Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore كتاب دكتور منذر الشاوي

كتاب دكتور منذر الشاوي

Published by info, 2020-08-31 07:04:18

Description: كتاب دكتور منذر الشاوي

Search

Read the Text Version

   

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ت�صـدير‬ ‫يعد هذا الكتاب الثاني في �سل�سلة الا�صدارات القانونية‪ ،‬وعندما تم ن�شر الا�صدار‬ ‫الأول من هذه ال�سل�سلة \"القانون والحياة\" وردت إ�لى إ�دارة المركز عدة مخاطبات‬ ‫ومرا�سلات تثمن القيمة العلمية لذلك الإ�صدار‪ ،‬لا �سيما و أ�ن م�ؤلفه هو واحد من أ�لمع‬ ‫المفكرين في مجال الدرا�سات الفل�سفية القانونية‪ ،‬دانت له مفاتيح البحث المنهجي‬ ‫واجتمعت فيه الممار�سة العلمية والعملية‪.‬‬ ‫وان�سجام ًا مع دور وطبيعة هذه الا�صدارات‪ ،‬والثراء في الطرح المنهجي المو�ضوعي‪،‬‬ ‫فقد �إرت�أت ادارة المركز �إ�صدار م ؤ�لف آ�خر ل أل�ستاذ الدكتور منذر ال�شاوي بعنوان‬ ‫“نظرية القانون في الذاهب ال�شمولية”‪ ،‬لتناق�ش بع�ض المفاهيم التي طرحتها هذه‬ ‫المذاهب‪ ،‬ومن ثم أ�هم النتائج التي اف�ضت اليها لتحاول في التحليل الاخير الاجابة‬ ‫عن بع�ض ا أل�سئلة المهمة التي رانت الحقبة التي بزغت فيها‪ ،‬من خلال الوقوف‬ ‫على �أدق تف�صيلات هذه الطروحات‪ ،‬وانعكا�س ذلك على الأطر المفاهيمية‪ ،‬والر�ؤى‬ ‫القانونية والفل�سفية التي كان لها الدور الأ�سا�سي في �صياغة وبلورة �شكل وم�ضمون‬ ‫النظرية القانونية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ولا �شك أ�ن ت�سليط ال�ضوء على هكذا نوع من الدرا�سة‪� ،‬إنما هو جزء من عملية‬ ‫إ��شاعة الثقافة القانونية‪ ،‬وتي�سيرها للقارئ العربي ب�صفة عامة والعراقي على وجه‬ ‫التحديد‪ ،‬على نحو ي�ستطيع الأن�سان العادي والمخت�ص من �أن يقطف ثماره‪ ،‬ويدرك‬ ‫غاياته وي�صل إ�لى عقله ب�أ�سلوب �شيق يت�ضمن الفائدة والمتعة مع ًا‪.‬‬ ‫و إ� ْذ يرنو المركز العراقي للدرا�سات الا�ستراتيجية إ�لى تحقيق المزيد من الانتاج‬ ‫المعرفي‪ ،‬ف إ�نه ي�أمل �أن يحظى هذا ا إل�صدار بقدر وافر من الاطلاع والاهتمام‬ ‫والعناية‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫توطئة‬ ‫لكي تكتمل ال�صورة التي قدمناها عن ا�سا�س وطبيعة القانون‪ ،‬نرى من المنا�سب‬ ‫الوقوف عند بع�ض المذاهب التي �أعطت لل�سلطة وممار�ستها‪ ،‬دورا �أ�سا�سيا إ�نعك�س‪،‬‬ ‫وكان يجب �أن ينعك�س على القانون ومفهومه‪.‬‬ ‫ولعلنا نجد في المذهب النازي والمذهب المارك�سي خير مثالين على ذلك‪.‬‬ ‫فدرا�سة القانون في المذهب القومي ا إل�شتراكي‪ ،‬وموقف المارك�سية من القانون‪،‬‬ ‫يمكن �أن تقدم �صورة‪ ،‬ولو مقت�ضبة‪ ،‬لما يمكن �أن يكون عليه القانون في �ضوء ت�صور‬ ‫معين ل إلن�سان وللمجتمع ولل�سلطة‪.‬‬ ‫ولذلك ف إ�ن لها موقعها في ت أ�ريخ الفكر القانوني‪ ،‬وفي \"فل�سفة القانون\"‪.‬‬ ‫والعلاقة بين الفل�سفة ال�سيا�سية والفل�سفة القانونية‪ ،‬م�س أ�لة في غاية ا ألهمية‪� ،‬إلا‬ ‫إ�نها لم تعالج بال�شكل الكافي من قبل مذاهب القانون التي عرجنا على درا�ستها(‪.)1‬‬ ‫لذلك نحاول �أن نبين هذه العلاقة من خلال الوقوف عند فكرة القانون في المذهب‬ ‫القومي الإ�شتراكي (النازي) وفي المذهب المارك�سي‪.‬‬ ‫وقد يخرجنا ذلك بع�ض ال�شيء عن ا إلطار\"الكلا�سيكي\"لفل�سفة القانون رغم �إنه‬ ‫إ�غناء لا مثيل له لهذه الفل�سفة القانونية‪ ،‬بقدر ما يلق ال�ضوء على تطور معين للقانون‬ ‫من خلال ر�ؤية �سيا�سية وفل�سفية معينة‪.‬‬ ‫و�سنخ�ص�ص ق�سما أ�ولا‪ ،‬لدرا�سة القانون في المذهب القومي – ا إل�شتراكي‪ ،‬كما‬ ‫�سنخ�ص�ص ق�سما ثانيا إ�لى المارك�سية والقانون‪ .‬وحيث �أن المارك�سية أ�قدم تاريخيا‬ ‫من النازية‪ ،‬فكان من المنطق والمنهج ال�سليم �أن نبد أ� بدرا�سة موقف المارك�سية من‬ ‫ـاـلـ ـقـ ـا ـنـ ـو ـ ـنـ‪.‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫(‪� )1‬أنظر‪ :‬منذر ال�شاوي‪ :‬فل�سفة القانون‪ ،‬مطبوعات المجمع العلمي العراقي‪ ،‬بغداد ‪1994‬‬ ‫‪5‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫�إلا أ�ن مايبرر هذا التقديم والت أ�خير هو �أن للمذهب القومي – الا�شتراكي نظرية‬ ‫متكاملة وا�صيلة عن القانون‪ ،‬أ�ما المارك�سية فقد حددت موقفا وقدمت تحليلا‬ ‫للقانون في المجتمعات الر أ��سمالية والبورجوازية ‪.‬‬ ‫�صحيح أ�نها �أعطت بعدا معينا للقانون في �إحدى مراحل البناء الإ�شتراكي ‪�،‬إلا أ�نها‬ ‫آ�منت ب�إلغائه في آ�خر ا ألمر‪ .‬لذلك يمكن القول �أن موقف المارك�سية من\"القانون\"كان‬ ‫موقفا راف�ضا �أو �سلبيا �إن �صح التعبير‪ .‬ولهذا فقد قدمنا‪ ،‬في هذه الدرا�سة المذهب‬ ‫التقدمي الإ�شتراكي على المذهب المارك�سي(‪.)1‬‬ ‫وفي عر�ضنا لموقف المارك�سية من القانون ‪،‬فقد �إنطلقنا من معطيات الفكر المارك�سي‬ ‫عند مارك�س و�إنكلز ومن ثم لينين‪ ،‬بعيدا عن التف�سيرات التي أ�عطيت له والتطبيقات‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬وقد كان منطقيا �أن نتطرق �أي�ضا‪ ،‬في هذا المجال‪ ،‬إ�لى المذهب الفا�شي الأيطالي‪ ،‬نظرا للت�شابه من حيث‬ ‫تركيبة ال�سلطة وربما الهدف‪ ،‬بين هذا النظام والنظام النازي‪� .‬إلا أ�ن ا�ستبعادنا للمذهب الفا�شي الايطالي‬ ‫يعود �إلى �إنه لم ي أ�ت ب�شيء في ميدان نظرية القانون والدولة‪ ،‬بينما أ�حدث النظام القومي – الإ�شتراكي تغييرا‬ ‫جذريا في هذه النظرية التي كانت �سائدة في المانيا ومعتمدة �أي�ضا في �إيطاليا‪ .‬والنظرية التقليدية الالمانية‬ ‫للقانون والدولة تت�ضمن تبني الو�ضعية القانونية بمعنى أ�ن القانون تخلقه الدولة ب إ�رادتها وهي �شخ�ص معنوي‬ ‫�صاحب �سيادة يت�صرف بوا�سطة هيئات توزع بينها وظائف الدولة على أ��سا�س مبد�أ\"الف�صل بين ال�سلطات\"‪.‬‬ ‫ولم ي�سلم بهذه النظرية المذهب القومي – الإ�شتراكي ولم يحاول التكيف معها‪ ،‬ب�إعتبار �أن هذه النظرية �أقيمت‬ ‫في ظل نظام �سيا�سي يختلف تماما عن النظام القومي – ا إل�شتراكي‪ .‬أ�ما المذهب الفا�شي فقد �إعتقد إ�نه من‬ ‫الممكن الإبقاء على هذه النظرية والتكيف معها بما ي�ضمن �سلطة\"الدوت�شي\"ال�شخ�صية ‪.‬فالدولة‪� ،‬شخ�ص‪ ،‬ذو‬ ‫�سيادة‪ ،‬تمار�س ال�سلطة وتقيم القانون‪ .‬و\"الدوت�شي\"هو أ�حد هيئات الدولة بالمعنى القانوني‪� .‬إلا �أن \"الدوت�شي\"‬ ‫(مو�سوليني ) يجمع بين يديه \"ال�سلطة\" الت�شريعية وال�سلطة التنفيذية‪ ،‬بالرغم من \"ا إلبقاء\" على مبد�أ الف�صل‬ ‫بين ال�سلطات‪ .‬فهو يملك ال�سلطة الت�شريعية بمقت�ضى تفوي�ض البرلمان‪ .‬أ�ما ال�سلطة التنفيذية‪ ،‬التي تعود �إلى‬ ‫الملك فقد مار�سها \"الدوت�شي\" فعلا بموجب \"التوقيع الوزاري\" على القرارات‪ .‬وعليه فمن الناحية \"القانونية\"‪،‬‬ ‫ونقول النظرية‪ ،‬ف�إن الف�صل بين ال�سلطات قد بقي في ظل النظام الفا�شي حيث أ�ن البرلمان له ال�سلطة الت�شريعية‬ ‫والملك له ال�سلطة التنفيذية‪ ،‬بيد �أن الواقع يق�ضي ب�أن هذه \"ال�سلطات\" بيد مو�سوليني وبالتالي ف إ�ن �سلطته‬ ‫ال�شخ�صية تتما�شى مع نظرية الدولة – �شخ�ص ومع ف�صل ال�سلطات ومع ا إلبقاء على الو�ضعية القانونية‪.‬‬ ‫فالدولة تقيم القانون وهو التعبير عن �إرادتها وبالتالي ف إ�ن القانون كل القانون هو في القانون الو�ضعي ‪�.‬إلا‬ ‫أ�ن هذا القانون الو�ضعي هو‪ ،‬في الواقع تعبير عن إ�رادة \"الدوت�شي\" وبما إ�نه \"هيئة\" من هيئات الدولة ف�إن‬ ‫�إرادة الدوت�شي ت�صبح إ�رادة الدولة‪ ،‬وبالتالي ف�إن القانون‪ ،‬يبقى‪ ،‬وفق المنظور الو�ضعي‪ ،‬تعبيرا عن �إرادة الدولة‬ ‫(انظر‪ :‬بونار‪ ،‬القانون والدولة في المذهب القومي _ الإ�شتراكي‪ ،‬ط‪ 2‬باري�س ‪� ،1939‬ص ‪.) 6-5‬‬ ‫‪6‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫التي منه �إ�ستوحت‪ .‬ولذلك ف�إن موقف المارك�سية من القانون لا يقدر وفق �أو من‬ ‫خلال النظام أ�و التجربة ال�سوفيتية وتطبيقات بلدان الديموقراطيات ال�شعبية‪ ،‬فهي‬ ‫مجرد تف�سيرات للفل�سفة المارك�سية أ�ملتها ظروف ونزعات غالبا هي �شخ�صية‪.‬‬ ‫فمحاولة فهم الفلف�سة المارك�سية وبالتالي أ��سا�س القانون في المذهب المارك�سي من‬ ‫خلال تجارب بع�ض\"الدول المارك�سية\"لايمكن �أن يكون مرجعا يعتمد عليه ولا منهجا‬ ‫علميا يركن �إليه‪.‬‬ ‫وقد يعتر�ض فيقال �أن إ�دراك القانون في المذهب القومي ‪-‬الإ�شتراكي لايمكن‬ ‫أ�ن يتم إ�لا من خلال النظرية والتطبيق في الدولة النازية‪ ،‬فلم لا يكون الأمر‬ ‫كذلك في الدولة ال�سوفيتية ؟ والجواب على ذلك هو �أن النظرية والممار�سة‬ ‫في الدولة القومية ‪ -‬الإ�شتراكية كانتا في تفاعل دائم بمعنى �أن الفكر ال�سيا�سي‬ ‫والقانوني كان في �صيرورة دائمة لبناء نظرية قانونية جديدة‪ .‬فلا خوف إ�ذن من‬ ‫«التحريف\"‪ ،‬كما في للمارك�سية‪ ،‬وا إلبتعاد عن نظرية فل�سفية متكاملة‪ .‬فا ألقت�صار‪،‬‬ ‫�إذن‪ ،‬على\"ا آلباء\"الثلاث المارك�سية هو أ�ف�ضل ما يمكن �أن يقدم من حيث الدقة‬ ‫والمو�ضوعية عن المارك�سية والقانون‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫‪8‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫الق�سم ا ألول‬ ‫القانون في المذهب القومي ‪ -‬ا إل�شتراكي‬ ‫‪9‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫‪10‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫يرتكز بناء النظام القومي – الإ�شتراكي على �أ�سا�سين‪:‬‬ ‫«ال�شعب جماعة قومية\"والفهرر‪ .‬و\"ال�شعب جماعة قومية\"يعني �أن ال�شعب ا أللماني‬ ‫الذي أ��سا�سه العن�صر ي�شكل\"جماعة\"تنجب القانون ب إ�عتباره النظام الحياتي‬ ‫لل�شعب بو�ضعه الجماعي‪.‬‬ ‫والفهرر (القائد ) يقوم \"بقيادة ‪ \"FÜhrung‬ال�شعب جماعة قومية الذي يكون‬ ‫في هذه الحالة \"تابعا\" ويتم ذلك بم�ساعدة الحزب القومي – ا إل�شتراكي والدولة‬ ‫ب إ�عتبارها و�سيلة لتحقيق ذلك‪ .‬وعليه ف�إن المنطلق الأ�سا�س في النظام القومي –‬ ‫الإ�شتراكي هو ال�شعب جماعة قومية‪ :‬فكل �شيء يدور حوله ويرتبط به‪ .‬فالقانون‬ ‫يجد م�صدره في ال�شعب‪ ،‬لأنه النظام الحياتي لهذا ال�شعب‪ .‬وال�شعب يكون \"تابع\"‪،‬‬ ‫وعندها تظهر �ضرورة قيادة ال�شعب جماعة قومية من قبل الفهرر‪.‬‬ ‫لذا يتوجب التوقف في البداية عند فكرة \"ال�شعب جماعة قومية\" وعند فكرة‬ ‫\"القيادة\" اللتان تكونان محور معطيات المذهب القومي – الإ�شتراكي‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫الف�صل ا ألول‬ ‫معطيات المذهب القومي – الإ�شتراكي‬ ‫اولا‪ -‬ال�شعب جماعة قومية‬ ‫�إن فكرة \"ال�شعب جماعة قومية\" تعتبر كما قلنا المنطلق ا أل�سا�س للنظام أ�و المذهب‬ ‫القومي – ا إل�شتراكي‪ .‬فكل �شيء ينحدر منها ويرتبط بها‪ .‬وهتلر في كتابه \"كفاحي\"‬ ‫وفي خطبه وقف طويلا عند مفهوم ال�شعب بالمعنى القومي – ا إل�شتراكي‪.‬‬ ‫وكان ذلك منطلقا لمنظري وفقهاء المذهب القومي – الإ�شتراكي لتعميق ومنهجة‬ ‫هذا المفهوم لل�شعب وبالتالي لتمييز النظام النازي عن النظم الدكتاتورية وعن‬ ‫النظام الفا�شي الإيطالي(‪.)1‬‬ ‫و \"ال�شعب جماعة قومية\" يتكون من مفهومين‪ :‬ال�شعب والجماعة القومية‪ .‬وهذان‬ ‫المفهومان يتميز كل منهما عن الآخر‪ ،‬رغم الت أ�ثير المتبادل بينهما‪ .‬فلكل منهما‬ ‫مدلوله الخا�ص في المذهب القومي الإ�شتراكي‪ .