكي ومن قبله �أوك�ست كونت �إلى ترجيح الكفة الجماعية على الكفة الفردية في الكثير من الم�سائل ونادا كليهما ب إ�نكار الحقوق الفردية والإ�شادة بفكرة \"الواجب\" الإجتماعي(.)1 فالمذهب القومي – ا إل�شتراكي ي�صل ،كما و�صل العميد دكي وقد لا يكون ذلك بال�ضبط لذات ا أل�سباب� ،إلى إ�نكار الحق ال�شخ�صي الفردي ،و كما إ�ن دكي إ��ستبدل هذه الفكرة ،بفكرة الو�ضع القانوني الذاتي ،ف�إن المذهب القومي – الإ�شتراكي إ��ستبدله بفكرة الو�ضع القانوني لع�ضو الجماعة (.)2 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1فقد قال أ�وك�ست كونت\" :لاحق ألحد غير القيام بواجبه دائما\" (ذكره :روبية ،النظرية العامة للقانون� ،ص 7وتبناه دكي ،الو�سيط في القانون الد�ستوري، باري�س� ،1907 ،ص .) 18- 17 ( )2ومن الجدير بالملاحظة أ�ن �أحد الفقهاء البارزين في المذهب القومي – الإ�شتراكي يعترف بت أ�ثير العميد دكي عليه ،فيقول� :إن ليئو دكي وموري�س اوريو ،اكبر منظرين في القانون العام وزينة العلم الفرن�سي في الربع ا ألول من القرن الع�شرين ،قد هاجما عدد ًا من المفاهيم الأ�سا�سية ...كال�شخ�صية المدنية( ،فكرة) الحق، ال�سلطة ،ال�سيادة ،وقد �أح�س هذين الفقيهين بالفردية المبالغ فيها التي تحمي هذه المفاهيم .وعل ّي أ�ن أ�عترف هنا لي�س من دون �شعور عميق بالعرفان بالجميل ،ب أ�ني ،و أ�نا تلميذ يافع ،قد إ�غترفت عند هذين العالمين ا ألفكار الموجهة �ضد المذهب التقليدي للقانون العام( .انظر بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص ،11هام�ش ) 1 42
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية وعلى أ�يه حال قد يكون من المنا�سب بل من الحكمة في الختام� ،أن نتذكر ر أ�ي الا�ستاذ مار�سيل فالين في �أن التناق�ض العنيف بين المفهومين الفردي الليبرالي والقومي الإ�شتراكي ،لايمكن للقانوني أ�ن يتخذ موقفا ب�صدده\" ...لأنه و�أن كان ذلك م�س�ألة �أ�سا�سية بالن�سبة لبناء القانون ،لكنها أ�ي�ضا ،في ذاتها ،م�س�ألة لا قانونية .وفي الحقيقة �أن �إتخاذ موقف إ�زاء م�شكلة بهذه الأهمية لايمكن أ�ن يكون له أ��سا�سا عقلانيا ،بل تحكمه العواطف وفي العواطف لايمكن أ�ن نناق�ش بحجج ديالكتيكية من على من�صة العلم\"(.)1 ثانيا – �سلطوية الفهرر إ�ن ال�صفة ال�سلطوية ل�سلطة الفهرر تعني �أن قراراته لايمكن أ�ن تكون مو�ضوع معار�ضة من قبل الأفراد حتى إ�ذا أ�خذت �شكل الطعون الق�ضائية ،فلا تقبل �أي معار�ضة فعلية �أو قانونية �ضد قرار الفهرر .فهو الحكم الوحيد ليقول فيما إ�ذا كانت ممار�سة \"القيادة\" �سواء تعلقت بالأفراد أ�م بال�سلطات ،ت�ستجيب لمتطلبات حياة ال�شعب جماعة قومية وتطويرها . و�سلطوية القيادة تمليها في الحقيقة طبيعة القيادة نف�سها .فالعلاقة بين الفهرر و\"تبعته\" تقوم على أ��سا�س الثقة وا إل خلا�ص ،ا ألمر الذي ي�ؤدي إ�لى تم�شيها التام مع ال�سلوك الذي يبينه الفهرر ،فالتبعة �أعطت نف�سها بدون تحفظ إ�لى قائدها. والفهرر ،بعد ذلك ،هو من �أع�ضاء ال�شعب جماعة قومية الذي يملك �أو�ضح إ�دراك للنظام الحياتي لل�شعب وبالتالي ف�إنه ا ألكثر ت�أهيلا لأن يوافق القيادة مع هذا النظام .ولهذه الأ�سباب ف إ�نه من ال�صعب �أو ربما من الم�ستحيل ت�صور أ�ي معار�ضة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1فالين :المذهب الفردي والقانون ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص . .86 43