‬لذلك يتوجب الوقوف‪� ،‬أولا‪ ،‬عند‬ ‫مفهوم ال�شعب‪ ،‬ثم عند فكرة \"الجماعة القومية\"‪.‬‬ ‫ )أ (مفهوم ال�شعب‬ ‫إ�ن المفهوم القومي‪ -‬الإ�شتراكي لل�شعب هو مفهوم \"عرقي ‪ \"ethniqe‬يقوم على‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬فغالباماكانمو�سولينيي ؤ�كد أ�ولويةالدولةعلىال�شعبفهويقول\"لي�ستا ألمةهيالتيتخلقالدولة‪،‬بالعك�س‪،‬‬ ‫ف�إن االأمة خلقتها الدولة‪ .‬فالدلة تعطي ال�شعب إ�رادة وبالتالي وجود فاعل (\"مو�سوليني‪ :‬الفا�شية\"ذكره‪ ،‬بونار‪،‬‬ ‫القانون والدولة في المذهب القومي – الإ�شتراكي‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص‪ ،23‬هام�ش ‪)1‬‬ ‫‪12‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫فكرة \"العن�صر ‪.\"larace‬‬ ‫فال�شعب ا أللماني يقوم على �أ�سا�س عن�صري‪ .‬في الحقيقة لم تتبن المانيا‪ ،‬في أ�ي وقت‬ ‫المفهوم الذاتي لل�شعب الذي أ��سا�سه الرغبة في العي�ش الم�شترك بحيث �أن ال�شعب‬ ‫ووحدته يقومان على الإنتماء الطوعي لمن يريد أ�ن يكون جزءا من ال�شعب‪ ،‬وهو‬ ‫مفهموم ذو طبيعة نف�سية �أو روحية بعيدة عن �أي �صفة \"بايولوجية\"‪ .‬أ�ما ما �ساد‬ ‫دائما في المانيا فهو المفهوم المو�ضوعي لل�شعب‪ .‬ففي مطلع القرن التا�سع ع�شر‬ ‫قيل أ�ن ال�شعب هو \"جماعة قومية\" طبيعية �أ�سا�سها وحدة ا أل�صل واللغة وبالتالي‬ ‫فهو وحدة روحية‪ ،‬ومن هنا جاء م�صطلح \"روح ال�شعب ‪� .\"volksgeist‬إلا أ�ن‬ ‫الجديد الذي جاء به النظام القومي – الإ�شتراكي هو إ�دخال فكرة العن�صر في‬ ‫المفهوم المو�ضوعي لل�شعب‪ ،‬بمعنى إ�عتبار العن�صر �أ�سا�سا جوهريا للفئة القومية‪.‬‬ ‫وهذا ا أل�سا�س العن�صري لل�شعب يمكن �أن يكون على وجهين‪ .‬فيمكن‪ ،‬أ�ولا‪� ،‬إعتبار‬ ‫ال�شعب وحدة عن�صرية أ�ي إ�نه يتطابق مع عن�صر ب�شري معين أ�و على ا ألقل يتجه‬ ‫أ�و يجب أ�ن يتجه نحو هذه الوحدة العن�صرية‪.‬‬ ‫ويمكن‪ ،‬ثانيا‪ ،‬إ�عتبار ال�شعب مكون من عدة \"عن�صريات ‪ \"races‬ب�شرط �أن تكون‬ ‫هذه المكونات الب�شرية \"متقاربة\" عن�صريا‪ ،‬إ�ذ بف�ضل هذا التقارب يمكن �أن تتحقق‬ ‫الوحدة القومية‪ .‬كما �أن المكونات الب�شرية العن�صرية المهيمنة نوعا أ�و كما‪ ،‬في هذا‬ ‫التقارب هي التي تمنح ال�شعب �صفته المميزة وبالتالي يجب أ�ن تكون محل رعاية أ�و‬ ‫تف�ضيل لكي ت�ستمر ال�سمة الخا�صة بال�شعب(‪.)1‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.29 – 28‬‬ ‫وبناءا عليه ف�إن القانون ال�صادر في ‪ 15‬ايلول عام ‪( 1935‬المعروف بقانون نورمبرغ ) جاء لتثبيت التكوين‬ ‫العن�صري لل�شعب الالماني حين ميز بين الجن�سية وحق المواطنة‪ .‬فالجن�سية الالمانية تكت�سب ويحتفظ بها‬ ‫بدون �أي �شرط عن�صري ‪�.‬أما حق المواطنة فيخ�ضع إ�لى �شرط العن�صر‪ .‬وا ألفراد الذين يتمتعون بحق‬ ‫المواطنة هم وحدهم الذين يكونون ال�شعب الالماني بمعناه العن�صري ‪.‬‬ ‫(انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.)47‬‬ ‫‪13‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫(ب ) فكرة الجماعة القومية‬ ‫إ�ن مفهوم ال�شعب القائم على أ��سا�س عن�صري لايمكن أ�ن يدرك ب�صورة معزولة‬ ‫عن \"الجماعة القومية\"‪� ،‬إذ �أن ال�شعب مكون ومنظم في جماعة قومية‪ .‬فالجماعة‬ ‫القومية مكونة من �أفراد مرتبطين الواحد بالآخر ولي�سوا موجودين الواحد بجانب‬ ‫الآخر فقط‪ .‬فالأ�سا�س‪� ،‬إذا‪ ،‬في \"الجماعة القومية\" هو هذا \"الربط\" الموجود‬ ‫بين الأفراد اللذين يكونونها‪ .‬وهذا الربط في الجماعة ال�شعبية يجد أ��سا�سه في أ�ن‬ ‫كل �أع�ضاء هذه الجماعة هم من نف�س الدم �أو من دم متقارب‪ ،‬وبالتالي مغرو�سة‬ ‫فيهم\"الروح المو�ضوعية\" لل�شعب‪ .‬ويترتب على ذلك أ�ن تفكيرهم �إجتماعي ولي�س‬ ‫فرديا و �شخ�صيتهم هي \"�شخ�صية جماعية\" ولي�س �شخ�صية فردية‪ ،‬أ�ي أ�نها‬ ‫�شخ�صية لاتجد وجودها في ذاتها‪ ،‬وفي ت�أكيد هذه الذات‪ ،‬بل في كونها تحمل روح‬ ‫\"الجماعة\" وبالتالي ف�إنها تت�صرف وفقا لهذه الروحية‪ .‬ولهذا وبف�ضل هذا ا إل�سهام‬ ‫في روح الجماعة يوجد �ضمن «الجماعة القومية\" وحدة وتعاون وت�ضامن من �ش�أنها‬ ‫تحقيق الربط بين الأفراد‪ .‬وهكذا يتكون مجموع �أو \"كل\" لايذوب فيه الأفراد بل‬ ‫يترابطون‪.‬‬ ‫ومن هذا الترابط ين�ش أ� مجموع يعلو على الفرد دون أ�ن يلغيه‪.‬‬ ‫وهذا المجموع واقع ملمو�س بال�ضبط كالواقع الفردي‪ .‬لكن لكي يوجد هذا الترابط‬ ‫بين الأفراد بف�ضل �إ�سهامهم في الروح المو�ضوعية لل�شعب‪ ،‬فلابد من وجود �شعب‬ ‫مكون على أ��سا�س عن�صري‪ ،‬من عن�صر واحد أ�و خليط معين من عن�صريات ب�شرية‪.‬‬ ‫وفي مثل هذا ال�شعب يمكن أ�ن تتكون روح مو�ضوعية ي�سهم فيها ا ألفراد وبف�ضلها‬ ‫تتكون هذه الرابطة التي تميز \"الجماعة القومية\"‪ ،‬لأن �أع�ضائها هم من نف�س الدم‬ ‫�أو من دم متقارب‪ .‬لذلك أ��شرنا إ�لى هذا التلازم والت�أثير المتبادل بين \"الجماعة‬ ‫القومية\" وال�شعب في مفهومه العن�صري (‪.)1‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬القانون والدولة في المذهب القومي – الإ�شتراكي‪� ،‬ص ‪. 64 – 60‬‬ ‫‪14‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ثانيا – القيادة‬ ‫الفكرة ا أل�سا�سية‪ ،‬بالن�سبة للمذهب القومي الإ�شتراكي‪ ،‬هي �أن ال�سلطة ال�سيا�سية‬ ‫تمار�س ب�شكل \"قيادة\" وهي طريقة خا�صة لممار�سة ال�سلطة عن طريق ال�سلطة‬ ‫ال�شخ�صية لفرد هو \"القائد ‪ .\"le fÜhrer‬وهذا ال�شكل لممار�سة ال�سلطة ال�سيا�سية‬ ‫تفر�ضه واقعة كون ال�شعب – جماعة قومية‪ .‬وعليه يتوجب الوقوف‪ ،‬أ�ولا‪ ،‬عند فكرة‬ ‫القيادة‪ ،‬وتحديد مفهوم \"القائد\" بعد ذلك‪.‬‬ ‫( أ� ) فكرة القيادة‬ ‫�إن \"القيادة\" بالمعنى القومي – ا إل�شتراكي تعني أ�ن ال�شعب يقوده الفهرر (القائد)‪.‬‬ ‫فالفهرر قائد ومر�شد ي�سير أ�مام ال�شعب ويدله على الطريق الواجب ال�سير فيه‪.‬‬ ‫فال�شعب \"يتبع\" القائد وهو تبعية ‪ \"Gefolgschaft‬له‪ .‬ومن هذه القيادة والتبعية‬ ‫ينتج إ�رتباط متين بين القائد وال�شعب‪ .‬في الحقيقة إ�ذا كانت ممار�سة ال�سلطة‬ ‫ال�سيا�سية هي قيادة‪ ،‬و�إذا كان ال�شعب مقود من قبل الفهرر (القائد)‪ ،‬فذلك ألنه‬ ‫ك ﱠون \"تبعية\" مخل�صة للقائد م�ستعدة لل�سير ورائه بدون تردد‪ ،‬ألنها في ثقة وتعاطف‬ ‫معه‪ .‬ولهذا ف إ�ن القائد هو في وحدة متينة مع\"تبعيته\"‪.‬‬ ‫فبينهم �صلة ورفقة جوهرها الثقة المتبادلة‪ .‬فال�شعب يثق بقيادة قائده والقائد يثق‬ ‫ب إ�خلا�ص تبعيته‪ .‬فما يميز �إذن \"القيادة\" عن الأ�شكال ا ألخرى لممار�سة ال�سلطة هي‬ ‫هذه\"التبعية\"الإختيارية المخل�صة للقائد الواثقة منه‪ .‬فهناك إ�ذن تلازم بين القيادة‬ ‫وال�شعب جماعة قومية‪ .‬فالقيادة لايمكن أ�ن توجد إ�لا �إذا كان ال�شعب جماعة قومية‬ ‫كما أ�ن وجود ال�شعب جماعة قومية ي�ستدعي بال�ضرورة القيادة‪.‬‬ ‫وال�شعب – جماعة قومية لايمكن بطبيعته إ�لا أ�ن يكون \"تبعية\" لأنه لايمكن أ�ن يكون‬ ‫‪15‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫مو�ضوع خ�ضوع‪ ،‬فالخ�ضوع لا يط�أ �إلا ا ألفراد‪ .‬وحيث أ�ن ال�شعب – جماعة قومية‬ ‫ولي�س مجموع �أفراد متجاورين‪ ،‬لذا كان بين أ�ع�ضائه ترابط ووحدة تجعل منهة فئة‬ ‫حقيقية هي في علاقة مع القائد‪ .‬وعليه ففي نظام القيادة لا يمكن القول أ�ن ال�شعب‬ ‫\"محكوم\" من قبل القائد‪.‬‬ ‫بناء عليه ف�إن القيادة تختلف عن\"الحكومة\"بالمعنى الوا�سع للكلمة وكذلك عن‬ ‫\"الإدارة\"‪.‬‬ ‫فالحكومة تت�ضمن في جوهرها الأمر والطاعة فهي تمار�س \"الهر�شافت‬ ‫‪ \"Herrschaft‬الذي بموجبه ت أ�مر‪ .‬وهذا يفتر�ض وجود أ�فراد رعايا وعلاقة خ�ضوع‪،‬‬ ‫وهذا ما ت�ستبعده فكرة القيادة‪ .‬كما �أن هذه الفكرة تتميز عن \"الإدارة ‪\"Leitung‬‬ ‫التي تت�ضمن \"توجيها\" م�صحوبا ب�أوامر‪.‬‬ ‫وعليه ف�إن الفهرر يقود ال�شعب‪ ،‬بينما هو يدير الدولة ب إ�عتبارها و�سيلة لتحقيق‬ ‫القيادة(‪.)1‬‬ ‫(ب) مفهوم القائد‬ ‫�إذا كانت القيادة تعني أ�ن ال�شعب يقوده الفهرر‪ ،‬ف�سلطة القيادة �أو بعبارة أ�دق �سلطة‬ ‫القائد هي �سلطة �شخ�صية‪ ،‬بمعنى إ�نها لي�ست �سلطة جماعية تعود لعدة �أ�شخا�ص‪،‬‬ ‫بل هي تعود ولا يمكن �أن تعود إ�لا ل�شخ�ص واحد‪ .‬فالقيادة تتطلب �صفات خا�صة لا‬ ‫تتوفر �إلاعند هذا الفرد الذي هو القائد‪ ،‬فهي تتطلب �إدراك كامل للنظام الحياتي‬ ‫لل�شعب‪ ،‬والقائد هو اللذي يملك هذا الإدراك‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪. 90 – 87‬‬ ‫‪16‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫في الحقيقة ي�سهم ا ألفراد في \"روح ال�شعب\" الذي يوحد ال�شعب – جماعة‬ ‫قومية ويجعل منهم �شخ�صيات ذات طابع جماعي‪ ،‬وبهذه ال�صفة يعون ب�شكل أ�و‬ ‫ب�آخر النظام الحياتي لل�شعب و�سننه‪ .‬ولكن حالة الوعي هذه لي�ست مت�ساوية عند‬ ‫الجميع‪ .‬ف إ�دراك النظام الحياتي لي�س بالو�ضوح التام بالن�سبة للكل‪ ،‬و�سبب ذلك‬ ‫يعود �إلى عدم الم�ساواة ا ألخلاقية والفكرية عند الأفراد‪ .‬وعدم الم�ساواة هذه ت�ؤدي‬ ‫إ�لى ا إل�سهام غير المت�ساوي في روح ال�شعب وبالتالي �سيكون هناك تفاوت في إ�دراك‬ ‫النظام الحياتي لل�شعب‪ ،‬كما �ستكون هناك نخبة ت�سهم ب�صورة تامة في روح ال�شعب‬ ‫وتملك بالتالي درجة عالية من ال�شعور الجماعي‪ .‬ومن بين كل ه ؤ�لاء الأفراد هناك‬ ‫من هو م�ؤهل م�سبقا ويملك الحدا ألعلى لهذا الوعي الجماعي‪� :‬إنه القائد‪ .‬فالقائد‬ ‫ي�سهم �إ�سهاما كاملا في روح ال�شعب وبالتالي فهو �شخ�صية جماعية كاملة ت�ستغرق‬ ‫�شخ�صيته الفردية‪ ،‬لذلك فهو يملك �أعلى درجة من الوعي الوا�ضح للنظام الحياتي‬ ‫لل�شعب و�سننه‪ ،‬وقادر �أكثر من �أي أ�حد على التعبيروالحفاظ و�صياغة النظام‬ ‫الحياتي لل�شعب‪.‬‬ ‫والقائد بالتعريف‪ ،‬يتمتع ب أ�خلاقيه عالية بحيث إ�نه يت�صرف دائما وفق �شعوره‬ ‫الجماعي ولذلك ف إ�ن و�ضع القائد ي�ستند �أ�سا�سا على القيمة ال�شخ�صية للقائد ومن‬ ‫ثم ف إ�ن �سلطة القيادة تعود له‪ .‬وحيث �أن\"القيادة\"تت�ضمن قيادة\"التبعية\"‪ ،‬ف إ�ن هذه‬ ‫القيادة يجب أ�ن تمار�س وفقا للروح المو�ضوعية لهذه التبعية وبما يتفق مع نظامها‬ ‫الحياتي و أ�لا ف إ�نها �سوف لا تتبع وعندها يجب �إ�ستخدام الأمر والإرغام وبالتالي‬ ‫�سوف لا نكون بح�ضور\"قيادة\"‪ .‬ولهذا يجب أ�ن تكون كامل القيادة للفهرر ألنه وحده‬ ‫‪17‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ي�سهم تماما في روح ال�شعب ويملك الإدراك الكامل للنظام الحياتي لل�شعب(‪.)1‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬وعلينا أ�ن ن�شير �إلى �أن القائد لا يمار�س �سلطة مفو�ضة له من ال�شعب‪ :‬فبالرغم من أ�نه واحد من\"ال�شعب‬ ‫جماعة قومية\"‪� ،‬إلا أ�نه يملك درجة عالية من الوعي الجماعي‪ ،‬ولذلك ف�إن �سلطته �شخ�صية‪( .‬انظر‪ :‬بونار‪،‬‬ ‫المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص‪ )94_91‬وهذه ال�سلطة ال�شخ�صية للقائد تتميز ب�أنها �سلطة �أ�صلية‪ ،‬م�ستقلة‪،‬‬ ‫و�سلطوية ‪.‬‬ ‫فهي أ��صلية‪ ،‬ألنها لم تمنح للقائد من قبل ال�شعب �أو من �أي �سلطة في الدولة‪ .‬و�سبب ذلك يعود إ�لى أ�ن‬ ‫القيادة يجب �أن تمار�س وفقا للنظام الحياتي لل�شعب‪ ،‬ا ألمر الذي يتطلب وجود �إدراك وا�ضح لهذا النظام‬ ‫عند القائد‪ .‬وهذه الحالة لايمكن �أن تعهد إ�لى القائد من قبل �أي �شخ�ص فهو يملكها تلقائيا لمجرد إ�نه‬ ‫القائد الم�ؤهل وهي �سلطة \"م�ستقلة ‪ ،\"autonaume‬لأن الفهرر‪ ،‬في ممار�سة القيادة لا يخ�ضع ألي‬ ‫موافقة �أو مناف�سة من قبل �أي �سلطة‪ .‬و�إ�ستقلالية �سلطة القائد مردها إ�نه يملك �أكبر إ�دراك للنظام‬ ‫الحياتي لل�شعب‪ ،‬ومن ثم ف إ�نه يجب �أن يقب�ض على �سلطة القيادة ب إ�نفراد وبكل إ��ستقلالية‪ .‬ف إ�ذا كان‬ ‫�آخرون‪ ،‬الذين بال�ضرورة يملكون إ�دراكا جماعيا �أقل من القائد‪ ،‬ي�سهمون في ممار�سة القيادة فيخ�شى‬ ‫�أن تكون هذه الممار�سة معيبة‪.‬‬ ‫و أ�خيرا ف إ�ن ال�سلطة ال�شخ�صية للقائد هي \"�سلطوية ‪ \"autoritaire‬بهذا المعنى إ�ن أ�ي معار�ضة من‬ ‫الناحية الفعلية أ�و القانونية لاتقبل �ضد قرارات القائد‪ ،‬ألن القائد هو من بين أ�فراد ال�شعب الذي يملك‬ ‫�أكبر درجة من و�ضوح الإدراك للنظام الحياتي لل�شعب وبالتالي فهو الأكثر قدرة على أ�ن يجعل القيادة‬ ‫تتوافق مع هذا النظام‪ .‬وعليه ف إ�ن كل معار�ضة من أ�ي �شخ�ص �آخر �ضد أ�ي ت�صرف للقائد لايمكن قبولها‬ ‫لأن أ�ي �شخ�ص في الجماعة لايمكن أ�ن يكون �أكثر ت�أهيلا من القائد ليقول ما هو موافق للنظام الحياتي‬ ‫لل�شعب‪ .‬فالقائد وحده الحكم الم ؤ�هل ليقول فيما إ�ذا كانت القيادة قد مور�ست كما يجب �سواء بالن�سبة‬ ‫للهيئات في الدولة أ�و بالن�سبة ل ألفراد‪.‬‬ ‫(لمزيد من التفا�صيل‪ ،‬أ�نظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪) 107 _ 101‬‬ ‫‪18‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫الف�صل الثاني‬ ‫أ��سا�س القانون في المذهب القومي ا إل�شتراكي‬ ‫�أولا – المفهوم القومي –الإ�شتراكي للقانون‬ ‫ )أ (�إ�ستبعاد المفاهيم التقليدية للقانون‬ ‫�إن �أ�صالة المذهب القومي – الإ�شتراكي في تحديد �أ�سا�س القانون تكمن في إ�نه‬ ‫ينطلق من مفهوم جماعي لل�شعب‪ ،‬لذلك ف�إنه ي�ستبعد عددا من المذاهب �أو‬ ‫المفاهيم القانونية التقليدية ‪.‬‬ ‫وحيث �إنه ي�ستند إ�لى مفهوم جماعي لل�شعب‪ ،‬ف�إنه ي�ستبعد حتما و�ضرورة‬ ‫المذهب الفردي للقانون‪ .‬فالقانون في هذا المذهب يكون محوره الفرد وبالتالي‬ ‫فهو مجموع ال�سنن �أو القواعد التي تكون في �صالحه‪ ،‬ولهذا ف�إن النظام القانوني‬ ‫�سيكون مجموعة من ال�سنن غايتها تحقيق الم�صانعة بين الم�صالح الفردية‬ ‫المختلفة �ضمن ت�صور\"برغماتي\"للحياة ا إلجتماعية‪.‬‬ ‫والقانون القومي – ا إل�شتراكي لي�س هو قانون الو�ضعية القانونية الذي هو‬ ‫مجموعة القواعد أ�و ال�سنن المجردة التي ت�ضعها الدولة وتفر�ضها‪ ،‬بالإرغام‬ ‫عند الحاجة‪ ،‬على ا ألفراد في علاقتهم مع بع�ضهم أ�و مع الدولة‪ .‬فمثل هذا‬ ‫القانون هو رهينة إ�رادة الدولة �أو إ�ختياراتها التحكمية‪ .‬لذلك يمكن �أن يكون‬ ‫هناك‪ ،‬ويكون بالفعل تعار�ض بين واقع العلاقات ا إلجتماعية وما تريد الدولة �أن‬ ‫تكون هذه العلاقات �أي بين ما هو كائن وما يجب �أن تكون العلاقات ا إلجتماعية‪،‬‬ ‫‪19‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫بمعنى وجود تعار�ض بين واقع الحياة الإجتماعية وواقع القانون‪ .‬وي�ستبعد‬ ‫المذهب القانوني القومي – الإ�شتراكي‪ ،‬كذلك المفهوم الطبيعي للقانون ‪،‬الذي‬ ‫يقوم على إ�عتبار القانون مجموعة من ال�سنن �أوجدها العقل الب�شري وتهدف‬ ‫إ�لى تحقيق الخير العام والعدالة‪.‬‬ ‫ويعزى �إلى هذا القانون �صفة مطلقة ومو�ضوعية ذات محمل عالمي بينما هو‬ ‫ي�ستند في الواقع �إلى �أحكام قيمية ذاتية(‪.)1‬‬ ‫و�إذا كان الأمر كذلك‪ ،‬فما هو �إذن‪ ،‬القانون القومي – ا إل�شتراكي؟‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬ويمكن �أن نت�سائل كيف تم هذا التحول الكامل والعميق والمفاجيء في الفكر القانوني القومي –‬ ‫ا إل�شتراكي �سيما �إذا علمنا مقدار ماكانت تتمتع به‪ ،‬با ألم�س‪ ،‬النظرية التقليدية للقانون والدولة في‬ ‫المانيا؟‬ ‫ويعزو العميد بونار ذلك �إلى التغيير الجذري في المنهج القانوني‪ .‬فقد �سلم أ�غلب رجال القانون القوميون‬ ‫– ا إل�شتراكيون بمد أ� ن�سببية المفاهيم والبناء القانوني‪ .‬فقد �أكدوا عدم تمتع المبادىء وال�صياغات‬ ‫القانونية التي كانت رائجة �أو مهيمنة في المانيا بقيمة مطلقة‪ .‬فقيمة هذه المبادىء والأفكار ن�سبية حيث‬ ‫�أوجدتها ظروف و إ�عتبارات معينة‪ ،‬لذا يتوجب تغييرها أ�و إ��ستبعادها لتغير هذه الظروف والإعتبارات‪،‬‬ ‫و�إحلال أ�فكار ومفاهيم جديدة بدل التي كانت �سائدة قبل عام ‪،1933‬لان الظروف ال�سيا�سية والت�أريخية‬ ‫التي �أنجبتها قد تغيرت �أو لم تعد موجودة‪.‬‬ ‫ومع هذا ف إ�ن العميدبونار يت�ساءل‪ :‬كيف �أن هذا التغير المفاجىء وال�سريع والجذري في المنهج القانوني‬ ‫ون�سبية المفاهيم القانونية‪ ،‬حدث في هذه الفترة الق�صيرة وبدون مقدمات �أو محاولات ؟ ويجيب ب أ�ن\"‪...‬‬ ‫العقلية القانونية الألمانية يمكن أ�ن تكون قد ت�أثرت ب أ�فكار بع�ض الفقهاء الفرن�سيين وبعقليتهم الناقدة كما‬ ‫في �أعمال �أوريو وبا ألخ�ص في أ�عمال دكي وكذلك أ�عمال جني ( أ�نظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪،‬‬ ‫�ص ‪.) 10 – 9‬‬ ‫‪20‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ )ب ( القانون تعبير عن النظام الحياتي لل�شعب‬ ‫القانون بالن�سبة للمذهب القومي – الإ�شتراكي‪ ،‬هو النظام الحياتي لل�شعب‬ ‫فهو مجموع القواعد التي وفقا لها تت�شكل حياة ال�شعب في جماعة‪ .‬بتعبير آ�خر‬ ‫ف إ�ن القانون ينظم بنية ون�شاط الجماعة ال�شعبية‪� ،‬أي �أنه يت�ضمن ويجب �أن‬ ‫يت�ضمن القواعد التي بموجبها تقام وتتطور حياة ال�شعب كجماعة‪ ،‬فهو كل ما‬ ‫ينفع ال�شعب ويطور حياته ‪.‬‬ ‫وعليه ف أ�ن القانون القومي – الإ�شتراكي لي�س له أ�ية علوية‪ ،‬بمعنى إ�نه لاي�صدر‬ ‫عن عقل ب�شري أ�و �سلطة عليا‪ .‬فهذا القانون ملازم‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬لمو�ضوعه �أي‬ ‫الجماعة ال�شعبية لأنه ي�شكل حياتها‪ .‬و إ�ذا كان القانون بهذه ال�صورة تعبير‬ ‫عن ما هو كائن (الزاين)‪ ،‬إ�ذ إ�نه يحكم حياة الكائن الحي‪ ،‬فهو �أي�ضا يت�ضمن‬ ‫مايجب أ�ن تكون (الزولن) هذه الحياة‪ ،‬لأنه في نف�س الوقت الذي يعبر عن‬ ‫نظام حياة الجماعة‪ ،‬ف إ�نه ي�صوغ �سنن �إلى أ�ع�ضاء هذه الجماعة‪ :‬فهو يحدد‬ ‫مايجب �أن يكون �سلوك ا ألفراد لكي يكون في توافق و إ�ن�سجام مع النظام الحياتي‬ ‫للجماعة‪ .‬وبهذه الطريقة يتجنب القانون القومي – الإ�شتراكي كل تعار�ض بين‬ ‫القانون والحياة الإجتماعية‪ .‬فلي�س القانون‪ ،‬بما يتمتع به من �أولوية‪ ،‬يفر�ض‬ ‫على حياة إ�جتماعية معينة فيعدلها‪ ،‬بل بالعك�س هو الذي يعدل على وفق �صيغة‬ ‫الحياة الإجتماعية الحقيقية‪.‬‬ ‫فهناك إ�ذن وحدة بين القانون والحياة الإجتماعية‪ ،‬ألن القانون هو في ذات‬ ‫الوقت كائن وما يجب أ�ن تكون الحياة ا إلجتماعية‪ :‬الكائن ب إ�عتباره تعبير عن‬ ‫�شكل الحياة الإجتماعية‪ ،‬وما يجب �أن يكون لأنه يت�ضمن تحديد لن�شاط الأفراد‬ ‫‪21‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫بهدف تحقيق �صيغ الحياة ا إلجتماعية (‪.)1‬‬ ‫(ج ) م�صدر القانون‪ :‬من المدر�سة التاريخية ا أللمانية �إلى المذهب‬ ‫القومي – الإ�شتراكي‬ ‫�إن مفهوم القانون القومي – ا إل�شتراكي‪ ،‬الذي جئنا من ذكره‪ ،‬يثير �أكثر من‬ ‫ت�شابه مع طروحات المدر�سة الت�أريخية الألمانية‪ ،‬خا�صة فيما يتعلق بالروح‬ ‫المو�ضوعية لل�شعب‪ .‬ولأهمية هذه المدر�سة في ت�أريخ الفكر القانوني ولبيان مدا‬ ‫ت�أثيرها على الفكر القانوني القومي – ا إل�شتراكي‪ ،‬يتوجب ا آلن الوقوف عند‬ ‫\"م�صدر القانون\" في المدر�سة الت أ�ريخية والمذهب القومي – الإ�شتراكي‪.‬‬ ‫�إن فكرة وجود \"روح �شعبية جماعية\"‪ ،‬لا �شعورية �أول ًا‪ ،‬ثم �شعورية بعد ذلك‪،‬‬ ‫تخلق الد�ستور ال�سيا�سي وا إلجتماعي‪ ،‬أ��صبحت متداولة في المانيا بف�ضل �آراء‬ ‫الفيل�سوف الألماني \"�شلنك ‪ .)1854 – 1775( \"schelling‬وقد إ�قترن ذلك‬ ‫برد فعل �ضد الفل�سفة التي هيمنت في القرن الثامن ع�شر و�ضد مبادىء الثورة‬ ‫الفرن�سية وت�شريعاتها و�ضد المفاهيم الم�سبقة وكل آ�يديولوجية‪ ،‬فكان التم�سك‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.78 _ 77‬‬ ‫وهناك ت�شابه بين هذا المفهوم للقانون وطروحات العميد دكي فيما يتعلق بذات المو�ضوع‪ .‬فبالن�سبة للعميد‬ ‫دكي �أن كل كائن تحكمه مجموعة من القواعد تتعلق بتكوينه وتطوره وتحديد دور هيئاته‪ ،‬وكذلك الحال‬ ‫بالن�سبة للفئة الإجتماعة ككائن حيث يوجد نظام يكون �شكل حياتها وهو ملازم لها وناتج عنها ويحدد‬ ‫الموقف ا أليجابي وال�سلبي لأع�ضاء هذه الفئة‪.‬‬ ‫بناءا عليه ف إ�ن القانون هو مجموع القواعد التي توجد في كل فئة إ�جتماعية والتي تحدد تنظيمها و�سيرتها‬ ‫والت�صرفات الايجابية وال�سلبية ألع�ضائها لكي ت�ستمر هذه الفئة في الحياة والتطور‪ .‬وهذا يعني أ�ن‬ ‫القواعد ا إلجتماعية تفر�ض على ا ألفراد لتحقيق النظام ا إلجتماعي وفقا لما يق�ضي به نظامها الحياتي‪.‬‬ ‫(انظر‪ :‬دكي‪ ،‬المطول في القانون الد�ستوري‪ ،‬ط ‪ ،3‬ج ‪ ،1‬باري�س‪�، 1927 ،‬ص ‪.83_ 81 ،78‬‬ ‫‪22‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫بالواقعية القانونية والنفرة من ا آليديولوجيات الثورية وراء �إ�ستبعاد فكرة‬ ‫القانون الطبيعي‪ .‬فمقابل ما يريده الثوريون ومنظرو القانون الطبيعي الذين‬ ‫يبغون �إقامة الت�شريع من كل �صوب‪ ،‬أ�ريد �إثبات �أن قانون �شعب ما‪ ،‬كذلك لغته‪،‬‬ ‫هي نتيجة تطور زمني طويل وبالتالي فلا �إرتجال فيها‪ .‬وقد �إهتمت المدر�سة‬ ‫الت�أريخية ا أللمانية ببيان ت�أثير الما�ضي والتقاليد على القانون‪ .‬فمقابل إ�ن�سان‬ ‫حالة الطبيعة الذي نادى به فلا�سفة القرن الثامن ع�شر‪� ،‬أي إ�ن�سان بدون ت أ�ريخ‬ ‫ولا وطن‪ ،‬طرحت المدر�سة الت أ�ريخية ا إلن�سان الحقيقي الذي ت�شده بالما�ضي‬ ‫أ�كثر من علاقة والذي من أ�جله تقام القوانين دائما‪.‬‬ ‫ون�ش�أة المدر�سة الت أ�ريخية تعود �إلى م�ساجلة �شهيرة في تاريخ الفكر القانوني‬ ‫بين فقيهين المانيين‪ ،‬من أ��صل فرن�سي بروت�ستاني‪\":‬انطوان تيبو ‪Antoine‬‬ ‫‪ \"Thibaut‬و \"�شارل د�سافيني ‪ . \"chares de saviginy‬وبت أ�ثير حركة‬ ‫الوحدة الألمانية وبعد زوال الهيمنة النابلونية على المانيا وبدافع من نجاح حركة‬ ‫التدوين التي �أعقبت المدونة المدنية الفرن�سية‪ ،‬ن�شر \"تيبو\" (�أ�ستاذ في جامعة‬ ‫هايدلبرك)كتابافيعام‪1814‬بعنوان\"في�ضرورةقانونمدنيعاملألمانيا\"نادى‬ ‫فيه بتدوين م�شابه للمدونة الفرن�سية يحقق وحدة القوانين المدنية في البلدان‬ ‫الألمانية‪ .‬وعلى هذه الدعوة ذات الطابع التكنيكي‪� ،‬إن �صح التعبير‪ ،‬رد �سافيني‬ ‫(‪( ،)1861- 1979‬وهو �أ�ستاذ أ�ي�ضا في هايدلبرك) في كتاب �شهير‪\" :‬في‬ ‫نزعة زماننا للت�شريع وا إلهتمام بعلم القانون\" (‪� ،)1814‬أ�صبح فيما بعد بيانا‬ ‫للمدر�سة الت�أريخية التي تزعمها‪.‬‬ ‫يقول �سافيني �أن‪\" :‬المدر�سة الـت�أريخية ت�سلم ب�أن مادة القانون تنحدر من‬ ‫ما�ضي الأمة كله‪ ،‬فهو لي�س �شيئا تحكميا الذي يمكن �أن يكون هذه الم�ؤ�س�سة �أو‬ ‫تلك‪ ،‬بل هو النتيجة للجوهر الخا�ص ل ألمة ولتاريخيها‪ .