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية من �أي فرد ألي قرار للقيادة (.)1 إ�لا �أن ال�س ؤ�ال الي يطرح هو :الي�ست هذه ال�سلطوية للقيادة هي الدكتاتورية و�إن الفهرر هو \"دكتاتور\"؟ ويجيب فقهاء المذهب القومي – ا إل�شتراكي على هذا ال�س ؤ�ال ب�أن الفهرر لايمكن �أن يكون دكتاتورا .فالدكتاتور هو خارج ال�شعب ولا ارتباط له مع ال�شعب ،فهو �شخ�صية فردية مح�ضة ،وبالتالي ف إ�ن ت�صرفاته ت�ستند على مجرد حالة من قوة .فالدكتاتور يفر�ض نف�سه بحكم قوته ،ولا �سلطة له �إلا بف�ضل الوجود الفعلي لهذه القوة .بالعك�س ف إ�ن الفهرر هو في وحدة داخلية مع ال�شعب وجذوره عميقة فيه .و�صفته كفهرر و�سلطته هما نتيجة إل�سهامه في روح ال�شعب ،وهذا الإ�سهام يحدد وحدته مع ال�شعب وثقة ال�شعب به .فالفهرر �شخ�صية جماعية بينما الدكتاتور �شخ�صية فردية (. )2 وقد يكون من المنا�سب أ�ن نطرح الم�شكلة على ب�ساط �آخر :ب�ساط ال�سلطة والحرية. ويكفي أ�ن ن�ستعين لحل هذه الم�شكلة بعبقرية رو�سو الذي أ�وجد طبيعة جديدة عند الإن�سان تجاوزت التناق�ض بين نزعاته الفردية وواجباته الجماعية (.)3 فرو�سو ،في عقده ا إلجتماعي ،يريد أ�ن يبقى الأفراد أ�حرارا في الدولة ،كما كانوا كذلك في حالة الطبيعة� ،أي �أن يحكموا �أنف�سهم ب�أنف�سهم ولا يحكموا من\"الغير\"ب�أي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص .107 – 106 ( )2وي ؤ�كد فقهاء المذهب القومي الإ�شتراكي كثيرا على أ�ن القيادة لي�ست دكتاتورية ،و إ�ن و�صول الحزب القومي الإ�شتراكي للحكم و�ضع حد ًا للدكتاتورية التي كانت �سائدة في ظل د�ستور فايمار إ��ستنادا �إلى المادة 48منه. ويقول العميد بونار �إنه\"يجب أ�ن نعترف ب�أن النظام القومي الا�شتراكي يتمتع بعبقرية خا�صة به ،فحين نقر�أ خطب أ�ودولف هتلر إ�لى ال�شعب ،ف إ�ننا لا يمكن �إلا أ�ن نت أ�ثر بالنبرة والتعاطف الحميمين التي ي�سودها ،فهي تناق�ض خطب مو�سوليني ذات النبرة الجافة والحادة التي تبرز ب�شكل وا�ضح الدكتاتورالذي هو ال\"دوت�شي\"في الحقيقة .وفي الخطاب الذي القاه امام الرايخ�شتاغ في � 7آذار 1936اكد ادولف هتلر بو�ضوح ب أ�نه لي�س دكتاتور ًا\"(.انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر� ،ص . ) 113 )3(.CF.B.DeJouvel:Essai sur la politique de Rousseau (ذكره� :شفاليه ،الم ؤ�لفات ال�سيا�سية الكبرى ،ط( 3بالفرن�سية )� ،ص .)144 44