‬فالقانون يبقى‪ ،‬في كل‬ ‫المراحل‪ ،‬في علاقة متينة مع طبيعة و�صفة الأمة‪ ،‬ومن هنا يمكن مقارنته بلغة‬ ‫البلاد‪ .‬فبالن�سبة للغة كما بالن�سبة للقانون‪ ،‬لايوجد �أبدا �إنقطاع زمني مطلق‪،‬‬ ‫‪23‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫فكلاهما يخ�ضع لنف�س الم�سيرة ولنف�س التطور ك�أي و�سيلة �أخرى لن�شاط ا ألمة‪،‬‬ ‫وهذا التطور يخ�ضع لنف�س قانون ال�ضرورة كما كان في أ�ول ظهوره‪.‬‬ ‫وهكذا ف�إن القانون ينمومع الأمة ويتطور معها وينتهي عندما تفقد هذه ا ألمة‬ ‫�شخ�صيتها‪ .‬ولهذا ف إ�نه مهما توغلنا بعيدا في التاريخ‪ ،‬ف إ�ننا نرى �أن القانون‬ ‫المدني له �صفاته المحددة والخا�صة بكل أ�مة‪ ،‬كاللغة ‪ ،‬العادات والد�ستور‪ .‬وفي‬ ‫الحقيقة ف�إن اللغة والقانون لايملكان مطلقا وجودا م�ستقلا وفي ذاته فهما‬ ‫�أ�ساليب ن�شاط وقوى ل ألمة ‪ ...‬لا يمكن ف�صلها‪ ،‬و�إن التفكير وحده يمكن أ�ن‬ ‫يعتبرها �صفات متميزة وخا�صة\"‪.‬‬ ‫وعليه ف إ�ن القانون‪ ،‬بالن�سبة ل�سافيني هو\"نتاج قوى داخلية و�صامتة\"ويجد‬ ‫تعبيره اللا�شعوري في العرف‪ ،‬وكما بالن�سبة للغة أ�و الدين‪ ،‬ف�إنه ينحدر من‬ ‫مجهود جماعي‪ .‬والقانون‪ ،‬كما يرى تلميذ �سافيني \"بختا ‪ \"Pucht a‬في من�شور‬ ‫�شهير عن \"العرف\" (‪ ) 1828‬هو واقعة طبيعية ينحدر من الروح ال�شعبية‬ ‫كالنبات من البذرة‪ .‬فمن عبقرية ال�شعب ينبثق القانون ولي�س مطلقا من‬ ‫�شعوره‪.‬‬ ‫وفكرة ا إل�ستمرارية القومية لها �أهميتها في طروحات المدر�سة الت�أريخية‬ ‫وخا�صة عند �سافيني‪ .‬فال�شعب هو الذي يخلق قانونه وال�شعب لي�س فقط‬ ‫مجموع المواطنين الذين يوجدون فترة معينة \" إ�نه الوحدة التي في ح�ضنها‪،‬‬ ‫يقول �سافيني‪ ،‬تتعاقب الأجيال‪ ،‬وحدة تربط الحا�ضر بالما�ضي وبالم�ستقبل‪.‬‬ ‫فالتقاليد هي التي ت�سهر على حفظ القانون والتقاليد هي التراث الذي ينقل‬ ‫بالتوارث الم�ستمر وغير المح�سو�س ل ألجيال\"‪.‬‬ ‫فالقانون �إذا هو نتيجة حاجات مجتمع إ�ن�ساني وينمو تحت الت�أثير‬ ‫الطبيعي لهذه الحاجات‪ .‬فبالمجهود الكلي لجماعة �إن�سانية‬ ‫ت�ستخل�ص بالتدريج القواعد القانونية التي تنا�سبها بال�شكل الأف�ضل‪.‬‬ ‫�صحيح أ�ن ولادة القانون تتم بال�ضرورة ب�أفعال فردية إ�لا �أن �شعور الفرد لوحده‬ ‫‪24‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫يقول \"بختا\" لاي�صنع القانون‪\" .‬فالجماعة التي منها ينجب القانون هي وحدة‬ ‫أ�فراد تنتفي فيها �صفتهم الفردية‪ ،‬فهم ي�سلمون بعادة أ��صلها في �ضمير ال�شعب‬ ‫بكامله والذي هو النتيجة للن�شاط الطبيعي لل�شعب\"(‪.)1‬‬ ‫و إ�ذا كان القانون‪ ،‬بالن�سبة ل�سافيني‪ ،‬هو\"نتاج القوة الداخلية ال�صامتة\"لروح‬ ‫ال�شعب\"فم�صدر القانون‪ ،‬إ�ذا‪ ،‬هو الجماعة �أو\"الوحدة الجماعية\"التي هي‬ ‫لي�ست تجريدا بل كائن حي حقيقي‪.‬‬ ‫فالقانون هو\"نتيجة للجوهر الخا�ص ل ألمة وتاريخها\"‪ ،‬ولذلك لايمكن �أن‬ ‫نعزل\"روح ال�شعب\"عن ا ألمة حين نحلل حقيقته‪\".‬فالقانون يبقى‪ ،‬في كل‬ ‫المراحل‪ ،‬في علاقة متينة مع طبيعة و�صفة ا ألمة\"‪ ،‬فهو يجد م�صدره العميق في‬ ‫ال�شعب‪ ،‬وال�شعب لي�س كما يراه رجال الثورة الفرن�سية‪ ،‬مجموعة من الأفراد‪،‬‬ ‫بل هو كل ع�ضوي‪.‬‬ ‫بناءا عليه ف�إن عالمية مدار�س القانون الطبيعي العقلانية قد إ��ستبعدت وحل‬ ‫محلها\"قومية قانونية\"دون أ�ن ي�ؤدي ذلك �إلى أ�ن الدولة تخلق القانون‪ ،‬بل‬ ‫تخلقه\"روح ال�شعب\"(‪.)2‬‬ ‫وهذه هي �أهم معطيات المدر�سة الت�أريخية التي بقيت مهيمنة في المانيا لفترة‬ ‫طويلة‪ .‬وب إ�خت�صار ف�إن الفكرة الا�سا�سية لهذه المدر�سة هي أ�ن م�صدر القانون‬ ‫هو في\"ال�ضمير الجماعي لل�شعب\"‪ .‬وهذه الفكرة نجدها في المذهب القومي –‬ ‫ا إل�شتراكي‪ ،‬حيث أ�ن\"ال�شعب جماعة قومية\" هو الم�صدر الوحيد للقانون‪ .‬وقد‬ ‫ركز فقهاء المذهب القومي – الإ�شتراكي على مفهوم\"روح ال�شعب\"ب�إعتباره‬ ‫الم�صدر الأ�صلي لكل القواعد القانونية‪ ،‬حيث ينام\"في كل �شعب �شعور قانوني‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬روبية‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬ط ‪ ،2‬باري�س‪� ،1951 ،‬ص ‪.145 -143‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬بريمو‪ ،‬ا إلتجاهات الكبرى لفل�سفة القانون والدولة‪ ،‬ط‪ ،2‬باري�س‪� ،1968 ،‬ص ‪.161‬‬ ‫‪25‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫حقيقي\"‪ ،‬كما قيل‪ .‬لذلك ف�إن و�شائج ال�صلة بين المذهب القومي – الإ�شتراكي‬ ‫والمدر�سة الت أ�ريخية وا�ضحة‪.‬‬ ‫فالمفهوم القومي – الإ�شتراكي للقانون يت�ضمن فكرة \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\"‪،‬‬ ‫بمعنى أ�ن ال�شعور بالقانون‪ ،‬أ�ي بالنظام ا إلجتماعي وال�سنن التي تحكمه‪ ،‬يجد‬ ‫�أ�سا�سه في \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\"‪ .‬إ�لا أ�ن هناك فرقا‪ ،‬كما يرى العميد بونار‪،‬‬ ‫بين مفهوم\"الروح ا لمو�ضوعية لل�شعب\"في المدر�سة الت�أريخية ومفهومه في المذهب‬ ‫القومي – الإ�شتراكي ‪.‬‬ ‫فالمدر�سة التاريخية تعتبر\"الروح المو�ضوعية\"هي روح الفئة ا إلجتماعية ذاتها‪،‬‬ ‫وعليه ف�إنها �ستكوﱠن‪ ،‬في هذا الت�صور‪ ،‬كيانا غير مرئي يوجد خارج وفوق ا ألفراد‬ ‫ويكون �شخ�صا‪ .‬بالعك�س ف إ�ن المذهب القومي – الإ�شتراكي يتجه إ�لى و�ضع\"الروح‬ ‫المو�ضوعية\"في ال�ضمائر الفردية و�إنها تكون حالة خا�صة لهذه ال�ضمائر‪.‬‬ ‫�إلا أ�ن الروح المو�ضوعية لل�شعب لا تعود للأفراد ب�صفتهم هذه‪ ،‬بل إ�نها تعود �إلى‬ ‫الجماعة في مجموعها دون أ�ن تكون �شخ�صا‪ .‬وعليه ف أ�ن الفرد �سيكون م�سهما فيها‬ ‫ومعبرا عنها وهي توجد خارجا عنه‪ .‬والأفراد ي�شعرون بهذه الروح بدرجات مختلفة‬ ‫وفق إ�مكانياتهم‪،‬وعندهاف�إنالفرديجدفيهذهالروحم�سندهو�أ�سا�سن�شاطه‪.‬وبهذا‬ ‫ال�شكل ف�إن الروح المو�ضوعية لل�شعب تظهر من قبل الأفراد وبت�صرفاتهم‪ .‬وعليه ف�إن‬ ‫ا ألفراد �سوف لايكونون �أ�صحاب روح ال�شعب والتي لايمكن �أن تكون نتاج ال�ضمائر‬ ‫الفردية‪ .‬فهذه الروح ت�أتي من الخارج لت�ضيء ال�ضمائر بفعل إ��سهامهم فيها‪ ،‬وبالتلي‬ ‫تحدد الت�صرفات الفردية‪ ،‬وبهذه الطريقة تعبر عن نف�سها خارجيا(‪.)1‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪ 63-61‬في الهام�ش ‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫�أما من حيث خلق القانون ف�إن \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\" لا تلعب أ�ي دور في‬ ‫المذهب القومي – الإ�شتراكي‪ .‬فهذا المذهب ي�ستبعد فكرة المدر�سة الت�أريخية من �أن‬ ‫القانون هو نتاج \"روح ال�شعب\"‪ .‬فالقانون‪ ،‬بالن�سبة له‪ ،‬يتكون من النظام الذي وفقا‬ ‫له تنظم وتتحقق وتتطور حياة ال�شعب‪ .‬فهو محدد بحالة إ�جتماعية معينة لل�شعب‪.‬‬ ‫وعليه ف إ�ن روح ال�شعب تقت�صر على �إدراك هذا القانون‪ .‬وبعد ذلك ينقل هذا‬ ‫الوعي إ�لى الأفراد حيث ي�سهمون في \"روح ال�شعب المو�ضوعية\"‪ ،‬ب�صفتهم أ��شخا�صا‬ ‫جماعية‪ .‬لكن عندها يجب إ�ظهار و�صياغة و�صيانة النظام الحياتي لل�شعب و�سننه‪،‬‬ ‫أ�ي التحقيق العملي للقانون ومعرفة ال�شعور ال�شعبي فيما يتعلق بما يجب أ�ن تكون‬ ‫القاعدة القانونية بخ�صو�ص م�س�ألة محددة‪ .‬وهذا ال�شعور هو غالبا غير واعي‬ ‫وعندها يتوجب إ�ظهاره لل�شعب لكي يمكن ترجمته في قاعدة قانونية و�ضعية‪ .‬لذلك‬ ‫لايمكن الت�سليم ب أ�ن ال�شعور ال�شعبي يخلق تلقائيا القاعدة القانونية عن طريق‬ ‫العرف كما تذهب إ�لى ذلك المدر�سة الت أ�ريخية‪ ،‬كما �إن هذا لاين�سجم مع متطلبات‬ ‫الحياة الع�صرية‪ ،‬فالعرف يتكون ببطئ كبير ‪.‬و�إكت�شاف إ�تجاه القاعدة القانونية‬ ‫كما هي مختبئة في\"الروح المو�ضوعية ل�شعب\"هي م�س أ�لة حد�س لايملكه كل واحد‪،‬‬ ‫فلا يوجد‪ ،‬وفقا للمذهب القومي_ الإ�شتراكي �إلا �شخ�صا واحدا ي�ستطيع إ�ظهار‬ ‫�شعور \"ال�شعب جماعة قومية\" فيما يتعلق بالقانون‪ ،‬وعندها يبرز دور الفهرر في‬ ‫�صياغة القانون(‪. )1‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر بونار‪ :‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪ 79‬وكذلك فالين‪ :‬المذهب الفردي والقانون‪ ،‬ط‪ ،2‬باري�س‪،‬‬ ‫‪� ،1949‬ص ‪312‬‬ ‫‪27‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫(د) القائد و�صياغة القانون الو�ضعي‬ ‫إ�ن ن�شاط القائد ين�صب على القيادة فهوالمو�ضوع الوحيد لهذا الن�شاط‪ ،‬كما أ�ن‬ ‫كل ممار�سة لوظائف الدولة من قبل القائد هي فعل لتحقيق القيادة‪ .‬لذلك ف إ�ن‬ ‫القوانين الو�ضعية هي من الناحية المادية (المو�ضوعية ) عمل قيادة �إ�ضافة إ�لى‬ ‫كونها من الناحية ال�شكلية أ�و الع�ضوية عمل من أ�عمال القائد‪.‬‬ ‫فالقانون الو�ضعي ي�صوغ ويعبر عن القانون الذي ينحدر من ال�شعب ب�إعتباره‬ ‫النظام الحياتي لهذا ال�شعب‪ .‬وعليه فب إ�رادة القائد معبر ًاعنها بالقانون الو�ضعي‬ ‫يظهر إ�لى الخارج هذا القانون الذي يجد أ��سا�سه �أو جذره في ال�شعب‪ .‬فبف�ضل التعبير‬ ‫الت�شريعي للقائد‪ ،‬إ�ن �صح التعبير‪ ،‬ف�إن القانون يظهر ويعرف‪ .‬فالقائد‪ ،‬في الواقع‪،‬‬ ‫هو من بين ال�شعب جماعة قومية الذي ي�سهم أ�كثر من �أي فرد في الروح المو�ضوعية‬ ‫لل�شعب ويملك �أكبر �إدراك للنظام الحياتي لل�شعب‪ ،‬ولذلك تعود �إلى القائد وحده‬ ‫�صياغة القانون والتعبير عنه‪ .‬وهذه ال�صفة أ�و الطبيعة للقانون الو�ضعي من حيث‬ ‫كونه فعل قيادة ت ؤ�دي إ�لى �إعتبار القانون الو�ضعي عمل إلرادة القائد‪ .‬ففي \"دولة‬ ‫القيادة ‪ \"FÜhrerstaat‬لايمكن أ�ن يكون القانون الو�ضعي تعبيرا عن إ�رادة الدولة‬ ‫حتى إ�ذا كانت �شخ�صا قانونيا‪ .‬فالقانون الو�ضعي لايمكن �أن يكون �إلا تعبيرا عن‬ ‫إ�رادةالقائد‪ ،‬ألن هذا القانون هو من أ�عمال القيادة‪ ،‬و إ�ن �سلطة القيادة هي �سلطة‬ ‫�شخ�صية للقائد‪ ،‬فالقانون‪ ،‬كفعل للقيادة‪ ،‬لايمكن �أن يكون غير فعل �شخ�صي للقائد‪،‬‬ ‫وت�صرف ناجم عن �إرادته المح�ضة (‪. )1‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.131-130‬‬ ‫‪28‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ثانيا – نتائج المفهوم القومي – ا إل�شتراكي للقانون‬ ‫وفي �إطار هذا المفهوم القومي‪ -‬ا إل�شتراكي للقانون ف إ�ن العديد من الافكار والمفاهيم‬ ‫والنظريات ت أ�خذ بعدا ومعنا غير الذي إ�عتدنا‪ ،‬ب�صورة عامة‪ ،‬على التعامل معها‪.‬‬ ‫و�سنقت�صر على تبيان �أهمها فيما ي�أتي ‪.‬‬ ‫ )أ (عمومية وت�شريع القانون الو�ضعي‬ ‫إ�ن الر أ�ي ال�سائد في الفقه‪ ،‬وخا�صة في الدول الليبرالية ‪ ،‬هو عمومية القانون‬ ‫الو�ضعي بمعنى أ�ن يكون لا�شخ�صيا‪� ،‬أي �أنه لم يقم من �أجل �شخ�ص أ�و أ�كثر بل �إنه‬ ‫�صيغ ليطبق ويحكم كل ا ألفراد‪ .‬ولذلك قيل �أن القانو ن الو�ضعي يجب �أن يكون عاما‬ ‫ولا �شخ�صيا‪.‬‬ ‫ولكن في ظل\"دولة القيادة\"‪� ،‬أي في ظل النظام القومي – الإ�شتراكي‪ ،‬ف�إن القانون‬ ‫الو�ضعي لي�س من ال�ضروري أ�ن يكون عاما‪ ،‬بل يمكن أ�‪ ،‬يكون فرديا أ�و �شخ�صيا‪ ،‬لأن‬ ‫لي�س له‪ ،‬في دولة القيادة نف�س ال�صفة �أو الغاية كما في الدولة الليبرالية‪ .‬ففي ظل‬ ‫الدولة القومية – الإ�شتراكية لايكون المو�ضوع الأ�سا�سي للقانون الو�ضعي هو الأفراد‬ ‫ولا يتطلب ذلك كما في الدولة الليبرالية‪ ،‬إ�قامة م�صانعات بين م�صالحهم المتناق�ضة‬ ‫و إ�قامة قطاعات خا�صة بحريات الأفراد‪ ،‬ا ألمر الذي يفر�ض العمومية ل�ضمان نوعا‬ ‫من الحياد للو�ضع القانوني‪.‬‬ ‫�إن مو�ضوع القانون الو�ضعي في دولة القيادة هو أ��سا�سا الجماعة بحيث �أنه يحدد‬ ‫القواعد التي تكون النظام الحياتي لل�شعب جماعة قومية‪ ،‬بمعني أ�نه ي�صوغ القواعد‬ ‫التي وفقا لها تقام وتتطور حياة ال�شعب‪ .‬وفي هذا الت�صور �سوف لانكون ب�صدد‬ ‫‪29‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫الأفراد ليراد تحقيق الحياد بينهم وبالتالي ف إ�ن العمومية لم تعد �ضرورية بالن�سبة‬ ‫للقانون الو�ضعي‪ .‬هذا يعني �أن القانون يكون �صحيحا حين يحقق القيادة وفقا‬ ‫للنظام الحياتي لل�شعب �سواء كان ذا �صفة عامة �أو فردية‪ .‬و إ�ذا كانت عمومية‬ ‫القانون الو�ضعي هي التي يلج أ� اليها غالبا‪ ،‬في هذا النظام‪ ،‬فلأنها �أ�سهل و�أ�سرع‬ ‫اجرائيا ولي�س ألن متطلبات الحياد والعدالة تفر�ضها‪.‬‬ ‫و إ�ذا كان القانون الو�ضعي من الأعمال التي تتحقق بها القيادة‪ ،‬ف�إن هذه القيادة‬ ‫يمكن �أن تتحقق عن طريق �أعمال (قوانين و�ضعية ) عامة أ�و فردية‪ .‬هذا و�إن القانون‬ ‫الو�ضعي يتميز عن باقي �أعمال القيادة ببع�ض الإجراءات ال�شكليةاو الر�سمية خا�صة‬ ‫فيما يتعلق ب�إ�صدار القوانين الو�ضعية ون�شرها‪ .‬ولما كان القائد ي�ستطيع اللجوء �إلى‬ ‫ا إلجراءات الت�شريعية بالن�سبة ألي عمل من �أعمال القيادة‪ ،‬أ�ي أ�ن يعطي ال�صفة‬ ‫الت�شريعية لأي عمل من �أعمال القيادة‪ ،‬لذلك ف إ�ن القانون الو�ضعي يمكن أ�ن يكون‬ ‫ذا محمل فردي‪ ،‬فالقائد يمكن �أن ي�شرع بال�صيغة العامة أ�و بال�صيغة الفردية (‪.)1‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.134 -132‬‬ ‫و�إذا كا ن ا ألمر كذلك عندها يمكن أ�ن ن�س�أل‪ :‬مادور المجل�س الت�شريعي (الرايخ�شتاغ ) إ�ذن في ظل‬ ‫النظام القومي – ا إل�شتراكي ؟‬ ‫في الحقيقة �إن المجل�س الت�شريعي في المانيا القومية – ا إل�شتراكية لاي�شرع بالمعنى الدقيق للكلمة رغم‬ ‫عر�ض بع�ض الم�شاريع القوانين عليه‪ ،‬وذلك لأن القانون الو�ضعي من أ�عمال القيادة‪ .‬وبما �أن القيادة يجب‬ ‫�أن تمار�س وفقا للنظام الحياتي لل�شعب‪ ،‬فما يطلب من المجل�س الت�شريعي هو أ�ن يعلن ب أ�نه يتفق مع القائد‬ ‫ب�صدد القانون الذي �سيقيمه ب�صفته م�شرعا ‪.‬ولتو�ضيح ذلك يميز �أحد الفقهاء بين\"ا إلرادة المو�ضوعية‬ ‫لل�شعب\"وبين\"الر أ�ي العام الذاتي\"‪ .‬فالر أ�ي العام الذاتي يتكون من مجموع الآراء الفردية التي تكون هذا‬ ‫الر أ�ي العام‪ .‬أ�ما\"ا إلرادة المو�ضوعية لل�شعب\"فلها الأولوية في النظام القومي –الإ�شتراكي على الر أ�ي العام‬ ‫الذاتي‪ ،‬وهذا ما تتطلبه فكرة �أو مفهوم\"القيادة\"‪ ،‬ألن القائد هو الذي يعبرعن هذه ا إلرادة المو�ضوعية‬ ‫لل�شعب‪ .‬و�إذا �صادف تطابق الر أ�ي العام الذاتي مع ا إلرادة المو�ضوعية لل�شعب‪ ،‬ف�إن هذا= =يعني إ�ن�ضمام‬ ‫‪30‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫(ب ) الجمود الد�ستوري‬ ‫أ�ن فكرة الجمود الد�ستوري (‪ )1‬أ�و القوانين الد�ستورية\"الجامدة\"لا محل لها في‬ ‫المذهب القومي – الإ�شتراكي‪ .‬فالجمود الد�ستوري يت�ضمن �أو يفتر�ض وجود‬ ‫م�شرع خا�ص هو \"الم�شرع الم ؤ�ِ�ِس�س\" الذي يعلو على كل الهيئات في الدولة بما‬ ‫في �ضمنها الم�شرع الإعتيادي‪.‬‬ ‫والم�شرع الم�ؤ�س�س يمار�س‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬ما ا�صطلح على ت�سميته‪ :‬ال�سلطة‬ ‫الم�ؤ�ِس�سة(‪� .)2‬إلا �أن المذهب القومي ‪ -‬الإ�شتراكي ي�ستبعد فكرة ال�سلطة الم ؤ��س�سة‬ ‫وبالتالي الجمود الد�ستوري‪ .‬فهذه الفكرة تناق�ض فكرة ا�ستقلال ال�سلطة‬ ‫الر أ�ي العام الذاتي إ�لى إ�رادة القائد ‪.‬وعليه إ�ذا دعا الفهرر المجل�س الت�شريعي للت�صويت على قانون‪،‬‬ ‫ف إ�ن ذلك لايعني �أن هذا المجل�س يمار�س\"ال�سلطة\"الت�شريعية‪ ،‬بل المراد هو تحقيق التوافق بين الر�أي‬ ‫العام الذاتي الذي تعبر عنه أ�غلبية ا إلرادات الفردية الممثلة بالرايخ�شتاغ‪ ،‬مع ا إلرادة المو�ضوعية لل�شعب‬ ‫التي يعبر عنها القائدوذات ال�شيء يمكن أ�ن يكون بالن�سبة للإ�ستفتاء ال�شعبي‪ :‬فلا يمكن �إعتبار هدف‬ ‫هذا ا إل�ستفتاء هو تمكين ال�شعب‪ ،‬كمجموع من ا ألفراد يعبرون عن الر�أي العام‪ ،‬من إ�تخذ قرار يفر�ض‬ ‫على الفهرر كما يفر�ض الت�صويت ال�شعبي على البرلمان والحكومة في النظام الديموقراطي‪ .‬فالإ�ستفتاء‬ ‫ال�شعبي‪ ،‬في النظام القومي – ا إل�شتراكي يهدف �إلى �إيجاد التوافق بين الر�أي العام الذاتي (المكون‬ ‫من مجموع أ�و أ�غلبية الإيرادات الفردية ) مع ا إلرادةالمو�ضوعية لل�شعب (التي يترجمها القائد) ‪.‬فحين‬ ‫يلج أ� القائد إ�لى الإ�ستفتاء ال�شعبي ف�إنه يطلب من الر أ�ي العام الذاتي أ�ن ينظم إ�لى الإرادة المو�ضوعية‬ ‫لل�شعب التي يعبر عنها ب�شكل معين (ك أ�ن يكون قانونا و�ضعيا )‪ .‬لذلك ف�إن القائد لايطلب في ا إل�ستفتاء‬ ‫من ال�شعب‪ ،‬كمجموع �إرادات فردية‪ ،‬الم�صادقة على قراره لكي يكون �صحيحا فت�صويت ال�شعب يجب أ�ن لا‬ ‫يف�سر ب�إنه يهدف �إلى تحقيق موافقة ال�شعب على القوانين التي تعر�ض عليه‪ ،‬بل �إنه تعبير من قبل ال�شعب‬ ‫على �إ�ستمراره ب إ�تباع القائد دائما (انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.)99-97‬‬ ‫(‪ )1‬حول فكرة \"الجمود الد�ستوري\"‪ ،‬انظر‪ :‬منذر ال�شاوي‪ ،‬القانون الد�ستوري‪ ،‬ج ‪2‬‬ ‫(نظرية الد�ستور )‪ ،‬من�شورات مركز البحوث القانونية‪ ،‬بغداد‪� ،1981 ،‬ص ‪، 55 – 30‬النظرية العامة‬ ‫في القانون الد�ستوري‪ ،‬دار ورد للن�شر والتوزيع‪ ،‬عمان‪� ،2007 ،‬ص ‪.251-247‬‬ ‫(‪ )2‬حول نظرية ال�سلطة الم ؤ��س�سه‪ ،‬انظر‪ :‬منذر ال�شاوي‪ ،‬القانون الد�ستوري‪ ،‬ج ‪� ،2‬ص ‪،262- 159‬‬ ‫النظرية العامة في القانون الد�ستوري �ص ‪.268-254‬‬ ‫‪31‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ال�شخ�صية للقائد‪ ،‬أ�ي �أن القائد لا يخ�ضع لأي �سلطة �أخرى‪ .‬وعليه ف إ��ستقلال‬ ‫القائد يفر�ض إ��ستبعاد الد�ساتير �أو القوانين الد�ستورية الجامدة‪ .‬فوجود‬ ‫الم�شرع الم ؤ��س�س يت�ضمن الم�س ب�إ�ستقلال �سلطة القائد‪ ،‬ألن مع هذا الم�شرع ف�إن‬ ‫القائد لم يعد ال�سلطة \"العليا\"‪.‬‬ ‫وفكرة ال�سلطة الم ؤ��س�سة تتعار�ض‪ ،‬ثانيا‪ ،‬مع النظام القومي – الإ�شتراكي‪ ،‬لأن‬ ‫\"دولة القيادة\"‪ ،‬تت�ضمن إ��ستبعاد الف�صل بين ال�سلطات‪ .‬فالف�صل الع�ضوي‬ ‫لل�سلطات الثلاث في نظرية مونت�سيكيو‪ ،‬تت�ضمن وجود �سلطة م�ؤ�س�سة عليا التي‬ ‫�ستكون الم�صدر الم�شترك والوحيد لل�سلطات الم�ؤ�َس�سة‪ .‬إ�لا أ�ن المذهب القومي –‬ ‫الإ�شتراكي ي�ستبعد فكرة الف�صل بين ال�سلطات ويحل محلها فكرة وحدة �سلطه‬ ‫القيادة‪ .‬ف�سلطة القيادة تت�ضمن �إن القائد ي�ستطيع ممار�سة كل وظائف الدولة‪ .‬كما‬ ‫إ�ن رف�ض الف�صل بين ال�سلطات يفر�ضه منطق نظام القيادة‪ .‬فالهدف ا أل�سا�س‬ ‫للقيادة هو تحقيق قيادة ال�شعب و ألجل تحقيق هذه القيادة ب�شكل منا�سب‪ ،‬ف�إن‬ ‫الفهرر بحاجة �إلى كل وظائف الدولة‪ .‬لذلك ف�إن مبد�أ وحدة �سلطة القيادة يتطلب‬ ‫تركيز وظائف الدولة لم�صلحة القائد‪.‬‬ ‫ولما كان تحقيق القيادة هو المو�ضوع الوحيد لن�شاط القائد ف إ�ن كل ممار�سة لوظائف‬ ‫الدولة من قبل القائد هو عمل قيادة ‪.‬وعليه فمهما كان مو�ضوع ممار�سة �سلطة‬ ‫القيادة‪ ،‬عمل ت�شريعي‪� ،‬أو تنظيم د�ستوري‪ ،‬ف�إن لها دائما نف�س ال�صفة وهي أ�ن‬ ‫تكون عمل قيادة يعبر عن الإرادة ال�سائدة للقائد ب إ�عتباره ال�شخ�ص الذي يملك‬ ‫�أعلى إ�دراك للنظام الحياتي لل�شعب ‪.‬بنا ًء عليه ف إ�ن من غير المجدي وجود �سلطة‬ ‫م ؤ��ِس�سة تختلف عن �سلطة القيادة ومن ثم ف إ�ن مثل هذه ال�سلطة وما يتبعه من‬ ‫جمود د�ستوري يفقد معناه في المذهب القومي – ا إل�شتراكي‪ .‬وعليه ف إ�ن الأعمال‬ ‫الد�ستورية كالأعمال الت�شريعية يقوم بها القائد بذات الطريقة‪ .‬لذلك ف�إن المفهوم‬ ‫‪32‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ال�شكلي للد�ستور (‪ .)1‬ينتفي في المذهب القومي – الإ�شتراكي ويحل محله مفهوما‬ ‫ماديا وا�سعا‪ ،‬بحيث أ�ن الد�ستور يجب �أن يت�ضمن لي�س فقط القواعد المتعلقة بتنظيم‬ ‫الدولة‪ ،‬بل أ�ي�ضا أ�نواعا �أخرى من القواعد (ذات طبيعة �إقت�صادية‪ ،‬ثقافية‪..... ،‬‬ ‫الخ ) التي يمكن أ�ن ت�سهم في تنظيم ال�شعب جماعة قومية (‪ ،)2‬ويعود إ�لى القائد‬ ‫مهمة ال�صياغة والتعبير عن هذه القواعد المختلفة بما يتفق مع النظام الحياتي‬ ‫لل�شعب‪.‬‬ ‫(ج) �أ�سا�س القانون الدولي‬ ‫يمكن القول أ�ن النظرية القومية – الإ�شتراكية للقانون الدولي تنطلق من المفهوم‬ ‫القومي الإ�شتراكي للقانون‪ .‬فهذا القانون هو قانون\"مو�ضوعي\"‪ ،‬لأنه النظام‬ ‫الحياتي لل�شعب جماعة قومية وهو بال�ضرورة نتاج الحالة ا إلجتماعية والجماعية‬ ‫لهذا ال�شعب‪� .‬إلا �إنه لايمكن أ�ن يوجد \"قانون دولي مو�ضوعي\"‪ ،‬لان ال�شعوب المختلفة‬ ‫التي هي أ��سا�س هذا القانون لايمكن �أن تكون \"جماعة قومية ‪\"Gemeinschatf‬‬ ‫كلا �أو جزءا‪.‬‬ ‫فهذه ال�شعوب متميزة ومنف�صلة وم�ستقلة وبالتالي لا يمكن أ�ن تقام بينها رابطة التي‬ ‫هي جوهر \"الجماعة القومية\"‪.‬‬ ‫وبما أ�نه لا يمكن أ�ن توجد جماعة قومية دولية‪ ،‬فلا يمكن �إدراك وجود نظاما حياتيا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬حول المفهوم ال�شكلي للد�ستور‪ ،‬انظر‪ :‬منذر ال�شاوي‪ ،‬القانون الد�ستوري‪ ،‬ج ‪� ،2‬ص ‪ ،132‬النظرية‬ ‫العامة للقانون الد�ستوري �ص ‪.226‬‬ ‫(‪ )2‬حول معنى الد�ستور في المذهب القومي – ا إل�شتراكي‪ ،‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪103‬‬ ‫في الهام�ش‬ ‫‪33‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ملازما لجماعة �شعوب‪ ،‬وبالتالي لايمكن أ�ن يوجد قانون دولي مو�ضوعي‪ ،‬كما يوجد‬ ‫قانون داخلي مو�ضوعي بفعل الجماعة القومية (‪. )1‬‬ ‫لكن �إذا كان من غير الممكن‪ ،‬بالن�سبة للمذهب القومي – الإ�شتراكي‪ ،‬وجود قانون‬ ‫دولي مو�ضوعي‪ ،‬ف إ�نه من الممكن وجود قانون دولي و�ضعي يقوم على التعاقد ‪.‬ف�إذا‬ ‫لم تكن ال�شعوب مترابطة بينها فهي‪ ،‬على ا ألقل توجد الواحدة بجانب الأخرى‪،‬‬ ‫و إ�ذا كان الأمر كذلك ف�إنها ت�ستطيع أ�ن تنظم من الناحية القانونية علاقاتها وفقا‬ ‫لقواعد معينة تقيمها على أ��سا�س ا إلتفاق بينها وبهذا الإتفاق بين ال�شعوب �أو الدول‬ ‫يقام القانون الدولي على �صورتين‪ :‬الأولى عن طريق المعاهدات الدولية والثانية عن‬ ‫طريق العرف ب إ�عتباره �إتفاقا �ضمنيا‪.‬‬ ‫و إ�ذا كان ا ألمر كذلك‪ ،‬أ�ي �إذا كانت ال�شعوب يمكن أ�ن تلزم قانونا‪ ،‬بالقانون الدولي‪،‬‬ ‫ف إ�ن المذهب القومي الإ�شتراكي يحدد طبيعة هذا ا إللزام �أو حدوده ‪.‬‬ ‫فالقانون الدولي لايمكن �أن يقام ب�صورة تحكمية بفعل من هو �أقوى‪ .‬فعند‬ ‫�إقامة القانون الدولي التعاقدي يجب ا ألخذ بنظر الإعتبار عددا من المبادىء‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬ومن الجدير بالملاحظة �أن المدر�سة الت�أريخية التي يتقارب مفهومها للقانون مع المدر�سة القومية –‬ ‫الإ�شتراكية‪ ،‬تعترف يوجود\"قانون دولي مو�ضوعي\"‪ .