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية �شكل من الأ�شكال .فالأفراد الذين �أقامو ال�سلطة ،في ت�صور رو�سو� ،إحتفظوا بها ليحكموا أ�نف�سهم ب�أنف�سهم وبالتالي يبقون أ�حرارا في المجتمع ال�سيا�سي كما كانوا في \"مجتمع\" الطبيعة .ففكرة ا ألمر \"الخارجي\" مرفو�ضة عند رو�سو حيث لا تجد أ��سا�سا لها إ�لا في المعطيات الفكرية للحكم المطلق الذي لا يعير �أيه أ�همية لحرية الفرد. يلتزم .وعلى هذا يلتزم �أو في ا إلرتباط الحر لمن افالألم�نساط�لسق يقهوول إ�ذرون�سفوي\":حكرليةوامحند وكل �سلطته تحت منا ي�ضع ب�شكل م�شاع �شخ�صه ا إلدارة العليا ل إلرادة العامة ،ونحن ن�ستقبل ...كل ع�ضو كجزء لا يتجز أ� من الكل\"(. )1 وبهذا ال�شكل ف�إن الحرية ،حرية الفرد ،قد أ�نقذت ألن كل فرد يلتزم نحو الكل. الحنيتني يجعة اط آليتينةف�:سكهل إ�لفىردالإ�كرتلبف إ�طنهدولاني�أعنط\"ييخذا�تضهع\"لأيأل �يش�خشخ�ص�.صو،عفل�إيرهتبفا�إنطنها و إ�ن كل فرد �سن�صل �إلى مع الكل جعله لا يخ�ضع \"مع هذا إ�لا لنف�سه ويبقى حرا كما كان في ال�سابق\" يقول رو�سو. و إ�نطلاقا من هذه الطروحات� ،ألا يمكن �أن نرى قي نظرية القيادة إ�تجاها للتوفيق بين ال�سلطة وبين الحرية؟ ف�سلطة القيادة لا يقبل ا ألفراد بها فح�سب ،بل يريدونها �أي�ضا .وهذه ال�سلطة لا تت�ضمن توجيه أ�وامر بالمعنى الدقيق ،بل تدل على الطريق وهي تطرح الم�شكلة ال�سيا�سية ،كما طرحها رو�سو \":إ�يجاد �شكلا للتجمع ...بوا�سطته كل واحد يتوحد مع الكل ولا يخ�ضع مع هذا �إلا لنف�سه ويبقى حرا كما كان في ال�سابق ( .)2و إ�ذا كانت\"الإرادة العامة\"هي حلقة الو�صل بين ال�سلطة وال�شعب عند رو�سو(.)3 ف�إن \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\" في المذهب القومي – الإ�شتراكي يمكن �أن تقوم بذات الدور أ�ي�ضا. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1رو�سو :العقد ا إلجتماعي ـ الكتاب الأول ،الباب ال�ساد�س . ()2رو�سو :العقد ا إلجتماعي ،الكتاب الأول ،الباب ال�ساد�س. ( )3حول دور \"الإرادة العامة\" في مذهب رو�سو� ،أنظر منذر ال�شاوي ،الدولة الديمقراطية ،من�شورات المجمع العلمي العراقي ،بغداد ،1998،بند .40 45
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية فا ألفراد ي�سهمون في \"روح ال�شعب\" وبالتالي يعون النظام الحياتي لل�شعب ،وكذلك الفهرر ي�سهم في روح ال�شعب بالحد ا ألعلى ،ألنه يملك ا إلدراك الأكثر و�ضوحا ليل�نسهظامومنال أ��يش�عضبايف.يفاهلذفهه\"رارل يرقووحد\"،لأنفهليي��سسههمناب�أكعل�إذىندارمجرةللففيه\"رررويحو اجل�هش�إعلبى\"ا،ل�شواعلأبف،ربادل إ�دراك او�ضح من قبله للنظام الحياتي لل�شعب .فحين يمار�س الفهرر القيادة ف�إنه يدل بقراراته ال�شعب على نظام حياته ولا ي�أمره .ولذلك ف إ�ن \"حكومة\" القيادة ال�سلطوية �ستكون حكومة يبقى الفرد فيها \"حرا\" كما اراد رو�سو . وحين يتبع الافراد الفهرر ف أ�نهم لايطيعون ،في الحقيقه �،إلا انف�سهم ألن قيادته تحكمها\"روح ال�شعب\"الذي ي�سهم فيه كل الافراد . وعلى هذا الا�سا�س يمكن ان نجد في النظام القومي – ا لا�شتراكي توفيقا بين المبد�أ ال�سلطوي ومبد أ� الحريه .فالحكومه ال�سلطويه �ستتحقق في هذا المنظار القومي- الا�شتراكي ،في ذات الوقت الذي يطمن فيه ال�شعور بالحريه عند الفرد (. )1 إ�لا ان منظرو المذهب القومي –الا�شتراكي يرف�ضون هذا الت�صور او التحليل ويقولون ان محاوله التوفيق هذه لا تطرح ا�صلا .فالافكار التي تكون ا�سا�س المذهب القومي – الا�شتراكي هي حقائق منظوره ،بعك�س المفاهيم والنظريات التي راجت في العالم الليبرالي الفردي وبالتالي لايمكن الا�ستناد عليها .وهذا الر أ�ي يقودنا الى التفكير والت�أمل في ا�ساطير \"نظرية القيادة\" النازية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( )1انظر :بونار ،المرجع ال�سالف الذكر �،ص. 160-159 46