‬حقيقة �إنها تقول ب أ�ن القانون هو نتيجة لحاجات جماعية‬ ‫ب�شرية تفرز بالتدريج القواعد القانونية التي تلائمها وتلائم تقاليدها وتراثها‪� ،‬إلا أ�ن هذه الجماعة الب�شرية‬ ‫التي يتر�شح عنها القانون يمكن أ�ن تتجاوز ا ألمة ‪\".‬فبين ال�شعوب المختلفة ‪،‬يقول �سافيني يمكن ملاحظة جماعة‬ ‫ذات �ضمير قانوني من نف�س النوع الذي ينجب القانون الو�ضعي في أ�مة‪ .‬وهذا هو أ��سا�س القانون الدولي وهكذا‬ ‫ف إ�ننا ‪ ...‬يمكن إ�عتبار القانون الدولي كقانون مو�ضوعي\"‪( .‬انظر‪ :‬روبية‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪،‬‬ ‫�ص‪.) 145‬‬ ‫هذا ونذكر �إن العميد دكي يقول بوجود قانون مو�ضوعي داخلي‪ ،‬كما هو الحال بالن�سبة �إلى المذهب‬ ‫–القومي – الإ�شتراكي‪ .‬إ�لا إ�نه ي�سلم بوجود قانون دولي مو�ضوعي �أ�سا�سه أ�ي�ضا الت�ضامن الإجتماعي ‪،‬‬ ‫لكن هذه المرة ت�ضامن إ�جتماعي دولي أ�و بعبارة �أخرى أ�دق ت�ضامن بين �أفراد الدول ينجب قانونا دوليا‬ ‫مو�ضوعيا غير مدين بوجوده إلرادة الدول (انظر‪ ،‬منذر ال�شاوي‪ ،‬فل�سفة القانون‪ ،‬المرجع ال�سالف‬ ‫الذكر‪ ،‬بند ‪. )50‬‬ ‫‪34‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫التي يجب أ�ن تحترم‪ ،‬ألنها ملازمه لقانون حياة كل �شعب حر وهي‪ :‬إ�حترام‬ ‫�سيادة وم�ساواة و�شرف ال�شعوب‪ .‬لذلك ف�أن الن�صو�ص التعاقدية التي تخرق‬ ‫هذه المبادىء لاقيمة قانونية لها‪ ،‬ولا قوة ملزمة‪ ،‬والمعاهدة التي تت�ضمنها‬ ‫تفقد �صفة المعاهدة لت�صبح\"فر�ضا ‪ .\"Diktat‬وعليه ف إ�ن المذهب القومي –‬ ‫الإ�شتراكي ي�سلم بوجود قانون دولي يقام على �أ�سا�س غير ا أل�سا�س الذي يقوم‬ ‫عليه القانون الداخلي‪ .‬وهذا القانون الدولي في نظر هذا المذهب‪ ،‬قانون لي�س‬ ‫له �صفة مو�ضوعية‪ ،‬وي�صبح مجرد قانون و�ضعي إ�تفاقي ذو قوة ملزمة جد‬ ‫محدودة‪ .‬وهكذا ف إ�ن المذهب القومي – ا إل�شتراكي قد عاد‪ ،‬ب�صدد القانون‬ ‫الدولي‪� ،‬إلى الأخذ بمذهب الو�ضعية القانونية التي �إ�ستبعدها منطق ومعطيات‬ ‫مفهومه للقانون ‪.‬‬ ‫«و�إذا لاحظنا‪ ،‬يقول العميد بونار‪� ،‬إن كل �شعب‪ ،‬وفقا للمذهب القومي –‬ ‫ا إل�شتراكي‪ ،‬يقرر بكامل �سيادته حول ما يمكن �أن يكون مخالفا ل�سيادته‬ ‫وم�ساواته و�شرفه‪ ،‬ولما يمكن أ�ن يكون قد تغير من الظروف‪ ،‬ف إ�ننا نرى في �آخر‬ ‫الأمر ب أ�ن القوةالملزمة للقانون الدولي تكاد ت�صبح لا�شيء في المذهب القومي‬ ‫– الإ�شراكي ون�صل تقريبا إ�لى عدم وجود القانون الدولي (‪.)1‬‬ ‫(د) دولة الم�شروعية ودولة القانون‬ ‫قبل الدخول في بيان العلاقة بين الدولة القومية – ا إل�شتراكية والقانون بمعنى‬ ‫مدى خ�ضوع دولة القيادة للقانون‪ ،‬علينا أ�ن نزيل الإلتبا�س بين مفهومين هما‪\" :‬دولة‬ ‫الم�شروعية ‪ \"l'etat legal‬و \"دولة القانون ‪.\"le' tat de droit‬‬ ‫بت أ�ثير من مذهب الو�ضعية القانونية‪ ،‬الذي كان �سائدا ب�شكل يكاد يكون مطلقا‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬القانون والدولة في المذهب القومي – الإ�شتراكي‪� ،‬ص ‪.84 -81‬‬ ‫‪35‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫في الفقه ا أللماني‪ ،‬قبل مجيء النظام القومي – ا إل�شتراكي �إلى الحكم‪ ،‬فقد‬ ‫أ�عتبر \"القانون\" كل القانون في القانون الو�ضعي ‪ ,‬لذلك ف�إن ما ي�سمى في المانيا‬ ‫\"دولة القانون ‪ \"Rechtstaat‬لايمكن �أن يكون غير دولة الم�شروعية بمعنى �أن كل‬ ‫الت�صرفات في الدولة تتم ويجب أ�ن تتم وفق \"القانون الو�ضعي ‪ \"la loi‬ألنه لا وجود‬ ‫للقانون خارج \"القانون الو�ضعي\"‪.‬‬ ‫اما\"دولة القانون‪:‬فتعني خ�ضوع او تقييد الدولة بوا�سطة قانون �سابق و خارج عن‬ ‫الدولة وقانونها الو�ضعي ‪.‬وفي هذا الت�صور ف إ�ن التقييد يمكن ان يمتدالى الم�شرع‬ ‫لأن \"القانون ‪� \"le Droit‬سابق عليه وخارج عنه (ان لم يكن يعلو عليه) بينما في‬ ‫المنظور الو�ضعي للقانون‪ ،‬ف�إن الم�شرع حين يقيم القانون لا يمكن ان يخ�ضع لقانون‬ ‫من �صنعه‪ .‬وبعد هذا التو�ضيح يمكن القول ان فكرة �شخ�صية �سلطة القائد ت�ستبعد‬ ‫مبد أ� دولة الم�شروعية‪ .‬فال�سلطة ال�سيا�سية التي ت أ�خذ �شكل القيادة تعني ان الارادة‬ ‫ال�شخ�صية للقائد تهيمن على كل التنظيم ال�سيا�سي‪ ،‬بينما في دولة الم�شروعية‬ ‫‪-‬الليبرالية‪،‬ف إ�ن القانون الو�ضعي هو الذي يهيمن على كل النظام ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫والقانون الو�ضعي يعني (وفق الو�ضعية القانونية) ارادة الدولة معبرا عنها ب�شكل‬ ‫قواعد قانونية عامة ولا �شخ�صية‪� .‬أما في\"دولة القيادة\"ف إ�ن �سيادة �إرادة القائد‬ ‫تكون لها ا ألولوية على �سيادة القانون الو�ضعي‪.‬‬ ‫فالقيادة يجب �أن تبقى متفقة مع النظام الحياتي لل�شعب‪ ،‬وحيث أ�ن القائد يملك‬ ‫أ�على درجات الإدراك لهذا النظام‪ ،‬ف�إن �إرادته ال�شخ�صية و�سلطته ال�شخ�صية‬ ‫وقراراته يجب أ�ن تكون لها الهيمنة دائما حتى بالن�سبة للقرارات المتخذة خارج‬ ‫وخلا ف القوانين التي أ�قامها القائد نف�سه‪ :‬فهذه القوانين يمكن أ�ن ت�صبح غير‬ ‫متوافقة مع النظام الحياتي لل�شعب‪ ،‬نظرا لتغير الظروف �أو لحالات إ��ستثنائية‪ ،‬كما‬ ‫�أن القائد ي�ستطيع ممار�سة القيادة عن طريق إ�تخاذ قرارات لا ت�أخذ �شكل القوانين‬ ‫بالمعنى الدقيق (‪. )1‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.100 -99‬‬ ‫‪36‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫إ�لا �أن \"القيادة\" تت�ضمن‪ ،‬كنتيجة لفكرة \"ال�شعب جماعة قومية\" التي ت�ستند‬ ‫عليها‪ ،‬أ�ن\"القانون يوجد قبل تدخل الم�شرع‪ ،‬ألن القانون هو النظام الحياتي لل�شعب‪.‬‬ ‫فالجماعة ال�شعبية هي كائن ينظم نف�سه ويعي�ش وفق نظام معين وهذا\"النظام\"هو‬ ‫القانون‪ .‬ينتج عن ذلك �أن القانون ملازم لوجود الجماعة ال�شعبية و�أن القانون‬ ‫الو�ضعي هو بال�ضرورة لاحق‪ ،‬في وجوده على\"القانون\"‪ .‬فدور الم�شرع �سيكون إ�قرار‬ ‫\"القانون\" و�صياغته و إ�ظهاره بوا�سطة القانون الو�ضعي‪ .‬فالم�شرع‪ ،‬في هذا الت�صور‪،‬‬ ‫�سيجد نف�سه أ�مام نظام قانوني يفر�ض عليه عندما ي�شرع‪ .‬وفي هذا الت�صور يمكن‬ ‫القول ب�أن \"القيادة\" تخ�ضع لنوع من التقييد بالقانون‪ ،‬و إ�ن الفهرر يخ�ضع لمبد أ� دولة‬ ‫القانون‪ .‬فالقانون �سابق وخارج على القائد ألنه يولد من ال�شعب ب إ�عتباره نظامه‬ ‫الحياتي‪ ،‬والقائد لايمكنه إ�لا �أن يعترف به وهو ملزم ب أ�ن يكت�شف هذا القانون‬ ‫وي�صوغه (‪. )1‬‬ ‫لكن هل يعني هذا �أن دور الم�شرع‪ ،‬في المذهب القومي – ا إل�شتراكي‪ ،‬يقت�صر على‬ ‫إ�قرار القانون الذي يوجد قبل تدخله ؟‬ ‫في الحقيقة �أن هذا المذهب لا ي�سلم ب أ�ن القانون الذي يوجد خارج القانون الو�ضعي‬ ‫و�سابق عليه يوجد ب�شكل كامل وبالتالي ف إ�ن دور الم�شرع �سيكون مجرد �إقرار له‪.‬‬ ‫فالقانون ب�صفته النظام الحياتي لل�شعب وقاعدة �سلوك لاع�ضاء الجماعة القومية‬ ‫يكون محل �إعتراف من قبل القائد‪ ،‬ألنه الوحيد من بين اع�ضاء الجماعة القومية‬ ‫الذي يملك �أعلى درجة من ا إلدراك لهذا القانون ‪ ،‬ومن ثم ف�إن القائد ي�صوغ القانون‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اوم(لمبم�ا‪1‬حسرل�أ)تملاجلةوليعيلغماايفلحرحل�داسوخاظاأ�دلا�حلضمعفدعمناةييللامدلذركنبقاكونانبرحا�أ‪،‬ةير‪،‬ةنا�إ�لنيألصفهكنعو\"‪1‬لا�إيلن‪5‬ذةف‪1‬ا‪.‬مه ؤ�)كرف‪.‬ارهملن‪.‬عا‪.‬ار‪.‬للفلفةههطورمعبراانلي�إتفعذخاير�ياضكلاعتفلعنميبباميللدر أ�فكاهدلاروذلرإلةيديرا�يالسعقتاكطنخايلوهألن�ك(صثملراهنلوذاقا�لاضنناواولنحنحايظاةلاللا�منلشناعظبالظميحريايااةلتل‪،‬حيحيفاق إ�تي)نق\"ييلذل‪(،‬ل�بشتوكعبناقذربو‪،‬ى‪،‬‬ ‫‪37‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫الذي يولد في كنف ال�شعب �أي يعبر عنه ب إ�ظهاره إ�لى الخارج‪.‬‬ ‫وعليه ف إ�ن القائد حين ي�شرع فهو يقوم‪ ،‬ب�شكل عام بعمل خلاق‪ .‬فالم�صدر ا أل�صلي‬ ‫للقانون‪ ،‬وفقا للمذهب القومي _ الإ�شتراكي لي�س في الإرادة التحكمية والتقديرية‬ ‫للقائد‪ .‬فهذا الم�صدر ا ألولي يوجد ماديا في النظام الحياتي لل�شعب جماعة قومية‪،‬‬ ‫بيد �أن للقائد �إ�ستخلا�ص و�صياغة القواعد القانونية التي يت�ضمنها النظام الحياتي‬ ‫لل�شعب‪ :‬وهنا يكمن العمل الخلاق للقائد الم�شرع (‪.)1‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬وفي هذاالمجال يتوجب بيان اوجه ال�شبه وا إلختلاف بين المدر�سة الت أ�ريخية والمذهب القومي – الإ�شتراكي‬ ‫من ناحية وبينه وبين مذهب العميد دكي من ناحية �أخرى‪.‬‬ ‫فالمدر�سة التاريخية ترى ان القواعد القانونية توجد كاملة في \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\"‪ ،‬بمعنى أ�نها غير‬ ‫مدينة بوجودها‪ ،‬ب�شكل �أو ب آ�خر‪ ،‬للم�شرع‪ .‬أ�ما المذهب القومي – الإ�شتراكي فيرى إ�ن الم�شرع بعد أ�دراك النظام‬ ‫الحياتي لل�شعب يقوم ب�صياغة القواعد التي ت�ضمنها هذا النظام وهنا يكمن دوره الخلاق ‪.‬‬ ‫و بالن�سبة لنظرية العميد دكي ف إ�ن القواعد القانونية توجد قبل تدخل الم�شرع‪ ،‬فقد تم �إدراكها من قبل ال�ضمائر‬ ‫الفردية كقواعد �إجتماعية وتحولت بعد ذلك �إلى قواعد قانونية حين إ�عتقد جمهور �ضمائر ا ألفراد إ�نه من‬ ‫ال�ضروري �ضمان �إحترامها عن طريق الإرغام المادي‪ .‬وعليه ف إ�ن دور الم�شرع في هذا الت�صور هو دور �إقرار‬ ‫لقواعدالقانون ال�سننية‪ ،‬ودور �صياغة هذه القواعد القانونية ال�سننية عن طريق القواعد القانونية البناءة‪،‬‬ ‫وبالتالي ف�إن الدور الخلاق للم�شرع يكاد يكون معدوما بالن�سبة لدكي‪ .‬وعليه ف إ�ن الم�شرع ي�ستقي القانون‪ ،‬وهو‬ ‫كامل‪ ،‬من �ضمائر الأفراد في مذهب دكي‪ ،‬بينما يرى المذهب القومي – الإ�شتراكي �إن إ�دراك القانون يتم‬ ‫في �ضمير الفهرر ولي�س في �ضمير الأفراد (انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪ .149 – 148‬في‬ ‫الهام�ش)‪ .‬ولهذا ف�إن الفهرر حين ي�شرع يقوم بعمل خلاق‪ ،‬بينما يقت�صر دوره‪ ،‬عند دكي‪ ،‬على مجرد �إقرار‬ ‫القواعد القانونية (ال�سننية )‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫الف�صل الثالث‬ ‫ت�أملات نقدية‬ ‫�أولا – الفردية والقانون‬ ‫لكي نعطي حكما \"مو�ضوعيا\" عن المذهب القومي –ا إل�شتراكي‪ ،‬وعن مفهومه‬ ‫للقانون‪ ،‬يتوجب إ�لتقاط المفا�صل الأ�سا�سية له بعيدا عن كل إ�عتبارت �آيديولوجية‬ ‫م ؤ�يدة �أو معار�ضة لهذا المذهب‪.‬‬ ‫ونعتقد �أن الميزة الأ�سا�سية لهذا المذهب هي معاداته للفردية‪ .‬فالمذهب القومي –‬ ‫الإ�شتراكي يت�ضمن‪ ،‬على ما يظهر �إ�ستبعادا كاملا ومنهجيا للفرد في كل الميادين‪:‬‬ ‫فقد �إ�ستبدل الفكرة الفردية بالفكرة الجماعية‪ .‬ولذلك يمكن القول‪ ،‬في هذا‬ ‫المنظور‪ ،‬أ�ن الفرد لاي�ؤخذ بنظر ا إلعتبار‪ ،‬إ�ن �صح التعبير إ�لا ب�صفته ع�ضوا في‬ ‫الجماعة‪.‬‬ ‫ومعادات الفردية هذه هي التي ت�ضع المذهب القومي – الإ�شتراكي في تناق�ض مطلق‬ ‫مع الأفكار الديموقراطية والليبرالية‪ ،‬التي‪ ،‬في جوهرها‪ ،‬ذات �إتجاهات فردية‪.‬‬ ‫وكما لاحظ العميد بونار‪ ،‬ف�إنه نتيجة لتعظيم الفرد في الديموقراطية الليبرالية‬ ‫نمى إ�تجاه فردي قوي بحيث أ��صبح الهدف الوحيد لكل ن�شاطاته‪ .‬فطالما لاي�ضر‬ ‫الفرد بالآخرين‪ ،‬ف إ�ن ما ي أ�خذه بنظر ا إلعتبار هو ذاته‪ ،‬حاجاته‪ ،‬م�صالحه‬ ‫ومطامعه‪ .