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية ثالثا -الأ�ساطير النازية فيمكن الت�س أ�ول ،اولا ،عن \"روح ال�شعب \"volksgeistهذه :الي�ست ا�سطوره باعتبارها \"الروح المو�ضوعيه لل�شعب\" التي لا�سند �شخ�صي لها .وكذلك الحال حين تو�ضع في ال�ضمائر الفرديه باعتبارها فكره اجتماعيه لهذه ال�ضمائر ومن ثم تكون هذه \"ال�شخ�صيه الجماعيه\" يتكلم عنها منظرو النازيه . الي�ست الحقيقه هي في وجود الافراد الذين تدفعهم دائما نزعات فرديه وانانيه مح�ضه عدا القليل من الافراد الذين يمكن ان يرتفعوا بانف�سهم الى حد التفكير وال�شعور بـ\"الاخر\" .وعليه ف إ�ن \"روح ال�شعب\" التى يعزى لها بانها تتجه نحو المجتمع والم�صلحه العامه هي ،في الواقع، ا�سطوره لأنها لا تنفذ الى روح وتفكير عموم الافراد وبالتالي ف�إنها مو�ضوع ايمان وبعيده عن حقيقة الوجود. ثم الي�س من قبيل الا�ساطير القول ب�أن الفهرر يملك اكبر ا�سهام في هذه\"الروح المو�ضوعيه لل�شعب\" .وحتى اذا افتر�ضنا وجود مثل هذه\"الروح ال�شعبيه\" ،فهل يمكن القول ان الروح التي تحركه هي نتيجه لا�سهامه في\"الروح المو�ضوعيه لل�شعب\"بدرجه عاليه وان \"القياده\" ناجمه عن ادراكه الكامل للنظام الحياتي لل�شعب؟ واذا كان الامر كذلك ،الا يحق لنا القول مع الا�ستاذ رنه كابيتا ب أ�ن \" :الثوره القوميه – الا�شتراكيه هي ......ا�سا�سا ايديولوجية .انها ا�صلاح ديني ذو طابع �سيا�سي( .و) هتلر هو نبي فل�سفه ....جديده قبل ان يكون زعيم دوله قويه .....والرايخ الثالث تحكمه ايدولوجيه خا�صه به ....لكن هذه الايدولوجيه هل من الممكن تحليلها ؟ هل من الممكن ادراكها دون ان ن�سلم بها؟ ....ان الايديولوجيه الهتلريه هي ا�ساطير اكثر من كونها حقائق ،هي م�سلمات اكثر من كونها تجارب .انها �صوفيه ولي�ست مذهبا ،تعبير ًا عن ايمان ولي�س بنا ًء عقلي ًا (. )1 (1) R. Capitant: Li' deologie ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ constitutionnels\", p. 445 Nationale-Socialiste, 1935, dans\"Ecrits 47
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية لكن من الحق أ�ن نقول إ�نه إ�ذا كانت لآيديولوجية النظام القومي – الإ�شتراكي �صفة ا أل�سطورة ،فلا يعني ذلك أ�ن لي�س لها قيمة وت أ�ثير في الواقع .فطالما قادت ا أل�ساطير الم�سيرة الإن�سانية .فالأ�ساطير ذات الطابع \"الديني\" لعبت وتلعب دورا حا�سما في تحديد �سلوك وحياة الب�شر .وكان ل أل�ساطير دورا كبيرا في ال�سيا�سية .فكما كان لا�سطورة �سيادة الحق ا إللهي دورها الفاعل ،كان الأمر كذلك بالن�سبة لأ�سطورة �سيادة ا ألمة حيث\" ...