‬فكل هدف ي�شمل الغير قد �أهمل‪ ،‬فلا يهم الفرد ممار�سة ن�شاطات يمكن‬ ‫أ�ن تفيد ا آلخرين‪ .‬هذا يعني‪ ،‬ب إ�خت�صار‪� ،‬إن ن�شاط الفرد لايمكن أ�ن يكون\"وظيفة‬ ‫إ�جتماعية\"‪ ،‬فقد حب�س نف�سه في �أنانية مح�ضة‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ولم تعمل الديموقراطية التمثيلية على �إ�صلاح هذا الإتجاه الذاتي‪ ،‬بل �سعت‬ ‫�إلى ت�شجيعه من خلال الممار�سات ا إلنتخابية التي تت�ضمن تطمين هذه النزعات‬ ‫والم�صالح ا ألنانية ل ألفراد بغية �ضمان �إعادة أ�نتخاب المر�شح (‪.)1‬‬ ‫وقد يكون من الخط أ� الإعتقاد �إن النظرة الجماعية عند المذهب القومي –‬ ‫ا إل�شتراكي‪ ،‬جاءت كرد فعل �ضد هذه المغالاة الفردية‪ .‬فهذا المذهب ينطلق �أ�صلا‬ ‫من ر ؤ�ية فل�سفية للعالم وا إلن�سان ومن �إعتبارت عن�صرية �أدت إ�لى هذه النظرة‬ ‫الجماعية للفرد‪ .‬وعليه ف إ�ن ال�شعب المكون على أ��س�س عن�صرية لم يعد بعد الآن‬ ‫مجموع أ�فراد‪ ،‬فقد أ��صبح �شعب جماعة قومية‪ .‬وهذا الكيان في المنظور القومي –‬ ‫ا إل�شتراكي هو حقيقة �إجتماعية بينما مجموع ا ألفراد لي�س إ�لا تجريدا‪.‬‬ ‫وفي هذا الت�صور الجماعي ف إ�ن الفرد �أ�صبح �شخ�صية جماعية ولي�س فردية‪ .‬ويترتب‬ ‫على ذلك إ�ن ن�شاط\"الأفراد\"يجب أ�ن ي�أخذ م�سارا جماعيا فقط ‪�،‬أي �أن يكون في‬ ‫�صالح الجماعة ومن ثم ف�إن حاجات الأفراد الخا�صة لا يمكن أ�ن تطمن إ�لا بقدر ما‬ ‫هي تطمن بدورها م�صالح الجماعة‪.‬‬ ‫فالفرد بقي فردا ولكنه لي�س فردا في ذاته يريد ما يريد لهذا ال�سبب‪ ،‬إ�نه بعد ا آلن‬ ‫فرد جماعي‪� ،‬شخ�صيته جماعية‪ ،‬بمعني أ�ن ت�صرفاته وحتى حقوقه تقييم ويحكم‬ ‫عليها من خلال هذه الر ؤ�ية‪ .‬لذلك ف�إنه يكون من \"المنطقي\" أ�ن لايكون الفرد كفرد‪،‬‬ ‫مو�ضوعممار�سة\"القيادة\"‪ ،‬فالقيادةتمار�س�أوتقودالجماعة أ�والوحدةالجماعية‪،‬‬ ‫وبالتالي يمكن القول �إن مو�ضوع هذه الممار�سة هو الأفراد ك�شخ�صيات جماعية‪.‬‬ ‫و إ�ذا كان الفرد لم يعد ينظر إ�ليه كفرد في ذاته و إ�نما ك�شخ�صية جماعية‪ ،‬ف إ�نه‬ ‫من\"المنطقي �أي�ضا أ�ن لاتكون له \"حقوق �شخ�صية ‪\"DROITS SUBJECTIFS‬‬ ‫على غرار ما هو موجود �أو ما تنادي به المذاهب الفردية الليبرالية‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.296-295‬‬ ‫‪40‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫فبدلا من هذه الحقوق ال�شخ�صية (التي هي محل جدل �أو �إنكار حتى في الفقه‬ ‫الغربي ) أ��صبح للفرد\"و�ضعا قانونيا\"ب إ�عتباره ع�ضوا في الجماعة وبهذه ال�صفة‬ ‫ف�إن عليه واجب القيام بوظيفة في هذا المجموع المتما�سك عن�صريا‪ .‬و إ�ذا كان‬ ‫القانون لم يعد نظاما لل�سلوك من أ�جل ا ألفرادولم�صلحتهم‪ ،‬ف إ�نه �أ�صبح‪ ،‬في الر ؤ�ية‬ ‫الجماعية‪ ،‬النظام الحياتي للجماعة‪ ،‬بمعنى إ�نه يهدف �إلى �ضمان حياة وتطور‬ ‫الجماعة و إ�نه يخاطب الفرد‪ ،‬ولكنه يخاطبه ب�صفته ع�ضوا في هذه الجماعة التي‬ ‫هي غاية القانون في وجودها وتطورها‪ .‬فالفرد الذي أ��صبح له \"و�ضعا قانونيا\" لي�س‬ ‫له \"حقا �شخ�صيا\"‪ ،‬بمعنى لي�س له �سلطة �ضد الجماعة غايتها تطمين م�صالح‬ ‫فردية‪ .‬فالو�ضع القانوني �أو ا ألو�ضاع القانونية التي يتمتع بها ا ألفراد ب�صفتهم‬ ‫أ�ع�ضاء في الجماعة غايتها �ضمان م�صالح الجماعة‪ :‬فلا �أولوية للم�صالح الفردية‬ ‫على الم�صالح الجماعية‪.‬‬ ‫فالفرد ب�إعتباره ع�ضوا في الجماعة ف إ�ن له �شخ�صية جماعية ومن ثم ف�إن إ�هتماماته‬ ‫�إجتماعية وبالتالي ف إ�ن ت�صرفاته غايتها م�صلحة الجماعة‪ ،‬و�إن \"و�ضعه القانوني\"‬ ‫لا يمكن أ�ن يكون هدفه إ�لا تطمين الم�صالح الجماعية‪ .‬وعليه فلا يكون منح الأفراد‬ ‫�أو�ضاعا قانونية أ�و طعون ق�ضائية �إلا بقدر ما يكون ذلك نافعا للجماعة (‪.)1‬‬ ‫و�إذا كانت \"خطيئة\" المذهب القومي – الإ�شتراكي هي معاداة الفردية‪ ،‬ف�إن‬ ‫هناك\"ظروفا مخففة\"لهذا الموقف �إذا نظرنا إ�لى الأمور بعين المو�ضوعية والحياد‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬ومن الأمثلة على ذلك ما قررته المحكمة الإدارية العليا في \"�ساك�س\" في ‪ 18‬كانون الثاني ‪ 1935‬حين‬ ‫أ�عطت �أ�سا�سا جديدا للم�س�ؤولية المدنية‪ .‬فهذا القرار ي�ستبعد ا أل�سا�س الفردي للم�س ؤ�ولية المدنية الذي يقوم‬ ‫على ال�ضرر غير المبرر الذي يلحق بالفرد ويت�ضمن تعوي�ضا ل�صالح المت�ضرر‪ .‬فقد إ�عتبرت المحكمة �إن ال�ضرر‬ ‫الم�سبب للفرد قد �أحدث\"�إ�ضطرابا �إجتماعيا\"وبالتالي فقد �أ�ضر بال�سلم ا إلجتماعي ‪ .‬و�إذا كان ال�ضرر يجب أ�ن‬ ‫ي�صلح‪ ،‬فلي�س لغر�ض �إر�ضاء الفرد المت�ضرر بل لو�ضع حد ل إل�ضطراب ا إلجتماعي و�إعادة ال�سلم الإجتماعي‪.‬‬ ‫(انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر �ص ‪ 74‬هام�ش ‪) 1‬‬ ‫‪41‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫فقد ن�س أ�ل‪ :‬أ�لي�س الفرد المنعزل\"�أ�سطورة\" و�إن الفرد كان دائما كائنا �إجتماعيا ؟‬ ‫�ألم يقل آ�ر�سطو ب�أن ا إلن�سان هو \"حيوان إ�جتماعي\" ؟ أ�لا يعني كل ذلك ب�أن الإن�سان‬ ‫لايمكن أ�ن يدرك إ�لا ب�صفته ع�ضوا في جماعة ؟ ومن هذه الوقائع التي تكاد تكون‬ ‫بديهية إ��ستنبط �أن�صار المذهب القومي – ا إل�شتراكي‪ ،‬ربما ب�شيء من الت�سرع‪� ،‬أن‬ ‫المجتمع يجب �أن يكون هدفا في ذاته‪ ،‬و إ�ن هدف القانون هو الجماعة ولي�س الفرد‪.‬‬ ‫ثم أ�لي�س من الراجح أ�ن ا إلن�سان هو في ذات الوقت كائن فردي وكائن إ�جتماعي‪.‬‬ ‫وماذا يبغي مذهب الت�ضامن ا إلجتماعي غير محاولة التوفيق بين هذين ا إلتجاهين‬ ‫عند ا إلن�سان‪ :‬الكائن الفردي والكائن ا إلجتماعي‪ .‬و�إذا رجحت عند البع�ض كفة‬ ‫\"ا إلجتماعي\" على الفردي‪ ،‬حتى بنوع من التطرف \"العلمي\" ف إ�ن ذلك لا يعني �إن‬ ‫هذا الموقف المتطرف مرفو�ض \"علميا\"‪ .‬ثم �ألم ينحو العميد دكي ومن قبله �أوك�ست‬ ‫كونت �إلى ترجيح الكفة الجماعية على الكفة الفردية في الكثير من الم�سائل ونادا‬ ‫كليهما ب إ�نكار الحقوق الفردية والإ�شادة بفكرة \"الواجب\" الإجتماعي(‪.)1‬‬ ‫فالمذهب القومي – ا إل�شتراكي ي�صل‪ ،‬كما و�صل العميد دكي وقد لا يكون ذلك‬ ‫بال�ضبط لذات ا أل�سباب‪� ،‬إلى إ�نكار الحق ال�شخ�صي الفردي ‪،‬و كما إ�ن دكي إ��ستبدل‬ ‫هذه الفكرة‪ ،‬بفكرة الو�ضع القانوني الذاتي‪ ،‬ف�إن المذهب القومي – الإ�شتراكي‬ ‫إ��ستبدله بفكرة الو�ضع القانوني لع�ضو الجماعة (‪.)2‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬فقد قال أ�وك�ست كونت‪\" :‬لاحق ألحد غير القيام بواجبه دائما\"‬ ‫(ذكره‪ :‬روبية‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪� ،‬ص ‪ 7‬وتبناه دكي‪ ،‬الو�سيط في القانون الد�ستوري‪،‬‬ ‫باري�س‪� ،1907 ،‬ص ‪.) 18- 17‬‬ ‫(‪ )2‬ومن الجدير بالملاحظة أ�ن �أحد الفقهاء البارزين في المذهب القومي – الإ�شتراكي يعترف بت أ�ثير العميد‬ ‫دكي عليه‪ ،‬فيقول‪� :‬إن ليئو دكي وموري�س اوريو‪ ،‬اكبر منظرين في القانون العام وزينة العلم الفرن�سي في الربع‬ ‫ا ألول من القرن الع�شرين‪ ،‬قد هاجما عدد ًا من المفاهيم الأ�سا�سية ‪ ...‬كال�شخ�صية المدنية‪( ،‬فكرة) الحق‪،‬‬ ‫ال�سلطة‪ ،‬ال�سيادة‪ ،‬وقد �أح�س هذين الفقيهين بالفردية المبالغ فيها التي تحمي هذه المفاهيم‪ .‬وعل ّي أ�ن أ�عترف‬ ‫هنا لي�س من دون �شعور عميق بالعرفان بالجميل‪ ،‬ب أ�ني‪ ،‬و أ�نا تلميذ يافع‪ ،‬قد إ�غترفت عند هذين العالمين ا ألفكار‬ ‫الموجهة �ضد المذهب التقليدي للقانون العام‪( .‬انظر بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪ ،11‬هام�ش ‪) 1‬‬ ‫‪42‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫وعلى أ�يه حال قد يكون من المنا�سب بل من الحكمة في الختام‪� ،‬أن نتذكر ر أ�ي‬ ‫الا�ستاذ مار�سيل فالين في �أن التناق�ض العنيف بين المفهومين الفردي الليبرالي‬ ‫والقومي الإ�شتراكي‪ ،‬لايمكن للقانوني أ�ن يتخذ موقفا ب�صدده\"‪ ...‬لأنه و�أن كان‬ ‫ذلك م�س�ألة �أ�سا�سية بالن�سبة لبناء القانون‪ ،‬لكنها أ�ي�ضا‪ ،‬في ذاتها‪ ،‬م�س�ألة لا‬ ‫قانونية‪ .‬وفي الحقيقة �أن �إتخاذ موقف إ�زاء م�شكلة بهذه الأهمية لايمكن أ�ن يكون‬ ‫له أ��سا�سا عقلانيا‪ ،‬بل تحكمه العواطف وفي العواطف لايمكن أ�ن نناق�ش بحجج‬ ‫ديالكتيكية من على من�صة العلم\"(‪.)1‬‬ ‫ثانيا – �سلطوية الفهرر‬ ‫إ�ن ال�صفة ال�سلطوية ل�سلطة الفهرر تعني �أن قراراته لايمكن أ�ن تكون مو�ضوع‬ ‫معار�ضة من قبل الأفراد حتى إ�ذا أ�خذت �شكل الطعون الق�ضائية‪ ،‬فلا تقبل �أي‬ ‫معار�ضة فعلية �أو قانونية �ضد قرار الفهرر‪ .‬فهو الحكم الوحيد ليقول فيما إ�ذا كانت‬ ‫ممار�سة \"القيادة\" �سواء تعلقت بالأفراد أ�م بال�سلطات‪ ،‬ت�ستجيب لمتطلبات حياة‬ ‫ال�شعب جماعة قومية وتطويرها ‪.‬‬ ‫و�سلطوية القيادة تمليها في الحقيقة طبيعة القيادة نف�سها‪ .‬فالعلاقة بين الفهرر‬ ‫و\"تبعته\" تقوم على أ��سا�س الثقة وا إل خلا�ص‪ ،‬ا ألمر الذي ي�ؤدي إ�لى تم�شيها التام‬ ‫مع ال�سلوك الذي يبينه الفهرر‪ ،‬فالتبعة �أعطت نف�سها بدون تحفظ إ�لى قائدها‪.‬‬ ‫والفهرر‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬هو من �أع�ضاء ال�شعب جماعة قومية الذي يملك �أو�ضح إ�دراك‬ ‫للنظام الحياتي لل�شعب وبالتالي ف�إنه ا ألكثر ت�أهيلا لأن يوافق القيادة مع هذا‬ ‫النظام‪ .‬ولهذه الأ�سباب ف إ�نه من ال�صعب �أو ربما من الم�ستحيل ت�صور أ�ي معار�ضة‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬فالين‪ :‬المذهب الفردي والقانون‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪. .86‬‬ ‫‪43‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫من �أي فرد ألي قرار للقيادة (‪.)1‬‬ ‫إ�لا �أن ال�س ؤ�ال الي يطرح هو‪ :‬الي�ست هذه ال�سلطوية للقيادة هي الدكتاتورية و�إن‬ ‫الفهرر هو \"دكتاتور\"؟‬ ‫ويجيب فقهاء المذهب القومي – ا إل�شتراكي على هذا ال�س ؤ�ال ب�أن الفهرر لايمكن �أن‬ ‫يكون دكتاتورا‪ .‬فالدكتاتور هو خارج ال�شعب ولا ارتباط له مع ال�شعب‪ ،‬فهو �شخ�صية‬ ‫فردية مح�ضة‪ ،‬وبالتالي ف إ�ن ت�صرفاته ت�ستند على مجرد حالة من قوة‪ .‬فالدكتاتور‬ ‫يفر�ض نف�سه بحكم قوته‪ ،‬ولا �سلطة له �إلا بف�ضل الوجود الفعلي لهذه القوة‪ .‬بالعك�س‬ ‫ف إ�ن الفهرر هو في وحدة داخلية مع ال�شعب وجذوره عميقة فيه‪ .‬و�صفته كفهرر‬ ‫و�سلطته هما نتيجة إل�سهامه في روح ال�شعب‪ ،‬وهذا الإ�سهام يحدد وحدته مع ال�شعب‬ ‫وثقة ال�شعب به‪ .‬فالفهرر �شخ�صية جماعية بينما الدكتاتور �شخ�صية فردية (‪. )2‬‬ ‫وقد يكون من المنا�سب أ�ن نطرح الم�شكلة على ب�ساط �آخر‪ :‬ب�ساط ال�سلطة والحرية‪.‬‬ ‫ويكفي أ�ن ن�ستعين لحل هذه الم�شكلة بعبقرية رو�سو الذي أ�وجد طبيعة جديدة عند‬ ‫الإن�سان تجاوزت التناق�ض بين نزعاته الفردية وواجباته الجماعية (‪.)3‬‬ ‫فرو�سو‪ ،‬في عقده ا إلجتماعي‪ ،‬يريد أ�ن يبقى الأفراد أ�حرارا في الدولة‪ ،‬كما كانوا‬ ‫كذلك في حالة الطبيعة‪� ،‬أي �أن يحكموا �أنف�سهم ب�أنف�سهم ولا يحكموا من\"الغير\"ب�أي‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪.107 – 106‬‬ ‫(‪ )2‬وي ؤ�كد فقهاء المذهب القومي الإ�شتراكي كثيرا على أ�ن القيادة لي�ست دكتاتورية‪ ،‬و إ�ن و�صول الحزب القومي‬ ‫الإ�شتراكي للحكم و�ضع حد ًا للدكتاتورية التي كانت �سائدة في ظل د�ستور فايمار إ��ستنادا �إلى المادة ‪ 48‬منه‪.