كان لها مريدوها و�شهدائها ك�أي معتقد ديني\"يقول العميد دكي (.)1 فا أل�ساطير تفعل فعلها وتبقى خارج العقل والمحاكمة العقلية \"وحين نكون على �أر�ض ا أل�ساطير ف إ�ننا نتقي أ�ي دح�ض\" يقول �سوريل (.)2 فمنال�صعبتعقيلا إليمانوحينيعقليفقد�أ�سطورتهوبالتالي�سيطرته\".فال�شعوب، يقول غ�ستاف لوبون ،من ال�سهل عليها أ�ن تهمل الحقائق (�إلا ) �أنها لايمكن �أن تعي�ش بدون يقين (. )3 «فا ألفراد ،يكتب العميد بونار ،بحاجة �إذن ل أل�ساطير لتحديد �سلوكهم .والقلة هم القادرونعلىتنظيم أ�فعالهموفقحقائقمقرةعلميا،وهو�ش�أنالنخبةفقط.فالب�شرفي أ�غلبيتهمالعظمىمحددونفيالواقعبعواطفتخلقعندهمالاعتقادببع�ضا أل�ساطير. و(النظام) القومي – ا إل�شتراكي �إ�ستطاع ببراعة �إ�ستغلال هذه الظاهرة ( ...و) أ��ساطيره كانت في الحقيقة منا�سبة تماما مع عقلية ال�شعب الألماني وقد قدمت له في الوقت المنا�سب (. )4 و إ�ذا كان العقل يخلق العلم والعواطف تقود الت�أريخ ،كما قيل ،فلم لا يكون \"العقل\" �أي�ضا يدرك الت أ�ريخ ويحدد م�سيرته ؟ هذا ما �سنراه مع المارك�سية. ـ(ـ ـ1ـ)ـ ـدـكـ ـيـ:ـ ـالـمـ ـطـوـ ـلـ،ـ ـجـ ـ1ـ،ـ ـ ـطـ3ـ،ـ ـ ـ�ـصـ ـ7ـ ـ 5ـ5ـ،ـ ـو ـقارن �ص ..581 (2) G.Sorel:Réflexion sur la violence ,11 éd. paris , 1950 ,p,46,49 وحول ت�أثير ا أل�ساطير الإجتماعية �أنظر� :ص 32ومابعدها من هذا الكتاب)3( c -38 . ( )4بونار :القانون والدولة في المذهب القوم.ي9–14ا 1إل�,شisتrراaكpيt�és،,صCF.G.leBon:La vi.e16d4e-s1v6é3ri 48
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية الق�سم الثاني المــارك�سيـــة والقـــانـــــون 49
نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية الف�صل ا ألول فكرة المارك�سية أ�ولا – مارك�س والمارك�سية ولد كارل مارك�س يوم 5ماي�س 1818في مدينة\"تريف \"Trèvesا أللمانية (برو�سيا) ،من اب يهودي محام ،اعتنق الم�سيحيه (البروت�ستانتية) ،وكان خلال فترة من الزمن نقيب ًا للمحامين في هذه المدينه .وفي درا�سته الجامعيه (في بون وبرلين )اتجه الى درا�سه الت أ�ريخ والفل�سفه ونال الدكتوراه في مو�ضوع يتعلق بفل�سفه الطبيعه عند الاغريق. وتحت ت�أثير احد تلامذة الفيل�سوف هيغل ،اعتنق مارك�س الهيغليه وان�ضم الى نادي ال�شبيبة الهيغيليه الذي كان من بين اع�ضائه فردريك انكلز وباكونين. وكانت ال�سنوات التي امتدت بين � 1842-1835سنوات تكوينه الفكري ،والتي انتهت بقطعية مع الدولة البرو�سية ب�سبب اتوقراطيتها وفقدان حريه التعبير. وا�ستقر مارك�س في العام 1843في باري�س ،بعد ان تزوج من\"جني فون و�ستفالن\"التي تكبره باربع �سنوات .وفي باري�س اعاد اللقاء بالمثقفين الالمان الذين طردوا من بلادهم ،واقام ال�صله مع الا�شتراكين الفرن�سيين وال�صداقه مع جوزيف بردون وانكلز ( )1895-1820وباكونين الفو�ضوي الرو�سي . وتميزت هذه الفترة ( )1845-1842بن�شاطه ال�سيا�سي والفكري ،فقد ن�شر في العام \"1842نقد فل�سفه الدوله لهيغل\" .وخلال العامين ،1844-1843اكمل ملاحظاته عن هيغل حين ن�شر\"نقد فل�سفة القانون لهيغل\" ،الذي قال عنه 50
Search