‬‬ ‫ويقول العميد بونار �إنه\"يجب أ�ن نعترف ب�أن النظام القومي الا�شتراكي يتمتع بعبقرية خا�صة به‪ ،‬فحين نقر�أ‬ ‫خطب أ�ودولف هتلر إ�لى ال�شعب‪ ،‬ف إ�ننا لا يمكن �إلا أ�ن نت أ�ثر بالنبرة والتعاطف الحميمين التي ي�سودها‪ ،‬فهي‬ ‫تناق�ض خطب مو�سوليني ذات النبرة الجافة والحادة التي تبرز ب�شكل وا�ضح الدكتاتورالذي هو ال\"دوت�شي\"في‬ ‫الحقيقة‪ .‬وفي الخطاب الذي القاه امام الرايخ�شتاغ في ‪� 7‬آذار ‪ 1936‬اكد ادولف هتلر بو�ضوح ب أ�نه لي�س‬ ‫دكتاتور ًا\"‪(.‬انظر ‪:‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر‪� ،‬ص ‪. ) 113‬‬ ‫‪)3(.CF.B.DeJouvel:Essai sur la politique de Rousseau‬‬ ‫(ذكره‪� :‬شفاليه‪ ،‬الم ؤ�لفات ال�سيا�سية الكبرى‪ ،‬ط‪( 3‬بالفرن�سية )‪� ،‬ص ‪.)144‬‬ ‫‪44‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫�شكل من الأ�شكال‪ .‬فالأفراد الذين �أقامو ال�سلطة‪ ،‬في ت�صور رو�سو‪� ،‬إحتفظوا بها‬ ‫ليحكموا أ�نف�سهم ب�أنف�سهم وبالتالي يبقون أ�حرارا في المجتمع ال�سيا�سي كما كانوا‬ ‫في \"مجتمع\" الطبيعة‪ .‬ففكرة ا ألمر \"الخارجي\" مرفو�ضة عند رو�سو حيث لا تجد‬ ‫أ��سا�سا لها إ�لا في المعطيات الفكرية للحكم المطلق الذي لا يعير �أيه أ�همية لحرية‬ ‫الفرد‪.‬‬ ‫يلتزم‪ .‬وعلى هذا‬ ‫يلتزم �أو في ا إلرتباط الحر لمن‬ ‫افالألم�نساط�لسق يقهوول إ�ذرون�سفوي‪\":‬حكرليةوامحند‬ ‫وكل �سلطته تحت‬ ‫منا ي�ضع ب�شكل م�شاع �شخ�صه‬ ‫ا إلدارة العليا ل إلرادة العامة‪ ،‬ونحن ن�ستقبل ‪ ...‬كل ع�ضو كجزء لا يتجز أ� من‬ ‫الكل\"(‪. )1‬‬ ‫وبهذا ال�شكل ف�إن الحرية‪ ،‬حرية الفرد‪ ،‬قد أ�نقذت ألن كل فرد يلتزم نحو الكل‪.‬‬ ‫الحنيتني يجعة اط آليتينةف‪�:‬سكهل إ�لفىردالإ�كرتلبف إ�طنهدولاني�أعنط\"ييخذا�تضهع\"لأيأل �يش�خشخ�ص�‪.‬صو‪،‬عفل�إيرهتبفا�إنطنها‬ ‫و إ�ن كل فرد‬ ‫�سن�صل �إلى‬ ‫مع الكل جعله لا يخ�ضع \"مع هذا إ�لا لنف�سه ويبقى حرا كما كان في ال�سابق\" يقول‬ ‫رو�سو‪.‬‬ ‫و إ�نطلاقا من هذه الطروحات‪� ،‬ألا يمكن �أن نرى قي نظرية القيادة إ�تجاها للتوفيق‬ ‫بين ال�سلطة وبين الحرية؟ ف�سلطة القيادة لا يقبل ا ألفراد بها فح�سب‪ ،‬بل يريدونها‬ ‫�أي�ضا‪ .‬وهذه ال�سلطة لا تت�ضمن توجيه أ�وامر بالمعنى الدقيق‪ ،‬بل تدل على الطريق‬ ‫وهي تطرح الم�شكلة ال�سيا�سية‪ ،‬كما طرحها رو�سو ‪ \":‬إ�يجاد �شكلا للتجمع ‪ ...‬بوا�سطته‬ ‫كل واحد يتوحد مع الكل ولا يخ�ضع مع هذا �إلا لنف�سه ويبقى حرا كما كان في ال�سابق‬ ‫(‪ .)2‬و إ�ذا كانت\"الإرادة العامة\"هي حلقة الو�صل بين ال�سلطة وال�شعب عند رو�سو(‪.)3‬‬ ‫ف�إن \"الروح المو�ضوعية لل�شعب\" في المذهب القومي – الإ�شتراكي يمكن �أن تقوم‬ ‫بذات الدور أ�ي�ضا‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬رو�سو‪ :‬العقد ا إلجتماعي ـ الكتاب الأول‪ ،‬الباب ال�ساد�س ‪.‬‬ ‫(‪)2‬رو�سو‪ :‬العقد ا إلجتماعي‪ ،‬الكتاب الأول‪ ،‬الباب ال�ساد�س‪.‬‬ ‫(‪ )3‬حول دور \"الإرادة العامة\" في مذهب رو�سو‪� ،‬أنظر منذر ال�شاوي‪ ،‬الدولة الديمقراطية‪ ،‬من�شورات‬ ‫المجمع العلمي العراقي‪ ،‬بغداد ‪ ،1998،‬بند ‪.40‬‬ ‫‪45‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫فا ألفراد ي�سهمون في \"روح ال�شعب\" وبالتالي يعون النظام الحياتي لل�شعب‪ ،‬وكذلك‬ ‫الفهرر ي�سهم في روح ال�شعب بالحد ا ألعلى‪ ،‬ألنه يملك ا إلدراك الأكثر و�ضوحا‬ ‫ليل�نسهظامومنال أ��يش�عضبايف‪.‬يفاهلذفهه\"رارل يرقووحد\"‪،‬لأنفهليي��سسههمناب�أكعل�إذىندارمجرةللففيه\"رررويحو اجل�هش�إعلبى\"ا‪،‬ل�شواعلأبف‪،‬ربادل‬ ‫إ�دراك او�ضح من قبله للنظام الحياتي لل�شعب ‪.‬فحين يمار�س الفهرر القيادة ف�إنه‬ ‫يدل بقراراته ال�شعب على نظام حياته ولا ي�أمره‪ .‬ولذلك ف إ�ن \"حكومة\" القيادة‬ ‫ال�سلطوية �ستكون حكومة يبقى الفرد فيها \"حرا\" كما اراد رو�سو ‪.‬‬ ‫وحين يتبع الافراد الفهرر ف أ�نهم لايطيعون‪ ،‬في الحقيقه ‪�،‬إلا انف�سهم ألن قيادته‬ ‫تحكمها\"روح ال�شعب\"الذي ي�سهم فيه كل الافراد ‪.‬‬ ‫وعلى هذا الا�سا�س يمكن ان نجد في النظام القومي – ا لا�شتراكي توفيقا بين المبد�أ‬ ‫ال�سلطوي ومبد أ� الحريه‪ .‬فالحكومه ال�سلطويه �ستتحقق في هذا المنظار القومي‪-‬‬ ‫الا�شتراكي‪ ،‬في ذات الوقت الذي يطمن فيه ال�شعور بالحريه عند الفرد (‪. )1‬‬ ‫إ�لا ان منظرو المذهب القومي –الا�شتراكي يرف�ضون هذا الت�صور او التحليل ويقولون‬ ‫ان محاوله التوفيق هذه لا تطرح ا�صلا‪ .‬فالافكار التي تكون ا�سا�س المذهب القومي‬ ‫– الا�شتراكي هي حقائق منظوره‪ ،‬بعك�س المفاهيم والنظريات التي راجت في العالم‬ ‫الليبرالي الفردي وبالتالي لايمكن الا�ستناد عليها‪ .‬وهذا الر أ�ي يقودنا الى التفكير‬ ‫والت�أمل في ا�ساطير \"نظرية القيادة\" النازية‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بونار‪ ،‬المرجع ال�سالف الذكر ‪�،‬ص‪. 160-159‬‬ ‫‪46‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫ثالثا ‪ -‬الأ�ساطير النازية‬ ‫فيمكن الت�س أ�ول‪ ،‬اولا‪ ،‬عن \"روح ال�شعب ‪ \"volksgeist‬هذه‪ :‬الي�ست ا�سطوره باعتبارها‬ ‫\"الروح المو�ضوعيه لل�شعب\" التي لا�سند �شخ�صي لها‪ .‬وكذلك الحال حين تو�ضع في ال�ضمائر‬ ‫الفرديه باعتبارها فكره اجتماعيه لهذه ال�ضمائر ومن ثم تكون هذه \"ال�شخ�صيه الجماعيه\"‬ ‫يتكلم عنها منظرو النازيه ‪.‬‬ ‫الي�ست الحقيقه هي في وجود الافراد الذين تدفعهم دائما نزعات فرديه وانانيه مح�ضه عدا‬ ‫القليل من الافراد الذين يمكن ان يرتفعوا بانف�سهم الى حد التفكير وال�شعور بـ\"الاخر\"‪ .‬وعليه‬ ‫ف إ�ن \"روح ال�شعب\" التى يعزى لها بانها تتجه نحو المجتمع والم�صلحه العامه هي‪ ،‬في الواقع‪،‬‬ ‫ا�سطوره لأنها لا تنفذ الى روح وتفكير عموم الافراد وبالتالي ف�إنها مو�ضوع ايمان وبعيده عن‬ ‫حقيقة الوجود‪.‬‬ ‫ثم الي�س من قبيل الا�ساطير القول ب�أن الفهرر يملك اكبر ا�سهام في هذه\"الروح المو�ضوعيه‬ ‫لل�شعب\"‪ .‬وحتى اذا افتر�ضنا وجود مثل هذه\"الروح ال�شعبيه\"‪ ،‬فهل يمكن القول ان الروح التي‬ ‫تحركه هي نتيجه لا�سهامه في\"الروح المو�ضوعيه لل�شعب\"بدرجه عاليه وان \"القياده\" ناجمه عن‬ ‫ادراكه الكامل للنظام الحياتي لل�شعب؟‬ ‫واذا كان الامر كذلك‪ ،‬الا يحق لنا القول مع الا�ستاذ رنه كابيتا ب أ�ن ‪\" :‬الثوره القوميه –‬ ‫الا�شتراكيه هي ‪ ......‬ا�سا�سا ايديولوجية‪ .‬انها ا�صلاح ديني ذو طابع �سيا�سي‪( .‬و) هتلر هو نبي‬ ‫فل�سفه ‪ ....‬جديده قبل ان يكون زعيم دوله قويه ‪ .....‬والرايخ الثالث تحكمه ايدولوجيه خا�صه‬ ‫به ‪ ....‬لكن هذه الايدولوجيه هل من الممكن تحليلها ؟ هل من الممكن ادراكها دون ان ن�سلم بها؟‬ ‫‪ ....‬ان الايديولوجيه الهتلريه هي ا�ساطير اكثر من كونها حقائق‪ ،‬هي م�سلمات اكثر من كونها‬ ‫تجارب‪ .‬انها �صوفيه ولي�ست مذهبا‪ ،‬تعبير ًا عن ايمان ولي�س بنا ًء عقلي ًا (‪. )1‬‬ ‫‪(1) R. Capitant: Li' deologie‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪constitutionnels\", p. 445‬‬ ‫‪Nationale-Socialiste, 1935, dans\"Ecrits‬‬ ‫‪47‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫لكن من الحق أ�ن نقول إ�نه إ�ذا كانت لآيديولوجية النظام القومي – الإ�شتراكي �صفة‬ ‫ا أل�سطورة‪ ،‬فلا يعني ذلك أ�ن لي�س لها قيمة وت أ�ثير في الواقع‪ .‬فطالما قادت ا أل�ساطير‬ ‫الم�سيرة الإن�سانية‪ .‬فالأ�ساطير ذات الطابع \"الديني\" لعبت وتلعب دورا حا�سما في‬ ‫تحديد �سلوك وحياة الب�شر‪ .‬وكان ل أل�ساطير دورا كبيرا في ال�سيا�سية‪ .‬فكما كان‬ ‫لا�سطورة �سيادة الحق ا إللهي دورها الفاعل‪ ،‬كان الأمر كذلك بالن�سبة لأ�سطورة‬ ‫�سيادة ا ألمة حيث\"‪ ...‬كان لها مريدوها و�شهدائها ك�أي معتقد ديني\"يقول العميد‬ ‫دكي (‪.)1‬‬ ‫فا أل�ساطير تفعل فعلها وتبقى خارج العقل والمحاكمة العقلية \"وحين نكون على �أر�ض‬ ‫ا أل�ساطير ف إ�ننا نتقي أ�ي دح�ض\" يقول �سوريل (‪.)2‬‬ ‫فمنال�صعبتعقيلا إليمانوحينيعقليفقد�أ�سطورتهوبالتالي�سيطرته‪\".‬فال�شعوب‪،‬‬ ‫يقول غ�ستاف لوبون‪ ،‬من ال�سهل عليها أ�ن تهمل الحقائق (�إلا ) �أنها لايمكن �أن تعي�ش‬ ‫بدون يقين (‪. )3‬‬ ‫«فا ألفراد‪ ،‬يكتب العميد بونار‪ ،‬بحاجة �إذن ل أل�ساطير لتحديد �سلوكهم‪ .‬والقلة هم‬ ‫القادرونعلىتنظيم أ�فعالهموفقحقائقمقرةعلميا‪،‬وهو�ش�أنالنخبةفقط‪.‬فالب�شرفي‬ ‫أ�غلبيتهمالعظمىمحددونفيالواقعبعواطفتخلقعندهمالاعتقادببع�ضا أل�ساطير‪.‬‬ ‫و(النظام) القومي – ا إل�شتراكي �إ�ستطاع ببراعة �إ�ستغلال هذه الظاهرة ‪( ...‬و)‬ ‫أ��ساطيره كانت في الحقيقة منا�سبة تماما مع عقلية ال�شعب الألماني وقد قدمت له‬ ‫في الوقت المنا�سب (‪. )4‬‬ ‫و إ�ذا كان العقل يخلق العلم والعواطف تقود الت�أريخ‪ ،‬كما قيل‪ ،‬فلم لا يكون‬ ‫\"العقل\" �أي�ضا يدرك الت أ�ريخ ويحدد م�سيرته ؟ هذا ما �سنراه مع المارك�سية‪.‬‬ ‫ـ(ـ ـ‪1‬ـ)ـ ـدـكـ ـيـ‪:‬ـ ـالـمـ ـطـوـ ـلـ‪،‬ـ ـجـ ـ‪1‬ـ‪،‬ـ ـ ـطـ‪3‬ـ‪،‬ـ ـ ـ�ـصـ ـ‪7‬ـ ـ‪ 5‬ـ‪5‬ـ‪،‬ـ ـو ـقارن �ص ‪..581‬‬ ‫‪(2) G.Sorel:Réflexion sur la violence ,11 éd. paris , 1950 ,p,46,49‬‬ ‫وحول ت�أثير ا أل�ساطير الإجتماعية �أنظر‪� :‬ص ‪ 32‬ومابعدها من هذا الكتاب‪)3( c -38 .‬‬ ‫(‪ )4‬بونار‪ :‬القانون والدولة في المذهب القوم‪.‬ي‪9–14‬ا‪ 1‬إل‪�,‬ش‪is‬ت‪r‬را‪a‬ك‪p‬ي‪t�és،,‬ص‪CF.G.leBon:La vi.e16d4e-s1v6é3ri‬‬ ‫‪48‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫الق�سم الثاني‬ ‫المــارك�سيـــة والقـــانـــــون‬ ‫‪49‬‬

‫نظرية القانون في المذاهب ال�شمولية‬ ‫الف�صل ا ألول‬ ‫فكرة المارك�سية‬ ‫أ�ولا – مارك�س والمارك�سية‬ ‫ولد كارل مارك�س يوم ‪ 5‬ماي�س ‪ 1818‬في مدينة\"تريف ‪\"Trèves‬ا أللمانية‬ ‫(برو�سيا)‪ ،‬من اب يهودي محام‪ ،‬اعتنق الم�سيحيه (البروت�ستانتية)‪ ،‬وكان‬ ‫خلال فترة من الزمن نقيب ًا للمحامين في هذه المدينه‪ .‬وفي درا�سته الجامعيه‬ ‫(في بون وبرلين )اتجه الى درا�سه الت أ�ريخ والفل�سفه ونال الدكتوراه في مو�ضوع‬ ‫يتعلق بفل�سفه الطبيعه عند الاغريق‪.‬‬ ‫وتحت ت�أثير احد تلامذة الفيل�سوف هيغل‪ ،‬اعتنق مارك�س الهيغليه وان�ضم الى‬ ‫نادي ال�شبيبة الهيغيليه الذي كان من بين اع�ضائه فردريك انكلز وباكونين‪.‬‬ ‫وكانت ال�سنوات التي امتدت بين ‪� 1842-1835‬سنوات تكوينه الفكري‪ ،‬والتي‬ ‫انتهت بقطعية مع الدولة البرو�سية ب�سبب اتوقراطيتها وفقدان حريه التعبير‪.‬‬ ‫وا�ستقر مارك�س في العام ‪ 1843‬في باري�س‪ ،‬بعد ان تزوج من\"جني فون‬ ‫و�ستفالن\"التي تكبره باربع �سنوات‪ .‬وفي باري�س اعاد اللقاء بالمثقفين الالمان‬ ‫الذين طردوا من بلادهم‪ ،‬واقام ال�صله مع الا�شتراكين الفرن�سيين وال�صداقه‬ ‫مع جوزيف بردون وانكلز (‪ )1895-1820‬وباكونين الفو�ضوي الرو�سي ‪.‬‬ ‫وتميزت هذه الفترة (‪ )1845-1842‬بن�شاطه ال�سيا�سي والفكري‪ ،‬فقد ن�شر في‬ ‫العام ‪\"1842‬نقد فل�سفه الدوله لهيغل\"‪ .‬وخلال العامين ‪ ،1844-1843‬اكمل‬ ‫ملاحظاته عن هيغل حين ن�شر\"نقد فل�سفة القانون لهيغل\"‪ ،‬الذي قال عنه‬ ‫‪50‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook